لايهم كم من الوقت مرّ عليك و أنت مازلت وحيداً .. فإنها ليست بشئٍ جديد ..., لكننى سئمت الوحدة تلك .. سئمت الحياة فى الظلام ..والأكثر من هذا سئمت العيش شبه حى و أنا ميت!...
هل مازلت تقرأ تلك المجلات الكرتونية "سمير" ؟؟..., أراك لم تتغير أبداً ما زلت كعادتك , لكن تغيرت ملامحك كثيراً ..
_ هل صرتُ جذاباً ؟!..
..إمم ..أجل...... لقد أصبحت رجلاً الآن ..ذو ملامح جادة ..لكن برغم ذلك أصبحت وسيماً ..
إنها نفس المُجاملات التى نُهاديها بعضنا بعضاً .. كيف تقول أننى أصبحت وسيماً . وجسمى أعلم أنه هزيل ويبدو علىّ كما لو أننى مريض .. أما بالنسبة لوجهى فهو شاحب اللون لا يظهر من ملامحه شيئاً بسبب تلك النظارة الطبية الكبيرة التى تغطى نصفه ... يالها من كاذبة بارعة حمقاء....
قالت...... وأنا ..هل تغيرت؟!...
_ مازلت كعادتك جميلة ...بل أصبحت أكثر جمالاً ..
.. أنت تمزح معى .. أليس كذلك ؟...
خدعة صغيرة تقولها الفتاة لتجعل من أمامها يقسم بأنها جميلة الجميلات وأنها أروع ما فى الكون ...
_ ألم تكُونٍ تمزحين أنت أيضاً منذ قليل ؟؟.... وضحكت لها كأننى أداعبها فقط ..ثم إستأذنتها للرحيل ...
هذه لم تكن سوى البداية .. بداية حديثى مع شخص ما ..., أما البداية الأساسية هى إننى مهندس حاسب ألى ..إسمى "سمير" فى الثلاثين من العُمر .. الحالة أعزب ووحيد ..منذ الجامعة وإلى أن تخرجت لم يكن لى صلة بالعلاقات الإنسانية .. لم أصادق أحداً قط ..لكن إن إعتبرت المصالح الشخصية صداقة فأنت مخطئ حتماً .
لم تتعدى علاقتى بأى شخص حدود الزمالة .., واليوم ولأول مرة فى حياتى الإجتماعية أقابل " ممدوح صبرى " و " رانيا علوى " زميلا الدراسة وهكذا كان الحوار بينى وبين "رانيا" كما كانت فى بداية القصة ..
سئمت العمل فى وظيفة لا أشعر بها .. لكنها الخيار الموجود أمامى .. لم أفلح فى الحصول على وظيفة بعد التخرج من كلية الإعلام لم أجد من يهتم لتعيينى فى ذلك المجال الذى أحبه .. وحين نصحنى شخصاً ما بالبحث عن وظيفة .. قمت بالبحث عن أى وظيفة ... أى شخص يقبل بى .. إلى أن وجدتنى تلك الوظيفة ... حتى أصبح جميع من يسكن بنفس البيت معى .. يطلبون نفس الطلب ... لقد تعطل حاسوب فلان هل مررت لإصلاحه؟؟....لا يفهمون شعورى ..المصلحة تعم أما الألم والنزيف يخص النفس ..
كان ذلك كله إختصار بسيط للحياة التى أعيشها ...لك أن تتخيل كم مرة أشعر فيها بالملل وأننى عديم الفائدة ؟..كم مرة وددت لو أننى أخنق نفسى لأرتاح ولك أن تتخيل كم من مرة ابتسمت من الوجع ولكننى لم أنطق ولو بكلمة ...
فى ليلة خرجت فيها لاستنشاق بعض الهواء المُريح .. أخذت أسير بجانب البحر على شاطئ الإسكندرية ...كم أن هواءه مريح للنفس .., أشعر كما لو كنت طائراً لتوه يسير لا يعلم من أين يبدأ المسير ؟؟ وإلى أين يتجه؟؟...
بعد بضع ساعات كنت قد خلوت فيها بنفسى وكأننى راضٍ فجأة عن كل ما حولى .., ليُقاطعنى صوتا من خلفى ...
" سمير .... سمير ..ماذا تفعل هنا ؟...
لألتفت إلى الوراء.... " رانيا " مرحباً ... ماذا تفعلين أنتِ هنا ؟
" لا شئ أنا هنا مع بعض الأصدقاء ..كيف حالك ؟..
- بخير ... شكراً لسؤالك ...إلى اللقاء
تجهم وجهها قليلاً وقالت ..." ألا تقبل برفيقة قليلاً لطريقك !...و إبتسمت
فنظرت إليها .." بالطبع .." وأخذنا نسير جنباً إلى جنب ...
" ماذا حدث إليك "سمير" لم تكن أبداً بذلك اليأس ...
شعرت ببعض الغضب ومن غير أن أدرى ما أقول ...." وماذا تعرفين عنى لتستنتجى ذلك ؟... هل عرفتنى أو عرفنى أحداً ما يوماً ..
شعرت بأنها تضايقت من كلامى وصمتت قليلاً ...
" انت من إعتزل لحاله .. لم تكن تختلط بأحداً ...كنت دوماً قليل الكلام ..كيف سينشأ أحدهم حواراً معك وأنت بذلك الحال؟..."
- كان على الأقل وجب المحاولة ,..كما فعلت أنتِ الآن ..ألا تكفى المحاولة ولو لمرة واحدة..الكل كان سواء ..كانوا دوماً يسخرون منى كأننى حديث المدينة ..بدوت دوماً كالأحمق ..
" لم أعتد هذا الجانب منك ..أو لم أظن يوماً أنك قاسِ القلب...لِمَ تحمل كل هذه الشفقة على حالك ؟.."
كيف تحكمين علىّ بتلك الصورة وأنت لم تعرفيننى أبداً ؟..
" أنا لا أحكم عليك ... لكنك دوماً من كنت تستنكر الحقيقة وتظننى أمزح..
- ماذا تقصدين ؟....
" لاشئ ..إنسى الأمر ..
نظرت إليها أحاول فهم ما يرويه وجهها ...لم أستطع الوصول للإجابة لكنها كانت حزينة وكأنها تودّ لو تنطق بشئ ما تُخفيه لتُريح قلبها ..لكنها تحمله فى طيات قلبها وتقفل عليه..
عادت تتحدث وكأننا لم نتجادل قط ..لتُغير من الحديث ..
" كيف يسير عملك ؟... لماذا لم تعمل فى مجال الإعلام فأنت كنت كالقائد الأعظم فى الكلية ؟..
-إبتسمت بسخرية ..." نعم .. القائد.. و.إنفجر منى بركاناً من الضحك ..هل تعلمين! أنت محقة لماذا لم أعمل بمجال كنت أحبه وأختار وظيفة كهذه ....دعينا نرى هل لأنه سوء حظ ..أم ماذا؟!..أنا اسف ..إنفعلت قليلاً ..لكن الحقيقة أنه سوء حظى ...ماذا سأفعل ؟ لم أجد سوى تلك الوظيفة ....ماذا عنك ؟
" لاشئ جديد ... لكنى على ما يرام بتلك الوظيفة صحفية تحت التمرين ..أرجوك لا تدع شيئاً يكسرك من الداخل ...
نظرت إليها ولأول مرة أبتسم فيها إبتسامة نابعة من القلب ..لقد أسعدتنى كلماتها تلك البسيطة ..و....فجأة رن هاتفها المحمول ...
" ألو ..ممدوح ..لا تقلق ,,,أاه لقد تركتهم بالمطعم هناك ...أنا الآن مع "سمير" أتذكره ؟..نعم ..نعم ...لن أتأخر ....إلى اللقاء..وأغلقت الهاتف.
- هل هذا ممدوح ..." ممدوح صبرى" أليس كذلك؟..
" نعم ..إنه ينتظرنى مع الباقين ..علىّ أن أعود ..هل تحب الإنضمام إلينا؟..
لم أسمع ما قالته جيداً لأن كل ما كان يدور فى عقلى سؤالاً .. هل أنت و ممدوح...معاً ..هل ...أنتما مرتبطين؟...
ضحكت ونظرت إلىّ .." لا...إننا مجرد أصدقاء ..هيا ..علىّ أن أعود ..
وبعد قليل وصلنا إلى المطعم .. ودعتها ورحلت ...
دعونى أخبركم شيئاً بسيطاً لم أرويه بعد عن "رانيا "...
عندما كنا بالجامعة ..كنت أراها دوماً ..إنها حقاً جميلة ..لكننى لم أجرؤ على تمنى شئ ..لم أتمنى سوى أن ترانى وتلاحظ وجودى وتبتسم لى ... وكان لحسن حظى نصيب ..منذ ذلك اليوم الذى دعوت فيه وهى كانت تنظر لى لترمينى بإبتسامتها إلى جحيم ..جحيم أرى فيه أننا لسنا لبعضنا أبداً ولكنها فى نفس الوقت كانت ترفعنى من على الأرض حتى أخاف أن أسقط مرة ..فلا استطيع النهوض ..
ولأننى خجول ولم أعتد الحديث مع أحد يوماً ..كتبت لها رسالة وأنا فى غاية سعادتى وفى يوم كنت ذاهباً لأعطيها الرسالة فإن إبتسمت تشجعت أكثر لأطلب منها مرافقتى إلى موعد ..., وإن تجهم وجهها وغضبت فأظن أننى سأتلقى عقاباً وخيماً ...
وفى الطريق ...وصلت إلى الكلية وكنت سأعطيها لها لم يفصل بينى وبينها سوى بضع سنتيمترات ...إلى أن حل الظلام فجأة لأجد شخصاً مفتول العضلات يقف أمامى ...إعترض طريقى للحظة الأخيرة..وأمسك بالرسالة......
[2]
إعترض طريقى شخصاً ما ...نعم إنه هو .."ممدوح صبرى" كان شاباً مفتول العضلات ..,صاحب بنية قوية ..وبالطبع وسيماً لذلك تصارعن الكثير من الفتيات عليه ..كيف لا يشعرن بذلك وأنا شعرت بالغيرة منه ...
كان دوماً يجعل منى أضحوكة.., أمسك بالرسالة وفتحها ..قرأ كل ما تحتويها لكنه لم يفهم منها شيئاً وبالرغم من ذلك فهم أنها رسالة إلى "رانيا" التى ذكرت إسمها فى أسفل الرسالة ..أخذ يضحك وكأنه يعلم ما مضمون رسالتى ., وأخذ الفتية من حوله يضحكون ..سمعت بى الفتيات ...حتى إقتربت نحونا .."رانيا" وأخريات ..فأخفى ممدوح الرسالة فى جيبه سريعاً وهنا ضاعت فرصتى ...حين إقتربت "رانيا" وتساءلت عما يحدث بيننا ؟.. تقدم إليها ممدوح وإعترف لها أمام الجميع أنه يحبها ..بالطبع شعرن بالغيرة باقى الفتيات ..أما بالنسبة لى فقد إحترقت النار داخلى وتآكلت لكل شبر فى دواخلى ..حتى ظننت أننى أحترق فعلاً من الداخل ...إذاً كيف أشعر بتلك الحرارة ؟؟...
لنعود لرد فعل "رانيا" الذى لم أفهمه يوماً ..نظرت إلىّ وطالت نظرتها وكأنها تحدثنى لكننى لم أفهم شيئاً مما روته عيناها .., ثم عادت تنظر إلى "ممدوح" الذى كان يمد إليها يداً ...لم تتفوه بشئ ولكن كل مافعلته أنها أمسكت يديه ..فهلل وصفق الجميع ...حتى كان صوت الصفير يتعالى وكأننا ربحنا فى المونديال الكروى..
وهنا إنتهى كل شئ يتعلق بها وبممدوح وبعد إنتهاء الجامعة لم أعرف عنهما شيئاً حتى شاء القدر وقابلتها مرة أخرى فى ذلك اليوم....أتذكرونه؟....
عدت إلى البيت ..أشعر بتحسن عن ذى قبل ..لكن قلبى كان ينبض بسرعة ..هل عاد حبها يتسلل إلى داخلى من جديد كاللصوص؟..أم إنها لم تفارق مطرحها فى قلبى قط...لا أعلم ..متى يتوقف هذا القلب عن نبضاته السريعة تلك ..تُشعرنى بشئ من التوتر ...كأننى أتنفس بسرعة لأخر مرة ..لتكون أخر نبضة وبعدها أموت ...فى الحب....
مرت الأيام سريعاً ..وأنا فى العمل أشعر أن اليوم يمر سنة كاملة ..يتوقف الوقت عندها ..أترجى خلال ساعات العمل عقارب الساعة كى تسرع خطواتها ...اللعنة على تلك العقارب كان يُفترض أن يطلقوا عليها سلاحف الساعة وليست بعقارب أبداُ ..اللعنة على ذلك العمل ...وتلك الساعة اللعينة ....حين كنت أرجو الساعة كى تتحرك بسرعة ..لم ألحظ أن هاتفى كان يرن .. لأنه كان على الوضع الصامت ..
بعدها بدقائق ... أمسكت الهاتف أنظر إلى الساعة الآن ..فوجدت أكثر من إتصال لرقم غريب ...فأعدت الإتصال به ....حتى رد صوت أنثوى ناعم ....
" ألو...هل هذا المهندس "سمير"؟...
- نعم سيدتى ...كيف أخدمك؟..
" سمير ...أنا "رانيا" أتذكرنى ؟....
لم أصدق ...كنت فى ذهول تام ..كيف عرفت رقم هاتفى ..إنها هى حقاً من تتصل !؟
- لحظة من فضلك ....
تركت الهاتف فوق المكتب وأخذت أضرب نفسى عدة مرات ..أنا لا أحلم إذاً ..
أمسكت الهاتف من جديد ..وأنا أنظر إلى الشاشة ...مازال هنالك ذلك الرقم الذى يدل على أن هناك من يتحدث إلىّ...أعدت الهاتف إلى أذنى لأسمع صوتها مرة أخرى..
- نعم ..أنا معك ...
" أسفة ...يبدو أنك منشغل الآن... سأتصل فى وقت لاحق...
- لا...لا أبداً ...أنا متفرغ كلياً ,,هل تريدين شيئاً ما ؟؟ ..فى خدمتك بالطبع..
" الحقيقة ...أن أخى الصغير يبكى طيلة النهار لأن حاسوبه لا يعمل ولا أعرف ما علىّ فعله ؟.. هل أنت متفرغ لأعطيك العنوان لترى ما حدث له ..إذا لم تكن فلا بأس ..س.......
- سأتى على الفور ..ماهو العنوان ؟...
إتصالها بى وصوتها الذى تردد فى أذنى بذلك القُرب ....جعلنى أنسى أن أسأل مجدداً ..كيف عرفت رقم هاتفى؟..., أخذت العنوان منها وعلى الفور ركبت سيارة الأجرة إلى العنوان الذى أعطتنى إياه ...
فى خلال عشر دقائق كنت قد وصلت عندها ..وأنا أقف أمام باب بيتها ...لا تجرؤ يدىّ على رن الجرس ...وحين طرقت الباب ..حتى كاد قلبى أن يتوقف أو أنه سيقفز من مكانه ... أتخيله كمن يقف على بناية عالية يهدد بالإنتحار الفورى...
فتح الباب طفل صغير ..فإبتسم لى ...سألته ..إن كان هذا المنزل هو منزل " رانيا علوى" ...رد قائلاً .." نعم ...أنا أخوها الصغير ...هل أنت " سمير"؟...أختى تنتظرك ..تفضل إلى الداخل..
دخلت مع الصغير إلى هناك وجلست على كرسى فى إنتظارها ...بعد ثوانٍ لمحتها من بعيد وهى تقترب نحوى ....
"سمير....مرحباً بك ...أسفة إن شغلتك عن شئ ..لم أعرف ماذا أفعل معه ؟...
- لا ..لا .. لاتقولى ذلك ..أنا ممتن لإتصالك بى ..فلك أن تتخيلين كم من الوقت مرّ وأنا لسبع ساعات أجلس على الكرسى ذاته بلاحراك كالجثث ...الحقيقة أننى لا أشعر بأسفل ظهرى ..وحينما ضحكت كأن العصافير بدأت لحنها العذب ..فإبتسمت لها ..
" هل تحب الشاى أم القهوة ؟...أستطيع أن أعد لك أى شئ تريده ...
وهنا رد عليها قلبى .." هل أستطيع أن أطلبك أنت مرة أخرى ؟...
- لا .. لا تتعبى حالك .. لا أريد شيئاً ..
" أتعتقد أننى بخيلة أم ماذا؟ ..هيا أطلب ماذا تحبنى أن أعده لك ؟
- إذاً ..إن لم يكن فيها مُضايقة ...سأحتسى كوباً من القهوة ...
" حسناً سأعده حالاً ...ثم أرشدتنى إلى غرفة الطفل الصغير الذى يضع فيه حاسوبه , جلست أمام الحاسوب أحاول إصلاحه ..جاء الصغير إلى جانبى ...وأخذ يحاورنى بدوره ....
" لماذا لا تشبه عمو " ممدوح"؟...
- وكيف ذلك ؟..إنه أجمل منى بكثير ..لا مُقارنة ابداً صغيرى..
" لكنى أشعر بشئ إتجاهك ...أتعلم...
حينها دخلت علينا "رانيا" .., "سمير" لا تُضايقه...
فأجبت مسرعاً ..."صدقينى لم أحاول مضايقته ....
ضحكت وقالت مسرعة هى الأخرى .." لا...لا .. لم أقصدك أنت ..أخى إسمه "سمير" أيضاً ...
ضحكت و نظرت له ..لذلك تشعر بشئ إتجاهى أيها الصغير ..نحمل نفس الأسماء ..
رانيا: حسناً تفضل قهوتك...كما طلبت ..
أخذت عنها الكوب وإرتشفت منه القليل ...
ونظرت إلى الصغير..." حسناً يا بطل ...لقد إنتهيت من الحاسوب ..إنه الأن جاهز لتدمره ألعاباً ..فرح الصغير وإتجه إلى المقعد أمام الحاسوب يلعب عليه..
أما رانيا..." هل إنتهيت بهذه السرعة؟...
- إنه شيئاً يسيراً ...لقد زاولت المهنة لفترة حتى أصبحت خبيراً بها ...
رانيا : هل سترحل الآن؟...فلتجلس معنا إلى الغداء..وبعدها ننطلق سوياً ..فأنا سأقابل بعض الأصدقاء ..
كان سؤالى لا إرادياً..."هل سيكون ممدوح هناك ؟..
ردت بإستغراب..." نعم ...سيكون هناك ...لماذا؟..
- لاشئ ..لاشئ ..سأرحل الآن ..أراكِ لاحقاً..
قالتها بلهجة سريعة ..." إنتظر ...سأرتدى ملابسى وأرحل معك لأصدقائى ..هلا إنتظرت خمس دقائق؟...
إبتسمت لها ...بالطبع ..حسناً ..سأنتظرك بالخارج..
[3]
أتعلم إشتقت إلى أيام الدراسة بالجامعة ...ماذا عنك؟...
- الحقيقة إشتقت إليها لأسباب وأتمنى ألا أعود إليها مجدداً لأسباب أيضاً..
" لماذا ؟...ما أسبابك التى تود من أجلها العودة ....
- ترددت كثيراً لكننى لم أستطع أن أقول لها أنها هى من أود العودة من أجلها لأقاتل عليها ..لأفعل ما لم أستطع فعله سابقاً...
- لاشئ هام ...لكن لأننى كنت فى مجال أحبه ..وكان هناك ...هناك ....العمل والعمل ...أنت تعلمين .فضحكت لأننى لا أعرف ما أقوله غير ذلك ..
" هل هذا كل شئ ؟؟؟... قالتها وصوتها كان يبدو فى نبرته الحزن ...
قلت ... نعم ..أعتقد هذا ..ماذا عنك أنت ؟..
نظرت إلى الجانب الأخر وعاودت النظر إلىّ .." مثلك تماماً ...لأنها كانت أيام دراسة و ... و كل شئ ...
تجهم وجهها فجأة وإستأذنت للرحيل ...شعرت بخيبة أمل ..لم أعرف ما أقوله لها ...
- إنتظرى ..."رانيا"....
إلتفتت إلى الوراء .. " نعم ....
- اللعنة لقد نسيت ما سأقول ...كيف أطلب منها ؟...توقفت الكلمات على طرف لسانى . تنفست نفساً عميقاً ....و..." هل .. هل تخرجين معى غداً ؟؟....وفجأة شعرت كأن لم يعد الأكسجين فى الهواء كافياً ...كأننى سأختنق حياً ..نبضات قلبى تتسارع فى إنتظار ردها...
إبتسمت فجأة .." حسناً ...بالطبع ..
- حقاً؟!....هل الساعة السابعة مناسبة لك ِ؟...
" أجل ...حسناً موعدنا غداً ...إلى اللقاء سمير...
شعرت أن الدنيا قابلتنى بترحاب شديد فرفعتنى إلى فوق ...إلى حيث تتراقص النجوم , كم كان وقع إسم "سمير" على أذنى رائعاً حين خرج من فمها هى ..لكن لِمَ أشعر بالخوف؟...لا أعلم لماذا؟ ...لكن لايهم , فكل ما يهم الآن هو أننى سعيد ...
ودعتها ورحلت ...كنت أرقص فى طريقى وكأننى فى فيلم "المنيونز"... أغنى أغنية أجنبية ..because iam happy ..
وأطير من السعادة حقاً ....عدت إلى المنزل ..طلبت جارتى أن أرى ما حدث لحاسوبها ...فإبتسمت لها وقلت بالطبع ...لم أكن لأتوقع أبداً ذلك ..ولم أكن لأجرؤ أبداً لطلب أكثر من إبتسامة فقط ...أما الآن ..فقد طلبت منها الخروج فى موعد ..ولم تخذل طلبى ....
هل يتحقق الحُلم الذى دُفن من سنين ؟؟!..
قررت قرار أخير ..سأعترف بحبى لها مهما كلف الأمر ؟...لن أتركها لتضيع منى مثلما حدث من قبل ...يوم غد سيكون يوماً هاماً بالنسبة لى ..ويوماً صعباً ..
ماذا إن رفضت وقالت بأننى لست على قدر وسامة "ممدوح"؟... ماذا إن قالت أنها تعتبرنى صديقاً لا أكثر؟... لا يهم ..سأخبرها فحسب ...
فى تمام الساعة الحادية عشر ..كنت أجلس فى الفراش ..أراقب سلاحف الساعة لتمر أتمنى لو تقفز قفزة سريعة وطويلة إلى اليوم التالى ...تقفز مثل الأرانب ..
فجأة ..وجدتها تتصل بى ..تجهم وجهى وأيقنت أنها ستعتذر عن الغد ...ستقول كلاماً فارغاً تبرر به موقفها ...
رفعت سماعة الهاتف ..وبدأت أنا بالحديث ..." لا يهم ..لا تشغلى بالك ..إن لم تكونى متفرغة غداً ..نعوضها يوماً أخر...
ردت .." على العكس ...لقد إتصلت لأتأكد أنك مازلت تتذكر موعدنا غداً ....
دقت طبول قلبى وتراقصت على ألحانه سائر الأعضاء ..." بالطبع أتذكر ..إننى أنتظره بفارغ الصبر ...
" هل أقول لك شيئاً ؟...
"بالطبع ...تفضلى....
صمتت طويلاً حتى ظننت أن هناك خطأ بالشبكة أو أنها قطعت الخط ..." ألو ..أما زلت هنا؟؟..
" نعم ... نعم ...سأخبرك غداً حين أراك ...إلى اللقاء ..
أغلقت الهاتف ووجدت نفسى أغوص فى نوم عميق ..أشعر بالسعادة ممتزجة ببعض من الخوف ...
فى اليوم التالى ...إرتدت ملابس أنيقة وذهبت إلى العمل أستعجل الدقائق والساعات لكى تمر سريعاً ...حتى دقت الساعة السابعة مساءاً .., أغلقت المكتب ورحلت إلى المكان الذى سأقلها منه ..., بعد قليل ..ظهرت من بعيد ملامح سيدة بفستان رائع يُظهر جزء من ساقها التى بدت كالنعامة طويلة جميلة ناعمة ., ومن فوق كان يُظهر جزءاً من الكتفين الذى غطاهما الشال الأسود يليق بها ...فهى دوماً جميلة...
أسرعت إليها ومددت لها يدى فأمسكت بى على الفور ... وهى تبتسم ..
لم أستطع التفوه بشئ لأصف روعتها ...وأخذت بداية اللقاء فى تهتهة كلام ...كنت أتفوه بالكثير من الحماقات ...وهى تضحك .
- أين تودين الذهاب ؟..هل نذهب إلى السينما ؟..
" لا .. لا أريد .. ما رأيك أن نذهب إلى مكان غريب ؟....
- وأين سنجد ذلك المكان الغريب ؟...وإبتسمت ..
" لنركب سيارة الأجرة أولاً وبعدها سترى إلى أين سنذهب؟...
إبتسمت لها ...حسناً ...
أشارت إلى سائق الأجرة ومعها تذكرت سؤالاً ...صحيح ماذا أردتِ أن تخبريننى ؟..
إلتفتت إلىّ فى رقة .. دع هذا فيما بعد ... ما زال الليل طويلاً ...
[4]
عمليات بسرعة ...هنالك شخصان مُصابان ...
هيا إفتح الغرفة ...إنها جروح بالغة الخطورة ...سيدتى هل توقفت بعيداً ؟..
صدقنى سيدى لم أقصد أبداً .. .. لم أقصد ذلك ..
" إنتظرينى قليلاً ...وسنبدأ التحقيق وسنستمع إلى أقاويلك فيما بعد ..."أحمد" إبحث فى جيوبهما عن أى إثبات شخصية وإتصل بأهاليهم ..إن وُجد ... أما أنتِ سيدتى تعالى معى الآن...
- إذاً هلا تشرحين ماذا حدث بالضبط؟..
" صدقنى سيدى ....أنا كنت أسير بسيارتى ووقع الهاتف على ركبتىّ ..غابت عينى عن الطريق لثوانِ ..لم أعلم من أين جاءت سيارة الأجرة هذه التى خرجت من شارع جانبى فإصطدمت بها ..راحت تنقلب وحدث ما حدث ...لم أقصد حقاً ..
- كيف ....
" سيدى ...شخصاً منهم عاد الوعى إليه ...
- حسناً أنا قادم ...إنتظرينى هنا قليلاً ... لم ننته من أخذ أقوالك بعد ...
رحل الضابط إلى غرفة المصابين ...
- هل عرفت شيئاً عن هويتهما "أحمد"؟...
" أجل سيدى ..إنه شاب فى الثلاثين من عمره ..يُدعى "سمير" ..."سمير رأفت " وتلك الفتاة سيدى هى صحفية تُدعى .." رانيا " ...."رانيا علوى " ...
لكن المُشكلة سيدى أن الفتاة قد توفت ...
- ماذاااا !! ..
" أجل سيدى ..وأهلها فى الطريق قادمون ...
- ماذا عن الفتى ؟...
" تقرير الدكتور سيدى يقول أنه حدث له إرتجاج فى المخ ..سبب له فقدان مؤقت بالذاكرة ..
- ياله من يوم ! .. وهل لديه أقارب أو أى شخص ؟..
" أجل سيدى .. والده إتصلنا به ..فهو يسكن فى مصر .. وعندما علم بالخبر ..صُعق ..لكنه حتماً فى الطريق ....
سيدى .. وجدنا رسالة فى حقيبة الفتاة ...غالباً كانت تنتظر لتُعطيها لذلك الشاب؟..
- ماذا يوجد بالرسالة ؟...
" لا أفهم ما تعنيه سيدى لكنها تتحدث عن بضع روايات ...وغالباً هى رسالة غرامية ...
- ياله من سيئ الحظ! ...حسناً .. أخبر " أشرف " أن يأخذ السيدة التى بالخارج إلى المخفر ليكمل معها التحقيق وأنا سأنتظر هنا أهالى المُصابين ...
لا أرى شيئاً .. لا ..
" سيدى .. المريض يستفيق من غيبوبته ...
- أرجوكى أيتها الممرضة .. إلى أن تستقر حالته أخبرينى ..لإستكمال التحقيق ..
" حسناً سيدى ..
بعد 24 ساعة ...
سيدى لقد إستعاد المريض وعيه وإستقرت حالته ...
" مرحبا ...أنا المُقدم " شريف أنور" .. على الأرجح أنت لا تعرفنى ..هل تستطيع التحدث؟..
لم أفهم من هو ؟ وماذا يريد ؟ والأهم من ذلك .. لم أعرف أين أنا ؟ وكيف جئت إلى هنا ؟...
- أين... أين أنا؟...
" ألا تتذكر شيئاً من الحادث ...ألا تتذكر أين كنت قبل هنا ؟...
أخذت أتمعن فى كلامه وأحاول التذكر ...لكن بلا فائدة ..,
- أريد العودة .....إلى البيت ..
" أستاذ " سمير" هل تعرف فتاة تُدعى " رانيا علوى "؟...
وقع إسمها على أذنى كخُطاف السفينة حين يرتطم بالماء ...
- ماذا قلت ؟...
" الأنسة " رانيا علوى " كانت معك بالحادث ...
لحظة زعر تملكتنى ونهضت فجأة من الفراش ... رانيااااااا .... أين هى ؟ كيف حالها ؟..
" فى الواقع ... الحقيقة ...أنها ...توفت ..ليلة البارحة .
- !! ... ماذاااااا ؟!!! ...
تسارعت نبضات قلبى وتشنجت حركاتى وأخذت أنتفض فى مكانى والدموع تسابقنى فى الإنهيار .... حتى الجهاز يشير باضطرابه مثلى ....
" أيتها الممرضة .... أسرعى .إنها حالة خطرة ...
أسرعت الممرضة وأعطتنى حقنة مخدرة ...حقنتها اللعينة العاهرة كلها فى دمى ...حتى تلاشت الصورة من أمامى ..وغفوت فى نوم عميق ...
- سيدى إن حالته الآن لا تسمح له بسماع أى خبر حزين ... قد يؤثر على حالته وقد يؤدى إلى وفاته ..
" حسناً ...حين تخبرونه بالأمر ..سأتى لإستكمال ما تبقى من التحقيق ...
دكتور " إبراهيم "... تبدو حالته مستقرة كما تظهر على الشاشة ..
- " أمينة" .. لا أثق بهذا ..فإرتجاج مخه كان قوياً .. وإن لم تظهر علامات مضاعفة بعد ..لكن يجب أن يظل تحت العناية المُركزة ...
" أجل سيدى ...
فى اليوم التالى كنت قد إستعدت رباطة جأشى ..وإستقرت حالتى .., لم أبكِ فى حياتى مثلما فعلت منذ بداية الصباح ..أفكر بها وأفكر بالحادث ..أتذكر الآن كل شئ ...
بالعودة للوراء ... كنا قد وصلنا إلى أننا سنركب سيارة أجرة لتقلنا إلى مكان غريب بعيد ... ركبنا سيارة الأجرة ولسوء الحظ لم أرتح لهذا الوغد اللعين الذى كان يهتز من مقعده على الدوام .. لم أستطع رؤية وجهه .. لو إستطعت لكنت علمت أنه سكران ولكنا نزلنا من السيارة وما كان ليحدث كل هذا ....لكنه القدر ...
كنت منشغل فى الحديث معها ولم ننتبه للطريق ولو كنت إنتبهت له لكنت حذرته من السيارة التى أمامه وما كانت لتصطدم بنا وما كان لذلك أن يحدث ...
لم أعرف أننى أصرخ عالياً إلا حينما نظرت إلىّ الممرضات ...
- تباً أيها اللعين ... لماذا لم تنتبه إليها جيداً ..... أتعلم لماذا ,... لأنك وغددددددد....
كان قد وصل أبى إلىّ وظل معى بالغرفة ...وفى المستشفى كانت تسوء حالتى يوماً بعد الأخر ...كان أبى قد أنهى التحقيق مع الشرطى ... ونعى أهل " رانيا" فى مفقودتهم ...فأعطاه والد "رانيا" الرسالة التى أعطاها أبى لتوه لى ...تواً ..
لم أستطع فتح الرسالة وإحتفظت بها فى جيبى .., وبعد أيام قليلة أخذنى أبى إلى بيت على الساحل حتى أنسى فيه كل شئ ...وهناك ساءت حالتى أكثر ...
بدأت أنسى كثيراً ولم أعد أتذكر الأشياء بوضوح ...حتى فقدت ذاكرتى ...
وكل ما كنت أتذكره هو اللقاء الذى رتبته مع " رانيا " لنلتقى ...ولا أعلم لماذا لم تأت؟ ..لماذا رحلت دون سبب ..لماذا فضلّت ممدوح علىّ؟؟ ...أكره حقيقة أنها قطعت علاقتها بى فجأة....
صِرت هزيلاً عن ذى قبل ..شاحب اللون ..بعينان غائرتان للداخل ...كأننى مدمن أو شيئاً كهذا...
وفى يوم إرتديت ملابسى وقررت الخروج لإستنشاق الهواء على الساحل ..لأرتاح قليلاً ...
وحينما كنت أسير ..لمست يدى جيب البنطال الذى كنت أرتديه ...وهنا وجدت الرسالة التى بالطبع فهمت أنها رسالة منها قبل أن تغدر بى وتتركنى ..
هنا كانت أول مرة أقرأ رسالتها .. ولكن للوهلة الأولى وحين قرأت بداية السطر تذكرت شيئاً ...
[5]
كانت الرسالة تحمل لغزاً ...ولكن للوهلة الأولى مع بداية السطر ...
" لا أعرف كيف أقولها ..لكن أظنك ستفهم وحدك ألم تفعلها من قبل؟ ..
هل ظننت أنها لم تصل لى أبداً ...أكمل الرسالة وستفهم كل شئ...
مع بداية هذا السطر ...تذكرت رسالتى لها فى الجامعة ...هل يعقل أن تكون قرأتها ؟... هل كانت تعلم كل تلك المُدة أننى أحبها ومع ذلك هجرتنى مع شخصاً أخر؟؟....
أكملت قراءة الرسالة التى كانت عبارة عن ألغاز كالتالى...
" كنت أتمنى أن أكتبها لك بسهولة ...لكن وجدت صعوبة فى التنفس حتى وأنا أكتبها لك على ورق ...
أرسل لك فى تلك الرسالة خمس نقاط أتمنى أن تصل إليها وتفهم ما أعنيه ..
الرسالة الأولى ...إبحث عن رواية إسمها "الفيل الأزرق " ستجد مضمون ما أقوله لك ..لقد كنت أفهم شعورك طيلة تلك الفترة ...بعد أن قرأت رسالتك..
ماذاا! .. لقد قرأت رسالتى حقاً .. لكن إنها تتبع نفس أسلوب رسالتى ...هى تحبنى ..لِمَ رحلت "رانيا" ؟..لِمَ؟؟....هل قالت رواية ....رواية " الفيل الأزرق ..
كانت تفهم بم أشعر فى تلك الفترة ..أتعنى حين إعترف لها ممدوح بحبه وهى قبلت به , وبعدها قرأت رسالتى ...
أسرعت على الفور إلى أى مكتبة ..أخذت أبحث فى الكتب ...رواية ..ما كان إسمها ...أأأه الفيل الأزرق ,...لا أجد شيئاً ... صرخت بقوة والدموع تنهمر ...لا أجد شيئااااا
جاءتنى فتاة تبدو يافعة وهى تعمل فى المكتبة ..علمت هذا من البطاقة التى ترتديها حول عنقها ...
- أبحث عن رواية ...الفيل ...ال... الأزرق ...
سيدى قسم الروايات فى أخر الرواق ...
- من فضلك هل تبحثين معى ؟؟..
" لا بأس ...كم رواية تريد ..
- لا أغرف .. لم أكمل الرسالة بعد ...
" ماذا ! ... لا أفهم ...
- لا شئ ... لا شئ ..أريد الآن رواية ذلك الفيل .. ضرورى من فضلك ...
ذهبت إلى الصف الذى يحمل الروايات الحديثة و أخذت تبحث حتى وجدتها وأخرجتها ...أعطتها لى ..فحملتها كالمجنون وذهبت إلى مقعد لأجلس وأقرأ محتواها .. جذبتنى قصة الرواية التى كانت تجعلنى أستمر فى قراءتها لأكثر من سبب لأحصل على رسالتها والثانى لأنها الذكرى الوحيدة المُتبقية ...وثالثاً لأنها رواية جيدة بحق ...
وبعد أن وصلت إلى نصفها تقريباً وجدت مبتغاى , وجدت ما كنت أبحث عنه ..قرأت ذلك الجزء ووصلتنى منها رسالتها الأولى التى كانت تقول ...
"أعرف....
أعرف أن وقتاً كافياً قد مرّ لأنسى وأتناسى....
أعرف أن القصة تآكلت كفيلم هندى رخيص مدته أربع ساعات ..
أعرف أن أفضل علاج لقلب مُحطم ...هو أن يتحطم مرة أخرى...
تلك كانت رسالتها الأولى ...هل كنت تعلمين كم قلبى عانى من قسوة الألم ؟... هل شعرت حقاً بما شعرت به حين سارع هو وقالها وكنت أنا على الأبواب وهو أغلق كل شئ بوجهى ليحطم قلبى ...وأنت تحطميه مرة أخرى حينما أمسكت بيده ...
أين أنت الآن ؟؟....لقد إشتقت إليك كثيراً...
مسحت دموعى وفتحت رسالتها أكمل مضمون الرسالة الثانية ...
" إنتظرت هذا الموعد بفارغ الصبر ..شعرت بالخوف فى أن تسحب كلامك وتعتذر عن الخروج ...لذا على أى حال كتبت لك رسالتى الثانية ...أفهم ألمك فى أن تحصل على شئ تكرهه كثيراً .. فى حين أن ما تحبه تفقده يوماً بعد يوم ..
إبحث عن رواية .." بضع ساعات فى يوم ما .." أحمل إليك نقطتين فيها ..لا تحزن أبداً .. لا أريد رؤية ذلك اليأس مجدداً فى عينيك ...
أسرعت إلى الفتاة ...وسألتها فى سرعة .. أين أجد رواية ..."بضع دقائق وساعات.."
ردت .." ماذا ! ؟ .. لا يوجد رواية بهذا الإسم ..هل تقصد " بضع ساعات فى يوم ما للأستاذ محمد صادق ؟..
- لا أعلم ...أعتقد أنها هى ..نعم ..أريد تلك الرواية ...
" سيدى ..لكن الليلة لا تنفع .. لقد تأخر الوقت وعلينا أن نغلق المكتبة ..
- لا أرجوكى ..أعطينى بضع دقائق سأقرأها سريعاً.... أرجوكى إنه أمر هام ...
" حسناً ...لكن أرجو ألا تخذلنى ..سأعطيك الرواية لتعود بها إلى منزلك وتعطيها لى فى الصباح ..أرجوك لا تتأخر ...
- حسناً ...شكراً لك ....شكراً جزيلاً ...
أخذت منها الرواية وإنطلقت إلى البيت ...جلست بالفراش وبدأت أقرأ فى الرواية ..كان يغلبنى النعاس ولا أستطيع المقاومة ..لكن على أن أنهى الرواية لأننى سأعيدها غداً .. علىّ أن أنهيها سريعاً ..
بدأت فى الرواية التى بدورها كانت تحكى كم تمر بنا بضع ساعات لكن تلك الساعات القليلة تخفى وراءها فى حياة كل شخص قصة كبيرة قد تحدث فى بضع ساعات ...
جذبنى الأسلوب ..وتلك ال....أاااه وجدتها الرسالة الثانية النقطة الأولى ...
" كلنا نضحك على أنفسنا كى تمضى بنا الأيام ...دون ألم ..., كلنا كاذبون .."
هل كانت هى أيضاً تتألم ...هل كانت تحبنى لتلك الدرجة ...لماذا لم تقل شيئاً ..لقد أضعت تلك القرصة وإلى الأبد ..
أكملت قراءة الرواية التى تحكى قصصاً مختلفة وفى وسط الكلام وجدت الرسالة الثانية النقطة المهمة ..
"ما عجبت من رؤية الحياة مسلوبة فى عيون الأموات ...
لكننى عجبت من رؤية إنسان ...ماتت الحياة فى عينيه .."
هل لا زلت تتذكرين هذا الحديث ؟ لقد كنت أتفوه بالحماقات ..صحيح أننى كنت أشعر باليأس لكننى إرتحت كثيراً حين تفوهت بالقليل ..
إشتقت إليكِ ...
عدت فى الصباح إلى المكتبة لأعيد لها الرواية التى أنهيتها فى ليلة ...
- هل يجوز إحتساء كوباً من القهوة هنا ..داخل المكتبة ؟...
" إنها ممنوعة ..لكننى سأوافق ..خاصةً المدير غائب اليوم ..لكن عليك أن تُسرع فى إرتشافها ..إبتسمت
- إبتسمت لها ....شكراً لك ..
جلست فى ركن من المكتبة أحمل كوب القهوة بيدى وبالأخرى أحمل الرسالة التى أكملت فيها ...
"بالطبع ...تتساءل لأننى لم أقولها حتى الآن ...لكن كما يقولون الصبر ., أحببت أن أكتب لك كل ما أشعر به ...ولتعلم صدق ما أشعر به ..
أكتب إليك الرسالة الثالثة ...إقرأ رواية "أدرينالين " ,,ستتفهم ما أعنيه ..
لقد إقتربت كثيراً من الكلمة ..
أسرعت إلى الفتاة التى لم أسألها يوماً عن إسمها ولم أنوى ذلك أبداً ...
- هل لى برواية "أدرينالين " ...
" أااه ..لحظة واحدة سأبحث عنها لك ...
أمسكت الرواية وهمّت أن تعطيها لى إلى أن توقفت وقالت ...
" هل لى أن أسألك سؤالاً ؟...
- تفضلى ...
" لماذا تقرأ هذه الروايات ..الغريب أنك تقرأها فى وقت قليل ..بالنسبة لروايتان تحمل أكثر من مائة ورقة ..وتلك الثالثة لك ..لا أفهم كيف ولِمَ تقرأها بتلك السرعة؟.. ولِمَ تحديداً هذه الروايات؟...
- لا أستطع الإجابة على سؤالك ...إسأليها هى ..
ردت فى تعجب ..." من هى ؟؟؟...
- التى هجرتنى وتركتنى فى لغز تركها لى ...لا أعرف لماذا تركتنى وتركت تلك الرسالة الغبية ...إن كنتِ تشعرين بشئ إتجاه شخص ..إن كنتِ تُحبينه كيف تهجريه هكذا؟؟...
" لم أفهم جيداً ....
- لا يهم ...أعطنى الرواية ...
أخذت الرواية كالعادة وجلست أقرأها ...كانت تحمل أفكاراً فى طياتها ..تجلب لى الحيرة تارة والتساؤل تارة أخرى ....إلى أن وجدت رسالتها ...سأتأكد من صدق مشاعرها ..وبكت عينىّ حين قرأتها ...لم أعد أحتمل غيابها ...
" إذا أردت التأكد من موتى ..فلا تقيس النبض فى عروقى ..ليس فى ذلك إشارة موتى أو دليل حياتى ...ولكن قِس الأدرينالين فى دمى ..."
... أحبك "رانيا" ...ولكن أين ذهبت وتركتينى ؟...
الرسالة وصلت إلى الآن ...فهمت ما عانيته أنت أيضاً ,,هل تعاقبيننى على ذلك ؟؟ أننى فهمتك متأخراً ؟..
ماذا تُخبئين لى فى الرسالة الرابعة ؟...أكملت الرسالة ..
" هل تعلم شيئاً ...لم أعتقد يوماً أن تكون بذلك الغباء حتى لا تلاحظ ما كانت تحكيه عينى ... أيها الأحمق الغبى ..لذا إقرأ تلك الرواية ستفهم ما أعنيه ...
إنها رواية .."تراب الماس" ...
وكالعادة أسرعت لأحمل تلك الرواية ..وبدأت قراءتها لأصل لما تعنيه ...
ووجدت أنها تقصد بذلك كل التجهمات التى كانت تعلو وجهها حين كنت أظن أنها تحب ممدوح ومن تلك الرسالة فهمت لما نظرت إلىّ طويلاً قبل أن تمد يدها إلى ممدوح ..كانت تتحدث إلىّ بصمت ..تقول لى تكلم ..أعلم أنك لن تقولها أبداً ..فأنت أحمق مثلى ..سأضطر إلى ذلك ...تفهم ذلك أيها الغبىّ ..
وكانت رسالتها الرابعة ...كالأتى
"تراب الماس" لأحمد مراد ....قالت فيها ....
" غريب أمر تلك الفتاة , تريد أن تكون مُلفتة ...,
دون أن يلتف الذباب حولها ..."
أفهم الآن ..لم تريدين يوماً ممدوح ...بل كنتى تريديننى أنا ...
صدقينى ساتفهم كل ما تقولين بعد ذلك ...لكن عودى إلىّ ..لا ترحلى معه إلى حيث لا أراكِ ...
[6]
الرسالة الأخيرة
" الأن أعلم أنك مُتشوق لسماعها ..لكننى متلهفة أكثر منك لقولها ..ولكن ليس بتلك السهولة ..لأننى لو قلتها لك بكل سهولة ستفقد كل معانى الحب التى تحملها ..
إقرأ رواية " صانع الظلام " هناك نقطتين أودك معرفتهم أولها فى تلك الرواية ..ستفهم الأخرى فيما بعد ....
بحثت عن الرواية بنفسى تلك المرة حتى وجدتها ... أخذت أقرأ فيها ..إنها لم تكن رومانسية أبداً تليق بكلمة أحبك , كيف تكونين بذلك الجفاء فى النهاية ؟؟...
وصلت إلى رسالتها النقطة الأولى ...
" التفاصيل الصغيرة هى التى تمنحك الحقيقة فى النهاية .."
أنت لست سهلة أبداً ,, كما ظننتك أيتها العاشقة ..نعم صدقتِ ..إنها تلك التفاصيل الصغيرة التى تقودنى إلى شئ أكبر وهو حبك ..
النقطة الأخيرة ..أين أبحث عنها؟...
فتحت الرسالة لأتأكد منها ....
وصلت إلى هناك نقطتين أودك معرفتهم أولها فى تلك الرواية وستفهم الأخرى فيما بعد ..أم كفى عبثاً معك .."سمير" لم تفهمنى يوماً ..لم تفهم ما أكنه لك ..جعلتنى أتألم كثيراً أيها الأحمق ...لكن وعلى الرغم من ذلك ....
سطور فارغة كثيرة .......نقطة فى النهاية
السطر الذى يليه فارغ إلى منت....." أحبك"
وفى الخاتمة ...
لا يهم كم مضى من الوقت أضعناه قبل أن نقولها لأحدنا الأخر ...لأن الخاتمة ...فى "هيبتا" ...
فى الواقع لا توجد خاتمة .....فلكل نهاية إمتداد يبدأ به كل شئ....
لم أستطع كبح الدموع داخلى ...كم كنت أحمق ؟... لقد إنتهت رسالتها ..علىّ أن أبحث عنها لأجدها وأعيدها ...علىّ أن أعترف لها بحبى ...
خرجت من المكتبة وإتجهت إلى غرفتى كنت أعد حقيبتى سأعود إلى الأسكندرية ..سأجدها وسأعيدها حتماً...
دخل علىّ أبى ..." ماذا تفعل سمير ؟؟....
- علىّ أن أعيدها أبى ...إنها تنتظرنى ..لقد رحلت مع ممدوح إلى أن أقرأ رسالتها وأتفهم شعورها ...أعلم ...أعترف أننى كنت أحمق ولن أكرر فعلتى ..بالتأكيد لن أكرر فعلتى ....
" لن تذهب إلى هناك سمير ..لم تعد هناك ...
- لِمَ تُحاول أن تجعلنى نسخة منك .. ألا يكفى سنوات عذابى بالجامعة ..لِمَ كنت خجول لهذه الدرجة حتى تجعلنى مثلك ..
لكنت إعترفت لها حقيقة مشاعرى لولا أننى جبان ...الإبن مثل أبيه ..
لمأذا....ب...
صرخ بى أبى فجأة ...." إفهم جيداً .....لقد ماااتت....
تراجعت إلى الوراء من هول الصدمة ...ولم أعد قادراً على التفكير ...
- أنت تكذب كيلا أسافر ,,إنها على قيد الحياة ..أنت كاذب ...
إنها تنتظرنى ....وبصرخة عالية دوى معها صوت إرتطام جسمى بالأرض ...
" إنها على قيد الحياااة ....لن أسامحك أبداً....
وقعت على الأرض وأخر ما شعرت به هو تلك الحقن التى تحقنها اللعينات فى جسدى .. كالخناجر ...إلى أن فقدت الإحساس أو الشعور بشئ ..
إلى أن رأيتها فى أحلامى تجذبنى إلى أسفل معها ....وأنا إستسلمت لذلك ..