علوم اللغة العربية : يحتوى هذه المنتدى على كتب وأبحاث علوم اللغة العربية وهي المجموعة في قول الناظم:
نحو وصرف وعروض ثم قافية***وبعدها لغة قوض وإنشـــــــــاء
خط بيان معان مع محاضــــرة ***والاشتقاق لها الآداب أسمــــــاء
الكتاب: دواوين الشعر العربي على مر العصور
المصدر: موقع أدب
ملاحظة: [هذا الكتاب من كتب المستودع بموقع المكتبة الشاملة]
بل قد تَفَيَّأ ظِلَّها من حِطّةٍ
نسَبٌ يَسومُ رخيصَه المستام
من كل مُعدٍ في الصَغارِ كأنَّه
جَرَبٌ تُخاف شُذاتُه وجُذام
" سلمانُ " أشرف من أبيكمْ كعبُهُ
" وعِصامُ " ما عَرَفَ الجدودَ عِصام
ومحمدٌ رَفَعتْ رسالةُ ربَّه
كَفّاهُ ، لا الأخوالُ والأعمام
ولقد يُذِلُّ مُسوَّداً أعقابُه
ولقد يسودُ عشيرةً حَجّامُ
أأُخَيَّ : لو سمِع النداءَ رُغامُ
ولو استجابَ إلى الصريخِ حِمام
مني عليك تحيةٌ وسلامُ
ولذكرِك الإجلالُ والإِعظام
واللهِ لولا طائفٌ من سَلوةٍ
ولُمامةٌ من مُسْكةٍ تَعتام
ورسالةٌ ندعو لها وأداؤُها
فرضٌ ، ورَعْيُ حقوقِها إلزام
وَبنّيةٌ للسالكين طريقَهم
والقادمينْ على الطريق تُقام
ودعاةُ حقٍ يخرُجون سواهُمُ
عارٌ إذا لزِموا البيوتَ وذام
لعكفتُ حولَك لا أريمُ ولم يكن
الا بحيث أقمتَ انتَ مُقام
يا نائماً والموتُ ملءُ جُفونِه
أعلمتَ من فارقتَ كيف ينام؟
وملاءَماً بيد المَنون جِراحَه
جُرح المُقيم عليكَ لا يلتام
قد كنتَ تقدِرُ ان تُظلَّكَّ بهجةٌ
ونَضارةٌ ، لا ظُلمةٌ ورَغام
أو أنْ يرِفَّ عليك في رَيْعانِهِ
هذا الربيعُ - كوَجهِك - البسام
لو شئتَ أعطتكَ الحياةُ زِمامَها
ولها على كَفِّ الشَباب زِمام
لِتَضمَّك الغُدرانُ في أحضانها
وتُقِلَّك الهَضَباتُ والآكام
وشقيقُك القَمرُ المُدِلُّ بلُطفه
نَشوانُ ، يَصحو تارةً ويُغام
لو شئتَ ، عن شرفٍ اردتَ فصِدْتَهُ
بَدَلاً ، لكانت صبوةٌ وغَرام
ولجئتَ مُقتَنصَ الشباب ولارتمَتْ
من حولك الظَبيَاتُ والآرام
لوشئتَ ؟ لكن شاءَ مجدُك غيرَها
فتلقَّفَتْك من الثرى أكوام
رَدّ البكاءَ عليكَ أنك قائدٌ
ولو استبدَّ بك الثَرى ، وإمام
تمشي الجُمُوعُ على هُداك كما هَدى
الضُلاّلَ برقٌ في الظَلام يُشام
لو غَيْرُ ذلك أطاحَ رأسَك لارتَمى
بِشِراك نعلِكَ طائحاً " هَمّام "
ولما استَقَلَّ برأس " مُرةَ " خِنصِرٌ
لكَ ، واستقادَ بوجهه إبهام
قد كانَ يَعطِفُني عليك مَلامُ
(1/17245)
________________________________________
ان لو ذخرتُكَ أيها الصِمصام
ان لو سلمتَ فلا شبايَ مُزنَّدٌ
أسفاً ، ولا حَدَيّ عليك كَهام
لو لم تُجبني من رفاتك هَمةٌ
صبراً جميلاً ايُّها اللُّوام
ما كنتَ " نحاماً " بنفسِك للورى
افأنت بي من أجلهم نَحام
نحنُ الضَحايا : للشعوب فَقاره
ولكل ما يبني الشعوبَ قِوام
هذي القُبورُ قنابرٌ مَبثوثة
لمكابرٍ وحَفيرُها ألغام
ما كانَ جيلٌ تستقيمُ قناتُه
الا ومَوتٌ ، يستقيمُ ، زُوآم
فالثُكْلُ والعَيْشُ السَويُّ سَويةٌ
ودَمُ الضحايا والحياةُ تُؤام
يومَ الشهيد! ونعمتِ الأيامُ
لو تستِتمُّ أخوّةٌ ووِئام
لو يَرْعَوي المتنابذونَ وكلُّهم
بهمُومِهم ، وشُعورهم ، أرحام
ولو التَقى من بعدِ طُولِ تَفَرُّقٍ
الشَيخُ ، والقِسيّسُ ، والحَاخام
ولو اتفقنا كيف يهتِفُ هاتِفٌ
فينا ، وكَيفَ تُحرَرُ الأعلام!
وبمِن يقودُ الزاحفيينَ أخالدٌ
ومحمدٌ ، ام أحمدٌ وهِشام ؟
هي امةٌ خافَ الطُغاة شَذاتَها
فسعَوا بها ، فاذا بها أقسام
واذا بها والذلُ فوق رءوسها
قُبَبٌ له مَضروبةٌ وخِيام
يحتازُها والجوعُ ينهَشُ لحمَها !
باسم " الرغيف " معرَّةٌ وصِدام
شعراء العراق والشام >> محمد مهدي الجواهري >> الشهيد قيس ...
الشهيد قيس ...
رقم القصيدة : 66888
-----------------------------------
يا قيسُ : يا لُطفَ الربيعِ
ووقدَ رَونقه الشَبُوبِ
يا قيس : يا همسَ الحبيب يذوب
في سَمع الحبيب
يا قيس : يا هَزَج الرُعاة يَشيعُ
في الحقل الخَصيب
يا قيس : يا شَجْوَ " الهزار "
يُهيبُ بالغصن الرطيب
يا قيس : يا حُلُمَ " العذاري "
يزدَحِمْنَ على " القَليب "
يا قيس : يا ذَوْبَ " الغَضارة "
قُطِّرت بأرَقِّ كُوب
يا قيس : يا لَحْنَ الحياة
ونغمةَ الأمَلِ الرَتيب
يا قيس : يا لمحَ السَنا
يا قيسُ : يا نفْحَ الطُيُوب
يا قيس : هل تَدري بما
خلَّفتَ بعدَك من نُدوب
وبما غَمَرْتَ البيتَ من
فَيْض الصَّبابة والوَجيب
وبما جَلَبْتَ لـ " ثاكلٍ "
حَرّى ومُحتَسِب حرَيب
(1/17246)
________________________________________
الوالدانِ - عليك يا قيسُ
المدلَّلُ - في لُغُوب
يتعلَّلانِ بلَمح وجهِكَ
في الشُروق وفي الغُروب
ويغالِطانِ النَومَ عنك
بطَيِفك المَرحِ الطَروب
ويراجعانِ تَلاوُماً
نفْسَيهما ، صُنعَ المُريب
يتبادلانِ أساهُما
شَكوى الغريبِ إلى الغريب
يا قيسُ أُمُّك لا تزالُ
تعيشُ بالأمَل الكَذوب
تهفو لقَرْع الباب في الجِيئات
منكَ وفي الذهوب
وتظَلُّ تسألُ مَخْدَعاً
لك عن هجوعِك والهُبوب
يا قيسُ : يا رمزَ الشهادةِ
عُطِّرت بدَمٍ خَضيب
كرَّمتَ بالكَفَن المخضَّب
منك والخدِّ التَريب
وطناً بمثلك من بنيه
يَستجيرُ من الخُطوب
ويرُد أنصبةً أليهم
ما حَبوه من نَصيب
بالمجدِ تَخلعُه الحُقوبُ
عليهِمُ تلوَ الحقوب
والغار تَضفِرُهُ لهمْ
رَيانَ من طَفَح القلوب
يا قيسُ : يا قيسُ الملوِّح
في شبابك بالحُروب
الشعب يثأرُ من " رُماتِك "
في بعيدٍ أو قريب
شعراء العراق والشام >> محمد مهدي الجواهري >> دم الشهيد ...
دم الشهيد ...
رقم القصيدة : 66889
-----------------------------------
خُذوا من يَومكم لغدٍ متاعا
وسيروا في جهادِكمُ جِماعا
وكونوا في ادَّراء الخطب عنكم
يداً تَبني بها العَضُدُ الَّذراعا
ذروا خُلفاً على رأيٍ ورأيٍ
إلى ان يلقيَ الأمرُ القِناعا
وخلُّوا في قيادتكم حكيماً
يدبِّرُها هُجوماً او دِفاعا
رحيبً الصَدر ينهضُ بالرزايا
ويُحسنُ أن يُطيع وأن يُطاعا
حملتم ثِقْل جائرةٍ عسوفٍ
تميل بمن يحاولُها اضطِلاعا
ونادَيتم بذائعةٍ هَتوفٍ
نَمى خَبَرٌ بها لكُمُ وذاعا
تعلَّقَتِ العُيونُ بها احتفاءً
وأُتلِعَتِ الرقابُ لها اطلاعا
وأوجفتِ الشعوبُ على صداها
وقد عابَ العِيانُ بها السَماعا
تراهَنُ بينها عن كلِّ شَوط
بحلْبتكم ، وتُقتَرعُ اقتراعا
فقد وعَظَتْكُمُ سُودُ الليالي
ولم تعرفْ بما تعِظ الخِداعا
بأنَّ اشقَّ مطَّلَبٍ رأته
ضعيفٌ طالبٌ حقاً مُضاعا
فلا تكِلوا الأمورَ إلى قضاء
فما كانَ القضاءُ لكم رَضاعا
ولا تنسَوا بأن لكمْ عدوّاً
(1/17247)
________________________________________
طويلاً ، وفي ازدراع الخُلفِ ، باعا
يُلوِّي كلَّ يَوم من قناةٍ
ويَبتدِع الشِقاقَ بها ابتِداعا
وانكُمُ بكَعْب السَوطِ منكم
قَرَعْتُم " رأس " مَن سنَّ القِراعا
قَرَعَتُم رأسَ مختَبطٍ رؤوساً
مماكرةُ ، ومالكَها صُداعا
مسكتُمْ من خِناقةِ أفعُوانٍ
شديدِ البطش يأبى الإنصِراعا
تعاصى والدُنى من كل حَدْبٍ
تهزُّ الصُلْبَ منه والنُخاعا
فمُدّوا كفَّكَم هَوناً فهَوناً
وجُرّوا منه أنياباً شِناعا
وفكُّوا شِدْقَ مُؤتذِبٍ خبيث
وسُلُّوا حَقَّكم منه انتزِاعا
ولا تَنْسَوا بأنَّ له عبيداً
شَراهم بابتسامته وباعا
حَباهم شرَّ ما يُحبَى خَؤونٌ
يغذَّي من كرامته الطِماعا
وعوَّضَهم عن الشَرَفِ المُبَقَّى
حُطام المالِ يذهَبُ والضِياعا
احَلَّ لهم دماءكمُ مَخاضا
وبؤَّأهم " حقوقَكمُ " رباعا
وملَّكهم رقابَكم فآبٍ
تملَّكَها وذو خَورَ أطاعا
فسقُّوهُم بكأسهمُ دِهاقاً
ذِعافَ الهَون والذلِّ اجتراعا
وجُروّهم على حَسَك الخطايا
ورُدُّوا كَيْدَهم بالصاع صاعا
وزيدوا بالدم العَبِق اتشاحاً
وبالوحي الذي يوحي ادِّراعا
وكانوا في احتراشِهمُ ذئاباً
فكونوا في ضَراوتكمْ ضِباعا
شَبابَ اليَوم إن غداً مَشوقٌ
يَمُدُّ لكم ليَحضُنَكم ذِراعا
يُمدُّكُمُ بروح من خُطوبٍ !
تعوَّدَ انْ يمدَّ بها الصِراعا
وأنْ يعتاضَ عن جيل بجيلٍ
بها ، ويفضََّ بينهما النزاعا
رصاص البَغي يفجُرُكم ليجري
دمٌ يَزْكو به الوطنُ ازدِراعا
ويُخصِب من رياضِ حقلٌ
يُراح القادمونَ ! به انتِجاعا
و " سَوطُ " الفاجرينَ يُعيد لحناً
له تترنَّحُ الدنيا استِماعا
وقَعرُ السجن حيثُ مشتْ " فرنسا "
من " البستيل " ترتَفِعُ ارتفاعا
والوانٌ من " التعذيب"! تَهدي
سجلَّ " الثورة " الكبرى شُعاعا
واشباحٌ تُراوحكم قِباحٌ
تَروعُ حَصاتَكم ساعاً فساعا
هي الاشباحُ من عهد تَرامى
على عهد فترتجفُ ارتِياعا
شبابَ اليوم إنكمُ ثمارٌ
سيقطفُها الغدُ الآتي سِراعا
جَنى جيلٌ يعبِّئُ للرزايا
(1/17248)
________________________________________
مصايرَه وللذُل اقتناعا
على جيلٍ كأنَّ عليه مما
بَنَى البانون من وِزْرٍ قلاعا
بذَوب الفكر يفتتح القَضايا
ويختِمها بمهجته اندفاعا
دَمَ " الشهداء " لا تذهَبْ هباءً
ولا تجمُدْ بقارعةٍ ضَياعا
ولا تشكُ الظِماء فان فينا
دماءً سوفَ تشربُها تِباعا
ولا تَخَلِ الجفاءَ فلم تُغَيَّبْ
يدٌ تُرعى ، ولا ذمم تُراعى
فما كَدم " الشهيد " اذا تَنادى
كثيرٌ ناثِروهُ اذا تَداعى
وما تَهَب الصنائع للبَرايا
كما يَهَبُ " الشهيد " لها اصطِناعا
انَفقِدُكم ! ولا نَرعىَ حفاظاً
وتَرعَى البيتَ فاقدةٌ صُواعا
اذن! فالثَأر نَنشُده كِذاباً
وصوتُ الحق نسمعُه خِداعا
اذن! فسَيُوسِعُ التاريخُ رجماً
كِلَينا ، من " أطَلَّ " ومن أضاعا
ونحن - اذن - نَسومُ دماً زكيّاً
بعاجلةٍ شِراءً وابتِياعا
فالىُّ " زكاً " يُصان - اذن - ويُقْنَى
وايُّ شذاة طهرٍ لن تُباعا
ونحن - اذن - على الأشلاء نُزجي
رغائبَنا ! ونُسمنُها رِتاعا
فليتَ الحزنَ تُطبقُ فوق سالٍ
سحابتُه وتأبى الإِنقِشاعا
وليت الليلَ يغمرهُ دخاناً
وليت الصبحَ يُمطرُه التياعا
وليت مُنىً يُراودها فِجاراً
تُعاوِده لتنهَشَه ضِباعا
وليت ضميرَه يثب افتزاعا
من الذكرى وينتفِضُ التذاعا
وليت العارَ يبرحُ مستضيفاً
سريرتَه اصطيافا وارتِباعا
وليت امامَ عينيه احتراقاً
جَرىَ كالشمع حاضرهُ وماعا
وليت خيالَ ماضيه مَسيخاً !
يَلوح على ملامحِه انطِباعا
دمَ " الشهداء " انتَ اعزُّ مُلكاً
وقاعُك اشرفُ الدنيا بِقاعا
وانت الخُلدُ بالأنهار يَجري
وبالمِسك انتَشَى أرَجاً وضَاعا
دمَ الشهداء كنتَ النارَ شبَّتْ
على الباغين تندَلِعُ اندلاعا
تلُفُ طَغامَهمْ نِكساً فنِكساً
إلى يَومٍ تَلفُّهُمُ جِماعا
إلى يوم تُطيح بما أقاموا
وما اختَطُّوا فتَنسِفُهُ اقتِلاعا
دمَ " الشهداء " اهِدِ الجمعَ يُبصِرْ
طريقاً منك يزدَهِرُ التِماعا
أهبَّ له الحواضر والبوادي
وعرِّفْه المَشارفَ والتِلاعا
متى يَقْحَمْ قِطاعاً من شُرور
(1/17249)
________________________________________
فأقحِمْه بسَوْرتِه قِطاعا
وسدِّدْ من خُطاه اذا توانى
وجدِّدْ من قُواه اذا تََداعى
وكن ، إن لفَّه ليلٌ ، شُعاعاً
وان طال الطريق به ، متاعا
دفعتَ بما استطعتَ الضُرَّ عنه
فزده ما استطعتَ بك انتِفاعا
وزِدْه ما استطعتَ لك انصياعا
وعما يُغضِبُ الوطَنَ امتِناعا
وزِده في الخُطوب بك اعتِزازاً
وحَوْلَ شعارِك الألِقِ اجتماعا
وكنْ فيما اندفَعْتَ شِعارَ جيلٍ
حثيثِ الخطو يأبَى الإرتجاعا
وأعلِنْ بانفطامِك عن شَبابٍ
به يتعلَّلُ الشيخ ارتِضاعا
عن الشهوات في الحكمِ ازدجاراً
وعن حكم يُلاث بها ارتِداعا
دمَ " الشهداء " مهما اسطَعْتَ فادفَع
وحَسْبُ الحر جُهداً ما استطاعا
إلى الغَمَرات افئدة تَنَزَّى
من " الغَمرات " تَخْشَى الانخِلاعا
تُحبُّ الموتَ تغمرُه التحايا
وتأبَى ان تَطيرَ به شَعاعا
وتَخْشَى الخُلدَ ، مُفزعةً ، نفوساً
وتهواه ، مُكرِّمةً طُباعا
وما انفكت على رِجْلٍ وأخرى
تُخالفها نُكوصاً وانصِياعا
فأكرِهْها وقُل سيري بسَوطٍ
يُدَمِّي من أبَى سَيْراً وطاعا
بسَوْطٍ من جُلودٍ ملزماتٍ
بهَدْي الناس يقتَطِعُ اقتِطاعا
تَوَكَّلَ ان يسودَ الناس حكمٌ
يُساوي من أُجيعَ بمن أجاعا
ويُسقطُ من شِفاهِهُمُ سَواداً
ويمحُو من مَعاجِمهم رَعاعا
وقل سيري ولا تقفي انتِكاصاً
وانتَ فَسَلْ ولا تقفِ انقِطاعا
وقل سيري فما يَعْيَا دليلٌ
حَدا من قبلكم فَهَدَى وضاعا
وقل سيري اتباعَ أخي افتِداءٍ
مَشَت من خَلفه الأمم اتباعا
جلبتُ لها " السُمُوَّ " فأوسعتني
من النُّكران ما يصِمُ اتضاعا
وذُقْتُ الوحشةَ الكبرى فكانت
أنيسَ الناعمين بها اضطجاعا
وكنت لها انا المجهول علماً
وأخلاقاً وحكماً واشتِراعا
ومخترعٍ يتيه على كِبراً
ولو لم أجرِ لم يجدِ اختِراعا
وفذٍ " عبقريّ من نَتاجي
تَرَعْرَعَ " صيتُه " ونما وشاعا
تجاهَلَني وكنتُ له خيالاً
وأهملني وكنت له يَراعا
وآخرَ ذي فُتوحٍ أشجعيٍّ
سفحتُ له ليرتبيَ اليَفاعا
تناسى من له اقتادَ السرايا
(1/17250)
________________________________________
ومن كانَ الشَّجاعةَ والشُّجاعا
ويا اكفانَهم كوني لواءً
وسيعاً يحضُن الهِممَ الوِساعا
وسُدي ثُلمةً من كل خَرْقٍ
يَزيدُ الخَرقُ شقتَّه اتساعا
وزِيدِي في خضَمِّ المجد مَوْجاً
وكوني من سفائِنه شِراعا
شعراء العراق والشام >> محمد مهدي الجواهري >> ذكريات ...
ذكريات ...
رقم القصيدة : 66890
-----------------------------------
يا " ذكرياتُ " تَحَشَّدي فِرقا
تسَعُ الخيالَ وتملأُ الأُفُقا
وتأهَّبي زُمراً تجهزني
محضَ الأسى ، والذُّعرَ ، والقلقا
هُزِّي الرِّتاجَ عليَّ أُحكِمُه
وتقحَّمي البابَ الذي انغلقا
الليلُ صُبِّي في قرارتهِ
من وحشةٍ ما يفزَعُ الغَسَقا
والريحُ خلِّيها اذا صفِرَت
في البيت تُوسِعُ من به فَرقَا
خَلِّي الصغار من الأسى فَزَعاً
يتساءلون : من الذي طَرَقا
ودَعي الكِبار يرَوْنَ مدخنَةً
فيه ولا يجدون محترِقا
والنَوم من فَزَعِ " الرؤى " يبساً
رُدِّيه ، او بدمائها غَرِقا
ليعودَ مما " تنفُثين " به
مِسخاً فلا نَوماً ولا أرَقا
والصبحُ رُدِّيه لَمبْسِمه
شَرِقاً وبالعبرات مُختنِقاً
ثم اطلِعي من كلِّ زاوية
ذاك الجبينَ ووجهَه الطَلِقا
حتى إذا انتصف الأصيل به
فتكوّري في صُلبه شَفَقا
ثم اسكُبي نَضْحَ الدماء به
ثم ابعَثي من نَشْرها عَبِقا
وتمزّقي قِطَعاً مضرّجةً
تمتصُّ من نَضَحاتِه عَلَقا
فكأن فيها الصُلْبَ منغلقاً
بجراحه ، والصدرَ منخرقا
يا ذكريات تجسَّدي بَدَناً
غضَّ الصِّبَا ، وتعطَّري خُلُقا
عُريانَ : لا خَتَلا ، ولا وَغَراً
ضَحْيانَ : لا صَلَفاً ، ولا مَلَقا
لم تتركي من كلِّ شاردةٍ
نَمَطاً ، ولا من نأمةٍ نَسَقا
ثم ابدَهيني كلَّ آونةٍ
منها بما يستامُني رَهَقا
يا ذكرياتٌ كلُّها حُرقٌ
تَطَأ الفُؤادَ ، وتلهبُ الحَدَقا
من لي بشِعرٍ خالقٍ شجناً
للناس يُعجزهم بما خَلَقا
هي صُورة حمراءُ من شَجني
تُدمي اليَراع وتُرعب الوَرَقا
ليَرىَ الذين تجاهَلوا برَمَاً
أسيانَ : كيفُ يُكابد الحُرَقا
(1/17251)
________________________________________
من لي باطيافٍ تُراوحني
بالهمِّ مُصطبَحاً ومُغتبَقا
متسلسلات كلما وَجَدَتْ
فيها فراغاً ، أفَرغَتْ حَلقا
مستجمعات كلَّ خاطرةٍ
ما جدَّ من عهدٍ وما خَلِقا
ما كان مثلَ القبر مُختفياً
تُبديه مثلَ النجم مُنبثِقا
فَرِحاً ومكتئباً ومختلِطاً
بهما ، ومُتَّحداً ، ومفترِقا
من لي بها وكأنَّها بشرٌ
عن نفسه يَروي اذا نطَقا
من لي باشباحٍ أنوءُ بها
رَسْفَ السجين بقيَدِه عَلِقا
حتى اذا انصَرَمَت بدا شَبَحٌ
حُلوٌ يكادُ يُطيرني نَزَقا
طوراً نَروح معاً على ظَمَاً
منها ، وطوراً نستَقي غَدَقا
يوماً بقَعر البيت يُوغرنا
حَنَقاً ، قضاءٌ مُوغِر حَنِقا
وهُنيهة نرتاد مُرتفِعاً
من هَضْب " لبنانٍ " ومُنْزَلِقا
من لي بها تَعتادُ قارئها
فَرَقاً ، كما تَعتادني فَرَقا
وتردُّ - مثلي - عيشَه رَنِقاً
وتَسُدُّ - مثلي - حَولَه الطُرقا
من لي بشِعرٍ خالقٍ حُرَقاً
تطأ الفؤادَ وتُلهِبُ الحَدَقا
ليريُهم القلبينِ قد لَصِقا
صِنويَن ، كيف اذا هُما افتَرَقا
واذا هما - والموت بينهما -
مدّا من الجْيدينِ فاعتَنَقا
وتساءَلا : ما ضرَّ لو سلكا
كَفَناً معاً ، وبحبله عَلِقا
حتى اذا استبقى احرُّهما
رَمَقاً ، واسلَمَ خِدنُهُ رَمَقا
وحثا التُرابَ بوجهه قَدَرٌ
عبّا لكل مُفارق طَبَقا
وانداحَتِ الدنيا بناظرِه
حتى لظَنَّ رحابَها نَفَقا
ومضى حسابُّهما برُمَّته
ما انفكَّ من دَين وما انغَلَقا
صَفَقَ اليدين كأنَّ مرتجِعاً
يرجُو لصاحِبه بما صَفَقا
وكأنما يُعطي الشقيقَ دماً
ان الشقيقَ بدمعه شَرِقا
وكأنما انشقَّ الضريحُ له
بـ " رعى السحابُ ضريحَه وسَقَى "
شعراء العراق والشام >> محمد مهدي الجواهري >> غضبة !...
غضبة !...
رقم القصيدة : 66891
-----------------------------------
عَرَتِ الخطوبُ وكيف لاتعرو
فصَبَرتَ أنتَ ودِرعُكَ الصبرُ
وصَبرتَ أنتَ وأنت ذو ثقةٍ
أن لو تشاءُ لزُحزِحَ الأمر
لانجاب عُسْرٌ من فرائسه
صِيدُ الرجال ولا رتَمى اليسر
(1/17252)
________________________________________
ولَدَرَّ ضَرْعٌ رُحتَ تحلِبُه
إنْ كان أعوَزَ غيرَكَ الدَرُّ
عَرتِ الخطوب فما خَفَضْتَ لها
من جانحٍ وكذلك النَسْر
ومَضيْت تلتهبُ السما صُعُداً
لك عند غُرِّ نُجومها وَكر
وعلى جَناحَيْك ارتَمتْ كِسَراً
مثلَّ الضَّباب عواصفٌ صِرُّ
فتجاوَزَتْكَ وراح نَهبتَها
نَخْبُ الفؤادِ وخامِلٌ غَمْر
النَفْعُ رِخوٌ لِستَ صاحِبَه
وأخوكَ هذا الشامِخُ الضُر
أجررتَ والدنيا فما سَطَرتْ
الا وعندك فوقَها سَطر
ومضيتُما كلٌ بوطأته
فَرَسَيْ رهانٍ أنت والدهر
عرت الخطوب وكيف لا تعرو
وطريقُ مثلِكَ ، صامداً ، وعَر
عَدَتِ الضِّباعُ عليك عاويةً
طناً بأنك مأكلٌ جَزْر
فتذوَّقَتْك فقال قائلُها
انَ الغَضَنفَر لحمُه مُرّ
وخَلَصت حُرَّ الوَجه ذا ألَقٍ
ووجُوهُهُم مطموسةٌّ عفْر
حَسَدوكَ أنَّكَ دُسْتَ هامَهُمُ
مُتجبَّراً ولنَعْلِكَ الفَخْر
وحَقَرْتَهم فقُلوبُهْم وَغْرُ
من ضِغنةٍ وعيونُهم خُزْر
لا أمرَ عندهَمُ فهمُ هَمَلٌ
غُفْلٌ وكل حياتِهم خَمْر
وزعيمُ قومٍ كالغُراب به
صِغَرٌ وفي خُطُواتِه كِبْر
يغتَرُّ فيما لا يُشرِّفُه
جَهِلَ المُغَفَّل كيفَ يَغْتَّرّ
يغتَرُّ أنْ ألقَوا بمعدتِه
عَفْنَ الطعام فراحَ يجتَّر
بادي الغَباء تكادُ تقرؤه
بالظنِّ لا خَبرٌ ولا خُبْر
أضحى وزيراً فاغتدَى رَهِقاً
مثل الحمار يؤودُه الوِزْر
لله أنتَ مطيةٌ عَرِيَتْ
منها الشَوَى وتأكَّلَ الظَهر
ودريئةٍ يرمي الأبيَّ بها
وغدٌ ، ويُصمي البّرَةَ الفُجر
والتفَّ عن أطرافه هََمَجٌ
مثل النَّعام يسودُها الذُعر
وتحلَّبوه ففي اكُفِّهم
شَطرٌ وفي أفواهِهم شَطْر
من فاجرينَ بكل قارعةٍ
حلّوا تحدَّث عنهم العُهْر
ومُفَرِّقين مذاهباً جُمِعَت
وحَنَا عليها الآيُ والذِكر
مثل اللُّصوصِ يلُمُّ شَمْلَهُمُ
خَيْطُ الدُجى ويَحُلُّه الفجر
يا عبدَ سوء في مزاعِمِهِ
يشتطُّ حيثُ تحرَّرَ الفِكر
قبليَّةٌ والكونُ وحَدَّه
فكر وخطَّ مصيرهُ ذَرُّ ؟!
أفأنتَ كونٌ يُستَظلُّ به
(1/17253)
________________________________________
أمْ أنت يا ابنَ جهالةٍ عَصْر
قل " للصحيفةِ " انتَ قائدُها
سَفَهاً وأنتَ زعيمُها الحرُّ
إني - ولي في المجد مُتَّسَعٌ -
عَفٌّ عن استغلالِة برُّ
لم ادَّخر منه سوَى نَشَب
هو للبلاد وأهلها ذُخْر
غَنِيت به الأجيالُ طاعمةً
منها السمينَ ، وعَضَّني الفقر
لا أستَغِلُّ فأنتَ لي عظةٌ
فيما أتيتَ ، وأنتَ لي زجْر
شعراء العراق والشام >> محمد مهدي الجواهري >> يا ثمر العار!..
يا ثمر العار!..
رقم القصيدة : 66892
-----------------------------------
أي جَرَبا تجرَّبي تكتَّلي تحزَّبي
كإبرة البحار في عاصفةٍ تَذبْذبي
وكالطُيورِ في السماءِ حُرَةً تَقَلَّبي
أي جَرَبا ويحَكِ ما أصَلفَ وجهَكِ الغبي
اكلَّ يومٍ تطلُعين للوَرى بكَوكب
مذنَّبٍ من فَضْل ما أُعطِتِه من ذَنَب
فتارةً بمشِرقٍ وتارةً بمغرب
أيْ جَرَبا في كلِّ يَوم حُلةً تَجَلْببَي
أيْ جرَبا كم تَدَّعينَ عفةً لم تُوهَبي
اذ أنت للفَجْرة تمتطين شرَّ مركب
أيْ جَرَبا يا " بَهْلوانَ " الملعَب المجرَّبِ
يا ضُحكةً جاد بها الدهرُ على مكتئِب
يا فرُجةً لمُعدِمين : فرجةً عن كَثِب
يا حَكَّةً من جَرَبٍ في دُمَّلٍ مُلتَهِب
يا ثمَرَ العارِ ويا جريمةَ التَسيُّب
يا " هِرةً " تُريد ان تَحكي دهاءَ ثَعلَب
يا أُمةً مغلوبةً لأجذمٍ مُغَلَّب
يا بُومةً خائفةً من خائِفٍ مُرتَقِب
من سارِقٍ متَّهمٍ وخائنٍ مرتكِب !
شعراء العراق والشام >> محمد مهدي الجواهري >> فلسطين والاندلس .
فلسطين والاندلس .
رقم القصيدة : 66893
-----------------------------------
ناشدتُ جندكَ جندَ الشعبِ والحرسا
أن لا تَعودَ فلسطينٌ كأندلُسا
ناشدْتُك الله أن تسقي الدماءُ غداً
غَرْساً لجَدِك في أرجائِها غُرسا
تلمسِ الجذفَ الزاكي تجدْ لَهثاً
من الشَّكاةِ وتسمعْ للصدى نَفَسا
ناشدْتُك اللهَ والظلماءُ مطبقةٌ
على فلسطينَ أن تُهدي لها قَبَسا
شعراء العراق والشام >> محمد مهدي الجواهري >> فلسطين...
فلسطين...
(1/17254)
________________________________________
رقم القصيدة : 66894
-----------------------------------
دَلالاً في مَياديِنِ الجِهادِ
وتيهاً بالجِراحِ وبالضِّمادِ
ورَشْفاً بالثغورِ من المَواضي
وأخذاً بالعِناق من الجِهاد
وَعبّاً مِن نميرِ الخُلد يَجري
لِمُنْزَفَةٍ دِماؤُهم صَوادي
وَتَوطيناً على جَمرِ المنايا
وإخلاداً إلى حَرِّ الجِلاد
وَإقداماً وإنْ سَرَتِ السَواري
بما يُشجي وإن غدتِ الغوادي
وبذلاً للنفيِس مِن الضحايا
فَأنْفَسُ منهم شَرفُ البلاد
حُماةَ الدارِ مسَّ الدارَ ضُرٌّ
ونادى بافتقادكُمُ المُنادي
أرادَتْكُمْ لِتكفوها فُلُوْلاً
مُعرِّزةٍ كأرتالِ الجَراد
وشاءتْكُمْ لتنهطِلوا عليها
هُطولَ الغيثِ في سَنةٍ جَماد
وطافَ عليكُمُ حُلُم العَذَارَى
مُروَّعةً كُحِلْنَ مِن السُهاد
يَشُوْقُ الذائدينَ على المَنايا
نداءُ العاجزاتِ عنِ الذياد
تطَلعَتِ العيونُ إلى خُيولٍ
مُحجَّلةٍ مُنشَّرَةِ الهوادي
خبَرْنَ رَحَى الوغَى فعن اعتِسافٍ
يَدُرنَ مدارَها وعنِ اعتماد
إذا الرِجّلانِ مسَّهما لُغوبٌ
شأتْ بهما اليدانِ عن ارتِداد
عليها كلُّ أُغلَبَ أرقميٍ
يَبيسِ العَينِ ريّانِ الفؤاد
زَوَتْ ما بين جَفْنَيْهِ هُمومٌ
نَفَتْ عن عينهِ دَرَنَ الرُقاد
وشدَّتْ خافِقَيهِ فلن يَرِّفا
إذا التقيا على الكُرَبِ الشِّداد
وكلُ مُسَعَّرِ الجَمراتِ يُكسَى
من الغَبَراتِ ثوباً من رماد
تَمرَّسَ بالحُتوف فلا يُبالى
أحادَتْ عنهُ أم عَدَتِ العوادي
ويا جُثَثاً يَفوحُ المجدُ مِنها
فتَعَبقُ في الجبالِ وفي الوِهاد
سَقَتْكِ الصائباتُ مِن التَّحايا
مُعطَّرَةً فما صَوبُ العِهاد
أعزُّ الناسِ في أغلى مماتٍ
وَخيرُ الزرعِ في خيرِ الحَصِاد
ويا مُتَقربين إلى المنايا
يَشُقُّ عليِهمُ وطءُ البِعاد
رأيتُ الجودَ ملهاةً يُجازَى
بها اللاهي بحَمْدٍ مُستفاد
ومُتَّجَراً يدُرُّ المجدَ ربحاً
لكُل مُسلِّفٍ بِيضَ الأيادي
يُؤدِّي الناسُ ما وَهَبَتَْ كِرامٌ
وتدفَعُهُ المحافِلُ والنّوادي
(1/17255)
________________________________________
ولكِنْ ثَمَّ للبلوى مِحَكٌّ
تَميزُ به البخيلَ مِنَ الجواد
هُنالِكَ إذ يَشُقُّ على المفدَّى
فَكاكُ إسارِهِ منْ كفِّ فادي
تفيضُ النفسُ لا تدري جزاءً
- ولا تبغي - إلى يوم المعاد
ولا يَختَالُ - صاحبُها ازْدِهاءً
بما أسدى - على هامِ العباد
وروحٍ من " صلاح الدّينِ " هَبَّتْ
من الأجداثِ مُقلَقَةَ الوِساد
تَسَاءَلُ هل أتَتْ دوَلٌ ثمانٍ
ضِخامٌ ما أتاه على انفراد
وما أضفى الحديثُ على قديمٍ
وما ألقى الطَريفُ على تلاد؟
وما عِند الدُهاة منِ انْتقامٍ
ومن أخْذٍ بثأرٍ مُستقاد؟
وهل ضاقوا وهمْ كُثْرٌ ذِراعاً
بداهيةٍ نهضتُ بها دَآد
مَشَيْتُ بطبِّها عَجِلاً فطابت
عواقُبها ، وساروا باتِئاد
بلى كانوا ومَنْ عادَوْا تبيعاً
وكنتُ المستقِلَّ ومَن أُعادي
ومعتدّاً وما تُجدي حياةٌ
إذا خلتِ النفوسُ مِن اعتِداد
حَماةَ الدّارِ لم تَتْركْ لشعري
فِلَسْطينٌ سوى كَلِمٍ مُعاد
بَكَيْتُ مصابَها يَفَعاً ووافَتْ
نِهايَتهُا وخَمْسونٌ عدادي
قَدَحْتُ لها رَويَّاً من زِنادِي
وصُغْت لها رَّوِيَّا من فؤادي
وألقَيْتُ الظِِلالَ على القوافي
عليها يصْطَفقْنَ مِنِ ارتعاد
وهل عندي سوى قلبٍ مريرٍ
أُذَوِّبُهُ بكأسٍ مِن سُهاد
حماةَ الدارِ إنّي لا أُماري
وإن قلتُ الجديدَ ولا أُصادي
وليس تملُّقُ الجُمْهورِ مني
ولا التَّضْليلُ من شيمي ونادي
حماةَ الدارِ من عشرينَ عاماً
تقضَّتْ فاتَنا يومُ التَّنادي
دعانا وعدُ بلفورٍ وثنّى
وثلّثَ صائحُ البلدِ المُذاد
ونادتْنا بألسِنَةٍ حِدادٍ
دِماءٌ في قرارةِ كلِّ وادي
ومَوجاتٌ من الكُرَبِ الشدادِ
تراوَحُ بانتقاصٍ وازدياد
فكنّا نسْتَنِيمُ إلى قُلوبٍ
قَدَدْناها من الصُّمَ الصِلاد
وكنّا نستجير إلى زعيمٍ
كلِيلِ السيفِ لمّاع النِّجاد
كَذوبِ الدَّمع يسمَنُ في الرَّزايا
ويَدْعَرُ وهو يَرْفُلُ في الحِداد
وكنا نمتطي مُهْرَ الطِراد
فِلَسْطيناً إلى يومِ اصطياد
وكانَتْ دَلْوَ نّهازين مدّوا
(1/17256)
________________________________________
بها واستنفدوا ملء المزاد
وَعَدْناها بثأرٍ مستقادِ
ومجدٍ قد أضَعنا مُسْتَعاد
بتصريحٍ وصاحبِه مفادِ
وتصريحٍ يَظَلُّ بلا مفاد
ومؤتمرٍ تعجَّلَ عاقدوه
ومؤتمرٍ سيؤذِنُ بانعقاد
حماةَ الدارِ ما النَّكساتُ سِرٌّ
ولا شيءٌ تَلفَّفَ في بِجَاد
ولا لُغْزٌ يَحارُ المرءُ فِيهِ
فَيَجهلُ ما سُداسٌ مِنْ أُحَاد
ولكِن مِثلَما وَضَحتْ ذُكاءٌ
ونَوَّرَ حاضِرٌ منها وبادي
فما ذَهبَتْ فِلَسطينٌ بسحر
ولا كُتِبَ الفناءُ بلا مِداد
ولا طاحَ البِناءُ بلا انحرافٍ
ولا بَنَتِ اليهودُ بلا عِماد
وما كنتْ فِلَسْطينٌ لِتَبقى
وجيرتُها يُصاحُ بها بَداد
وسِتُّ جِهاتِها أخذت بجوعٍ
وجهلٍ ، واحتقارٍ ، واضطهاد
شعوبٌ تستَرقُّ فما يُبَقّي
على أثرٍ لها ذُلُّ الصِّفاد
تُساطُ بها المواهِبُ والمزايا
وتُحتَجزُ العقائدُ والمبادي
وتَطْلُعُ بينَ آونةٍ وأُخرى
" بحجَّاج " يُزَيَّفُ أو " زياد "
فَيُذوي الخَوفُ منها كُلَّ خافٍ
ويُصمي الجَوْرُ منها كلَّ بادي
وتُنتَهَبُ البلادُ ومِنْ بَنيها
يَؤوبُ الناهبون إلى سِناد
وتَنطلِقُ المطامعُ كاشراتٍ
تُهدِّدُ ما تُلاقي بازدراد
وتَنطبِقُ السُّجونُ مُزمجراتٍ
على شبَهٍ ، وظَنٍّ ، واجتهاد
حُماةَ الدارِ ، ما ميدانُ حَربٍ
بأعنفَ من مَيادينِ اعتقاد
فَمثلُكُمُ من الأرواح جسمٌّ
تُقاسي الموتَ من عَنَتِ الجهاد
وأخلاقٌ تضيق بِمُغْرياتٍ
شدادٍ في خُصومَتها لِداد
تَكادُ تَطيحُ بالعَزماتِ لولا
رُجولَةُ قادرينَ على العِناد
رُجولةُ صائمينَ ولو أرادوا
لكانوا الطاعمينَ بأيّ زاد
ومَعركةٍ يَظَلُّ الحقُّ فيها
يُسالِمُ أو يُهادِنُ أو يُبادي
وميدانٍ وليس لنازليهِ
سوى الصَّبرِ المثلَّم من عَتاد
وكانتْ في السُّطوحِ مَزعزَعاتٍ
خُطوطٌ يرْتَسِمْنَ منَ الفَساد
فها هي فرطَ ما جَنَتِ الجواني
إلى عُمقٍ تَغَّورُ وامتداد
لقَد شبَّتْ عنِ الطَّوقِ المخازي
وكانَتْ بنتَ عامٍ في مِهاد
حُماةَ الدارِ ، لولا سُمُّ غاوِ
(1/17257)
________________________________________
أساغَ شَرابَه فَرطُ التمادي
وَلَوْغٌ في دم الخِلِّ المُصافي
فقل ما شِئتَ في الجنِفِ المُعادي
ولبَّاسٌ على خَتَلٍ وغَدْرٍ
ثيابَ الواقفينَ على الحِياد
وَخِبٌ لا يُريكَ متى يُواتي
فتأمنَ سرَّهُ ومتى يُصادي
تَطلّعُ اذ تَطلّعُ في رَخِيٍّ
وتَقرَعُ حين تَقرعُ في جَماد
ولولا نازلونَ على هواه
سُكارَى في المحبّةِ والوداد!
نَسُوْا - إلا نفوسَهُمُ - وهامُوا
غراماً حيثُ هامَ بكلِّ واد
أجرّهُمُ على ذَهبٍ ، فَجرّوا
فِلسطيناً على شوكِ القَتاد
وقادُوها له كَبْشَ افتداءٍ
صنيعَ الهاربينَ منَ التّفادي
لكنتم طِبَّ عِلَتِها ، وكانت
بكم تُحدَى على يدِ خيرِ حادي
حُماةَ الدارِ لم تَزَلِ اللّيالي
يُطوِّحُ رائحٌ منها بغادي
ولا تَنفكُّ داجيةٌ بأخرى
تَعثَّرُ لم يُنِرهْا هَدْيُ هادي
ولا تألو الضلالَةُ وهي سِقطٌ
تُكابرُ أنّها أمُّ الرَّشاد
حماةَ الدار كلُّ مَسِيلِ ظُلمٍ
وإن طالَ المدى فإلى نَفاد
وكلُ مُحتَشَّدٍ فإلى انِفِضاضٍ
وكلُ مُفرَّقٍ فإلى احتشاد
فصبراً ينكشِفُ ليلٌ عميٌ
وينَحسرِ البياضُ عن السواد
وتَتَضِحِ النفوسُ عن الخبايا
ويُفصِحُ مَنْ يُريدُ عن المراد
وتَندفِعِ الشعوبُ إلى محجٍّ
مُبينِ الرُشدِ موثوقِ السَّداد
وتُؤذنْ جذوةٌ إلى انْطِفاءٍ
يَؤولَ مآلُها أم لاتّقاد
ومهما كانتِ العُقبى فَلستُمْ
بمسؤولينَ عن غيبٍ مُراد
شعراء العراق والشام >> محمد مهدي الجواهري >> أطِل مكثاً ..
أطِل مكثاً ..
رقم القصيدة : 66895
-----------------------------------
عسى أنْ لا يطولَ بكَ الوُقوفُ
وأنْ يَعتَجَّل الزمنُ الرَّسيفُ
وأنْ ينجابَ عنكَ غُبارُ بُؤسٍ
يَضيقُ به مُحيَّاك الأسيف
أقِمْ كتِفَيْكَ لا يُثْقِلْكَ ذُلْ
ولا يشمَتْ بكَ القَصْرُ المُنيف
ولا يَقُلِ السَّريُّ هنا شقيٌّ
يَضيقُ بذُلِّ وَقْفَته الوصيف
تقدَّمْ إنَّ خلفَكَ راسفاتٍ
جماهيراً يضِجُّ بها الرَّصيف
صُفوفاً للسُجونِ بها تُعَبَّا
(1/17258)
________________________________________
إذا أزِفَتْ ، وتنتَظِمُ الصُفوف
وأجنِحةً وإن طُويَتْ ففيها
على الأجيالِ ، قادِمةً ، رفيف
أطِلْ مُكثاً فانَّكَ عن قريبٍ
ستَنْقُّصُ في الضَّحايا أو تُضيف
وطُفْ دَهْراً فقد كرَّتْ دهورٌ
على الدُّنيا ، وأحرارٌ تطوف
ولم يَبْرَحْ بحيثُ نزلتَ ضيفاً
يُنيخُ الرَّحْلَ حُرٌّ مستضيف
هُنا الرأيُ العنيدُ أقامَ سَدّاً
عليه البغيُ - والفِكرُ الحصيف
ولا تخجَلْ فحيثُ وقفتَ ظلَّتْ
إلى غاياتِها تقفُ الأُلوف
ومِنْ حيثُ احتُجزِتَ مشى طليقاً
يَهُّزُّ الكونَ جبارٌ عَصوف
وأولاْءِ الذينَ لهمْ وجوهٌ
تُحَبِّبُ ، أو تُعَطِّفُ ، أو تخيف
وأجفانٌ ترِفُّ على عُيونٍ
تغورُ كما تَغوَّرَتِ الكهوف
وأسمالٌ لهمْ منها فِراشٌ
يُلَمُّ بها الثَّرى ولَهُمْ شُفوف
همُ المتقّحِمون الدَّهْرَ بأساً
به مِن وقعِ أرجُلِهمْ وجيف
فلا يُخذَلْ بمظهرِكَ الأليفُ
ولا يَطْمَعْ بِرُفقتكَ " العريف "
أطِلْ مكثاً فسوفَ يُزاحُ ليلٌ
تَلُفّكَ منه والدُّنيا سُجوف
ومِنْ هذي الكُوى سيُطِلُّ فجرٌ
ضَحوكٌ يملأ الدُّنيا كَشوف
ولم تَزَلِ الدُّنى من ألفِ ألفٍ
يُصرِّفُ من أعنَّتها " الرَّغيف "
تمرَّغَتِ الخدودُ مُصَعَّراتٍ
به ، واستُرْغِمتْ منها الأنوف
وظلَّ ابنُ " المطاحِنِ " مشمَخِراً
عليه الهامُ من فَزعٍ عُكوف
يدورُ الفِكرُ جباراً عنيداً
بحيثُ يدورُ والقلَمُ الرَّهيف
يُقِضُّ مضاجعَ الباغينَ منه
لكلِّ منامةٍ طيفٌ يطوف
وأني عرَّسوا أسرى إليهم
يُطيلُ عذابَهمْ وجهٌ مُخيف
تَخافُ شُذاةَ غَضبَتهِ أُلوفٌ
وتستجدي مودَّتهُ ألوف
وتُستاقَ الجيوشُ مُسَخَّراتٍ
لها من خوفِ زحفتهِ زُحوف
وكم جرَتِ الدّماءُ ، لها هَديرٌ
على حبَّاتِه وبها نزيف
وكم ألوى بها هذا النَّحيفُ
وهذا المستبِدُّ بنا العنيف
سَلِ التأريخَ كم زخَرَتْ شُجونٌ
بدفَّته وكمْ شُحِنَتْ حُتوف
وكم غادى ربيعَ الفكرِ فيه
من النَّزَّعاتِ عابرةً خريف
وكمْ ألقى على حيٍّ نزيلٍ
غُبارَ كِفاحهِ حيُّ خَلوف
(1/17259)
________________________________________
وهلْ بالرَّغْمِ من هذا وهذا
تأبَّتْ منه ، دانيةً ، قُطوف
وهلْ دهرٌ أتى لمْ يَسْرِ فيه
يفيء ظِلالَهُ فِكرٌ وَريف
ولمْ تسحَبْ به الخطَرات ذيلاً
له في مسمعِ الدُّنيا حَفيف
أطِلْ مكثْاً إلى يومٍ تُوقّي
به كفَّيكَ ، أو تُلوى كُفوف
ودَعْ رُسْغَيهِما للقَيدِ نَهباً
لِنابَيه بلحمهِما صَريف
فمِنْ تأريخِكَ الألِقِ المدَّمى
تَبينُ بهذه النُقَطِ الحُروف
ومُلْكُ الدَّهرِ أنتَ بما توفّي
من الألمِ الذبيحِ وما تُعيف
ولَسْتَ مُخَّيراً في زمهريرٍ
تُشَتَي ، أو بجاحمةٍ تَصيف
ولا في أنْ يِمِسَّ ذويكَ ضُرٌّ
يَحيقُ بهمْ ومَظْلَمةٌ تَحيف
ولا آيِّ المصايرِ يحتويهمْ
وأيِّ نوىً تعاوَرهُمْ قَذوف
ولا أيِّ الجنينِ تُدِرُّ أمٌّ
رَءومٌ في مراضِعها رَءوف
ولا أيِّ الأكُفِّ بها تهاوى
ولا أيِّ السُمومِ لها تَديف
أطِل مكثاً فلمْ يَبْرَحْ أنيقٌ
رَشيقٌ في تأطّرهِ ظريف
يَتيهُ بحيثُ تَلتحِمُ الرَّزايا
عليكَ ، بحيثُ تَلْتَحِمُ السُقوف
مَشى فتعجَّبَ " الطاووسُ " منه
فقد ألوى بِمشيتهِ الزَّفيف
كأنْ لم تَضوِ إخوتَهُ سِياطٌ
ولمْ تَتحَدَّ أهلَهمُ الصُروف
بلى : وكأنَّ بُؤْسَهُمُ تليداً
له ولأهلهِ مَجْدٌ طَريف
أطِلْ مكثْاً إلى يومٍ تَلاقى
عليكَ بساحةِ الألمِ الصُفوف
أطِلْ مكثاً : وفاخِرْ أنْ خصماً
عَسوفاً خَصْمُهُ بغيٌ عسوف
ونَصِّبْ مِنْ جبينكَ فاللَّيالي
تُحاولُ ان تُخَوِّفَ مَنْ يُخيف
عسى أنْ لا يطولَ بكَ الوقوفُ
ومهما طالَ فالدُّنيا ظُروف
شعراء العراق والشام >> محمد مهدي الجواهري >> باريس...
باريس...
رقم القصيدة : 66896
-----------------------------------
تعاليتِ " باريسُ " ..أمَّ النضالْ
وأمَ الجمال.. وأمَّ النغم
تَذوَّبَ فوقَ الشِفاهِ الألَم
وسال الفؤادُ .. على كلِّ فم
تَضيعُ الحرارةُ بينَ الوصالْ
وبين التّنائي وبين الملال
كأنّكِ شمسُك بينَ الجبال
تغازلُ حين .. تلوحُ القِمَمْ
وتبدو الغيومُ لها .. من أمَم
(1/17260)
________________________________________
فَتخفى كما يتخفّى النَّدَم
تعاليتِ " باريسُ " .. كم تلعبينْ
وكمْ تُلهِمينَ .. وتَستلهِمين
وكمْ تُؤثرين .. وتستأثرين
تعاليتِ " باريسُ " .. كم تشتهين
تَصيحُ من الجوعِ منكِ العُيونْ
وتُطوَى على الحبِّ خُمصُ البُطون
وتَنسَيْنَ ما كان أو ما يكون
بما أنت في لُجِّهِ من فُتون
تعاليتِ " باريسُ " إنّ الجنون
جُنونَ العواطفِ ما تَصْنَعين
تعاليت ِ " باريسُ " .. إن السنينْ
بما تَعْلَمينَ .. وما تَجْهَلين
وما تستلذّينَ إذ تحلُمين
بوَقْع الشَّكاةِ .. ورَجعِ الأنين
ونثرِ الزُّهورِ على الفاتحين
وثلِّ العُروشِ .. وضَرْبِ الوتين
وما سنَّ " روسو " .. و " لامارتَين "
أناختْ طويلاً على عاتقَيْكِ
وألقتْ بريقاً على ناظريك
وهَدْهَدَتِ الموجَ من ناهديك
تعاليتِ " باريسُ " .. في وجنتيك
يلوحُ جميلاً .. دمُ الثائرين
جلَتْ منك " باريسُ " كفُّ الدهورْ
فُتوناً مُضَمَّخَةً بالعُطور
ودنيا تَفور .. بنارٍ ونور
بما يُتَّقى ويُرَجَّى تَمور
صراعٌ مريرٌ فُوَيْقَ الثُّغور
لنَوحِ الأسى .. وابتهالِ الحُبور
تَكادُ جِراحاتُكِ المُثخنَه
تُصفَّق منها .. كؤوسُ المُدامْ
ويبدو على حَجَرِ المدخَنَة
مواعيدُ حُبٍ .. وشكوى غَرام
تُخال نجاواكِ خلفَ السُّتورْ
لفرطِ الجوى .. قِصةً في سُطور
ويُوشِكُ ما اخْتَزَنَتْهُ .. الصُّدور
يرِفُّ على .. " لافتاتِ المرور "
تَكادُ الأحاسيسُ فوقَ الوجوهْ
تُشيعُ الهوى .. والرُّؤَى .. والمنى
وتُوشك مكبوتةً .. أن تَفوه
تَحِلُّ الذي يَعقِدُ .. ألألْسُنا
كأن طُيوفَ الخطايا .. تتوه
مُدىً .. ثم تحتضِنُ الأعينا
كأنكِ " باريسُ " كلُّ الدُّنا
بكلّ " الغموض" .. بكل السّنا
على كلِّ خَصْرٍ تلاقت يدانْ
ألانا مُثَقَّفَهُ فاستلان
وكل فمٍ حَشْوُه وردتان
هما الشفتانِ .. هما الجَمْرتان
أراقَ الزمانُ دماءَ الشباب
لِيَرْويهِما وهما يَلْهَثان
تَمَسّح خدٌّ بخدٍّ يلوبْ
من الحب في وجنتيهِ نُدوب
ولاح كما لاح فوقَ السُّهوب
(1/17261)
________________________________________
رؤَى شفقٍ في الوجوه الشحوب
كأنّي رأيت فؤاداً يذوب
على مثلِه بدمٍ يَقْطُرُ
وأمواجَ عاطفةٍ تزخر
بصدرَيْن كالبحرِ مستسلمَيْن
لِكَيْفَ تُريدُ رياحٌ ؟ وأيْن ؟
تعاليتِ " باريسُ " مِنْ فاتنهْ
يُدَغْدِغُ فيها النعيمُ العذابْ
يُزيح بأجوائِها الداكنه
شفيفُ السنا .. مِزقاً من سَحاب
تعاليتِ " باريسُ " مِنْ ماجنه!!
وما في مُجانتها ما يُعابْ
سوى أنّها في .. كؤوسِ الشراب
وجمرِ الشفاه .. وبردِ الرُّضاب
ترى كاذبَ العمرِ مثل الحبَاب
يخادع آونةً .. آونه
ويَنْسَلُّ كالعُهْر تحتَ الثياب
إلى الآنَ " باريسُ " .. في مسمعي
صدى مَرَحِ " العابثاتِ " الحسانْ
ولمحُ العُيونِ لها الشرَّعِ
وزحف الصحافِ .. وعزف " الكمان "
ومقهى تكوّرَ كالبُّعْبُع
تَماوَجُ جُدرانُه .. بالدُّخان
ومعتركٌ .. ببذيءِ الشجار
تصارخَ .. ثُمَّ انتهى بالحِوار
كما اسّاقطتْ بالحصاةِ الثِمار
وعاد " الشجار " .. لنجوى سرار
وَقَرَّ دمٌّ فار كالموقدِ
بمسح الشفاه .. وعصرِ اليد
ومات الذي خِيلَ .. لم يُولَد
وغودر " أمسِ " .. لمثوى غد
وفاحت عطورٌ .. من المضجعِ
تنَزّى لها قفَصُ الأضْلُع
ودبَّ الضِرامُ .. على الأذْرع
فراحت تَشابكُ ناراً بنارْ
وأزَّ الوقيدُ .. وسار القِطار
سجا الليلُ " باريسُ " سجوَ الحمام
تدلَّى " الجناحان " منهُ فنام
ولاحت كُوىً .. من خِلالِ الظّلام
ترِفُّ عليها .. ظِلالُ الغَرام
رفيفَ العواطفِ .. في المقلَتَيْن
وحام رهيباً عليها الغدُ
خليقاً بانجازَ .. ما يُوعَد
فمُدَّت .. إلى كلِّ بابٍ يد
فَأرْخَتْ ستاراً .. مِنَ الّكرياتْ
عذارى من النورِ .. مُسْتَحْيِيات
وراحت .. حنايا ضُلوعٍ تموجْ
بما لم تَمُجْ في الربيع المروج
وضمّت شَتاتَ النجومِ .. " البُروج "
فكلُّ " طَوالِعِها " أسعدُ
على الحبِّ تَنْزِلُ .. او تَصْعَد
ويحنو على " فَرْقدٍ " .. فَرْقَد
كأنَّ مَدارَهُما مَعْبَد
يناجي بهِ المرقدَ .. المرقد
نجومٌ بأحلامها شُرَّد
(1/17262)
________________________________________
فلا " الزاجُ " منها .. ولا المرصد
وثَمَّ بصيصُ ضياءٍ .. يلوحْ
ونفحةُ عطرٍ ذكىٍّ ..تَفوح
وصدرٌ يجئُ لصدرٍ يروح
وحاشيةٌ من غطاء السريرُ
واصداءُ نجوى كَسَحْب الحرير
ونهدانِ قاما على الشاطئينْ
يَمُدّانِ نحوَ غريقِ الغرام
يَدَيْنِ يُليحانِ بالبُرْعُّمَتين
تعاليتِ " باريسُ " كلُّ الدّروبْ
تَفايضُ مُفْعَمَةً بالقُبَلْ
تعلّمتِ كيفَ يَشُقُّ الغَزَل
طريقَ الحياةِ إذا أظلما
من اليأس والتاثَ فاستجهما
وكيفَ تحُد الشفاه الأملْ
إذا ما التوى بالمُنَى عُودُهُ
وحُلَّ من اليأسِ معقودُهُ
تعلّمتِ " باريسُ " : أنَّ الضَّجَرْ
إذا لم يُدَفْ .. بلذيذِ السَّمَر
ولحنِ الكؤوسِ .. وسَجْعِ الوَتَر
وما لم تغَصَّ بحُلوِ اللمى
شفاهٌ .. تعودُ لتشكو الظّما
وما لم يَجِدْ مِعْصَمٌ .. مِعْصَما
له في حِمىً مستباحٍ .. حِمَى
أمات الضميرَ .. ولاثَ الدما
ودب دبيبُ الرّدى .. في المُقَلْ
وجرّرَ عداوه .. حيثُ انتَقَل
تعلمتِ " باريسُ " .. كيف الملَل
إذا لم تُقَطَّرْ بكفٍ رفل
على سُمِّه .. قَطْرَةٌ من عسل
لِتَقْتُلَهُ بمزاجٍ .. قتل !
تعلّمتِ " باريسُ " .. كيفَ الفروضْ
تؤدَّى ... وكيف تُوَفَّى .. القروض
تعلّمت : كيف بوشمِ العضوض
على أذرعٍ بضّةٍ يُستدلْ
وكيف ... خُصيَلةُ شعرٍ تُسَل
إذا الشَّعُر عِيثَ به فانسَدل
بها عن " سبائكِ " تبرٍ بَدَل
وأن " حسيساً " كلفٍّ يُفل
لفرطِ الوَنَى .. أو لِفَرْطِ الجَذَل
ووجدٌ تناهى لأوجِ الغموضْ
لأوجِ الوضوحِ .. لأوجِ الوَجَل
فريضٌ .. ودنيا سواه نفَلْ
تعاليتِ " باريسُ " إنَّ الصباحْ
أطلَّ فألقى عليكِ الوِشاح
وضمَّكِ تحتَ خَضيبِ الجَناح
وألفاكِ غافيةً فاستراح
على صدرِكِ العَطِرِ النّاعِمِ
وأنفاسِ بُرْعُمِكِ الحالم
تعاليتِ " باريسُ " من نائم
كانَ الدنا كُلَّها نائمةْ
بمقلتهِ وبهِ حالمه
تعاليتِ " باريسُ " هلْ مِنْ مَزيدْ
على ما لَدَيَكِ وهل مِنْ جَديد
وماذا تركتِ لهذا الوجود
(1/17263)
________________________________________
إلى الموتِ يَرجِعُ أوْ للخُلود
وللكائناتِ سواء تُعيد
نماذجَ من حُسْنِكِ المستفيضْ
بماذا يعوِّضُها المستعيض
بماذا يعوض هذي الخدودْ
مزبرةٍ كغصونِ الوُرود
ومثقلة بثمارِ النُّهود
بهذي الوجوهِ .. بهذي العيونْ
بهذا الرُّواءِ .. بهذا البَريقْ
يفيض عليها شُواظ الحريق
كأنّكَ تَعرِفُ عُنْوانَها
ورافقتَ من قبلُ إنسانها
وأصبحتَ تَعْرِفُ ماذا يقولْ
كأنَ عواطفَهُ والميول
خيولٌ أُبيحَ لها أنْ تَجول
بحيثُ تشاءُ وميدانُها
صميمُ القلوبِ وصَفْوُ العقول
شعراء العراق والشام >> محمد مهدي الجواهري >> أنيتا...
أنيتا...
رقم القصيدة : 66897
-----------------------------------
أنّي وجدت " انيتَ " لاحَ يَهزني
طيفٌ لوجهك رائعُ القسماتِ
ألق " الجبين " أكاد أمسح سطحه!
بفمي ، وأنِشق عِطرَه بشذاتي
ومنوَّر " الشفتين " كادت فرجةٌ
ما بين تسدُ من حسراتي
وبحيثُ كنتُ تساقطَت عن جانبي
نظراتُ محترِسين من نظراتي !
نَهب العيون يُثيرها ويزيغها
إطراق أشعثَ زائغ اللفتات
متوزِّع الجنبات يَرقُب قادماً !
شقٌّ وآخرُ مال للطرقات
حسبي . وحسبك شقوةٌ ! وعبادةٌ !
أن ليس تفرُغُ منك كأسُ ! حياتي
شعراء العراق والشام >> محمد مهدي الجواهري >> شهرزاد...
شهرزاد...
رقم القصيدة : 66898
-----------------------------------
إنَّ وجهَ الدُجى "أنيتا " تجلَّى
عن صباحٍ مِن مُقلَتيكِ أطَلا
وكأنَّ النجومَ ألقَيْنَ ظِلا
في غديرٍ مُّرقرَقٍ ضَحْضاحِ
بينَ عينيكِ نُهبةً للرياح
وغياضُ المُروج أهدَتكِ طَلا
إن هذا الطيرَ البليلَ الجَناحِ
المُدوِّي على مُتونِ الرياحِ
والذي أزعجَ الدُّجى بصَباحِ
عبَّ في الليل من " ثُغورِ " الأقاح
رشفَةُ مجَّ عِطرَها وتولّى
حيثُ هذا الرأسُ الجميلُ تدلّى
والفِراشُ الذي به يتمَلّى
وبحيثُ أرتدَّتْ هباءً نَثيرا
تملأ النفسَ والفضاءَ عبيرا
خِصِلاتٌ مِن شَعرِكِ الذَهبيِّ
كنتِ فيهِ الثرىَّ أيَّ ثرِيِّ
(1/17264)
________________________________________
إسمعي ، إسمعي " أنيتا " فهنَّا
وهُنا ، صادِحٌ صَبا فتغنَّى
والطريق المهجورُ عادَ فرَنَّا
مِنْ جديدٍ ببعثِه يتهنَّى
فلقد دبَّتِ الحياةُ إليهِ
وتمشّى المعاوِدونَ عليه
إسمعي وقعَ رائِحينَ وغادي
وتَمَلَّيْ مِن الوُجودِ المُعاد
والقَطارَ المجَلَجلَ المُتهادي
في سُفوحٍ مُنسابَةٍ وَوِهادِ
إسمعي ، إسمعي " أنيتا " صَداهُ
تَجِدي عن صَدى الزّمانِ بديلا
وَتَرْينَ الدُّنيا تُجِدُّ رَحيلا
بالأمانيِّ غُدوةً وأصيلا
إنَّ وجهَ الدُجى " أنيتا " يُليحُ
والليالي في " شهرزَادَ " تَصيحُ
ههُنا ، ههُنا يَطيبُ الصَّبوحُ
حُلُمٌ رائِعٌ وطيفٌ لذيذُ
بهما اليومُ مِن غَدٍ يستعيذ
واللّيالي مِن اللّيالي تَلوذ
فطريدٌ مؤمَّل وأخيذ
حُلُمٌ رائعٌ كأن الخيالا
حينَ ضاقَت به الحياةُ مَجالا
مَلِّ أسفارَهُ فحطَّ الرِّحالا
ههُنا ، فهو عن سِواهُ صَدوفُ
وهو في أعيُنِ السُّقاةِ يَطوف
لِجِناحيهِ في الكؤوس رفيف
ورنينُ الأوتارِ منها حفيف
حَلُمٌ رائِعٌ وجوٌّ لطيفُ
والنَّدامَى على الكؤوسِ عُكوف
والأباريقُ نالَ منها النّزيف
غير أنَّا - ورُبَّ صفوٍ يُخيف -
ملكَ الذعرُ نفسَنا والفؤادا
ونسِينا حتى المُنى والمُرادا
وأبَحنْا للعاطِفاتِ القِيادا
أتُرى أنَّ هذه " الشهرَزادا "
ذكرَّتْنا أحلامُها " بغدادا " ؟
يا حبيبي ! وهذه الأطيافُ
عن قريبٍ بيقظةٍ ستْداف
وإلى مثلها انقضتْ ، ستُضاف
يا حبيبي ! وهذه الأعطاف
تتثنَّى على الكؤوسِ دَلالا
كلُّ عِطفِ ، لولا الحياءُ لسالا
سوفَ تنهدُّ بعدَ حينٍ كلالا
حينَ تستامُها الحياةُ النضالا
حينَ تَلقى ما لا تُطيقُ احتِمالا
يا حبيبي : وهذه النظَراتُ
في مُذابِ الفُتورِ مُنكسِرات
والوجوهُ الحيِيَّةُ الخَفِرات
والنفوسُ الفيّاضةُ الخيِّرات
والشِفاهُ النديَّةُ العَطِرات
والشُعورُ المسترسِلاتُ انسيابا
وجفونٌ تستثقِل الأهدابا
والأكُفُّ التي تذوبُ انجِذابا
كلُّ خِصرٍ بكلِّ كفٍّ يَلفُّ
وشِفاهٌ على شِفاهٍ تَرِفّ
(1/17265)
________________________________________
وقلوبٌ من صفوها تُستَشَفّ
كلُّ هذا ، وكلُّ ما غيرُ هذا
عن قليلٍ سيستطيرُ رُذاذا
فأفيقي فقد تَناهى المَطافُ
واستردَّتْ هِباتِها الألطاف
هاهُمُ العازِفونَ حولَكِ طافُوا
يستعيدونَ مِن صدى الأجيالِ
وحفيفِ الأحراشِ والأدغالِ
ما يَخالُون أنَّ في مُقلتيكِ
وارتجاجِ المُيول في وجنتيك
ونَثيرِ الجَديلِ عن جانِبيك
صِلةً بينه وبينَ الخَيالِ
لستُ ادري " أنيِتُ " كيف استحالا
وجهُكِ المستَظِلُّ بالأضواءِ
خافِتاتٍ كعاطفاتِ المُرائي
نغَماً سارِباً مع الأنغامِ
يا حبيبي ! وللنديم هُمومُ
يُقعِدُ " الكأسَ " ثِقلُها .. ويُقيم
يا حبيبي ! و " ليتَ .. " شيءٌ عَقيم
ليتَ أنَّ الحياةَ ظِلٌّ مُغيم
هكذا :
ليتَ أنَّ عَيشاً يدومُ
مثلَ هذا،
ليتَ " الشقاءَ " سَرابُ
يرتعي المرءُ ظِلَّه ويهاب
من بعيدٍ :
ليتَ " النعيمَ " شرابُ
كلما ألْهَبَ السَرابُ النّفوسا
نهلَتْ مِنهُ ، تستزيدُ الكؤوسا
ليتَ " دمعَ " الفجرِ الحزينِ الباكي
لفراقِ الدجى ، بعينِ الورودِ
وبذَوبِ الندى ، يعودُ فيرقا
ليتَ أنَّ " الظلامَ " برِتق فتقا
شقَّهُ الصبحُ في " الرُّبى " والسِّكاكِ
ليتَ أنَّ " الدُجى " يعودُ فيُسقى
من كؤوس الندمانِ ، والأقداحِ
ليت هذا الظلَّ الخفوقَ الجَناحِ
يرتمي فوقَها من المِصباحِ
مُشعِراً بانصرامِ حَبلٍ تبقَّى
من حبالِ الدُجى يعودُ فَيرقى
يا حبيبي راحَ " الظلامُ " يُداحُ
والأباريقُ ظِلّها ينزاح
عن مُغِذٍّ في سِيرِه ، وطليحِ
ومُباحٍ لحُكْمِها ومُبيح
و " ظِلالٌ " من الدمِ المسفوح!
بيد " الصُبحِ " في الفضاء الجريح !
راعِشاتٌ على الثرى ، والحُقولِ
وعلى الجدولِ الرتيبِ المَسيل
في مُرَيْجٍ أهدى الصَباحُ إليه
قُبلةً تَخْلَعُ الدلالَ عليه
وتهادى النّسيمُ بين يديه
مُتْعَباً ، ناعساً ، بليلاً ، كسولا !
لم يَجِدْ مثلَه الصباحُ رسولا
للِِقاء السنابلِ المُغْفياتِ
في دِثارٍ ضافٍ من الذِّكْرَيات؟
ولإيقاظِ تلكمُ " المُغرِيات " !
(1/17266)
________________________________________
من صبايا الحُقول ، والفتيات!
سالِكاً ذلكَ السّبيلَ الجميلا
في ثنايا الثّيابِ والطيَّاتِ !!
و " ظِلالٌ " من الغُيومِ الرِّقاق
فوق خُضْرِ الربى ، وبينَ السواقي
تتلاقى بمَوعدٍ للتلاقي !
بظلالٍ كأنّهُنَّ خيوطُ
يَتشابكنَ جَيْئَةً ، وَذهابا
من طيورِ تجمَّعت أسْرابا
يَتغازَلْنَ والصبا ، والضَّبابا
تتحدَّى قِناعَه وتُميطُ
يا حبيبي ، ورَغبتي ، ودليلي!
إنَّ لونَ الظلامِ حالَ فَحُولي !
والدّراري بعدَ الصراعِ الطويل
وسنا الفجرِ
ينحدِرْنَ فُلولا
وبناتُ النَعْشِ المُقِلِّ القتيلا
يتَذوَّبنَ حسرةً وعويلا
ويُجَرِّرْنَ من حِدادٍ ذيولا
مُسبَلاتِ على المجرِّ الذليلِ
يا حبيبي ! مالَ الزمانُ فميلي
وأميلي بموضعِ التّقبيل!
يا حبيبي : لم يبقَ لي من مآبِ
من لُباناتِ هذه الأطياب
و " الظلامِ " المزعزعِ الأطناب
ومُجاجاتِ عِطْرهِ المُنساب
غيرُ هذا " الليلِ! " الفسيحِ الرِحاب
بين جَفنيكِ حارَ والأهداب
إي وعَيْنَيْكِ والخيالِ الشَّرودِ
إي وهذا الغورِ السحيقِ البعيد
بين مُوقَيْكِ يَسبقُ الأبعادا
إي و " صحراءَ " صَحصَحٍ .. تتنادى
عندها من " عوالِمٍ " أصداءُ
إي ولمحٍ ..! من السّنا يتهادى
فتسيرُ الاطيافُ والأهواء
خلفَه :
إي وصامتٍ كالجليدِ
ومدوٍّ كقاصفاتٍ الرّعود
منهما :
إي وذلك " الانسانِ " !
هازئاً بالمَلاكِ ، والشيطانِ :
لامتدادُ الفضا ، وعنفُ الدياجي
وخِضَمٌ من بحرهِ العجّاج
دونَ هذا الطرفِ الكحيلِ الساجي
روعةً ، وانبساطةً واقتد
إي ، وعينيكِ حلفةً لا تُمار
شعراء العراق والشام >> محمد مهدي الجواهري >> ذكريات ....
ذكريات ....
رقم القصيدة : 66899
-----------------------------------
لا تمُرِّي " أنيتُ " طَيفاً ببالي
ما لِطيفٍ يسُمُ لحمي ومالي
أنا عندي مِن مُوحشاتِ الخَيالِ
الطيوفُ المُعرِّساتُ حِيالي
كذئابٍ مسعورةٍ وسَعالي
بل تَعالَيْ إلى يديَّ ، تعالِي
فهُما الآنَ يَحضنانِ الفِراشا
(1/17267)
________________________________________
خالياً منكِ يستفيضُ ارتعاشا
ههنا ، ههنا مكانُكِ أمسِ
ههنا ، مسَّ أمسِ رأسُكِ رأسي
ههنا أمسِ ، أمسِ ، ذوَّبتُ نفسي
في يبيسٍ من الشفاهِ الظّوامي
تتساقى مِن القلوبِ الدّوامي
أمسِ كنَّا هُنا هنا نتساقى
من كؤوس الهوى دِهاقاً وِفاقا
أمس كنَّا رُوحاً بروحٍ تَلاقى
ويداً تحتوي يداً ، وفُؤادا:
لأخيهِ يبثُّ نجوى ، وعينا :
تَرتعي أُختَها فكيفَ وأينا :
عادَ ما كانَ أمسِ منَّا طِباقا
وحشةً ، وارتِعاشةً ، وفِراقا
أمس ِ ، أمسِ ، التقت هُنا شَفَتانِ
كانتا من عجيبِ صُنع الزمانِ
ذوَّبَ الدهرُ من مزيج الأماني
فيهما ، كلَّ موحِشٍ ولطيفِ
وبليدٍ ، وحائرٍ ، وعصوفِ
أمسِ ، أمسِ ، التقت هنا شَفَتانِ
يستطيرانِ " وقدةً " واُوارا
ويسيلان في المراشِف نارا
ويُثيران من شَكاةِ الزمانِ
في لهاثِ الأنفاسِ مثلَ الدخان
وكأن العيونَ بُلهاً ، سكارى
من عثارِ اللهاثِ تُكسى غبارا
أمسِ ، راحتْ على الشفاهِ تدور
قُبُلاتٌ من قبلُ كانت أسارى
في شِعافِ الفؤادِ ، حَيرى ، تمورُ
وزوانٍ ! كأنهُنَّ العذارى
أمسِ ، رُدَّتْ إماؤها أحرارا
وأماطتْ عن الضّميرِ ! السّتارا
فبدا ذلك " الحِمارُ !! " الصغير
مثقلاً ، فوقه الخنا ، والفجور!
يأكُلُ الشهوةَ الفظيعةَ ..نارا
ويعُدُّ الصبرَ القبيحَ فخارا
ثُم يَطغى سعيرُها ويثورُ
فوقَ وجهٍ يَضوى ، وعَينٍ تغور
ثم يُلوى بِثقْلِهِ .. ويخور
أمسِ " نعٌ " بين الشفاه طَهورُ
غسَلَ الحِقدَ ، والخنا ، والعارا
ونهى ( الرجسَ ) أن يكون شعارا
أمسِ ، راحت على الشّفاهِ تدورُ
هَمَساتٌ تُصغي لهنَّ الدُهور
وبذيل " المجرِّ " منها عبير!
ههنا أمسِ ، كانَ خيطٌ يَرِقُّ
من نسيجِ الدُّجى ، وفجرٌ يشُقُّ
دربَه ، والنجومُ شِقٌّ وشِقُّ
ههنا أمسِ ، كانَ جَرسٌ يَدُقُّ
ضربَاتٍ سِتَّاً يرنُّ صداها
وتُفيقُ الدُّنيا على نجواها
أمسِ مدَّ الصباحُ كفَّاً فحلاً
من نجومِ السّماءِ عِقداً تحلَّى
بسناهُ الدُّجى ، وفرَّقَ شَملا
(1/17268)
________________________________________
أمسِ ، إلاّ نجماً دنا فتدَّلى
يُرغِمُ الشمسَ أن تَرى منهُ ظِلاّ
أمسِ ، هذا النجمُ الغريبُ أطلاَ
مِن على شُرفَةٍ نُطِلُّ عليها
ونُزَجِّي همسَ الشفاهِ إليها
أمسِ ، هذا النجمُ المنوَّرُ كانا
يَرتبي مِن ذُرى السماءِ مَكانا
أمسِ ، والانَ لا يزالُ عِيانا
وسيَرْتَدُّ بُكرةً وعشِيَّا
مائِلا ظِلُّه الخفوقُ لديّا
يملأُ النفسَ لوعةً وحنانا
كان في ظِلِّ غيمةٍ تتهرّى
ترتَديه طَوراً ، وطَوراً تعرَّى
ومشى " سانِحٌ " إليه ، ومرّا
" بارِحٌ " جنبَه ، وكانَ جَناحُ
يلتقي جنبَ آخرٍ ينزاحُ
عنهُ : في حينَ راحَ يبغي مَمَرَّا
بين هذا وذاكَ حتّى استقرّا
أفتدرِينَ أينَ ؟ تدرينَ أينا !!
فلقد كنتِ تَملئينَ العَينا
مِن جمالِ " الشُّجيرةِ " الورفاءِ
تتراءى كقُبّةٍ خَضراءِ
عن يمينِ الحَديقةِ الغنَّاء
بُرهةً ! ثُمَّ راحَ يمشي الهُوينا
والهُوينا ! حتى اضْمَحلَّ فغابا
وانطوى . ثم عادَ أمسِ فآبا
وتمشَّى فُويقَ ، ثُمَّ دُوَينا !
ورآنا - ولا نؤوبُ - انطوينا
ورأى غيرَنا يُجِدُّ مكانا
كانَ في أمسِ مَرْتَعاً لِهوانا
هكذا ، هكذا ، أردنا فكانا
فلنُخَلِّ القضا ! ونُعْفِ الزمانا
شعراء العراق والشام >> محمد مهدي الجواهري >> وداع...
وداع...
رقم القصيدة : 66900
-----------------------------------
"أنيتُ " نزَلنا بوادي السِباعْ
بوادٍ يُذيبُ حِديدَ الصِراع
يُعَيِّرُ فيه الجبانُ الشُجاع
" أنيتُ " لقد حانَ يومُ الوداع
إليَّ إليَّ حبيبي " أنيتْ "
إليَّ إليَّ بجيدٍ وليت
كأنَّ عُروقَهما النافِرات
خُطوطٌ مِن الكلِم الساحِرات
إليَّ بذاكَ الجبينِ الصَلِيتْ
تخافَقَ عنْ جانبيهِ الشَعَرْ
يبُثُّ إليَّ أريجَ الزَهَر
سيَعبِقُ في خاطري ما حيَيِتْ
ويُذكِرُني صَبوتي لو نَسيِت
إليَّ إليَّ حَبيبي " أنيتْ "
إليَّ إليَّ بذلكَ الذّراعْ
أبضَّ تفايَضُ مِنهُ الشُعاع
أطِلَّي عليَّ بهِ كالشِراع
فقد لَفحَتني سَمومُ العِراقْ
(1/17269)
________________________________________
فألهينَ مِنَّيَ جُرحَ الفِراق
إليَّ إليَّ به للعِناق
لغيرِ العِناقِ الذي تَعرِفينْ
بحيثُ يلُزُّ الوتينُ الوتين
عَشِيَّةَ أهتِفُ أو تهتِفين
لنجمِ القَضا ، ولسَهمِ القَدَرْ
وللمُستَقِرِّ بذاكَ المَقَرّ !!!
بأنْ لا يُميِّلَ هذا السَّفينْ
إلى حيثُ أرهَبُ ، أو تَرَهبين
إلى وَحَلٍ من دُموعٍ وطين
إليَّ بصدِركِ ذاكَ الخِضمّ
مِن العاطفاتِ العُجابِ الشِيَمّ
مِن العاصفاتِ بلحمٍ " وَدَمّ "
تُلَوِّنُ وجهَكِ في كلِّ آنْ
بما لم تُلَوَّنْ فُصولُ الزّمان
أحاسيسُ تُعرِبُ عن كلِّ شان
كأنَّ وُجوهاً عِداداً لديكِ
تَرِفُّ ظِلالاً على مُقلَتيك
كأنَّكِ تُلقِينَ من عاتِقيك
بتلكَ الظِلالِ القِباحِ الِلطافْ
وأشباحِهنَّ السِّمانِ العِجاف
عناءَ الضميرِ ، وثِقْلَ السِنين
وجهلَ المصيرِ ، ، وعِلْمَ اليقين :
بلُطفِ الحياةِ
وجُهدِ الظّنين :
بساعاتِها أنّ يروحَ الحِمامْ
إلى الصمتِ ، يدفعُها والظَلام
إليَّ إليَّ حبيبي " أنيتْ "
إليَّ بنبعِ الحياةِ المُميتْ
إليَّ بذاكَ النظيمِ الشّتيت
بثغركِ ذاكَ العبوسِ الطروبْ
يَرفُّ إذا ما علاهُ الشُّحوب
كأنِّيَ أقرأ " سِفرَ " الغُيوب
على شفَتيكِ ، و " سِرَّ " الخفايا
كأنِّيَ أسمعُ عتبَ الذَّنوب
عليكِ ، ووقعَ دبيبِ الرزايا
كأنِّيَ أشربُ كأسَ الخطايا
وسؤرَ دمٍ مُهدَرٍ مِن سِوايا
كأنّيَ أمضُغُ لحمَ الضّحايا
تناثَرُ مِن بينِ تلكَ الثّنايا
كأنَّ الزفيرَ بنفحِ الطُّيوبْ
إذا امتَزجا يَكشِفانِ النّوايا
ويَستصْرِخانِ أثيماً يتوبْ :
على ما تَجَرَّمهُ مِن منايا
إليَّ هواني ، إليَّ هوايا
إليَّ المُنى تُشتَرى بالمنايا
إليَّ إليَّ بتلك البقايا
مِن المُسأراتِ بتلكَ الجُيوبْ
إليَّ بصَفوِ النعيمِ المَشوب
بلَفح أُوارِ الجحيمِ الشَّبوب
إليَّ إليَّ أغيثي ظمايا
فقد نالَ مِن شفتيَّ اللُغوبْ
شعراء العراق والشام >> محمد مهدي الجواهري >> بَرمٌ بالشباب..!
بَرمٌ بالشباب..!
رقم القصيدة : 66901
(1/17270)
________________________________________
-----------------------------------
برِمْتُ بريَعانِ هذا الشبابِ
تخارَسَ في الفجرِ صدّاحُهُ
وجاء خِضَمَّ الحياةِ الرهيب
وكفَّ عن الجدفِ ملاَّحه
برمتُ فليتَ الرد ى عاصفٌ
بهذا الشباب فيجتاحه
أموتُ وجهدُ الحياةِ اللذيذ
تطوفُ بعينيَّ أشباحه
تُهدهِدُ روحيَ أمساؤه
وتُنعشُ نفسيَ أصباحه
أموتُ وبي ظمأ للشَّجا
تهُبُّ فتعصِفُ أرياحه
فماليْ وللعيشِ لا تُستثارُ
بنار التحرُّقِ أطماحه
وماليْ وللموتِ إن لم ترِفَّ
عليَّ من الحُزن أفراحه
سيُطربُني وقعُ زحفِ السنين
بسرِّ الحياةِ ، وعُمقِ القِدَمْ
وتفتحُ عينيَّ سُودُ الدياجي
يُنوِّر منها بريقُ الألم
ستُلهِبُني عاصفاتُ الرِّياح
فقد ملَّ سمعي وئيدَ النَّسم
أرى الموتَ نبعَ الحياةِ الجميلَ
إذا خَضَبته الليالي بدم
وعن وهَج الكأس كأسِ الوجود
تُترجِمُ عيناي سرَّ العدم
ألذُّ عناقَ ظِلالِ الحياةِ
تخالَطَ فيها سرورٌ بهم !
ولا أعرِفُ النومَ حتى ترِفَّ
على جانبيهِ نُسورُ الحُلُم
يُصافِقُ منها الجناحُ الجناحَ
وتُوشِكُ من زحمةٍ ترتَطِم
ولم أدر ما يقظةٌ لا تُثارُ
عواصفُها برهيب النَّغم !
شعراء العراق والشام >> محمد مهدي الجواهري >> هاشم الوترى
هاشم الوترى
رقم القصيدة : 66902
-----------------------------------
مجَّدْتُ فيكَ مَشاعِراً ومَواهبا
وقضيْتُ فَرضاً للنوابغِ واجِبا
بالمُبدعينَ " الخالقينَ " تنوَّرَتْ
شتَّى عوالمَ كُنَّ قبلُ خرائبا
شرفاً " عميدَ الدارِ " عليا رُتبةٍ
بُوِّئْتَها في الخالدين مراتبا
جازَتْكَ عَن تَعَبِ الفؤادِ ، فلم يكن
تعبُ الدماغ يَهُمُّ شهماً ناصبا
أعْطَتْكَها كفٌّ تضمُّ نقائصاً
تعيا العقولُ بحلِّها . وغرائبا
مُدَّتْ لرفعِ الأنضلينَ مَكانةً
وهوتْ لصفعِ الأعدلينَ مَطالبا !
ومضَتْ تُحرِّرُ ألفَ ألفِ مقالةٍ
في كيفَ يحترمونَ جيلاً واثبا
في حين تُرهِقُ بالتعنّتِ شاعراً
يَهدي مَواطنَهُ ، وتُزِهق كاتبا
" التَيْمِسيّونَ ! " الَّذين تناهبوا
(1/17271)
________________________________________
هذي البلاد حبائباً وأقاربا
والمغدِقونَ على " البياضِ " نعيمَهُمْ
حَضْنَ الطيورِ الرائماتِ زواغبا
يَستصرخونَ على الشّعُوب لُصوصَها
في حينَ يَحتجزونَ لِصّاً ساربا
ويُجَنِّبونَ الكلب وَخزةَ واخزٍ
ويجَهِّزُونَ على الجُموعِ معاطِبا
أُلاءِ " هاشمُ " مَنْ أروكَ بساعةٍ
يصحو الضميرُ بها ! ضميراً ثائبا
فاحمَدْهُمُ أن قد أقاموا جانباً
واذمُمْهُمُ أن قد أمالوا جانبا
وتحرَّسَّنْ أنْ يقتضوكَ ثوابَها !
وتوقَّ هذا " الصيرفيَّ " الحاسبا
لله درُّكَ أيُّ آسٍ مْنقذٍ
يُزجي إلى الداءِ الدواءَ كتائبا
سبعونَ عاماً جُلتَ في جَنَباتها
تبكي حريباً أو تُسامرُ واصبا
متحدَّياً حُكمَ الطباعَ ! ودافعاً
غَضَبَ السَّماءِ وللقضاءِ مُغالِبا!
تتلمَّسُ " النَّبَضاتِ " تجري إثرّها
خلَجاتُ وجهِكَ راغباً أو راهبا
ومُشارِفٍ ! نَسَجَ الهَلاكُ ثيابَهُ
ألْبْستَهُ ثوبَ الحياةِ مُجاذبا
ومكابدٍ كَرْبَ المماتِ شركتَهُ
- إذْ لم تَحِدْ منجىً - عناءاً كارِبا
ومحشَرجِ وقفَ الحِمامُ ببابهِ
فدفعتَهُ عنه فزُحزِحَ خائبا
كم رُحْتَ تُطلِعُ من نجومٍ تختفي
فينا وكم أعْلَيْتَ نجماً ثاقبا
هذا الشَّبابُ ومِن سَناكَ رفيفُهُ
مجدُ البلادِ بهِ يرفُّ ذوائبا
هذا الغِراسُ - وملُْ عينِكَ قرّةٌ
أنَّا قطفنا مِن جَناهُ أطايبا
هذا المَعينُ ، وقد أسلتَ نَميرَهُ
وجهُ الحياةِ به سيُصبْحُ عاشبا
هذي الاكُفُّ على الصدورِ نوازِلاً
مثلُ الغيوثِ على الزُّروغِ سواكبا
أوقفتَ للصَّرعى نهاراً دائبا
وسهِرْتَ ليلاً " نابِغيّاً " ناصبا
وحضَنْتَ هاتيكَ الأسِرَّةَ فوقَها
أُسْدٌ مُضَرَّجَةٌ تلوبُ لواغِبا
أرَجٌ من الذكرى يلفَّكَ عِطْرُهُ
ويَزيدُ جانبكَ المُوطَّد جانبا
ولأنتَ صُنْتَ الدارَ يومَ أباحها
باغٍ يُنازلُ في الكريهةِ طالبا
الْغَيُّ يُنْجِدُ بالرَصاصُ مُزَمْجِراً
والرّشدَ يَنجِدُ بالحجارةِ حاصبا
وَلأنتَ أثخَنْتَ الفؤادَ من الأسى
للمثُخَنينَ مِن الجراحِ تعاقُبا
(1/17272)
________________________________________
أعراسُ مملكةٍ تُزَفُّ لمجدِها
غُررُ الشَّبابِ إلى التُرابِ كواكبا
الحْاضنينَ جِراحَهَمْ وكأنَّهمْ
يتَحَضَّنونَ خرائداً وكواعبا
والصابرينَ الواهبينَ نُفوسَهُمْ
والمُخجِلينَ بها الكريمَ الواهبا
غُرَفُ الجنانِ تضوَعَتْ جنَباتُها
بصديدِ هاتيكَ الجراح لواهبا
وبحَشْرجاتِ الذاهبينَ مُثيرةً
للقادمينَ مواكباً فمواكبا
غادي الحيا تلك القبورَ وإنْ غدت
بالنَّاضحاتِ من الدّماءِ عواشبا
وتعهَّد الكَفَنَ الخصيبَ بمثلهِ
وطنٌ سيَبْعَثُ كلَّ يومٍ خاضبا
بغدادُ كانَ المجدُ عندَكِ قَيْنَةً
تلهو ، وعُوداً يَستحثُّ الضَّاربا
وزِقاقَ خَمْرٍ تستَجِدُّ مَساحبا
وهَشيمَ رَيْحانِ يُذَرَّى جانبا
والجسرُ تمنحُهُ العيونُ من المَها
في الناسِبينَ وشائجاً ومناسِبا
الحَمدُ للتأريخِ حينَ تحوَّلَتْ
تلكَ المَرافِهُ فاستَحَلْنَ مَتاعبا
الشِّعْرُ أصبحَ وهو لُعْبةُ لاعبٍ
إنْ لمَ يَسِلْ ضَرَماً وجَمْراً لاهبا
والكأسُ عادتْ كأسَ موتٍ ينتشي
زاهي الشبابِ بها ، ويمسحُ شاربا!
والجسرُ يفخرُ أنَّ فوقَ أديمهِ
جثثَ الضَّحايا قد تَرَكْنَ مساحبا!
وعلى بريقِ الموتُ رُحْنَ سوافراً
بيضٌ كواعبُ ، يندفعنَ عصائبا
حدِّثْ عميدَ الدارِ كيفِ تبدَّلَت
بُؤَراً ، قِبابٌ كُنَّ أمسِ مَحارِبا
كيف أستحالَ المجدُ عاراً يتَّقَى
والمكرُماتُ من الرّجالِ مَعايبا
ولم استباحَ " الوغدُ " حُرمةَ من سَقى
هذي الديارَ دماً زكِيّاً سارِبا
إيهٍ " عميدَ الدار " كلُّ لئيمةٍ
لابُدَّ - واجدةٌ لئيماً صاحبا
ولكلِّ " فاحشةِ " المَتاع دَميمةٍ
سُوقٌ تُتيحُ لها دَميماً راغبا
ولقد رأى المستعمِرونَ فرائساً
منَّا ، وألفَوْا كلبَ صيدٍ سائبا!
فتعهَّدوهُ ، فراحَ طوعَ بَنانِهمْ
يَبْرُونَ أنياباً له ومَخالبا
أعَرَفتَ مملكةً يُباحُ " شهيدُها "
للخائنينَ الخادمينَ أجانبا
مستأجَرِينَ يُخرِّبونَ دِيارَهُمْ
ويُكافئونَ على الخرابِ رواتبا
مُتَنمّرينَ يُنَصّبونَ صُدورهُمْ
(1/17273)
________________________________________
مِثْلَ السّباعِ ضَراوةً وتَكالُباً
حتى إذا جَدَّتْ وغىً وتضرَّمَتْ
نارٌ تلُفُّ أباعِداً وأقارِبا
لَزِموا جُحورَهُمُ وطارَ حليمُهُمْ
ذُعْراً ، وبُدِّلَتِ الأسودُ أرانبا
إيهٍ " عميدَ الدار " ! شكوى صاحبٍ
طفَحَتْ لواعجُهُ فناجى صاحبا
خُبِّرْتُ أنَّكَ لستَ تبرحُ سائلاً
عنّي ، تُناشدُ ذاهباً ، أو آيِبا
وتقولُ كيفَ يَظَلُّ " نجم " ساطعٌ
ملءُ العيونِ ، عن المحافل غائبا
الآنَ أُنبيكَ اليقينَ كما جلا
وضَحُ " الصَّباح " عن العيون غياهبا
فلقد سَكَتُّ مخاطِباً إذ لم أجِدْ
مَن يستحقُ صدى الشكاةِ مُخاطَباً
أُنبيكَ عن شرِّ الطّغامِ مَفاجراً
ومَفاخراً ، ومساعياً ومكاسبا
الشَّاربينَ دمَ الشَّبابِ لأنَّهُ
لو نالَ من دَمِهِمْ لكانَ الشَّاربا
والحاقدينَ على البلادِ لأنَّها
حقَرَتْهم حَقْرَ السَّليبِ السَّالبا
ولأنَّها أبداً تدوسُ أفاعياً
منهمْ تَمُجُ سمومَها .. وعقاربا
شَلَّتْ يدُ المستعمرينَ وفرضُها
هذي العُلوقَ على الدّماءِ ضرائبا
ألقى إليهمْ وِزْرَهُ فتحمَّلوا
أثقالَهُ حَمْلَ " الثيّابِ " مشاجبا
واذابَهُمْ في " المُوبقاتِ " فأصبحوا
منها فُجوراً في فجورٍ ذائباً
يتَمَهَّلُ الباغي عواقبَ بَغْيِهِ
وتراهُمُ يَستعجلونَ عواقبا
حتى كأنَّ مصايراً محتومةً
سُوداً تُنيلُهُمُ مُنىً ورَغائبا
قد قلتُ لِلشَّاكينَ أنَّ " عصابةً "
غصَبَتْ حقوقَ الأكثرينَ تَلاعُبا:
ليتَ " المواليَ " يغصبونَ بأمرِهِمْ
بل ليتَهم يترَسَّمونَ " الغاصبا "
فيُهادِنون شهامةً ورجولةً
ويُحاربونَ " عقائداً " ! ومذاهبا
أُنيبكَ عن شرِّ الطّغام نكايةً
بالمؤثرينَ ضميرَهمْ والواجبا
لقَدِ ابتُلُوا بي صاعقاً مُتَلهِّباً
وَقَد ابتُلِيتُ بهمْ جَهاماً كاذبا
حشَدوا عليَّ المُغرِياتِ مُسيلةً
صغراً لُعابُ الأرذلينَ رغائبا
بالكأسِ يَقْرَعُها نديمٌ مالثاً
بالوعدِ منها الحافَتَيْنَ وقاطبا
وبتلكُمُ الخَلَواتِ تُمْسَخُ عندَها
(1/17274)
________________________________________
تُلْعُ الرِّقابِ من الظّباءِ ثعالبا!!
وبأنْ أروحَ ضحىً وزيراً مثلَما
أصبحتُ عن أمْرٍ بليلٍ نائبا
ظنّاً بأنَّ يدي تُمَدُّ لتشتري
سقطَ المَّتاع ، وأنْ أبيعَ مواهبا
وبأنْ يروحَ وراءَ ظهريَ موطنٌ
أسمنتُ نحراً عندهَ وترائبا
حتى إذا عجَموا قناةً مُرَّةً
شوكاءَ ، تُدمي مَن أتاها حاطبا
واستيأسوُا منها ، ومن مُتخشِّبٍ
عَنتَاً كصِلِّ الرّملِ يَنْفُخ غاضبا
حُرّس يُحاسِبُ نفسَهُ أنْ تَرْعَوي
حتَّى يروحَ لمنْ سواه محاسِبا
ويحوزَ مدحَ الأكثرينَ مَفاخراً
ويحوزَ ذمَّ الأكثرينَ مثالبا !!
حتى إذا الجُنْديُّ شدَّ حِزامَهُ
ورأى الفضيلةً أنْ يظْلَّ مُحاربا
حَشدوا عليه الجُوعَ يَنْشِبُ نابَهُ
في جلدِ " أرقطِ " لا يُبالي ناشبا !
وعلى شُبولِ اللَّيثِ خرقُ نعالِهم!
أزكى من المُترهِّلين حقائبا
يتساءلونَ أينزِلونَ بلادَهم ؟
أمْ يقطعونَ فدافِداً وسباسبا؟
إنْ يعصِرِ المتحكِّمونَ دماءَهم
أو يغتدوا صُفْرَ الوجوه شواحبا
فالأرضُ تشهدُ أنَّها خُضِبَتْ دماً
منّي ، وكان أخو النعيم الخاضبا
ماذا يضرُّ الجوعُ ؟ مجدٌ شامخٌ
أنّي أظَلُّ مع الرعيَّة ساغبا
أنّي أظَلُّ مع الرعيَةِ مُرْهَقاً
أنّي أظَلُّ مع الرعيَّةِ لاغبا
يتبجَّحُونَ بأنَّ موجاً طاغياً
سَدُّوا عليهِ مَنافذاً ومَساربا
كَذِبوا فملءُ فمِ الزّمان قصائدي
أبداً تجوبُ مَشارقاً ومغاربا
تستَلُّ من أظفارِهم وتحطُّ من
أقدارِهمْ ، وتثلُّ مجداً كاذباً
أنا حتفُهم ألِجُ البيوتَ عليهم ُ
أُغري الوليدَ بشتمهمْ والحاجبا
خسئوا : فَلْمْ تَزَلِ الرّجولةُ حُرَّةً
تأبى لها غيرَ الأمائِلِ خاطبا
والأمثلونَ همُ السَّوادُ ، فديتُهمْ
بالأرذلينَ من الشُراةِ مَناصبا
بمُمَلِّكينَ الأجنبيَّ نفوسَهُمْ
ومُصَعِّدينَ على الجُموعِ مَناكبا
أعلِمتَ " هاشمُ " أيُّ وَقْدٍ جاحمٍ
هذا الأديمُ تَراهُ نِضواً شاحبا ؟
أنا ذا أمامَكَ ماثلاً متَجبِّراً
أطأ الطُغاة بشسعِ نعليَ عازبا
(1/17275)
________________________________________
وأمُطُّ من شفتيَّ هُزءاً أنْ أرى
عُفْرَ الجباهِ على الحياةِ تكالُبا
أرثي لحالِ مزخرَفينَ حَمائلاً
في حينَ هُمْ مُتَكَهِّمونَ مَضاربا
للهِ درُّ أبٍ يراني شاخصاً
للهاجراتِ ، لحُرّش وَجْهيَ ناصبا
أتبرَّضُ الماء الزُّلالَ . وغُنيتي
كِسَرُ الرَّغيفِ مَطاعماً ومَشاربا
أوْصى الظِّلالَ الخافقاتِ نسائماً
ألاَّ تُبرِّدَ من شَذاتي لاهبا
ودعا ظلامَ اللَّيلِ أنْ يختطَّ لي
بينَ النجومِ اللامعاتِ مَضاربا
ونهى طُيوفَ المُغرياتِ عرائساً
عنْ أنْ يعودَ لها كرايَ ملاعبا
لستُ الذي يُعطي الزمانَ قيادَه
ويروحُ عن نهجٍ تنهَّجَ ناكبا
آليتُ أقْتَحمَ الطُغاةَ مُصَرِّحاً
إذ لم أُعَوَّدْ أنْ أكونَ الرّائبا
وغرَسْتُ رجلي في سعير عَذابِهِمْ
وثَبَتُّ حيثُ أرى الدعيَّ الهاربا
وتركتُ للمشتفِّ من أسآرِهِمْ
أن يستمنَّ على الضّروعِ الحالبا
ولبينَ بينَ منافقِ متربِّصٍ
رعيَ الظروف ! مُواكباً ومُجانبا
يلِغُ الدّماءَ مع الوحوشِ نهارَه
ويعودُ في اللِّيل ! التَّقيَّ الراهبا
وتُسِيلُ أطماعُ الحياةِ لُعابَهُ
وتُشِبُّ منه سنامَهُ والغارِبا
عاشَ الحياةَ يصيدُ في مُتكدِّرٍ
منها ، ويخبِطُ في دُجاها حاطبا
حتى إذا زوَتِ المطامِعُ وجهَها
عنه ، وقطَّبَتِ اللُبانةُ حاجبا
ألقى بقارعةِ الطريقِ رداءَه
يَهدي المُضِلِّينَ الطريقَ اللاحِبا
خطَّانِ ما افترقا ، فامَّا خطَّةٌ
يلقى الكميُّ بها الطُغاة مُناصبا
الجوعُ يَرْصُدها .. وإمَّا حِطَّةٌ
تجترُّ منها طاعِماً أو شاربا
لابُدَّ " هاشمُ " والزَّمانُ كما ترى
يُجري مع الصَّفْوِ الزُّلالِ شوائبا
والفجرُ ينصُرُ لا محالةَ " ديكَهُ "
ويُطيرُ من ليلٍ " غراباً " ناعبا !
والأرضُ تَعْمُرُ بالشّعوبِ . فلن ترى
بُوماً مَشوماً يَستطيبُ خرائبا
والحالِمونَ سيَفْقَهون إذا انجلَتْ
هذي الطّيوفُ خوادعاً وكواذباً
لابُدَّ عائدةٌ إلى عُشَّاقِها
تلكَ العهودُ وإنْ حُسِبنَ ذواهبا
(1/17276)
________________________________________
شعراء العراق والشام >> محمد مهدي الجواهري >> أطبق دجى !
أطبق دجى !
رقم القصيدة : 66903
-----------------------------------
أطْبِقْ دُجى ، أطْبِقْ ضَبابُ
أطْبقْ جَهاماً يا سَحابُ
أطبق دخانُ من الضمير
مُحَرَّقاً أطبق ، عَذاب
أطبق دَمارُ على حُماةِ
دمارِهم ، أطبق تَباب
أطبق جَزاءُ على بُناةِ
قُبورِهم أطبق عِقاب
أطبق نعيبُ ، يُجِبْ صداكَ
البُومُ ، أطبق يا خَراب
أطبق على مُتَبلِّدينَ
شكا خُمولَهمُ الذُّباب
لم يَعرِفوا لونَ السماءِ
لِفَرْطِ ما انحنَت الرقاب
ولفرطِ ما دِيسَتْ رؤوسهمُ
كما دِيسَ التراب
أطبق على المِعزى يُرادُ
بها على الجوعِ احتِلاب
أطبق على هذي المُسوخ
تَعافُ عيشتَها الكلاب
في كلّ جارحةٍ يلوحُ
لجارحٍ ظُفرٌ وناب
يجري الصدِيدُ مِن الهوانِ
كأنه مِسكٌ مُلاب
أطبق على الدِيدانِ
ملَّتها فَيافيكَ الرِّحاب
أطبق على هذي الوجوه
كأنها صُوَرٌ كِذاب
المُخرَساتُ بها الغُضونُ
فلا سؤالَ ولا جواب
بُلهاً تدورُ بها العيونُ
كأنَّ صحصَحَها سَراب
ملَّ الفؤادُ من الضمير
وضجَّ بالرُّوح الإِهاب
أطبقْ على مُتفرقّينَ
يَزيدُ فُرْقَتَهم مُصاب
يتبجَّحونَ بأنّ إخوتَهم
يحُلُّ بهم عَذاب
ندِموا بأنْ طلبوا أقلَّ
حقوقهم يوماً فتابوا
وتأوَّبوا للذلِّ يأكل رُوحَهم
نِعْمَ المآب!
أطبق على هذي الكرُوشِ
يَمُطُّها شَحْمٌ مُذاب
مِن حولِها بقرٌ يَخورُ
وحولَه غَرثى سِغاب
أطبق إلى أنْ ينتهي
للخاطبينَ بكَ احتِطاب
أطبق على مُتنَفِّجينَ
كما تَنفَّجت العِياب
مستنوقِينَ ويزأرونَ
كأنهم أُسْدٌ غِلاب
يَزهوهمُ عَسَلٌ ويُلهيهم
عن العلياءِ صاب
يَمشي مِن الأمجاد
خَلْفَهُمُ بميسَرةٍ رِكاب
فاذا التقت حَلَقُ البِطانِ
وجدَّتِ النُوبُ الصِّعاب
خفَقَت ظِلالُهم وماعوا
مِن نُعومَتِهم فذابوا
ونَجَوا بأنفُسِهمْ وراحت
طُعمَةَ النارِ الصحاب
أطبق دُجى ، لا يَنْبَلِجْ
صُبْحٌ ولا يَخْفِقْ شِهاب
أطبق فتحتَ سماكَ
خَلقٌ في بصائرهِ مُصاب
(1/17277)
________________________________________
لا ينفتحْ - خوفاً عليه - !
مِن العمى للنور باب
أطبق إلى يومِ النشور
ويومَ يكتملُ النصاب
أطبق دُجى حتَّى يقئَ خُمولَ
أهلِ الغاب غاب
أطيق دُجى : حتى يَمَلَّ
من السوادِ بهِ الغُراب
أطيق دُجى : حتى يُحَلِّقَ
في سماواتٍ عُقاب
غضبانَ أنْ لم تحمِ أعشاشاً
لها طير غِضاب
أطبق دُجى : يَسْرَحْ
بظلّك ناعماً عار وعاب
من لونك الداجي رِياءٌ
وارتياعٌ وارتياب
يا عِصمةَ الجاني ويا
سرحاً تلوذُ به الذئاب
يا مَن مشتْ بدمائها
فيه الخناجرُ والحِراب
يا مَن يضِجُّ من الشرورِ
الماخراتِ به العُباب
يا مَن تَضيقُ من الهوام
الزاحفاتِ به الشعاب
كُن سِتْرَ مُجرمِةٍ تهاوَتْ
عن جريمتِها الثباب
أطبق : فأين تفِرُّ إنْ
تُسفرْ وينحدرِ النِقاب؟!
هذي الغَباوات الكريمةُ !
والجمودُ المُستطاب !
هذا النفاقُ تَرُبهُ
صُحُفٌ ويُسْمِنُه كِتاب!
أطبق دُجى ، حتى تجولَ
كأنها خيلٌ عراب
هذي المعرَّات الهِجانُ
لها لظُلمتِك انتساب
أطبق : فأنتَ لهذه السوءاتِ
- عاريةً - حجاب
أطبق : فأنت لهذه الأنيابِ
- مُشحذةً - قراب
أطبق : فأنت لهذه الآثامِ
شامخةً - شباب
أطبق : فأنت لصِبغةٍ منها إذا
نصَلَتْ خِضاب
كُنْ سِتْرَها لا يَنبلِجْ
صُبحٌ ولا يَخْفِقْ شهاب
أطبق دُجى : أطبق ضَباب
أطبق جَهاماً يا سحاب ُ
شعراء العراق والشام >> محمد مهدي الجواهري >> حنين ...
حنين ...
رقم القصيدة : 66904
-----------------------------------
أحِنُّ إلى شَبَحٍ يَلْمَحُ
بِعينَيَّ أطيافُه تَمْرَحُ
أرى الشَّمْسَ تُشْرِقُ من وجهِهِ
وما بينَ أثوابِه تجنح
رضيِّ السّماتِ ، كأنَّ الضَّمير
على وَجْهِهِ ألِقاً يَطْفَح
كأنَّ العبيرَ بأردانهِ
على كلِّ " خاطرةٍ " يَنْفح
كأنَّ بريقَ المُنى والهنا
بعينيهِ عن كوكبٍ يقدح
كأنَّ غديراً فُويقَ الجبينِ عن
ثقةٍ في " غدٍ" يَنْضَح
كأنَّ الغُضونَ على وَجْنَتيهِ
يكنُّ بها نغمٌّ مُفرِح
كأنَّ بهامتهِ منْبعَاً
من النُور ، أو جمرةً تجدح
(1/17278)
________________________________________
كأنَّ " فَنَاراً " على " كاهل "
يُنارُ بهِ عالَمٌ أفسح
وآخَرَ شُدَّتْ عليه يدٌ
فلا يَسْتَبينُ ! و لا تُفْتَح !
أحنُّ إليهِ بليغَ الصُمُوت
معانيهِ عَنْ نَفْسِها تُفْصِح
تَفايَضَ منهُ كموجِ الخِضمِّ
أو لحنِ ساجعةٍ تصدَح
جَمالٌ . وليسَ كهذا الجمال !
بما بهرَجَتْ زِينةٌ يُصْلَح
كأنَّ الدُّهورَ بأطماحِها
إلى خِلقةٍ مِثْلِهِ تَطْمَح
كأنَّ الأمورَ بمقياسهِ
تُقاسُ فتؤخذُ أو تُطرح
كأنَّ الوجوهَ على ضَوئهِ
نلوحُ فتَحْسُنُ أو تَقبح
يُداعِبُني إذ تَجِدُّ الخُطوبَ
فأمْزَحُ منها كما يَمْزَح
يُشَدُّ جَناني بعَزْماتهِ
ودمعي بِبَسْماتهِ يُمْسَح
ويُبْرِدُ نَفسي بأنفاسهِ
إذا لَفَّني عاصفٌ يَلْفَح
ويَطْرقُني كلَّما راودَتْ
ضميريَ فاحشةٌ ترشَح
وكِدْتُ أُطاحُ بإِغرائِها
فأحْدو ركائبَ مَنْ طُوِّحوا
فيمشي إليَّ وثِقْلُ الشُكوك
مُنيخٌ على النَفْسِ لا يَبْرَح
وقد أوشكَ الصَّبرُ أنْ يلتوي
ويَكسِرَهُ المُبْهِضُ المُتْرِح
وحينَ تكادُ شِغافُ الفؤاد
بِسِكّينِ مُطْمِعةٍ تُجْرَح
وإذْ يُركِبُ النَفْسَ حَدَّ الرَّدى
عِنانٌ من الشرِّ لا تُكبَح
وإذْ يعْصُرُ القلبَ حُبُّ الحياة!
وكأبوسُ حِرمانها المُفْدِح
فيرفعُ وجهي إلى وَجهِه
ويقرأُ فيه ويَسْتَوضِح
فأرجفُ رُعباً كأنَّ الحشا
تَخَطَّفَهُ أجدَلٌ أجدَح
وأفْهَمُ مِنْ نظرةٍ أنَّني
لشرٍّ فكَرْتُ بهِ أصْلُح !!
وأنَّ الضَّميرَ بغيٌّ يجيء
لها " الَّليلُ " ما " الصُّبْحُ " يَستقبِح
وأنْ ليسَ ذلكَ مِنْ دَيْدَنٍ
لِمَنْ هَمّهُ عالَمٌ أصْلَح
فأنهالُ لثماً على كفّهِ
وأسألُ عفواً وأسْتَصْفِح
أحِنُّ له : وكأنَّ الحياةَ
خضراءَ مِنْ دونه ، صَحْصَح
أحِنُّ له : وأحبُّ الكَرَى
لسانحةٍ منهُ قد تَسْنَح
أحِنُّ له : ليسَ يَقْوَى النَّعيمُ
وكُلُّ لذاذاتهِ مُرْبِح
ولا كلُّ ما نَهَزَ الناهِزون
من المُمتِعاتِ وما استَنْزَحوا
ولا كلُّ ما أمَّلَ الآمِلون
ولا مُخْفِقٌ منهُ ، أو مُنْجَح
(1/17279)
________________________________________
لِتَعْدلَ مِنْ ثَغْرهِ بسمةً
بها نَسْمةُ الخْلدِ تُسْتَرْوَح
فيا ليتني بعضُ أنفاسهِ
لأمْنَحَ مِنْهُنَّ ما يُمْنَح
ويا ليتني " ذرّةٌ " عندَه
لأسْبَحَ في فَلَكٍ يَسْبَح
أحنُّ إلى شبحٍ يلمحُ
بعيَنَّي أطيافُه تَمْرَح
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالرحمن العشماوي >> كاترينا
كاترينا
رقم القصيدة : 66905
-----------------------------------
أقبلتْ والشِّمال تلوي اليمينا
تخلط القادمين بالرَّاحلينا
أرسلتْ طرفَها ومدَّتْ خُطاها
تَطَأ الأَرض توقظ الغافلينا
كشفتْ رأسَها، فلم تُخْفِ وجْهاً
حين سارتْ ولم تُغطِّ الجبينا
مقلتاها تحدِّ ثانِ بسر
كان قبل المجيء سرَّاً دَفينا
شفتاها تُردِّدان حروفاً
وحديثاً عمَّا تُريد مُبينا
قَدَماها تُعلِّمان الفيافي
ما يُريها انطلاقَها ويُرينا
ساقت الموجَ والبحار وساقت
خَلْفها الرِّيح تَطرد الهاربينا
وأدارتْ في كلِّ شيءٍ رحاها
فأحالت ما واجهته طحينا
وأراقت عليه ماءً أُجاجاً
صنعتْ منه للفناءِ العَجينا
لا تبالي بما تقابل مهما
كان ضخماً وكان صلباً متينا
ملأتْ دربها الطويل ضحايا
وصراخاً وادمعاً وأنينا
كيف جاءت وأين تغدو وماذا
تبتغي هذه التي تجتوينا؟!
ما اسمُها؟ ضجَّت الأعاصيرُ لمَّا
سألوها، ورددتْ (كاترينا)
(كاترينا) أما ترون يديها
كيف هزَّتْ قلاعكم والحصونا؟!
أو ما تسمعون وقْع خُطاها
أَورَثَ العقل حيرةً وجنونا؟!
مالكم - ويلكم - وقفتم حيارى
وفغرتم أفواهكم واجمينا؟!
أنتم القوَّة العظيمة هيَّا
حطّموها، وأمّنوا الخائفينا
وجِّهوا نحوها أساطيل جوّ
واملؤوا البحر للدِّفاع سفينا
أمطروها بسائل الغاز حتى
تقتلوها قتلاً فظيعاً مُهينا
حرِّ قوها بناركم، مزِّقوها
كضحايا العراقِ حتى تَلينا
عندكم خبرة القتال، رأينا
في بلاد الأَفغانِ منها فُنونا
ورأينا العراق يجري دماءً
بعد أن صار في يديكم رهينا
(كاترينا) هيَّا اسمُلوا مقلتيها
بالمسامير، أَغمِدُوا السكِّينا
(1/17280)
________________________________________
عندكم خِبرَةُ السجون فهيَّا
أَسِكنُوها في (قونتنامو) السُّجونا
أجهزوا - أيها الصقور - عليها
قبل أن يَهزِمَ اليقينُ الظُّنونا
بادروها بجيشكم، واستعدُّوا
قد أتتكم (ريقا) بما تكرهونا
جَنْدِلُوا هذه وتلكَ سريعاً
أولستم بجيشكم قادرينا؟!
نحن - والله - لا نريد هلاكاً
للضحايا، ولا نريد فُتونا
غير أنا نقول قوْلَةَ حقّ
يصبح الظنُّ في مداها يقينا
يُمهل الله خلقَه ويُريهم
طُرُق الخير عَلَّهم يَسلكونا
جعل العفو واحةً وغصوناً
وارفاتٍ تظلِّل التائبينا
بابُه مُشرعٌ لكلِّ منيبٍ
بابُ خيرٍ يستوعب العالمينا
فإذا أسرف العباد وجاروا
وتمادوا وروَّعوا الآمنينا
قال: كُنْ، خالقُ العباد فكانتْ
لَمْحَةُ العينِ مُهلَةَ الظالمينا
يا ضحايا غرورهم وهواهم
كم ننادي غروركم فاسمعونا
اسمعونا فربما جاء يومٌ
مُثْقَلٌ يملأُ المسامع طينا
اخرجوا من مغارةِ الوهم إنَّا
لنراكم في ليلها غارقينا
احرسوا شعبكم بعدلٍ، وإلا
فعليكم أوزارُهم أجمعينا
ما دهاكم، أما كفى ما رأيتم
من ملايين شعبكم هائمينا؟!
لحظةٌ من إرادة الله دكَّتْ
ما بنيتم من القلاع سنينا
مَنْ رأى البحر هائجاً، وتمادَى
دوَّنتْه الأمواجُ في الهالكينا
شعراء مصر والسودان >> محمد عفيفي مطر >> الأرض القديمة
الأرض القديمة
رقم القصيدة : 66907
-----------------------------------
رأيتُها في صكوكِ الإرثِ مكتوبه
سِفْراً من الإنسان والإزميل
والحجرِ
رأيتُها من شقوق الصيفِ
مسكوبه
غاباتِ أيدٍ ترعرعُ في دم الشجرِ
وأَوْجُهاً من حميم الطمي مجلوبه
منسوجة بالفروع الخُضَر والثمرِ
وأعظُماً غالبتْ أكفانَها، انقلبتْ
فراشةً حمراءَ مخضوبه
بالنار والغيم والرَّهَج الدوّارِ في
السفرِ..
كانت صكوكُ الإرثِ مختومه
بخاتم ملتهبٍ وأحرفٍ مشويّه
وكان في أطرافها من سلّة الأيامْ
زخرفةٌ كوفيّه
وأَثَرُ القوافلِ المغبرَّةِ الأعلامْ
والزحمةُ التي تشبهُ عشَّ البومه
وطرّةُ السيّافِ والإمامْ
(1/17281)
________________________________________
والصرخةُ المكتومه !
حين تقصّفتْ أصابعي ويبستْ
مفاصلُ الراحلة الملعونه
وقفتُ في الصحراء تحت الشمسْ
أنتظرُ الطغراءَ والأوامرَ الميمونه
كي أستطيع الهمسْ .
وقفتُ في الصحراء واجماً مُقنَّعاً
أنظر جِلْدَ الأرضْ
مستبدلاً منتسخاً مرقَّعا
وكلما ثبّتتِ الشمسُ رماحَها
الحمراءَ في جمجمتي
قطعتُ رحلةَ الوقوفِ بالقراءه..
(أُخرج من غيابة العباءه
صحائفَ الإرثِ المقدّسه
وكلما تخرّقتْ سطورُها
بالأَرَضه
تهدّمتْ مدينةٌ على رؤوس
ساكنيها
أو سقطتْ تحت نعال الروم
قلعةٌ أو مملكه
أو زحفتْ حدودُنا وسوّرتْ
مواطىءَ الأقدامْ..).
لو أن هذي الشجره
لم تجدلِ الجذورَ للأعماقْ
لو أنها لم تطبخِ الضوءَ بجوفها
وتغزل الأوراقْ
لما تملّكتْ شبراً على مملكة
الصعوِد والهبوطْ
تمتدّ فيه أو تطرح ظلَّها المنقوشَ
بالزَّهَرْ..
أراكِ يا غزالةً بريّه
تنتظرينني خلال كلِّ جبلٍ بجوف
كل شجره
وتركضين في الغمامة المسافره
لو نبتتْ أصابعي المقصوفه
لكنتِ - يا غزالتي البريّه -
صبيّةً فتيّه
تمنحُني كعكتَها المقدّسه
وشالَها المهدودبَ المنقوطَ
بالسنابلِ الحمراءْ..
شعراء مصر والسودان >> محمد عفيفي مطر >> هذا الليل
هذا الليل
رقم القصيدة : 66908
-----------------------------------
هذا الليل يبدأ
دهر من الظلمات أم هي ليلة جمعت سواد
الكحل والقطران من رهج الفواجع في الدهور!
عيناك تحت عصابة عقدت وساخت في
عظام الرأس عقدتها،
وأنت مجندل - يا آخر الأسرى...
ولست بمفتدى..
فبلادك انعصفت وسيق هواؤها وترابها سبياً -
وهذا الليل يبدأ،
تحت جفنيك البلاد تكومت كرتين من ملح الصديد
الليل يبدأ
والشموس شظية البرق الذي يهوي إلى
عينيك من ملكوته العالي،
فتصرخ، لا تغاث بغير أن ينحل وجهك جيفة
تعلو روائحها فتعرف أن هذا الليل يبدأ،
لست تحصي من دقائقه سوى عشر استغاثات
لفجر ضائع تعلو بهن الريح جلجلة
لدمع الله في الآفاق..
هذا الليل يبدأ
فابتدئ موتا لحلمك وابتدع حلما لموتك
(1/17282)
________________________________________
أيها الجسد الصبور
الخوف أقسى ما تخاف.. ألم تقل؟!
فابدأ مقام الكشف للرهبوت
وانخل من رمادك، وانكشف عنك،
اصطف الآفاق مما يبدع الرخ الجسور..
--------------
27/3/1991
معتقل طرة / محمد عفيفي مطر
شعراء مصر والسودان >> محمد عفيفي مطر >> نداءات على الجدران
نداءات على الجدران
رقم القصيدة : 66909
-----------------------------------
نداءات على الجدران لم تقشرها الاظافر ولم يغسلها المطر
اختبىء ياقطاراً يهرول في الحلم،
صوتك يخلع ريش النشاز الملون، يسقط بين
الصدى والصدى، وتصنفره شفرات الأظافر،
يدخل أوركسترا الأسر.
فلتختبىء ياقطار يهرول في الحلم،
فالأرض مكشوفة المحطات مفتوحة تحت ضوء السفر
اختبىء فالإقامة مأهولة بوحوش القرابة
والألفة الناعمة.
.
جسد للعشيرة، اعضاؤه انفرطت
كالعناقيد في ورق الملصقات- الأفيشات- وهج
النيون المشاكس.
حط الظلام
فهل ينفر النهد تحت الأكف وتلتم رهط العناق
الصريح وهل يفتح الليل مضيفه للتخاصر
والجنس؟ هل تفلت الشهقات المقيمة في اللون، هل؟
.
تنفست حقائب الوطن، يالله،
هل يملك كل هذه الملابس الداخلية؟!
وبعثرها في الريح، فهل كل هذه الألوان من
شمس واحدة؟!
وغربت الشمس
فكل طريق صباح وكل صباح طريق.
.
العصافير تنسج اعشاشها في
حديد الشبابيك والارفف الخشبية في المكتبات
وفي الحافلات المليئة بالزحمة الضاحكة
والعصافير تنسج اعشاشها تحت ليل من
الشعر المستعار وفي خوذ الشهداء
واحذية الهاربين
.
أسرعوا اسرعوا.. فالبلاد القديمة
ركضت خلفكم، واكتبوا واكتبوا.. فالبلادالقديمة
قطعت شجر الأبجدية.
مطلع جاهلي يجيء
تطلع الشمس في الذاكرة
تحت ايقاعه يستضىء
وطن للخراب الطلولي،
نهر تجررّه الصرخة الغائرة.
.
صخب، وبلاد تجلجل في حجر السمع،
والرعد يزرع أعضاءه..
انتظروا.. تصهل الخيل في الأروقة ..
شعراء مصر والسودان >> محمد عفيفي مطر >> كنا معا..
كنا معا..
رقم القصيدة : 66910
(1/17283)
________________________________________
-----------------------------------
كنا معا.. بيني وبينك خطوتان
كنت صراخ اللحم تحت السوط حينما
يقطع ما توصله الأرحام
وشهقة الرفض إذا انقطعت مسافة الكلام
بالسيف أو شعائر الإعدام
كنت أحتاج الضوء والظلام
وثغرة تنفذ منها الريح
لليائسين من أرغفة الولاة والقضاة
والخائفين من ملاحقات العسس الليلي
أو وشاية الآذان في الجدران !!
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد على جنوني
أشهد على جنوني
رقم القصيدة : 66911
-----------------------------------
أفتتح الحب بك و الفرح
و أتوجك
في مملكة الذاكرة أميراً
يرفل في حرمانه ..
رعيته من العشاق و الأزهار و العصافير
و القواقع التي تغلي حياة سرية
داخل أصدافها القاسية البكماء
على شطآن حارة لبحار منسية ...
***
أفتتح الضوء بك
و أشهد بانهيارات أكواخ وطني ...
و شظايا زمني
و بليالي الغربة في فنادق القطارات
أشهد بالتشرد
و عزف المتوحدين في المحطات
أشهد بالقتل و الدمع الأسود بالكحل ...
اشهد بالبوم اللطيف و بحبري
و أوراقي و خواتمي و غيتاري
***
أشهد بالنوم على بركان
و بممحاة النسيان
أشهد بالبجع و الغزال و القارات و العناصر
أشهد بالعاصفة تطاردني
و بالشراسة المائية المعدنية الحجرية تحاصرني ..
***
أشهد بدمي و دمك و سلالات الأسرار
و مواقد العشاق في البراري
أشهد بالبحر
و النجوم في ليلة صحراوية صافية
أشهد بالشاي البارد في مطارات الوحشة
أشهد بكل ما أحببته أو كرهته
بكل ما طعنني و طعنته
أشهد أنني أحبك
***
أشهد بسكين البوصلة و ليلة الشمس
أشهد ب" نعم " و "لأ " و بالعودة الى التفاحة
أشهد بفجر القلب العاري و المرايا المكسورة
بوداعات مكهربة بعناق اللغم بمباهج السم ...
أشهد بنزوات مطلقة الصراح
حتى جنون الصحو
***
أشهد بالعصافير تطير من عينيك
الى قلبي
أشهد بقهوة الصباح معك
ذات فجر غابر في " الحي اللاتيني "
أشهد بالثلج
فوق تلة " مونتمارتر " و سلالمها
أشهد بأصابع الرسامين
(1/17284)
________________________________________
الملطخة بالأصباغ و النيكوتين
و هم يرسموننا معا في ساحة " التيرتر "
أشهد أنني أحببتك مرة .... و ما زلت ..
***
و اذا أنكرت حبي لك
تشهد أهدابي على نظرة عيني
المشتعلة حتى واحتك
و اذا تنصلت منك
تشهد يدي اليمنى على اليسرى
و أظافري على رسائل جنوني بك
و تشهد أنفاسي ضد رئتي ..
و تمضي دورتي الدموية عكس السير
ضد قلبي
و تشهد روحي ضد جسدي
و تشهد صورتي في مراياك
ضد وجهي ...
و تشهد الأقمار الطبيعية و الاصطناعية
ضد صوتي
***
و حتى يوم أهجرك - أو تهجرني -
لن أملك
الا التفاتة صبابة صوب زمنك ...
لأشهد أنني أحببتك مرة ... و ما زلت
....
26/9/1985
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد بأعمدة النسيان السبعة
أشهد بأعمدة النسيان السبعة
رقم القصيدة : 66912
-----------------------------------
فتحت باب الأمواج
و سبحت صوبك
و مررت بالمحيطات السبعة لأهوالك
المفروشة بجثث عرائس البحر الجميلات
اللواتي أحببنك قبلي ...
و حين وصلت الى جزيرتك
وجدتها سرابية و مكهربة ...
و تحول صوتي الى فقاعات ...
و جسدك الى أعشاب بحرية قاتمة
التفت حولي كقيد ..
***
فتحت باب التراب
و زحفت اليك في سراديب الحمى
عبر القارات السبع لبراكينك ...
فملأت حنجرتي المشتعلة حبا
برماد شهيتك
لإذلالي و امتلاكي ...
***
و باسم " الحب "
حاولت أن تحيط عنقي بشريط هاتف
و تربطني الى ساق السرير
ككلب صغير
يقطن الانتظار
و يهذ بذيله مرحبا بك باستمرار
***
و حين فتحت باب الفضاء
و هربت الى كوكب حريتي و صدقي
رميتني بالغرور
و اليوم أحمل غروري وردة صفراء
و أغرسها في شعري
ليضيء بها طيراني
الى أعمدة العبث السبعة
***
لكنني أعترف بصدق حزين :
لقد أحببتك حقا ذات يوم
ولولا عكاز الأبجدية لانكسرت أمامك !
.....
31/12/1985
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد على بصمات شاعر
أشهد على بصمات شاعر
رقم القصيدة : 66913
-----------------------------------
(1/17285)
________________________________________
حبيبي وقع لي ديوانه الشعري
ثم وقع البحر وقع الأفق
وقع الأشجار و الأزهار و العصافير...
وقع الشمس و القمر و قطات المطر
وقع الأرصفة و المقاهي و ضحكات الأطفال
وقع قلمي
ثم وقعني و مضى ...
***
حبيبي ترك بصماته على الليل
فولدت النجوم ...
***
أحدق في شجرة تركض
و سمكة تتجول على الرصيف
و سلحفاه تخلع صدفتها مهرولة كأرنب
و قطط تراقص الفئران بود و أمان
***
و ثعلب لطيف يدفىء عنق عجوز باريسية ثملة بذيله
لقد تبدل العالم قليلا
فهل يعني ذلك أنني عاشقة ؟...
....
1/12/1986
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد على عصيان
أشهد على عصيان
رقم القصيدة : 66914
-----------------------------------
أشهد على عصيان
.
... و لن أغفر لك
فقد تآمرت علي مع أعماقي ..
و منعت التجول في شوارع عمري..
و أعلنت الأحكام العرفية في شبكتي العصبية ...
و ها أنا أسيرتك !
أركض في دورتك الدموية مكبلة بالسلاسل
كجدتي الملكة زنوبيا في شوراع روما ...
***
... و لن أغفر لك
و سأعاقبك عقابا لن تنساه :
سأحبك ! ...
....
25/9/1985
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد أن زمنك سيأتي ...
أشهد أن زمنك سيأتي ...
رقم القصيدة : 66915
-----------------------------------
أسبح عكس التيار
خارج قطيع الأسماك المذعورة لأعود اليك ..
و ها أنا من جديد هناك
في بيروت المكنفة بفلاشات عدسات التصوير
و روائح احراق النفايات و الجثث
و ظلال الحرائق على أعمدة البكاء
كمدينة ضربها الطاعون
طالعة من أساطير اللعنة
و أكمام العصور المنقرضة ...
***
حتى النوافذ تنكرت لنا
و لم نعد نرى عبرها
و لكن يرانا المسلحون من الخارج بوضوح
و نحن نلملم أطراف الحذر
و نأوي كالجراذين الى أوكارنا في الدهاليز
حين يرفع القصف عقيرته بالنباح الأسود...
***
اقترفت خطيئة فتح نافذة للتجسس على الشمس
شاهدت الرجل المسلح يختال في الأرض مرحا
على جثث الشوارع الخاوية ...
ذراعه بندقية
(1/17286)
________________________________________
لم تعرف طلقاتها غير قلوب الأبرياء و الأطفال ...
شاهدت أوراق الأشجار تموت و تتساقط حين مر
و الأزهار تذبل فجأة
و الألوان تهرب من المرئيات
مثل صورة تلفزيونية ملونة
تستحيل بيضاء و سوداء ..
و العصافير تطلق صيحات الذعر
و هي تفر من دربه ...
و السيارات تنقلب على ظهرها
كالصراصير المعدنية الميتة ...
و المسلح يمشي
تتصاعد أبخرة الكبريت الخانقة من أنفاسه
الحوامض الكاوية تتفجر من موضع قدميه...
عند المنعطف التقى بالمسلح ضبع مخيف...
فانضم اليه بعدما تعانقا بحرارة...
أغلقت النافذة
أحصيت أعضائي..
تلمست بطاقة سفري...
***
ولم تعد الغابات ملعبنا و الشطآن الليلية
ها نحن محشوران داخل بكاء الأطفال في الملجأ
و الفئران تقرض أطرافنا و بطاقات هويتنا و أحلامنا...
و نحيب خافت لمشلولة يصم اذاننا كالقصف..
ولد صغير يسأل بالحاح مخبول كلما سقطت قذيفة
" ماذا يحدث " ؟
من يجرؤ على أن يقول له
أنهم يحاولون اقتسام الجوهرة المسروقة النادرة
منذ ثلاثة عشر عاما و يفشلون ؟...
من يجرؤ على أن يشهد عكس الريح ؟
***
عبثا يسطون على دفء القلب
اني أتذكر ...
أحارب الجدران بنوافذ الحلم ..
ذلك الصباح منذ ألف عام
وجدتك مرميا على الشاطىء أمامي
شهيا و دافئا كعشبة بحر استوائية
لكنني أعدتك الى الموج..
شكوت لي الملمس البارد لعرائس المحيطات
و أهديني مركبك
فصنعت من سرير عرس
عبثا يحوله ضباع الليل و دبابيره
الى تابوت ..
***
هذا ليس زمنك
أيها المرهف شفافية و عذوبة
هذا زمن اعدام العصافير
و الأطفال و الفراشات و النجوم ...
و أنت تدفق الحنان صوب كائنات الله كلها ...
هذا ليس زمنك
لكنني أشهد عكس الريح
على أن حبك وحده سيبقى
و أزهارك الربيعية اتية من ميتاتنا العديدة...
لتنمو كنباتات الأساطير
فوق القبور المنبوشة
و أشلاء المخطوفين..
و شفاه شققها الأنين...
و سأظل أحبك عكس الريح
ريثما يطلق الموت سراحي
......
26/10/1986
(1/17287)
________________________________________
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد بالحبّ
أشهد بالحبّ
رقم القصيدة : 66916
-----------------------------------
أشهد عكس الريح
على زمن عدواني عكس القلب...
و أشهد بالمحبة
على كوكب في مدارات الكراهية ...
و أقف بالرفض
أمام مستنقع الرمال المتحركة الشاسع
بين عدن و طنجة ...
و أعلن أن "لا"
لن نركع للبشاعة
و لن نرضى برؤية الحصان العربي الجميل
بعيدا عن براري الضوء
في اسطبل التدجين ...
أشهد عكس الريح
على زمن بشع
كوجه قواد عجوز عبثا تجمله أقلام التزوير
و أشهد بالحب
على أحزان الرماح المكسورة ...
.......
2/12/1986
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد بأصابع الأشجار
أشهد بأصابع الأشجار
رقم القصيدة : 66917
-----------------------------------
ها هو نهر الزمن يجرفك ...
و الأشجار تلوح
بأذرعها الشبحية الرياحية
"وداعا"مرسومة بالأخضر...
و العصافير تعول بمناقيرها المكسورة ...
و أنا أتامل المياه تغمر وجهك
الذي كان يوما منارتي ...
و لا أقول شيئا ...لكنني أتثائب
***
لقد ألفت هذا المشهد
و كنت أعرف منذ البداية
أنني وجدتك لأضيعك
و أحببتك لأفقدك
فقد التقينا مصادفة
و أنت ذاهب الى فرحتك بمجدك ...
و أنا راجعة من ضجري بكل ما يفرحك الآن ...
و كنا سهمين متعاكسي الاتجاه
و كان لا مفر من الوداع كما اللقاء ...
***
أودعك بغصة صغيرة ..
فلحظة عبر كل منا صاحبه
أضاءت الدنيا كلها لبرهة
كما البرق المفاجىء في سماء صيفية ...
و شاهدت حقيقتي الهشة ..
و حقيقتك الهزلية
و لكن أمطر الحب دفئا ...
و في الاعصار امتزجنا
و توهمت العناصر أن لا فراق لنا ...
جميل أننا التقينا
و مريح أننا افترقنا ...و دخلنا في التثاؤب...
.......
30/10/1985
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد بالهذيان
أشهد بالهذيان
رقم القصيدة : 66918
-----------------------------------
ضبطت نفسي متلبسة بحبك
مثل لصة صغيرة
تسرق رغيف حنان ..
***
(1/17288)
________________________________________
وسط موقد الحمى
رأيت جنوني بك يتلهب
و انتظاري لهبوب رياحك
لا ينتهي ..
***
ضبطت نفسي متلبسة بالهذيان
أمام الأقمار الاصطناعية
ووهم حضورك ..
بينما كنت أنت مشغولا
بقطف رأس امرأة أخرى ..
لم أشعر بالغيرة
بقدر ما وعيت عظمة حماقتي !
--------
21/1/1985
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> اشهد برجل على صهوة رسالة.
اشهد برجل على صهوة رسالة.
رقم القصيدة : 66919
-----------------------------------
ذلك الرجل
الذي استطاع اقتحام مملكتي
على صهوة رسالة .. أحببته...
***
خارق العذوبة و الكبرياء
نقاء صحاري طهرتها الشمس
طوال عصور من اللهيب ..
ايها القادم من مسقط رأس أجدادي
و مسقط قلبي ..
أطلق سراحي من حريتي ..
خذني اليك
أجهز علي بحبك ..
هل ترضى بأن تموت امرأة مثلي
بغير خنجر العشق المستحيل ..؟
***
اني أحرضك على قتلي ..
فليجلبوا حروفي بعد مصرعي
كأحد الشهود على براءتك
من هدر دمي
على أرصفة الغربة ...
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد بفرح عرفته
أشهد بفرح عرفته
رقم القصيدة : 66920
-----------------------------------
متوحشة و حزينة
مثل درب جبلية تفضي الى البحر
تشتعل الغابات على طرفيها
و يهب رمادها على ريعان الموج البعيد ...
متوحشة و حزينة غادرتك ..
ولست مدينا لي
بغير فرح عرفته معك ...
***
مرصودة لحزن كبير ؟
لم أجهل هذا في أي يوم ...
سأذهب وحيدة الى الليل الأخير ؟
كنت دوما موقنة من ذلك ...
سأمضي الى البحر كأنني ساستحم
لكنني وحدي أعرف أنني ذاهبة الى القاع
لأبحر وحيدة في المياه المظلمة
وسأقفز اليها من منارة القارات
المتوجة بالأضواء ...
بينما الموت يراودني عن نفسي ...
واستسلم لحبه
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد بالسفن الغاربة
أشهد بالسفن الغاربة
رقم القصيدة : 66921
-----------------------------------
لماذا كلما تذكرتك
اسمع صوت السفن الغاربة
عن شواطئ أحبتها
و هي تطلق صرخات الوداع
(1/17289)
________________________________________
مثل طيور استوائية
فاجأها اعصار الطوفان ...
هل يعني ذلك أنني .... أحبك .. ؟!!
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> اشهد بطوابع البريد
اشهد بطوابع البريد
رقم القصيدة : 66922
-----------------------------------
اتمزق شوقا الى سماع صوتك ...
الان
لا قبل عشر دقائق
و ربما ليس بعد ...
***
تطلع اليّ من أعماقي
مثل بركان عبثاً أطمر فوهته
و أسترها بالطحالب و الابتسامات
و طوابع البريد ...!!
***
توهمتني أحب باريس
ربما لأنني التقيتكما معاً ...
و الان و قد فقدتك
تجثم باريس على صدري
حجر قبر ...
أضواؤها و مسارحها و زينتها الساطعة
تتدلى
مثل مصباح مكسور فوق جبيني ....!!
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد على مخاوفي
أشهد على مخاوفي
رقم القصيدة : 66923
-----------------------------------
و لم أكن لأثق بك
اذا صافحتني
خشيت أن تسرق أصابعي ....
و اذا قبلتني
أحصيت عدد أسناني ....!!
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد برجل ليس لي
أشهد برجل ليس لي
رقم القصيدة : 66924
-----------------------------------
ألعن تلك اللحظة المباركة
حين اصطدم مركبي بجزيرتك
و تحطم
و أسعده حطامه
و عشق شطآنك .....!!
***
ألعن تلك اللحظة المباركة
و أنا أهرول كعادتي
في دروب مدينة ليست لي
لأحلم برجل ليس لي ....!
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد بلا ..
أشهد بلا ..
رقم القصيدة : 66925
-----------------------------------
أنه عالم غريب يا حبيبي
فخبئني داخل صدفة حبك
و أحكم اغلاقها علي
كي لا أرى حمامة السلام
و قد حملت رشاشا
و انطلقت تحصد رفاق الامس !!
لا أريد ... !
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد بالضوء والنار
أشهد بالضوء والنار
رقم القصيدة : 66926
-----------------------------------
لا تحزني من اجلي يا دمشق ....
لقد عرفت الضوء و الحب و الفرح
و انا أرحل من كوكب الى آخر ...
و من جرح الى آخر ....
(1/17290)
________________________________________
و من حريق الى زلزال الى انهيار
الى رحلة صيد في قاع البحار .....
***
احزني من اجل الذين يرحلون
من الولادة الى الموت
دون ملامسة الضوء مرة
أو النار ....!
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد بأجنحة نسائك
أشهد بأجنحة نسائك
رقم القصيدة : 66927
-----------------------------------
خلف جفون حبنا
أية أسرار تختبئ ...؟
أية ستائر تنسدل ..
لتخفي خياناتنا المتبادلة ...!
***
كفك المبسوطة التي أحبها ...
لكنني لن آكل عنها قمح الاحلام ....
فقد شاهدت أجنحة النساء
اللواتي عشقنك ..تذوب كالشمع
حين تلامس الحبات شفاههن ....
***
الدخول الى قلبي عسير يا سيدي
لأن الخروج منه مستحيل ....!
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد على حماقة جميلة
أشهد على حماقة جميلة
رقم القصيدة : 66928
-----------------------------------
كنت منفية الى حبك الطلسم
داخل الاختناق
و ها أنا اليوم
مطلقة السراح من وهم اسطورتك
كأية فراشة جشعة
تطارد أزهارها و شموسها ....
***
كان أطرف ما في حبي
لصورتك النجمية الموشومة في وهمي
أنه يمكن أن أمر بك في الشارع
و أراك ولا أعرفك
و أظل أبحث عنك
داخل صورتك في الصحف ...
و أناديك ....!
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد على شهريار
أشهد على شهريار
رقم القصيدة : 66929
-----------------------------------
أرتدي قناع الصمت ..
و عباءة الريح الغامضة ..
ووشاح شهرزاد ...
و أثرثر
كي لا أقول شيئا ...
***
شهريار لم يألف الحوار مع نسائه
الا عبر سيافه
و صدقي سيخيفك ...
***
لذا أحدثك ساعات
و كل ما كنت أود قوله
تكفيه ثانية وهاجة
كومضة برق
أهمس فيها بأسى :
أحبك أيها الشقي ...!!!
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد على شاعر آخر أحببته
أشهد على شاعر آخر أحببته
رقم القصيدة : 66930
-----------------------------------
منذ ألف عام ...
شاعر يموت في فندق بحري
و صبية تتسكع امام الباب
(1/17291)
________________________________________
على رصيف الاحلام تنتظر مركبا تجهله
سيرسو حاملا حبيبها المجهول
دون ان تحين منها التفاتة الى نافذة المحتضر ..
و مر الف عام
كبرت الصبية و صارت " انا "
و اكتشفت حين تعلمت القراءة جيدا
ان الشاعر الذي ابحر به الموت ذلك الزمان
كان الرجل الذي احبت
و كان اسمه بدر شاكر السياب
***
لقد وقع خطأ بسيط :
قرأت حروفه بعدما رحل به المركب
ووعيت انه الرجل الذي كنت انتظر
و لكن بعدما مضى !..
اهذا قدر الفنان ؟
خطأ صغير في التوقيت
مع القراء و الزمان ؟...
و هل سيبكيني حبيبي الحقيقي
على باب الفندق
و لكن بعد رحيلي على ذلك المركب
بعد ذلك بسنوات طويلة ..!
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد بنخلة عربية
أشهد بنخلة عربية
رقم القصيدة : 66931
-----------------------------------
حنجرتي محشوة برمال عصور
من صحاري الصمت
لكنني أصرخ رعدا : أحبك !
***
لا تخرج من دمي
طموحي اليك شاسع و متجدد
و مع حبك
القناعة كنز لا يفنى ...
***
حينما اسمع صوتك
اغادر به الجرح و السرداب و الحرب
لأعود الى اصولي جنية مباهج
و نغطي همساتنا بقناع الضحك
بينما يتجسس علينا
جواسيس الأقمار الاصطناعية ...
ثم يعلو المد و يفيض الوجد بحرا
فنصمت
لحظة صمت متوحشة الأشواق
كعناق صحراوي مشبوب
في ليل الدفء و الظلمة ...
***
لحظة صمت تعلو فيها حكايا الف ليلة و ليلة
و صرخات قيس و انتحاب ليلى
و هذيان كثير و عزة
و ضحكات الغدير و السراب و الواحة ...
لحظة صمت من الكهارب
و السيالات الروحية المتبادلة
و نتفاهم بما وراء اللغة
و الكمبيوتر " الجاسوس " المسكين
لا يلتقط من تلك الآكوان المشبوبة
و هو يرصدنا
غير لحظة صمت خاوية ...
***
أحببتك رجلا لكل النساء
للدورة الدموية لاجيال من العشاق
و سعدت بك فاشتعلت حبا
اغمر به حتى عابري السبيل
و كدت اتوه عنك
و اشرد من بين اصابعك ..الى غيوم الضوء ...
***
رحابتك تطلقني الى المدى
صباح الليل يا سيدي
و كل صباح لا يشرق صوتك فيه
(1/17292)
________________________________________
ليل منفى كئيب
يصير فيه الاسبوع
سبعة قرون ...
***
بين ثلوج الغربة
نمت بذرة حبك
فكانت نخلة عربية ...
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد برجل على صهوة رسالة
أشهد برجل على صهوة رسالة
رقم القصيدة : 66932
-----------------------------------
ذلك الرجل
الذي استطاع اقتحام مملكتي
على صهوة رسالة ...أحببته
***
خارق العذوبة و الكبرياء
نقاء صحاري طهرتها الشمس
طوال عصور من اللهيب
ايها القادم من مسقط راس اجدادي
و مسقط قلبي
اطلق سراحي من حريتي
خذني اليك
اجهز علي بحبك
هل ترضى بان تموت امراة مثلي
بغير خنجر العشق المستحيل
***
اني احرضك على قتلي
فليجلبوا حروفي بعد مصرعي
كأحد الشهود على برائتك
من هدر دمي
على ارصفة الغربة ...
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد على ضيف غريب الأطوار
أشهد على ضيف غريب الأطوار
رقم القصيدة : 66933
-----------------------------------
امام ذلك الصديق الصامت
تشاجرنا
قلت لي انني ابريق عتيق
و قلت لك انك جورب مثقوب ..رث كالزمن
و هو صامت ..
اكدت له انني كاذبة كقديسة
اكدت له انك بروليتاري مزور
كالانابيب الباهظة التلوين
في جدران " البوبور "
و هو صامت
***
و ضربتك بطابات التنس الصفر
فأهلت على رأسي كتبي ..و اورارقي ...
و حين طعنتني ببطاقة سفرك
لوحت لك بعلم النسيان و اللامبالاه ..
و هو صامت ..
***
و تناثر ريشي و ريشك في فضاء الغرفة
و انت تقسم بالليمون انك ستتفرغ لكراهيتي
و انا اقسم بالكحل على الكيد لك بالتعاويذ
و هو صامت ..
لعنت لك ....و شتمت ....و الافعى معا
ثم لا اذكر كيف ...تعانقنا فجأة
و تصالحنا و هو صامت
و رقصنا حتى مطلع الفجر
و غنينا احلى اناشيدنا في تمجيد التفاحة
و لم نكلم بعدها ذلك الصديق ابدا ...
***
جبنا غريب الاطوار
ممتلىء السرة بالرمل
كالطفل الناجي من قارة ابتلعها البحر للتو
مدهش
كضحكة عجوز قادمة من اعماق القلب ..
ناشز
(1/17293)
________________________________________
كقبعة رياش ملونة على رأس راهبة ...
قد اهمسك بفتور
او اكتبك بالجنون و الشوق خاتمة العشاق
او اناديك مقتولة بكراهيتي لك
و بحبي في آن
ثمة شيء من الهذيان بيننا
اغلق حبي على نسيانك
فتلود النوافذ المشرعة من الجدران
و تظل تركض ظلالك في عروقي
ركض النار في الغابات
و اكره و احب انسيابك المتوحش
في انهار شرايني و رمالي المتحركة ..
كأنك كائنات السر و الطحالب السأم معا
و لا شفاء منك الا بتلك الممحاه السحرية
الملقبة بالنسيان
و لكنها لا تباع الا في دكان الموت ..
فمن يشتري لي ؟
أم ان النسيان هو الهدية المستحيلة ؟...
***
حبك ضيف لا يطاق ..
يأتي حين لا اكون مستعدة لاستقباله ...
يدخل من النافذة و يحتل فراشي
يرفع قدميه الموحلتين فوق وسادتي الحريرية ...
ينفث دخان غليونه داخل رئتي
يرد على هاتفي و يطرد اصدقائي ..
يتناول دفتر مفكرتي
ليشطب ما يشاء من مواعيدي ...
***
يملي علي تسريحة شعري
ولون ثيابي و اقراطي
و نبرة ضحكتي و ايقاع مشيتي
و صابون حمامي و نبضي ...
يأمرني بشراء شمعة سوداء
ووردة حمراء
و يرمي باوراقي
كي ينضد احذيته في مكانها
و يفهمني منذ البداية
انه لن يقيم معي ابدا
لكنه يرفض اطلاعي على مواعيد طائراته
و جدول اعماله و بوصلاته السرية ...
اثور عليه و لكنه يرسم لي
جداول مواعيد نومي و صحوي ..
و يكتب لي احلامي التي ساراها و كوابيسي
استسلم منهكة
و اصير دمية بين يديه
و انهض ليلا و انا اهذي باسمه
فاجد النوافذ مشرعة
و جلالته رحل
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد على جنون مدينة
أشهد على جنون مدينة
رقم القصيدة : 66934
-----------------------------------
شاهدت امراة عمياء
تزين شجرة ميلاد
فتتدلى منها افاعي ...
***
شاهدت بابا نويل
يساق الى الجندية مرغما
و يعبئون جعبته بالمتفجرات ..
أي جنون يجتاح هذه المدينة ؟
***
شاهدت مسلحا مقنعا
يمزق زينات العيد ..
و يلصق اوراق النعوات
على الابواب كلها
(1/17294)
________________________________________
و يختم عيون الاطفال
بالشمع الاسود
و يأمرنا بأن نقبل سلاحه
و نلعق حذائه ..
و نتوجه ملكا في شوراع القمامة و الجثث..
أي جنون يجتاح هذه المدينة ؟...
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد فراشة ليلية
أشهد فراشة ليلية
رقم القصيدة : 66935
-----------------------------------
هذه السماء المعدنية الباريسية
تكاد تقددني
بردها انياب كلاب مسعورة
و شمسها بلا حنان
و انا ملاح يكاد ملح الغربة يحرقه
***
خذني بين ذراعيك يا وطني
قبل ان يفوت الاوان
لا لا تاخذني اليك
دعني اتابع اشتعالي
فقد اضيء قليلا
مثل فراشة ليلية
في حقولك اللامنسية
***
لا اريد ان اموت على رصيفك
ببلادة ورقة خريف مستسلمة
فارتكني احترق في وهج الغربة
و احتفظ بظلي على جدارك الصلد
تذكار حب !
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد بليل المحطات
أشهد بليل المحطات
رقم القصيدة : 66936
-----------------------------------
كنت افكر بعلاقة انسانية حقيقية
نحياها معا
في دهاليز احزاننا و خيباتنا
و نواجه بها الموت و الحزن و المجهول ...
و نتبادل خلع الاقنعة و الحب
في ليل المحطات الموحشة الماطرة
الملقبة بأيامنا ....
***
و كنت أنتتفكر بشيء اخر ...
و تخطط لاستعراض راقص
نقدمه للآخرين
على مسارح الفضول المتبادل و الثرثرة ...
***
.. و كنت أفكر بك توأما لعذابي ..
و كنت تجد اننا نصلح معا
لتكوين زوجي فكاهي استعراضي جديد..
***
كان حبي لك صادقا كالاحتضار
و كان حبك لي زبديا كالفقاعات ...
جئتك من باب الأعماق البحرية
فأخذتني الى كواليس الثرثرة الاستعراضية ..
***
اردتك السر
و اردتني النصر ...
مجرد نصر اضافي اخر
لشهريار المترع بالضجر ...
----
12/3/1985
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد أن حبك عيد
أشهد أن حبك عيد
رقم القصيدة : 66937
-----------------------------------
في أي غرف بيتك تقع صور حبيباتك
لأعلق لهن الأزهار و زينات العيد؟
(1/17295)
________________________________________
اعذرني ..حبي لك غير متحضر
يجهل الغيرة و شهية التملك ..
انه عفوي ..بدائي ..ساذج ..بسيط كالمطر
ينخرط في قبيلة عشقك
دونما طقوس و مراسيم
أو اوسمة او فواتير او دموع
***
افترشت الغربة و التحفت بحبك
فوجدتني في وطني
أي بركان جميل يرحب بي ؟
و عاصفة الألعاب النارية تغطي الكواكب
و أمد يدي لأقطف نجمة
و أكتشف معك
طائرا نسيته قبيلتنا منذ دهور اسمه الفرح ..
***
اسمك السر و حبك عيد
شارباك انفراجة ابتسامة الاجداد
ذراعاك ارجوحة نسيان
و داخل عينيك دروب أركض فيها الى الطفولة
و بحيرات كالمرايا أمشي فوق مياهها و لا أبتل
سعيدة لأننا نتحرك في مجرة واحدة
و لأنني مررت يوما بمدارك و لم أرتطم بكوكبك ..و أحترق
سعيدة لمجرد أنك موجود
و يكفينني أنني عرفتك... و أحببتك..
...و اعرف اسماء زوجاتك و محظياتك ..
.. و اعرف تضاريس عمرك الشرسة ووهاد مزاجك .. و أحبك
ما كان بوسعي ان احب سبورة ممسوحة
جديدة لا خدش فيها و لا طعنة ذكرى
***
أحبك لأنني عرفت معك شيئا جديدا غريبا عني
اسمه الفرح
كل اللذين احببتهم قبلك
صنعوا لي قفصا وسوطا و لجاما ..
و مقصا لأجنحتي و كمامة لأغاني الغجرية في أعماقي ..
فصار الهوى معتقلا و الحوار محاكمة
و علموني الحزن و القسوة و اللامبالاه
و الغدر و السخرية المصفرة ..
معك التقيت الشمس صافحت الضحك راقصت البراءة
و قدمت اوراق اعتمادي الى الشروق ..
و اكتشفت كم همسك الازرق جميل عند الفجر
***
لأن الحب حالة متحركة
لأن الحب ليس تدجينا للصدق و تزويرا للعمر
احبك كما انت داخل اطارك
و احب حكايا حبك لسواي
مباركة لحظات حنانك الشفاف و لحظات جنونك ...
مباركة عيون المراة التي ستحب بعدي
و التي أحببت قبلي ..
مباركة همساتكما معا ..
مبارك اشتعالك بالحب أيا كان الإناء !..
فأنا لن أفهم يوما
لماذا يجب ان يحولني الحب
الى مؤسسة مكرسة لتخريبك
و التجسس عليك
و شبكة ارهابية تحصي همساتك ..
لا أفهم لماذا يجعل الحب بعض العشاق
(1/17296)
________________________________________
اعداء لمخلوقات هذا الكوكب كله حتى الحبيب !!
***
أن احبك يعني ان اتصالح و القمر
و الاشجار و الفرح و العصافير
و العيد في وطني
ان احبك يعني انني اعلنت هدنة مع الحزن
و اعدت علاقاتي الدبلوماسية
و رقصة الليل في دمي ...
***
لا تعتب على صمتي فاللغة ( ديكور ) العواطف ..
و بعيدا عن وحل الكلمات
كبر حبي لك
زهرة مائية غامضة تتغذى بالليل و السكون ...
و ضوء القمر المتاجج فضة ..
و ثمار غابات العذوبة...
و تعال نكتشف معا ( وحدة قياسية ) للحب
غير التدمير المتبادل و جنون الامتلاك ..
***
حبك سعادة مقطرة ..أفراحك مباركة
في قلبي الذي يجهل رعونة الغيرة ...
وحده الموت يثير غيرتي اذا انفرد بك !..
***
أتمنى ان اكون ضوءا في اعماقك
و لا اشتهي تبديل تضاريس المصباح
فهل تقبل حبي ؟
و تمنحني تأشيرة دخول الى دورتك الدموية ؟
***
ابق كما انت ..عيدا
ستسعد بك النساء جميعا
بدل من أن تتعس امرأه واحدة !..
----------
1/8/1986
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أشهد بمركز الدائرة
أشهد بمركز الدائرة
رقم القصيدة : 66938
-----------------------------------
اهرول من بحر الى اخر و من طائرة الى قطار
و من رفيق الى اخر
اجمع في يدي الصغيرة مجوهرات الاحزان
ثم انثرها على الشاطىء الشاسع
و انا ارقص في مهرجان احبابي
اعبر المغاور المغطاه بازهار خرافية ووحشية الحمرة
تلتهم اللذين لم يدمغهم الحب
و اسبح في غدير تكسوه زنابق التنهدات الليلية
و اتقلب على الحرير و المخمل و الشهوات المستحيلة
و لكنني حين اصحوا
اجد نفسي وحيدة فوق ورقة بيضاء شاسعة
مثل قطرة حبر
سقطت سهوا من محبرة غامضة
***
في البدء كان حبك ؟ ...لا ....
في البدء كان الصمت الشفاف المتواطىء
في البدء كان الخريف الجارح العذوبة
في البدء كان الفراق ..ثم اخترعنا له حكاية
و سطرنا سيناريو الاشواق في دفتر الاوهام
في البدء كان الموت ..الموت
و عبثا حاربناه بالشعر و المواء الليلي المحموم
(1/17297)
________________________________________
و صندوق الفرجة و عقاقير التحنيط
***
ايتها المدينة الزئبقية
اقنعيني بانني كنت حقا
عشتك حقا
و زففتك الى النسيان
ايتها المدينة المستحيلة
امنحيني شهادة ولادة
كي اقدر على الموت
***
حبنا؟
كيف أمكن لمعجزة
ان تدوم طويلا هكذا
و ان تتكرر؟
**
منذ فقدتك استعدت صحوي
و صفاء الرؤيا
الحياة ؟
عضو ميت في جسد اثيري حي لا متناه
الحياة ؟
زحف مشلول صوب الضوء
بوضوح شاهدت الكرة الارضية
تنحسر من تحتي هاربة
حين جرؤت على رفع بقية الستارة
عن المسرح ...
***
ايها الاحمق المتوحش يا قلبي
متى تبتعد عن المرض الدائري الدواري
الملقب بالحب
و تمشي بخطى ثابتة
الى مركز الدائرة الملقب
بالموت ؟
-----
31/3/1985
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> هاتف ليلي
هاتف ليلي
رقم القصيدة : 66939
-----------------------------------
آه صوتك صوتك !
يأتيني مشحوناً بحنانك
وتتفجر الحياة حتى
في سماعة الهاتف القارسة.
آه صوتك صوتك !
_ ويتوقف المساء حابساً أنفاسه _
كيف تستطيع أسلاك الهاتف الرقيقة
أن تحمل كل قوافل الحب ومواكبه وأعياده
الساعية بيني وبينك
مع كل همسة شوق ؟!
كيف تحمل أسلاك الهاتف الدقيقة
هذا الزلزال كله
وطوفان الفرح وارتعاشات اللهفة
ومطر الهمس المضيء
المتساقط في هذه الأمسية النادرة ؟!
آه صوتك صوتك !
صوتك القادم من عصور الحب المنقرضة
صوتك نسمة النقاء والمحبة
في مدينة الثرثرة وأبواق السيارات الضحكة
والنكات الثقيلة كالأسنان الاصطناعية
مدينة بطاقات الدعوات إلى الحفلات
وورقات النعوة وشركات التأمين
مدينة المقاهي والتسكع والكلاب المرفهة وزيت الشعر
والتثاؤب والشتائم وحبوب منع الحمل
والسمك المتعفن على الشاطئ ...
آه صوتك صوتك !
صوتك الليلي الهامس طوق نجاة
في مستنقع الانهيار.
آه صوتك صوتك !
مسكون باللهفة كعناق
يعلقني بين الالتهاب والجنون على أسوار قلعة الليل...
وأعاني سكرات الحياة
وأنا افتقدك
وأعاني سكرات الحياة
وأنا أحبك أكثر.
(1/17298)
________________________________________
آه صوتك صوتك !
ترميه من سماعة الهاتف
على طرف ليلي الشتائي
مثل خيط من اللآليء
يقود إلى غابة ...
وأركض في الغابة
اعرف انك مختبئ خلف الأشجار
واسمع ضحكتك المتخابثة
وحين ألمس طرف وجهك
توقظني السماعة القارسة.
آه صوتك صوتك !
وأدخل من جديد مدار حبك
كيف تستطيع همساتك وحدها
ان تزرع تحت جلدي
ما لم تزرعه صرخات الرجال
الراكضين خلفي بمحاريثهم ؟!
آه صوتك صوتك !
وهذا الليل الشتائي
يصير شفافاً ورقيقاً
وفي الخارج خلف النافذة
لابد ان ضباباً مضيئاً
يتصاعد من زوايا العتمة
كما في قلبي
آه صوتك صوتك !
وكل ذلك الثراء والزخم الشاب
تطمرني به
وأشتهي أن أقطف لك
كلمات وكلمات من أشجار البلاغة
ولكن ...
كل الكلمات رثة
وحبك جديد جديد ...
الكلمات كأزياء نصف مهترئة
تخرج من صناديق اللغة المليئة بالعتق
وحبك نضر وشرس وشمسي
وعبثاً أدخل في عنقه
لجام الألفاظ المحددة !
آه صوتك صوتك !
يولد منك الفرد والضوء
والفراشات الملونة والطيور
داخل أمواج المساء الهارب
لقد احكمت على نفسي
إغلاق قوقعتي
فكيف تسلل صوتك الي
ودخل منقارك الذهبي
حتى نخاع عظامي ؟!
آه صوتك صوتك !
واتوق إلى احتضانك
لكنني مقيدة إلى كرسي الزمان والمكطان
بأسلاك هاتف
ومطعونة بسماعته !
آه صوتك صوتك !
وانصت إلى قلبي ...
يا للمعجزة : إنه يدق !
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> صباح الحب
صباح الحب
رقم القصيدة : 66940
-----------------------------------
وتنمو بيننا يا طفل الرياح
تلك الالفة الجائعة
وذلك الشعور الكثيف الحاد
الذي لا أجد له اسماً
ومن بعض أسمائه الحب
منذ عرفتك
عادت السعادة تقطنني
لمجرد اننا نقطن كوكباً واحداً وتشرق علينا شمس واحدة
راع انني عرفتك
وأسميتك الفرح الفرح
وكل صباح انهض من رمادي
واستيقظ على صوتي وأنا اقول لك :
صباح الحب أيها الفرح ،،،
ولأني أحب
صار كل ما ألمسه بيدي
يستحيل ضوءاً
ولأني أحبك
أحب رجال العالم كله
(1/17299)
________________________________________
وأحب أطفاله وأشجاره وبحاره وكائناته
وصياديه وأسماكه ومجرميه وجرحاه
وأصابع الأساتذة الملوثة بالطباشير
ونوافذ المستشفيات العارية من الستائر ...
لأني أحبك
عاد الجنون يسكنني
والفرح يشتعل
في قارات روحي المنطفئة
لأني أحبك
عادت الألوان إلى الدنيا
بعد أن كانت سوداء ورمادية
كالأفلام القديمة الصامتة والمهترئة ...
عاد الغناء إلى الحناجر والحقول
وعاد قلبي إلى الركض في الغابات
مغنياً ولاهثاً كغزال صغير متمرد ..
في شخصيتك ذات الأبعاد اللامتناهية
رجل جديد لكل يوم
ولي معك في كل يوم حب جديد
وباستمرار
أخونك معك
وأمارس لذة الخيانة بك.
كل شيء صار اسمك
صار صوتك
وحتى حينما أحاول الهرب منك
إلى براري النوم
ويتصادف أن يكون ساعدي
قرب أذني
أنصت لتكات ساعتي
فهي تردد اسمك
ثانية بثانية ..
ولم (أقع ) في الحب
لقد مشيت اليه بخطى ثابتة
مفتوحة العينين حتى أقصى مداهما
اني ( واقفة) في الحب
لا (واقعة) في الحب
أريدك
بكامل وعيي
( أو بما تبقى منه بعد أن عرفتك !)
قررت أن أحبك
فعل ارادة
لا فعل هزيمة
وها انا أجتاز نفسك المسيجة
بكل وعيي ( أو جنوني )
وأعرف سلفاً
في أي كوكب أضرم النار
وأية عاصفة أطلق من صندوق الآثام ...
وأتوق اليك
تضيع حدودي في حدودك
ونعوم معا فوق غيمة شفافة
وأناديك : يا أنا ...
وترحل داخل جسدي
كالألعاب النارية
وحين تمضي
أروح أحصي فوق جسدي
آثار لمساتك
وأعدها بفرح
كسارق يحصي غنائمه
مبارك كل جسد ضممته اليك
مباركة كل امرأة أحببتها قبلي
مباركة الشفاه التي قبلتها
والبطون التي حضنت أطفالك
مبارك كل ما تحلم به
وكل ما تنساه !
لأجلك
ينمو العشب في الجبال
لأجلك
تولد الأمواج
ويرتسم البحر على الأفق
لأجلك
يضحك الأطفال في كل القرى النائية
لأجلك
تتزين النساء
لأجلك
اخترعت القبلة !...
وأنهض من رمادي لأحبك !
كل صباح
أنهض من رمادي
لأحبك أحبك أحبك
وأصرخ في وجه شرطة
( كل الناس رجال شرطة حين يتعلق الأمر بنا)
أصرخ : صباح الحب
(1/17300)
________________________________________
صباح الحب أيها الفرح ،،،
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> لقد اخترقتني كالصاعقة
لقد اخترقتني كالصاعقة
رقم القصيدة : 66941
-----------------------------------
لا تصدق حين يقولون لك
أنك عمري
فقاعة صابون عابرة ...
لقد اخترقتني كصاعقة
وشطرتني نصفين
نصف يحبك ونصف يتعذب
لأجل النصف الذي يحبك
أقول لك نعم
وأقول لك لا
أقول لك تعال
وأقول لك اذهب
أقول لك لا ابالي
وأقولها كلها مرة واحدة في لحظة واحدة
وانت وحدك تفهم ذلك كله
ولا تجد فيه أي تناقض
وقلبك يتسع للنور والظلمة
ولكل أطياف الضوء والظل ...
لم يبق ثمة ما يقال
غير أحبك !!...
أنت
تركض كل لحظة فوق جبيني
مثل عقرب صغير أسود
آه السعني
اشتهي سمومك كلها
انزف ظلماتك داخلي
لأضيء ...
وحينما يأتيني صوتك
تمتلك جسدي رعدة خفية
كدت أنساها
آه صوتك صوتك صوتك
الهامس الحار
صوتك الشلال الذي يغسلني
وأنا اقف تحته
عارية من الماضي والمستقبل
وقد شرعت أبوابي
حتى آخرها ...
إدخل !!!
كالمخالب
تنشب كلماتك في ذاكرتي ...
كالسجناء
نلتقي وعيوننا معلقة على الزمن الهارب
_ العائم مثل طائرة ورقية
يلهو بها طفل لا مبال _
كشجرة لبلاب جهنمية
تنمو أيامنا حول أعصابي ...
وتأتيني يا حبيبي تطالعني
مهيباً لا يقاوم كسمكة القرش
وأبحث بنفسي عن أسنانك
كي أوسدها قلبي
وأنام بطمأنينة الأطفال ... والمحتضرين ..
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> ذكرى لمساتنا المسروقة
ذكرى لمساتنا المسروقة
رقم القصيدة : 66942
-----------------------------------
أمتلك
ذكرى لمساتنا المسروقة
كأني ورثت مجرة ...
اتأمل كواكبها
وانصب خيمة الشوق
بين مداراتها .. وانتظرك
لا تقل لي بعد اليوم
أنني أعبث بك
كما القطة تعبث بفأر حميم
تشتهي تعذيبه
اكثر مما يمتعها قتله ...
ألا ترى معي
أن كلينا فريسة
والحياة هي القط الأسود الكبير
الذي قرر أن يلهو بنا
والقدر هو الشرك
الذي يتهددنا
وما دام لا محالة
فلنستمتع بسقوطنا !
(1/17301)
________________________________________
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> حواسي النائمة
حواسي النائمة
رقم القصيدة : 66943
-----------------------------------
أيقظت حواسي النائمة
وأنعشت حماسي الممطر ضجراً
وأعدت إلي الضحك
الذي عدوت خلفه طويلا في دروب العالم
ومنذ عرفتك
لم تمر لحظة لم أهتف بها باسمك
كما اتنفس
ولم تمر دقيقة لم أكن فيها ملتهبة حماسا وعملا
حتى كدت لا أجد وقتا لك
انت يا نهر الفرح
جرفتني
خذني إلى قاعك
دعني أغرق اليك ! ...
يقول غراهام غرين :
ان الفشل شكل من أشكال الموت
أقول له :
ولكن الفراق هو الموت ...
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> هاجسي
هاجسي
رقم القصيدة : 66944
-----------------------------------
صرت هاجسي
اكتب عنك ولك
كي استحضرك
كساحرة محنية على قدرها
تخرج منه رأس حبيبها المقطوع
بك
اغادر تلك البئر السحيقة المعتمة
التي اقطنها
كن جناحي
لاطير من جديد
إلى الشمس والفرح ...
وصدرك
انها لنعمة انني أحيا
فقط لأكون قادرة على ان أحبك
ومن المؤسف ان اموت
وأنا قادرة على هذا الحب كله !
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أتذكر أيامي معك
أتذكر أيامي معك
رقم القصيدة : 66945
-----------------------------------
أتذكر أيامي معك
كمن يرى الأشياء عبر نافذة قطار مسرع :
نائية وجميلة
والقبض عليها مستحيل
من وقت إلى أخر
فلنعد أطفالا
ولنحزن بلا كبرياء زائف
يوم احتضر
سافكر بتلك اللحظة المضيئة
حين وقفنا في الظلمة
على شرفة القرار
وقلت لي بحقد : أحبك
سأتذكر صوتك
وسيجيء الموت عذبا
ويضمني كرحم الفرح المنسي
وسأهمس بحقد مشابه :
آه كم أحببتك !
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> و اعطنا حبنا كفاف يومنا
و اعطنا حبنا كفاف يومنا
رقم القصيدة : 66946
-----------------------------------
حين أفكر بفراقنا المحتوم
" يبكي البكاء طويلا ويشهق بالحسرة"
بالحسرة بالحسرة بالحسرة ،،،
أية قوة جهنمية تشدني اليك
(1/17302)
________________________________________
وأرفض التصديق انها تنبع من خارجي
وأرفض أن يقال
انه القدر يرميني اليك ...
أنا أنقذف نحوك
كوكبي يرتطم بكوكبك
أنا اخترتك
أنا ؟
أم انني لست حرة حقاً
وخيوط لا مرئية تعبث بقدري وقدرك
وبعد أن كان قطار حياة كل منا
يمضي بهدوء على سكته
تتقاطع السكك فجأة
ونرى بوضوح
أنه لا مفر من لحظة الاصطدام
والانفجار والاحتراق والدمار
وربما دمار من حولنا
ولكن
أحبك !!
لا تحدثني عن البارحة
ولا تسلني عن الغد
وربنا أعطنا حبنا كفاف يومنا
وقل لريح الفرح أن تعصف بنا
ولصواعقه أن تضربنا
دون أن تقتلنا ..
واعطنا حبنا كفاف يومنا
وكل صباح هو يوم جديد
وليس في حبنا مسلمات ولا تقاليد
وكل يوم تختارني وحدي من بين نساء العالم
وآخذك من بين رجاله
وكل يوم تاريخ مستقل بذاته
وكل ما تملكه مني ومن نفسك
هو " اللحظة "
فلنغزها بكل حواسنا
لأن الفراق واقف خلف الباب
ويد الحزن ستقرعه ذات ليلة
سنسمعه حزينا ومهيمنا كجرس كنيسة
وستدوي أصداؤه في أرجاء روحنا المكسورة ..
مادام الفراق
ضيفنا الثقيل الذي لا مفر من حلوله
تعال
ولننس كل شيء عن كل شيء
إلا " اللحظة " ... وأنا وأنت ،،،
أيها الشفاف النابض
كلهب شمعة ...
إرم من يدك قبضة خنجرك
وخذ بيدي ..
ومد جسورك إلى لحظتي
وقل لأحلام الحب الأزلي
لا نريد غداً ولا رشاوي مستقبلية ..
نحن سكان مدن الريح والموج
كل منا جسده مدينته ...
وليحتلني جرحك
ولتنحدر دموعك من عيوني ..
إلى داخل شرايينك هاجرت
واستوطنت تحت جلدك
وصار نبضك ضربات قلبي
ولم أعد أميز بين الخيط الأبيض والأسود !
وكان جسدك بحراً
وكنت سمكة ضالة ...
ولم أكن لأعبث بك
فأنا أعرف أن من يلعب بالحب
هو كمن يلعب التنس بقنبلة يدوية ! ..
ثمينة هي لحظاتنا
كل لحظة تمضي هي شيء فريد
لن يتكرر أبداً أبداً
فأنت لن تكون قط كما كنت في أية لحظة سابقة
ولا أنا ..
كل لحظة هي بصمة أصبع
لا تتكرر ...
كل لحطة هي كائن نادر وكالحياة
يستحيل استحضاره مرتين ...
(1/17303)
________________________________________
أحد مثلي يستمتع بالحب
لأنه لا أحد مثلي يعرف معنى العذاب
لقد مررت بمدينة الجنون
وأقمت بمدينة الغربة
وامتلكتني مدينة الرعب زمناً
واستطعت أن اغادرها كلها من جديد
إلى مدينة الحياة اليومية المعافاة ..
ولكنني خلفت جزءاً مني
في كل مدينة مررت بها
وحملت جزءاً منها في ذاتي
وأنت كلما احتضنتني
احتضنت الجنون والغربة والرعب
ويدهشك أن ترتعد حين تكون معي ؟..
،،،
تعال يا من اجتاحني كالانتحار
وهيمن على حواسي كساحر ..
واعطنا حبنا كفاف يومنا ...
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> و أحبك أكثر من ... ذنوبي
و أحبك أكثر من ... ذنوبي
رقم القصيدة : 66947
-----------------------------------
وتقول شفتاك للفرح : كن
فيكون ! ...
ويغرد قلبي
يحلق بين أسلاك الشمس
طائرا من نار
لا يخشى الاحتراق بأتون الغبطة
حين مستني يدك
كيد نبي
تحولت اعماقي من سراديب
ودهاليز سرية الاوجاع
_ مسكونة بأشباح تشحذ أسنانها وأظافرها على جدران
الماضي البشع _
إلى نافذة ستائرها قوس _ قزح
مفتوحة للأفق والريح والمطر والمفاجأت
وأغاني جنيات الليل العاشقات !
حين يأتيني وجهك
أصير مرهفة
كرمال شاطئ تنبض ذراته
تحت جسد ليلة صيف باهتة ..
وقرعات طبول الموج
وموسيقى النجوم الخافتة ...
وأخفق لكل ما هو طيب ونبيل
في كونك المسحور
وتندف فوق أيامي
تندف مطراً مضيئاً
يغسلني بالغبطة ..
لم أكن أدري أن الزمن
يختزن لي هذه السعادة كلها
ولا أريد أن أصدق
أن سعادتي معك الآن
هي طعم في صنارة الشقاء الآتي ...
كل هذا الحب الذي تغمرني به
أمتصه بشراهة التراب الجاف
دونما عقوقه ...
وأحبك كثيرا
أكثر حرارة من البراكين الحية
أكثر عمقا من دروب الشهب
أكثر اتساعا من خيالات سجين
أحبك كثيرا ...
أحبك حتى أكثر من عدد ذنوبي !...
وكلما ابتسمت يا غريب
أمتلىء غبطة
لأنني أعرف أنك حين تبتسم
تنبت الأزهار
في قلب الصخور بالجبال
حين تبتسم
تتناسل أسماك الشوق الملونة
وتسبح داخل شراييني ...
(1/17304)
________________________________________
حين تبتسم
تنمو حقول الياسمين الدمشقي
فوق أيامي المعدنية الصدئة ...
وأتكئ على الفجر
الذي ولا بد أن يطلع
وانتظرك
وحين تمخرني
ترحل بحاري مع مركبك دونما ندم
دونما ندم
قدري ؟
أبسط لك كفي
لا لتقرأ
بل لتكتب في راحتها
ما شئت من النبوءات والكلمات
وترسم فيها
ما يحلو لك من الخطوط والدروب والرموز
بوردتك
أو بسكينك !
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أزهار الجنون الليلية
أزهار الجنون الليلية
رقم القصيدة : 66948
-----------------------------------
في المساء
يتفتح شوقي اليك
حقلا من أزهار الجنون الليلية ...
آه كل تلك الأسوار بيننا ..
آه بيني وبين وجهك
ليل طويل من الفراق ..
وريثما يطلع الصباح
ستلفني الكوابيس كالكفن ..
وسأستيقظ كالعادة على صوتي ..
وأنا أنادي اسمك ..
وتحلم بك أحلامي ! ؟
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> أيها البعيد كمنارة
أيها البعيد كمنارة
رقم القصيدة : 66949
-----------------------------------
أيها البعيد كمنارة
أيها القريب كوشم في صدري
أيها البعيد كذكرى الطفولة
أيها القريب كأنفاسي وأفكاري
أحبك
أح ب ك
وأصرخ بملء صمتي :
أحبك
وأنت وحدك ستسمعني
من خلف كل تلك الأسوار
أصرخ وأناديك بملء صمتي ...
فالمساء حين لا أسمع صوتك :
مجزرة
الليل حين لا تعلق في شبكة أحلامي :
شهقة احتضار واحدة ...
المساء
وأنت بعيد هكذا
وأنا أقف على عتبة القلق
والمسافة بيني وبين لقائك
جسر من الليل
لم يعد بوسعي
أن أطوي الليالي بدونك
لم يعد بوسعي
أن أتابع تحريض الزمن البارد
لم يبق أمامي إلا الزلزال
وحده الزلزال
قد يمزج بقايانا ورمادنا
بعد أن حرمتنا الحياة
فرحة لقاء لا متناه
في السماء
يقرع شوقي اليك طبوله
داخل رأسي دونما توقف
يهب صوتك في حقولي
كالموسيقى النائية القادمة مع الريح
نسمعها ولا نسمعها
يهب صوتك في حقولي
واتمسك بكلماتك ووعودك
مثل طفل
يتمسك بطائرته الورقية المحلقة
إلى أين ستقذفني رياحك ؟
(1/17305)
________________________________________
إلى أي شاطئ مجهول ؟
لكنني كالطفل
لن أفلت الخيط
وسأظل أركض بطائرة الحلم الورقية
وسأظل ألاحق ظلال كلماتك !..
.
.
أيها الغريب !
حين أفكر بكل ما كان بيننا
أحار
هل علي أن أشكرك ؟
أم أن أغفر لك ؟ ..
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> حينما يكون قلبك فراشة ...
حينما يكون قلبك فراشة ...
رقم القصيدة : 66950
-----------------------------------
هبطت الطائرة في مطار لندن
وطار قلبي ليعود فورا إليك ...
هدأت محركاتها
وانفجرت في داخلي محركات الشوق تهدر ...
ولحظة وعيت كم أنا بعيدة
أدركت ربما للمرة الأولى
إلى أي مدى أحبك ..
وتدحرج رأسي في ممرات المطار
_ مثل كرة هوجاء _
يصطدم بكل الجدران ..
قيل أن أرحل قلت لنفسي :
لطيف وعذب أن اتذكرك وأن أشتاقك !
قبل أن أرحل قلت لي :
يكفينا أننا نقطن كوكبا واحدا
ويشرق علينا قمر واحد ..
أيها الشقي
أي جنون كان أن أرحل
فأنت لم تعد شوقا عذبا
لقد نبتت لذكراك في نفسي
أنياب ومخالب جارحة ...
طويلة ليالي الفراق
ممدودة على طول قارتين ...
والتنهدات تعوم في الظلمة الشبحية
مثل غريق شهقاته احتضار ...
ها أنا اتسلق شجرة الذكرى ..
واقتحم مدينة الحلم ..
وأضرم الحرائق في روتين الشرعية
لتحتلني رياحك ...
وأنطح صخرة الوضوح والمنطق
بخصب الشوق ...
في اصبعي ما يزال أثر حرق لفافتك
هاهو دليل محسوس على اننا كنا معا " حقاً "
اعلق مشنقة كلمة " حقاً "
حبنا فوق الأدلة المادية
وسابق لها كالإيمان ! ..
الجمعة الحزينة
وأنا العاشقة الحزينة
وأنت مصلوب داخل جسدي
وأمامي في المقهى ( عاشقان ) انكليزيان جداً
وأمامهما صفحة الكلمات المتقاطعة !
وكلما انتهيا من حل كلمة
يقبلها ببرود كما ينظف أسنانه
وبعينين مفتوحتين حتى آخرهما
تتأملان التلفزيون خلفها !...
يقبلها بلا نبض
ثم يعودان إلى حل أحاجي الكلمات المتقاطعة بحماس
لو مست شفتاك عنقي هكذا
لانصهرت
لخرج الضوء من اصابعي
ولفاحت من جسدي
رائحة البخور ..
(1/17306)
________________________________________
لو ...
جلستي هزلية
في القطار إلى اسكوتلندا ...
وجهي عكس اتجاه السير
وعيناي مثبتتان على الجنوب
على الجبال التي نخلفها وراءنا
بينما أنا امعن ابتعاداً عنك ..
راحلة إلى الغد
وجهي إلى الماضي
عيناي على أيامنا الهاربة
وظهري للمستقبل
وقد استحلت صنما من الملح !
الكاهن الذي تصادف وجوده إلى جانبي
حذرني : ستصابين بدوار
بدلي مقعدك
أيها الكاهن : فات الأوان . فات الأوان .
التقينا بعد الأوان
وافترقنا قبل الأوان
حتى موسم الهرب فات أوانه
نحن موسم الحب المجنون
المرفوض من مواسم الشرائع ...
أتذكرك في نيو كاسل
وأضواء المدينة الصناعية الصفر
الحزينة في ليل بلا قلب
تخثرني جلطة
في عروق الليل ...
لو ينفجر هذا الليل المحتقن
لو تخرج ماكينات الدينة المرعبة
عن قوانين الفيزياء
فتبكي معي وتصنع حرير القز المبلل بالدموع
شفافا كأغلال الشهوة ...
موجع أن تنام في مدينة صناعية
حين لا يكون قلبك مضخة
حين يكون قلبك فراشة
مغروزة بدبوس إلى جدار الفراق
وعبثا تخفق أجنحتها
وأرحل ومن أقصى الشمال أناديك
والريح تسخر بي على شواطىء الأطلسي
وأنا أعاني مخاض حبك
والفجر كسر قارورته
وظل الأطلسي مظلما وعدوانيا
يتهدد بتدمير كل قوارب نجاة العشاق ..
وكل محاولات القلب للعبور
ذلك العربي الذي أسمى الأطلسي
" بحر الظلمات "
تراه كان عاشقا مثلي ؟...
آه لو تنكسر مرآة الشوق
وتتفتت صورتك فيها ...
ليستريح قلبي _ الصخرة
من كلابات الذكرى
التي تتسلقه في عتمة الليل
برشاقة السجناء الهاربين ...
آه لو يغمى على الذاكرة ..
على شواطىء " بحر الظلمات "
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> عصفور على الشجرة خير من عشرة في اليد !
عصفور على الشجرة خير من عشرة في اليد !
رقم القصيدة : 66951
-----------------------------------
منذ طفولتي و " هم " عيثا يحاولون اقناعي
بأن عصفورا في اليد
خير من عشرة على الشجرة !..
ولم أصدق تلك الاكذوبة أبد !..
(1/17307)
________________________________________
جلدوني بسياط الغضب الاجتماعي
وعلقوني على شجرة التشهير
وقالوا انني ساحرة من رعايا الشيطان
وانني مسكونة بالشر الغامض كعرافات دلفي
وانني لست طيبة كبقية الصغار
الذين صدقوا أن عصفورا في اليد
خير من عشرة على الشجرة !..
وأراحوا وأستراحوا ...
وكيف أصدق أيها الغريب
أن عصفورا في اليد
خير من عشرة على الشجرة
وأنا أعرف أن العصفور في اليد
هو امتلاك لحفنة رماد
والعصفور على الشجرة
نجمة فراشة
حلم بلا نهاية ...
العصفور على الشجرة
هو دعوة إلى مدن الدهشة والمفأجاة
ونداء للسباحة تحت شلال الجنون المضيء ...
والعصفور في اليد
قيلولة في مستنقع الرتابة
واقامة في مدينة المقبرة
وحوار رتيب كالشخير !..
لا تصدقوا أيها العشاق الصغار
الذين لم تتشوهوا بعد
لا تصدقوا أن عصفورا في اليد
خير من عشرة على الشجرة !
بملء حنجرة أعماقي أقول لكم :
عصفور على الشجرة
خير من عشرة في اليد
فالعصفور على الشجرة هو البداية
هو دعوة للركض على قوس قزح
وانطلاقة فوق فرس بري
إلى عوالم حقيقة الذات
والعصفور في اليد هو كلمة " الخاتمة "
هو قفل في باب الخيال والهواجس
وتعايش مع قبيلة السلحفاة والنملة
وقالب معد سلفا لسجن كل ما هو نبيل وفريد فينا !..
من قال أن ريشة في مهب الرياح
ليست خيرا من حصاة مستقرة في قاع نهر راكد ؟!
أحبك أيها الغريب
أيها المشرد بين القارات
كسنونو اطلق الرصاص على الربيع
ورفض كل يد تحتويه
ورفض حتى غصنه
وسكن في الريح
وانطلق في الكون
مثل كوكب يرفض حتى مداره ...
أحبك أيها الغريب
وحتى حين تأتي إلي
برقتك الشرسة العذبة
وتستقر داخل كفي
بوداعة طفل
فإني لا أطبق يدي عليك
وانما اعاود اطلاقك للريح
واعاود رحلة عشقي لجناحيك _ وجناحاك المجهول
والغرابة ...
احبك
وأطفح بالامتنان لك
فقد حولتني
من مسمار في تابوت الرتابة
إلى فراشة شفافة مسكونة بالتوقد
قبلك كنت أنام جيدا
معك صرت أحلم جيدا
قبلك كنت اشرب ولا أثمل
معك صرت أثمل ولا اشرب
(1/17308)
________________________________________
معك نبتت اجنحتي
وتطرزت أيامي بخيوط الشهوة الخضراء
وغسلتني امطار العنف والحنان المضيئة
وأبحرت في مدارات اللاشرعية
إلى كوكب التفاح الجهنمي
والثلج الملتهب الملون
كحريق في غابة !..
احبك أيها الغريب
بضراوة السعادة
وبرقة الحزن ...
فأنا أعرف جيدا
أن من يحب عصفورا على الشجرة
يكتشف مدى قدرته على العطاء والتوهج ...
لكنه أيضا
يكتشف مدى قدرته على الحزن
حين ترحل الشجرة بطائرها !
وأعرف أن رحيلك محتوم
كما حبك محتوم !
وأعرف أنني ذات ليلة سأبكي طويلا
بقدر ما أضحك الآن
وأن سعادتي اليوم هي حزني الآتي
ولكنني أفضل الرقص على حد شفرتك
على النوم الرتيب كمومياء
ترقد في صندوقها عصورا بلا حركة !
خذني اليك أيها الغريب
يا من صدره نقاء صحراء شاسعة ...
وعباءته الليل ...
وصوته حكايا الأساطير
ضمتني اليك
أنا كاهنة المغامرة
وسيدة الفرح _ الحزن توأم
ولنطر بعيدا عن مدينتهم
وشوارعهم وكرنفالاتهم
وغابة المهرجين والحمقى والطيور المحنطة
ولننطلق معا
مثل سهم ناري لا ينطفىء
ها هو ذئب الفراق
قابع في انتظار سقوطنا بين أنيابه
إذا سقطت
لن أشكو
أو أتلو فعل الندامة ...
المهك انني عرفت نشوة أن أطير
اغامر ... وأطير
وبك رفضت قدر ديدان الأرض !..
التقينا لنفترق ؟
فليكن !
خذني اليك الآن
وليرحل عنا الرحيل !
ضمني إلى جحيمك الرائع
وليرحل عنا الرحيل لا!
ومهما هددني الغد بالفراق
ووقف لي المستقبل بالمرصاد
متوعدا بشتاء أحزان طويل
سأظل أحبك
وبلحظتنا الكثيفة كالمعجزة
أتحدى الماضي والمستقبل
وكل صباح أقول لك :
أنا لك ...
لأنني اؤمن بأن عصفورا على الشجرة
خير من عشرة في اليد !
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> فراقكم مسمار في قلبي
فراقكم مسمار في قلبي
رقم القصيدة : 66952
-----------------------------------
عذاب أن أحيا من دونك
وسيكون عذابا أن أحيا نعم ..
يبقى أملي الوحيد
معلقا بتلك الممحاة السحرية
التي اسمها الزمن
والتي تمحو عن القلب
(1/17309)
________________________________________
كل البصمات والطعنات
كلها ؟
اذكر بحزن عميق
أول مرة ضممتني اليك
وكنت ارتجف كلص جائع
وكنا راكعين على الأرض حين تعانقنا
كما لو كنا نصلي
اجل ! كنا نصلي ...
أذكر بحزن عميق
يوم صرخت في وجهي :
كيف دخلت حياتي ؟
آه أيها الغريب !
كنت أعرف منذ اللحظات الأولى
انني عابرة سبيل في عمرك
وانني لن املك
إلا الخروج من جناتك
حاملة في فمي إلى الأبد
طعم تفاحك وذكراه ...
أذكر بحزن عميق
انني أحببتك فوق طاقتك على التصديق
وحين تركتك
( آه كيف استطعت أن اتركك ! )
فرحت لانك لم تدر قط
مدى حبي
ولأنك بالتالي لن تتألم
ولن تعرف أبدا أي كوكب
نابض بالحب فارقت !..
فراقك مسمار في قلبي
واسمك نبض شراييني
وذكراك نزفي الداخلي السري
وها أنا أفتقدك
وأذوق طعم دمعي المختلس
في الليل المالح الطويل
لم يعد الفراق مخيفا
يوم صار اللقاء موجعا هكذا ...
وأيضا أتعذب
لما فعلته بك
بعد أن دفعتني إلى أن أفعله بك
لقد مات الأمل
ولذا تساوت الأشياء ...
واللقاء والفراق
كلاهما عذاب
و ( أمران أحلاهما مر ) ...
شعراء العراق والشام >> غادة السمان >> كان ياما كان !..
كان ياما كان !..
رقم القصيدة : 66953
-----------------------------------
يقولون : في الليل المنخور بالوجع
تنمو بذرة النسيان
وتصير غابة تحجب وجهك عن ذاكرتي ...
لكن وجهك
يسكن داخل جفوني
وحين أغمض عيني : أراك !..
عشنا أياما مسحورة
كمن يسبح في بحيرة من زئبق وعطور
ويركب قاربا
في انهار الألوان لقوس قزح
مبحر من الأفق إلى نجمة الرعشة ...
كان ياما كان !..
كان ياما كان !..
وكانت السعادة تصيبني بالارتباك ..
وحدها تخيفني
لأنني لم اعتدها ..
فأنا امرأة ألفت الغربة
وحفظت أرصفة الوحشة والصقيع
وأتقنت أبجدية العزلة والنسيان...
وأعرف ألف وسيلة ووسيلة
لأحتمل هجرك
أو كل الألم الممكن أن تسببه لي ...
ما لا أعرف كيف أواجهه
هو سعادتي معك ...
وحينما أصير مثل آنية كريستال شفافة
ممتلئة برحيق الغيطة
(1/17310)
________________________________________
وبكل الفرح الممكن
أرتجف خوفا أمام السعادة ...
مثل طفل منحوه أرنبا أبيض
ليقبض عليه للمرة الأولى في حياته ..!
وكنت دوما أصلي :
رب ارحمني من سعادتي
أما تعاستي فأنا كفيلة بها ..
آه !..
كان ياما كان حب ...
وكنت بعد أن أفارقك مباشرة
يخترقني مقص الشوق اليك ...
وتزدحم في قلبي
كل سحب المخاوف والأحزان ..
وأشعر بأن البكاء لا يملك لي شيئا فأضحك !!
وتركض الي حروفي فأكتبها
وأستريح قليلا بعد أن أكتب ..
وأفكر بحنان
بملايين العشاق مثلي
الذين يتعذبون في هذه اللحظة بالذات
دون أن يملكوا لعذابهم شيئا
وأصلي لأجلي و لأجلهم
وأكتب لأجلي ولأجلهم ...
وأترك دموعهم تنهمر من عيني
وصرختهم تشرق من حنجرتي ...
وحكايتهم تنبت على حد قلمي .. مع حكايتي ..
وأقول عني وعنهم :
كان ياما كان حبّ ...
شعراء الجزيرة العربية >> علي الشرقاوي >> رئة البحر
رئة البحر
رقم القصيدة : 66954
-----------------------------------
كخيال القطرات الأنثى
يروي جذع القول بعاطفة البرق
كالجدات المشتعلات بثلج الداخل
يصعدن على تجعيدة ذاكرةٍ
لا تشبه غير عراجين الصمت
كجذر الشبق الكوني الصاهد بالرؤيا
ونيازك طفل الحرف
إليك أجئ
لاحني خمسين شتاءاً
في صيف كلامك
يا جسد الموجة يقتحم ألما ورد
يا صدر البحرة شرّعه اليابس
يا الفاضل
روحك حنكة نخلٍ يحترف الإخلاص
وقلبي فرضة اغنية لحنّها الجن
إليك من الشوق أجيء
شراعي أفق العشب الاول
مجدافي قاموس النيران
أجيئك من مشكاة الداخل يا رئة اللغز
هل تلمس تعتعة الألم الراكض في قمح الريح ؟
يدٌ
تحتضن اللغة المنسلة من جذع الضوء
تجاهر بالمسكوت عليه وتبذره في حقل الماء
يدٌ
تهدم وقتاً مات بمائدة الريح
تصاهر ما ليس يموت .
هل تنظر حمحمة النغم المجروح بنعناع الغيم ؟
يدٌ
تبني في تأتأة الأرض معابدها
وتغادر إيقاع الحرف إلى ما بعد المعنى
و يدٌ
تبني فوق تراتيل صنوبرة الحلم بيوت .
هل تنظر اوجاع العود الهاطل فينا كقبيلة طقس ؟
(1/17311)
________________________________________
أصابع قمح الولد العاصي
مدن لا تشبه أخرى
تبتكر الغامض
لا تهتم كثيراً بمشاريع الملح
تواصل في استفزاز الحامض في قلب اللوز
يا الفاضل
يا الموج المكتظ بمرج الريحان
يا الجالس في غصن الريح كراس الرمان
امنحنا شهق صباك
ومواويل بداوتك الممزوجة بالمرجان
لا تتركنا في برد العمر
وحيدين كحلم نوارس غادرها الساحل
و غربيين كزفرة أغنية شربت مطلعها
يا الفاضل
لو عاش الظل الساكن في الرأس يلاحقنا
شجراً لن يسمع قلب الغيمة وهي تناسل شوق الأرض
حجراً لن يعرف أي الألوان تشكل قامتك القزحية
يا الفاضل
شفناك فصولاً ترتكب الأخضر
وسمعناك وعولاً
تحمل ذاكرة الأمواج وفي قلق التين
تقود الميزان من الأذنين إلى أبواب الدب الأكبر
ولمسناك
وذقناك..
وعشناك
لماذا يا الفاضل تسكت
والطفل يقاد إلى مقبرة العجز
لماذا يا الفاضل تسكت
والطفل
خليل الضوء
ربيب الحرف
رحيق الشين
تحاصره الأجداث المحتلة قلب الشارع
هل أحد غنى شغف الماء النوراني
وما لامس داخله ابر يسم ضوء فراشات الولد الصالح ؟
هل أحد يعزف أنغام الغسق المتوسط تاريخ مسافات العشق
ولم يتبع في الدرب أصابع ابن الشيخ ؟
هل أحد غيرك يعرف كيف يترجم هسهسة النجم الصاعد
صبح الليل ؟
هل أحد غيرك يا الفاضل ؟
في جامعك ألريحاني
عرفنا أشواق المنذورين إلى عرس الليمون
وفي ساحات يديك المفتوحة مثل ربيع الشهد
عرفنا أسرار اللغة الأخرى
ولماذا الفرضة لا تتوقف عن عزف الأسفار
ولماذا الرولا
تربط قلب الحد بصدر الزاق
ولماذا حدّاد الكلمة
يمتشق الرولا بالقدمين
ويطرق جمر اللغة الخضراء بسندان الأوراق
ولماذا الولد العاصي
شقّ الطاعة
ورمى خطوته في تنور الأشواق
عرفنا يا الفاضل
ما كان
وما يتكوّن في جذر الوعد
وما سيكون
عرفنا إن الطوفان سيبقى
كالنقرس لو لم يهزمه غصن الزيتون
عرفنا
وعرفنا
وعرفنا
يا الطالع من فلق الفقراء
يا عنق الموجة يطوي شهوات الميناء
عرفنا
لو مر ألامس وئيداً
ستقول الأرض :
سقاني عنب الرعد
(1/17312)
________________________________________
وفاكهة القول
ورقصات الوتر التاسع
لو مر ألامس خفيفاً
ستقول السدرة:
فجّر أشواقي
برحيق مناحات الكون
وعلم عاصمة اللون
مقامات الروح
يا الفاضل
يا رئة الموجة
يا المختزن ألان براكين رعودك
إن قطعوا وتراً منهمراً في رجفة عودك
من أعذ أق الرعد سنغزل تاسع أوتارك
إن منعوا عن أنغامك قطرة عشقِ
بالحرف نحوّل عزف الشارع امطارك
إن هدموا بيتك في ذات كلامٍ
سترى خارطة العالم تشرب من قهوة دارك
يا الفاضل
رافق سيل الحلم
شظاياك مرايانا
نرفعها بين مجرات القول جسور
يا الفاضل
زاحم سيل الوهم
مراياك خلايانا
نغزلها في ريح الانغام صغار نسور
يا الفاضل
أوقف سيل الدم
خلاياك خطى بهجتنا
في أفلاك سنابلها سنظل ندور
أصغ يا الفاضل
أصغ
لعصافير الحورة وهي تخيّط أشجار الصبح
على إيقاعات أصابع اثنين يشدان التيه
إلى وهج التيه
أصغ
لزوابع اثنين
يشقان غموض النون
ويحترقان إلى نطق الضمة قبل لهاث الأبيض
أصغ لربيع المزمور الرابع يحتل فضاءات الفصحى
أصغ يا الفاضل
أصغ .
من غير فراشات الولد الصالح
تلتهم الضوءة وتغرد في الحزن الأخضر ؟
من غير الحدّاد يحيك وريقات الرولا
ويزينّها بخطى تحتضن الجسر
وتجمع مالا يجمع بين البرين؟
من غير أصابع ابن الشيخ تحرّك أفق الغيم
إلى جسد الأمواج ؟
ومن غير الطفل الولد الكهل العاصي
يسرق نار الكون
ويمنحها لصباح يديك
يا الفاضل
يا موج نهارٍ مرتجفٍ يركض بين غبارات الظلمة
يا شهوة حرفٍ يصعد رغوة ما لا تعرفه الكلمة
يا قلق النجمة
إحضن بتجاعيدك
صدر المتسلق جدران الفوضى
هندسه بمزامير نوارسك المخضلة بالآه
إن منعوا صوتك
أو صوتي
أو صوت الذاهب في الأسرار
سيبقين بذاكرة النار وخاصرة الريح
بنات صداه.
شعراء الجزيرة العربية >> علي الشرقاوي >> زرقة الأشهل المتوسط
زرقة الأشهل المتوسط
رقم القصيدة : 66955
-----------------------------------
زرقةٌ / كالخرافة ممعنةٌ باصطياد الخيال / زرقةٌ كطفولة
(1/17313)
________________________________________
عشب التوغّل في الارتحال /زرقةٌ لعناصرها لهفة الأبجدية،
حترشة الأفق رغوتها ، كلما غمزت برق الاشتعال
زرقةٌ /من يترجم صمت بيادرها ؟/ من يفسّر صوت رغيف
أصابعها ؟/ من يرى ما أرى في سديم خرائطها ؟
من يأولني بين إبط المياه و رهط النصال ؟
زرقةٌ / كقميص الثواني/لها أتثني كالرصاصة في داخلي
ولها انحني كالبحيرة في هذيان الجبال
زرقةٌ / كبداوة عطر السؤال / تجرّ يديّ من الدّم ،
تخلع اسمي عن الاسم /تمنحني قامة الهجس في أفق الاحتمال
هي الطاقة المستحيلة في غيمة الروح كالجمر في فحمة
الثلج تصرخ بي:
حدّق في لوني يا الحجر الفاني
حدّق في لوني و تزرّق
جسدي قاموس الاقيانوس
و صدري برقٌ
من يتجرعه في حلم اليقظة
أو أسفار النوم
لا يتعامل و العش
انه الاشهل المتوسّط ، بوابة الرعش ، متصلٌ كالحديقة
و الروح ، منفصلٌ عن سماءٍ تحاذف أحجارها وجع الكائنات .
الاشهل المتوسّط في مائه يتزرّق او يتخضّر او يتفورز في متنه
انه سيد البحر يحذف قمصانه في يديّ و يلبسني
ضامئةٌ يا هذا شجرات القلب
و مالحةٌ كحريقٍ تحت فضاء الجلدة
رجفة أعضائي
قنّدني يا الأغبر بالجملة قندني
لا يوقفك الصخر المدعو بقميص الشاطئ
لا يمنعك الخفر الكيميائي و لا جذع العفة
اكسر فانوس المعبد يا هذا البري
و تقدم بالسفن الحجرية في ماءاتي
مفتوحٌ جسدي كفضاء النيزك
مفتوحٌ
لجحيم أصابعك المنذورة للعزف الكافر
يا المتوسّط نافذة الولع الاستوائي كيف أغوص حرائق
زرقتك الأبدية ؟ كيف أقولك؟ امنح فمي لغة لا تهادن
ساحلها ويدي قلقٌ يقلق الريح
يا سيد البحر
امنح كلامي لغات السفن
ادخل زرقة مرآتي
مرتعشا بقناديلك
تلك المكتظات بحلم الكائن
ادرس بنوارجك الوحشية ما يخفيه البيدر
هندسني
و تهندس بين الذروة و القاع
هنا لا شيء سواك
هنا لا شئ سواي
يا السيد المتوسّط اعرف كيف أسوس ازرقاق الأماني
و أرعى جراد الحروف و اعرف كيف اطيّفني
في انزياح المعاني و لكنني لست اعرف يا سيدي
أقود جموحك
(1/17314)
________________________________________
مائي بدأ مزاريب الكائن
مائي صمتٌ لا يتوقف عند ضفاف الصخب
مائي رائحة الغامض في رحم الواضح
مائي زلزلة الرعشة في القافين
مائي مخلوقات حنان الوحشة في الضلع التاسع
بتواريخ الموجة
أدعوك إلى قطفي من ساق النسيان
استقولني ما لا انطقه
أو لا تحلم أن تستقول صدر الماء ؟
زرقةٌ / تتزارق في غيها و تزرّقني في عويل السواحل
ترغي فاشرب رغوتها المشرئبة ثم تعود و ترغي
فامتص من حنطة الزرقة الأبدية لعثمة العسل المتهاطل
من شرفات المفاصل / يا سيد اللون زرقتك المستحيلة
لا أستطيع العبور بها
امنحني
رعشات جناحك يا هذا
فأنا مسجونٌ بتقاليد خرافات الأرض
و مربوط بعراجين السرة
يا هذا
اطلقني من اسر شريعة مخلوقات الساحل
ترغي و تزبد بالقول الأخضر/ ترغي و تزبد بالشك
ترغي/ فاحلم أن أتمدد كالشمس في الزرقة السيدة
و أفجّر شوق الخرافة للرقص في هذيان الشوارع
و المن للمائدة
بيدي و فمي و دمي اكسر القاعدة
إنما، أيها المتوسّط ، كيف أقولك
كيف ؟
هز عصرا نام عويلا بين خريف خلاياي
اكسر بحروف أصابعك الجوالة صمت مراياي
و تجمّع بنوارسك الفضية في كوكب تاجي
حرّكني كالأخضر يمرق في جلد الزعتر
حرّكني كالحرف يفجّر إيقاع الجملة
حرّكني بالصخب الساكن تاريخ الليل
خذ من جسدي تعتعة اللؤلؤ
خذ صحوة مرجاني
اكسر بالنار الخضراء رتاجي
وتجمهر يا الصدق الكاذب
في الشفق اللاهب
حرّك بالرعشة امواجي .
ما الذي ارتجي والجناس بكى
في الفضاء المراق
و تراجع عن غيبك الاشتقاق
و كيف أترجم زرقتك الأبجدية يا اشهلا
و أنا كلما أتوغل في شهواتك
تزداد بالازرقاق ؟
إن جئت
سأفتح بوابات الزرقة
للضوء الصاعد من جمرتك المخضلة بالليمون
إن جئت
سأغلق كل الأبواب وافتح صدري
و أقد قميصك من كل جهات الأرض
و اشرب من همزة حلمك حرفا حرفا
إن جئت
أريدك ألا تتوقف عن عزف الوتر الغائب
في اجمل أوتاري
إن جئت 0000
اللون لا يشبه اللون / و الغيم لا يشبه الغيم
(1/17315)
________________________________________
و الشكل لا يشبه النص / و الطقس لا يشبه الطقس
بحرٌ هناك و بحرٌ هنا بالعواصف يرغي و يزبد
و الاشهل المتوسّط مستفردٌ بالرعونة يرغي و يزبد
يكسر عاطفة الصخرة العائلية
لا اخجل إن قلت إليك
احب كواكبك المقذوفة في أعضائي
كالنيزك بعد الآخر
لا اخجل إن قلت إليك
احب مراكبك الممتدة من قبل الميلاد
إلى ما بعد الحاضر
لا اخجل من قهوة أشياءك
لا اخجل من زهوة أشيائي
يا ألفي الصاعد صهوة يائي
جدّف كاللحظة في صهلتها ترتكب اللحظة
جدّف كالفضة في ما خلف المرآة
و بكل مجاديف اللغة المنسية
أشعل ضوء الكون المعتم في أجوائي
أيها الاشهل المتوسّط يا سيد البحر اسحب يديّ من الرمل
خذني لقاعك قد التقي بالكواكب في هزةٍ حجمها قامة اللون
قد امنح الكون في النص شكلا أليفا
و قد 0000
سأهديك جواهر نيروز القاع و أوجاع اللذة بين صباحين
لهما يركع مرجان القول على هيئة شيطان الوجد
و أهديك رحيق الموج المتكوكب خلف جدار الكلمة
أهديك ربيع شرارتها و فسيل طراوتها
أهديك فوانيس الزرقة
ماذا لو تهديني حيتان الرعد ؟
صحراء أسئلة و عواصم لا تعرف الصحو
في زرقة الروح بيني و بينك يا المتوسّط
ادخل صلاة مسامي لأهز ضلوعك قبل غياب ازرقاقي
ثلاثا و عشرين لحنا مشيت/ ثلاثا و عشرين صوتا قطعت
ثلاثا و عشرين عصرا سكنت
أتعرف أي الكواكب تركض خلف توهج
قمحتك المستحيلة بعد ثلاث و عشرين آه ؟
قل انك تشتاق لقطف البرق الناهض من عطر بساتيني
قل انك تشتاق لخطفي من بن الوقت و من رائحة الجملة
في ساحل تكوينات الاشهل قل يا هذا أنى زرقتك الأعلى
و كلامك في ذئب الليل و انك خيل حماقاتي
قل انك لي وحدي
أطعمك الرعد و تطعمني المعنى
قل أنك مرآتي
يا المتوسّط بين دمي و جموح الجسد
لك عائلة الماء في بيتها المتزارق
بعض الأحايين تغفو عن الشمس
بعض الأحايين تغوي صدى الطيش
بعض الأحايين تسهو
و تأتي إلىّ كأنك عاصفة السبت
نطت صباح الأحد
(1/17316)
________________________________________
علّمني أفعال الكلمة قبل النطق / علّمني كيف أسافر في نجمة أعماقي
علّمني كيف اغني حين تغيب قوانين المد / علّمني كيف أراك هنا وهنا
وهنا في الصدر/و في العين وفي القلب، جريئا كحوار الفلفل / ممتلئا كنهار الزيتون الأزرق / علّمني كيف أمص عراجينك يا طقس الفوضى من لب الممنوع من العزف وعلّمني كيف بغير المرآة أراني
كالمستحيل المعلّق في الزرقة السرمدية أعلو على عتبات الزفير
و اهبط أعلو و اهبط و الماء في زرقةٍ و السماء محدّبةٌ كخيال الفراشة
كيف سأصطادها شهلة الانزياح ؟ و كيف أقود شهيق المسافة في لغتي ؟
كيف اغوي نوارس صدري لتجتاح صدرك يا زعفران التهدّج
كن في جسدي
ممتلئا
كعصافير اليوم الثامن
في شجر اللهفة
حرا كمواعيد الريح
مرتعشا
كرماح الوردة
لقاعك يا أيها المتوسّط خدني أرى حكمة الحلزون
تحاكم شقشقة الكهرباء أرى القاع في السطح يرفع سكره
لربيع السديم أرى الجيم في النص تفضح سيّافها
وارى قافها في اندياح المساء / تأجج بالطين تاج السماء
أرى بلح الشمس في حانة البحر يدعو الفراديس للرقص
ما بين ماءٍ و ماء
أيها الاشهل المتوسّط خدني
إلى كهفٍ مارجٍ طازجٍ لم يطأه سواي
يا الأغبر
لا تترك جمر المعنى
يفلت من عالمك السابع
كالوحش الأول يقترف الوحش الثاني
اجمعه بالسبابة و الإبهام
كلمه كالماء يفجّر جغرافيات الصخرة
حدّثه كالذئبة تفترس النائم في قلب الذئب
ولا تتركه غير لهيبٍ في هذيان السطح
و عاصفةٍ في رهوان القاع
نتغاوى كالبلورات
نتضاوى كالجمرة في لحم الأخشاب
نتداخل بين فضانا
الأزرق ليس هو الازرق
الاشهل ليس هو الاشهل
الأسمر في زرقته القمحية يقتحم الأبيض
نتضاوى كالفستق يفتح شرفته للكون
الازرق يرتكب المتدرج في فوضى الاشهل
الاشهل يقترف الزرقة
نتداخل كالممكن في ما لا يمكن
نتزارق
أو نتشاهل
أو نتشاهق
تخفت أسئلة الكون
و تغفو كيف على صدر لماذا
و متى لا تعرف آخر شهقة أين .
(1/17317)
________________________________________
شعراء الجزيرة العربية >> علي الشرقاوي >> قهوة بوضاحي
قهوة بوضاحي
رقم القصيدة : 66956
-----------------------------------
لكل شرارةٍ نسغ يفجّر شوقها في زعفران السر
مثل الماء قبل الماء يزرع ماء
لكل وريقةٍ ضوءٌ
يترجم وقتها بين الصدى فتموّسق الاجواء
ولي نخل المنامة شهوة الامواج
قنديل الخرافة بين عاصمتين
ذاكرة الحوامض في مدى جغرافيا النارنج
لي في بنسيان الروح بو ضاحي
أتعرف أي سر الأرض يسكن قلب بو ضاحي ؟
بو ضاحي سماء في ظلام الهم
بو ضاحي ابي و اخي و ابن العم
بو ضاحي سفينة دم
ترى في زرقة الاحمر
شظايا جنة منزوعة القشرة
توصل ما تقطّع بين ممباسا
و بين مشاعر البصره
و بو ضاحي
على الايام نافذتان من بلح
على جهتين
تشتعلان في صمتٍ يطلّ كغابة في القلب
بو ضاحي سرير طفولة المعنى
و تاريخ السفينة في تحولها
يسافر من حنان الشوك
في ليل الموانئ يركب الامواج
بو ضاحي
دخانك في دمي مطرٌ
اذا غاب الندى يأتيك اولادي
على شكل السؤال و لعبة الصعكير
محاصرة اغانيك الصبية بين مشنقتين
مشنقةٌ لها شكل المصارف في تصرفها
و مشنقةٌ لها طبع المتاجر في صباح السوق
محاصرةٌ خلاياك الصبية بين عاصفتين
عاصفةٌ من الذكرى و عاصفة الكلام يدور
بو ضاحي يمينك موت
بو ضاحي يسارك موت
أي رحابةٍ في جنة الموتين
تشعل في الخلايا لهجة الاجداد ؟
بو ضاحي
منامتك التي كانت
تخاصر في السحابة موجة الاسفار
يرعبها الحنين الى صباح الماء
يرعبها الدخول الى خروج الريح
يرعبها التحوّل من يد تسقي الغيوم
الى يدٍ ممدودةٍ كالشمس نحو الليل
كنت مخدة المغدور
و كنت شرارة النعسان
كنت حمامة الريحان
كنت علاقة الحدي بالزلاق
كنت قصيدة الجذر المسافر من كهوف الطين للأوراق
إن جعنا من الكتفين تطعمنا
و ان ظمأت هياكلنا توهجنا بماء الشوق
هل في كبرياء النخل غير صياغة اخرى لمائدة الحواس السبع ؟
هل في كهرمان الشوق الا رجفة المغنى يخضّر جلجلان الروح ؟
بو ضاحي زغاريد العواصف
(1/17318)
________________________________________
تنتشي من جمرة في صوت بن فارس
تطير نوارس الاشعار
من سيراف
أو دارين
أو مسقط
إلي نافورة شهلاء في اقصى سما فارس
بو ضاحي
له فتوى البحار بصخرة الساحل
على الكرسي رائحة السواحل تسكن اللهجات
من نارجيلةٍ كالبحر صوتك وهّج الفتوى
و في وعد الغنائم تغمس الكسره
حليب شرارة الدانات قلبك
آه بو ضاحي
لماذا كلما هدموا جدارا جفت الكلمه
و ان خلعوا الفسيلة من مراياها
بكت دهرا خلايا الارض
و ان قلعوا مشاعرنا
ضحكنا
آه بو ضاحي
على زنديك ورّقنا السواحل في مدى الابصار
و من شفتيك علّمنا الصدى جدوى صعود النار
يسارك ينحني للربح
يمينك ينثني للربح
شربنا من كلامك زبدة الالوان
بو ضاحي
لانك قهوة الدنيا و شاي الروح
تبقى في دمي طفلا
اذا غادرتني
سأظل امشي في دجى حلمي
بلا عنوان .
شعراء الجزيرة العربية >> علي الشرقاوي >> مسافات
مسافات
رقم القصيدة : 66957
-----------------------------------
بين الحرف الأزرق و الحرف ألماوردي حدودٌ و جمارك
برٌ و مهالك صحراءٌ في حجم الدمع ليلٌ يشبه عاطفة القاف .
بين صلاة الكلمة في محراب القلب و بين دعاء نسائمها
بحر الظلمات عساكر اكثر من عدد الرمل و أسوار خلف
حواجبها أقبية و نهارٌ مكسورُ الساعد أطفال ينهمرون من
الرمز المتوهّج في ورق الصفصاف .
بين رحيل الجملة في التيه و الماء السرّي المنذور لشوق
طلائعها ارضٌ كمزاريب الجمر مواعيد ربيعٍ جرّحه
ولع التطواف .
بينك و الحلم الأول قيد الحرف و زنزانات الكلمة
و الكفن الواقف كالأفق على رأس الجملة
أي الدرب ستعبر يا ابن المكتظة بالعرعر ؟
أي الأحلام ستسلكها ؟
أي الريح ستجمع بين غيوم الروح و عشب القدمين ؟
إلى غيّك عد انثر فطر الجيم و قيصوم العين على شيح القاف .
كن قامة نهر الألف المقصورة كالماء الظامئ في الصبّار
تمدد في الريح تجسّد عاطفة الخطوة امنح قدماك شكيمة
فعل القارب حين يخاصره ولع المجداف .
اعرفه جيدا
طاعنٌ في الصواعق حين يحدّث خطوته
(1/17319)
________________________________________
عن مخيّلة الوحش او حكمة الشجره
قلقٌ كجذور اللغة
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> في الشعر
في الشعر
رقم القصيدة : 66958
-----------------------------------
1
إنَّهُ يثقُبُ الفضاءْ
بإبْرةِ الشِّعر...
2
البَرقُ منزِلُهْ
3
هُوَ شَاعِرْ
كُلَّمَا خَرَجَ من فُنْدُق كَلِماتِهْ
4
ينزلُ من بطن أمِّهْ
وفي يده..
عريضةُ احتجاجْ
5
يُحْرِقُ كلَّ يومٍ ذاكرتَهْ
ويتدفَّأُ عليها...
6
هو شاعرْ
يركبُ درّاجةَ الطُفُولَةْ
لكُلِّ إشارات المُرُورْ..
هُوَ شاعرْ
إنَّهُ يُقنعُ الأشياءْ
أن تغيِّرَ عاداتِها...
هُوَ شاعرْ
أن تسيرَ في مُظاهرةٍ
من أجل الحُريَّةْ...
9
هُوَ شَاعِرْ
أطلقوا عليه القنابلَ
10
هو شَاعِرْ
تزوَّج الحُريَّة زَوَاجاً مدنيَّاً
شَعْرُهُمْ بلوم السنابلْ
11
هُوَ شاعرْ
يُعلِّمُ أشجارَ الغابةْ
هُوَ شاعِرْ
أن تسيرَ في مُظاهرةٍ
لذا، يطلبونَ منه، أن يقدِّم تقريراً
من أجل الحُريَّةْ...
عن عدد أصابعهْ..
كلَّ يومْ...
9
12
هل الشِّعرُ،
هُوَ ديوانُ العَرَبْ
هُوَ شَاعِرْ
أم هو محكمتُهُمْ العسكريَّةْ؟؟
كُلَّما ظَهَرَ في أمسيةٍ شعريةْ
13
أطلقوا عليه القنابلَ
باستثناءِ بعضِ الكبارْ
المُسيلَةَ للأحزانْ...
في تاريخنا الشعريْ
فإنَّ الشعراءَ العَرَبْ
10
كَتَبوا قصيدةً واحدةْ
ووقَّعوا عليها جميعاً
هو شَاعِرْ
تزوَّج الحُريَّة زَوَاجاً مدنيَّاً
بالأحرفِ الأولى...
14
وأَنَجَبَ أولاداً..
شَعْرُهُمْ بلوم السنابلْ
في تاريخ الشِّعر العربيْ
ثمَّةَ مراحِلُ هابطةْ
وعُيُونُهُمْ بلون البحرْ...
كان فيها الشعراءْ
ينزلون في فُنْدُقٍ واحدْ..
ويأكلونَ من صحنٍ واحدْ..
وينامونَ في سريرٍ واحدْ...
ويُنجبونَ أولاداً متشابهينْ...
15
في الشِّعْر..
لسنا بحاجةٍ إلى لباسٍ موحَّدْ
وقماشٍ موحَّدْ..
ولونٍ موحَّدْ..
فالشعراء ليسوا جنوداً.. ولا ممرضاتْ
ولا مُضيفات طيرانْ...
إنَّ اللباسَ المُوحَّدَ في الشعر
سيجعلُ من الشعراء العَرَبْ
(1/17320)
________________________________________
فريقاً لكرة القدمْ...
16
الشاعرُ الحديثْ..
هو الذي يستقيلُ من الجَوقة الموسيقيةْ
وسُلطةِ الإيقاع العامْ..
ليؤلِّفَ قصيدتهُ الخاصةْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> في النرجسية
في النرجسية
رقم القصيدة : 66959
-----------------------------------
1
هو شاعرٌ نَرْجِسِيّْ
لأنه يتمرَّى بماء قصيدتهْ.
ويمشي وحيداً، على ضفاف لُغتِهْ.
ويصنعُ فنجاناً من القهوةْْ
يقدّمُهُ لنَفْسِهْ...
ويُهدي نَفْسَهُ وردةً واحدةً.. كلَّ يومْ
إذا لم يجد من تُهديه وُرُوداً..
2
هُوَ شاعرٌ نرجسيّْ
ينام على ذراع كلماتهْ
إذا لم يجدْ ذراعَ امرأةٍ
ينامُ عليها..
3
النرجسيةْ..
هي أن يؤمنَ الشاعرْ
بأنَّ قصيدتَهْ
هي نُقْطَةُ ارتكاز الكُرة الأرضيةْ....
4
الشاعرُ النرجسيّْ
يتصورْ..
أنهُ هو الذي يعيِّنُ الملوكْ...
وهو الذي يُقيلُهُمْ..
وهذا الوهْمُ الجميلْ
هو الذي قَتَل شاعراً كبيراً،
كالمُتَنَبِّي..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الشَعْرُ الأسود
الشَعْرُ الأسود
رقم القصيدة : 66960
-----------------------------------
لا تُمَشِّطي شَعْرَكِ
على مقربةٍ منّي...
حتى لا يُهَرْْهِرَ الليلُ
على ثيابي....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> البَرْق
البَرْق
رقم القصيدة : 66961
-----------------------------------
لَنْ أقولَ لَكِ
(أُحبُّكِ)..
إلا مرةً واحدةْ
لأنَّ البَرْقَ لا يُكرّرُ نَفْسَهْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الليل
الليل
رقم القصيدة : 66962
-----------------------------------
لم يبقَ في شوارعِ اللّيلْ
مكانٌ أتجوَّلُ فيهْ..
أخذَتْْ عَيناكِ..
كُلَّ مساحة الليلْ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> بريد
بريد
رقم القصيدة : 66963
-----------------------------------
منِّي رسالةُ حُبّْ
ومنكِ رسالةُ حُبّْ
ويتشكَّلُ الربيعْ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> بدون تنقيط
بدون تنقيط
(1/17321)
________________________________________
رقم القصيدة : 66964
-----------------------------------
" أُحِبُّكِ"
ولا أضعُ نقطةً في آخرِ السَطْرْ
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> صمت
صمت
رقم القصيدة : 66965
-----------------------------------
هل تسمعينَ أشواقي
عندما أكونُ صامتاً؟
إنَّ الصمتَ، يا سَيِّدتي،
هو أقوى أسلحتي...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> ثقافة
ثقافة
رقم القصيدة : 66966
-----------------------------------
لأننَّي أُحِبُّكِ..
أريدُ أن تكُوني
الحرفَ التاسعَ والعشرينْ
من أبْجَديَّتي..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> طموحُ الوردة
طموحُ الوردة
رقم القصيدة : 66967
-----------------------------------
لو كانَ لدى الوردةْ،
مطبعةٌ...
وناشرْ..
لأصْدَرَتْ ديوانَ شِعْر...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> عطر
عطر
رقم القصيدة : 66968
-----------------------------------
عِطْرُ المرأةْ
فضيحةٌ علنيةْ
لا تَهْتَمُّ بتكذيبها....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> لكي أتذكَّر باقي النساءْ...
لكي أتذكَّر باقي النساءْ...
رقم القصيدة : 66969
-----------------------------------
حَرامٌ عليكِ..
حَرامٌ عليكِ..
أخذْتِ ألوفَ العصافير منّي
ولونَ السماءْ..
وصادرْتِ من رئتيَّ الهواءْ
أريدُكِ..
أن تمنحيني قليلاً من الوقتِ،
كَيْْ أتذكّر باقي النساءْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> المُعَلِّم
المُعَلِّم
رقم القصيدة : 66970
-----------------------------------
لَشَعْرِكِ
فضْلٌ عظيمٌ عليَّ
يشابهُ فَضْلَ السَحَابهْ
فمنهُ تعلّمتُ عِلْمَ الكلامْ
وعنهُ أخذتُ أصولَ الكِتابهْ
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> إذا ...
إذا ...
رقم القصيدة : 66971
-----------------------------------
إذا قالت امرأةٌ
إنها ستُحبُّكَ حتى الأبدْ..
وإنكَ زَيْنُ الرجالِ
فلا قبلكَ كانَ أحدْ
ولا بعدَك..
سوفَ يكونُ أحدْ.
(1/17322)
________________________________________
فلا تطمئنَّ كثيراً إليها،
لأنَّ الدقيقةَ عند النساءِ،
أَبَدْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الثُقُوب
الثُقُوب
رقم القصيدة : 66972
-----------------------------------
يسقُطُ الرجُلُ
في أولِ حفرةٍ نسائيَّةٍ تصادفُهْ
إنّ تاريخَ الرجُلْ
هو تاريخ السُقوط في الثُقُوبْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> ذهبتْ.. ولم تَعُدْ..
ذهبتْ.. ولم تَعُدْ..
رقم القصيدة : 66973
-----------------------------------
في تعاملي مع النساءْ..
كنتُ دائماً
من أنصار المدرسة الإنطباعيَّةْ.
كلُّ امرأةٍ..
حدَّثتُها عن جمال الفِكْر الصوفيّْ
وتجلياتِ جلال الدين الرُوميّْ.
وفريد الدين العطّارْ.
ومحي الدين بن عربيّْ.
ذَهَبتْ... ولم تَعُدْ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> فولكلور
فولكلور
رقم القصيدة : 66974
-----------------------------------
أسْمَعُ بخشوعْ
موسيقى برامزْ.
وبيتهوفنْ.
وشُوبانْ.
ورحمانينوفْ.
لكنَّ البدويَّ في داخلي
يظلُّ يشتاقُ إلى صوت الربَابَهْ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الأقنعة
الأقنعة
رقم القصيدة : 66975
-----------------------------------
ليسَ عندي قصائدُ سِريَّةْ
أحتفظُ بها في جواريري.
إن القصيدةَ التي لا أنْشُرُها
هي زائدةٌ شعريةْ..
مهدَّدةٌ بالإنفجار كلَّ لحظةْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> عيناكِ وأسلحتي
عيناكِ وأسلحتي
رقم القصيدة : 66976
-----------------------------------
1
إستعملتُ معكِ..
كلَّ الأسلحةِ التقليديةْ
وكلَّ الأسلحةِ المتطورةْ
من قوس النَشَّابْ...
إلى الخِنْجَر اليَمانيْ..
إلى الرُمْح الإفريقيْ
إلى الصاروخِ العابر للقاراتْ.
إستعملتُ حتى أظافري
لِكَسْرِ جدار كبريائِكْ....
2
وبعدما خسرتُ خيولي..
وجُنودي..
وأوسمتي..
قَعَدْتُ على مدافعي أبكي
لأنني اكتشفتُ
أن جميع خرائطي قد سُرقتْ
وجميع برقياتي السريةِ قد كُشفتْ
وأن أشجعَ رجالي
تركوني
(1/17323)
________________________________________
والتجأوا إلى عينيكِ السوْداوينْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> ليبراليَّة
ليبراليَّة
رقم القصيدة : 66977
-----------------------------------
لا أسمحُ لكِ..
أن تُمارسي سُلُطَاتِكِ عليْ
باسْم الحُبْ
أو باسمِ الأمومَةْ..
أو تحتَ أيَّ شعارٍ عاطفيّ آخرْ
فأنا منذُ أن خلقني اللهْ..
في حرْبٍ دائمةٍ مع السُلْطَةْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> إحباط
إحباط
رقم القصيدة : 66978
-----------------------------------
أردتُ..
أن أكونَ سفيرَ الكلمات الجميلةْ
فَغَلبني القُبح..
وأردت تشجيرَ الصحراءْْ
فأكَلَني المِلْحْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الشمس
الشمس
رقم القصيدة : 66979
-----------------------------------
الشعرُ والديكْ
مصابان بجُنُون العَظَمَةْ
فهما مقتنعانْ
أن شَمْسَ الصباحْ
تطلعُ من حُنْجُرَتَيْهِمَا..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الديكُ يشربُ القهوة
الديكُ يشربُ القهوة
رقم القصيدة : 66980
-----------------------------------
صوتُ الديكْ.
مليءٌ بالرجولةْ..
ولذلكَ، فإن كل صبايا القريةْ
يترُكْْن فراشهنَّ المبللَ بالأحلامْْ
ليصنعنَ لهُ، قهوتهُ الصباحيةْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> إستجواب
إستجواب
رقم القصيدة : 66981
-----------------------------------
سألني ضابطُ الحدودْ:
كمْ عمرُكْ؟
قلتُ: خَمْسٌ وستُّونَ قصيدةْ..
قال: يا الله.. كم أنت طاعنٌ في السنّْ..
قلتُ: تقصدُ.. كم أنا طاعنٌ في الحُريَّة...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> صَيْدُ العصافير
صَيْدُ العصافير
رقم القصيدة : 66982
-----------------------------------
الشاعرْ
يتمنى أن يكونَ عُصْفُوراً.
أمّا العُصْفورْ
فيرفُضُ أن يكونَ شاعراً
حتى لا تصطادَهُ...
الأنظمةُ العربيهْ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> محاكم التفتيش
محاكم التفتيش
رقم القصيدة : 66983
(1/17324)
________________________________________
-----------------------------------
لا يستطيعُ أحدٌ أن يستجوبَ قصيدةً..
ويسألها: أين كانتْ؟
ومعَ منْ كانتْ؟
وفي أيَّ ساعةٍ رجعتْ إلى البيتْ؟
القصيدةُ، هي التي تطرحُ أسئلتها
وتستجوبُ مُستجوبيها....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> إستراحةُ المحارب
إستراحةُ المحارب
رقم القصيدة : 66984
-----------------------------------
في الشعر..
لا يوجدُ شيءٌ اسمهُ استراحةُ المحاربْ
ولا يوجد إجازاتٌ صيفيةْ
ولا إجازاتٌ مرضيةْ
ولا إجازاتٌ إداريةْ
فإما أن تكون متورطاً
حتى آخر نقطةٍ من دمِكْ
وإما أن تخرجَ من اللُّعْبَةْ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> مشنقة
مشنقة
رقم القصيدة : 66985
-----------------------------------
هو شاعرٌ جماهيريّْ..
إذنْ..
لا بُدَّ من شنقِهِ
على أهداب مُحبِّيهْ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> حُرُوبي الجميلة
حُرُوبي الجميلة
رقم القصيدة : 66986
-----------------------------------
كُلّما كتبتُ قصيدةً ناجحةْ
بدأ القَصْفُ المدفعيّْ
عليَّ.. وعليها..
إنَّ أكثرَ ما يُضايقني في الشِّعْرْ
هو معاهداتُ الصلحْ..
واتفاقياتُ الهُدْنَة...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أعراس
أعراس
رقم القصيدة : 66987
-----------------------------------
كُلُّ قصائدي...
تزوَّجتْ -والحمد للهْ -
ولم يبقَ عندي في البيتْ
قصيدةٌ واحدةٌ، لم يأتِ نصيبُها
لذلكَ يكرهني.. كلُّ من لَدَيْهْ
بِنْتٌ عانِسْ
أو قصيدةٌ عانِسْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> التنظير
التنظير
رقم القصيدة : 66988
-----------------------------------
لا أحدَ يطلبُ من الوردَةْ
أن تعقدَ مؤتمراً صحفياً
تتحدَّثُ فيه عن تاريخها..
وفصيلة دمها..
وطَبَقِها المُفضَّلْ..
فلماذا نطلبُ من القصيدَةْْ
أن ترتكب هذه الحماقةْ؟
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> المُتنبيّ
المُتنبيّ
رقم القصيدة : 66989
(1/17325)
________________________________________
-----------------------------------
تستطيع بئرُ النَفْطْ...
أن تضُخَّ عشرةَ ملايين برميل يومياً
ولكنَّها، لا تستطيعُ أن تَضُخَّ...
مُتَنَبيَّاً واحداً!!!.
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الثقافةُ المُفَخَّخَةْ...
الثقافةُ المُفَخَّخَةْ...
رقم القصيدة : 66990
-----------------------------------
كلُّ شيءٍ في حياتنا
صارَ مُفَخَّخاً..
السيَّاراتُ.. والرسائلُ.. والطرودُ البريديّةْ
حتّى الثقافةُ العربيةْ
صارَتْ مُفَخَّخَةْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> تصحيح
تصحيح
رقم القصيدة : 66991
-----------------------------------
أنا لا أعْلِنُ الحربَ
على جِنْس العَرَبْ..
وإنّّما أُعْلِنُها،
على عَرَبِ الجِنْسْ!.
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الطيور السويسريّة
الطيور السويسريّة
رقم القصيدة : 66992
-----------------------------------
حملتُ جرائدي العربيةْ
وجلستُ لأقرأها
على ضفاف بحيرة جنيفْ
فَجْْأةً..
هَرَبَتْ مئاتُ الطيور، مَذعُورَةْ
كأنها خافتْ على ثقافة أولادها
من عناوين جَرَائدي..
وأخبار بلادي...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أُمّي
أُمّي
رقم القصيدة : 66994
-----------------------------------
في أيام الصيفْ..
أذهبُ إلى حديقة النباتات في جنيفْ
لأزورَ أُمّي...
فهي تعملُ بُستانيةَ لدى الحكومة السويسريَّةْ
وتقبضُ عشرةَ فرنكاتْ
عن كلِّ وردةٍ شاميَّةْ
تزرعُها لَهُمْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> مَسْرَح
مَسْرَح
رقم القصيدة : 66995
-----------------------------------
المرأةُ بطبيعتها
تُحِبُّ الرجُلَ الذي يتكلمُ دونَ توقُّفْ..
ويكذبُ دونَ توقُّفْ
لذلكَ، يخسرُ جميعُ الرجالْ
الذينَ لا يُجيدُونَ فنَّ الدراما،
والإلقاءِ المسْرَحيّْ....
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الزواج
الزواج
رقم القصيدة : 66996
-----------------------------------
المأذُونْ..
(1/17326)
________________________________________
هو الطاهي الذي
يُحوِّلُ علاقاتِ الحُبِّ الجميلةْ
إلى أسماكٍ مُثَلَّجَةْ...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> البِدْعَة
البِدْعَة
رقم القصيدة : 66997
-----------------------------------
1
البِدْعَةْ..
هي أن تنفُضَ عنكَ
غُباركَ الصحراويْ
وتأخذَ دوشاً..
صباحَ كُلَّ يومْ.
2
البِدْعَةْ..
هي أن تَخرُجَ من بطن آلة التسجيلْ
وترتجلَ نصَّكْ....
3
البدعةُ عند العربْ
معناها..
أن تهرُبَ من المقبرة الجماعيةْ
وتسكنَ في فيللا على البحرْ...
4
البدْعةْ..
هي أن تخرجَ من علبة السَرْدينْ
التي انتهتْ مُدَّةُ استعمالها
وترمي نَفْسَكَ
كالسمكة في البحر...
5
البِدْعَةْ
هي أن تخلعَ قُنْبَازَكَ..
وقُبْقَابَكَ...
وطَرْبُوشَكَ العثمانيّْ
وتصهلَ كحصانٍ
في بَرَاري الحُريَّةْ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> حوار
حوار
رقم القصيدة : 66998
-----------------------------------
إذا سألوني: من تكون حبيبتي؟
أقول لهم: يا ليتَ أملك رسمها
فإني من عشرينَ قرناً أحبها...
ومازلتُ حتى الآن لا أعرف اسمها...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> على البحر الطويل
على البحر الطويل
رقم القصيدة : 66999
-----------------------------------
إفرشي شعرك فوقي
مثل غابات النخيل
فأنا يعجبني النظم على البحر الطويل
لست رجعياً بطبعي.. إنما
أشتهي رائحة البن.. وطعم الزنجبيل..
يرحل المشط، وقلبي معهُ..
إن من أغلى هواياتي الرحيل...
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> التجارب
التجارب
رقم القصيدة : 67000
-----------------------------------
لا تتعبي نفسك يا غالية
في البحث عن تجاربي الماضية
كل نساء الأرض في كفةٍ..
وأنت يا أميرتي..
في الكفة الثانية..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أعظم أعمالي
أعظم أعمالي
رقم القصيدة : 67001
-----------------------------------
إذا سألوني عن أهم قصيدة
سكبت بها نفسي، وعمري، وآمالي
(1/17327)
________________________________________
كتبت بخطٍ فارسيٍ مذهَّبٍ
على كلِّ نجمٍ: أنتِ أعظمُ أعمالي
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> لو كان حبي شجراً
لو كان حبي شجراً
رقم القصيدة : 67002
-----------------------------------
لو كان حبي شجراً..
لكنت يا حبيبتي
غطيتُ وجه الأرض بالأشجار
لو كان حبي مطراً
أغرقت هذا الكونَ.. بالأمطار..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> إلى ثلاثينية..
إلى ثلاثينية..
رقم القصيدة : 67003
-----------------------------------
دخلتِ الثلاثينَ منذ شهورٍ..
ومازلتُ أشعر رغم الحوارِ المثقفِ،
أنكِ بعدُ.. تخافين مني..
ألا بدَّ أن يتدخلَ شيخ القبيلةِ،
بيني وبينكِ.. كي تطمئني؟
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> معادلة
معادلة
رقم القصيدة : 67004
-----------------------------------
أعشق يا حبيبتي
إذن أنا موجود
أكتب يا حبيبتي
فأسترد الزمن المفقود
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> إكبري عشرين عاماً
إكبري عشرين عاماً
رقم القصيدة : 67005
-----------------------------------
إكبري عشرين عاماً.. ثم عودي..
إن هذا الحبَّ لا يرضي ضميري
حاجز العمر خطيرٌ.. وأنا
أتحاشى حاجزَ العمر الخطيرِ..
نحن عصرانِ.. فلا تستعجلي
القفز، يا زنبقتي، فوق العصور..
أنتِ في أولِ سطر في الهوى
وأنا أصبحتُ في السطر الأخيرِ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> صعوبة
صعوبة
رقم القصيدة : 67006
-----------------------------------
وكم أعجبتُ بامرأةٍ..
ولم يقنع بها القلبُ..
نساء الأرض لا يحصينَ..
لكنَّ الهوى صعبُ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الإناء..
الإناء..
رقم القصيدة : 67007
-----------------------------------
.. وكنتُ في طفولتي
أظن أن القلبَ كالإناء
تسبح في مياهه الزرقاءِ آلافٌ من النساء
وعندما نضجت يا حبيبتي
واتحدت عناصرُ الأشياء
بحثتُ عن أسماكيَ الخضراء والحمراء
فلم أجد سواكِ يا أميرتي
في ذلك الإناء
(1/17328)
________________________________________
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الحافية..
الحافية..
رقم القصيدة : 67008
-----------------------------------
صامتةٌ أنتِ..
فهل تدرينَ بأن يديك الصامتتين..
كتابا شعر؟
حافيةٌ أنتِ..
فهل تدرينَ بأن امرأةً حافية القدمينِ
تغير إيقاع التاريخِ،
وتقلبُ خارطةَ الدنيا،
وتطيلُ العمر؟
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> شهادة تأمين
شهادة تأمين
رقم القصيدة : 67009
-----------------------------------
تريدين مني شهادة حبٍ..
موقعةٌ بالحروف الكبيرةْ..
وأشهدُ - حتى كتابةِ هذي السطور-
بأنك بين النساءِ الأخيرة..
ولكن، لماذا الشهاداتُ؟ قولي
وهل يضمن البحر يوماً حدودَ جزيره؟؟
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> كي يأتي النهار
كي يأتي النهار
رقم القصيدة : 67010
-----------------------------------
لن أطيل الشرح
فالحب اختصار
إنني في حاجة قصوى
إلى واحدةٍ مثلكِ..
كي يأتي النهار..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> تعالي البارحة
تعالي البارحة
رقم القصيدة : 67011
-----------------------------------
إن كان لا يمكنك الحضور
لأي عذرٍ طارئٍ
سأكتفي بالرائحة
إن كان لا يمكن أن تأتي غداً..
لموعدي
إذن.. تعالي البارحة!!
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> التعاريف
التعاريف
رقم القصيدة : 67012
-----------------------------------
أنا ضدَّ كلِّ التعاريف في الحبِّ..
فهي جميعاً قوالب..
وضد جميع الوصايا القديمةِ،
ضد جميع النصوص،
وضد جميع المذاهب..
فلا يصنع الحب إلا التجارب..
ولا يصنع البحر.. إلا الرياحُ وإلا المراكبْ
ولا يستطيع الحديثَ عن الحرب.. إلا المحاربْ
أنا أفعل الحب.. لكن إذا سألوني عنه.
فإني أفضلُ أن لا أجاوب..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> التمثيلية
التمثيلية
رقم القصيدة : 67013
-----------------------------------
أقول أمام الناس، لست حبيبتي
وأعرف في الأعماق كم كنت كاذباً
(1/17329)
________________________________________
وأزعم أن لا شيء يجمع بيننا
لأبعد عن نفسي وعنك المتاعبا
وأنفي إشاعات الهوى.. وهي حلوة
وأجعل تاريخي الجميلَ خرائبا
وأعلن في شكل غبيٍّ، براءتي
وأذبح شهوتي.. وأصبح راهبا
وأقتل عطري عامداً متعمداً
وأخرج من جناتِ عينيك هاربا
أقوم بدورٍ مضحكٍ.. يا حبيبتي
وأرجع من تمثيل دوريَ خائبا
فلا الليل يخفي -لو اراد - نجومَهُ
ولا البحر يخفي - لو أراد - المراكبا
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> قدرٌ أنت بشكل امرأة..
قدرٌ أنت بشكل امرأة..
رقم القصيدة : 67014
-----------------------------------
قدرٌ أنت بشكل امرأة..
وأنا مقتنعٌ جداً بهذا القدرِ
إنني بعضك، يا سيدتي
مثلما الآهُ امتدادُ الوتر
مطر يغسلني أنتِ.. فلا
تحرميني من سقوط المطر
بصري أنت. وهل يمكنها
أن ترى العينان دون البصر؟
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الوردة والفنجان
الوردة والفنجان
رقم القصيدة : 67015
-----------------------------------
دخلتُ اليومَ للمقهى
وقد صممت أن أنسى علاقتنا
وأدفن كل أحزاني...
وحين طلبتُ فنجاناً من القهوة
خرجت كوردةٍ بيضاءَ..
من أعماق فنجاني!!
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> لماذا؟
لماذا؟
رقم القصيدة : 67016
-----------------------------------
كثيراتٌ صديقاتي..
كثيراتٌ علاقاتي
وبين يديَّ -حين أريد- آلاف الخيارات
ولكن ما يحيرني
لماذا أنت بالذاتِ؟
أحبكِ أنتِ بالذاتِ؟
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الطوابع
الطوابع
رقم القصيدة : 67017
-----------------------------------
أعرف يا سيدتي
أن الرجال كلهم لديك كالطوابع..
مجموعةٌ من أغربِ الطوابعِ..
وأندرِ الطوابع
على جدار القلب تلصقينهم
وحين تتعبين تنزعينهم..
من دفتر الأشواق كالطوابعِ..
أعرف أيضاً أنني
ما كنت إلا طابعاً من جملةِ الطوابعِ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الكتاب المقروء
الكتاب المقروء
رقم القصيدة : 67018
(1/17330)
________________________________________
-----------------------------------
بكلمةٍ واحدةٍ..
لفظتها، ونحن عند الباب
فهمت كل شيء..
فهمت من طريقة الوداع
ومن جمود الثغر والأهدابْ
فهمت أني لم أعد
أكثر من بطاقةٍ تترك تحت الباب
فهمت يا سيدتي
أنك قد فرغتِ من قراءةِ الكتاب..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> لن تخلصي مني..
لن تخلصي مني..
رقم القصيدة : 67019
-----------------------------------
لن تهربي مني ..
فإني رجلٌ مقدرٌ عليكِ
لن تخلُصي مني..
فإنَّ الله قد أرسلني إليك
فمرةً أطلعُ من أرنبتي أذنيك..
ومرة أطلعُ من أساورِ الفيروزِ في يديكِ
وحينَ يأتي الصيف يا حبيبتي
أسبحُ كالأسماكِ
في بحيرةِ عينيكِ..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> عشرين ألف..
عشرين ألف..
رقم القصيدة : 67020
-----------------------------------
عشرين ألفَ امرأةٍ أحببتْ
عشرين ألف امرأةٍ جرّبتْ
وعندما التقيتُ فيك يا حبيبتي
شعرتُ أني الآن قد بدأتْ
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> بلا كلمات..
بلا كلمات..
رقم القصيدة : 67021
-----------------------------------
لأن كلامَ القواميسِ ماتْ
لأن كلامَ المكاتيب مات
لأن كلامَ الرواياتِ مات
أريدُ اكتشاف طريقةِ عشقٍ
أُحبكِ فيها بلا كلماتْ
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أشكوكِ للسماء..
أشكوكِ للسماء..
رقم القصيدة : 67022
-----------------------------------
أشكوكِ للسماء..
كيف استطعتِ كيف
أن تختصري
جميعَ ما في الأرضِ
من نساء..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> ذاتَ العينينِ السوداوين
ذاتَ العينينِ السوداوين
رقم القصيدة : 67023
-----------------------------------
ذاتَ العينينِ السوداوين
ذاتَ العينين الصاحيتينْ الممطرتينْ
لا أطلبُ أبداً من ربي إلا شيئينْ
أن يحفظ هاتين العينين
ويزيدَ بأيامي يومين
كي أكتبَ شعراً
في هاتين اللؤلؤتينْ
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> عندما تبكينَ
عندما تبكينَ
(1/17331)
________________________________________
رقم القصيدة : 67024
-----------------------------------
إني أُحبكِ عندما تبكينَ
وأحبُّ وجهكِ غائماً وحزينا
الحزن يصهُرنا معاً ويذيبنا
من حيث لا أدري ولا تدرينا
تلك الدموع الهاميات أحبها
وأحب خلف سقوطها تشرينا
بعض النساء وجوههن جميلةٌ
وتصيرُ أجملَ عندما يبكين
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> لو كنتِ..
لو كنتِ..
رقم القصيدة : 67025
-----------------------------------
لو كنتِ يا صديقتي بمستوى جنوني
رميتِ ما عليكِ من جواهرْ
وبعتِ ما لديك من أساورٍ
ونمتِ في عيوني
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أنا عنكِ ما أخبرتهم
أنا عنكِ ما أخبرتهم
رقم القصيدة : 67026
-----------------------------------
أنا عنكِ ما أخبرتهم
لكنهم لمحوكي
تغتسلينَ في أحداقي
أنا عنكِ ما كلمتهم
لكنهم قرؤوك في حبري وفي أوراقي
للحبِّ رائحةٌ
وليس بوسعها ألا تفوحَ
مزارعَ الدُّراقِ
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> عبادةْ..
عبادةْ..
رقم القصيدة : 67027
-----------------------------------
حبُّكِ يا عميقةَ العينين
تطرفٌ .. تصوفٌ.. عبادةْ
حبُّك مثلَ الموتِ والولادةْ
صعبٌ بأن يعادَ مرتينْ
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> عيدِ ميلادي
عيدِ ميلادي
رقم القصيدة : 67028
-----------------------------------
مازلتَ تسألُني عن عيدِ ميلادي
سجّلْ لديكَ إذن ما أنتَ تجهلُه
تاريخُ حبِّكَ لي
تاريخُ ميلادي..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> الحبُّ يا حبيبتي..
الحبُّ يا حبيبتي..
رقم القصيدة : 67029
-----------------------------------
الحبُّ يا حبيبتي
قصيدةٌ جميلةٌ مكتوبةٌ على القمرْ
الحبُّ مرسومٌ على جميعِ أوراقِ الشجر
الحب منقوشٌ على ريش العصافير
وحبات المطرْ
لكنَّ أيَّ امرأةٍ في وطني
إذا أحبتْ رجلاً
ترمى بخمسينَ حجرْ
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> عيناها والحنين
عيناها والحنين
رقم القصيدة : 67030
(1/17332)
________________________________________
-----------------------------------
تلك المسافةُ بين عينيها وأرصفة الشوارع
هي بامتداد دمٍ جرى نوراً ..
.. بأوردةٍ تُوَحِّدُ عاشِقَيْن
هي ذِكرياتٌ قد غَفَت تَحْتَ الغَمَامِ وقد بكى مَطراً
وحَنَّت فاستفاقت بين ذاكِرةٍ وعينْ
تلك المسافةُ لم تكُن إلاَّ زماناً من هوى
عُمرَاً مضى حُلماً كَمَرِّ سحابَتَيْن
مُخَلِّفاً أصداءَ ما تركَ المُغَنِّي في أماسيهِ الشريدةِ من أسى
لحناً تناثرَ في الطريقِ وفي نهايات المَفارِقِ نَغْمَتَيْنِ .. فَنَغْمَتَين
كُلُّ ما تَرَكَ المُغنِّي بين شُرفَتِها وشُرفَتِهِ الحزينةِ
كُلُّ ما تَرَكَ المُغَنِّي من صدى ..
في شُرفَتَيْن !
------------------------------
هَذي الشَّوارع من قديمٍ قد غَفَت كالحُلمِ ..
.. مُغْمِضةً على الذِكرى
فكيف استيقَظت هذا النهار لتسألَ عابريها
عن ملامِحِ عابِِرَيْن ؟
مضت بخطوهما الدروبُ إلى الغياب
ترافقا حتى نهايات المدى
وتَبَاعَدَا كَفَرَاشتيْن
لعلَّهُ المطرُ الذي تصحو على إيقاعهِ الذِكرى
فتنتفِضُ الشوارعُ من حنينٍ حينَ فاجأها
ومن ألمٍ لِبَيْن
لعَلَّهُ الوهجُ الذي قد طافَ عينيها اللتين ترامتا لَهَفَاً ..
.. لِتحتَضِنا الدروبَ أسىً
وقد صحت الرؤى
وتناثرت في أُفقِ عينيها الخريفيِّ الملامِحِ
دَمْعَتَينِ فدَمعَتَيْن
مضت كما حُلماً يمُرُّ على الطريقِ
يودُّ لو جازَ المسافةَ للحَنين مُحَلِّقاً ..
.. في غمضِ عينْ !
جازت مسافَتَها على مطرِ الطريقِ نُجيمةً خطرت على غيمٍ ..
.. كما بُسُط اللُّجينْ
-----------------------------
تلك المسافة بين عينيها وأرصفة الشوارع
هي لم تكُن إلاَّ زماناً من هوى
عُمراً مضى حُلماً كمرِّ سحابَتَيْن !
مُخلِّفاً أصداء ما تركَ المُغنِّي في أماسيهِ الشريدة من أسى
لحناً تناثر في الطريقِ وفي نهايات المفارق ..
.. نَغْمَتينِ فَنَغْمَتَيْن
كُلُّ ما تَرَكَ المغَنِّي بين شُرْفَتِها وشُرْفَتِهِ الحزينة
(1/17333)
________________________________________
كُلُّ ما تركَ المُغَنِّي من صدى
في شُرفَتَيْن
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> في موعد الغيوم
في موعد الغيوم
رقم القصيدة : 67031
-----------------------------------
تقابَلا
في موعدِ الغيومِ ..
بُرْعُماً وجدولا
تقابَلا .. ففاضَ في عَيْنَيْهِمَا الحَنينُ
راحِلاً ومُقبِلا
تَكَلَّما .. كأنَّما تَعَندَلا !
تفجَّرَ الحنينُ فيهِما واسترسلا
تبادَلا ..
شوقاً يقرُّ في العيونِ هائِلا
تَلاَمَسا .. كَأنَّما تَداخَلا !
وغَابَ لَيْلٌ مُعْتِمٌ
لِضوءِ سِرٍّ انجلَى
تَرَاقَصَا .. كنَجمَتَيْنِ تومِضانِ فَرْحةً
كَنَغْمَتَيْنِ في الهواءِ للبعيدِ تَرْحَلا
تَعانَقا ..
وسَافَرَ النَّعيمُ في روحَيْهِمَا .. فما تَمَهَّلا
تَساءَلا : وهل يدومُ ذلكَ الحنينُ سَرْمدا
يدومُ ما قد أمِلا ؟
تأمَّلا .. نهراً يُرقرِقُ الغِناءَ في قَلبَيْهِمَا
ومَوعِدَيْنِ للشُّروقِ في العيونِ أقبَلا
تَضَاحَكا ..
وأفسَحَ النعاسُ في روحيهما مدى
فسافرا للحُلمِ نائِمَيْنِ في حدائق الربيعِ
زهرةً وبُلْبُلا
-----------------------------
استيقَظَا
كَأَنَّمَا تَبَدَّلا !
ورَاحَت العيونُ تَلتقي
كَأنما الأَسى يلُفُّها ..
.. كأنَّما تساؤُلا ..
يقرُّ في العيونِ جَارِحَاً وقاتِلا !
تَنهَّدا ..
تَمَلمَلا
تَكَلَّما .. فأُضرِمَ الحوارُ مُشْعَلا
تَغَيَّرَا ..تَحَوَّلا
تَبادَلا الجَفاءَ والخصامَ في قساوةٍ
وردَّدَ الصَّدَى
لحناً يغيبُ في السُّكونِ بعدَما علا
تَبَاعَدَا ..
خبا النَّهارُ في العيونِ
والرَّبِيعُ عادَ ذابِلا
تَبَاعَدا
تلاشيا هُناكَ في متاهةِ الغياب
نَجمَتانِ مرَّتا لِتَرْحَلا
لم يَبقَ من صَدى لِقَاهما في مَوعِدِ الغيومِ
غيرَ طيفهِ الشَّفيف
وعَبْرَتَانِ تأمَلانِ عودةَ الحنين
دونَ أن تُؤَمَّلا
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> مُحاوَرَة
مُحاوَرَة
رقم القصيدة : 67032
-----------------------------------
(1/17334)
________________________________________
كانت عيناها تتَجوَّلُ في أعماقي
عبرَ زِحام القاعة .. والمائدة الخاوية الأطباقْ
ترقبُ وجهي في جلستيَ المُنطويةِ
تنبشُ بالأحداقْ ..
.. في طَيَّاتِ الرُّوحِ
عساها تكشفُّ سِرَّاً يبرقُ في عينيَّ
وتُخفيهِ الأعماقْ
كنتُ أُراوِغُ مِخلبَ عينيها
حتَّى جاءت
مَرَّت عبرَ الحَشد كموسيقى تنقِلُها الرِّيحُ إليَّ
مَضت تسألُني
- لا أعرِفُكَ .. فَمَن أنتَ ومِن أينَ أتيت ؟
- يا سيِّدتي طيفٌ عابِرْ
جِئتُ على مَتنِ السُّحُبِ العابرة فضاءاتِ الأيام
حتَّى أهرُبَ من وحشةِ روحي بعض الوقت
- لا تتلاعب بالكَلِمات
أراكَ تُحِبُّ امرأةً .. وتحاولَ أن تُخفي هذا العِشقَ الآن !
- يا سيِّدتي لم تعشِقني من زمنٍ إلا الأحزان
ولم يتَجوَّل في أعطافِ القلبِ شُعاعيْ حُبٍّ منذُ زمان !
- أنتَ تُراوِغ !
عيناكَ الشَّارِدتانِ تشي بالعِشق
بامرَأةٍ يتراقَصُ طيفُ مفاتِنِها خَلْفَ شُرودِكَ
وتُضيءُ بِلَمسِِ أَنَامِلِهَا أَعْمَاقَ الرُّوْح !
- سيِّدتي إني ...
- أنتَ تُضَلِّلُني !
- إني أشرُدُ خلف الذَِكرى حين تُباغِتُ قلبي بِنِصالِ مرارتِها
ذكرى الأيام الخرساء تمُرُّ على جِسرِ العُمرِ بِعرباتٍ سوداء ..
.. فتسقطُ تحتَ العجلاتِ الأقدام
ذِكرى العشق الأول
تتفتَّحُ أوراقُ القلبِ الخضراءَ لِمَرْآهُ
إلى أن تَذبُلَ ..
حين يُحّلِّقُ مُرْتَحِلاً لِنداءِ ظلام
ذِكرى خُضر الأيِّام
نثَرَتهَا الرِّيحُ وداسَتْهَا الأقدام
- إني لا أفهم !
كيفَ تُشَدُّ لهذا التيهِ وأنتَ وقفتَ أمام ممالكَ حُسني !
ألا يُبهِرُكَ جمالي ؟
ألا أُلهِمُكَ ؟
- مالي والإلهام ؟
يا سيدتي .. لا يَعْرِفُ كيفَ يُحَلِّقُ بسمواتِ العشق
.. من ائتَلَفَ الآلام
فدعيني في ملكوتِ شرودي
طيفاً يرحلُ خلفَ غيومِ الذِّكرى حين تُلَوحُ
وعودي للأضواء ..
.. تُرَاقَصُ بين كئوس المدعوين على صَخبِ الأنغام !
يا سيِّدتي
لا يشغلُني العِشقُ الحالِمُ والإلهام
يشغلُني أن أجِدَ خَلاصاً
(1/17335)
________________________________________
يعتقني من أَسْرِ العُمرِ
لأُفلِتَ من مُرِّ الأيَّام
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> لُعبَة الحَقيقة المُقَنَّعَة
لُعبَة الحَقيقة المُقَنَّعَة
رقم القصيدة : 67033
-----------------------------------
عَيْنَاكِ تَغرِقانِ في العِتابْ
تُحاصرانني بالاتهام ثم تُفلِتانِ للمدى
وتُطفِئانِ في عيوني البريقَ
تُلقيانني إلى مَتَاهَةِ العَذابْ
وأنتِ تسألينني وقد علا شِفاهَكِ الغَضَب
عن موعِدٍ تَهيَّأت لنا النُّجومُ كي يضُمَّنا
ولم أجِئهُ حين ضَمَّني الغيابْ
بَحَثتُ في ارتِبَاكِ موقِفي عن الإجابةِ المُنَمَّقةْ
عنِ العبارةِ التي تشي ولا تقول
فما استطاعت المُراوَغَةْ
أن تَنْصُرَ الكَذِبْ
وظَلَّ طائرُ الأسى والارتيابْ
يجوبُ أُفْقَ مُقلَتَيْكِ دامِعاً ..
.. يُرَجِّي الجوابْ
حبيبتي .. ويالتعس ما لديَّ من جواب
فقد نسيتُ موعدي الذي يضُمُّني معك
بموكِبِ الرياحِ والأنسام والسُّحُب
لأنني أمسيتُ جائِعَا !
فلتّعذُري
فالشوقُ ينطفيء
إذا استبدَّ بالبشَر ..
.. الجوعُ .. ثُمَّ راح يخنِقُ المشاعرُ التي تنامُ في قلُوبِهِم
على خمائلِ الحَريرِ والنَّغَمْ
فلا يُفَكِّرونَ في سواه
وهذه الحياةْ
تُضَيِّقُ الخناقَ دائِماً على الذينَ يطلبونَ لُقمَةً
بقدرِ ما بِها من السِّعةْ
حبيبتي
فلتغفِري نسيان موعِدِك
ولتعذُري ارتِباكةَ الحديثِ خلفَ لُعْبَة الحقيقةِ المُقَنَّعَهْ
فالجوعُ ..
كان موعِدي معه !
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> الموتُ في بلاطِ شهريار
الموتُ في بلاطِ شهريار
رقم القصيدة : 67034
-----------------------------------
تذكّري وأنتِ ترقُصينَ في عرائِهِ المَهيبَ أن تُلَملِمي الدِّثارْ
أن تُخَفِّفي من رعشةِ الإغواءَ حينَ تَلمَحينَهُ
يُمَزِّقُ الرِّداءَ عَنْكِ في سُعارْ
فرُبَّما اختَفَت من مُقلَتَيهِ رَفَّةُ الرِّضَا
وراحَ شهريار ..
.. يجوسُ بالعيون في حدائق الجسدْ
(1/17336)
________________________________________
مُهَدِّداً تَدَفُّقَ الحياة في ارتعاشةِ الثِّمارْ
تمَهَّلي وأنتِ تَلهَثينَ خلفَ رَقصكِ الذبيح ..
.. نَجمةً سجينةَ المدارْ
فلا ابتسامكِ الشقيّ يُوْقِفُ الأَسَى
أو فَرْحَكِ الكَذوبُ قد يَرُدُّ عارْ
ورَقصُكِ الذليل لن يدوم للأبدْ
لكنَّهُ يُشَدُّ لانطِفاء اللحظةِ المُلَوَّنهْ
وحين يبدأُ النُّعاسُ والمَلل
طريقَهُ إلى عيونِ شهريارْ
وأنتِ تَستَجدين كُلَّ نَغْمَةٍ لكي تطول
.. كل رعشةٍ بجسمكِ المهان
علَّهُ يُثارْ !
ماذا لو انَّ ما أُمِّلتِ لم يكُن ؟
لو أَشهَرَ المَصيرُ سَيْفَهُ عليكِ من ظلامِ اللحظةِ المُخَبَّأهْ
وأَحكَمَت أنامِلُ الخديعة الحصار ؟
.. لو مَلَّ رَقْصَكِ السَخيَّ ..
.. لو أَشارْ
لكي يُهيّئوا الفِراشَ في توهُّج الجسد
ويُسلِموكِ بعدَها
للسيف كيف يُغيبَ في عيونكِ النهار ؟
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> الصّدق والرواية المُلّفَّقة
الصّدق والرواية المُلّفَّقة
رقم القصيدة : 67035
-----------------------------------
يا سيِّدي
يا مُخرج الرواية العظيم
دقائِقٌ ويُرفَعُ السِّتَارْ
وتبدأُ الأصواتُ في الخفوت
.. تُطفأُ الأنوارْ
ويشدهُ المشاهدون للذي يدور
دقائقٌ ويبدأُ الدوارْ
وينبري المُمَثِّلونَ في السَّخَف
إن يبدءوا بعرضِ هذه الرواية المُلَفَّقةْ
تَتَابَعَت فُصُولُها تُجَمِّلُ الكَذِب
وتطمِسُ الحقيقةَ الخَرْسَاء
وأنتَ في مكانكَ البعيد ترقبُ الجميع
تُطِلُّ من وراءَ هذه الستائر السوداء
في أَوجُهِ المُمَثِّلينَ والحضور
لِتَطمَئنَّ أن كُلَّ ما لفَّقْتَهُ يسيرُ وِفقَ ما يُرام
فتفرًكَ اليدينَ في انتشاءة الحبور
إن تَلمَحَ المُشاهدينَ قد تَرَنَّحوا من الضَحِك
فلم يُلاحِظوا رداءةَ الحوار
أو يُدرِكوا تفاهةَ الرواية المُزَيَّفهْ
يا سيِّدي
دقائقٌ ويصعد الممثلونَ فَوْقَ مسرحك
لكي يواصلوا الكذب
أمامَ هذهِ الصفوف
كُلٌّ إلى مكانه الذي رسمتَهُ له
أمَّا أنا
فلن أكونَ في مكاني المألوف
(1/17337)
________________________________________
سئمتُ دَوريَ المُلَفَّقَ المُعتاد
وأن أكونَ واحداً من الذين يخدعون هذه الألوف
وأنتَ لستَ فَوقَ مُستَوى الخَطَأ
لكنَّ من يُصَفِّقونَ كُلَّ ليلةٍ لزيفكَ المُعاد ..
.. أوهموكَ بالنَّجاح والنبوغ بعدَما خدَّرتَهُم
بالضحك والغِناء والرَّداءة المُقَنَّعهْ
سأترُكُ التمثيلَ لِلَّذي يُريد
ليَستَمِرَّ دَوريَ الرديءَ من جديد
في هذه الأُكذوبة المُرَوِّعَهْ
لكنني وددتُ أن أقول
لو أَدرَكَ الجُمهورُ زيفَ ما يراه
أو تَكَشَّفَت أمامهُ الحقيقةَ التي تفنَّنَ التلفيقُ في إخفائِها ..
.. بجوِّ عرضِكَ البهيج
لَضَجَّت النفوسُ بالذهول والأسى
وماجَ هذا المسرحُ الكبيرُ بالنشيج
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> الصباحُ الذي لا يجيء
الصباحُ الذي لا يجيء
رقم القصيدة : 67036
-----------------------------------
جارتي مَدَّت من العينينِ نافِذَتيْ أمل
ورَمَت عليَّ ضياهُما
ومَضَتْ تُشيرُ ببسمةٍ جذلى إليَّ
..لعلَّني أرنو إليها من ذهولِ كآبتي أو أستفيقْ
" يا جارتي ما بيننا بحرٌ عميقْ
بيننا بحرٌ من العجزِ رَهِيبٌ وَعمِيقْ " *
حتى ابتسامتكِ الشفيفة لن تضيءَ ليَ النهارَ
ولن تُذَلِّلَ لي الطريقْ
أنا لستُ إلاَّ واحداً مِمَّن يَجيئُونَ الحَياةَ لِيكدَحُوا في ليلِها
وتضنُّ ساخطةً عليهم بالصباحِ .. فلا شروقْ ..
.. يأتي إلى غديَ المُضيِّعِ في الشقاءِ وفي الأسى
بالبهجةِ العذراء تنتشِلُ الفؤادَ المُتعسَ المُلقى هُناكَ
.. بِجُبِّ وحشتِهِ السحيقْ
ولرُبَّما أنفَقْتُ أيَّامي لأرسُمَ بسمةً تعلو وجوه الآخرين
فالآخرونَ لهُم صَبَاح
وليس في دربي سوى الظُلُمات
.. كدَّسها الشقاءُ على متاهاتِ السنين
دربي عسيرٌ لو علِمتِ كأنَّما مُدَّت مسالِكُهُ الأليمةُ عبر أنَّاتِ الحياة ..
.. من الجحيمِ إلى الجحيم
دربي أليم
تمضي بهِ الأيَّامُ عابِسةً مُرَنَّحةَ الخُطَى هَمَّاً ..
.. إلى قدري البَهيم
يا جارتي عيناكِ غارقتانِ في حُلمٍ بهيج
(1/17338)
________________________________________
ترنو إلى غدِكِ الأمير
غدِكِ المليء بالابتسامِ وبالورودِ وبالأريجِ ..
.. على بساطٍ من حرير
وبضحكةِ الأطفالِ صافيةً كنبعٍ قد ترقرقَ باسِمَاً
ويدينِ تشتبِكانِ في حُلمٍ تَوَحَّدَ ..
.. ضَمَّهُ بيتٌ صغير
عيناكِ تحلمُ بالصباحِ وليس في دُنياي شيءٌ من صباح
هو لن يجيءَ لبؤسِ أيَّامي العِجاف
لسنينيَ العمياءَ تستُرُ عوزها بالكدِّ
ليست تبتغي حُلماً سوى خبز الكفاف
هو لن يجيء وعالمي مُتَرَنِّحٌ بِيَدِ الرِّيَاح !
فلتُسدِلي أهدابَكِ الحسناءَ فوقَ تَلَهُّفِ الحُلمِ البَريء
وامضي إلى غدِكِ البهيِّ وحيدةً مِنِّي ..
.. إلى غدِكِ المُضيء
أمَّا أنا فشقائيَ المُمتَدُّ قدَّرَ لي مُعايشةَ الظلامَ
ونَقلَ أحجارِ السنين
تهدُّ كاهليَ الفقير
امضي إلى غدكِ الهنيء
ودعي الشقاءَ يسوطُ من قد عُذِّبوا في لَيْلِهِم
من أجلِ صُبحٍ لا يجيء
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> حُلم النهار البعيد
حُلم النهار البعيد
رقم القصيدة : 67037
-----------------------------------
اتَّجِه للنهار البعيد الذي حاصرَتهُ الليالي
تَقَحَّمَ ظُلْمَتَها
كي تُحَرِّرَ للتائهينَ بَصِيصَاً يُضيءُ لهم ..
من سَنَا نَجمَةٍ أو شُعَاعْ
التحِف بالقلوب التي تفتديكَ
برغم جراحٍ تُزلزِلُها
وتُفَجِّرُ فيها النحيبَ الكتومَ أسىً والتياعْ
استبِقْ خطوات الزمانِ إلى غدِكَ المُرتَجَى
لم يَعُدْ في المدى زمنٌ للبُكاءِ ..
.. على أمسِكَ المُستَذَلّ المُضاعْ
كُن طريقاً إلى الغدِ يمضي الحيارى على هَدْيهِ
وملاذاً لمن يسكُنُ الخوفُ أَعمَارَهُم
قَدِّمَ الروحَ شَرْبَةَ مَاءٍ لمن ظَمئوا
ورغيفاً ليسندَ قلبَ الجياعْ
انتصِرْ للذين انحنت في انهمارِ الفجائع قاماتِهم
شَرَّدَتهُم خُطوبُ الزمان
فلّم يملكوا للبَلاء سوى الانصياعْ
اقتحِم وانتصِرْ
واستَبِق واستَدِر
كي تُنازِلَ هذا الزمانَ الذي قد تَخَفَّت ..
.. سودُ ملامحه في قناعْ
(1/17339)
________________________________________
امدُد اليدَ للضائعينَ ببحرِ الحياةِ الذي يصطخِب
كُنْ لهُم مِرفئاً أو شِراعْ
افتح القلبَ يحنو على عاشِقَيْنِ بِبَدءِ غِنائِهِمَا للحَيَاةِ
ويبكي على آخَرَيْنِ يُسافِرُ لحنُهُما
بعدَما سَلَّمَا للوداع
لا تَهَبْ قَدَراً قد يجيء من الغيبِ أو تتقي خطرا
كن جسوراً كضوءِ النهارِ
يشُقُّ الظلامَ إلى حيث شاء
ولم يُثنِهِ عن نِِزَال السَّوَاد أسى قد يراودُهُ
أو يُعِدهُ ارتياعْ
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> ما الذي تنتظِر
ما الذي تنتظِر
رقم القصيدة : 67038
-----------------------------------
الزَّمَانُ استَعَرْ
الأمانُ اختفى والأماني تَفِر ..
.. إلى سُدُمٍ تنتهي في جحيمِ الأسى
والمُنى تَحتَضِر
المَدى مُغلَقٌ
والبِحارُ تُزَمْجِرُ ثائرةَ الموجِ
والأرضُ جَمْر
ما الذي بَعدَ ذا تَنْتَظِر ؟
والربيعُ الذي بَرْعَمَت كل ورداته في الفؤاد
يُحاصِرُهُ بالمواتِ الأسى ..
.. في غيابِ المَطر
والنَّهَارُ المُرَفرِفُ في مُقلَتَيكَ خبا
تارِكاً حُلمَهُ لِظلامٍ أتى يستَعِر
لم يَعُد مِن رَجَا
إنَّ أَعذَبَ ما في انتِظارِكَ مُرْ !
الوجوهُ التي سكنت في شِغافِ حناياكَ يوماً ..
.. مضت بعدَما راوَغت حُلمَها
ورَمتهُ على أوَّل الليل غَائِبَةً
لم تَدعْ خَلفَهَا مِن أَثَر
تَرَكَتكَ وحيداً على دربِ أحلامِكَ المُختَفي في المدى
( كُلُّهُ حَسَكٌ غائِبٌ في حُفَر ! )
صِرتَ وحدَكَ في ذلك التيهِ
كُلُّ الدروب هنا تنتهي في سَقَر
ما الذي تنتظِر ؟
النهاياتُ تُطبِقُ من كُلِّ صوبٍ عليك
وأنتَ هُنا واقِفٌ لائِذٌ بالحّذَر
ليتكَ الآن تعرَفُ أنَّ الرُّكونَ إلى الخَوْفِ مِقصَلَةٌ
والشَّجاعةَ تُنجي
وأنَّ النَّهارَ الذي لم يبِن زَمَنَاً قد يَلَوحُ
.. إذا ما تَقَحَّمْتَ هذي الحوائِل
أسقطتها بين كَرٍّ وفّر !
فاقتَحِم كُلَّ هذا الجحيمَ الذي حاصرك
لا تَهَب
لا يُغيَّرَ خوفٌ قَدَر
لا تُطِل في العراء الوُقُوفَ
فهذا الزَّمَانُ يَمُر
(1/17340)
________________________________________
ارفعَ القلبَ سيفاً بوجهِ الزمانِ الرديء
امتطي صَهَوَاتِ الجُنُونِ إلى ما تَبَقَّى من الحُلمِ
جازِف
لعلَّك تنتزِعُ المستحيلَ الذي ترتجي ..
.. من نيوب الخطر
كُلُّ ما حولكَ الآنَ يُلقي لقلبِكَ هذا السؤالَ الذي
تترقرقُ أصداؤهُ في أسىً مُنهَمِر
ما الذي تَنْتَظِرْ ؟
ما الذي تَنْتَظِرْ ؟
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> الحُزن
الحُزن
رقم القصيدة : 67039
-----------------------------------
الليلُ حطَّ يا صديقتي على الفؤاد
الليلُ حطَّ والسَّوَادْ
يُغيمُ كُلَّ رؤيةٍ بهيجةٍ بِمُقلَتي
يُحيلُني الأسى إلى رَمَادْ
وكُلَّما فررت مِنهُ هارِباً إلى شواطيء السكون والنعاس
صادني السُهادْ
وأَشْعَلَ الأفكارَ فيَّ غيرَ آبهٍ بوحشتي
بحاجتي للارتياحِ والرقادْ
أتوهُ في دوائِر الضياعِ والأسى
تجرُفنيَ الأحزانُ في دوائر الكآبةِ الكئودْ
تَعيسةٌ متاهَتي
ثَقيْلةٌ .. كالعجزِ كالحِدادْ
تَزُورُني
تُعيدُ لي مَشَاهِدَ النَّهار
ترُدُّني إلى شَقَائيَ المُقَدَّر الأسَى
ورِحلتي العسيرة الدروب في مهامه الحياة دون زادْ
تُعيدُني إلى قيود عالمي الذي يغيبُ في المساء
وتُحْكِمُ الأصفادْ ..
.. إسَارَهَا عليَّ دونَ رَحمَةٍ
إذا مَضَتْ تشُدُّني إلى رؤى نهاريَ الفقير
ليوميَ المُستَسلِم المُنقَاد
..لقبضةِ الهموم والأحزانِ والسواد
ليوميَ الذي يمُرُّ مبطِئاً على جسور الوقت كي يُعادْ !
لا رحمةً في أوجهِ الذين يعبُرون ذلك النهار
لا بسمة على الشفاه أورقَت
أو نظرةً ودودة الضياء تُفْعِمُ الفؤادَ بالأمل
وتنشُرُ الأمانَ والوِدادْ
ألوذُ وقتها بوحدتي
أُشاغِلُ الأفكارَ والهُمومَ حتى يَعبُرَ النهار
كيلا تصيدني شِراكَ حُزنيَ المكينة الأوتادْ
تِلكَ التي تظلُّ في عراءِ الذاكرةْ
تُطِلُّ من كهوفِها العميقةِ الظلام
من رَغبَةٍ مضى الفؤادُ خلفَ طيفِها البهيج في زمانهِ البعيد ..
.. خلَّفَتْهُ وانثنت للابتعادْ
من لحظةٍ تضوَّأت بالحُلمِ والمُنى
(1/17341)
________________________________________
وحينَ جاءَها .. ما نالَ من وعودِها مُرَادْ
من جَفوةٍ أذَلَّت الفؤادْ
من طيفِ وجهٍ اختفى مع السنين
تارِكاً للقلبِ حيرةً تُلقيهِ في جحيمِ الاتقادْ
لَكِنَّما النهار ينتهي ولا تزال تهدِرُ الهُمُوم
.. لا تزال حتَّى بعد أن يلفَّني الظَّلام
وأستدير مُسلِماً عناء رأسي الكليل للوسادْ
لكي يُحيطَ بي الأسىَ الضَّرير
الحُزنُ لا يغيبُ يا صديقتي
كأنَّهُ القضاءُ والمصير
يشدُّنا إذا أتى النهارُ والمساء
لرحلةٍ جميعُ ما بها من الدروبِ الشوكُ والقتادْ
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> الحزن 2
الحزن 2
رقم القصيدة : 67040
-----------------------------------
يا رِفقَتِي جَاءَ الصَّبَاح
جاءَ الصباحُ ولا يزالُ فؤاديَ المكلوم يسكُنهُ الظلامْ
لا الضوءَ أورَثَهُ السلامْ
لا هدأةَ الفَجرَ النديِّ حَبَتْهُ بالبِشْرِ المُدَثَّرِ بالوِئَامْ
لكنَّهُ قد ظَلَّ في أحزانِهِ الغَرقَي هُناك
كأنَّما سكنت به من ألف عامْ
حُزني ثَقيْلٌ مُتْعَسٌ يا أصدِقاءْ
يأتي كَأَنَّ جهنَّماً أَلقَت بهِ من قاعِهَا
في ريحِ وقدتِها السَّموم
الحُزنُ يُقبِلُ والهموم
.. لا تبتغي إلاَّ الفؤادَ لها مرام
وبرغم أني أعبُرُ اليومَ الكئيب على جسورِ الوقت حتى ينتهي
لكنَّهُ يبقى هُنا
الحُزنُ - لو تدرون - في يومي يُقاسِمُني النهار
ويصُبُّ في قلبي السقامْ
فكأنَّهُ قد صَبَّ في قلبي اللَّظَى ورمى السَّهام
حُزني ثَقيْلٌ مُتعَسٌ يا أصدِقاء
يأتي .. يصُبُّ ظلامَهُ في القلبِ آمادَ النهار
إن حوَّمَت غربانُهُ السوداءَ تحجبُ شمسَهُ
تُلقي على عيني القَتَامةَ والقَتَام
حُزني غريبٌ .. موحِشٌ إن زارني
أو جاءَ قاصِداً الفؤادَ لهُ مَلاذَ فلا يُبَارِحَ إن أقام
حتَّى إذا ما قد مَددتُ لكم يدي يا أصدِقاء ..
.. وقد عَشَت مِنهُ العيونُ ..
.. ووسَّدَ الدربَ الظلام
ألقاكموا مِثلي .. أذَلَّكُمُ الأسى
لم يُبقِ من وهج الحياة على عيونِكم الكسيرة إن رَنَت إلاَّ الحُطام
(1/17342)
________________________________________
الحُزنُ سَمَّمَ يومَنا !
قَتَلَ انتشاءَ الوقت في أرواحِنا
فكأنَّما ساعاته تمضي بنا فوقَ الضِرام
فانجوا بأنفسِكم وفِرُّوا ما استطعتُم من وِثاق الحُزنِ
.. من هذا الجحيم
لكنكم لن تقدروا
وسترجعون مُحَطَّمي الأرواحَ مُستَلَبي السلام
والحُزنُ يَضحَكُ في الخِتام !
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> أُنشودةُ الفَرَح
أُنشودةُ الفَرَح
رقم القصيدة : 67041
-----------------------------------
تَراقَصَ العَبيرُ في الورود
وداعَبَت أنامِلُ النَسيم أفرُعَ الشَّجَر
وأقبَلَت أشِعَّةُ الصباح تسكُبُ الحياةَ في العيون
وراح جدولٌ صغيرْ
هُناكَ ينثني
يُضاحِكُ الظِلالَ والصُّخورَ في صفاء
وفي المدى تراكَضَ السحابُ مُفسِحاً لزرقةِ السماء
لكي تُطِلَّ فوقَ هذه الرُبى التي تزيَّنَت
بالنورِ والنَّضارِ في انتظارِ مقدِمِك
وخطوكِ الذي يشيعُ في رحابِها الحياةْ
وكنتُ كالطبيعةِ الصموت أنتظِر
أُطِلُّ في المَدَى
ويدفقُ الحنينُ في دَمي مُسائِلاً
غيابَكِ الكتومَ عن أوانِ أوبَتِك
أجابني النَّسيمُ عابِراً مدايَ ..
.. حامِلاً رفيفَ عِطركِ البهيج
أجابني الأريج
وقد مَضى يُسِرُّ للوجود عنكِ ضاحِكاً
لتنتشي الغيومُ والتِلالُ والمُرُوج
وأنتِ تُقبِلينَ من مدى غيابِكِ البعيد
قد تَلألأت عيونُكِ المُغَنْيهْ
بالضوءِ والضَحِك
تراقصَ الجُنُون
من عالمينِ أزرقينِ تَحتَ جَبهَتِك
من نَجمَتَينِ تُشْعَلانِ في العيون
لمستِنِي
فأورَقَ الأَمَانُ زَهْرَهُ الخَبيءَ في دمي
بسمتِ لي
لينتهي تيَتُّمي
وتعزِفُ الحياةُ داخِلي أُنشودةَ الفَرَح
وأنتِ تنثُرينَ من حديثِكِ الرقيق في طريقي النُّجوم
شعرتُ أنني أتيتُ هذه الحياةَ كي أراكِ
.. أو أعودُ مِثلما أتيتُ ..
مُتعَساً تنوشُني الهُمُوم
شعرتُ أننا حُلمان راحِلانِ في مدى بهيج
لحنانِ أُطلِقَا فَجَاوَزا الغيوم
راحا يُرجِّيان دورةَ الزمن
ألاَّ تَمُرَّ
كي يُسَرْمَدَ اللقاء
ويُسدِلُ الغيابُ سرَّهُ الكتوم
(1/17343)
________________________________________
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> أصواتٌ في مُدنِ الموت
أصواتٌ في مُدنِ الموت
رقم القصيدة : 67042
-----------------------------------
شاخِصةٌ كالموتى كُنتِ تنامين
يتَعَثَّرُ فيكِ ويَنكفيءُ الإنسان ..
.. في ظُلمةِ ليلكِ
تُغرِقُهُ الأحزان
ولا تَكتَرِثين
إلاَّ لنداء الملقِ الصارخ
في ضوء الإعلان !
-----------------------------
يرتادُكِ خطوي في مُنتَصفِ الليل
تتلفَّتُ نحوي غاباتُ التاريخ
تتراقصُ خلفَ الوجهِ المُرتَعِشِ الأسيان
يُراوِغُ فيكِ الضوءُ الظِل !
فيخفى وجهُكِ خلفَ قناعٍ من بهتان
هذا زَمَنُكِ محفورٌ بسياطِ الذُل
وهذي صفحات الأيامِ تمُرُّ عليكِ
تشير إلى آمادِ العدل
تبثُّ النبضَ بقلبٍ راوغَهُ الخَفقان
فلا ينتفَض الجسدُ المحمومُ المُعتَل !
يظَلُّ أسيرَ مواتِ الروحِ
طريحاً من زَمنٍ قد شُل !
يغشاكِ الليل
يسوط الذاكرةَ المُلقاةَ بتيهِ العتمةِ برؤى التاريخِ المهجور
فيفجؤ وجهَكِ هذا الحزنُ القادمُ
من ذاكرةِ الويل !
---------------------------------
يسألُني صوتٌ عن تاريخكِ حين تسَيَّدتِ الأيام
يسألُني عمَّا يبقى من حكمة هذا التاريخ الآن
يسألُني : هل مازالت تأكُلُ خُبزَ الذُّل السَّاقِطَ مِن مَائِدَة التاريخ
.. وتقتات الأحزان ؟
أتلفَّتُ حولي
هذا إنسانٌ عابر
يقطعُ فيكِ ميادينَ الأضواء بوجهٍ مُنطفيءٍ خزيان
يُرجِّي فيكِ الحقَّ
تقاذَفَهُ الظُلمُ وأضناهُ البُهتان
أتلفَّتُ حولي
هذا سِربٌ من غِربَان
يهوي فوق مآذِنَكِ البيضاء
وينعقُ .. يفردُ أجنِحةً من ليلٍ فوقكِ
.. ينهشُ جُثَّةَ موتكِ مُسبَلَة الأجفان
أتلفَّتُ ..
ليس سوى الإعلان
.. يصرُخُ بالأضواء بعُمقِ الليل ويلهث
خلف نداء السُّرعة فيكِ
وأنتِ كما الموت تنامين
يتعَثَّرُ فيكِ وينكفيءُ الإنسان
.. في ظُلمة ليلكِ تُغرِقُهُ الأحزان
ولا تكترثين
إلا لِنداء المَلقِ الصارخ
في ضوءِ الإعلان
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> الصرخةُ والسَّيف
(1/17344)
________________________________________
الصرخةُ والسَّيف
رقم القصيدة : 67043
-----------------------------------
يا سيِّدي .. حاكم البلاد
عامانِ أطلُبُ المُثولَ في رَحاب مجلِسك
فيُلقِني الحُرَّاس خارجَ الأسوار
عامانِ أُوصِلُ المَساءَ بالنهار
أدورُ حولَ قصرَكَ المُراقَب المَهيب
لعلَّ ثَغرَةً بعيدةً تنتهي إليكَ أو طريق
وها أنا أتيتُ في تغافُل الحُرَّاس
لألتقيكَ - والفؤادُ يمتلي بعلقم السنين
وقد نصَبتَ مجلِسك
لجوقةِ السُمَّار والمُنَافِِقِين
جهلتَ ما يدورُ بالبِلاد من أَسَى
والظُلمُ طاولَ الرَّقاب ..
أسمَل الحياةَ في العُيون
الناسُ يا مولاي جائِعون
وموسمُ الحصاد جاءَ مُجدِباً كَكُلِّ عام
وجامعو الضرائب القُسَاة يسلبونهم ..
.. جميعَ ما تطاله أيديهم الغِلاظ
ويرتشونَ مِن ذوي الضِياع والقُصور ..
.. لا يُسائِلونهم عن الضريبة التي تحقُّ للبِلاد
والجُند يعلمون !
يقاسمونهم غنيمةَ الحَرام
والوُلاةُ ظالمون
يدرونَ ما يحلُّ بالبِلاد والعباد
فالفقرُ طاولَ الجميعَ ..
.. والبَلاءُ والكساد
ويرفعونَ كُلَّ ليلةٍ رسالةً إليك
.. تنتهي بأنَّ مُلكَكَ العظيمَ في أمان
والأمورُ في البلاد
تسيرُ وِفقَ ما يُرامُ
والنَّاسُ هانِئون
يُسَبِّحونَ كُلّ ليلةٍ بحمدِ حكمِك الأمين
والسلام !
مولاي .. لو دريت فالولاة ..
قد أسدلوا عن الرعية التعيسة الستائر السوداء
وأوقفوا الحُجَّابَ يمنعونَ كُلَّ من له شِكايةٌ عن الدُّخول
وأغرقوا ليلاتِهم
بالخَمرِ والقيانِ والطَرَب
وأرسلوا في الناس من يُذِلّهم
.. بالسوطِ إن علا صراخُهُم
وطاولَ الغَضَب
حناجِرَ الضعاف والمُشَرَّدين !
وأنتَ تكتفي بحُكمِ مُلْكَكَ العريضَ من هُنا
من قصرِكَ المُشيَّد القِِبابَ والأركان
لم تَمشِ في الأسواق أو تُفاجيء البيوت كي ترى الأحزان
والفقرَ والبطالةَ العقيمَ والوباءَ والمَرَض
تعيشُ بين النَّاس كالهواء
والسَّيفُ وَحْدَهُ مُحَكَّمٌ على الرِّقاب
القَهرُ يا مولايَ خلفَ كُلّ باب
(1/17345)
________________________________________
يُهيئ النفوسَ - لو دريتَ - لانتفاضة الغضب
القهرُ والعذاب
ولم يَعُد أمامَكَ الكثيرْ
إمَّا تُعيدُ للبِلاد عدلها السليب
وتُنصِفُ الضِعافَ والمُشَرَّدين
أو فانتظِر ..
أن يجنح الأسى بهم ويُفلِتُ الجُنون
وتُدرِكُ المأساةَ حينَ يُطبِقُ المَصير
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> تأمُّلات ما قبل الرحيل
تأمُّلات ما قبل الرحيل
رقم القصيدة : 67044
-----------------------------------
وطنٌ يبايعُ ليلَهُ حتَّى يحيقَ بهِ السواد
وطنٌ تطايرَ كَالرَّمَاد
غّفَت الحقولُ بهِ على أحزانِها
فصَحا على إمحالِها فَرَحُ الحصاد !
هانت دِماءُ بنيهِ في يُسرٍ عليهِ فخَلَّفوهُ لِما أرادَ ..
.. مُشَرَّدي الخطوات في تيه البِلاد
وطنٌ ينام بنوهُ من جوعٍ يُرافِقُ ليلَهُم
والمُتخَمونَ به مضوا يتناهبون حَصادَهُ
سرباً تكاثفَ من جَرَاد
نهرٌ يشُقُّ رُبُوعَهُ مُتَخَايلاً
ويموتُ من ظمأٍ بِهِ الفُقَراءُ ..
.. يمضي النَّهرُ مُتَّشِحاً بأردية الحداد
هَذي هِي الغِربَانُ حامت كي تنوشَ رُفَاتَهُ
هذا هو الليلُ الأخيرُ مضى ليُسدِلَ فوقَهُ
أستارَ ظُلمَتهِ الثقيلة باتِّئاد .
-------------------------------
( 2 )
قلبي يُراوِدُهُ الرَّحيلُ إلى نِهَايَاتِ الغِياب
حُلمي تُرَنِّحُهُ الفُصُولُ فَمن لَهُ في هذه الأرضِ الجديبة
ترتوي الأحلامُ فيها من ينابيع السراب
قلبي يُراوِدُهُ الرَّحيلُ إلى اتساعاتِ المَدَى
هذي المفاوزُ خلفَها لاحَ النَّدَى
هذي المدائنُ تستحيلُ إلى خَرَاب !
حُلمي يُبَعثَرُ في المرافيء والمَفَارق والدروب ..
.. تقاسَمَتهُ الريحُ حيث مضت
قدري كما قدرُ السحاب
وقتٌ يُلَوِّحُ للرحيل عن الجذورِ إلى الغمام
بلا إياب .
------------------------------
( 3 )
عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ
بما مضى أم لأمرٍ فيكَ تجديدُ
صَمَتَ الرِّجالُ بِها أَذِلُّهُمُ الأسى
مَلَكَت مَقَاليدَهَا الغيدُ الأماليدُ
نيلٌ يفيضُ على وديانها مُتَدَفِّقَا
(1/17346)
________________________________________
ويجفُّ فوقَ ثراها الضِّرعُ والعودُ
ظَلَمَ الولاةُ بها الجِيَاعَ وأَغلَقُوا
آذَانَهُم عَنْهُم حَتَّى وإن نُودُوا
هل يُقبِلُ العدلُ الشريدُ لأرضِها
أم يستبِدُّ به نَفيٌ وتشريدُ ؟
ناديتُ يا مِصرَ حتَّامَ الرشادُ هُنا
مُستَعبَدٌ أبَداً والجورُ معبودُ ؟
يتوارثُ الفُقَراءُ جوعاً عبرَ أزمنةٍ
يقتاتهم فيها هَمٌّ وتسهيدُ
-----------------------------
عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟
-----------------------------
عيدٌ بأيةِ حالٍ عُدتَ يا عيدُ ؟
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> فصولٌ من كتاب الموت
فصولٌ من كتاب الموت
رقم القصيدة : 67045
-----------------------------------
كُلُّ مساءٍ
حينَ الغُرفةُ تخلو من صيحاتِ النورِ
وأغرقُ في ظُلمَتِها كي أتمَدَّد
يغمُرُ قلبي حُزنٌ أسود
يُقبِلُ من غاباتِ الذِكرى
ينفذُ من شباكي الموصَد
لا يستوحِش بردَ الغُرفةِ والإظلام
حتَّى حين أُراوِغُهُ عَبَثاً لأنام
تُبَدَّدُ كُلُّ رُؤَايَ ولكن ..
لا يتَبَدَّد !
يجثمُ في زاويةِ الغُرفةِ
يَتَنَقَّلُ بينَ الجِدران
يُحَدِّقُ في عينَيَّ الخائفتينِ بوجهٍ مُربِد !
ينثُرُ من ذاكِرةِ الويلِِ رؤىً تتصارعُ في ظُلمَتِها
حتى تنزفَ
تقطرُ سَمَّاً
في طيَّات القلبِ المُجهَد !
--------------------------------
هذا فَجرُ العُمر
وتِلكَ طفولتهُ الخضراء
وقَلبٌ تُفعِمهُ الأحلامُ
يُحَلِّقُ بجناحيها نحوَ غدٍ يملؤهُ العَدلُ
يمدُّ الظِلَّ على الفُقراء
يمدُّ جذورَ الفَرْحَ بعُمقِ قلوب المحرومين ..
إلى أن تَسْعَد
مَرَّ العُمرُ
ومَرَّت عَرَبَاتُ العُمْر السوداء على جسرِ الأعوام
التفتَ القلبُ إلى الفُقَرَاء
رآهُم مأسورينَ بظُلمةِ ليلهِم المُتَمَدِّد
نزفَ القلبُ
تهاوى حُلمُ العَدل أمامَ القَدر المُربِد
وترامى الحُلمَ دُخاناً
ثُمَّ تَبّدَّد !
-----------------------------
هذا طيفُ الحُب يُحَلِّقُ بِفضاء الأيام
(1/17347)
________________________________________
يُفاجيءُ قَلبَاً من شُرًفاتِ الغيب
يطوفُ بهِ مُدُنَ الأحلامِ
يُحَلِّقُ لسمواتِ النور ويصعد
كانَت تَمنحُ خوفَ القلب سلامَ العالم
كانت فصلَ ربيعٍ زاهٍ
في صحراء العُمرِ الأجردْ
راحَتْ تَقطَعُ قَفْرَ مفازاتِ الأيام بدربِ الحُلم
ولا تتلفَّتُ أو تَرتَد
مَضَت عرباتُ العُمر السوداء على جِسرِ الأعوام
خَبَت نيران فؤادٍ كان تَوَقَّد !
عرِفَ الصوتُ الواثِقُ أن يَتَرَدَّد
حين يُخيَّرُ بين نِداء الرُّوحِ وبين نِداء العسجد !
غابت في تيهِ الأيَّامِ
هَوَت صُورَتُها من ذاكِرة القلب
تَهَاوَى حُلمَ الدِّفء أمامَ رياح الزَّمن الأَسوَد
وترامى الحُلمُ دُخاناً ..
ثُمَّ تَبّدَّد !
-------------------------------
هذا حُلمٌ آخر لا أتبَيَّن وَجهَه
يأتي من ظُلُماتٍ أُخرى
يترَنَّحُ في تيهِ العتمةِ والإظلام
أُحَدِّقُ ..
هل هو حُلمُ الحَق ؟
أحدق ..
حُلمُ العِتق .. خَلاص الرُّوح
أُحَدِّقُ ..
حُلمُ تحقُّق ما أمَّلهُ القلب من الأيَّام ؟
( تَوَحَّدت الأَحلامُ العائدة من العُمرِ الضال وإن تتعَدَّد ! )
أنظُرُ نحوَ الحائط فَزِعَا
يُنكِرُني الحُلمُ وقد جَزِعَا
يُنكِرُ هذا الظَِلَّ المُقعَد !
يتلاشى في ليلِ الغُرفةِ
ينحَلُّ كَهَبَّاتِ دُخانٍ .. لا تتَجَسَّد
يتَّجِهُ لنافِذتي شَبَحاً ..
ثُمَّ يُبَدَّد !
-------------------------------
كُلُّ مساءٍ
حينَ العالمُ يُولَدُ في أضواءِ الليلِ
ويدخلُ قلبي
يوئَد !
لا يُنقِذني منهُ سوى أن تَهدُرَ دوامَاتُ النَّومِ ..
فأرحلُ فيهْ
كُلُّ مساءٍ تنهضُ سودُ الذِّكرى من مَرقَدِها
تأخُذُ قلبي حيثُ التيهْ
تُسكِنُ فيهِ النَّبضَ إلى أن يَهمَد !
يُطفَأُ صَخَبُ العالم في عَينَيَّ
وتنسَحِبُ الأنوارُ وتبعُد !
يتَّشِحُ القلبُ بخرسِ الموت
فيهوي العمرُ دُخاناً
ثم يُبَدَّد !
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> حُلمُ الفَتى
حُلمُ الفَتى
رقم القصيدة : 67046
-----------------------------------
(1/17348)
________________________________________
مضَت الفتاةُ كأنَّها حُلمٌ
فوقَ الطريقِ يزُفُّها المَطَرُ
لم تُلقِ بالاً لِلَّذينَ تَسَمَّروا وَلعاً بفتنتِها ..
.. أو من بها عَبروا
مَرَّت بنا كَنُجَيمَةٍ خَطَرَت
فوقَ السحاب تُبعثِرُ الأحلامَ من مِنديلِها
فتُرَنَّحُ الفِكَرُ
ليتَ الفتاة درَت بأنَّ لها بينَ العيونِ فتى
صبُّ الجوانِحِ مُضنىً
باتَ ينتظِرُ
ألقى بِهِ مطرُ الطَّريقِ لدربِها
فلَعلَّها ترنو لَهُ
فلَعَلَّها ترنو إليهِ بِنَظرَةٍ بينَ الزِّحامِ
يُحيطُها الحَذَرُ !
بِنتٌ تسيرُ برَكبِ الغَيمِ هادِئةً
وفتىً يؤجِّجُهُ شوقٌ ويَستَعِرُ !
هل يَستَجيبُ لهُ أَمَلٌ بعينيها إن نحوهُ نظَرت
فَرنا لهُ قَمَرُ ؟
مَرَّت بِهِ فأماتَهُ وَلهٌ يشتاقُهَا
وأفاقَهُ عِطرُ !
لو قَد رَنَت نَحوَ اليَسار لِلَحْظَةٍ
لو لاحَظَت ..
لو يعطِفُ القَدَرُ !
ليتَ الفتاةَ رَأَت مَسَّ الجُنون بِهِ
عصف الهيامِ بقلبٍ كادَ يَنفَطِرُ
حين اختَفَت في دربِها
لم تَنتَبِه لفتى سيجنُّ من لهفٍ عليها
حينَ تَستَتِرُ
ويلُ الفتى
ليتَ الفَتَى حَجَرُ !
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> الموتُ والحياة
الموتُ والحياة
رقم القصيدة : 67047
-----------------------------------
(إلى أبي رحمه الله)
.
.
.
كان يَحيَا كَمَا النَّسمَةُ الحَانية
حينَ تَعبُرُ في وقدةِ القيظِ فوقَ الجِباهْ
يلوحُ لنا باسِماً - رغم ضيقَ مَعيشَتِهِ -
مُفعَماً بالحياهْ
كان يأتي فَنَجلِسُ
نَلْتَفُّ حَولَ حِكَايَاتهِ
نَستَضِيءُ بأنوارِ حِكمَتِهَا
ثُمَّ نَغفو .. ونَصحو فلا نلتقيهِ
إذا راحَ كالطَّيفِ بينَ أقاصيصِهِ أو رؤاه !
إن يجيءَ المساءُ يعودُ وقد غَضَّن الجهدُ جَبهَتَهُ
وعلى وَجهِهِ أثَرٌ من غبارِ الكِفاح
وطيفُ ابتِسامٍ مريرْ
أحَبَّ الحياةَ على قَدرِ ما أتعبَتهُ الحياةْ !
كُنتُ أجثو بجانِبِ وقفته في رحاب الخُشوع
يصلي بعينينِ رُقرِقَتَا بالدُّموع
ووجهٍ يَفِرُّ الأَسَى مِن رِضَاه
(1/17349)
________________________________________
قَالَ لِي مَرَّةً " فلتَغَب يا بُني عن الكونِ
كي تَلتَقي رُوحَكَ المُرتَجاة ْ !
غِب عن الجَسَدِ المُنتَهي
خابَ من ظَنَّ أنَّ الحياةَ اقتناءٌ وجاهْ "
رُحتُ أَنهَلُ من فَيضِ حكمتِهِ
وأراهُ يعيشُ على الأرضِ دَفقةَ ضوءٍ
إذا راح يعملُ مُجتَهِداً
يُخلَصُ النُّصحَ للناس .. يرفقُ لينً بأبنائهِ
يُسعِدُ الزَّوجةَ الصابِرة
يستضيفُ الغريب
ويقنع بالرِّزق مُبتَهِجاً - رّغمَ قِلَّتِهِ -
بابتسامِ رَضا
قَرَّ فوقَ الشِفاهْ
ذات يومٍ مضى قاصِداً رِزقَهُ
باكِراً كالطيور
يسيرُ على الأرضِ في أُلفَةٍ باسِماً للصباح
حينَ لاحت على البُعدِ سيَّارةٌ
تَنهَبُ الأرضَ لاهِثةً
كانَ يَعبُرُ نَهرَ الطريقِ
وفي لحظةٍ كان مُلقىً
................................
................................
................................
وفَرَّ الجُناةْ !
-------------------------------
" كيفَ حالُكَ يا وَلدي ؟ "
قالها واحِدٌ حاوَل الآنَ أن يدفِنَ السِّرَ في صوتِهِ
ولكِنَّني كُنتُ أقرأُ فاجِعتي في عيونِ النُّعاهْ !
صارت الحكمةُ الواثِقة
سكوناً طويلاً
وعشقُ الحياةْ
ذبولاً
وصار أبي رَقماً
في مِلفَّاتِ قيدِ الوفاهْ !
-------------------------------
الحياةُ انتَهَت
غير أنَّ أبي لم يَمُت !
لا يموت الذين يعيشونَ لا يُخفِضُونَ الجِباهْ
عَلَّهُ الآن يَعْمُقُ إحساسُهُ
- بعدَما قد مَضت روحُهُ عن لهاثِ الجَسَد -
بالسكون الذي رامَهُ عبر أيَّامِه
السُّكون النَّجاهْ !
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> الوقت ليس بوقتنا
الوقت ليس بوقتنا
رقم القصيدة : 67048
-----------------------------------
ء
إفتحى المُنغَلَقْ
بكرت طيور الحزن في القلب الذي
ما زال يرنو للأفق
ودعي التعقل علَّنا
نحيا الجنون فننعتق
تمضي رياح الحب بين عيوننا
لنعيش أزمنة الأرق
ثوري إذن
لا وقت للأحلام في هذا الجنون الصحو
في هذا الشبق
البحر صار أمامنا
والحزن يركض خلفنا
(1/17350)
________________________________________
أين المفر من الغرق ؟
هى لحظة سنكونها
أو لا نكون كلمح برقٍ قد برق
الوقت ليس بوقتنا
حلم البراءة ينتهي
والفجر خانك وافترق
لكنّك
ما زلت في عينيّ بدءاً
للمسافة ..
والطرق .
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> أكذوبة السعادة المُغادِرَه
أكذوبة السعادة المُغادِرَه
رقم القصيدة : 67050
-----------------------------------
تراكض السحاب فى السَّماء
لترتمى ملاءةٌ من الظلال ..
.. على الجداول التى تدفَقَت
تنسابُ فى خريرها نعومة النغم
وراحت الأشجارُ تنثنى مع الرِّياح
تَبوحُ للحمائم المُرفرفه
عن سر فرحة الوجود بِكْ
عن الطبيعة التى تضوَّأت لمقدِمكِ
وكُنتُ أنتظِرْ
أُطِلُّ فى المَدى
يزورُنى الذبول فى اندفاعة الزمنْ
يُخيفُنى توقُعُ الغياب
يخيفُنى احتجاب طلعتِكْ
لكنَّ نجمةً تلألأت
وغيمةً من المدى البعيدِ أقبَلت
مُحاطةٌ بهالةٍ من الأملْ
مضت تزف للحياة سرها السعيدْ
تقولُ قد أتَتْ
تراقصَت بعينى الأضواء والظلال
وأنتِ تُشرقين فى بهاءِكِ الذى اكتملْ
تُبَدلين عالماً من الأسى بداخلى
بآخرٍ من الفَرَح
ها أنتِ تضحكين لى
فتسطع المباهج المُخَبَّأةْ
فى مُقلتين طاف فيهما الوَهَجْ
ها أنتِ تلمسيننى
فينتهى تيتُّمى إلى الأبدْ
عرفت كيف يُصبح الوجود لحظَةً
ألوذ بالأمان فى رحابها بمُقلتيكِ ..
أحتمى بعالمك
وأنتِ تَبدأين فى حديثكِ الذى
يجىء للحياة من مشارف النجوم
ويطلق الأمان داخلى
منابعاً تفجّرت من الأملْ
ظننتُ أننا يلفنا الخلود
ظننت أن يمرَّ من وراءِنا الزَمنْ
لكنما حديثكِ القصير ينتهى
وأنتِ تمنحيننى يدَك
وتتركيننى مع الرّياح
يلف عالمى الظلام
وهذه النجوم تختفى وراء خطوتك
تَبدّدت عوالم الفَرَح
ولم أعُد سوى بحزنى المَريرْ
يشى لسكتى بخيبَةِ اللقاءْ
يقيم داخلى مآتم الأسى
وينشر الصقيع فى سمائها العويل
وها هى السعادة القصيرة الأمَدْ
مُراقة الدماء خلف لحظة الرحيل.
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> الحب والصمت
الحب والصمت
(1/17351)
________________________________________
رقم القصيدة : 67051
-----------------------------------
أُحِبُّكِ
كانت عيوني تقولُ
وعند السلام ارتعاش يدي يقولُ
وصمتي الذي إن أتيتِ يطولُ
إلى أن تُشيري لنا : أنْ وداعاً
وتمضين ما قد شَعُرتِ بشئ !
------------------------
يلومُ الرِّفاقُ علىَّ طويلاً
إذا ما رأو طير حبك في مقلتى أسيراً لصمتي
ولكنهم ما دروا أنني
إن أسير بدربك كي نلتقي
أطلق البوح ، أعلن حبي
لكل الذي قد يرافقني في المسير.
أُسِرُّ إلى الشجر المتشابك ،
أعمدة الضوء ،
صمت الشوارع والأرصفه ،
زجاج النوافذ ،
ورد البساتين .. أخبره فيفيض العبير.
إلى أن أجيئك
ألقاك كالحلم
ألقي السلام وأبغي أقول الكثير
وما أن أطل بعينيك
حتى يفيض السكوت!
------------------------
وبالأمس حين أتيتِ إلىَّ
وغنى بعينيكِ هذا البريق البعيد المنال
تشجَّعتُ قُلتُ :
" إذن فلأبُح !"
وحاولت .. حاولت
غاب الكلامَ
كأن الذي أبتغي لا يقال !
ولكنني كنت أشعر أني سعيد
وأن الحياة التي لم تجئ ذات يومٍ إلىَّ تُطَال !
شعرت بأن المساء الذي لفَّنا
تتلألأ أضواؤه كالنجوم
وأن الهموم
التي أترع القلب فيض انهماراتها
في طريق ارتحال
حينما لاح صوتك يسألني في حنوٍ :
" .. ترى قلت شيئاً ؟ "
فأطرقت لا أتكلم !
حتى مضيت وحيداً
وقلت لنفسي :
"غداً سوف أُعلِمُهَا كل شئ! "
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> حصار
حصار
رقم القصيدة : 67052
-----------------------------------
كونٌ من الأحلام يبزُغُ فى خيالىِ
إن أشرَقت عَينَاكِ فى دربى تُلَوَّحُ فى ابتهالِ
تمحو الظلامَ عن الطريق فتنثرْ فيهِ اللآلى
شمسانِ راحَ ضياهُما
يمحو كآبات الصَقيع وما تُخَلِّفُهُ الليالى
فيُطلُّ فَرْحٌ، ثم يَخبو خلف أحزان السؤالِ
هل يستطيع العشقُ أن يَصبر لِمَا
قد نَامَ من زمنٍ على قِمَم المُحالِ؟
هل تبعثينَ الفجرَ فى الحُلمِ الذى
راحت تُغادرُهُ الأشعَّةُ فى مدى شمسِ الزوالِ؟
(1/17352)
________________________________________
أم ترحلينَ وتترُكينَ الحُلمَ تنهشُهُ الأكاسِرُ فى الأعالى!
حُزنٌ يُسافِرُ فى دمى عبثاً وأنتِ على المَدى
شَمسٌ نَأَت عن أن تُنال فأجَّجَت فىَّ اشتعالىِ
وهوى يُحاصَرُنى فأهُربَ نحوَهُ
حتَّى يلوَّحَ الانعتاقُ بأُفق عينيكِ المُحلِّقُ
بى إلى حُلم اكتمالىِ.
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> لحظة اللقاء
لحظة اللقاء
رقم القصيدة : 67053
-----------------------------------
ها هو العشق يفجؤنا في التقاء المُقَل
عندما رفَّ ذا النور مرتعشًا بيننا
ثم غابت أشعته فى مدى من أمل
ها هو البحر يقبلُ في مقلتيك
ينادى شراع الفؤاد الذى
من زمان بعيد يحاول أن يرتَحِل
أى وعدٍ تحاول عيناك أن تمنح القلب
فى الزمن المكتهل ؟
أى عشق يسافر للروح فجراً
يزيح ستار الظلام الذى
فوق شرفاتها ينسدل ؟
و الأمانى التى أينعت في الفؤاد ذوت بعدما حوصرت بالذبول
الذى راح ينفث فيها العلل
و الشروق المسافر فى القلب من أول العمر
يومئ للحلم و الأمنيات
خبا فى البدايات ..
غادرها قبل أن يكتمل
غير أن الذى يشرق الآن فى مقلتيك
هو العشق
برقٌ يباغتنى فى وميض العيون التى تبتهل .
كى تجدد في الروح وهجَ جُنونٍ قديم
وعاصفة من عناد
تُجَمَّعُ في أفق القلب
حتى تُطِل!
لماذا إذن كل هذا الوجل ؟
وأنا واقف أتملى فراديس عينيك
أبحر في لحظة الحلم
أخشى أنطفاء توهجها العذب
فى لحظة تقتبل !
كان حزنٌ يسافر بى عنك لحظتها
فى ظلامٍ تبدَّدَ حين رمت مقلتاك على ساحل القلب
بدرًا أهلْ !
إنه العشقُ يأخذنا فى ارتقاء مداراتِهِ
أنتِ كامِلةٌ
وأنا أكتمل
وكأن الزمانَ البهيج يعاود إشراقَهُ الآنَ فيكِ.
الزمان الذى لاح للقلب يوماً على البعد
لكنه لم يصل !
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> موعد مع الصمت
موعد مع الصمت
رقم القصيدة : 67054
-----------------------------------
إذا أتيتُ لِلِّقَاء في مساء غدْ
لا تطلبي الحديث من سكوتى الطويل
لا تطلبي من حزنى العميق أن يرُدْ
(1/17353)
________________________________________
لأنما ستلمحينني أدور في السماء بالعيون
وما عرفت ما أقول بعد !
لا تتركي ارتباكك الحزين ي ملامحك
وترتمي ظلاله بوجهك الجميل
بوجهك المضاء بالعذاب دون حد !
إن تلمحي عوالم الأسى بمقلتي تُمَد
أرثي بها تهشم الحياة خلفنا
مودعاً ضياعها إلى الأبدْ
فقط تلمسي أصابعي براحتك
وحاولي أن تمنحي تعاستي ابتسامةً بِوِدْ .
---------------------------------
لا تعلمين أنت أن حزنى الغريب إن يزورني
يقودُ خطوتي
يسير بي إليك دائماً بغير قصد !
أمضي بدربك الطويل شارداً
والناس من حولي كأنها ظلال
أشباحها تطل باكتئابها المخيف
تحيطني فأرتعد !
ألوذ بالفرار
أحاول الهروب في مدينةٍ فضاؤها بنايةٌ وسَدْ !
لكنَّ طيف وجهك الجميل
يلوح بالمدى
يزيح من أمامى البناء والسياج
ويمنح ابتسامةً لوجهى الكليل
فترتمي رحابةٌ بغير حدْ.
------------------------------------
عيناك لحظة اللقاء
عرسان من أسى ومن شقاء
تحاولان لمس عالم الضياء والأنوار
لكنما السواد في العيون يستبد !
--------------------------------
ها نحن في طريقنا معاً
الليل والزحام والأضواء مهرجان
ونحن هاربان من جنون هذه المدينة / الجحيم
نطل في مسوخها الشوهاء
هذه التي تسير في دروبها بلا عدد !
لكنني نظرت في عينيك باسمًا
( والحزن في العيون يلتقي فيتحد ) !
ووقتها شعرت أنني سعيد
أن الحياة أقبلت من بعد طول صد
حلمت لو نسير تاركين بؤسنا وراء خطونا
لو نستطيع الانفلات من طاحونة الحياة خلفنا ولم نعد !
حلمت لو عرفت أن أقول كم أحبكِ
ولو قدرت أن أزيح صمتى الطويل كي أرد
حلمت .. كم حلمت !
وعندما مضيت آخر المساء
همست في قرارة السكون في الأعماق :
"لربما أقول كل ما أريده مساء غدْ " !
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> فى تيه الفردوس الضائع
فى تيه الفردوس الضائع
رقم القصيدة : 67055
-----------------------------------
كنتُ وحيداً
أتجوَّل فى هذا التيهْ
أبحثُ عن أقمارٍ فرَّت من آفاقى
(1/17354)
________________________________________
عن أزهارٍ كبَّل مَطلعها الإمحال
وعن غيماتٍ
كانت تُمطرُ فوقى نَغماً
لأغُنيَّهْ
كنتُ وحيداً أبحثُ عَنكِ
فوق مروج العُشب اليانِع داخل قلبى
تحت سماءٍ من فيروز
حين تَدَفَّقَ نهر الذكرى
يغمُرُ روحى
يبحَثُ فى أطياف غيابك عن واديهْ
غطَّى صحو سماء الحُلم
هلالٌ أسود
يسحَبُ هذا الضوء الراكض فى عينىَّ
ينزفُ فوقَ شروقى وعداً بالإظلام
يغمُرنى فى قلب الرُّعب
ينبئنى برحيل الحُب
ومُغادرة الحلُم الغائب
كى أبكيهْ !
.........................
كنت وحيداً
أرحلُ فى فردوس الحزن لأبحثَ عنكِ
ألمس صوتك
حين يعاود معزف همسك هذا الرجعْ
يبزغ وجهكِ فى آفاقى
صافٍ
مثلَ نقاء النبعْ
يرفُلُ حولى فى تحنانٍ
فأناجيهْ
كانت تدمع فى قلبى كل الأَشياء
تتفتَّح ذاكرة العِشق
وتمنَحُ قلبى حزن العالم
ومراثيهْ
وأنا أعرفُ أن مجيئك
أبعدُ من آفاق الحُلمْ
أنى أركض خلف الذكرى
مُمتطياً صهوات الوهم
مَشدوداً بجنون الرغبَة
مُشتعلاً بلهيب ضياعك
وأنا أعرِفُ أنكِ ترتحلين بَعيداً
خارج كل حدود الوَقت
يرحل وجهُكِ خلف سماءٍ دون شُموس
نحو فصولٍ
لا يسكنها غير البَردْ
أعرفُ أنكِ ترتحلينَ
فأخرُجَ من أبهاء الحُلم
وأنسَى قهراً أجمل وَعد
راحَ يزف سمائى يوماً للإشراقْ
حتى يُطفَأ نورٌ زاهٍ
أشعَلَ يوماً نبض القلب..
لتهوى أسراب أمانيهْ!
.............................
كُنتُ وحيداً..
أتجولُ فى هذا التيه!
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> عشق
عشق
رقم القصيدة : 67056
-----------------------------------
عشقٌ يُسافِرُ من دِمَاكِ إلى صميمى
إن أقبلت شفتاك فاض بها هوى
يلقى جنانك فى جحيمى
هذى يداك امتدتا عشقاً إلىَّ
وهذى مقلتاك أضاءتا روحى هياماً
شدَّنى نَحوَ النَّعيمِ.
قلبى يغادر ليلَهُ
ويداك يُبسَطُ ضوؤها
فتموت بالعشق المسافةُ بين قلبى والنجومِ .
شفتاك تستعران بالعشق المؤجج
إن تهاطلتا على شفتىَّ فى لهفٍ
لتغمرنى ينابيع الفراديس التى
تهمى على عطشى المُقيمِ
(1/17355)
________________________________________
ها أنتِ تقتحمين أورِدَتى
وترتحلين بين دمى إلى قلبى اليتيمِ
وتُقَطِّرينَ العِشقَ فيه صَبابةَ..وجداً..حنواً صافياً
حتى يفارق يتمه الممتد فى العمر الهشيمِ
يدُكِ التى امتَدَّت لجَدبِ جَوانِحى
مَدَّت جُذور الفَرْح فى عمق الفؤاد
وسافرت تجتث أشجار الهمومِ .
وتعيد للروح الجديبة زهرها المخبوء فى إمحاله..
حزناً.. من الزمن القديمِ
قلبى يراوغه المطر.
شفتاكِ تبعث بالغيوم إليه فى ولهٍ حَميمِ
من سوف يفصلنا إذن ؟
هذا اكتمال العشق وحَّدَنَا
دماؤك فى دمى تمضى
وبُرءُكِ فى سَقيمى .
روحان رفَّ الوجدُ فى جنبيهما
حتى استضاءا..
حَلَّقَا..
خرجا إلى الأكوان بين ظلامها
شمسان تأتلقان فى ليلٍٍ بهيمِِ .
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> ساميهْ
ساميهْ
رقم القصيدة : 67057
-----------------------------------
أىُّ حزنٍ يُسافرُ ما بينَنا الآن
فى لحظة الوجد والشَّوق عند الوداع
وما بين رعشة كَفٍّ وكَف
تخافُ على الحلم حين التقاء الأصابع
أن يهجس اللحظةَ التاليهْ!
أى حزنٍ بعينيكِ
يمطر أهدابك الغافيات على العِشق
دمعاً وشوقاً يُحاصرهُ الإنكسارُ
إذا راحَتا ترحلان وراء مدى الذكرياتِ التى تبتَعِدْ
ثم تتركُ فى مُقلتيكِ الرؤى الحانيهْ .
ووعداً من العشقِ يرفُل فى صحوِ أيامنا الذائباتِ هوىً
يبهتُ الآن عند اتِّساع المسافات
بين ابتداء التوهّجَ، مُفتتح العشقِِ فى مقلتيكِ
وإطلالة النظرة القاسيهْ!
ها هى الذكريات التى كان ينسجها العشق
تُطفأ أضواؤها فى سكونِ الأسى
والأمانى تُغادرُ أرواحنا
وارتعاشات دمعكِ راحت تشى بالفراق المؤجَّل
تعصفُ باللحظةِ الباقيهْ!
آه يا ساميه!
إنهُ موعدٌ لارتحال الغيوم التى وعدت بفيوضِ المُنى
موعدٌ لانطفاءِ النجوم التى
مَنحت ليلَ أحزاننا وَهَجها
فاستضاءَ ...
استحالَ نهاراً من الفَرْح
يغمُرنا صحوهُ المُنتَشى
موعدٌ للغيابِ الذى
راحت الآن غِربانهُ فى المدى تلتقى..
.. لتُناوش أقمارَنا
فتغادر آفاقها..
(1/17356)
________________________________________
ثُم تهوى بهالاتها فى بحارِ الظلامِ
وأمواجها العاتيه!
ما الذى سوف يبقى لنا
بعدما تمنحين يدىّ يداً للوداعِ المحاصِرِ
راعشةً بالفراقْ ؟
غير طيفٍ من الحُلم يسطع حيناً ويخبو
فنلمح حين يلوح لنا صحو أيامنا اليافِعات
ونحن نتيهُ على الأرض بالحُبِّ
نفتح للفجر أفقاً
وللقلب عِشقاً
وللكون أسطورةً للهوى،
وشَّح الحلم فيها العِنادْ.
كل هذى الرؤى اليانِعات رمادْ!!
تغادرنا الآن فى لحظة الدمع نيرانها الخابيهْ!
ها هو الكون يلمح خطوك مندفعا كالرياح
التى تعصفُ الآنَ بى
ثم تركض فوقَ شفاهى التى
يستبيحُ الجنون ارتعاشاتها عندما تبعُدين
فتخفتُ أضواء أقمارهِ الباكياتِ
وتنزف خلف المدى أغنيهْ!
---
آه يا ساميهْ!
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> حين فقدتك
حين فقدتك
رقم القصيدة : 67058
-----------------------------------
ذات نهارٍ
كان العالم فى عينىَّ حدائقَ وردْ .
كانت كل فصول العام ربيعاً أخضَرَ
كان البردْ..
يهرب من قلبى إن لاحت
عيناكِ الملأى بالود
تمنح روحى نهراً أزرق
وسماءً لا تعرف حدْ
ذات نهارٍ
كان العالمُ يا سيدتى
مُمتَلَكَاً فى قبضة يدْ
كان يْغنِّى إن نتلاقى
تعزف قيثاراتُ الوجد
لحناً ذهبى الإيقاعِ يُسافرُ فى آفاق الوعد
أذكر هذا العشق الآن
وأنا مذبوحٌ بالفَقد !
حين فقدتُكِ
راحت تبهت من حولى كل الأشياء
فانطفأت أقمار العالم
خفتت موسيقاه النشوى بالأنغام
صار رماداً حلم الغد!
حين فقدتك
عرفت روحى معنى الوأد..
وأنا أجلس كى أنتظرمجيئك كل مساء فلا تأتين.
يسخر منى النهر الأزرق
حين يراك بداخل روحى
حلماً يبحر بين ضفاف القلب المتعس
يعرف أنى
مازلت وفياً للعهد
..رغم ضياع دروب الأنجم والأحلام
يسخر هذا العالم منى
منذ فقدتك..
ويسافر فى قلبى البرد.
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> العشق و الرحيل
العشق و الرحيل
رقم القصيدة : 67059
-----------------------------------
تراقص العبيرُ فى الورود
(1/17357)
________________________________________
وداعبت نسائم الصباح أفرع الشجرْ
وفى المدى تراكضت سحابتان نحو زرقة الأفق
وشالت الأنسام عطرك البهيج لى .. كأنه الربيع
وكنت أنتظر
أجيل فى المدى العيون باحثا
عن قطرتين من ضياء وجهك الجميل
أراك فى انسياب جدولٍ يفيض بالصفاء
فى زهرةٍ لمستها معي فلم يمسها الذبول
أراك دفقةً من العبير شاع في نسيم وحدتى الملول
لكننى أظل هكذا وأنت تمعنين فى الغياب
بعيدة كأنك النجوم
أمد طرفى الحزين نحو كل ما يحيطنى
فقد يبوح لى اليمام طائراً بقرب مقدمك
وقد يُسِرُّ لى النسيم
تأتين يا ترى ..
أم ترحلين فى غيابك المقيم ؟
ترنح السؤال فى المدى
ورددت أصداؤه الغيوم
وفجأة...
ينشق هذا الأفق عن بهائك المُضاء
وأنت تقبلين كالأحلام فى غلالةٍ رقيقةٍ من السُّحُب
يشيعُ تحت خطوك الربيع
وتنبت الزهور فى الأغصان إن تلامست وثوبك
الشفيف
ها أنت تبسمين للوجود حولنا
فيرحل الخريف
و فى فؤادى الحزين يُبذَرُ الأمل
وتورق الأمانى الخضراء
بدأتِ فى الحديث
جاشت الطبيعة الصموت بالغناء
و أمطرت مسامعى معازف السماء
وانداح فى الحياة دفئُها وأنت تلمسيننى
وتشعلين فى فؤادى الهيام بالجنون
لكنَّ هاجس الرحيل
يلوح بالأفق
أراه فى انسحابة الحديث من شفاهك التى يزورها السكوت
فى وجهك الوديع مطرقاً
أراه فى الوجود شاحباً..
ذوت وروده
وغادرت أضواؤها أشعَّةَ الصباحْ
وها هى اليد التى تمد بالوداع لى
تغتالنى وتعلن الرحيل
وخلف خطوكِ الذى يغيب فى المدى
لقاؤنا يزف للرياحْ .
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> أغنية لليل
أغنية لليل
رقم القصيدة : 67060
-----------------------------------
الليلُ حط يا صديقتى على شوارع المدينةْ.
وأنتِ منذ ساعتين قد تركتنى وعدت
تركتنى بمفردى أسيرْ
سحبتِ كفك الدفوقة الحنان من يدى
ليشهر الرحيل سيفه على لقائِنا القصيرْ
وكم وددت لو ظللتِ جانبى
لأننى أخاف ذلك السواد حينما يجىء
كأنه انعكاس روحى التى ترى الحياة هكذا سواد
(1/17358)
________________________________________
ثقيلةٌ أقدام هذا الليل يا صديقتى على الفؤاد
والنور والزحام والضجيج مهرجان
ورعشة النيون عندما تضيء.
وواجهات البيع والشراء زُيِّنَت.
بكل ما يذر فى العيون الانبهار.
لو تعلمين أنني ..
.. أضيع يا صديقتى فى ليل هذه المدينة السعار
ولا أحد
يحاول الوقوف لحظةً
لكى يطل فى عيون حزنى التى بلا قرار.
الدرب يا صديقتى اختناق
وناس تختفى وراء ناس
وبينهم
حزنى يداس هاهنا كظِلِّىَ المُدَاس
الكل لاهثٌ كأنه سباق
يُحَرِّكُ الزحامَ فى مداره سعارُ الاقتناء !
لكننى حلمت لو وجدت فى حديقةٍ بجانب الطريق زهرتين .
أضىء ليل شعرك الجميل حينما أضعهما بمفرقه!
وها أنا أمضيت ليلى الحزين فى المسير ما وجدت زهرةً
تضوعت بالعطر والحياة فى موات ذلك الجحيم.
يتيمةٌ مشاعرى فى عمق هذا الليل مثلما أنا يتيم
وأنت يا صديقتى بعيدةٌ كأنك النهار
وربما لو كنتِ جانبى
لأنبتت بذور روحى الفَرَحْ .
وغادرت جوانحى نوارس الأحزان
وربما لو راحت العيون فى العيون والتقت يدان
غاب استعار البيع والشراء
وأُطفِيءَ النيونُ والإعلان
واستيقظت مدينتى من ليلها الثقيل
لتعلن النهارَ صحوةُ الإنسان .
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> أكذوبة أنت
أكذوبة أنت
رقم القصيدة : 67061
-----------------------------------
إِنْ ما مَرَرْتِ عَلىَّ لا تَتَمَهّلى
فالعاشِقُ المَجْنونُ ماتَ بِداخِلى
إنى برئتُ مِنَ القصائِدَ بَعْدَما
أَحْرَقْتُ فى الأوهامِ نِصْفَ أَنامِلى
لا لَسْتِ شَيئاً أَنْتِ حتى انْتَهى
حُزناً عَلَيهِ إِذا حَزِنْتُ لِمأْمَلِ
وهْم تَراءى لى هوىً فَتَبِعْتُهُ
صَدقْتُ نَفْسى وارْتَحَلْتُ لِمَقْتَلى
يا مَنْ نَسَتْ فى وهْمِ زَهْوٍ أَنها
كانَتْ صنيعَةَ نَزْوَتى وَتَمَلْمُلى
إِنى خَلَقْتُكِ مِنْ رَمادِ خَواطِرى
وَنَفَثْتُ روحَكِ مِنْ عَميقِ تَخَيلى
حَتى اسْتَوَيْتِ بِعَرْشِ حُسْنِكِ فاسْتَوى
فيكِ الغرورُ بِكِبِرياءِ الجاهلِ
(1/17359)
________________________________________
ما أَنْتِ .. مَاذا كُنْتِ دونَ مَشيئَتى
يا لعنة جَمَحَتْ ولَمْ تَتَعَقلِ
أُنْسيتِ نَفْسَكِ غَركِ الألقُ الذى
لَف المفاتِنَ فى بَهاكِ الرافِلِ
وَنَسيتِ حينَ جَحَدْتِ فَضلَ أَصابِعى
هى شكَلَتْكِ فأَنْتِ بَعْضُ تَفَضلى
فَدعى التكبُرَ واذْكُرى ما كُنْتِهِ
لَولا جنونى وانْطِفاء تَعَقلى
يا لعبة عَرَضَتْ مفاتِنَها عَلى
وَلَهِ العيونِ بِحُسْنِها المُتَسوِلِ
لا تَتْبَعى وَهْماً يَرومُ مَذَلتى
أَنا فى السماءِ وَأَنْتِ دونَ أَسافِلى
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> الحلم على ساحل المتوسط
الحلم على ساحل المتوسط
رقم القصيدة : 67062
-----------------------------------
ليل القاهرةِ دروبٌ باردةٌ
خاليةٌ من خطوات الناس سوى خطوى
وسماءٌ مظلمةٌ
وبقايا سحبٍ ترحلُ نحو الغرب شريدةْ
كان الوعد مُطِلاًّ في الآفاقِ
وكانت أشجارُ الصَّفصَافِ تُبعثِرُ أورَاقاً
والريحُ تُرَتِّلُ لَحناً من أحزانٍ
وشوارعُ قاهرتى لا تسأمُ ترديدَهْ!
كنت وحيداً ...
أمضى خلف طيوف الحلم الغائب
كانت أقمارُ الشَّجنِ الوَضَّاءَ وحيدهْ !
وخديجةُ تمشى الآن على ساحل "وهران"
تُسِرُّ لأمواج المتوسط عن فارسها الغائب منذ سنين
حتى يركض بجوانحها الوجد
فتتمرد تنهيدةْ !
وحدي أخترت السلوى و الأحزان
وخديجةُ منذ بزوغ الحلم اختارت أن يكتمل
إلى أن يلقى نهار عيدهْ !
هى غائبةٌ عَنِّى الآنَ
بوجهٍ صاغ الفجرُ ملامحَهُ
وعيونٌ يركض فيها الصحو
وشفاهٌ تمطر هذا الكون أناشيداً
فتخر النايات شهيدة!
وأنا أتجول في ملكوت الوحدة ...
أحلم بالفردوس الضائع
أسأل: كم سنة ستمر لكى نتلاقى
كم يتبقى كى تتلامس هذى الأيدى
أو كى ترحل من عينيك إلى عينىَّ قصيدة ؟
أفقٌ يمتدُ بحجمِ الحُزنِ أمام خطاى
وفضاءٌ ممتلئٌ بترانيم الوجد السابح فى الأفلاك
وتراتيلِ العِشقِ الزاخرِ
وأناشيده !
كيف يكون العالم
حين يمر العمر العاشق
دون نداءِ عذبِ يسطع...
أو تغريدةْ ؟!
(1/17360)
________________________________________
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> الموت في دقات
الموت في دقات
رقم القصيدة : 67063
-----------------------------------
دقت السابعة!
قام من نومه تاركاً مضجعه
ثم أنهى الوضوء
أطال الصلاة
فقرت بها الروح الخاشعة
أرتدى زيه
(لم يغيره منذ تسلمه من مصنعه!)
وأستدار لحجرة أبنائه النائمين
فقبل أصغرهم فى دعه
(كان مبتسما...
رغم ضيق السرير بأخوته الأربعه!)
...............................
دقت الثامنة
حث وقع الخطى قاصداً موقعه
شارداً في السماء
يديه بجيبيه (كانا معاً خاليين)
تستبد الهموم بتفكيره
إذ يفكر فى الأجر حين سيأخذه ذا المساء
وكيف سينفقه فى الطعام - الكساء - الدواء
مصاريف أبنائه - التبغ - إيجار مسكنه
(منذ شهرين لايدفعه!)
صم تفكيره سمعه
حين صاح النفير القوى...
فلم يسمعه
أصبح المشهد الآن _ فى لحظةٍ _
جسداً ساكناً...
غارقًا فى الدماء..
وصمتًا..
وسيارةً مسرعة!
....................
دقت التاسعة
حين مال المحقق يفحص جثته فى هدوء
أتى من أسرَّ لهُ أنه
لم يجد ما يدل عليه معه!
.......................
دقت الواحدة
كان يسكن ثلاجة واسعة!
........................
دقت العاشرة
تمتمت زوجته (ما الذي أخره!)
دارت الخوف فى وجهها
عن وجوه الصغار...
وعن عين طفلتها الدامعة!
.........................
دقت العاشرة
حينما اعلنت ظلمة المقبرة
انتهاء حياة
فى لعبة الرب الخادعة!
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> الموت والحيَاهْ
الموت والحيَاهْ
رقم القصيدة : 67064
-----------------------------------
كان يحيَا كما النِّسمَةُ الحانِيَهْ
حين تعبُرُ فى وقدةِ القيظِ فوقَ الجِبَاهْ.
يلوحُ لنا باسِماً
-رغم ضيقِِ معيشتِهِ- مُفعَماً بالحَياهْ
كان يأتى.. فنَجلِسُ
نلَتفُّ حَولَ حكاياتِهِ
نستضىءُ بأنوارِ حكمتِها
ثُمَّ نغفو.. ونصحو فلا نلتقيهِ
إذا راحَ كالطيفِ.. مثلَ أقاصيصِهِ أو رؤاهْ!
(1/17361)
________________________________________
إن يجىء المساء يعودُ وقد غضَّن الجُهدُ جبهتَهُ
وعلى وجهِهِ أثَرٌ من غبار الكفاح
وطيفُ ابتسامٍ مريرٍ
أحَبَّ الحياةَ على قدر ما أتعَبَتهُ الحَياهْ
كنت أجثو بجانب وقفته فى رحابِ الخشوع
يصلَّى بعينينِ رُقرِقتا بالدُّموع
ووجهٍ يفرُّ الأسىَ من رضَاهْ.
قال لى مَرَّةً: "فلتَغِب يَا بُنىَّ عن الكونِ
كى تلتقى روحَكَ المُرتجاهْ!
غِب عن الجسد المُنتَهى
خَابَ مَنْ ظَنَّ أن الحيَاةَ اقتناءٌ وجَاهْ."
رحت أنهل من فيض حكمته
وأراهُ يعيش على الأرضِ دفقَة ضَوءٍ
إذا راح يعمَلُ مُجتَهِداً
يُخلِصُ النُصحَ للناسِ..يرفق.-ليناً- بأبنائِهِ
يُسعِدُ الزوجَةَ الصَّابِرَهْ.
يستضيفُ الغريبَ
ويقنعُ بالرِّزق -مُبتَهِجاً- رغم قِلَّتِه
بابتسامِ رِضا قَرَّ فوقَ الشِّفَاهْ.
ذاتَ يومٍ مَضىَ قاصِداً رزقهُ
باكِراً كالطيور
يسيرُ على الأرض فى أُلفَةٍ
باسِماً للصَّباح .
حين لاحَت علىَ البُعدِ سيارَةٌ
تنهَبُ الأرضَ لاهثةً
كان يعبُرُ نهَرَ الطَّريقِ
وفى لحظةٍ كان مُلقى
... ... ... ... ... ... ... ... ...
... ... ... ... ... ... ... ... ...
وفَرَّ الجُنَاهْ!
----------------------------
"كيف حالُك يا ولَدى؟"
قالها واحدٌ حاوَلَ الآن أن يدفن السِرَّ فى صوتِهِ
ولكننى كنت أقرأ فاجعتى فى عيونِ النُعاهْ!
صارت الحكمة الواثِقَهْ.
سكوناً طويلاً
وعشق الحياهْ
ذُبولاً
وصار أبى رَقماً
فى ملفَّاتِ قيد الوفَاه!
----------------------------
الحياةُ انتَهَتْ.
غير أن أبى لم يَمُت!
لا يموت الذين يعيشونَ لا يُخفِضونَ الجِبَاهْ.
علَّهُ الآن يعَمِّقَ إحساسَهُ
-بعدما قد مَضَت روحُهُ عن لُهاثِ الجسَدْ
بالسكون الذى رامَهُ عبر أيامِهِ
السكونُ النَّجَاهْ!
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> هذه هى الحياة
هذه هى الحياة
رقم القصيدة : 67065
-----------------------------------
إلى أبي رحمه الله
.
.
كان ضياء الشمس يلوِّح من نافذتى
يمسح وجهى
(1/17362)
________________________________________
حتى يطرد نوماً يثقل فى الأحداق .
صوتُ تلاوة أمى للقرآن يمس البيت بنور صافٍ
كانت تدعو الله بأن يرحمنا -بعد وفاة الأب-
ويفتح أبواب الأرزاق.
أمى كانت تقصد سعيى !
سعيى اليائس منذ شهور خلف الرزق .
وما من جدوى
حتى ضاق العيش
وصار البيت ملاذ الفاقة والإملاق !
قمت لكى أتهيأ لمواصلة السعى
أقبل أمى قبل رحيلى
يدفق من طيبة عينيها ينبوع حنان رقراق.
رحت أغادر بؤس البيت تجاه النور
وداخل روحى كان ظلام اليأس
يسافر فى الأعماق !
----------------------------------
كنت أسير حثيثاً نحو الصرح الشامخ نصب عيونى
وأنا أذكر..
فأبى قضَّى ربع القرن دءوباً يعمل فى خدمته
حتى مات بداخل هذا الموقع ذات نهار
مات شهيد العمل الدائب..والإرهاق!
وجه أبى يتجسد نوراً فى ذاكرتى
وأنا أصعد درج الموقع.. يبسم لى.
حين شعرت بأن البسمة..
كانت ملأى بالإشفاق!
---------------------------
وقف رئيس الصرح الشامخ يستقبلنى
يبسم فى بشرٍ وسرورٍ
وقد التف الجمع العامل حول المكتب فى غرفته
شد على كتفىَّ وقال :
"أهلاً بابن البطل الخالد
فى هذا الصرح العملاق." !
"اجلس رحم الله أبيك
فقد قضَّى أيام العمر عطاءاً كالنهر الدفاق."
فقلت:"أيا سيدى الفاضل
أشكرك على هذا المدح..
ولكنى قد جئت اليوم لشىءٍ آخر."
قال السيد :" نعرف هذا !
نعرف كيف نكافئ من قد أفنى العمر أميناً فى خدمتنا"
ثم أشار لمن قد راحوا يلتفون وراء وحول المكتب
فأتوا بوشاحٍ ألاَّق .
علَّقَهُ السيد فى كتفى
ثم أشار.. فجاءوا بشهادة تقدير
وأتوا بشهاداتٍ أُخرى
كانت تثبت حسن السير
وحسن السمعة والأخلاق !
راح يسلمنى إياها فى هرج التصفيق الحار.
ومضى الجمع الحاشد يهتف :
"عاش السيد "
"عاش نصير المنسيين "
وهو يغادر هذا المحفل
يهبط فوق الدرج اللامع فى إشراق.
أخذ الجمع يهرول خلف خطاه.
حين ارتفعت موسيقى الحرس الرسمىِّ
تدَوِّى فى صمت الآفاق .
كان السيد يغرق فى تيه الأبواق
وأنا وحدى
(1/17363)
________________________________________
أغرق ما بين الأوراق !!
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> القيامة
القيامة
رقم القصيدة : 67066
-----------------------------------
جاء يومٌ به لا تجوز الشفاعةْ !
المدينة غارقة فى عويل الذهول
البيوت تدك..
وتهوى تراباً بسكانها
المآذن تسقط فى مشهد الهول فوق المؤذن
حين مضى يستحث الذين يفرون فى هلع لصلاة الجماعةْ !
والجموع التى تركض الآن ذاهلةً وسط هذا الجحيم
تمد العويل تجاه السماء
وترفع أيدى الضراعةْ.
تستغيث : النجاة النجاه
(النجاة التى لم تعد مستطاعه!)
---------------------------
قال لى صاحبى:-
"إنه أول الحشر فانج بنفسك "
لكننى كنت أصغى لصوتٍ يرن بأعماق روحى
ويدفعنى أن أظل بقلب المدينة
أشهد آخر أيامها فى استعار الجحيم الذى
يستزيد اندلاعهْ !
من لهذى المدينة فى ذلك اليوم إلاى ؟
إلا المغنى الذى طاف فى دورها
عاشقاً يتغنى بأفراحها
ثم يدمع باللحن إن حزنت؟
من لها.
وأنا بعت قيثارتى
كى أجىء بحفنة قمح لأطفالها
فى سنين المجاعه!
"انجُ يا صاحبى"!
قال لى
ثم غاب رفيقى بين الجموع التى تتلظى
وغاب وداعه!
كان دمع يطل بعينىَّ مرتعشاً
وأنا واقفٌ عند حافة موتى
محتضناً كل ما قد أراه أمامى
قبل الوداع الأخير .
الحرائق تشعل فى المكتبات -الحدائق -دور العبادة -
قصر كبير القضاة- الدواوين -منزل محظية الملك الذهبى-
السجون -الحوانيت -(أغلى بضاعتها)-
قصر والى البلاد.
(ظل طيلة عامين يعلى متاريسه وقلاعهْ!)
اَه .. ها هو موت المدينة
هذى قيامتها
من سيجهر بالحق فى ذلك اليوم
يعلى شهادته.؟
أأنا ؟!!
كيف هذا ..
ومن أين لى بالشجاعةْ ؟
كنت دوماً أشير لما أبتغى قوله
خلف أوتار قيثارتى !
كنت أخفى الشهادة خلف الغناء
أثور إذا جعت
أو طالنى العرى والذل قهراً
وأمسى ملتحفاً خلف أغنيتى
بقناع القناعةْ!
----------------------
ها هو الهول يأتى لهذى البلاد التى
قد أذلَّت بنيها
ونامت على الظلم متخمة بالشراب.
(1/17364)
________________________________________
فوداعاً لهذى المدائن فى موتها
عله البعث لا الموت
يقبل فى سمته خلف هذى القيامة مستتراً
فوداعا لها ولكم.
آن أن يستعيد المغنى الذبيح قصيدته وقناعهْ!
شعراء مصر والسودان >> حمزة قناوي >> محمد جمال الدرة
محمد جمال الدرة
رقم القصيدة : 67067
-----------------------------------
(ولكن خلفك عار العرب)
أنه أول الموت
يقبل ملتحفا بالعطب!
........................
ما الذى سوف تحميك منه يداك
اللتان برعبهما ترفعان أمام سيول الرصاص؟
(الرصاص الذي لا يفرق - فى خسةٍ - بين طفل وأب!)
كان ظهر أبيك يحاول أن يمنح الخوف فى مقلتيك الأمان
(ولكنه فر فى مشهد الموت مرتعبا!)
كان يصرخ: لاتطلقوا
بينما أنت تصرخ في لحظة الهول
مرتجفاً من حصار الأزيز الذى يقترب
ها هو الموت يفجؤ عينيك
يبغى طفولتك المسكينة
يأتى إليك من الفوهات التى
ملؤها حقدها..وسواد الغضب.
كان يقبل حيناً ويدبر
رواغك الموتُ
لكنه لحظةً لم يغب!
.....................
-(ولدى)!
أطلق الأب صرخةُ
حين راحت دماء ابنه تصبغ الأرض قانيةً
-(لا تخف يا أبى)!
قالها الطفل فى وهن
ثم رددها الصمت...
والريحُ..
و الأفق المنتحبْ!
....................
الوجود يغيب رويداً..رويداً
يسافر عن عين الطفل في وهن الجرح
حتى أحتجب.
و المدى المرتمى
(كل هذا المدى الآن هولٌ ورعب!)
ما الذى يتبقى إذن كى يعانقك الموت؟
ها انت مستترا بالعراء
تصرخ فى وجه قناصك المقتضب
وتنادى السماء التى ابتعدت
(السماء التى تستحيل كوى من لهب!)
......................
- أطلِقوا !
كان يعوى قناصك الهمجى ليستحضر الموت
(والموت يعدل ما بين ندين
لا بين من يحتمى بالرصاص
ومن يستجير برب!)
حينما أنت أعزل إلا من الخوف
ترنو لقاتلك المنتشى
وإلى العالم المتواطئ - صمتاً - مع موتك المقبل الآن
من كل صوب
...........................
- آه.. يا أبتِ!
أقبل الموت فى طلقة تنهب الأفق لاهثة نحو قلب!
..........................
(1/17365)
________________________________________
كان خيطٌ من الضوء يخرج من جثة الطفل
يصعد نحو السماء
ويسطع فجراً
على ظلمة الوطن المستلب
..........................
إنه موعدٌ لانفلات الغضب!
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> "الخامسة والثلاثين "
"الخامسة والثلاثين "
رقم القصيدة : 67068
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
الايادمي .. يادم الرازقيه
مية عام ماعتقتّك المغارس
الا يادمي طلقة البندقيه
حشا .. مايبورد بها كل فارس
هي الشمس .. لو غربت مشرقيه
هو البحر .. موطن ومنفى النوارس
بقا بي من الكل .. كل البقيه
شغب ضجة اولاد صرفة مدارس
الا يادمي .. يادم الرازقيه
مية عام مسجون من غير حارس!!+
...............
تكللت وحدي / توحدت كل
تظللت جسمي / تجسمت ظل
تحللت أسأل / تساءلت حل
تقللت كثري / تكاثرت قل
..................
اقبلي واقبلي .. واقبلي واقبلي
في بياض الغموض
وفي الغموض المبين
صرت انا كل ما مافات فيما يلي
ماتبينه يكون / كوني اللي تبين
اقبلي واقبلي .. واقبلي واقبلي
مظلمه مشرقه / خافيه بينه
اقبلي هالة المعتم المنجلي
مثل من ظل يمشي على بينه
احلم بحضورك .. أمضي لمستقبلي
دام راح التعب / راحة المتعبين
طوقيني..
بحس بيقيني ..
هي ( الخامسه والثلاثين )
بوابة الأربعين
اغسليني بما رآب من زرقة الرمل
وكتابك المحو ..
والمحو ماتكتبين..!!
واطلقيني ..
مع الليل للشمس ..
ياشمس صبح اشرقيني..
فلربما تشرق الشمس مني واغني :
( الا ياهلي ) ..!!
صدقيني هي ( الخامسه والثلاثين ) ..
بوابة ( الأربعين ) ..!
اغسليني ببرد الغبش ..
من دروب .. الشغب
توقف الناس عند اول اعتابها متعبين
احرقيني بسكينة الشك ..
ابقطع يقيني..!!
هي ( الخامسه والثلاثين ) ..
عند اول اعتابها
تفتح اسطورة الصخرة ابوابها..!!
تسألي ..
انت مين ...؟!
افتحي الباب ..
واحد من المنتمين!
المعصَّر بغيم الصدف
بالغوايات ..
بالطيش ..!!
وبلذة العيش
في ( الآخر ) اللي نزل فيه ..
(1/17366)
________________________________________
واستوطن الذات
ثم ارتحل من دم النطع ..
حتى اقاصي سديم الملذات ..
والولدنه..!
اقبلي وغدنه
مظلمه/ مشرقه ..
مجدبه / مورقه ..
ممحله / مغرقه ..
بارده / محرقه ..
كوني ابعد من الأقربين
أقرب الأبعدين ..
اقبلي ..
كوني الاصغر الأكبر الـ .. الـ .. بلا الـ ..!!
كوني مثل ماتبين ..
جاهله / غارقه ..
حانيه / جارفه ..
هاديه / عاصفه ..
قاسيه / لينه
صعبة ٍ / هينه..
كافره / دينه
غامضه / بينه ..
مثل مستقبلي ..
اقبلي :
كل ماخط منحط خطين..
خط البدايه وخط النهايه
...........
ركضنا .. وقفنا ..
سمعنا وطعنا ..!!
اكلنا شبعنا .. !!
على ربوة في العقيق اجتمعنا ..
نغني (( احنا وسود العيوني ))
وياعيوني / عيوني!!
وياشجوني / شجوني!!
وياظنوني / ظنوني!!
وياديوني/ ديوني!!
وياسجوني / سجوني!!
وياعطوني / عطوني!!
لحد ماسكتوني ..!!
تعبنا نغني :
مشينا لعليا في ثمانين ليلة ٍ ..
على شانها عليا تهون الصعايب
عشرين منها تضرب الارض بالحذا ..
وعشرين منها في ظهور الركايب
وعشرين منها في البحور الغزيره ..
وعشرين منها في الجبال النشايب
وعشرين منها في بطون الشعايب
............
طاعن ٍ ف( الباهت ) المصفر وجهك ..
شاحب ٍ ذابل ومنهك ..
في ظهيرة يوم سبت ..!!
والمدينه تطفح ارصفة الشوارع
ضجة اولاد وشغب ..
صرفة مدارس
تحت شمس ٍ من نحاس ..!
كنت بلحالك ..
جسدك ..
وماتيسر من ظلالك
كنت تنسج من سؤالك حيرتك..
والريح تنسج منك خبت ..!
كل كلمة صيف تكتب محوها ..
تمحي كتابتها
تتكسر مرايا من خيال الما..
على مرمى عطش مكسور كاس ..!
هو من فينا البحر ..؟!
قال الجسد للظل ..
قال الظل : من فينا الغريق
امتد وامتد السؤال وما أجبت ..
هو من فينا كسر قيد الطريق..؟!
ومن هو المأسور من فينا الطليق..؟!
وطال .. طال الظل طال ..!!
اكتظ حولك من غبار التايهين وجوه ناس
هو من فينا .. ومن فينا ..
ومن فينا تمادى .؟!
طال طال الظل طال ..
لحد ماصاح الجسد :
يكفي ..
تعبت.. !!
(1/17367)
________________________________________
ارجوك من هذا العبث..
يكفي .. تعبت .!!
بعدها صار البحر صمتك فراغك
والشجر هذا الدم المورق شماغك ..!
والهوى كينونتك ..
والأرض تحت اقدامك ..
والما ينحسر عنها ..
ويمتد اليباس
..........
البحر باب الملوحه ..
والشجر عالم بروحه
مثلنا مثل الطيور ..
كلنا تكوين ( لوحه )
شمس تكتب مامحيت ..
وريح تمحي ماكتبت
ربما كراسة زرقا / سما ..
تجلس على صخرة نهار
تختمر كراس ازرق في التباس المبهم .. المبهم..
لحد الالتباس
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> الصايع ..!!
الصايع ..!!
رقم القصيدة : 67069
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ضاق صدره ..
حس حتى البيت اللي .. انو لد به ..
صار قبره .!!
لملم انفاسه .. وبعض اوراق كراسه
شرب باقي بقايا الشاهي البارد بكاسه ..!!
وخرج ..
وقف على الدرج ..
ولع سيجاره ..!!
استرق نظره على شباك غرفة جارته ..!!
شاف جاره .. وانحرج ..!!
أرخى راسه .. صار نصف انسان ..
ربع انسان ..
ماباقي من الإنسان فيه الا لباسه ..!
كان في حالة ندم ..
لو طعنته وقتها ماسال منه .. نقطه دم ..!!
.....
والله ياديما ..
مااسامح اسلافي ..!!
أخذوا الأيادي ..ما ..
خلوا سوى اكتافي ..!!
أمشي كما الأعمى ..
قدامي خلافي ..!!
والنور والظلما ..
حملٍ على اكتافي ..!
( واغض طرفي إن بدت لي جارتي ..
حتى يواري جارتي ماواها )
...
على خيال الما ..
هذا الحجر طافي ..
كل النسا : سلمى
وكل الرجال : وافي
لاصارت الأسمى ..
تلمس وتنشافي ..!!
..
وامتطى سيارته ..
سار في كل اتجاهات المدينة ..
لف ابو كل الشوارع
مره نازل .. مره طالع
مرن نازل ... مره طالع ..!!
قل : يدور شلته
قل : يفكر في عذر ( للجار ) إذا علم ابوه بزلته
قل : يبي ( كفتيريا ) جايع ..
يبي يشرب وياكل
قل : يدور عن حلول
او عن مشاكل ..!!
قل : يسوي مايسويه المراهق ..
إنحرافات وخرافات ..
وسخافات .. ومهازل ..
قل : يغازل ..!!
....
البحر ..
(1/17368)
________________________________________
ويش البحر..؟!
لولا رمال الشط ، والأطفال ، واليامال..
والمرجان والأصداف والما.. والسفينه
والمسا ..
ويش المسا..؟!!
لولا دفا لون الستاير من شبابيك المنازل ، والنسا ..
وخشوع جمر الليل في احظان المباخر ..!
انت شايف ضحكة الموجه على صدر البحر تختال ؟!
شايف ضحكة الما .. كم حزينه في نوافير المدينه ؟!
شايف الفرق الكبير الشاسع الواسع
شايف كم هي الأشيا تكون أجمل كثير بدون آخر ...!!
............
في اليمين من التقاطع
اعترض له نور احمر
نور ساطع
صاح به : اوقف
وكان الصوت حازم حزم قاطع
خفف السرعه .!!
رخى صوت المسجل
ارتجف .!!
صاح نفس الصوت وبقوة صراخ : أوقف
وقف ..
واستعاذ بطيبته من شر حراص النوايا
وين رايح ..؟؟
أو إذا ماكنت رايح قلنا من وين راجع
ماأنا .. ما ...
ما أنت ماعندك ادب
إنت تربية شوارع
إنت شكلك واحد مسوي سوايا
هات إثبات الهوية
حاضر وماعندي مانع
ها هـ هذي هية :
الإسم : راضي سويكت
المؤهل : جامعي
المهنة : صايع
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> موجة حمام
موجة حمام
رقم القصيدة : 67070
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
رفرفت في بالي اوراق بيضا مهملة
واشتهى صمت ابيض الجوع تفاح الكلام
مثل طفل ٍ كان يبني ويهدم منزله
في هديل البحر واصطادته موجة حمام
جيت لاسهم ٍ تناسى ولاجرح ٍ دله
عن هوى اللي ينزعون الجروح من السهام
جيت للدنيا قمر وجه صوتي حنظله
تحت جلدي ذاكرة خبت من رمل .. وعظام
لي سما عالي وحفنة سديم و.. وسنبله
سبحت فيها وغنت عصافير الغمام
كن من روّع ضبى خبت دمي واجفله
وارتبك في حانة الصيف طاروق الصرام
كلما قربت للريح نار ٍ مشعله
فوق صدري زادني جمرها برد وسلام
كيف خيلت آخر الوقت قاع ٍ ممحله
كيف خيلت آخر القاع وقت ٍ للهدام
وش هو آخر دربنا .. آخر الدرب اوله
لاهمزنا مهرة الوقت وانزاح اللثام
كل درب ٍ تعرفه حاول انك تجهله
الدروب لصمت وجهي .. مجاهيل وظلام
(1/17369)
________________________________________
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> صاح بي / صاحبي
صاح بي / صاحبي
رقم القصيدة : 67071
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
صاح بي / صاحبي .. والليل عطر الكتابه
كيف نبني وطن للمتعبين اغتراب
كيف تطلع يدينك يارفيق الصبابه
وانت للتمر في شفتك طعم الغياب
قلت له : ظلك الناضح بريق ومهابه
اطعن الظل واكتب من دماه الجواب
من رقى نخلة الدفتر وشق السحابه
تغسله باحتمالات المطر والتراب
كلما خدرت صحو السؤال الاجابه
سال قيض تشجر من عروق السحاب
فوق نخل جنو طلعه وخانوا ترابه
وارتدوا فوق ثوب الطين .. طين الثياب
صبي الغيم ياسلمى لناس ٍ غلابه
من عطشهم على الما يحلبون السراب
اظهري مثل نفحة برق .. والفجر غابه
واختفي مثل ورده في ظنون الكتاب
غصنها يعزل الما من سراب التشابه
والنسانيس ترسم به نوافذ .. وباب
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> قميص الليل
قميص الليل
رقم القصيدة : 67072
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
دخيل ركض الوجع والآه والضمه
ومتابع الركض .. لاتكّلف على شاني
خلاص مني ومنك الحب في الذمه
تضاعفت من جروحك قوة ايماني
محسوبك ان جيت وان ماجيت ماهمه
وش ياخذ الدمع من تغميضة اجفاني
انام وادخل قميص الليل مع كمه
واخرج صلاة الفجر مع كمه الثاني
اتنفس الفجر الاول عاقد الهمه
واركض مع الناس .. والعن خيّر احزاني
كرامة النفس عندي فوق في القمه
وتثور من دونها .. ناري ، ودخاني
ذبحت خيل الهوى .. واسقيتها دمه
خليتها غصب تحمل جثة ( الجاني )
ياحالمه في دروب العشق مهتمه
عمري مهو لك رصيف احلام واشجاني
عمري قصيده ( ردية حال ) منسمه
مافيني اوراق يامحبوبة اغصاني
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> أسئلة للبياض
أسئلة للبياض
رقم القصيدة : 67073
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يومك ابيض
قلبك ابيض
( دا نهارك زي زهر الفل أبيض )
(1/17370)
________________________________________
صفحتك بيضا ..
وهمْ هذا البياض الواضح الفاتح شهيتنا ..
ونغرق في الكلام ..
وفي الكتابه !
ياترى فعلاً ..
تكلمنا .. كتبنا .. في البياض ؟!
ياترى ..
هذا الورق أبيض كما يظهر لنا .؟!
ياترى ..
هذا القلم أول قلم يحرث بكارة تربته ..؟!
ياترى . محد ٍ كتبني ؟!
قبل هذا البياض ..؟!
والكلام اللي نثرته
باترى محد ٍ سبقني .؟!
وحدي اللي في بكارة تربة الصوت ابتذرته ..؟!
ياترى ..
محد ٍ نطقني ..؟!
أعتقد مهما توهمت الكلام ابيض ..
وصوتي والورق أبيض
فالابيض صمتكم وانصاتكم ..
وانتم الأكثر بياض ..!!
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> شجرة شجرة
شجرة شجرة
رقم القصيدة : 67074
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
وحدها تجلس على كرسيّ عرش الليل ..
هذا الاسود الفواح لمَّن ينكسر غصن النهار
وتنفطر من مكسره !!
وحدها تخرج ونبع انفاسها ينساب من
فستانها الكحلي..
ومن شال البنفسج ..
كان الاسود شف عن ليلك ..
وشف الليلكي عن ساقها الكحلي ..
وشف الكحلي المعتم عن الازرق ..
والازرق شف عن هذا السديم !!
وشف عن .. ..
عن ..
وجهشت في كرنفال اللون زهرة !!
إسمها ..!!
وتسابقت داخل فمي الاسما .. تباهي في
في سما وجه ( المليكه ) ..!
إسمها بلقيس ..؟!
لا..
زنوبيا ..؟!
لا ..
كليوبترا ..؟!
لا
ملكة الليل ..؟!
هذا ماتقول الناس ..
لكني اسميها :
( حزن زهر البنفسج ..
ضحكة النرجس ..
خجل ورده ..
غرور الياسمين
الفل متواضع .. أسميها ..
واسميها دفا الريحان ..
والشيح النفور ..
وطيبة النعناع ..
أسميها حكاية ( سرْ ) وافشاها النسيم !!
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> رفيف
رفيف
رقم القصيدة : 67075
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أكتب رفيف وتطيح اربع نجوم وسنا ..
من فوقها نجمتين وتحتها نجمتين .
كتبتها ف ( اول الصفحه ) تساقط جنا ..
كتبتها ف ( آخر الصفحه ) نبت ياسمين .
(1/17371)
________________________________________
كتبت فوق السطر مال السطر وانثنى ..
يميل يم اليسار وينحني لليمين
كتبت ( تحت السطر ) وارخيت عيني وانا :
أكتب وتسأل رفيف الشعر هذا لمين .؟!!
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> ماجدة
ماجدة
رقم القصيدة : 67076
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
تبكي وتضحك على المسرح كما طفله ..!
كما ..؟!
كما ليش هي طفله كما هيه .!!
كما بعد ليش ..؟! عصفور ٍ ترفرف له ..
في بال الاغصان حالة صمت محكيه !!
من صوتها يرجع الغايب على غفله ..
وتطل قمرا ليالي صيف شرقيه .!!
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> فيتو
فيتو
رقم القصيدة : 67077
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
............
لاتحتار بأمرك ..
ياتمشي مثل الكلب الماشي في ظل
العربة / تتأمرك !
ياإما الباقي في عمرك ..!!
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> صيحة
صيحة
رقم القصيدة : 67078
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
صحت في ( سمع الفراغ )
بالـ( فم المليان ) ..
صيحه ..!!
ياإلهي ..!!
كل ذا الأخطا .. صحيحه ..؟!!
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> حلم
حلم
رقم القصيدة : 67079
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
أرى في مايرى النايم ..
سفينة نوح ..!!
وساطور السما ريح ٍ تشق ال ( فوق ) ..
تنهب زرقة المالح ..
وتحت تخيط اساميها الذوات..
الروح ..+
تتكور جسد عايم ..!!
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> بوح
بوح
رقم القصيدة : 67080
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ياموطني ..
دام الحياه أخذ وعطا ..
خذ واعطني ..!!
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> جواب
جواب
رقم القصيدة : 67081
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
انا الآتي
حياتي ..
في ال ( بقيه من حياتي ) !!
(1/17372)
________________________________________
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> حيرة
حيرة
رقم القصيدة : 67082
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
مدري أي كتاب ب ( اقرا ) !
مدري الليله !!
انا عن أي شي ب ( اكتب ) ؟!
عن زرافات ( الحريم ) الشاحبات
عن ( ! ) ..
عن العصيان .. أبكتب ؟!
آه .. ي ( أسراب الأفاعي ) !
واليمامات الحزينه !
من يقول ( العقل زينه
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> مفهوم العتاب
مفهوم العتاب
رقم القصيدة : 67083
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يامحرم على اوراقي حضور القصيده
خيرة الله عليك اطلق رهينة غيابك
القوافي غدت مثل الخيول الشريده
وين ماتتجه يتبعن وجهة ركابك
واحتبس منك دم المحبره في وريده
شوف.. حتى القلم ماطاق قسوة عذابك
كيف اعاتبك ؟! كيف اعطيك فرصه جديده؟!!
انت شوهت مفهوم العتاب بعتابك
كان لي فيك ياماكان هقوه بعيده
يجذبنّي حبال الصيف واتبع سرابك
اتعبتني مسافات الدروب العنيده
لازم اسألك واتحمل فجيعة جوابك
قول مابيك والفرقا طرقها عديده
كان عندك شجاعة صدق تبرح جنابك
خذ معك كل شي غير القلم والقصيده
مالها ذنب تاخذها رهينة غيابك
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> قصائد قصيرة جدا
قصائد قصيرة جدا
رقم القصيدة : 67084
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
( قنوط )
امد خلف النافذة يدي
اقبضها .. أردها
ألمس بها شي ..
وآخذه ..
القى بها حفنة ظلام
أروح للصنبور ..
أغسلها وانام ..!!
.
.
( موت )
امدد اقدامي
جدار قدامي
وجدار من خلفي
اموت رغم أنفي ..!!
.
.
( غبن )
عمر الجروح بيوم ..
ماكانت الورد ..
وعمر الذي في النار ..
ماحس بالبرد ..
الورد ينزف شذا ..
والجرح ينزف دم ..
ومابين هذا .. وذا ..
شوف المسافه كم ..؟!!
...........
صار اصبعي ريشه
صار القلم فرد
ومشرد حروفي ..
ترعى مضارب جرد
بعض القصايد غذا
وبعض القصايد سم
والبعض الاخر كذا
(1/17373)
________________________________________
( صرخه بليا فم ) .. !!
.
.
( رصيف )
على رصيف الشارع المظلم .. جلس ..
يقلب اوراق السنين ..
الشارع الأول .. نظيف..
الشارع الثاني .. مخيف ..
الشارع الثالث .. أبد ماله ( رصيف ) ..!!
.
.
( متشابهات )
متشابهات ..
وجه ٍ يشابه وجه ..
حرفٍ يشابه حرف ..
صوتٍ يشابه صوت ..
لكنها ..
ماتشتبه في اختيار الموت ..!!
.
.
( حاله )
كنت ذاهل بحزني مسجي
وحيد اتهجى
دم الصمت الابيض يسيل
في عروق الكلام ..!!
.
.
( وقت )
يدخل البرد ليّن من النافذه
يدخل الوقت دافي
لمست الوقت دافي
لذيذ / وطري ..
حار مثل الرغيف ..!!
.
.
( لوحه )
ارسم بحر ..
ارسم قوارب صيد
ارسم ناس .. صيادين ..
ارسم ساريه ..
وخيوط سنارة سمك . بس ..
واترك الموجه بريشة صمتها ..
تمحاك فيه وترسمك ..!!
.
.
( سكن )
لو مافتحتي شرفة الغيمه البعيده
مانتفض قلبي كما العصفور من صدري
وراح يطير .. يطير .. يطير
كم غيمة قالت : تعال
وكم شجرة قالت : تعال
وكم نجمة قالت : تعال
من دونها ليلٍ مطير
وسنين من ظلما وريح ..
مالك مطير
وكل قطرة دم في قلبي تصيح ..
وتقول : طر فوق وتعال ..
طر فوق وتعال .. طر فوق وتعال ..تعال ..
ورحت اطير .. اطير ..
حتى وصلت لجنة ايدينك جريح ..
ولو مالجراح ماحمحم الريحيان بين اصابعي ..
ولانبت في دفتري عشب الصباح ..!!
.
.
( الجمهور )
ياسيدي الجمهور ..
لولا عذوبة مانقول ..
كان الحقول ..
صارت أراضي بور ..!
(عزيزي الجمهور ) ..
ان مافمهمت اللي نقول ...!
تقدر تطفي النور ..!!
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> عرس الشمس
عرس الشمس
رقم القصيدة : 67085
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
انا ماني بمن يقرا الصور حتى ينام اللون
ولامن يهدم اسوارالشموس ليبني ظلاله
انا الليل البهيم اللي خرج من كاحل العرجون
صباح اطراف اصابعكم تنز بطينة اطفاله
جنوني حكمتي .. والحكمه اولها صلف بجنون
لذا صوتي رما دلو الكلام وقطّع حباله
(1/17374)
________________________________________
صحيح النار تاكلني .. ولكني عرفت اشلون
اموت .. وكيف يختال الرماد بعزة اشعاله
وداعاً يالسيوف الطاعنه في جثة المطعون
وداعاً يالمرايا .. وجهى اول وآخر اشكاله
وداعاً للمكان المستوي فيني وفيه الكون
هلا بك يامكان ٍ قبلي اسمك ماحد ٍ قاله
مخاليقه تعيش بدون اساميها عشان آكون :
انا اول من يدق طبول عرس الشمس في رماله
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> صهوة المهرة
صهوة المهرة
رقم القصيدة : 67086
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
واقول انه ترجل ماسقط عن صهوة المهره
مثل نجم ٍ توهج واحترق في ذاكرة اعمى
يقول لي صاحبي واشعلن جمر الغيض في صدره
سبايا يرقصن مع الخيول بهودج الظلمى
واقول ان اللي مايكره .. يحب اللي يحب يكره
تخلص من شغب ذاتيتك حاول تكوت اسمى
أبد ماظل للنظره مدى .. كل المدى نظره
توحد من شتات اللون كون ابن السما والما
أنا ذاك الذي عمره .. غدى للي غدى عمره
أجوع ان جاع طفلٍ وان ظمت بعض الخيول اظمى
تحت جفن الرماد ابقى وميض النار في الجمره
أنا .. وابقى رجا ( ممكن ) تعلق في وعد ( مهما )
أقول الصوت ميلادي ويرتد الصدى قبره
نهار ابيض تشرد واغترب في ذاكرة أعمى
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> درب الحجاز
درب الحجاز
رقم القصيدة : 67087
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ايه في منحنى درب الحجاز اعتراف
أيه والسالفه تغري لسان الكذوب
حاصروني من اول سطر بعد الغلاف
صرت انا حرف يبحث عن مساحة هروب
أيه وتعطروا دمي خجل وانكساف
مثلما البحر يتعطر بدم الغروب
قوم ترمي عبثها في المسامع هتاف
يذبحون القصيده في سبيل الذنوب
بس ماخذت من وقتي نهاية مطاف
دمي اخضر ورماي القفا مايصوب
ترعد قلوبهم لكن مطرها جفاف
وش يميت القلوب الا .. جفاف القلوب
من يصدق نهر يغتال حلم الضفاف ..؟!
بين جزر الشمال .. وبين مد الجنوب
ماهقيت ان في عشق الرمال انحراف
(1/17375)
________________________________________
لين خانتني الخطوه .. وخنت الدروب
بعدها صرت للصفين معنى وقاف
وابتسامه على ثغر المواجع تذوب
الاماني سنابل ينتظرها قطاف
والمواسم تعاني جوع كل الشعوب
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> صحوة ضمير
صحوة ضمير
رقم القصيدة : 67088
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ايه احبك ولا للحب صحوة ضمير
أي صحوة ضمير اللي تميت القلوب
ايه احبك ولاني في الهوى مستخير
دمي اخضر ومن دمه خضر مايتوب
لو تكون الخطايا في حياتي كثير
انتي اجمل خطيّه في حياة الذنوب
كلما جيت ابمشي واهتدي واستخير
وابتعد عنك ترميني عليك الدروب
صرت هاك السجين اللي هروبه يسير
من سجونك ولكني رفضت الهروب
جيتك ارهقني الدرب الطويل القصير
جيتك بكل مافي سيرتي من عيوب
انتي البرد .. ثم البرد .. ثم السعير
وانتي الفجر ثم الفجر ثم الغروب
انتي البحر .. والشاطي ملاذ الفقير
وانتي الصدق في ثغر الزمان الكذوب
انتي بلاد مجهول الوطن والمصير
وانتي ابعاد مستقبل حياة الشعوب
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> جنون العاصفة
جنون العاصفة
رقم القصيدة : 67089
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ليلة مطر شق الرعد جو الانفاس
وامطر جنون العاصفه من حروفي
اعد واذكر ناس .. وانسى بعض ناس
اشباح ذكرى تسكن اطلال شوفي
كان الزمان لصادق الحب نبراس
وكان المكان اطهر مكان لوقوفي
طفولتي ياحلم ياغربة احساس
يابعد شق بخنجر البعد جوفي
اصرخ ولكن تحتضن صوتي اقواس
وجمرة قلم مرتد تشعل كفوفي
كل ماتكسر للقلم بيدر الماس
حدر السنابل تورق اغصان خوفي
وكل ماخرج من معطف الليل نسناس
احاول اخرج من ثنايا ظروفي
واكتب شعر تنزيل من وحي الانفاس
لعلها تقلب حروفي .. حروفي
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> غبار الشمس
غبار الشمس
رقم القصيدة : 67090
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
لو صرخت. النار لاتحطب ضلوعك
(1/17376)
________________________________________
زادها وزنادها مني وفيِّه
وان صرخت.. النور لاتوقد شموعك
في عيوني من غبار الشمس فيَّه
وان صرخت.. الموت لاتنزف دموعك
مانزف طاهر كما دم الضحيه
ليه تبني فوق رعش احلام جوعك
عرش عراف المسافات القصيه
وانت دايم سلمك يرقى طلوعك
ماستوى طينك لتوطينك هويه
كل منفي داخلك ملفي ربوعك
وانقطاعاتك لطاعاتك عصيه
اعص .. ولاّطيع عصيانك بطوعك
لاتطفي جمرة آلما في يديه
هاك نار القلب لاتحطب ضلوعك
تحطب ضلوعك ونار القلب حيه ..!!
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> حبيبي
حبيبي
رقم القصيدة : 67091
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
حبيبي مانت لي وحدي حبيب ولا حبيب الكل
كثير اللي يحب ويمتلى ويفيض فنجاله
دخيلك لاتحاصرني حبيبي بين شمس وظل
انا مثل المطر مثل القدر مثل الشعر حاله
انا مثل البحر قالت له امواجه تكلم .. قل
ولاقال البحر كل الكلام اللي على باله
انا اللي الف نجم ٍ اهتدابي والف نجم ٍ ضل
سرى من شرفة الغيم البعيده ينفض ظلاله
تقول امي وهبني شعري الخلاق عز وجل
جمعت الها النجوم اف ثوبها وابتلت اسماله
احبك .. لاتصيرها على اوراقي سؤال وحل
دخيلك ياحبيبي من جواب الحب وسؤاله
اخاف اقولها ويجف ورد ٍ بالظنون ابتل
وانا ماحب اكون الشاعر اللي يبكي اطلاله
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> سندبادية البوح
سندبادية البوح
رقم القصيدة : 67092
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
تعبت اراجيهم بما تخفي الروح
متشردٍ قطاع غور الدم الحار
إما مسافر حامل أفكاري جروح
ولا مقيم وحامل جروحي أفكار
وتعارضت في سندبادية البوح
كينونة الناسك وبوذية النار
السر مسودة تفاصيل مفضوح
والحال تضحك منّه أشباح الأقدار
أحكي وكيف أحكي بما تخفي الروح
وانا يدي حمرا بلون الدم الحار
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> زيف الصحاري
زيف الصحاري
رقم القصيدة : 67093
نوع القصيدة : عامي
(1/17377)
________________________________________
-----------------------------------
ياصاحبي وقف لزيف الصحاري
وبشر هجير الشمس عن موعد السيل
حاول تغير في ملامح نهاري
واعط القمر مفتاح بوابة الليل
مدري لشنهو موعدي وانتظاري
مادامت أيامي قليلة محاصيل
في داخلي نزعة خفوق انتحاري
حلم تكسر في ثنايا التفاصيل
واثر انكسار الحلم يعني انكساري
بغيت اكمل وانكسر فيني الحيل
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> مالك بن الريب
مالك بن الريب
رقم القصيدة : 67094
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يا مالك أبن الريب .. يا ريب مالك
لا تعترف لاحدٍ .. ولا يعترف لك
صمتك ضجيج .. وضجتك صمت حالك
صاح السكون أبمن تكون وهتف لك
من بعت شمسك واشتريت بضلالك
في صفحة الماء نجمةٍ ترتجف لك
هذا أنت .! في قاع المدينة لحالك
مالك بها ممشى ولا ينو قف .. لك
ما دو زنت وقع الخطاوي نعالك
ولا مدى هذا الغموض أنكشف لك
والظبية اللي في مفالي خيالك
دارت وحارت دمعتك تنذرف لك
حتى الوجع جمر وهجع في رمالك
وأنبت ورودٌ ذابلة تنقطف لك
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> غيمة
غيمة
رقم القصيدة : 67095
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
جتني مع الريح غيمه وارحلت غيمه
وماكل غيمه حملها الريح تغرقني
اموت عطشان ضامي والمطر ديمه
وارحل وانا ماخضعت لغير خالقني
استثني امي وابوي اخضع لهم شيمه
على رضاهم جناح الذل يسرقني
يستاهلون العمر ويهون تقديمه
امشي لهم بالقدم والروح تسبقني
اما على غيرهم ماللحزن قيمه
وان كنت كذاب سألوها تصدقني
تملا عروقي حزن والكون تجهيمه
تلقاني اطلب دفا والنار تحرقني
بعيونها يعتقل وجهي تقاسيمه
وانا لحريتي ذكرى تشوقني
ماني بمن تعتقلني في السما غيمه
ولاكل غيمه حملها الريح تغرقني
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> فاقد الشي يعطيه
فاقد الشي يعطيه
رقم القصيدة : 67096
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
(1/17378)
________________________________________
من قال مالك شي من فاقد الشي
ماهو صحيح وفاقد الشي يعطيه
مثل الشجر يعطي لنا بارد الفي
يعطي الظلال ولاهب القيظ يكويه
مثل القمر يعطي لنا برزخ الضي
يعطي الضيا ومايندرى وش يغطيه
مثل العذاري تسقي النازح المي
تسقي البعيد ونخلها ماتسقيه
مثل الطبيب اللي يداوي عن العي
لكنّ ماهولاقي احدٍ يداويه
عطيتك التحنان من خافقٍ حي
يعني عطيتك شي انا منحرم فيه
أرويتك ابعضي وانا فاقد الري
مخفي ظماي وقلبي الحزن طاويه
لي في عيونك لاح مستقبلٍ جي
حلمٍ بعيد ٍ .. ساهر الليل يرجيه
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> ظلمة المجهول
ظلمة المجهول
رقم القصيدة : 67097
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
ذكرت يامحمد الموعد وغايبته
الهاربه من نطاق الوقت تتعبني
ماريّح البال من كثرة مشاغبته
حتى رسم من كحلها عين تدمعني
فوق السطور احتفال بجرح صايبته
بارودة الوصل من نسيان قاطعني
وتفتحت من نواوير الحشا نبته
تنثر شذاها غياب وحلم يجمعني
باكر .. وباكر يدين الليل صالبته
وامشي .. وانا ظلمة المجهول تبلعني
من عاتب الوقت ماتجدي معاتبته
ذب الورق في مهب الريح واتبعني
قل للزمن : يازمن خذ كل ماجبته
مادام فيني تسامي ذات يرفعني
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> اروى
اروى
رقم القصيدة : 67098
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
اروى .. وانا جرحي ثمل طين وتراب
قاع ٍ خطب ود الغيوم ونفاها
اروى . وتكسر ضحكتي دمعة اسباب
وكم فرحة بعت بكدرها صفاها
تبعثرت في ذاكرة صيف كذاب
ادركت باديها ولذت بجفاها
كلي رجا .. ومنادمة ليل وعتاب
وجروح تركض عكس نقطة شفاها
اغمّض عيوني على برد الاهداب
واتذكر احضان امنحتني دفاها
والليل درويش ٍ حمل رفض الابواب
خبل ٍ شرب زيت الشموع وطفاها
وانا على جال السهر ظل وكتاب
احاول استرجع لاولى جفاها
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> هاجس الطرقة
هاجس الطرقة
(1/17379)
________________________________________
رقم القصيدة : 67099
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
يالله على المسرا
من قال انا ساري
همته شجر يقرا
في دفتر امطاري
وانا اكتب المجرى
وابوح بـ ( اسراري )
يارفيق الجنب هذي (( طرقة المسرى )) وذي مركوبة المدى
تاكل اعشاب الشموس وتشرب الما من غيوم الموتى
مانزانا .. والرياح انفاسها والكون عينها
( مالها جره .. ولامسحب .. ولاممسا .. ولامقيالي )
تعتريني همس .. تغرقني صراخ .. وتمتطي دمي .
يارفيقي ماتسعنا ..
من دخلناها ..
وانا وجهي بوجهك مااجتمعنا
ياترى من ضاع
انا والا انت ؟!!
والا كلنا الاثنين ضعنا ؟!!
شعراء الجزيرة العربية >> الحميدي الثقفي >> رغبت القصيد
رغبت القصيد
رقم القصيدة : 67100
نوع القصيدة : عامي
-----------------------------------
رغبت القصيده رغبة الطير للتحليق
سماي اصبعين وبينها الجرح مسباقي
تعودت اموت بصدق وارحل بلا تعليق
كفاني أحس بلذة الموت ف اوراقي
ولا احط من نفسي وثن يشرب التصفيق
على شان يدخل برزخ النور لاعماقي
مهو لازم اقطع دابر الشك بالتصديق
ولاهوضروري تعكس اشعاري اخلاقي
شعراء العراق والشام >> معين شلبية >> محنة الألوان
محنة الألوان
رقم القصيدة : 67101
-----------------------------------
هناك خلف البحار العتيقة
لا نوى قرمزيّ يربض خلف الزحام
لا نوارس تودع عشّ الندى
ولا هواء يحرك فيَّ الصدى
لي خلف البحار بحار
ولي وردة في مرايا الكلام
وفناء مرجعي يحمل خيط المدى
يدي على ساحل الجسد المخيم
ويدي الأخرى نواحي الكلام
فاخرجوا مني لتعبر خطوتي
رويداً رويداً
ثقوب الخيام.
لم يبق بي جرح يذاكرني
كي تراوغ مهجتي مني عليَّ
لم يبق بي رجع ليخمش
كنه مأساتي القطيعة.
خبأت في صور الكآبة دمعها
لأسبر ما وراء الموت
لم أجد فيه الخلاص
فالذكريات تفر من هلع الكتابة
حين يأخذني المخاض
لم أجد فيها الخلاص
وأنا هبة من خيول الغيب
ليس فيَّ سوى مراثٍ كنستها الآلهة
نفحٌ تشظَّى
(1/17380)
________________________________________
على فكّة النور المغطى بالإيماض.
طال انتظاري في سماء الفاجعة
طال انتحاري
كنحلة عطشى تجرجَر
في شوارع لونها المقتول
كفراشة حلَّت ببرزخ الأحلام
حين تُطمس الأحلام
والحلم بتول.
طال طوافي في منابع نورها
ونورها قمر ضبابي
تلظَّى بنار الثلج والأوهام.
يبست عروقي
ونام طالع الأحزان في دمي
لا تنبشي وجعي وصيف طفولتي
لا تقتلي ليمون ذاكرتي
واتركي كفيك مرآة على حلمي
يكاد الحلم يشبهني
وأنا المحاصر في ظلال الله
على وردة يابسة.
لا ترحلي ساعة المساء
خذي المدامع والشُّفوف
قلق الروائح، طيف نعاسي، برد الطرقات
ودعي الأغاني والمواجع والطقوس
وبعض مدائن عشقي والنساء.
لا تهجريني عندما يخبو الضياء
لم يبق لي منفى يعاودني
ولا وطن يحدق في العراء.
على جسدي تطفو حيرة الألوان
والروح تفتح بابها للريح
علَّ الروح تخلع جسمها الصوفي
وبوح سديمها
فالدنيا خواء
لا ترضعي بؤسي المراق
فهذي بلادي ثانيةً
تهرهر كربلاء .!!!؟؟؟
شعراء العراق والشام >> معين شلبية >> هجرة اللازورد
هجرة اللازورد
رقم القصيدة : 67102
-----------------------------------
وكانت النكبة !!
يا وطن الغوائل على مذبح المجزرة
يتجلَّى حنظلة!
يصرخ:
يا سارق ألعابي .. قف!
يتحسَّس أعضاءه
يرسم التاريخ
ويغرق في اللازورد.
واكتفينا بأغنية
" سوف نرجع عمَّا قليل الى بيتنا "
سيِّدة الأرض
شهقة الياسمين
كان اسمها " فلسطين "
نحمل الحلم حشاشة
يا وبلا من الحرمان
في يد تمسك الحجر.
هي صرخة حرَّى
ويعروني سؤال البرق عني
وعن طروادتي الأولى
وعن هزائمي ومأساتي البطولية
في رحلة الغيب الخالدة.
هي هجرة الروح
وتعلوني طقوس الريح فيَّ
كي تفسر تفاصيل القصيدة
لغيمة نازفة.
قالت:
يا راحلا كأقحوان صبح ندي
دع القلوب في مطارحها
ليس فيك سوى الحزن
ورائحة القهوة العربية والبئر العارفة
لك حقول العتمة الأولى
لك البحر والنهر والذكريات
لك الليل إذا أسدف
لك غيمة المنفى وسرحة سنديان
(1/17381)
________________________________________
لك الوادي وحبات الندى
والفاء والثاء واللغة الحائرة.
مأسوي أنا
"عاشق سيء الحظ أنا ترب الندى"
سريالي والآخر أنا
بإرادتي ارتكبت اخطائي
يطاردني الظلُّ ويتوارى في الآكام.
لا بحر يدلقني عليك وفيك
من النرجس المخطوف
حتى آخر الليلك الباكي
على فخذ وعنَّب وناي
فاكتب
ما تيسَّر عن لهاث الملح
في دمنا
يا وطن الريح
يا شاعرنا
يا مفتاح منفانا
وغربتنا
حتى الأبد.
شعراء العراق والشام >> معين شلبية >> هجرة الأشواق العارية
هجرة الأشواق العارية
رقم القصيدة : 67103
-----------------------------------
علَى قيدِ الموتِ
كانَ ضيفُ المطرِ
يرسمُ فوقَ الرِّيحِ مَا فقدتْ يداهُ
تخومَ اشتياقهِ
وفوضىَ جهاتِهِ
وحلمَ المدَى.
لمْ يبقَ مِنْ عَبَقِ الرِّياحِ
مَا تشتهيهِ المرايَا
لِتُسْقِطَ ظلِّي عليَّ
يؤَثِثُها الصمتُ الذِي تليهِ
ضجةُ الجسدِ
شتاءُ الروحِ
وقيامُ الندَى.
غابَ محكوماً بالفراقِ
طاعناً فِي العشق ِ
تراودُهُ
جدليةُ تدميرِ الذاتِ
جماليةُ تهكمِهِ علَى الحياةِ
سعادةُ المتَّكئِ علَى خرائبهِ
وهمسُ الصدَى.
عادَ يطلُّ عليهَا
هيَ المسكونةُ بالأوجاعِ
ونزاعِ الألوانِ المفعمِ /
بألقِ العتمةِ ولهيبِ الأنوثةِ
حتىَ أضحَى غيابهُا الشَّهيُّ
عابراً فِي الوجدِ الذِي
يطفحُ سكونَ الردَى.
باتَ مكفَّناً بالأسئلةِ
وفياً للأمكنةِ
مدافعاً عَن هشاشةِ الممكنِ
فِي مهبِّ الجسورِ
مُذْ تخلَّى البوحُ عنهُ
والباقِي سُدَى.
صارَ يبحثُ عنهَا
فِي خريطةِ ترحالهِ الداخليِّ
بكلِّ مَا عَلِقَ بقلبهِ
مِن غبارِ التشرُّدِ
والتَّصحرِ والضَّياعِ
لعلَّها تدخلُهُ سريرَ التجلِّي
وتحصِي أضلُعَه
لَهُ الرِّيحُ كلُّها
ولهَا مقاماتُ الهدَى.
مَا ظلَّ فِي القلبِ متسعٌ للنشيدِ
وأنتَ فِي صحوةِ الفُقدان
لاْ صحراءَ للذكرَى
ولاْ مرثيَّةٌ زرقاءُ تعلُو
فوقَ سطحِ العنفُوان.
هوَ الشاردُ الأبديُّ
مِن حطامِ البحرِ يطلعُ
وهيَ الشهيةُ
والنديَّةُ
وهيَ الأميرةُ
(1/17382)
________________________________________
مِن ديارِ الحلمِ تهبطُ
كيْ تستكينَ الروحُ
علَى جسدِ الأقحُوان.
مَا عادَ هوَ هوَ
فقطارُ العمرِ يومضُ حدَّ الحلكةِ
وفراشاتُ القلبِ
تحملُ ممشَى الذكرياتِ؛
هجرةُ الأشواقِ
جواحيمُ تتقرَّى قسماتِ المترقرقِ الأبديِّ
والمجاهيلُ أَجنحَتي
تحطُّ عَلى سقفِ الريحِ
لكلِّ اسمٍ رجوعُهُ
ملءَ المدَى
لكلِّ رَجْعٍ صداهُ
كلمحِ الأرجُوان.
مَا عادَ هوَ هوَ
ومَا عادتْ هيَ
ومَا عدتُ أنا أنا
ولاْ الآخرُ أنا
ومَا الحالةُ إلاْ حيِّزٌ كونيٌ للمشتهِي
محطةُ انتظارٍ
فِي الأبديةِ البيضاءِ
حيثُ الكلُّ فِي الواحدِ
والواحدُ فِي الكلِّ
قرابينٌ مؤجلةٌ
فِي ذُروةِ النسيَان.
علىَ طرفِ التأملِ
وفِي حضرةِ الشوفِ والغيابِ
ينتابُني شعورٌ عصيٌّ علَى الإدراكِ
يعودُني فِي الوحدةِ عطرُها الشَّهيُّ
أنوثَتُهَا المترفعةُ
شهقةُ اللهفةِ الأولَى
حضورُها المباغتُ الخفيُّ
رِعشةُ الإنخطافِ
فِي سُبْحةِ الحرماَن.
وأسألُ:
- لماذَا تورقُ الزنابقُ فِي أوصالِي مِن جَديد؟
* لكيْ ترطِبَها الريحُ يَا حَبيبي !
صمتاً صمتاً يَا حَبيبتي
قدْ يسمعُنا أحدٌ
لكَم تشبهينَ الماءَ
لكَم تشبهينَ الريحَ
فِي حالةِ الهيَمان.
صاهلٌ بالرغباتِ
تأخُذُه القصيدةُ مِن جذوةٍ فِي القلبِ
لاْ لشيءٍ
رُبما
كيْ تؤوِّلَّ مَا فيهَا
مِن هاجسٍ يشتهيهَا
لتَقرأ مَا يقولُ البحرُ ليْ:
لاْ شيءَ يشبهُنا /
وذاكَ منحدرُ الكلامِ
تحرقُ هاطلاتِ ذاكَ اللهيبِ
لنكتبَ مِن قريبٍ
مَا تحطُّ السماءُ مِن ملامحَ
تعرَّت علَى عزلةٍ قاتلَة .
مارقُ حلمُنَا
كأنَّهُ كائنٌ حبريٌّ
لمْ نكنْ رمزاً لتحمِلَنَا النوافذُ
علَى شفيرِ الأسئلَة
ولمْ نكُن واقعاً يتجلَّى
عَلى حبَّةِ القلبِ
حينَ خابَ الظلُّ وارتحلَ الأُوارُ
ولكنْ يا سيِّدي الحزنَ:
غامضةٌ ظهيرتُنَا
فِي لحظةِ الكشفِ الزائلَة.
مقيمٌ فِي مجراتِ العراءِ
يغرفُ رجعَ الغضَى
منذورٌ للخساراتِ المعلقةِ
علَى جدرانِ الغيابِ
بعثرَهُ السبرُ عمَّا تخفِي
(1/17383)
________________________________________
حينَ تخلعُ الشمسُ ثوبَهَا الليليَّ
وتحنُو قامةُ الأفقِ لهَا .. نخفقُ:
نحنُ شهدُ الشهوةِ الأولَى
نحنُ رذاذُ الضوءِ
شهقةُ الحريرِ المجعَّدِ
حفاوةُ الأضدادِ
خريفُ الاعترافِ
فِي ليلةٍ فاصلَة.
كنبعٍ دافقٍ
جوارَ مدفأةِ الأشواق ِ
يتقرَّى أبهائَها
يتساقطُ الوهجُ علَى مداخلِ قلبِي
صديقةُ الأسئلةِ
تعلنُ سعيرَ الويلِ
يقفُ متحدياً محنةَ وجودِهِ
يتجولُ داخلَ خرائِبِهِ
فِي زمنِ الموتِ العبثيِّ
يحملُ صقيعَ المعاناةِ
وجعَ الحواجزِ
والجدرانَ العازلَةِ.
واصلَ حنانَها السَّخيَّ
فِي غيبوبةِ ذهولهِ
حاملاً
حائطَ الدهشةِ والإخفاقِ؛
فِي لحظةِ تأبينِ أحلامِهِ
تزمِّلُهُ
حالةٌ مِنَ التصوِّفِ الضارِي
تُغطِّي نواحَ الانكفاءِ
وهشاشةَ الممكنِ
يدلُقُ روحَهُ ويمضِي
فِي نقعةِ الضوءِ المائلَة.
تعبتُ مِن هواءِ البحرِ
والصحراءِ
تجاعيدُ الوقتِ
تَشْرَقُ روائحَ الليمونِ
سياجُ البيتِ مشدودٌ علَى
صفصافَةِ المنفَى
نرجسٌ رخوٌ ينثالُ مِن حبلِ
المساءِ
شلالٌ مِنَ السُّهدِ يلتحِفُ
الخيالَ
وجهٌ يتوسَّدُ النجماتِ
فوقَ جذوعِ السماءِ
فراشةٌ في القلبِ تقايضُ الليلَ
ظلٌّ يطمرُ ظلَّهُ المهجورَ
ويسكنُ راحلَة.
شعراء العراق والشام >> معين شلبية >> رحيل الروح
رحيل الروح
رقم القصيدة : 67104
-----------------------------------
رأيتك ترسمين الحلم بين النار والغسق
وفوق الليل أقمار
وخلف الروح أحزان
ولون الحزن كالشفق.
رأيتك تحملين البحر في عينيك مغتربا
وألواحا من الإيمان والكفر
سألت البحر هل يدري بحامله
فرد البحر أمواجا من الأرق.
رأيتك تغرقين الحزن في شفتيك صامتة
ألا تتساءلين الآن عن غرقي؟
فقلت: بلى
لماذا النهر لا يجري كما نبغي
ولا نبغي عبور الحب كالورق.
رايتك تحضنين الشوك
والأشواك جارحة
فقلت: كفى
جروح الشوك في القلق.
رأيتك خلف أحزاني وداخلها
فهل تتحملين الحزن في السفر؟
تعبت أنا من الأحزان لا أدري
هل الأحزان يمحوها
رحيل الروح
(1/17384)
________________________________________
عند مشارف الغسق؟
تعبت أنا من الأحزان لا أدري
هل الأحزان يمحوها
رحيل الروح للعنق !؟.
شعراء العراق والشام >> محمود درويش >> هي في المساء
هي في المساء
رقم القصيدة : 67105
-----------------------------------
هي في المساء وحيدةٌ،
وأًنا وحيدٌ مثلها...
بيني وبين شموعها في المطعم الشتويِّ
طاولتان فارغتان [ لا شيءٌ يعكِّرُ صًمْتًنًا]
هي لا تراني، إذ أراها
حين تقطفُ وردةً من صدرها
وأنا كذلك لا أراها، إذ تراني
حين أًرشفُ من نبيذي قُبْلَةً...
هي لا تُفَتِّتُ خبزها
وأنا كذلك لا أريق الماءَ
فوق الشًّرْشَف الورقيّ
[لا شيءٌ يكدِّر صَفْوَنا]
هي وَحْدها، وأَنا أمامَ جَمَالها
وحدي. لماذا لا تًوَحِّدُنا الهَشَاشَةُ؟
قلت في نفسي-
لماذا لا أَذوقُ نبيذَها؟
هي لا تراني، إذ أراها
حين ترفًعُ ساقها عن ساقِها...
وأَنا كذلك لا أراها، إذ تراني
حين أَخلَعُ معطفي...
لا شيء يزعجها معي
لا شيء يزعجني، فنحن الآن
منسجمان في النسيان...
كان عشاؤنا، كُلٌّ على حِدَةٍ، شهيّاً
كان صَوْتُ الليل أزْرَقَ
لم أكن وحدي، ولا هي وحدها
كنا معاً نصغي إلى البلَّوْرِ
[ لا شيءٌ يُكَسِّرُ ليلنا]
هِيَ لا تقولُ:
الحبُّ يُولَدُ كائناً حيّا
ويُمْسِي فِكْرَةً.
وأنا كذلك لا أقول:
الحب أَمسى فكرةً
شعراء العراق والشام >> محمود درويش >> في الانتظار
في الانتظار
رقم القصيدة : 67106
-----------------------------------
في الانتظار، يُصيبُني هوس برصد الاحتمالات الكثيرة:
ربما نسيت حقيبتها الصغيرة في القطار،
فضاع عنواني وضاع الهاتف المحمول،
فانقطعت شهيتها وقالت: لا نصيب له من المطر الخفيف
وربما انشغلت بأمر طارئٍ أو رحلةٍ نحو الجنوب كي تزور الشمس، واتصلت ولكن لم
تجدني في الصباح، فقد خرجت لاشتري غاردينيا لمسائنا وزجاجتين من النبيذ
وربما اختلفت مع الزوج القديم على شئون الذكريات، فأقسمت ألا ترى رجلاً
يُهددُها بصُنع الذكريات
(1/17385)
________________________________________
وربما اصطدمت بتاكسي في الطريق إلي، فانطفأت كواكب في مجرتها.
وما زالت تُعالج بالمهدئ والنعاس
وربما نظرت الى المرآة قبل خروجها من نفسها، وتحسست أجاصتين كبيرتين تُموجان
حريرها، فتنهدت وترددت: هل يستحق أنوثتي أحد سواي
وربما عبرت، مصادفة، بِحُب سابق لم تشف منه، فرافقته إلى العشاء
وربما ماتت،
فان الموت يعشق فجأة، مثلي،
وإن الموت، مثلي، لا يحب الانتظار
شعراء المغرب العربي >> صلاح بو سريف >> خَسَارات هنري ميشو
خَسَارات هنري ميشو
رقم القصيدة : 67107
-----------------------------------
لا تُبَلِّلْ يَدَكَ بِرُطُوبَةِ صَبَاحَاتِكَ المُتْعَبَهْ.
الأحْجَارُ المُشْتَعِلَةُ فِي قاعِ النّهْرِ
كانَتْ سَمَكًا
ضَاعَفَتِ الغُيُوم نَوْمَهُ.
لِماذا صَوَّبْتَ جُرْحَكَ نَحْوَ لُغَةٍ
لَمْ تَسْتَطِعْ
أنْ تَحْمِلَ رُؤَاكَ.
مَا يَظْهَرُ فِي السَّطْحِ
لَيْسَ مَا تَقُولُهُ اللّغَة.
ألَسْتَ أنْتَ مَنْ أبَاحَ لِلْخَيَالِ أنْ يَصِيرَ مَوْجًا
وَ أزَلْتَ الفَرْقَ
بَيْنَ
مَا يَشْتَعِلُ
وَ
مَا
لاَ
تُبَدَّدُ الغُيُوم ضَوْءَهُ
كَلامُكَ جَمْرٌ
أبَاحَتِ اللُّغَةُ رَمادَهُ...
شعراء المغرب العربي >> صلاح بو سريف >> بجعات رامبو
بجعات رامبو
رقم القصيدة : 67108
-----------------------------------
مَا حَجْمُ المَسَافَة التي تَفْصِلُ بَيْنَ دَمِكَ
وَ بَيْنَ هذِهِ الصّحْرَاء.
وَ لِمَنْ تَرَكْتَ أشْيَاءَكَ الصَّغِيرَة
حَداءُكَ مَثَلاً...
أكُنْتَ على صِلَةٍ بِمَا يَجْرِي فِي الأُفُق ِ
وَ دَنَوْتَ بِمَا يَكْفِي مِنْ قَمَرٍ
كَانَ يَشْرَبُ
أنْفَاسَكَ
أمْ أنَّ يَدَكَ شَبَّتْ فِي اشْتِعَالِهَا
وَ بَدَا مَا تَكْتُبُهُ
تَحِيَّة ً لِلْقَادِمِينَ.
لَيْسَ يَهُمُّنِي أنْ تَكُونَ أهَنْتَ أحَداً
بَلْ أنْتَ
وَ قَبْلَ أنْ تَتَّقَدَ جَمْرَةُ اللُّغَةِ
كُنْتَ وَضَعْتَ يَدَيْكَ عَلى أنْفَاسِ الكَلِمَاتِ
وَ حَوَّلْتَ المَعْنَى إلى سِرْبِ
(1/17386)
________________________________________
بَجَع ٍ
لا
أحَدَ قَبْلَكَ
أتَاحَ للكَلامِ كُلّ هذا الهَوَاء.
السّمَاء لمْ تَكْتُبْ كَلامَكَ
الصَّحْرَاء كَانَتْ أفُقًا لِرُعُونَتِكَ
مِنْ دَمِكَ
خَرَجَتْ سُلالاَت أشْعَلَتْ فِي اللّغَةِ
فِتَنَ جَمَرَاتِهَا.
شعراء الجزيرة العربية >> علي الجلاوي >> شيء لا يقال
شيء لا يقال
رقم القصيدة : 67109
-----------------------------------
شيماءُ
في عينيكِ شيء لا يُقالْ
.
وهنا بقلبي ألفُ شيءٍ لستُ أدري كنههُ
وعلى فمي سكتَ السؤالْ
.
شيءٌ يشدُ الروحَ نحوكِ
فارحميني
ذلك الشيءُ احتلالْ
.
لست أدري
هل ترى تدرينَ ماذا بيننا
ولمَ تَخَبَأ شيئنا
في السر واصطبغَ المحالْ
.
لست أدري
غير عينيكِ تجرعني النِصالْ
.
هل كان حباً
أم شقوة طفلةٍ ؟!
أم ترى كان افتعالْ
.
شيماءُ
في عينيكِ شيء لا يقالْ
وعلى فمي سكتَ السؤالْ
.
شيماءُ هل هذا
هو الصمتُ الذي يأتي قُبيل العاصفةْ
أم صمتكِ المفتوح
يغرق في سواحله الدلالْ
.
فلمَ رأيتُ نوارساً
في بحر عينيكِ كلاماً،خائفةْ
والعاطفةْ
تلقي اعترافاً بالجنونِ عليَّ
في قدس ابتهالْ
.
فمشيتُ يسري في دمي لهبٌ
ويمشي داخلي ألف احتمالْ
.
أنا و الطريق
فلا أرى إلا عيونكِ مرفأي
وشواطئي
لا تنكري ما بيننا
إني ولدتُ وداخلي ألف اشتعالْ
.
شيماءُ ما ذنبي
وفي عينيكِ شيء لا يقالْ
.
شيماءُ
كيف على فمي سكت السؤالْ.
شعراء الجزيرة العربية >> علي الجلاوي >> المنامة (1)
المنامة (1)
رقم القصيدة : 67110
-----------------------------------
المنامةُ تلكَ
الصبايا يمررنَ عشقاً
ورائحةُ الهيلِ تغسلُ أطرافهنَ
.
المنامةُ
( مؤمنُ ) في ليلةِ القدرِ
يُشعلُ نهدَ صغيرتهِ بالتعاويذِ والصلواتِ
.
المنامةُ تلكَ
وعشّاقها الأنبياء يجيئونَ
أبوابها شرَّعاً _
خرجتْ عن كتابِ الحكايا
بعطرِ المواويلِ والزعفرانِ
.
المنامةُ
حنَّاءةٌ حَبُلتْ
بالقصيدةِ في ليلةِ الفضحِ
.
قامةُ مِئْذَنةٍ في الخميسِ
وبحّارةٌ
(1/17387)
________________________________________
في الخليجِ المرافقِ شبَّاكها
ما تيسَّرَ من دفئهمْ يقرؤنَ
ويَعقِدُ أجملُهمْ خيطهُ.
شعراء الجزيرة العربية >> علي الجلاوي >> أوراد
أوراد
رقم القصيدة : 67111
-----------------------------------
ورد (1)
--------
يُصَلِّي كلاماً شهيداً
تلاقى عليهِ النبيونَ
كل السلالات تقفز من متنهِ
ضارباً في تصوّفهِ
من مساحةِ ذاكرة الأوَّلينَ
إلى اللا يحدُّ
.
أراهُ
كمن أثخنتهُ القصائد محتضراً
لا يموتُ وليس يُرَدُّ
.
جميلاً بخبثٍ
كأنْ لا تقول خبيثٌ جميلٌ
على ركبتيهِ يُدير الكؤوس الكؤوسَ
وفي كل كأسٍ مصلاّهُ وِردُ.
*********
وِرد (2)
---
كان أكثر من صمتهِ واقفاً
كي يباركَ
سرب الأغاني
على كتفٍ مثقلِ الاحتمالْ
.
لماذا أجيءُ تجيءُ ؟
ولسنا على قدرٍ من مناسكنا
كي نقيس اندلاعاً بصمتِ سؤالْ
.
فيا ..
قبةُ النهدِ ..
كان المزارُ يطلُّ
وأبوابهُ تعبتْ من وقوفِ الرجاءِ
بنصفِ التجلّي
على خمرةِ الاشتعالْ.
شعراء الجزيرة العربية >> علي الجلاوي >> دلمونيات
دلمونيات
رقم القصيدة : 67112
-----------------------------------
.. أنتِ
.
ادخلي
في ضلالِ القصيدةِ
أو في السلامِ
فكل الذي لا يُقالُ هو الشعر.
*****
.. أنا
.
قالوا : سمعنا فتىً دلمونياً
يوزّعُ أحلامهُ
حينَ ينسلُّ عن لامكان القصيدة
يدخلُ في حكمةِ الضدِّ
كان فتىً
كلما أضرمته الخصوبةُ
ينزلُ عن بردةِ اللهِ
ملتهباً بالصلاة.
*****
جهات
.
بالشعر أمَّارةٌ
فادخلي
واطمأني بوحي الجنونِ
فأينَ تولي فثمة غيبٌ جليلُ
ندامى
إذا ما دنى السكرُ
وانشق ليلُ
أطلَّتْ نوارسُ مأذنةٍ
كلما شاءَ يأبى
ويبقى هو الشعر.
*****
الخلق
.
كلما أطفأوا شاعراً
أوقدَ اللهُ
كلٌ بحسبِ نبوءتهِ
موغلٌ في النشيدْ
ويترك جثتهُ
لاختمار القصيدة أو ..
لاكتناز الوريدْ.
*****
هو
.
ما غصَّ قُرْباً عن مذابحهِ
وما انثالتْ قصائدهُ على جسدٍ
ولكنْ ..
هاجرتهُ الأرض
فانزاحتْ إلى كتفيهِ
ناصيةُ الغناءْ.
*****
غيب
.
(1/17388)
________________________________________
هل يُصلح الحزن ما أفسدتهُ المعاني ؟
بلى :
يُصلح الصمتُ أكثرْ
كان يقولُ
وخبأ فينا اشتعالاً وبعض من الذكرياتِ
ولكن غفلنا !
فعادَ إلى غيبهِ.
******
هي
.
تقولُ:
_وكنتُ أراهُ يزورُ الكلامَ
ويخبو لزاويةٍ مطفأةْ_
بأنَّ الجنودَ
-تراقبُ غفلتهُ بشرودِ محايدةٍ_
/ القطاراتُ
/ من أين حزنكَ
يصحو !
يمدُّ الشتاءَ إلى صدرها
ثم يطفئ حين يقوم بفنجانها التأتأةْ.
******
وقوف
.
لم أقلْ
أني أتيتُ بغير حزنٍ
كان مندَّساً بأضلاعي وطنْ
كلما حاولتُ
تربكني الخطى في داخلي
وحدي
أعاتبُ قاتلي
وإذا اختبئتُ
تحسستْ يدُهُ بصدري صمتَهُ
وإذا اطمأن بأنني أني
مضى في خالهِ.
******
آدم
.
ليس للطين إلا الأغاني
وما اقترف الأنبياء من الشعرِ
ليس لهُ
أن يتوب إلى نفسهِ
واضحاً من خطيئتهِ
ليس أكثر من قدرٍ أو أقلَّ
تكون مرافئه اللابلادْ.
******
حواء
.
لموتٍ
على قدْرِ حقلِكَ
للجرحِ يغسلُ أورادهُ
بصلاةٍ
لبعض النبيينَ
تهبطُ من حزنها للكتابِ
على يتمها تنحني
ويداها تمرُّ على مرفئ الليلِ
تسحب نصل الحكايا
المنامة سيدةٌ
كلما دخلت صمتها
دخل الموتُ في غيِّهِ.
******
تفتُّح
.
تكوّرَ التفّاحُ
وازدادت خصوبة مائهِ
والحقلُ أطلق ساعديهِ
على رخامِ النهرِ
أتلفَ روحهُ
وإذا تمادى
أدرك التفَّاح ملتهب الزبيبْ .
***
بريد
.
ورد المدينة
واختفى في أوجه الماضين
دون بريدهمْ
وهناك تلتقط الدروب قميصها
حيث انشغالٌ
يلعبُ الأدوار عنَّا
ما اكتشفنا قتلنا
وينقِّل المَلِكَ الكسولَ
ببيدقِ السهو الرحيمِ
وما اكتشفنا موتنا
نزقينْ
نخرجُ عن دفاترنا
بماءِ الرعشةِ الأولى.
شعراء الجزيرة العربية >> علي الجلاوي >> أقوال حارس المدينة
أقوال حارس المدينة
رقم القصيدة : 67113
-----------------------------------
أقولُ
رأيتُ على بابها جالساً
وأقولُ
سمعتُ الأغاني بسبحتهِ
يتوافدُ في إثرهِ الأنبياء
.
لا أقولُ
أليسَ هناكَ
مكانٌ على الرَّفِ للانحناء
***
رأيتُ جبيناً تندَّى برؤياهُ
(1/17389)
________________________________________
مغتسلاً بالغموضِ
على رأسهِ عمةٌ
ويداهُ تسافر في الروحِ أو في الرداء
.
جالساً
كانَ في حضرةِ الذكرِ
نامَ على كتِفِ البابِ
واصَّعّدتْ روحهُ غيمةً غيمةً
أمْ ترى اصَّعّدتْ في تقاسيمهِ لغةُ البسطاء
.
كانَ يعرفهُ البحرُ لم أنتبهْ
كيفَ غافلني قمرٌ
/وثلاثُ حروبٍ من العمرِ تكفي !
ولكنَّهُ مثلَ عادتهِ
كان مشتغلاً بالضياء
.
جالساً لا أقولُ
أقولُ سمعتُ الأغاني
لماذا اشتعلتُ بلحيتهِ
بالمساحةِ في عطرهِ
كانَ يتقنُ ألا يكونَ هنا حاضراً
واكتشفتُ
المساحةَ ما بيننا
كانَ يفصلنا الالتقاء
.
ثلاث حروبٍ من النور تكفي
ولكنَّهُ مثلَ ما كانَ
محترقاً تتدلى على قدميهِ السماء
***
لا أقولُ الذي كانَ يجلسُ بالهمسِ كانَ هنا
وأقولُ الذي يهمسُ الآنَ
حينَ هنا لا هنا
كانَ يتقنُ ألا يكونَ هناكَ
وألا يكونَ سواهُ
وكنتُ أرى جدولاً عند قامتهِ
وازرقاقٌ عميقٌ وليس بماء
.
لا أقولُ أقولُ
على حينِ صمتٍ تدفَّقَ
من هامةِ الروحِ نحو دواخلهِ
ليس إلا الحقولُ تقاسمهُ الانتماء
.
وأقولُ أقولُ
إذا ما رنا قفزتْ غيمةٌ من مدائنهِ
لا أقولُ
اتسعتُ لأملئ هذا الإناء.
.
شعراء الجزيرة العربية >> علي الجلاوي >> المسيح الأخير
المسيح الأخير
رقم القصيدة : 67114
-----------------------------------
أيّهذا القتيلُ
الذي نام في دمهِ شرفةُ الكونِ
حقلاً ..
وأغنية ركضت في المدى سوسنة
.
أيّهذا القتيلُ
الذي ملأته العواصفُ
واندفعتْ غربة الأرضِ في رئتيهِ
فغادر من حزنه مئذنة
.
أيّهذا المحالْ
لم تزل في الرؤى قدماكَ
وبصمة شطأنكَ النزفُ
بوصلة في اشتهاء الرياح ، ارتحالْ
.
أيّهذا المحالُ الذي
في جبينه كينونة الكونِ
مندلعٌ بالأغاني
وفي دمه اللغة الكامنة
.
أيّهذا القتيلُ الذي
كان يعبر فينا
وهبتَ المسافة إيمانها
وتركتَ خطانا تغادرها الأمكنة
.
ليس ممّا اعتراكَ الزمانُ
ولا حدّ قامتكَ الكونُ
يا سيد الروحِ
والنطقِِ
والنارِ
يا سيد الأزمنة
.
فاستفقْ أيّهذا القتيلُ
(1/17390)
________________________________________
يحاصرنا اليتمُ
تخنقنا الغضبة المزمنة
.
استفقْ
فتحتكَ الخيول على الدهر أسئلةً
شبَّ أخضرُها بالنيازكِ
حطَّ على راحتيها التّكوُّن وانفجرتْ
صرخة آسنة
.
أيّهذا القتيلُ
أعطنا لحظة السرِ
وامتدَّ كنه الوجودِ
تخلّقْ بحزنكَ ناركَ أكثر
من أن تكون سوى ممكنة
***
تخلّقَ
وانفتحتْ صحوة الريح بين أصابعهِ
والجهات تلمُّ براحتهِ
رغبةَ اللا مكان ، وعزلتَها الساكنة
.
ضربتْ في المدى روحه النهرَ
وانتشرتْ
كان يخرج من صدر هذا الزمانِ
يسيلُ
يسيلُ
فهزّي إليكِ بفجر ولادته الكائنة
.
خذيهِ
على يده كربلاء
تغطّي ملامحه صهوةُ الغارِ
في فمه عبوةٌ
كفرتْ بالرؤى الداكنة
.
وهذا الصهيلُ
خذيه ستولد من دمه المستحيلْ
عواصم أمته الخائنة
.
سيولد عمّار، سلمان، كل العواصفِ
كل الأعاصيرِ
تولد من دمه قسمات النخيل
.
خذيهِ
ومرّي به واطرقي باب كل الجراحِ
طريقكِ خمسون حلماً
فشدّي المسافة نحو الرحيل
***
فلمّا أتتْ بهما قومها
كفروا بالرؤى واستخفّوا بخطوتهِ
قال إني ..
وفي النزف متسَّع فاسرجوهُ
سألقي عليكم حضارته الساخنة
.
فاستفاق على وقع أحلامهِ ذئبهم
واستفزّته بين يديها المواويلُ
كانتْ ..
ويعرفها جيداً " آمنة "
.
كانتْ ..
ويعرفها حين قال لها :
إيهِ ما كان نخلكِ
ما كان فوق يديكِ سماء
.
فكيف تردّي الوصايا
وتأتين بابنتكِ الثامنة
كربلاء
.
أشارتْ إليهِ ..
أشارتْ إلى النخل في رئتيهِ
فقالَ :
أنا البحر إني الكتاب النبيُ
ولكنهم صدّقوه بقتل أخيهِ
على جسد البيّنة
فكان الصليب يسير إلى دمهِ
والخيولُ.
لذا كان في عينهِ البحرُ
كل النوارس في صدرهِ والحقولُ.
لذا لم يكن يسعُ الزمنُ الصفرُ
أغنيةً ركضت في المدى سوسنة
.
أيّهذا القتيلُ
يعود إلى يتمه النخلُ
تدخل في حزنكَ المئذنة
***
صلاةٌ على قيح أضلاعها
تزهر الشمسُ
يمتدّ حقل الضياء
تحطُّ على ركبتيهِ
ومن نزق الكبرياء
.
تحطّ المرافئ متعبة في يديهِ
ويتركها تستحمُّ بوديانهِ صبيةً فاتنة
.
(1/17391)
________________________________________
يجيء يدثّره الليلُ
يحمل أغنيةً ..
يوقظ الفجر
يتبعه للحقول دمُ الأنبياء
.
ويفتح نافذةً
تولد الشمس منها
وأشرعة النخل تعبر نحو السماء
.
وكان صبيٌّ هناكَ
يقول لنخلتهِ
إنه قد رأى سيداً وعلى ظهرهِ
لستُ أدري
قريبٌ من الجذع شيءٌ
وفي نايهِ لمسات الدماء
.
وكان شبيهاً بجدي ..
وكانْ
إذا ما مشى
يستفيق ويتبعهُ بالصلاة المكانْ
.
فلا تسأليني
رأيتُ المواويل في فمهِ..
صبيةً يلعبونَ
وكان يعيد لقلبي الكمانْ
.
وكان صديقاً
قريباً من النخل يتبعه السنديانْ
ويمشي حقولاً على الماء يمشي غناء
.
وكان صبيٌّ هناكَ يقولُ ..
بأن الفصول التي عبرتْ دمه خائنةْ
.
والسيولْ
وصمت القبيلة خائنةٌ خائنة
.
وكان يقولْ ..
أيّهذا القتيلُ
الذي نام في دمه شرفةُ الكونِ،
حقلاً
وأغنيةً ركضتْ في المدى سوسنة
.
أيّهذا القتيلُ
وهبتَ المسافة إيمانها
وتركتَ خطانا تغادرها الأمكنة
.
***
فأي رحيلٍ سيرحم للشام
هودج أشلائكمْ
وأي المنافي
ستحملكم للمنافي التي سوف تسكنكمْ
وأي قتيلٍ سيعرفكم بعد
هذا الدخول المصير
.
وطن أم حقيقة..
يُصفّي مواويلهُ
ثم يترك نصف اشتعالٍ على وجهكمْ
ويسير
.
تداخل في بعضنا السيفُ
وانطفأت لغة الحب عند دمي
فاستفاق حديقةْ
.
فكيف تعودوا إلى حلمكمْ
وطناً فوق رمحٍ ينامُ؟!
هبوبَ أغانٍ مؤجلةً للفرار الأسير؟!
.
أيّهذا القتيلُ
الشوارع في مُدُن الدم ليست صديقةْ
وهذا النهار الشروق الأخير
.
تدجّجني
عندما تستفيق يدي فوق جرحي
الرصاصةُ حين تقولُ :
أيا ولدي
إن حلماً وراء النزيف يطولُ
فخُذ نفساً
الخَيار بأنْ للعدوّ جناحكَ يا ولدي لا تدير
.
الخَيار اليتيمُ
تلمّسْ فؤادكَ واستنهضْ الريحَ
من جسد النارِ
إما تعود وتسبقكَ الطرقاتُ
و إما ترفُّ على جسدي وتطير
أيا ولدي.
شعراء الجزيرة العربية >> صالح بن سعيد الزهراني >> البكاء دما
البكاء دما
رقم القصيدة : 67115
-----------------------------------
حبيبتي جفَّ موَّالي، وجفَّ فمي
(1/17392)
________________________________________
وأورقَ الجدبُ في كفّي وفي قلمي
أُسائِلُ اللَّيلَ يا ليلايَ عن أَلَقي
عن عزلتي.. وانطفاءاتي. وعن سأمي
من أين أبدأُ؟ أحزاني معتَّقَةٌ
بحرٌ من الحزن من رأسي إلى قدمي
مسافرٌ فوقَ موج الحرف في ورقٍ
أودعتُه فيضَ أحزاني وعطرَ دمي
مسافرٌ لا زماني مدركٌ سفري
ولا رفيقةُ دربي هزَّها نغمي
أبكي دَمَاً إذ أرى "القعقاعَ" عائدةً
فلولُه بين مأسورٍ ومنهزم
خيولُه فوق خطِّ النار واجمةٌ
تراقبُ المددَ الآتي من العدمِ
تراقبُ العَرَبَ الأحرارَ في دمهم
يغلي "المثنّى" ويغلي ألفُ "مُعتصِم"
وما درتْ أنّ حبلَ الله منصرمٌ
وأنها استسمنتْ للفتح ذا وَرَم
أبكي دماً يا مدارَ الشعر حين أرى
مهدَ البشارات ينبوعاً لكل ظمي
قبائلٌ بشَرار الحقد مولعةٌ
ناريّةُ الوجه من "صيدا" إلى "الهرم"
حدودُها السودُ تفنى تحت ظلمتها
أشعّةُ الحبّ والقربى وذي الرَّحِم
أبكي دماً إذ أرى "القعقاعَ" في يدهِ
قيدٌ يُساق به في "هيئة الأمم"
بُنَيَّ وانتفضَ التاريخُ يصفعني
فتهتُ بين الرجاء المرّ والندم
قرأتُ في وجهه القمحيِّ ملحمةً
من النَّكال، وبركاناً من الألم
بالأمسِ كان يكيل الزهوَ مبتسماً
واليومَ وجهٌ عبوس غيرُ مبتسم!
بُنَيَّ هذي هي المأساة ماثلةٌ
فانظرْ بربّكَ مَنْ خَصمي ومن حَكَمي؟
كانت سنابكُ خيلي في جماجمهم
مغروسةً، وعلى أكتافهم عَلَمي
فأصبحتْ قِبلتي الأولى منكّسةً
لما تبعتُ إلى درب الردى قدمي
ودّعتُه وأنا أبكي على زمنٍ
الحقُّ فيه غدا ضرباً من التُّهَم
أبكي وأعلم حجمي يا معذَّبتي
فالهمُّ أكبرُ من حجمي ومن هِمَمي
لكنني أحمل الأثقالَ محتسباً
فالنومُ فوقَ الرزايا ليس من شِيَمي
شعراء الجزيرة العربية >> صالح بن سعيد الزهراني >> كائن بلا هوية
كائن بلا هوية
رقم القصيدة : 67117
-----------------------------------
من أيّ نهر شربت الصمت والوجلا ؟ !
أمهاتك صيّرن الشجى أملا
من أينَ عممت هذا الذّل .. ما عرفت
أرض الشياهين لا نسراً ، ولا حجلا ؟
(1/17393)
________________________________________
في مقلتيك أرى " سعداً " .. ببيرقه
وفيلقاً " لصلاح الدين " مشتعلا
أرى احتمالات معنىً كنت أجهله
ولم يكن عند من أغلاك محتملا
من أنت ؟ أقرأ في كفيك ملحمة
موؤودة ، وخيولاً كفّنت بطلا
كأنه ما أتاك الكون مبتهلاً
يوماً ، ولا حُفّ بالنجوى ولا احتفلا
من أنت ؟ " عنترة العبسي " ألمحه
في وجنتيك يُباري الخيل والأسلا
كيف انحنى فيك هذا الرأس يا قمراً
بزهو عينيه كنا نضرب المثلا
ما قلت شيئاً .. نكست الرأس مكتئباً
وكنت أطرق مما قاله خجلا
كيف انحنى فيك هذا الرأس يا قمراً
بزهو عينيه كنا نضرب المثلا
من أنت ؟ ما قلتُ شيئاً .. كان يقتلني
بكل حرف بهيّ كلما سألا
ما قلت شيئاً .. نكست الرأس مكتئباً
وكنت أطرق مما قاله خجلا
شعراء الجزيرة العربية >> صالح بن سعيد الزهراني >> يا ضمير الأحرار
يا ضمير الأحرار
رقم القصيدة : 67118
-----------------------------------
يا ضمير الأحرار .. أين الضميرُ
وبلادي مجازرٌ وقبورُ !
كيفَ يخفى " يا مجلس الأمن " جرحي
ودِمائي في الخافقين تمور !
كيف تنسى " يا مجلس الأمن " وضعي
ولديكم عن حالتي تقريرُ !
يا ضمير الأحرار .. ما جئت أشكو
كيف يشكو إلى القيود الأسير ؟
وإذا كانت المبادئ أسمى
فالعسير الذي ألاقي يسيرُ
ما خبا في دمي شعاع المعالي
في وريدي لا ينضب " التكبير "
واقف فوق سيفكم أتلظى
وقفتي رجفةٌ وهمسي سعيرُ
يا ضمير الأحرار .. ما عزّ قومٌ
من قراراتكم .. ولا انهل نورُ
مسرحياتك استبانت رؤاها
شاحبات ، يخونها التفكير
والغلاف الذي رسمت " صليبٌ "
والمضامين كلها " تنصيرُ "
يا ضمير الأحرار .. دهرك ظُلمٌ
ودهورُ الظلام يومٌ قصير
كُلّ يومٍ تمدّ كفّ حنونٍ
بالعطايا ، وأنت " كلب عقورُ "
في ربوع " الصومال " فرّقت أهلي
فأفاقوا .. ومجدهم زمهريرُ
ودخلت البلاد من ألف بابٍ
وأقيمت " معابد " وجسورُ
وعلى " القدس " راعفٌ من هواكم
شرقت منه بالمدامع " صورُ "
كلّ فجرٍ " جنازةٌ " ، ورصاصٌ
(1/17394)
________________________________________
وعليها من عدلكم منشورُ
حدّثوني عن " غزةٍ " ، عن هواها
كيف ماتت فوق الغصون الطيورُ ؟
حدّثوني عن " برتقالة صيدا "
كيف شاخت أغصانها والجذورُ ؟
حدّثوني عن " وجه لبنان " لمّا
جف فيه الندى ، وجف العبيرُ
حدّثوني عن طفلةٍ ساءلتكم
عن أبيها ، أين احتواه المصيرُ ؟
الشهادات ، والقضاة لديكم
وضحايا الأسى " غيابٌ حضورُ "
كلّ دعوى لها لديك بيان
ودليل ، وشاهدٌ منك زُورُ
يُخنق الصوت في الحناجر ظلماً
وتظلّ القلوبُ فيها زفيرُ
يخسف البدر ، والنجوم تهادى
والليالي بالمذهلات تدورُ
أيها المسلمون هذا خطابي
عربيٌ ، ما فيه حرفٌ أجيرُ
فاقرأوا سحنتي ، وفحوى خطابي
وافهموا ما تغضّ عنه السطورُ
أنا قلبٌ متيّمٌ بهواكُم
أنا قلبٌ على أساكم غيورُ
أيها الصابرون ، طال التمادي
في خلافاتنا ، وطال المسيرُ
وإذا لم يكن على الصدر سيفٌ
فليكُن في الضلوع قلبٌ جسورُ
مجلس الأمن " لعبة أحكمتها
كف باغ ، بالموبقات خبيرُ
لكأني بكم " شياهٌ " بليلٍ
شتويٌ ، والليل ليلٌ مطيرُ
كيف يرضى الفتى ، وقد كان رأساً
أن تُطا أوجهٌ ، وتحنى ظُهورُ
كيف يغدو للخانعين مُطيعاً
وهو في ناظر الزمان " أميرُ "
نحن مليارُ لا قرارٌ جريءٌ
يصطفينا ، ولا بنانٌ يُشيرُ
نحن مليارُ عزّ فيه رشيدٌ
عزّ فيه للمجد سرج وكورُ
عزّ فينا .. وكيف والأمر فوضى
عزّ فينا وقتَ النداء النصيرُ
غير أنا " يا مجلس الأمن " فجرٌ
أحمدي ، وليس للفجر " سور "
يسقط المسرحُ الكئيب جهاراً
والمغني ، والمخرج المشهورُ
يسقط المبدأ الذي كان يأتي
يتسلى بزيفه " الجمهورُ "
صوتنا قادمٌ .. وصعبٌ عليكم
لو علمتم ... ما يحتوي التفسيرُ
شعراء الجزيرة العربية >> صالح بن سعيد الزهراني >> قصيدة عن حب قديم
قصيدة عن حب قديم
رقم القصيدة : 67119
-----------------------------------
تسعونَ قرناً ، في هواك غريقُ
من بعد هذا العُمر كيف أفيقُ
يا أيها الوجهُ الذي أحببتُهُ
من أين يبتدىءُ الحديث مَشوقُ
(1/17395)
________________________________________
تسعون قرناً ، كان حبُّك رايتي
ولمثل عينيك العذاب يروقُ
تسعون عاماً ، والقصائدُ شُرَّعٌ
والليل نزفٌ ، والفؤاد حريقُ
ما قلت : يا أمي الحبيبة ، خانني
قلبي ، فقلبُ المستهام صدوقُ
ما قلت .. أعلم أن حُبَّك واجبٌ
وعليَّ في هذا الجهاد حقوقُ
كانت تضيقُ بي البسيطةُ كلّها
ونفوسُ مَنْ حفِظَ الوداد تضيقُ
ويظل هذا الوجه غايةَ رحلتي
والحرفُ حُرٌّ ، والنّشيدُ سبوقُ
والشّعر منكوس البيارقِ ، لم يزلْ
والبيت فيه عناكبٌ وشُقوقُ
يتسابقون إلى القصيد جحافلاً
تترى ، وكُلٌّ خَانَهُ التّوفيق
وأَتيتِ فوق مطالعي شَمْسَ الضُّحى
وعليَّ من حُلَلِ الضّياء بُروقُ
وقصيدتي من طُهْرِ وَجْهِك تَزْدَهي
في كُلّ حرفٍ نضرةُ .. ورحيقُ
وأتيتِ يا وجْهَ الحياةِ ، على فمي
شجرُ له في الخافقين عروقُ
وأتيتُ ما ضيّعت عهد أميرتي
فالعهدُ في لغةِ القلوبِ وثيقُ
يا عُنفوانَ الشِّعرِ حين أهزُّهُ
والخطبُ هوْلُ ، والمدارُ نعيقُ
تتخشَّبُ الكلماتُ ، يصبح عَذْبُها
شَجناً ، فيا لِلْمُرِّ حين أذوقُ
أمي الحبيبة ، يزدهون ببِّرهم
والبرّ في هذا الزمان عقوقُ
أسرجتُ ظهر الشّعر قلتُ لك اركبي
وركبت والمُهْر الحرون عتيقُ
تسعون قرناً ، ما تراخى عزمُهُ
فكأنَّه من حُرقتي مخلوقُ
واليوم يا نهرَ الجلال وسيفُنا
خشبٌ وفارسُنا العظيم مَعوقُ
ما غيَّر الفكرُ الجديد مواقفي
فالبعدُ بين الموقفين سحيقُ
أَنَّى أبيعك للظَّلام ، وِلِلْخَنَا
ضِدان ليلٌ أليلٌ وشروقُ
يتكالبون على جِراحِكِ ، ما دَرَوْا
أنَّ الكريمةَ دونها العيُّوقُ
ما ضرَّني لجبُ العُداةِ وحشدهم
وَرَقُ العُداةِ بأرضنا محروقُ
ما ضرَّني إلا بَنُوْكِ تطاحنوا
ماذا إذا طَحَنَ الشّقيقَ شقيقُ ؟ !
في كلِّ قارعةٍ يُجالِدُ مَجْدَنا
باسم الحضارةِ خائنٌ زنديقُ !
( يا عالمي العربيُّ ) أين عُروبةٌ ؟
من نَسْلِها الصدّيق والفاروقُ
( يا عالمي العربيُّ ) أي عُروبةٍ ؟
( والقبلة الأولى ) دَمٌ وشهيقُ
(1/17396)
________________________________________
( يا عالمي العربيُّ ) أي عروبةٍ ؟
في القلب حقدٌ ، والكساء فسوقُ
( يا عالمي العربيُّ ) ، كُلٌّ يدعي
صدق الصّديق وما هناك صديقُ
ضيعت مبدأك العظيم ، وليس في
عصر الدراهم للبطالة سوقُ
دعْ هذه الألقابَ ، دينك واحدٌ
دينُ المحبَّةِ ليس فيه فُروقُ
من ( قندهارَ ) إلى ( الرصافةِ ) وحدةٌ
( بيمار ) يشرب من شَجَاه طُويْقُ
إني لألمح في يمينك رقدةٌ
والكفُّ حتفٌ والحسامُ ذليقُ
ما خانَ هذا الكفَّ إلا ماكرٌ
والمكرُ بالقلب الخؤوفِ محيق
يا فجرَنا الميمون ضَوْؤُك قادمٌ
مهما يُعَششُ في العيون بريقُ
والأفق في عينيك يا محبوبتي
معشوشبٌ ، غضُ الإهابِ ، وريقُ
تسعون قرناً والجراح مُرِبَّةٌ
والوجهُ يندى ، واللسان طليقُ
ما كلَّ زندُك ، يا أميرةَ أحرفي
زند العظيمةِ بالعظام خليقُ
ورحلتِ يَصْفَعُك العُبابُ بِكَفِّهِ
ويعوقُ سَيِركِ عاصفٌ ومضيقُ
وبلغتِ كان بلوغُ أمرِكِ آيةً
ولمن نجا فوق السُّيوفِ طريقُ !
شعراء الجزيرة العربية >> صالح بن سعيد الزهراني >> رتابة
رتابة
رقم القصيدة : 67120
-----------------------------------
منذ تسعينَ حجّةً ..
ثورة الوعي خامدة
يبدأ العرض ميّتاً ! ..
فوق أشلاء صامدة ..
البدايات واحدة !
والنهايات واحدة !
بطل العرض واحدٌ ..
قصة العرض واحدة ..
مخرج العرض واحدٌ ..
والجماهير راقدة !
بعد يوم من الضنى
والوجوه المزايدة ! ..
.. أعلن الفاتح الأبي ..
والزغاريد شاهدة ..
عن فتوحات جيشه ..
عن قواه المجاهدة ..
أنها شقت المدى ..
واستباحت وسائده ! !
وأراقت دمَ الدجى ! ..
وأضاءت فراقده ..
كذّبت كلّ خائن ..
فهي بالنصر عائدة ..
وبدا شاعر الهوى ..
يتهجّى قصائده !
وانتهى الفتح رقصة ..
وغناءً ، ومائدة !
والجماهير لم تزل ..
تشهد العرض جامدة ..
عرفت كيف ينتهي ..
عرفت كيف يبتدي ..
أصبح الزيف قاعده ! !
شعراء الجزيرة العربية >> صالح بن سعيد الزهراني >> جغرافيا الرقاب
جغرافيا الرقاب
رقم القصيدة : 67121
(1/17397)
________________________________________
-----------------------------------
( إلى صُنّاع الحياة ، وإلى الأغبياء بدرجة كافية جدّاً ) :
باسمِ تحرير مواليكَ ، يجيئون إليكْ !
في زُجاج العطر ، يأتون إليكْ ..
في نديف القطن ، في علبة ديتولٍ
وفي خلطة كيكْ !
تجد العاشق مجذوباً ، يغنّيكَ ..
مواويل السّليكْ
يخطف البسمة من عينيك ، يدعوكَ ..
بأحلى ما لديكْ ،
من تراتيل الهوى العذب ، يناديكَ :
أنا بين يديكْ
أنا أحنى منك يا قلبي عليكْ
باسم كشف السرّ عن خارطة الأموات دي جاما
وماجلان ، مدّا شهقة العاشقِ ..
فافتح ساعديكْ !
وعلى الأشرعة البيضاء رأس السندبادْ
و ابن ماجدْ ..
يرسم الدائرة الأولى لبيت العنكبوتْ ..
يرسمْ : المدخل ، والمخرجَ ، والأبعادَ ، صوتَ الرّيِح ، هزّاتِ المداراتِ ،
المضيقاتِ ، مراسي الحزنِ ، وجهَ البحر ، أمواجَ السكوتْ .
يقذفُ الحبلَ على هامة صيادٍ فقيرْ
فينادي : يا ابن ماجدْ ..
كلّ ما أبغيه قوتْ !
فيُجيبُ البحر صمتاً ... لن تموتْ ...
يرتمي الموجُ سيوفاً ، يستدير البحرُ في عين ابن ماجدْ ..
أيها البّحارُ .. دوزن ناظريك
قف كما أنتَ ... / إليكْ
أيها الرّائد : أدرك قاتليكْ
قالها البّحارُ للبحر غناءً : لا عليكْ
قالها البحر ، و دي جاما يغنّي هاشمياتِ الكُميتْ
أتيت إليك مِلءُ فمي سُؤالٌ
وبين جوانحي كُتبَ الجوابُ
تضيق الأرض في نظر الحُبارى
ويأبى أن تضيق به العُقابُ
مددتُ يديّ ، مِلؤهُما اشتياقٌ
ومن كفّيّ ينهمرُ السّحابُ
وتنكسر الرّياح على جبيني
وتُنكر ضبَحها الخيلُ العِرابُ
هنا فوق الخريطة لُفّ حبلي
وطُوّقت المآذن و الرّقابُ
كشفت رؤى الفجيعة عن فتوحي
وعن تشكيلتي كُشف النّقابُ
إذا لم يكتب العلماءُ مجداً
لأمتهم ، فعلمُهمُ سرابُُ
شعراء العراق والشام >> محمود درويش >> الآن، إذ تصحو، تذكر,
الآن، إذ تصحو، تذكر,
رقم القصيدة : 67122
-----------------------------------
الآن، إذ تصحو، تذكر رقصة البجع الأخيرة.
(1/17398)
________________________________________
هل رقصت مع الملائكةِ الصغارِ وأنت تحلمُ؟
هل أضاءتك الفراشةُ عندما احترقت بضوء الوردة الأبدي؟
هل ظهرت لك العنقاءُ واضحةً... وهل نادتك باسمك؟
هل رأيت الفجر يطلع من أصابع من تُحبُّ؟
وهل لمستَ الحُلمَ باليد، أم تركت الُحلمَ يحلُمُ وحدهُ، حيث انتبهت إلى غيابك
بغتةً؟
ما هكذا يُخْلي المنام الحالمونَ، فإنهم يتوهجون،
ويكملون حياتهم في الحُلمِ..
قل لي كيف كنت تعيش حُلمك في مكان ما،
أقل لك من تكون
والآن إذ تصحو، تذكر:
هل أسأت إلى منامك؟
إن أسأت إذاً تذكر
رقصة البجع الأخيرة!
تُنسى، كأنك لم تكن,
تُنسى، كأنك لم تكن
تُنسى كمصرع طائر
ككنيسة مهجورة تُنسى،
كحب عابر
وكوردة في الليل... تُنسى
****
أنا للطريق... هناك من سبقت خُطاه خُطاي
من أملى رؤاه على رؤاي. هناك من
نثر الكلام على سجيّته ليدخل في الحكاية
أو يضيء لمن سيأتي بعده
أثراً غنائياً... وحدسا
***
تُنسى، كأنك لم تكن
شخصاً، ولا نصاً... وتُنسى
***
أمشي على هدي البصيرة، ربما
أعطي الحكاية سيرة شخصية. فالمفردات
تسوسني وأسوسها. أنا شكلها
وهي التجلّي الحر. لكن قيل ما سأقول.
يسبقني غدٌ ماضٍ. أنا مَلِك الصدى.
لا عرش لي إلا الهوامش. والطريق
هو الطريقة. ربما نسيَ الأوائل وصف
شيء ما، أُحرّك فيه ذاكرة وحسّا
***
تُنسى، كأنك لم تكن
خبراً، ولا أثراً... وتُنسى
***
أنا للطريق... هناك من تمشي خطاه
على خطاي، ومن سيتبعني إلى رؤيايَ.
من سيقول شعراً في مديح حدائق المنفى،
أمام البيت، حراً من عبارة أمس،
حراً من كناياتي ومن لغتي، فأشهد
أنني حيّ
وحرّ
حين أُنسى
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> وَنَذْكُرُ دائماً حُلُماً وَهَى ..
وَنَذْكُرُ دائماً حُلُماً وَهَى ..
رقم القصيدة : 67123
-----------------------------------
ما أنتِ إلاَّ أنتِ..
ما بيني وبينَ الصَّمْتِ..
فانتظري الغريبَ المُسْتَقِرَّ
على غَمَامِ الانتظارِ..
لعلَّهُ يأتي قريباً أو بعيداً
(1/17399)
________________________________________
عَلَّهُ يأتي معَ المطرِ الذي غَسَلَ المدينةَ
والمُحبِّينَ الذينَ تَهَيَّؤُوا في يومِهمْ هذا
المُرصَّعِ بِالزُّهُور لِشُعْلَةٍ
في الروحِ أو في الجِسْمِ
حتّى المُنْتَهَى....
* * *
ما أنتِ إلاَّ ما زَهَا
في هذهِ الدنيا كما يَزْهُو الربيعُ
على الشتاءِ... على الخريفِ
ومثلما تَزْهُو قصائدُ شاعرٍ أَحْبَبْتُهُ جِدَّاً
على كُلِّ القصائدِ..
قبلَ ميلادي وُجدْتِ..
وبعدَ ميلادي وُجدْتِ..
وتُوجدينَ... وتُوجدينَ..
لَعلَّهُ يأتي إليكِ وأنتِ وحدَكِ
في المساءِ تُحَدِّثينَ الريحَ
عَنْ بعضِ العُيونِ المُسْتَعِدَّةِ
لِلدُّنُوِّ منَ الشُّعُورِ..
لعلَّنا نأتي إلينا ذاتَ يومٍ
قانِعين بِضَعْفِنَا جدَّاً أمامَ المُشْتَهى!...
* * *
ماذا دَهَا
قلبي ـ وعيدُ الحُبِّ يَجْمَعُنِي بِأَيْلُوليَّةٍ مثلي ـ
لِيَخْلَعَ مِعْطَفي عنِّي وَيَطْرَحَهُ عليها
في حَدِيْقَتِنَا الجريحةِ مِثْلَنَا...
والجُرْحُ آلمَنَا جميعاً
حينَ داهَمَنا المَطَرْ..
ما كانَ في نَفْسي سوى التَّعبيرِ عَنْ أَنِّي
طبيعيٌّ بهذا اليومِ
كي لا أُحْزِنَ العَسَلَ الذي في مُقْلَتيهَا
وردةٌ حمراءُ في كَفِّي كَكُلِّ العاشقينَ
وقُبْلَتي كانتْ سَفَرْ !...
أَرْضَيتُها كي لا تُحِسَّ بأنَّني
ما زلتُ في أيلولَ أَسبحُ قُرْبَ شَاطِئِهِ
المُعَطَّرِ بالعَذَارى
لَيْتَني أَفْنَى وَأُولَدُ مِنْ جَديدٍ في سِوى أيلولَ
منْ هذا الزمانِ الراحلِ المُشْتَاقِ لِلْـ مَا بَعْد...
أَذْكُرهَا وَتَذْكُرُني ونَذْكُرُ دائماً
حُلُماً وَهَى..
* * *
نَاهٍ... نَهَى...
وأنا انتهيتُ وما انتهى
عَنْ حُبِّها رَجُلٌ يُكَنَّى بِاسْمِهَا...
كانتْ بُثينةُ يا جميلُ حبيبةَ العُمُرِ
الذي ضَيَّعْتَهُ...
خَضَعتْ لِقَهْرِ الظالمينَ
تَزَوَّجَتْ مِمَّنْ أَرادُوا...
لا تَقُلْ إنَّ الهوى مازالَ فيها
إنَّها في لحظةٍ تَهواهُ
حتّى آخِرِ الدَّرَجَاتِ في مِقْياسِ عينيهَا..
(1/17400)
________________________________________
غَبيٌّ أنتَ إنْ أَهْدَيْتَهَا شيئاً
بِعيدِ الحُبِّ... أو قَبَّلْتَها..
ارْجِعْ لأَيْلُوليَّةٍ تُعطيكَ عينيها بِكَفَّيْها
وتُعطيْكَ الأُمُومَةَ...
ما تُريدُ سِوى الأُمُوْمَةِ ؟!
إنَّني منْ غيرِ أُمِّي لا أَعيشُ لأنَّني
أَتَنفَّسُ الأنفاسَ منْ أَنْفَاسِهَا،
نَفْسي تُنَافِسُ كُلَّ نَفْسٍ في نَفَاسَتِها،
ويُنْسَفُ دائماً فَرَحي بشَعْرٍ أَشْقَرٍ
طَاردْتُهُ حتّى فقدتُ تَوازُني العَقْلِيَّ
أحياناً وقالُوا: قَدْ سَهَا!..
* * *
وأَتَتْ نُهى..
يوماً لِتَلْقَانِي ولكنْ لمْ تَجِدْني
كانَ ذلكَ في شتاءٍ قَدْ مَضَى..
وأنا مَضَيْتُ وأنتَ يا مِسْكينَها!...
والآنَ لي شِعْري وليلي والسجائرُ
والتي ما زلتُ أَلْقَاها لأُطْفِئَ حُزْنَهَا...
وهُناكَ أيضاً مَنْ أَخافُ حنينَها..
وهُنَاكَ أيضاً مَنْ أَخافُ جُنُونَها..
ما أنتِ إلاَّ أنتِ..
ما بيني وبينَ الموتِ يا عُنْوانَهَا!
ما كانَ في نَفْسي سوى التعبيرِ عَنْ أَنِّي
طبيعيٌّ بهذا اليومِ..
كي لا أُفْسِدَ الزَّهْرَ الذي في وَجْنَتَيْهَا..
وَرْدَةٌ خَرْسَاءُ في كَفِّي كَبعْضِ العاشقينَ..
وقُبْلَتي كانتْ تُفَتِّشُ عَنْ نُهَى!..
يا ليتَنا نأتي إلينا ذاتَ يومٍ
قَانِعين بِضَعْفِنَا جِدَّاً أمامَ المُشْتَهَى....
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> على زَوْرَقٍ في مِيَاهِ الغُرُوب
على زَوْرَقٍ في مِيَاهِ الغُرُوب
رقم القصيدة : 67124
-----------------------------------
أَمُدُّ إليكِ
حِبَالَ النَّشيدِ
على زَوْرَقٍ غَائبٍ
في الأنينْ ..
ولا أتَمَنَّى
سِوَى ما يَرَاهُ الخَيالُ
وما يَصْطَفِيهِ الحَنِينْ ..
أمامَكِ طَيْفٌ
وظِلُّ امْتِلاءٍ
وليسَ أمامَكِ مَنْ تُبْصِرينْ ...
وليسَ لِوَجْهِكِ
حينَ يُطِلُّ
سِوى أنْ أصِيرَ شَرِيكَ البَنَفْسَجِ
في سَعْيِهِ لِلْغِيَابِ الحزينْ ...
*
كأنَّ صباحَكِ لا يَجْتَبِينِيْ
إلى شَمْسِهِ العَارِمَهْ ..
أضِلُّ كما يَشْتَهِي الموجُ
(1/17401)
________________________________________
في الليلِ
في جُزُرِ الوَرْدَةِ النَّائِمَهْ
لألْمَحَ سِرْبَاً
مِنَ القَوْلِ والمُسْتَحِيلِ
يُعاني
لِيَحْظَى بِمُتَّسَعٍ في المكانِ
ويَسْكُنَ ظِلَّ وُجُودِيْ
هُنا
حيثُ لا وقتَ لِلْحُبِّ
والاحْتِراقِ اللطيفِ
على جَمْرَةٍ لِلْحَنِينِ المُخِيفِ
إلى ما سَيَأتي مِنَ المَدِّ والجَزْرِ ..
مُدِّي صباحَكِ
فوقَ صَقِيعِ مَنامِي
ِلأغْرَقَ في الصَّحْوِ
حِينَ أُحِسُّ بِدِفْءِ الهُدَى في النَّدى ..
لا طريقَ إلى الوَهْمِ
حِينَ تَسِيرِينَ تحتَ عَرائِشِ رُوحِيْ
وليسَ لِوَجْهِكِ غَيرُ امْتِثَالي
لِسَطْوَةِ بَسْمَتِهِ الحَالِمَهْ ...
*
و في مَهْدِ أيلولَ
بعدَ المساءِ
رأيتُ القَصِيدَةَ في هَيْئَةٍ ثَانِيَهْ ..
لها مُقْلَتانِ
تَصُبَّانِ في الأرضِ
ما غَيَّبَ الدَّهْرُ مِنْ حُسْنِهَا ..
ليسَ فيها نُزُوعٌ إلى اللاوُجُودِ ..
أصابِعُها
كي تَرُشَّ مِنَ القَمْحِ
أكثرَ مِنْ حَفْنَةٍ
لِلْحَمَامِ الذي رافَقَ الأنبياءَ ..
أصابِعُهَا
ِلانْبِسَاطِ الخُلُودِ
تُنَقِّلُ فيهِ خُطَاها
وتَبْقَى على نَبْعِهِ حَانِيَهْ ..
رأيتُ القصيدةَ
كانتْ تَرَاني ..
ولَمَّا تَزَلْ في الحُضُورِ تَرَاني ..
ولم يَخْتَفِ الحُبُّ
َمدَّتْ يَديْهَا
لِتَمْحُوَ عَنِّيْ غُبَارَ الزَّمانِ ..
وصِرْتُ الغِيَابَ
وكانتْ تَرَاني ...
*
لها أنْ تَصُوغَكِ جِسْمَاً ورُوحَاً ..
فلا موتَ يَدْنُو ..
ولا خوفَ يَصْبغُ وَجْهَ الحَقِيقَةِ ..
صَفْوٌ يَعُمُّ وُجُودَكِ فِيَّ
وأنتِ القَرِيبَةُ مِنْ أُمْنِيَاتي ..
تَهُبُّ رِياحُكِ طَيِّعَةً لِلشِّرَاعِ الوَحِيدِ
على زَوْرَقِي في مِيَاهِ الغُرُوبِ
وليسَ هُنالِكَ قَعْرٌ لِذَاتي ..
يَظَلُّ اقْتِرَابُكِ مِثْلَ ابْتِعَادِكِ
كُلٌّ يُعَذِّبُ
كُلٌّ يُغَرِّبُ فِيَّ الكثيرَ
ويَشْرَبُ مِنِّيْ زُلالَ حياتي ..
ألَمْ تَقْرَئي ما وَراءَ اشْتِعَالِيَ
حيثُ القصيدةُ
عُشْبٌ طَرِيٌّ
ويَرْوِيْهِ أنْ نَسْترِيحَ عليهِ
(1/17402)
________________________________________
مِنَ القَوْلِ و المُستَحيلِ
ونَحْظَى بِمُتَّسَعٍ في المكانِ ؟ ..
قَرأتُكِ في صَفَحَاتِ خَيَاليْ
ولم أسْتَطِعْ
أنْ أُطالِعَ وَجْهِيَ في مُقْلَتَيْكِ
وكمْ أعْجَزَتْنِي المَعَاني ...
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> في وَحْلِ الطَّريق ..
في وَحْلِ الطَّريق ..
رقم القصيدة : 67125
-----------------------------------
مُوحِلٌ هذا الطريقْ ..
قالَهَا هذا التُّرَابِيُّ الذي
يَصْحُو قليلاً بينَ مَوتَيْنِ
ويَغْفُو في الحريقْ ..
رُبَّمَا أسْلَمَ لِلرَّغْبَةِ نَفْسَهْ ..
ورأى الأرضيَّ في جَنْبَيْهِ قد أعْلَنَ يَأسَهْ
مِنْ نِهِاياتٍ وَراءَ الشاطىءِ الأوْحَدِ
خَلْفَ الغَيْمَةِ الحُبْلَى بِأصْدَاءِ الغُيُوبْ ..
رُبَّمَا لم تَسْتَقِمْ في رُوحِهِ الأشياءُ
صارَ التِّيْهُ مَعْنَىً ..
قالَ لِلدُّنيا :
دَمِي يَهْوَى انْحِنَاءاتِ الدُّرُوبْ ..
لم يَزَلْ يَأنَسُ لِلشمسِ وأمواجِ البَرِيقْ
كُلَّمَا أوْغَلَ في وَحْلِ الطريقْ ...
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> دَمُ الحَقِيقَة ..
دَمُ الحَقِيقَة ..
رقم القصيدة : 67126
-----------------------------------
أَصْغَى
وَلَكنْ لم يَجِدْ شَيئاً
فَقَالَ : أُفَسِّرُ النَّصَّ الغَرِيبَ
كَمَا تُفَسِّرُهُ الغَرَابَةُ ..
لم يَجِدْ شيئاً يَدُلُّ على الغَرَابةِ ..
هَيَّأَ الأَدَوَاتِ ثانِيَةً
وَفَجَّرَ بُقْعَةً أَدَّتْ إلى هَدْمِ السِّيَاقْ ..
- ماذا فَعَلْتُ ؟ !
أعادَ تَرْتِيبَ الأُمُورِ ..
- أنا أُحَاوِلُ ..
فَلْيَظَلَّ النَّصُّ مَفْتُوحَاً كَأبْوَابِ السَّمَاءِ ..
دَمُ الحَقِيقَةِ لا يُرَاقْ ...
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> سَيَدْنُو الشَّاعِرُ النَّائِي ..
سَيَدْنُو الشَّاعِرُ النَّائِي ..
رقم القصيدة : 67127
-----------------------------------
تَهِيْمُ الرُّوحُ في ظُلَمِ المُحَالِ
وتَحْمِلُهَا يَنَابِيعُ الزَّوالِ
(1/17403)
________________________________________
وتَقْتَرِبُ السماءُ وليسَ فيها
سِوَى وَجْهٍ تَبَعْثَرَ في الهِلالِ
وتَنْأى كُلَّمَا ألْقَتْ شُمُوسٌ
حَرائِقَهَا على أرضِ الخَيَالِ
فَيَدْنُو الشَّاعِرُ النَّائِي رُوَيْدَاً
فَتَرْمِيْهِ البَصِيرَةُ بِالنِّبَال
فَيُصْبِحُ كالسَّحَابِ يَمُرُّ طَوْعَاً
عَلى أحْزَانِهِ مَرَّ الْجِبَالِ ..
أرَى في الدَّرْبِ عُصْفُورَاً يُغَنِّي
وذِئْبَاً هَائِمَاً بينَ التِّلالِ
وَوَجْهَاً كَانْبِلاجِ الصُّبْحِ يَبْدُو
وَوَجْهَاً لا يَبِيْنُ مِنَ الظِّلالِ ..
أنا لِلْكَوْنِ مِرْآةٌ .. وَإِنِّيْ
صَدَاهُ .. وَحَالُهُ صِنْوٌ لِحَالِي
وكَمْ جَاوَزْتُهُ يَوْمَاً وحَطَّتْ
وَرَاءَ فَنَائِهِ تَعَبَاً رِحَالِي
هُنَاكَ لَرُبَّمَا أمْسَكْتُ ضَوْءاً
وفَاحَ العِطْرُ مِنْ صَوْتِ اللآلي
أرَى وَلِرُؤْيَتِي الأعْمَاقُ تُجْلَى
ويَنْقَشِعُ الغَمَامُ عنِ السُّؤَالِ
فَلا أسْرَارَ تَشْغَلُنِي ولكنْ
أنا سِرٌّ وَبِيْ كانَ انْشِغَالِي ..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> جَدائِلُ نُور ..
جَدائِلُ نُور ..
رقم القصيدة : 67128
-----------------------------------
فَرَدَتْ جَدَائِلَ شَعْرِهَا
وَإِذا بِعُصْفُورٍ يُحَلِّقُ في الشَّذا نَحْوِيْ ..
أَتَى لِيَهُزَّني وَيَطِيرَ بِيْ ..
طِرْنا وَلَكِنِّي سَقَطْتُ
على بَرِيقِ جَدِيلَةٍ شَقْرَاءَ
فَاجْتَزْتُ الحَقيقَةَ كُلَّهَا ..
وَوَقَفْتُ مُنْدَهِشَاً
تُهَدْهِدُني السَّنَابِلُ
إنْ ضَحِكْتُ بَكَيتُ ..
لم أُبْصِرْ سِوَى نَدَمِي
وَمِشْكاةٍ تَصُبُّ النُّورَ في رِئَتَيَّ
مُذ فَرَدَتْ جَدائِلَ شَعْرِها ...
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> أُغْنِيَةٌ لِرَبِيْعٍ آخَر ..
أُغْنِيَةٌ لِرَبِيْعٍ آخَر ..
رقم القصيدة : 67129
-----------------------------------
أُسَرِّحُ نَفْسِي قليلا ..
لِتَلْقَى الرَّبِيعَ فَيَرْشِفَهَا
في الطَّرِيقِ الجَدِيدِ
وَيَجْعَلَهَا كَالْحَمَامَةِ
(1/17404)
________________________________________
تَنْقُرُ حَبَّ القَصِيْدِ
وَتَهْدِلُ حتَّى تُجَنَّ
هَدِيْلاَ ..
*
هَوَاءٌ لآذَارَ يَبْدُو ثَقِيلاَ
وَيَتْرُكُ آثَارَهُ فَوْقَ جِلْدِي
رَحِيْقَاً
وَحُزْناً ..
وَصَوْتُ البَعيدِ يُنَاشِدُني
كي أُعَتِّقَ خَمْرِي
وَأَدْلُقَهَا في دُرُوْبِ الحَنِينِ
لِيُصْبِحَ وَجْهُ الفَنَاءِ جَمِيلاَ ..
*
وَإِنِّي قَرِيبٌ
أُجِيْبُ النِّدَاءَ المُعَطَّرَ
قَبْلَ النِّدَاءِ ..
ولا أَتَخَيَّلُ
أنّي تُرَابٌ
تَطَاوَلُ مِنِّي القَصَائِدُ
حَتَّى تَصِيرَ نَخِيلاَ !..
ولا أَتَخيَّلُ أَنِّي مَجَازٌ
وَحُبُّكِ فَجَّرَ فِيَّ الحَقِيقَةَ
حَتَّى حَمَلْتُ المَجَرَّةَ
تَقْطُرُ مِنْهَا الشُّمُوسُ ..
وَتَسْكَرُ فيها النُّجُومُ ..
ولا أَتَخيَّلُ أَنِّي سَأَغْفُو قليلا !..
*
أنا جَسَدٌ ثَابِتٌ في الزَّوَالِ ..
أُقَلِّبُ أَوْرَاقَ هذا الرَّبِيعِ
وَأَقْرَأُ فيهِ مَآلي ..
وَأَفْتَحُ
بَابَاً على الخَوْفِ ..
باباً على اليَأْسِ ..
أَفْتَحُ
بابَ المُحَالِ ..
كَثِيفٌ هُوَ الصَّمْتُ ..
بَوْحُ الطَّبِيعَةِ لُغْزٌ يُحَيِّرُ ..
حَلَّ الظَّلاَمُ ..
وَأَقْفَزَ دَرْبُ الخَيَالِ ..
*
هُنَا في مَسَاءِ الرَّبِيعِ
صَبَاحٌ يُطِلُّ على كَائِنَاتي
التي أَحْتَوِيْهَا ..
وَيَجْعَلُ نَبْضِي
يُوَزِّعُ نُوْرَاً على الجَائِعِينَ
إلى النُّورِ
فِيَّ ..
أنا لا سِوَايَ
أُعَانِقُ صَحْوِي ..
وَأُطْلِقُ شَدْوِي
كَنَهْرٍ يُحَلِّقُ تَحْتَ الْجِنَانِ
وَيَسْكُبُ فَوْقي الحَيَاةَ
وَيَمْسَحُ عَنِّي الغَلِيلاَ ...
وَوَجْهُكِ يَحْضُرُ
حَتَّى يُغَيِّبَ وَجْهَ النِّهَايَةِ
حِينَ أَكُونُ عَلِيلاَ !..
*
وَلَسْتُ بعيداً ..
ولكنَّ أُغْنِيَةً لِلْحَيَاةِ
تُرَسِّخُنِي في الوُجُودِ البَعِيدِ
وَتَرْفَعُ عَنِّي الْحِجَابَ
لأَكْشِفَ ما قَدْ تَوَارَى ..
وَأُخْرِجَ مِنْ مَنْجَمِ الرُّوْحِ
جَوْهَرَةً لِلتَّلاَقي
وَجَوْهَرَةً لِلْخُلُودِ ..
(1/17405)
________________________________________
أَنَا المُنْطَوِي في ظِلاَلِ المَعَاني
على صَهْوَةِ الكِلْمَةِ المُشْتَهَاةِ
غَمَرْتُ السَّمَاءَ صَهِيْلاَ ..
وَلَمَّا غَرِقْتُ
تَأَكَّدْتُ أَنِّي
اشْتَعَلْتُ بِمِصْبَاحِ رُوْحِي
فَتِيْلاَ !..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> تَجْوَالٌ في دُرُوْبِ المُطْلَق ..
تَجْوَالٌ في دُرُوْبِ المُطْلَق ..
رقم القصيدة : 67130
-----------------------------------
مُذْ كَانَ الشِّعْرُ
يُؤَسِّسُ مَمْلَكَتِي في الرِّيْحِ
وَيَذْرِفُني
دَمْعَاً يَتَناثَرُ مِنْ أَجْفَانِ المَقْهُورِيْنَ
وَوَجْهِي
لا يَعْرِفُ إِلاَّ الغَيْمَ
يُوَلِّي شَطْرَهْ!..
مِنْ أينَ سَأَعْبُرُ ؟!
هذا الدَّرْبُ
تُلاحِقُهُ أَمْطَارُ الخَوْفِ
وهذا الدَّرْبُ
يُوَارِي بِتُرابِ الزَّمَنِ المُتَيَبِّسِ قَبْرَهْ!..
فَلِمَاذَا الحُزْنُ ؟
يَقُولُ العَابِرُ في نَشْوَتِهِ..
ماذا تَجْنِي
مِنْ هذا التَّرْتِيلِ العَذْبِ
على رَغْمِ مَرَارَتِهِ؟..
وَأَخُوضُ..
وَأَنْسَى بَيْنَ مَحَطَّاتي
ما أَكْرَهُ ذِكْرَهْ...
* * *
مَنْ يَعْبَأْ مِثْلي
بِتَفَاصِيْلِ السَّرْدِ المُتَراكِمِ
مُنْذُ البَوْحِ
فَلَنْ يَتَجَاوَزَ هَذِي الشُّطْآنَ المُمْتَدَّةَ
وَالصَّحْرَاءَ
وَلَنْ يَقْفِزَ فَوْقَ الجُدْرَانِ الأَثَرِيَّةِ
لَنْ يَدَعَ المَاءَ المُتَفَجِّرَ
مِنْ بَيْنِ صُخُورِ التَّارِيْخِ
يُغَافِلُ نَظْرَتَهُ العَطْشَى..
لَنْ يَقْطَعَ أَشْجَارَ الغَابَةِ
حينَ يُرَاوِدُهَا
فَيُسِيْء العَزْفَ على أَوْتَارِ الخُضْرَةِ..
يَحْزَنُ
حَتَّى يَنْكشِفَ الفَرَحُ الآخِذُ لَونَ اللِّذَّةِ ..
يَبْكي
حَتَّى يَتَجَسَّدَ مِلْءَ العَيْنَينِ الطَّيْفُ
وَيَسْكُنَ مِنْ بَعْدِ سِنيِّ الغُرْبَةِ
صَدْرَهْ ! ..
* * *
هذا بَعْضٌ مِمَّا أمْلاهُ الوَهَّابُ عَلَيَّ
وهذا عِطْرٌ
يَسْتَغْرِقُني
كَمْ أَتَمَنَّى أَنْ تَكْلأني الأَلْطافُ
فَأُصبِحَ
زَهْرَهْ ! ..
(1/17406)
________________________________________
أَو تُرْسِلَنِي تحتَ عَرائِشِها
أتَدَرَّجُ
في
تَخْميرِ
الرُّوحِ
وفي شُرْبِ الكَأْسِ المَخْبُوءَةِ
في أَصْداءِ النَّشْوَةِ ..
في إِقْناعِ بُحَيراتِ الخَمْرِ المَنْسيَّةِ
أنِّي أَقْدِرُ أنْ أَسْكُنَهَا
جَذْرِي في العُمْقِ
وَوَجْهي
يَطْفُو فَوْقَ مَرَايَاهَا
أَبْيَضَ كَالثَّلْجِ
وَلا ظُلْمَةَ تَذْهَبُ بِالرَّوْنَقِ
حِيْنَ تُضَمِّخُنِي وَجنَاتُ الوَحْيِ
فَأَسْقِي النُّدَمَاءَ
الصِّرْفَ النَّادِرَ مِنْ كَلِمَاتي
أُغْرِقُهُمْ
في بَحْرِ الفِكْرَهْ ! ..
* * *
وَيَقُولُ العَابِرُ:
إِنَّ قَلِيْلَ الصَّحْوِ مُفِيْدٌ
حِيْنَ نُوَاجِهُ ما تُدْنِيْهِ الدُّنْيَا
تَحْتَ مَنَازِلِنَا..
وَمُفِيدٌ حِيْنَ نُحِسُّ
بِظُلْمِ المَحْرُوْمِيْنَ مِنَ الإِحْسَاسِ..
أَنَاْ لَنْ أَغْرَقَ حِيْنَ الظُّلْمِ
وَلَنْ أُلْقِيَ نَحْوَ المَسْتُورِ
مِنَ اليخْضُورِ اليَانِعِ
نَظْرَهْ..
لا يُدْرَكُ هذا بِالأَبْصَارِ
وَهَا بَصَرِي يَرْتَدُّ إِلَيَّ الآنَ حَسِيْرَاً
يَا لَلضَّعْفِ
أُوَاصِلُ تَجْوَالي ما بَيْنَ الطُّرُقِ المَسْدُوْدَةِ
وَجْهِي
لا يَعْرِفُ إِلاَّ الغَيْمَ
يُوَلِّي شَطْرَهْ..
وَكَذَلِكَ نَهْرِي
لا يَلْقَى مِنْ بَعْدِ تَشَرُّدِهِ
في المُطْلَقِ
بَحْرَهْ!..
شعراء العراق والشام >> نزار قباني >> أكتب للصغار
أكتب للصغار
رقم القصيدة : 67131
-----------------------------------
أكتب للصغار..
للعرب الصغار حيث يوجدون...
لهم على اختلاف اللون والاعمار..والعيون..
أكتب للذين سوف يولدون..
لهم أنا أكتب..للصغار...
لأعين يركض في أحداقها النهار...
أكتب باختصار..
قصة ارهابية مجندة..
يدعونها راشيل...
قضت سنين الحرب في زنزانه منفردة..
كالجرذ..في زنزانه منفردة..
شيدها الالمان في براغ...
كان أبوها قذراً من أقذر اليهود...
يزور النقود..
وهي تدير منزلاً للفحش في براغ...
يقصده الجنود...
وآلت الحرب الى ختام...
وأعلن السلام...
(1/17407)
________________________________________
ووقع الكبار...
أربعة يلقبون نفسهم كبار...
صك وجود الأمم المتحدة..
...وأبحرت من شرق أوروبا مع الصباح..
سفينة تلعنها الرياح...
وجهتها الجنوب..
تغص بالجرذان..والطاعون ..واليهود..
كانوا خليطاً من سقاطة الشعوب...
من غرب بولندا..
من النمسا...من استنبول..من براغ..
من آخر الأرض..من السعير..
جاءوا الى موطننا الصغير..
موطننا المسالم الصغير..
فلطخوا ترابنا...
وأعدموا نساءنا...
ويتموا أطفالنا...
ولاتزال الأمم المتحدة...
ولم يزل ميثاقها الخطير...
يبحث في حرية الشعوب...
وحق تقرير المصير...
والمثل المجردة...
فليذكر الصغار...
العرب الصغار..حيث يوجدون..
من ولدوا منهم ومن سيولدون...
قصة إرهابية مجندة..
يدعونها راشيل...
حلت محل أمي الممددة...
في أرض بيارتنا الخضراء في الخليل...
أمي أنا الذبيحة المستشهدة...
وليذكر الصغار..
حكاية الأرض التي ضيعها الكبار..
والأمم المتحدة...
أكتب للصغار..
قصة بئر السبع ..والخليل..
وأختي القتيل...
هناك في بيارة الليمون...
أختي القتيل..
هل يذكر الليمون في الرملة..
في اللد..
وفي الخليل..
أختي التي علقها اليهود في الأصيل..
من شعرها الطويل..
أختي انا نوار...
أختي انا الهتيكة الإزار...
على رُبَى الرملة والجليل...
أختي التي مازال جرحها الطليل...
مازال بانتظار...
نهار ثأر واحد..نهار ثار...
على يد الصغار...
جيل فدائي من الصغار...
يعرف عن نوار...
وشعرها الطويل...
وقبرها الضائع في القفار...
أكثر مما يعرف الكبار...
أكتب للصغار..
أكتب عن يافا..وعن مرفأها القديم...
عن بقعة غالية الحجار...
يضيء برتقالها...
كخيمة النجوم...
تضم قبر والدي...وإخوتي الصغار..
هل تعرفون والدي..
وإخوتي الصغار؟..
اذ كان في يافا لنا..
حديقة ودار...
يلفها النعيم...
وكان والدي الرحيم...
مزارعاً وشيخاً...يحب الشمس.. والتراب..
والله..والزيتون...والكروم...
كان يحب زوجه وبيته..
والشجر المثقل..بالنجوم...
(1/17408)
________________________________________
...وجاء أغراب مع الغياب..
من شرق أوروبا..ومن غياهب السجون..
جاءوا كفوج جائع من الذئاب...
فأتلفوا الثمار..
وكسروا الغصون...
وأشعلوا النيران في بيادر النجوم...
والخمسة الأطفال في وجوم...
واشتعلت في والدي كرامة التراب...
فصاح فيهم: اذهبوا الى الجحيم...
لن تسلبوا أرضي ياسلالة الكلاب..!
...ومات والدي الرحيم..
بطلقة سددها كلب من الكلاب عليه..
مات والدي العظيم...
في الموطن العظيم...
وكفه مشدودة شداً الى التراب...
فليذكر الصغار..
العرب الصغار حيث يوجدون...
من ولدوا منهم ..ومن سيولدون..
ماقيمة التراب..
لأن في انتظارهم...
معركة التراب....
نزار قباني
شعراء الجزيرة العربية >> عبدالله السفياني >> أعرب يا ولدي !
أعرب يا ولدي !
رقم القصيدة : 67132
-----------------------------------
أعرب يا ولدي :
( عشق المسلم أرض فلسطين )
قال الطالب :
" نسي المسلم أرض فلسطين "
الأول : فعل مبنيٌّ فوق جدار الذلة والتهميش..
والفاعل مستتر في دولة صهيون .
والمسلم مفعولٌ...
كلا مكبوت في محكمة التفتيش..!!
وأرض فلسطين ..؟؟
ظرف مكان مجرور عفوا ..
مذبوح منذ سنين ..
يا ولدي :
خالفت قوانين النحو
وعرف المختصين ..
معذرة أستاذي :
فسؤالك حرك أشجاني..
ألهب وجداني
معذرة..
فسؤالك نار تبعث أحزاني.
وتحطم صمتي
وتهد كياني...
عفوا ..
يا أستاذي ....
إن نطق فؤادي قبل لساني .!
شعراء العراق والشام >> يحيى السماوي >> الاختيار
الاختيار
رقم القصيدة : 67133
-----------------------------------
جيلانِ مَرّا
مُذْ مضى أَبَتي وغادَرَ بيتَنا
كيفَ استفاقْ؟
فَأَطَلَّ من خلفِ الرِواقْ
عيناهُ مُمْطِرتانِ
بَدْلَتُهُ العتيقةُ نفسُها
والخوفُ نفسُ الخوف
نَفسُ القهرِ شَلَّ يداً وساقْ
نفسُ العقالِ الوَبْرِ واليشماغِ
مَنْ؟ أَبَتي؟
اسْتَرِحْ
وانْفضْ على صدري رمادَكَ
طالَ جمرُ الاحتراقْ
فبكى
رمى الماءَ الذي قَدَّمْتُهُ
خبزي المُعَفَّرَ بالترابِ
بكى
(1/17409)
________________________________________
وأَخْرَجَ مُصْحَفاً وكتابَ أدعيةٍ
وقالَ
إليك يا ولدي الذي خَبَرَ الحدائقَ والحرائقَ
والدهاليزَ . . المنافي
والتجافي . . والعناقْ
أَقْسِمْ بأنك لن تبيع دموعَ أُخْتٍكَ
في مزاداتِ السياسةِ
لن تخونَ دمَ الرفاقْ
أَقْسٍمْ بأنك لن تخونَ النخلَ
أو لبنَ الأمومةِ
لن تَمُدَّ يد النفاقْ
فاخْتَرْ
فأما أنْ تكونَ مع العراقْ
أو
أَنْ تكون معَ العراقْ
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> لمْ آتِ بَعْدُ ..
لمْ آتِ بَعْدُ ..
رقم القصيدة : 67134
-----------------------------------
الوقتُ لا يَكْفي
لأُضْرِمَ في السَّحابِ حَرائِقي ..
والأرضُ لا تَكْفي
لأُطْلِقَ في مَجاهِلِها خُيُوليَ تَارَةً
وَزَوارِقي ..
لم آتِ بَعدُ ..
ورُبَّما ما كُنتُ ..
مُخْتَلِفاً أَراني عنْ كياني ..
ليْ مَغارِبُ لم أصِلْ يَومَاً إليها
مِثْلَما لم أَحْظَ يَومَاً
بِالوُصولِ إلى ضِفَافِ مَشارِقي ..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> لَحْظَةَ الوَمْضِ الشَّهِيّ ..
لَحْظَةَ الوَمْضِ الشَّهِيّ ..
رقم القصيدة : 67135
-----------------------------------
لا تَطْمَئِنِّي
فَالثَّعَالِبُ لا تَنامُ
وَإِنَّهُ صَاحٍ لها ..
تَمْضِي بِهِ
ـ في غَفْلَةٍ عنْ كُحْلِ عَيْنِكِ ـ
نَحْوَ مَجْهولٍ
وَرَاءَ جَزِيرَةِ الرَّغَباتِ
تُفْرِغُ غِلَّهُ في غِلِّهَا ..
قَدْ لا يُفَكِّرُ لَحْظَةَ الوَمْضِ الشَّهِيِّ
فَيَجْمَعُ الأَضْدَادَ فيهِ
وَيَشْطُرُ الأَحْلامَ بَينَكُمَا
وَيَشْطُرُ جِسْمَهُ الرَّعَوِيَّ
مُحْتَكِمَاً إلى تِلكَ الثَّعالِبِ
حِينَ تَرْسُمُ عَدْلَهَا ..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> وَجْهٌ لا يَغِيْب ..
وَجْهٌ لا يَغِيْب ..
رقم القصيدة : 67136
-----------------------------------
لِلحُبِّ وَجْهٌ
لا يَرَاهُ المُنْهَكُونَ ..
وَلا يَغِيبُ عنِ الّذينَ استَأْنَسُوا
بِالحُسْنِ خَلْفَ سَتائِرِ الأُفُقِ الشَّفِيفْ ..
(1/17410)
________________________________________
وَجْهٌ إذا ما غَيَّبَتْهُ غَمَامَةٌ
غامَتْ بَصَائِرُهُمْ ..
وَطارُوا بَينَ أَوراقِ الخَريفْ ..
وَإذا تَجَلَّى في حَقِيقَتِهِ
اِسْتَهَابُوا
فَاسْتَرَاحُوا
وَاخْتَفَوا في عالَمِ الأَلَمِ اللطيفْ ..
هُمْ لم يَكُونُوا مُنْهَكِينَ
لأَنَّهُمْ عَبَرُوا المَدَى
رَغْمَ الجِْرَاحِ
وأَوْصَدُوا بابَ النَّزِيفْ ..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> لَنَا الهَواءُ الطَّلْق ..
لَنَا الهَواءُ الطَّلْق ..
رقم القصيدة : 67137
-----------------------------------
لم أُلْقِ حُبَّكِ في مِيَاهِ النَّهْرِ
يا سمراءُ
حُبُّكِ ساحِلِي الأبَدِيُّ
والبحرُ البَرِيءُ مِنَ الخطايا
حُبُّكِ الآنَ الكَثَافَةُ في رُؤايَ
ورِحْلَتي نَحْوَ اليَقِينِ ..
حنانُ رُوحي
حِينَ تَحْضُنُهَا سَمَاؤُكِ
بينَ زَنْدِي وَارْتِعَاشاتِ المرايا
ليسَ ليْ إلا ظِلالُكِ في الهَجِيرِ ..
وليسَ ليْ إلا دِثَارُكِ في الشتاءِ ..
وليسَ ليْ إلا رَبِيعُكِ ..
لم نَزَلْ نَطْوِي المَدَى بِنَشِيدِنَا
ولنا الهواءُ الطَّلْقُ
لا عَفَنُ الزَّوَايا ...
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> إسْرَاء ..
إسْرَاء ..
رقم القصيدة : 67138
-----------------------------------
أمشي وتَصْحَبُنِي اليَمامَةُ
والبَنَفْسَجَةُ الحَزِينَةُ
والخريفُ
وبُلْبُلُ العُشِّ الفَقِيرِ
وغَيْمَةٌ تَتْلُوْ مَواجِعَهَا
وحُبٌّ ليسَ يَرْحَمُهُ الشتاءْ ..
فإذا فَتَحْتُ البابَ
تَرْمُقُنِي بِنَظْرَةِ رُوحِهَا
وأرى ابْتِسَامَتَها تُضِيءُ ليَ الضِّيَاءْ ..
وتَمُدُّ كَفَّيْهَا لأحْمِلَهَا فَتَحْمِلُنَا السماءْ ..
أنسَى رِفَاقَ الدَّرْبِ
تَسْرِي بيْ (حنانُ الرُّوحِ )
مِنْ ألَمِيْ إلى حُلُمِيْ
على فَرَسِ النَّقَاءْ ...
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> تَجلِّياتٌ في حُضورِ الغائِبَين ..
تَجلِّياتٌ في حُضورِ الغائِبَين ..
رقم القصيدة : 67139
-----------------------------------
(1/17411)
________________________________________
سأكونُ أَفضَلَ
لو وجدتُكِ مثلما قد كُنتِ
هادئةً ومُشعِلةً حنيني..
سأكونُ أفضلَ
لو أَويتِ بِصوتِكِ الفَجْريِّ نحوي
وَاسْتَضأْتُ بِبِضْعِ نَجْماتٍ
تُحيطُ بِاِسْمِكِ الِمصباحِ
يَسْكُبُ فوقَ ليلِ عوالمي
نورَ الجُنونِ..
لا شيءَ يَدعُو لِلفراغِ
وعطرُ أيلولَ اللطيف
تُثِيرُهُ أنفاسُكِ الحَيرى..
ونحنُ الغائِبَانِ الشَّاهِدانِ
نُرمِّمُ الذِّكرى
وَنَسْتَلُّ النَّشيدَ
منَ الأنينِ ..
لَسْنا نُحَدِّدُ وِجْهَةً
لِتَجَلِّياتِ شُعُورِنا في الأمْكِنَهْ ..
رُوحي ورُوحُك
مَوجَتَانِ
تُعادِلانِ الماءَ يَجْري في عُروقِ الأزمِنَهْ..
قدْ نَلْتَقي..
أو نُمْهِلُ الأيامَ
حتى تَسْتَعِيدَ بهاءَها القُدْسِيَّ
فينا..
لا نَؤُولُ إلى نِهاياتٍ
وَنَحْتَضِنُ البِدايةَ
فالبِدايةُ أُمُّنا..
أو ربَّما ابْنَتُنا التي
حَمَلَتْ بها الرُّوحُ القَصِيَّةُ
في فَضاءاتِ اسمِك الآتي
منَ الفَرَحِ الحزينِ ..
وإذا الْتَقَيْنَا
فَاخْضِلالٌ في الجِهاتِ ..
تَوهُّجٌ في الأُمنياتِ ..
وَبسْمةٌ
أو دمْعةٌ
لا فَرْقَ بَينَهُما
إذا احْتدَمَ التَّألُّقُ في العُيونِ..
لا شيءَ يَدْعو لِلفَراغِ
إذا تَأَمَّلْنا التَّحوُّلَ
في صدى أيلولَ
والأمطارُ تَهْطِلُ
لا تُبَلِّلُ ما ارْتَدَيْنَا
مِنْ ثِيَابِ نِهايَةِ الصيفِ الغريبِ..
وإنَّما في العُمقِ يَبْتَلُّ الحريرُ..
وَسَوسَناتُ الخَوفِ مِنْ وَجَعٍ مَضى..
ويَمامةُ الحُلُمِ الشَّفِيفِ
وما انْقَضى
مِنْ أُمسياتِ الاِمْتِلاءِ بِكَوثَرِ الأشواقِ..
وَقتٌ مُتْرَعٌ
يَسْعَى إلينا عندما نَدْعُوهُ..
لكنْ كُلَّما اقْتَرَبتْ
ظِلالُكِ منْ ظلالي
أشرقتْ شمسٌ..
ومَدَّتْ حُزنَها
مهْداً لِمُنْصَهِرٍ تُقَطِّرُهُ الليالي
منْ عُروقي..
لم تكنْ كلماتُكِ الأُولى
سِوى لُغتي التي احْتَضنَتْ وُلُوعي
بِالأُنوثةِ حِينَ تَدْفَعُني
لأَكْتُبَ بالزَّنابِقِ
فوقَ صوتِ الياسَمينِ
قصيدةً
لِتَوَهُّجِ الذَّاتِ الخَفِيَّةِ
(1/17412)
________________________________________
تحتَ أمواجِ السكونِ..
الوقتُ مُمتَلِئٌ بنا..
والدربُ مُنْبَسِطٌ لَنا..
لكنَّنا
لَسْنا هُنا..
كُلٌّ يُوَحِّدُ ما تَفرَّقَ منْ مشاعرِهِ
وَيَنْحِتُ وَجْهَ حاضِرِهِ
بِحَجْمِ تَألُّقِ القَمَرَينِ فينا..
لا نُفَسِّرُ ما جرى..
بلْ نَكْتَفِي بِالاِنْحِناءِ
لِمَا يُهَيِّجُهُ الخريفُ منَ الحمائمِ
حينَ يُسْكِرُها
فَتَقْتَرِفُ الهديلَ
على مَتَاهَاتِ الغُصُونِ..
أنا رُبَّمَا مُسْتَأْنِسٌ
بِنُوَاحِ أيلولَ المُثِيرِ
لِفَقْدِنَا نُورَ الجُنُونِ..
لكنَّنِي سَأكُونُ أَفْضَلَ
لو وَجَدْتُكِ
مِثْلَمَا قدْ كُنْتِ
هادِئَةً
ومُشْعِلَةً
حَنِينِي ...
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> مَعَهُ في مَرَاتِبِ صُعُوْدِهِ ..
مَعَهُ في مَرَاتِبِ صُعُوْدِهِ ..
رقم القصيدة : 67140
-----------------------------------
إلى الشيخ الشهيد أحمد ياسين
إِنَّهُ الفَجْرُ الذي يَمْتَدُّ
مِنْ قَبْلِ عُمَرْ ..
بَاحَ يَوْمَاً لِعَلِيٍّ بِانْتِهَاءِ الأَرْضِ..
فَجْرٌ حَارِقٌ.. رَطْبٌ..
نَسِيْنَا وَجْهَهُ الغَيْبِيَّ..
لَمْ نَفْهَمْهُ
أو نَحْذَرْهُ..
أَغْلَقْنَا عَلَينَا البابَ..
نِمْنَا ..
أو سَهِرْنَا..
إنَّها شمسُ الضُّحَى
ما ثَمَّ فَجْرٌ
إنَّهُ وَهْمٌ
عَبَرْ ..
لم نَجِدْ لِلْقُفْلِ مِفْتَاحاً
جَلَسْنَا تَحْتَ ثَقْبِ البابِ
نَرْنُو لِلصُّوَرْ !..
* * *
لَمْ يَكُنْ إلاَّ طَلِيقَاً
رَاسِخَاً فَوْقَ المَدَى ..
عِطْرُهُ القُدْسِيُّ يَسْرِي
في عُرُوقِ الكَوْنِ
لَمْ يَذْهَبْ سُدَى ..
بَلْ تَجَلَّى آيَةً لِلصَّحْوِ
وَالبُشْرَى لَنَا ..
كانَ ذا كَشْفٍ
يَرَى بِالقَلْبِ
والعَيْنَيْنِ
ما يَخْفَى على إِحْسَاسِنَا العَفْوِيِّ..
كُنَّا
بَعْدَهُ دَوْمَاً
ويَبْقَى قَبْلَنَا ..
* * *
مَرَّ ..
لا ما مَرَّ ..
بَلْ أَعْطَى لِهذا الدَّرْبِ اِسْمَاً
ثُمَّ قَالَ: اسْتَبْدِلُوا أَسْمَاءَكُمْ
إنْ كُنْتُمُ الأَحْيَاءَ عِنْدَ اللهِ ..
(1/17413)
________________________________________
لَمْ يَتْرُكْ لَنَا إِرْثَاً
سِوَى أَنْ نَصْنَعَ الزِّلْزَالَ
مِنْ صَوْتٍ إِلَهِيٍّ يُدَوِّي في السَّحَرْ !..
مَرَّ في الأَعْرَافِ ..
في الصَّوْتِ اللَّطِيفِ..
الحُبِّ..
في الرِّضْوَانِ ..
في الجَنَّاتِ ..
أَفْنَاهُ الوُجُودُ .. الشَّيْخُ ..
فَاسْتَلْقَى شَهِيْدَاً قَائِماً
في ظِلِّ بَابِ العَرْشِ..
لَمْ يَتْرُكْ لَنَا إلاَّ طرِيقَاً
نَقْتَفِي مِنْهَا الأَثَرْ ..
* * *
مَحْوُهُ صَعْبٌ ..
وإِنَّا لَمْ نَذُقْ ما ذَاقَهُ يَوْمَاً
مِنَ العِشْقِ الحِقِيقيِّ
الذي أَعْلاهُ فوقَ الأَرْضِ ..
لا يَمْشِي كما نَمْشِي ..
ويَطْوِي الأرضَ إذْ يَخْطُو ..
ويَمْضِي سَائِراً في البَسْطِ
نَحْوَ الاِنْعِتَاقِ ..
الرُّوْحُ قدْ تُعْطِي ثِمَارَاً
عِنْدَما تَعْلُوْ ..
وهذا الجِسْمُ فَرْعٌ
لَمْ يَكُنْ لِلْخُلْدِ
بَلْ لِلأَرْضِ كي تَبْقَى ..
فَكُنْ للأرضِ إذْ تُؤْوِيْكَ ..
كُنْ لِلشَّيْخِ إذْ يُعْطِيكَ
دَرْسَاً في أُصُولِ الرُّوْحِ
في جِسْمِ القَمَرْ ..
قَدْ وَجَدْتَ الآنَ مِفْتَاحَاً ..
خَرَجْتَ الآنَ ..
لَنْ يُمْحَى الأَثَرْ !..
لا تَقُلْ : قَدْ مَرَّ فَجْرٌ ..
إنَّهُ الفَجْرُ الذي يَمْتَدُّ
مِنْ قَبْلِ
عُمَرْ !...
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> بَعْثٌ منْ وَطَنِ الحَبِيْبَة ..
بَعْثٌ منْ وَطَنِ الحَبِيْبَة ..
رقم القصيدة : 67141
-----------------------------------
عَمَاءٌ يُغَلْغِلُ تَحْتَ الصُّدُوْرِ
هُنَا حَيْثُ تَرْتَعُ كُلُّ الفَجَائِعِ..
أينَ الحَقِيقَةُ ؟!
نَنْظُرُ .. نَنْظُرُ نَحْوَ الضِّيَاءِ
فَلاَ نُبْصِرُ...
كَأَنَّا وُئِدْنَا
فَلا نَتَنفَّسُ إِلاَّ عُفُوْنَةَ أَجْسَادِنَا
ولا نَتكَلَّمُ حِينَ نَجُوعُ لِلَحْظَةِ صَحْوٍ..
ولا نَسْتَحِمُّ وَلا نَطْهُرُ...
وفي الأرضِ نَعْبَثُ
لا نَسْتَقِرُّ على هَيْئَةٍ..
ولا نُدْرِكُ المَوْتَ
حِينَ يَمُدُّ إِلَيْنَا لَظَاهُ..
(1/17414)
________________________________________
وَلَسْنَا نُقَدِّرُ عُمْقَ الحُفَرْ..
وفي الشَّرْقِ يَكْمُنُ
لِلشَّرْقِ يَزْحَفُ
سَيْلُ رُعَاةِ البَقَرْ
ولا نَحْذَرُ..
نَزِيْفُ الخَوَاءِ تَسَرَّبَ مِنَّا
فَحَيْثُ حَلَلْنَا
خَوَاءً على طَلْعَةِ الفَجْرِ نَقْطُرُ!..
* * *
عَمَاءٌ..
وَإِنِّي أَعُوذُ بِحُبِّي الخَفِيِّ النَّقِيِّ
الذي مَسَّهَا
ذَاتَ يَوْمٍ
فَصَارَتْ أَحَنَّ عَلَيَّ
وَقَدْ صَيَّرَتْنِي أُحَلِّقُ فيها
إلى المُنْتَهَى..
أَعُوْذُ بِوَجْهِكِ
إِنَّ وُحُوشَ الخَرَابِ كَثِيرَهْ..
وإنَّ البَنَفْسَجَ والأُقْحُوَانَ
وكُلَّ الأَزَاهِيرِ
أَضْحَتْ أَسِيْرَهْ..
هُنَا حَيْثُ أنتِ وِسَادَةُ شِعْرِي
أَرَى في مَصِيرِيَ مَا يُزْهِرُ...
فَلَوْلاَ تَجَلِّيْكِ مَنَّاً وَسَلْوَى
عَلَى الجُوْعِ فِيَّ
فَهَلْ أَصْبِرُ ؟!...
لَقَدْ أَتْعَبُوْنَا بِفَقْدِ الحَقِيقَةِ
نَنْظُرُ .. نَنْظُرُ نَحْوَ الضِّيَاءِ
فَلاَ نُبْصِرُ!..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> طَرِيْقُ الشَّمْس ..
طَرِيْقُ الشَّمْس ..
رقم القصيدة : 67142
-----------------------------------
طَرِيْقٌ مَا بِهَا عَابِرْ..
وَصَوْتُ الفَجْرِ
يُلْقِي النُّوْرَ مِنْ حَوْلي
وَهَا أَمْشِي بِكُلِّ يَقِينْ..
عَلَى مَهَلٍ
أُسَرِّعُ خُطْوَتي العَطْشَى
وَأَحْمِلُ وَجْهَكِ المِسْكِيْنْ..
لَعَلِّي
أُنْعِشُ الخَاطِرْ
إذا مَا عَرَّجَتْ رُوْحِي
عَلَى الشُّهَدَاءِ في جِينينْ...
هُنَالِكَ لَيْسَ لي قَبْرٌ
سِوَى في صَرْخَةِ الثَّائِرْ...
كَذَلِكَ لَيْسَ ليْ بَعْثٌ
سِوَى مِنْهَا
ولَيْسَ تَلِيْنُ
حِيْنَ أَلِيْنْ...
هُنَالِكَ يَبْدَأُ التَّكْوِيْنُ
بِسْمِ اللهِ:
إِنَّ القُدْسَ مُنْجِبَةٌ
عَذَارَى البَوْحِ
وَالشُّهَدَاءِ..
بَاعِثَةٌ
رِجَالَ الفَتْحِ..
قَاصِمَةٌ
ظُهُوْرَ الخَارِجِيْنَ على شَرِيْعَتِهَا..
وفَاتِحَةٌ
طَرِيْقَ الشَّمْسِ..
مُخْصِبَةٌ
خَيَالَ الطِّفْلِ
وَالشَّاعِرْ!..
لَعَلِّي
(1/17415)
________________________________________
أُنْعِشُ الخَاطِرْ
إِذَا مَا أَنْحَنِي يَوْمَاً على يَدِهَا
أُقَبِّلُهَا..
وَأَمْسَحُ عَنْ جَبِيْني العَارَ..
أَسْحَقُ حَوْلَهَا التِّنِّينْ ..
* * *
وماذا بَعْدُ ؟
قَدْ نَبَشُوا رُفَاةَ النَّخْلِ..
قَدْ رَدَمُوا صِهِيْلَ النَّهْرِ..
أَشْبَاحٌ تَدُقُّ الطَّبْلَ في الظَّلْمَاءِ..
لا نَمْلٌ
يُحَذِّرُ بَعْضُهُ بَعْضَاً..
ولا مِنْ هُدْهُدٍ
قَدْ عَادَ يَحْمِلُنَا
لِكَيْ نَسْعَى بِكُلِّ يَقِينْ..
ومَا زَالَتْ طَرِيقُ الشَّمْسِ
تَسْتَجْدِي لها عَابِرْ..
على مَهَلٍ أُسَرِّعُ خُطْوَتي العَطْشَى
وَأَفْدِي وَجْهَكِ المِسْكِينْ
لَعَلِّي
أُنْعِشُ الخَاطِرْ
إذا ما عَرَّجَتْ رُوْحي
على الشُّهَدَاءِ
في جينين ..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> بَوْحٌ لَيلِيٌّ في انْتِظَارِ نَهَار ..
بَوْحٌ لَيلِيٌّ في انْتِظَارِ نَهَار ..
رقم القصيدة : 67143
-----------------------------------
في اللَّيْلِ تُقْتَرَفُ الحِكَايَاتُ الطَّوِيْلَةُ
أَيُّها المُصْغِي تَحَمَّلْ!
رَيْثَما يَرْتَدُّ مَاءُ الفَجْرِ
يَمْحُو كُلَّ ما قُلْنَاهُ..
يَغْسِلُنَا
مَنَ القِصَصِ القَدِيْمَةِ
عِنْدَهَا نَمْضِي لَنَبْتَكِرَ الجَدِيْدَ..
وَنَنْزَوِي في الكَوْنِ
أَكْبَرَ كَوْكَبَيْنِ
يُرَاقِبَانِ الشَّمْسَ عَنْ كَثَبٍ
وَنَكْتَشِفُ الحَقِيقَةَ
في اخْتِفَاءِ الجَمْرِ مِنْ دَمِنَا
وَنُدْرِكُ أَنَّنَا البَطَلاَنِ
في كُلِّ الحِكَايَاتِ التي تَهَبُ الحَيَاةَ
لِمَنْ يَتَابِعُهَا
وَتُشْعِلُهُ لِيُصْبِحَ
كَوْكَبَا..
كُنَّا صِغَارَاً في الرَّبِيْعِ
ولَمْ نَزَلْ في نَبْضِنَا الشَّتَوِيِّ
أَطْفَالاً
فَهَيَّا نَتْرُكِ الأَعْبَاءَ في رُكْنٍ قَصِيٍّ
لَمْ تَزَلْ لِلطِّفْلِ طَاقَتُهُ
لِيَنْسَى حُزْنَهُ في اللَّيْلِ
هَيَّا نَسْتَعِدْ بَعْضَ الطُّفُولَةِ
كَيْ نَعِيشَ
وَنَلْعَبَا ..
في وَجْهِنَا كُلُّ النُّبُوْءَاتِ التي تَكْفِي
(1/17416)
________________________________________
لِتَجْعَلَنَا مِنَ الأَخْيَارِ
في هذا التَّعَرِّي مِنْ حَرِيْرِ المُعْجِزَاتِ
ولَمْ يَزَلْ أَحَدٌ هُنَا
مُتَلَفِّعَاً بِالصُّوْفِ في أَعْمَاقِهِ
لكنَّ حَوْلَ البَيْتِ
أَشْبَاحَاً
تُؤَسِّسُ لانْهِيَارِ البَيْتِ
كَيْ يَأْسَى جَمِيعُ الطَّاهِرِيْنَ
فَنُغْلَبَا!..
وَإِذَا غُلِبْنَا أُغْلِقَتْ في وَجْهِنَا
أَبْوَابُ مَنْفَانَا..
وَعِشْنَا كَالصَّعَالِيْكِ الحَضَارِيِّينَ
نَفْتَتِحُ القَصَائِدَ مِنْ هَشَاشَةِ نَبْضِهَا..
وَنُرَمِّمُ الأَيَّامَ كي نَحْيَا
وَنَأْكُلَ وَهْمَنَا
نَغْدُو ضِعَافاً
يُصْبِحُ البَيْتُ الذي نَبْنِيْهِ
كَهْفَاً مُرْعِبَا...
فَانْظُرْ إِلَيَّ تَرَ انْدِيَاحَكَ في عُيُوْني..
أَيُّها المُصْغِي إِلَيَّ
نَهَارُنَا آتٍ..
وَفِيْنَا مِنْ يَنَابِيْعِ الأُلُوْهَةِ
مَا يُرَوِّي قَفْرَنَا الوَحْشِيَّ
يَجْعَلُهُ لِعَذْرَاوَاتِ رُوْحَيْنَا
فَضَاءً مُخْصِبَا...
وَهُنَاكَ تُقْتَرَفُ الحِكَايَاتُ الجَمِيْلَةُ
تَغْمُرُ الأَكْوَانَ
حَتَّى تَسْتَعِيدَ وُجُودَهَا في اللَّيْلِ
لا أَرْضٌ تَضِيْقُ على كِلَيْنَا
إِنَّهُ الإِنْسَانُ
أَصْبَحَ أَرْحَبَا..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> الشَّاعِر ..
الشَّاعِر ..
رقم القصيدة : 67144
-----------------------------------
ذَرَّةٌ مِنْ قَلَقِ الشَّاعِرِ تَكْفِي
لِتُحِيْلَ الكَوْنَ وَجْهَاً لِقَصِيْدَهْ...
فَتَأَمَّلْ أَيُّهَا السَّارِحُ في وَجْهِ البَعِيْدَهْ..
وَانْتَثِرْ في الصَّفْحَةِ البَيْضَاءِ
إِيْقَاعَ شُجُوْنٍ..
وَانْتَظِرْ في فُسْحَةِ الغَيْبِ
تَرَاتِيْلَ جَدِيْدَهْ..
كُلَّمَا أَطْلَقْتَ سِرْبَاً مِنْ دُمُوْعٍ
فَوْقَ مَوْجِ البَحْرِ
فَاحْلُمْ
أَنْ يَصِيْرَ الدَّمْعُ في البَحْرِ
جَزِيْرَهْ..
حَوْلَهَا الأَمْوَاجُ حَيْرَى
وَفَقِيرَهْ..
وَعُيُوْنُ الشِّعْرِ فِيهَا لا تَنَامُ..
إِنَّما الشِّعْرُ عَلَى الرُّوْحِ
سَلاَمُ!..
(1/17417)
________________________________________
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> إسراءٌ إلى صَلَوَاتِ الرُّوْح ..
إسراءٌ إلى صَلَوَاتِ الرُّوْح ..
رقم القصيدة : 67149
-----------------------------------
وإذا كانَ الأمرُ كذلكَ
فاذهبْ أنتَ وما يَعُروكَ
مِنَ الذَّوبانِ على أعتابِ الطيفِ
إلى المعسولِ مِنَ الأحلامِ..
ولا تَتَأخّرْ في تمويهِ الحزْنِ
بِغُرْبةِ أفراحِ الأطفالِ
أمامَ عُبوسِ الشمسِ
وزَمْجَرَةِ الْقمرِ المحروقِ..
فما لي مِنْ عَتَبٍ أُلقيهِ عليكَ
وَلَيْسَ عليكَ مِنَ التكليفِ
سَوَى التَّلْطِيفِ
هُنَا فِي جَوِّ الأَبْخِرَةِ السَّوْدَاءِ
تَجَلَّدْ يَا صَوتَ أَنَايَ!
تَأَبَّدْ فوقَ الأفلاكِ
وَمَا يَتْبعُهَا مِنْ سُحُبِ الْمَجْهُولِ..
أَمَامَكَ تَلْهَثُ آفاقٌ..
وصُدورٌ تَزْفِرُ مَا يُنْعِشُ كُلَّ الأحياءِ..
وأنتَ الحيُّ..
بما أُوتيتَ منَ الشَّغَفِ الْفِطْرِيِّ
بِمَاءِ الْهجرةِ..
هَاجِرْ حتّى تَهَبَ الأرضُ لكَ الْمَحْجُوبَ
مِنَ الْمَكْتُوبِ..
وحتّى يَنْبَسِطَ الْمُتَرَاكِبُ
مِنْ أيّامِ الحُبِّ..
وتبكي كُلُّ عُيونِ الْحُسْنِ
قصائدَ رُوحِكَ..
لاَ تَتَأخَّرْ في تَمْويهِ الحُزْنِ
ببعضِ الزُّخْرُفِ..
حانَ الوقتُ لكي يبتسمَ الكونُ
لدى إشراقِكَ
مِنْ عَيْنَيْ سمرائِكَ
تلكَ الجَذْلى
رغمَ أنينِ سَنَابِلها في الليلِ..
ورغمَ بُكَائِكُمَا الْمُتَواصِلِ في الأعيادِ..
تَرَاهَا تَحْمِلُ مَا يترامى
مِنْ كُثْبَانِ جُنُونِكَ
في لحظاتِ عويلِ الأعصابِ
وخَوْفِ الفاقدِ
أنْ يَتَمَادَى عَطَشُ الْفَقْدِ
فيغرُفَ آخرَ جُرْعَةِ ماءٍ
فِي جَوْفِ الإحساسِ
فَيُلْقَى كالمنبوذِ على أرضِ الْخُسْرَانِ..
تَراهَا تَرْفُو مَا يَتَشقَّقُ
مِنْ إِسْتَبْرقِ حُبِّكُمَا..
وتُذَهِّبُ مِنْ جَدْوَلِ بَسْمَتِهَا العيشَ
فَتَزهُو بينَ الليلِ ومَا يَتْلُوهُ
جميعُ خلايانا وتُصفِّقُ
لِلْخَدَرِ الحيويِّ
يَفيضُ على الرُّوحِ الْمُنْسَابةِ
حتّى آخر قَصْرٍ في أعماقِ البحرِ
(1/17421)
________________________________________
تُعانقُ فيهِ الحُوريّاتُ مَصَائِرَهُنَّ..
ولا يُكْثِرْنَ مِنَ الإعراضِ عنِ الملهوفِ..
يَزِدْنَ البحرَ مُسَالمَةً للنَّاسِ..
يُعِدْنَ السُّفُنَ
يُعِدْنَ الْمُدُنَ
إِلَى الأصحابِ..
يَقُلْنَ الشِّعْرَ..
وَيَذْكُرْنَ التَّاسعَ مِنْ شهرٍ ميلاديٍّ
حيثُ تَأَرَّجَ منكَ الشَّوقُ
فَرُحْتَ تَحُثُّ العامَ الثالثَ مِنْ ذِكْرَاكَ
لِيَجْرِي بِخُطَاكَ إِلى المولودةِ
تبكي مَعَها بضْعَ هُنَيْهاتٍ
وَتُسَافِرُ وحدَكَ..
تَسْكُنُهَا..
وَتُراكِمُ خلفَكَ مِنْ أيّامِ التَّوْقِ
أنيناً وقصائدَ لا تَتَخلَّى
عَنْ تسبيحِ اللهِ بوجهٍ
يَخْلُقُ في فَلَواتِ شُعُورِكَ
سِرْبَ فراشاتٍ وحمائمَ
هامتْ في عَبَقِ الأسْرَارِ
وإيقاعِ الأملِ المُتَوقِّدِ بينكُمَا
منذُ حُلُو لِكُمَا بَدْرَينِ
لِشمسٍ واحدةٍ في فَلَكِ الحُبِّ..
وها قَدْ عُدْتَ إليها الآنَ
وَقَدْ عادتْ تلكَ المولودةُ
حاملةً كُلَّ الْمُتَمَنَّى..
فَلْتَهْنَأْ فِي رَشْفِ الْمَعْنَى..
وَلْتشكُرْ مَنْ فَاضَ عليكَ
وَجَلاَّهَا مَا بينَ يديكَ
وَأعْطَاهَا بَسْمَتَهَا الْوَسْنَى..
حَتَّى تُخْضِعَ مَنْ يَتَمَرَّدُ فِي مملكةٍ
منذُ ابتدأَ العالمُ تُبْنَى..
كانتْ تَنْسُجُ ثَوْبَ حَنينِكَ
تَفرِشُ سَجَّادَ الْمَعْسُولِ مِنَ الأحلامِ
تُهَيِّئُ مَأْوَى لأَمَانيكَ..
وتُعْلِنُ فِي التَّاسِعِ مِنْ شهرٍ ميلاديٍّ
لِمَرَايَاهَا أَنَّكَ آتٍ
بعدَ هيامِكَ فِي غاباتِ الْفِتْنَةِ
وَتَنَاسِيكَ العامَ الثَّالثَ مِنْ ذِكْرَاكَ
وَقَدْ أغراكَ نَدَاهَا الأسمرُ
يومَ نَهاكَ عنِ الجَرَيانِ
إِلَى الصَّحْرَاءِ لِتَهْلِكَ فيها..
كَانَتْ تعرفُ مَا يُنْجِيكَ
وَمَا يُبْقيكَ على قيدِ اللغةِ الشِّعْريّةِ
وَالإِسْرَاءِ إِلَى صَلَواتِ الرُّوحِ
أمَامَ الأَحْرُفِ
كي تَتَخَلَّقَ جَنَّاتٍ وَعَذَارَى
يَبْدَأُ مِنْ وَرْدِ ضَمَائِرِهنَّ الْعَيْشُ
وَيُخْتَتَمُ الْقَلَقُ الْمُتَراكمُ منذُ وُجُودِكَ..
(1/17422)
________________________________________
كَمْ يَتَأَرَّجُ مِنِّي الشَّوْقُ
لأَعْرِفَ أكثرَ مِمَّا أعرفُ
عَنْ ميلادِكِ فِيَّ..
وَعَنْ سَفَرِي مَا بَيْنَ يديكِ
إِلَى عينيكِ لأُولَدَ ثانيةً
وَأَموتَ لأُولَدَ
أكثرَ نُوراً وَحِكَايَاتْ!..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> في طريقٍ لَمْ يَخُنَّا ..
في طريقٍ لَمْ يَخُنَّا ..
رقم القصيدة : 67150
-----------------------------------
في طريقٍ لمْ يَخُنَّا
لم نَزَلْ نروي يَمامَ الصَّيفِ مِنَّا..
وَانْدِيَاحُ الحُلْمِ في أَرْجَاءِ مَنْفَانَا
يُثيرُ الأرضَ كي تَخْضرَّ جَنَّاتٍ..
كَأنَّا في صَميمِ المُدْهِشِ العَالي
رَمَتْنَا وردةُ الأقدارِ
وَاجْتَازتْ إلينا
مَا قَطَعْنَا مِنْ سِنِيِّ العُمْرِ..
ضَمَّتْنَا.. فَكُنَّا
مِنْ جديدٍ كوكَبَيْ حُبٍّ..
ونبكي عندما يَخْتَارُ عَنَّا
زَادَنَا الرُّوحيَّ..
لا نَقْوى على نَزْفِ النَّدى
فِي صُبْحِنَا الغافي على إِحْسَاسِنَا بالكونِ..
مَغْلُوبينَ صِرْنَا
منذُ أَنْ مِلْنَا مَعَ الرَّيحانِ فِي الوجْدانِ..
هذا صوتُنا الواهي
ونَحْمي دائماً حُلْماً تَجَلَّى بينَنا
جِسْماً ورُوحَاً..
وَانتهى عهدٌ منَ الإعصارِ والنَّجْوَى
ونَقْرِ الصُّدْفَةِ الحَمْرَاءِ
فَوقَ الشَّهْوةِ الْمُلْقَاةِ فَوقَ الرِّيحِ..
خُنَّا حينَهَا مَا نحنُ فيهِ الآنَ
مِنْ تَوْحيدِ رُوحَيْنَا على ذاتِ السَّجَايا..
وانتهى عَهْدٌ منَ الآتي..
كأنِّي قَدْ فقدتُ الخوفَ مِنْ ظِلِّي
أمامَ الشَّمْسِ..
ما معنى صَلاَتي
فوقَ ما أَذْرُوهُ مِنْ شَوْقيْ
على أَلْطَافِكِ السَّمْراءِ
شِعْرَاً يُرْعِشُ الأَعصابَ
يَغْشَى صَوْمَنَا العاري أمامَ اللهِ..
صَيْفَاً عابثَ النيرانِ
يُدْلي دَلْوَهُ بالجَمْرِ في أَوْصَالِنَا..
ضَعْفاً يُضَاهي قُوَّةَ الحُرِّ الذي كُنَّاهُ..
ما زلنا نُسَوِّي مَهْدَنا
لِلعالَمِ المفتوحِ للأنوارِ مِنْ كُلِّ الجِهَاتِ..
الغيمةُ اشتاقتْ خُطَانَا
(1/17423)
________________________________________
فَلْنَسِرْ فِي ظِلِّها دَهْراً وَدَهْرَاً
رَيثما نَحْظَى بِتَفْسِيرٍ
لِمَا يَجْرِي مِنَ الأنهارِ
فِي أرضٍ يُرِينَا جَوْفُها
أَصْلاً لِخَفْقِ الجُوعِ فِي أحداقِنَا
منذُ احْتِدامِ الحُبِّ فِي أرواحِنَا الأُولى..
جَهِلْنَا ما رَأَيْنَا غالباً
حَتَّى أَضَعْنَا كَنْزَنَا الْمَخْبُوءَ
فِي أبعادِنا العَطْشَى لنا..
ماذا نُريدُ الآنَ مِنَّا؟!
حَسْبُنَا ما نحنُ فيهِ الآنَ
مِنْ سَكْبِ الأماني في أباريقِ المَرارْ..
رُبَّما عِشْنَا الدَّمَارْ
في سُويعاتِ انهمارِ اليأسِ فوقَ النَّبْضِ
لكنْ كُلَّما اشتدَّ احتضارٌ بينَنا
انسابتْ على المرآةِ رُوحٌ
أينعتْ فيها الثِّمَارْ..
وَاحْتَوتْنَا
هَالةٌ مِنْ فَيْضِ مَا نَحْوي مِنَ الأقمارِ..
لَمَّتْنَا أيادي حُبِّنَا لِلهِ..
نَهْمِي بعدَها غيثاً علينا
باعِثَيْ خِصْبٍ..
فَضَاءَيْ نعمةٍ..
نَرْوي يَمَامَ الصيفِ مِنَّا
كُلَّما اشتدَّ احْتِضَارْ..
حَسْبُنَا هَذا..
سنبكي عندما نُلْغي مِنَ الآيامِ
نيروزَ الحكايَهْ..
عندما نَغْتَالُ عُصْفُورَ البدايَهْ..
عندما نَسْعَى بأيدينا إلى وَحْشِ النهايَهْ..
دَثِّرِيْني
كُلَّما لاَقَيْتِ بي ظِلاَّ غريباً
أو ملاكاً..
دَثِّرِي قُبْحي
بِقِطْعٍ مِنْ نشيدِ الحُبِّ..
ما أَعْلاَكِ إِذْ تُلْقِينَ فوقي
مِنْ حريرِ البَدْرِ سِتْرَاً
يَمْنَعُ الأشواكَ عَنِّي
كُلَّما في رِحْلَةِ الآثامِ
جَاسَتْ خُطْوَتي..
قَدْ صَارَ لي مَأْوىً ظَنَنْتُ..
الآنَ رُدِّيني إليكِ..
الآنَ رُدِّيني إليَّ..
الغيمةُ اشتاقتْ خُطَانَا
فَلْنَجِدْ مَا ذَابَ مِنَّا
فِي طريقٍ لمْ يَخُنَّا!..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> فَوْقَ سَحَائِبِ القَلَقِ ..
فَوْقَ سَحَائِبِ القَلَقِ ..
رقم القصيدة : 67151
-----------------------------------
عَلاَ أَرَقي
لُهاثُ العطرِ في دَمهَا..
وبَوْحُ نشيدِها المَسْكُوبِ في قَدَحي
صَلاةَ براءةٍ للحُبِّ..
(1/17424)
________________________________________
فَلأَشْرَبْ على مَهَلٍ
سُلافَ حنينها لِلفجْرِ..
هذا الكونُ لي وَحْدي
ولي وحدي
لُهاثُ العِطْرِ في دَمها
وَبَوْحُ نشيدِها.. والبحرُ..
لي غَرَقي..
هُنَا في سُمْرةِ الوَهَجِ
الذي يَنْسَابُ فوقَ رُطُوبةِ الكلماتِ
شَلاَّلاً يَجُوبُ رَحَابةَ الإحساسِ..
يَرْفَعُها
إلى العُصْفورِ
حيثُ تنامُ تحتَ جناحِهِ أُنْثَاهُ
فَلأَشْرَبْ على مَهَلٍ
قليلاً مِنْ كثيرِ الشِّعْرِ في عينيكِ..
وَلأَكْتُبْ قَصَائِدَنا
على أُفُقٍ منَ الفَرَحِ!
* * *
رهيفٌ بينَنا الإيحاءُ
حتّى آخرِ الأوتارِ
في قيثارةِ اللغةِ التي سَهِرَتْ
على شُرُفَاتِ أَحْرُفها
تُمهِّدُ للنجومِ الليلَ بالنَّغَماتِ..
تَشْحَنُها بريشِ النَّومِ
حينَ يُداعِبُ الأجفانَ..
تَغْفُو نجمةٌ..
تصحُو نُجومٌ خلفَها
ويدي على زَغَبِ النَّشيدِ الحُرِّ..
لا التَّشْبيهُ يُوصِلُني إلى بَلَدي..
ولا خَلَدي
جُنُونُ المُشْتَهي عُمُراً..
ولا الإِيغَالُ في تَرَفِ الخيالِ البِكْرِ
يُوصِلُني..
ولا فَرَسُ انطلاقِ الصَّمْتِ
فوقَ الصَّمْتِ
تحتَ الموجِ
بينَ الخوفِ والإيماءِ..
ـ أينَ الماءُ ؟
ـ في لغةٍ تَقُومُ الليلَ
باسْمِ الأعذَبِ الأَنْقَى
مِنَ اللحَظَاتِ...
يا سمراءُ!
مُدِّي ذاتَنَا مَهْداً
لِكُلِّ حمائمِ الأَبَدِ!...
* * *
صحوتُ على حَفيفِ الحُزْنِ
في كلماتِكِ الأُولى..
وشاهدَ غائبي معنىً
لِشَوْقِ حَضورِكِ النَّامي
على أغصانِ أَوْرِدَتي..
وها نحنُ اخْتَصَرْنَا النَّومَ في الطُّرقَاتِ
كي نَصْحُو على صَوْتِ اِخْضِرارِ العِطْرِ
في عَيْنَيْ صَبَاحِ الشَّامِ..
كمْ لليومِ مِنْ وَجْهٍ يُقابِلُنا
ومِنْ أُفُقِ!..
وكمْ منْ حالةٍ تَرْوي
غليلَ أوانِها فينا!
وكمْ مِنْ سَاحِلٍ يَمْضي
بعيداً عَنْ سَفِينتِنَا
لِنَقْرأَ آخرَ الصَّدَماتِ
فوقَ صُخُورِنا العمياءِ..
مَازِلْنَا نَذُوقُ الشَّهْدَ تحتَ المِلْحِ
فوقَ سحائبِ القَلَقِ..
لِنَهْطُلَ عَابِرَيْنِ على أَدِيمِ الليلِ..
(1/17425)
________________________________________
هلْ تَنْسَيْنَ ما كُنَّا؟!
وهَلْ كُنَّا؟!...
أَمَ انَّ الوَهْمَ أَخْرَجَنَا
مِنَ الظُّلماتِ..
لا أَدْري
سوى أنِّي عَلاَ أرقي
خيالُ فراشةٍ تبكي..
وتبحثُ في صَدَى صَوْتي
عَنِ الأَمَلِ الذي يَكْفِيْ
لِمِلْءِ حدائقِ الوجدانِ
بالزَّهَرِ الذي يَشْفي
نشيدَ عِنَاقِنا المَقْدُورِ
في ليلٍ أنيقِ الفَجْرِ يَسْكُبُنَا
على أُفُقٍ مِنَ الفَرَحِ...
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> في آخِرِ الأَعْلَى المُضِيء ..
في آخِرِ الأَعْلَى المُضِيء ..
رقم القصيدة : 67152
-----------------------------------
لا شيءَ يُذْكَرُ..
رُبَّما سَئِمتْ حُروفيَ منْ تَنَاسُلِهَا
وناشَدَني الغيابُ بأنْ أعودَ
لأَشْهَدَ الزلزالَ والموتى
وأنقاضَ الحنينِ..
ـ أَلَمْ تَرَ الأَهْوالَ بَعْدُ ؟!
ـ بَلَى.. ولكنِّي أُكابِرُ
عَلَّني أَحْظَى بِمَنْ يَسْمُو معي
فوقَ الخُرافَةِ والفَراغِ..
الوهْمُ باخرتي السجينَةُ..
مَنْ يُحَرِّرُني
لأَعْبُرَ مِنْ مَضيقِ العالَمِ السُّفْليِّ
نحوَ عَوالمِ اليَخْضُورِ والنَّهونْدِ؟!.
هذا هَاجِسِي القَدَرِيُّ دَوْماً
لا عُيُونُكِ..
فَاذْهَبي
حتّى أُتابِعَ رِحْلَتي
في آخِرِ الأَعْلى المُضِيءِ..
هُناكَ لي منْ شهرزادَ جَميعُها
لا بَعْضُها..
يا شهرزادُ تَخيَّلي وتَخَيَّلي
لِيَظَلَّ نَبْضُكِ يُطْرِبُ الأكوانَ..
وَانْسَجِمي معي..
وَتَقبَّلي
وَرْديْ على ما فيهِ منْ قَطَراتِ ذِكْرَى
أَرْجِعي
لي ما فَقَدتُ..
وأَبْعِدي عَنِّي جَميعَ العَاقِراتِ..
هُناكَ لي منها امتلاءُ جَدَاولي
بِزُلالِها
لا بالتُّرابِ..
وأنتِ باعِثَةُ السَّرابِ
وَلَدْغَةُ الفَشَلِ اللذيذةُ..
أنتِ آخِرُ رحلةٍ لي في غَبَاءِ الشَّوقِ..
عَلَّمَني التَّطرُّفُ في غُمُوضِكِ
أَنْ أَزِيدَ تَلأْلُؤَاً في الليلِ..
أنْ آوي إليها
هارباً منْ كُلِّ ما يدعُو إلى الموتِ المُباشرِ..
ـ كيفَ حالُكِ ؟
ـ لمْ تَزَلْ مَعْنَايَ مهما زادَنا
(1/17426)
________________________________________
التعقيدُ بُعْداً..
والذي عِشْنَاهُ لا نَنْسَاهُ..
لا تَعْشَقْ سِوايَ لكي يَظَلَّ لديكَ
دَاعٍ لي
إذا أَحْسَسْتَ يوماً بِانْقِرَاضِ الصُّبْحِ..
أَخْرَجَنا الرَّجِيمُ عَنِ الصِّراطِ
لِنَحْتَرِقْ فَرِحَيْنِ في جَنَّاتِ غُرْبَتِنَا..
أتينا طَائِعَيْنِ لِعَابِثٍ فينا
فَعَرَّفَنا علينا منْ جديدٍ..
غيرَ أَنَّ جُنُونَكَ البَريَّ قَدْ أَضْحَى مُخِيفاً
لِلنَّوارسِ قُرْبَ شُطآني
وعِطْرَكَ غَيَّرَ الإيقاعَ..
غَيَّرَني..
وَحَرَّفَ قِصَّتي مَعَهُ..
اسْتَعِدْني منْ ذُرَى غَرَقي
وَأَفْرِغْني مِنَ اللاشيءِ..
شَكِّلْني كما في المرَّةِ الأُولى
رأيتَ عَرائِشي..
والدَّمْعَ في عَيْنيْ
وَضَعْفي وَانْسِكَابي..
رُبَّما سَئِمَتْ حُرُوفُكَ منْ تَنَاسُلِها
لأِنَّكَ قَدْ سَئِمْتَ مِنِ اقْتِرَابي...
وأنا امتلأتُ إلى نهاياتي بِنَارِكِ
أو بِكَوثَرِكِ الحنُونِ..
تَكَاثَرْتْ حوليْ حَسَاسِينُ الغَرابةِ
فَانْطَفَأْتُ على يديكِ
كأَنَّني المِصْبَاحُ..
جَفَّ الزَّيْتُ يا زيتونَتي في اللا مكانِ..
تَرَكْتِني
حتَّى تَوَقَّدَ ظِلُّنَا باللهِ في المُسْتَقْبلِ الماضي
فَجَاءَ لِيَجْمَعَ المُتَغرِّبَيْنِ
على سُهُولِ النُّورِ فيهِ..
ويَبْدَأَ الزَّمَنَ الطَّرِيَّ..
الحُبُّ باخرتي الطليقةُ
والقَصَائِدُ حولَها تَسْعَى
لِتَسْكُنَ بينَنَا فيها
أَنَا لي أنتِ لا دُنْيا ضَبَابي..
يا شَهْرزادِيَ رُبَّما
سَئِمَتْ حُرُوفيَ منْ تَنَاسُلِهَا
لِبُعْدِكِ عَنْ غِيَابي..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> كانتْ هُنَا .. ومُؤكِّدَاتٌ أُخْرَى لأَحْوالٍ أَكيدَةٍ ..
كانتْ هُنَا .. ومُؤكِّدَاتٌ أُخْرَى لأَحْوالٍ أَكيدَةٍ ..
رقم القصيدة : 67153
-----------------------------------
حُبٌّ كانونيُّ الآهِ..
وعامٌ آخرُ يأتي بِسُكُونٍ
يَمْلَؤُهُ الصَّخَبُ المُترامي حَوْلي
فَرَحاً بِرَحيلِ الأيامِ الأَغْلَى..
بِرَحيلِ الطاولةِ البيضاءِ
(1/17427)
________________________________________
عليها آثارٌ مِنْ حُزْنِكِ حينَ ذَهَبْتِ..
لأُقْسِمُ أَنِّي قَدْ شَاهدتُ ملائكةً
تَسْرَحُ بينَ زبائنِ هذا المقهى
تبحثُ عَمَّنْ ذَهبتْ دُونَ رَفيقٍ..
كي تُعطيهَا آثارَ الحُزْنِ الفَاتنِ
أو تُخْبِرَهَا أنْ تَرْجِعَ في يومٍ آخَرَ
حتّى يَتَمازَج حُزْنَانِ غريبانِ شَهِيَّانِ
وَأَيلُولْ!..
لكنْ عادتْ بعدَ مُرورِ ثلاثِ سجائرَ
ودَنَتْ منِّي..
هَمَسَتْ في رِئَتَيَّ هواءً..
ثُمَّ رَمَتْ لي آثارَ الحُزْنِ وطارتْ..
طارتْ حتّى حَتَّ العِطْرُ النّازِفُ
منْ أجنحةِ النُّورِ صُخُورَ الأَمْسِ..
ونمتُ سعيداً ليلتَها
حتّى بَزَغَ الواقعُ في الأحلامِ
وشيءٌ فيَّ يَئِنُّ ويَرنُو بِذُهُولْ..
مالي الآنَ وأيلولْ!..
كنتُ أقولُ بِحُبٍّ كانونيِّ الآهِ
وعامٍ يأتي مُلْتَهِبَ الأعصابِ..
ومازلتُ وحيداً وقويّاً وطويلَ القامَةِ..
لا أَخْسَرُ رُوحي مِنْ أَجْلِ سَرابٍ
والريحُ أُكَوِّرُهَا بينَ يَدَيَّ
وأَرْميها لِلْخَلْفِ..
وَأَنْسى الماضِينَ..
وأُحْيي بينَ غُصُونِ الجُرْحِ
العُصْفُورَ المَقْتُولْ..
كنتُ سَأَبْسُطُ رُوحي بَرَّاً
لَلْقَدمَيْنِ الخَائِفَتينِ منَ المجهولْ..
لكنْ حينَ يُهاجِرُ ماءُ البحرِ وماءُ النهرِ..
وتَنْقِرِضُ الأحياءُ المائيةُ
يُلْغَى الشَّاطئُ والميناءُ
ولا يبقى في العَالَمِ يَنْبُوعٌ يَتَرقْرَقُ..
ماذا يبقى لي ولِرُوحي المبسُوطَةِ بَرّاً
لِلقدمَينِ الخائفتينِ؟
وما فائدةُ الحُبِّ
وتقديمِ الرُّوحِ بآنيةِ الفَخَّارِ؟
سَأُعْرِضُ عَنْ هذا
وأَغيبُ.. أَغيبُ إلى أنْ يَهْطُلَ فَجْري
بعدَ هُيَامي وتَلاشِيَّ وراءَ الغيمِ الأسودِ
عَلَّ الطفلَ ينامُ قليلاً
بعدَ السَّهَرِ المَغْلُولْ ..
* * *
كَانَتْ تَبْكِي..
والمدفأةُ الحائرةُ بِجَانبها تَتَثاءَبُ..
والقهوةُ تَفْشَلُ فِي إِرْضَاءِ الذَّوْقِ
فَيَلْتَحِمُ الفَشَلانِ عَلَى شَاهِدَةِ المَهْدِ
فَيَبْكِي الطِّفْلُ..
وتَرْتَبكُ الأَلْطَافُ
(1/17428)
________________________________________
تَمْوتُ الْوَمْضَةُ قَبلَ النُّورِ..
نَعُودُ كَمَا جِئْنَا..
وَنَجِيءُ كَمَا عُدْنَا..
وَنُحَاوِلُ تَسْويةَ الْمُتَماوِجِ فِيِنَا..
فَيُرِيْنَا النَّرْجِسُ بَعْضَ مَخَاوِفِهِ
إِنْ تَمَّ عِنَاقٌ بَينَ فَرَاشَاتٍ وَحُقُولْ!..
والثَّلجُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ الأَحْدَاثِ
بَرِيءٌ وَخَجُولْ..
لا يَملكُ إِلاَّ أَنْ يَتَسَاقطَ
فَوْقَ سُقُوطِ الرَّاعِشِ وَالمُتَوهِّجِ..
يَصْهَرُنِي هَذَا الْمُتَرَاكِمُ فَوْقَ نِدَاءَاتِي
فِي هَذَا القَفْرِ الوَاسِعِ فِي الضِّيْقِ المُمْتَدِّ
إِلَى مَا شَاءَ اللَّيلُ الوَاضِحُ..
وَابْنُ الرُّوميِّ وحيدٌ مِثْلِي
فِي قَارِعةِ القَهْرِ..
يَرَانِي فَيُعانِي ثُمَّ يَمُوتُ!.
أُرِيدُ العودَةَ..
أُمِّي فِي البيتِ..
أَخَافُ أَموتُ كبائعةِ الكبريتِ هُنَا..
والثَّلجُ يُغَطِّينِي..
واللَّيلُ يَمُرُّ
وَلاَ أَمَلٌ بِوُصُولْ..
كُنْتُ أَقُولُ بِحُبٍّ كانونيِّ الآهِ ِ
وَعَامٍ آخَرَ يأتِي..
وملائكةٍ تَسْرَحُ فِي أَيْلُولْ..
والثَّلْجُ بَرِيءٌ مِنْ كُلِّ الأَحْدَاثِ
بَرِيءٌ وَخَجُولْ..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> لا شيءَ يَخْفَى ..
لا شيءَ يَخْفَى ..
رقم القصيدة : 67154
-----------------------------------
بادٍ لِحَدْسِكِِ
ما أُخفيهِ مِنْ وَضَحِي..
مهما تكاثفَ ترتيلي لمعجزتي
في غابةِ الحزنِ
أو في غابةِ الفَرَحِ..
لا شيءَ يَخْفَى..
فَما واريتُ يَكْشفُني
وفي الكنايةِ بَوْحٌ
والمجازُ جَلاَ جُلَّ الحقيقةِ
والتَّشْبيهُ يَخْدَعُني
والرمزُ يَسْكُبُ كالمخمورِ صافيتي..
بينَ النُّجومِ تَراءى لي
وعَنْ كَثَبٍ
فوقَ الجبينِ وحولَ المُقلتينِ
وفي ليلي الجديدِ
كأنَّ الفجرَ يَسْكُنُهُ
لا رمزَ أوضحُ منِّي في مُحاورَتي
بَرْقٌ أنا يا ربابي..
يا انهمارَ دَمِي..
معنىً يُكوِّنُ في هذا الفراغِ رُؤىً
للِنحلِ.. لِلطيرِ... لِلأطفالِ...
والأَلَمِ...
* * *
جُرْحِي لجرحِكِ مَفْتُوحٌ
(1/17429)
________________________________________
ويُرْعِشُني
بردُ التنُّبؤ بالمقدورِ
فارتعشي مثلي
لِنعرُجَ منْ مأوىً يُشرِّدنا
حتّى نرى في الأعالي
كيفَ تَمتزجُ الرُّوحانِ أُغنيةً أُولى
وتتبعُها الأقمارُ ساجدةً
مِنْ هيبةِ النَّغمِ
حتّى نرى وَجْهَنا في أَصْلِ دَمْعتِهِ
في أَصْلِ بسمتِهِ...
في أوَّلِ الدَّربِ
هلْ تنسينَ خُطْوَتَنا الأُولى
وهاجِسُنا مرآةُ أسئلةٍ
تهفُو لأجوبةٍ تهوي مِنَ القِمَمِ ؟...
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> دَعِ الأَرْضَ خَلْفَكَ ...
دَعِ الأَرْضَ خَلْفَكَ ...
رقم القصيدة : 67155
-----------------------------------
بعيدٌ عنِ الحُبِّ..
والحُبُّ يَهْرُبُ مِنْكَ..
وما زلتَ تسهرُ دونَ نَديمِكَ
والليلُ كَلْبٌ.. وأَنتَ نَحيْلُ!...
بعيدٌ... وشِعْرُكَ يهربُ منكَ
وأُمُّكَ تهربُ.. والكونُ يَهْرُبُ ..
مَنْذَا يراكَ ؟.. ومَنْذَا تَراهُ ؟...
وأنتَ خريفُ خريفِكَ..
أنتَ رمادُ رمادِكَ..
أنتَ التَّأَرْجُحُ بينَ الطريقَيْنِ..
والليلُ يَنبَحُ بينَ عِظَامِكَ...
لنْ تَسْتَقِرَّ على مَنْ تُعيدُكَ منكَ إليها..
ولنْ تستقرَّ على مَنْ تُغَلِّقُ أبوابَها...
دَعِ الأرضَ خلفَكَ..
لنْ تَسْتَطيلَ رُؤَاكَ عليها..
ألستَ تُحِسُّ بأنَّ يديها
تَصُبَّانِ فوقَكَ أَوْصَابَها ؟!..
تَمدَّدَ جُرْحُكَ يا قِطَّ لَيْلِكَ
ماذا تركتَ لِمَنْ سوفَ يأتي لِيَشْهَدَ مَوْتَكَ
ماذا أَخَذْتَ ؟
وكيفَ تُحاوِلُ أَنْ تَسْتَفيضَ بِرُوحِكَ
رُوحُكَ أَوْسَعُ مِمَّنْ تُحِبُّ...
وأنتَ بعيدٌ عنِ الحُبِّ..
أنتَ مَتَاهٌ طويلُ...
دَعِ الأرضَ خَلْفَكَ فَالخَيْلُ ماتَتْ
وماتَ الصَّهِيْلُ...
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> عَلَى مَهْبطِ الرُّوْحِ ...
عَلَى مَهْبطِ الرُّوْحِ ...
رقم القصيدة : 67156
-----------------------------------
تَفَاءَلْتُ بِالشُّؤْمِ وَ اخْتَرْتُ سجْني
طريقاً إلى آخِرِ اللَّهْوِ
في بَهْوِ هذا المَتَاهِ..
(1/17430)
________________________________________
كأنِّي سُعَالُ النَّهارِ المُبَعْثَرِ
لا يَسْتَبينُ كلاميْ
وعاميْ
ذُبابةُ صَمْتٍ تَحُطُّ على وَجْهِ طفلٍ
تَشَوَّهَ فيهِ الشُّعُورُ
فَسَبَّ أباهُ وراحَ يُدَخِّنُ أيَّامَهُ!...
رَفَوْتُ فؤادي كثيراً..
وما زَالَ يُثْقَبُ في كُلِّ يومٍ وما زلتُ أَرْفُوْ...
ومازلتُ أَغْفُو على صَدْرِ جُرْحي..
ومازلتُ أَطْفُو على سَطْحِ كُفْرِي..
وشيطانُ نومي يَظَلُّ يُطَارِدُ أحلامَهُ!..
سأختارُ وَجْهاً يُقَابِلُ وَجْهي
إذا ما جَلَسْتُ على ضِفَّةِ النَّهْرِ
والنَّهْرُ يبحثُ عَنْ مائِهِ تحتَ عرشِ الإلهِ..
يُقَابِلُ وَجْهي على مركبٍ عابرٍ في النزيفِ
إلى موطنٍ عابرٍ في الخواءِ...
يُقَابِلُ وَجْهي إذا ما تَنَفَّسْتُ يوماً
هواءَكِ يا أرضُ!
ماذنبُ أحفادِكِ الطَّالعينَ
على مَهْبطِ الرُّوْحِ ؟!...
يا أرضُ ! ما ذَنْبُ أُمِّي
لِتَحْمِلَ هَمِّي..
وتَبْقَى تُعاني معَ الطِّفْلِ في لَيْلِهِ المُرِّ أَسْقَامَهُ!...
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> أَنا لَسْتُ أَنْتَ !..
أَنا لَسْتُ أَنْتَ !..
رقم القصيدة : 67157
-----------------------------------
أنا لستُ أنتَ..
فَدَعْني أكونُ كما شاءَ أيلولُ لي أَنْ أكونَ..
ولا تَخْتَصِرْني بَسَطرَينِ
ضِمْنَ حَواشِي تَصَانيفِكَ الزَّاخِرَهْ!..
أنا لا أَحُضُّكَ أَنْ تَصْطَفيني
وَتَأْتَمَّ بي في صَلاةِ خلايايَ للهِ
تحتَ جَنَاحَيْ سُنونوةٍ عابرَهْ..
فكيفَ تُهِيلُ صُراخَكَ فوقي
وتَرْدُمُ صَوْتي
بِرَمْلِ مفاهيمِكَ البائِرَهْ..
أنا لستُ أنتَ...
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> الطَّاعِنُ في الفَراغ ..
الطَّاعِنُ في الفَراغ ..
رقم القصيدة : 67158
-----------------------------------
تَذَكَّرْتُكِ الآنَ..
يا ليتَني الآنَ أَسْطِيعُ أنْ أَسْتَعِيدَ قديمي
أمامَ جَديدكِ
يا حَبَّةَ القلبِ !
لو أَسْتَعيدُ قديمي...
بَعُدْتُ كثيراً.. سُرِقْتُ..
فَقدْتُ تُراثَ حنيني..
(1/17431)
________________________________________
وَأَلْفَيتُني طَاعِناً في فَرَاغي
أُراقِبُ كيفَ يَتمُّ انتثاري..
وكيفَ أَلُمُّكِ بينَ يَدَيَّ..
أَضُمُّكِ..
أُصْغي لآهَاتِ بُركانِكِ الرَّحْبِ..
أَنْسَاكِ بعدَ ذهابِكِ..
لا شيءَ يبقى وراءَكِ..
ضِعْتِ.. وضِعْتُ
ولنْ أَسْتقيمَ ولنْ تَسْتَقيمي!..
تَذَكَّرْتُكِ الآنَ
كيفَ تَمُرِّينَ فوقَ جَحِيمي!؟.
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> في أوَّلِ السَّهْلِ ..
في أوَّلِ السَّهْلِ ..
رقم القصيدة : 67159
-----------------------------------
خَرِفْتَ..
ومازلتَ في أَوَّلِ السَّهْلِ تَدْرُجُ فيهِ
فكيفَ خَرِفْتَ ؟..
أراكَ شَدَدْتَ انتباهَكَ أكثرَ مِمَّا يُرادُ..
وأَضْنَاكَ ما شاهدتْ مُقْلتاكَ
وما لمْ تُشَاهِدْ..
وأضناكَ بُعْدُكَ عَمَّا تَراهُ..
ولولا بقيَّةُ حلْمٍ لديكَ
لَكانَ انتحارُكَ أهونَ منْ أَنْ تَظَلَّ قتيلاً
وتُدْعَى كَشَاهِدْ..
على أَنَّ قلبَكَ ما زالَ يَخفقُ تحتَ ثَراهُ !..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> غُرْبَة ..
غُرْبَة ..
رقم القصيدة : 67160
-----------------------------------
تَغرَّبْتُ في الكَهْفِ..
لا وَحْيَ يهبطُ.. لا مُعْجِزاتْ..
تغرَّبتُ..
لا نُورَ.. لا بَحْرَ..
لا زَهْرَ.. لا عِطْرَ.. لا شِعْرَ.. لا أُغنياتْ..
مَلَلْتُ انتظارَ هُدايَ!
مَلَلْتُ رُكوني إلى ما أُضَيِّعُهُ منْ يديَّ
ويزدادُ بُعْداً وقُبْحَاً ومَوْتاً..
مَلَلْتُ منَ الكهفِ تمتصُّ رُوحي
خفافيشُهُ في طريقِ النَّجَاةْ...
سَأَهْرُبُ حتّى تحينَ الصَّلاةْ !!؟..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> هي بضعُ غيماتٍ ...
هي بضعُ غيماتٍ ...
رقم القصيدة : 67161
-----------------------------------
هي بضعُ غيماتٍ..
رمى تموزُ فيها حقدَهُ
في بئرِهِ النَّاريَّةِ الأنفاسِ واختارَ السَّلامْ..
جعلَ الظهيرةَ جنَّةً
لِلعاشقَيْنِ الهاربينِ مِنَ الزِّحَامْ..
هيَ بضعُ غيماتٍ
(1/17432)
________________________________________
تَرفَّقتِ السماءُ خِلالها بمشاعرِ الأرضِ التي
عاشتْ على ظمأ
وما زالتْ تتوقُ إلى رسالاتٍ:
مِنَ الغيثِ الخجُولِ.. مِنَ النَّدى..
والأُغنياتِ الغارقاتِ بعطرِهنَّ..
الذائباتِ بِخَمرِهنَّ... الطيباتْ..
هُو ذا النسيمُ يَزُورُنَا برذاذِهِ السِّحْرِيِّ..
يفرشُ فوقَنا سُحُبَ اللآلئِ والزنابقِ..
يَسْتَحِثُّ ربيعَنا الغافي،
ويسألُنا الولوجَ إلى رياضِ
الرحلةِ الأُولى، ويَدْفَعُنَا
لِنعرفَ أنّنا نحيا ونشعرُ بالحياةْ..
لِنَكُنْ حَنينَّيينِ بعضَ الشيءِ..
وَلْنلعَبْ هُنا بينَ الكُرومِ..
لِنعتصِرْ ظلَّينِ مَظْلُومينِ
جَفَّ النهرُ فينا، فَلْنُفَجِّرْ
نبعَنا المردومَ بالأحجارِ والقططِ الجريحةِ..
فَلْنكُنْ مُتَوحِّشينِ وطيبينِ..
لِنبتِكرْ لُغةً تُزَلْزِلُ أرضَنا الخرساءَ
فتَّتَنا تكلُّسُ كونِنَا المَنْخُورِ..
أَنهكَنا جَحيمُ الصَّيفِ..
أفقدَنا بقيَّة حُلْمِنَا..
جُعْنَا.. ظَمِئْنَا.. لم نعدْ طفلينِ..
أصبحْنا مِنَ القصصِ القديمةِ..
فَلْنُقَلِّمْ في تَلاحُمِنَا غُصُونَ الرُّوحِ والجسدينِ،
وَلْنحرُثْ سُهُولَ الحُبِّ فينا..
لم نعدْ طفلينِ.. أَنْهَكَنَا جحيمُ الصَّيفِ..
نحنُ الآنَ أقوى مِنْ تفاصيلِ الجفافِ
ومِنْ سِيَاطِ الشَّهْرِ إِثْرَ الشَّهْرِ
في دوَّامةِ الجوعِ المموسَقِ بالتفاؤلِ..
لنْ نُضيِّعَ أيَّ ثانيةٍ..
سَنَشْرَبُ كلَّ مافي النهرِ
نأكلُ كُلَّ مافي الحقلِ
نغرقُ في زُلالِ تَدَاخُلِ الأمواجِ في الأمواجِ
في العَسَلِ الشَّفيفِ..
وتعرفينَ سجيَّتي وأنا أُسافِرُ
كيفَ أهربُ مثلَ عُصْفُورٍ على الأغصانِ
مِنْ قَمَرٍ إلى قمرٍ..
شمالاً أو جُنوباً..
لا أُطِيلُ تَشَبُّثي إلاَّ إذا أحسستُ
أنَّ النارَ تزدادُ اندلاعاً في المكانِ!..
وقد أُقِيمُ بِكُلِّ رابيةٍ..
أُحَاوِرُهَا
وَأَبْتكِرُ الجديدَ من العباراتِ الشهيةِ..
لا أَكِلُّ.. ولا أَمَلُّ..
وأفتحُ الدنيا..
وأجلسُ فوقَ عرشيَ
(1/17433)
________________________________________
وَيْكَأَنَّ المُلْكَ يأتي مِنْ مُحاورةِ الحَمَامْ؟!...
رَحَلَ الظَّلام...
ورميتُ عَنْ كَتِفَيَّ هذا الكونَ..
أعلنتُ التَّبرُّؤَ مِنْ جميعِ الناسِ..
ذاكرتي تقيَّأتِ السنينَ بكلِّ مافيها
كأنِّي قد وُلدتُ الآنَ...
أَغْتَرفُ الحنانَ
كما أُريدُ...
وأمزجُ الألوانَ..
أرسمُ لوحتي بطريقتي..
وأَخُطُّ بالحبرِ المُعَطَّرِ بيتَ شِعْرٍ
لا يُفارِقُني صَهيلُ الرُّوحِ فيهِ..
تصاعدَ الإيقاعُ في لُغتي
وبابُ القلبِ موْصُودٌ بيأسي!..
لنْ تُحطِّمَهُ يَدٌ بشريَّةٌ أبداً..
وهذا الصَّبْرُ أقبحُ عادةٍ نعتادُها
والصيفُ يُوشِكُ أَنْ يُقَطِّعَ لحمَنا
ويُسَرْطِنَ الإحساسَ فِينا..
لنْ نجوعَ ولنْ نَضِيعَ..
ولنْ نبيعَ الجوهرَ المكنونَ فينا..
لم نزلْ مُتَدفِّقينِ على الحياةِ
نَعُمُّها بِكُنوزِنَا..
ونَضُمُّها بِحنينِنَا..
لا.. لنْ نمرَّ مُرورَ جَدَّينا..
سنبني قَصْرَنا
ونُطِلُّ مِنْ شُرُفاتِهِ وقتَ الأصيلِ
ونحتسي فنجانَ قَهْوَتِنَا..
ونُصْغِي للأغاني والملائكةِ الذينَ
يُهَدْهِدُونَ الرُّوحَ في نظراتهمْ...
سَيَظَلُّ هذا القصرُ بعدَ مُرورِنَا..
والبِضْعُ غيماتٍ ستبقى تحتوينَا..
لنْ تُغَادِرَنَا..
وَحُبُّكِ مثلُ رُوحِكِ ذُو مواهبَ
والسَّعادةُ نحلُها مُتَعَطِّشٌ لِرَحيقِنَا..
ولشمسِ تمُّوزَ ابتهاجٌ باندلاعِ حريقِنا..
وأنا وأنتِ القادرانِ على الوصُولِ!..
لا.. لن يُشَتِّتَنا انفراجُ البابِ..
لن تتحطَّمَ الشُّرفاتُ..
لن تفنى القصائدُ..
لنْ أَزُولَ.. ولن تَزُولي!..
فأنا وأنتِ القادرانِ على الوُصُولِ..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> حُلُمَان مِنْ عِطْرٍ ومَاء ..
حُلُمَان مِنْ عِطْرٍ ومَاء ..
رقم القصيدة : 67162
-----------------------------------
ـ والأَمْرُ كُلُّ الأمرِ أنَّكِ غائبَهْ..
وأنا هنا أمشي على الجُدْرانِ،
أَرشفُ آخِرَ القَطَراتِ منْ فَرَحي،
وآخرَ لحظةٍ منْ صَوتِكِ الغافي على وَجَعي..
(1/17434)
________________________________________
ولا أبكي على شيءٍ..
كأنِّي قدْ فَقدْتُ الدَّهْشَةَ الأُولى
بأنَّكِ آخرُ النَّسَمَاتِ
في جَوٍّ منَ النّيرانِ والقَتْلى..
وأنَّكِ حالَتي الأغلى عليَّ،
وأنَّكِ الأَحْلى
أمامَ تَلَهُّفي لِلشِّعْرِ..
أَرْشفُ آخِرَ الكلماتِ منْ ثَغْرِ السَّماءِ..
أُزَيِّنُ التَّشْوِيْهَ في تكوينِ مَنْ يَثِبُونَ
في عَينيَّ حتّى لا أرى
حَوْلي قُروداً وَاثِبَهْ...
وَلديَّ أحلامٌ وأحلامٌ..
لديَّ توَتُّري ما بينَ أيامي..
لديَّ تَوهُّجي في الليلِ حينَ يَجيئُنِي
نَبَأٌ سماويٌّ بأنَّكِ سَاهِرَهْ!..
وتَوهُّجي بعدَ الظَّهيرةِ..
حينَ يَنْصَهِرُ الكلامُ بداخلي
وأنا أَضُمُّكِ في حِوَارٍ ما لَهُ هَدَفٌ
سِوَى أَلاَّ يَظَلَّ الصَّمْتُ قُدْرَتَنا الوحيدةَ
في مُواجَهةِ الأَشِعَّةِ والعُطُورِ الكاسِرَهْ..
هذا أنا يا سَاهِرَهْ!
أَصْطادُ أسماكاً تُحَلِّقُ في فَضَائِكِ
حينَ يَقْتَحِمُ انتظاري..
كي أُوَزِّعَها على أطفالِ رُوحي
في المساءِ لِيَأْكُلُوا لَحْمَاً طريَّاً..
ثُمَّ يَسْتَلْقُونَ فوقَ أَسِرَّةِ الذكرى..
وَأَسْرِقُ منكِ تاريخي وفَلْسَفَتِي..
وشَكْلَ مدينَتِي أيَّامَ آدَمَ
أسرقُ الفَصْلَ الذي أَهْوى
وأسرقُ ما تَبقَّى منْ ربيعِ الشِّعْرِ
في أيلولَ.. أسرقُ لحظةً أُخرَى
منَ الفَرَحِ الأخيرِ..
وأسرقُ الأُولى اشْتِهَاءً لا يُحَدُّ ،
وأسرقُ الأُخرى اشْتياقاً لانْتِهَاءِ الظُّلْمِ..
أَسْرِقُ ما يُخَلِّصُني منَ الهَذَيانِ..
أسرقُ جَنَّةً كُبْرَى،
وأَنتظرُ الشُّمُوسَ الغَارِبَهْ..
فالأَمْرُ كُلُّ الأَمْرِ أنَّكِ غَائِبَهْ..
ـ آتٍ إليَّ.. تَظَلُّ تَتْبَعُنِي كَطَيفِكَ
في مَسَاءِ الشَّامِ في أَيَّارَ..
لا تَنْسَى ولا تَسْلَى..
ويُعْجِبُني انتظارُكَ عَوْدَتي
وأنا أمامَكَ أَنْتَظِرْ!..
ـ أنا قدْ أُحبُّكِ عندما
أنجُو منَ السُّمِّ الذي يَمْشي على قَدَمَيْنِ
منْ نارٍ وطينٍ حولَ إحسَاسي ،
ويَجْعلُني أَسِيْرُ وأَنْفَجِرْ!..
(1/17435)
________________________________________
ـ وأنا أُحبُّكَ عندما تأتي..
أحبُّكَ عندما تَأْوِي إليَّ..
أُحِبُّ صوتَكَ حينَ يَرسُمُ فوقَ صَدْريَ
شَمْسَهُ الصَّيفيَّةَ الإشراقِ..
كُنِّي كي أَكُونَكَ، وَلْيكُنْ ما كانَ وَهْمَاً،
واقرأ الآنَ الحقيقةَ واخْتَصِرْ..
ـ أنتِ الحقيقةُ حينَ تُخْتَصَرُ الحقيقةُ،
فَاسْتَمرِّي في دَمي أبداً نشيداً لا يَغيبُ..
ولَحِّنيني..
لَحِّني صَمْتيْ على نَغَمِ البَيَاتِ ،
وأَطْلِقيني منْ كُهُوفِ الارْتحالِ إلى الضَّلالِ
إليكِ أنتِ..
وأينَ أنتِ؟
تكسَّرتْ حولي غُصُونُ الجُلَّنَارِ..
تكسَّرتْ كُلُّ المقاعدِ في حديقةِ خاطِري..
وتَفرَّقَ الحَشْدُ العظيمُ منَ العصافيرِ التي
جاءتْ لأَسْمَعَها وتَسْمعَنِي..
تكسَّرتِ المشاعرُ فوقَ بِلَّوْرِ الزَّمَانِ المُنْكَسِرْ...
ـ إنِّي هُنَا..
والأمرُ كُلُّ الأمرِ أنَّكَ غائبُ..
فمتى تَعودُ لِتُكْمِلَ السَّطْرَ الأخيرَ
منَ القصيدةِ؟
عُدْ لِيتَّضِحَ التَّوحُّدُ في رُؤَايَ
وفي رُؤَاكَ..
أنا ليسَ لي إلا يداكَ..
وليسَ لِلبَحْرِ الغَريقِ بداخلي
أَمَلٌ سِواكَ..
فمتى تَعودُ.. متَى يَعُودُ الهَارِبُ؟!
ـ أيَّارُ حَيَّرَنِي..
وغَيَّرَني وأَطْلَعَني على قحطانَ
حينَ يكونُ حَيَّا!..
أيارُ فَاجَأَني بِبَعْضِ جُنُونِهِ..
أيَّارُ أَرْجَعَني إليَّا..
مِنْ صُدْفَةٍ في شارعٍ قبلَ الغُروبِ بِسَاعةٍ
حتّى ذَبحْتُ قصيدَتي ذَبْحَاً أمامَكِ
كي نَظَلَّ بِرُوحِنَا مُتَوَهِّجَيْنِ..
وغائبَيْنِ عنِ الزَّمَانِ
وعَائِدَيْنِ.. وذَاهِبَيْنِ..
كأنَّنا حُلُمانِ منْ عِطْرٍ ومَاءٍ..
لا حُدودَ لِمَا لَدَيْكِ
ولا حُدودَ لِمَا لَدَيَّا!..
أيارُ يَفْهَمُ كُلَّ ما يَجْري،
ويُخْبِرُنا بِسِرِّ هُرُوبِنَا منْ سِرِّنَا..
أيارُ يَفْهمُنا..
ورُوحُكِ لم تَزَلْ مُمْتَدَّةً كالشَّمْسِ،
لكنْ لا تَميلُ لِمُسْتَقَرٍّ..
لا تَغيبُ عنِ القصيدةِ في المساءِ
وتُدْرِكُ القمرَ المُغَطَّى بالرمَادِ...
(1/17436)
________________________________________
ضُمِّي انْفِرَادَكِ لانْفِرادِي..
أيارُ يَصْدِمُنَا..
فَثَمَّةَ ما يُحَرِّضُنَا
ويَجْعَلُنا نَخَاُف منَ البِعَادِ..
ضُمِّي فُؤادي..
فَاجِئيني كُلَّما أَحْبَبْتِ.. نَادِيْ
لَحْظَتي الورديَّةَ الإحساسِ..
نادي
ذلكَ الطِّفْلَ الذي مازلتُ أَتْبعُهُ ويَهْرُبُ
إنَّهُ أَمَلي الوحيدُ لِكَيْ أَرَى
كُلَّ الحَمامِ الأبيضِ الهَدَّالِ
قدْ غَطَّى بلادي..
ضُمِّي بلادي..
يا ابنةَ البلدِ الأخيرةَ عَلَّهَا
تَرْتَاحُ منْ شَبَحِ السَّوَادِ...
ـ أَسْرَفْتَ في أحلامِكَ
الخضراءِ والحمراءِ والسوداءِ والبيضاءِ..
لا تَحْلُمْ سِوى عَنْ نَفْسِكَ العَطْشَى
وَدَعْنِي.. إنَّ لي حُلُمي..
فَدَعْنِي حُرَّةً في الحُلْمِ..
دَعْني.. أَسْتَمِرّ وأَسْتَمِرّ..
فما أنا إِلا أنا
نَهَرٌ يَفيضُ ولا يَفيضُ..
وجَنَّةٌ تُعْطِي ولا تُعْطِي..
فَأَحْبِبْنِي إذا ما شِئْتَ،
واترُكْني إذا أَحْبَبْتَ..
وَاحْمِلْني إذا ما فَارَ تَنُّورُ القَصيدةِ
منْ عُرُوقِكَ في سَفينةِ حُبِّنَا الأَبَدِيِّ...
أَبْحِرْ بي إلى أُمِّي وأُمِّكَ في مَخَاضِهِمَا
على إيقاعِ أيلولَ المُسَرْبَلِ بالحَنينِ...
كأنَّنا حُلُمانِ منْ عِطْرٍ وماءٍ
مثلما قَدْ قُلْتَ..
أَبحِرْ بي إلى مُدُنِ السَّلامِ..
إلى مَدِينَتِنَا دمشقَ أَضُمُّها
حتّى يُغَطِّيها الحَمَامُ الأبيضُ الهَدَّالُ
أبحرْ بي إليكَ.. إلى أبي والحُبِّ..
لا تَحْزَنْ كثيراً.. لا تَخَفْ منْ ظُلْمَةِ الظُّهْرِ
الأخيرةِ في الحياةِ،
وَعُدْ إليَّ وعُدْ إليكَ وَلا تَنَمْ..
فالليلُ أَقْصَرُ منْ قَصيدتِكَ التي
ما زلتَ تَنْسُجُها على أَنْوَالِ رُوحِكَ..
لا تَقُمْ..
فالقهوةُ السوداءُ لم تَحْضُرْ ،
وَلمْ تَأْتِ العصافيرُ التي سَمِعَتْ بنا،
وأنا هُنَا..
والصَّيْفُ يَمْضي..
إنَّهُ أيلولُ يَحْضُرُ كُلَّ عامٍ
كي تَزِيدَ شُمُوعُنَا أَلَقاً..
فأبحرْ بي وأَبْحِرْ
أَيُّها البَحَّارُ في بَحْرِ الخُلُودِ..
(1/17437)
________________________________________
ـ عُودِي إليَّ فأنتِ عيدي..
في.. مِنْ.. إلى.. وَأمامَ.. خَلْفَ..
وَفَوْقَ.. تَحْتَ..
وعِنْدَ... بينَ يَدَيْكِ عيدي...
سافرتُ منكِ ولمْ أَزَلْ
حُلُماً حَرِيْرِيَّاً عليكِ، ولَمْ أَزَلْ
نَبْضَ الوريدِ...
أَنْوي الرُّجُوعَ إلى دَمي..
أَنْوي الرُّجُوعَ إلى النَّشِيدِ..
لا تَتْرُكي سَفَرِي يَطُولُ..
تَنَزَّلي مَلَكَاً شَآمِيَّاً عَلَيَّ ولا تَعُودِيْ!..
ـ مازلْتَ أَبْعَدَ منْ يَدِيْ عَنِّي..
ـ كأنَّكِ في عُيُوني..
ـ تَرْجِمْ إلى العَربيَّةِ الفُصْحَى سُكُوني!
ـ صَوْتٌ.. صَفَاءٌ.. صَدْمَةٌ..
صَمْتٌ صَرِيحٌ.. صَحْوَةٌ
في قَلْبِ أَهْدابِ الجُفُونِ!..
ـ مَنْ أنتَ؟ قُلْ لي!
ـ لمْ أَزَلْ وَحْدِي..
ـ وَمَالَكَ؟
ـ وَرْدَةٌ في ظِلِّ شَعْرِكِ..
ـ لا أَرَاهَا..
ـ رُبَّمَا هَبَّتْ عليها الريحُ
فَانْتَثَرتْ بعيداً كالغُبَارِ..
ـ شَغَلْتَنِي..
ـ وَشَغَلْتِنِي..
إنَّ الَمَشاعِرَ في المَشَاعِرِ ذَائِبَهْ..
والعُمْرُ كُلُّ العُمْرِ أَنَّكِ شِعْرُهُ..
والشِّعْرُ كُلُّ الشِّعْرِ أنَّكِ عُمْرُهُ..
والأَمْرُ كُلُّ الأَمْرِ أَنَّكِ غَائِبَهْ...
ـ ... ... ... ؟
ـ ... ... ... !
ـ ... ... ...
ـ ... ... ...
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> مِنْ أجْلِهَا ..
مِنْ أجْلِهَا ..
رقم القصيدة : 67163
-----------------------------------
مِنْ أَجْلِهَا يَتفتَّحُ الوَرْدُ
ولأَجْلِهَا الأيامُ تَمْتَدُّ
والليلُ يُشْرِقُ وَجْهُهُ أَلَقاً
منْ أَجْلِها، والنُّورُ يَشْتَدُّ
هيَ عالَمٌ مازالَ يُدْهِشُني
فيهِ الَمَحاسِنُ مالها حَدُّ
رَحْبٌ.. مُثيرٌ.. ليسَ يُدْرِكُهُ
عَقْلِي، فَيَجْذبُهُ ويَرْتَدُّ
وأَتُوهُ فيها صَامِتاً، وَدَمي
يَغْلي، وقَلْبي نَبْضُهُ رَعْدُ!
والبَرْقُ في عينيَّ مُشْتَعِلٌ
والشِّعْرُ في الوجْدانِ مُحْتَدُّ
تيْهٌ إلى الخيراتِ يُرْشِدُني
والحُبُّ منْ آياتِهِ الرُّشْدُ..
* * *
(1/17438)
________________________________________
تزدادُ حُسْناً كُلَّ ثانيةٍ
فإذا نَظَرتُ يُصِيبُنِي الجُهْدُ
وإذا غَضَضْتُ الطَّرْفَ يَحْمِلُنِي
بَحْرُ الخَيَالِ ويَبْدَأُ المَدُّ
صُوَرٌ تَراءَى لي على عَجَلٍ
حتّى كأنَّ جَمَالَها يَعْدُو!
تَتَفاءَلُ الدُّنيا إذا ابْتَسَمتْ
والبِيْدُ تُعْشِبُ، والرُّبَا تَشْدُو
والبحرُ يَحْلُو ماؤُهُ فَرَحاً
والكائناتُ يَلُفُّهَا السَّعْدُ
وإذا تَسَاقَطَ دَمْعُ مُقْلَتِها
يوماً، فإنَّ الشَّمْسَ تَسْوَدُّ!
* * *
حُبِّي لها في الليلِ يُؤْنِسُنِي
وإذا غَفَوْتُ فإنَّه المَهْدُ..
حُبِّي لها دِفءٌ يُلازِمُني
مَهْما تَفَاقَمَ في الشِّتَا البَرْدُ..
حُبِّي لها نَصْري على زَمَني
وحَضَارتي.. والعِزُّ والمَجْدُ
لولاهُ لمْ أَعْزِفْ على وَتَرٍ
وَلَمَا تَقَطَّرَ منْ فمي الشَّهْدُ
في جَوِّهِ الأقمارُ تَصْحَبُني
فإذا بَدَوْتُ كَهَالَةٍ أَبْدُو!
منْ وَحْيهِ أحيا بلا مَلَلٍ
في جَنَّةٍ ما نَالَها عَبْدُ
حُبِّي لها منْ أَجْلِهِ عُمُري
وَلأَجْلِنا الأيَّامُ تَمْتَدُّ ..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> كلاَنا مُسَافر ..
كلاَنا مُسَافر ..
رقم القصيدة : 67164
-----------------------------------
كلانا مُسافرْ..
كلانا عنِ الشَّامِ صارَ بعيداً
كلانا برغْمِ الدموعِ يُكَابرْ..
وأيلولُ في الشّامِ يبحثُ عَنَّا
ويبكي ويذرفُ أحلى المشاعرْ...
*
كلانا يموتُ ويحيا مراراً
وليسَ يعودُ.. وليسَ يُبَادِرْ..
ليبقى مُسافرْ..
كلانا يَئِنُّ..
كلانا يَحِنُّ..
كلانا بِأَوْجِ الشَّبابِ يُقَامِرْ..
وأيلولُ في الشّامِ يبحثُ عَنَّا
ويبكي ويذرفُ أحلى المشاعرْ..
*
كلانا يُحسُّ النَّهارَ دُهُوراً
وفي الليلِ يَقْطَعُ بعدَ عُروقِ يديهِ
عُروقَ الستائرْ..
كلانا يَسيرُ لغيرِ سبيلٍ
كلانا يُغَامرْ..
وأيلولُ في الشَّامِ يبحثُ عَنَّا
ويبكي ويذرفُ أحلى المشاعرْ...
*
كلانا تَعلَّمَ دَرْسَاً عظيماً ..
بأنَّ الحياةَ بغيرِ حبيبٍ حياةُ مَخَاطرْ..
(1/17439)
________________________________________
وأنَّ الزمانَ الجميلَ قصيرٌ
وليسَ يجيءُ بِأَمْرٍ وآمِرْ..
كلانا تَحطَّمَ بعدَ الفراقِ
وصارَ يعيشُ الحياةَ كَخَاسِرْ..
كلانا تبعثرَ في الأرضِ قَهْراً
وراحَ يُسَافرْ..
وأيلولُ في الشَّامِ يبحثُ عَنَّا
ويبكي ويذرفُ أحلى المشاعرْ..
*
على شَاطئِ البحرِ كنتُ أَسيرُ
وفي القَلْبِ جُرْحٌ..
وفي البَالِ خَاطِرْ..
وكنتُ أُراقبُ شمسَ الغُروبِ
وكيفَ تَذُوبُ رُويداً رُويداً...
وتَسْقُطُ في الماءِ مثلَ سُقُوطِ السعادةِ مِنِّي،
ومثلَ سُقُوطِ البشائرْ..
جلستُ على الرملِ بَعْدَ انهياري
تحدَّثْتُ للبحرِ عَنْ كُلِّ خاطرْ...
وفُوجِئْتُ بعدَ هُبوطِ الظلام
بأيلولَ يأتي ويجلسُ قُرْبي
ويبكي ويذرفُ أحلى المشاعرْ...
*
كلانا منَ الشوقِ راحَ يُسَافرْ..
وشوقُ المُحبِّينَ أيضاً يُسافرْ
كلانا منَ الحُزْنِ راحَ يُغَامرْ..
وحُزْنُ المُحبِّينَ أيضاً يُغَامرْ
فكيفَ نُسَافِرْ؟
وكيفَ نُغامرْ؟
وكيفَ نظلُّ على الأرضِ جَرْحَى
وفينا تَغُوصُ نُصُولُ الخناجِرْ؟..
لديَّ اقتراحٌ يُريحُ كلينا..
نعودُ إلى الشّامِ حيثُ التقينا..
نعودُ ونبعثُ نورَ التألُّقِ منْ مُقْلتينا..
ونَنْسى زَماناً منَ العُمْرِ عاثِرْ..
ونَحْضُنُ أيلولَ بعدَ الغِيَاب
ونبكي ونذرفُ أحلى المشاعرْ..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> مَلَكٌ تَوَاضَعَ ..
مَلَكٌ تَوَاضَعَ ..
رقم القصيدة : 67165
-----------------------------------
شقراءُ مثل البَدْرِ صَاغَ أَشِعَّةً
سالتْ على الكتفينِ فَيْضَ تَأَلُّقِ
وعلى بَيَاضِ الظَّهْرِ غَطَّى نُورُها
نُورَ البَياضِ بِوَهْجِهِ المُتَدَفِّقِ
شَقْراءُ حتّى في طبيعةِ رُوحِهَا
وشُعورِهَا وحديثها إنْ تَنْطِقِ
شَقْراءُ حتّى في تَنَاسُقِ خَطِّها
فوقَ السُّطُورِ كَجَدْوَلٍ مُتَرَقْرِقِ
ما كنتُ أَجْرُؤُ أنْ أُفكِّرَ لحظة
في نَظْرةٍ منها تقولُ: سَنَلْتَقي
أو أنَّني يوماً سَأُمْسِكُ كَفَّهَا
(1/17440)
________________________________________
ونطيرُ في جَوِّ الغَرامِ المُشْرِقِ
أو أنَّني سَأَضُمُّهَا مُتَشَوِّقَاً
أو أنَّها سَتَضُمُّنِي بِتَشَوُّق
ما كنتُ أجرؤُ.. كيفَ أَجْرُؤُ ؟ إنَّها
مَلَكٌ تَواضَعَ لِلْفَقِيرِ المُرْهَقِ ..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> شريد ..
شريد ..
رقم القصيدة : 67166
-----------------------------------
كأنِّي إذا غابَتْ وطَالَ غِيَابُها
شَريدٌ بِصَحْراءٍ هيَ الأرضُ كُلُّهَا
أُوَاجِهُ فيها كُلَّ هَوْلٍ وَأَنْحَني
كَلِيْلاً، ويُدْنيني منَ الموتِ رَمْلُهَا
أحاوِلُ أنْ آوي إلى أيِّ خَيْمَةٍ
أراها.. فَيُلْقِيني إلى الليلِ أَهْلُها
وَأَسْعى وحولي القَرُّ والفَقْرُ والأسى
وأصداءُ أصواتِ الوُحوشِ وغِلُّها
وَأَحْذَرُ منْ نَفْسي الجُنونَ وأَتَّقي
سكاكينَ غَدْرٍ لا يُخَيَّبُ نَصْلُها
وأبكي بلا دَمْعٍ يَسيلُ لأنَّني
بَذلْتُ جميعَ الدَّمْعِ مُذْ غَابَ ظِلُّهَا
دَماراً يصيرُ العَيْشُ لو كانَ دُونَها
مَعَاشٌ لِرُوحي والفِراقُ يَشلُّهَا ..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> خَمْسُ لَوْحَاتٍ لإِنْسَانٍ يَتَألَّم ..
خَمْسُ لَوْحَاتٍ لإِنْسَانٍ يَتَألَّم ..
رقم القصيدة : 67167
-----------------------------------
1 ـ ظُلْمُ الحياة
مَلَلْتُ مِنَ الْحَيَاةِ وَأَتَعَبَتْنِي
مَنَاظِرُهَا وَأَدْمَاني أَسَاهَا
وَأَذْهَلَنِي تَقَلّبُهَا مِرَارَاً
وَعَذَّبَنِي الْخُضُوعُ لِمُبْتَغَاهَا ..
مَلَلْتُ وَصَارَتِ الأَيَّام قَشَّاً
يُبَعثرهُ وَيَسْحقُهُ هَوَاهَا..
وَصَارَ الْعَيْشُ مِثْلَ الْمَوْتِ عِنْدِي
وَمَا عَادَتْ تُؤْرقُنِي رُؤَاهَا..
فراغٌ كُلُّها.. قَلقٌ وَسُخفٌ
بما ظلمتْ بِمَا قتلت يَدَاهَا
مَلَلْتُ وَلَسْتُ أَطْلُبُ مِنْ مزيدٍ
وَيَكْفِيني النُّحُول أَمَا كَفَاهَا ؟ !
حَيَاتي ليس تُشبهها حياةٌ
وَبَحْرُ مواجعٍ يبقى مَدَاهَا
* * *
2 ـ الذئاب
ذِئَابٌ حَوْلَنا.. وأنَا بطبعي
(1/17441)
________________________________________
رفضتُ أكونُ مِن بينِ الذِّئَابِ
رَفَضْتُ الْعَيْشَ فِي الْغابَات أعدو
وأَنْهَشُ فِي الْقُلُوبِ وَفِي الرِّقَابِ
وَأَهْضمُ حَقَّ مسكينٍ شريدٍ
يكدُّ ولا يرى غير الضَّبَابِ
وأَنْثرُ رِيشَ عصفورٍ يُغَنِّي
لِشمس الصُّبْحِ مِنْ بَعْدِ الْغِيَابِ
سَئِمْتُ زحامَهم فِي كلِّ وقتٍ
أمَا سَئِمَ الطَّرِيق مِنَ الْكِلابِ
أَنَا بَشَرٌ وَلَسْتُ بِكَلْب صَيدٍ
تُضرّجُهُ الدِّمَاءُ بِلا حِسَابِ
أَنَا بَشَر وَمَا لِلْذِّئِب عندِي
إذا استعدى عليَّ سوى الحِرَابِ
* * *
3 ـ السِّبَاق
وَأَصحابي، وَأَينَ هُمُ صِحابي؟
لقد ماتوا.. وما أَحَدٌ بِبَاقِ
وَكُنَّا فِي زوارقنا ركبْنا
وَبَينَ الموج خُضْنَا فِي السِّبَاقِ
فداهَمَنا هياجُ البحر هَوْلاً
مُرِيعاً فانقضى زَمَنُ التَّلاقي
وَفَرَّقنا العبابُ على المنايا
وَمِنَّا مَنْ نَجَا وَاللهُ واقِ
وَلَكنِّي وَمَوجُ الْبَحْر يَعلو
ظَللتُ بِمُفْرَدِي بَعْد الفراقِ
أُنادي الصَّحْبَ حَتَّى ينقذوني
فما سَمِعُوا.. وَسَرَّهُمُ اختناقي
فأدْرَكتُ الحقيقةَ بعد حينٍ:
لقد متُّمْ جميعاً يا رِفاقي..
* * *
4 ـ ضياع الحبيبة
وَمِنْ آياتِ إِخفاقي وبؤسي
ضَياعُ حبيبتي وَضَياعُ أُنْسِي
وَمَوتُ سعادتي وفَنَاءُ روحي
وَقَهْرُ مشاعري وعذابُ حِسِّي
لقد كنَّا نعيشُ الحبَّ دوماً
بِكُلِّ حَمَاسَةٍ وَبِكُلِّ جَرْسِ
وَنَحْلُمُ بِالْنُّجُومِ وَبِالأغاني
وَنَحْيَا دَائِمَاً فِي جَوِّ عُرْسِ
وَنُزْهِرُ فِي الْخَرِيفِ رَبِيعَ أُنسِ
وَفِي الآصالِ نُشْرِقُ مِثْلَ شمسِ
إذَا لاقيتُها يزدادُ حظِّي
وَإِنْ فارقتُهَا قَابلْتُ نحْسي
لَقَدْ غابتْ وَخَلَّتني وحيداً
سِوَى مِنْ غربتي وظلامِ يأسي ..
* * *
5 ـ زمن الهموم
أنا زمنٌ طويلٌ من همومٍ
أدورُ مُجَزَّءَاً بين الأنامِ
أدورُ وفي ضميري نبعُ شِعْرٍ
وَلَكنْ مَنْ يُفتِّشُ عَنْ كلامي ؟ !
أدورُ ولا أرى أحداً يراني
وأبقى غائباً تحتَ الحُطَامِ
(1/17442)
________________________________________
وَأَبْقَى ثائِراً مِنْ غير صوتٍ
فصوتي ضائعٌ بينَ الزحام
تعبتُ من الحديثِ إلى صخورٍ
ومِنْ بَثِّ الشكيَّةِ للظلامِ
ومن قَتْلِ الرجاءِ بغير حقٍّ
ومِن ذبحِ الطموحِ على الرخامِ
تعبتُ من الحياةِ وضاقَ صدري
بِمَا يلقاهُ مِنْ مُرِّ السّقامِ ..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> العقاب ..
العقاب ..
رقم القصيدة : 67168
-----------------------------------
هلْ تسمعينَ هِتَافَ القلب إن هَتَفَا
في ليلةٍ هَامَ فيها وَارْتَمى شَغَفَا
في ليلةٍ لا يُضِيءُ البَدْرُ ظُلْمَتَها
بلْ يبعثُ الخوفَ والأوجاعَ والأسفَا
هلْ تسمعينَ أنينَ الليلِ منْ دَنِفٍ
ما أَنَّ قُربَكِ يوماً أو ثَوَى دَنِفَا
ما عاشَ قُربَكِ أحزاناً ولا أَرَقاً
ولا رأى ليلةً سوداءَ أو عَرفَا..
ولا قَضَى في شُرُودٍ يومَهُ ثَمِلاً
ولا تَرنَّحَ مهمُوماً ولا رَجَفَا
ما كانَ يَشْرُدُ منْ هَمٍّ يُلازِمُهُ
بل كانَ يشردُ في عينيكِ مُلْتَهِفَا
وإنْ شَكَا وَعْكَةً وارى شَكِيَّتَهُ
حتَّى يَراكِ وفي كَفَّيكِ ماءُ شِفَا
* * *
هلْ تسمعينَ ترانيماً مُلَوَّعَةً
يبُثُّها شِعْرُهُ في الكونِ إنْ نَزَفَا
يبُثُّها رُوحُهُ السَّكْرَى بِغُرْبَتِهَا
في عالَمٍ يَتَداعى حولَها تَلَفَا..
آهٍ لَوَ انْتِ أمامي الآنَ سامعةً
صَوْتي، ونَاظِرَةً جسْمي وقدْ ضَعُفَا
لَكُنْتِ أَيقنتِ أنِّي لستُ ذا أَمَلٍ
في العَيْشِ بعدَكِ يا نَبْضي الذي وَقَفَا
وأنَّنِي صِرْتُ طَوْعَ اليأسِ يَحْملُني
إلى بِحَارٍ بها المجهولُ قَدْ عَصَفَا
وأنَّني ضِعْتُ في الأعماقِ مُغْتَرِباً
إلاَّ عنِ الحُبِّ والماضي الذي سَلَفَا
* * *
يا نَبْعَةَ النُّورِ في الوجْدانِ يا بصري
يا مَنْ سأبقى إليكِ العُمْرَ مُنْصَرِفَا
أنا الذي ذَوَّبَ الأحزانَ في دَمِهِ
أنا الذي عانَقَ الأوصابَ وَالْتَحَفَا
حَطَّمْتُ نَفْسيَ مُذْ أَنهيتُ قِصَّتَنَا
وكمْ مُرِيْعٍ.. أرى قلبي وقَدْ نُسِفَا!
(1/17443)
________________________________________
مهما شَكَوتُ فلا تَأْسَيْ عَلَيَّ وقدْ
نِلْتُ العِقَابَ على ما كُنتُ مُقْتَرِفَا
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> الصَّمْتُ وعيناها ..
الصَّمْتُ وعيناها ..
رقم القصيدة : 67169
-----------------------------------
إلى عينيك يبعثني فؤادي
فأنظر فيهما حتّى أذوبا
وأشردُ في وميضِ الحسنِ حتّى
تُضِيءَ مشاعري ضوءاً عجيبا..
وأشعرُ أنني أصبحتُ شمساً تشع الدفءَ طوراً واللهيبا..
ويأخذني الحديثُ إلى عيونٍ
تسائلني.. فتلقاني مُجيبا
فأنسى كُلَّ مَنْ حَولي وأبقى
مع الأنوارِ منسجماً طروبا ..
عيونكِ يا مَهَا قلبي جِنَانٌ
وكم أحتاجُ كي أحظى نصيبا ..
أنا المسحورُ تسْكُنُهُ بَتُولٌ
تَفُوقُ الزنبقَ البلديَّ طيبا..
تفوقُ الياسمينَ صفاءَ روحٍ
تهُبُّ بحسنها الصَّافي هبوبا
أحاولُ أن أكفَّ القلبَ عنها
فيوجعني ولا ألقى طبيبا
تشوّقُني إليها دونَ قصدٍ
وتجذبني وتَمْلَؤُني وجيبا
ويمسي دونها عمري فقيراً
وأمسي بين أوراقي كئيبا
فأسعى نحوها وأنا أُناجي
أحاسيسي وأجتازُ الدروبا..
فألقاها تُنَاديني بصمتٍ:
لماذا لم تعُدْ مني قريبا ؟
تظلُّ بصمتها تغتالُ صبري
وتشعلُ بين أعصابي الحروبا
وتتركني بعينيها شريداً
أُخاطبُ فيهما حُبَّاً عصيبا
أسيراً فيهما منذُ ابتدأنا
ومظلوماً ومنفيّاً غريبا..
ولكني بأسرهما سعيدٌ
ولا أنوي مِنَ السِّحْرِ الهُروبا
أحبُّهما لأنَّهُمَا هنائي
وكانَ العمرُ قبلَهُمَا خُطوبا..
فمَالي غير نُورِهِما مناراً
وما لي غير لونِهِمَا حبيبا ..
شعراء العراق والشام >> قحطان بيرقدار >> النَّاطُور
النَّاطُور
رقم القصيدة : 67170
-----------------------------------
في قلبِ الليلِ الغارقِ في الأمطارِ وفي الأحزانْ..
كانَ الناطورُ بِغُرْفَتِهِ
يُصْغِي لِنَشيدِ المطرِ الهاطلِ
ويُلَحِّنُ فيهِ الحِرْمَانْ ..
ويزيدُ الموقدَ مِنْ حَطَبٍ
لِيَزيدَ الدفءُ ويسعى في كُلِّ الأركانْ..
(1/17444)
________________________________________
كانَ الإجهادُ جَليَّاً في عينيهِ المُتْعَبَتينِ
وفي الأجفانْ!.
يتمنَّى أنْ يَغْلبَهُ النومُ
ولكنْ ما أشقاهُ.... وما أقسى الجيرانْ!.
الليلُ طويلٌ في كانون الثاني
ماذا يفعلُ هذا البائسُ كي تمضي
هذي الساعاتُ بِكُلِّ أَمَانْ ؟..
لا أحدٌ يُؤْنِسُ وحْشَتَهُ
لا أحدٌ يشربُ خمرتَهُ
ومريرٌ جِدَّاً أن يبقى كأسيرٍ ما بينَ الجُدْرَانْ ..
لا يعرفُ بيتاً يَسْكُنُهُ..
لا يعرفُ أُمَّاً تَحْضُنُهُ..
لا يَعْرِفُ أَهْلاً، أو خِلاَّنْ..
الليلُ طويلٌ .. ماذا أفعلُ يا جيرانْ ؟!..
* * *
عشرونَ ربيعاً عُمْرُ البائسِ
والأعمارُ لها أوزانْ..
البيتُ الأولُ يُرْهِقُهُ..
البيتُ الثَّاني يَطْحَنُهُ..
البيتُ الثالثُ يَذْبَحُهُ..
والبيتُ الرابعُ يُوصِلُهُ حَدَّ الهذيانْ!.
عشرونَ ربيعاً فَشَبَابٌ
أجملُ منْ هذا لا ما كانْ!
الطولُ الفارعُ والخدَّانِ الورديانْ
والشَّعْرُ الأَشْقَرُ، والعينانِ الزرقاوانْ..
والوجهُ النَّاصعُ مثلُ الثلجِ،
الجسدُ الصُّلْبُ الطامحُ والبُنْيَانْ..
لكنَّ الفَقْرَ يُخَبِّئُهُ..
كظلامِ الليلِ وَيَحْجُبُهُ..
عَنْ نَظْرَةِ عَيْنٍ مُعْجَبَةٍ... أو بَعْضِ حَنَانْ..
ويظلُّ لِبَحْرِ مَتَاعِبِهِ
يرميهِ الموجُ إلى البركانْ ..
ويقولُ حزيناً في وَجَلٍ :
الليلُ طويلٌ .. ماذا أفعلُ يا جيرانْ ؟!
* * *
وانتصفَ الليلُ ولم تَهْدَأْ
بَعْدُ العينانِ المُجْهَدَتَانْ..
وأزيزُ الرعْدِ يُثِيرُ الخوفَ
وَيُلْهِبُ آلافَ الأشجانْ..
مازالَ أمامَ الموقدِ يَشْرَبُ ناراً
يشربُ حُزْنَاً..
كي يَتَمكَّنَ هذا القلبُ منَ الخَفَقَانْ ..
في لحظةِ دفءٍ حالمةٍ
يَنْتَفِضُ البائسُ ملهوفاً ..
مذعوراً .. مَفْجُورَ الوجدان ..
ماذا ؟!
طَرَقَاتٌ مُتْعَبَةٌ في قَلْبِ البابِ
تُدَقُّ الآنْ!.
وَبِلَمْحِ البرقِ استعرضَ آلافَ الأَزْمَانْ..
لا أحدٌ بعدَ دخولِ الليلِ
يَدُقُّ عليهِ منَ الجيرانْ..
لا أحدٌ يدخلُ غرفتَهُ غيرُ الفئرانْ..
(1/17445)
________________________________________
منذا يَقْصِدُهُ ؟ لا يدري...
شيءٌ لا يَخْطُرُ في الحِسبانْ!.
وتناولَ مُوسَى في يَدِهِ،
والرعدةُ تَسْرِي في دمِهِ
والشمعةُ تَرْقُبُ ما يَجْري وعُيُونُ الجَانّْ!!
والمطرُ الهاطلُ يصبحُ وَحْشَاً في الطُّرُقَاتْ ..
وتقدَّمَ نحوَ البابِ ومازالتْ هذي الطَّرَقَاتْ
تتثاقلُ فوقَ البابِ بلا ميزانْ..
وانشقَّ البابُ المُنْهَكُ
في يَأْسٍ وبكُلِّ هَوانْ..
وتهاوى فوقَ الأرضِ قَوامٌ
والتحمَ الاثنانْ..
وارتطمَ البابُ كبابِ السجنِ
وكانَ القَدَرُ هوَ السجَّانْ!.
وَتَفَاجَأَ هذا الوجهُ الناصع والعينانِ الزرقاوانْ!.
ما عادَ يُصَدِّقُ ما يَجْري،
والوقتُ تَفجَّرَ في دُنْيَاهُ
وما عادتْ في القلبِ بُذُورٌ منْ إيمانْ..
ماذا يا رَبِّي؟ زائرةٌ في هذا الوقتِ؟
أجبني يا رَبَّ الأكوانْ..
وتأمَّلَ فيها مُلْتَحِمَاً مَعَها
والأرضُ يُبَلِّلُها كُحْلُ الأجفانْ..
وَمَضَى يَسْأَلُها بحنانٍ :
مِنْ أينَ أتيتِ الآنَ أيا بِنْتَ الجيرانْ؟!.
* * *
وَبِقُرْبِ الموقدِ أَجْلَسَهَا
هذا الحيرانْ..
كانتْ عاريةً تأكلُها
نيرانُ الخَيْبَةِ أو ثلج الخُسْرَانْ
والوحشُ تَكَرَّمَ أنْ خَلَّى
أشلاءً يَجْمَعُهَا فُستانْ..
طَعَنَاتٍ حُمْراً وجُروحاً نَالَ النهدانْ..
وتلوَّنَ كُلُّ بياضِ الجَسَدِ الليِّنِ
لونَ المشمشِ أو زَهْرِ الرمانْ..
كانَ الناطورُ يُراقبُها
بهدوءٍ ويَخِيْطُ الفُستانْ!.
ويُفَكِرُ في بنتِ الجيرانْ..
كانتْ قاسيةً.. شامخةً
تَأْمُرُهُ.. تَنْهَرُهُ.. تُغْريهِ
بأنْ يبدُو منْ فوقِ غلالَتِها النهدانْ..
أمنيةٌ كانتْ غاليةً :
أن يلمحَ يوماً هذا الجَسَدَ الباريسيَّ بلا فُسْتَانْ...
والآنَ يراها عاريةً
منْ طَرَفِ القَدَمِ إلى الأجفانْ..
والعارُ.. الذُّلُّ.. الوَحْلُ تجمَّعَ في عينيها
أينَ الجاهُ وأينَ الرِّفْعَةُ والسُّلطانْ ؟
وَتَفَكَّرَ في طَعْمِ التفاحِ الأحمرِ
طَعْمِ الكرزِ وفي طِيْب الرَّيْحَانْ..
(1/17446)
________________________________________
وَتَذكَّرَ أنَّ الليلَ طويلٌ في كانون الثاني والأحزانْ..
وانْصَرَمَ الليلُ بأَكمَلِهِ
وانبلجَ الصُّبْحُ بِكُلِّ أمانْ..
وَأَفَاقَ البَائِسُ منْ حُلُمٍ
وَحْشِيٍّ.. يالخَيالِ الجانّْ..
ومضى في يأسٍ وقُنوطٍ
يَتَحمَّلُ أَعْبَاءَ الجيرانْ...
العصر العباسي >> ابن زريق البغدادي >> لا تعذليه فإن العذل يولعه
لا تعذليه فإن العذل يولعه
رقم القصيدة : 67171
-----------------------------------
لا تَعذَلِيه فَإِنَّ العَذلَ يُولِعُهُ
قَد قَلتِ حَقاً وَلَكِن لَيسَ يَسمَعُهُ
جاوَزتِ فِي لَومهُ حَداً أَضَرَّبِهِ
مِن حَيثَ قَدرتِ أَنَّ اللَومَ يَنفَعُهُ
فَاستَعمِلِي الرِفق فِي تَأِنِيبِهِ بَدَلاً
مِن عَذلِهِ فَهُوَ مُضنى القَلبِ مُوجعُهُ
قَد كانَ مُضطَلَعاً بِالخَطبِ يَحمِلُهُ
فَضُيَّقَت بِخُطُوبِ المَهرِ أَضلُعُهُ
يَكفِيهِ مِن لَوعَةِ التَشتِيتِ أَنَّ لَهُ
مِنَ النَوى كُلَّ يَومٍ ما يُروعُهُ
ما آبَ مِن سَفَرٍ إِلّا وَأَزعَجَهُ
رَأيُ إِلى سَفَرٍ بِالعَزمِ يَزمَعُهُ
كَأَنَّما هُوَ فِي حِلِّ وَمُرتحلٍ
مُوَكَّلٍ بِفَضاءِ اللَهِ يَذرَعُهُ
إِنَّ الزَمانَ أَراهُ في الرَحِيلِ غِنىً
وَلَو إِلى السَدّ أَضحى وَهُوَ يُزمَعُهُ
تأبى المطامعُ إلا أن تُجَشّمه
للرزق كداً وكم ممن يودعُهُ
وَما مُجاهَدَةُ الإِنسانِ تَوصِلُهُ
رزقَاً وَلادَعَةُ الإِنسانِ تَقطَعُهُ
قَد وَزَّع اللَهُ بَينَ الخَلقِ رزقَهُمُ
لَم يَخلُق اللَهُ مِن خَلقٍ يُضَيِّعُهُ
لَكِنَّهُم كُلِّفُوا حِرصاً فلَستَ تَرى
مُستَرزِقاً وَسِوى الغاياتِ تُقنُعُهُ
وَالحِرصُ في الرِزاقِ وَالأَرزاقِ قَد قُسِمَت
بَغِيُ أَلّا إِنَّ بَغيَ المَرءِ يَصرَعُهُ
وَالمَهرُ يُعطِي الفَتى مِن حَيثُ يَمنَعُه
إِرثاً وَيَمنَعُهُ مِن حَيثِ يُطمِعُهُ
اِستَودِعُ اللَهَ فِي بَغدادَ لِي قَمَراً
بِالكَرخِ مِن فَلَكِ الأَزرارَ مَطلَعُهُ
وَدَّعتُهُ وَبوُدّي لَو يُوَدِّعُنِي
(1/17447)
________________________________________
صَفوَ الحَياةِ وَأَنّي لا أَودعُهُ
وَكَم تَشبَّثَ بي يَومَ الرَحيلِ ضُحَىً
وَأَدمُعِي مُستَهِلّاتٍ وَأَدمُعُهُ
لا أَكُذبث اللَهَ ثوبُ الصَبرِ مُنخَرقٌ
عَنّي بِفُرقَتِهِ لَكِن أَرَقِّعُهُ
إِنّي أَوَسِّعُ عُذري فِي جَنايَتِهِ
بِالبينِ عِنهُ وَجُرمي لا يُوَسِّعُهُ
رُزِقتُ مُلكاً فَلَم أَحسِن سِياسَتَهُ
وَكُلُّ مَن لا يُسُوسُ المُلكَ يَخلَعُهُ
وَمَن غَدا لابِساً ثَوبَ النَعِيم بِلا
شَكرٍ عَلَيهِ فَإِنَّ اللَهَ يَنزَعُهُ
اِعتَضتُ مِن وَجهِ خِلّي بَعدَ فُرقَتِهِ
كَأساً أَجَرَّعُ مِنها ما أَجَرَّعُهُ
كَم قائِلٍ لِي ذُقتُ البَينَ قُلتُ لَهُ
الذَنبُ وَاللَهِ ذَنبي لَستُ أَدفَعُهُ
أَلا أَقمتَ فَكانَ الرُشدُ أَجمَعُهُ
لَو أَنَّنِي يَومَ بانَ الرُشدُ اتبَعُهُ
إِنّي لَأَقطَعُ أيّامِي وَأنفِنُها
بِحَسرَةٍ مِنهُ فِي قَلبِي تُقَطِّعُهُ
بِمَن إِذا هَجَعَ النُوّامُ بِتُّ لَهُ
بِلَوعَةٍ مِنهُ لَيلى لَستُ أَهجَعُهُ
لا يَطمِئنُّ لِجَنبي مَضجَعُ وَكَذا
لا يَطمَئِنُّ لَهُ مُذ بِنتُ مَضجَعُهُ
ما كُنتُ أَحسَبُ أَنَّ المَهرَ يَفجَعُنِي
بِهِ وَلا أَنّض بِي الأَيّامَ تَفجعُهُ
حَتّى جَرى البَينُ فِيما بَينَنا بِيَدٍ
عَسراءَ تَمنَعُنِي حَظّي وَتَمنَعُهُ
حَتّى جَرى البَينُ فِيما بَينَنا بِيَدٍ
عَسراءَ تَمنَعُنِي حَظّي وَتَمنَعُهُ
فِي ذِمَّةِ اللَهِ مِن أَصبَحَت مَنزلَهُ
وَجادَ غَيثٌ عَلى مَغناكَ يُمرِعُهُ
مَن عِندَهُ لِي عَهدُ لا يُضيّعُهُ
كَما لَهُ عَهدُ صِداقٍ لا أُضَيِّعُهُ
وَمَن يُصَدِّعُ قَلبي ذِكرَهُ وَإِذا
جَرى عَلى قَلبِهِ ذِكري يُصَدِّعُهُ
لَأَصبِرَنَّ لِمَهرٍ لا يُمَتِّعُنِي
بِهِ وَلا بِيَ فِي حالٍ يُمَتِّعُهُ
عِلماً بِأَنَّ اِصطِباري مُعقِبُ فَرَجاً
فَأَضيَقُ الأَمرِ إِن فَكَّرتَ أَوسَعُهُ
عَسى اللَيالي الَّتي أَضنَت بِفُرقَتَنا
جِسمي سَتَجمَعُنِي يَوماً وَتَجمَعُهُ
(1/17448)
________________________________________
وَإِن تُغِلُّ أَحَدَاً مِنّا مَنيَّتَهُ
فَما الَّذي بِقَضاءِ اللَهِ يَصنَعُهُ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> لحن الصدود
لحن الصدود
رقم القصيدة : 67172
-----------------------------------
إلى كم ستبقى واقِعاتُ الوقائِع ِ
بنا, والتلاقي بيننا غيرُ واقع ِ
دعيني أزِدْ لحنَ الصدودِ تواضعاً
وزيدي بصدِّ المُغرم ِ المتواضِع ِ
أُحِبُّ وما حبِّي لمال ٍ عهِدْتُهُ
ولا مال َ بي قلبي لتِلكَ المنافِع ِ
فإنْ شِئْتِ خلِّيني وخلِّي سجِيَّتي
وإنْ شِئْتِ للقلبِ المقَطَّع ِ سارعي
فما زلتُ أدعو الله َ أنْ لا يُذيقنا
فراقاً و بللت ُ الرِّدا بالمدامِع ِ
مضى أمْرُنا عهداً شكَوْتُ غليلَهُ
وبَلَّغْتُ ما ألفيتُهُ للمضارع ِ
فأضحى دمِي رهْناً وأنتِ حبيبتي
لك ِ القلبُ فاختاري لأيِّ المواضع ِ
قدِمتُ ومالي في القديم ِ مخافة ٌ
ولا أبْتَغي ما عِشْتُ كشفَ المراجِع ِ
كما إنني أدري بأنَّكِ نجمة ٌ
فهلْ من ظنون ٍ بالنجوم ِ السواطع ِ؟
جَلسْنا وألفيْنا الجلوسَ ندامة ً
فأينَ التي صارتْ بأقصى المواقع ِ
بكينا وحِصْنُ البين ِ مازالَ بيننا
وما زالتِ الأضلاعُ بيتَ المواجع ِ
وقدْ صَنَعَتْ فيها الليالي صنائِعاً
كما صنعتْ فينا بأردى الصنائِع ِ
فما ضاعَ لي عمرٌ وأنتِ قريبة ٌ
لقد ضاعَ لمّا صارَ وجهُكِ ضائِعي
يُوَدِّعُني هم ٌّ ويأتي نظيرُهُ
وبتْنا نلاقي همَّنا بالتتابُع ِ
وسالتْ دموعُ العيْن ِ من خلجَاتِنا
لحين ٍ بهِ حانتْ ثواني التوادُع ِ
وسارتْ بنا الأيامُ شتّى طرائِقاً
وما حَمَلَتْنا ساعة ً للتراجُع ِ
لها العينُ ترنو في النهارِ مدامِعا ً
وفي الليل ِ تبقى خافراتٍ مسامِعي
وفاجعتي بالهجْرِ ما إنْ ندَهْتُها
بفاجِعَتي قالتْ ألستََ بفاجعي؟
وليتَ (بذي قارٍ) دياراً نزورُها
فما أبْعَدَ الدارَ التي شادَ قاطعي
أشارتْ لنا الأيامُ ذاتَ عَشِيَّةٍ
وقدْ ترَكتْني ضائعاً في الشوارِع ِ
نفتِّشُ عن بعض ٍ وفي عبَراتِنا
(1/17449)
________________________________________
دليلٌ على طول ِ الأسى والمواجع ِ
كِلانا نرى فينا لبعض ٍ صبابة ً
كِلانا تناسَيْنا الكرى في المضاجِع ِ
وما كنتُ أشكو في زمان ٍ بلِيَّة ً
وهَوْلُ النوى والصدِّ ليسَ بواقِع ِ
سأبكي إلى أنْ يجْمَعَ اللهُ بيننا
وأدعو بهذا اللهَ في كلِّ جامع ِ
فهلْ نفعَتْ تلكَ الدموعُ لعِلَّةٍ
وهذا نحولي في الهوى غيرُ نافعي
وتالله ِ ما في بيننا من تفاوُتٍ
كما هو بادٍ هاهنا في أصابعي
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> غريبٌ على أبوابِ العيدِ
غريبٌ على أبوابِ العيدِ
رقم القصيدة : 67173
-----------------------------------
بَيْنِي وبينَكِ ألفُ عامْ
جُزُرٌ و وديانٌ كشعرِكِ من ظلامْ
أحبَبْتُ قربَكِ والرياحُ تصُدُّ ما حَمَلَ الكلامْ
حتى الرسالةَ َ والسلامْ ........
فمتى ستجمَعُنا السنونَ وأينَ يجمَعُنا الزمانْ ؟
الشمسُ ..... أقربُ لي مكانْ
والبدرُ ..... أقربُ لي مكانْ
وأراكِ أبعدَ منهما عني وأقربَ للخيالْ
إنّي رأيتُكِ والمحالْ
والملتقى بكِ لا يكونُ سِوى سَرابْ
ودَّعْتِني فوجدتُ خاتِمَتِي عذابْ
ما ذا وهبتِ سوى الدموعْ ؟
ما ذا أخذتُ سوى ترابْ ؟
سأعودُ وحدي للدموع ِ وللضياع ِ بلا حبيبْ
سأعودُ للمُدُن ِ الحزينةِ .... للنحيبْ
وأعيشُ عمري في انتظارْ
و إلامَ ينتظرُ الغريبْ ؟
وأُسرِّحُ النظراتِ في عمُق ِ الدروبْ
حتى يقولَ لي الغروبْ .......
أ يذوبُ عمرُكَ في انتِظارْ ؟
قدْ مرَّ يا هذا القِطارْ
فأعودُ أعتنِقُ البكاءْ
وأمدُّ كفِّي للنجوم ِ فلا نجومَ ولا سماءْ
إني خُلِقتُ لكي أموتَ بلا حبيبْ
فلِمَنْ سينتظِرُ الغريبْ ؟
أ تعودُ في العيدِ القريبْ ؟
أ غداً تعودْ ؟
إني لأَحلُمُ أنْ تعودْ
وا لهفتاهُ إلى غدي
سيكونُ أمّا مَقتلِي أو مَوْلِدي
وأتى غدي .... عيداً يلُفُّ ليَ الضبابْ
يرمي إليَّ دَمَ السِّنينَ مِن الصِّبا ومِن الشبابْ
ألعيدُ أنتَ أم العذابْ ؟
قدْ كنتُ منتظراً جوابْ
أ فلا جوابَ ولا كتابَ ولا بطاقهْ ؟
(1/17450)
________________________________________
أعلى التي أحبَبْتُها حتى البطاقة ُ لا تهونْ ؟
إنْ كان ذلكَ لا يكونْ
ماذا سيهدي الغائبونَ سوى رساله ؟
أ أكونُ أرخصَ من رساله ؟
هيَ غايتي ويلاهُ هل هذا كثيرْ ؟
هيَ غايتي ... فمتى يحاسِبُكِ الضميرْ ؟
ومتى سيذكُرُ قلبُكِ الناسي حبيبَهْ ؟
هلاّ أكونُ أنا حبيبَهْ ؟
ومِن الزقاقاتِ الحزينةِ والكثيفةِ والقريبَهْ
أنْسَلُّ كالأضواءِ من مدُنِ ِ السوادْ
أنسابُ حتى في الرقادِ إليكِ يا أغلى حبيبهْ
وأعودُ كالوادي المكلّل ِ بالدموع ِ وبالأنينْ
من عالَم ٍ هو أنتِ يا أبدي الحزينْ
إنّي سأبقى في انتظارِكِ في الطريق ِ مدى السنينْ
حتّى يُذكِّرَكِ الزمانُ وربَّما لا تذكرينْ
فأعيشُ عمري للضياعْ
إني لأَكرهُ أنْ أقولَ لكِ الوداعْ
ولَرُبَّما هذا الوداعُ هوَ الأخيرْ
واغربتاهُ ... متى يحاسِبُكِ الضميرْ ؟
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> الأيام
الأيام
رقم القصيدة : 67174
-----------------------------------
قدْ أخذْنا ما لنا منذُ الصِّغَرْ
وصَبَرْنا- كم على حكم ِ القدَرْ
كلُّ شئٍِ في (بني سَعْدٍ ) بدا
حولنا واش ٍ فقاطعْتُ البَشرْ
طلَّ في ليلٍ علينا وجهُهَا
أقسَمُوا بالله ِ قد كان القمرْ
فتَدانتْ نحونا شيئا ً وقد
ماتَ أصحابي وفارقتُ البَصَرْ
كلُّها تُعجبُ نفسي كُلُّها
من عيونٍ ناعساتٍ وحَوَرْ
فإذا لاقيْتها في غفلةٍ
بهُتَتْ خوفا ً وشوقاً وحذرْ
وافترَقنا بعدَ عامٍ فإذا
كلُّ ما قد كانَ يأساً و كدرْ
فكأني حينما فارقتُها
والليالي فارَقَتْ كلَّ سَحَرْ
ليسَ لي نجمٌ يُسَلِّيني ولا
ذهَبَ الليلُ و لا طلَّ القمَرْ
وإذا وجَّهتُ وجهي نحوها
ردَّني البُعْدُ وفقدانُ الأثرْ
يا كتاباً بِتُّ في طيّاتِهِ
دمعة ً تبْكي على طول ِ الدهَرْ
كلُّ أعوامي سوادٌ راعَني
ليسَ لي فيها من السعدِ شهَرْ
ومتى أخفيْتُ منها حَزَني
نطقَ الدمعُ بحُزني و جَهَرْ
منذُ أنْ فارَقتُها صارَ دَمِي
مِثلَ عمري حجراً فوقَ حَجَرْ
يعتريني ذكرُها في غفلَتي
(1/17451)
________________________________________
فإذا أبصَرْتُهُ غضَّ البَصَرْ
أين َ أنتِ الآنَ قد عذبَني؟
َبعْدَكِ العيشُ وقد طالَ السَّهَرْ
ظِلْتُ أنعاكِ وما من طائرٍ
حاملٍ فوقَ جناحيْهِ خبَرْ
ها أنا بِتُّ أُناجي أبداً
صورةً غابتْ بآلافِ الصُّوَرْ
هذهِ الدارُ التي كنتِ بها
حولها دارَ فؤادي و استقرْ
كلَّما ناشدْتُهُ عنكِ جرى
نهْرُ أحزاني إلى كلِّ نَهَرْ
يا غريقَ البحْرِ تُنْجيكَ يدٌ
كيفَ لو يغرقُ في البَحْرِ بَحَرْ
هذهِ أنتِ وهذا قدَرِي
أشكرُ اللهَ وحظّي و القدَرْ
وأنا في عالم ٍ أزعَجْتُهُ
ببُكائي ورواياتِ الضَّجَرْ
كَلِّميني فأنا في وحشةٍ
وطريقي فيهِ شوكٌ و حُفَرْ
أنتِ والأيامُ والدنيا على
رَمَق ِ النفسٍ وأهلي والدَّهَرْ
أضعُ الآهَ على الجُّرْحِ فلا
تنتهي الآهُ ولا الجُّرْحُ اندثرْ
هذهِ خاتِمَتي قد ظهَرَتْ
مِثلما يظهرُ في الليلِ ِ القمَرْ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> صدفة ولحن قديم
صدفة ولحن قديم
رقم القصيدة : 67175
-----------------------------------
صدفة ً كانَ تلاقينا العجيبْ
واستهَلّتْ بهجة ٌ في داخل ِ القلبِ الكئيبْ
كانَ مكتوباً علينا ...
أنْ يشقَّ الحبُّ قلبَيْنا .....
ومن ثمَّ الفراقْ
وانتهى عمري احتراقاً في احتراقْ
كان مكتوباً علينا أنْ نعيشَ العمرَ أحزاناً
بآفاق ِ السنينْ
وضياعاً ينطوي تحتَ كياني
لحطامٍ من أمانينا و للدهرِ الحزينْ
صدفةً في ذلكَ العامِ ِ التقينا
ثمَّ طار الحبُّ ُ من بينِ ِ يديْنا
كنتُ أحكي لكِ عن ناري وعن كلِّ عذابي
وتركتُ النفسَ في كفيْكِ والدنيا وأنغامَ شبابي
كلُّ َحين ٍ لي مناجاةٌ ودمعٌ ونداءْ
كلُّ َ حين ٍ لي زُحاماتٌ من الأحزانِ ِ تبكي لضياءْ
قَزَعُ الحبِّ تناءى وأنا منتظرٌ يومَ اللقاءْ
أيعودُ الزمنُ الشاردُ والحبُّ ُالقديمْ ؟
كلما حرَّكتِ الأيامُ أغصاني وأشجاني النسيمْ
قد تذكّرتُ حماماتِ الوداعْ
وارتديتُ الأبدَ الباكي قناعْ
دورةً صارتْ ليالينا وغطّاها الرمادْ
(1/17452)
________________________________________
رحلَ الصُّبحُ إلى غيرِ بلادْ
حوَّلَ الدهرُ أمانينا ضباباً و رذاذا
هذهِ طعنتُكِ العمياءُ في صدري
وهذا الجرحُ هذا
أنسيتِ العهدَ إذ كنّا معاً أم تذكرينْ ؟
وأنا أُطبِقُ أنفاسي على اللحنِ ِالحنينْ
وأنا أقرعُ بابَ الدارِ في تلكَ الليالي
وتُحَيِّيني يداكِ الخاشعاتْ
ليسَ إلاّ ونعاسُ الكلماتْ
وكثيراً كان فيما بيننا الحبُّ و أسرارُ الحياة ْ
بعدَ هذا كيف يَسْلاكِِ خيالي ؟
بعدَ هذا كيف لا أبكي على تلكَ الليالي ؟
إنّهُ حالي السَّقيمْ
حنَّ للّحن ِ القديمْ
أقبلَ الليلُ البهيمْ
هدأتْ أصواتُ كلِّ العالمينْ
وأنا صوتي الحزينْ
لم يزَلْ يهتفُ في ليل ٍ ويزدادُ الصياحْ
أينَ يا محبوبتي الأيامُ قادتكِ ودوراتُ الرياحْ ؟
هو عامٌ مرَّ من دون ِ صباحْ
هو عامٌ مُثقلٌ عامُ الرحيلْ
هو عامٌ إنّما كانَ خُرافيّاً طويلْ
فيهِ قد مَرَّتْ سرابيلٌ من الذكرى
على قلبي المقطَّعْ
لستُ أدري
لستُ أسمَعْ
آه ......... ما هذا السكونْ ؟
إنني ما زلتُ أستقصي بوديان ِ الجنونْ
أتخطّى فوقَ حبّاتِ الرمالْ
أرقبُ الليلَ وأضواءَ الهلالْ
وهدوءُ الليل ِ يَرثينا طويلاً وطويلْ
فتناسَيْنا كثيراً وتذكَّرْنا قليلْ
وتوقفنا على جسرِ الرحيلْ
غادرَ الجسرُ بنا مِليَوْنَ ميلْ
كبُرَتْ ما بيننا تلكَ المسافاتُ القريبهْ
وتقولُ الناسُ قد صرتِ إلى غيري حبيبهْ
ربَّما هذا صحيحْ
ربَّما يفعلُها حظّي القبيحْ
أنتِ يا قاتلتي الأولى ويا حُبِّي الأخيرْ
إسْمَعِيني قبلَ أنْ تُسْمِعَكِ الناسُ الكثيرْ
هيَ شكوى أتحرّاها إلى أمرٍ خطيرْ
ربّما نائمة ٌُ أنتِ وقد طارَ بدُنياكِ السريرْ
أصبحَ العالمُ غدّاراً لديكْ
وثبَ الإعصارُ من صَبّ ٍ عليكْ
هيَ شكوى فاسْمَعِيها
هيَ روحٌ فاقتليها
أتعبَتني سفنُ الماضي ودوراتُ السنينْ
ضيَّعَتْني صُوَرُ الدنيا وأجراسُ الحنينْ
صدفة ً أحسستُ أنّي في روابيها وحيدْ
صدفة ً أحسستُ أني ........
شبحُ البُعدِ وأسرارُ البعيدْ
(1/17453)
________________________________________
كنتُ أدري أنها دنيا النهاياتِ الحزينهْ
بعدما صرنا أكاذيباً وكلّ ٌ في مدينهْ
بعدما صرنا سحاباً في سماءْ
أتظنّينَ غداً فيهِ لقاءْ
مضتِ الأيامُ أسفاراً وأصبَحْنا حكايهْ
قِصَّة ُ الحُبِّ التي ما بيننا
كانَ أحلى كلِّ ما فيها النهايهْ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> الأشباح
الأشباح
رقم القصيدة : 67176
-----------------------------------
سِجْني زمانُكَ والأيامُ أغلالي
حيّاً أعيشُ وحالي حالُ تمثالِ ِ
لم أدْرِ كيفَ أُلاقي مَنْ جُنِنْتُ بهِ
وكيفَ يعرِفُ غال ٍ أنّهُ غالي
ولو يغيبُ حبيبٌ قالَ عاشِقُهُ
يا مَنْ تباعدْتَ أنتَ الآنَ في بالي
أُريدُ رؤياكَ والأيامَ غافلة ً
وكيفَ رؤياكَ والأيامُ عُذّالي
فأنتَ منبتُ روحي قبلَ منبَتِها
وأ نتَ أرضٌ وإنّي رُبْعُكَ الخالي
قد كانَ أوَّلَ أيامي تباعُدُنا
يا ليتَ كان التلاقي يومَنا التالي
كنْ والياً يا حبيباً يا سنا قمرٍ
فلي ولاية ُ أحلامٍ بلا والي
بكيتُ من ألمِ ِالدنيا وقد رَحَلَتْ
إليكَ روحي لكي تبكي على حالي
وصاحبُ العقل ِ مَن يهواهُ في زمني
وإنَّ كلَّ هوى الدنيا لذي المال ِ
وقد سكنتُ بأرضٍ غابَ ساكنُها
وطالَ بينَ تلال ِ الأرضِ ِ ترحالي
فيا حبيباً أنا في عهدهِ رجلٌ
تحتَ الضياع ِ وأنتَ الكوكبُ العالي
يا كهفَ روحي التي شتّتْ خواطرُها
متى ستجمعُ هذا المتعَبَ البالي ؟
إني أُناديكَ عن بُعدٍ فلا سُمِعَتْ
إنْ لم تصِلْكَ ولم تسْمَعْ بأقوالي
لا أستقِرُّ على ذِكرٍ فأترُكُهُ
إلاّ وكانَ لذِكري التاركَ السالي
أتيتُ ليسَ سوى الرحمنِ ِ يُمْسِكُني
ولا استدارَ خيالٌ حولَ أطلالي
وقد رماني زماني دونَ نائبةٍ
حيثُ التناسيَ والحرمانُ أضحى لي
وقد تسَنَّمتُ آمالي وجئتُ بها
وهلْ تموتُ بقربٍ منكَ آمالي ؟
لكَ التحيَّة َ من ذي قاَرَ قاطبة ً
وثمَّ خالصَ تقديري و إجلالي
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> شلال الفارق
شلال الفارق
رقم القصيدة : 67177
(1/17454)
________________________________________
-----------------------------------
ودّعيني .... ودِّعيني
إنّ حينَ الهجر ِ حانْ
نصفُ عمري ضاعَ مني
في لهيب ٍ و دُخَانْ
فدَعيني أقض ِ عمراً قد تَبَقّى من حياتي
بأمانْ
وارحميني
فأنا متّ ُ غريبا ً من زمانْ
وانتهتْ في وحشةٍ منكِ حياتي
سأُسَوّي الدمعَ أنهاراً
لأ سقي ذكرياتي
سأُناجيكِ مناجاة َ الحبيبْ
سأُناديكِ نداءً من غريبٍ لغريبْ
أنتِ شلا ّ لٌ ولكنْ من فراقْ
أنتِ يامحبوبتي .... سِحْر ُ العراقْ
أنتِ أجراسٌ تنادي للّيالي
و همومٌ لم تودّعْني ولم تتركْ خيالي
أنتِ حبّ ٌ لم يزلْ ما بين قلبي
وحبيبٌ لم يزلْ طيفا ً ببالي
فارحمي حالا ً كحالي
قد طواهُ الدهرُ مثلي
ودما ً مثلَ حميم ِ الماءِ يغلي
إنََّ ذكراكِ استحلّتْ كلَّ روحي
كلَّ عقلي
فدعي ذكراكِ تمضي لحظة ً لمّا أُصَلّي
يا هلالا ً لم يعُدْ يطلعُ فوقي
يا دما ً ما زالَ يجري في عروقي
طال َ يا نسرينُ شوقي
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> وداع في الليل
وداع في الليل
رقم القصيدة : 67178
-----------------------------------
لقد تُبْتَ يا هذا فهل عدْتَ ثا نيا؟
وهل كان ما قلناهُ ليلا ً تداعيا
حكمتَ وما أنصفتَ يا دهرُ بيننا
فأبعدتَهم عني فبوعدتَ قاضيا
وقالت ليَ الأ يامُ صِلْها تحيّة ً
ليوم ٍ تكنْ فيه ِ التحايا تناجيا
تعودينَ يوماً للديارِ ؟ فقد بكى
لكِ القلبُ وازدادَ الفؤادُ مآسِيا
شهورٌ وأعوامٌ مضتْ ووجوهُكم
دليلٌ يزيدُ التائهينَ تنائيا
ذكرتُكِ ذكرى مَنْ تولّى حبيبُهُ
فحنّتْ لهُ النفسُ التي ظلّ ناسيا
يُخَيّلُ لي أنّ التلاقي حليفُنا
فلو كدتُ أنسى , قد ذكرتُ التلاقيا
تعالي ضعي بين الجوانِح ِ خافِقاً
يبيتُ الليالي ساهرَ الليل ِ شاكِيا
أ ترضيْنَ أنْ أحيا بنفس ٍ عليلةٍ
وترضيْنَ أنْ أ قضي الزمانَ تناجِيا؟
هلُمّي فإنْ لم تستطيعي فبادري
لنا في منام ٍ واستريحي ثوانيا
وليتَ لنا عادتْ ليال ٍ قضيتُها
وصالا ً ألا عودي لنا يا لياليا
(1/17455)
________________________________________
قضى صبحُ أيامي أنينا ً وذكرُها
يُراودُني واللهِ لو كنتُ غافيا
وصارتْ لنا ذكرى و ولّى زمانُها
فياليتَ عن قلبي يُوَلِّي غراميا
وياليتَ ذي قار ٍ تدانتْ لبصرةٍ
ويا ليتَ أرجاءَ الزبير ِ انتمى ليا
يقولونَ فان ٍ كلّ ُ شئ ٍ وإنني
وجدتُ الهوى يبقى و غيرَهُ فانيا
وحيدٌ وأيامي عليّ َ طويلة ٌ
فعيْني كما كانت , ونفسي كما هيا
وأما رسومُ الدارِ خرسى كأنها
سَجَنْجَلُ أوهامي الذي ظلّ باقيا
أُنادي فما للريح ِ لا تحملُ الصدى
أيا سارقَيْ قلبي ألا تسمعانِيا؟
وقفتُ وما أحسستُ إلا ّ بواقفٍ
دنا فاستوى حتى تمثّلَ داعيا
يُسائِلُني عنها وعني بفقدِها
فقلتُ لهُ ليتَ الحبيبَ يرانيا
يقولونَ ودّعْنا الخليطَ بأسْرِهِ
وساروا بها والليلُ قد كانَ ساجيا
أعادوا لنا منْ دهرِنا ما تباعَدَتْ
أحاديثُهُ عنا , فهاجَ الأسى بيا
فوا حرّ قلبي قد حُرِمتُ لقاءَ ها
وحَلّ َ غرابُ البين ِ عنها مكانِيا
لقد أخذوها أهلَها وغدَوْا بها
على خطرٍِ يرجونَ عني تجافيا
وقد صار ماضينا زمانا ً مشرّداً
وكلُّ زمان ٍ بعدها صارَ ماضيا
وإني وحقِّ اللهِ لمّا فقدتُها
بكيتُ بباب ِ الدارِ حتى بكى ليا
ولو يُهْلِكُ الشوقُ الذي في قلوبِنا
لَمَا ظلّ مسقوماً ولا ظلّ صاحِيا
وأحبَبْتُها حُبّ َ الخليل ِ لخِلِّهِ
وما مِثْلَ عشْقي عاشِقٌ في زمانيا
ولا ذرفتْ عينٌ وناحتْ حمامة ٌ
ولا طأئرٌ إلاّ أرادَ التلاقيا
وما ذكرَ القلبُ الذي مرَّ وانقضى
من العهدِ إلاّ بَلّلَ الثوبَ باكيا
سلامٌ لها ما طالَ عمري وبعدَهُ
سيأتي سلامُ الغائبينَ قوافيا
فربّ رجاءٍ خابَ فيمَنْ رجَوتَهُ
وربّ سكوتٍ نالَ ما أنتَ راجيا
وإنكِ بدرٌ في الحياةِ ودَدْ تُهُ
ومَنْ يعْشَقْ الأقمارَ يَلْقَ اللياليا
ومَنْ طالَ فيهِ الهمّ ُ أخفى همومَهُ
ومَنْ عَرَفَ الدنيا أ قَلّ الأمانِيا
وإنّ الذي يخلو من العشق ِ قلبُهُ
كمَنْ عاشَ في الدنيا من القلبِ خالِيا
ولم يَبْقَ للأيام ِ عندي سوى الكرى
(1/17456)
________________________________________
ولم تُبْق ِعندي غيْرَ ذكراكِ باقِيا
ولي فيكِ حاجاتٌ يطولُ حديثُها
إذا قلتُها يوماً فقدْتُ المُواسِيا
ونحنُ كقول ٍ قالهُ الدّهرُ بعدَما
رَمانا كما يرمي الكلامُ المعانيا
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> صوت الوجود
صوت الوجود
رقم القصيدة : 67179
-----------------------------------
وفقدتُها
وأنا أعاني من قساوةِ ألفِ جرح ٍ أو يزيدْ
أتذكّرُ الماضي البعيدْ ...
أبكي أحنُّ إليكِ أعرفُ أنّ قربَكِ مستحيلْ
من فوقِنا ... من تحتِنا ومن الامامْ
موجٌ تكرّسَ من رحيلْ
إني أطيرُ إليكِ من ألمي
ولقد تطايرَ كالرذاذِ دَمِي
أجتاحُ أوهامي إليكِ وضجَّ من عدمي
صوتُ الوجودِ وثارَ حرماني
وذكرتُها والذكرياتُ لديّ أطولُ ماتكونْ
يا ليتَ مَن لا يعرفونْ
عرَفوا بأنكِ أنتِ عنواني
أغتالُ أوهامي وأقتلُ بعضَ وجداني
ولقد ذكرتُكِ ألفَ عام ٍ ثم عدتُ بلا جناحْ
ظلّ الغمامُ يدورُ فوقي والرياحُ هي الرياحْ
لم أدر ِ ما ذنبي أدورُ بلا مدارْ
و تُعسْعِسُ الأيامُ حتى لا سبيلَ إلى النهارْ
وفقدتُها وأنا غريبْ
والأهلُ غابوا والديارُ هناكَ تندبُ بالنحيبْ
والعمرُ ضاعَ ولا طريقَ إلى الوجودْ
لو كنتُ أقدِرُ أن أعودَ لِمَنْ افكِّرُ أن أعودْ ؟
إني أحِبُّكِ والطريقُ إلى وداعْ
أهواكِ من أزل ٍ وأعرفُ أنّ خاتِمَتي الضياعْ
البردُ والشمسُ البعيدةُ عن مداري
بعدٌ وهذا البعدُ من دستورِ حبّي واختياري
فإلى متى تتعذ ّبينْ ؟
وأنا الذي أشعَلتُ ناري
وإلى متى تتغرّبينْ ؟
وأنا الذي غادرتُ داري
ولقدْ بكيتُ لها وطالَ توجُّعي
وتزيدُ آلامي هنا وتطولُ
والهجرُ كنتُ أُريدُهُ ولقد جرى
فإذا بقلبي للقاءِ يجولُ
سأبثُّ مافي داخلي من وحشةٍ
لو كان يحمِلُهُ إليكِ رسولُ
قد طالَ بُعْدُكِ والديارُ بعيدة ٌُ
وأنا على نارِ الهوى محمولُ
وقصدتُ إنجيلَ الهوى فتلوتُهُ
وإذا لكلِّ متيّم ٍ إنجيلُ
ويطولُ صمتي والهواجسُ تستحيلُ إلى نداءْ
ألماً وحرماناً وطيفاً ليس إلا واشتهاءْ
(1/17457)
________________________________________
مرّتْ بنا الأحلامُ والزَمنُ السريعْ
لم يبقَ دونَ قبورِ أحلامي سوى الأمل ِ الصريعْ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> مناجاة
مناجاة
رقم القصيدة : 67180
-----------------------------------
رحلتِ بعيدا ً والرحيلُ طويلُ
ولي كلَّ يوم ٍ في جفاكِ رحيلُ
متى نلتقي والهجرُ طالَ زمانُهُ
وحلَّ بقربي شامتٌ و عذو لُ
فإنْ كانَ في ذي قارَ خِلٌّ نودُّهُ
لكانَ بهِ من ناظريْكِ مثيلُ
يقولونَ لي بالأمس ِ كنتِ قتيلة ً
وإني على طول ِ الغيابِ قتيلُ
تعالي لمن ماتَ الربيعُ بقلبِهِ
فمالي سواكم في العراق ِ خليلُ
لها في نواحينا الجميلةِ لوعة ٌ
وشوقٌ وفي سوق ِ الشّيوخ ِ طلولُ
وكيف على هذا الفراق ِ ألومُها
وللدهر ِ في هذا الفراق ِِِِِِِِِ سبيلُ
وما هيَ نادت للفراق ِ وعهدِهِ
ولكنّ حظي في اللقاءِ قليلُ
لعهدِكِ عودي مَنْ سقاكِ بغدرِهِ
ومَنْ حالَ فيما بيننا ويحولُ ؟
أموتُ وأحيا والديارُ بعيدة ٌ
ومالي الى تلك الديار ِ سبيلُ
اناجيكِ ممنوعا ً يموتُ بغيظِهِ
ونجوايَ في ليلي الطويل ِ تطولُ
منعْتِ تلاقينا وأنتِ كريمة ٌ
فكيفَ زماني والزمانُ بخيلُ
وإنْ تسألي عمّنْ ثوى في ديارِهِ
عزيزاً فإني في نواكِ ذليلُ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> شبحُ الهلال
شبحُ الهلال
رقم القصيدة : 67181
-----------------------------------
العيدُ أقبلَ يا امْتِثالْ
ياللثواني المسرعاتِ ويالساعاتي الطوالْ
أقْبَلْنَ كالذكرى بأشرعةِ الخيالْ
يعزِفْنَ ألحانَ السّؤالْ
هل أنتَ حين أتى الهلالْ
ناديتَ عودي يا امتثالْ ؟
تلك المحالة ُ لن تعودَ مدى الزمانْ
يا ليتني طيرٌ أطيرُ إليكِ من هذا المكانْ
حتى أُواريكِ الدموعَ ولوعة َ القلبِ الكسيرْ
حتى الطيورُ معا ً تسيرُ
وأنا الوحيدُ أسيرُ وحدي فوقَ خاطرةِ الرصيفْ
والعيدُ والأشواتُ والظلُّ الكثيفْ
أنا دونكِ الشبحُ المخيفْ
أنا دونكِ السُحُبُ الأسيرة ُ للدموع ِ وللرياحْ
(1/17458)
________________________________________
هو ذاك يبكي يا امتثالُ أتسمعينَ صدى صياحْ
سَلّمتُ نفسي للعواصفِ أينما صفقَتْ جناحْ
أنا دونكِ العدمُ الطويلْ
في كلِّ شئ ٍ فيكِ كانْ
عونٌ علَيّ مع الزمانْ
في كلِّ شئ ٍ فيك كانْ
طالَ التأمُّلُ فيهِ والمزنُ الكئيبه
تهوي وأضواءُ الحبيبه
ماوالَ يذكُرُها ظلامي
ما زلتُ أهديها سلامي
أنا في انتظاركِ لا انتظارِ العيدِ لا شبح ِ الهلالْ
عمرا ً مديدا ً يا امتثالْ
أنا يا امتثالُ وقد أموتُ هنا
لكنّ شعري لا يموتُ سَنا
كالشاطئ ِ المهجورِ كالصحراءِ في الدنيا أنا
ألقاكِ حتى في الطبيعه
عيناكِ كالأشجارِ تسكنُ فيهما نفسٌ صريعه
هي نفسُ تلك النفس ِ ليسَ لها طريقْ
أنهارُكِ الشقراءُ في أبدي الغريقْ
ترميهِ في الأوحال ِ من شبكِ الرّواحْ
هو ذاكَ يبكي يا امتثالُ أتسمعينَ صدى صياحْ
أتسمعينْ ؟
أم تذكرينَ مدى الدموع ِ وغاية َ الحرمان ِ فيه
نادت حشاشتُهُ الغريقة ُ فاسعِفيه
اسطورة ُ الموتِ الرهيبِ تموتُ فيه
خلف اللقاءاتِ العقيمه
نجمٌ هوى من عينِكِ الخضراءِ
يعزفُ لحنَ أُغنيةٍ قديمه
غابتْ نسائمُ ذكرياتي
حتى أزِمَّة ُ أمنياتي
في عالم ٍ كالريح ِكالأوهام ِفي مدن ِ الخيالْ
فالعيدُ أقبلَ يا امتثالْ
والعيدُ أدبرَ يا امتثالْ
ويلاهُ لكنْ لم تعودي
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> ساعات تحت النار
ساعات تحت النار
رقم القصيدة : 67182
-----------------------------------
متى بربِّكِ يا شقراءُ نتّفقُ
فا لعمرُ عرّجَ والساعاتُ تحترقُ
لو تعلمينَ بما أُخفيهِ من علَل ٍ
لَكانَ أجهدَكِ التعليلُ والقلَقُ
ضعفٌ ألَمَّ بنفسي في حقيقتِها
والصبرُ يحملُها والبعدُ والحُرقُ
لا قلبَ عندي ولا خِلّ ٌ يؤانِسُني
إلا العيونُ التي أبلى بها الأرقُ
إنَّ البداية َ قد كانت نهايَتَنا
وفي النهايةِ يا شقراءُ نفترقُ
كم من حبيبٍ عزمنا أن نفارقَهُ
وحاسدٍ حينما ألقاكِ يخْتَنِقُ
أهوى الظلامَ وأخشى أن يفارقَني
لأنّ وجهَكِ بدرٌ فيهِ يأتلقُ
(1/17459)
________________________________________
تبكي الكواكبُ من حُبٍّ لطلعتِها
فاجْلُسْ إلى أنْ تراها أيها الأُ فقُ
باتتْ وبتنا على بعدٍ نخاطبُها
وإنْ مَشَيْنا لبعض ٍ طالت الطرقُ
إلى متى وفيافي الهجر ِ عاذلتي
يبقى من النفس ِ ينعى هجرَكِ الرمقُ
مالي وثقتُ بدهرٍ لا أمانَ لهُ
وكنتُ في أهل ِ هذا الدهرِ لا أثقُ
قصيرة ٌ كالرياحين ِ التي نبتتْ
وفاضَ منها أريجٌ طيِّبٌ عبِقُ
هي الهناءُ وهذا الأسمُ منسَجمٌ
بمثلِها وعليها الأسمُ ينطبقُ
عهدٌُ علينا اذا مالدهرُ فرّ قَنا
تبقى القلوبُ إذا الأجسامُ تفترقُ
ستقرأُ الناسُ أوراقي وتذكرُني
ولو أموتُ سيبقى الحبرُ والورقُ
ولي بكلِّ زمان ٍ ألفُ قافلةٍ
لو متُّ تأتي لتنعاني و تنطلقُ
أُراقبُ العمرَ من حبّ ٍ لرُؤيتِها
وتستطيرُ أسىًَ روحي وتحترقُ
سحرٌ لها كلما أمعنتُ رؤيَتَهُ
وجدتُهُ عُمُقاً في عمقِهِ عُمُقُ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> اليوم الأخير
اليوم الأخير
رقم القصيدة : 67183
-----------------------------------
وأنا أُحضِرُ للتوديع ِ أنفاسي الأخيره
كنتُ أسترجعُ ما قلناهُ في اليوم ِ الأخيرْ
كانت الساعة ُ كُثْباناً من الرّمل ِ
ومن حرِّ الهجيرْ
تحتَ أضلاعي تبَدّتْ
يا لأضلاعي الكسيره
كانت الساعة ُ أياماً قضيناها وعهداً لا يعودْ
فتجاوزنا سدوداً وتخطّيْنا سدودْ
وتجاوزنا الى أقصى الحدودْ
بكلام ٍ كان في أعراصِنا ورداً ونسرينا ً
وأسرابَ طيورْ
لحظاتٌ ذوَتْ الأوراقُ فيها والزّهورْ
أتَسَنّاكِ بآهاتي وفي ساح ِ انتظارْ
كلماتٌ ليس فيها أيّ ُ معنى للنهارْ
وتذكرتُ الكلامَ المستباحْ
وترَنّمْتُ بما جاء الصباحْ
جاء كي يسألَني عنكِ وعن ذاك الحنينْ
ربما شاهدَ شيئا في عيون ِ العابرينْ
ذاك لما حمَلَ البحرُ الصواري
وأنا فيهِنّ في ظل ِّ انتظاري
تائِهٌ في كلماتْ
جئنني منكِ على شكل ِ رساله
كنّ لي ماءَ الحياة ْ
ثم مرّتْ لحظاتْ
وتجلّتْ لي عناوينُ الحقيقه
إنها كانت رساله
كتَبَتها لكِ أوهامُ صديقه
(1/17460)
________________________________________
حيثُ شجّتْ سكَراتُ الحبِّ في كنهِ العقولْ
يا لِحظِّي
وأنا أُوهمُ نفسي وأقولْ
هيَ لي تلكَ العباراتُ الحزينه
هي أحلامُ الخلودِ المُسْتبينه
أين تلكَ الهمساتُ الساكناتْ ؟
أين تلكَ الشذراتُ الناعياتْ ؟
أين تلكَ الخاطراتُ الباكياتْ ؟
وأنا صدّقتُ تلكَ النفثاتْ
نفثاتِ الصدر ِ والقلبِ الغريبْ
تحتَ أبعادِ الكلامْ
قلبِ مَنْ قد كتبتْ تلك العباراتِ الحزينه
و رمَتْها لي يدٌ ما زلتُ أهواها كثيرْ
جئتُ أسترجعُ ما قلناهُ في اليوم ِ الأخيرْ
جئتُ كي أرمي أمامَ الأعيُن ِ الخضراءِ
أحزاني وطولَ الإنتظارْ
جئتُ أرمي سُلّمَ الصبح ِ لأقدام ِ النهارْ
جئتُ ألقي أحرفَ البعدِ لآفاق ِ البدايه
هي ذي نفسُ النهايه
حَسَرَاتٌ .. عبَراتٌ تترقرقْ
كلُّنا في دورةِ الأيام ِ نعشقْ
فتعالَيْ واخلعي ثوبَ الدلالْ
لم تزلْ نفسي تغني وتنادي يا امتثالْ
لم تزلْ تُقرعُ أجراسٌ هناكْ
في المحطاتِ البعيده
ولماذا في المحطاتِ البعيده؟
إنها الاغلالُ والأيدي العتيده
وقيودٌ و كلاكِلْ
تسحقُ الأحناءَ في قلبي وتصطكّ ُ السلاسِلْ
يا لآلامي الطويله
يا لأضوائي الكليله
لم تدعْ فيها الليالي دونَ أشباهِ الضياءْ
فتعالي قبلَ أنْ يأتي المساءْ
بعدَ أنْ يأتي المساءْ
واعلمي أني سأهواكِ الى يوم ِ القيامه
لا اُبالي بلسان ِ العذل ِ أو صوتِ الملامه
فاحمِلي ياريحَ أوراقي بعيداً وبعيدْ
وانشُريها حولها قائلة ً ... ماتَ وحيدْ
ماتَ لو زرتِهِ يحيا من جديدْ
من هنا تمتدّ ُ أجناحُ السلامه
فننٌ ... أرضٌ ... رياحٌ ... وحمامه
من هنا غابتْ شموسُ الصابرينْ
من هنا مرّتْ ركابُ الراحلينْ
من هنا ارسلْتُ إخلاصي وأطلَقتُ الحمامه
واعلمي أني سأهواكِ إلى يوم ِ القيامه
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> همسات القدر
همسات القدر
رقم القصيدة : 67184
-----------------------------------
اُخفي جراحاً من ليالي الكدرْ
وصورة ً من عشَراتِ الصُورْ
جاءتْ وقد بتّ ُ الى خدِّها
(1/17461)
________________________________________
أرنو وقد طالت ثواني النظرْ
كالشمس ِ حيناً ساحرٌ نورُها
حيناً تُلاقيني بوجهِ القمرْ
نفسي تقاضتْ حبَّها وارعوى
في حبِّها جسمي وحتى البَصرْ
وكنتُ في يومٍ لها كارهاً
وناظراً لها بعيْن ٍ شزرْ
أما وأني الانَ أحبَبْتُها
حُبّاً خَلا منهُ جميعُ البشرْ
أشكو لعينيها فلم تكترثْ
وخاطري في شبكاتِ الخطرْ
أرى بعينيها اخضرارَ الشّجرْ
وفي ثناياها هديرُ البحَرْ
كأنّ أسواراً بَنَتْ بيننا
في هذهِ اللحظةِ أيدي القدَرْ
شقراءُ مِثلُ الصبح ِ في وجهِها
تسَتّرَتْ عني سِتارَ السّفَرْ
إنْ غابتْ الليلَ أبِتْ باكياً
فكيف لو غابتْ علينا الدهرْ ؟
تمشي كساعاتي اذا جئنَني
يبكينَ لي من خطَواتِ الشّهرْ
يا خافِتَ الصوتِ ألا تتقي
قتلي ؟ فانّ القتلَ لا يُغتفرْ
ماءٌ على نورٍ على وردةٍ
فيها بياضٌ من بياض ِ القمَرْ
فيها ليال ٍ من ليالي الشِّتا
ونفحة ٌ من نفحاتِ السّحَرْ
شِفاهُها وردٌ نديّ ٌ على
سحابةٍ من نفثاتِ الزّهرْ
فوجهُها سِحرٌ على رِقّةٍ
وقلبُها من صفحاتِ الصّخرْ
صوتٌ شجيّ ٌ ناعسٌ غارقٌ
حلوٌ حزينٌ فيهِ لحنُ الوَتَرْ
وحُبُّنا في العنفوان ِ الذي
تِسْعُ ليال ٍ عمْرُهُ في شهَرْ
أُفكّرُ الليلَ بميعادِنا
تأخذني طوراً وتأتي الفِكرْ
عنوانُنا الماضي وأطيافُنا
ما غاب عنها في الغيابِ الأثَرْ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> متى اللقاء
متى اللقاء
رقم القصيدة : 67185
-----------------------------------
عيني تفتِّشُ عنكِ أبوابَ المدائن ِ والكهوفْ
نفسٌ تدورُ بآخرِ الدنيا إليكِ بلا وقوفْ
وهَجٌ هيَ الكلِماتْ تُحرِقُني فتلتهبُ الحروفْ
نفسي تحنّ ُ إليكِ وا ختبأ المكانْ
حسَراتُ صدري كالعَواصِفِ ...
كالضبابِ ...
و كالدُخانْ
ليتَ النسيمَ إليكِ يحمِلُني
شوقي إليكِ يكادُ يقتلُني
أينَ الليالي قد رمتكِ وأينَ قافلة ُ اللقاءْ ؟
ليَ خاطراتٌ أ نتِ أحرفُها تطيرُ معَ الهواءْ
يا تاركي نفسي الغريبةِ كالسّحابِ
متى اللقاءْ ؟
(1/17462)
________________________________________
عمرٌ تقطّعَ في انتظارْ
فمتى يعودُ ليَ النهارْ ؟
سكتَ الحديثُ وطالَ صمتُكِ
والعيونُ الى الطريقْ
أشجارُ شارِعِنا أحاطَ بها حريقْ
والماءُ أبعدُ من لقائِكِ والحياة ُ الى انقِطاعْ
فتسارَعَتْ أُسُسُ الضياع ِ ...
إليّ واجتمَعَ الضياعْ
قد ضاعَ عمري في دموع ٍ وانتهى
وتساقطَتْ نفسي وما مِنْ مُنقِذٍ
أيكونُ للأقدارِ بيتٌ أنتِ فيهْ ؟
أودَعتُ فيهِ خواطِري وبكيْتُ مِنْ ولَهٍ عليهْ
أيكونُ يُخْدَعُ مَنْ يُحِبُّكِ أو يتيهْ ؟
فأنا أُحِبُّكِ والزمانْ
خوفٌ وأنتِ هيَ الأمانْ
والحظّ ُ قد أضحى عليّ َ وطولُ دربي
فوقعتُ بينَ الدهرِ والأيام ِ والدنيا وقلبي
لكنّ مثْلي لا يكونُ لمِثْلِها
فأنا فقيرْ
الحزنُ أموالي الكثيرة ُ والدموعُ هي الحريرْ
أسوارُ حبّي كلُّها في قبضةِ الدَم ِ والنقودْ
يا قاتِلَ الأحلام ِ قلْ لي بالسّماءِ .. متى تعودْ ؟
فأنا أتيتُ وفي يدي أملي
وسواكِ لمْ يترُكْ زمانُكِ لي
أخذ الزمانُ جميعَ ما عندي
نقضَ الزمانُ بما مضى عهدي
وأُريدُها يوماً تضيقُ بهِ المآرِبُ والدروبْ
ألَمِي تصاعَدَ للعيون ِ وفي تلاقيكِ الدواءُ
متى اللقاءُ ؟ متى اللقاءْ ؟
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> لحن المودع
لحن المودع
رقم القصيدة : 67186
-----------------------------------
لنا دمْعُ محروم ٍ ولحْنُ مُودّع ِ
الى أنْ تعودي ذاتَ يوم ٍ وترجِعي
بكى لكِ قلبي ثمّ سالتْ مَدامعي
على وجَناتي أربعاً فوقَ أربَع ِ
أصيحُ وأنفاسي تموتُ بصيْحَةٍ
وتحيا بأُخرى واللظى تحتَ أضلُعي
نعيتُكِ من قبل ِ الفراق ِ مخافة ً
فراقاً , فما زادَ الفراقُ بمرتَعي
وما ذهَبَتْ مني الحُشاشة ُ بعدكم
ولكنني أحيا بقلبٍ مُقَطّع ِ
فياخلة َالقلبِ الذي صدّعَ الهوى
اليّ تعالَيْ ساعة َ الموتِ واسرِعي
ولما بكتْ عيني وفاضتْ مدامِعي
تطلّعتُ أبعادَ الطريق ِ بمَسْمَعي
وخلّفَ في جسمي التنائي توجُّعاً
بهِ لوعة ٌ مِنْ كلِّ باكٍ ومُوجَع ِ
(1/17463)
________________________________________
هنا أنتِ في قلبي وحبُّكِ في دَمِي
وذكرُكِ في نفسي وطيفُكِ مضجعي
وإنّا معاً ما طالت الارضُ بيننا
فشخصُكِ مفقودٌ وأطيافُهُ معي
تفيضُ جراحي مِنْ دَم ٍ ذي حرارةٍ
فيا عصفة َ الأحزان ِ تيهي وودّعي
قضيناكَ يا عمرَ الفراق ِ مناحة ً
وللنفس ِ فينا مصرعٌ بعدَ مصرع ِ
غريبٌ أنا والأهلُ عني تباعدوا
وعشتُ بقلبٍ ثاكل ٍ مُتَقطِّع ِ
فوا أسفي شطّ الوصالُ وهاجَرتْ
فواصلتُ آهاتي بنوح ٍ ومَدْمَع ِ
فواللهِ عندي لوعة ٌ للقائِها
أنا الميِّتُ المقتولُ قلبي مُشَيِّعي
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> أمل
أمل
رقم القصيدة : 67187
-----------------------------------
أملٌ غابت هنا انوارُهُ
وسنا الأحلام ِ عنهنّ انقطعْ
خفتَ الشمعُ على موقدِنا
وعلى أجنحةِ الليل ِ سطعْ
وتبدّى الحبُّ ُ ناراً بدمِي
ربَّ نارٍ من دَم ٍ لا تُنْتزعْ
كيفَ لا أبكي على الذكرى دماً
ربّ شئٍ ذاهبٍ لا يُرتجعْ
وإذا غابَ هلالٌ فاصطبرْ
إنما البدرُ إذا غابَ طلعْ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> ظلال وذكرى
ظلال وذكرى
رقم القصيدة : 67188
-----------------------------------
وذكرتُ صورتَكِ الحبيبة َ وانتهيتُ الى شجونْ
ذكراكِ أوّلُ ما أكونْ
ذكراكِ آخِرُ ما أكونْ
أحسستُ بالأحلام ِ أعمدة ً رُخامْ
بيضاءُ تأتلِقُ الجوانِبُ ثمّ تقطعُ في الظلامْ ...
أميالَ أبعدَ من حنيني
رُحْماكِ ....
تحرسُني حكاياتي ويسرِقُني أنيني ...
فأجوبُ أرصِفة َ الوداع ِ اليكِ يُجهِدُني الذ ّمِيلْ
أخشى من الأيام ِ تأخذ ُكِ
أخشى من الأيام ِ تُبْعِدُ كِ
عيناكِ لؤلؤتان ِ خضراوان ِ ...
يرقصُ فيهما اللحنُ الحنونْ
وأرى بأنّ الدهرَ يُبْعِدُكِ
فأموتُ حزناً حينَ أفقِدُكِ
وأكونُ للأشواق ِ بيتاً من رمادْ
وأعيشُ عمراً لا منامَ ولا رُقادْ
هيَ من بقايا الروح ِ والأمل ِ الوحيدْ
إني أُحِسُّكِ كالندى النائي ...
وكالسّحَرِ البعيدْ
من خلفِ آلافِ الجبال ِ يدُقّ ُ صوتُكِ في فؤادي
(1/17464)
________________________________________
ويدي اليكِ أمدّ ُها من بين ِ آلافِ الأيادي
وعسى تعودُ يدي وتحمِلُ منكِ طيفاً أو كِتابْ
أتعودُ حامِلَة ً سرابْ ؟
إني أُحِبُّكِ والنهاية ُ في الجوابْ
ومتى يكونُ هو الجوابْ ؟
لو جاءَني لوضعْتُ أجزائي على ظلِّ اللقاءْ
أمسكتُ خيطاً منكِ ... أو خيطاً الى وجهِ السّماءْ
مهما وما بعُدَ الطريقُ لكِ
أبقى أمرّ ُ على الحياةِ بكِ
وتجذ ّ ُ صورتُكِ المسافاتِ الكبيرة َ من خيالي
وتعودُ مثلَ الأمس ِ تُرهِبُني و تُحْرِقُني ظلالي
والى متى يبقى الطريقُ من الضبابِ الى الضبابْ ؟
اني اُحِبُّكِ والنهاية ُ في الجوابْ
و متى يكونُ هو الجوابْ ؟
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> ساعتان مع الغروب
ساعتان مع الغروب
رقم القصيدة : 67189
-----------------------------------
وذكرتُ يا (مثلايَ) وجهكِ حينَ قابَلَني الغروبْ
أمسَكْتُ أوراقي وكادتْ مهجتي الحيرى تذوبْ
وذكرتُها والشمسُ في الأُفق ِ البعيدْ
ناديتُ يا (مثلايَ) يا وطني الفقيدْ
الطيرُ يعجزُ عن وصولِكِ والبريدْ
إني أراكِ من النساءِ وأنتِ لستِ من النساءْ
لولا يُمانعُني الحياءُ لضجّ قلبي بالبكاءْ
لم يبقَ لي الاّ الدموعْ
ليلٌ تُداعبُهُ الشموعْ
أيلومُني أحدٌ إذا سمِعَ الأنينْ ؟
واذا كتبتُ على الزمان ِ.... أنا حزينْ
قد ضاعَ مني كلّ ُ شئ ٍ ...
دارُ اللقاءاتِ الحبيبةِ والحبيبة ُ والسنينْ
وتباعَدَتْ رُسُلُ الحبيبْ
وفقدْتُ أحلى الأُمنياتِ وصرتُ في الدنيا غريبْ
لم أدْرِ من أينَ الطريقُ وأينَ أنوي الإتجاهْ
واضيعتاهُ .. ..
وطالَ في الدنيا غيابُكِ واغترابي
ومن النجوم ِ نزلتُ أبحثُ عن كتابي
في كلِّ ظالمةٍ لعلّ هناكَ ملجأَ من عذابي
فوجدتُها وكشفتُ عن عِللي
وبكيتُ من لهفي على أملي
في ساعةٍ أحسستُ بعد ضياعِها ...
أني أودّعُ ألفَ عامْ
حتى سكوتُكِ كانَ أروعَ من كلامْ
ودّعتُكِ الامس القريبَ وعشتُ في الدنيا وحيدْ
ستعودُ أحزاني اليّ وأنتِ في أمدٍ بعيدْ
(1/17465)
________________________________________
أشتاقُ أنْ أبكي أمامَكِ من همومي
رحلَ الجميعُ وأنتِ جالِسَة ٌ فقومي
عودي اليّ أنا وحيدْ
أنا الغريبُ أنا البعيدْ
عودي فقد رحلَ الجميعُ وبتّ ُ وحدي
وفقدتُ عنوانَ الوجودِ وتاهَ رُشدي
وإذا بعابرةٍ تمرّ ُ عليّ تقرعُ بابَ حزني
لاقيتها وبدأتُ أبعدُ عن خطاها
ناشدتُها مَنْ أنتِ ؟ فاحتضنتْ نداها
ناديتُ عودي يا (امتثالُ) فأنتِ أبعدُ من مداها
هيَ ساعتان ِ وبعدَها لا نلتقي
والشمسُ تجنحُ دائِماً لغيابِ
تتسارعُ الأيامُ حتى جاءني
نبأُ الفراق ِ وجفوة ُ الأحبابِ
ستطولُ بعدَكِ رحلتي وتشرّدي
وتطولُ بعدَكِ أدمُعي وعذابي
ملأ الأنينُ جوانحي وخواطري
ولقد طويتُ على الهموم ِ كتابي
هي ساعتان ِ وترحلينَ لِمَا وراءَ النائياتِ من الروابي
هي ساعتان ِ وتعرفينْ ....
أني أموتُ إذا فقدتُكِ يا حياتي
هي ساعتان ِ وتعرفينَ ...
بأنّ بُعْدَكِ قد يقودُ الى مماتي
شقراءُ أنتِ دمِي المسافرُ والحزينْ
هيَ ساعتان ِ و تعرفينْ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> رحلة الشرايين
رحلة الشرايين
رقم القصيدة : 67190
-----------------------------------
أبكيكِ مِنْ مُدُن ِ الأحزان ِ فابكيني
يا عينَ مَنْ كانَ في همّي يواسيني
قالوا نساكَ وقلنا غيرَ ما ذكروا
وكيفَ مَنْ كنتُ في ذكراهُ ناسيني
قد كانَ حينَ يطولُ البُعْدُ يقصِدُني
واليومَ ماعادَ في الأحلام ِ يأتيني
فما تَرحّلَ في أرض ٍ ولا وطن ٍ
إلاّ ترحّلَ أيضاً في شراييني
يسيرُ في النفس ِ أنفاساً أُرددها
طوالَ عمري وأنّاتي تُسَلِّيني
أنساهُ حيناً وأحياناً يُقابلُني
وهكذا الحالُ من حين ٍ الى حين ِ
كنّا قبيلَ النوى عُرْفاً نشمّ ُ بهِ
حتى تناءَى لَجَأْنا للرياحين ِ
أصبحتُ أكتمُ آهاتي لأُعلِنَها
متى وقفتُ قريباً من عناويني
فلا رجوتُ تجافي مَنْ يُجافيني
ولا رَجَوْتُ تُلاقي مَنْ يُلاقيني
التاركينَ دَمِي... دمعاً أجودُ بهِ
أنا العليلُ ولا شئٌ يُداويني
ولا تعَلّلتُ الاّ في تذكّرِكُم
(1/17466)
________________________________________
فإنْ تذكّرتُ عادَ الذِكْرُ يُبْكيني
مُكبّلٌ بسرايا الهمِّ مُتّصِلٌ
بمَنْ يُغَنّي على مَهْل ٍ ألاحيني
مُحرّقٌ أنا لا بردٌ ألُفّ ُ بهِ
جسمي وما زِلْتَ بالنيران ِ تكويني
وكانَ حظي من الاحبابِ يُقصيني
بمثلِما رَمَتْ الأيامُ يرميني
ما زلتُ أسبحُ في جَوّ ٍ وفي بلدٍ
فوقَ النجوم ِ و حظي لا يُلاقيني
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> رسالة جنون
رسالة جنون
رقم القصيدة : 67191
-----------------------------------
أطولُ الصّمْتِ أم طولُ الغِيا َبِ
أحَبّ ُ اليكَ مِنْ هذا العذابِ
نعيتُ أحِبّتي دهراً لأني
يئسْتُ من الإيابِ معَ الغِيابِ
وعمري لم يزلْ عشرينَ عاماً
وقد ولّى على صغرٍ شبابي
أجوبُ الأرضَ والوديانَ سعياً
لرؤياكم وأنتم كالسّرابِ
جلستُ ولستُ أُحرجُ من صديق ٍ
وإنْ أضحى يزيدُ عليّ ما بي
تخاطبُني الجبالُ و كنتُ طفلاً
فما لي في مخاطبةِ الرّوابي
جرى جُلّ ُ الحبائبِ في ذهابٍ
ويجري العمرُ في سُفُن ِ الذهابِ
فكم من فرصةٍ ضاعتْ لدينا
وقد مرّتْ بنا مَرَّ السِّحابِ
لقد شقّتْ نبالُ الدهرِ قلبي
فهلْ أخشى مُلادغة َ الذبابِ
شكوتُ طوالَ بُعْدِكَ عُدْ لنفسي
فقد عللتُ نفسي في اكتِئابِ
عذرتُكَ ثم عدتَ الى قتال ٍ
وبعدَ العُذرِ تنزيلُ العِقابِ
وما الدّنيا من الإدبارِ إلاّ
بمنزلةِ السطورِ من الكتابِ
فقد أصبحتَ يوماً ذا ثيابٍ
فضاجعتَ المساءَ بلا ثِيابِ
وقد عمّرتَ دارَكَ في صباح ٍ
فأمسَتْ منكَ تقبعُ بالخرابِ
إذا ما مرّ بي منكم رسولٌ
يرى لا شخصَ لي لولا خِطابي
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> نفثات الروح
نفثات الروح
رقم القصيدة : 67192
-----------------------------------
أبكي من الناس ِ لا أبكي من السّقَم ِ
ناراً وجودي بها شئٌ من العَدَم ِ
كفى بأني شبابٌ لا شبابَ لهُ
قد زارَني الشيبُ من رأسي الى قدَمي
وصارَ دهري قريباً مِنْ مُحارَبَتي
وصرتُ فيهِ كمخلوق ٍ بغير ِ فم ِ
(1/17467)
________________________________________
ما سَرّ قلبَ بعيدٍ أنتَ تُبْعِدُهُ ؟
إني ابتسَمْتُ وقلبي غيرُ مُبْتَسِم ِ
وصرتُ وحدي أُناجيكم وأذكرُكُم
وبتّ ُ أغرقُ بينَ الحِبْرِ والقلَم ِ
يا تاركينَ على النيران ِ منزِلَنا
ونائمينَ على بُعْدٍ ولم أنم ِ
لو أنّ إحدى اللواتي قد هُجِرتُ بها
خوفي عليكم فهذا الخوفُ من كرَمي
مالي أُناجيكَ محروماً غدَرتَ بهِ
وأنتَ تغرقُ في صمتٍ و في صمَم ِ
حتى جلستُ كريماً لا كريمَ لهُ
والحُرّ ُ يجلسُ أحياناً على الندَم ِ
في الناصريّةِ قلبي منذُ هجرتِنا
مثلُ السّجين ِ ودمعي صارَ مثلَ دمِي
خلتْ هواكَ دياري فيمَ أملؤُها
وناظري بعدما غبتُمْ عليهِ عُمِي
يا قمّة َ العِفّةِ البيضاءِ في زمن ٍ
فيهِ الجبالُ تظنّ ُ الظنّ َ بالقِمَم ِ
وأنتَ نجمٌ على (بغدادَ) في غسَق ٍ
وأنتَ بدرٌعلى (ذي قارَ) في الظُلَم ِ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> اتركيني
اتركيني
رقم القصيدة : 67193
-----------------------------------
اتركيني غارقاً بينَ دموعي وأنيني
وخذي ما في يدي مني ومن ثمّ دعيني
وانثري فوقَ العَفَا عمري وأوراقَ سنيني
كلّ ُ هذا كانَ مكتوباً على هذا جبيني
انني أمسيتُ مقتولاً .. فإنْ شئتِ اقتُليني
واترُكي الجُرحَ لكي ينزِفَ من يمِّ حنيني
آهِ .. ما غشّتْنيَ الدنيا ...
ولا قلبي ولا حتى عيوني
إنما خادَعَني بعضُ صفائي و يقيني
فاسأليني عن ضياع ِ العمرِ أو لا تسأليني
لستُ أبكي لكِ بل أبكي على أحلى سنيني
اتركيني .....
في عروق ِ الزمَن ِ الغادر ِ ألقيتُ حكاياتي وأُنسي
ونسيتُ الحُبّ َ مِنْ أول ِ هجرانِكِ ...
فانسي
ليسَ لي في صرحِكِ الوهميِّ والمغرور ِ كرسي
أنتِ قد أحرَقْتِ قلبي ...
وأنا في حبِّكِ المزعوم ِ قد أحرقتُ رأسي
هل سيُجْديني بكائي وأنيني والتأسِّي ؟
وكفى قلبي ضياعاً أنهُ ضيّعَ أمسي
وأُريدُ الآنَ أنْ أُصْبِحَ موجوداً وأُمسي
فاذهبي عني فإني الآنَ قد لاقيتُ نفسي
وكفى أنكِ ضيّعْتِ بأوهام ٍ وأحلام ٍ سنيني
اتركيني ...
(1/17468)
________________________________________
و دَعي النفسَ تواسيني فقد طالَ العَناءْ
فاذهبي عني فإني صرتُ أحتاجُ الجفاءْ
هل تُطيقينَ معي صبراً على هذا..
و تبكينَ اللقاءْ ؟
هو هذا كلّ ُ ما لا قيتُ من عمري الذي ...
ضاعَ هباءْ
لستُ أدري ...
كيفَ أستخرِجُ هذا الحُبّ َ من هذي الدماءْ
لو بكتْ كلّ ُ شراييني اليكِ الانَ وَجْداً و رثاءْ
لن تُناديكِ متاهاتي اذا ضجّ حنيني
اترُكيني
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> جناح الريح
جناح الريح
رقم القصيدة : 67194
-----------------------------------
الليلُ والريحُ أخفتْ من هنا سَكني
انا الغريبُ الذي يبكي الى وطن ِ
أنا البلادُ وسكّاني ضحىً رحلوا
ماذا سأصنعُ في أرضي وفي مُدُني
فيا (امتثالُ ) بما عانيتُ من علل ٍ
أأتي بواحدةٍ خوفاً من العلَن ِ
بكتْ فقلتُ .. لماذا أنتِ باكية ٌ
لاشئَ قالتْ .. ودمعٌ سالَ كالمزُن ِ
تبكي وعندي حروقٌ مثلَ لوعتِها
ضعفان ِ حتى وكادَ الدمعُ يفضحُني
عيناكِ كالعشبِ في وادٍ احاطَ بها
حصنٌ من الفضةِ البيضاءِ كاللبن ِ
وفي الخدودِ مروجٌ من نسائِمِها
مِسْكٌ بهِ كلّ َ يوم ٍ تنتشي مُدُني
شقراءُ كالشمس ِ إنّ الشمسَ قائلة ٌ
خذي العراق ِ وخلِّيني بلا وطن ِ
إنسانة ٌ أنتِ حقّاً إنما ملكٌ
ريحانة ٌ لفّها الرحمنُ في فنن ِ
تبدو شفاهُكِ ياقوتاً ومُشتعِلاً
من أينَ لي بعظيم ِ الحظِّ والثمَن ِ
خذي اللواحظَ والايامَ من شرَفي
ومَنْ تهُنْ عندَهُ الأيامُ لم يَهُن ِ
وكم أتتني الصَّبا منها تُشاورُني
ولستُ أعرِفُ ما توحيهِ في أُذُني
تقودُني الريحُ من بدوٍ الى حضرٍ
علِّي اُلاقي التي كانت تُعَلِّلُني
ويا سُلُوّاً أنا أسلوكِ من شغَفي
بمَنْ تجافتْ ولم تتركْ سوى الدِّمن ِ
لا ينسُجُ العيشُ فينا أيّ َعافِيَةٍ
ولا تطالُ المآقي أقصرَ الوسَن ِ
يا بحرُ يا مَنْ غرِقْنا في سواحِلِهِ
الى متى فيكَ أبقى أرتجي سُفُني؟
لو لم تكونوا أحبّ َ العالمينَ لنا
ما طارَ قلبي وجافى بعدَكُم بدَني
(1/17469)
________________________________________
اني اراها وباتت حيثُ لم ترَها
عيني- وباتت تراني حيثُ لم ترَني
فلا تكادُ تقيني حينَ أندُبُها
ولا أكادُ أقيها حينَ تندُبُني
وبدّلَ الدهرُ أوضاعاً وغيّرَها
غيّرتُ دهري ودهري لا يُغَيِّرُني
ولا يرى المخلصونَ الآنَ في وطني
شيئاً سوى أننا كُنّا ولم نكُن ِ
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> ناصية الأشواق
ناصية الأشواق
رقم القصيدة : 67195
-----------------------------------
عودوا فإنّا كما كنا مُحِبِّينا
ما زالَ بدرُ التصافي في ليالينا
أنتم هوانا وإياكم أجِنّتُنا
يا هاجرينا ورؤياكم أمانينا
إنْ كانَ حينُ التجافي سَرّ خاطِرَكُمْ
كنا طوالَ التجافي نحنُ آسينا
هذا كتابٌ لكم منا اذا نظرتْ
فيهِ الليالي بكتْ حزناً لِمَا فينا
لا تحسَبوا عيشَنا من بعدِكم بطراً
كنا على ذكرِكمْ إنْ نبقَ باقينا
بغدادُ ما هَدَأتْ نفسي ولا يبسَتْ
عيني ولا ضحِكتْ يوماً ليالينا
أدنو لكم وعيوني كلها ولَهٌ
بكم .. فأزدادُ شوقاً في تدانينا
كم قد بكينا وكم قد صاحَ صائِحُنا
يا قاتلينا- وكم ناحتْ قوافينا
وما برحنا وأيامُ البعادِ لنا
قد حوّلتْها بنا الدنيا سكاكينا
قفْ بي ونادِ أما في الدارِ من أحَدٍ
يا راكِبَ الحُزْن ِ أنتَ الآنَ حادينا
قفْ بي قليلاً على الأطلال ِ وابكينا
هنا التقينا وأهدينا الرّياحينا
هنا وقفنا هنا بالامس ِ واحترَقتْ
منا النفوسُ وقطّعْنا الشرايينا
هنا وضعْنا على بعض ٍ أنامِلَنا
هنا مَدَدْنا الى بعض ٍ أيادينا
وقد نعينا زماناً كانَ يجمعُنا
لمّا رأينا زمانَ الهجر ِ ناعينا
يا عنفوانَ الهوى رِفقاً بحاضِرِنا
ويا طيورَ الصِّبا عودي بماضينا
لو هبّتْ الريحُ منكم ظِلْتُ مُحَنِياً
لها كأنّ بها منكم لنا حينا
إنْ لم تزوروا نواحينا ومسْكَنَنا
زوروا النواحي التي اقصى نواحينا
قد اكفهرّتْ بساتينٌ يُزيِّنُها
زهرُ التلاقي وما عادتْ بساتينا
قل للعيون ِ التي كانت تُلاقينا
قد نابَ عنهنّ واشيها و واشينا
(1/17470)
________________________________________
كنا الملوكَ وقد كانوا رعِيّتَنا
صرنا العبيدَ وقد صاروا السلاطينا
وكيفَ نسترُ سرّاً لا ستارَ لهُ
فنتقي ويكادُ الدمعُ يُخْزينا
فاكتُبْ لناصيةِ الاشراقِ قد غربَتْ
شمسُ اللقاء ِ وشيّعْنا تلاقينا
هناكَ يفتقدُ الأحبابُ موطنَهُمْ
وها هنا موطنٌ يبكي المُحِبِّينا
كلّ ُ اجتِماع ٍ الى هجر ٍ بمَوطِنِنا
هنا وبلّغَ أدنانا أقاصينا
تُرى اتخذتُمْ سوانا مَنْ يُعَلِّلُكم
عند المساءِ وأقصيتُمْ أماسينا
يا ظبية ً تجمعُ الدنيا بناظر ِها
هلاّ سكنتِ بوادٍ غير ِ وادينا؟
أقولُها والأماني فيّ خاوية ٌ
عُودوا فإنّا كما كنا محبِّينا
وكيفَ يهدأُ في سوق الشيوخ ِ دَمِي
وفي (الهُوَيْر ِ) حبيبٌ لا يُناجينا
مرّتْ سنونَ الصِّبا هجراً ولا خبَرٌ
فمَنْ اليها لوجهِ اللهِ يهدينا؟
شعراء العراق والشام >> وحيد خيون >> مسار الكواكب
مسار الكواكب
رقم القصيدة : 67196
-----------------------------------
خذي من سنينَ العُمرِ عشراً و فوقَها
مُقابلَ يوم ٍ واحِدٍ من تقاربِ
أُخاطبُ أسرابَ الطيورِ تحيّة ً
وللعين ِ نجمٌ في مسار ِ الكواكِبِ
ويا طللاً في الحيِّ ليلاً أزورُهُ
وفي كلِّ حين ٍ عندَنا منهما نبي
إذا تحسَبينَ الحبّ َ ذنبا فإنني
لهُ فاعلٌ عَمْداً ولستُ بتائِبِ
فيا ساكِناتِ الطرْفِ حُبّاً لعَيْنِها
رضيتُ بما قدْ قادَني للمَصائِبِ
وأذكرُ يوماً في الطريق ِ وجدتُها
فمالتْ وقالتْ يا لها من عجائِبِ
وقد أبْعَدَتْ عني من الناس ِ مُقلة ً
وصدّتْ لنا منها ببعض ِ الجوانِبِ
الى انْ جلَسْنا واسْترتحَ ضميرُها
تدانتْ رُويداً حيثُ صارت بجانِبي
وقالتْ أُريدُ الآنَ منكَ قصيدة ً
وتوصِفُ فيها أعْيُني و ذوائِبي
فقلتُ لها أخشى هواكِ و إنني
غريقٌ بأيّامي و ما مِنْ مراكِبِ
ولا تجهلي قصدي فأنتِ جميلة ٌ
وعيناكِ خُضْرٌ عالياتُ المَراتِبِ
وماذا أنا ؟إنْ كانَ لي منزلٌ هنا
أشَرْتُ الى قلبٍِ وعين ٍ وحاجِبِ
فقالتْ وحقِّ اللهِ ما أنتَ عندنا
(1/17471)
________________________________________
عدُوّ ٌ و لا أدري بأنكَ صاحِبي
فقلتُ إذنْ ماذا ؟ فعادَ حياؤُها
يُراوِدُها من كلِّ حدْبٍ و جانِبِ
وراحتْ وفي يومين ِ بعدَ لِقائِنا
أتتني صباحاً في كتابٍ مُخاطِبي
تقولُ لقدْ أوحَشْتَنا مُذ هَجَرْ تَنا
وأنتَ لنا خِلّ ٌ و أغلى الحبائبِ
فلما تبادَلْنا المَحَبّة َ واستوى
هوانا , جفَتْني يا لسوءِ العواقِبِ
وتوصي لنا أنْ لا نعودَ لبعضِنا
فلسْنا الى بعض ٍ غدَوْ نا براغبِ
ومالي سوى الأطيافِ جمْعُ حبائبٍ
إذا ما نأتْ عني عيونُ الحَبائِبِ
تفرّ قَتْ الأبدانُ مِنّا سريعة ً
وفي البحْر ِ ما أدنى فراقَ القوارِبِ
وصارتْ محطاتُ الرحيل ِ ديارَنا
و دورُ تَلاقِينا غدَتْ كالخَرائِبِ
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> بين العمر.. والأماني
بين العمر.. والأماني
رقم القصيدة : 67197
-----------------------------------
إذا دارت بنا الدنيا و خانتنا أمانينا
وأحرقنا قصائدنا وأسكتنا أغانينا
ولم نعرف لنا بيتا من الأحزان يؤوينا
وصار العمر أشلاء ودمر كل ما فينا
وصار عبيرنا كأسا محطمة بأيدينا
سيبقى الحب واحتنا إذا ضاقت ليالينا
* * *
إذا دارت بنا الدنيا ولاح الصيف خفاقا
وعاد الشعر عصفورا إلى دنياي مشتاقا
وقال بأننا ذبنا.. مع الأيام أشواقا
وأن هواك في قلبي يضيء العمر إشراقا
سيبقى حبنا أبدا برغم البعد.. عملاقا
* * *
وإن دارت بنا الدنيا وأعيتنا مآسيها
وصرنا كالمنى قصصا مع العشاق ترويها
وعشنا نشتهي أملا فنسمعها.. و نرضيها
فلم تسمع.. ولم ترحم وزادت في تجافيها
ولم نعرف لنا وطنا وضاع زماننا.. فيها
وأجدب غصن أيكتنا وعاد اليأس يسقيها
عشقنا عطرها نغما فكيف يموت.. شاديها؟
* * *
و إن دارت بنا الدنيا وخانتنا.. أمانينا
وجاء الموت في صمت وكالأنقاض.. يلقينا
وفي غضب سيسألنا على أخطاء ماضينا
فقولي: ذنبنا أنا جعلنا حبنا.. دينا
سأبحث عنك في زهر ترعرع في مآقينا
وأسأل عنك في غصن سيكبر بين أيدينا
وثغرك سوف يذكرني.. إذا تاهت أغانينا
(1/17472)
________________________________________
وعطرك سوف يبعثنا ويحيي عمرنا.. فينا
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> موعد بلا لقاء
موعد بلا لقاء
رقم القصيدة : 67198
-----------------------------------
ووقفت أنظر في العيون
الحائرات على بحار من دموع
والليل يفرش بالظلام طريقنا
والخوف يعبث بامتهان في الضلوع
تتبعثر الأحلام في الأعماق
تهوى فوق أشلاء الشموع
تتعثر الخطوات في قدمي
وتسألني.. الرجوع
ما زلت أمضي خلف أوهام
قضيت العمر تخدعني
على هذي الربوع
* * *
وأخذت أنظر في الطريق
وكاد يغلبني البكاء
كنا هنا بالأمس
كان الحب يحملنا بعيدا للسماء
ما أتعس الدنيا
إذا احترقت زهور العمر
في ليل الجفاء
الآن أبحث عنك في كل الوجوه
وكأنني طفل على الأحزان يوما عودوه
وكأنني شيخ يموت و بالأماني كبلوه
وكأنني طير بلا عش و عاش ليصلبوه
ووقفت أنظر في الطريق..
أترى أراك على رحيقك تعبرين؟
ووراء ظلك
تلهث الأحلام سكرى بالحنين؟
وعلى جبينك بسمة الأيام غفران السنين؟
* * *
ووقفت أنظر في الطريق
طفل وعاشقة وكهل
شاخ حزنا في الدروب
ودماء أحلام يثور أنينها بين القلوب
وهناك شيخ
في الطريق يطوف تحمله الذنوب
وصغيرة حملت كتابا بين نهديها
لتلحق بالغروب
والوقت كالضيف الثقيل
يسير مكتئب القدم
واليأس يحملني ويلقيني
بقايا.. للألم
* * *
أترى سترجع مثلما قالت
على همس الغروب؟
الشمس تشطرها السماء و خلفها
يبكي السحاب على الرحيل
والليل من خلف الضياء
يطل في خبث على وجه النخيل
والوقت كالسجان
يصفعني و يتركني
على أمل.. عليل
ستعود في همس الغروب
قلبي يذوب مع المغيب
ما أبطأ النبضات في قلب يذوب
ما أطول الأحزان لو عادت..
لتعصف بالقلوب
الليل يظهر من بعيد
ويصول خلف ردائه
وكأنه حزن.. يطارد يوم عيد
وأتى يداعبني و قال:
رجعت تحزن من جديد
الدرب أصبح خاليا
وأنا أحدق في الطريق
لا شيء غير الصمت
كل الناس يلقيها
طريق في طريق
وبقيت وحدي
أرقب الخطوات تسألني:
متى قلبي.. يفيق؟
ما زال ينظر في الطريق
(1/17473)
________________________________________
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> مع العراف
مع العراف
رقم القصيدة : 67199
-----------------------------------
لماذا صارت الأحلام أشواكا
تمزقنا بأيدينا؟!
لماذا نترك الأحزان تقهرنا
وتصفعنا.. وتلقينا؟
لماذا نقتل الأشواق
والنجوى لهيب في مآقينا؟
لماذا نكره الأحياء.. والموتى
ونكره كل ما فينا؟
كأن الأرض لم تنجب
سوى زمن يعادينا
وظل الليل بالأحزان
يسقينا.. ويسقينا
وطيف اليأس بالكلمات
يغرينا.. ويغرينا
ذهبت اليوم للعراف أسأله..
لماذا ترفع الأحزان قامتها بوادينا؟!
دنا العراف في همس
وقال: الخوف يا ولدي
أراه الآن يقتلنا ويهزمنا.. ويردينا
لأن الله يخلقنا ويطعمنا.. ويسقينا
ولا نرضى بأن نبقى له دوما مطيعينا
دعونا نطلق الكلمات ترحمنا.. تواسينا
دعونا نرفض الأشياء
مثل الناس أو نحكي مآسينا
لماذا يأكل الصبار أزهارا
رعاها.. كل ما فينا؟!
حياة الناس أغنية
وما جدوى أغانينا؟
وليل الصمت يخنقنا
ويطحننا.. ويبكينا
* * *
رعينا الحب في أرض
عشقناها.. محبينا
جعلناها سفينتنا رأيناها مراسينا
تركنا الظلم ينخرها
لتغرق بين أيدينا
وهبنا النيل قربانا
جعلنا ماءه طينا
تركنا الفقر يهزمنا
يعربد في أمانينا
وقلبي بات يسألني:
متى الأفراح تحيينا؟
متى ستضيء قريتنا؟ متى تشدو ليالينا؟
فدمعي قد غدا نارا و دربي صار سكينا
و جوع الطفل يجعلني أسائل أدمعي حينا:
لماذا الفقر يا ولدي يدم
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> وتهدأ الأحزان
وتهدأ الأحزان
رقم القصيدة : 67200
-----------------------------------
إن ضاق العمر بأحزاني
أو تاه الدمع بأجفاني
أو صرت وحيدا في نفسي
وغدوت بقايا إنسان
سأعود أداعب أيكتنا
وأعود أردد ألحاني
وأعانق دربا يعرفني
وعليه ستهدأ أحزاني
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> ونشقى بالأمل
ونشقى بالأمل
رقم القصيدة : 67201
-----------------------------------
ويحملني الحنين إليك طفلا
وقد سلب الزمان الصبر مني
(1/17474)
________________________________________
وألقى فوق صدرك أمنياتي
وقد شقي الفؤاد مع التمني
غرست الدرب أزهارا بعمري
فخيبت السنون اليوم ظني
وأسلمت الزمان زمام أمري
وعشت العمر بالشكوى أغني..
وكان العمر في عينيك أمنا
وضاع العمر يوم رحلت عني...
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> يأس الطريق
يأس الطريق
رقم القصيدة : 67202
-----------------------------------
سألت الطريق: لماذا تعبت؟
فقال بحزن: من السائرين
أنين الحيارى ضجيج السكارى
زحام الدموع على الراحلين
وبين الحنايا بقايا أمان
وأشلاء حب وعمر حزين
وفوق المضاجع عطر الغواني
وليل يعربد في الجائعين
وطفل تغرب بين الليالي
وضاع غريبا مع الضائعين
وشيخ جفاه زمان عقيم
تهاوت عليه رمال السنين
وليل تمزقنا راحتاه
كأنا خلقنا لكي نستكين
وزهر ترنح فوق الروابي
ومات حزينا على العاشقين
فمن ذا سيرحم دمع الطريق
وقد صار وحلا من السائرين
همست إلى الدرب: صبرا جميلا
فقال: يئست من الصابرين
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> أحزان مصر
أحزان مصر
رقم القصيدة : 67203
-----------------------------------
تركناك يا مصر بين الصقيع
تمزق فيك ليالي الشتاء
وبين العواصف جسم نحيل
يذوب وتبكي عليها لسماء
ووجهك يحنو علينا اشتياقا
يلملم عنا الأسى والشقاء
وثغرك يضحك بين الجراح
وفوق الظلام يشع الضياء
وخلف الجفون بقايا دموع
تثور فينهرها الكبرياء
وبرد الشتاء يسوق الحيارى
صفوفا لتسكن بيت العراء
* * *
يود الصغار بقايا رغيف
وكان الزمان بخيل العطاء
تركناك للفقر دهرا طويلا
وضاعت دماؤك فوق النساء
وبين الجماجم عطر الغواني
وكأس وشيخ يلوك الدماء
وما للعروبة لوم علينا
إذا ما سئمنا طبول الإخاء
* * *
رأيتك يا مصر جسما نحيلا
فأين الجمال وأين البهاء؟
وأين ثيابك عند الربيع
وأين عبيرك ملء الفضاء؟
سلبناك كل الذي تملكين
سرقنا النذور قتلنا الحياء
ظلمناك دهرا تركناك نهبا
لليل السجون وذل الغباء
* * *
فيا قبلة لم تزل في الحنايا
(1/17475)
________________________________________
تحج إليها المنى والرجاء
ويا زهرة عانقتنا رؤاها
ومنها رأينا الأسى والعزاء
ويا حب عمر عشقناه عشقا
بكل الخطايا وكل النقاء
فأنت التي إن رمانا الظلام
رأينا بثغرك فجر الضياء
فهيا لعطرك لا تهجريه
فغدا من عبيرك تصحو السماء
* * *
إلينا تعالي فأنت الحنان
إذا مات فينا زمان الوفاء
إلينا تعالي فأنت الأمان
إذا صارت الأرض للأشقياء
فيا دمعة أحرقت مقلتيا
ومنها سلكت دروب البكاء
ويا حزن عمري ويا كأس فرحي
إذا عز في العمر يوم الصفاء
سيبقى جمالك رغم الخريف
ورغم الرياح ورغم الشتاء
* * *
سنرعى أمانيك من ذا سيفدي
أمانيك يوما سوى الأوفياء؟
سنروي ربيعك رغم الصقيع
عبير الحنايا وعطر الدماء
وشعبك يا مصر درع الزمان
فلا تسألي غيره في البناء
ولا تبكي حزنا على ما وهبت
ولا تنظري حسرة للوراء
فهيا اضحكي مثلما كنت دوما
فإنك في الأرض سر البقاء
أسأنا إليك قسونا عليك
فهل تصفحين بحق السماء؟
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> عندما يغفو القدر
عندما يغفو القدر
رقم القصيدة : 67204
-----------------------------------
ورجعت أذكر في الربيع عهودنا..
أيام صغناها عبيرا للزهر
والأغنيات الحالمات بسحرها
سكر الزمان بخمرها وغفا القدر
والليل يجمع في الصباح ثيابه
واللحن مشتاقا يعانقه الوتر
والعمر ما أحلاه عند صفائه
يوم بقربك كان عندي بالعمر
إني دعوت الله دعوة عاشق
ألا تفرقنا الحياة.. ولا البشر..
قالوا بأن الله يغفر في الهوى
كل الذنوب ولا يسامح من غدر
* * *
ولقد رجعت الآن أذكر عهدنا
من خان منا من تنكر.. من هجر
فوجدت قلبك كالشتاء إذا صفا
سيعود يعصف بالطيور.. وبالشجر
يوما تحملت العباد مع الجفا
ماذا سأفعل خبريني.. بالسهر؟!
* * *
ورجعت أذكر في الربيع عهودنا
وسألت مارس كيف عدت بلا زهر؟
ونظرت لليل الجحود وراعني
الليل يقطع بالظلام يد القمر
والأغنيات الحائرات توقفت..
فوق النسيم وأغمضت عين الوتر
وكأن عهد الحب كان سحابة
(1/17476)
________________________________________
عاشت سنين العمر تحلم بالمطر
من خان منا صدقيني أنني
ما زلت اسأل أين قلبك.. هل غدر؟
فلتسأليه إذا خلا لك ساعة
كيف الربيع اليوم يغتال الشجر؟!
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> خطيئة
خطيئة
رقم القصيدة : 67205
-----------------------------------
أسقطت حبك من سنين حياتي
وصلبته شبحا على الطرقات
وجمعت أيام الفضائل كلها
فوجدت بعدي أجمل الحسنات
قد كنت في ليل الظلال خطيئة
لا الصوم يغفرها ولا صلواتي
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> المدينة تحترق
المدينة تحترق
رقم القصيدة : 67206
-----------------------------------
الدار يا أماه طفل يحترق
هذي ذئاب النار بالأحزان تسرع
خلف حلم يختنق
شرفات منزلنا الصغير
على نحيبك لم تزل
تنشق حزنا.. وألم
والدار يعصرها اللهيب
وصارت الأنفاس فيها كالعدم...
* * *
النار تسري في مدينتنا وليس لنا مجير
أكلت حدائقنا مزارعنا
وعصفوري الصغير
أكلت جوانحنا مدامعنا..
وأحرقت الغدير
النار يا أماه أحرقت الغدير!!
* * *
النار يا أمي تحوم على مشارف بيتنا
وأنا أموت على مكاني كل شيء..
صار نارا حولنا
أترى سنتركها
لتأكل بسمة الأيام والأمل الوليد؟!
النار تنهش في الدماء وفي النساء وفي الحديد
النار تسكر في الزحام
على بقايا.. من شهيد
* * *
النار يا أمي على الباب الكبير
والناس تصرخ والكبير يدوس على أشلاء الصغير
والمسجد الخالي يذوب مع المآذن يحترق
وعليه صورة طفلة
ركعت على أنفاسها
من ذا يصدق أنها..
ذهبت هناك لتختنق؟
صلواتها تبكي يتوه نحيبها بين الحريق
والمنبر المسكين في وسط الحريق
كأنه طفل.. غريق
* * *
الناس تلقي نفسها بين اللهب
وصراخ أطفال وحزن أرامل
والكل يسأل.. ما السبب؟؟
النار منا تقترب
النار يا أمي تدمر دارنا..
هذي دماء الدار تسقط
من ثنايا.. ثغرها
أكلت عيون الدار
ألقت في اللهيب بسحرها
ذبحت شجيرتنا التي
عشت الحياة بعطرها
* * *
الدار يا أماه طفل يحترق..
صدري من الدخان
(1/17477)
________________________________________
يصرخ.. كاد صدري يختنق
أماه..
النار مني تقترب
أماه إني أختنق
أماه...
أماه...
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> الجراح
الجراح
رقم القصيدة : 67207
-----------------------------------
هل من دمائك يسكر السفهاء؟
وعلى رفاتك يرقص الجهلاء؟
وعلى جبينك نام طفل جائع
وعليه تصرخ دمعة خرساء
واليأس يقتلنا بطول ظلامه
وتعربد الأحزان كيف تشاء
وقف الجمال لديك مسلوب الخطى
و تفجرت من وجنتيه دماء
وعلى ظلال الدرب حامت صرخة
الأم يأكل لحمها الجبناء
وسط الذئاب تناثرت أشلاؤها
يا ويح قلبي والأمور سواء
يا من سكرتم من رحيق دمائها
فوق التراب تشرد الأبناء
أبني العروبة لم تزل في مصرنا
رغم الجراح محبة وعطاء
* * *
لو لم تكن مصر العريقة موطني
لغرست بين ترابها وجداني
وسلكت درب الحب مثل طيورها
وغدوت زهرا في ربى بستان
وجعلت من عطر الزمان قلائدا
ونسجت بين قبابها إيماني
فمتى نعيد لمصر بسمة عمرها؟
ما أتعس الدنيا مع الأحزان
* * *
مصر الحبيبة يا رفاقي كعبة
لا تتركوها مرتع الأوثان
فالعمر ليس بضاعة مسلوبة
والعمر ليس بدرهم وغواني
الله يشهد أننا رغم الأسى
لم ننس يوما قبلة الرحمن
يا من سكرتم من رحيق دمائها
وغزوتم الدنيا بزيف لسان
عندي لكم رغم الجراح نصيحة
لا خير في مال بلا إنسان
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> السفر في الليالي المظلمة
السفر في الليالي المظلمة
رقم القصيدة : 67208
-----------------------------------
وغدا تسافر
والأماني حولنا.. حيرى تذوب
والشوق في أعماقنا يدمي جوانحنا
ويعصف بالقلوب
لم يبق شيء من ظلالك
غير أطياف ابتسامة
ظلت على وجهي تواسيه
وتدعو.. بالسلامة
* * *
وغدا سمنضي فوق أمواج الحياة..
لا نعرف المرسى
وتاهت كل أطواق النجاة
لم لم تعلمني السباحة في البحار؟
لم لم تعلمني الحياة بغير شمس.. أو نهار؟
والصبر.. يا للصبر حلم زائف..
وهم يعذبنا ومأوى.. كالدمار
وغدا تسافر
والمنى حولي تذوب
(1/17478)
________________________________________
أتراك تعرف كيف يغتال الهوى
نبض.. القلوب؟
والآن تجمع في الحقائب
عطر أيام.. الهوى
وعلى المقاعد نامت الذكرى
على صدر المنى..
ما كنت أحسب أننا يوما
سنرجع.. قبل منتصف الطريق
ومع النهاية نحمل الماضي
صغيرا.. مات منا في حريق..
وتسافر الأشواق في أوراقنا
والحب يبكي كلما اقتربت نهايتنا
ويسرع.. نحونا..
وعقارب الساعات تصمت..
قد يتوه الوقت..
قد يمضي قطار الليل
قد ننسى.. ونرجع بيتنا
الدرب أظلم حولنا..
من يا ترى سيضيء
هذا الدرب.. حبا مثلنا؟!
الدرب أقسم أن يخاصم
كل شيء.. بعدنا
وهناك في وسط الطريق شجيرة
كم ظللت بين الأماني.. عمرنا
مصباحنا المسكين ودع نبضه..
ولكم أشاع النور عطرا.. بيننا
شرفات مسكننا المسكين تحطمت..
عاشت أمانينا وذاقت كأسنا
وبراعم النوار بين دموعها
ظلت تعانقني.. وتسألني: ترى..
سنعود يوما.. بيتنا؟!
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> وتنتحر المنى
وتنتحر المنى
رقم القصيدة : 67209
-----------------------------------
ويمضي المساء على جفن درب
تركناه يوما لكأس القدر
تعربد فيه ليالي الصقيع
ووحل الشتاء وموت الزهر
وتمضي الحياة على وجنتيه
كحلم تعثر ثم انتحر
وفوق المقاعد عهد قديم
وأصداء نشوى وطيف عبر
ويبكي الطريق على الراحلين
على من مضى أو جفا أو غدر
* * *
ويمضي المساء على جفن درب
رعانا بدفء كشمس الشتاء
رأينا على شاطئيه الأمان
وحلما يداعبنا في الخفاء
وفي الدرب عشنا ربيع الأماني
سكارى نعانق فيها السماء
شدونا نشيد الهوى للحيارى
وفي الحب تحلو ليالي الغناء
رجعنا إلى الدرب بعد الرحيل
لنرثي عليه بقايا لقاء
* * *
مقاعدنا أطرقت في سكون
وقالت: رجعت لنفس الطريق
فأين لياليك صارت رمادا؟
وأين أمانيك بعد الحريق؟
وأين النسيم يهيم اشتياقا
يعانق في راحتيها الرحيق؟
على الدرب نامت بقايا زهور
وأشلاء غصن وحلم غريق
ولم يبق شيء سوى أغنيات
تساءل في الليل أين الرفيق؟
* * *
ويمضي المساء على جفن درب
(1/17479)
________________________________________
توارى مع الحزن بعد الرحيل
وكم عاش يحمل نبض الحياة
كهمس النسيم وظل النخيل
عرفناه ليلا شقي الظلام
رأيناه شمسا تناجي الأصيل
ومهما عشقنا رحيق الأماني
فعمر الأماني قليل.. قليل
* * *
لقد عشت بالحب طفلا صغيرا
رأى في هواك عطاء السنين
فأطلق في راحتيك الليالي
وما كان يدري عذاب السجين
وكان نصيبك ليلا طويلا
وكان نصيبي قلبي الحزين
وجئنا إلى الدرب يوما حيارى
ليسألنا عن زمان الحنين
عشقنا وذبنا عليه اشتياقا
وجئناه نبكي على الراحلين
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> نحن والحرمان
نحن والحرمان
رقم القصيدة : 67210
-----------------------------------
خفف دموعك عندما تلقاني
واسأل نجوم الليل عن أحزاني
أنا مصر, يا ولدي عطاء دائم
أنا غنوة عاشت بكل لسان
الآن تسأل: هل مصير دمائنا
غدر الرفاق وجفوة الخلان؟
أقسى عذاب العمر عهد خادع
أو ظلم أهل أو ضياع أماني!!
أتراك تعتب يا بني لأنهم
باعوا دماك بأبخس الأثمان
أنا يا عبير العمر يقتلني الأسى
وأذوب مثلك في لظى أشجاني
سالت دماؤك فوق صدري وارتوت
منها القناة((فكبر الهرمان))
وانساب صبح العمر بين ربوعنا
حمل الربيع معطر الألحان
هل بعد أمجاد دفعنا مهرها
صبر السنين و قسوة الحرمان؟
اليوم يجمعهم نداء ظالم
فيصير حكم الأرض للشيطان
وقفت شعوب الأرض تنظر حسرة
هلا سمعتم قصة العربان؟
شعب يموت الحب في وجدانه
لا خير في شعب بلا وجدان
قد صار يسكر من دماء وليده
والعمر فيه دراهم وغواني
عشرون عاما يا بني وهبتها
من أجل صرح راسخ البنيان
ودفعت أيام السنين رخيصة
وأذقت شعبي لوعة الحرمان
* * *
يا سادة الأحقاد مصر بشعبها
بتراثها بصلابة الإيمان
مصر العظيمة سوف تبقى دائما
فوق الخداع.. وفوق كل جبان
مصر العظيمة سوف تبقى دائما
حلم الغريب وواحة الحيران
مصر العظيمة سوف تبقى دائما
بين الورى فخرا لكل زمان
يا من تريدون الزعامة ويحكم
مصر العظيمة كعبة الأوطان
(1/17480)
________________________________________
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> بقايا امرأة
بقايا امرأة
رقم القصيدة : 67211
-----------------------------------
وقفت تحدق في الطريق
وخلف عينيها جراح اليأس
تعصف بالبريق..
وعبيرها يتوسد النسمات
محمولا كأشلاء الغريق
والشمس تترك للضياع ثيابها
ويغوص منها السحر في بحر سحيق
وعلى جدائل شعرها
جلس العذاب وراح في نوم عميق
ماتت على فمها ابتسامة عاشق
فغدت بقايا من رحيق
* * *
ودنوت منها في أسى وسألتها:
لم يا حبيبة كل أيامي وقفت على الطريق؟
ضحكت وقالت: كنت يوما..!!
هل تراك الآن تسخر
بعدما انتحر البريق؟
الآن صرت إلى الطريق
أقضي الصباح صديقة
يأتي المساء.. مع الرفيق
ما أتعس الدنيا إذا صرنا مع الأيام
شيئا في طريق
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> المقاتلون بدماء مصر
المقاتلون بدماء مصر
رقم القصيدة : 67212
-----------------------------------
ينامون فوق صدور الغواني
ويبكون بالشعر عهد الوليد
وتحت المضاجع أشلاء عمر
وأحزان أم وذكرى شهيد
وفي الكأس تبكي بقايا دماء
وأنقاض عطر وأنفاس غيد
ويلقون فوق رؤوس الصغار
ثياب الغواني وخبز العبيد
وفي كل يوم يبيعون شعرا
ويبنى على الشعر قصر جديد
يسيرون بالشعر في كل درب
وفي كل يوم مزاد فريد
تعالوا نقاتل من جوع مصر
ونلقي على الناس حلو القصيد
تعالوا نصافح آلام شعب
ونصرخ بالحزن هل من مزيد؟
تعالوا لنسكر من دمع أرض
ونغتال فيها الزمان السعيد
تعالوا نحطم أحلام مصر
وندفن فيها الصباح الوليد
تعالوا نتاجر في دمع أم
تعالوا نبيع رفات الشهيد
تعالوا لنسخر من حزن ثكلى
على راحتيها شباب شريد
تعالوا لنحرق أزهار عمر
ففي الزهر يرقد حلم جديد
تعالوا ففي مصر سوق العطاء
ومنها ربحنا وفيها المزيد
تعالوا نبيع بعطر الجواري
دموع الصغار ويأس القعيد
تعالوا لنلقى على مصر صبرا
ونغرس فيها هموما تبيد
وهيا لنكتب شعرا جديدا
فما عاد في العمر شيئا يفيد
* * *
وآه إذا الجرح أضحى رخيصا
(1/17481)
________________________________________
تباع الدماء بسعر زهيد
وتحت المضاجع أشلاء عمر
وفي الكأس تبكي دماء الشهيد
يصيحون فوق صدور الغواني
يعيدون بالشعر عهد الوليد
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> في رحاب الحب
في رحاب الحب
رقم القصيدة : 67213
-----------------------------------
جعلتك كعبة من الأرض يأتي
إليك الناس من كل البقاع
وصغت هواك للدنيا نشيدا
تراقص حالما مثل الشعاع
وكم ضمتك عيناي اشتياقا
وكم حملتك في شوق ذراعي
وكم هامت عليك ظلال قلبي
وفي عينيك كم سبحت شراعي
رجعت لكعبتي فوجدت قبرا
وزهرا حوله تلهو الأفاعي
عبدتك في الهوى زمنا طويلا
وصرت اليوم أهرب من ضياعي
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> مات الحنين
مات الحنين
رقم القصيدة : 67214
-----------------------------------
اليوم تجمعنا الليالي
بعدما.. مات الحنين
وتوارت الأحلام خوفا
بين أحزان السنين
وقضيت كل العمر أسأل عنك
طيف العاشقين
وجعلت حبك نجمة
تهدي ظلام الحائرين
ونسجت من أيامي الحيرى رداء البائسين
ونسيت أن العمر قد يمضي
ولا نجد السنين..
وبأن أحلام الليالي
بالأسى قد تستكين
ورجعت يا دنياي.. واأسفي..
لقد مات الحنين
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> الأرض والإنسان
الأرض والإنسان
رقم القصيدة : 67215
-----------------------------------
عانقت بين جفونك الأزهارا
ورأيت ليل العمر فيك نهارا
ولطالما سلك الفؤاد مدائنا
وبقيت وحدك قبلة ومزارا
كم لاحت الأيام بعدك ظلمة
فرأيت أطياف المنى أسوارا
وظللت أسكب من رحيقك أدمعي
حتى غدت بعد النوى أنهارا
يا نيل ماؤك للوجود هداية
عاشت على درب السنين منارا
ما كان حبك في دمائي رغبة
محمومة ما جئته مختارا
قدر هواك وقد بقيت بسره
إن ضقت يوما لا أطيق فرارا
* * *
يا نيل فيك من الحياة خلودها
كل الورى يفنى وأنت الباقي
في ظل ثغرك كم تبسم عمرنا
وبقيت دوما واحة العشاق
وعلى ضفافك أمنيات عذبة
وبريق عمر لاح في الأعماق
همنا عليك وفي الجوارح خمرة
(1/17482)
________________________________________
عصفت بها يوما شراع الساقي
وعلى جبينك داعبتنا أنجم
حتى أفاق العمر بالإشراق
وتنسمت خفقاتنا عهد اللقا
من راحتيك بلهفة المشتاق
* * *
وسمعت صوتك ذات يوم يشتكي
ودنوت منك تهزني أحزاني
وتلعثمت شفتاك في صمت اللقا
حتى تلاقى الماء بالشطآن
وسألتني كيف الحياة نعيشها؟
فأجبت: صار العمر طيف أماني
عشنا على أمل صغير مشرق
صلبوه من زمن على الجدران
الأرض تأكلها الهموم فأقسمت
ألا يعود الزهر للأغصان
صلبوا الربيع على المشانق فانزوت
أطياره وهوت مع الحرمان
* * *
ورأيت دمع النيل يجري في أسى
ودنا إلي وقال: أنت الجاني
علمتكم أن الحياة وديعة
فالحق عمر و الظلال ثواني
والناس ترحل كل يوم.. إنما
سيظل كل الخلد للأوطان
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> العمر يوم
العمر يوم
رقم القصيدة : 67216
-----------------------------------
العمر يوم سوف نقضيه معا
لا تتركيه يضيع في الأحزان
ما العمر يا دنياي إلا ساعة
وقد يكون العمر بضع ثواني
أترى يفيد الزهر بعد رحيله
حزن الربيع ولوعة الأغصان
فالعمر كالأزهار يوم عابر
هيا لنسكر من رحيق.. فاني
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> لمزاد بلا ثمن
لمزاد بلا ثمن
رقم القصيدة : 67217
-----------------------------------
وجلست نحوي تنظرين
وقصصت أخباري
وما قد كان بعدك
من حكايات السنين
حتى إذا جاء الحديث عن الهوى..
وعن الأماني.. والحنين
أغمضت عيني كي أراك
على جناحي تحلمين
وعلى جبينك
ترقص الأحلام أشواقا لكل العاشقين..
وأعانق الأيام في عينك سرا لا يبين
ونصافح الأقدار في خوف عساها تستكين
حتى إذا جاء الزمان مزمجرا
عصف الرحيل بحبنا..
فرجعت للحن الحزين
كل الذي عشناه يوما عشت أذكره..
ترى.. هل تذكرين؟!
قالت: أنام الليل
مثل الناس في كل المدن
الحب أصبح عندنا
أن نستريح إلى رغيف أو رفيق.. أو سكن
ألا نموت على الطريق
وليس يعرفنا أحد
ألا نصير بلا وطن
زوجي اشتراني في زحام الليل
لا أدري الثمن..
(1/17483)
________________________________________
زوجي يعاشرني ولا أدري إذا
ما كان ثوب العرس أو كان الكفن
يوما سمعت أبي يقول بأنه
شيخ عريق في المحن
ركب البعير ودار في كل الفيافي
حافي القدمين تلعنه الثياب
دخل الحياة مؤخرا
ومع الخريف تراه يحلم بالشباب
والآن أصبح يملك الأرقام
يفهم في الحساب
من يومها وأنا أعيش العمر
لا أدري إذا ما كنت
أحيا.. لم أزل
ما عدت أشعر يا رفيقي بالملل
وفقدت نبض مشاعري
ورحلت عن دنيا الأمل..
* * *
ما عدت أحسب عمر أيامي
وما قد ضاع مني في سراديب الزمن
قد بعت نفسي في زحام الليل لا أدري الثمن
زمن حزين كل شيء فيه صار له ثمن
إلا الهوى.. قد صار في دنيا المزاد..
بلا ثمن
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> وأشتاق فيك
وأشتاق فيك
رقم القصيدة : 67218
-----------------------------------
وأشتاق يا مصر عهد الصفاء
وأشتاق فيك عبير العمر
وأشتاق من راحتيك الحنان
إذا ما رمتني سهام القدر
وأشتاق صدرك في كل ليل
يغني الحكايا ويسجي السحر
وأشتاق عطرك رغم الخريف
تفيق الليالي ويزهو الشجر
وأشتاق من ثغرك الأمنيات
إذا الليل مزق وجه القمر
وأشتاق صوتك: قم يا بني
فما اليأس إلا قبور البشر
وأشتاق فيك.. وأشتاق فيك
وفي الشوق ضاعت سنين العمر
* * *
وألقيت رأسي على راحتيك
كنبض يحن لدفء الحنايا
شكوت إليك زحام الهموم
يعربد في العمر طيف المنايا
تعودت منك العطاء السخي
فما لجحودك يمحو العطايا؟
عتاب وشوق وصبر عقيم
على ليل دربك ماتت خطايا
لقد صرت عندك ضيفا ثقيلا
وحبك يسري هنا في دمايا
غريب وعندك قبري وبيتي
وفيك النقاء.. غدا كالخطايا
* * *
لأني تعلمت منك الحنان
أواسي الفؤاد بقرب اللقاء
سألقاك في كل يوم بقلبي
ويحملني الشوق فوق السماء
وأحلم أني سألقاك يوما
نعانق فيه المنى والضياء
وأشتاق يا مصر عهد الصفاء
لأنك للعمر سر البقاء
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> وكذب الدهر
وكذب الدهر
رقم القصيدة : 67219
-----------------------------------
(1/17484)
________________________________________
وجئنا الدرب أغرابا
كما جئناه أحبابا
فلا هذي المنى صدقت
وكان الدهر كذابا
وجئت الدرب أسأله
عن الزهر الذي غابا
فقال الدرب: لا تحزن
فزهرك صار أعشابا
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> عشقناك يا مصر
عشقناك يا مصر
رقم القصيدة : 67220
-----------------------------------
حملناك يا مصر بين الحنايا
وبين الضلوع وفوق الجبين
عشقناك صدرا رعانا بدفء
وإن طال فينا زمان الحنين
فلا تحزني من زمان جحود
أذقناك في هموم السنين
تركنا دماءك فوق الطريق
وبين الجوانح همس حزين
عروبتنا هل ترى تنكرين؟
منحناك كل الذي تطلبين
سكبنا الدماء على راحتيك
لنحمي العرين فلا يستكين
وهبناك كل رحيق الحياة
فلم نبق شيئا فهل تذكرين؟!
فيا مصر صبرا على ما رأيت
جفاء الرفاق لشعب أمين
سيبقى نشيدك رغم الجراح
يضيء الطريق على الحائرين
سيبقى عبيرك بيت الغريب
وسيف الضعيف وحلم الحزين
سيبقى شبابك رغم الليالي
ضياء يشع على العالمين
فهيا اخلعي عنك ثوب الهموم
غدا سوف يأتي بما تحلمين...
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> في عينيك عنواني..
في عينيك عنواني..
رقم القصيدة : 67221
-----------------------------------
قالت: سوف تنساني
وتنسى أنني يوما
وهبتك نبض وجداني
وتعشق موجة أخرى
وتهجر دفء شطآني
وتجلس مثلما كنا
لتسمع بعض ألحاني
ولا تعنيك أحزاني
ويسقط كالمنى اسمي
وسوف يتوه عنواني
ترى.. ستقول يا عمري
بأنك كنت تهواني؟!
* * *
فقلت: هواك إيماني
ومغفرتي.. وعصياني
أتيتك والمنى عندي
بقايا بين أحضاني
ربيع مات طائره
على أنقاض بستان
رياح الحزن تعصرني
وتسخر بين وجداني
أحبك واحة هدأت
عليها كل أحزاني
أحبك نسمة تروي
لصمت الناس.. ألحاني
أحبك نشوة تسري
وتشعل نار بركاني
أحبك أنت يا أملا
كضوء الصبح يلقاني
أمات الحب عشاقا
وحبك أنت أحياني
ولو خيرت في وطن
لقلت هواك أوطاني
ولو أنساك يا عمري
حنايا القلب.. تنساني
إذا ما ضعت في درب
ففي عينيك.. عنواني
(1/17485)
________________________________________
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> كان لنا.. حنين
كان لنا.. حنين
رقم القصيدة : 67222
-----------------------------------
أماه.. ليتك تسمعين
لا شيء يا أمي هنا يدري حكايا.. الحائرين
كم عشت بعدك شاحب الأعماق مرتجف الجبين
والحب في الطرقات مهزوم على زمن حزين
* * *
بيني وبينك جد في عمري جديد
أحببت يا أمي.. شعرت بأن قلبي كالوليد
واليوم من عمري يساوي الآن ما قد كان
من زمني البعيد
وجهي تغير
لم يعد يخشى تجاعيد السنين
والقلب بالأمل الجديد فراشة
صارت تطوف مع الأماني تارة
وتذوب.. في دنيا الحنين
والحب يا أمي هنا
شيء غريب في دروب الحائرين
وأنا أخاف الحاسدين
قد عشت بعدك كالطيور بلا رفيق
وشدوت أحزان الحياة قصيدة..
وجعلت من شعري الصديق
قلبي تعلم في مدينتنا السكون
والناس حولي نائمون
لا شيء نعرف مالذي قد كان يوما أو يكون!!
لم يبق في الأرض الحزينة غير أشباح الجنون
* * *
أماه يوما.. قد مضيت
وكان قلبي كالزهور
وغدوت بعدك اجمع الأحلام من بين الصخور
في كل حلم كنت أفقد بعض أيامي وأغتال الشعور
حتى غدا قلبي مع الأيام شيئا.. من صخور!!
يوما جلست إليك ألتمس الأمان
قد كان صدرك كل ما عانقت في دنيا الحنان
وحكيت أحوال ويأس العمر في زمن الهوان
وضحكت يوما عندما
همست عيونك.. بالكلام
قد قلت أني سوف أشدو للهوى أحلة كلام
وبأنني سأدور في الأفاق أبحث عن حبيب
وأظل أرحل في سماء العشق كالطير الغريب
عشرون عاما
منذ أن صافحت قلبك ذات يوم في الصباح
ومضيت عنك وبين أعماق تعانقت الجراح
جربت يا أمي زمان الحب عاشرت الحنين
وسلكت درب الحزن من عمري سنين
لكن شيئا ظل في قلبي يثور.. ويستكين
حتى رأيت القلب يرقص في رياض العاشقين
وعرفت يا أمي رفيق الدرب بين السائرين
عينان يا أمي يذوب القلب في شطآنها
أمل ترنم في حياتي مثلما يأتي الربيع
ذابت جراح العمر وانتحر الصقيع..
* * *
أحببت يا أمي وصار العمر عندي كالنهار
(1/17486)
________________________________________
كم عشت أبحث بعد فرقتنا على هذا النهار
في الحزن بين الناس في الأعماق
خلف الليل في صمت البحار
ووجدتها كالنور تسبح في ظلام فانتفض النهار
* * *
ما زلت يا أمي أخاف الحزن
أن يستل سيفا في الظلام
وأرى دماء العمر
تبكي حظها وسط الزحام
فلتذكريني كلما
همست عيونك بالدعاء
ألا يعود العمر مني للوراء
ألا أرى قلبي مع الأشياء شيئا.. من شقاء
وأضيع في الزمن الحزين
وأعود أبحث عن رفيق العمر بين العاشقين
وأقول.. كان الحب يوما
كانت الأشواق
كان.....
كان لنا حنين!!!
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> نحن والزمان
نحن والزمان
رقم القصيدة : 67223
-----------------------------------
وفي عينيك ألقيت الأماني
وقلت الآن أصفح عن زماني
قضيت العمر أبحث عنك حلما
رأيتك من سنين في كياني
تركت القلب عندك دون خوف
وأخشى أن يموت إذا أتاني
فإن سألوك يوما عن فؤادي
وكيف يعيش مذهول الأماني؟
فقولي إن حبك كان لحنا
كحلم لاح في ليل الزمان
عشقتك ذات يوم في ضياعي..
وفي عينيك أصفح عن زماني
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> قبل أن نمضي..
قبل أن نمضي..
رقم القصيدة : 67224
-----------------------------------
وأعلم أنني يوما
سأرحل في ظلام الليل يحملني جناحان
ويلقيني رفاق العمر في صمت
تطوف عليه أحزاني
وقد أمضى على حلم
قضيت العمر يسكرني
ويلهو بين وجداني
يصير بريقه شبحا
فيلقي رأسه ألما
ويهدأ فوق شطآني
وتسألني المنى شوقا
بربك أين روضتنا
وأين عبير أيكتنا
وأين زهور أغصاني؟
وأعرف أنني يوما
سألقى الله في خجل
أداري فيه عصياني
وأرحل مثلما جئت
بلا ثوب.. وسلطان
بلا حلم يداعبني
ويتركني.. لحرماني
وأغدو طائرا أضحى
رفاتا بين جدران
وقد أشدو بلا غصن
على خفقات بركان
وقد أرتاح في صدر
على أنفاس ثعبان
ويأتي الحب في صمت
يرفرف فوق جثماني
إذا ما ضمني قبر
وصرت وحيد أشجاني
وأسلمت الردى عيني
تنام عليه أجفاني
ويأتي الحب في همس
يعانق زهر بستاني
(1/17487)
________________________________________
ويأتي الطير في شوق
ويسأل.. أين ألحاني؟!
وأعلم أنني يوما
سيغدو الصمت سجاني
حياة كأسها ملل
وحزن بعد أحزان
فلا دمع سيرجعنا
طيورا فوق أغصان
حنايا الأرض كم حملت..
عليها قد ترى زهرا
وفيها نار بركان
تمهل قبل أن تمضي
على أنفاس إنسان
فإن العمر أيام
وعطر عابر.. فاني
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> وتاب القلب
وتاب القلب
رقم القصيدة : 67225
-----------------------------------
وظللت أبحث عنك بين الناس تنهرني خطايا
وسنون عمري في زحام الحزن تتركني شظايا
في كل درب من دروب الأرض من عمري.. بقايا
وعلى جدار الحزن صاح اليأس فارتعدت دمايا
ودفنت في أنقاض عمري أجمل الأحلام يبكيها صبايا
حتى رأيتك بين أعماقي وجودا.. في الحنايا
من كان يا عمري يصدق أنني
يوما أضعت العمر أبحث عن هوايا
قد كان في قلبي يعيش
وكان يسخر من خطايا؟!
* * *
لا تعجبي إن قلت إني قد رأيتك
قبل أن تأتي الحياة
وبأنني يوما عشقتك في ضمير الغيب
سرا.. لا أراه
كم تاه عقلي في دروب الحب
وانتحرت.. خطاه
كم عاش ينبش في بقايا اليأس
يسأل عن هواه
لكن قلبي كان يصمت
كان يدرك منتهاه
فلقد أحبك قبل أن تأتي الحياة
* * *
عاتبت قلبي كيف يتركني وحيدا في الدروب
كم ظل يخدعني فيحملني الضلال إلى الذنوب
قد كنت في قلبي
ولم أعرف سراديب القلوب
غني أضعت العمر معصية
وجئت الآن عندك كي أتوب
وأمام بابك جئت أحمل توبتي
لا حب غيرك.. لا ضلال.. ولا ذنوب!!
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> وكذبت أحزاني
وكذبت أحزاني
رقم القصيدة : 67226
-----------------------------------
أحزاني تكذب يا قلبي
ما عدت أصدق أحزاني
قالت: ستسير وتتركني
وأعود لشعري عصفورا
بالحب يسافر وجداني
والدمع الحائر يتركني
والزمن الظالم ينساني
والحب يعود.. يظللني
يرعى الأحلام.. ويرعاني
لكن الحزن يطاردني
غيرت كثيرا.. عنواني
وبطاقة أسفاري شاخت
مزقها ليل الحرمان
يعرفني حزني.. يعرفني
ما أثقل حزن الإنسان
(1/17488)
________________________________________
ما أقسى أن يولد أمل
ويموت بيأس الأحزان
ما أصعب أن نرضع حلما
يوما من ثدي البركان
فالنار تطارد أحلامي
من يخنق صوت النيران؟
من يأخذ من حزني عهدا
أن يترك يوما شطآني؟
أحزاني تكذب يا قلبي
ما عدت أصدق أحزاني
فوجد لديها.. عنواني
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> في رحاب الحسين
في رحاب الحسين
رقم القصيدة : 67227
-----------------------------------
في الأفق تهفو دمعتان
والقلب يخفق بين أشلائي فتسري آهتان
وحبيبتي وسط الزحام حمامة
مهزومة الأشواق
غصن أسقطته الريح من عمر الزمان
الأرض ضاقت حولنا
ما عاد للعشاق في الدنيا مكان
القلب يحضن بين أشلائي بقايا من أمل
وهمست فيه بحسرة: ما زلت تحتضن الأمل؟!
حلم لقيط تاه منا في خريف
اليأس يلقيه على الدرب المخيف
وحبيبتي ضوء حزين خلف قضبان الظلال
وربيعها المهزوم عدل منهك الأنفاس في ليل الضلال
عمر ترنح فوق درب الحزن
حلم ينزوي خلف المحال
وحملت قلبي في سكون
والدمع نار في الجفون
الحلم مقطوع اليدين
وأنا أداري الدمعتين
همست عيون حبيبتي:
هيا لنشكو.. للحسين..
* * *
أنا في رحابك كلما ضاق الزمان
أو ضاع مني الصبر أو تاه الأمان
أترى رأيت حبيبتي؟!
جئنا إليك لنشتكي الأحزان في زمن الهوان
كل الذي نبغيه بيت يجمع الأشلاء من هذا الطريق
في كل درب تسرق الأحلام ينتحر البريق
ويضيع العمر منا في الطرقات
نسأل يا زمان الكفر والجهل العميق
بالله خبرنا متى يوما تفيق؟!
جئنا إليك لنشتكي
فوق الطريق ينام عشاق المدينة
ينبت الأبناء كالأعشاب في بئر السنين
فوق الطريق ننام بالأشواق بالعمر الحزين
وعلى دموع الدرب نفترش الأسى
ما أطول الأحزان في عمر الحيارى الضائعين
* * *
جئنا رحابك يا حسين
جئنا إليك لنشتكي أرضا
رحيق العمر فيها للغريب
تعطي الدموع لأهلها
والفرح فيها.. للغريب
وتعلم الأحباب من ثدي الأسى طعم الجحود
أن يخنق الإنسان صوت حنينه
أن يقتل النجوى وتحترق العهود
أن تصعق الأحلام آلاف السدود
(1/17489)
________________________________________
ونعيش نبكي الحظ.. نشكو دائما ظلم الوجود...
أقدارنا جاءت بنا
لا نملك التبديل في أقدارنا
نحيا.. ونعشق.. نغرس الأحلام في أرض المنى
ننسى ونهجر تعبث الأشواق بين دمائنا
ونقابل الفرح الغريب على مشارف بيتنا
ومع ابتسامة أجمل الأيام يسقط.. حلمنا
وإذا سألت الناس يوما عن حكاية عمرنا
قالوا وهمس الخوف يهدر.. عاصفا:
أقدارنا جاءت بنا
أقدارنا جاءت بنا
جئنا رحابك يا حسين
جئنا لنسأل ربنا
لم قد كتبت الحب يا ربي
إذا كان الفراق يصيح دوما.. بيننا؟
ما عاد في الدنيا مكان يجمع الأشلاء
يمنحنا الأمان.. أو المنى
جئنا إليك لنشتكي
هل نشتكي أقدارنا
أن نشتكي أوطاننا
أم نشتكي أحلامنا
أن نشتكي أيامنا
أم نشتكي...... أم نشتكي..... أم نشتكي؟...
* * *
صوت ينادي من بعيد
وحبيبتي كالنور تسأل هل ترى خبر سعيد؟
هل نجمع الأشلاء والحب الطريد
ما زلت أحلم رغم طول اليأس بالبيت الجديد
الصوت يعلو في الضريح
شيخ.. يصيح
هيا انتهى وقت الزيارة
الصوت يعلو في الضريح
هيا انتهى وقت الزيارة للضريح
الحلم بين يدي ذبيح
الحلم بين يدي ذبيح!!!
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> لست مثل الناس
لست مثل الناس
رقم القصيدة : 67228
-----------------------------------
ليس كل الناس يا عمري
سلالات.. وطين
كلنا قد عاش حقا
بين قضبان السنين..
بيننا من جاء يوما
في لقاء.. أو حنين
بيننا من جاء ظلما
من دموع.. وأنين
إنما عيناك شيء
ليس بين العالمين..
هل ترى في الأرض شيء
ليس من ماء.. وطين؟!
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> الحب في الزمن الحزين
الحب في الزمن الحزين
رقم القصيدة : 67229
-----------------------------------
لا تندمي..
كل الذي عشناه نار سوف يخنقها الرماد
فالحب في أعماقنا طفل غدا نلقيه.. في بحر البعاد
وغدا نصير مع الظلام حكاية
أشلاء ذكرى أو بقايا.. من سهاد
* * *
وغدا تسافر كالرياح عهودنا
ويعود للحن الحزين شراعنا
(1/17490)
________________________________________
ونعود يا عمري نبيع اليأس في دنيا الضلال
ونسامر الأحزان نلقي الحلم في قبر المحال
أيامنا في الحب كانت واحة
نهرا من الأحلام فيضا من ظلال
والحب في زمن الضياع سحابة
وسراب أيام وشيء من خيال
ولقد قضيت العمر أسبح بالخيال
حتى رأيت الحب فيك حقيقة
سرعان ما جاءت
وتاهت.. بين أمواج الرمال
* * *
وغدا أسافر من حياتك
مثلما قد جئت يوما كالغريب..
قد يسألونك في زحام العمر عن أمل حبيب
عن عاشق ألقت به الأمواج.. في ليل كئيب
وأتاك يوما مثلما
تلقي الطيور جراحها فوق الغروب
ورآك أرضا كان يحلم عندها
بربيع عمر.. لا يذوب
لا تحزني..
فالآن يرحل عن ربوعك
فارس مغلوب..
أنا لا أصدق كيف كسرنا
وفي الأعماق.. أصوات الحنين
وعلى جبين الدهر مات الحب منا.. كالجنين
قد يسألونك.. كيف مات الحب؟؟
قولي... ... جاء في زمن حزين!!
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> أريد الحياة!
أريد الحياة!
رقم القصيدة : 67230
-----------------------------------
ولاحت عيونك ضوءا حزينا
تهادى مع الليل خلف الفضاء
وجئت إليك كغصن عجوز
تئن على وجنتيه الدماء
عشقتك صبحا ندى الرحيق
رعيتك فجرا تقي الضياء
ويوما صحوت من الحلم طفلا
رأيتك مثل جميع النساء
تريدين سجنا وقيدا ثقيلا
وقد عشت عمري سجين الشقاء!
أخاف القيود وليل السجون
وهل بالقيود يكون العطاء..؟!
أريد الحياة ربيعا وفجرا
وحلما أعانق فيه السماء
فماذا تفيد قيود السنين
نكبل فيها المنى والرجاء؟!
ترى هل تريدين سجنا كبيرا
وفي راحتيه يموت الوفاء؟
أريد الحياة كطير طليق
يرى الشمس بيتا يرى العمر.. ماء
أريدك صبحا على كل شيء
كفانا مع الخوف ليل الشقاء!!
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> لمن أعطي قلبي؟
لمن أعطي قلبي؟
رقم القصيدة : 67231
-----------------------------------
يا رمال الشط يوما.. خبريها
بعدما تنسى حياتي كيف لا تنساك فيها؟
بين أحضانك عطر وأمان.. أشتهيها
لم أكن يوما غريبا
(1/17491)
________________________________________
مثلما قد جئت وحدي أنشد النسيان فيها..
خبريها..
عندما تأتيك يوما خبريها..
ساعة بالقرب منها بحياتي.. أشتريها
* * *
يا نسيم البحر
هل يوما غدوت صلاة شاعر؟
سوف يأتيك الحيارى
يرجمون الخوف كي تحيا المشاعر
ربما تذكر منا بعض أنفاس وشيء من رحيق
وأماني شاحبات النبض كالطفل الغريق
لم يعد في العمر شيء غير قلب.. لا يفيق
* * *
آه يا شط الأمان
آه يا بيتا
رعانا من رياح الخوف
من بطش الزمان
فيك لاح الدهر أما
تمنح الناس الحنان
بين أحضانك يوم
فاق أعمار الزمان
كان يوما
في ليالي الصيف عشت على ضياه
عندما لاحت عيونك
خلف موج البحر طوقا للنجاة
كنت قد عشت سنينا
بين أمواج الحياة
بين عينيك ولدت
كان صوت البحر يا عمري مخاضا
فيه عانقت الحياة
* * *
عندما أحسب عمري ربما أنسى هواك
ربما أشتاق شيئا من شذاك
ربما أبكي لأني لا أراك
إنما في العمر يوم
هو عندي كل عمري
يومها أحسست أني
عشت كل العمر نجما في سماك
خبريني.. بعد هذا
كيف أعطي القلب يوما لسواك؟
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> أنت الحياة..
أنت الحياة..
رقم القصيدة : 67232
-----------------------------------
وقد يسألونك يوما.. عليا
وهل كان حبك
شيئا لديا..
فقولي بأنك أنت الحياة
وأنك صبح رعى مقلتيا
وقد عشت قبلك عمرا طويلا
فلا تحسبي الأمس عمرا.. عليا
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> في زمن الليل
في زمن الليل
رقم القصيدة : 67233
-----------------------------------
ولدي..
لأن العمر ذاب كما تذوب الأمنيات
ولأن ليل اليأس يعصف بالبنين
ويستحل دم البنات
ولأن أيام الظلام طويلة
ولأن ضوء الصبح مات
أخشى عليك من السنين
وأنت يا ولدي وحيد في انتظار المعجزات
فالأرض يا ولدي تجور
وتأكل الآن.. النبات
* * *
ولدي
لأن الناس تعشق دائما لحم الصغير
ولأن ماء النهر يلتهم الغدير
ولأن دخان المدينة يذبح الآن العبير
لا تبك يوما يا بني بوجعك العذب النضير
(1/17492)
________________________________________
فلقد أضعت العمر يا ولدي.. رفيقا للشجن
وقضيت أيامي أسب الدهر ألعن في الزمن
والدمع يا ولدي طريق التائهين
الدمع يا ولدي عزاء العاجزين
* * *
ولدي
إذا ما تهت يوما
يا صغيري في الزحام
ورأيت كل الناس تقتات الكلام
ورأيت أجساما تصيح
وتشتكي فيها العظام
ورأيت في الطرقات أطفالا تئن
على بقايا.. من طعام
ورأيت أسوارا تحيطك
لا تنم.. مثل النيام
لا تبك يوما يا بني من الزحام
فلقد قضيت العمر أبكي
ثم يصفعني الظلام
ومضت سنين العمر يا ولدي.. بكاء أو كلام..
* * *
ولدي..
إذا ما جئت يوما في طريق
ورأيت كل الناس تقتل في غريق
ورأيت يا ولدي صديقا
يرتوي بدم الصديق
لا تنس يا ولدي
بأن النار تسكر بالحريق
والناس يا ولدي رماد
أو دخان.. في حريق
ولدي
لأني لم أكن يوما رفيقا للزمن
حاربته يوما وحاربني
وصرت بلا وطن
وطني هموم حرت في شطآنها
لا أعرف المرسى وضقت من الشجن
لا فرح يا ولدي هناك
ولا أمان.. ولا سكن!!
* * *
ولدي..
لأنك يا بني تعيش في عمر سعيد
وعلى ظلالك يرقص الأمل الجديد
ما زلت يا ولدي صغيرا تحضن الفرح الوليد
وغدا تحب.. وتعرف الأشواق
تسأل عن مزيد
فإذا وجدت الحب لا تحرم فؤادك ما يريد..
فالعمر يا ولدي سنين
والهوى.. يوم وحيد
فإذا رأيت الحب يسبح في خيالك
ورأيت أشواق السنين تصير ظلا من ظلالك
لا تنس يوما يا بني بأنني
غنيت شوق العاشقين
وبأنني يوما حلمت
بأن يصير الحب بيت المتعبين
لكنني يوما
رأيت الدرب أظلم حولنا
ضاع الطريق
وتاه في قلبي الحنين
فرجعت يا ولدي رمادا
في دروب السائرين
وغدوت أغنية
تحدق في عيون الناس عن حلم السنين
قد كان حلما يا بني
من قال يا ولدي بأن الليل
يهدي التائهين؟؟!
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> عتاب..
عتاب..
رقم القصيدة : 67234
-----------------------------------
وقفت أعاتب فيك الزمان
لماذا بخلت بهذا الحنان؟
عرفتك خوفا وليلا كئيبا
وفي ظلمة اليأس جاء.. الأمان
حرام حرام.. وربي حرام
(1/17493)
________________________________________
إذا جاءنا الحب بعد الأوان
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> وأبحث عنك كثيرا.. كثيرا..
وأبحث عنك كثيرا.. كثيرا..
رقم القصيدة : 67235
-----------------------------------
ويرحل عنا زمان الأمان
فأشتاق من راحتيك الحنان
وأحمل قلبي كطفل جريح
يصارعه الشيب قبل الأوان
وأصبح بعدك لحنا.. عجوزا
شقي الزمان غريب المكان
وتبقين وحدك فوق الزمان
وتبقى عيونك أحلى مكان
سنين من العمر تمضي علينا
وفي الفرح ننسى حساب السنين
أعد الليالي.. ربيعا ربيعا
ويمضي الزمان ولا ترجعين
وتبقين وحدك نبضا بقلبي
ويرحل عمري ولا ترحلين
وسافرت بعدك في كل أرض
وكم كنت أشعر أني غريب
وجربت يا حب عمري كثيرا
وأسأل قلبي.. ولا يستجيب
فألقاك في كل حلم بعيد
وألقاك في كل طيف قريب
* * *
وأبحث عنك كثيرا.. كثيرا
يدور الزمان وقلبي لديك
يضيع الأمان فأبحث عنك
ويشتاق قلبي كثيرا إليك
إذا جاء صيف سألت النسيم
ترى من عبيرك هذا العبير؟
وإن طال ليل تساءل قلبي:
بربك أين ملاكي الصغير؟
وإن جاءني الحزن ضيفا ثقيلا
يعاتبني الدمع هل من رفيق؟
فأبحث عنك على كل ضوء
وعمر الحيارى ظلام سحيق
لأنك مني وأني إليك
كما يعرف الزهر طعم الرحيق
وأبحث عنك كثيرا.. كثيرا
فأنت الضياع وأنت الطريق!!
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> مسافر.. والشاطئ بعيد
مسافر.. والشاطئ بعيد
رقم القصيدة : 67236
-----------------------------------
وأخاف أشباح الشتاء..
وأخاف أن ألقاك يوما
في طريق.. من دماء
وعليه قصة حبنا
أشلاء ذكرى بين أكفان الوفاء
نبكي عليه ربيع عمر راحل
نبكي عليه
خطيئة الإنسان في زمن الشقاء
يغتال في الأشواق
كالمجنون.. يلتهم الدماء
ما عاد في قلبي دماء كي يبددها الطريق
والموج يا دنياي يفرح بالغريق!!
* * *
وأخاف يوما
أن أعود بلا جناح
كالطائر المكسور
تحمله الرياح.. إلى الرياح
إني تعودت الظلام
ولاح في عينيك عصفور الصباح
وأنا أخاف من الطيور
يوما تجيء مع الصباح
(1/17494)
________________________________________
يوما تسافر بعدما
تلقي الصغار.. على الجراح
* * *
وأخاف حبك عندما
يأتي الشتاء بلا رفيق
والدرب بعدك
صامت الأنفاس مرتجف الرحيق
وأظل أسأل عنك ليل اليأس أشواق الطريق
لا تجعلي الأحزان تلقيني غريبا
بين أفراح البشر
فلقد تعلمت المنى
عانقت فيك
البسمة السكرى وصافحت القدر
* * *
وأخاف حبك أن يكون النار
تلقيني بقايا من حريق
وأصير في عينيك أمواجا تطارد في غريق
أنا منك كالأحلام إن شاخت
تغيب.. ولا تفيق..
لا تعجبي إن قلت إني فارس
نسى المعارك من سنين..
ووضعت سيفي بين أحضاني
وواريت الحنين
وجلست أرقب من بعيد
حيرة الأشواق بين العاشقين
وهمست يا دنياي في القلب الذي
هدته.. أمواج السنين
وسألته: ما زلت تنبض؟
قال: ما زال الحنين!!
أترى سأرجع من رحاب الحلم
مهزوما على قلب حزين
وتسافر الأفراح من عمري
منكسة الجبين
رفقا بقلبي يا ملاكي.. إنه
نسى المعارك.. من سنين!
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> ومات الحب في مدينتي
ومات الحب في مدينتي
رقم القصيدة : 67237
-----------------------------------
وتعانقت أنفاسنا
وانساب دمع عاتب الأشواق بين ضلوعنا..
والليل كالسجان
يصفعنا.. ويضحك خلفنا
والصمت بيت موحش الأشباح يصرخ.. حولنا
وعلى يديك رفات طفل ضامر
قدر الزمان حبيبتي
أن يصبح المسكين جرحا.. بيننا
جئنا إليك مدينتي
جئنا لندفن حبنا
رفقا بهذا الطفل
قبر مدينتي..
أنا بعض هذا الطفل عمري.. عمره
فلديه حلم بدايتي
ولديه يأس نهايتي
رفقا بهذا الطفل قبر مدينتي
رفقا بهذا الطفل
* * *
ما زلت يا قبر المدينة
تجمع الأحباب أشلاء
وتسكر بالدموع
ونظل تلهث بين حزن العمر
نبحث عن شموع
ولديك تختنق الشموع
رفقا بدمع الناس قبر مدينتي
رفقا.. بدمع الناس
ما بين أحياء المقابر
تصرخ الأنفاس في ليل السكون
في كل جزء من شوارعها
جراح.. أو خطايا أو جنون
رفقا بدمع الناس يا زمن الجنون
* * *
القبر يضحك في خجل
وحبيبتي خلف التراب سحابة
وعيونها بحر.. شراع
(1/17495)
________________________________________
تائه النظرات ضاع مع الرياح
كالنورس الحيران
عاد ممزقا.. عند الصباح
وصغيرها المسكين خلف دمائه
وعلى يديه علامة
أنفاس أحلام.. بقايا من جراح
ونظرت للحب الصغير
لم قد رحلت وأنت عندي بالحياة
وتركتنا لزماننا
زمن.. تضاجعه الذنوب
فتحمل الأرض العصاة؟
زمن الطغاة.. زماننا.. زمن الطغاة
* * *
القبر ينظر نحونا
وتردد القبر العجوز.. للحظة
القبر في خجل يمد يديه.. يحمل طفلنا
الحب أكثر ما يموت بأرضنا
ونظرت للقبر العجوز.. سألته:
أتراك تسكر من دماء صغيرنا؟
ضحك العجوز وقال في خجل: أنا؟!
ما عدت أفرح يا صديقي بالرفاق
صارت دموع الناس عندي.. لا تطاق
في كل يوم بين أحضاني
بحار من فراق
كل الذي عندي زحام.. في زحام
ما أكثر الأحياء في هذا الزحام
عندي مكان للصغار المتعبين
وهنا.. بقايا العاشقين
وهنا الجمال
ينام مكسورا على صدر الحنين
وهناك مات العدل مشلولا..
على زمن لعين
والحب.. في هذا المكان...
وعليه مات الصبح مشنوقا..
هنا.. قتلوا الحنان
وهناك أشلاء الضمائر
بين أكفان الجحود
وعلى رفات الحب
أنقاض.. بقايا من عهود
* * *
القبر يبعث في البقايا.. حولنا
رفقا فعمر الناس عندك قبرنا
وقفت عيون حبيبتي وتساءلت:
بالله يا قبر المدينة أين طفلي..
كان منذ دقائق يجري.. هنا؟
القبر يضحك قائلا:
قد صار ضيفا.. عندنا
صرخت دموع حبيبتي
يا طفلنا.. يا طفلنا
ضحكات قبر مدينتي
تعلو.. وتعلو.. بيننا
قد صار ضيفا.. عندنا
يعلو صراخ حبيبتي:
يا حبنا.. يا حبنا
القبر يضحك قائلا:
قد صار ضيفا.. عندنا
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> ويخدعنا الزمن!
ويخدعنا الزمن!
رقم القصيدة : 67238
-----------------------------------
مضينا مع الدهر بعض الليالي
فجاء إلينا بثوب جديد
وأنواع عطر ونجم صغير
يداعبنا بالمنى من بعيد
وألحان عشق تذوب اشتياقا
وكأس وليل وأيام عيد
ونام الزمان على راحتينا
بريئا بريئا كطفل وليد
وقام يزمجر وحشا جسورا
ويعصف فينا بقلب حديد
(1/17496)
________________________________________
فأحرق في الثوب عطر الأماني
وألقى علينا رياحا تبيد
وقال: أنا الدهر أغفو قليلا
ولكن بطشي شديد.. شديد
فأعبث بالناس ضوءا وظلا
وساعات حزن وأنسام غيد
وأمنحهم أمنيات عذابا
يعيشون فيها حياة العبيد
وألقي بهم في ظلام كئيب
وأسخر من كل حلم عنيد
غدا في التراب يصيرون صمتا
وتمضي الليالي على ما أريد
وأمضي على كل بيت أغني
تطوف الكؤوس بوهم.. جديد
شعراء مصر والسودان >> فاروق جويدة >> لو أستطيع حبيبتي..
لو أستطيع حبيبتي..
رقم القصيدة : 67239
-----------------------------------
لو أستطيع حبيبتي..
لنثرت شيئا من عبيرك
بين أنياب الزمان
فلعله يوما يفيق ويمنح الناس الأمان
لو أستطيع حبيبتي
لجعلت من عينيك صبحا
في غدير من حنان
ونسجت أفراح الحياة حديقة
لا يدرك الإنسان شطآنا.. لها
وجعلت أصنام الوجود معابدا
ينساب شوق الناس.. إيمانا بها
لو أستطيع حبيبتي
لنثرت بسمتك التي
يوما غفرت بها الخطايا.. والجراح
وجمعت ليل الناس حول ضيائها
كل يدركوا معنى الصباح
لو أستطيع حبيبتي
لغرست من أغصان شعرك واحة
وجعلتها بيتا تحج لها الجموع
وجعلت ليل الأرض نبعا من شموع
ومحوت عن وجه المنى شبح الدموع
* * *
فغدا سنهزم
في جوانحنا
المخاوف.. والظنون
ونعود بالأمل الحنون..
فالحلم رغم اليأس يسبح في العيون
ما زال يسبح في العيون
ما زلت أحلم
يا رفيقة حزن أيامي وما زال الجنون
فالحلم في زمن الظلام مخاوف
وضياع أيام وشيء من جنون
لكنني ما زلت رغم الخوف
رغم اليأس رغم الحزن
أعرف من نكون..
هيا لنحلم بين أعشاب السكون
فغدا ستصبح بالربيع حديقة
ويصيح صمت الأرض.. فليحيا الجنون
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الحصار
الحصار
رقم القصيدة : 67240
-----------------------------------
آه يا وجهي المحنّى
بتراب الوطن
لم يزل يعصرك البعد ..
على أرض المنافي
ويغطّيك بعشب الشجن ..
وأغانيك انتظار
ورحيل من مدار لمدار
بعدت عنك التي تهوى ,
وقد شطّ المزار
(1/17497)
________________________________________
بعدت وجهك ودار
وحدك الآن وقد مرّ القطار
وحدك الآن ومن حولك ,
يلهون بزهر الطاولة
وحدك الآن وصمت البحر ,
ناء عن حصير العائلة
والتي ترقب لم تأت ,
وفيروز تغنّي
بوحها المقهور ,
عن جيل احتراف الحزن ,
والصمت وليل الانتظار
فمتى نخرج من هذا الحصار ؟
فمتى نخرج من هذا الحصار ؟
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الوطن في الأسر
الوطن في الأسر
رقم القصيدة : 67241
-----------------------------------
أ
التي رحلت في صمت على أرض المطار
حمّلتني فوق ما أحمل ,
من باقات زهر الانكسار
والتي ترحل لا تعرف عني
غير حزني
ب
وطني في الأسر يا سيدتي
وأنا أعرف أنّي
ليس لي أن أسأل الآن ,
متى اللقيا ..
فقد حان الرحيل
وبريدي دون عنوان
ويومي سفر ..
وحياتي تذكرة
وارتحال دائم عبر الفصول
فاسألي لي المغفرة
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> كفر عانة البعيدة
كفر عانة البعيدة
رقم القصيدة : 67242
-----------------------------------
وحين ابتعدت ,
ومالت على البحر شمس حكاياتنا
وغّيبك الليل عنّي
وأطبق أفق ثقيل الجناح
عرفت مدى اللوعة الحارقة
وكنت صغيرا على الحب ,
لكنّني
بكيت كشيخ ,
وأنت تغيمين في عربات الرحيل
ولمّا كبرت ,
رسمتك في الذاكرة ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> احتجاج شخصي
احتجاج شخصي
رقم القصيدة : 67243
-----------------------------------
-1-
وأينع وجهك هذا المساء
جميلا على صفحة الذاكرة
فغنّيت موت السنابل , جوع العصافير ,
أيقنت أنّك في لحم وقتي
وأنّك أكبر من خاطرة
-2-
تساءلت يا حبّة القلب ,
كيف تمرّ الثواني ,
ويهدر نهر الدقائق ؟
ونحن بعيدان , تعبر تيه المنافي
ولمّا تهبّ الحرائق ؟
-3-
لماذا يمرّ سحاب النهار
ةتبعد عن ناظريّ المراكب ؟
ويزحف في داخلي الليل ,
أشعل كلّ الشموع ولا
ألتقي بك .. أمضي
وأحضن بين يديّ الحقائب ؟
-4-
لئن كان هذا زمان تحت سياط الظهيرة
فكيف لمن شاخ أن يشتهي
(1/17498)
________________________________________
عناق الألى غيّبوا , في طوايا الحريق
وكيف تكون الطريق
وما بيننا يا أسيرة
ركام من اللحم , نهر دم من ضحايا ؟
وأخفيت وجهي , هو البعد يدنو
لعينيك هذي الصلاة , وهذي الأغاني الكسيرة
-5-
ألا إنّني أوجز الآن كلّ فصول الرواية
فلم يسدلوا بعد ستر الختام
ولكن أحسّ بأنّ البطل
سيخدع قبل حلول الظلام
وها أنذا يا نيام
أصيح : حذار , حذار
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> شارة المذبحة
شارة المذبحة
رقم القصيدة : 67244
-----------------------------------
أقول وبي همّ جيل
وقدّام عينيّ رفّ سنونو قتيل
ألا إنّها شارة المذبحة
وأنّ الأغاني ديباجة زائفة
وسيل الوعود كمائن للموجة الزاحفة
قرأت الكتاب من الافتتاح إلى الخاتمة
وفاجأت كلّ الشخوص بلا أقنعة
قرأت تواقيعهم في سجلّ التهاني
أنا كنت حامل أوراقهم ,
وكنت أصوغ الأغاني
وحين تجاسرت ألفيتني
خارج القوقعة
أقول وقد أيقظتني رؤى الفاجعة
يجيء زمان السقوط الأخير
ويقضى على الشوكة الجارحة
فقادتنا يجهلون علينا ,
ويريدون أن نترك الأسلحة
ألا إنّها شارة المذبحة
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> واستطلعي وجهي
واستطلعي وجهي
رقم القصيدة : 67245
-----------------------------------
أ - الطيف
بكاء عن شبّاكي وعصف رياح
وأيّ نواح
ويعبر طيفك المبلول بالمطر المدمّى ,
والحطام من السلاح
قفي .. من أين جئت ,
وكيف خلفّت الجراح ؟
يدي يبست , ندائي بحّ ,
واختنق الصباح
وأجزع إذ تجيء الريح بالخبر
..........................
............................
ترى صلبت أغانينا على بوّابة السفر ؟
قفي ,
واستطلعي وجهي المحنّى بالتراب
وما كتبت عن الذي يأتي
فما سمعوا
وها أنذا تضجّ بي البلاد ويكبر الوجع
ب- أسفي على إبراهيم
إنّي لأبكي الآن أياما ,
مضين مطرزّات الحلم , لا أبكي على عمري
أبكي على خسران ما كنّا ,
تصوّرناه يوما داني الثمر
أبكي لأنّ أصابعي ,
جمدت على الأغصان لم تقطف ,
(1/17499)
________________________________________
وكنت حسبت أنّ مواسما , معطاءة الأمطار ,
تمنح جيلنا خبزا وأورادا
وترقب فوج من يأتون من سفر
أواه لكّني , شهقت , شهقت من جزعي ,
على الميناء
وخجلت إذ تتراجع الأنهار ,
يا أسفي على إبراهيم , لو ألقاه بعد الموت ,
سوف يشيح عنّي الوجه , ينكرني
ويرفضني ..
إنّي أعود لطفلة الأمس التي
قضت الليالي
وهي ترسم بيتها في دفتر الإنشاء ..
ج - ما يحكيه الموتى
ولست يعاتب يوما ,
إذا راحت أناشيدي
تولول في بكاء خافت خائب
وإن ظلّ الغسيل على سطوح الدار مبلولا
وعقد زواجنا ملقى على الغارب
وإن عبرت طيور الحزن من
شبّاكي المفتوح , حطّت فوق أوراقي ,
بنت أعشاشها في وجهي الشاحب
ولكّني سأذكر أنّ وجه حبيبتي ,
قد كان آخر مرّة غاضب ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> حين قال سامر : لا في المواجهة الأولى
حين قال سامر : لا في المواجهة الأولى
رقم القصيدة : 67246
-----------------------------------
( أرض واسعة كخلاء
أشبه بالمسرح
يتجمّهر خلق , وإضاءة
فوضى أصوات متداخلة , خطوات المرأة
تملأ أرجاء المطرح
تتوّسط دائرة الضوء
شيء كالصمت
تتحرك , وتحدّق مذعورة ) :
امرأة - من ذا يفتح دفتر أيامي
ويواجه سفر المأساة
إني أرهب سيف التاريخ
حين يسطّر ما كنت كتبت
يا رمل الذكرى , كن طينا وتماسك
( تنفر أعناق الناس
تتلّفت في غضب نحو المرأة
إذ تلمس زيف الكلمات
والحركات المفتعلة
فتواجهها بالأيدي المرفوعة
والنظرات المحتّجة والصيحات
يخرج من بين الجمهور
سامر كالرمح نحيلا , ومضيئا بالحب
يتوّقف في دائرة النور )
سامر- إني أنشل نفسي من بئر الأخطاء
وأحاكمها وأدينك باسم سنابلنا الظمآنه
والشجر المقصوف
( أصوات تخرج من عمق الأشياء
لا يظهر من ينشد
بينا سامر يتمترس خلف الكلمات
والمرأة تخفي عينيها
بيديها )
الأغنية
الجوقة - الحب الماضي ماذا أثمر في دنيانا
ماذا أعطى ؟
هل ثمّة شيء بعد الحب ؟
كلّ الأوراق امتلأت بالكلمات
لم يبق لدينا ما نحكيه
(1/17500)
________________________________________
والآن علينا أن نفعل , أن نفعل
نحن عشقنا حتى العشق
وفتحنا الأيدي
لكن لا شيء
نفس الإحساس
نفس الحب ونفس اللحظات
إنّا ننشد أكثر من هذا
نحلم أن يتحقّق في الحب
كلّ رموز العالم
لكن ما زلنا ننتظر , فماذا بعد ؟
ماذا بعد ؟
( تخفت كلمات الأغنية
ويهزّ الغضب المتسائل أبدان الناس
أما المرأة
فتحاول أن لا تستسلم
تتمالك منها الأنفاس
تتحرك في حذر ملحوظ )
المرأة - كنت قديما أبحث عن هذا المطلق
لكن حين رأيتك
صرت لديّ المجهول ,
وصرت عروق الأشياء المفقودة
وعشقتك ,
ليس كما يعشق كلّ الناس
وحلمت بأطفال يأتون
وبفرح لم يشرق ..
سامر- معذرة يا سيدتي
لا يرحل إلاّ من يأتي
لا يكفي الحلم
الجوقة - خيمتنا تحت الدلف
جحظت عيناها
فخجلنا أن لا نبحث عن سقف
سامر- حين تغوص السكين عميقا ,
في القلب
ويصير رغيف الحب
أبعد من قمر في الصحراء
حينئذ لا يتسّع الميناء
لأنين صواري البحر ,
وأشرعة السفن الغرقى
المرأة - سامر يرسم فوق الماء
أجنحة لعصافير الأمس
ويكتب فوق الرمل
ما يرويه الليل
سامر - لا تجرحني كلماتك
أكثر مما فعلت بي
رؤية طفل كان يصيح
وبقايا جدران وسطوح
( يظهر في الظلمة
طيف لامرأة بثياب العرس
تتوسط دائرة الضوء
تبدو مكتئبة
فيباركها سامر بالحب الصامت )
سامر- إنّي أحفر فوق جذوع الأشجار
وجها محزونا
وعصافير تموت
وعيونا
تحمل كلّ ملامح ذاك الطفل
( يتلّمس بيديه ,
جديلتها المبلولة بالدم )
وسأكتب أن الأسفار
أخذتني منك ,
وأنّ الغزلان البريّة والأعشاب
وعبور الليل
أشهى من كلّ الأضواء ,
ومن مدن الغربة
( ينسحب الطيف
يتلاشى تدريجيا في الظلّ
تكبر بقع الدم
في عينيّ سامر
يهذي بكلام لا يفهم )
المرأة - ماذا حلّ بعقله ؟
سامر - من سنوات حين تلاقينا
بعد هبوب الريح الأولى
أخذتني نظرتك ,
أحاطتني كلماتك بالحب
منحتني أجمل وعد
كنت عرفتك من قبل ولكّني ,
صدّقت ..
عدت فغّنيت على أبوابك
كان غنائي يرتّد
مخنوقا داخل حنجرتي
ويموت صداه على أعتابك
(1/17501)
________________________________________
وظللت أحدّق في المرآة
منتظرا فعل جوابك
المرأة - ماذا يمكن أن تلقى ,
مرسوما في المرآة
إلاّ وجهك ,
وشحوب النظرات ؟
سامر - إنّي أعبر في تقطيب القسمات
سردابا مجهولا
وأرى باب
أتهيّأ حتى أحمل زادي
لأجوس طريق النار
المرأة - لا تفضي بشبابك للتهلكة , فتندم ..
سامر - لا يا سيدتي
لم يحدث يوما أنّ سماء
مدّت للجائع طبق غذاء
ما لم يصفع جوعه
الصدى - لم يحدث يوما أنّ سماء
مدّت للجائع طبق غذاء
ما لم يصفع جوعه
المرأة - أتشكّ بأخوتك ,
وأبناء العم ؟
سامر - لا يا سيدتي
فأنا أعرفهم جدا
فهمو من هدموا بيتي
من أكلوا لحمي
من باعوا أرضي
أعرف أنّك أنت وعشّاقك ,
أعددتم هذا الحفل
أعرف أكثر من هذا
نعرف كلّ سطور التاريخ السريّة ,
وتواقيع التجّار
الصدى - نعرف كلّ سطور التاريخ السريّة ,
وتواقيع التجّار
( المرأة تأخذ شكلا آخر
فالفستان عليها يعتم ,
بأهلّته ونجومه
تتميّع ألوانه
الأحمر والأخضر والأبيض ,
والأصفر والأسود ..
تغدو شرطيّا وهراوة )
المرأة - الشرطيّ - حاذر , حاذر
واضبط أعصابك يا سامر
الجوقة - قل كلماتك يا سامر , قلها
وليرتفع السيف
قلها ,
حتى يكتمل الصف
سامر- وجهك يا سيدتي
يتلوّن ,
يكلح ,
يصفّر ,
ويطالبني بالصمت
لكّني أختار الموت
( إعتام
فوضى , ودوي كلام )
الجوقة - سامر يصنع من ورق الذاكرة ,
رسوما للأطفال
ويشدّ خيوط الأمس
يتماسك في وجه الريح
سامر يختار الموت
صوت سامر - إنّي أؤمن أنّ المطر الخيّر
سيجيء
ويكسونا بالأعشاب
وستطلع ثانية أزهار الحنّون
ويعمّ غناء الأطفال
ويكون على الأرض
فرح غامر ..
الصدى - ويعمّ غناء الأطفال
ويكون على الأرض
فرح غامر ..
( يظهر سامر
متّجها نحو الظلّ )
سامر- فلتفتح يا سيدتي أبواب السجن
طفح الحزن
طفح الحزن
( الظلمة تفرد في بطء
أطراف ستارتها
فترة صمت )
الجوقة - الليلة لا يحلم سامر أو يتسكّع
بين رفوف الكتب الصفراء
الليلة لا يستجي لقمته ,
لا يكتب أشعار بكاء
الليلة يرسم أقمارا خضراء
(1/17502)
________________________________________
فوق الجدران
ويغّني للإنسان
الليلة يحتفل وحيدا في عرسه
يبدع موّالا ,
وأناشيد جديدة
تحمل رائحة القمح الأسمر
والأرض الظمأى
والعشب اليابس
الليلة يمنحنا سرّ الخصب ,
وبدء التكوين
( صمت
موسيقى غضب أسيان )
الجوقة متوّزعة-
أما وقد اختار
في آخر هذا الفصل
أن يرفع كلمتنا ,
ويشيل صليب النار
فلنتذكّر أنّ الليل
سيكون ثقيل الخطو عليه
فلكي لا تمتلىء كؤوس مرارتنا ,
أو تطفح
فلنهدم هذا المسرح
فلنهدم هذا المسرح
( يهدر فجأة
نهر الأصوات الغضبى
وتدّق الأجراس
في حين
تسمع في الظلمة , أصوات مقاعد
تتحّطم
إذ ينفضّ الناس )
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> بضع كلمات للحديث عن فراس
بضع كلمات للحديث عن فراس
رقم القصيدة : 67247
-----------------------------------
ينهلّ صوتك والأغاني مطفأة
والعابرون تأخروا
فالدرب ملغوم , وخلف الباب موتك
قالت لهم ريح البلاد :
ألا احذروا
فتعثّروا
والصمت شارك في سيول الدّم
أعرف أنّ تحت الظلّ , كان الآخرون ,
يدخّنون ,
ويرقبون ..
في نشرة الأخبار - مع زوجاتهم - موتي
وهم يتسامرون
ينهلّ صوتك والنساء لبسن أثواب الحداد
وأنا خبرت من الزمان المرّ هذا أسوأه
هلكت جمال قبيلتي,
لم يسأل الوالي ,
ومزّق جنده كتبي , وأنت تسألين
عن لون هذا الحزن في عينيّ , عن
شعري المشعّث عن مشاوير المساء
والحارس الليليّ أيضا , لا يكفّ عن السؤال
صمت يرافقني
شوارع ذلك البلد البعيد معي ,
وليس بهذه الطرقات من أحد
وأنا أضمّ فراس :
( آه فراس يأكل قلبنا هذا البعاد
ويعود لي حزني الجميل ,
وزهرة الحلم المهاجر والبكاء )
وتعاتبين وأنت لا تدرين ما يفري القلب
هذا شتاء آخر قد فاجأه
ينهلّ صوتك , والأغاني مطفأة
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> أمور تتعلق بها خاصة
أمور تتعلق بها خاصة
رقم القصيدة : 67248
-----------------------------------
تدفق نهر أغان ,
على شفتيك فأسندت رأسي
وأغفوت حينا
على شرفة الحلم ,
(1/17503)
________________________________________
أنصتّ ..( كنت حزينا )
فتابعت أنّ المساء جميل ,
وهذا الهوى لم يدوم
فأيقظت فيّ الهموم
وكانت جدائل شعرك بين يديّ
وفوق جبيني
تراتيل حزن , وحقل سنابل
فدانيت وجهك , زخّ رصاص
على قارعات الطريق بكلّ اتجاه
وأنّت شبابيك جدراننا
تحت نار الجنود
فسبع رؤوس تشبّ بها النار ,
كانت تغنّي ليوم الخلاص
وغالوك يا مهرتي ,
ما انكسرت , ولكن آه
وآه
وآه
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الموت خلف الباب
الموت خلف الباب
رقم القصيدة : 67249
-----------------------------------
الموت خلف الباب هل تتسمعّين خطاه
أم تتزيّنين لطلعتي ,
ورضى الوصول .
بحّت ربابات المغّني ,
ما انتهى مدّ النشيد ,
ولا استحال إلى ذهول
عيني على أطفال قريتنا ,
وكيف عراهموا همّ الذبول
كبروا مع الأيام , آه , أكاد ألمحهم ,
كأنّي ما نأيت
ولا عرفت ,
مكابدات النار والدم والرحيل
عيني على صوت يجيء مبلّلا ,
بندى الحقول
مطر الحنين يسحّ دفّاقا ,
على صحراء قلبي ,
غاسلا وجعي ,
يجيء إليّ ذاك الصوت ,
وجها ناضرا وحديقة ,
يغفو على أسوارها طير المساء
ويرق هدهدة ,
فيصغي كلّ عرق فيّ مرتجفا
أعيدي آه ذاك الصوت ثانية ,
وقولي :
( يا ابن العم يا ثوبي علّيي
إن اجاك الموت لاردّه بيدي
ابن العم يا ثوبي الحريري
لاحطّك فوق جنحاني وأطيري
واهدّي فيك ع برج الخليلي )
أواه لا أدري ,
فصوتك موجع هذا المساء
لأشم عطر الجرح ,
نزف طراوة الأعشاب في نبراته ,
وصدى الأفول
" ويلي عليك "
تكسّرت أغصان حزني فيك ,
صوني الثوب ,
يا أم الذين تضّوروا
جوعا وشالوا في الضلوع ,
بنادق الحب العظيم وسافروا
في الريح فانتظري ,
قدومهمو على باب الفصول
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> ثبت العويل في سعف النخيل
ثبت العويل في سعف النخيل
رقم القصيدة : 67250
-----------------------------------
أيها الأصدقاء القدامى
سلاما
في المساء يطيب لي الخمر ,
أركض عبر حقول البكاء
(1/17504)
________________________________________
أنزوي هامد القلب , مشتعلا بالغناء
شاكرا للزمان جزيل العطاء
راسما شارة للعبور الأليم ,
أزامل برد العراء
وأجمع وردي من الطرقات ,
وما كنت أهديته للمساء
وألملم نفسي علي حرقة ,
إذ يهبّ الهواء
لاهجا باسم من غازلتني
وجاسدتها ألفة ,
وبكينا أسى وانتشاء
ها أنا في عيون التذكّر أهمي وحيدا ,
وأذبل شيئا فشيئا بلا أصدقاء
وأهزّ جذوع النخيل
فيدوّي العويل
آه , آه
يا عيون التي أمطرتني شجى
ليس من مرتجى
***
أذكر الآن أغنية
عن زمان بلون الفجيعة والانكسار
يوم أفردت أفراد طرفه
حين فقدت جوادي
وأطفأت الريح قنديل ذاك النهار
لا يد لوّحت في المطار
لا عيون التي أشعلتني حوارا ,
دون حوار
فلبست الظلال
عابثا بالحقيبة حينا ,
وحينا أعود فأفرد بين يديّ الجريدة ,
كان الحصار
نافذا مثل سهم ,
وتحتلني وحشة في القرار
لحظة ,
ورأيت المناديل للآخرين انتظار
وأنا كنت وحدي الزحام , وكنت الغبار
أستطيب التذكّر والخمر عند المساء
أيها الأصدقاء
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> في انتظار الأغنية
في انتظار الأغنية
رقم القصيدة : 67251
-----------------------------------
-1-
ربما يمهلني الموت قليلا فأغنّي
لك يا قرآن حزني
إنّني أسمع ما ينقله الأعداء ,
والعذّال عنّي
فأغضّ الطرف لليوم الذي يأتي
ولا أسقط في المنفى ,
ولا تدمع عيني
ربما يمهلني الموت قليلا فأغنّي
-2-
للثواني خطوة المثقل بالغربة والموت البطيء
آه من أين يجيء ؟
كلّ هذا الحزن يا حبّي الذي كان يضيء
بين أهلي ؟
هذه الصحراء لا تفضي لباب ,
وأنا أبحث عن أسماء من ماتوا لأنّي
ربما يمهلني الموت قليلا فأغنّي
-3-
فاغفري أيتها الحلوة لو طال سكوتي
إنّني ألمح في عينيك أحزان اليتامى ,
والثكالى ,
والبيوت
وأنا أعلم أنّ القيد قاس ,
فليكن لا بدّ من هذا ولكن لا تموتي
قبل أن يولد لحني
ربما يمهلني الموت قليلا فأغنّي
-4-
حينما أشرع في الحزن تغيب الكلمات
يستوي المنفى وأرض الوطن المأسور عندي ,
(1/17505)
________________________________________
والصدى والأغنيات
تمحي الأشياء من حولي ,
ولا يغدو سوى وجهك حيّا ,
في أغاني النائحات
أيّها الحارس ما تطلب منّي
ربما يمهلني الموت قليلا فأغنّي
-5-
تبعدين الآن في المنفى ولا يأتي القطار
ونغيبين مع الليل ولا ,
يحمل لي وجه النهار
بعض أخبارك يا سيدة القلب لماذا
تذبل الوردة ,
والعاشق ممنوع من الحب , لماذا
أحكموا هذا الحصار
بين عينيك وبيني
ربما يمهلني الموت قليلا فأغنّي
-6-
ولأيام طويلة
وأنا أحلم في عينيك مفتونا ,
بصبح وجديلة
وأنا أحلم بالعشب نديّا ,
وبشمس وطفولة
وتزوّدت بزهر الوعد يا مهرة أيامي ,
وغنّيت لأشجار تقاسي ,
في عويل الريح غصنا إثر غصن
ربما يمهلني الموت قليلا فأغنّي
-7-
كان شهرا حافلا بالياسمين
كلّ يوم كان بستانا جديدا ,
ورموزا للحنين
هذه أنت وهذا الموت حلو ,
وأنا بينكما طير سجين
صودرت كلّ الأغاني ,
والبطاقات أمامي
لم تزل بيضاء من حبر التمّني
ربما يمهلني الموت قليلا فأغنّي
-8-
لم أعد وحدي ,
فأنت الآن وشم أخضر فوق الذراع
ومعي في كلّ أسفاري ,
وفي هذا الضياع
مرّة ,
لو يصدق العمر ويعفيني ,
من البحر وتلويحة منديل الوداع
من يدي أصنع مفتاحا لأبوابك , والأبواب تنأى
أيها الحب أعنّي
ربما يمهلني الموت قليلا فأغنّي
-9-
متعبا ألقيت جسمي عند باب الحرم
وتمددت لصحو
أنّني أغرق في بركة دم
ما الذي يشبع احساسي برؤيا الموت ,
واللحظة تمتدّ كيوم ؟
آه يا أختاه , آه
كلّ من حولي قاموا للصلاه
وأنا صلّيت من أجل هوانا ركعتين
ربما يمهلني الموت قليلا فأغنّي
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> أقول لشمس الظهيرة : شكرا
أقول لشمس الظهيرة : شكرا
رقم القصيدة : 67252
-----------------------------------
وحين عزفت على جرح قلبي ,
ورحت أغنّي
أشحت بوجهك عنّي
وخبأت رأسك بين الرمال
ولم يك لي حيلة ,
أن أعيد الطيور التي من يديّ تفرّ
رأيت الشوارع والأرصفة
تغادر أعلامها إذ أمرّ
كأن لم يكن بيننا معرفة
***
(1/17506)
________________________________________
أقول لشمس الظهيرة شكرا
***
( مضيت وكان لي البحر والأرض ,
كان المساء
يداعب وجهي ,
ويطلب أن لا أموت بلا ثمن ,
أو إباء ) ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> أغنية مجد صغيرة , لا مرثية
أغنية مجد صغيرة , لا مرثية
رقم القصيدة : 67253
-----------------------------------
سمعتهمو يقرأون على قبرك الفاتحة
ويلغون في لهجة كاذبة
عن الصبر والفادحة
ويمضون عنك وأبقى ,
أغنّيك يا شمسي الغاربة
***
مسحت الذي كان خطّ على الشاهدة
حفرت عليها :
تنام هنا أمة غاضبة
وفي لحظة شارده
تحدّثت معك عن الحب والأرض ,
والأعين الجارحة
وعدت ولم أقرأ الفاتحه
لأنّك يا مهرتي الجامحه
رجعت معي ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> جزء من حديث ذات ليلة باردة
جزء من حديث ذات ليلة باردة
رقم القصيدة : 67254
-----------------------------------
وأنا مثل مغنّ يحمل قيثارا
يمشي في الحلم ويبكي , ويغنّي
يهبط سقف الليل
أفتتح كتاب الوحشة , أرسم فوق الجدران
أقمارا , أحرقها
وتمرّ فلول الأيام المنهزمة
مثل قطار واهن
يعبر بي مدن الذكرى
أرتعش وتسقط فوق سريري نجمة
أبحث في قاموس الأسرار
عن معنى المطر ,
وحزن الآنية المكسورة
لكنّ الكلمة
تزرعني ثانية في منطقة اللغز
ما بين الواقع والأسطورة
قال أبو حسن اللدّاوي :
( و أبو حسن اللدّاوي هذا , يعمل حمّذذالا ,
أحيانا ماسح أحذية , عامل مقهى
أحيانا يتجوّل بين الأحياء
يبيع الترمس للأولاد , ويملك صندوق عجب )
- في العاشر من أيلول الماضي
أعولت الدنيا ,
وانشقّ جدار البيت
عن شيخ كان جريحا
ووقور الحزن , مهيب الصمت
بادرني مثل الدهشة , قال :
* أنا عزّ الدين القسّام
هل تأذن لي ,
أن أقضي الليلة في بيتك ؟
- عزّ الدين القسّام !
لا أعرف أحدا يحمل هذا الإسم
* رجل من أرض الشام
لا يملك عائلة ,
لا يملك بيتا
يتجوّل في أحياء الفقراء
وكثيرا ما شاهده بعض الفلاحين
يعبر بين الأشجار
يبحث عن حبّة تين يابسة ,
(1/17507)
________________________________________
عن جرعة ماء
كان يرى بعض النسوة ,
يحملن جرارا ,
ويطفن على الآبار
فيمرّ سريعا ,
ويحاذر لقيا الأطفال
والنظر إليهم
كي لا يبكي
( وتوقف مهموما مثل حصان مجهد
ليتابع )
أعرف أنّي مجهول منسي
مجهول المولد , مجهول الموت
( ولمحت بعينيه بريقا ,
قلت ) :
- أتبكي يا شيخ ؟
* لا أملك عينين لأبكي
فأنا جئت أزور الوطن لأنظر أحبائي
وأعانقهم
لا أرثيهم
(قال أبو حسن اللدّاوي :
واحترت كثيرا في هيئته المأساوية ,
في بقع الدم المتجّمدة على الكتفين ,
وفوق الصدر
في هذي الأعشاب النامية ,
على جبهته ,
والطين العالق في قدميه
قلت له ) :
- ما الأمر؟
( أمعن بعض الوقت ,
وعدّل فوق الرأس عمامته البيضاء
فانتحبت في كفّذذيه عصافير كثيره
خيّل لي أنّ العزلة
تسكنه منذ قرون
أنّ الوحشة بيته
وكما لو أنّ بلادا واسعة ,
تحتلّ مساحة قلبه
راح يغنّي موّالا شعبيّا
عن شمس تغرب
عن وجه يشحب
عن سفن تشرع نحو المنفى
عن عشق لم أسمع مثله
يا الله
يا الله !!
بعد قليل ردّد بأسى مفجوع :
* " دار جفتنا يحقّ لنا نعاتبها
ونجيب فووس النيا ونهدم عواتبها "
( أسلم عنق الموّال لمقصلة الصمت ,
ولملم نفسه )
- هل تعمل شيئا يا شيخ ؟
* كنت قديما
- أين ؟
* في الشارع والمسجد والبريّة
عملي كان
محصورا ما بين الفقراء
يأتون إليّ صباح مساء
فأؤجّج فيهم نار الحكمة ,
والموعظة وحب الأرض
أطعمهم زاد القلب
وأقرّبهم من ملكوت الرب
أنت حزين يا شيخ
ما تحمل في قلبك ؟
منشورات سرية
ماذا ؟
أحمل تذكارات الأمس ,
مواويل الجبل وصورا للأطفال الباكين
أحمل وطنا يتوّجع
فأنا منذ قتلت
هاجرت إلى مملكة الأعشاب ,
سكنت قلوب الشجر ,
وأعراق الزعتر , قلت :
يأتي من يكسر هذا القيد
يأتي من يشعل أعراس الأرض ,
ويحترم الإنسان
لكن لم يأتوا حتى الآن
فمتى يأتون ,
متى يأتون !
- يا شيخي الطيب
أحيانا يفلت منّي المعنى
لكّني أوخذ بالصوت
والحزن الأخضر في كلماتك
كيف تقول قتلت , وها أنت أمامي ؟
* الموت رفيقي
(1/17508)
________________________________________
فلذا يسمح لي أحيانا ,
أن أتجوّل في مملكتي
وأطوف على الأحياء
- وجروحك ؟
* يجمل أن تبقى
حتى يعرفني الناس
حتى يستيقظ فيهم شيء ما
حتى لا يقعوا ثانية ,
في هاوية الأخطاء
ما تفعل لو صادفت الحرّاس ؟
الشرطة والعسكر والحرّاس
هم بعض الأعداء ,
ومن مصلحة الدولة
أن تبقى أوراقي مطوّيه
( أطفأت الوابور
وأنا لا أفهم شيئا
وسكبت له كباية شاي ساخن
قلت : تفضّل
في الخارح كان الليل وحيدا ,
إلا من صرصرة الريح ,
ورجع خطى مجهولة )
" جسمي تقّطع وجرحي طال يا مولاي
وأقلام صبري براها الهمّ يا مولاي
نهر الفرات من دمعتي فار
ودّور طاحون وخشب
ولا بارك الله في قوم يعبدون الخشب
أنت تنين ياللي من حديد وخشب
اشحال أنا من لحم ودما صابر على بلواي """"
( التمعت عينا الشيخ
وارتفعت يده تمسح عن وجهه
شيئا ما
قلت ) :
- هذا حمدان الناطور
وضعت مصلحة البلدية يدها ,
فوق مساحات من أرض القرية
واشتقّت من بيّارته اسفلتا ,
جعلت منها منتزها للسيّاح
قاوم حمدان المشروع بكل قواه ,
ولكنّ المقدور وقع
حمدان جثا فوق الأرض وقبّلها ,
رفض التعويض .. بكى
بين يديّ بيّارته ,
وهي تغادر أشجارا
وترابا
وسياجا
وحزنّا معه لكن حمدان
لم ينس , فمن ذاك اليوم
وهو يدور على الأرصفة بلا وعي ,
يذرع طرق القرية ,
يزرع قلب الليل موّاويلا حارقة ,
ويقول بأنّ له عاشقة ,
بين الصبّار ,
يطارحها الدمع إذا التقيا
والضحكة أحيانا ,
ويراها في الموّال كما يزعم ..
* أعرف حمدان الناطور ووقع الموّال
فكثيرا ما صادفني في الليل ,
ورافقني التجوال
وشربنا الشاي معا بالنّعناع
ووقفنا فوق الكرمل ,
ننتظر القادم بسلال الأفراح
وأنا أعرف حزن الشجر المقهور ,
وأنّته الصامتة , وصفرة أوراقه
إذ تهوى في وجه الريح ,
وأعرف زهو الموت وكاميرات السيّاح
أعرف حمدان الطفل ,
الولد اليافع , والشاب
الطعنة والبئر , وما فعل الأخوان
أعرف هذا الزمن الخوّان
والمدن الطالعة من الصحراء بأزياء عصريّة
(1/17509)
________________________________________
والبدو وحرّاس القصر ,
وقاتل حمدان الناطور ,
ومن شربوا الرّاح
عصر اشتعل الحرش ,
وصارت خاصرة الجبل وسادة
والريح كفن
( حين نهضت لإحضار فراش ,
كي يرتاح ..
أوقفني عند العتبة صاح :
* دهرا نمت , وحين استيقظت ,
وجدت موانيء , ومسالك تنتظر ,
وقال المذياع : انتظروا ..
وتعثّرت بخوذة جنديّ هارب ,
وبآخر ملقى ..
قلت : الطوفان , السبيّ ,
وقال المذياع :
لا تهنو ..
لكنّ القلب الملتاع
أسقمه ما أسقمه
للحزن طقوس , والأوجاع
لا ترفق بالقلب وترحمه
عاوده النوم ..
و ( يا دار ما دخلك شرّ )
- لكأنك تعنيني يا شيخ , وتحكي
عمّا كان بنفسي ,
حين الأقدار أقلّتني من بيتي ,
في اللدّ إلى قبية حتى الجلزون
والله عليم ما قاسيت من الجوع ,
ومن ذلّ السير ..
** لا أعني أحدا
غرناطة , يافا , اربد , مكّة
وارميا العربيّ والبكاء
لا في الغزو ولا في التهليل
يا مال الشام أضاعوك
كمال الأيتام أضاعوني
طال مطال البين ,
وما أحد قال
تعال
وشال الحمل ,
ولا تركوني
ناديت محبّي , همو خدعوني حزني كالبحر عظيم
لا حنطة للأطفال المغشّي عليهم
عطشان ,
صبايا الحيّ ملأن جرار الماء وغادرن ,
فمن يرويني
ناديت محبّي , همو خدعوني
- هوّن يا شيخ عليك
الدنيا ذاهبة والباقي وجه الله
والعمل الصالح
..................
* ....................
( وانسلّ خفيفا كالطيف ,
توقّف عند الباب
وتهدّل تعبا , كالغصن الملآن
فانخلع القلب من الرهبة والحزن
واستودعني اليقظة ,
والحيرة والليل وغاب )
...................
* جسمي تقطّع وجرحي طال يا مولاي
وأقلام صبري براها الهمّ يا مولاي
نهر الفرا............................
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> تعقيب على ما روي
تعقيب على ما روي
رقم القصيدة : 67255
-----------------------------------
ريح لافتة تأتي ,
- من هذا الشرق النائم-
لا للتذّرية ولا للتنقّية ,
اليوم يباع أبو ذر بمزاد علنيّ ,
ويطوّف في الصحراء وحيدا ,
(1/17510)
________________________________________
بين العربان , قبيل الصلب ولا ,
يسمع صوتا في بوق
والقسّام بلا قبر أو شاهدة ,
ممنوع أن يدخل مدن الدول العربية ,
أن يعبر دور الفقراء ,
يصادق أعشاب الأرض فما ,
عانق نافذة أو مرّ بسوق
إلاّ طورد كالسارق وهو المسروق
والقسّام وحيد في الكرمل ,
ينتشر على جسد الأرض ,
ويطلع حنّون الحزن على ساعده ,
حيفا تحضنه في البعد ,
توّسده الصدر المشقوق ..
وأبو حسن اللدّاوي ,
يشكو من رفع الأسعار ,
ويسأل مولاه القادر تبديل الحال ,
بأحسن من هذا الحال ,
وطالب بالعدل , وطالب طالب ,
ظلّ بدون حقوق ..
أمّا حمدان الناطور ,
فأعلن كذبته الأولى ,
عن رؤيته المزعومة في الموّال ,
وأيقن أنّ الموت قرآن أبديّ ,
للعاشق , إن رام مجاسدة تراب البيّارة ,
غنّى لرعود آتية , وبروق
وأنا أدركني الصبح ,
وقلبي كالبنّ المحروق..
عفوك يا وطني المشنوق
عفوك يا وطني المشنوق ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> عن الصبر وحنين الأعشاب
عن الصبر وحنين الأعشاب
رقم القصيدة : 67256
-----------------------------------
من أين يجيء الصبر
من أشجار القهر
الممتدّة ما بين
أسوار فلسطين إلى صدر البحرين
من سجن سميح القاسم ,
أم من زنزانة قاسم حداد ؟
لو أعرف من أين
لتجمّلت قليلا
وابتعت لواحدتي منديلا
وحملت لها باقة زهر
من أين يجيء الصبر
وأنا أطعن في السرّ وفي الجهر
يا صور الأحباب المنفيّين عن العين
لا يرحم هذا البين
فأنا مزدحما بالمدن المفجوعة ,
والقامات المقصوفة ,
طوّفت بلاد الله , خبرت الأصوات المتجمهرة ,
على كلّ الساحات , تعدّدت الأسماء ,
الرايات , المؤتمرات , تعبت
عرفت الوجه الآخر للأشياء
وحزنت على الوطن الغائب
فأتيت أكابد ريح الهجرة فيك إليك
أنهل من بين يديك
يا قمري الشاحب
يا ضوء عذاباتي الليلية
ما يملأني بحنين الأعشاب , ونار عذاب الفقر
وأتوّج حزني بورود اللهفة ,
وألاعب طير البحر
لكّني يا منديل حبيبي
يا صور الأحباب المنفيّين عن العين
(1/17511)
________________________________________
ضيّعت حروف السروأنا أسأل من أين
عفوك يا وطني
عفوك يا وطني
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الخداع
الخداع
رقم القصيدة : 67257
-----------------------------------
حدّثني عن ترجمان الصمت والهلاك
وقال : لا أنساك
حدّثني عن جنّة للمتّقين في غد ,
وعن مراح
وحينما طلبته ,
وصحت : يا ملاك
أسلمني للموت واستراح
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> أفكر فيك وأصحو
أفكر فيك وأصحو
رقم القصيدة : 67258
-----------------------------------
-1-
أفكر فيك فتعول ريح الشمال
وما بيننا النهر والشرفة الباكية
ومنديل أمي ينادي تعال
ويحلم بالليلة التالية ..
-2-
أفكر فيك وأنت صرصي
وأنت إذا استرسل القلب في الحلم ,
سرّ عياطي
فماذا لو أنّي ذرعت إليك السجون
وصيّرت هذا الحنين
بريدا
وأفصحت بالحبّ , قايضت موتي بالياسمين ..
-3-
ولكنّني كلّما منك أدنو
وأبعث للشمس برقيّة عن أوان الوصول
أخال بأنّي هدمت الجسور ,
ونلت الذي كنت أرجو
فواخجلي منك , ماذا أقول ؟
حسبت حبال النوى بيننا لا تطول ..
-4-
وأصحو من النوم , أشرع نافذتي للهواء
أنامل النهار جارحه
هو اليوم يلبس قبعّة البارحه
ويأخذ شكل البكاء
وأنت هناك
تظلّين وعدا جميلا ,
وصفصافة عاليه ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> مرثاة العرب البائدة
مرثاة العرب البائدة
رقم القصيدة : 67259
-----------------------------------
الجرح عميق
والنسيان عصيّ والإبريق
يطفح .. والأحباب الغيّاب
طالت غيبتهم ..
وأنا أوغل في التحديق
وأسرّح نظري ,
أين قوافلهم ؟
أطلولا ما أبصر أم مدنا عربية
شيدّها الأتراك قديما
أخرج للأرض ,
فلا أصدف وجها يعرفني
لا تمتدّ يد وتصافحني
البارحة احتفل الأعداء ,
وغنّوا في الساحة
ووحيدا كنت ,
وقلبي كان كتفاحة
تذبل وتموت
واليوم أضّيع في الربع الخالي
أكتب مرثاة العرب البائدة ,
وأكمل أغنيتي ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الرؤيا الخامسة
الرؤيا الخامسة
(1/17512)
________________________________________
رقم القصيدة : 67260
-----------------------------------
إنّي لأرى الأوجه تتغّير بشرتها
تسقط قشرتها
وأراها عارية ,
لا أصباغ ولا أسماء
والمسرح يخلو ,
والنظّاره
تنكر في الفصل الثالث صورتها ..
ويهبّ من القوم فقير ,
يحلم بإعادة ترتيب الأشياء
لا يرتاد مقاهي الأرصفة العدميّة ..
لا تعرف صورته الصحف ,
ولا تتناقل عنه وكالات الأنباء
يحفر رسم حبيبته الغائبة ,
على سقف مغاره
في جبل ما
ويغنّي ...
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> طيور خضراء كثيرة
طيور خضراء كثيرة
رقم القصيدة : 67261
-----------------------------------
( أنا الطير الأخضر
بمشي وبتمخطر
مرّة أبوي ذبحتني
وأبوي أكل من لحمي
وأختي لملمت عظمي
ولمّا طلع القمر
صرت طير أخضر )
كلّ مساحات فلسطين عظام مطمورة
حين يجيء الليل , ويطلع قمر الناس ,
تصي طيورا خضراء
وتحط مغنيّة ,
عند شبابيك الأهل , ولا يصحو الوالد
( هل يعرف ما فعلته الزوجة بالإبن ,
وما كان عشاء الأمس ؟)
كل الأطفال الأحياء ,
والأموات ,
طيور خضراء
فاستيقظ يا سالم ,
يا حامد ,
يا راشد
هذا القمر من الفضّة
لكنّ الهالة من خيش
والأشياء بلا أبعاد
هل تطعمكم اربد ما ادّخرته من الجوع
هل يسمع صوتي ؟
أنا لا أتحدّث عن أسطورة
فمساحات فلسطين عظام مطمورة
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> تقاسيم
تقاسيم
رقم القصيدة : 67264
-----------------------------------
إلى كمال ناصر
لا تطلق العنان
لحزنك الجموح
فهذه الصحراء
لا ظلّ , لا أنداء
لا عشب في السطوح
فهل تطيق شرب قهوة النسيان !
يا أيهذا الورق الساقط من رزنامة النزوح
حمامة في الصدر ماتني تنوح
في سرّها لا تبوح
***
يا زهر الرمّان
لا ترتد النشيج
وخلّ في الكتمان
الوجع المكبوح , لا الخليج
يسمع مرّة ولا المحيط
يردّ هذا السوط
قرنفل المساء ذابل , وشجر الدّراق
يجفّ في الفراق
فمن ترى يعيد خضرة الأوراق !
***
يا شجر الصفصاف
قالت حبيبتي : أخاف
(1/17513)
________________________________________
أن تبعد الطريق , أن نضلّ
فأومأت لحزنها الضفاف
وارتعش الليل
على قميصها الهفهاف
أيتّها الحمامة البحريّة
والزهرة البريّة
ماذا يقول النهر والأغنية !
***
في الأسبوع الواحد
أفقد سبعة أيام كاملة وأدور
ما بين العتمة والنور
ما بين الحرّ اللافح والبرد القارس
يا سعف النخل اليابس
لا أعرف ما أنا واجد
ناديت يا كمال , ياكمال
يا وجه أمي الفقيد بين الموت والإهمال
لمن تغني " بئر زيت " حزنها يا أيّها الرجال !
***
طاردني " المطوّعون " في شوارع الدّمام
متّهما - كما يقال - بالكلام
واليقظة التي تشعّ مثل شمس الظهر
لأنّني كتبت في الجريدة
شيئا عن الصيّاد والطريدة
وعمّموا قرار وقف النشر
أيّتها الجريدة الصفراء
والحكم البليغة العرجاء
متى تهبّ النار فيك والسما تضاء
***
يا صباح التساؤلات الجريح
هل صحيح
أنّ رمل الجزيرة
قابل للحريق ؟
أنّ بيني وبين الزمان الصديق
خطوة , أنّ وهج الظهيرة
ليس إلاّ ضريح ؟
ماذا يقول في الغياب
الوطن المضّرج القباب
والأهل والزيتون والتراب
***
هرولت المينة
الشجر المقصوف في الطريق
وهذه الزينة
تشعّ بالأسى العميق
ويهرج الأقواس والأعلام
يرسم في الدمام
أيقونة حزينة
شيّعت وحدي قامتي للبحر
( وقلت للنوارس التي تهيم في نسيم بعد العصر
من أين يأتي كلّ هذا القهر !)
***
كالنجّم القطبيّ وحيد وبعيد
تشرّ بك رمال البيد
تنزف في عمّان ,
وتسقط عند مشارف صيدا
وضواحي بيروت
والعمر يفوت
يتّسع فضاء الربع الخالي
وطيور البحر تموت
وتطارد في الأرض العربيّة ! ,
ترسف في أغلال الروم
أفقك مغموم
دربك ملغوم
موتك معلوم
فليرفع الستار عن رواية العروبة
ولتكشف الأكذوبة
ولتكشف الأكذوبة
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> الحداد يليق بحيفا
الحداد يليق بحيفا
رقم القصيدة : 67265
-----------------------------------
إلى سميح القاسم
مراسيم قهرك جارية ,
وأنا أحتفي بجواد التفّتح والنار ..
في ليلك المأتميّ
وأحمل راياتي السود ,
(1/17514)
________________________________________
أولد في شهقة الموت ,
أعبر في حزنك الساحليّ
أغنّي فيمنعني الشرطيّ
تيّممت باسمك آن طويت الصحارى ..
إليك وكان الطريق
خنادق فارغة ,
أو
بنادق عاطلة ,
والرياح تصفّر في " الغور " ما من بريق
ولا من دخان اشتباك هناك ..
ولا طفلة في الفضاء الرماديّ ,
هذا زمان السكون المدوّي ..
زمان الحريق
وكان الجنود الكسالى
يفلّون في الشمس قمصانهم ..
مفرعين من الحلم والفعل ,
كان شرار الظهيرة يمتدّ نارا
وموتا مثارا
إلى الجسر ..
والنهر كان يجفّ ,
يجفّ ,
ولتفّ ..
في بردة من حداد
ويحضن صفصافة وهي تبكي ,
تغنّي للبعاد
وتسقط أوراقها
وطروادة القلب غارقة في الحصار ,
ونهب لسيل الجراد
فماذا تقول الجبال وأحراشها والوهاد ؟
وماذا يقولون , ماذا يقولون ..
ماذا ..؟
- يمدّون عمر احتضارك هذا النبيل ,
بما وهبوا من فنون الخطب
وينسون ,
ينسون حتى الغضب ..
***
مراسيم قهرك جارية ,
إنّهم يتركونك وحدك ..
في ساعة الطلق ,
يلقون باللوم - زورا - على القابلة
سمعت الرياح تغنّي :
يليق الحداد بحيفا
يليق بها كلّ سجن ومنفى
يليق الحداء بأفراسها الحمر والقافلة
بلى ..
ويليق بك الحزن والموت ,
والحالة النازفة
يليق بك الصمت والليل والعاصفة
يليق بك الفرح الياسمينيّ
في عرسك الدمويّ
يليق بك البحر والبرتقال الحييّ
فماذا تقولين لي
وماذا يحاورني النبويّ
أجيبي ..
لمتك وقع النصال عليّ
فلا تقتليني بأسلوبك العاطفيّ
ولكن بصاعقة كي أضيء
هنا دركيّ
هنا شرطيّ
هنا عسكريّ
ألا إنّهم يبتغون دمي
والقبائل تطبق حزلي ,
وتبحر في فلك الأجنبيّ
وهم يغلقون الحدود ,
يسنّون قانون طردي , وقتلي
يصادر خطوي ,
وخبزي ,
وقولي
ولكنّ ..
ما بين مركبة الرعد والريح ,
يأتيك برقي الخفيّ
وأحلم بالفقراء جيوشا ,
وكلّ الصعاليك والخارجين على الموت حزبا ,
يقاتل باسم الزهور التي تذبل
وباسم السنابل والقبّرات التي تقتل
وباسمك حتى يعود الزمان البهيّ
- لماذا أتيت ؟
* لأعرف وجهك أكثر
وأعرف نفسي
(1/17515)
________________________________________
- وماذا رأيت ؟
* طيورا محلّقة في الفضاء ,
وبيتا قديما
وبيدر
وقابلت أمّي
- وماذا ؟
* رأيت ..
- تكّلم
* أصابع كانت تطوّق خصرك ,
في رقصة الدّم
رأيتك مكسورة البال ..
في زيّك البلديّ
- وماذا فعلت ؟
* تلّويت قهرا
وقدّمت صكّ انتمائي إليك
يعاودني صوتك الآن بعد الغياب
ويدخل من كلّ أفق إليّ ..
ومن كلّ باب
يطاردني في الصحارى
يحلّ معي في الفنادق
يشاركني مقعدي ,
وسريري ,
ووجبة خبزي ,
وحزني
ويرقبني عند كلّ المفارق
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> نبيذ من المتوسط
نبيذ من المتوسط
رقم القصيدة : 67266
-----------------------------------
إلى سميح القاسم أيضا
- وقلت : أترحل ؟
قال : بلى
وكان بعينيه يحتضن الكرملا
ويكمل : أرحل أو أقتل
- ولكن إلى أين ؟
* إليها الوحيدة في البيت أمي ..
وهذا المساء الذي يقبل
ووجه التي في زمان الجراح عرفت ,
وسلّمتها للقلب ..
تسألني أين ثانية ؟
للرياح وأغصانها ,
والطيور التي حلّقت فوق كلّ الموانىء ,
واشتعلت بالحنين ..
- وما بعد ؟
* في القلب حيفا
وإني أصعد أحزانها بالغناء
وأرسم خارطة , وحدائق عنّاء , أشيّد ,
دارا ,
وحانة
تقدّم للمتعبين وللغرباء
نبيذا من المتوسط ,
أملأ قبّعتي بالزهور النديّة ,
أنثر فوق جباه الحزانى زهوري
أنادي على الراقصين :
تعالوا ,
لقد بدا العزف ..
والقاعة الآن جاهزة ,
البطاقات ؟
لن تخسروا باهظا
أيّها السادة المتعبون
فكلّ الدروب تؤدي
إلى فندق في المنافي
إلى لقمة في الصحارى ..
مفعمة بالمرار
إلى خيمة أو قطار
إلى طعنة في القرار
إلى الموت ,
إن فاتكم حفلنا ..
أيها السادة المتعبون : حذار
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> فاكهة آسيوية
فاكهة آسيوية
رقم القصيدة : 67267
-----------------------------------
ترمضني عيناك ومعرفتي بحدود كرومك
ترمضني كلماتك , برق نجومك
ترمضني أيامك تترى ..
ترمضني الذكرى ,
ورياح سهومك
تعصف وهجا
فأغنّي لغروب همومي ,
(1/17516)
________________________________________
وأغنّي لشروق همومك
وأوقّع بالحزن الأخضر فوق شبابيكك , آه
أهتف بكتاب الجوع ,
وبرد الصحراء القارس والآه :
ألهمني الرؤيا والقدرة والسير
ألهمني حبّ البحر
***
يرمضني الجوع
يرمضني برد الصحراء المشروع ,
وغير المشروع
يرمضني رجع الآه ..
ووقع خطى الليل المسموع
يرمضني , واحدتي ,
قلبي الموجوع
***
واحدتي ! كم نحن بعيدان
نتعانق والورد الذابل يفصلنا ,
والشّطآن
لكّنك تنتشرين كفطر بريّ
وتنامين بحضني مجهدة , شاردة ..
وأهالي الحيّ
يغفون وتحترق الأجراس
نام الحرّاس
والحزن هنا فاكهة يوميّة
يتداولها الناس
وأمدّ يدي فتفرّين غزالا مذعورا
وأظلّ بعيدا عنك , يظلّ المنفى
دارا موحشة ,
ويظلّ لباس
أكتب إسمك في القلب ,
وفوق الجدران المكشوفة ..
أكتب إسمك في الكرّاس ..
***
أحلم أنّا نتراشق بالماء ,
ونلعب في رمل الساحل
أحلم أنّا نعبر بين الأشجار خفافا
" نتمرجح " في الغصن المائل
أحلم أنّا نصعد جبل الكرمل ,
نجمع باقات الحنّون الأحمر والأصفر والفاتح
أحلم أنّا نركض خلف عصافير الزرع ,
بلا طائل
أحام بالسرب الغادي والسرب الرائح
أحلم وأنا أرقب في الليل الحالك ,
ميعاد قدومك
أحلم والأعداء يصوغون قرار الإبعاد
وطلقات خصومك
تبحث عنّا
أحلم ..
ليس لنا بيت في آسيا
ليكن في معلومك
أنّا نطرد من هذا العالم
ليكن في معلومك
أنّ العام القادم ..
لا يجمعنا في القدس
ليكن في معلومك
إنّي لا أرثيك ولا أبكيك الآن
ليكن في معلومك
إنّي لا أرفع مظلمة ,
لا أنشد إحسان
ليكن في معلومك
إنّي في كلّ مساء
أركض نحو تخومك
أحمل في جعبتي الخضراء
ورد الجرح , وناقوس الأوجاع
أحمل مدنا , وقرى , وقلاع
وأطيّع صلصال الغربة بغنائي الليليّ ,
أتّوج في الحفل أميرا للموت على الفقراء
فأنا عاشق أبعادك ..
أورثني أهلي
قانون النار ,
وفعل إعادة ترتيب الأشياء
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> سهام النوارس والبحر
سهام النوارس والبحر
رقم القصيدة : 67268
(1/17517)
________________________________________
-----------------------------------
ولا تكتب الآن شيئا
فمدّ الحنين المسائي ..
يوغل في الشفق البرتقاليّ ,
هذا هو البحر , والعربات الأنيقة تعبر ,
إنّ رياحك ساكنة ..
والنوارس لا تتتقن الآن فنّ العناق
ولا تكتب الآن شيئا ..
فأنت على سفر دائم
والبلاد تهاجر خلف الحدود ,
وقامات أشجارها لا تبين ,
وهذي السكاكين ..
مشرعة لرقاب الأحبّة ..
هذا هو العمر , قاطرة وحقائب ,
خاصرة ورماح
وكلّ الناس محكومة ..
بالحنين إلى البحر والعشب مهمومة ,
بالفراق
لأيّ التواريخ تنسب أوجاعها الكوكبيّة ..
أعراسها الدموية ,
ها إنّ أمطارك الداخليّة ..تهطل ..
أقمارك الموسمية .. تأفل ,
شيئا فشيئا ..
ولا تنزل الآن , لا ترحل الآن ,
تحمل أوراقها وقلائدها
والسيوف التي لم تجدها
ووحدك تشقى
لأيّ التواريخ تنسب أوجاع هذي النوارس
تجيء المراكب والجوع يبقى
تهبّ الرياح بما ..
يشتهيه الزمان المعاكس
ولا تكتب الآن شيئا ,
فأنت هنا
في موات الصحارى الوسيعة ترقى
دما سائلا فوق وجه الجدار ,
ووجها على جوعه لا يراق
تقول :
لقد لفحتنا الشموس ,
وهذي الدروب امتداد إلى الحزن والحزن ,
هذا رماد الطفولة يلبس أثوابنا ..
إنّ أهدابنا ..
بالغصون القديمة مثقلة ,
والحسّاسين تهجر أعشاشها وتجيء
تقول :
( وكانت تنقر أوراقها القبّرات الأليفة ,
عبر الحوار ) ,
لماذا تضيق الجهات ,
وتلتجيء الأغنيات ,
ولا نهتدي لمدار ؟
***
تحدّث عنها الرياح العصّية ,
ترسم وجها ..
يليق بصفصافها الفارع المستحيل
تميل على ذكرها الأمهات الغيورات ..
في ساحة الدمع ,
والعائدات من النبع ,
يروين عنها
فيخضّر عشب بعيد بعيد
ويشرع أفق ..
وتحتلّني ,
عنقا ناضجا أو هديل
أغنّي لها تارة ,
أو أنام على صدرها
طاعنا في الهموم ,
محاطا بصفّ الخصوم ,
أفتّش في ليلها عن دليل
سهام التي عربشت في حزام النبيّ المهاجر ,
ذات أصيل
لماذا يعزّ إليها الوصول ؟
سهام الرضا والمدى والسهول
سهام النتوءات والبحر والموج
(1/17518)
________________________________________
والشاطىء المستحمّ بوهج الظهيرة ,
يقرأ في سفر أيامه الذاهبة
سهام السنابل والمدن الغائبة
سهام التي لا تجيء ,
التي لا تغيب ,
التي أوغلت في دمي ..
رعشة , رعشة ,
واستوت في الحنايا
ولكنّ هذي الزوايا
تجاهر عتمتها بالزهور البعيدة ..
سائلت عنها السعاة ,
وجبت الفلاة ,
طرقت المدائن بابا فبابا
وعادت مساءلتي شجرا
وهمومي رؤى ..
وانكساري مرايا
لماذا أضيّعها في المساء ؟
وأترك نافذتي لرياح الخليج ..
تسفّ ترابا ترابا
لماذا أضيّعها في المساء ؟
وأرسم دائرة ضيقّة
لماذا أضيّعها في المساء ؟
ونكهة قهوتها في فمي
عذبة حارقة
وتأسرني بين قوسين اثنين ,
سنبلة لا تموت ..
ولا أبلغ المشنقة
لماذا أضيّعها في المساء ؟
وأمضي إلى موعد لا يكون ,
إلى وحشة لا تهون ,
إلى أفق واسع ..
موجع
ساطع
كالبكاء
لماذا أضيّعها في المساء ؟
سهام العصافير والضحكات
سهام المشاوير والأغنيات
سهام الكلام , الحمام الذي ..
رفّ سربا فسربا
وحرّك فيّ اشتهاء الندى ,
والحجارة
والمعجزات
لماذا أضيّعها في المساء ؟
***
ولا تكتب الآن شيئا
فأنت على سفر دائم ,
والبلاد تهاجر خلف الحدود ,
وقامات أشجارها لا تبين ,
وهذي السكاكين ,
مشرّعة لرقاب الأحبّة
من أين تبدأ ..
هذا هو الحبّ , إنّ الرياح تهبّ ..
الحريق يشبّ ,
وهذا أوان العناق
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> نقوش داكنة من رأس الناقورة
نقوش داكنة من رأس الناقورة
رقم القصيدة : 67269
-----------------------------------
إلى رشاد أبو شاور
منعزلا ووحيدا أحلم بالأمطار ,
وشعر حبيبي المبلول على الكتفين ,
سنابل جائعة ..
في فوضى الأشياء ,
وهدأة خطوتنا فوق الأسفلت وحيدين ,
ونق المطر الموسيقيّ على ..
شبّاك الشارع ذات خريف ..
أحلم بالموّال البلديّ , بأمّي
بامرأة لا تعرفني
إمرأة أبعد من هذا الليل ,
وأقرب من هدب العين ..
إذا انتحبت ينفطر القلب ,
امرأة مملكة للعطش الموّار وللرغبات المشتعلة
(1/17519)
________________________________________
مملكة للأسئلة - الدوّامة ,
والأسئلة - الفاكهة ,
امرأة لا نزلا للغرباء
امرأة لا مرآة سوداء
***
منعزلا ووحيدا أحلم ..
وطن يستيقظ من عمق الصدر ,
جراح تأخذ في نزهتها
فلماذا من شقّ في الباب تجيئين إليّ ؟
لماذا يستيقظ وطن ,
تأخذ في النزهة والتجوال جراح ,
ولماذا يخطر في البال ..
فراس القيسيّ طريدا
يذرع أرصفة وموتنىء منعزلا ووحيدا
يبحث عن مأوى , أو حب يدفئه ..؟
ولماذا من شقّ في الباب تجيئين ,
وتحتفلين معي , في هذا العرس ,
تميلين بخصرك هذا الناحل ,
هذا الجسد الضوئي , المرويّ جراحا...
وكآبات لا حصر لها ..
ثم تشيحين ولا تعترفين ؟
فأدخل في الصور السوداء حليفا للنهر ,
تتّوجني الأشجار أنيسا للبيداء ,
أنادم أصوات الآتين ,
وتلك رياح تأتيني ..
عبر نوافذ غارقة تحت الماء ,
نقوش داكنة من رأس الناقورة ,
حتى أبعد غصن في المهجر , تهجع ..
فوق سرير القلب , خريطة هذا
القمر الراجف تحتلّ دقائقي الهاربة من
الموت وتفترش الصدر..
خريطة هذا القمر الراجف ..
جارحة كالدمعة ,
ناعمة كالسيف ,
وما بين الدمعة والسيف تناثرت ,
تكاثرت ,
فأيّ رؤى تشتعل زنابق حمراء ,
وأيّ مواسم أستقبل مثقلة بالخضرة ,
أيّ يد تمتدّ الآن ,
وتمنحني رعشتها
أحضن هذا الغبش المتدّفق من عينيك ,
الغبش الفجريّ
الألق اللونيّ
رذاذ ندى القلب ..
أشيل القلب قرنفلة للموت ..
أنادي باسمك .. أصرخ في ردهات البيت ,
أراك فتقتربين ,
أراك فتبتعدين ,
فمن صادر لون الحلم , وطعم العزلة ؟
جرس لا يقرع في الصحراء
سرير لا يحمل اثنين ,
وأفق أضيق من هذي الزاوية المعتمة هنا
في القلب
مبعثرة أكواب الشاي , الكتب ..
القمصان الغامقة الزرقة , زوج حذاء
أسود , وزجاجة ماء فارغة ,
والمنفضة امتلأت بالأعقاب ,
وكابية غرف الأغراب ,
لماذا من شقّ في الباب ,
تبخّر حلمي ؟
يطلع من خلل غيوم الوحشة ,
وجه صديق ..
ينزع للدمع على صدر اليرموك ,
ويلقي بحنان ريفيّ أوجاع الأرض على
(1/17520)
________________________________________
صدر الغائبة - الحاضرة , ويحلم ينهار
أبيض , يحلم , يحلم
لكنّ الحجر القاتل لا يأتي ,
هذي المرّة من مقلاع داودي ,
( بيت أخضر ذو سقف قرميديّ ,
فوق الطاولة ينزّ دما ولظى )
هذا وجه صديقي ,
أكثر من شارة حزن يحمل ,
أكثر من دمعة فرح ينقل ,
هذا وجهك يتوهّج بارؤيا والحزن
يتناسل أطفالا موعودين بأنهار من لبن وآرائك ,
يتناسل أزهارا وثمارا ,
وأراك فتقتربين
أراك فتبتعدين ,
سهام لا تأبه بي
تنطلق من الذاكرة إلى الذاكرة ,
فينشقّ البحر ..
يضيء كنهد ,
يتلّون كالشفق الورديّ ,
يصير غزالا
يركض فيّ ..
أصافح في سفر الأمواج :
الأعشاب ,
الأسماك الجائعة ,
الأصداف الفارغة ,
السفن المبحرة ,
الطحلب ,
والحيوات الأخرى
سارا
أيتها الموجة والعزلة ,
والوطن المستيقظ والجرح ..
خذي نزهتك الآن ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> أغنية الغبطة
أغنية الغبطة
رقم القصيدة : 67270
-----------------------------------
مسكون بالشجر الجبليّ الفارع ,
والنرجس والألوان
مسكون بتضاريس امرأة ,
طافحة بالرغبات ,
وجارحة كالصوّان
مسكون بالبحر المستسلم للزرقة ,
والشمس ..
ومسكون بالفقدان
من يشهدني الآن , أنقل كلماتي
بين الخضرة والحسرة ..
يتجاهل أو يتساءل :
من هذا المتدثّر بالكتمان ؟
من هذا السائر في البريّة ,
مفتونا بالعشب
ومأخوذا بالحب ,
يطوّف في الأرض بلا عنوان
من يسمعني ينكر صوتي
أو يبعث موتي
ويبارك هذا النزف اليوميّ ,
وحزن جلال الصلبان ..
هاأنذا الآن
أبدأ سفري
وأجوس وحيدا كالشعلة بين الخلجان
وأغيّر بالوردة ,
أرسم في ليل الوحدة ,
أفقا ليدي وأروح
أنتشر عصافير مجرّحة ,
وحماما دون سطوح
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> القراءة في النهر
القراءة في النهر
رقم القصيدة : 67271
-----------------------------------
ممتلئا بالرهبة والرغبة كنت , وكان البحر قميصا أزرق ,
لا رونق للأشياء , وفي الصحراء ركضت ركضت ,
وكان الأفق بعيد
(1/17521)
________________________________________
كان سريري الأرض ,
وورق النعناع يغطّيني ..
كنت أرى الأشجار جيادا ..
تتحرك , تدعوني
قلت مباركة يا سيّدة الريح السريّة ,
ماذا في البريّة ؟
إنّ الشاطىء والشارع مشتعلان ,
وإنّ القلب وحيد
قلت رسائل سارا لا تأتي في أيّ بريد
سارا صفصاف أقرأه في النهر ,
وسارا في الأسر ,
وسارا زيت سيضيء ..
لا أروي حدثا عاديا
عن شجر يذبل ,
أو وطن يرحل ,
إنّ ظلالا تمتدّ
وأمواجا ترتدّ
ووجها ليس يحدّ
يصير إلى باب ,
والباب مضاء بشهاب ,
يفضي لعشاب ,
يتفرّع منها شجر أخضر , وينابيع ,
وأطفال من فرخ ..وأجيء
سيّدتي ,
كيف انبلج هلالك من ..
فلك العتمة والصلب دليل
قدمي يتّحد بظلّك , إنّ دمي منديل
قدمي يتّحد بظلّك ,
إنّ جراحك تزفر أسيافا ونخيل
قدمي يتّحد بظلّك , سيّدتي أشهد :
هذا الموت الغامض قنديل
هذا الدفق الصحراويّ كتاب مواويل
***
لا أروي حدثا عاديا
كاشفت البحر فبان على الرمل رسوما ,
لملامح ناطقة ,
أو خارطة , لا فرق ..
عرفت الشوق ,
وهذا العرس اليوميّ ,
وأشهد :
أنّ نهارك آت ,
أنّ غدي إكليل
لا أروي حدثا عاديا
عن نرجسة الأوجاع
عن فاكهة لا اسم لها
أو وجه ضاع
ولذا أنتظر الفجر على باب يدي ..
لا تبتعدي ..
أو فابتعدي ,
حتى يتألق قربك في كلّ الأضلاع ,
ومن دون وداع ..
انتزعي قمصانك ,
آثار طعانك عن جسدي
كوني كرة لاهبة ,
وابتعدي
ابتعدي
ابتعدي
ابتعدي في الماء الطينيّ مراكب مشرعة وجدائل
وابتعدي فيّ منازل ..
وسلاسل
شفقا , أفقا , وجدول
وابتعدي رايات ومزامير ,
قماشا ونواعير ..
ابتعدي نهرا لا يقرأ ,
وجنادب لا تهدأ ,
أغنية
قافلة
عشبا في نافذة نائية ,
وابتعدي ضلعا ضلعا ..
في شجر يشتعل فتكتمل الآية
ونكون الريح ,
نكون الراية ..
شعراء العراق والشام >> محمد القيسي >> إناء لأزهار سارا , زعتر لأيتامها
إناء لأزهار سارا , زعتر لأيتامها
رقم القصيدة : 67272
-----------------------------------
محمد الثاني يزف إلى سارا
1- العرس
(1/17522)
________________________________________
وينفخ في الصور , يطلع عشب من البحر ..
هذا هو الأبيض الساحليّ , المدى , والكتاب
هو الآن يأتي ويذهب ,
يغفو ويلعب ,
والسيّد النبع يلهج باسم الندى والتراب
ويحلم :
( عرسك مشتعل , وجوادك يركض ,
إنّ الطفولة تنهض ,
فاتحة للسحاب )
وينفخ في الصور , كان على شاطىء ينتهي
أمام ارتعاش الغزالة شمسا , وليلا
هو الآن يصعد تلاّ
ويأتي إلى المسرح البلديّ من الجوع والرقّ ,
يطرح أسئلة ثم يمضي , وملء يديه الرياح - الجواب
فتأخذ منه الكهوف , المسافات , والإنتظار المسائيّ ,
وجها وظلاّ
وماذا عن البصرة اليوم ؟ ( قال محمد )
كان الخريف يجيء ,
ووجهك مرتعش , لا يضيء ,
وما كان يمزح ,
في يده النصل والجرح ) ,
كانت سيول من النفط تأتي على عشب البادية
ويرسم بالأخضر المغربيّ بدايات إفريقية
وينفخ في الصور , لكّنه يسأل الآن عن هذه الموجة الغازية
عن الأبيض الساحليّ ,
عن النبتة الذاوية
لماذا تبالغ في حبّها ,
أيها السيّد المتأجّج , فهي بأصفادها لاهية !
وهم خلفك الآن ضدّ عرار الجزيرة ,
ضدّ الرؤى الفاعلة !
ويا سيّدي تمطر الآن كلّ الجهات
وتنتحر الأغنيات
حدادا على نجمة ذابلة
وأنت تواصل هذا الرحيل , وتسأل عبر الليالي الطوال
عن الحب والشمس والبرتقال
وتجدل من ساحل الموت باقة ورد ,
لأيامك الآتية
وتمتدّ إفريقية .
( آه " آسيا "
هكذا أقطف التفاح
وأرمّم محتوياتي
ما من عقار إلا وقابل للبلى
ما من أحد عرفك إلاّ وأحبك
ما من رجل أحبك إلا وقال آه
آه آسيا
البلاد تطلب أهلها ( قال الغريب )
وأنا آخذ في العدّ التصاعديّ حتى الطفولة
بلدا بلدا
ومدينة مدينة
من الخليج إلى البحر
من المشرق إلى المغرب
ومن مئذنة محدودبة إلى سنة هجرية
حفلت بأسباب القيامة
أية رعشة تسكن خاصرة الجبل
والأرملة بلا ساعد !
أية رعشة تسكن خاصرة الجبل
والأرملة بلا حنطة !
في حين
تأتي الطائرات السياحية إليها وتذهب
وأنا آخذ في العدّ التشرديّ
من اللحد إلى المهد
(1/17523)
________________________________________