إلى كواليس المسرح التي لا يراها أحد، وهي تنبض مع دقّات قلوب الممثّلين قبل خروجهم لإعلان الحقيقة.
تقديم
أرجو الاهتمام ـ قبل قراءة هذا النص ـ بالإعلان الآتي:
"قد يبدو شكل مسرحية نداء الغابات منتمياً إلى مسرح اللامعقول، من خلال جعل المسافات المكانية الشاسعة صفراً فوق الخشبة، أو من خلال بعض الأحداث التي تأخذ شكلاً غرائبياً لم يألفه المنطق. ولكني أعترف أنني كتبت هذه المسرحية وأنا مسكون بروح الواقعية، منطلقاً من كون المخترع الحديث قد ألغى البعد المعلوماتي والمكاني، وجعل العالم يجتمع في غرفة صغيرة بكل تفاصيله، والمسرحية أوّلاً وآخراً تعبير عن القلق من ذوبان تصميمنا الجميل لحساب الأصبغة الحديثة.
ومن هنا ألتمس ألا ينظر إلى هذا النص كعمل كتب على خلفية فهم مجتزأ لمسرح اللامعقول أو أنه تقليد له من قريب أو بعيد.
بل أتوهّم أن اللامعقول في زمن ما، قد يصير معقولاً جداً في زمن آخر، وأن الطرائق الملفتة في العرض في مرحلة معينة، قد تصير طرائق دارجة، لا تلفت انتباه حتى البسطاء في مرحلة ثانية.
الكاتب.
***
شخصيات المسرحية
1 ـ السيد ألف: رجل جشع يسعى للاستيلاء على ثروة أخيه.
2 ـ السيد ياء: أخو السيد ألف. طيب ينشغل بموت أمّه.
3 ـ المساعد: موظف عند السيد ألف ويعتبر ساعده الأيمن.
4 ـ المساعدة: موظفة عند السيد ياء ذكيّة. قويّة الشخصية.
5 ـ الموظّف: يعمل في شركات السيد ألف والسيد ياء في مدينة أخرى.
6 ـ زوجة الموظّف: تعمل مع زوجها ثم تُستخدم في خطّة الاستيلاء على الثروة.
7 ـ البائع الجوّال: رجل بسيط يعمل على عربة لبيع الخضار ثم لحمل الأثرياء فوقها.
8 ـ المروّج: عين السيد ألف على الأسواق في أفريقيا.
9 ـ الفتاة: فتاة أوربيّة لعوب ذات صلة بالسيد ألف.
10 ـ سعيد: صديق السيد ياء يعمل ضابطاً في المطار.
11 ـ 12 ـ عاملان في المطار
13 ـ 14 ـ حارسان وهميان ضمن خطة استيلاء السيد ألف على أموال أخيه.
15 ـ الثري 1. 16 ـ الثري 2 يحملهما البائع الجوال على عربته مقابل الحصول على خبزه.
17 ـ شاب 18 ـ شابة مخطوبان سيعملان في الشركة ويخططان للحصول على الكثير.
.... متسوّلون من كل أنحاء الأرض يمدّون أيديهم في غرب أوربا باعتبار أنهم مشمولون برعاية الأمم المتحدّة.
الفصل الأوّل
"يمثّل المسرح مكاناً شاسعاً جداً، فهو يغطّي من وسط آسيا إلى جنوبي أفريقيا إلى غرب أوربا دفعة واحدة تعبيراً عن انعدام الزمن الجغرافي [ما نحتاجه من وقت لاجتياز المكان] لسهولة التواصل وسرعة الانتقال، وهو ـ المسرح ـ مقسّم طيلة العرض ـ تقريباً ـ على النحو التالي:
1 ـ مكتب شركات السيد "ألف" والسيد "ياء" وهو يحتل يمين المسرح ـ يمين المشاهد. وهذا المكتب مجهّز تجهيزاً ممتازاً حيث الفرش الفخم والحاسوب والهواتف المتعدّدة، وله بابان أحدهما داخلي يؤدّي إلى عدة غرف غير مرئية، وباب خارجي يؤدّي إلى الساحة العامّة. ثمة صورتان على الجدار للسيد ألف والسيد ياء."
2 ـ أحد مكاتب الشركة السابقة ـ في مدينة بعيدة ـ المكتب مجهّز بشكل جيّد. ثمة حاسوب وبعض الهواتف.
3 ـ تمثّل خلفيّة المسرح وإلى اليسار قليلاً بلداً أوربيّاً حيث بعض العبارات وراشدات الشوارع باللغة الأجنبية.
4 ـ أقصى يسار ومقدّمة المسرح يمثل بلداً أفريقياً حيث نرى من حين لآخر بائعاً أفريقياً يدفع عربته بما فوقها من بضائع."
المشهد الأوّل
"ظلام تام مترافق مع تقطيعات موسيقية تخفّف من وحشة المكان. تنبعث إضاءة خفيفة على خلفية المسرح وإلى اليسار قليلاً (أورّبا) حيث يقف خمسة متسوّلين وجوههم باتجاه الصالة، وهم يمدّون أيديهم. يتقدم السيد "ياء" من اليمين. يتأمّل المتسوّلين..
السيد ياء : متسوّلون في أوربا!! المتسوّل 1: لحسن حظّنا يا سيّدي. السيد ياء : أرى ألوانكم وأشكالكم شتّى من آسيا إلى أفريقيا إلى أمريكا اللاتينية. المتسول 5 لسوء حظّنا يا سيّدي. السيد ياء : ما الذي جمعكم هنا من أرجاء الأرض؟ المتسوّل 2: نحن متسوّلون مشمولون برعاية الأمم المتحدّة يا سيدي.
" صمت السيد ياء يمسح دموعه" المتسوّل 3: لم نر شخصاً يتأثر منذ سنوات. المتسوّل 4: ما اسمك أيّها الثريّ الطيّب؟ السيد ياء : ياء. الناس ينادونني السيد ياء. المتسوّل 1 : ياء!! يأتي اسمك في نهاية الحروف يا سيّدي. السيد ياء : أنا كذلك..!! يتأمّلهم ثم يمسح دموعه..." المتسوّل 5: عدت للبكاء!! السيد ياء : فقدت عزيزاً منذ قليل، وقد صدمني بؤسكم "يبكي" المتسوّل 2: أعطنا شيئاً أجدى من البكاء يا سيدي. السيد ياء : الحق معك. "يضع محفظته تحت إبطه، ويمد يده إلى جيبه ليخرج النقود" تعالوا. المتسوّل 1: تعال أنت يا سيدي، نحن لا نبرح أماكننا حتى يحين وقت زملائنا من الدفعة التالية. السيد ياء : كما تريدون. "يتقدّم منهم، ويعطيهم واحداً واحداً حتى يصل إلى الأخير، فلا يجد في جيوبه ما يقدّمه..." المتسوّل 5: يا لحظي!! ألم تجد شيئاً؟ "يفكّر السيد ياء قليلاً ثم يخلع حذاءه، ويضرب إحدى فردتيه بالأخرى ليزيل ما لحق بهما من الغبار، ثم يضعه عند قدميّ المتسوّل 5..." السيد ياء : سأبادلك من حذائي لحذائك. "ينتعل كل منهما حذاء الآخر. يغادر السيد ياء خطوتين، فيناديه المتسوّل 5.." المتسوّل 5: أنت يا سيد ياء! أعطيتني حذاء أقلّ جودة من حذائي. "يعود السيد ياء، ويرجع له حذاءه. أحد المتسوّلين يخطف محفظة السيد ياء من تحت إبطه ثم يهرب مع باقي زملائه. ظلام."
المشهد الثاني
"موسيقى مرحة. يضاء المسرح. يدخل السيد ألف إلى مكتب شركات السيد ألف والسيد ياء من الباب الداخلي للمكتب سعيداً نشيطاً يتبعه مساعده حاملاً حقيبته. يضع الحقيبة ويبقى واقفاً."
السيد ألف : هل تتوقّع أن تكون مساعدة أخي السيد ياء قد جاءت إلى الشركة خلال أيام العطلة؟ المساعد : لم تأت بالتأكيد. كانت تحت رقابتي باستمرار. السيد ألف : جيّد. أسرع، وأحضر الفاكسات والرسائل التي وصلت خلال غيابنا، ولا تنس أن تقرأ ما في بريدنا الإلكتروني قبل مجيئها. "يغادر المساعد عبر الباب الداخلي"
المشهد الثالث
"يتأمل السيد ألف صورة أخيه السيد ياء قرب صورته"
السيد ألف : لابدّ أن تسقط إحدى الصورتين. "يجري اتصالاً هاتفياً. يرنّ الهاتف على مكتب الشركة في خلفية المسرح (مدينة بعيدة) يرنّ طويلاً، ثم يدخل الموظف راكضاً عبر يسار المسرح." الموظف : ألو. السيد ألف : أين كنت أيّها الغبي؟ الموظّف : آسف جداً سيّدي. "يمسح عرقه" كنت مع زوجتي في المختبر. السيد ألف : ألم آمرك ألاّ تلتقي زوجتك في المختبر؟ الموظّف : ليس لقاءً عائلياً سيّدي؟ كنت أحلّل الخيوط الطبيّة، وكانت هي تسجّل النتائج. "صمت قصير. يمسح عرقه" هذا كلّ شيء. السيد ألف : سرّع العمل إلى أقصى درجة. الموظّف : وجدنا أمعاء بشرية بين أمعاء الحيوانات المصنّعة. اعتقد أنّها عائدة إلى ذلك العامل الذي قطّعته الآلات منذ فترة. السيد ألف : إذا كانت تضرّ بالشحنة كلّف المحامي برفع دعوى ضده واخصم من تعويض عائلته. الموظّف : أفكّر بإرسال شحنة الخيوط الطبيّة الحالية إلى العالم الثالث كي لا تكتشف رداءة بعض الخيوط السيد ألف : ما داموا يدفعون نقوداً نظيفة لا مانع لدينا. المهم الإسراع في تجهيز الشحنات. "يضع السماعة، وكذلك يفعل الموظّف"
المشهد الرابع
"تدخل زوجة الموظّف يسار المسرح"
زوجة الموظّف: هل صدّق الحكاية؟ الموظّف : بدأت أشمّ رائحة المال... تشبه رائحة العطر النسائي عند المساء... سوف ندسّ خيوطنا الصناعية بين خيوط الشركة، والعالم الثالث عالم طيّب... سنعمل لحسابنا والعالم الثالث عالم مسامح دائماً. زوجة الموظّف: ألم تكن فكرتي؟ الموظّف : لابد أن نضع كل ما نملك في هذه الصفقة، بعدها... أجمل بيت، وأسعد طفلة بجديلة واحدة... "ينظر في عينيها" سنتزوّج. زوجة الموظّف: نتزوّج!! ألسنا متزوّجين؟ الموظّف : نتزوّج من جديد. الزواج مع الفقر طقس من طقوس الطبيعة التقليدية ليس إلاّ. زوجة الموظّف: أشعر بسعادة الحامل قبل أن أحبل. ألا يستحق هذا الاحتفال؟ الموظّف : أجل... إلى المختبر حبيبتي. "يغادران عبر اليسار."
المشهد الخامس
"يدخل مساعد السيد ألف ومعه بعض الأوراق"
السيد ألف : ما الأخبار؟ المساعد : "ينظر في الأوراق" يقول المُخْبِر المكلّف بمراقبة أخيك السيد ياء إنه رآه يتعاطف مع حثالة من المتسوّلين ويعطيهم النقود في أوربا. السيد ألف : يا لك من متخلّف!! المساعد : أنا يا سيّدي؟ السيد ألف : لا. أخي ذلك الأحمق الذي يبدّد ثروتي ويذرف دموعه هنا وهناك. المساعد : يفيد التقرير أن السيد ياء أعطى المستوّلين من جيبه يا سيّدي. السيد ألف : وكم تبعد جيبه عن جيبي أيّها الأحمق!! المساعد : وهناك تقرير عن أمّكم التي كانت مريضة في أوربا. السيد ألف : دع أمّنا جانباً واجلس. اجلس "يجلس المساعد" سوف نتحدّث عن مرحلة ما بعد أمّنا. المساعد : بخصوص شركاتها وأموالها.. السيد ألف : لنقل بخصوص السيد ياء. المساعد : القانون يمنحه النصف. السيد ألف : لهذا نحن نفكّر معاً. أريد أن نجعله خارج الموضوع، وهذا يحتاج خطّة محكمة لمجرّد موت أمي. المساعد : "يقف" أمّكم انتهت أيامها في الدنيا وماتت منذ أيام. السيد ألف : ماتت!! هكذا دفعة واحدة !! المساعد : أجل. صار الناس يموتون هكذا دفعة واحدة "يشهق" هاء.. وينتهي كل شيء. السيد ألف : ولمَ لم يرجع مع الجثّة من أوربا؟ أتعتقد أنّه يدّبر أمراً؟ المساعد : لا. لأنه أرسل الجثّة إلى المطار وهناك إخطار لكم لاستلام جثّة المرحومة. السيد ألف : لاستلام الجثّة!! وأين ذلك الغبي؟ المساعد : ذلك الغبي... عفواً. آسف. أخوكم السيد ياء سلبه المتسوّلون محفظته وفيها جواز سفره، فهو محاصر في أوربا السيد ألف : الآن فهمت. ألا تعتقد أن هذا يسهّل عملنا؟ المساعد : أجل. "صوت انفتاح باب وانغلاقه..." السيد ألف : وصلت مساعدة السيد ياء. لا تخبرها بأمر الجثّة أو بأي شيء آخر. اشغلها بالحسابات ومتابعة فروع الشركة. يعني... "يغادر المساعد عبر الباب الداخلي"
المشهد السادس
"يتقدّم من يسار المسرح بائع جوّال يدفع عربة الفواكه أمامه، ويتّجه إلى مقدّمة يسار المسرح. يتقدّم منه بعض الزبائن. توحي أزياؤهم وملامحهم بكونهم أفارقة. يختارون كميّات قليلة جدّاً لشرائها. يدخل من يسار المسرح أحد مروّجي شركات السيد ألف والسيد ياء. يراقب البائع الجوال وزبائنه. السيد ألف يطلب رقماً وهو جالس في المكتب. يرن هاتف المروّج..."
السيد ألف : ألو. المروّج : تحيّاتي سيد ألف. السيد ألف : هل أنت المروّج خمسة؟ المروّج : لا. أنا المروّج رقم ستة سيّدي، وأنا الآن في جنوب أفريقيا إلى الغرب قليلاً. السيد ألف : أما زالت الأوضاع الاقتصادية في تحسّن؟ المروّج : صار بإمكان كل ثلاثة أن يشتروا بطّيخة سيّدي. السيد ألف : يحتاج الفقراء إلى ما يؤنس لياليهم الطويلة. سوف نرسل لك صفقة أفلام "فيديو" لرجال ونساء وأسرّة. منتجة في شرق آسيا. المروّج : "يمطّ صوته مستغرباً" من شرق آسيا؟ السيد ألف : مططت صوتك أبعد من المسافة بينك وبين شرق آسيا. ما عاد العالم شاسعاً بني. ستصلك قريباً. خزّن الشحنة واعرض ما يكفي للدعاية فقط. "يغلق الهاتف. يغادر المروّج"
المشهد السابع
"يتقدّم من اليسار عاملان من عمّال المطار، وهما يدحرجان بأيديهما صندوقاً مربّع الشكل متوسط الحجم، وعندما يقتربان من مكتب شركات السيد ألف والسيد ياء، يرفعان الصندوق بواسطة عتلتين على جانبيه، ويؤرجحانه إلى الأمام والخلف، حتى يصبحا عند مدخل المكتب، فيحملان الصندوق باحترام"
العامل 1 : لدينا عنوان مكتبكم. هل أنت السيد ألف؟ السيد ألف : ألا أبدو كذلك؟ العامل 2 : كانت جثّة أمك في المطار منذ أيام "يضعان الصندوق على الأرض" السيد ألف : كانت!! وهل هربت بعد ذلك؟ العامل 1 : لا يا سيدي؟ لقد أحضرناها معنا. السيد ألف : وأين هي؟ "يقترب منهما ويقف ملاصقاً للصندوق" العامل 2 : المرحومة هنا. في هذا الصندوق. "يبتعد السيد ألف عن الصندوق، وينفض ثيابه ثم يضرب راحتيه ببعضهما عدّة مرات" السيد ألف : هنا بهذه البساطة!! "يتشمّم الرائحة" العامل 2 : لا تخف يا سيدي، فالجثّة آمنة. العامل 1 : "لزميله" أخذت دوري في الكلام "للسيد ألف" لا تخف يا سيّدي فالجثّة نظيفة وآمنة، وقد خرجت لتوّها من الفرن. السيد ألف : هل تتحدّث عن دجاجة أم جثّة؟ العامل2 : نتحدّث عن جثّة المرحومة يا سيّدي. السيد ألف : ومن سمح لكم أن تشووها؟ العامل 1 : كل جثّة تصل إلى المطار ولا يستلمها أحد خلال يومين من وصولها ندخلها إلى فرن حار جدَّاً للتخلّص من المكوّنات التي تسبّب التعفّن والتلف، ثم نغلّفها بشكل لائق ونربطها بخيط أسود لامع، ونضعها في صندوق كهذا. السيد أ : صارت آمنة إذاً. العامل2 : طبعاً ما دامت تعرّضت إلى حرارة عالية جداً، ثم إلى تبريد منخفض جداً.. تستطيع القول إنها صارت تشبه المستحاثات إلى حدٍّ ما. العامل 1 : وخفيفة الوزن كثيراً. كأنّها غير موجودة. انظر. "يمسك الصندوق بإحدى عتلتيه، ويؤرجحه بيد واحدة"... السيد ألف : جيّد. جيّد. "يخرج نقوداً من جيبه" العامل2 : لا داعي يا سيّدي، لقد دفع صديقكم ضابط المطار أجور إقامتها في المستودعات وأجور وضعها في الفرن. "يخرج العامل 1 ورقة". العامل1 : وقّع إشعاراً باستلام الجثة فقط، أنت تعلم مدى المسؤوليّة. "يوقّع السيد ألف إيصال الاستلام، ويغادر العاملان وكذلك البائع الجوّال".
المشهد الثامن
"يدخل المساعد، ويتأمّل الصندوق"
السيد ألف : انظر إلى هذه المصيبة. إنَّها جثّة أمي. المساعد : يا للحزن!! السيد ألف : اصمت وكفى. المساعد : تعازيّ الحارّة سيد ألف. السيد ألف : أو.. وه. إنَّها كارثة. وصل الميّت قبل مرافقه الحيّ، وأنا على وشك سفر لا يؤجّل. المساعد : هذا صحيح. مراسم جنازة، ومعزّون و.و. وأعوذ بالله.
"صمت قصير" ما رأيك في دفنها سِرَّاً، ندسّها في التُّراب ليلاً.
السيد ألف : لا. لا. ليس الآن على الأقل. "يرن هاتف السيد ألف النقّال" السيد ألف : ألو.. من؟.. آ.. أهلاً أهْلاً عزيزتي.
"ينشغل المساعد بالحاسوب".
المشهد التاسع
"تظهر الفتاة في خلفية يسار المسرح "أوربا" وتسير موازية للخلفية وهي تتحدّث"
الفتاة : ألم تشتق إليّ؟ السيد ألف : أنتِ في داخلي عزيزتي. الفتاة : لا تكذب. أقسم على ذلك. السيد ألف : اعتبريني تحت القسم، وأكرّر أنّني أحبّك. الفتاة : أقنعتني. "يتحرّك السيد ألف في المكان" السيد ألف : أنا أحبُّ المرأة كثيراً. الفتاة : ابنة العشرين فقط. السيد ألف : أقول لك وأنا تحت القسم: المرأة.. المرأة.. آسف حبيبتي، لحظة واحدة. "يخرج ورقة من جيبه ويقرأ فيها". ألو.. المرأة هي لون الفنّان، وكلمة الشاعر، وخبز الفقير، وأبهج صفقات التاجر "يجلس على صندوق الجثّة" الفتاة : أوه. أنت شاعر. ما الهدية التي أنتظرها؟ السيد ألف : "يقلب الورقة إلى الوجه الآخر" الهديّة. بالنسبة للهديّة.. آ.. لا أدري ماذا يناسبك. سيبدو اللؤلؤ أصفر قبيحاً فوق ثلج عنقك، وقد يخدش الماس رقّة أنوثتك..
لا بدَّ أن أكلّف أمهر الصنّاع فوق الأرض كي ينسجوا لك عقداً من عبير الحقول، ووشاحاً من لحظات الصباح الأولى. الفتاة : لم أسمع كلاماً جميلاً كهذا. لا شكَّ أنك تحبّني أكثر من كلّ الذين أحبُّوني مجتمعين. هل ستأتي قريباً؟ السيد ألف : قريباً جداً. أوربا لم تعد بعيدة، فعالمنا السعيد هو بيت عاشقين ليس إلاَّ.
"يظهر شخص جزئيّاً في الخلفية قريباً من الفتاة يشير لها أن تسرع". الفتاة : انتظرك، وداعاً. السيد ألف : وداعاً. "يغلق هاتفه وهو سعيد"
المشهد العاشر
"تدخل مساعدة السيد ياء. تسلّم على السيد ألف"
المساعدة : لم أجد أية معلومات عن السيد ياء. السيد ألف : اطمئنّي. المساعدة : من أحضر هذا الصندوق؟ السيد ألف : هذا صندوق الجثّة "متداركاً".. آ.. صندوق صح. المساعدة : الجثّة!! أيّة جثّة؟ السيد ألف : إ.. "يقترب هامساً" جثّة أحد الفراعنة.. ليس أحد الفراعنة بالضبط، ولكنّها مومياء مطلوبة لأوربا حيّة أو ميتة. المساعدة : لا أفهم شيئاً. السيد ألف : أنت مساعدة أخي الخاصّة، لذا لن أُخفي عنك الأمر.
شركتنا تصدّر أشياء كهذه من حين لآخر. المساعدة : ما كنت أعرف. السيد ألف : لأنَّها أشياء سريّة جداً. أرجو ألاَّ تخبري مساعدي عنها، ولا يجوز أن يعرف السيد ياء أنني أطلعتك على الأمر. المساعدة : اطمئن سيدي. "تغادر".
المشهد الحادي عشر
"يجلس السيد ألف قريباً من الصندوق، مسنداً رأسه بيديه.
إنه يقدّم صورة حزينة من غير حزن. يدخل المساعد، ويتّجه إلى الحاسوب ليجري بعض العمليّات. يتقدّم الموظّف وزوجته من يسار المسرح باتجاه المكتب، وهما سعيدان".
زوجة الموظف: أليست فكرة جميلة؟ الموظف : أجل. يجب أن نستفيد من مناسبة انشغاله بموتها. زوجة الموظف: لم يكن التسلّل إلى بريده الإلكتروني سهلاً.
"الموظّف ينشغل بالتعامل مع الحاسوب. زوجته تتابعه عن قرب" المساعد : "للسيد ألف" يجب إغلاق ملف موظّف الخيوط الطبيّة. السيد ألف : كنت أنتظره حتى ينضج. المساعد : إذا لم نوقفه قريباً فقد يفلت منَّا. دفع كل ما لديه للحصول على صفقة خاصّة ليسوّقها باسم الشركة لحسابه. "صمت" زوجة الموظف: كم يستغرق الأمر؟ الموظّف : نحتاج يومين. يومين فقط. زوجة الموظف: في هذا العالم ما يكفي للتنفّس ليومين. "يعود الموظّف للتعامل مع الحاسوب" السيد ألف : ما الذي تراه؟ المساعد : سوف أطلبه إلى هنا قبل وصول شحنته بيوم واحد لنتركه يخرج من الدُّنيا كما دخلها أوّل مرّة. السيد ألف : وزوجته؟ المساعد : الموظّف وزوجته من مفردات خطتي فيما يتعلّق بتركة المرحومة و.. السيد ألف : وماذا؟ المساعد : والجثّة أيضاً بعد موافقتك طبعاً.. السيد أ : الجثّة!! المساعد : سوف أنقلها باحترام، ولكنّها ستلعب دوراً مهمَّاً في خطّتي. السيد أ : أنت مساعد بارع. افعل ما تراه مناسباً. هي مجرّد جثّة تشبه المستحاثات. المهم هو صيد السمكة الكبيرة في النهاية. المساعد : أتوقع أن يخرج أخوك السيد ياء صفر اليدين. السيد أ : لم يعد أخي. لنكن واقعيين، فالشخص الذي يجعلنا إخوة قد مات.
المشهد الثاني عشر
"يتقدّم السيد ياء من اليسار باتجاه خلفية ويسار المسرح "أورّبا" ويقف. ينظر إلى ساعة يده من حين لآخر..
السيد ألف : يجب أن ننهي كلّ شيء خلال أسبوعين على أبعد تقدير. المساعد : ما كنّا لنحتاج نصف هذه المدّة لولا وجود تلك المرأة اللعينة. السيد ألف : اختار السيد ياء مساعدة ذكيّة فعلاً.
"صمت. السيد ياء يروح ويجيء في المكان" السيد ألف : "فجأة" لو نال شيئاً من أموال أمي، فسيعجّل بموتي. المساعد : لن ينال منها سوى ما في جيوبه.
"السيد ياء يفتّش في جيوبه ويخرج ما لديه من نقود" السيد ياء : لم يعد لديّ الكثير. لم أعد أحتاج المال ما دمت سوف أرجع.
"ينظر إلى الساعة" تأخّر عن الموعد.. نحمل عاداتنا أينما كنّا.
"ينهض السيد ألف وكذلك المساعد" السيد ألف : سوف أُسافر دون أن أسألك عن جزئيات الخطّة. المساعد : تسافر بالسلامة. جهّزت لك كل متطلبات السفر. السيد ألف : أمثالك هم الذين يجعلون العالم يتجدّد بقوّة..
"ظلام تصل من خلاله عبارة المساعد". المساعد : لا يجوز أن يبقى عالمنا راكداً.
المشهد الثالث عشر
"يُضاء المسرح دفعة واحدة حيث يتقدّم البائع الجوّال من يسار المسرح، وقد شدّ عربته إلى جسده بواسطة أربطة مناسبة.
فوق العربة رجل ظاهر الثراء. يستلقي على ظهره ويتأمّل السماء. يتقدّم البائع وهو يشدّ عربته بصعوبة بالغة دافعاً جسده إلى الأمام حتى يصل إلى منتصف المسرح، فيقف ليمسح عرقه. يجلس الثريّ متربّعاً فوق العربة.."
الثريّ : أنت رجل فنّان تجدّد نفسك مع عالمك.
"يلتفت البائع برأسه فقط، لأن أربطة العربة تمنعه من الاستدارة". البائع : أنا!! الثريّ : أجل. أنت تلوّن حياة الناس.. في عالمنا السعيد المتجدّد أنهار تجري من الأموال والذهب، ولكنّك تشعر بالرغبة بين الحين والحين في امتطاء ظهر إنسان
أو عربته، لتشعر أنك أغنى، وأنّ العالم ما زال ينبض. البائع : "ملتفتاً برأسه" أنا أمتطي ظهر إنسان!! الثريّ : ليس أنت بالضرورة. صدّقني أنّك فنّان وهذا رائع بحدّ ذاته. البائع : لست فنّاناً يا سيدي، ولكني أعمل لكسب خبز يومي. الثري : وكم ثمن خبز يومك؟ البائع : صار يكلّف قطعة معدنية ونصف. "يخرج الثريّ قطعتين من المعدن". الثريّ : أريد منك نصف قطعة معدنية لأعطيك قطعتين. البائع : ليس لديّ شيء. أعطني قطعتين اليوم، وسوف أحملك في المرّة القادمة مقابل قطعة واحدة. الثريّ : "مبتهجاً" ألم أقل إنّك فنّان؟ منطقك مريح كهذه العربة خذ "يرمي القطعتين المعدنيتين أمام البائع الذي ينحني ويلتقطهما ليضعهما في جيبه، ثم يستدير بعربته مغادراً".
المشهد الرابع عشر
"ظلام. موسيقى هادئة. يزاح مكتب الموظّف من وسط وخلفيّة المسرح، كما يزاح صندوق الجثّة من مكتب شركات السيد ألف والسيد ياء. يضاء المسرح. المساعد يجلس في المكتب يراجع أحد الملفّات. تتقدّم زوجة الموظّف من يسار المسرح قلقة. تدخل المكتب فيهبّ المساعد لاستقبالها مبدياً اللَّهفة".
المساعد : يسعدني أنك نجوت. لقد نجوت بأعجوبة. زوجة الموظف: نجوت!! ممَّ؟ المساعد : اجلسي سيّدتي. أنتِ آمنة هنا. "تجلس" زوجة الموظّف: ما الذي تقولـه؟ ولم هذا الاستدعاء المفاجئ؟ يجب أن أرى السيّد ألف أو السيد ياء. المساعد : "هامساً" لا ترفعي صوتك. سأخبركِ ما لا يسرّك لكنّه ضروري.
"صمت قصير" زوجك رجل وضيع وخائن. زوجة الموظّف: لا أسمح لك. "تنهض واقفة". المساعد : قلت لك لا ترفعي صوتكِ. ستغيّرين رأيكِ عندما تسمعين صوته الحنون مع عشيقته، وهو يحدّثها عن الخطوة الأخيرة كي يصبح ثريّاً، ويتخلّص منك مع ماضيه القذر. زوجة الموظّف: زوجي!! زوجي أنا!! المساعد : لهذا أنت هنا. طلبتك قبل خطوته الأخيرة، وقبل أن تتحوّل أمعاؤك إلى خيوط طبيّة. زوجة الموظّف: له عشيقة!! المساعد : وشقراء أيضاً. زوجة الموظّف: شقراء!!. لقد قال يوماً: سنتزوّج.. "صمت ثم فجأة"
اسمع: أريد أن أخبرك أمراً خطيراً ينفّذه ذلك الخائن. المساعد : وفّري على نفسك، كي لا تشعري بتأنيب الضمير فيما بعد. نحن نرى ونسمع ونشمّ كل شيء، وصفقة خيوطه ستصل بعد ساعة. زوجة الموظّف: لكنّه سيقبض ثمنها ويفرّ وحده.. أو مع عشيقته. المساعد : لن يفعل. طلبت منه الحضور بعدك مباشرة. زوجة الموظّف: حذّرته كثيراً، وذكّرته أننا نأكل خبزنا من خير الشركة، ولكن دون فائدة. الشيء الذي لا تعرفه أنه اخترق بريدكم الإلكتروني أكثر من مرّة.. يخونني!! وشقراء أيضاً!! لا بدَّ أن يدفع الثمن.. سأنتقم من الخائن. المساعد : أجل. سوف تذبحينه بسيف من الذهب الخالص. ندفن الجثّة ويبقى السيّف لك. زوجة الموظّف: بسيف!! أنا لا أجيد استخدام السيف. المساعد : كلّفت أحد عملائنا ببيع صفقة الخيوط ليُوضَع ثمنها في حسابك. زوجة الموظّف: حسابي أنا!! "يومئ برأسه إيجاباً ويقدّم لها ورقة مكتوبة". المساعد : نلتقي بعد ساعتين في المقهى المذكور في الورقة. أريدك أن تقدّمي لنا خدمة بسيطة. "تأخذ الورقة". زوجة الموظّف: أجل هذا واجب. "تغادر من يسار المسرح".
المشهد الخامس عشر
"يعود المساعد إلى التعامل مع الحاسوب. يظهر السيد ألف والفتاة في خلفيّة المسرح "أوربّا" يقف ويقدّم لها سيجاراً ويشعله لها، ثم يهمس في أذنها فتنفجر ضاحكة بطريقة غير مؤدّبة".
السيد ألف : لا أمزح. هذا هو الواقع. الفتاة : لم تخبرني حتى الآن من أي بلد أنت. السيد ألف : عندما أحوّل أموالي إلى أوربا من أجل صفقة، أصبح أوربياً، حتى تصلني الصفقة، فأرسلها إلى أفريقيا وأصير أفريقياً حتى أقبض ثمنها. الفتاة : أنت عصري أكثر من عصرنا. السيد ألف : لقد تعبنا من الوقوف. هيّا عزيزتي. "يغادران".
المشهد السادس عشر
"يتقدّم الموظّف باتجاه مكتب شركات السيد ألف والسيد ياء حذراً.
المساعد ما زال منشغلاً بالحاسوب. يدخل الموظّف".
المساعد : أهلاً بخبير الخيوط.. ما أخبار الشحنات؟ الموظّف : لا بأس. كل شيء مقبول. لِمَ هذا الطلب المفاجئ؟ المساعد : عُرضت علينا صفقة خيوط طبيّة رخيصة، نريدك أن تعاينها تفضّل ادخل. الغرفة رقم عشرة. "يغيب الموظّف في الداخل".
المشهد السابع عشر
المساعد : "عبر النِّداء الداخلي" ألو. صوت : ألو نعم المساعد : وصل الرجل المطلوب احتفظوا به عندكم.
ستار
***
الفصل الثاني
المشهد الأوّل
"المسرح كما هو في نهاية الفصل الأوّل. التغيير الوحيد هو رفع الحاسوب من مكتب شركات السيد ألف والسيد ياء مع الاكتفاء بهاتف واحد حيث صار أشبه بغرفة استقبال. المساعد يجلس وهو يطالع صحيفة. يتقدّم السيد ياء من يسار المسرح متعباً حزيناً. عندما يصل قرب الباب الخارجي يهبّ المساعد واقفاً."
السيد ياء!! الحمد لله على السلامة. تعازيّ الحارة، يا للمصاب الجلل!! المساعد : ما كنت أظنّ أن طعم الموت يتجرّعه الأحياء. "صمت ثم يمسح دموعه" السيد ياء : الواجب يحتّم عليّ أن أخبرك أمراً يصعب عليك. "ينظر إليه السيد ياء مترقّباً" لم تصل جثّة المرحومة. "ينهض السيد ياء مفاجأً" المساعد : ماذا؟ السيد ياء : بعد أن وصلت إلى المطار، قام شخص –لغاية في نفسه –بإعادة إرسالها إلى بلد في شرقي آسيا... أظن إلى كوالالمبور. المساعد : كوالالمبور!!! السيد ياء : وعندما لم يستلمها أحد هناك أعيدت إلى الطائرة نفسها حيث طارت إلى بتسوانا أو ناميبيا مجتازة المحيط الهندي. المساعد : وأنا السبب في كل ذلك. لو جئت معها لما اضطرت أن تجوب العالم. السيد ياء : لحسن الحظ أن السيد ألف قام بما يجب حتى ترتاح رفاتها في لحدها الهادئ المساعد : ومتى أرسلوها؟ السيد ياء : لم يرسلوا شيئاً، لكنّ السيد ألف طار خلفها رحلات على مدار الساعة. رحلات بعيدة ومتواصلة، حتى أمسك بها في جامايكا. المساعد : جامايكا!! السيد ياء : أجل، ولحسن الحظ حصلت على الجنسية الجامايكية. المساعد : عن أي شيء تتحدّث؟ السيد ياء : عن رفاة المرحومة... رفض الجامايكيّون السماح بدفنها كونها أجنبية مدّعين أن جزيرتهم تكاد لا تتسع لموتاهم، لكنّ السيد ألف تصرّف حتى نالت الجنسية لأسباب إنسانية، ثم قام بواجب الدفن.
"صمت قصير يقطعه حوار صاخب بين مساعدة السيد ياء وبين زوجة الموظف" المساعد : لا بد أن أراه.. "تصرخ" يا سيد يا.. ا.ا..ء... صوت زوجة الموظف: الوقت غير مناسب. "تندفع زوجة الموظف إلى المكتب عبر الباب الداخلي تتبعها المساعدة" صوت المساعدة:
المشهد الثاني
"تنظر إلى السيد ياء ثم تنفجر باكية" تعازيّ الحارّة يا سيدي! زوجة الموظف: تفضّلي بالجلوس. "تبقى واقفة" السيد ياء : حمداً لله على سلامتك يا سيّدي. تعازي الحارة. المساعدة : شكراً تفضّلي بالجلوس. "تجلس" ما الأمر؟ "ينظر إلى زوجة الموظف"
السيد ياء : لمَ لا تجلسين؟ السيد ياء : لا يحق لي أن أجلس "تبكي" آ.....ه. زوجة الموظف: "أقرب إلى البكاء" أنا شديد الانفعال. أرجوك تمالكي نفسك. السيد ياء : سامحني يا سيّدي "تسقط قرب قدميه" زوجي خائن ومنحطّ، منحطّ جداً. زوجة الموظف: "يمسح دموعه" ما سمعت امرأة تشكو من زوجها الخائن أو ما شابه، إلاّ وتمنّيت أن أتزوّجها لأخفّف عنها، وعندما حسبت الأمر وجب عليّ أن أتزوّج معظم المتزوّجات. السيد ياء : أنا لا أبكي على نفسي "صمت قصير" لقد طعن أمّك. زوجة الموظف: "يضحك" أختلف معك هنا. أمي ماتت أمامي في المشفى. السيد ياء : هو الذي أعاد إرسال الجثّة لتجوب العالم بين السماء والأرض فقط لأنك ضربته ذات يوم. زوجة الموظف: زوجك وراء ما جرى لنا!! السيد ياء : كما أخبرني أنه اختلس من صندوق الجثة ورقة مكتوبة بخط يدها قبل أن تموت. زوجة الموظف: ورقة!! لا بد أنها وصيّتها وضعتها في ملابسها، وعندما فتّشوها في المطار عثروا على الورقة وتركوها في الصندوق. لا يزال موظّفو المطارات يتقنون عملهم. السيد ياء : وعندما وبّخته هدّدني بالطلاق. فانتهز ضميري فترة غيابه ودفعني لأبلغكم، وما على الرسول إلاّ البلاغ. زوجة الموظّف: ولكنّ زوجك يعمل في مدينة بعيدة، فكيف علم بوصول الجثّة؟ وكيف أعاد إرسالها وهو بعيد؟ "ينظر المساعد إلى زوجة الموظّف مشجعاً.. " المساعدة : كان يتجسّس على بريدكم الإلكتروني فقرأ خبر موتها وإرسال جثّتها ثمّ حذف المعلومات من بريدكم، وجاء إلى المطار لإعادة إرسال جثّة المرحومة.. يا لعاري يا سيدي. زوجة الموظف: معقول جداً. لم نقرأ الخبر في الإنترنت. يبدو أنّه حذفه فعلاً. المساعدة : وأين زوجك الآن؟ السيد ياء : في إحدى جزركم. يطعن أمّكم ويستجمّ في جزركم. زوجة الموظف: ادخلي وارتاحي، فلن أنسى هذا لك. السيد ياء : أهذا وقته؟ المساعد : أرحت ضميري. "تغادر إلى الداخل" زوجة الموظّف:
المشهد الثالث
"إلى المساعد" أيّة جزيرة تلك؟ السيد ياء : يستجمّ الخائن في جزيرة النورس المليئة بالأشواك، وأغصان الأشجار تسدّ منافذ طرقها. لا يمكن التنقل في المكان من غير جزمة طويلة الساق وسكين كبيرة وقبّعة. المساعد : سأعتمد عليك في هذه الأشياء، فربّما أذهب إليه. السيد ياء : سمعاً وطاعة "يغادر" المساعد :
المشهد الرابع
"للمساعدة" ما رأيك بما تقوله تلك المرأة؟ السيد ياء : أستبعده مع أنّ الدلائل تؤيّدها، فالجثّة لم تصل فعلاً والسيد ألف مسافر فعلاً. المساعدة : وما سجل ذلك الموظف؟ السيد ياء : اكتشفت أنه على وشك الاتجار لحسابه الخاص على خلفية نشاطات الشركة، ولكنّه اختفى فجأة، واختفت معه ملفّاته من شبكة الإنترنت. المساعدة : هل تؤيّدين سفري إليه؟ السيد ياء : أنصحك بالحذر. ألمح ظلال مؤامرة يخطّط لها مساعد السيد ألف. المساعدة : المشكلة في تلك الورقة، لا بد أنها وصيّة كتبتها أمي. السيد ياء : يبدو أنك مضطّر للسفر بسبب ذلك، ولكنّي أرجوك ألاّ تتأخر، فثّمة أمور كثيرة يجب ضبطها قبل تقسيم تركة المرحومة. المساعدة : أنت تعطينني الثّقة بالمستقبل. السيد ياء : أشكرك سيّدي. هذا واجبي المساعدة :
المشهد الخامس
ظلام يطمس معالم المكان. موسيقى أقرب إلى صفير الرياح.
تتسلّل زوجة الموظّف من اليسار عبر الظلام ومعها مصباح يدوي ينير طريقها. تقف وسط المسرح وتطفئ المصباح.
تسلّط عليها بقعة ضوئية دائرية."
لا بد أن يمرّ من هنا. لن أدعه يقتل زوجي. سأخبره الحقيقة، وإذا كان زوجي خائناً فسأتركه وكفى. "صمت" زوجة الموظف:
المشهد السادس
ماالذي جاء بك؟
"يتقدّم الموظف عبر الظلام ويقف قرب الدائرة الضوئية كما تتوهّمه هي." الموظف : أنت!! لمَ تخونني؟ هل تريد أن تحوّل أمعائي خيوطاً طبيّة كما فعلت مع ذلك العامل؟ "تصرخ" الموت للخائن ستدفع الثمن دماً قذراً. زوجة الموظف: ألم تجدي حّلاً غير الموت؟ "يجلس" جعلوك تنسين أحلامنا.
البيت الجميل، الطفلة ذات الجديلة الواحدة "صمت. موسيقى هادئة" الموظف : كنت على وشك الحمل. زوجة الموظف: دمّروا أحلامنا، وقتلوا ابنتنا قبل أن تكون "يبكي" الموظف : لا تبك حبيبي.... ألا يمكن إصلاح الأمر؟ يمكننا أن نرحل بعيداً. فقط انس تلك الشقراء اللعينة. زوجة الموظف: أخشى أن الأمور خرجت من أيدينا.. فاتَ الأوان. "يغادر بينما تعود هي لصمتها فترةً قصيرة" الموظف : الموت فظيع... لا. لا. لا أستطيع احتماله. سأقول له:
إنّني كذبت عليك. "تسير على حواف الدائرة الضوئية بخط منتظم. يتقدّم السيد ياء –كما تتخيّله –فتحدّثه وهي تتابع سيرها الدائري، بينما يروح السيد ياء ويجيء فوق خط ضوئي مستقيم يمس محيط الدائرة الضوئية التي تسير فوقها زوجة الموظّف" زوجة الموظف:
المشهد السابع
سيّد ياء! سأخبرك شيئاً. ثمّة خطأ... زوجة الموظّف: "مقاطعاً" الخائن! غدر بنا وبك. بم تفضلك تلك الشقراء؟ قليل من الأصبغة وتصبحين شقراء أكثر منها، وبعينين خضراوين أيضاً. السيد ياء : أجل. هذا صحيح. زوجة الموظف: أتخيّله في أحضانها الآن، وأنت ترتجفين من برد الوحدة، وأمي ترقد عظامها غاضبة في جامايكا. "يتفل" "تفوه" على الخائن. السيد ياء : "بصوت قوي" اقتله. اقتله. "تسرّع سيرها الدائري، بينما يروح ويجيء السيد ياء هادئاً.. اقتله. "تصرخ" لا.
لا تفعل. لا تفعل. "يقف السيد ياء" زوجة الموظف: "صارخاً" احترت معك، هل أقتله أم لا أقتله؟
"تسقط زوجة الموظف على أرض الدائرة وهي تبكي." السيد ياء : لا أدري. لا أدري. كنت أستشيره في القرارات الحاسمة ولكنّي الآن وحدي... سأترك الأمر لك. "تصمت. يغادر السيد ياء بحيث يتبعه الخطّ الضوئي الأبيض وكأنه يسحبه خلفه حتى يغيب. تنظر زوجة الموظف إلى ساعة يدها، وتمسح دموعها" زوجة الموظف:
المشهد الثامن
انتصف الليل ولم يأت السيد ياء، ومع ذلك سأنتظره لأخبره الحقيقة. "تتراجع خطوتين باتّجاه خلفيّة المسرح، وتتمدّد بشكل طولاني ووجهها نحو الصالة. تضع يدها تحت رأسها وتنام.
ظلام تام. موسيقى هادئة ثم تنبعث إضاءة خفيفة." زوجة الموظف:
المشهد التاسع
يتقدم السيد ياء من يسار المسرح باتجاه المكتب، فيرى زوجة الموظّف نائمة. يقف ويتأمّلها."
يا للمرأة المسكينة!! ليت أميّ رقدت هنا رقدتها الأخيرة.
"يصمت ثم يُخرج منديلاً يمسح به دموعه." أعدكِ أيتها المرأة أن أسامح زوجك لأجلك، ولأجلك سأقنعه ألاّ يتخلّى عنك.
"يدخل إلى المكتب، فيجد جزمة طويلة الساق وقبّعة وسكّيناً طويلة جدّاً تشبه السيف. ينتعل الجزمة، ويأخذ القبّعة، والسكّين، ويغادر باتجاه يسار المسرح. يرنّ هاتفه النقّال" السيد ياء : ألو. السيد ياء : مرحباً سيّد ياء. أنا صديقك المقدّم سعيد من المطار. صوت سعيد: أهلاً. أهلاً. كيف حالك سعيد؟ السيد ياء : البقيّة في حياتك. صوت سعيد: أشكرك. السيد ياء : هاتفك مغلق طيلة الليل، ولم أجد فرصة لتقديم العزاء إلاّ الآن لأنني مسافر. صوت سعيد: مسافر!! السيد ياء : أتحدّث إليك من الطائرة قبل إقلاعها. لا شك أن السيد ألف أجّل الدفن حتى عودتكم. صوت سعيد: لا. لقد تعذّب كثيراً، ولم يمسك بأمي. بالـ. بالجثة إلا في جامايكا. السيد ياء : جامايكا!! ما الذي تقوله؟ صوت سعيد: ما سمعته. لقد أعاد أحدهم إرسال الجثة بعد أن سرق الوصية منها. حكاية... سأرويها لك بعد عودتك. السيد ياء : ليس صحيحاً. أشرفت على الجثة بنفسي. أولاً: لم يكن مع الجثّة أيّة وصيّة على الإطلاق وثانياً: أشرفت على إعادة ترتيب الجثة شخصيّاً حتى وُضعت في صندوق مربع الشكل وقمت بإرسالها. صوت سعيد: أرسلتها إلى أخي؟ إلى هنا؟ السيد ياء : طبعاً وقد وقّع على إيصال الاستلام بنفسه. صوت سعيد: أنا في الواقع لم ألتق أخي حتى الآن. لا بد أنّ هناك سوء فهم. أشكرك يا صديقي، ورحلة سعيدة. السيد ياء : إلى اللقاء. صوت سعيد: مع السلامة.
"يغلق السيد ياء هاتفه النقّال ويعود إلى المكتب.يضع القبّعة والسكين جانباً ثم يسير ذهاباً وإياباً داخل المكتب. تتوارد أفكاره. السيد ياء : ما الذي يجري؟ لقد حذّرتني مساعدتي من رائحة مؤامرة. إنها تتمتّع بحاسة شمّ قوية. ربّما كانت المؤامرة على أخي. لا بدّ أنّها كذلك.... آهٍ أخي!! أخي الطيب الودود..... الجثّة في صندوق!!... آ...... رأيت شيئا كهذا محشوراً في إحدى الزوايا فعلاً... الحمد لله. أمي هنا. قريبة منّي في مكان ما. بل في ذلك الصندوق الذي رأيته...
"يصغي قليلاً لقد وصل ذلك الماكر.
"يأخذ السيد ياء القبّعة والسكّين ويختفي في الداخل" السيد ياء :
المشهد العاشر
يزداد الضوء انتشاراً. تشرق الشمس إنه صباح يوم جديد. تفتح زوجة الموظف عينيها، وتنهض. تنفض الغبار عن ملابسها، ثم تتجه إلى المكتب، فتلتقي مع المساعد الذي وصل لتوّه من جهة يسار المسرح. يدخل ثم تتبعه زوجة الموظّف"
لم يأت السيد ياء. لقد تأخّر كثيراً
"يُلقي المساعد نظرة على المكان حيث كانت الجزمة والسكين والقبعة" زوجة الموظف: لقد أخذ ما يحتاجه وانطلق. لا يستطيع أحد أن يتقدّم أو يتأخّر. السيد ياء الآن "ينظر الساعة" يصارع الأمواج باتجاه هدفه. اطمئنّي سيّدتي. المساعد : ذهب!! "يوميء المساعد برأسه. تغادر حزينة من يمين المسرح!" زوجة الموظف:
المشهد الحادي عشر
"يتقدّم السيد ألف من اليسار، يهبّ المساعد لملاقاته."
قدوماً حميداً يا سيّدي. المساعد : هل فتحت بريدنا الإلكتروني؟ السيد ألف : قرأته آخر مرّة منتصف الليل. لا جديد. المساعد : لا جديد!! تحقّق حلم حياتي دفعة واحدة بشرط ألاّ تكون مساعدة السيد ياء اطّلعت على الخبر. السيد ألف : مساعدة السيد ياء في إجازة منذ يومين. ما الخبر السعيد؟ "يطل السيد ياء متنصّتاً" المساعد : وصلني منذ قليل. "يبدي المساعد دهشته.. السيد ألف : هل اختارتنا شركة أعالي البحار لتنفيذ أعمالها؟ "يومئ السيد ياء برأسه إيجاباً "يا للعظمة... لن يأكل شخص فوق الأرض سمكة إلاّ من إنتاجنا "صمت." المساعد : "فجأة" لا بد أن أعود إلى أوروبا اليوم أو غداً ليكون العقد باسمي وحدي.. بدأت أفكّر بإلغاء مشروع الاستيلاء على نصيب أخي السيد ياء. السيد ألف : نصيبه لا يساوي شيئاً أمام ذلك المشروع... هل أبدأ بتجميد الخطّة قبل فوات الأوان؟
"لا يجيب السيد ألف بل يروح ويجيء في المكان ماطّاً شفتيه إلى الأمام والمساعد يتابعه حتى يقف" المساعد : عيناي معلّقتان بمشروع أعالي البحار، ولعابي يسيل على أموال أخي السيد ياء. هي أموالي أصلاً لأنّها أموال أمّي.
تابع الخطّة، وليبدأ حياته من الصفر. أخي رجل حكيم سيجد ما يفعله بالتأكيد. السيد ألف : وأنا جاهز، وقد وجدت طريقة مجدية لجعل مساعدة السيد ياء طوع أيدينا. المساعد : إنها امرأة أفعى؛ ذكية وحذرة. السيد ألف : للأفعى مصائد أتقنها.
المساعد : لو أنك كسبتها قليلاً. إنها تكرهك بصورة واضحة. السيد ألف : ستكون طيّعة وسهلة. المساعد : لا أكاد أصدّق ما أسمع. السيد ألف : لها طفل تحبه جداً... ورجالي جاهزون. "صمت" المساعد : "يطلّ محدّثاً نفسه" ما الذي أسمعه؟! المؤامرة من أخي وليست ضده... "يغيب في الداخل" السيد ياء : ممتاز، وأين السيد ياء؟ "يطل السيد ياء متنصّتاً" السيد ألف : يفترض أن يكون في الجزيرة أمام قميص مبلل بالدماء وشخصين بانتظاره لإلصاق التهمة به. المساعد : ثم نوفر لـه الفرار ليختفي عن الأنظار مؤقتاً ريثما نفرغ نصيبه في جيبي. "صمت" السيد ألف : "محدّثاً نفسه" المفروض أن أعود خائفاً بعد مشاهدة ذلك القميص المبلل بالدم. طيب. ها قد رأيته وأنا أرتجف من الخوف. "يختفي" السيد ياء : ومتى سيحضر الكاتب بالعدل؟ السيد ألف : في الوقت المناسب. المساعد : هل استشرت المحامي؟ السيد ألف : اقترح أن تكون الوكالة عامة مطلقة حتى يتم نقل الأموال وفروع الشركات بلا معوّقات. المساعد :
المشهد الثاني عشر
"يدخل السيد ياء من جهة اليمين حاملاً قبعته وسكّينه مبدياً الذعر، يلتفت خلفه، يدخل المكتب وهو على هذه الحالة. يرمي بالقبعة والسكين ويتجه إلى أخيه"
أخي!! البقية في حياتك. السيد ياء : سكين وقبعة!! وجزمة طويلة أيضاً!! أين كنت؟ السيد ألف : ذهبت لأقتصّ من ذلك السافل. السيد ياء : ليس لنا أعداء سفلة، أي سافل ذاك؟ السيد ألف : ذاك الموظف، الذي أرسل جثة أمي لتجوب العالم كرحالة صامت. السيد ياء : لا أفهم شيئاً. السيد ألف : لأنك طيّب يا أخي. ذهبت تعدو فوق الغيوم، لتمسك بما تركه لنا الموت من أمنا، دون أن تعلم أن وراء ذلك يداً آثمة. السيد ياء : "إلى السيد ألف" في الواقع... لم نخبرك بذلك سيدي، لأننا... علمنا الأمر متأخراً. المساعد : "إلى أخيه" مهما يكن الأمر لا يجوز أن تدنّس يديك بالقتل. السيد ألف : ليتني فعلت، ولكن الجبان وجد من يقتله قبلي، ولم يترك لي سوى قميصه المدنس بدمه، ولسوء الحظ فقد رآني حارسان في المكان. السيد ياء : ستلبس التهمة... أهذا وقته؟ السيد ألف : أقترح أن تختفي ريثما نعرف حقيقة ما جرى هناك. المساعد : سأعود إلى الجزيرة حالاً. حالاً. السيد ياء : "مبدياً التعاطف" اسمع أخي، لا نريد حلولاً ارتجالية، يجب أن نفكر بهدوء. السيد ألف : الحمد لله أنك إلى جانبي. السيد ياء : للأسف.. لن أبقى. سأعود إلى جامايكا لإتمام إجراءات إثبات الدفن. السيد ألف : آه أمي. ليتني قرأت آخر ما كتبته. السيد ياء : آ. تذكرت. علينا أن نعجل بنقل التركة قبل أن نواجه مشاكل قانونية. السيد ألف : وأين المشاكل القانونية سيد ألف؟ المساعدة : إذا لم نسرع لإنهاء الموضوع، فسوف نحتاج إلى سلسلة من الإجراءات، لأننا سنرث مواطنة جامايكية.. السيد ألف : آه... صارت أُمّنا جامايكية. لا أهتم بالمال. افعل ما تراه. السيد ياء : أقترح أن نكتب توكيلاً... إ... إلى مساعدي ومساعدتك لحصر التركة وبيعها لي ولك أي تسجيلها باسمي واسمك. السيد ألف : فكرة جيدة لأنني سأكون مشغولاً لمعرفة ما جرى في الجزيرة "إلى المساعدة" ما رأيك أنت؟ السيد ياء : لا بأس. شرط ألا يُقبل توقيع أي منا على انفراد. يجب ألا يجري أمر دون توقيعنا مجتمعَيْن أنا ومساعد السيد ألف.
المساعدة : كما تشائين... ولكنك تبدين عديمة الثقة بي. المساعد : الأمر يتعلق بتركة عشرات الملايين. أنصح السيد ياء بالتمسّك بهذا. المساعدة : كما تشائين. أنا أثق بتفكيرك وحرصك على مصلحة أخي. السيد ألف : كانت أمي تقول دائماً: أنا فخورة بمحبة ابنيّ أحدهما للآخر. السيد ياء : رحمها الله، ورحم الله تراب جامايكا ذرة ذرة، "لمساعده" اسمع: سجل لأخي شركة زيادة عني، فأنا أكثر حنكة منه في تدبير شؤون حياتي. "السيد ياء يتظاهر بالبكاء ويشير بيديه رافضاً فكرة أن يسجل له شيء زيادة عن أخيه". السيد ألف : لا. لا. لا أريد أن يظلم أخي "لا يهتم به السيد ألف". السيد ياء : "لمساعده" اتصل الآن بكاتب العدل. السيد ألف : الآن!! السيد ياء : أجل. من الأفضل أن ترحل قبل بزوغ الفجر، فربما لن يتأخر رجال الشرطة في الوصول إلى هنا، وأنا أريد أن أطمئن عليك قبل سفري. السيد ألف : "صمت. ظلام. موسيقى أشبه بهمس من يخطط لأمر خطير."
المشهد الثالث عشر
يدخل السيد ياء- عبر الظلام- إلى المكتب من جهة الباب الداخلي وهو يحمل صندوق الجثة بين يديه. ينير المكان ويضع الصندوق، ويجلس على الأرض قربه، واضعاً يده عليه بحنان."
هنيئاً لك أيتها الغالية أنك رحلت بسلام، رحلت قبل أن تبتئسي بطعم ثمار هذا العصر السامة... حملتني تسعة أشهر في أحشائك راضية صابرة، وحملته تسعة أشهر، وأنت تمررين يدك بحنان فوق بطنك ليشعر بالأمن والسعادة. تسعة أشهر لكلينا... ولم تجدي من يحملك ساعة واحدة إلى مدفنك، لأنك صرت إحدى أدوات أشراكه للإيقاع بي من أجل مال لم يتعب به... لن أجابه ابنك أيتها الغالية، ولكني أبقيه لعصره كي يجلده. سوف أتركه يستمرئ طعم خطته ككلب يتناول جيفة مسمومة، وحسبي من المال ما جمعته بكدّي، وحسبي مما تركتِ أن أحملك إلى مثواك الأخير. السيد ياء : "يحمل صندوق الجثة بين ذراعيه باحترام ويرحل بها عبر يمين المسرح"
المشهد الرابع عشر
"ظلام. بقعة ضوئية على مساعدة السيد ياء وقربها ملفات كثيرة تراجع أحدها. يدخل السيد ألف ويراقبها لبعض الوقت دون أن تشعر به"
"لنفسها" ما شاء الله!! ثروة لا تأكلها النيران!! إعادة حصرها وتسجيلها، يحتاج إلى خطة محكمة. "تفكر" المساعدة : سوف أُقدِّم لك حلاً يسهّل الأمور كثيراً "تفاجأ المساعدة" السيد ألف : "مذعورة" السيد ألف!! أخفتني. المساعدة : أمامك إحدى طريقتين فقط. السيد ألف : قل. المساعدة : الأولى: تطلبين ما تشائين من المال لترحلي بعيداً مع ولدك بعد أن تسجلّي مع مساعدي كل شيء باسمي. السيد ألف : يا للعار!! أتحتال على أخيك؟ لا. لست خائنة. المساعدة : لن أرد عليك حتى أخبرك بالطريقة الثانية: ستفقدين ولدك المحتجز لدى رجالي الآن، وتخرجين من هنا عاجزة عن الحركة. "يطلب رقماً هاتفياً" السيد ألف : هذا عمل حقير. سأخبر السيد ياء "تخرج هاتفها النقال" المساعدة : "يتحدث على الهاتف" ألو... اسمع: اقتلوا الصبي إن لم أتصل خلال دقيقتين. اخفوا الجثة، وارحلوا "تعيد المساعدة هاتفها النقال خائفة" السيد ألف : اتركوا ولدي. سأترك العمل وأرحل مع ولدي. المساعدة : هذا ليس من إحدى الطريقتين: أذكّرك أن السيد ياء هو أخي وليس أخاك فالقضية عائلية بحتة. السيد ألف : اتصل بهم كي لا يقتلوا الصبي "ينظر إلى الساعة" المساعدة : لا يزال متسع من الوقت. فكّري.
السيد ألف : سأفعل ما تشاء. اتصل بهم أقبّل يدك. أرجوك يا سيدي. المساعدة : "على الهاتف" ألو. أجّلوا الموضوع حتى أتصل مرّة أخرى. السيد ألف : أريد ابني. قد يقتلونه. المساعدة : نحن لا نخطئ أبداً. "يخرج شيكاً من دفتره بهدوء" كم تريدين؟ السيد ألف : كم أريد... سأفقد عملي طبعاً... أحتاج مليوناً لأشتري بيتاً صغيراً... وطبعاً سيارة متواضعة. المساعدة : لا. لا. أنت مساعدة ذكية، ولن أنسى أبداً خدماتك لأخي السيد ياء... سأكتب لك مليونين معاً. "يحرر الشيك" السيد ألف : لم أتوقع أن تكون سخّياً معي. لي طلب آخر: فأنا لا أريد أن يعرف مساعدك بالمبلغ... أخبره أنني قبلت التعامل معك فقط، أو نتيجة التهديد بقتل صغيري.
المساعدة : لا بأس. سوف تستلمين الشيك مع ولدك في اليوم الذي يسجل فيه كل شيء باسمي... سوف يرحل السيد ياء غداً صباحاً مدة أسبوع، وإنهاء الأمر لا يحتاج هذا الوقت. "صمت. ظلام" السيد ألف :
المشهد الخامس عشر
"إضاءة خفيفة تشير إلى بدايات الفجر الأولى. السيد ألف يعطي تعليماته الأخيرة إلى مساعده"
نلتقي قريباً. "يغادر عبر يسار المسرح" السيد ألف :
المشهد السادس عشر
موسيقى هادئة ترافق تبدل الإضاءة نحو الأفضل. إنه شروق يوم جديد. المساعد يضع بعض الأوراق في ملف بعناية. تدخل مساعدة السيد ياء عبر الباب الداخلي، يرن هاتف المساعد."
ألو... ممتاز.. ممتاز. "المساعدة تضع وجهها على كتب المساعد وتطوّق خصره بيدها" والصبي؟ "يضحك المساعد" أنتما بارعان... لن أنسى طبعاً. "يغلق الهاتف ويتجه إلى المساعدة" المساعد : كل شيء على ما يرام يا حبيبتي! المساعد : وابننا؟ المساعدة : ينام سعيداً بانتظار أمه وأبيه. لم يجعله رجالي يشعر بشيء. المساعد : أنت أب يستحق فخر أولاده.
المساعدة : وأنت زوجة تستحقين أن أحبك بكل جوارحي. المساعد : نجحنا أخيراً، وكالة عامة مطلقة أيها الحبيب! المساعدة : كانت فكرة أعالي البحار خيالاً ناجحاً يحسب لك "يضمها" المساعد : يجب أن نبقى جادَّيْن حتى ننقل أملاك المرحومة إلى اسمَيْنا معاً، ولينعم الأخوان ألف وياء معاً بما بقي في جيوبهما.. المساعدة : سنسهم أنت وأنا في دفع عالمنا نحو الأفضل والأحدث لأن عصرنا كالأفعى، يحب أن يغير جلده باستمرار. المساعد : يجب أن ننتهي من إجراءات نقل التركة قبل الاحتفال بالعيد الرابع لميلاد صغيرنا بعد أربعة أيام. "تتأبط ذراعه ويخرجان عبر يسار المسرح ومعهما ملف مليء بالأوراق." المساعدة :
المشهد السابع عشر
"يظهر البائع الجوال في أقصى عمق يسار المسرح، وهو يجر عربتين ربطت إحداهما خلف الأخرى. يستلقي على كل عربة رجل ثري. يتقدم البائع بصعوبة بالغة حتى وسط المسرح إلى الخلف قليلاً. التعرق واضح على ملابسه. يخرج منديلاً قذراً ليمسح به عرقه. يلتفت برأسه فقط بسبب الأربطة التي تمنعه من الاستدارة."
يقولون إن العالم سوف يتغير، ويصبح أكثر غنى. البائع : "وهو مستلق" هذا من حسن حظك. ستجد ثرياً آخر يستلقي فوق عربة ثالثة مربوطة إلى هاتين العربتين. الثري 1 : "يجلس متربعاً" أما زلت مُصِّراً على ثلاث قطع معدنية من كل واحد منا؟ الثري 2 : أنا لا أطلب إلا ثمن خبز يومي. ست قطع معدنية يا سيدي! "يمسح عرقه." البائع :
المشهد الثامن عشر
"تظهر زوجة الموظف تدفع عربة يجلس فوقها زوجها "الموظف" وهو مقعد لا يستطيع السير. تتابع دفع العربة على الرغم من حَمْلها الواضح حيث تبدو في الشهر السابع من الحمل. تتقدم من البائع وتمد يدها."
قدّم شيئاً للفقراء يا سيدي. زوجة الموظف: ليت لديّ ما أقدمه. "تدفع عربة زوجها قليلاً نحو الثري 1" البائع : قدم شيئاً لنا يا سيدي! زوجة الموظف: لمَ لا يعمل زوجك؟ الثري 1 : لأنه مقعد كما ترى. زوجة الموظف: مقعد وأنت حبلى؟ مقعد عن العمل فقط!! الثري 1 : ضربوني حتى أفقدوني ساقيّ، فأنا مقعد من ساقيَّ يا سيدي. ألا تقدم لنا شيئاً؟ الموظف : لا. أنت طاقة مهدورة في زمن الاستثمار الأمثل. ثمة أعمال يمكنك القيام بها. "تدفع الزوجة عربة زوجها باتجاه الثري 2" الثري 1 : هلا تساعدنا بشيء ليومنا يا سيدي!! زوجة الموظف: "يفتش الثري 2 في جيوبه، ثم يخرج زجاجة صغيرة فيها كبسولات دوائية. البائع يجلس على الأرض من دون فك الأربطة." لديّ هذه الحبوب المنشطة. الثري 2 : منشّطة!! كادت تفقده حياته عند ابتلاعه حبتين قبل أن أحمل منه. زوجة الموظف: هذه من نوع آخر. لا تؤثِّر على القلب، إنما تثير الخيال فتجعل الرجل يتخيل زوجته دون العشرين باستمرار، ويرى عينيها حسب ما يحب من الألوان السبعة. الثري 2 : يا أخي أعطنا واحدة، وأجرك على الله، وشيء أحسن من لا شيء "يحث زوجته" خذي واحدة نحتاط بها للأيام. الموظف : "تقترب الزوجة من الثري 2 الذي يعطيها كبسولة من الزجاجة. يقف البائع ويلتفت برأسه إلى الخلف." أرسل لي واحدة مقابل أجرة حملك. البائع : ألم تقل إن ثمن خبزك ست قطع معدنية؟ الثري 2 : سأكتفي بنصف خبزي ليومي. البائع : "يعطي الثري 2 كبسولة أخرى لزوجة الموظف، فتقارنها مع الكبسولة الأولى ثم تضع كلاً منهما في يدٍ مستشعرة الوزن ثم تحتفظ بالثانية وتقدم الأولى للبائع الذي يضعها في جيبه بعناية ويستدير عبر نصف دائرة وهو يجرُّ عربتيه مغادراً. تتبعه زوجة الموظف وهي تدفع عربة زوجها مع موسيقى صاخبة."
المشهد التاسع عشر
"تهدأ الموسيقى بعد مغادرة البائع وزوجة الموظَّف، يتقدم من يسار المسرح فتى وفتاة يتّجهان نحو المكتب الذي كتب عليه: مكتب شركات السيد ألف الجديد. يقفان عند الباب. الفتى يلقي نظرة إلى الداخل."
لا يوجد أحد. الفتى : سيأتون. هذا هو المكان حسب العنوان. الفتاة : يبدو أنها شركة ضخمة جداً. الفتى : يجب ألا يعرف أحد أننا مخطوبان. هذا أفضل، فربما نجد فرصتنا الذهبية هنا. سنعمل بصمت وجدية مع شيء من روح العداء الظاهر بيننا. الفتاة : هذا هو عين منطق الأشياء. اسكتي. أسمع وقع أقدام. الفتى : ستار الختام ***
- 48 -