http://www.shamela.ws
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة
الكتاب: شرح مختصر الخرقي
مؤلف الأصل: أبو القاسم عمر بن الحسين بن عبد الله الخرقي (المتوفى: 334هـ)
الشارح: عبد الكريم بن عبد الله بن عبد الرحمن بن حمد الخضير
دروس مفرغة من موقع الشيخ الخضير
[الكتاب مرقم آليا، رقم الجزء هو رقم الدرس - 73 درسا]
طيب الأخ يقول: الراجح أنه يرفع مؤقتاً ويمسه بشرته لما مضى من حدث، وبهذا نكون قد فرقنا بين الطهارتين، الطهارة الصغرى ما في أحد يقول: إنه يتقي الله ويمسه بشرته عن الحدث الماضي، إلا إذا جاء وقت الصلاة الثانية، أو أراد أن يفعل ما يُفعل بالوضوء عليه أن يتوضأ بالماء، أما بالنسبة للغسل فإن عليه أن يغتسل فوراً؛ لأنه وجد الماء ((فليتق الله وليمسه بشرته)) أيهما المرجح؟ أنه رفع مؤقت وإلا رفع مطلق؟ الذين يقولون: بأنه رفع مطلق يقولون: إنه يقوم مقام المبدل، والمبدل يرفع رفعاً مطلقاً إذا بدله يقوم مقامه في الرفع المطلق، ولا يحتاج أن يغتسل عن جنابة مضت، وإنما يغتسل عما يستقبل من أحداث.
الذي يرجح كونه يرفع رفعاً مؤقتاً أن الأمر بالغسل أو بإمساس الماء للبشرة لما يستقبل من أحداث متوقف على هذا الحديث، أو جميع أدلة الطهارة تدل عليه؟ جميع نصوص الطهارة تدل على هذا، وإذا قلنا: يتقي الله -جل وعلا- ويمسه بشرته عما مضى قلنا: إنه نص مؤسس لحكم جديد، والاحتمال الأول يجعله مؤكد لنصوص سابقة.
والمقرر عند أهل العلم والجادة عندهم أن التأسيس أولى من التأكيد، وبهذا يرجح القول بأنه يرفع رفعاً مؤقتاً إلى أن يجد الماء، فإذا وجد الماء فليمسه بشرته، والحدث ما ارتفع رفعاً مطلقاً.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هذا قول من يقول: إنه يرفع مطلقاً، يعني ما معناه أن الجنابة ارتفعت بالتيمم ولا يلزمه غسل، الذي وجد الماء، نعم، افترض أن المسألة من شخص انتبه مع طلوع الفجر فوجد نفسه محتلماً، أصابته جنابة، ثم صلى، بحث عن ماء فلم يجد تيمم، ثم بعد ذلك في منتصف النهار في الضحوة وجد الماء، نقول: اغتسل وإلا لا تغتسل خلاص ارتفع حدثك؟ ويش تقول؟
طالب:. . . . . . . . .
إذاً رفع مؤقت، ما زالت الجنابة في ذمته، ما ارتفعت، وهي أمانة لا بد من أدائها.
(18/5)
________________________________________
على كل حال هذا هو أعدل الأقوال، أما القول بأنه مجرد مبيح هذا معروف عند أهل العلم، والمرجح عند الأصحاب، لكن يبقى أنه حكمه حكم المبدل، إيه مقتضى قولهم: إن الرخصة ما جاء على خلاف الدليل الشرعي لمعارض راجح نعم، ومن يقول: بأن كل ما جاء على وفق دليل وإن خالف دليلاً آخر فهو عزيمة يقول: عزيمة، لا سيما مع عدم الماء ما يبقى إلا هو.
على كل حال يقول المؤلف -رحمه الله-: "باب التيمم" التيمم في اللغة هو القصد، {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ} [(267) سورة البقرة] يعني لا تقصدوه، التيمم قصد الصعيد الطيب الطاهر.
ثم قال: "ويتمم في قصير السفر وطويله" ما علاقة التيمم في السفر؟
طالب:. . . . . . . . .
أولاً: لأنه منصوص عليه في آية التيمم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا يأتي ذكره، لكن الآن هو بدأ يتيمم في قصير السفر وطويله، يعني ما الموجب للتيمم؟ نقول: الموجب للتيمم هو السفر أو فقدان الماء أو المرض أو العجز عن استعماله؟ لأن المسألة تحتاج إلى انتباه.
الآن آية التيمم نص فيها على السفر {وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مِّنكُم مِّن الْغَآئِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ} [(43) سورة النساء] مرضى، أو على سفر، أو جاء أحد منكم من الغائط، أو لامستم النساء، فلم تجدوا ماءً، ننتبه يا إخوان عندنا أربع جمل، مرضى، على سفر، جاء أحد منكم من الغائط، أو لامستم النساء، هذه أربعة أمور عقبت بقول الله -جل وعلا-: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا} هذه الأمور هل هي موجبة للتيمم بذاتها، أو لا بد من تحقق الشرط المنصوص عليه فلم تجدوا ماءً؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هذا وجوده مثل عدمه، يعني مع عدم القدرة على استعماله هذا معدوم حكماً، ما هو لهذا.
طالب:. . . . . . . . .
(18/6)
________________________________________
الآن عندنا قيد {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء} [(6) سورة المائدة] متعقب لأربع جمل، هل يعود إلى الجمل كلها أو إلى الأخيرة فقط؟ هذا محل خلاف بين أهل العلم، فعندنا المريض والمسافر والصحيح المقيم، عندنا ثلاثة مريض ومسافر وصحيح مقيم، وبعد أن ذكرهم الله -جل وعلا- قال: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ} [(6) سورة المائدة] هل هذا القيد يعود إلى القسم الأخير الصحيح المقيم أو يعود إلى الجميع؟
معروف أنه إذا تعقب القيد جملاً متعددة فمن أهل العلم من يرى أنه يعود إلى الجملة الأخيرة فقط، ومنهم من يرى أنه يعود إلى الجميع، يعني من أوضح الأمثلة على هذا: الاستثناء في قول الله -جل وعلا-: {إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} في القذف {فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا} [(4 - 5) سورة النور] فهل التوبة ترفع الجلد؟ لا ترفع إجماعاً، ترفع قبول الشهادة مع قول الله -جل وعلا-: {وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا} [(4) سورة النور] هذا محل خلاف، وكونها ترفع الوصف بالفسق هذا محل اتفاق، يعني على القولين مرفوع الفسق، وإذا ارتفع الفسق هل يرتفع رد الشهادة أو لا يرتفع؟ على الخلاف، إذا قلنا: إن الاستثناء إذا تعقب جمل يعود إلى الجميع الجملة الأولى لا يعود إليها اتفاقاً؛ لأنها حق مخلوق، فالتوبة لا ترفع حق المخلوق، وقبول الشهادة والحكم والفسق هما ... ، قبول الشهادة محل خلاف، والوصف بالفسق يرتفع اتفاقاً على القولين.
(18/7)
________________________________________
نعود لما معنا، إذا قلنا: قول الله -جل وعلا-: {فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا} [(6) سورة المائدة] قيد يعود إلى الجميع، فالمريض لا يجوز له أن يتيمم إلا إذا فقد الماء حقيقةً أو حكماً؛ لأنه إذا عجز عن استعماله فهو في حكم الفاقد، المسافر لا يجوز له أن يتيمم حتى يفقد الماء حقيقةً أو حكماً؛ لأنه قد يسافر ويجد البئر لكن ليس معه دلو ولا رشاء ولا وسيلة يستخرج بها الماء من البئر هذا عادم للماء حكماً، أو معه ماء لا يكفيه للشرب، هذا عادم للماء حكماً، وكذلك المقيم الصحيح إذا أحدث حدثاً أصغر أو أكبر فلم يجد الماء فإنه حينئذٍ يتيمم.
من أهل العلم لا سيما ممن شهر وممن تأخر أن المرض كافي للتيمم، ولو وجد الماء وقدر على استعماله، وأنه السفر كافي للتيمم ولو كان معه الماء وقدر على استعماله، ويكون القيد إلى الجملة الأخيرة للصحيح المقيم فقط، هذا الذي لا يباح له التيمم حتى يفقد الماء.
وعامة أهل العلم على أن القيد يرجع إلى الجميع، فالمريض لا يجوز له أن يتيمم حتى يفقد الماء حقيقةً أو حكماً بأن يعجز عن استعماله، والمسافر لا يسوغ ولا يجوز له أن يتيمم حتى يفقد الماء حقيقةً أو حكماً، وكذلك المقيم الصحيح.
طالب:. . . . . . . . .
هذه المظنة، يعني غلبة ظن أن السفر كيف يحمل ماء؟ مو مثل الآن متيسر في كل مكان، وحمله سهل بواسطة وسائل النقل سهل.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ليس بمظنة، المريض مظنة لا يستطيع استعمال الماء، قد يتسبب في زيادة مرضه، وقد يتسبب في تأخر برئه، فما دام غلبة ظن ينص عليه كالسفر، وهذا لا شك أن هذا قول عامة أهل العلم، والقول الثاني: شاذ، لا يذكر عن أحد من الأئمة أبداً، لكن ينص قد يكون التنصيص والتصريح بالشيء لما هو مجرد توضيح، قد ينص على الشيء لأنه يغلب على الظن أن ...
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن من قال به ممن يقتدى به؟ من فهمه من السلف؟ في النصوص نحن مقيدون بفهم السلف، فهمه ممن تأخر، لا لو كان من الأئمة المعتبرين ما ترددنا، يعني نظرنا بالإنصاف، لكن ما قال به أحد ممن يعتد بقوله، ما في أحد من الأئمة أبداً قال بهذا القول.
(18/8)
________________________________________
قوله: "ويتيمم في قصير السفر وطويله" يعني لا يشترط له مسافة القصر؛ لماذا؟ لأنه لو قلنا: يشترط له مسافة القصر لخرجت الأوقات قبل وصوله، قبل وصول الماء، والمسألة مفترضة بالوسائل الموجودة في وقت التنزيل، المسألة مفترضة في الوسائل الموجودة في عصر التنزيل، ومسافة القصر عند الأكثر مسيرة يومين قاصدين، فعلى هذا يفوت عشرة أوقات قبل أن نصل الماء، فلا يشترط للسفر مسافة، فبمجرد ما يسفر، والإسفار هو البروز، ومنه السفور إبراز المرأة شيئاً من محاسنها، ومن بشرتها هذا سفور لأنه بروز، والسفر هو بروز، وخروج عن البلد.
"ويتيمم في قصير السفر وطويله، إذا دخل وقت الصلاة، وطلب الماء فأعوزه" وطلب الماء، إذا دخل هذا بناءً على أن التيمم مبيح، دخل وقت الصلاة فلا يصح التيمم قبل دخول الوقت، والذي يقول: إنه يرفع يصح ولو قبل دخول الوقت مثل الوضوء.
"وطلب الماء فأعوزه" يعني بحث عنه فلم يجده، التفت يميناً وشمالاً وجرى يميناً وشمالاً ما وجد شيء، ولا وجد معالم تدل على وجود ماءٍ من أرض خضراء، أو أشياء مرتفعة يدل على ما تحتها من ماء، ما فيش شيء، فأعوزه طلب الماء فأعوزه، والطلب هو الذي اعتمده المؤلف، وهو قول الأكثر، وهذه من المسائل التي يختلف فيها المؤلف مع غلام الخلال.
معكم؟
معك ويش يقول؟
المسألة الثامنة: أوجب الخرقي طلب الماء في حق المتيمم، وهي الرواية الصحيحة، وبها قال مالك والشافعي؛ لأن كل أصل وجب طلبه إذا غلب على الظن وجوده وجب، وإن لم يغلب كالنص في الأحكام، والرواية الثانية: لا تجب، اختارها أبو بكر، وبها قال أبو حنيفة؛ لأنه غير عالم بموضع الماء، فله التيمم كما لو طلب فلم يجد.
يعني الرواية الأولى أنه لا بد من الطلب؛ لأنه قد يتمم والماء قريبٌ منه، قد يتمم والماء بجانبه، عن يمينه أو عن شماله، وقد يكون بينه وبينه جدار، أو كثيب من رمل، أو ما أشبه ذلك، إذا لم يطلب تيمم ولو كان قريباً منه، لكن ما دام صحة التيمم معلقةً بفقد الماء فلا بد من طلبه ليكون فاقداً له، والرواية الثانية وهو قول أبي حنيفة أنه لا يلزمه الطلب، ليس في رحله ماء إذاً عادم للماء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا بد من الطلب.
(18/9)
________________________________________
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، بما لا يشق عليه؛ لأن المشقة تجلب التيسير، المقصود أنه يجتهد في هذا.
طالب:. . . . . . . . .
ما في مسافة؛ لأنه أحياناً تكون الأرض منبسطة وواضحة وترى يميناً. . . . . . . . .
يقول: "والاختيار تأخير التيمم إلى آخر الوقت" لا شك أن الصلاة في أول الوقت أفضل، لكن هذا الفضل معارض بما هو أقوى منه وهو الصلاة بالطهارة الكاملة الأصلية، فإذا أخر الصلاة إلى أن يجد الماء لا سيما الآن، ووسائل النقل تصل الماء بيقين قبل أن يخرج الوقت، نظرت إلى الساعة فإذا وقت الصلاة قد حان، وليس معك ماء في السيارة، وتلفت يمين وشمال ما حولك محطات ولا شيء، لكن تجزم يقيناً أنك بعد ربع ساعة أو نصف ساعة أو ساعة قبل خروج الوقت تجد الماء، الأفضل أن تؤخر التيمم حتى تجزم، أو تخشى من خروج الوقت قبل حصوله.
طالب: ولو دخل عليك وقت الاضطرار يا شيخ؟
نعم؟
طالب: ولو دخل وقت الاضطرار بالنسبة للصلاة التي انتهى وقتها؟
يقول: "والاختيار تأخير التيمم إلى آخر الوقت" المقصود به وقت الصلاة.
(18/10)
________________________________________
وهذه المسألة فرع عن مسألة تقدمت، ذكرناها في أول كتاب الطهارة، وهي أن العلماء عنايتهم بالطهارة أولى وأقوى من عنايتهم بالوقت، ذكرنا هذا، ولذلك يقدمون الطهارة على أوقات الصلاة، كلاهما شرط، دخول الوقت شرط، والطهارة شرط، والإمام مالك قدم وقوت الصلاة على الطهارة، لكن هل هذه المسألة بعينها تتفرع عن تلك؟ أو نقول: هذا اتقى الله ما استطاع، ويصلي في أول الوقت أو في أثنائه أو في آخره؟ وأما تأخير الصلاة عن وقتها من أجل الطهارة مع عدم الماء فلا يجوز بحال، وهذه تختلف عن المسألة السابقة التي افترضناها في شخص انتبه قبل طلوع الشمس بعشر دقائق مثلاً أو ربع ساعة، والماء عنده، الماء موجود، لكنه إن اغتسل خرج الوقت، وإن تيمم أدرك الوقت؛ لأن تلك المسألة تختلف عما عندنا هنا، هذا فاقد للماء، والذي انتبه قبيل طلوع الشمس واجد للماء، الماء عنده، ولا يكلفه شيء، ولكنه إن اشتغل بالطهارة الكاملة بالغسل خرج الوقت، وإن تيمم أدرك الوقت، على قول الجمهور يغتسل ولو خرج الوقت، يغتسل ولو خرج الوقت؛ لأنه واجد للماء، وعلى قول من يقدم الوقت على الطهارة يقول: يتيمم.
"والاختيار تأخير التيمم إلى آخر الوقت" ليؤدي الصلاة بطهارةٍ كاملة، وهذا أولى وأهم من الفضل المرتب على أداء الصلاة في أول وقتها، فإن تيمم في أول الوقت وصلى أجزأه لأنه يصدق في حقه أنه عادم للماء، فهو مخاطب بقول الله -جل وعلا-: {فَتَيَمَّمُواْ} [(6) سورة المائدة] وقد أدى ما عليه، وخرج من عهدة الواجب بما أمر به، فتيمم في أول الوقت وصلى فإنه حينئذٍ يجزئه ولو وجد الماء بعد فراغه من الصلاة، وقبل خروج الوقت.
لكن إن وجد الماء وهو في أثناء صلاته يقول: "فإن تيمم في أول الوقت وصلى أجزأه، وإن أصاب الماء في الوقت" لما سلم من صلاته وجد الماء صلاته صحيحة؛ لأنه أديت على وجهٍ شرعي، ولا يلزمه إعادتها، وإن أصاب الماء يعني وجد الماء في الوقت؛ لأنه اتقى الله ما استطاع فخرج من عهدة الواجب، أما إذا أصاب الماء وهو في الصلاة فهل تبطل صلاته ببطلان طهارته؛ لأن التيمم لا يصح مع وجود الماء.
(18/11)
________________________________________
سيأتي في قول المؤلف: "وإذا وجد المتيمم الماء وهو في الصلاة خرج فتوضأ أو اغتسل إن كان جنباً واستقبل الصلاة" يعني هذه المسألة تأتي، لكن إذا كان قد أتم صلاته فإن صلاته صحيحة ومجزئة ولو أصاب الماء في الوقت نفسه.
طالب:. . . . . . . . .
إيه طلب الماء، بحث عنه، كم يطلب الماء؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، كم مدة طلب الماء، يعني إذا نظر فوجد مد البصر ما فيه ماء أمامه، ونظر يمين وشمال كذلك يعني، ونظر وبصره يؤدي كيلو من هنا وكيلو من هنا ما يحتاج أكثر من هذا؛ لأن الطلب لا يلزم منه طول الوقت، لكن لو طلب وغلب على ظنه أنه لم يجد فوجد الماء بجانبه، رفع حجر فوجد تحته ماء، أو رفع لوح من الخشب ووجد تحته ماء، وتيمم وصلى وهو قريبٌ منه، تصح صلاته وإلا ما تصح؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
(18/12)
________________________________________
إيه، لكن بعض أهل العلم يقول: إنه قصر في الطلب، إذا خاف الماء ليس ببعيد، لكنه خاف أن يذهب إلى الماء، ورأى حيواناً ظنه مفترساً، يعني غلب على ظنه أن هذا الحيوان مفترس، فبان ليس بمفترس، هذا يرى شيء مخوف، فهل يكفيه هذا الظن أو لا بد أن يتأكد أنه مفترس؟ مخوف بالفعل، وقل من باب أولى إذا لم ير شيئاً، لكنه يخاف من الظلام، هو في بيته انقطع عنه الماء، وأراد أن يصلي والمسجد فيه ماء، بضعة أمتار عن بيته، لكنه لا يستطيع أن يخرج من البيت في الظلام، أهل العلم يقولون: لا يصح تيممه في هذه الحالة، ومجرد التوهم لا يكفي ما لم يكن المخوف محققاً، ومن أهل العلم من قال: إن مثل هذا الخوف بالنسبة لهذا الشخص أعظم من الخوف المحقق بالنسبة لغيره؛ لأن بعض الناس توهم الخوف، أو توهم المخوف أعظم من المخوف المحقق عند كثيرٍ من الناس، فمثل هذا يكفيه، هذا لا يكلف أكثر مما يطيق، وهذا لا طاقة له بالبحث عن الماء وهو يخاف أن يخرج في الظلام، لكن إذا كان يخاف أن يخرج في الظلام فهل هذا مبرر له أن يصلي في بيته؟ يعني إذا أجاز بعض أهل العلم التيمم له، يعني هل الطهارة آكد من الجماعة وإلا ليست بآكد؟ آكد بلا شك، فإذا كان يصل به الخوف إلى أن يغلب على الظن أنه لو أكره على ذلك لجنَّ، هذا لا شك أنه عذر، يعدل به إلى التيمم، ويترك به صلاة الجماعة، إذا كان يصل به هذا الخوف المظنون غير المحقق إلى حدٍ لو أكره على اقتحامه لجن مثل هذا لا شك أنه معذور.
قال -رحمه الله-: "والتيمم ضربة واحدة، يضرب بيديه على الصعيد الطيب وهو التراب، وينوي به المكتوبة" التيمم ضربةٌ واحدة، ولا بد له من نية عند جماهير أهل العلم، حتى عند الحنفية الذين لا يشترطون النية للوضوء يشترطونها للتيمم، لا يشترطون النية للوضوء، ويشترطونها للتيمم، قلنا: الوضوء من باب الوسائل لا يحتاج إلى نية، طيب التيمم من باب الغايات؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنه وسيلة وليس بغاية الوضوء، كإزالة النجاسة.
طالب:. . . . . . . . .
ورفع الحدث مثل رفع الخبث عندهم.
طالب:. . . . . . . . .
لكن كيف يقولون: إن الوضوء لا يحتاج إلى نية والتيمم يحتاج إلى النية؟
طالب:. . . . . . . . .
(18/13)
________________________________________
يعني أضعف فيحتاج إلى ما يقويه، يعني الوضوء متميز بأفعاله وبأثره، لكن التيمم هو تعبد محض، يعني عقل العلة في الوضوء ظاهرة، لكن هي في التيمم ليست ظاهرة، فهو تعبد محض لا بد فيه من نية، وهو ضعيف، لا يقوم بنفسه، بل لا بد فيه من النية، وعلى كل حال هو تفريق بين متماثلين، والنية لا بد منها في الأمرين؛ لأن كلاً منهما عبادة سواءً كان الوضوء أو التيمم.
التيمم صفته: ضربة واحدة، يضرب بيديه على الصعيد الطيب وهو التراب، وينوي به المكتوبة، ضربةٌ واحدة، وجاء ما يدل على أنه ضربتان، ضربةٌ للوجه وضربةٌ لليدين للكفين، أو اليدين إلى المرفقين على ما سيأتي الخلاف في ذلك، والمرجح أنه ضربةٌ واحدة، ((إنما يكفيك أن تقول بيديك هكذا)) فضرب بيديه مرة واحدة، ((مسح بهما وجهه وكفيه)) وفي رواية ((ويديه)) {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} [(6) سورة المائدة] ففروض التيمم الوجه والكفان، يضرب بيديه كلتيهما دفعة واحدة، يمسح بهذه الضربة، وبما علق بها من الصعيد الطيب الطاهر وجهه وكفيه، يضرب بيديه على الصعيد الطيب وهو التراب {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا} [(6) سورة المائدة] هذا مأمور به.
(18/14)
________________________________________
لكن ما المراد بالصعيد الطيب؟ هل المراد به يعني الطيب يعني الطاهر، يعني الطاهر {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} [(58) سورة الأعراف] البلد الطيب هل يقابل البلد الطيب النجس؟ وأهل العلم يقولون ... ، بل الواقع يشهد بذلك، أن ما خلط، ترابه بالأسمدة التي فيها نجاسة يخرج، بل قد يقصد ذلك، فهل الطيب هنا يقابل النجاسة؟ فيكون المراد بالطيب الطاهر، المراد به؟ الطيب المراد به البركة، الآن {فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا} [(6) سورة المائدة] الوصف له مفهوم وإلا ليس له مفهوم؟ لا شك أن الصعيد النجس لا يجوز التيمم به، ولا يجزئ، فما الذي يقابل الطيب؟ يعني قد يأتي اللفظ في النصوص والسياق على إرادة معنىً في نص دون إرادة المعنى الآخر، فالخبيث في قول الله -جل وعلا-: {وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ} [(157) سورة الأعراف] غير الخبيث في قوله -جل وعلا-: {وَلاَ تَيَمَّمُواْ الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ} [(267) سورة البقرة] الخبيث هذا غير الخبيث هذا، فالسياق هو الذي يحدد {وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَبَاتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} [(58) سورة الأعراف] قد يكون طيب وقد خلط بأسمدة فيها شيء من النجاسة، والطيب هنا لا شك أن النجس لا يجزئ في التيمم، فلعل المراد به الطاهر، الصعيد، إيش معنى الصعيد؟ الصعيد فسر في كتب اللغة بأنه التراب كما هنا، فسر بأنه التراب، وفسر بأنه جميع ما على وجه الأرض، قال: وهو التراب، خصه ببعض معانيه لا سيما وأنه جاء في حديث الخصائص: ((وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) وجاء أيضاً: ((وجعلت تربتها لنا طهوراً)) فهل التراب قيد في الأرض؟ قيد فيها فيحمل المطلق على المقيد أو هو فرد من أفراد ما على وجه الأرض فيكون من باب التنصيص على بعض أفراد العام فلا يقتضي التخصيص؟ لأن عندنا حديث الخصائص: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) وجاء في رواية صحيحة عند مسلم: ((وجعلت تربتها لنا طهوراً)) فإذا قلنا: إن التراب قيد فيكون تربتها مقيد لما أطلق في حديث: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) كما يقول بذلك الشافعية والحنابلة، فلا يجيزون التيمم بغير التراب الذي له غبار يعلق باليد،
(18/15)
________________________________________
الشافعية والحنابلة على هذا أنه لا بد من تراب له غبار يعلق باليد، وإذا قلنا: إن التراب فردٌ من الأفراد التي توجد على وجه الأرض فيوجد على وجه الأرض تراب، يوجد رمل، يوجد أرض سبخة، يوجد أمور أخرى نورة وزرنيخ وأشياء مما يوجد على وجه الأرض، يوجد حصا، فهو فردٌ من أفراد العام، وإذا قلنا: إنه من باب العموم والخصوص قلنا: إنه لا يقتضي التخصيص، لماذا؟ لأن التنصيص على فرد من أفراد العام بحكم موافق لحكم العام، الحكم موافق غير مخالف، فإنه حينئذٍ لا يقتضي التخصيص، وبهذا يقول المالكية والحنفية المالكية والحنفية يقولون بهذا.
والشراح في حديث الخصائص تجدهم كلامهم في كثير من الأحيان يعني كثير من الشراح خلط في هذا، مرةً قال: من باب العام والخاص، ومرة جعله من باب المطلق والمقيد، وعلى كل حال هل التراب فرد أو وصف؟
طالب: فرد.
فرد وإلا وصف؟
طالب: فرد يا شيخ، فرد.
نعم، الأظهر أنه فرد وليس بوصف، وعلى هذا هو من باب الخاص والعام فلا يقتضي التقييد، والموجه هنا هو قول المالكية والحنفية، فيتيمم على بأي شيء على وجه الأرض إذا كان ينفصل منه جزء يعلق بالوجه والكفين، لدلالة قوله: "منه" و (من) هذه للتبعيض.
طالب: قلنا: على وجه الأرض مما هو منها يا شيخ؟
مما هو منها إيه، من الأصل يعني.
منهم من يقول: المقصود هذا البعض الذي يوجد على وجه الأرض وهو الغبار، فإذا وجد الغبار على أي جهةٍ كانت، على جدار مثلاً، وقد تيمم النبي -عليه الصلاة والسلام- من أصل حائط، أو وجد مثلاً على كتاب، أو وجد على حيوان، أو وجد على ثوب، أو ما أشبه ذلك، فكل ما له غبار يعلق باليد يجوز التيمم منه ولو لم يكن على وجه الأرض؛ لأنه لحظ الغاية وهي وصول شيءٍ من هذا الغبار إلى الوجه والكفين، فكأنه تيمم بتراب، يعني هل التراب مقصود لذاته، أو لما ينفصل منه فيعلق بالوجه والكفين.
إذا قلنا: (من) هذه تبعيضية ثبت النفخ، يعني ضرب باليدين ونفخ فيهما، وهل هذا النفخ يزيل جميع ما على اليدين من غبار أو يزيل شيئاً ويبقي شيئاً؟ يصح أن يعلق بالوجه والكفين منه ويبقى شيء، إذاً ما فائدة النسخ؟ لئلاً يكون كثيراً يتأذى به.
طالب:. . . . . . . . .
(18/16)
________________________________________
إيه لكن ألا تكون هذه دلالة اقتران، ممكن، يعني مثل ما قلنا في حديث أبي سعيد وابن عمر إن ((الماء طهور لا ينجسه شيء)) وحديث ابن عمر "القلتين" عموم حديث أبي سعيد هل يخص بمفهوم حديث ابن عمر؟ إيه ممكن هذا، ممكن.
قال -رحمه الله-: "والتيمم ضربةٌ واحدة يضرب بيديه على الصعيد الطيب وهو التراب" وعرفنا أن التراب فرد من أفراد ما على وجه الأرض، فالتنصيص عليه في حديث الخصائص لا يقتضي التخصيص.
"وينوي به المكتوبة، فإذا نوى به المكتوبة بعد دخول وقتها صلى به ما شاء" من نوافل، وكذلك فرائض فائتة، ويقرأ به القرآن، ويطوف بالبيت، ويستبيح به ما يستبيح بالوضوء، لكنه لو نوى به النافلة ما نوى به المكتوبة فإنه يصلي به النافلة، وما دونها في الحكم، يعني يقرأ بها القرآن، لكنه لا يصلي بها فريضة، ولا يطوف بالبيت، وهكذا.
لكن عند من يقول: إنه رافع، هذا على القول بأنه مبيح فقط، وعلى القول بأنه رافع يكون حكمه حكم الوضوء، يصلي به ما شاء من فرائض ونوافل.
من المسائل الغريبة التي تذكر يذكرها أهل العلم وإن كانت يعني تحقيقها ووقوعها ضربٌ من المحال، قالوا: لو توضأ ناوياً بوضوئه مس اللوح المحفوظ، وقل مثل هذا فيما إذا تيمم ناوياً به ذلك ما وجد الماء فيتمم، هل يصلي به؟ هل يقرأ به قرآن؟ هل يصلي به نافلة أو فريضة؟ {لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [(79) سورة الواقعة].
طالب: هو الأعلى يا شيخ هو الأعلى فيستبيح ما دونه.
ترى مثل هذه المسائل تذكر، يعني ما هي بمسألة جديدة، هذه في كتب أهل العلم مذكورة.
طالب: هو توضأ أو تيمم بهذه النية، فهل يستبيح بالوضوء أو التيمم ما يستباح به في الأصل؟ أو يقال: إن هذا عبث لا يستباح به شيء، يمكن أن يقال: هذا عبث لا يستباح به شيء؟ هو نوى بوضوئه أو بتيممه ما لا يصح بدون الوضوء بدون الطهارة، ما لا يصح بدون طهارة، فيستعمل فيما تشترط له الطهارة، والمسألة مبحوثة عند أهل العلم، لكنها ضربٌ من المحال.
يعني هم يفترضون أشياء السامع لها من أول وهلة يقول -مثل ما تفضل الأخ-: ضرب من الجنون.
(18/17)
________________________________________
قالوا في المضطر لأكل الميتة: يجوز له أن يأكل ما دونه لا ما فوقه أو مثله، يجوز أن يأكل ما دونه لا مثله أو فوقه، كيف؟ قالوا: يجوز أن يأكل الميتة من بهيمة الأنعام، يجوز أن يأكل الميتة مما سواها، يجوز أن يأكل آدمياً ميتاً، لكن آدمي حي؟ لا، لأنه مثله، أما الميت دونه، ميت لكنه نبي لا يجوز؛ لأنه فوقه، تفريعات وأمور أشياء يعني كأن فيها بعد، لكن المسألة متصورة بكل سهولة، يعني ما هي بمثل المسألة السابقة.
هذا شخص جاء لزيارة قبر نبي مثلاً، والله -جل وعلا- حرم على الأرض أن تأكل لحوم الأنبياء، فاضطر إلى أكل ميتة، فما وجد إلا هذا القبر، ينبش وإلا ما ينبش؟ نقول: لا؛ لأنه حرمة النبي فوق حرمته وهو حي.
على كل حال مثل هذه المسائل وهذه التفريعات تذكر يذكرها أهل العلم، وإن كانت يعني المسألة الأولى هذه ضرب من المحال، لا ينبغي أن تذكر، وأما الثانية فوقوعها ممكن، وقوعها ممكن فذكرها لا مانع منه.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، لا يجوز له أن يصلي ولا نافلة، لماذا؟ لأن النافلة مجمع على أن الوضوء شرط لها، وقراءة القرآن ليس بمجمع عليه، فالنافلة فوق قراءة القرآن.
هم يبحثون من هذه الحيثية، على كل حال هذا مفرع عن قولهم: مبيح، وإذا قلنا: إنه رافع له أن يصنع ما شاء.
طالب:. . . . . . . . .
لا، غير، الوضوء غير التيمم، الوضوء يرفع الحدث.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، الوضوء اصنع ما شئت، تيممت لقراءة لقرآن تصلي فريضة، الحدث ارتفع.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، يختلف هذا.
"ينوي بها المكتوبة فيمسح بهما وجهه وكفيه" وجهه المطلوب غسله في الوضوء يمسح في التيمم يتسامح في التيمم ما لا يتسامح في الوضوء؛ لأن مبناه على التخفيف، فلو لم يستوعب الوجه كامل، ولو لم يمسح جزء من الرأس تبعاً له للوجه، وقل مثل هذا في الشعر وما تحته يتسامح فيه أكثر من الوضوء.
(18/18)
________________________________________
"وكفيه" والكف إنما هي من أطراف الأصابع إلى الرسغ إلى المفصل وكفيه؟ وجاء التصريح في حديث التيمم ((فمسح بهما وجهه وكفيه)) وهذا قولٌ معروف عند أهل العلم، والدلالة عليه ظاهرة من الحديث، وأما الآية فمطلقة، الآية مطلقة {فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ} [(6) سورة المائدة] فجاءت الآية أو اليد مطلقة في آية التيمم وهي مقيدة في آية الوضوء، ولذا قال جمعٌ من أهل العلم: إن المطلق يحمل على المقيد، فتمسح اليد في التيمم إلى المرفق كالوضوء، وجاء ما يدل على ذلك من السنة، لكنه لم يصح، الأصح، بل الصحيح الكفين.
لماذا لا نحمل المطلق على المقيد؟ السبب واحد وهو الحدث، اتحد السبب، لكن لا يحمل المطلق على المقيد للاختلاف في إيش؟ في الحكم، للاختلاف في الحكم، وإذا اختلف الحكم فإنه لا يحمل المطلق على المقيد، وإن اتحد السبب، والعكس في حمل المطلق على المقيد، فإذا اتحد الحكم وإن اختلف السبب يحمل المطلق على المقيد كالرقبة في آية الظهار، والجماع في نهار رمضان ....
(18/19)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (19)
تابع شرح قوله: "باب: التيمم ... "
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
يقول: إذا كان في سفر ولم يوجد ماء إلا ماء مساحات السيارة هل يجب عليه أن يتوضأ به؟
نعم، لكن من ينتبه لمثل هذا، أما بالنسبة لماء الرديتر الذي يترتب عليه ضرر في السيارة، وارتفاع في الحرارة هذا لا يتوضأ به، يتيمم ولو كان موجوداً، أما بالنسبة للمساحات فإن كان يترتب على تفريغه وإخلائه منه ضرر بحيث تكون زجاج السيارة بحيث تمنع النظر إلى ما ورائها؛ لأن عليه أوساخ تتراكم، يترتب عليه ضرر فهذا مثل ماء الرديتر، وأما إن كان لا يحتاجه، الجو صحو وصافي، والزجاج نظيف، وبإمكانه أن يصل إلى مكان آخر فيعيد الماء أو مثله إلى مكانه فمثل هذا يستعمله، ولا يتيمم وهو موجود على حسب الحاجة إليه.
طالب:. . . . . . . . .
المشقة ما في شيء.
يقول: هل يصح التيمم بعد أن وجد الماء غير نظيف بعد أداء الصلاة وجده، وصلى الصلاة بالتيمم؟
انتهت صلاته وصحت ولا يحتاج إلى قضاء، بعد ذلك وجد هذا الماء غير النظيف، إيش معنى غير نظيف؟ قذر، متغير اللون بسبب طول المكث، آجن هذا ما يضر، يصح الوضوء به في الإجماع، ولا يصح التيمم مع وجوده إلا ما يذكر عن ابن سيرين من كراهته.
على كل حال إذا كان المقصود بالنظافة هنا عدم الصفاء من كدرة، وما أشبه ذلك فهذه لا تؤثر، وإن كانت عدم النظافة تغير الماء تغيراً ظاهراً في لونه أو طعمه أو ظاهره إما بطاهر فيكون غير مطهر إذا تغير وانتقل من كونه ماء إلى غيره أو تغير بنجاسة، فيتيمم مع وجوده حينئذٍ.
طالب:. . . . . . . . .
مسألة؟
طالب:. . . . . . . . .
يتبخر، أول ما ينزل لونه أبيض كاللبن، ثم بعد ذلك يتبخر، والرائحة أقرب إلى ما تكون من جنس ما يطهر به، فتزيدها نظافة ما فيها إشكال، لكن لم يتغير بنجاسة، ولا انتقل من ماء إلى غيره.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا إذا انتقل، الآن صار أزرق ما صار ماء، من شافه ما قال: هذا ماء؟ إذا سلبه الاسم خلاص انتهى، لكن هذا ما يسلبه الاسم، لو تغير بملح مثلاً ما ضره.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
(19/1)
________________________________________
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا. . . . . . . . .، إذا تغير طعمه بملح إيش تقول؟ إذا تغير بغيره، تغير بشيء من الحلا وقع فيه شيء من السكر وما تغير كل من شافه يقول: هذا ماء، الحلا صار حلا، لونه ما تغير من رآه قال: هذا ماء، ويش المانع؟ لم يتأذى به المتطهر ويش المانع؟ إذا ما سلبه اسمه ما في إشكال -إن شاء الله- إذا لم يسلبه الاسم.
يقول: هل يجوز أن تصلى الشفع والوتر مع قيام الليل؟
يعني الأصل أن يصلي من الليل ما شاء بحسب ما يسعفه من الوقت، على ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من أوله، من أثنائه، من آخره، لكن يجعل آخر الصلاة وتراً.
يقول: كيف يصحح طالب العلم نيته؟ ماذا ينوي بالضبط؟ يعني في الطلب، يقول: وتأتيني أفكار كأن أقول: إذا كنت أطلب العلم لله فماذا أفعل بدراسات كل متون العلم الأخرى وقد لا أحتاج إليها في حياتي؟ وإنما أدرسها ليقول الناس: فلان محيط بكل العلوم، فإذا كان لله فقط وهو ينوي رفع الجهل عن نفسه، وأن يعبد الله على بصيرة، فلا تهمني كل هذه العلوم، وكل هذه الكتب، فهل فهمي صحيح؟ وكيف يصحح نيته من كانت هذه خطراته؟
إذا كان قصده بدراسة كل المتون الأخرى المتون التي لا تعين على فهم الكتاب والسنة، يعني قصده بدراسة العلوم التي لا تعين فهم الكتاب والسنة، يعني يقضي وقته بدراسة كيمياء، بدراسة فيزياء، دراسة هندسة، دراسة طب، الناس يحتاجونها، وهي فرض كفاية، لكن بالنسبة لطالب العلم الشرعي هي لا صلة لها مباشرة بنصوص الكتاب والسنة، وإن وجدنا في التفاسير شيء من هذه العلوم أقحمت وأدخلت في شرح كلام الله -جل وعلا-، فهي بعيدة عن فهم الكتاب والسنة، من قرأ في تفسير الجواهر يدرك مثل هذا الكلام، يعني يقحم أشياء إقحام لا علاقة له بالآية، وصارت على حساب غيرها.
(19/2)
________________________________________
العلوم التي تعين على فهم الكتاب والسنة هذه مطلوبة لطالب العلم، كيف يفهم كتاب الله بغير فهم العربية بجميع فروعها؟ قد يقول قائل: أنا أدرس العروض، والعروض ويش الفائدة منه في الكتاب والسنة؟ القرآن ليس بشعر، والنبي -عليه الصلاة والسلام- ليس بشاعر، فماذا أستفيد؟ نقول: تستفيد يا أخي، درسنا الفرائض على الشيخ ابن باز -رحمة الله عليه- سنة (95) فمر بيت في الرحبية فكأن الشيخ رأى أنه منكسر، فقطعه -رحمة الله- وعدله، يعني هل هذا العلم ما يستفاد منه مع أنه علم محصور؟ يمكن الإحاطة به في أسبوع مثلاً، نعم هناك ما هو أهم منه، لكن هذا أيضاً ينفع، فضلاً عن أن تدرس أصول الفقه وقواعد الحديث، وقواعد التفسير، وعلوم العربية بجميع فروعها، كلها لها صلة في فهم الكتاب والسنة.
التواريخ أيضاً لها أيضاً علاقة بالنصوص نصوص الوحيين، لكن لا تكون على حساب الأصل والغاية، كتب الأدب قد يقول قائل: إنها مضيعة للوقت، لا سيما الأدب الذي يسمونه أدب الدرس لا أدب النفس، كتب المطولات التي تسمى في الأدب، والأحرى بكثير منها أن تسمى بكتب قلة الأدب، أو عدم الأدب، ومع ذلك أسوأ كتاب في الأدب كتاب: الأغاني، لو تقرؤون في كلام أهل العلم وجدتموهم استفادوا من هذا الكتاب، ولا يعني أن طالب العلم يضيع وقته في قراءة هذا الكتاب، لا، إنما ما يخلو من فائدة.
وذكر الحافظ ابن حجر -رحمه الله- في نكته على ابن الصلاح، ذكره السخاوي أيضاً أن قول أبي حاتم في جبارة بن المغلس: "بين يدي عدل" كان الحافظ العراقي يراها من ألفاظ التعديل، ويقرأها: بين يديّ عدلٌ، الحافظ ابن حجر لما رأى أقوال أهل العلم كلها تصب في تضعيف الرجل فكيف يقول أبو حاتم مع أنه من أشد الناس: "بين يديّ عدلٌ" فبحث عن هذه المسألة، ووجد طرف الخيط في أدب الكاتب، فقال: العدل بن جزء بن سعد العشيرة كان على شرطة تبع، فكان تبع إذا أراد أن يقتل أحداً سلمه إلى هذا العدل، فقال الناس: بين يدي عدل، يعني هالك، هذا في أدب الكاتب لابن قتيبة.
(19/3)
________________________________________
وفي الأغاني يقول الحافظ -لأبي الفرج الأصبهاني- وهو كتاب سيء جداً، ومؤلفه أسوأ، على كل حال يقول في الأغاني: كان طاهر القائد على مائدة ومعه إبراهيم بن الرشيد، وكان صغيراً وطاهر أعور لا يبصر بإحدى عينيه، وعلى المائدة أخذ إبراهيم هندبات فضرب بها عين طاهر المبصرة، فشكاه إلى أبيه، فقال: فعل إبراهيم ما فعل، والأخرى بين يدي عدل، يعني فعل ما فعل بالصحيحة، والأخرى بين يدي عدل، يعني تالفة هالكة، ويوجد أيضاً يعني يرد من الكتب المستعملة فيها هذه الكتب، وفيها أيضاً ما يدل على أن العلماء قرؤوها، وعلقوا عليها، لكن متى هذا؟ إذا لم يخش الإنسان على نفسه؛ لأن فيها أشياء لا ينبغي أن يطلع عليها صغار الطلاب أو متوسطيهم، فيها إسفاف في الكلام، وفيها أيضاً شرح لبعض الأشياء التي لا ينبغي أن تشرح للشباب.
على كل حال العلوم .. ، التكامل مطلوب، وكم من مشكلة أشكلت في فهم نص وحلت في كتابٍ لا علاقة له بالعلم الشرعي.
وهذا يقول: ماذا أفعل بدراسة كل متون العلم الأخرى وقد لا أحتاج إليها في حياتي، وإنما أدرسها لقول الناس فلان محيط بكل العلوم؟
هذا لو تدرس القرآن ليقول الناس: إن فلان حافظ للقرآن، وضابط للقرآن كنت مع الثلاثة الذين هم أول من تسعر بهم النار، فكونك تدرس الأغاني، أو تدرس الكامل لابن الأثير ليقال: إنه مطلع على التاريخ أسهل بكثير من أن تدرس الكتاب والسنة ليقال:
ومن يكن ليقول الناس يطلبه ... أخسر بصفقته في موقف الندمِ
وعلى الإنسان أن يهتم لنيته.
فإذا كان لله فقط وهو ينوي رفع الجهل عن نفسه، وأن يعبد الله على بصيرة فلا تهمني كل هذه العلوم؟
نعم إذا وصلت إلى حد البصيرة يكفي، لكن متى تصل إلى البصيرة؟ إذا فهمت الغاية التي هي نصوص الوحيين، ونصوص الوحيين لا تفهمها إلا بالوسائل التي رتبها أهل العلم، بفهم الكتاب والسنة.
يقول: فهل فهمي صحيح؟ وكيف يصحح نيته من كانت هذه خطراته؟
(19/4)
________________________________________
على كل حال المقصود الغاية، وكل ما قرب منها، ينال من الأهمية بقدر قربه من هذه الغايات، وما بعد منها يكون على التراخي، بعد أن تضبط الغاية، وما يعين على فهمها، وما يقرب منها، فإن فضل في الوقت شيء فيطلع على مثل هذه الكتب، والاطلاع على التواريخ لا شك أنه في غاية الأهمية؛ لأن فيها العبرة والعظة، وفيها أيضاً متعة واستجمام للذهن، وعلى طالب العلم أن يعنى بها.
أيضاً كتب الأدب يعني تفيد طالب العلم استجمام، وفيها أيضاً تقوية للعبارة والأسلوب، يستفيد منها طالب العلم، وفيها أيضاً تنفيس، تجد المعلم الذي له عناية بهذه الكتب دروسه ماتعة، إذا نوع في الدرس استمتع بها الطلاب، ونشطوا للتحصيل، بينما لو كان في فنه لا يخرج عنه أبداً هو يكسب الوقت، وينهي الكتاب، لكن تجد الطلاب يعني مشدودين، ما في ما ينفس عنهم، والقلوب إذا كلّت مشكلة، إذا تتابع عليها متين العلم تكل وتمل، فلا بد من هذا التنفيس.
بقي مسألة تتعلق بالتيمم وهي تعارض حديث الخصائص مع بعض رواياته: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) مع قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((وجعلت تربتها لنا طهوراً)) وعرضنا المسألة في الدرس الماضي، وقلنا: إنها إن كانت من باب العموم والخصوص فلا تخصيص؛ لأن حكم الخاص موافق لحكم العام، ويكون التنصيص على الخاص إنما هو لمزيد العناية به، فيحرص المتيمم على أن يتيمم بالتراب، إذا ما وجد فغيره يجزئ؛ لأنه صعيد طيب طاهر، وإذا قلنا: إنه من باب الإطلاق والتقييد، وأن التربة من أوصاف الأرض قلنا: يحمل المطلق على المقيد، وحينئذٍ يتجه قول الشافعي والحنابلة.
وواحد من الإخوان أبدى لفتة طيبة جزاه الله خير، وهي مهمة في الموضوع، يقول: لماذا لا يكون من باب تخصيص العام بالمفهوم، التخصيص بالمفهوم معروف عند أهل العلم، حتى أنا في وقتها قلت: إنه مثل تخصيص حديث: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) خصص بمفهوم حديث: ((إذا بلغ الماء قلتين لم يحمل الخبث)) وهذا عند الشافعية والحنابلة ظاهر، خصصوا بالمفهوم، هذا إذا صححنا حديث القلتين، وإذا ضعف وقد ضعف بالاضطراب، وتقدم الكلام فيه، ما يرد مثل هذا.
(19/5)
________________________________________
التخصيص بالمفهوم يقول به بعض أهل العلم؛ لأن عندنا تعارض بين منطوق قوي مع ضعفه من جهة كونه عاماً، وعندنا مفهوم ضعيف معارض لمنطوق قوي إلا أن قوته في خصوصه مقابل عموم النص الآخر، فعندنا في كل حديث جهتان، جهة قوة وجهة ضعف، أظن أشرنا إلى هذا في المياه.
كيف نخصص عموم حديث الخصائص: ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) بمفهوم رواية: ((وجعلت تربتها لنا طهوراً))؟ مفهوم النص نص التربة يعني منطوقه موافق لحكم العام فلا يخصص به، انتهينا، مفهومه الذي هو مفهوم المخالفة مخالف لحكم العام، فيخصص به نظير ما خصصوا حديث: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) بمفهوم حديث القلتين.
طيب شيخ الإسلام -رحمه الله- يصحح حديث القلتين ولم يقل بمفهومه، عمل بمنطوقه؛ لأنه موافق للمنطوق القوي الذي هو أقوى منه، ألغى مفهومه لأنه معارض بمنطوق، يقول: يُعمل بمنطوقه دون مفهومه.
وعندنا أيضاً رواية التربة، إذا قلنا بقول شيخ الإسلام قلنا: يعمل بمنطوقها الموافق للعام، ويلغى مفهومها المخالف للعام؛ لأنه مفهوم يعارض منطوق، وعلى كل حال المسألة مثل ما ترون، يعني تحتاج إلى قشة في الترجيح، يعني عندنا نصان أحدهما قوته بكونه منطوق دلالته في محل نطقه، وضعفه في عمومه، ونصٌ آخر قوته في خصوصيته في كونه خاصاً، وضعفه في كونه مفهوماً لا منطوقاً.
الحافظ العراقي ذكر الروايتين، ذكر حديث الخصائص العام، وذكر الخاص في ألفيته، وفي باب زيادات الثقات، يقول -رحمه الله-:
واقبل زيادات الثقات منهمُ ... ومن سواهم فعليه المعظمُ
وقيل لا وقيل لا منهم وقد ... قسمه الشيخ وقال: ما انفرد
دون الثقات ثقة خالفهم ... فيه صريحاً فهو رد عنده
أو لم يخالف فاقبلنه ... وادعى فيه الخطيب الاتفاق مجمعا
أو خالف الإطلاق -ننتبه لهذه-
أو خالف الإطلاق نحو: جعلت ... فالشافعي وأحمد احتجا بذا
تربة الأرض فهي فردٌ نقلت ... والوصل والإرسال من ذا أخذا
أو خالف الإطلاق ...
(19/6)
________________________________________
يعني كأن الحافظ العراقي يجعله من باب الإطلاق والتقييد، وعلى هذا يحمل المطلق على المقيد "فالشافعي وأحمد احتجا بذا" لأن حمل المطلق على المقيد بهذا، حمل المطلق على المقيد لاتحاد في السبب والحكم معروف هذا اتفاق في مثل هذه الصورة "فالشافعي وأحمد احتجا بذا" فقالوا: يحمل المطلق على المقيد بالتربة، الأرض المطلقة تحمل على المقيدة بالتربة، فجعله من باب الإطلاق والتقييد.
نشوف ما قال الشارح، قال: أو خالف الإطلاق فزاد لفظةً معنوية، يعني في معناها ما يخالف ما في اللفظ الآخر، فزاد لفظةً معنوية في حديث لم يذكرها سائر من رواه، نحو جعلت تربة الأرض بالنقل ((تربة الأرض لنا طهوراً)) في حديث: ((فضلت على الناس بثلاث)) ... إلى آخره، و ((جعلت لنا الأرض مسجداً)) فهي -يعني زيادة التربة- فردٌ نقلت، تفرد بروايتها أبو مالك سعد بن طارق الأشجعي عن ربع بن حذيفة أخرجها مسلم في صحيحه.
وكذا أخرجها ... إلى آخره، وسائر الروايات الصحيحة من غير حديث حذيفة لفظه: ((وجعلت لنا الأرض مسجداً وطهوراً))، فقال: قال -رحمه الله- فهذا وما أشبهه يشبه القسم الأول من حيث إن ما رواه الجماعة عام.
شوف في المتن قال: أو خالف الإطلاق، وهنا قال: إنما رواه الجماعة عام، وهذا الذي نقول: إن بعض الشراح حتى في شراح الحديث خلط بعضهم، أحياناً قال: عام وقال: خاص، وأحياناً مطلق، وأحياناً يقول: مقيد، حتى الواحد منهم قد يجعلها من النوعين.
طالب:. . . . . . . . .
إيه ويش أجل؟ هو فقيه، فقيه أصولي، له مؤلفات يمكن أكثر من كتبه في الحديث، مع أنه أثري.
نعم قد يغفل الإنسان عند الحديث المرسل كذا، يعني بدون كتابة، لكن في الكتابة يحرر، يعني هو الإنسان يدرس ويتكلم إلقاء قد يسبق لسانه إلى إطلاق أو إلى عموم وما أشبه ذلك، لكنه عند الكتابة لا بد من التحرير.
(19/7)
________________________________________
من حيث إن ما رواه الجماعة عامٌ، يعني لشموله جميع أجزاء الأرض، وما رواه المنفرد بالزيادة مخصوص يعني بالتراب، فجعله السخاوي الشارح من العام والخاص، وفي ذلك مغايرة في الصفة، رجعنا إلى كونه تقييد؛ لأن التقييد تقليل الأوصاف، والتخصيص تقليل الأفراد، وفي ذلك مغايرة في الصفة هذا خلط أيضاً، ونوع مخالفة يختلف بها الحكم، ويشبه أيضاً القسم الثاني من حيث إنه لا منافاة بينهما، لا منافاة من حيث الحكم، يعني يجوز التيمم بالعام ويجوز أيضاً بالخاص، فحكم الخاص موافق لحكم العام، فالشافعي بالإسكان، وأحمد احتج بذا، أي باللفظ المزيد هنا، حيث خصا التيمم بالتراب.
يقول النووي في شرح المهذب: مذهبنا أنه لا يصح التيمم بتراب، هذا هو المعروف في المذهب، وبه قطع الأصحاب، وتظاهرت عليه نصوص الشافعي، وبه قال أحمد وابن المنذر وداود، وقال أبو حنيفة ومالك: يجوز بكل أجزاء الأرض حتى بصخرة مغسولة، هذا في شرح المهذب في الجزء الثاني صفحة ثلاثة عشرة ومائتين، ونحوه لابن قدامة في المغني.
الآن اتضح الكلام، يعني من قال بجواز التيمم بغير التراب عمل بالنص العام، ولم ير الخاص معارضاً له للاتحاد في الحكم، ومن قال بعدم جواز التيمم بغير التراب نقول: المعروف عند الشافعية والحنابلة أنه لا يتيمم إلا بتراب له غبار يعلق باليد، وهذا مقتضى قوله -جل وعلا-: {مِّنْهُ} [(6) سورة المائدة] يعني لا بد أن يبقى شيء بحيث يمسح به أعضاء التيمم منه، بشيء منه، وهذه للتبعيض، والحنفية والمالكية عملوا بالعموم، اللي هو العموم ((جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً)) هو قويٌ بمنطوقه، المنطوق أقوى من المفهوم.
طالب:. . . . . . . . .
(19/8)
________________________________________
لا، المنطوق دلالة المنطوق في الحديث والتيمم بجميع ما على وجه الأرض قوية، باعتبار أنها دلالة منطوق، الضعف من حيث العموم، الخاص أقوى من العام، معارضه الروايات الأخرى ((جعلت تربتها)) قوتها في خصوصها، وضعفها في كونها مفهوم، يعني مثل حديث القلتين مع حديث: ((إن الماء طهور لا ينجسه شيء)) ولذلك شيخ الإسلام لما نظر إلى قوة المنطوق وضعف المفهوم ألغى المفهوم، بعض الإخوان فهم من عرض المذاهب في كون التيمم مبيح ورافع، وما ذكرناه من أن بعض أهل العلم يراه رافعاً رفعاً مطلقاً كالماء، فهم منه أن الإنسان يستمر على تيممه، ولا ينتقض تيممه إلا بما ينقض الوضوء ولو وجد الماء، يعني يستمر يصلي به ما دام على طهارة، نقول له هذا ما قال به أحد؛ لأن أصل التيمم شرطه عدم وجود الماء، لكن الفرق بين من يقول: إنه رافع رفع مطلق، وبين من يقول: إنه رافع رفع مؤقت الفرق بينهما إنما يظهر في الجنابة، ظهوره في الجنابة، فمن تيمم بعد أن أجنب، ثم وجد الماء هل نقول: عليك الغسل؛ لأن رفعه للجنابة رفع مؤقت، حتى وجدت الماء ((فإذا وجد الماء فليتق الله وليمسه بشرته)) أو رفع الحدث رفعاً مطلقاً بمعنى أن الجنابة ارتفعت ولا تعود إلا بسببٍ جديد.
هنا يظهر الخلاف، إذاً ما الفرق بين من يقول: إنه يرفع رفع مؤقت وبين من يقول: إنه مبيح؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، الذين يقولون: إنه مبيح عندهم تقييدات كثيرة تأتي -إن شاء الله- في الدرس القادم، والذين يقولون: إنه يرفع رفع مؤقت قبل وجود الماء مع عدم الماء حكمه حكم الوضوء، والذين يقولون: إنه مبيح يقولون: لا، ليس حكمه حكم المبيح، إذا تيمم للأدنى لا يفعل به الأعلى، وإذا خرج الوقت بطل التيمم ولو لم يجد الماء، الذين يقولون: إنه رافع يقولون: ما يبطل التيمم إلا بمبطلات الوضوء، أو وجود الماء، اشترط نفيه في الأصل الذي هو وجود الماء، وأما كونه مثل الوضوء أو مثل الغسل من كل وجه، بحيث أنه يستمر طاهراً ولو وجد الماء هذا ما قال به أحد، وليس من مقتضى الإطلاق عند من يقول: إنه يرفع رفعاً مطلقاً.
طالب:. . . . . . . . .
(19/9)
________________________________________
لا، لا. . . . . . . . . لكن لو أجنب مرة ثانية عليه أن يعود، ولذلك في شرح الحديث: ((فليتق الله وليمسه بشرته)) يتجاذبه القولان، ((فليتق الله وليمسه بشرته)) عما مضى من حدث أو لما يستقبل؟ يعني هل شيخ الإسلام يقول: إن الجنب إذا تيمم عن الجنابة يرجع فيغتسل؟ ما يقول هذا، ما يقول بهذا شيخ الإسلام، وكل من يقول: إنه رافع رفع مطلق، أما الرفع المؤقت وإن كان في كلام شيخ الإسلام ما يفيد أنه يرفع رفع مؤقت في بعض الصور، لكن لا شك أن شيخ الإسلام يرى أنه رافع وليس بمبيح، فهناك اشتراك بين الأقوال، فالقول بأنه يرفع رفعاً مؤقتاً هذا هو القول الوسط في المسألة، ويشبه القول بأنه مبيح من وجه، ويشبه القول بأنه يرفع رفع مطلق من وجه، وقلنا: إن المسألة إنما تظهر فائدتها فيمن تيمم عن الجنابة، ثم صلى بهذا التيمم، ثم وجد الماء.
((فليتق الله وليمسه بشرته)) عن الحدث الماضي عن الجنابة الماضية يتفقون على أنه لا يمسه بشرته عن الوضوء الماضي مثلاً، إلا إذا كان الوقت باقٍ على خلافٍ في المسألة معروف هذا، وأما بالنسبة للجنابة فالمرجح أنه يمسه بشرته عن الجنابة الماضية، ولو قلنا: لما يستقبل من أحداث كما قال بعضهم لقلنا: إن النص مؤكد، وعلى الفهم الأول يكون مؤسس لحكم جديد، والتأسيس عند أهل العلم خيرٌ من التأكيد.
طالب:. . . . . . . . .
ولا أمره بالإعادة؟ الوصف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، لو قلنا بمقتضى هذا الوصف لقلنا: عليه الإعادة، الجنب يعيد، لو قلنا: إنه جنب لقلنا بالإعادة، هذا يستدل به من يقول: إنه مبيح لا يرفع، وصف الجنب باقٍ.
طالب:. . . . . . . . .
رفعاً مؤقتاً إلى أن يجد الماء، فالحدث ارتفع أثناء عدم الماء، فإذا وجد الماء عاد الحدث، فيكون رفعاً مؤقتاً، وهذا القول هو الوسط بين القولين، ولعله هو الراجح.
طالب:. . . . . . . . .
الماضي وإلا المستقبل؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، محل إجماع، إلا إذا كان في الوقت، منهم من قال: إنه يعيد في الوقت، على ما سيأتي -إن شاء الله-.
طالب:. . . . . . . . .
(19/10)
________________________________________
أقول: هذه المسألة -المسألة اللي أعدناها- مسألة دقيقة ترى يا إخوان، أقول: حتى الشراح يخلطون أثناء الشرح، أثناء الشرح الواحد يخلطون، فيجعلها بعضهم أحياناً في كلامه يومي إلى أنها إطلاق وتقييد، ثم يعود إليها على أنها خاص وعام، فالمسألة تحتاج إلى انتباه.
طالب:. . . . . . . . .
يا دكتور هو في المنطوق ...
طالب:. . . . . . . . .
لا، إذا قلنا: إنه من باب الخاص والعام، ونظرنا إلى المنطوق فقط، قلنا: المنطوق موافق لحكم العام، موافق؛ لأن الحكم واحد، وإذا قلنا: بمفهومها وهو أن غير التراب لا يصح في التيمم ولا يجزئ قلنا: إنه خاص، فالقوة في المفهوم، وحكمه حينئذٍ مخالف لحكم العام، حكم المفهوم عدم الصحة، وحكم المنطوق -منطوق العام- الصحة، وهذا مخالف لحكم العام فيخص به عند من يقول بالتخصيص بالمفهوم.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو المعروف عن مذهب الحنفية أنهم يجيزون مثل هذا، إذا كان التعامل مع غير المكلف كالحربي ونحوه يتعامل معه على أي عقدٍ كان، لكن المسلم يتدين بدين، يكلف بالأوامر والنواهي، عليه أن تكون عقوده موافقة لما جاء عن الله وعن رسوله، بغض النظر عن كونه عقد مع من يتدين بالدين أو لا.
بعضهم معروف عند بعض الحنفية أنهم يجيزون الربا مع الكافر.
طالب:. . . . . . . . .
الخمر ويش بيسوون؟ يبيعون عليه؟ حتى من يتدين بشربه على النصراني أو شبهه، الذين تباح لهم، يعني ممن تباح لهم في دينه.
طالب:. . . . . . . . .
أنا ما يحضرني شيء الآن، يراجع.
طالب:. . . . . . . . .
والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
(19/11)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (20)
"وإن كان به قرحٌ أو مرضٌ مخوف وأجنب فخشي على نفسه الماء غسل الصحيح من جسده، وتيمم لما لم يصبه الماء ... "
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وإن كان به قرحٌ" يعني جرح أو دمل، أو ما أشبه ذلك مما يؤثر فيه الماء، أو مرض يؤثر فيه مباشرة الماء، والمريض لا شك أنه يتأثر من الوضوء، يعني ترتفع عليه الحرارة والماء يبرد، ومع ذلك يزيد مرضه، وهذه من العجائب، يعني أكثر ما ترتفع الحرارة في الشتاء تزيد الحرارة في الشتاء بسبب البرد، وإذا بوشرت بشيء بارد زاد المرض، وجاءت الرحضاء، وما أشبه ذلك، المقصود أن مثل هذه الأمور إذا كان المريض يتأثر بمباشرة الماء فإنه يتيمم.
"وإن كان به قرحٌ أو مرضٌ مخوف -يخشى على نفسه منه بحيث يغلب على ظنه أنه يهلك- وأجنب فخشي على نفسه الماء غسل الصحيح من جسده، وتيمم لما لم يصبه الماء".
"إن كان به قرحٌ أو مرض مخوف وأجنب" إن كان به قرح يعني جرح أو بثرة أو دمل، أو ما أشبه ذلك، يخشى أن يزيد بسبب استعمال الماء، أو كان به مرض مخوف، قوله: "مخوف" يدل على أن المرض العادي الذي لا يخاف منه وإن زاد قليلاً بمباشرة الماء أنه لا يتيمم له، وأجنب مفهوم عبارة المؤلف أنه لا يتيمم إذا كان حدثه أصغر؛ لأن الوضوء ضرره أقل بكثير من الغسل، ضرر الوضوء أقل بكثير من الغسل، ومع ذلك أهل العلم يقولون: إذا كان المريض يتضرر بالوضوء عدل عنه إلى التيمم، وكذلك إذا كان لا يستطيع استعمال الماء، مريض على سريره لا يستطيع أن يتوضأ، ولا يوجد من يوضئه فإنه حينئذٍ يعدل إلى التيمم.
"أو مرض مخوف وأجنب" عرفنا أن مفهوم عبارة المؤلف أنه في الحدث الأكبر خاصة، في الجنابة، أما في الحدث الأصغر فلا بد من الوضوء، ولو كان به مرض مخوف، ولو كانت به جروح وقروح فإنه لا يتيمم.
(20/1)
________________________________________
"فخشي على نفسه الماء" يعني من استعماله على الصحيح "غسل الصحيح من جسده" يغسل الصحيح هذا إذا كانت به قروح، أما إذا كان به مرض مخوف شامل لجميع بدنه فإنه يعدل إلى التيمم ولا يغسل شيئاً إلا إذا كان في بعض أطرافه ما يمكن غسله من غير خوف، أو زيادةً لهذا المرض المخوف "غسل الصحيح من جسده، وتيمم بما لم يصبه الماء" هذا في النسخة، وفي نسخ أخرى (لما) وهذه أظهر وأوجه "وتيمم لما لم يصبه الماء"
لو افترضنا أن في وجهه جرح، أو في ذراعه جرح، أو في رجله جرح، في رأسه جرح، فإنه يغسل ما يستطيع غسله، الأعضاء الأخرى لا بد من غسلها، ويغسل ما يستطيع غسله من هذا العضو، إذا لم يستوعب الجرح العضو فإنه يغسل ما يستطيع غسله، ويتيمم للباقي، فعندنا هذه مسألة غير الجبيرة، في آخر مسألة في الباب الجبائر، في يده جرح، لو أصابه الماء تألم به ألماً شديداً، وتأخر برؤه فإنه يغسل جميع الأعضاء ويغسل هذه اليد إلا موضع الجرح.
عند المؤلف يتيمم، لكن أمكن مسحه وهو أولى من التيمم، إن أمكن مسحه بالماء هو أولى من التيمم.
(20/2)
________________________________________
المسألة الثانية: إذا كان هذا الجرح باليد متى يتيمم؟ لأنه قال: "غسل الصحيح من جسده وتيمم لما لم يصبه الماء" ما قال: ثم تيمم، قال: وتيمم في وقته، يعني إذا غسل الوجه، ثم غسل اليد اليمنى التي افترضنا أن فيها الجرح، غسل ما أمكن غسله، وتيمم للجرح؛ لأن الترتيب شرط، بل يسمونه ركن، من فروض الوضوء، لا بد منه الترتيب، فيتيمم ثم يغسل اليد اليسرى ثم يمسح الرأس ويغسل الرجلين، ولو قدر أن الجرح في الوجه يغسل ما يمكن غسله ثم يتيمم، أو يتيمم ثم يغسل ما يمكن غسله؛ لأن الوجه عضو واحد، لكن الكلام فيما إذا كان الجرح في أثناء الوضوء، إذا كان في الوجه، أو في الرجل سهل يعني، إما أن يتيمم قبل أو بعد الفراغ من الوضوء إذا كان في الرجل، لكن إذا كان في أثناء الوضوء، فالذي مشى عليه الأصحاب في المذهب أنه يتيمم في وقته، غسل الوجه، ثم غسل ما يمكن غسله من اليد، وتيمم لما لم يمكن غسله، ثم غسل اليد الثانية ثم أكمل الوضوء، هذا فيه مشقة وإلا ما فيه مشقة؟ فيه مشقة، لكن لو أكمل الوضوء على هذه الطريقة، ثم تيمم ما الذي يترتب عليه؟ يترتب عليه إخلال بالترتيب، الإخلال بالترتيب هذا في الوضوء، أما في الغسل فيه إشكال وإلا ما فيه إشكال؟ أن يؤخر التيمم ما فيه إشكال؛ لأن الغسل ما يلزم فيه ترتيب، لكن لو أخر التيمم إلى أن انتهى من ما يمكن غسله من الوضوء، ثم تيمم عن المحل الذي يتأثر بالماء.
عرفنا أن المذهب الذي يقرره الأصحاب أنه يتيمم في وقته لوجوب الترتيب، وشيخ الإسلام -رحمه الله- يميل إلى أنه يتيمم إذا فرغ من وضوئه.
يقول: "والفصل بين أعضاء الوضوء بالتيمم بدعة"
طالب:. . . . . . . . .
(20/3)
________________________________________
هذا كلامه، شيخ الإسلام مثل ما سمعتم يقول: "الفصل بين أعضاء الوضوء بالتيمم بدعة" فعلى هذا يتيمم، والتيمم يعني وجه كونه، أقول: وجه كونه يجوز تأخيره ولا يخل بالترتيب أنه بالنسبة للوضوء اتقى الله ما استطاع، ثم أتى بطهارة ترفع الحدث كاملاً، يعني لو تفردت يعني طهارة كاملة، يعني في الوضوء اتقى الله ما استطاع وغسل ما يمكن غسله، حتى انتهى من وضوئه، ثم جبر هذا النقص بطهارة أخرى يعني هل يقال مثلاً: أنت الأصل ضربة واحدة للوجه والكفين، هل يقول قائل: إنك تتيمم تضرب ضربة واحدة بقدر الجرح، أو تضرب كالتيمم الكامل للطهارة الكاملة، إذاً هذه طهارة كاملة، وبالنسبة للغسل اتقى الله ما استطاع، فإذا جبر هذا النقص بتيمم كامل كما لو لم يجد الماء فحينئذٍ لا إشكال، كما قرر ذلك شيخ الإسلام وغيره يعني في المذاهب الأخرى، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟
طالب:. . . . . . . . .
فيه إشكال؟
طالب:. . . . . . . . .
لأنه عطف بالواو، تيمم.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن هو مفهوم عبارته، لكن لو وجد هذا الجرح في أعضاء الوضوء ما يتيمم له عند المؤلف؟ يعني يفهم من عبارته.
طالب:. . . . . . . . .
(20/4)
________________________________________
ترى التأليف عند المتقدمين لا سيما في مثل هذه المتون، وإلا هذا من أوائل المتون، يعني ما يحاسب المؤلف مثل ما يحاسب صاحب الزاد وصاحب الدليل وغيره على منطوق العبارة ومفهومها؛ لأنهم كانوا ماشين على .. ، في أوائل التصنيف ما يحاسبون مثل ما يحاسب المتأخر بعد تحرير المسائل وتنقيحها وتدقيقها، والتصنيف في أوله لا بد أن يكون فيه نقص وفيه خلل، ولو لاحظنا جميع المتون في سائر العلوم في جميع العلوم وجدناها على هذه الطريقة، يعني يبدأ التصنيف فيه شيء من النقص، ثم يأتي من يكمل هذا النقص، ثم يأتي من يكمل هذا النقص، ثم يأتي من يلاحظ ويغير ... إلى آخره، فالتصنيف في بدايته لو نظرنا في علوم الحديث مثلاً، التصنيف في علوم الحديث، يعني من أول ما صنف في علوم الحديث (المحدث الفاصل) يعني هل يمكن أن يتمرن طالب علم في علوم الحديث على المحدث الفاصل؟ ما يمكن، فيه إعواز كبير في الباب، فيه إعواز كبير، وقل مثل هذا لو أخذ المعرفة للحاكم، نعم يستفيد منها ولا غنية له عنها بعد أن يأخذ الكتب للمتأخرين التي فيها تفاصيل العلم.
قد يقول قائل: إذا كان هذا المتن من المتون المتقدمة، والكلام عن المتون المتقدمة بهذه الصورة لماذا عدلنا إلى هذا الكتاب مع وجود الكتب المتأخرة التي احتوت هذا الكتاب؟ ورفت ما فيه من خروق.
إيه بيّنا هذا في أول الأمر أننا نبي نمشي بالفقه على التدريج، ونعرف طريقة المتقدمين في التصنيف، ونعرف ما لهم وما عليهم، ثم بعد ذلك إن كان في العمر بقية يؤخذ متن من متون المتأخرين.
ولأهمية هذا المتن معروف شروحه أوصلها بعضهم إلى ثلاثمائة، متن أقول: معتمد عند أهل العلم، ومع ذلك لا يمكن محاسبته في قوله: "وأجنب" أننا نجزم أن المؤلف لا يرى التيمم في الحدث الأصغر في هذه الصورة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
فيكون الحدث الأصغر من باب قياس الأولى.
طالب:. . . . . . . . .
لا هو يمكن أن يقال هذا، ويمكن أن يقال عكسه؛ لأن الضرر في الوضوء أقل من الضرر في الغسل.
طالب:. . . . . . . . .
(20/5)
________________________________________
لا، بس أنت لاحظ أن المتأخر لو تنظر إلى كلام الزاد (الحجاوي) اطلع على الانتقادات على الخرقي وتلافاها، ومن جاء بعده اطلع على الملاحظات عليها وتلافاها، فالشروح بينت بعض الملاحظات، يعني لم قرأ المغني، وعرف ما في عبارة الخرقي من انتقاد تلافاها في كتابه، وهو تصنيف البشر ترى {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا} [(82) سورة النساء] وأكثر المسائل مبنية على فهوم، فما يعني أن المتون المتقدمة أضبط وأتقن من المتون المتأخرة، ما يلزم.
لا شك أن علم السلف أقوى من علم الخلف، وأشد وأعظم بركة، وإن كان أقل، وابن رجب -رحمه الله- في فضل علم السلف على علم الخلف، قال: "ومن فضل عالماً على آخر بكثرة كلامه فقد أزرى بالمتقدمين" يعني لما توازن بين الإمام أحمد وبين شيخ الإسلام، الإمام أحمد في المسائل يقول كلمة، وشيخ الإسلام يبسط فيها مجلد، إن فضلت شيخ الإسلام بهذه الطريقة؛ لأنه يطيل ويسهب ويفصّل على الإمام أحمد يقول: أزريت بالمتقدمين، هذه طريقتهم، لا يقصدون إلى بسط المسائل بسطاً يعوقهم عن تحصيل غيرها، ولذلك بعض المشايخ من الموجودين يرى أن الكلام على مثل هذا المتن بقدره، يعني يمكن نقرأ خمس صفحات في درس واحد ونمشيها، لكن ما هي بهذه، الآن لا بد من البسط؛ لأن هناك اصطلاحات لا بد من بيانها، وهناك لأنهم بالنسبة للمتقدمين يكفيه كلمة، لماذا؟ لأنه يعرف كيف يتعامل مع هذه الكلمة سليقة، لكن الآن ارتبط الناس بالاصطلاحات لا بد من تفهيمهم العلوم على هذه المصطلحات.
(20/6)
________________________________________
"وإذا تيمم صلى الصلاة التي قد حضر وقتها" بعد الزوال تيمم لصلاة الظهر، فصلى صلاة الظهر، وصلى قبلها الراتبة، وصلى بعدها الراتبة، صلى الصلاة التي قد حضر وقتها "وصلى به فوائت" تيمم بعد الزوال لصلاة الظهر، ثم ذكر أن صلاة العشاء باطلة، صلاها بغير طهارة، أو نسيها يصليها بنفس التيمم ما يحتاج إلى تيمم جديد، يصلي به صلاتين في الوقت الواحد "وصلى به فوائت إن كانت عليه" والتطوع، ومقتضى كلامه في صلاة الفوائت بنفس التيمم أنه يجمع بين الصلاتين بنفس التيمم، يجمع وإلا ما يجمع؟ لأنه ربطه بالوقت، فيصلي ما دام الوقت باقياً ما شاء من نوافل، ويصلي به فرائض فريضة الوقت، وما يجمع إليها، وما نسيه أو ما فاته من صلوات؛ لأنه ارتبط بالوقت.
من أهل العلم من يرتبط بالفريضة بالفرض، تيمم لصلاة الفرض ما يصلي إلا صلاة الفرض، يصلي به نوافل لأنها أقل من الفريضة، لكن ما يصلي به فوائت، ولا يصلي به صلاة تجمع إلى هذه الصلاة؛ لأن كل صلاة أصل برأسها، لإباحاتها لا بد من التيمم.
والمذهب معروف الارتباط بالوقت، لكن قوله: إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى، مفهوم هذا الكلام أنه يستمر على طهارة ما لم يجد الماء إلى أن يدخل وقت صلاة أخرى، وغيره يقول: إلى أن يخرج الوقت، إلى أن يخرج وقت الصلاة التي تيمم لها، فإذا خرج الوقت بطل التيمم.
ما الفرق بين العبارتين؟ الفرق في صورتين: في وقت صلاة الفجر، وأنه ينتهي بطلوع الشمس، ومقتضى كلامه أنه يمتد إلى زوال الشمس، إلى أن يدخل وقت الصلاة الأخرى، ما في فرق؟ في فرق، وفي وقت صلاة العشاء في القول المرجح أنه ينتهي بنصف الليل أيضاً لا بد أن يتيمم إذا انتصف الليل، لا بد أن يتيمم يبطل التيمم بخروج وقت صلاة العشاء الذي هو منتصف الليل، ومقتضى كلامه أنه يستمر إلى طلوع الفجر، هذا أمره سهل؛ لأن فيه خلاف في وقت صلاة العشاء يمكن، لكن وقت صلاة الفجر إجماع أنه ينتهي بطلوع الشمس، فهل مراد المؤلف حقيقة اللفظ، أو أنه يريد ما يريده غيره؟ والحكم للغالب أن كل صلاة ينتهي وقتها بدخول وقت صلاة الأخرى، هو يريد الغالب أو يقصد هذا الكلام؟
طالب:. . . . . . . . .
(20/7)
________________________________________
هذا الغالب، أو نقول: عزب عنه. . . . . . . . . صلاة الفجر وصلاة العشاء، ولا شك أنه لو قال: إلى أن يخرج الوقت هذا أدق ولا يستدرك عليه شيئاً، ما يستدرك عليه لا في صلاة الصبح اتفاقاً، ولا بصلاة العشاء على القول المرجح؛ لأن المؤلف ما يقول: إن وقت صلاة الفجر يمتد إلى زوال الشمس، ولا يقول به أحد، وبها يقيد حديث: ((ليس في النوم تفريط، إنما التفريط فيمن أخر الصلاة إلى أن يدخل وقت الصلاة الأخرى)) يقيد بصلاة الصبح اتفاقاً، فيه تفريط إذا أخره إلى أن تطلع الشمس، ولو لم ينتظر إلى الزوال اتفاقاً، إجماع هذا، وصلاة العشاء إلى منتصف الليل عند من يقول به، وعرفنا أنه هو القول الراجح، وفيه النص الصحيح الصريح، حديث عبد الله بن عمرو في صحيح مسلم.
فلا بد من تقييد قوله: "إلى أن يدخل وقت الصلاة الأخرى" لأننا نجزم أن مراده مراد غيره؛ لأنهم يقيدونه بخروج الوقت.
قال -رحمه الله-: "وإذا خاف العطش حبس الماء وتيمم ولا إعادة عليه" إذا خاف العطش، شخص عنده ماء وحضرت الصلاة، لكن هذا الماء لا يكفيه للوضوء والشرب، وإذا توضأ به عطش وهلك، فهل يتوضأ به باعتبار أن الوضوء شرط لركنٍ عظيم من أركان الإسلام، أو نقول: يحبسه للشرب ويتيمم، ويكون حينئذٍ فاقد للماء حكماً كالمريض الذي بين يديه الماء لكنه لا يستطيع استعماله؟
قال: "وإذا خاف العطش حبس الماء وتيمم، ولا إعادة عليه" هذا عنده ماء طهور وماء نجس، الماء النجس يستطيع أن يشربه ويرفع العطش، ويجزم بأنه لا يضره أيضاً، هل يتمم في مثل هذه الصورة ويشرب الطهور، ويريق النجس، أو يشرب النجس ويتوضأ بالطهور؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو ما فيه ضرر، يعني نجاسة يسيرة ما تؤثر.
طالب: يحبس الطهور.
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
ويريق؟
طالب: ويريق النجس.
ويريق النجس؛ لأن النجس لا تجوز مزاولته ولا مباشرته إلا لو كان ما معه غيره يخشى الهلاك يشرب، لكن عنده غيره، وحينئذٍ يشرب من الطهور ويحبسه لشربه، ويريق النجس.
(20/8)
________________________________________
"وإذا نسي الجنابة وتيمم للحدث لم يجزه" إذا أجنب ثم نسي أن عليه جنابة فتيمم للحدث الأصغر، قال: لم يجزه لماذا؛ لأن الأعمال بالنيات، فلا يرتفع الحدث الأكبر بنية الحدث الأصغر، كما لو انغمس من عليه جنابة بالماء لم ينو رفع الحدث الأكبر، ونوى بذلك رفع الحدث الأصغر، وخرج مرتباً هذا لا يرتفع، لا ترتفع جنابته، الحدث الأكبر لا يرتفع؛ لأنه لم ينوه، لكن لو نواه ارتفع، وارتفع معه الحدث الأصغر.
وإذا نسي الجنابة وتيمم للحدث لم يجزه، وحينئذٍ لو كان عليه جنابة، ونوى رفع الجنابة فقط يجزه عن الحدث الأصغر وإلا ما يجزه؟ يجزيه؛ لأن الصغرى تدخل في الكبرى.
قال -رحمه الله-: "وإذا وجد المتيمم الماء وهو في الصلاة خرج فتوضأ أو اغتسل إن كان جنباً واستقبل الصلاة" إذا وجد المتيمم الماء وهو في الصلاة، إذا وجده يقيناً أو غلبة ظن؟ بمعنى أنه أقبل سيارة تحمل ماءً، ويرى الماء يسفح من جوانبها هذا يقين أن هذه السيارة فيها ماء، لكن إذا قدم قوماً على سيارة أو على راحلة أو ما أشبه ذلك ولا يدري هل معهم ماء أو ليس معهم ماء؟ يقول: "وإذا وجد المتيمم الماء وهو في الصلاة خرج فتوضأ واغتسل" هذا إذا كان يقين هذا ما فيه إشكال، لكن إذا كان غلبة ظن أن هؤلاء معهم ماء، يخرج من صلاته أو يستمر؟ أو نقول: إن الأحكام تبنى على غلبة الظن، إن كان يغلب على ظنه أن معهم ماء يخرج ليؤدي الصلاة بطهارة كاملة، وإن كان غلب على ظنه ألا ماء معهم لم يخرج، وإن استوى الأمران الشك، يبقى أن الشك لا يرفع اليقين؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هذا صاف يصلي، تيمم وصلى ما عنده ماء، ما وجد ماء، في مفازة، ثم أقبل ركب معهم ماء يجزم أن معهم ماء هذه مسألة مفروغ منها، أنه يقطع الصلاة يخرج من صلاته ويتوضأ ويغتسل، ثم يؤدي الصلاة بطهارة.
إذا كان يغلب على ظنه ما شاف معهم ماء، لكن يقول: ها الجمع الكبير يغلب على الظن أن معهم ماء، بنسبة ثمانين بالمائة معهم ماء، مثل هذا أيضاً يخرج من صلاته ويؤدي الصلاة بطهارة كاملة.
(20/9)
________________________________________
إذا كان شك خمسين بالمائة والله ما يدري معهم وإلا ما معهم؟ أقبل شخص على دباب، هذا الغالب أن ما معهم ماء؛ لأن الدباب مكشوف لو معه شيء رآه، مثل هذا لا يخرج بحال، أقبل شخص على سيارة، لكن ما يدري هل معه ماء شك؟ ففي هذه الحالة لا يخرج من صلاته إلا في حال اليقين أو غلبة الظن، أما في حال الشك أو الوهم الذي يقابل اليقين لا يقطع صلاته.
لكن جل الأحكام مبنية على غلبة الظن، وهذا شرط للصلاة يعني المسألة ....
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن يغلب على ظنك ... ؛ لأن حتى في مثل هذه الأمور وجود الماء مبطل للصلاة صح وإلا لا؟ فكونك تصلي صلاةً تجزم بأنها صحيحة لتخرج من عهدة الواجب بيقين، والأحكام عند أهل العلم كما هو معروف جلها مبني على غلبة الظن.
طالب:. . . . . . . . .
تعرف أن ...
طالب:. . . . . . . . .
لكن هم يغلب على ظنك أن معهم ماء؛ لأن الظن بتفاوته منه ما يقرب من اليقين ...
طالب:. . . . . . . . .
لا، الشك قلنا: لا يخرج، قلنا: لا يخرج لا في حال الشك ولا في حالة الوهم من باب أولى، لكن في حالة غلبة الظن الذي يقرب من اليقين مثل هذا لا شك أن له وجه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، لو راجعت فروع المسألة لوجدت كلام طويل، منهم يقول: إن الظن في حكم الشك، ونصوا بمسألة أو في قاعدة اليقين لا يزال بالشك أن الظن حكمه حكم الشك، لكن يبقى أن الظن ما هو على درجة واحدة، يعني الظن يبدأ من (51) إلى (99) فما دون النصف بين المرتبتين يقرب من الشك، وما فوق النصف مما بين المرتبتين يقرب من اليقين، يعني فرق بين ظن يصل إلى تسعين بالمائة، وبين ظن يصل إلى ستعين بالمائة فكل ما قرب من اليقين يأخذ حكمه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، يعني لو أتم صلاته جاء الماء وتم صلاته.
طالب:. . . . . . . . .
(20/10)
________________________________________
يعني اتقى الله ما استطاع، بحث عن الماء قبل الدخول في الصلاة، ثم بعد ذلك شرع في الصلاة فجاء الماء، نعم من أهل العلم من يقول: إنه دخل الصلاة بطهارة بالنسبة له كاملة، طهارة شرعية، وإبطال العمل جاء النهي عنه، وهذا منه إبطال العمل جاء النهي عنه، لكن إبطال العمل من تلقائه بدون مبرر هذا الممنوع، ولذلك يختلفون في فطر الصائم، إذا أفطر الصائم المتطوع، من أهل العلم من يقول: المتطوع أمير نفسه، ومنهم من يدخل هذه الصورة في الآية، ويلزمونه بالقضاء، الحنفية يلزمونه بالقضاء مطلقاً، سواءً كان لحاجة أو لغير حاجة، والمالكية يلزمونه بالقضاء إذا كان هناك حاجة، والحنابلة والشافعية لا يلزمونه بالقضاء؛ لأن الأصل نفل، ولا مانع من إبطاله في ... ، المقصود أن إبطال العمل المنهي عنه في الآية فيه كلام كثير لأهل العلم، وفيه تفاصيل ويفرقون بين العمل المنهي عنه، وفي الآية فيه كلام كثير لأهل العلم وفيه تفاصيل، يفرقون بين العمل إذا كان فرضاً أو كان نفلاً، ويفرقون أيضاً بين المبطل هل هو لحاجة أو لغير حاجة؟ فمثل هذا لا شك أنها حاجة، إبطال الصلاة من أجل الوضوء حاجة؛ لأن الله -جل وعلا- قيد صحة التيمم بعدم الماء، وهذا واجد للماء، ولو. . . . . . . . . صحة التيمم بعدم الماء وهذا واجد للماء، ولو في جزء من صلاته.
"وإذا وجد المتيمم الماء وهو في الصلاة خرج فتوضأ أو اغتسل إن كان جنباً واستقبل الصلاة" يعني من جديد، يبدأ بالصلاة من جديد من تكبيرة الإحرام إلى آخرها، ولا يبني على ما مضى، يعني فيما إذا سبقه الحدث أحدث في صلاته ثم خرج فتوضأ ورجع.
جاء الخبر في أنه يبني ولا يتكلم، معنى أنه لا يبطلها بمبطل آخر، يبني والحدث فيه ضعف، والأصح في هذه المسألة أنه يستقبل؛ لأنه جاء بمبطلات، يستقبل من جديد، يعني يذهب ليتوضأ ثم يبدأ الصلاة، يشرع بها من جديد، وهنا قال: "واستقبل الصلاة" إذا كان يطوف مثلاً، وسبقه الحدث، ثم ذهب ليتوضأ، وهو ممن يرى اشتراط الطهارة للطواف، يستقبل وإلا يبني؟ ويش الفرق بينها وبين الصلاة؟
طالب:. . . . . . . . .
شلون يستقبل؟
طالب:. . . . . . . . .
(20/11)
________________________________________
لا ما في فرق هذا، حتى من قال: يبني قال: من أثناء الشوط ويش المانع؟ ارتباط الصلاة ارتباط آخرها بأولها يقتضي ذلك، نعم والطواف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا فيه إباحة مبطلات في الصلاة، يعني في الطواف ما يباح وهو يبطل الصلاة، الكلام مثلاً، لكن إذا قلنا: إن الشوط الواحد مرتبط أوله بآخره، فإنه يستأنف من أول الشوط، وإذا قلنا: إن حكم الطواف واحد، والشوط الواحد كالأشواط يمكن تبعضه، بحيث لو أقيمت الصلاة وهو في أثناء الشوط يؤدي الصلاة ثم يعود إلى طوافه فيكمله من حيث وقف.
فوجوه الاختلاف بين الصلاة والطواف ظاهر؛ لأنه يباح في الطواف ما لا يباح في الصلاة.
قال -رحمه الله-: "وإذا شد الكسير الجبائر وكان طاهراً ولم يعدُ بها موضع الكسر مسح عليها كلما أحدث إلى أن يحلها" شد الكسير الجبيرة على الكسر، أو المجروح يعني في جرح ما هو بكسر جرح، ولفت من قبل الأطباء، ورأوا أن إبقاءها مكشوفة يضر بصاحبها، ولف عليها صار لها حكم الجبيرة "وإذا شد الكسير الجبائر" إلا أن التنصيص على الكسير؛ لأنه هو الذي يحتاج الشد المتواصل، بمعنى أنه لو ربطت عليه الجبائر ما تحل مثلما تحل على الجرح، الجرح يمكن تحل في كل وقت للعلاج مثلاً، لوضع الدواء على هذا الجرح، أما الكسير ما يحتاج إلى علاج إلا الشد، فلا تحل، بل قد يبقى الكسير في جبيرته أيام، بل أسابيع وقد يحتاج إلى أشهر، فالتنصيص على الكسير لا يخرج الجريح، لكن حاجة الكسير إلى مواصلة الشد بحيث تمر عليه الأوقات أكثر من حاجة الجريح، ولهذا ينص عليه وإلا فالحكم واحد.
لو قلنا: إن الجريح أوصى الأطباء أنه لا يحل جرحه إلا بعد شهر صار حكمه حكم الكسير "وإذا شد الكسير الجبائر" والجبائر: جمع جبيرة كالكبائر جمع كبيرة، ما يجبر به الكسر كالأعواد مثلاً فيما يستعمل في السابق، أو الجبس فيما يستعمل في الوقت الحاضر "وإذا شد الكسير الجبائر وكان طاهراً" وكان طاهراً بهذا الشرط، أولاً: لا بد أن تشد الجبائر، وأن يكون على طهارة قبل شد هذه الجبيرة أو الجبائر، كان طاهراً بمعنى أنه لو انكسر ثم شدت عليه الجبيرة ولم يتوضأ ولم يكن طاهراً قبل يجوز له أن يمسح أو لا يجوز؟ على كلامه لا يجوز.
(20/12)
________________________________________
الشد ما الذي يفهم من الشد؟ الشد الربط بقوة، هل نفهم من هذا أن لو كانت الجبيرة رخوة بمعنى يمكن تحريكها عن مكانها وإمكان غسل ما تحتها وإرجاعها إلى مكانها؟ يعني هل يمكن أن نفهم هذا وإلا ما يمكن؟
الطالب: الظاهر أنه لا مفهوم له يا شيخ.
لو قال الأطباء مثل هذا الكسر يكفيه أن يوجد جبيرة رخوة بحيث لو حركت عن مكانها ما تضرر؛ لأننا نأخذ من كلمة شد.
طالب:. . . . . . . . .
لا تقل لي: يصلح ما يصلح هذا شيء، لكن أنا أفترض أنه يصلح، قال الأطباء: يصلح، ما يكون حكمه حكم الخاتم وتحريكه وتقديمه وتأخيره إذا أمكن غسل ما تحته من غير ضرر؟
طالب: إذا أمكن نعم.
نقول: إذا شد، يعني أنا أريد أن آخذ من كلمة إذا شد ونجعلها إيش؟ شرط من شروط المسح؛ لأنه إذا شد وكان طاهراً ولم .... كل هذه شروط، فإذا كانت بحيث يمكن حلها ولا يتضرر الكسر، أو يمكن تقديمها أو تأخيرها بحيث لا يتضرر الكسر فإنه لا يجوز المسح؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، الجبيرة من لفظها، ما يجبر به الكسر، كون الواقع الذي عليه الجبائر الواقع أن الجبائر لا تنفع إلا إذا شدت بقوة، نحن نفترض أن هناك جبيرة تنفع من غير شد، أو هناك نوع من الكسور ينفع فيها الجبر بدون شد، بحيث يمكن تحريكها كالخاتم.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما يلزم التصور يا أخي في افتراض المسائل، ما يلزم التصور، أنت افهم التصور فهم، ما هو بتصور واقع، التصور فهم، يعني مثل ما قالوا: لو تيمم لمس اللوح المحفوظ، تقول: ما هي بمتصورة؟ قالوا هذا يا أخي، فهل يقرأ القرآن أو لا يقرأ بهذا التيمم؟ فكون الفقهاء يوردون مثل هذه الأمور، وما يدريك في يوم من الأيام يمكن يقع مثل هذا الأمر؟
(20/13)
________________________________________
لو عرج بالإمام كيف يعرج بالإمام؟ فما الحكم؟ في عروج لغير النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ المعراج خاص به، صلى الإمام بالمأمومين في صالة عمارة ما وجد مكان أنسب منها، وفي مكان القبلة مصعد، والمكان ما يستوعب المأمومين إلا أن يكون الإمام في الصف؛ لأن الإمام بيأخذ مكان صف كامل، قالوا: افتحوا المصعد وخلو المحراب هو المصعد، ولما كبر الإمام عرج به، ارتفع المصعد، طلب من الدور السابع وراح للدور السابع، مسائل ما نستغرب أن يقع مثل هذه الأمور، كيف يعرج به؟ خلاص المعراج للنبي -عليه الصلاة والسلام- ما في غيره، نعم عرج به إلى السماء، وإذا عرج بالإمام هذا متصور يا أخي.
فأنت افترض أن الطبيب جعلها رخوة، يقول: هذا الكسر ما يحتمل الشد الذي بحيث لا تتحرك، فنقول: هذه تتحرك يؤخرها ويغسل ما تحتها كالخاتم، فيكون من شرط المسح أن تكون الجبيرة مشدودة بحيث لا تتحرك، وهذا واضح من كلمة شد، يعني حينما يقول: لا يثبت على الراحلة، إيش معنى ما يثبت على الراحلة؟
طالب: يحتاج إلى شد.
إلا بشده، ويش معنى شده؟ يعني مثل ربط حزام الأمان، أو مثل ربط العفش علشان ما يطيح ولا يتحرك؟ فرق بين الشد وبين ما هنا، اللي عندنا شدّ له مفهوم، ولذلك ما نقول: إنه ما هو متصور جبيرة بدون شد، يمكن، وما يدريك؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هي جبيرة؛ لأنه جبر بها الكسر، لكن إذا شدت بحيث لا تتحرك امسح عليها، إذا كانت بحيث لو حركت تحركت هذه حكمها حكم الخاتم.
طالب:. . . . . . . . .
لكن بحيث لا يتأثر الجرح، بحيث لا يتأثر الكسر، لا بد من هذا.
"وكان طاهراً" لا بد من تقدم الطهارة قياساً على المسح على الخف، قياساً على المسح على الخفين، ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) فلا بد من تقدم الطهارة قياساً على مسح الخف، لكن هذا الشرط محل خلاف ونزاع بين أهل العلم، ومثل هذه الأمور تحصل فجأة، وليس في النصوص التي تدل على المسح على الجبيرة كحديث علي لما انكسر إحدى زنديه، وحيث صاحب الشجة ليس فيها ما يدل على تقدم الطهارة، فالمرجح أنه لا يلزم لها تقدم طهارة.
(20/14)
________________________________________
"ولم يعدُ بها موضع الكسر" يعني ما زادت عن قدر الحاجة، الكسر يحتاج واحد سانتي، افترضنا أنه من أجل الحماية لهذا الكسر احتجنا إلى خمس سانتي، زيادة اثنين من هنا وزيادة اثنين من هنا ليمكن الربط، نقول: هذه تعدت موضع الحاجة "ولم يعد بها موضع الكسر" أما لو قال: موضع الحاجة فرق بين موضع الكسر وبين موضع الحاجة، موضع الحاجة أوسع؛ لأنه قد يحتاج إلى ما قبل الكسر وما بعده حاجة، لكن ليس موضع الكسر، يعني لو قال: موضع الحاجة ما احتجنا إلى كلام، لكن إذا تعدى موضع الكسر احتجنا إلى خمسة سانتي قبل وخمسة بعد لنتمكن من الشد، على كلامه يمسح وإلا ما يمسح؟ ما يمسح، لكن لو قال: "ولم يعدُ بها موضع الحاجة" وهذا هو الصحيح؛ لأن ما لا يتم الأمر إلا به فهو منه، كما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، فمثل هذا لا يتم التجبير إلا به فهو من التجبير، وحينئذٍ الأصل في العبارة أن يقول: ولم يعد بها موضع الحاجة، والحاجة أوسع من موضع الكسر.
"مسح عليها كلما أحدث إلى أن يحلها" وهذان السطران نعيد الكلام فيهما في بداية الدرس القادم، ونأخذ المسح على الخفين -إن شاء الله تعالى-، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(20/15)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (21)
شرح قوله: "وإن شد الكسير الجبائر، وكان طاهراً، ولم يعد بها موضع الكسر مسح عليها كلما أحدث إلى أن يحلها ... "
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يسأل من الإمارات يقول: إنه يعمل في شركة تأخذ تسهيلات بنكية من البنوك الربوية في حدود خمسة في المائة من أرباح الشركة، فما هو الحكم في مرتبي من هذه الشركة؟ وهل يجوز لي العمل فيها مع العلم أن معظم الشركات تتعامل بهذه الطريقة؟
هؤلاء الذين يقترضون بالربا معروف حكمهم، وأنهم محاربون لله ورسوله، وأن عملهم محرم، والتعاون معهم حرام، فالعمل لديهم محرم، وما كسب به من أجرة فهو سحت محرم.
هذا يقول: لو نوى رفع الحدث الأكبر ولم ينو الطهارة الصغرى فهل يجزئ ذلك؟ وما توجيه حديث: ((إنما الأعمال بالنيات)) عند من يجيز ذلك؟
لو نوى الحدث الأكبر حصل التداخل الذي يقرره أهل العلم أنه متى أجتمع عبادتان من جنس واحد لم تكن إحداهما مقضية والأخرى مؤداة، فإنها تدخل الصغرى في الكبرى، وإذا نوى الغسل نوى رفع الحدث الأكبر ارتفع الحدث الأصغر تبعاً له ولو لم ينو، المقصود أنه نوى رفع الحدث، فإذا نوى رفع الحدث الأكبر فمن باب أولى ارتفاع الحدث الأصغر.
هنا يقول: ألا يكون أفعل التفضيل مثل قولنا: الصلاة خير من النوم في الآذان؟
نفس السؤال، وأجيب عنه في وقته، نسيت المناسبة التي ذكر فيها هذا التفضيل، ومن المعلوم أن أفعل التفضيل الأصل فيها أنها تجمع بين شيئين يشتركان في وصف يزيد أحدهما على الآخر في هذا الوصف، هذا الأصل فيها، وقد تجمع بين شيئين لا يشتركان في الوصف فتكون على غير بابها، وهذا الاستعمال الأخير هو عند أهل الحديث كثير، فيقولون: حديث فلان أصح ما في الباب، وهو ضعيف ليس بصحيح، ويقولون: أضعف ما في الباب مع أنه صحيح وليس بضعيف، لكنه معه أحاديث صحيحة أصح منه، فالصحة والضعف نسبية، ويقولون: فلان أوثق من فلان وكلاهما ضعيف، فابن لهيعة أوثق من الإفريقي، وكلاهما ضعيف، وإذا قيل: إن نافعاً أضعف من سالم لا يعني أن نافعاً أو سالماً ضعيفان، بل هما ثقتان، لكنه أقل منه في المرتبة.
(21/1)
________________________________________
يقول: إذا كنت قد أقرضت أحد الأشخاص مبلغ من المال وحال عليه الحول، ولا زال المبلغ معهم ولم يرجعوه لي فهل علي زكاة؟
إذا كانوا موسرين فعليك الزكاة كلما حال عليه الحول، وإذا كانوا معسرين، هو في أول السؤال يقول: أقرضت أحد الأشخاص ثم قال: ولا زال المبلغ معهم ولم يرجعوه لي، والأمر سيان سواء كان المقرض واحد أو أكثر، فإن كان موسراً فتجب الزكاة كلما حال عليه الحول، وإن كان معسراً فيزكيه إذا قبضه سنة واحدة.
وهذا يقول: رجحتم أن الأنبياء لهم دعوة واحدة مستجابة وباقي الدعوات مثل عامة الناس، فما يجاب عن قصة أويس؟ فهل يقال: إنه يفضل على الأنبياء في هذه أم هناك فرقاً بين الدعاء والقسم، وعليه هل يفضل أحد على الأنبياء في خصلة أو أكثر؟ أفتونا.
أنا ما أذكر مثل هذا الكلام، أني قلت: إن الأنبياء لهم دعوة واحدة مستجابة، وإنما قلت: هم أولى الناس بالإجابة، ومن أهل العلم من يرى أنهم مجابون في كل ما دعوا، ولكن النصوص تدل على أنهم مجابون بالجملة؛ لأن الأسباب متوافرة، والموانع منتفية، لكن لا يلزم من هذا أن يجابوا في كل سؤال، وثبت أنهم ومنهم نبينا -عليه الصلاة والسلام- دعا فلم يجب، وليس في هذا حط من قدره -عليه الصلاة والسلام-، وإنما لأمر يريده الله -جل وعلا-، وهم أولى الناس بالإجابة، ولا يفضل عليهم أحد في أي خصلة من الخصال.
هذا يقول: ما هي الأشياء التي تبطل مدة المسح على الخفين أو على العمامة غير انتهاء المدة؟
هذا يأتي -إن شاء الله تعالى- في باب المسح على الخفين، وهو درسنا -إن شاء الله تعالى- في هذا اليوم.
يقول: ما حكم التسوك أثناء الصلاة؟
أثناء الصلاة هذا عبث، أقل أحواله أن يكون عبثاً، أثناء الصلاة عبث، ولا يجوز بحال.
هذا يقول: إن امرأته تعاني من اضطراب في الدورة الشهرية بسبب الهرمونات شهر تنقطع، وشهر تأتيها في بدايته ونهايته، وتنزل الدورة عليها أحياناً بالعلاج وأحياناً بدون علاج، وأحياناً ينزل عليها صفرة وكدرة مع خط أحمر رقيق، وهي لا تعرف كيف تصلي وتصوم، حيث أنه ينزل عليها، وليس لها وقت معين.
(21/2)
________________________________________
هذه ليست معتادة، فترد إلى التمييز، فإذا كانت مميزة لون الدم هو دم الحيض، لونه أسود له رائحة، فتجلس متى رأت هذا الدم، وتترك ما عداه، وإذا كانت لا تستطيع التمييز مع أنها ليست معتادة مضطربة، هذه يسمونها المتحيرة، من أهل العلم من يرى أنها تجلس أقل الحيض.
وعلى كل حال النساء لا بد أن يكون لها طريقة تميز بها الدم، إما بلونه أو آلامه أو بعاداته، المقصود كل حالة لها ظرفها.
الطالب: عفا الله عنك ما يستفاد من الأطباء في هذا؟
نعم يرجع إلى الأطباء فإذا قرر الأطباء أن هذا اللون من ألوان دم الحيض لا مانع أن يستفاد منهم.
هذه طالبة من المغرب تقول: عندما نقوم لصلاة الفجر لا نستطيع الوضوء لبرودة الماء، فأحياناً نتيمم ونصلي فهل هذا يكفي أم لا بد من الوضوء؟ وإن كان كذلك فهل علينا أن نقضي الصلوات التي صليناها بالتيمم؟
إذا كان عندكم ما يسخن به الماء تعين عليكم ذلك، ولا تصح الصلاة بالتيمم مع هذه الحالة، إذا لم يكن عندكم ما يسخن به الماء وخشيتم الضرر تعدلون إلى التيمم، وعلى كل حال الصلوات الماضية إن كنتم قد اقتديتم ممن تبرأ الذمة بتقليده لأن من جهاتكم من يتساهل في هذا الأمر، جهات المغرب وموريتانيا وجهات الساحل الغربي، يتساهل في هذا الأمر، فإذا كان قد أفتاهم من أهل العلم من أفتاهم فلا يقضون ما فات، وإن كانوا اعتمدوا على رأيهم واجتهدوا من غير فتوى فإنهم يعيدون ما لا يشق عليهم إعادته، وما يمكن ضبطه.
هذا يقول: في الجنة كل شيء محلل يعني حتى لو كان محرماً في الدنيا أم لا؟
نعم في الجنة كل شيء مباح فيها، مما يوجد فيها، الخمر مباح لكنه مجرد من غوائل خمر الدنيا.
هذه أيضاً تقول: إن زوجها أصابه مرض نفسي كاد يودي بعقله، وقد ذهب إلى طبيب للعلاج متخصص في الأمراض النفسية، وبعد الكشف عليه وصف له علاج منه حبوب يتناولها ولكنها منومة، فبعد تناولها ينام طويلاً وقد تفوته بعض الصلوات في وقتها حتى إذا أفاق من نومه صلاها مع الفرض الحالي، فما الحكم في هذه الحالة؟ وما الحكم في تناول مثل هذا العلاج حيث إنه يتحسن بسببه، وأنا أوقظه في أوقات الصلاة ولكنه لا يشعر؟
(21/3)
________________________________________
إذا كان هذا الكلام صحيحاً، وأن هذا العلاج مفيد له بمعنى أنه سبب من أسباب الشفاء من مرضه هذا فلا مانع من أن يأكل هذا العلاج ولو نام نوماً يؤخر بسببه الصلاة، على أن يحرص ويبذل الأسباب لأداء الصلاة
في وقتها.
الطالب:. . . . . . . . .
لا هي تقول: إنه يحسن الحالة، يعني يتحسن بسببها.
الطالب:. . . . . . . . .
على كل حال إذا كان لا بد منه فهذا معذور، لكن مع ذلك يبذل الأسباب للاستيقاظ في الموانع، ويبحث عن علاجات أخرى تخفف مثل هذا النوم، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا هي تتفاوت في تخديرها وتفتيرها؛ لأن هناك من علاجات السعال ما يجلب النوم، فإذا كان النوم من أسباب الشفاء -بإذن الله- كان حكمه حكم البنج، لا يأخذ حكم المخدر؛ لأنه ليس له نشوة ولا لذة ولا كذا، إنما يؤخذ حكم البنج، والبنج مباح ما فيه إشكال، يعني يشبه البنج من هذه الحيثية.
الطالب:. . . . . . . . .
ما هي مسألة محرم، الآن هذا التنويم وهذا التخدير هل إلحاقه بالخمر أو إلحاقه بالنبج؟
الطالب:. . . . . . . . .
إيه لكن الآن كأن أهل العلم مطبقون على جوازه للحاجة، ولا يأخذ حكم الخمر باعتبار ليس له نشوة ولا لذة، ولا يغير من الواقع شيء.
يقول: ما العلة في تضعيف حديث كفارة المجلس؟ وهل يصححه الشيخ؟ ما أدري الشيخ الألباني وإلا ... ؟
على كل حال حديث الكفارة كلام الإمام البخاري وتعليله واضح، لكن أكثر أهل العلم على تصحيحه.
والله ما أدري وش كاتب هذا؟ كأنه يقول: أين أجد جزء كفارة المجلس لابن كثير؟ هل هو مطبوع؟
أنا ما أعرفه مطبوعاً.
ذكر ابن القاسم في حاشية الروض عن ابن تيمية -رحمه الله- قوله: "سجود التلاوة عن قيام أفضل" هل يفهم منه أنه يقام للسجود؟
هذا يذكر عن عائشة -رضي الله عنها- وبعض الصحابة، وهو كأن العمدة فيه على لفظ الخرور الذي جاء في بعض آيات السجود، فالخرور يفهم منه أنه القيام.
يقول: مجموعة من النساء كن على أهبة السفر عند صلاة المغرب فصلين المغرب والعشاء جمع تقديم وهن في بيوتهن احتياطاً للسفر ثم سافرن فهل فعلهن صحيح؟ وما الواجب في حقهن إن كان فعلهن ليس بصحيح؟
(21/4)
________________________________________
فعلهن ليس بصحيح يصلين المغرب ويتركن العشاء حتى يحين وقتها، ووقتها ممتد، وعند كثير من أهل العلم أنه يمتد إلى طلوع الصبح، إلى طلوع الفجر، وكونها تأخذ بهذا القول على أنه مرجوح عندي أفضل من أن تجمع جمع تقديم، وإذا حان وقتها وصلت على حالها في الطائرة في السيارة في أي حال تكون أسهل من أن تقدمها عن وقتها، وإذا أخرتها إلى أن تصل شريطة أن لا يخرج الوقت فهو أفضل.
يقول: ما رأيكم في القيام للصف الأول بعد الآذان وترك الحلقة حلقة الدرس؟ وهل يليق؟ وأيهما أفضل؟
إذا قلنا: إن الدرس في حكم الخطبة -خطبة الجمعة- فالدنو من الخطيب مطلوب بقدر الإمكان، والانتباه له وما يقول، فمثل هذه الحالة يبقى في مكانه، ولا يقوم عن حلقة الدرس ولو فاته الصف الأول، لكن الآن الآلات القريب والبعيد حكمهم سواء، بل قد يكون البعيد عن موضع الدرس أفضل من القريب؛ لأن الآلات التي فيها تكبير للصوت سماعاتها موزعة، وقد تكون في الصف الأول أكبر نصيب منها، فأنا عندي أنه يجلس في مكانه ويثبت وينتبه للدرس ولو فاته الصف الأول.
الطالب:. . . . . . . . .
إيه لكن العلة منتفية، والصوت أحياناً بالتجربة في هذا المسجد أحياناً القريب الصوت عنده مشوش، بعض المساجد يكون الدرس في الوسط جربناه في مسجد الراجحي، وفي المسجد قبة، تشوش تشويش بحيث يكون القريب منها لا يسمع شيء، والذين تفرقوا في الجوانب هذه أمور عللها مدركها، الأصل أنه كل ما يقرب من الشيخ ويجتمع الناس ويلتموا هذا هو الأفضل، لكن إذا عورض هذا الأصل بما هو أقوى منه؛ لأن الفائدة الأولى من الدرس الاستماع والفائدة، فإذا كان في مكان أبعد عن الشيخ لكنه أصفى، حتى لو قدر أنه كان في وسط الحلقة يشوش عليه جنبه واحد يسولف مثلاً، أو يكلم في جوال ثم قام عنه بحثاً عن مكان أكثر راحة واطمئنان واستيعاب له ذلك.
طالب: ما يستأنس بحديث النفر الثلاثة، الذي قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله)) ما يستأنس به في مثل هذا يا شيخ؟
(21/5)
________________________________________
يستأنس به في الأصل، يعني لو لم يوجد موانع، إنما كان القرب لإيش؟ من أجل إيش القرب؟ إنما هو الاستماع والفائدة، فإذا كان عدمه أفضل فلا شك أن العلة معقولة، يرد على هذا مثلاً مسألة الالتفات في الآذان، كان بلال يلتفت يميناً وشمالاً، يقول: حي على الصلاة حي على الفلاح، فهذه سنة، فإذا كان الالتفات مع الآلات يضعف الصوت فليلتفت أو لا يلتفت؟ نعم هو إن أمكن أن يدور والآلة بيده يميناً وشمالاً ويجمع بين الأمرين هذا هو الأصل، فإذا لم يمكن ينقطع الصوت إذا قال: حي على الصلاة أنقطع الصوت، والعلة معقولة أن الالتفات من أجل أن يسمع الجهات كلها.
الطالب:. . . . . . . . .
لا هو قد يقول قائل: ما دام الأمر كذلك لماذا لم أجلس في البيت وأستمع وأنا في البيت؟ صح وإلا لا؟ ما يمكن يقول هذا؟ يقول: أنا في بيتي ومرتاح وعلى مكتبي والأقلام عندي وكل حاجة عندي وأستمع بالآلة، لماذا لا يكون لأن هذا يحقق فائدة أكبر؟ نقول: لا يفوته سلوك الطريق ((من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً)).
المسألة الأخيرة في باب التيمم:
قال -رحمه الله-: "وإن شد الكسير الجبائر، وكان طاهراً، ولم يعد بها موضع الكسر مسح عليها كلما أحدث إلى أن يحلها".
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(21/6)
________________________________________
هذه المسألة سبق الكلام فيها، لكن هل الشروط -شروط المسح على الجبائر- هل هي اثنان أو ثلاثة؟ ظاهر كلام الفقهاء أنهما اثنان، أن يكون قد شدها على طهارة، والثاني: أن لا تتجاوز موضع الحاجة، موضع الكسر، قال: "وإذا شد الكسير الجبائر، وكان طاهراً، ولم يعد بها موضع الكسر مسح عليها" وفي الدرس الماضي قلت: إذا شد هل الشد له مفهوم؟ لأن الشد من الشدة، وهي ضد الرخاوة في هذا الموضع، لو كانت رخوة، أو كانت مطاطة يمكن إبعادها عن مكانها في حال الوضوء، هل نعتبر هذا شرطاً أو ما نعتبره شرطاً؟ كسر وما فيه جرح ولا شيء، ولا يتأثر بالماء، وربط برباط مطاطي يمكن أن تجره كالخاتم، تحركه عن موضعه، هل نعتبر كلمة شد قيد وإلا ليست بقيد؟ الفقهاء لا يذكرون إلا شرطين: تكون على طهارة، ولم يعد بها موضع الكسر موضع الحاجة، يعني فرق بين الربط وبين الشد، يعني أظن أشرت إلى مسألة الذي لا يثبت على الراحلة، هل يكفي الذي لا يثبت على الراحلة أن يربط برباط مثل حزام الأمان، أو لا بد من رباط مثل رباط العفش؟ لا تتصورن المسألة سيارة، لا على بعير، يعني رباط الأمان هذا الذي في السيارات يصلح لشده على البعير، ما يصلح ما ينفع، لكن لا بد أن يوثق مثل ما يوثق العفش، علشان ما يتحرك عن مكانه، فنتصور هذا في مسألتنا، قوله: "وإذا شد الكسير الجبائر" افترضنا أن الطبيب قال: هذا ما يحتاج إلى ربط شديد، يحتاج إلى ربط لكنه لا يحتاج إلى شد قوي، ويمكن إزالة الجبيرة عن موضعها وقت الوضوء، أو الغسل كالخاتم، حينئذٍ يلزم تحريكه، ولذلك يختارون وإذا شد، المسألة مسألة شدة، ما قالوا: إذا ربط وإلا فهل نعتبر هذا قيد؟ شرط من الشروط، نعتبره ثالث ولو لم يشيروا إليه، وإنما نأخذه من لفظهم؟ أو نقول: ما دام كسر وربط عليه رباط ولو تحرك نبقى على الأصل؟ نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
(21/7)
________________________________________
لكن إحنا نفترض أن الشد لا يمنع من وصول الماء كالخاتم، يحرك ولو كان مطاط يمكن يسحب إلى أعلى الذراع، ثم يغسل ما تحته ثم يعاد إلى مكانه، إذا أمكن هذا فالأصل الغسل، طيب هذان الشرطان وكان طاهراً ولم يعد بها موضع الكسر، مسح عليها كلما أحدث إلى أن يحلها، وأن يكون قد شدها على طهارة، وأن لا تتجاوز فيها موضع الكسر زيادة على الحاجة، شدها على طهارة معروف أنه محل خلاف بين العلماء؛ لأنه قد يكون الكسر أو الجرح مفاجئ، فإذا ألزمناه بغسله إنما هو في الأصل لدفع الضرر، ولذا القول المرجح في هذه المسألة عدم اشتراطه عند المشقة، لكن إذا كان يمكن فالخروج من الخلاف مطلوب، لما أراد أن يشدها ذهب إلى المستشفى انكسرت يده وأراد أن يشدها قال: أتوضأ الآن الماء عندي أغسلها وبعدين أربط عليها، بلا شك أن الخروج من الخلاف أبرأ للذمة، الشرط الثاني: أن لا يتجاوز بها موضع الكسر زيادة على الحاجة، يعني لو قدرنا أن الكسر يحتاج أو قدره ثلاثة سانتي مثلاً؛ لأنه متعرج مثلاً، يحتاج إلى ثلاثة سانتي، ونحتاج إلى اثنين سانتي قبله وبعده، هذه الأربعة سانتي هذه حاجة أو ليست بحاجة، هي لا شك أنها حاجة مما يتطلبه الشد، لكن من أهل العلم من يرى أن الحاجة بقدر الكسر، وما زاد على ذلك يأخذ حكم آخر، يعني يمسح من أجل الحاجة ويتمم للقدر الزائد، وهنا يكون قد جمع بين ثلاثة أمور في وضوء واحد، يغسل ما يمكن غسله، ويمسح على الجبيرة، ويتيمم للقدر الزائد، إن أختل الشرطان الأول والثاني، إذا أختل الشرطان لم يكن طاهراً وتعدى بها موضع الحاجة يقول العلماء: عليه أن ينزعها، فإن خاف من نزعها فإن كان الخلل في الشرطين معاً أو في الشرط الأول فإنه يتيمم ولا يمسح عليها، لماذا لا يمسح؟ لأنه لم يدخلها على طهارة كالخف، وبقي من مواضع الوضوء ما لم يغسل ولم يمسح، فالبدل هو التيمم، يعني إن أختل الشرطان معاً أو الشرط الأول بمعنى أنه لم يشدها على طهارة فإنه حينئذٍ يتيمم، ولا يمسح عليها، إذا أختل الشرط الثاني إذا تجاوز بها موضع الحاجة قالوا: فإنه يمسح عليها ويتيمم، لكن ما المقصود بالزيادة هذه على موضع الحاجة؟ هل معنى هذا أنه يحتاج إلى خمسة سانتي لشدها مع ما تتطلبه
(21/8)
________________________________________
فجبر كل اليد مع أنه لا يحتاج إليها؟ هذا لا يجوز له أن يصنع شيئاً حتى يزيل هذا الزائد ويغسله؛ لأنه فرضه الغسل، ولا حاجة إلى مسحه ولا حاجة إلى التيمم مع إمكان الاستغناء عنه، المقصود أنهم يقولون: إذا تعدى موضع الحاجة، يعني تعدى موضع الجرح بدقة فإنه يمسح عليها ويتيمم للقدر الزائد، فهذا جمع بين الأمور كلها، الثلاثة.
عرفنا الفرق بين الشرطين؟ إذا أختل الشرط الأول يتيمم ولا يمسح؛ لأنه أدخل أو لبس الممسوح على غير طهارة كالخف، فلا يجوز له أن يمسح، وليس له حينئذٍ إلا البدل وهو التيمم، لكن أيهما أولى المسح أو التيمم؟ لماذا؟ لأنه طهارة أصلية، والتيمم طهارة بدل، يعني له جنس في الطهارة الأصلية، يعني مسح الرأس طهارة أصلية، وهذا سيأتي في المسح على الخفين -إن شاء الله تعالى-، حينما نظروا مسح الخف بمسح الرأس، وقالوا: إنه إذا نزع الخف لم تبطل الطهارة، كما لو مسح على شعر رأسه وحلقه، يأتي هذا ويأتي ما فيه أيضاً من انتقاد -إن شاء الله تعالى-، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
وش فيه؟
الطالب:. . . . . . . . .
على كل حال الشد تكلم فيه، في كلام طويل لأهل العلم، حديث علي: "انكسرت إحدى زندي" على ما فيه من كلام.
الطالب:. . . . . . . . .
وش فيه حديث علي؟ تحفظه؟ "انكسرت إحدى زندي" نعم؟ إيش باقيه؟ نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
مسح فقط.
(21/9)
________________________________________
الباب الذي يليه باب المسح على الخفين، وهناك تشابه كبير بين المسح على الجبيرة وبين المسح على الخفين، وكثير من أهل العلم يجعل الجبائر مع المسح على الخفين بجامع المسح، لكن لما أدخلوا التيمم بالنسبة للجبائر جعلوه في باب التيمم، ولا شك أن البابين يتنازعان الجبائر، عند من يقول بالتيمم، هناك أيضاً فروق بين مسح الجبيرة ومسح الخف، ذكر صاحب المغني خمسة فروق بين المسح على الجبيرة والمسح على الخفين، فقال: أحدها أنه لا يجوز المسح عليها إلا عند الضرر بنزعها بخلاف الخف يمسح عليه ولو لم يخش الضرر، والثاني: أنه يجب استيعابها بالمسح؛ لأنه لا ضرر في تعميمها بخلاف الخف، فإنه يشق تعميم جميعه ويتلفه المسح، والثالث: أنه يمسح على الجبيرة من غير توقيت بيوم وليلة، أو ثلاثة أيام للمسافر؛ لأن مسحها للضرورة فتقدر بقدرها، الضرورة تدعو في مسحها إلى حلها، فيقدر بذلك دون غيره، قد يكون مسافراً ويحتاج. . . . . . . . . يمسح ثلاثة أيام كالخف؟ لا نقول ذلك، قد يحتاج خمسة أيام هل نقول: أنزع بعد ثلاثة أيام؟ لا، وهذا مما تفارق فيه الجبيرة الخف، الفارق الرابع: أنه يمسح عليها في الطهارة الكبرى بخلاف الخف؛ لأن الضرر يلحق بنزعها بخلاف الخف فإنه لا يلحق بنزعه ضرر، ولا يمسح عليه في الطهارة الكبرى على ما سيأتي كما في حديث صفوان بن عسال، الخامس: وهو محل خلاف في مسألة تقدم الطهارة، اشتراط تقدم الطهارة، ففي إحدى الروايتين لا يشترط تقدم الطهارة بالنسبة للجبيرة، وبالنسبة للخف متفق على اشتراطه، المسح على الخفين، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
حين إيش؟ الخف؟ بالنسبة لإيش؟
الطالب:. . . . . . . . .
(21/10)
________________________________________
رخصة، من أهل العلم من يقول: إن المسح رخصة؛ لأنه جاء على خلاف الأصل لمعارض الراجح، ومنهم من يقول: ما دام ثبت بدليل صحيح فهو أصل، المسألة معروفة باعتبار الرخص والعزائم فهل المسح على الخفين على خلاف الأصل أو جارٍ على الأصل؟ كثير من أهل العلم يدخل أبواب ومسائل كثيرة في ما جاء على خلاف الأصل، وشيخ الإسلام وابن القيم في إعلام الموقعين يذهبان إلى أن ما ثبت بدليل صحيح فهو أصل برأسه، ولو لم يكن على خلاف الأصل، والمسألة أظن خلافها شبيه باللفظي، المسخ على الخفين الأصل كما جاء في غسل الرجلين {وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ} [(6) سورة المائدة] فالأصل الغسل والمسح بدل، ثبتت به أحاديث كثيرة جداً تبلع حد التواتر، وليس في النفس منه شيء، كما قال الإمام أحمد وغيره، فعندنا آية المائدة وأحاديث المسح، أحاديث المسح هل هي ناسخة لآية المائدة أو ليست ناسخة؟
الطالب: ليست ناسخة يا شيخ.
نعم رفع الحكم بالكلية، وهنا رفع مؤقت إلى أن يخلع الخف، شيخ الإسلام له كلام في مسألة المسح على الخفين، وأنه خفي على جمع من الصحابة، مع أنه متواتر.
يقول -رحمه الله- في الاختيارات: باب المسح على الخفين، قال أبو العباس: وخفي أصله على كثير من السلف والخلف حتى أنكره بعض الصحابة وطائفة من أهل المدينة وأهل البيت، معروف أن مذاهب المبتدعة كالرافضة إنكار المسح على الخفين، ولذا تدخل هذه المسألة وهي من الفروع تدخل في كتب العقائد؛ لأن المسألة إذا أشتهر الخلاف فيها مع المخالفين في العقائد أدخلت في كتب العقائد كهذه المسألة.
(21/11)
________________________________________
قال أبو العباس: وخفي أصله على كثير من السلف والخلف حتى أنكره بعض الصحابة وطائفة من أهل المدينة وأهل البيت، وصنف الإمام أحمد كتاباً كبيراً في الأشربة في تحريم المسكر، ولم يذكر فيه خلافاً عن الصحابة، فقيل له في ذلك، فقال: هذا صح فيه الخلاف في الصحابة، يعني المسح على الخفين بخلاف المسكر، ومالك مع سعة علمه وعلو قدره أنكره في رواية، وأصحابه خالفوه في ذلك، قال: وحكى ابن أبي شيبة إنكاره عن عائشة وأبي هريرة وابن عباس وضعف الرواية عن الصحابة بإنكاره غير واحد، والله أعلم، وهذا هو المتجه، أن أحاديثه رواه الكافة، وهي مستفيضة، وقيل بتواترها، فلا يخفى هذا على آحاد الصحابة، وقد حصل منه -عليه الصلاة والسلام- سفراً وحضراً بمشهد جمع غفير من الصحابة، فالمتجه تضعيف ما جاء عن الصحابة من إنكاره، والله أعلم.
(21/12)
________________________________________
قال: والذي خفي عليهم ظنوا معارضة آية المائدة للمسح؛ لأنه أمر فيها بغسل الرجلين، وأختلف في الآية مع المسح على الخفين، فقالت طائفة: المسح على الخفين ناسخ للآية قاله الخطابي, قال: وفيه دلالة على أنهم كانوا يرون نسخ القرآن بالسنة، وقال الطبري: مخصص، وقال طائفة: هو أمر زائد على ما في الكتاب، ومعلوم أن السنة تشتمل على أحكام كثيرة جداً لا ذكر لها في الكتاب، أحكام مستقلة، قالت طائفة: هو أمر زائد على ما في الكتاب، وقالت طائفة: بيان لما في الكتاب، ومال إليه أبو العباس، بيان يعني مثل ما في آية النساء، {حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} [(15) سورة النساء] مع حديث عبادة بن الصامت ((خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة، ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)) من أهل العلم من يقول: إن الآية ناسخة لآية النساء، ومنهم من يقول: هي بيان، الذي يرى نسخ القرآن بالسنة ما عنده مشكلة، يقول: نسخت، والذي لا يرى ذلك يقول: هو بيان؛ لأن في الآية ما يشير إلى أن هذا الأمر مؤقت يرفع، وما كان من هذا النوع فليس بنسخ، يعني كما جاء في الأحاديث التي تشير إلى أن عيسى –عليه السلام- إذا نزل في آخر الزمان لا يقبل الجزية، فهذا نسخ للآية وإلا ليس بنسخ؟ {حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [(29) سورة التوبة] ليس بنسخ لأنه توقيت، يعني في النصوص ما يدل على ارتفاع الحكم إذا انتهى وقته، وهنا ((قد جعل الله لهن سبيلاً)) وأيضاً جاء في الحديث ما يدل على المسح، والآية نص في الغسل.
قال: وجميع ما يدعى من السنة أنه ناسخ للقرآن غلط، هذا قول الجمهور، السنة لا تنسخ القرآن، لكن جمع من أهل التحقيق يرون أنه لا مانع؛ لأن الكل وحي، أما أحاديث المسح فهي تبين المراد بالقرآن، إذ ليس فيه أن لابس الخف يجب عليه غسل الرجلين، ليس فيه -في القرآن- أن لابس الخف يجب عليه غسل الرجلين، من أهل العلم من يرى أن المسح في القرآن من أين؟ من قراءة الجر، عطفاً على مسح الرأس، وإنما يكون المسح إذا كان على الرجلين خفان.
(21/13)
________________________________________
إذ ليس فيه أن لابس الخف يجب عليه غسل الرجلين، وإنما فيه أن من قام إلى الصلاة يغسل، والأصل أنه بدون خفين، هذا الأصل، فيغسل الرجلين، وهذا عام لكل قائم إلى الصلاة، لكن ليس عاماً لكل أحواله، بل هو مطلق في ذلك مسكوت عنه.
قال أبو عمر بن عبد البر: معاذ الله أن يخالف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كتاب الله، بل يبين مراده، وطائفة قالت كالشافعي وابن القصار ومال إليه أبو العباس أيضاً -يعني ابن تيمية رحمه الله-؛ لأن الصياغة -صياغة الاختيارات- ليست له، إن الآية قرئت بالخفض والنصب، فيحمل النصب على غسل الرجلين، والخفض على مسح الخفين فيكون القرآن كآيتين، لفظ واحد يؤخذ منه حكمان في نفس المورد هل يمكن أن يؤخذ من لفظ واحد حكمان؟ وهل هذا من باب العمل بحقيقة اللفظ ومجازه الذي يقول به بعض أهل العلم، وإن كان الجمهور على خلافه؟ أو نقول: إن القراءتين كاللفظين؟ لا سيما وأن القراءتين سبعيتان متواترتان، يعني لو كانت القراءة آحاد قلنا: حكمها حكم الخبر، حكمها حكم الحديث، وإن كان بعضهم لا يرى العمل بها أصلاً؛ لأنها إذا لم تثبت قرآن لم تثبت خبر، حديث، هنا لفظ واحد: "أرجلَكم" و"أرجلِكم" يدل على الغسل ويدل على المسح، هل هذا من العمل بحقيقة اللفظ ومجازه الذي ينكره أكثر أهل العلم؟ أو أننا نعتبر أن كل قراءة آية مستقلة؟ وهنا فيكون القرآن كآيتين، هي في الحقيقة آية واحدة، ولذلك قال: كآيتين، ما قال: فيكون القرآن كآيتين، ما قال: فيكون القرآن آيتين، يعني حكماً؛ لأن كل قراءة تدل على غير ما دلت عليه الأخرى، فحكمهما حكم القراءتين.
قال -رحمه الله-: وهل المسح أفضل أم غسل الرجلين؟ أم هما سواء؟ وعطف بـ (أم) والأصل أن يعطف بـ (أو) قال: وهل المسح أفضل أم غسل الرجلين؟ أم هما سواء؟ العطف بـ (أو) لأن العطف بـ (أم) إنما يكون بعد الهمزة.
و (أم) بها اعطف إثر همز التسوية ... أو همزة عن لفظ أي مغنية
(21/14)
________________________________________
قال: وهل المسح أفضل أم غسل الرجلين؟ أم هما سواء؟ في الحديث الصحيح، حديث جابر: ((هل تزوجت بكراً أم ثيباً؟ )) نعم، لكن كلام الشراح طويل في تضمين (هل) أو روي بالمعنى، أو غير ذلك، على كل حال هذا الأصل، ثلاث روايات عن أحمد، والأفضل في حق كل أحد بحسب قدمه، يعني ما يلبس الإنسان من أجل المسح تعبداً، ولا يخلع الإنسان من أجل الغسل تعبداً.
الطالب:. . . . . . . . .
بالنسبة للحديث إذا جاءت رواية صحيحة بلفظ، وجاءت رواية أخرى صحيحة بلفظ آخر، واللفظ والخبر واحد ما تعدد ...
اللهم صل وسلم على نبينا محمد ...
(21/15)
________________________________________
يقول -رحمه الله-: والأفضل في حق كل أحد بحسب قدمه، فللابس الخف أن يمسح عليه ولا ينزع خفيه، اقتداء بالنبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، ولمن قدماه مكشوفتان الغسل، ولا يتحرى لبسه ليمسح عليه، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يغسل قدميه إذا كانتا مكشوفتين، ويمسح إذا كان لابس الخفين، ثم دخل -رحمه الله- في مسح اللفائف والنعل التي يشق نزعها، ويأتي -إن شاء الله تعالى- تفصيل ذلك من خلال الكتاب، لكنه أشار في النهاية، قال: إذا حل الجبيرة هل تنتقض طهارته كالخف؟ على قول من يقول بالنقض أو لا تنقض كحلق الرأس الذي ينبغي أن لا تنتقض الطهارة؟ بناء على أنها طهارة أصل؛ لوجوبها في الطهارتين وعدم توقيتها؟ وأن الجبيرة بمنزلة باقي البشرة؛ لأن الفرض استتر بما يمنع وصول الماء إليه، فأنتقل الفرض إلى الحائل في طهارتين، طهارة لشدها فألحقها بالحوائل البدلية، فتنتقض الطهارة بزوالها كالعمامة والخف، يقول: إذا حل الجبيرة فهل تنتقض طهارته كالخف؟ على قول من يقول بالنقض أو لا تنتقض كحلق الرأس؟ يعني الفرق بينهما شيخ الإسلام -رحمه الله- ممن يرى أن الطهارة لا تنتقض حتى بالخف، وأن هذا ليس من النواقض على ما سيأتي، لكن هنا أورد التردد بين إلحاق الجبيرة بالخف وبين إلحاقها بشعر الرأس، هو -رحمه الله- يلحق الخف بشعر الرأس إذا حلق، مع أن الخف بدل والرأس أصل، فرق بين البدل والأصل، فرق بين الأصل والبدل، الأصل فيه من القوة ما يجعله بهذه المثابة، والبدل ليس فيه من القوة ما في الأصل، هنا يقول: الذي ينبغي أن لا تنتقض الطهارة بناء على أنها طهارة أصل لوجوبها في الطهارتين وعدم توقيتها، هذا يضعف قوله في مسألة الخف –اسمعوا- الذي ينبغي أن لا تنقض الطهارة بناء على أنها طهارة أصل، لوجوبها في الطهارتين وعدم توقيتها، يعني هذا الكلام يضعف قوله بأن نزع الخف لا يبطل الطهارة؛ لأنه يتفق مع الناس كلهم، أن طهارة الخف طهارة فرع وليست بأصل.
الطالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
إيه لا ليست أصل على كل حال، الأصل غسل الرجل.
الطالب:. . . . . . . . .
(21/16)
________________________________________
أنت تنظر إلى أصل الإنسان هل هو بخف وإلا بدون؟ الخف طارئ صح وإلا لا؟ الخف طارئ على المحل، إذاً بأصل.
الطالب:. . . . . . . . .
إذاً نرجع إلى أصله الأصيل في مسألة هل يوجد خلاف الأصل أو لا يوجد خلاف الأصل؟ مع أنه قرر هنا أن الجبيرة طهارتها طهارة أصل، أظن أني ما استطعت أوصل ما أريد.
الطالب:. . . . . . . . .
لا هذا الأفضل، ما قال: الأصل، الأفضل أن يمسح ولا يتعبد بالخلع؛ لأن هذا هو المناسب له، كما يقال: أيهما أفضل الجمع أو التوقيت؟ أيهما أفضل في الرخص؟ نعم نقول: الأرفق بالمسافر هو الأفضل.
الطالب:. . . . . . . . .
قال: كآيتين، ما قال: هما آيتان، كآيتين.
الطالب:. . . . . . . . .
طيب، لكن هذا كلام ما يمشي على قول جماهير أهل العلم، ولا يمشي على كلامه هنا، .... الذي ينبغي أن لا تنتقض الطهارة بناء على أنها طهارة أصل، فدل على أن ما عداها طهارة فرع، إذا أعتبر الجبيرة طهارة أصل لوجوبها في الطهارتين وعدم توقيتها، إذاً الخف طهارة فرع لعدم وجوبها في الطهارتين وتوقيتها، من كلامه، واضح من كلامه، وهذا يضعف قوله -رحمه الله تعالى-: إن خلع الخف على ما سيأتي لا ينقض الطهارة، وأيضاً قدمنا الكلام على هذه المسألة لارتباطها بالجبيرة وإلا الكلام عليها سيأتي بالتفصيل، لكن هل نقول: إن مسح أو خلع الخف مبطل للطهارة ناقض من نواقض الوضوء أو لا؟ ما في أحد يقول هذا، هم يقولونه في التقسيم، لكن ليس هذا مرادهم، مرادهم أن الذي مسح على الخف ثم نزعه يصلي بقدم لا مغسولة ولا ممسوحة، إذاً طهارة ناقصة، يعني ما وجدت الطهارة أصلاً الآن، فيصلي بقدم لا مغسولة ولا ممسوحة، كيف يصلي؟ كشخص غسل جميع أعضاء الوضوء إلا الرجلين يحق له أن يصلي؟ ليس في حقه أن يصلي، وكلام الشيخ هنا إذا ربطناه بكلامه اللاحق في مسألة خلع الخف يتضح، قد يقول قائل: إن الاختيارات التقطت من الفتاوى المصرية ومن غيرها وهي متقدمة على كثير من فتاويه التي في المجموع، ويأتي تفصيل هذا -إن شاء الله تعالى-.
الطالب: أحسن الله إليك على قول من لا يشترط الموالاة في الوضوء؟
(21/17)
________________________________________
الذي لا يشترط الموالاة يغسل رجليه فقط، وهذا يأتي ذكره -إن شاء الله تعالى-، وأن الجبيرة بمنزلة باقي البشرة؛ لأن الفرض أستتر بما يمنع وصول الماء إليه، فأنتقل الفرض إلى الحائل في طهارتين كما ينتقل الوضوء إلى منبت الشعر في الوجه والرأس، نعم هل هو رافع وإلا مبيح؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا هي مسألة إلحاقها بالخف يعني قياسها على الخف هل تنتقض الطهارة؟ والعلة ظاهرة في كون انتقاض الطهارة في الخف؛ لأنه يصلي بعضو لا مغسول ولا ممسوح، وهنا إذا فكت الجبيرة يصلي بنفس العلة، يصلي بعضو لا مغسول ولا ممسوح، وأن الجبيرة بمنزلة باقي البشرة؛ لأن الفرض أستتر بما يمنع وصول الماء إليه، فأنتقل الفرض إلى الحائل في طهارتين كما ينتقل الوضوء إلى منبت الشعر في الوجه والرأس للمشقة لا للشعر، وهذا قوي على قول من لا يشترط الطهارة لشدها، فأما من أشترط الطهارة لشدها فألحقها بالحوائل البدلية فتنتقض الطهارة بزوالها كالعمامة والخف، ويتوجه أن تنبني هذه على الروايتين في اشتراط الطهارة، يقول: قلت: البدل عندنا بحل الجبيرة إن كان بعد البرء وإلا فكالخف إذا خلعه، إن كان بعد البرء وإلا فكالخف إذا خلعه، يقول: البدل عندنا في حل الجبيرة إذا كان بعد البرء وإلا فكالخف إذا خلعه وإن كان قبله -قبل البرء- فوجهان أصحهما كذلك، الشيخ -رحمه الله- في أصل المسألة أجرى الاحتمالات كلها على أن الخف على يعني. . . . . . . . . التنزل لا على رأيه هو، وإلا فمعروف رأيه في الخف، ومن باب أولى الجبيرة، أنها لا تنتقض الطهارة.
الطالب:. . . . . . . . .
مثل حلق الشعر، طهارة أصلية ما تنقض، طهارة أصلية مثل حلق الشعر، طهارة أصلية فيها من القوة ما يجعل الحكم سارياً، ولو أزيل، ولو قطعت الرجل بعد.
الطالب:. . . . . . . . .
قرر مثل ما أنه في حكم الشعر، بمعنى أنه لو حلق الشعر الوضوء صحيح.
الطالب:. . . . . . . . .
نعم نفس الشيء.
الطالب:. . . . . . . . .
لا هو بالنسبة للجبيرة، ما قرر في الخف، لم يلبس البشرة، لا الخف بمنزلة الشعر، هو أورد الاحتمالات شيخ الإسلام يراها أقوى من الخف، فهي بمنزلة البشرة والخف بمنزلة الشعر، في تقريره الذي قرأناه، ويأتي -إن شاء الله- مزيد بيان وإيضاح في الدرس القادم -إن شاء الله تعالى- ....
(21/18)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (22)
شرح قوله: "باب المسح على الخفين: ومن لبس خفيه وهو كامل الطهارة ثم أحدث مسح عليهما يوماً وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، فإن خلع قبل ذلك أعاد الوضوء ولو أحدث وهو مقيم فلم يمسح حتى سافر أتم على مسح مسافر منذ كان الحدث، ولو أحدث مقيماً ثم مسح مقيماً، ثم سافر أتم على مسح مقيم ثم خلع، وإذا مسح مسافراً يوماً وليلة فصاعداً، ثم أقام أو قدم خلع، ولا يمسح إلا على خفين، أو ما يقوم مقامهما من مقطوع وما أشبهه مما يجاوز الكعبين، وكذلك الجورب الصفيق الذي لا يسقط إذا مشى فيه فإن كان يثبت بالنعل مسح، فإذا خلع النعل انتقضت الطهارة، وإذا كان في الخف خرق يبدو منه بعض القدم لم يجزه المسح عليه، ويمسح على ظاهر القدم، وإن مسح أسفله دون أعلاه لم يجزه، والرجل والمرأة في ذلك سواء.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
إذا كان على إحدى يدي أو كلتيهما جبس أو بها جروح يضرهما الماء فكيف التيمم؟
قلنا: فيما سبق أنه يمسح على هذا الجبس؛ لأنه حكمه حكم الجبيرة، يمسح عليه، من أهل العلم من يقول: إذا كانت الجبيرة أكثر من القدر المحتاج إليه فإنه يجمع بين المسح والتيمم.
يقول: هل يلزم الإنسان التيمم لكل صلاة أم يجوز له أن يصلي ما شاء من الفروض والنوافل ما دام لم يحدث بعد التيمم؟
على كل حال هذه مسألة مبنية على التيمم، هل هو من رافع أو مبيح؟ من قال: مبيح قال: يتيمم لكل صلاة، وينتهي بخروج الوقت، يتيمم لكل صلاة، يعني كلما يدخل الوقت يتيمم، والذي يقول: إنه رافع يقول: يكفيه مثل الوضوء، يصلي به ما شاء من فروض ونوافل ما لم ينقضه بأحد نواقض الوضوء أو يجد الماء.
يقول: ما الحكم بمسح الجوارب الخاصة بالنساء حيث تكون جوارب شفافة هل يصح المسح من فعلت ذلك جهلاً وصلت به عدة فروض من قبل هل عليها إعادة؟
المسح على مثل هذا الجورب الشفاف الذي يبين منه محل الفرض لا يجزئ ولا يجوز، فما بان من محل الفرض فرضه الغسل على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-.
الطالب: لكن -أحسن الله إليك- هل تعيد؟
(22/1)
________________________________________
نعم هي تقول: ومن فعلت ذلك جهلاً وصلت به عدة فروض من قبل هل عليها إعادة؟
إذا كان بإمكانها أن تحيط بما صلت في هذه المدة عليها أن تعيد، إذا كانت تحيط ولا يشق عليها، أما إذا كانت لا حصر لها، أو يشق عليها إعادتها، أو أفتاها من ترى أن ذمتها تبرأ بفتياه فلا إعادة عليها.
هل يجوز التلثم في الصلاة في حال وجود بعض الروائح السيئة في المسجد؟ وهل يجوز الاستناد إلى جدار إذا كنت متعب؟
التلثم يطلقون الكراهة، أهل العلم يكرهون التلثم، وإذا وجدت الحاجة ارتفعت الكراهة.
يقول: وهل يجوز الاستناد إلى جدار إذا كنت متعب؟
نعم إذا كنت متعب وتستطيع القيام مع الاستناد فهو أحسن من الجلوس؛ لأنه أقرب إلى الفرض.
هذا من ليبيا يقول: أريد أن اسأل عن أفضل طبعات النكت لابن الصلاح؟
النكت يعني على ابن الصلاح، إن كانت للحافظ ابن حجر فطبعة الجامعة الإسلامية بتحقيق الشيخ ربيع جيدة، ورسالة علمية طيبة، وإن كانت نكت الحافظ العراقي فطبعة الشيخ أسامة الخياط طيبة، على أن الشيخ طارق عوض الله يقول: إنه جمع بين الحاشيتين بين نكت الحافظ العراقي ونكت الحافظ ابن حجر وحققهما تحقيقاً على نسخ، يقول: إنه استدرك على الطبعات السابقة، وهي الآن في الطبع.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: المسح على الخفين
ومن لبس خفيه وهو كامل الطهارة ثم أحدث مسح عليهما يوماً وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، فإن خلع قبل ذلك أعاد الوضوء ولو أحدث وهو مقيم فلم يمسح حتى سافر أتم على مسح مسافر منذ كان الحدث، ولو أحدث مقيماً ثم مسح مقيماً، ثم سافر أتم على مسح مقيم ثم خلع، وإذا مسح مسافراً يوماً وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم خلع، ولا يمسح إلا على خفين، أو ما يقوم مقامهما من مقطوع وما أشبهه مما يجاوز الكعبين، وكذلك الجورب الصفيق الذي لا يسقط إذا مشى فيه، فإن كان يثبت بالنعل مسح فإذا خلع النعل انتقضت الطهارة، وإذا كان في الخف خرق يبدو منه بعض القدم لم يجزه المسح عليه، ويمسح على ظاهر القدم، وإن مسح أسفله دون أعلاه لم يجزه، والرجل والمرأة في ذلك سواء.
(22/2)
________________________________________
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: المسح على الخفين
تقدم الكلام على المسح على الخفين إجمالاً وما ورد فيه من نصوص، وأنه ثبت عن أربعين من الصحابة وأنه ليس في النفس شيء من المسح على الخفين كما يقول الأئمة، فهو ثابت ثبوتاً قطعياً، ودلت عليه الأدلة القطعية من فعله -عليه الصلاة والسلام- ومن قوله، كما أنها .... إلى منتصف الساق يغطي الخف، وهذا حكمه حكم من لبس خفاً على خف على ما سيأتي، وفي حكم الخفين الجوارب، وكانت في السابق تلبس فوق الخف، الجوارب يلبسونها فوق الخف، وهي الآن مما يلبس تحت الخف، على كل حال المسألة مسألة اصطلاح، لعل الأخفاف لا تثبت إلا بالجوارب إذا لبست فوقها، كالشد لها.
قال -رحمه الله-: "ومن لبس خفيه وهو كامل الطهارة" يعني أن جميع فروض الوضوء قد تمت وكملت من غسل اليدين المستحب، المضمضة والاستنشاق، وغسل الوجه، ثم غسل اليدين المفروض، ثم مسح الرأس، ثم غسل الرجلين كلتيهما، بهذا تكمل الطهارة، فإذا غسل الرجل اليسرى التي هي آخر الوضوء، ثم أدخل الخفين في القدمين جاز له أن يمسح عليهما، وماذا عن ما لو غسل إحدى القدمين فألبسها الخف، غسل الرجل اليمنى ثم أدخلها الخف قبل أن يغسل اليسرى، فإذا غسل اليمنى أدخلها الخف، ثم إذا غسل اليسرى أدخلها الخف، فما الحكم؟
الطالب: لم يلبس اليمنى. . . . . . . . .
نعم المذهب على أنه لا يصح المسح في هذه الحالة؛ لأنه في حديث المغيرة لما أهوى لينزع الخفين من قدميه -عليه الصلاة والسلام- قال: ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) حال من الاثنتين ليست من واحدة، لكن هل يصلح التفريق بين الحالين وصاحبيهما؟ إذا قلت: جاء زيد وعمرو ضاحكين، يعني تتصور أن زيد جاء الصباح وعمرو جاء المساء كلاهما ضاحك أو مجتمعين؟ ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)).
الطالب:. . . . . . . . .
هاه؟
الطالب:. . . . . . . . .
(22/3)
________________________________________
المثال يحتمل، يعني جاء زيد ضاحكاً، ثم جاء عمرو ضاحكاً هذا في الصباح وهذا في المساء، لكن ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) يعني حال كونهما طاهرتين، السؤال هل يصح أن تغسل القدم اليمنى ثم تدخل الخف ثم تغسل القدم اليسرى ثم تدخل الخف؟ أو نقول مثل ما قال المؤلف: وهو كامل الطهارة؟ لأنه إذا غسل الرجل اليمنى دون اليسرى هل يقال: إنه كامل الطهارة؟ غير كامل الطهارة، ناقص الطهارة، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا الطهارة التي يستباح بها ما تشترط له.
الطالب:. . . . . . . . .
((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) يعني ظاهر السياق أن القدمين طاهرتين، هل يتصور أن المراد بالطاهرتين الخفين؟ لا، ما أحد يقول بهذا، نعم طهارة الخف لا بد منه، لا بد من طهارة الخف، لكن ليست هي المقصودة في الحديث ((دعهما فإني أدخلتهما)) في القدمين حال كون القدمين طاهرتين، وهذا لا يتم إلا بطهارة القدمين معاً، ولهذا يقول المؤلف: "ومن لبس خفيه وهو كامل الطهارة فلا يصح إذا غسل الرجل اليمنى ثم أدخلها في الخف، ثم غسل اليسرى ثم أدخلها في الخف، هذا ظاهر من سياق المؤلف، وهو الذي يؤيده حديث المغيرة، لكن افترض أن شخصاً فعل هذا، غسل اليمنى ثم أدخلها في الخف، ثم غسل اليسرى فأدخلها في الخف، كيف يصحح؟ يغسل القدمين مرة ثانية أو يكتفي بغسلهما؟ نعم؟ قالوا: التصحيح بنزع اليمنى ثم لبسها؛ لأن اليسرى لبسها حال كونهما طاهرتين على الشرط، لكن اليمنى لبسها مع تخلف الشرط فعليه أن ينزع الخف من الرجل اليمنى ثم يلبسها ثانية، هل لهذا أثر أو هو مجرد عبث؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا، ما هو مرده هذا، مرده أن الرجل اليسرى يصح أنها أدخلت في الخف بعد كمال الطهارة، اليمنى أدخلت في الخف قبل تمام الطهارة.
الطالب: فإذا نزع وغلسها ....
ما يغسل لا هو مجرد ما ينزع ويلبس بس، من دون غسل؛ لأنه غسلها سابقاً.
الطالب: إذاً تقول: لبست بعد تمام الطهارة يا شيخ.
(22/4)
________________________________________
يعني هو لبسها قبل تمام الطهارة، قالوا: التصحيح هل يلزم غسل القدم ثانية؟ ما يلزم غسلها، على الوجه المطلوب إنما هذا لاستباحة المسح، ويكون هذا على ما قرروا بنزع الخف من القدم اليمنى فقط ثم لبسها، وأما اليسرى فيصح أنه لبسها بعد كمال الطهارة.
الطالب:. . . . . . . . .
هاه؟
الطالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
(22/5)
________________________________________
ليكون لبس اليمنى كاليسرى بعد كمال الطهارة، هذا الذي دعا من يقول: إن هذا مجرد عبث، هذا الذي دعا من يقول: إن هذا مجرد عبث، يعني مجرد نزع الخف ولبسه وش صار؟ ما صار شيء، لكن فيه امتثال للخبر، يعني هناك أمور قد لا ندركها، هذه أمور تعبدية الشرط في المسح على الخف أن تدخل بعد كمال الطهارة، واليمنى ما أدخلت بعد كمال الطهارة، قبل كمال الطهارة أدخلت، فعلى هذا لأن الإدخال نفسه ملحوظ، ((دعهما فإني أدخلتهما)) فإذا نزعناها من القدم اليمنى ثم لبسناها صح أننا أدخلناها بعد كمال الطهارة، يعني كوننا ندرك العلة ما ندرك هذا شيء ثاني، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ على كلام المؤلف وهو المتجه، يقول: "ومن لبس خفيه وهو كامل الطهارة" وهو الذي يفيده حديث المغيرة: ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) إذا لبس اليمنى قبل غسل الرجل اليسرى هل يصح أنهما أدخلهما طاهرتين أو طاهرة واحدة؟ طاهرة واحدة، ما يكون طاهرتين، اللهم إلا إذا قلنا بالتجزئة، وقلنا: مقابلة التثنية بالتثنية تقتضي الإفراد كالجمع، واضح وإلا ما هو بواضح؟ إذا قلنا: مقابلة الجمع بالجمع تقتضي القسمة أفراد، ركب القوم دوابهم يعني كل واحد ركب دابته، كان الرجال والنساء في عصر النبي -عليه الصلاة والسلام- يتوضئون جميعاً، يعني كل واحد مع زوجته، جميعاً يعني كل واحد وزوجته، الجمع مع الجمع يقتضي القسمة أفراد، هل نقول: إن المثنى مع المثنى يقتضي القسمة أفراد أو لا؟ نحن نعلم أن عند من يقول: إن أقل الجمع اثنين ما فيه إشكال، لكن الكلام ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) هل هو حال من الخفين أو حال من القدمين؟ حال من القدمين بلا إشكال، إذاً لا بد من طهارة القدمين، افترض أن شخصاً خالف يعني قبل اللبس نقول: لا تلبس، هذا شخص غسل اليمنى فأدخلها في الخف، ثم غسل اليسرى فأدخلها في الخف، قلنا: أخطأت، كيف أصحح؟ نقول له: انزع الخف اليمنى من القدم اليمنى ثم ألبسها فقط، يقول: يا أخي هذا عبث، بس أفسخ وألبس ليش؟ والذي يقول: بأنه لا يلزمه أن ينزع يقول: هذا مجرد عبث، لكن هل لنا أن نبحث في مثل هذه الأمور والشرط واضح من النص؟ ما قالوا: تجزئه ولا غيره، قالوا: إن مجرد خلعه عبث، وإلا هم يلزمون
(22/6)
________________________________________
قبل ذلك، نقول له: النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) ما جزّأت، على كل حال ظاهر النص يقتضي وجوب إدخال الخفين حال كون القدمين معاً طاهرتين، هذا ظاهر من النص، لكن إذا فعل خالف مثلاً هل نقول له: مثلاً اخلع لتلبس على كمال الطهارة؟ أو نقول: أنت فعلت وهذا عملك ما له أثر في مسألة المسح؟ نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا، لا يرتفع الحدث إلا بآخر عضو يغسل.
الطالب:. . . . . . . . .
لكن طاهرتين، ما قال: على طهارة؛ لنقول: الطهارة الكاملة، طاهرتين لما قسم الطهارة على العضوين عرفنا أن المراد بالطهارة هنا الغسل فقط بغض النظر عن ارتفاع الحدث.
الطالب:. . . . . . . . .
طاهرتين؟ هو عليه حدثين؟ لأن التثنية دلالتها أدق من دلالة الجمع والمفرد، دلالتها قطعية على مقابلها، يعني الجمع والمفرد يحتمل أمور، ولذلك لما خلقت بيدي من أقوى نصوص إثبات اليد لله -جل وعلا-؛ لأن التثنية ما تحتمل، فهنا لو كان المراد الطهارة التي هي رفع الحدث ما جاء بتثنية، طاهرتين يعني القدمين، ولا يريد بذلك رفع الحدث؛ لأن رفع الحدث يرتفع بالكل، ما قال: فإني أدخلتهما على طهارة، عرفت الفرق؟
الطالب:. . . . . . . . .
إيه هنا يريد بذلك الغسل، على كل حال مما قيل في المسألة مما يستدل به في المذهب ما ذكره الشيخ صالح، أن الحدث ما أرتفع، ولذلك لو يبقى جزء من القدم اليسرى ما يستبيح به شيء؛ لأنه ما يرتفع به الحدث، وهو كامل الطهارة، يعني بجميع الأعضاء التي أمر الله بغسلها.
مسألة العبث وما العبث يعني كوننا ندرك الحكم أو ما ندرك ما يلزم، إنما ليتم الامتثال وهو إدخال الخفين القدمين حال كون القدمين طاهرتين لا يتم إلا بخلع الخف اليمنى ثم لبسها، ندرك أو ما ندرك هذا ليس علينا علينا الامتثال.
الطالب:. . . . . . . . .
يعني بعد مسح ما هو قبل المسح، يعني لو كملت الطهارة ثم لبس الخفين ثم خلعهما قبل نقض الوضوء، يعني على طهارته الأولى، ما فيه إشكال أبداً، لكن الإشكال فيما لو لبس الخفين بعد كمال الطهارة، ثم أحدث، ثم مسح، ثم خلع.
الطالب:. . . . . . . . .
(22/7)
________________________________________
لا، لا، ما هو بهذا، اليمنى في مسألتنا، أما المسألة التي تشير إليها أنه إذا مسح ثم خلع هذا تبطل الطهارة، يقولون: تبطل الطهارة، يورد عليهم أن هذا ليس من نواقض الوضوء، يعني خلع الخف ليس من نواقض الوضوء، نقول: نعم ليس من نواقض الوضوء، لكن إن صليت بهذه الطهارة صليت بقدم لا مغسولة ولا ممسوحة، يعني طهارة ناقصة، كأنك ما غسلت رجليك أصلاً، ويأتي هذا.
"ومن لبس خفيه وهو كامل الطهارة ثم أحدث مسح عليهما يوماً وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر، فإن خلع قبل ذلك أعاد الوضوء" هذه هي المسألة، ثم أحدث، لبس ثم أحدث، يعني بداية المسح تبدأ من أين؟ على كلامه هو؟ على الحدث، تبدأ من أول حدث بعد كمال الطهارة وبعد اللبس، وقوله فيما بعد: ولو أحدث مقيم فلم يمسح حتى سافر أتم مسح مسافر، وش يفهم من هذا؟ أنه علق المدة بالمسح لا بالحدث، الآن في بداية كلامه ثم أحدث مسح عليهما، كأنه يربط بداية المدة بالحدث بعد اللبس، لكن المسألة التي تليها ولو أحدث مقيم، تطهر طهارة كاملة ثم لبس ثم أحدث، وهو مقيم ثم لم يمسح إلا في السفر، تبدأ المدة من المسح، فلم يمسح حتى سافر أتم على مسح مسافر، منذ كان الحدث؛ لأنه لو بدأت المدة من الحدث لغلبنا جانب الحضر، وهذه جادة المذهب، لو بدأت المدة منذ الحدث لغلبنا جانب الحضر كما هي جادة المذهب، لكن كأنه هنا ما جرى على قاعدة واحدة، ففي الأول قال: " ثم أحدث مسح عليهما يوماً وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر" ولو أحدث وهو مقيم فلم يمسح حتى سافر أتم على مسح مسافر منذ كان الحدث، يعني هو يعتبر المدة تبدأ من الحدث، لكن لو كانت المدة تبدأ من الحدث ثم كان الحدث وجد الحدث وهو مقيم غلبنا جانب الحضر، كما يغلبونه في الجمع والقصر، الجمع والقصر يغلبون جانب الحضر، وكذلك المسح لأنها رخص واحدة من رخص السفر، الذي يرخص في هذا يرخص في هذا، على كل حال الخلاف معروف في المسألة، هل المدة تبدأ من الحدث أو تبدأ من أول مسح؟ فتعليق الحديث المدة على المسح يمسح المقيم كذا ويمسح المسافر كذا يدل على أن المدة تبدأ من المسح، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
(22/8)
________________________________________
لا، لا، عندهم المدة تبدأ من أول حدث بعد اللبس، هذا معروف واضح في المذهب.
الطالب:. . . . . . . . .
لا، لا، كلامهم محسوب بالحرف، لا هم جادتهم أن المدة تبدأ بالحدث بعد اللبس، هذا المعروف في المذهب، القول الثاني: أنها تبدأ من المسح؛ لأن النص علق المدة بالمسح، يمسح المقيم يوماً وليلة، ويمسح المسافر ثلاثة أيام بلياليها، فعلقه بالمسح، فعلى هذا المدة تبدأ من أول مسح.
الطالب:. . . . . . . . .
وين؟
الطالب:. . . . . . . . .
شوف الآن الثمرة من الخلاف لو توضأ لصلاة العصر توضأ لصلاة العصر ثم مكث طاهراً وصلى به المغرب والعشاء بالطهارة الأصلية ما مسح إلى الآن، أحدث بعد صلاة العشاء مباشرة، ولم يمسح إلا لصلاة الصبح متى تبدأ المدة؟
الطالب: على المذهب تبدأ من حين الحدث.
تبدأ من الحدث، والقول الآخر يبدأ من المسح، يعني يحسب من صلاة الصبح، صلاة الصبح الثانية ما يمسح، يكون مسح يوم وليلة، لكن على المذهب أنه تنتهي المدة بصلاة العشاء من اليوم الثاني، من أول حدث، فعلى هذا لو أراد أن يصلي تهجد فهل يمسح أو لا يمسح؟ وقد أحدث بعد صلاة العشاء، ولم يمسح إلا لصلاة الفجر؟ على المذهب لا؛ لأنه خلاص انتهت المدة، ما يمسح، وعلى القول الآخر الذي يعلق الترخص ويعلق المدة بالمسح يمسح إلى صلاة الفجر.
الطالب:. . . . . . . . .
نعم الوارد في النص.
الطالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
ما دليل الحدث؟
الطالب:. . . . . . . . .
وش قالوا؟
الطالب:. . . . . . . . .
ماذا؟
الطالب:. . . . . . . . .
السبب الموجب للمسح، وإذا كان سبب؟
الطالب:. . . . . . . . .
هاه؟
الطالب:. . . . . . . . .
علة هي، ما لهم دليل واضح، تعليل، هو المرجح عندي أنا أنه يبدأ من المسح، يبدأ من وقت الترخص، والترخص من أول مسح، كلامه يؤيد هذا أنه إذا مسح فلم يمسح حتى سافر أتم على مسح سافر، ولو كان يبدأ من الحدث لغلبوا جانب الحضر كما هي قاعدتهم.
الطالب:. . . . . . . . .
من أول مسح، لا هو الحدث، من أول حدث بعد اللبس.
الطالب:. . . . . . . . .
(22/9)
________________________________________
وش الفرق بين القولين؟ الفرق بين القولين أنه إذا لبس الخف على طهارة واستمر، قلنا: لبسها لصلاة العصر، توضأ لصلاة العصر، لبس الخف، ثم استمر طاهراً ومسح لصلاة المغرب والعشاء وهو على طهارة تجديد، ولم تنتقض طهارته إلا بعد صلاة العشاء، شوف الآن عكس المسألة الأولى يكون المذهب أوسع من القول الثاني، واضح وإلا ما هو بواضح؟ الفرق بين المسألتين: المسألة الأولى أنه توضأ طهارة كاملة لصلاة العصر فلبس الخفين، واستمر على وضوئه إلى أن صلى العشاء ثم أحدث، ولم يمسح إلا لصلاة الصبح، المذهب ينتهي من بعد صلاة العشاء، في الوقت الذي أحدث فيه، والقول الثاني من أول مسح، يعني لصلاة الفجر، يعني أضيق من هذا فيما لو استمر على طهارته إلى بعد صلاة العشاء لكنه مسح مجدداً الوضوء لصلاة المغرب وصلاة العشاء، ينتهي بالمسح، ينتهي بصلاة المغرب، هذا الذي يعلق بالمسح لا يفرق بين كونه بعد حدث أو لا، والذي يعلقه بالحدث يقول: إذا لم يحدث ما عليه، ما يحسب شيء؛ لأن وضوءه هذا لا أثر له، وضوء التجديد لا أثر له في الواقع، لو تركه ما صار شيء، فكيف يحسب عليه وهو في الحقيقة قدر زائد على القدر المطلوب؟ نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
ظاهر النص يمسح، فمسح هذا، يمسح يوم وليلة ومسح، والنص ما فيه فرق بين المسح في الوضوء الواجب وفي الوضوء المستحب، فالذي يظهر تعليقه بالمسح يعني لو استمر مدة طويلة لم يمسح، لو جّمع جمع تقديم، ثم جّمع جمع تأخير صلى الصلاتين الأوليين ثم جّمع جمع تأخير في منتصف الليل، تبدأ المدة من متى؟ من منتصف الليل، إذا مسح للمغرب والعشاء.
(22/10)
________________________________________
"ثم أحدث مسح عليهما يوماً وليلة للمقيم، وثلاثة أيام ولياليهن للمسافر" وجاء بهذا الخبر، حديث علي وغيره "فإن خلع قبل ذلك أعاد الوضوء" لبس الخف بعد كمال الطهارة لصلاة العصر، ثم صلى المغرب والعشاء بالمسح ثم خلع، بعض الناس يتضايق من النوم بالخفين أو الجوربين، ويخلعهما للنوم، وبعد صلاة العشاء طاهر ما أحدث، فأراد أن يصلي ما كتب له قبل أن ينام، بعد أن خلعهما، على كلامه "فإن خلع قبل ذلك أعاد الوضوء" وشيخ الإسلام ومن يقول بقوله يقول: لا إعادة عليه؛ لأن الخلع ليس من نواقض الوضوء، وهو يشبه بهذا المسح على الرأس ثم حلق الشعر، ونقول: أولاً: ليس هذا من نواقض الوضوء، ليس بناقض، لكن الطهارة كاملة أو ناقصة؟ إذا أراد أن يصلي بالوضوء وضوء العشاء الذي مسح به ثم خلع هذه القدم التي يصلي بها مطلوب شرعاً إما الغسل وإما المسح، ولا واحدة منهما، لا قدم مغسولة ولا خف ممسوحة، فكيف يصلي بقدم لا ممسوحة ولا مغسولة؟
سم.
الطالب:. . . . . . . . .
إيه.
الطالب:. . . . . . . . .
(22/11)
________________________________________
شيخ الإسلام -رحمه الله- هنا يقول: فإن خلع قبل ذلك أعاد الوضوء، مسح واستمر على طهارته ثم خلع، الخلع هذا لا يذكر في نواقض الوضوء، ونظره شيخ الإسلام بمسح الرأس ثم حلق الشعر، لكن وإن لم يذكر في نواقض الوضوء إلا أنه إذا صلى بهذه القدم المكشوفة التي لم يغسلها، ولا يسوغ له مسحها، وليس عليها ما يمسح فكأنه توضأ وضوءاً لم يغسل فيه قدميه، الذين لا يقولون بالموالاة يقولون: يكفيه إذا خلع الخفين يغسل قدميه فقط؛ لأنه الموالاة ليست بلازمة، والذين يشترطون الموالاة لا يكفي أن يغسل قدميه؛ لأن الموالاة غير موجودة، أولاً: القياس قياس القدم الممسوحة على خفها على الرأس بشعره ثم حلق الشعر قياس مع الفارق، لماذا؟ لأن مسح الرأس طهارة أصلية، طهارة أصل، ومسح الخف فرع، وليست بأصل، وفرق بين الأصل وبين الفرع، الأصل فيه من القوة ما يجعله يحتمل مثل هذا، وأما بالنسبة للفرع فليس فيه من القوة ما يحتمل مثل هذا، كما فرق الحنفية بين النية في الوضوء، والنية في التيمم، قالوا: إن الوضوء طهارة أصل لا يحتاج إلى نية، فيه قوة، وطهارة التيمم فرع، طهارة فرع فليس فيه من القوة ما يقويه لينهض أن يكون شرعياً دون نية، شيخ الإسلام أيضاً في كلامه الماضي في الدرس السابق، فيه ما يدل على تفريقه بين الأصل والفرع، في كلامه ما يجعله يفرق بين الفرع والأصل، يقول: وإذا حل الجبيرة فهل تنتقض طهارته كالخف على من يقول بالنقض أو لا تنقض؟ كحلق الرأس الذي ينبغي أن لا تنتقض الطهارة بناء على أنها طهارة أصل، لوجوبها في الطهارتين وعدم توقيتها، المسح على الخف هل يكون مثل الجبيرة، يعني مقتضى قوله بناء على أنها طهارة أصل لوجوبها في الطهارتين وعدم توقيتها إذاً المسح على الخف فرع لماذا؟ لعدم وجوبها في الطهارتين عكس ما قال، وتوقيتها، فيفرق بين الخف وبين الجبيرة؛ لأن الجبيرة أصل والخف فرع، فما دام يفرق بهذا فليفرق بين الخف والرأس من باب أولى، هذا ظاهر من كلامه.
الطالب:. . . . . . . . .
(22/12)
________________________________________
يعني لا ينتقض إلا بدليل، لكن الآن ما أنت بتتقرب إلى الله -جل وعلا- بعبادة مشترط فيها الطهارة، يشترط لها الطهارة، قدمك وش مسوي بها أنت؟ غاسله أو ماسحه؟ سؤال؟ ما هي مغسولة ولا ممسوحة واضحة يا أخي، فكما لو توضأت وضوءاً ما غسلت فيه رجليك نفس الشيء.
الطالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
هذا نفسه أنت قدميك ما حالهما؟ حال القدمين وش هو؟ انظر حالك أثناء صلاتك، أنت تصلي بأعضائك التي أمر بغسلها، كلها مغسولة إلا القدمين.
الطالب:. . . . . . . . .
لازم تنظر.
الطالب:. . . . . . . . .
إيه، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
وش يقول؟
الطالب:. . . . . . . . .
درست الخبر؟ أنت درسته؟ لكن درسته صحيح وإلا ما هو بصحيح؟
الطالب:. . . . . . . . .
راجعه، راجع الخبر.
الطالب:. . . . . . . . .
وش هو؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا ما يصلي، خلاص انتقض وضوؤه.
الآن الشيخ -رحمه الله- يفرق بين طهارة الأصل وطهارة الفرع، يفرق بين الخف والجبيرة؛ لأن الجبيرة أصل يمسح عليها في الطهارتين؛ فلأن يفرق بين الرأس وبين الخفين من باب أولى، يعني الرأس أدخل في الأصل من الجبيرة، يعني الجبيرة لو أردنا أن ننظر إليها من خلال الواقع واقعها، ليست أصل فرع، لكنها تشبه الأصل باعتبار أنها عزيمة من جهة، وباعتبار أنها في الطهارتين، وباعتبار أنها -كما قال الشيخ- عدم التوقيت، وبهذا تختلف عن الخف،. . . . . . . . . الأصل باعتبار أنها عزيمة من جهة، وباعتبار أنها في الطهارتين، وباعتبار أنها كما قال الشيخ عدم التوقيت، وبهذا تختلف عن الخف.
الطالب:. . . . . . . . .
الرأس من باب أولى أجل، إذاً لا نقيس هذا على هذا، لكن إذا الشيخ قال كلام -رحمه الله- انتهى الإشكال، "إذا قالت حذام فصدقوها" هو مشكلة الآن هو إمام من أئمة المسلمين، الغالب معه الإصابة، لكن ليس بمعصوم، وكثير من طلاب العلم إذا وثق بعالم خلاص يسلم له القياد، إذا هجم هذا العالم على عقله وغطاه عن كل شيء، يعني في كلام ابن القيم أحياناً يجلب على مسألة بجميع ما أوتي من قوة وبيان، ثم بعد ذلك طالب العلم يستسلم، ولا يتسنى له أن ينظر في دقائق الأمور.
(22/13)
________________________________________
الطالب:. . . . . . . . .
أئمة ما عندنا إشكال، وقدوات وأهل علم وعمل، لكن ليسوا بمعصومين.
يقول: إذا غسل الرجل اليمنى ثم قام بتجفيفها قبل أن يغسل اليسرى هل يجزئ الوضوء؟
مثل هذا لا يقطع الموالاة، إنما إذا جفت في الوقت المعتدل، يعني في الجو المعتدل، انقطعت الموالاة، أما إذا جففها ما يقطع الموالاة هذا.
(22/14)
________________________________________
يقول: "إذا أحدث وهو مقيم" توضأ للعصر ثم لبس الخفين صلى العصر أحدث ثم سافر مباشرة، فلم يمسح لصلاة المغرب إلا بعد أن سافر، فلم يمسح حتى سافر أتم على مسح مسافر، وهذا يجري على قول من يقول: إن العبرة في بداية المسح لا الحدث، أما من يقول: إن العبرة في البداية الحدث يلزمه أن يمسح مسح مقيم تغليباً لجانب الحضر "أتم على مسح مسافر منذ كان الحدث" هو يريد أن يربط بين الأمرين، هو ما دام ما ترخص إلا في السفر فيترخص ترخص مسافر، وما دام أحدث في الحضر قبل الترخص، والبداية تبدأ من الحدث يقول: يمسح ... ، أنت افترض أنه مثل ما قلنا في المسألة: أحدث بعد صلاة العصر ثم سافر وجمع جمع تأخير في منتصف الليل، ومسح لصلاتي المغرب والعشاء قبيل منتصف الليل، يبدأ المسح من بعد صلاة العصر من الحدث، ومع ذلك يمسح ثلاثة أيام مسح مسافر؛ لأنه ما باشر الرخصة إلا في السفر، وعلى القول بأنه إنما يبدأ بمباشرة الرخصة من المسح لا تنتهي المدة إلا قبيل منتصف الليل من اليوم الثاني، يقول: ولو أحدث وهو مقيم فلم يمسح حتى سافر أتم على مسح مسافر منذ كان الحدث، قال: "ولو أحدث مقيماً" يعني حال كونه مقيماً "ثم مسح مقيماً ثم سافر أتم على مسح مقيم ثم خلع" لأنه باشر المسح في الحضر، في الصورة الأولى باشر المسح في السفر فيتم مسح مسافر، في الصورة الثانية باشر الرخصة في الحضر فيمسح مسح مقيم "ولو أحدث مقيماً ثم مسح مقيماً" يعني في صورتنا الأولى افترض أنه لبس الخف بعد أن توضأ لصلاة الظهر، ثم مسح عليها العصر وهو مقيم صلى العصر ثم سافر، يمسح مسح مقيم؛ لأنه بدأ بالرخصة بالمسح وهو مقيم، إذاً يتم مسح مقيم "أتم على مسح مقيم ثم خلع" يوم وليلة "وإذا مسح مسافراً يوماً وليلة فصاعداً ثم أقام" مسح مسافراً يوم وليلة فصاعداً، يعني مسح يوم وليلة، أو يوم وليلتين، أو يومين وليلة، يعني نصف المدة، فصاعداً أو يومين، ثم أقام، يعني هو مسافر يريد أن يسافر ثلاثة أيام، ويريد أن يترخص ثلاثة أيام، ثم طرأ له ما يقطع السفر ويعود إلى أهله، مسح يومين مسافراً، ثم عاد إلى أهله نقول: أنت بدأت المسح في السفر كمل مسح السفر.
الطالب: لا.
(22/15)
________________________________________
نعم، يقول: "وإذا مسح مسافراً يوم وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم" يعني خلاص كان مسافر وقال: والله جاز لي هذا البلد أبا استمر، نوى الإقامة، ثم أقام أو قدم إلى بلده لظرف اعتراه أتم على مسح مقيم ثم خلع، لماذا في الأول لما باشر في السفر يتم مسح مسافر، باشر في الحضر يتم مسح مقيم، هنا باشر في السفر وقطع السفر، يتم مسح إيش؟ نعم ينتهي بانتهاء ... ، طيب افترض أنه مسح يوم أو يومين في السفر، مسح يوم في السفر، ثم قطع سفره وعاد إلى بلده، أو نوى الإقامة يستأنف مسح مقيم من قطعه نية السفر؟ نعم؟
الطالب: يخلع.
أتم على مسح مقيم ثم خلع، هذا مسح يوم وليلة، أو يومين وليلة، مسح سبعة فروض، أو ثمانية فروض، ثم قطع نوى الإقامة، نقول: اخلع الآن أو استأنف يوم وليلة؟ انظروا في العبارة.
الطالب:. . . . . . . . .
هاه؟
الطالب:. . . . . . . . .
نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
لأننا إذا غلبنا جانب الحضر استوفى مدة الحضر وزيادة، يقول: "وإذا مسح مسافراً يوم وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم أتم على مسح مقيم ثم خلع" وش عندكم؟
الطالب: عندنا خلع بس.
بس، عندنا أو قدم أتم على مسح مقيم ثم خلع، لا أتم على مسح مقيم ثم خلع، يعني إذا كان مسح يوم وليلة خلاص يخلع فوراً، أو أكثر، وإذا كان ....
الطالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
الطالب:. . . . . . . . .
هي مشوشة بعد، ما هي مجرد زائدة، هي مشوشة؛ لأنه في المسألة كيف يتم مسح مقيم وهو مسافر؟ مسح يوم وليلة أو أكثر، تأملوا العبارة، يقول: "وإذا مسح مسافراً يوماً وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم أتم على مسح مقيم ثم خلع" يعني هذا يتصور فيما إذا لم يكمل اليوم والليلة يتم مسح مقيم، لكن هذا أتم مسح مقيم وزيادة، يوم وليلة كاملة، أو يوم وليلة فصاعداً؟ كيف يقال: أتم على مسح مقيم؟
الطالب:. . . . . . . . .
يقول: وإذا مسح مسافراً -حال كونه مسافراً- يوم وليلة، انتهينا من يوم وليلة.
الطالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
وش الطبعة اللي معك؟ ارفع خلني أشوفها.
اللي مع الزركشي؟ هات أشوف.
(22/16)
________________________________________
لا اللي عندنا التوضيح ما هو بتوضيح، هذا يوجد إشكال "وإذا مسح مسافر يوم وليلة ثم أقام أو قدم خلع" وين هي؟ قال، وش اللي بين القوسين أجل؟ قال الثانية.
طالب: وكذلك يا شيخ في نسخة المغنى.
وش يقول؟
الطالب: وإذا مسح مسافر أقل من يوم وليلة ثم أقام أو قدم أتم على مسح مقيم وخلع.
هذا واضح، هذه العبارة واضحة، وهنا يقول: وإذا مسح مسافراً أقل من يوم وليلة.
طالب: عندي أقل.
ثم أقام أو قدم أتم على مسح مقيم، هذه واضحة العبارة هذه، لكن الإشكال في عبارة المتن اللي معنا، حتى هنا فيه في الشرح، الشيخ لما علق على الكتاب عبارة المتن: "وإذا مسح مسافراً يوم وليلة فصاعداً، ثم أقام وقدم" نفس الشيء الذي عندنا، ثم قال بين قوسين: "وإذا مسح مسافراً يوم وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم خلع" هذا لا شك أنها ركيكة، فالعبارة الصحيحة الأولى: "وإذا مسح مسافراً أقل من يوم وليلة ثم أقام أو قدم أتم" كيف يتمه وهو متم من الأصل؟ يعني العبارة التي معنا في المتن ما تأتي، كيف يتم مسح مقيم وهو مستوفي مسح المقيم في السفر؟ فعلى هذا العبارة: "وإذا مسح مسافراً أقل من يوم وليلة ثم أقام أو قدم أتم على مسح مقيم وخلع" هذا واضح ذا، وعلى هذا لو مسح في السفر ثلاثة أوقات ثم نوى الإقامة كان له أن يمسح ثلاثة أيام، لكنه نوى الإقامة قال: وجاز ها البلد خلاص ما أنا براجع، أو رجع جاءه ظرف طارئ ثم رجع إلى بلده وما مسح إلا ثلاثة أوقات يكمل اليوم والليلة خمسة أوقات ثم ينتهي، ثم يخلع الخف، هذا واضح، أما العبارة التي في المتن هنا لا شك أن فيها شيء من الاضطراب، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(22/17)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (23)
المسألة التاسعة: قال الخرقي: "ولو أحدث مقيماً ثم مسح مقيماً ثم سافر أتم على مسح مقيم ثم خلع، وهي الرواية الصحيحة، وبها قال الشافعي لأنها عبادة يختلف قدرها بالحضر والسفر، فإذا تلبس بها في الحضر ثم سافر غلّب حكم الحضر كالصلاة، والثانية يمسح مسح مسافر، وبها قال أبو حنيفة، اختارها أبو بكر وأستاذه الخلال، وقال الخلال: رجع أحمد عن الأولى لأن السفر موجود مع بقاء المدة، فجاز أن يمسح مسح مسافر كما لو أنشأ المسح في السفر.
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
في آخر مسألة في الدرس الماضي من المسائل التي يختلف فيها المؤلف مع غلام الخلال، مما ذكر في الطبقات معكم وإلا؟
طالب: إيه قرأنها يا شيخ.
قرئت؟
طالب: اللي أذكر أنها قرئت.
لا، لا.
طالب: طيب نقرأها يا شيخ؟
نعم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيه محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
المسألة التاسعة: قال الخرقي: "ولو أحدث مقيماً ثم مسح مقيماً ثم سافر أتم على مسح مقيم ثم خلع، وهي الرواية الصحيحة، وبها قال الشافعي لأنها عبادة يختلف قدرها بالحضر والسفر، فإذا تلبس بها في الحضر ثم سافر غلّب حكم الحضر كالصلاة، والثانية يمسح مسح مسافر، وبها قال أبو حنيفة، اختارها أبو بكر وأستاذه الخلال، وقال الخلال: رجع أحمد عن الأولى لأن السفر موجود مع بقاء المدة فجاز أن يمسح مسح مسافر كما لو أنشأ المسح في السفر.
هذه المسألة يمكن إرجاعها إلى قاعدة وهي هل العبرة بالحال أو بالمآل؟ ومن فروع هذه القاعدة أنه لو أحرم قبيل دخول شهر رمضان وأدى العمرة كاملة في رمضان، هل تعتبر عمرته في رمضان كحجة مع النبي -عليه الصلاة والسلام-؟ أو تعتبر باعتبار الحال، حال الإحرام شعبانية وليست رمضانية، وهنا ابتدأ المسح، مسح مقيماً ثم سافر باعتبار أن أكثر المدة في السفر، ومثل هذا لو كبر تكبيرة الإحرام قبل الوقت، فقط ثم دخل الوقت مع بداية القراءة، أو كبر تكبيرة الإحرام في آخر الوقت، ثم خرج الوقت فهل العبرة بالحال أو بالمآل؟
طالب:. . . . . . . . .
(23/1)
________________________________________
نعم الأكثر على أن العبرة بالحال، وقد جاء في الحديث الصحيح: ((من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) وإن كان أكثر الصلاة في خارج الوقت إلا أن أهل العلم يقولون: هي أداء لهذا الحديث الصحيح، ولو كان غالب العبادة وجلها خارج الوقت، بخلاف ما إذا كبر قبيل دخول الوقت، والصلاة كلها وقعت في الوقت فإن الصلاة حينئذٍ تنعقد أو لا تنعقد؟ لا تنعقد، إذاً العبرة بالحال لا بالمآل، وعلى هذا لو أحرم في آخر لحظة من شعبان ثم أدى العمرة في رمضان فإنه حينئذٍ لا يكون معتمراً في رمضان، بخلاف ما لو أحرم بالعمرة في آخر لحظة من رمضان، وأداها ليلة العيد، أو في يوم العيد أو بعده فإنه حينئذٍ في رمضان، عمرة رمضانية، ولا يكون متمتعاً بها، ولا يحكم عليه بالتمتع ولا يلزمه دم بسببها، فالراوية التي أعتمدها الخرقي هي الراجحة، ولو كان أكثر المسح في السفر؛ لأن العبرة بالحال لا بالمآل.
قرأت بقية الفصل؟
طالب: نقرأ يا شيخ؟
تفضل اقرأ.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
وإذا مسح ....
طالب: يا شيخ ترى عندنا خطأ فانأ سأقرأ من المغني؛ لأن في سقط عندنا.
طيب.
وإذا مسح مسافر أقل من يوم وليلة ثم أقام أو قدم أتم على مسح مقيم وخلع، وإذا مسح مسافر يوماً وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم خلع ....
اعد، اعد يا شيخ.
طالب: أعيد يا شيخ؟
إيه اعد.
طالب: لأن عندنا سقط في الطبعة.
اللي عندنا في الطبعة: "وإذا مسح مسافر يوماً وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم خلع، هذا اللي عندنا في الطبعة اللي معنا.
وعندي أنا: أو قدم أتم على مسح مقيم ثم خلع.
طالب: واللي في المغني يا شيخ: وإذا مسح مسافر أقل من يوم وليلة ثم أقام أو قدم أتم على مسح مقيم وخلع، وإذا مسح مسافر يوماً وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم خلع.
عندكم كذا؟
الطالب:. . . . . . . . .
نسخة الشرح.
طالب: لكن الإخوان اللي معهم شرح الزركشي.
الزركشي موجود؟ مثل المغني؟
(23/2)
________________________________________
عندنا: وإذا مسح مسافراً يعني حال كونه مسافراً يوماً وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم ما في أتم على مسح مقيم ثم خلع، أنت عندك؟
طالب: سم يا شيخ؟
أتم على مسح مقيم ثم خلع.
طالب: المغني؟
إيه.
طالب: وإذا مسح مسافر -ما بهي على الحال يا شيخ لأنها فاعل- أقل من يوم وليلة ثم أقام أو قدم أتم على مسح مقيم وخلع. وإذا مسح مسافر يوماً وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم خلع.
إيه عندنا مسألة واحدة وهما مسألتان؛ لأنه إذا كان يوم وليلة فمن باب أولى إذا كان أقل، على كل حال المسألة واضحة ما تحتاج إلى كل هذا، وإن كان التصحيح لا بد منه، يقول في التعليق عبارة المتن: وإذا مسح مسافراً يوماً وليلة فصاعداً ثم أقام أو قدم أتم على مسح مقيم ثم خلع، وسقط منه المتن الذي يليه.
المسألة واضحة باعتبار تغليب جانب الحضر في المسح، وفي الصلاة أيضاً، يعني لو صلى صلاة في الحضر ثم تبين له بطلانها، وأنه يلزمه أو فاتته أو نسيها فذكرها في السفر يصليها صلاة مقيم، وكذا لو كانت في السفر فذكرها في الحضر يصليها صلاة مقيم تغليباً لجانب الحضر، وهذا معروف، هذه جادة المذهب. بعده؟
طالب: ولا يمسح إلا على خفين أو ما يقوم مقامهما من مقطوع أو ما أشبهه مما يجاوز الكعبين، وكذلك الجورب الصفيق الذي لا يسقط إذا مشى فيه، فإن كان يثبت بالنعل مسح، فإذا خلع النعل انتقضت الطهارة، وإذا كان في الخف خرق يبدو منه بعض القدم لم يجز المسح عليه ...
أو لم يجزه؟
طالب: لم يجزه يا شيخ؟ عندي لم يجز.
ترى ما يختلف، المعنى لا يختلف.
طالب: لم يجزه المسح عليه، ويمسح على ظاهر القدم ....
عليه أو عليهما؟
طالب: عليه.
هو الخف على كل حال، إن كان الخف فالمراد الجنس، المراد الجنس، سواء كان في واحد أو في اثنين، كما في حديث: ((لا يصل أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه منه شيء)) والرواية الأخرى في الصحيح أيضاً: ((ليس على عاتقيه)) والمراد بالعاتق الجنس، فيشمل الاثنين، فلا اختلاف هنا، لم يجزه المسح عليه باعتبار أنه الخف، الضمير يعود إلى الخف الذي تقدم ذكره، نعم.
ويمسح على ظاهر القدم وإن مسح أسفله دون أعلاه لم يجزه، والرجل والمرأة في ذلك سواء.
(23/3)
________________________________________
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ولا يمسح إلا على خفين" نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
هو على الإقامة نعم.
الطالب:. . . . . . . . .
ثم أقام على الإقامة أيضاً، على الإقامة.
الطالب:. . . . . . . . .
الاحتياط وتغليب جانب الحضر، هذا من باب الاحتياط، باعتبار أنه لا يقول أحد ببطلان الصلاة في هذه الصورة، بينما لو عملنا بالقول الآخر وجدنا من يقول ببطلانها.
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا عندهم قاعدة مسألة الاحتياط للعبادة، والخروج من عهدة الواجب بيقين هذه قاعدة عامة عند أهل العلم قاطبة، يعني إذا تردد الأمر بين ما يبطل الصلاة وبين من يصححها عُمل بالقول المصحح يعني رجح.
"ولا يمسح إلا على خفين" الحصر هنا "لا يمسح إلا على خفين أو ما يقوم مقامهما" لأن الأصل في النصوص الخف، النصوص المرفوعة في الخف "ولا يمسح إلا على خفين، أو ما يقوم مقامهما من مقطوع" المقطوع الذي دون الخف، ويشترك المقطوع مع الخف في ستر المفروض، بأن يكون يغطي الكعبين، فالخف يتجاوز الكعبين إلى نصف الساق، وقد يزيد عليه، بينما المقطوع دونه "وما أشبهه مما يجاوز الكعبين" بهذا الشرط أن يكون ساتراً للمحل المفروض، وما أنكشف من المحل المفروض فإنه يجب حينئذٍ غسله، ولا يجمع بين البدل والمبدل إذاً لا يصح المسح عليه، إذا انكشف منه شيء من المفروض، قال بعد ذلك: "وما أشبهه مما يجاوز الكعبين وهما العظمان الناتئان" ذكر تعريف الكعبين هنا، وهل ذكره فيما تقدم في غسل الرجلين؟ في فروض الوضوء.
طالب: بلى، قال: "وهما العظمان الناتئان يا شيخ"
(23/4)
________________________________________
قال: وغسل الرجلين إلى الكعبين وهما العظمان الناتئان، لكن هل يكفي أن يقال: هما العظمان الناتئان أو لا بد أن يقول: في جانبي القدم؟ إذا قال: إلى الكعبين الكعب لا بد أن يكون ناتئاً ما يحتاج بأن يعرف بأنه ناتئ؛ لأن المادة تدل على ذلك، منه الكعبة لبروزها، ومنها تكعب ثدي المرأة لبروزه ونتوئه، ما يحتاج إلى أن يقول: العظمان الناتئان، بل لا بد أن يقول: على جانبي القدم؛ لأن المخالف ما يخالف في كونهما ناتئين، لكن هو يقول: على ظهر القدم ونحن نقول: في جانبي القدم، وإلا فالرافضة حينما يقولون في الكعبين: إنهما العظمان الناتئان، ما اختلفوا عن المؤلف بشيء، لكن الفرق في قولهم على ظهر القدم، ونحن نقول: على جانبي القدم، وبهذا يختلف تعريف الكعب عند أهل السنة وعند الرافضة.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
معقد الشراك، شوف ظهر القدم فيه شيء ناتئ، الذي قبله أنزل منه، والذي بعده أنزل منه، يعني أشبه ما يكون بسنام البعير إلا أنه صغير، في القدم، في ظهر القدم، وهو في بعض الناس أظهر من بعض، على كل حال هذا مقصودهم بالكعبين الذي هو معقد الشراك، وأما بالنسبة لأهل السنة فتعريفهم للكعبين: أنهما العظمان الناتئان في جانبي القدم، وبهذا يتضح المراد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
قالوا في المتن: وهما العظمان الناتئان؛ لأنه سبق أن ذكرهما في غسل الرجلين، فلا يحتاج إلى تكرارهما هنا، بعض النسخ يقول: زيادة غير موجودة في ميم، يعني في النسخة، على كل حال وجودهما هنا هو مجرد تصريح بما هو مجرد توضيح، وإلا سبق تعريفهما في فروض الوضوء، يمسح على الخفين، والأدلة على ذلك متكاثرة، بل متواترة، فقد أهوى المغيرة لينزع الخفين، فقال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)).
(23/5)
________________________________________
"أو ما يقوم مقامهما من مقطوع" مما يأخذ حكم الخف، ويؤدي الغرض الذي من أجله يلبس الخف، فعلى هذا لو كان بناء مثلاً وخرج من البناء وهو مستعجل ومسح على الطين الذي يغطي القدمين، هل الغرض الذي يؤديه هذا الطين هو الغرض الذي من أجله يلبس الخف؟ أو ما يقوم مقامهما فالطين لا يقوم مقام الخفين "من مقطوع" وعرفنا أن هذا خف إلا أنه أنزل من الخف المعتاد، يقطع ما على الساق منه، إلى أن يغطي الكعبين، "وكذلك الجورب الصفيق" الخف الذي يمسح عليه لا بد أن يكون ساتراً للمحل المفروض، فلا يكون قصيراً دون الكعب، ولا يكون شفافاً يصف المحل المفروض، ولا يكون فيه خروق؛ لأن ما ظهر من القدم يجب غسله، ومن أهل العلم من يرى جواز المسح على الخف المخرق؛ لأن خفاف الصحابة في الغالب لا تسلم من هذه الخروق، والذين يشترطون أن لا يكون مخرقاً يبالغون. . . . . . . . .، الثقب يسيراً جداً من موضع الخرز، لا يتسامحوا في هذا، وعلى كل حال الأصل الغسل، وما ظهر من القدم يجب غسله، ولا يجمع بين الغسل والمسح، بين البدل والمبدل، وحينئذٍ فلا يجوز المسح على الخف المخرق، ومثله الجورب، يشترطون أيضاً أن يكون مما يثبت بنفسه، الخف يثبت بنفسه، كيف يثبت بنفسه؟ معناه لو ربطناه بحبل صار الخف واسع مقاسك واحد وأربعين اشتريت مقاس خمسين إن مشيت به طاح، ثم ربطته بحبل، تمسح وإلا ما تمسح؟ ما يثبت بنفسه، نعم؟ ويلزم على هذه السعة الزائدة أن يرى منه العضو المفروض غسله، ولا يشق نزعه، إذا كان لا يثبت بنفسه لا يشق نزعه، ولا شك أن المشقة ملاحظة في هذا، لكن هل معنى هذا أننا لو اشترينا نفس المقاس، وكان مما يربط بحبل لأن بعض الخفاف تربط بحبال هل نقول: إن هذا الخف إنما ثبت بالحبل؟ وهو في الأصل يثبت بنفسه بدون حبل، لكنه لو ترك بدون ربط قد ينكشف المحل المفروض منه، الصورة الأولى إذا كان المقاس كبير جداً على اللابس، بحيث لو مشى سقط فربطه بحبل، قلنا: هذا لا يصلح؛ لأن مثل هذا يرى منه القدم، يعني من دقق النظر رأى ما في داخله، لكن الصورة الثانية مقاسك اثنين وأربعين، اشتريت اثنين وأربعين مما يربط بحبل، من النوع الذي فيه حبال، هو يثبت بنفسه، لكن لو لم يربط بالحبل
(23/6)
________________________________________
احتمال أن ينكشف ظهر القدم، فإن كان لا ينكشف معه ظهر القدم فالمقصود ما يغطي القدم، وإن كان ينكشف فيمنع من هذه الحيثية، يشترط في الخف الذي يمسح عليه أن يكون مباحاً فلا يكون مغصوباً، ولا يكون من مادة محرمة، من الحرير مثلاً، أو مما لا يطهر بالدباغ، أو مما منع من استعماله، مسألة الدباغ التي تقدمت، وترجح لنا فيما تقدم أن أيما إهاب دبغ فقد طهر، أياً كان مأكول غير مأكول طاهر نجس ما لنا دعوى، إيما إهاب دبغ فقد طهر، وهذه تقدمت المسألة، والمذهب على أنه لا يطهر، إنما يطهر ظاهره دون باطنه، ويستعمل في اليابسات دون المائعات، والمسألة فيها ثمانية أقوال لأهل العلم وتقدمت، لكن ما نهي عن اتخاذه كجلود السباع يطهر في الدباغ، لكنه يحرم استعماله للنهي، لو استعمله في خف، جلد سبع استعمله في خف، وقد نهي عن استعماله هل نقول: إن الجهة منفكة؟ هذا خف يحتاج إليه ويصعب نزعه، ويثبت .... ، لا يرى مما يجب غسله شيء، والحاجة إليه داعية، فيصح المسح عليه باعتبار أنه طهر بالدباغ، وكونه يحرم استعماله المسألة منفكة، يعني يصح أو يجزئ المسح عليه مع التحليل، أو نقول: من الأصل ما يجزئ المسح عليه لأن هذه رخصة ومرتكب المحرم لا يجوز له أن يترخص؟ يعني مثل ما قيل في المسافر العاصي بسفره هذا لا يترخص، ولا يعان في سفر المعصية على تحقيق هدفه الذي من أجله سافر، بل يوضع في طريقه المعوقات، فلا يجمع ولا يقصر، ولا يمسح أكثر من يوم وليلة، اليوم والليلة هذا يستوي فيه. . . . . . . . . إن كان الخف من هذا النوع الذي منع من استعماله مثل المغصوب والحرير وجلود السباع وغيرها مما نهي عن اتخاذه، العاصي لا يعان على معصيته بالترخص، ومذهب أبي حنيفة معروف أنه يترخص، العاصي بسفره يترخص، والعبرة بالسفر بالوصف المؤثر وهو موجود، وإليه ميل شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- فإذا اتخذ جلد سبع أو خف مغصوب ثم بعد ذلك مسح عليه وصلى، صلاته صحيحة وإلا غير صحيحة؟ أو نقول: الجهة منفكة؟ ظاهر وإلا غير ظاهر؟ إذا عرفنا أن المسح يعني سبق لنا أنه لو توضأ بماء مغصوب، يعني عزيمة الوضوء، وليس برخصة، والماء الذي يسرقه قد يستعمله للوضوء، وقد يستعمله للشرب، وقد
(23/7)
________________________________________
يستعمله للطبخ، يعني استعمالاته متعددة، يعني ليس بخاص بهذه العبادة، لنقول: إن الجهة واحدة بل الجهة منفكة، إذا قلنا ذلك في الماء الذي هو أصل وعزيمة لا نقول هذا في المسح، باعتبار أن المسح رخصة، والعاصي لا يترخص على طريقة الجمهور، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
الطالب:. . . . . . . . .
قلنا: العلل معروفة، أولاً كونه لا يثبت بنفسه، وكون المحل المفروض يرى، وأيضاً لا يشق نزعه، إذا انتفت هذه العلل ماذا نقول؟ نرجع إلى المسح.
طالب:. . . . . . . . .
عندهم علة نعم باعتبار أن المشقة في نزعه ملازمة للثبوت، نعم، الذي لا يثبت بنفسه ما يشق نزعه، الآن أنت ما يحتاج إلى أن تنزع هو ينزع نفسه، والمسح إنما هو لمشقة النزع، نعم؟
الطالب: ما يقال: إن هذه الحبال التي مع الخف هي من نفس الخف ما تشترى إلا معه .... ؟
لا لا هذه مسألة ثانية، افترضنا مسألة ... الخف هذا بدون حبال من الأصل، ويثبت بدون حبال، لكن أنت مقاسك أربعين اشتريت خمسين، إذا مشيت طارين قدامك، وإذا نظرت في الرجل رأيتها، جبت حبل وربطتهن، هذا محل البحث.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
يقول: العلل مجتمعة واحدة لا تستقل بالمنع.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
الطالب:. . . . . . . . .
يبقى علة، وأنت لو نظرت في رجلك شفتها، وش تسوي بهذا؟
طالب:. . . . . . . . .
بعد الربط إيه.
طالب:. . . . . . . . .
ما هي أنت تربطه تربط من فوق؟
طالب:. . . . . . . . .
لا المفترض تربطه مع القدم.
طالب:. . . . . . . . .
هين إذا ربط وغطى المفروض شق نزعه، هين معروف، إذا ربط شق نزعه.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
احتمال يربط مع القدم، ظهر القدم هكذا يربط من هنا بحيث لا يسقط إذا مشيت.
طالب:. . . . . . . . .
(23/8)
________________________________________
المقصود أن العلل التي يذكرها الفقهاء مجتمعة لا يؤخذ بها منفردة، خذ العلل مجتمعة الآن، هم يقولون: لا بد أن يكون مما يثبت بنفسه، الأمر الثاني: أن لا يرى منه المحل المفروض، احتمال يرى إذا كان واسع سعة بينة واضحة، إذا كان لا يثبت بنفسه بحيث يقع إذا مشيت بيرى المحل المفروض، صح وإلا لا؟ على كل حال إذا اجتمعت هذه العلل ما في داعي للمسح، ما في وجه للمسح، الآن المسح مسح الرأس باليد، مسح الخف باليد، لو جيء بخرقة مبلولة ومسح بها رأسه، أو مسح بها خفه، يجزئ وإلا ما يجزئ؟ المسح تحقق، لكن لو افترضنا أن الشخص استعان بأحد ومسح في إشكال وإلا ما في إشكال؟ ما في إشكال باعتبار أن الفقهاء يقولون: تباح معونته وتنشيف أعضائه، لكن إذا جاء بخرقة لا بأصابعه، ومسح رأسه، أو مسح الخف، الأحاديث التي وصفت وضوء النبي -عليه الصلاة والسلام- كلها تقول: إنه مسح رأسه بيديه، أقبل بهما وأدبر، فهل المسح باليدين قيد في الحكم أو أنها هي الأصل؟ وهذا هو الغالب، أنت افترض أنك تتوضأ مثلاً وأنت تغسل يديك شماغك نزل في المغسلة وتبلل، ثم جيت وقلت: ها مسحت بشماغك يكفي وإلا ما يكفي؟ نحن ننظر إلى الغاية هل تحققت وإلا ما تحققت؟ لو جلس تحت المطر مثلاً ...
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، تحت المطر من السماء، ورفع رأسه إلى السماء قال: والله أنا غسلت وجهي الآن، ثم بعد ذلك وضع يديه إلى أن ابتلت وجرى عليها الماء لقوة المطر، ثم بعد ذلك رأسه ما يحتاج إلى تعب، عرض رجليه للسيل وانغسلت هل نقول: هذا غسل شرعي أو لغوي؟ مع وجود النية والترتيب، يعني هل الغسل الشرعي من مقتضاه فعل المكلف أو لا؟
طالب:. . . . . . . . .
أو جلس تحت السماء تحت المطر وعمه الماء، عم بدنه، لغة يقال: غسله المطر، غسله العرق، لكن هل يقال هذا شرعاً؟
طالب: لكن الفقهاء ذكروا -يا شيخ- أنه لو انغمس في الماء ثم خرج مرتباً صحت طهارته.
لكنه انغمس.
طالب:. . . . . . . . .
هذا غسل لغوي ما فيه إشكال، يعني غسله العرق، غسله المطر ما فيه إشكال.
طالب: عفواً يا شيخ هناك فعل من المكلف الانغماس وهنا فعل من المكلف وهو الصمود في المطر.
(23/9)
________________________________________
يعني مثل ما نصوا عليه في مسألة التيمم، لو صمد إلى الريح ووصل التراب إلى وجهه وكفيه كفى، طيب من غسل الخف، ما مسح غسله غسل مثل ما تغسل الرجل، كما لو غسل الرأس، والمطلوب المسح، نعم هو تعدي بلا شك، كالغسل في الرابعة والخامسة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هل نقول: إن هذا هو المطلوب وزيادة؟ أو نقول: هو خروج عن المطلوب؟ هذا شخص غسل رأسه، وغسل خفيه غسل، هل نقول: إن هذا المطلوب وزيادة، فالمطلوب مسقط للطلب، والزيادة يحاسب عليها، وهل لمثل هذا أن يندرج في القدر الزائد على الواجب، المسألة قاعدة عندهم، القدر الزائد على الواجب، إن كان متميزاً بنفسه له حكم، وإن كان غير متميز بنفسه له حكم، لو أن شخصاً مسح مسْح شرعي ثم غسلهما انتهى الإشكال، لكن غسلهما وما مسح والأصل المسح، وهذه الزيادة غير متميزة، لها حكم عند أهل العلم، وعاد في الأمور المتعدية يعني يُخرِج قدر أكثر مما أوجب الله عليه في الأمور النافعة مما ينفع زيادتها عند أهل العلم ما فيها إشكال، بل يثاب عليها، يعني كمن أخذ -من مثال الروضة- كمن أخرج ديناراً عن عشرين، الواجب عليه نصف دينار، أخرج دينار كامل، في الزكاة عشرين دينار.
طالب: هو أخرج صاعين في الفطر يا شيخ.
أو أخرج صاعين، أو أخرج أكثر، أو ذبح في العقيقة بدنة، أو ما أشبه ذلك، ويأتي قول مالك -رحمه الله- في التضحية أيهما أفضل يضحي بكبش أو ببدنة أو بقرة؟ يعني هل الزيادة على القدر المطلوب شرعاً يثاب عليها؟ مالك يقول: الكبش أفضل، وغيره يقولون: لا ما دام أنفع للفقراء والعلة معقولة البدنة أفضل، لكن الذي معنا لا يتعدى نفعه فلا يخرّج على مثل ....
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكنه قدر زائد على القدر الواجب، يعني لو غسل الوجه سبع مرات.
طالب:. . . . . . . . .
إيه ترى على قاعدة الشيخ محمد ترى يكثر من مثل هذا ويقول: ((من عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) يصير باطل وضوؤه، الشيخ من أكثر من يتمسك بهذا الحديث، وليس عليه أمر النبي -عليه الصلاة والسلام-.
(23/10)
________________________________________
يقول -رحمه الله-: "وكذلك الجورب الصفيق الذي لا يسقط إذا مشى" يعني لا بد أن يثبت كالخف "فإن كان يثبت بالنعل مسح عليه" الضمير يعود على الجورب وإلا النعل؟ يعني يمسح على الجورب وإلا على النعل؟ هل نقول: يعود على النعل باعتباره أقرب مذكور؟ أو نقول: مسح عليه -يعني على الجورب- لأن الحديث عنه؟ وإذا قلنا: الضمير يعود على الجورب ورد علينا ما ورد في الخف الذي لا يثبت بنفسه، لا يثبت إلا بالشد.
"وكذلك الجورب الصفيق الذي لا يسقط إذا مشى فيه، فإن كان يثبت بالنعل مسح عليه، فإذا خلع النعل انتقضت الطهارة".
طالب: أحسن الله إليك كلمة عليه ليست في نسخة المغني.
مسح على إيش؟ لا بد من عليه.
طالب: بس كلمة مسح بدون عليه يعني توحي برجوعها إلى الجورب، الكلام على الجورب لا على النعل.
هو لا بد {وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ} [(33) سورة المؤمنون] يعني منه، لا بد من هذا.
طالب: لكن عفواً كلمة مسح، وكلامه عن الجورب، يعني توحي بأنها راجعة إلى الجورب، يعني ما يلتبس الأمر برجوعها للنعل.
(23/11)
________________________________________
إذاً لماذا علق انتقاض الطهارة بخلع النعل؟ لأن الجورب لا يثبت، وإذا قلنا: إن المسح على الجورب الذي يثبت بالنعل اعتبرنا الجورب كالخف الأسفل والنعل كالخف الأعلى، وعندهم أن من لبس خفاً على خف فالحكم للفوقاني، الآن عندنا أكثر الخفاف دون الكعب، الخفاف المستعملة دون الكعب، فهل هذه خفاف أو نعال؟ نعال، الذي لا يستر الكعبين نعل، فهل يجوز له في هذه الصورة أن يمسح على الخف التي تحتها الجورب الذي يغطي الكعبين أو لا يجوز؟ لأن نطبق عليه كلامه هنا "الجورب الصفيق الذي لا يسقط إذا مشى فيه، فإن كان يثبت بالنعل مسح عليه، فإذا خلع النعل انتقضت الطهارة" نحن نريد أن ننظر المسألة التي ذكرها المؤلف بالجوربين وعليهما الخفاف التي دون الكعبين، يعني إن كان مسحه على النعلين تعلق الحكم بهما، وإن كان مسحه على الجوربين تعلق الحكم بهما، عندنا جوارب تثبت، الآن الجوارب موجودة تثبت، وعليها الخفاف التي دون الكعبين، فإن مسح على الخفين دون الكعبين مع الجورب واعتبارهما شيء واحد، إذا خلع الخف انتقضت الطهارة، وإن خلع الخف أثناء الوضوء ومسح على الجورب تعلق الحكم بالجورب، وحينئذٍ لا يؤثر خلع الخف القصير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا هو ينتقض على الوجهين، سواء مسح على الجورب أو على النعل، هنا كلامه هذا الكلام الموجود عندنا "فإن كان يثبت بالنعل مسح عليه، فإن خلع النعل انتقضت الطهارة" على الاحتمالين إن كان المسح على الخف على الجورب انتقضت الطهارة بخلع النعل لماذا؟ لأنه لا يثبت بنفسه، وإن كان المسح على النعل مع الجورب مجتمعين انتقضت لخلع النعل الذي مسح عليه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
(23/12)
________________________________________
لا ما له حكم الشعر، انتهينا من مسألة حكم الشعر وفرغنا منها عاماً وخاصاً، يعني للإخوان وخاصاً معك، انتهينا من مسألة ... ، القياس على الشعر قياس فرع على أصل ولا يأتي إلا مع الاستواء، يقول: "كذلك الجورب الصفيق الذي لا يسقط إذا مشى فيه، فإن كان يثبت بالنعل مسح عليه" وقلنا: الضمير يحتمل أن يعود على الجورب ويحتمل أن يعود على النعل، وسواء مسح على النعل الذي لا يغطي الكعب فإذا خلع هذا النعل انخلع هذا النعل بطلت الطهارة، انتقضت الطهارة، وإن مسح على الجورب الذي لا يثبت بنفسه إلا بالنعل كذلك انتقضت الطهارة، فعلى الوجهين منتقضة، والضمير يصلح أن يعود عليهما، لكن إذا صلح في مثل هذه الصورة هل نقول: إنه مقصود أنه يعود إليهما، قدامك اثنين كلاهما اسمه زيد، فأردت الاثنين فتقول: يا زيد، تقصد بزيد الاثنين، ويلتفتان، ثم تشير لهم يجون، يصح عربية وإلا ما يصح؟ تنادي مفرد وأنت تريد اثنين؟ يصح وإلا ما يصح؟ الآن لو أجرينا الضمير على الاثنين فيه إشكال وإلا ما فيه إشكال؟ لأنه يمكن حمله على الأمرين، كيف يمكن حمله على الأمرين؟ إذا خلع النعل وقلنا بالمسح على الجورب وهو لا يثبت بنفسه انتهى، شرطه تخلف، وإذا قلنا: إن المسح على النعل فهو مع الجورب في حكم الخف الساتر، فإذا مسح على النعل فإنه حينئذٍ خلع الممسوح عليه فتنتهي الطهارة، وحينئذٍ ضمير واحد يعود على أمرين هل يكون هذا مقصود المتكلم وإلا غير مقصود؟ يعني هذه قريبة من مسألة استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه، الجمهور على عدم الجواز، الشافعية يجيزونه، واضح وإلا ما هو بواضح؟ يحتاج إلى إعادة؟ أولاً: احتمال عود الضمير الواحد إلى الأمرين في مسألتنا احتمال قائم وإلا ما هو قائم؟ قائم الاحتمال، يعني عوده على النعل باعتباره الأقرب وهذا هو الأصل، وعوده على الجورب باعتبار أن الحديث عنه، فضمير واحد يعود على أمرين، مثل استعمال اللفظ الواحد في حقيقته ومجازه، من يعطينا مثال على استعمال اللفظ الواحد؟ خلونا في مصطلح الحديث:
"إذ خالفت لفظاً ومعنى ربما"
(23/13)
________________________________________
يعني المستخرجات قد تخالف الأصول في الألفاظ كثيراً، وفي المعاني قليلاً، والناظم استعمل ربما للفظ والمعنى؛ لأن ربما تستعمل كثيراً في مخالفة الألفاظ، واستعملها قليلاً في مخالفة المعاني، والأصل في ربما أنها للتقليل، وقد ترد ويراد بها التكثير {رُّبَمَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُواْ لَوْ كَانُواْ مُسْلِمِينَ} [(2) سورة الحجر] فهذا استعمل ربما في معنييها الأصلي والفرعي، الحقيقي على اصطلاحهم والمجازي، وهو من الشافعية ما عنده مشكلة، لكن هل يسوغ لغيرهم أن يستعملوا مثل هذا الاصطلاح؟ وهل مراد المؤلف عندنا مثل مراد الحافظ العراقي في ألفيته؟ أبداً، فإذا خلع النعل انقضت الطهارة وقلنا: إنه إذا لبس الخف القصير الذي هو في الاصطلاح نعل ليس بخف، وأكثر الخفاف الموجودة الآن نعال؛ لأنها دون الكعب، فإذا مسح عليها مع الجورب، فإن خلع الخف انتهت الطهارة، وإن خلع الخف قبل المسح، ومسح على الجورب تعلق الحكم بالجورب، ولا يؤثر حينئذٍ خلع الخف، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
هو الأقرب على كل حال.
الطالب:. . . . . . . . .
لا هو قال: فإن كان يثبت بالنعل، هذه مسألة الثبوت.
الطالب:. . . . . . . . .
ولو لم تكن مقصودة عنده لما أعادها إحالة على ما تقدم، وش الفرق بين الجورب والخف إذا كان هذا لا يثبت وهذا لا يثبت؟ ما في فرق.
الطالب:. . . . . . . . .
هذا الكلام ما الذي يؤيده؟ مسألة التأسيس والتأكيد، وهل نتعامل مع ألفاظ أهل العلم بمثل معاملة كلام الشارع؟
الطالب:. . . . . . . . .
(23/14)
________________________________________
دعنا من مسألة .. ، المقلدون يقولون: إن كلام أئمتهم ككلام الشارع، فإذا أفتى العالم بقولين متعارضين فتوى توجب وفتوى تحرم، يقولون: إن أمكن الجمع بينهما ولو بحمل خاص على عام، ومطلق على مقيد ... إلى آخره فهو المطلوب، إن لم يمكن فإن عرف التاريخ فالمتأخر ينسخ المتقدم وإلا فالترجيح، يعني يعاملون ألفاظ أهل العلم مثل معاملة النصوص، وهذا نصوا عليه في كتبهم، يعني في مقدمة الإنصاف، وخاتمته، في القاعدة الجامعة في آخره، وابن مفلح في الفروع أيضاً في مقدمته تكلم على هذا، لكن هل نخاطب الخرقي ونعامله نقول: إنه يمكن أن يستعمل الضمير في المعنيين ويعود على الأمرين كما يستعمل اللفظ في حقيقته ومجازه؟ أو نقول: إن الخرقي لا يرى هذا، لا يرى مثل هذا الاستعمال، ونقول: إن الأصل أن الضمير يعود على أقرب مذكور؟ لأنه قد يوجد مرجح يرجح لنا غير الأصل، إذا كان أصل المسألة في الحديث عن الجورب لماذا لا يعود الضمير عليه؟ واحتجنا إلى مثل هذا في نصوص من الكتاب والسنة، وأعدنا الضمير على متقدم لوجود ما يمنع من عوده إلى متأخر، على كل حال هذا حكمها وصورتها العملية مثلما قلت، جورب فوقه خف دون الكعب، إن مسح على الخف والجورب لا يخلع الخفاف حتى ينام بهما، فإن خلعهما انتهت الطهارة، إن خلعهما وقت الوضوء ومسح على الجورب تعلق الحكم بالجورب، وله حينئذٍ أن يصلي بالخفاف هذه أو يخلعها سيان.
طالب: لكن -عفا الله عنك- ألا يؤيد رجوع الضمير على الجورب أنه هو المقصود أصلاً ....
والحديث الحديث عنه، الحديث عن الجورب.
طالب: وهذا الذي يوحي به كلام صاحب المغني يا شيخ في شرح الجملة هذه قال: يعني أن الجورب إذا لم يثبت بنفسه وثبت بلبس النعل أبيح المسح عليه، فالمتبادر للذهن أنه يقصد الجورب.
حتى عندنا يعني الحديث عنه يعني هذا خبر عن الجورب "وإن كان في الخف خرق يبدو منه بعض القدم لم يجزه المسح عليهما" هكذا عندنا، وفي بعض النسخ: لم يجز المسح عليه، في نسخة ميم.
طالب: وفي المغني: لم يجز المسح عليه.
على كل حال هذه نسخة الميم، وأظن الميم هي المغني، أظن الميم عندنا في المقابلة هي نسخة المغني.
(23/15)
________________________________________
طالب: وفي النسخة التي معنا كذلك يا شيخ لم يجز المسح عليه.
لأنه استفاد من المغني كثيراً، إسماعيل استفاد من المغني.
إذا كان في الخف خرق الأصل أن القدم تغسل، فإذا وجد الخف مسح عليه بالشروط المتقدمة، فإذا ظهر بعض المفروض المفروض يجب غسله، وبعضه كذلك يجب غسله، وإذا ظهر البعض وستر البعض هل نقول: إن ما ظهر منه يجب غسله، وما ستر منه يمسح؟ وقد قيل بهذا بناء على إعطاء كل شيء حكمه، أو نقول: إن الحكم واحد فإما البدل أو المبدل؟ فالمؤلف مشى على الأصل، وأن الأصل الغسل لا بد من الغسل، ولا يجمع بين البدل والمبدل، ومن أهل العلم من يرى أن مثل هذا لا سيما إذا كانت الخروق يسيرة فإن خفاف الصحابة قد لا تسلم من الخروق، والمذهب جار على أنه لا بد من نزعه إذا كان فيه خروق يبدو منها بعض المفروض، وكأن هذا هو الأحوط، وعلى هذا لو كانت الجوارب شفافة ليست صفيقة، أو فيها خروق، رأي شيخ الإسلام معروف أنه يتسامح في مثل هذا ويفتى به من قبل بعض أهل العلم، لكن الاحتياط للعبادة يقتضي أن تكون ساتراً لجميع المحل المفروض.
"ويمسح على ظاهر القدم" يمسح على ظاهر القدم "فإن مسح أسفله دون أعلاه لم يجزه، والرجل والمرأة في ذلك سواء" بقيت هذه الجملة، ثم بعد ذلك، وما بقي إلا درس واحد، والحيض يحتاج إلى ثلاثة دروس أو أربعة، فهل ترون أن نقف على الحيض ويستأنف بعد الحج مع بداية الدروس، أو نكمل الحيض ونقف على الصلاة في العشر الأول من ذي الحجة؟ على كل حال أجل نشرح السطرين، ونجيب على الأسئلة في الدرس القادم، ونترك الحيض -إن شاء الله تعالى- بعد الحج.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(23/16)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (24)
شرح قول المؤلف: "ويمسح على ظاهر القدم، فإن مسح أسفله دون أعلاه لم يجزه، والرجل والمرأة في ذلك سواء .... "
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: نريد تفصيلاً لحديث القلتين هل هو مأخوذ به أم لا؟ وما الدليل على أن العبرة بخروج الماء عن طهوريته بتغير لونه أو طعمه أو رائحته؟
أما حديث القلتين فهو مختلف في صحته عند أهل العلم، وهو مضعف بالاضطراب في متنه وسنده، وصحح من قبل جمع من أهل العلم، وممن صححه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن حجر وغيرهما، وعلى كل حال من صححه كشيخ الإسلام عمل بمنطوقه دون مفهومه؛ لأن مفهومه معارض بحديث أبي سعيد ((أن الماء طهور لا ينجسه شيء)) وممن صححه ممن يعمل بمنطوقه ومفهومه الحنابلة والشافعية، يعملون به منطوقاً ومفهوماً، فيجعلونه الحد الفاصل بين القليل والكثير، الذي ينجس بمجرد الملاقاة، هذا هو الحد الفاصل عندهم، والحنفية يفرقون بين القليل والكثير أيضاً، لكن بتفريق آخر على تفصيل تقدم ذكره، فمنهم من يرى أن القليل عشرة بعشرة فما دون، والكثير ما زاد على ذلك، ومنهم من يرى أن القليل إذا حرك طرفه تحرك طرفه الآخر، والكثير ما لم يتأثر طرفه الآخر، وعلى كل حال المرجح في هذه المسألة مذهب مالك، وأن الماء لا يتأثر مطلقاً إلا بالتغير كما تقدم تفصيله، وذكرنا أن الغزالي تمنى أن لو كان مذهب الشافعي كمذهب مالك؛ لأنه أيسر على الناس، وأسهل في التطبيق، والشريعة بعيدة عن مثل هذا التعسير، الذي حصل بسبب التفريق بين القليل والكثير، وجعله حد فاصل، ومن راجع كتب الحنابلة والشافعية، وفروع هذه المسألة عرف أن في هذه المسألة عسر، وتطبيقها شديد، فمذهب مالك هو المتجه في هذه المسألة.
قد يقول قائل: هل نرجح مذهب مالك لأنه أيسر، وعلى هذا فاليسر هو المختار دائماً؟
(24/1)
________________________________________
نقول: لا، العبرة بالدليل، والحديث محتمل، ومضعف من قبل جمع من أهل العلم، وضعفه ظاهر بالنسبة لاضطرابه في سنده ومتنه، وعلى فرض التسليم بصحته، مفهومه معارض بمنطوق أقوى منه، وإن كان المنطوق عاماً والمفهوم خاصاً إلا أن المنطوق أقوى في الجملة، وعلى كل حال المتجه في هذه المسألة هو قول مالك، وأن الماء لا يتأثر إلا بالتغير.
يقول: وما الدليل على أن العبرة بخروج الماء عن طهوريته بتغير لونه أو طعمه أو رائحته؟
الاستثناء الموجود في حديث أبي أمامة ((أن الماء طهور لا ينجسه شيء إلا ما غلب على لونه أو طعمه أو رائحته)) هذا ضعيف باتفاق الحفاظ، إلا أن الحكم مجمع عليه، إلا أن الحكم إجماع على أن الماء إذا تغير لونه أو طعمه أو رائحته بالنجاسة فهو نجس؛ لأن النجاسة موجودة حقيقة لا حكماً، فالذي يرى تغير الماء بلون نجاسة، أو تغير الرائحة برائحة نجاسة، أو تغير الطعم بطعم نجاسة هذا يباشر النجاسة قطعاً، فالنجاسة موجودة، فالإجماع قائم على هذا، والرواية ضعيفة بالاتفاق.
إذا صلى شخص المغرب ثم أتى إلى مسجد يصلون المغرب هل يصلي معهم ثلاثاً أو أربعاً أو اثنتان؟ وكذلك إذا أراد أن يتصدق على شخص لم يصل المغرب أو العشاء كم يصلي معه؟
لا يصل وتر؛ لأن الوقت ليس بوقت للوتر، فإما أن يتصدق عليه بأن يكون إماماً له ويصلي اثنتين، ويأتي هذا المتخلف بالركعة الثالثة بعد ما يسلم هذا الإمام، أو يصلي معه ثلاثاً، ثم يشفعها برابعة.
ما حكم الصلاة في (الدسوس) القفازات للرجال؟ وهل هي من قبيل المكروهات؟
نعم الفاصل بين الأعضاء السبعة عدا الخفين والركبتين لأنهما عورة، فيبقى عندنا الوجه والكفان يكره أن يفصل بينهما وبين الأرض، بل السنة أن يباشر الأرض، وإذا وجدت حاجة فأهل العلم يقررون أن الكراهة تزول بأدنى حاجة، إذا وجد برد فإنه حينئذٍ يضع حائلاً بين يديه والأرض، وبين جبهته والأرض ولو كان متصلاً به؛ لأنه يطلقون الكراهة في الحائل المتصل، وفي حديث عبد الجبار بن وائل بن حجر أنه جاء في وقت الشتاء، في وقت شديد البرد فوجدهم يصلون وأيديهم تحت الثياب، فإذا وجدت الحاجة زالت الكراهية.
(24/2)
________________________________________
يقول: من سافر ليترخص فلا يحل له فهل من لبس الخف في الصيف مثلاً ليتخفف من الغسل هل يحل له المسح؟
من لبس الخف في الصيف مثلاً ليتخفف من الغسل فهل يحل له المسح؟ ما دامت القدمان غطيتا بالخف فالمسح جائز، وليس غسل الرجلين بأسهل أو بأشد من لبس الخفين مع عدم قيام الحاجة الداعية إليهما، فلا يتصور أن إنساناً يلبس الخف من أجل أن يتخفف من الغسل لمجرد المسح، فملازمة الخف ولبس الخف أشق من غسل الرجلين لا سيما في الصيف، يذكر هو يقول: من لبس الخف في الصيف مثلاً ليتخفف من الغسل فهل يحل؟ نعم يحل له المسح.
يقول هذا من الجزائر: ما أفضل الشروح على موطأ مالك ومختصر خليل؟
أفضل الشروح على موطأ مالك التمهيد والاستذكار لابن عبد البر، والمنتقى للباجي، وشرح الزرقاني طيب جامع بين الشروح باختصار، وجيد فيه فوائد، وشرح ابن العربي (القبس) مطبوع ومتداول، وفيه نكات ولطائف، وهناك شروح كثيرة، لكن أهمها الثلاثة الأول: التمهيد والاستذكار والمنتقى للباجي، أما. . . . . . . . . الحطاب.
يقول: هل نظم الشاطبي المقرئ الضرير للتمهيد لابن عبد البر موجود؟ هذا من الجزائر?
هذا النظم لمقاصد التمهيد في خمسمائة بيت، لا شك أن الشاطبي بارع في النظم، لكن خمسمائة بيت بالنسبة للتمهيد في أربعة وعشرين مجلدة، يعني بمعدل المجلد بعشرين بيت، ما تنظم صفحة بعشرين بيت، فإن كان نظم تجريد التمهيد، وأيضاً مقاصد التجريد؛ لأنه في مجلد مطبوع، ما أدري ما حال هذا النظم؟ لكنه ذكر في ترجمة الشاطبي، وهو بارع يمكن أن يأتي بشيء لا نتصوره، ولا أعرف له وجوداً.
يقول هذا: أنا من ليبيا وهنا في هذه الفترة من الشباب من يوجه هجمة شرسة على بعض المشايخ، ثم قال -ذكر بعض المشايخ- الحاجة للسؤال ملحة، ما رأيك فيما يثار اليوم للتفريق بين منهج ... إلى آخره.
(24/3)
________________________________________
المقصود أن الكلام في الناس وأعراض المسلمين كما يقول ابن دقيق العيد: حفرة من حفر النار، يقول: وقف على شفيرها العلماء والحكام، ما داموا على شفيرها هم مضطرون للكلام في الناس فكيف بمن عافه الله من هذه المسألة وهذه المشكلة؟! لأن الذي يتكلم في الناس ولو لحاجة لا يكاد أن يسلم، فإما أن يزيد أو ينقص، فمن أبتلي ونصب لهذا الأمر فليستعن بالله، ويتحرى الإنصاف، ومن عافه الله فالسلامة لا يعدلها شيء، وأهم ما على الإنسان أن يحافظ على مكتسباته، فإذا كان يوثق الأموال بالغلق والأبواب خشية اللصوص فكيف بما ينجيه يوم القيامة من الحسنات التي تعب على كسبها وتحصيلها ثم بعد ذلك فرقها على فلان وعلان ممن لا يرتضيهم؟! لأن الذين يرتضيهم لا يأتيهم من حسناته شيء، لماذا؟ لأنه لا يغتابهم، إنما يغتاب أناس لا يرتضيهم، وحسناته تذهب إلى هؤلاء الأشخاص الذين لا يرتضيهم.
فعلى الإنسان أن يحافظ، لا يأتي مفلساً يوم القيامة، فتوزع حسناته على خصومه، فإذا لم يبق لهم شيء انتهى من الحسنات، وإن بقي لهم شيء أخذت من سيئاتهم وألقيت عليه فطرح في النار -نسأل الله السلامة والعافية-، فعلى الإنسان أن يحافظ على مكتسباته، فإذا كان التفريط بالدراهم والدنانير جنون فكيف بمن يفرط بما هو أمس الحاجة إليه يوم يجعل الولدان شيباً؟!
يقول: الحاجة للسؤال ملحة ثانياً: ما رأيك فيما يثار اليوم من التفريق بين منهج المتقدمين والمتأخرين في الحديث؟
(24/4)
________________________________________
ذكرنا في مناسبات كثيرة، وأيضاً في مقدمة شرح النخبة بيان لهذا الأمر، وقلنا: إن المتأخرين عالة على المتقدمين، يعني لولا جهود المتقدمين ما صار للمتأخرين أي ذكر في هذا الباب؛ لأن المسألة مسألة رواية، فالمتأخرون عالة على المتقدمين، والأصل في الباب المتقدمون، لكن من يخاطب بهذا الكلام؟ المخاطب المتأهل، الذي يستطيع أن يميز بين أقوال أهل العلم المتقدمين؛ لأنهم يتكلمون بإشارات، لا يتكلمون ببسط العبارات، إنما يتكلمون بإشارات، فمن تأهل لذلك هذا فرضه، مثل الاجتهاد في الأحكام، أما من لم يتأهل لذلك فلا بد له من التعلم والتمرين على طريقة المتأخرين؛ لأنها هي المنضبطة، وأيضاً المتقدمون الذي ينادى بتقليدهم أقوالهم متعارضة في كثير من المسائل، ماذا يفعل المبتدئ في هذه الأقوال المتعارضة وليست لديه أهلية للتوفيق بين هذه الأقوال المتعارضة؟ لا شك أن نداء المبتدئين بهذا الأمر وتقليد المتقدمين ونبذ قواعد المتأخرين هذا تضييع، يعني مثل من يقول لطالب في المرحلة الابتدائية أو المتوسطة ما عنده شيء من مبادئ العلوم يقول له: اجتهد من الكتاب والسنة، هذا تضييع، لا بد أن يتفقه على طريقة أهل العلم، وهنا لا بد أن يدرك من علوم الحديث ما أدركه غيره وسار عليه، حتى هؤلاء الذين ينادون بنبذ قواعد المتأخرين متى وصلوا إلى هذه المرحلة؟ بعد أن تربوا على قواعد المتأخرين، يعني هل يستطيع طالب علم أن يتربى من البداية على أحكام الأئمة؟ ماذا يصنع هذا المبتدئ إذا قال أبو حاتم: مرسل وقال أحمد: موصول؟. . . . . . . . . السلم الذي وضعوه لطبقات المتعلمين، ثم بعد ذلك إذا تأهل وأكثر من التمرين والتخريج والأسانيد وغيرها، وجمع الطرق، وتأهل فرضه محاكاة الأئمة، كما فعل الذهبي، وكما فعل ابن رجب، وكما فعل ابن حجر، وغيرهم من أهل العلم، تربوا على الجادة، ثم بعد ذلك حاكوا الأئمة، ولذلك تجد ابن حجر حينما قعد القواعد في النخبة، ومشى عليها برهة من الزمن، وأكثر من التخريج، تجده في النتائج يخرج عن النخبة؛ لأنه وجد نتيجته تختلف مع حكم الإمام أحمد، أو مع حكم علي بن المديني، أو مع حكم البخاري، أو أبي حاتم، أو غيرهم، فلا بد من التأهل قبل، ثم بعد
(24/5)
________________________________________
ذلك يصنع ما شاء.
يقول: ما هو الضابط في ذكر اسم المخالف من عدم ذكره أثناء التحذير من مخالفته؟
في بداية الأمر يحذر من المخالفة، ويناصح المخالف سراً، والمخالفة تعلن، ويحذر منها، ويناصح المخالف، إن زاد شره ولم يرتدع بالمناصحة السرية، وأصر وعاند، لا مانع أن يذكر بمخالفته بقدر الحاجة بحيث لا يزاد في قدحه أو في النيل من عرضه أكثر من الحاجة؛ لأن الأصل المنع، وأذن في ذكره والتصريح باسمه للحاجة، والحاجة يقتصر عليها بقدرها.
يقول: هذا من الإمارات إذا أردت أن أمسح على شرابي (الجوربين) هل أمسح عليهما سوياً أم أبدأ باليمنى ثم اليسرى؟
منهم من يرى أن تمسحهما معاً في آن واحد كالأذنين، والصواب أن البدل له حكم المبدل، ما دامت الرجل اليمنى تغسل قبل اليسرى، ثم تغسل اليسرى البدل تمسح الرجل اليمنى، ثم تمسح الرجل اليسرى.
يقول: إذا مسحت على جواربي ستة أوقات فما حكم الصلاة السادسة؟ هل أعيد الصلاة السادسة ثم أرتب الصلوات التي وقعت بعدها أم أعيد السادسة فقط؟
الصلوات الخمس المأذون بالمسح فيها هذه صحيحة ما فيها إشكال، الكلام في السادسة الزائدة على اليوم والليلة، هذه لا بد من إعادتها؛ لأنك مسحت في مدة لم يؤذن لك فيها بالمسح، فلا بد من إعادتها، ثم تصلي الصلوات التي بعدها.
يقول: أنا مقيم في مدينة الجبيل، وفي إجازتي أسافر إلى قريتي التي نشأت فيها، ولا أذهب إلا في العطل والإجازات، وأمضي عادة أكثر من أربعة أيام، وأعمل برخص السفر، وأخذ بالرأي الذي يقول: لك أن تأخذ برخص السفر ما دمت مسافراً سواء قلت الأيام أو كثرت، كما فعل ابن عمر في خراسان، وذلك لأن الجماعة في القرية يفيدونني في الصلاة ...
إيش يفيدونني؟
طالب: يقدمونني.
هذه كتابته.
فإنني أتم الصلاة بهم، وأصلي بهم، وأمسح على الخفين يوم وليلة، وفي أحد الأيام نسيت الخفين، ولم أخلعهما لمدة يومين، وأنا أمسح عليهما، فقلت في نفسي: ما دام لي رخصة المسح ثلاثة أيام لأنني مسافر فالصلوات التي صليتها بهذا المسح صحيحة، ولا يلزمني أن أنزع الخفين بعد مضي يوم وليلة، وأنا الآن لا أدري هل لي خمس صلوات أو أكثر؟ وأسأل عن صحة الصلاة التي صليتها بذلك الوضوء ليطمئن قلبي.
(24/6)
________________________________________
أولاً: إذا كان لك في هذه القرية بيت مسكن، وأهلك موجودون هناك فأنت من أهلها، لا يجوز لك أن تترخص بمجرد وصولك أنت مقيم ولست بمسافر، لك أن تترخص بين الجبيل وبين هذه القرية في الطريق إن كانت المسافة مسافة قصر تترخص، أما ما دمت في الجبيل فلا؛ لأنها بلدك التي استوطنت بها، وبالنسبة للقرية هي بلدك الأصلي، ولك بيت، ولك أهل هناك، فلا يجوز لك أن تزيد على المسح يوم وليلة، إذا لم يكن لك بها أحد، انتقلت مع أهلك إلى الجبيل ورجعت إلى هذه البلدة للزيارة فليست ببلد لك، ولا بيت لك به، ولا أهل، فلك أن تترخص، على كل حال إذا كان كما ذكرت أنك نشأت فيها، وتقضي الإجازات هناك، فإن كان لك أهل وبيت فلا يجوز لك أن تمسح أكثر من يوم وليلة، وعلى هذا يلزمك الإعادة.
هذا يقول: يقول ابن حجر في النخبة: رواية المبتدع، ثم البدعة -هذا من فرنسا- إما بمكفر أو بمفسق، فالأول: لا يقبل صاحبها الجمهور، والثاني: يقبل من لم يكن داعية إلى بدعته في الأصح، إلا إن روى ما يقوي بدعته فيرد على المختار، وبه صرح الجوزقاني شيخ النسائي، فما هو القول الصحيح في رواية المبتدع؟
(24/7)
________________________________________
المبتدع الذي خلع ربقة الإسلام ببدعته، الذي بدعته مكفرة فهؤلاء ذكر الحافظ الذهبي في مقدمة الميزان أنه لا تصح الرواية عنهم، فالخبر المروي من طريقهم لا يقبل، يقول: ولا يوجد في كتب الأئمة من هذا النوع أحد، أما الذي لا يكفر ببدعته فإنه تقبل روايته ما لم يكن داعياً إلى بدعته، وأما النوع الأول أصحاب البدع المغلظة المخرجة من الملة فهؤلاء لا تقبل روايتهم ولا كرامة، النوع الثاني: من لم يكفر ببدعته فإنه تقبل روايته ما لم يكن داعية إلى البدعة، ولم يرو ما يؤيد بدعته، وكتب السنة لا شك أنها طافحة -بما في ذلك الصحيحين- من الرواية عن المبتدعة، بل روى الإمام البخاري عن عمران بن حطان الخارجي المعروف، وهو داعية إلى بدعته، من الدعاة، ابن حجر اعتذر عن الإمام البخاري بأعذار، منها: أن ما رواه مما تحمله قبل ابتداعه، أو تُحمل عنه بعد توبته من البدعة، ومع ذلك يقول ابن حجر: إن الخوارج أبعد المبتدعة بل أبعد الطوائف عن الكذب؛ لأنهم يرونه كبيرة مخرجة من الملة، فيبتعدون عنه فهم أصدق الناس لهجة، ولا مانع من الرواية عن المبتدع ولو كان داعية إذا عرف بصدق اللهجة، حتى شيخ الإسلام يشهد للخوارج أنهم من أصدق الناس لهجة، والعيني يرد على ابن حجر بقوله: وأي صدق في لهجة مادح قاتل علي، الرجل ينصر ما يراه الحق، فالذي ينصر ما يراه الحق هو في حد ذاته صادق ليس بكاذب، وعلى كل حال بالنسبة للخوارج أمرهم أيسر من غيرهم في باب الرواية؛ لأنهم يتقون الكذب ويحذرونه ويخشونه؛ لأن شأنه عظيم عندهم، بخلاف الروافض فإنهم لا يتحاشونهم، ويشهدون بالزور لموافقيهم، لا سيما الخطابية منهم، كما قال الشافعي -رحمه الله-.
يقول: من المعلوم أن المرأة ليست كالرجل في الإسلام شهادتها بنصف شهادة الرجل، وإرثها نصف إرث الرجل فكيف تتساوى مع الرجل في العقوبة كالسارق والسارقة والزاني والزانية والقاتل والقاتلة؟
(24/8)
________________________________________
التكليف العام النساء شقائق الرجال، فلعيهن مثل ما على الرجال من العقوبات، ولهن مثل ما للرجال من الأجور، وقرن النساء بالرجال في كثير من المواقف في كثير من النصوص، لكن استثنى من ذلك خمس مسائل: مسألة الإرث النصف، والشهادة والدية والعتق والعقيقة، هذه المسائل الخمس المرأة فيها على النصف من الرجل، والبقية المرأة والرجل سواء.
يقول: اقتربت من زوجتي في نهار رمضان ولم أباشرها، فقط مداعبات بسيطة فأنزلت، فما حكم هذا الأمر؟ هل صيامي صحيح؟ وهل يلزمني كفارة أم لا؟
أولاً: أنت عصيت وبطل صومك، وعليك القضاء، وأما الكفارة فلا، وعليك أن تتوب من هذا الذنب العظيم الذي اقترفته، ولا تعود إليه ثانية.
يقول: هل صح عن شيخ الإسلام وتلميذه ابن القيم -رحمهما الله- أنهما قالا: بجواز نسبة ابن الزنا لأبيه إن أقر به؟
أنا لا يحضرني قول شيخ الإسلام وابن القيم في هذه المسألة، لكن الحديث الصحيح: ((الولد للفراش، وللعاهر –للزاني- الحجر)) ليس له ولد، إنما له الحجر فقط.
بقي من باب المسح المسألة الأخيرة أظنها قرئت.
(24/9)
________________________________________
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "ويمسح على ظاهر القدم، فإن مسح أسفله دون أعلاه لم يجزه، والرجل والمرأة في ذلك سواء" يمسح على ظاهر القدم دون أسفله، ودون جوانبه، وفي الأثر المروي عن علي -رضي الله عنه-: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه" وهو عند أبي داود بسند حسن، جيد، حسن سنده، ثم يقول: "وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح أعلى الخف، فالمسح للخف من أعلاه من الأصابع إلى أن يتجاوز الكعبين، إلى أن يشرع في الساق، ولا يستوعب أيضاً الأعلى بالمسح، وإنما يمسح بأصابعه خطوطاً، وليس المراد بذلك بهذا المسح التنظيف؛ لأن المسح مبناه على التخفيف، نعم قد يزيل هذا المسح يزيل الغبار اللاحق بظهر الخف ليظهر الخف مظهراً مناسباً بين الناس من غير غبار، وأما أسفله الذي يباشر الأرض، يباشر القاذورات فإنه لو مسح لانتشرت النجاسة، وليس بغسل يزيلها، ينتشر القذر الذي فيها، وأما النجاسة لا بد من إزالتها، لكن القذر الذي وطء به وباشر به الأرض لا يمسح بالماء؛ لأنه ينتشر ويزيد، أما بالنسبة لأعلاه فإنه يصيبه من الغبار ما يصيبه فيزيله بالمسح، ولذا قوله -رضي الله عنه-: "لو كان الدين بالرأي" يعني بالرأي المجرد الذي لا يستند إلى دليل، هذا الرأي المجرد الذي لا يستند إلى دليل لا عبرة به، ولا دخل له في الدين، والدين دين نص واتباع، ليس بدين آراء واجتهادات مجردة، واحتمالات عقلية مجردة، ابن حجر وغيره نصوا على أن الاحتمالات العقلية التي لا تؤيد بالدليل لا قيمة لها، نعم إذا خلت المسألة من الدليل ينظر فيها بالأقيسة والاجتهادات، وهل معنى هذا أن الدين يلغي العقل؟ لا، الدين لا يلغي العقل، بل لا بد أن يكون العقل تابعاً للنص، والنص يحكم على العقل ولا عكس، ولا شك أن العقل السليم الصريح هو موافق موافقة تامة للنقل الصحيح، وشيخ الإسلام له كتاب عظيم في هذا الباب، موافقة العقل للنقل، موافقة صريح. . . . . . . . . فلا تعارض بين عقل صريح باقٍ على فطرته مع نقل صحيح، نعم قد يوجد التعارض في الظاهر وجوداً نسبياً
(24/10)
________________________________________
عند بعض الناس دون بعض، ومثل هذا يزول بالبحث وبسؤال الأعلم ينتهي، ولا يوجد تعارض بين نصين أو بين نص ورأي صريح، سليم، باقٍ على الفطرة، أما الوجود عند آحاد الناس فإن هذا وجود نسبي يزول بالبحث، والأصل في المسألة النقل، وكونه يبحث عن علل وحكم هذا شيء طيب، لكن يبقى أنه إذا لم يوقف على العلة، أو كان الظاهر من العلة العكس، عكس ما جاء به الدليل، فإن مثل هذا لا أثر له، العبرة بالنص، قول علي -رضي الله عنه-: "لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى من المسح من أعلاه" يعني الرأي المجرد؛ لأن الإنسان في بادئ الأمر يظن أن المسح للأسفل الذي يباشر الأرض، وعرفنا أن المسح لا يزيل الأثر والقذى الذي لحق بالخف بسبب مباشرته الأرض، وما دام الأمر كذلك فإنه يكتفى بالظاهر، والأصل في المسألة الاتباع، وقد رأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يمسح أعلى الخف، هذا الأصل، وذكرنا أن الرأي لا يتعارض مع النص، كتاب شيخ الإسلام يعني لو أن بارعاً تصدى لاختصاره، وحذف منه الاستطرادات التي لا يفهمها كثير من أهل العلم، كثير من أهل العلم لا يفهمونها فضلاً عن المتعلمين، يعني أحياناً يمر أكثر من مائة صفحة كأنها طلاسم لقصور القارئ، ما هو لخلل في الكلام، لا، ذكرت أنا في مناسبات أن في المجلد الأول من الرد على ابن مطهر منهاج السنة ما يقرب من ثلاثمائة صفحة كلها لو تلغى من الكتاب ما صار فيه أثر لآحاد المتعلمين الذين لا يستفيدون من مثل هذا الكلام، والمجلد السادس فيه أيضاً أكثر من ثلاثمائة صفحة، أكثر من نصفه، فلا لخلل في كلام شيخ الإسلام، لا، إنما لقصور في كثير من المتعلمين، بالفعل أنا قرأت منهاج السنة في الموضعين ذولي ما تفهم شيء، لماذا؟ لأن المقدمات اللازمة لفهم مثل هذا الكلام ما نعتني بها، نصرف الهمة لما هو أولى منها، المقدمات التي تعيننا على فهم هذا الكلام ما نعتني بها، ولا نهتم بها، ولذا بعض العلماء يطلبون من طلاب العلم النظر في علم الكلام، وفي المنطق لفهم مثل هذا الكلام من شيخ الإسلام، وشيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: إن مثل هذا العلم كلحم جمل غث على رأس جبل، وقال في موضع آخر: لا يستفيد منه الغبي، ولا يحتاج إليه الذكي،
(24/11)
________________________________________
يعني بإمكانه أن يفهم النصوص من غير هذا العلم، وهو علم كَل، غث بلا شك، لكن من أراد أن يتصدى للردود على الطوائف المخالفة، وأمن عليه من أن يفتتن ببعض الأقوال مثل هذا يقرأ، وإلا فالنووي وابن الصلاح حرّما النظر في علم الكلام وفي المنطق، ومن أهل العلم من يرى أنه لا بد من قراءته ليتصدى للرد على المخالفين، فدرء تعارض العقل والنقل يعني لو يقتطف منه من الكلام الواضح من كلام شيخ الإسلام ما يجعل في مجلد لطيف انتفع الناس به انتفاعاً عظيماً، بحيث لا يجعل طالب العلم يقتحم غمرات هذا الكتاب العظيم، ولا يمكن أن يستغنى عنه بحال من الأحوال، ابن القيم يقول:
واقرأ كتاب العقل والنقل الذي ... ما في الوجود له نظير ثاني
لكن تجعل طالب العلم يقرأ مثل هذا الكتاب مشكلة، دون تنقيح، وبدون حذف ما لا يفهم منه هذا لا شك أنه يحدث ردة فعل عند بعض طلاب العلم بحيث يترك القراءة بالكلية، فإذا سمع ابن القيم يثني على هذا الكتاب العظيم بادر إلى اقتنائه وقراءته، ثم لا يلبث أن يقرأ فيه يوم أو يومين ثم ينصرف. . . . . . . . .
بالعلل للدارقطني ذهب طالب العلم إلى هذا الكتاب، ثم بعد ذلك ما يفهم منه شيء، فيترك القراءة، لا، طالب العلم عليه أن يبدأ بالأسهل فالأسهل، يعني يترقى، يعني ما يصل السطح ثم يبدأ ينزل، لا، العكس من درجة إلى درجة من درجات السلم حتى يصل إلى المنتهى إلى السطح، أيضاً شيخ الإسلام من كتبه العظيمة وقد تم طبعه -ولله الحمد- ومحقق في ثمانية مجلدات الرد على التأسيس للرازي، تأسيس التقديس، الذي يقول فيه ابن القيم:
وكذلك التأسيس أصبح نقضه ... ومن العجيب أنه بسلاحهم
أعجوبة للعالم الرباني ... أرداهم نحو الحضيض الداني
هذه الكتب يقرأها طالب العلم، لكن الطالب الذي قرأ قبلها من كتب شيخ الإسلام، وعرف أسلوب شيخ الإسلام، وصار يميز بين الكلام الذي يمكن فهمه والذي لا يمكن فهمه.
(24/12)
________________________________________
يقول المؤلف -رحمه الله-: "فإن مسح أسفله دون أعلاه لم يجزه" أوجب بعضهم أن يمسح الأسفل مع الأعلى، وأن يعمم الخف بالمسح كالرجل كتعميم الرجل بالغسل، وتعميم الرأس بالمسح، لكن الراجح أنه لا يلزم غسل الأسفل بل ولا يستحب، وإنما اللازم غسل ظاهر القدم "إن مسح أسفله دون أعلاه لم يجزه" لأن المطلوب غسل الأعلى دون الأسفل "والرجل والمرأة في ذلك سواء" فتمسح المرأة كالرجل على الخف يوم وليلة، كما أنها أيضاً تمسح على الخمار المحنك الذي يشق نزعه كالعمامة، يمسح على ما يشق نزعه، لكن كل فيما يخصه، هنا يقول في الخف: "الرجل والمرأة في ذلك سواء" لأن كل منهما محتاج إلى الخف، لكن لو لبست المرأة عمامة أو لبس الرجل خماراً يمسح أو ما يمسح؟ ما يمسح؛ لأن هذا تشبه محرم، فلا تمسح المرأة على العمامة ولا يمسح الرجل على الخمار؛ لأنه في النهاية قال: "والرجل والمرأة في ذلك سواء" قد يقول قائل: إن هذا يشمل الممسوحات، نعم تمسح المرأة على الجبيرة، يمسح الرجل على الجبيرة للحاجة إليهما، والرجل يمسح على الخف، والمرأة تمسح على الخف للحاجة الداعية في الطرفين، أما في حال المخالفة فلا، في حال المخالفة فلا؛ لأن هذا تشبه، ويجرنا هذا الكلام إلى ما قاله بعض أهل العلم في تحريم لبس المرأة العباءة على الكتفين؛ لأنه تشبه بالرجل؛ لأن لبس الرجل على الكتفين، نعم، يلبسونه المشالح على الأكتاف، فهل يقال بمثل هذا فيما إذا لبس الرجل عباءته على الرأس؟ نقول: هذا تشبه بالنساء فيحرم؟
الطالب:. . . . . . . . .
لأن المرأة تقول: ما دام أنا أصلي بالعباءة على الكتف، ولا أبرز لها للرجال، والرأس مغطى بالخمار والعباءة على الكتف؛ لأنه يتعبها لبس العباءة على الرأس، نقول: هذا تشبه، ولا شك أن مثل هذا الكلام يقال من باب الاحتياط، وسد الذريعة؛ لأن لا تخرج بها بين الناس بهذه الحال، لكن إذا أحتاج الرجل في البرد الشديد أن يضع بشته على رأسه، هل نقول: إن هذا تشبه بالمرأة فيمنع أو نقول: إن الرجل له هذا وهذا والمرأة ليس لها هذا؟ ينبغي إذا قلنا: إن تشبه المرأة بالرجال حرام، إذاً نقول: تشبه الرجل بالنساء حرام مثله؟ فهل يطرد هذا أو لا؟
(24/13)
________________________________________
الطالب:. . . . . . . . .
هل يكفي في مخالفة النساء بالنسبة للرجل أن تكون مادة الملبوس غير مناسبة للنساء؟
نفس الشيء يعني إذا عكسناها انعكست، يقول القائل: إن لبس المرأة لمادة مخالفة لما يلبسه الرجال يكفي في المخالفة.
الطالب:. . . . . . . . .
هذا قدر زائد؛ لأنه قد تقول: أنا ألبسها على الكتف، واسعة وفضفاضة ما فيها إشكال؛ لأنها تمنع لوجوه، منها هذا الوجه، ولا بد من هذا الوجه في بعض الحالات، وإذا قلنا بمثل هذا نمنع الرجل من لبس عباءته على الرأس لعدم التشبه بالنساء، ولو أجزناه فتحنا باب لمن يقول: لماذا يمنع في النساء دون الرجال؟ فإذا كان هذا من خصائص الرجال فالثاني من خصائص النساء، لا شك أنا نرى الرجال بكثرة لا سيما في شدة الحر أو شدة البرد يلبسون عباءتهم على الرأس لتقيهم شدة الحر، الشمس، وتقيهم أيضاً البرد، هذا موجود بكثرة، لكن هل هذا يكفي في مقابلة التشبه بالنساء؟ أو نقول: إن هذا من الأمور المشتركة التي لا يقع فيها التشبه؟
الطالب:. . . . . . . . .
هي تمنع لأمور كثيرة معروفة ومدونة، لكن منها مما قيل في ذلك تشبه النساء بالرجال، على كل حال وجود لبس الرجل عباءته على رأسه للحاجة ليس هو الأصل، للحاجة، وينبغي أن يقدر بقدرها، ثم يعود الحكم إلى أنه للنساء، فإذا لبسه للحاجة لا شك أن مثل هذا موجود وجود كثرة بالنسبة للرجال، وليس بوجود قلة بحيث لا يرتب عليه حكم.
أسئلة كثيرة جداً، وعلى هذا نقف على باب الحيض إلى الأسبوع الثاني من الدراسة من الفصل الثاني ....
(24/14)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الطهارة (25)
شرح قول المؤلف: "باب: الحيض: وأقل الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً، فمن أطبق بها الدم فكانت ممن تميز فتعلم إقباله بأنه أسود ثخين ... "
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله-:
باب: الحيض
وأقل الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً، فمن أطبق بها الدم فكانت ممن تميز فتعلم إقباله بأنه أسود ثخين.
ثخين منتن.
طالب: ليس عندنا.
موجود في المغني؟
طالب: موجود المغني.
يعني دل عليه الحديث الصحيح.
الطالب:. . . . . . . . .
دل عليه الحديث، أسود يُعرف، يعني له عرف، يعني رائحة، نعم.
وإدباره بأنه رقيق أحمر تركت الصلاة في إقباله، فإذا أدبر اغتسلت وتوضأت لكل صلاة وصلت، فإن لم يكن دمها منفصلاً وكانت لها أيام من الشهر تعرفها أمسكت عن الصلاة فيها واغتسلت إذا جاوزتها، فإن كان لها أيام أنسيتها فإنها تقعد ستاً أو سبعاً في كل شهر.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الحيض
(25/1)
________________________________________
وهو آخر أبواب الطهارة، وهو موجب للطهارة الكبرى التي هي الغسل، ختم به المؤلف كتاب الطهارة، وهذا الباب من أبواب الفقه من أعقد الأبواب عند أهل العلم، عند أرباب المذاهب على ما سيأتي من أمثلة هذا التعقيد في هذا الكتاب، وفي غيره من الكتب، في المطولات أشد، يعني نظير ما مضى في تقسيم الماء إلى ثلاثة أقسام، ونشأ عنه من فروع المسائل ما لا يتصوره كثير من طلاب العلم، فيستصعبون دراسة الفقه لوجود مثل هذه التفريعات، مع أن ما ورد في الحيض من النصوص شيء يسير يمكن الإحاطة به، لكن الذي يصعب دراسة مثل هذا الباب، كثرة الوقائع والنوازل، فالنساء تختلف عادتهن قلة وكثيرة، زيادة ونقصاً، انتظاماً واختلافاً واضطراباً، وقائع لا تعد ولا تحصى، ويفترض أهل العلم لكل واقعة جواب نشأ عن ذلك كله تعقيد في فهم مسائل هذا الباب، وإلا فالأصل أن توضع ضوابط تطبق عليها هذه الفروع، إضافة إلى هذه الصعوبة أن في بعضها مخالفة لما جاء في بعض الأحاديث، والسبب في ذلك أن بعض الأحاديث تحتمل أكثر من فهم، وفهم منها بعض أهل العلم ما لم يفهمه الآخر، والأحاديث أيضاً إضافة إلى هذه الاحتمالات تختلف قوة وضعفاً من وجهة أنظار العلماء، فبعضهم يرجح حديث على حديث، ويبني عليه مسائل الباب وهكذا، ثم ازداد الأمر تعقيداً بعد وجود المؤثرات، فالمأكولات لها أثر، وحفظ المواد الغذائية له أثر، واستعمال الموانع والروافع له أثر في الانتظام والاضطراب، ولذا لا تجد وقتاً من الأوقات يخلو عن سؤال من أسئلة الحيض، النساء يتعرضن لهذا الأمر الذي كتبه الله على بنات آدم، فأول امرأة حاضت، وهذا كما جاء في الحديث الصحيح أن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم، وإن روي عن ابن مسعود بسند جيد أن أول من حاض نساء بني إسرائيل، عوقبن بالحيض، لكن ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- كما قال الإمام البخاري أكثر، فهو مكتوب على بنات آدم من أول الأمر؛ لأن هذا جبلي طبيعي يشترك فيه النساء، وهو بالنسبة للنساء وللرجال أيضاً أذى، كما قال الله -جل وعلا-: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [(222) سورة البقرة] والخلاف بين أهل العلم في المحيض المانع من العبادات يمنع المرأة
(25/2)
________________________________________
وليست حيضتها بيدها في كتابة الأجر والثواب الذي منعت منه مع أنها لو كانت طاهراً لفعلته، ولم تمتنع من تلقاء نفسها، وإنما منعت، شيء كتبه الله على بنات آدم، فمنهم من يقول: إنه يكتب لها الأجر كما كانت تفعل، يعني حينما كانت طاهراً، نظير ذلك المريض والمسافر؛ لأن حيضتها ليست بيدها، ومنهم من يقول: لا يكتب لها من الأجر شيء، ما دام لا تصلي ولا تصوم، نعم ليس عليها إثم لأن الأمر ليس بيدها، وحجة من يقول بهذا القول: إن هذا هو السبب في نقص دينها، ولو كان يكتب لها الأجر الذي كانت تفعله عند ما كانت طاهرة ما صار نقصاً في دينها،. . . . . . . . . في نقص دينها، ولو كان يكتب لها الأجر الذي كانت تفعله عند ما كانت طاهرة ما صار نقصاً في دينها، يصير أجرها كاملاً، ولذا لم يكن السفر والمرض بالنسبة للرجال نقص في دينهم، ظاهر وإلا ما هو ظاهر؟ المرأة تتمنى وتتحسر أن لو كانت طاهراً تصوم مع الناس، وتصلي مع الناس، وتتهجد مع الناس، وتحج مع الناس، وتعتمر مع الناس، وغير ذلك مما يمنعها حيضها، كثير من الحريصات على فعل الخير تتقطع من الأسى إذا نزل عليها الحيض؛ لأنه يمنعها من صلتها بربها، من أعظم العبادات التي هي الصلاة والصيام، فهل نقول: إن أجرها كامل باعتبار أنها منعت؟ أو نقول: إن الأجر ناقص ولذا صارت ناقصة الدين بسببه؟ محل خلاف بين أهل العلم، ولا شك أن الناس يتفاوتون، من النساء من تفرح إذا جاءتها العادة، إذا نزل عليها الحيض تفرح، ترتاح من الصلاة من الصيام، وهي معذورة شرعاً، فهل مثل هذا يكتب له من الأجر ما كان يعمله حينما كان طاهراً؟ هذا بلا إشكال بلا خلاف مثل هذا لا يكتب له، وهذا مطرد في سائر العبادات، يعني الأعمى إذا فرح بالعمى لأنه يعذر عن الجهاد، الأعرج إذا فرح بالعرج لأنه يعذر عن الجهاد، والمريض إذا فرح بالمرض لأنه يعذر عن حضور الجماعة، وما أشبه ذلك، هل يكتب له من الأجور شيء؟ لا، لا يكتب لهم من الأجور شيء؛ لأن المرد في ذلك هو القصد، وكون الإنسان يتمنى الشهادة ويموت على فراشه يكتب له أجر الشهداء، يعني إذا صدق في أمنيته، وأنه لو تيسر له ذلك لبادر إليه، يكتب له من الأجر مثل من يقتل في سبيل الله، بالعكس
(25/3)
________________________________________
إذا فرح بما يعذر به فمثل هذا لا يكتب له شيء، فينتبه لمثل هذا من النساء على حسب ما يقر في قلوبهن يكتب لهن من الأجور أو لا، وهذا ظاهر؛ لأن المدار على النيات والمقاصد، وبعض النساء يعني مما يؤكد عدم فرحهن بنزول الحيض وراحتهن بترك الصلاة، بعض النساء تقوم على عادتها، في الثلث الأخير من الليل تقوم وعليها العادة، فتدعو الله -جل وعلا-، وتفعل ما يجوز لها فعله مما يقرب إلى الله -جل وعلا-، وتترك الباقي، مثل هذه أجرها عند الله عظيم، لكن من فرحت بالعذر ونامت إلى أثناء النهار، وقالت: الحمد الذي أراحنا من القيام في الليالي الباردة، مثل هذا لا شك ولا إشكال في كونها لا تؤجر، فهن يتفاوتن، والمدار في ذلك على النيات والمقاصد، ويبقى أن المسألة في الجملة محل خلاف بين أهل العلم، ولكل فريق أدلته.
الحيض يعرفه أهل العلم في اللغة بالسيلان، يقولون: حاض الوادي إذا سال، وفي الاصطلاح الشرعي عند الفقهاء يقولون: دم طبيعة وجبلة، يعني يخرج به الدماء الطارئة، دم طبيعة وجبلة، لا ينشأ عن مؤثر، يعني ليس بجرح ولا قرحة ولا شيء، إنما ينشأ عن صحة، يعني يوجد في حال الصحة كما يوجد في حال المرض، دم طبيعة وجبلة يخرج من عرق في أقصى الرحم، وهو منتظم في الغالب، وله حكمة عظيمة سببها تغذية المولود، الجنين في بطن أمه يتغذى بهذا الدم، فإذا لم يكن ثم جنين خرج في أوقات منتظمة، ولذا المرجح عند أهل العلم أن الحامل لا تحيض، ولو نزل عليها دمها الذي تعرفه في أوقاته وعلاماته، ما دامت حامل فهي لا تحيض، من أهل العلم من يقول: إن الحامل تحيض، فإذا نزل عليها في وقته ولونه ورائحته فإنه يعد حيضاً، وعلى كل حال لو كانت تحيض ما عدت الأقراء علامات على خلو الرحم، لو كانت الحامل تحيض ما عدت الأقراء والحيض علامات على خلو الرحم، لو قلنا: إنها حاضت ثلاث حيض وهي حامل، ولا تخرج بذلك من عدتها، والشرع جاء باعتداد ذات الأقراء بالحيض، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
لا أغلبي ولا ... ؛ لأن حتى هذا القليل النادر هذا القليل الذي ليس بأغلب تعتد بإيش إذا كانت حامل وتحيض؟
الطالب:. . . . . . . . .
(25/4)
________________________________________
لا هو جعل في مقابل الحمل، فالمطلقة إما أن تعتد بوضع الحمل، وإما أن تعتد بالحيض، فلما جعل مقابلاً له علم أنهما لا يجتمعان، يعني لو حاضت ثلاث مرات وقالت: خلاص أنا خرجت من العدة، ثم تبين في بطنها حمل بعد ذلك؟ نقول: الدم الذي نزل عليها دم فساد لا عبرة به، إنما هو نزيف، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
من أين؟
الطالب:. . . . . . . . .
على كل حال وجد من النساء من لا تحيض، ووجد ممن تلد من النساء أنها لا يصاحبها دم، ما يحصل لها نفاس، ولذا نقول: إن أقل النفاس لحظة ولو لحظة، مع أنه نادر جداً، لكنه وجد من النساء من لا تحيض ومن لا يخرج معها الدم مع الولادة.
يقول -رحمه الله تعالى-:
(25/5)
________________________________________
"أقل الحيض يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً" هذا هو المذهب وهو المرجح عندهم، عند الحنابلة أقله يوم وليلة، وأكثره خمسة عشر يوماً، ما الدليل على كون أقله يوماً وليلة؟ نعم؟ يعني وجد ممن تحيض يوم وليلة، يعني ما وجد من تحيض أقل؟ إذا وجد من لا تحيض أصلاً، ولا يمكن أن يوجد من ينزل عليها الدم أقل من يوم وليلة، أو هذا باعتبار الحكم الشرعي لا باعتبار الوجود؟ ويستندون في هذا إلى امرأة أدعت أنها خرجت من العدة في شهر، نزلت عليها العادة ثلاث مرات في شهر، في عهد علي -رضي الله عنه وأرضاه-، فسأل عنها شريح، فقال: إن جاءت ببينة صدقت وإلا فلا؛ لأنه خلاف العادة، كيف يكون أقله يوم وليلة من خلال هذا الأثر؟ لما أجاب شريح بقوله: إن جاءت بمن يصدقها قبل قولها وإلا فلا، قال له علي فيما ذكر في الخبر: قالون، قالون يعني جيد بالرومية، فإذا تصور أنها حاضت أول يوم من الشهر ثم طهرت ثلاثة عشر يوماً، الذي هو أقل الطهر بين الحيضتين، ثم حاضت اليوم الخامس عشر ثم طهرت فمن السادس عشر إلى التاسع والعشرين ثم حاضت في آخر يوم من الشهر، تكون بهذا خرجت من العدة، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ أقله يوم وليلة من هذا الخبر، في دليل غيره وإلا ما في؟ في دليل ثاني وإلا ما في؟ من أهل العلم من يرى أن الأقل ثلاثة أيام، والأكثر عشرة، وهذا معروف عند الحنفية، أقله ثلاثة أيام، وأكثره عشرة أيام، ومنهم من يرى أنه لا حد لأقله ولا لأكثره، ولا لأقل الطهر ولا لأكثر الطهر، ولا حد للسن بداية ولا نهاية؛ لأنهم عندهم في المذهب أنه لا حيض قبل تسع سنين، ولا بعد خمسين سنة، فعلى كلامهم الذي يحصل قبل التسع في الثامنة والسابعة هذا لا يعد حيضاً، والذي يحصل بعد الخمسين لا يعد حيضاً، مع أنه وجد بكثرة الحيض بعد الخمسين، أما قبل التسع فهو نادر، المقصود أن المعمول به عند الحنابلة أنه لا حيض قبل تسع سنين، ولا بعد خمسين سنة، وعلى القول بأنه لا حد لأقله ولا لأكثره ولا لأقل الطهر ولا لأكثره، ولا حد للسن في البداية ولا في النهاية فمتى نزل الدم هو الحيض، تجلس له المرأة ولو فرض واحد، ولو زاد عن خمسة عشر يوماً، يستدل العلماء على أن أكثر الحيض خمسة عشر يوماً بحديث:
(25/6)
________________________________________
((تمكث شطر دهرها)) وشطر الدهر كم؟ خمسة عشر يوماً، لكن لا يمنع أن يكون الحديث خرج مخرج الغالب، مع أن ((تمكث شطر دهرها)) الحديث متكلم فيه بكلام قوي لأهل العلم، تضعيفه ظاهر عند أهل العلم، وعلى كل حال ليس فيه مستدل، حتى لو قال: ((تمكث شطر دهرها)) هذا ليس هو الغالب على ما قالوا، الغالب ستة أو سبعة، غالب النساء ستة أيام أو سبعة، فلا مستمسك في هذا الحديث لا لأكثره ولا للقصة الأولى بالنسبة لأقله، فالذي رجحه شيخ الإسلام -رحمه الله- وجمع من أهل التحقيق أنه لا حد لأقله ولا لأكثره، ولا لجميع التحديدات التي ذكرت في هذا الباب من قبل أهل العلم لا دليل عليها، يعني لا يوجد نص صحيح صريح، إنما فيه استدلالات واستمساكات من أهل العلم ببعض الأخبار والآثار وببعض الوقائع.
"أكثره خمسة عشر يوماً" نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
يعني مطرد في كل أشهرها أكثر من مرة؟ يعني وجد من تحيض في الشهرين مرة، لكن هل يوجد أنها تحيض في الشهر مرتين؟ إذا قلنا: لا حد لأقله، وش المانع؟
الطالب:. . . . . . . . .
تقصد الواقع أو الحكم؟
الطالب:. . . . . . . . .
الواقع الله أعلم، ما أدري.
(25/7)
________________________________________
على كل حال يقول المؤلف: "فمن أطبق بها الدم" هذه هي المستحاضة، والاستحاضة: نزول الدم الذي يختلف عن دم الحيض، كما يقول أهل العلم: إنه دم ينزل من عرق في أدنى الرحم "فمن أطبق بها الدم" استمر معها، واستحيض سبع في عهده -عليه الصلاة والسلام- من النسوة، وبنات جحش مبتليات بالاستحاضة "فمن أطبق بها الدم فكانت ممن تميز فتعلم إقباله بأنه أسود ثخين منتن، وإدباره بأنه رقيق أحمر تركت الصلاة في إقباله، فإذا أدبر اغتسلت وتوضأت لكل صلاة وصلت" الآن المستحاضة التي ينزل عليها الدهر الشهر كامل والشهرين والثلاثة، وقد تستحاض السنين، هذه كيف تصلي؟ وكيف تصوم؟ لأن المستحاضة إما أن تكون معتادة أو لا عادة لها، أو تكون مميزة أو لا تمييز عندها، فهنا عادة وهنا تمييز، وجاء من الأحاديث ما يدل على العمل بالعادة، وجاء ما يدل على العمل بالتمييز ((فإذا أقبلت أيام أقرائك فدعي الصلاة)) عادة ووصف دم الحيض وقال: ((إنه دم أسود يعرف)) أو يعرف، وهذا يدل على التمييز، فمن كان لها عادة ولها تمييز فبأيهما تعمل؟ وأيهما تقدم؟ على كلام المؤلف -رحمه الله تعالى- تقدم التمييز، نعم، يقول: "فمن أطبق بها الدم فكانت ممن تميز فتعلم إقباله بأنه أسود ثخين منتن، وتعلم إدباره بأنه رقيق" يعني يختلف الدم، يأتيها أيام أحمر صافي، وأحياناً أسود، ثم ينتهي الأسود، ثم يكون بعد ذلك أحمر، ويستمر إلى أن يأتي الوقت الذي صار به أسود، وقد يتقدم أو يتأخر، إذا اتفقت العادة مع التمييز، هذا ما فيه إشكال، ولا خلاف في أنها تجلس عادتها المتميزة، يعني إذا كانت عادتها في اليوم السابع إلى منتصف الشهر، ولون دمها في حال صحتها أسود ثخين منتن، ثم في اليوم السابع استحيضت تتابع عليها الدم وأطبق عليها، ففي السابع من كل شهر يأتيها هذا اللون بهذا الوصف، وينتهي في الخامس عشر، هل يحصل في مثل هذه خلاف؟ لا، لا يحصل في مثل هذه خلاف، يعني إذا اتفقت العادة والتمييز، لكن إذا اختلفت العادة مع التمييز، عادتها من سبعة إلى خمسة عشر، وهي تميز دمها، وتعرف لون دم عادتها، فجاءها في اليوم الأول من الشهر دم أسود ثخين منتن، انتهى في اليوم السابع، وهي في العادة تأتي عادتها من اليوم
(25/8)
________________________________________
السابع إلى الخامس عشر، الآن اختلفت العادة مع التمييز، فأيهما تقدم؟ على كلام المؤلف تقدم التمييز، يقول: "فمن أطبق بها الدم فكانت ممن تميز فتعلم إقباله بأنه أسود ثخين منتن وإدباره بأنه رقيق أحمر تركت الصلاة بإقباله فإذا أدبر اغتسلت وتوضأت لكل صلاة وصلت" هل تعرض المؤلف لمعارضة العادة وموافقة العادة هنا؟ ما تعرض له، لكن ظاهر كلامه أن التمييز هو المقدم في حال التعارض، أما في حال التوافق فلا إشكال، فعلى كلام المؤلف أول ما تبدأ به المستحاضة التمييز، فإذا ميزت دم الحيض من دم الاستحاضة جلست دم الحيض، ثم إذا انتهى الدم الذي تحكم عليه بأنه حيض بصفاته فإنها تغتسل غسل الحيض، يقول: تركت الصلاة في إقباله، يعني المدة التي يكون فيها الدم المتميز، دمها المتميز المعتاد تترك الصلاة في إقباله، وتترك أيضاً الصوم، وتترك الطواف، وتترك قراءة القرآن عند من يقول به، على ما تقدم تقريره، المقصود أنها تترك ما منعت منه في وقت إقباله، فإذا أدبر وتغير اللون من لون العادة إلى غيره فإنها حينئذٍ تغتسل غسل الحيض، كأنها من الطاهرات، يعني ما تختلف عن الطاهرات بشيء "اغتسلت وتوضأت لكل صلاة وصلت" توضأت لكل صلاة كمن حدثه دائم، كمن به سلسل بول، أو جرح مستمر فتتوضأ لكل صلاة وصلت، وجاء الأمر بالوضوء ((توضئي لكل صلاة)) وأما بالنسبة للاغتسال لكل صلاة فإنما فعلته من تلقاء نفسها من غير أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- فكانت تغتسل لكل صلاة، يعني من غير أمره -عليه الصلاة والسلام-، وهذا يدل على أن مثل هذا مستحب، لكن ليس بلازم، وجاء التوجيه النبوي بأنه إذا كان يشق عليها الوضوء لكل صلاة، أو الغسل استحباباً لكل صلاة وأخرت الصلاة الأولى وقدمت الصلاة الثانية على جهة الجمع الصوري فإنه يكون حينئذٍ أفضل من كونها تجمع جمعاً حقيقياً، أو تتيمم عند المشقة "فإذا أدبر اغتسلت وتوضأت لكل صلاة وصلت" توضأت لكل صلاة هل هذا يدل على أن وضوءها رافع أو مبيح؟ نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
(25/9)
________________________________________
لو كان رافعاً ما يلزمها الوضوء لكل صلاة، يمكن أن يقال: إنه رافع انتقض بخروج الدم من مخرجه؟ أو يقال: هو مبيح؟ وش الفرق بين القولين؟ إذا قلنا: إنه رافع لكنه انتقض بخروج الدم، أو نقول: إنه مجرد إباحة تستبيح به هذه العبادات، وإلا ما دام الدم يخرج منها فهو ناقض باستمرار؟ ولا يمكن أن تتمكن من العبادات إلا بهذا الوضوء مع وجود المضاد وهو خروج الدم من مخرجه، يعني لو خرج شيء من السبيلين لو لم يكن دم، أي شيء يخرج من السبيلين ينقض الوضوء على ما تقدم، فهذا من باب أولى، فهل نقول: إنها توضأت وضوءاً رافعاً للحدث ثم انتقض بخروج الدم، أو أن وضوءها لا يرفع الحدث باعتبار أن الدم يخرج متتابعاً حتى في أثناء الوضوء وبعيد الوضوء قبل الصلاة يخرج متتابعاً؟ فهذا يقوي قول من يقول: إنه مبيح، والمبيح .. ، الرافع معروف أنه طهارة كاملة، والمبيح طهارة كاملة وإلا ناقصة؟ ناقصة، إذ لو كانت كاملة ما طلب منها إعادة الوضوء، مثل هذا الوضوء الناقص الطهارة الناقصة يلبس عليهما أو يلبس عليها خفين دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين علشان نربط الأبواب بعضها ببعض، يعني الذي حدثه دائم ونقول: إن وضوءه مبيح وليس برافع، هل يلبس الخفين ويمسح عليهما، أو لا يلبس؟ نعم؟ ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) الآن لما توضأت وقلنا: إنه لا يرفع الحدث هذا؛ لأن الحدث مستمر، فلا يرفع الحدث، بل يبيح العبادات التي تمنع منه، يبيح العبادات، هل يصح أن نقول: إن القدمين طاهرتان حينما أدخلتا في الخفين ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) نعم؟ إذاً نقول للمستحاضة: لا تمسح على الخفين؟
الطالب:. . . . . . . . .
(25/10)
________________________________________
بالنسبة لها ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) يعني من مقتضيات كون الوضوء مبيح لا رافع، إذا قلنا: إنه مبيح لا رافع فالحدث موجود، وهل يجتمع الحدث مع الطهارة؟ الطهارة رفع الحدث، فهل نقول: إنها طاهرة طهارة تبيح لها إدخال القدمين في الخفين والمسح عليهما؟ مقتضى قولنا: إنه مبيح يكون في مسحها نظر، لكن أحاديث المسح ما فرقت بين من يتلبس بالطهارة التامة، وبين من يتلبس بالطهارة الناقصة، هذا يذكرنا بمسألة وهي مسألة المسح على الخفين، فإذا تمت المدة عند أهل العلم الجمهور تبطل الطهارة إذا تمت المدة؛ لأنه هذا الوقت المأذون به شرعاً، وكذلك إذا خلع الخف تبطل الطهارة؛ لأنه إذا صلى بالقدم بعد مسح الخف وخلعها يكون مصلياً بقدم ليست مغسولة ولا ممسوحة فطهارته ناقصة، تقدم مسألة قياسه على مسح الرأس ثم حلق الشعر، تقدم الكلام في هذا، والتفريق بين أن هذه طهارة أصلية وهذه طهارة فرعية، لكن يبقى مسألة ما تنبهنا لها سابقاً، وهي أنه إذا خلع الخف لبس الخف على طهارة، ومسح أربعة أوقات، ثم خلعه وهو على طهارة، الذي يقول مثل شيخ الإسلام بأن الطهارة ما زالت باقية ويصلي، هل نقول: إن طهارته هذه كاملة أو ناقصة؟ على كلامنا ناقصة، لكن على كلام شيخ الإسلام كاملة؟ هل يقول شيخ الإسلام بأن مثل هذا له أن يلبس الخفين لأنه قدميه طاهرتين طهارة كاملة ويستأنف من جديد المسح؟ ((دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين)) يعني ما يلزم أنه أدخلهما طاهرتين فيمسح يوم وليلة، يلزم بهذا أو ما يلزم؟
الطالب:. . . . . . . . .
هاه؟
الطالب:. . . . . . . . .
إيش لون لا يرى؟
الطالب:. . . . . . . . .
(25/11)
________________________________________
ليش ما يرضى ما دام طهارة كاملة؟ لأنه إذا خلعها فإما أن تكون الطهارة كاملة وإلا ناقصة في ثالث؟ كاملة على رأي الشيخ، أو ناقصة على رأي غيره، إذا كانت كاملة عنده ما الذي يمنعه من لبسها مرة ثانية؟ ما الذي يمنعه من أن يلبسها ثانية ويستأنف المسح يوم وليلة من جديد، في ما يمنعه؟ وهل يقول بهذا شيخ الإسلام أو غير شيخ الإسلام؟ ما يمكن أن يقول بهذا؛ لأنه يلزم عليه أن يستمر يمسح، يعني يمكن يدخل. . . . . . . . . ويطلع ما غسل رجليه على هذا الكلام، ويكون فعله صحيح، وهل يقول بهذا شيخ الإسلام؟ يورد عليه وإلا ما يورد عليه؟ هاه؟ يورد عليه، والذي جرنا إلى الكلام في كون طهارة المستحاضة كاملة وإلا ناقصة؟ وعلى كل حال إذا فعلت ما جاء في النصوص فقد اتقت الله ما استطاعت، وهي داخلة في عموم أحاديث المسح، بغض النظر عن كونها كاملة، ناقصة، هي بالنسبة لها كاملة، هذا ما تستطيعه، لكن أمرها بالوضوء لكل صلاة لا شك أنه يدل على نقص، لكن لا يحرمها مما تندرج فيه بالنسبة للنصوص الأخرى.
(25/12)
________________________________________
"فإن لم يكن دمها منفصلاً" كيف يكون دمها منفصلاً؟ يعني متميزاً، يعني كله لونه واحد من بدأ إلى أن انتهى شهرين ثلاثة سنة سنتين اللون ما تغير، ليس بمنفصل، يعني ليس بمتميز، ما في فاصل بين دم ودم، الأولى عرفنا أنه ينفصل دمها، أحياناً يأتي أسود، وأحياناً يأتي أحمر، هذه دمها ليس بمنفصل "وإن لم يكن دمها منفصلاً، وكانت لها أيام من الشهر تعرفها" هذه هي إيش؟ المعتادة، تعرف أيام من الشهر كانت تحيض من اليوم السابع إلى الخامس عشر ثمانية أيام تعرف، فإذا أقبلت الحيضة -يعني أقبل وقتها- تمسك عن الصلاة وعن الصيام وعن جميع العبادات التي يشترط لها الطهارة، تمسك، ثم بعد ذلك إذا انتهت المدة تغتسل غسل الحيض، وتتوضأ لكل صلاة، دعي الصلاة أيام أقرائك، الأيام التي كانت تنزل عليها العادة في السابق حينئذٍ تترك الصلاة فيها، وما يطلب له الطهارة، فإذا انتهت اغتسلت وصلت وتوضأت لكل صلاة "فإن لم يكن دمها منفصلاً وكانت لها أيام من الشهر تعرفها أمسكت عن الصلاة فيها، واغتسلت إذا جاوزتها" يعني إذا جاوزت الأيام المعروفة عندها التي كانت تجلسها قبل تتابع وإطباق الدم "واغتسلت إذا جاوزتها، وإن كانت لها أيام أنسيتها" أو نسيتها؟ وش عندك؟
الطالب:. . . . . . . . .
وأنا عندي كذلك أنسيتها.
الطالب:. . . . . . . . .
لكن هل يقال: أنسي أو نسي؟ يعني الحديث الوارد في الصحيحين النهي عن قول: نسيت بالنسبة للقرآن، فهل يطرد هذا في غيره؟ القرآن لئلا يدخل في قوله -جل وعلا- .. نعم؟ إيش؟
الطالب:. . . . . . . . .
نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
(25/13)
________________________________________
{وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [(126) سورة طه] {كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا} [(126) سورة طه] في مقابلة نسيانه ينسى، لكن إذا أنسي أنساه الله أو أنساه، لا ينسب هذا الفعل لنفسه، فلا يقول: نسيت؛ لئلا يستحق الجزاء {وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنسَى} [(126) سورة طه] هذا بالنسبة للآيات التي هي القرآن، أما ما عدا ذلك فالإنسان محل للنسيان، ولا يلام على ذلك؛ لأنه جبل على ذلك، فما أشوف داعي لقوله: أنسيتها، لا مانع أن يقول: نسيتها، "وإن كانت لها أيام أنسيتها فإنها تقعد ستاً أو سبعاً في كل شهر" لأن غالب النساء تتحيض ست أو سبع أيام بلياليها، أو ستاً من الليالي بأيامها في كل شهر، هذا غالب النساء، لكن هل تقدم عادة غالب الناس أو غالب الأسرة؟ يعني إذا كانت أمها عادتها ثلاثة أيام وعمتها كذلك وخالتها وأختها الكبرى وهكذا هل نقول: تجلس ستاً أو سبعاً نظراً لأن غالب النساء تجلس هكذا؟ أو تنظر إلى نسائها القريبات منها؟ نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
عندنا في مسألتنا: وإن كانت لها أيام ترجع إلى عادة نسائها القريبات منها؛ لأنها في الغالب مثلهن، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
طيب هو المجتمع، إحنا ننظر إلى المجتمع الأعم إذا لم يكن هناك ما هو أخص منه، كيف ننظر إلى البعيدات وعندنا نساء قريبات العادة عندهن مطردة؟ أمها عادتها ثلاثة أيام، أختها عادتها ثلاثة أيام، وإن كان في قبيلة من القبائل ستة أيام، وقبيلة أخرى سبعة، وقبيلة أخرى تسعة، وقبيلة أربعة، والغالب المتوسط متوسط النساء ستة أو سبعة، لكن نساءها القريبات منها أمها وأختها، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
إيش قال؟
الطالب:. . . . . . . . .
لولا ها النص، هل العادة العامة مقدمة على العادة الخاصة وإلا لا؟ لأن أهل العلم يردونها إلى قريباتها، الأصل أنها بقريباتها أشبه؛ لأمها أقرب ولأختها، فلعل ما جاء في الحديث أن تكون عادة قريباتها بهذه العدة، وإلا فأهل العلم يردون .... نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
حال الإقامة، النظر إلى حال الإقامة، بغير نظر إلى المؤثرات.
شوف الجملة الأخيرة.
الطالب:. . . . . . . . .
طالب: نقرأ كلام صاحب المغني؟
نعم.
(25/14)
________________________________________
طالب: قال -رحمه الله تعالى-: هذا من القسم الرابع من أقسام المستحاضة وهي من لا عادة لها ولا تمييز، وهذا القسم نوعان، أحدهما: الناسية ....
يعني القسم الأول لها عادة وتمييز، الثاني: تمييز فقط، الثالث: عادة فقط، الرابع: لا عادة ولا تمييز، قد يكون هذا القسم أيضاً ينقسم إلى قسمين، قسم لا عادة لها أصلاً، وقسم لها عادة ثم نسيتها، نعم.
طالب: وهذا القسم نوعان، أحدهما: الناسية ولها ثلاثة أحوال، أحدها: أن تكون ناسية لوقتها وعددها، وهذا يسميها الفقهاء المتحيرة، والثانية: أن تنسى عددها وتذكر وقتها، والثالثة: أن تذكر عددها وتنسى وقتها، فالناسية لهما هي التي ذكر الخرقي حكمها، وأنها تجلس في كل شهر ...
الوقت والعدد، يعني هل هي من أول الشهر، أو من أثنائه أو من آخره؟ وهل هي ثلاثة أيام أو أربعة أو خمسة أو أكثر؟
طالب: فالناسية لهما هي التي ذكر الخرقي حكمها، وأنها تجلس في كل شهر ستة أيام أو سبعة، يكون ذلك حيضها ثم تغتسل، وهي في ما بعد ذلك مستحاضة تصوم وتصلي وتطوف، وعن أحمد أنها تجلس أقل الحيض، ثم إن كانت تعرف شهرها وهو مخالف للشهر المعروف جلست ذلك من شهرها، وإن لم تعرف شهرها جلست من الشهر المعروف لأنه الغالب، وقال الشافعي في الناسية لهما ....
في فرق بين شهرها والشهر المعروف؟
طالب: لا يلزم من شهرها أن يبتدئ بالشهر المعروف.
نعم، الذي يشتمل على حيض وطهر، سواء كان شهر هلالي أو أكثر أو أقل.
طالب: قال الشافعي في الناسية لهما: لا حيض لها بيقين، وجميع زمنها مشكوك فيه تغتسل لكل صلاة وتصلي وتصوم، ولا يأيتها زوجها، وله قول آخر ...
يعني لا تجلس، تتوضأ لكل صلاة وتصلي الدهر كله؛ لأن زمن الحيض مشكوك فيه، ولا يأتيها زوجها الدهر كله، هذا لا شك أنه عنت ومشقة شديدة، نعم.
طالب: وله قول آخر أنها تجلس اليقين.
وما دامت تصلي فالصلاة أعظم، كما في صحيح البخاري نقلاً عن ابن عباس، إذا كانت تصلي فالصلاة أعظم، يعني يأتيها زوجها، نعم؟
(25/15)
________________________________________
طالب: وله قول آخر أنها تجلس اليقين، وقال بعض أصحابه: الأول أصح؛ لأن هذه لها أيام معروفة، ولا يمكن ردها إلى غيرها، فجميع زمانها مشكوك فيه، وقد روت عائشة أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين فسألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فأمرها أن تغتسل، وكانت تغتسل لكل صلاة، متفق عليه، ولنا ما روت حمنة بنت جحش قالت: كنت استحاض حيضة كبيرة شديدة، فأتيت النبي -صلى الله عليه وسلم –أستفتيه، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش، فقلت: يا رسول إني استحاض حيضة كبيرة شديدة، فما تأمرني فيها؟ قد منعتني الصيام والصلاة، قال: ((أنعتُ لك الكرسف، فإنه يذهب الدم)) ...
الكرسف هو القطن، نعم.
طالب: "قلت: هو أكثر من ذلك، إنما أثج ثجاً، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((سآمرك أمرين، أيهما صنعت أجزأ عنك، فإن قويت عليهما فأنت أعلم)) فقال لها: ((إنما هي ركضة من الشيطان، فتحيضي ستة أيام، أو سبعة أيام في علم الله، ثم اغتسلي، فإذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلي)) ...
نعم تحيضي ستة أيام أو سبعة، وهو معول المؤلف في التحديد، المؤلف عول على هذا الخبر في التحديد، وهل هو قاعدة مطردة للنساء اللواتي بصفتها؟ أو أنه قضية عين خاصة بهذه المرأة؟ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يعرف أن عادتها؛ لأن أختها تحته -عليه الصلاة والسلام-، يعرف أن عادة هذه الأسرة ستة أيام أو سبعة أيام، نعم.
طالب: ((فإذا رأيتِ أنك قد طهرت واستنقأت فصلي أربعاً وعشرين ليلة، أو ثلاثاً وعشرين ليلة)) وذلك على الخيار يا شيخ؟
نعم، (أو) الأصل فيها التخيير، لكن هل مرد التخيير في هذا إلى التشهي أو لما يتبع غلبة الظن؟ كأن النبي -عليه الصلاة والسلام- عرف أن هذه الأسرة منها من يحيض ست أو سبع، ولا يعرف الغالب هل هو الست أو السبع، فأرجأ ذلك إلى أمرها، يعني كما قال -عليه الصلاة والسلام- في حديث أم عطية: ((اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً إن رأيتن)) يعني ردهن إلى المصلحة لا إلى التشهي، فمثل هذا يرد إلى المصلحة لا إلى التشهي، ما هي مخيرة يقول: صومي يوم أو لا تصومين، أو صلي يوم أو لا تصلين، الأحكام لا ترد إلى مثل هذا، نعم.
(25/16)
________________________________________
طالب: ((فصلي أربعاً وعشرين ليلة، أو ثلاثاً وعشرين ليلة وأيامها، وصومي فإن ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي كما تحيض النساء، وكما يطهرن لمقيات حيضهن، وطهرن فإن قويت أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر ثم تغتسلين حتى تطهرين وتصلين الظهر والعصر جميعاً ثم تؤخرين المغرب وتعجلين العشاء، ثم تغتسلين)) ...
يعني أشار عليها بالجمع الصوري، نعم.
طالب: ((وتجمعين بين الصلاتين وتغتسلين للصبح فافعلي وصومي إن قويت على ذلك))
وهكذا يوجه كل من يشق عليه الوضوء في أول الوقت من كل صلاة، إذا كان مريض يشق علي استعمال الماء لكل صلاة، أو في أول وقت كل صلاة، فإنه ينصح بهذا، وهو الجمع الصوري، وهو أفضل من التيمم؛ لأن بعض الناس يشق عليه مشقة تقرب من ما يبح التيمم، فإذا جمع بينهما سهل عليه الأمر، فتوجيهه إلى مثل هذا لا شك أنه أفضل من التيمم، لكن لو كان حاقناً في أول الوقت، وفي أول الوقت لن يجد الماء، وفي آخر يجد الماء، لكنه بعيد عنه، لكنه يصل إليه؛ لأنه مسافر في آخر الوقت، هل يقال له: أخر الصلاة؟ أو سوف يحضر الماء، وهو في البلد بحيث لا يسوغ له جمع التأخير فيؤخر الصلاة، شيخ الإسلام يقول: الصلاة بالتيمم أفضل من صلاة الحاقن، فلو أخر الصلاة إلى آخر وقتها حتى يرد الماء فلا شك أنه أفضل مثل هذه، نعم.
(25/17)
________________________________________
طالب: وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((وهو أعجب الأمرين إلي)) رواه أبو داود والترمذي، وقال: هذا حديث حسن صحيح، قال: وسألت محمداً عنه فقال: هو حديث حسن، وحكى ذلك عن أحمد أيضاً، وهو في ظاهره يثبت الحكم في حق الناسية؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم-: لم يستفصلها هل هي مبتدئة أو ناسية؟ ولو افترق الحال لاستفصل وسأل، واحتمال أن تكون ناسية أكثر، فإن حمنة امرأة كبيرة كذلك قال أحمد، ولم يسألها النبي -صلى الله عليه وسلم- عن تمييزها لأنه قد جرى من كلامها من تكثير الدم وصفته ما أغنى عن السؤال عنه، ولم يسألها: هل لها عادة فيردها إليها لاستغنائه عن ذلك لعلمه إياه، إذ كان مشتهراً، وقد أمر به أختها أم حبيبة فلم يبق إلا أن تكون ناسية؛ ولأن لها حيضاً لا تعلم قدره فيرد إلى غالب عادات النساء كالمبتدئة؛ ولأنها لا عادة لها ولا تمييز فأشبهت المبتدئة، وقولهم: لها أيام معروفة، قلنا: قد زالت المعرفة وصار وجودها كعدمها، وأما أمره أم حبيبة بالغسل لكل صلاة فإنما هو ندب كأمره لحمنة في هذا الخبر، فإن أم حبيبة كانت معتادة ردها إلى ....
لكن ثبت أن النبي -عليه الصلاة والسلام- أمرها بالغسل أو اغتسلت من تلقاء نفسها وإنما أمرها بالوضوء؟ يعني هل الاغتسال من اجتهادها أو بأمره -عليه الصلاة والسلام-؟
الطالب:. . . . . . . . .
شوف تخريجه.
متفق عليه.
يقول: روت عائشة أن أم حبيبة استحيضت سبع سنين، فسألت النبي -صلى الله عليه وسلم- فأمرها أن تغتسل، فكانت تغتسل.
أمرها أن تغتسل، إذا قررت انقطاع العادة تغتسل، فكانت تغتسل لكل صلاة، يعني أمرها أن تغتسل عن الحيض كغيرها، كالطاهرات.
الطالب:. . . . . . . . .
أمرها أن تغتسل فكانت تغتسل لكل صلاة، ما يثبت الأمر بالاغتسال لكل صلاة، إنما هو من فهمها، نعم؟
الطالب:. . . . . . . . .
لكنه على كل حال من فهمها لا من أمره -عليه الصلاة والسلام-، يقول: فكانت تغتسل لكل صلاة، والثابت الأمر بالوضوء لكل صلاة، نعم.
(25/18)
________________________________________
الطالب: وأما أمره أم حبيبة بالغسل لكل صلاة فإنما هو ندب كأمره لحمنة في هذا الخبر، فإن أم حبيبة كانت معتادة ردها إلى عادتها، وهي التي استفتت لها أم سلمة، على أن حديث أم حبيبة إنما روي عن الزهري، وأنكره الليث بن سعد، فقال: لم يذكر ابن شهاب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمر أم حبيبة أن تغتسل لكل صلاة لكنه شيء فعلته هي.
فصل: قوله: ستاً أو سبعاً، الظاهر أنه ردها إلى اجتهادها ورأيها فيما يغلب على ظنها أنه أقرب إلى عادتها، أو عادة نسائها، أو ما يكون أشبه بكونه حيضاً، ذكره القاضي في بعض المواضع، وذكر في موضع آخر أنه خيرها بين ست وسبع لا على طريق الاجتهاد، كما خير واطئ الحائض بين التكفير بدينار أو نصف دينار، بدليل أن حرف (أو) للتخيير، والأول -إن شاء الله- أصح؛ لأنا لو جعلناها مخيرة أفضى إلى تخييرها في اليوم السابع بين أن تكون الصلاة عليها واجبة، وبين كونها محرمة ...
كذلك الصيام بين أن يكون صحيحاً وبين أن يكون باطلاً، وبين أن يلزمها القضاء أو لا، مثل هذا لا يمكن فيه الاحتياط، نعم.
الطالب: لأفضى إلى تخييرها في اليوم السابع بين أن تكون الصلاة عليها واجبة، وبين كونها محرمة وليس إليها في ذلك خيرة بحال.
يعني ما يمكن الاحتياط بين الواجب والمحرم، يمكن الاحتياط بين واجب ومباح، واجب ومستحب، يمكن، أما بين واجب ومحرم لا يمكن الاحتياط.
الطالب: أما التكفير ففعل اختياري يمكن التخيير فيه بين ....
على أن جمع من أهل العلم جعلوه للتقسيم، فقسم يكفر بدينار، وقسم يكفر بنصف دينار، يعني في أول الحيض وقوته يلزمه دينار، وفي آخر وضعفه نصف دينار، نعم.
الطالب: أما التكفير ففعل اختياري يمكن التخيير فيه بين إخراج دينار أو نصف دينار، والواجب نصف دينار في الحالين؛ لأن الواجب لا يتخير بين فعله وتركه، وقولهم: إن (أو) للتخيير قلنا: وقد يكون للاجتهاد كقول الله تعالى: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء} [(4) سورة محمد] وإما كـ (أو) في وضعها، وليس للإمام في الأسرى إلا فعل ما يؤديه إليه اجتهاده أنه الأصلح.
يعني ليس مرد ذلك إلى التشهي والتخيير الذي لا يستند إلى مصلحة شرعية، نعم.
(25/19)
________________________________________
الطالب: فصل: ولا تخلو الناسية من أن تكون جاهلة بشهرها أو عالمة به، فإن كانت جاهلة بشهرها رددناها إلى الشهر الهلالي فحيضناها في كل شهر حيضة؛ لحديث حمنة ولأنه الغالب فترد إليه كردها إلى الست والسبع، وإن كانت عالمة بشهرها حيضناها في كل شهر من شهورها حيضة؛ لأن ذلك عادتها فترد إليها كما ترد المعتادة إلى عادتها في عدد الأيام، إلا أنها متى كان شهرها أقل من عشرين يوماً لم نحيضها منه أكثر من الفاضل عن ثلاثة عشر يوماً أو خمسة عشر يوماً؛ لأنها لو حاضت أكثر من ذلك لنقص طهرها عن أقل الطهر، ولا سبيل إليه، وهل تجلس أيام حيضها من أول كل شهر، أو بالتحري والاجتهاد؟
قف على هذا.
ونشوف مسألة ست أو سبع، أنت عرفت سبب الأشكال؟
اللهم صل على محمد وعلى آله ...
(25/20)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الطهارة (26)
شرح قول المؤلف: "والمبتدأ بها الدم تحتاط فتجلس يوماً وليلة، وتغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي، فإن انقطع الدم في خمسة عشر يوماً اغتسلت عند انقطاعه، وتفعل مثل ذلك ثانية وثالثة، فإن كان بمعنىً واحد عملت عليه وأعادت الصوم، وأعادت الصوم إن كانت صامت في هذه الثلاثة مراراً لفرض فإن استمر بها الدم ولم يتميز قعدت في كل شهر ستاً أو سبعاً؛ لأن الغالب من النساء هكذا يحضن، والصفرة والكدرة في أيام الحيض من الحيض، ويستمتع من الحائض بما دون الفرج، فإذا انقطع دمها فلا توطأ حتى تغتسل، ولا توطأ مستحاضة إلا أن يخاف على نفسه، والمبتلى بسلس البول، وكثرة المذي .... "
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
"والمبتدأ بها الدم تحتاط فتجلس يوماً وليلة، وتغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي، فإن انقطع الدم في خمسة عشر يوماً اغتسلت عند انقطاعه، وتفعل مثل ذلك ثانية وثالثة، فإن كان بمعنىً واحد عملت عليه وأعادت الصوم، وأعادت الصوم إن كانت صامت في هذه الثلاثة مراراً لفرض فإن استمر بها الدم ولم يتميز قعدت في كل شهر ستاً أو سبعاً؛ لأن الغالب من النساء هكذا يحضن، والصفرة والكدرة في أيام الحيض من الحيض، ويستمتع من الحائض بما دون الفرج، فإذا انقطع دمها فلا توطأ حتى تغتسل، ولا توطأ مستحاضة إلا أن يخاف على نفسه، والمبتلى بسلس البول، وكثرة المذي ....
ما عندك إلا أن يخاف على نفسه العنت؟
طالب: ما عندي العنت يا شيخ.
وهو الزنا؟ نعم؟
طالب: لا عندنا ليس موجود.
والمغني ما فيه؟
طالب: ما فيه شيء يا شيخ، ولا أشار في الحاشية إلى أنها في نسخة منه.
طيب وليست من الشرح؟
طالب: سم.
موجودة في الشرح؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش يقول؟
طالب: ولا توطأ مستحاضة إلا أن يخاف على نفسه العنت.
وهو الزنا.
على كل حال هو المقصود سواءً ذكر أو لم يذكر.
(26/1)
________________________________________
"ولا توطأ مستحاضة إلا أن يخاف على نفسه، والمبتلى بسلس البول وكثرة المذي فلا ينقطع كالمستحاضة يتوضأ لكل صلاة بعد أن يغسل فرجه"
نقف؟
والمبتلى بسلس البول أو كثرة (أو)؟
طالب: لا عندنا وكثرة عندكم يا شيخ (أو)؟
إي نعم؛ لأن المقصود أنه مبتلى بالأمرين معاً أو بأحدهما.
طالب: أحسنت.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد.
طالب: يا شيخ حتى في المغني بدون الهمز، بواو العطف.
بدون الهمز؟
طالب: إيه.
على كل حال هي مقصودة، الواو بمعنى (أو).
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"والمبتدأ بها الدم تحتاط" ثم ذكر المستحاضة وهي التي أطبق بها الدم، وذكر الحالات التي تحتمل في مثلها، فذكر إما أن تكون مميزة أو معتادة أو ليست مميزة ولا معتادة، وهذه المستحاضة التي سبق لها الحيض، وهنا المبتدئة المستحاضة المبتدأ بها الدم، المبتدئ بها الدم، يعني مبتدئة مستحاضة، أول ما جاءها الدم ليس على طريق الحيض، وإنما هو على طريق الاستحاضة لاستمرار الدم.
(26/2)
________________________________________
"المبتدأ بها الدم تحتاط، تجلس يوم وليلة، وتغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي" ما معنى الاحتياط هنا؟ "المبتدأ بها الدم تحتاط فتجلس يوماً وليلة" فهل الاحتياط في جلوس الأقل أو في جلوس المعتاد بالنسبة لغالب النساء، أو بالنسبة للأكثر؟ لأنها إن احتاطت للصلاة لم تحتط للصوم، يعني مثل الأذان بالنسبة لصلاة الفجر في رمضان، كيف يحتاط المؤذن لصلاة الصبح في رمضان؟ إن أذن قبل الوقت فصلى أناس بأذانه بطلت صلاتهم، وإن أذن بعد دخول الوقت وأكل الناس واستمروا يأكلون بعد دخول الوقت بطل صيامهم، ففي بعض المسائل لا يمكن فيها الاحتياط؛ لأنه ينتابها أمران كل واحد منهما يحتاج إلى احتياط، والاحتياط لهذا مخل بالاحتياط بهذا، الاحتياط للصلاة بالنسبة للحيض مخل بالصيام، الآن إذا جلست المبتدأ بها الدم يوم وليلة، ثم صلت بعد ذلك وصامت معروف أن الصيام والصلاة بالنسبة للحائض لا يصحان منها، بل يحرمان، فيمكن أن تصلي وتصوم، والصوم والصيام حرام عليها، ولا شيء يحل الإشكال مثل العمل بالنص بإطلاقه إن كان مطلقاً، أو بتقييده إن كان مقيداً، وذكرنا أن بعض ما قعده أهل العلم في هذا الباب أوقع طلاب العلم في حرج شديد فضلاً عن النسوة اللاتي ابتلين بهذا الأذى.
(26/3)
________________________________________
يقول: "المبتدأ بها الدم" يعني من المستحاضات من سبق لها أن حاضت قبل ذلك، ولا تدري ما عادتها، ولا تعرف كيف تميز؟ "المبتدأ بها الدم تحتاط، فتجلس يوماً وليلة، وتغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي" مقتضى كلامه أن المبتدأ بها الدم تجلس يوم وليلة ولو كانت مميزة، ولو كانت معتادة، المبتدأ بها الدم؛ لأن الأول فمن أطبق بها الدم فكانت ممن تميز تعلم إقباله بأنه أسود ثخين منتن ... إلى آخره، تركت الصلاة فإذا أدبر وكانت لها أيام ... إلى آخره، لا تخلو إما أن تكون معتادة أو لا عادة لها ثابتة مستقرة بل مميزة، تعمل بالتمييز إن اضطرب أمرها تعمل بالعادة، إن اضطرب أمرها تعمل بعادة غالب النساء، هذا بالنسبة لمن تقدم لها عادة، مع أنه في إطلاقه في أصل المسألة يدخل فيه المبتدئة، فمن أطبق بها الدم فمن كانت تميز فتعلم إقباله بأنه أسود ثخين منتن، هل يلزم من هذا أن تكون قد حاضت قبل الاستحاضة؟ إنما يلزم منه أن يكون دمها متميز، بعضه أحمر وبعضه أسود، لكن التفصيل لذكر المبتدأ بها الدم على سبيل الاستقلال يخرجها من الإجمال السابق، فدل على أن كلامه الأول فيمن عرفت عادتها، أو من ميزت لمضي العادة مراراً قبل الاستحاضة، وهنا قال: "المبتدأ بها الدم تحتاط فتجلس يوماً وليلة" يعني هكذا المبتدئة بالحيض بدون استحاضة، المبتدأ بها الدم، المبتدئة أول ما يأتيها الدم عند الحنابلة تجلس أقله احتياطاً، ثم تغتسل حتى يتكرر ثلاثاً، إذا تكرر ثلاثاً صار عادة بدون استحاضة، ويطردون هذا حتى في المستحاضة، ولذلك قال: "المبتدأ بها الدم تحتاط فتجلس يوماً وليلة كما لو كانت غير مستحاضة، وتغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي" وتغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلي، تغتسل كم؟ بعد مضي يوم وليلة تغتسل لكل صلاة أو مرة واحدة كمن طهرت من الحيض؟ مرة واحدة، تتوضأ لكل صلاة وتصلي، لماذا تتوضأ لكل صلاة؟ على ما تقدم لأن حدثها دائم.
(26/4)
________________________________________
تتوضأ لكل صلاة وتصلي، فإن انقطع الدم في خمسة عشر يوماً الذي هو أكثر الحيض اغتسلت عند انقطاعه، انقطع الدم، إذا انقطع الدم في خمسة عشر يوماً هل يقال: إنها مستحاضة أو حائض؟ حائض ليست مستحاضة، اغتسلت عند انقطاعه، وماذا عن أربعة عشر يوماً صلتها وصامتها؟ الصلاة باعتبارها لا تقضى ما فيها إشكال عملي، وإن كان في إشكال من حيث تحريم الصلاة عليها، لكن عملي ما في إشكال، نعم لا قضاء عليها، بالنسبة للصيام تقضي ما صامته في الأربعة عشر يوماً؟
يقول: "فإن انقطع الدم في خمسة عشر يوماً اغتسلت عند انقطاعه، وتفعل مثل ذلك ثانية وثالثة" لأنه إن تكرر ثلاثاً صار حيض، صار عادة، وتفعل مثل ذلك ثانية وثالثة، يعني تجلس يوم وليلة وأربعة عشر يوم تصوم وتصلي، تغتسل وتتوضأ لكل صلاة، ويكون حكمها حكم الطاهرات "فإن كان بمعنىً واحد عملت عليه" يعني لا يتغير كله خمسة عشر يوم، لا يتغير "عملت عليه وأعادت الصوم" أعادت الصوم لماذا؟
طالب: لأنه لا يصح منها.
نعم هي صامت هذه الأيام.
طالب: لكنه لم يصح منها.
تبين أن صيامها باطل؛ لأنها صامت وهي حائض، فصيامها باطل، فتعيد الصوم.
يقول: "وأعادت الصوم إن كانت صامت في هذه الثلاث مراراً لفرض" يعني إن كان مر عليها رمضان من هذه الأشهر الثلاثة تعيد الصيام.
(26/5)
________________________________________
يقول: "إن كانت صامت في هذه الثلاث مراراً لفرض" يحتمل أن يكون ابتدائها في محرم وصفر وربيع ما مر عليها فرض، لو قدر أنها ابتدأت في رجب وشعبان ورمضان تعيد صيام أربعة عشر يوماً؛ لأنه تبين أن صيامها في وقته باطل، فعليها الإعادة "وأعادت الصوم إن كانت صامت في هذه الثلاث مراراً لفرض" النفل يعاد وإلا ما يعاد؟ يعني سواءً كان مطلقاً أو مقيداً؟ لا يعاد؟ لو أن شخصاً صلى الظهر، جاء إلى المسجد ناسياً أنه ليس على طهارة، بل على ظنه أنه متطهر وناسياً الحدث فجاء إلى المسجد فصلى أربع ركعات السنة القبلية، ثم صلى الفرض، أقيمت الصلاة وصلى، وأتى بالأذكار المشروعة، ثم صلى ركعتين، ثم تبين أنه على غير طهارة، فقام وتوضأ، نقول: يعيد عشر ركعات وإلا أربع ركعات؟ يعيد الأذكار وإلا ما يعيدها؟ نعم؟ يقول: "إن كانت صامت في هذه الثلاث مراراً لفرض" مفهومه أنه لو صامته صامت لنفل أنها لا تعيد، نعم؟ "وأعادت الصوم إن كانت صامت في هذه الثلاث مراراً لفرض" الآن الذي صلى النافلة القبلية أربع ركعات ثم الفرض ثم النافلة البعدية ثم تبين أنه على غير طهارة يعيد الفرض فقط أو يعيد الجميع؟
طالب: يعيد الجميع.
لأن مقتضى كلامه "وأعادت الصوم إن كانت صامت في هذه الثلاث مراراً لفرض".
طالب: الجميع.
نعم؟
طالب: وجوب الإعادة الواجب إعادته وهو الفرض، لكن بالنسبة للصيام يا شيخ فات محله النافلة عرفة أو عاشوراء فات محله فلا يعاد، النافلة المقيدة أو ... أما نافلة الصلاة الآن فعل الصلاة فيعيدها نفلاً واستحباباً.
(26/6)
________________________________________
يترتب على هذا مسائل كثيرة، لو أن شخصاً يقرأ القرآن من مصحف أو من حفظ، فقرأ القرآن على غير طهارة، أو قرأ القرآن وهو جنب، حفظاً أو نظر لكنه ناسياً الحدث، ثم ذكر، هل يحتسب بهذه القراءة باعتبارها مكملة لختمة، أو يبدأ يستأنف ما قرأه من جديد؟ لا شك أن الفرائض لها حكم، النوافل أيضاً متفاوتة، منها المؤكد ومنها غير المؤكد، ومنها ما يطلب تسلسله، ويبنى الآخر على الأول، ومنها ما لا يطلب، يعني مسائل كثيرة تتعلق بهذا، هي مقتضى قوله: "وأعادت الصوم إن كانت صامت في هذه الثلاث مراراً لفرض" فمقتضى كلامه أنها إذا كانت صامت نفل فإنه لا يعاد، ويطرد في ذلك العبادات كلها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول: أعادت.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو السنة إذا فات وقتها لا تشرع إعادتها ولا قضاؤها ولا ...
طالب:. . . . . . . . .
قضاء، جاء ما يدل على الخصوصية.
طالب:. . . . . . . . .
خاصة هذه، لكن لو فاتتك سنة الظهر تقضيها المغرب؟ أو يقول أهل العلم: فات وقتها، فات محلها؟ لو جمعت بين الصلاتين أذكار المغرب تعيدها بعد العشاء؟ لا عندهم هذا مقرر يعني الذي يفوت وقته ينتهي، إلا ما جاء الدليل باستثنائه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في هذه الثلاث.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو إذا قلنا: مراراً هي تمييز هذا إذا نصبناها، وإذا جررناها فهي وصف للثلاث، أولاً: عندنا الثلاث بدل أو بيان من هذه من اسم الإشارة المجرورة بـ (في)، ومراراً الثلاث مراراً ما تجي، لا، الأقرب الوصف، والأصل أن يقال: مرات، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما في ... ، الآن في هذه الثلاث ثلاث مجرور، وإذا وصفناها جرينا الوصف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مرات؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه هذا أقرب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، هي تمييز.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
إن كانت صامت في هذه الثلاث مرار، هي ثلاث مرات، بعض النسخ ثلاث مرات، المرار جمع مرة كالمرات، ما في إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
تمييز، نعم.
(26/7)
________________________________________
تثبت العادة بالتكرار ثلاث مرات، هذا المعروف في المذهب، وهو قول كثير من أهل العلم أنها لا تثبت عادة، ولا تكون معتادة حتى يتكرر حيضها ثلاثاً، ومن أهل العلم من يرى أنها لا تتقيد بمرة ولا مرتين ولا ثلاث، ولا حد لأقله ولا لأكثر، وإنما إذا رأت الدم تجلس، ولو جلست في الأولى خمسة أيام، وفي الثانية ستة أيام، وفي الثالثة أربعة أيام، وعندهم على المذهب أنها تجلس إذا اضطربت، الشهر الأول ثلاثة أيام، والثاني خمسة، والثالث أربعة، تجلس ما تكرر، تكون عادتها ما تكرر وهو الثلاث، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، ما تكرر إلا الثلاث، الأربعة ما تكررت، ما جاءت في أول شهر.
يقول: "وأعادت الصوم إن كانت صامت في هذه الثلاث مراراً لفرض، وإن استمر بها الدم ولم يتميز قعدت في كل شهر ستاً أو سبعاً؛ لأن الغالب من النساء هكذا يحضن" وهذا كمن كانت معتادة ثم نسيت عادتها على ما تقدم، وفي قوله: "وإن كانت لها أيام أنسيتها فإنها تقعد ستاً أو سبعاً في كل شهر" لأن هذا هو الذي عليه غالب النساء، وأمر النبي -عليه الصلاة والسلام- المستحاضة بهذا أنها تجلس ستاً أو سبعاً ثم تغتسل، وإن استمر بها الدم ولم يتميز قعدت في كل شهر ستاً أو سبعاً؛ لأن الغالب من النساء هكذا يحضن ستة أيام أو سبعاً.
قوله: ولم يتميز، دل على تقديم التمييز على عادة غالب النساء، يعني لا ترد إلى الستة أو السبعة التي هي عادة غالب النساء إلا إذا كانت غير مميزة، يعني دمها لا يتغير على ما تقدم، وأنه قدم التمييز على عادتها، وعلى عادة غيرها، ويستوي في هذا المعتادة والمبتدئة؛ لأنه كرر هذا في الموضعين؛ لأنه قال: "فمن أطبق بها الدم فكانت ممن تميز فتعلم إقباله بأنه أسود ثخين منتن، وإدباره بأنه رقيق أحمر تركت الصلاة في إقباله، فإذا أدبر اغتسلت" يعني تعمل بالتمييز، وكذلك قال في المبتدئة: "وإن استمر بها الدم ولم يتميز" فدل على أنه إذا تميز بأن كان بعضه أسود وبعضه أحمر تجلس الأسود فقط، الثخين المنتن، ولم يتميز قعدت في كل شهر ستاً أو سبعاً، فإذا لم يكن هناك تمييز لها فإنها تتحيض غالب عادة النساء ست أو سبع.
(26/8)
________________________________________
هذه الإشكالات وهذا الخلاف الكبير بين أهل العلم سببه النصوص الواردة في الباب، يعني تأتي المستحاضة فتسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- واستحيض في زمنه -عليه الصلاة والسلام- سبع كما هو معروف فسألته إحداهن فردها إلى العادة ((فإذا أقبلت أيام أقرائك)) ردها إلى عادتها، وسألته أخرى فردها إلى التمييز، وسألته ثالثة فردها أن تتحيض ستاً أو سبعاً، فمثل هذه الأحاديث مع عدم الاستفصال لا شك أنه يورث مثل هذا الخلاف، فكل عالم يتمسك بنص، لكن إذا أمكن حمل هذه الإجابات على أحوال لا شك أن مثل هذا يكون أولى؛ لأنه يقتضي العمل بجميع الأحاديث، لكن لو ردت إلى التمييز مطلقاً، أو ردت إلى عادتها هي مطلقاً، أو ردت إلى عادة غيرها مطلقاً، ترتب على ذلك إلغاء بعض النصوص وهي صحيحة، فعلى هذا تقدم العادة أو التمييز؟ هل تقدم على عادتها؟ نعرف أن عادة غيرها لن تلجأ إليها إلا إذا لم تكن معتادة ولا مميزة؛ لأنه لا يمكن أن ترد إلى عادة غيرها مع أن لها عادة، ترد إلى عادة غيرها، تتحيض ستاً أو سبعاً إذا لم تكن هي معتادة، أو لها عادة فنسيتها، ولم تكن مميزة، لكن هل يمكن أن يقال لامرأة مميزة يأتيها دم أسود ثلاثة أيام وباقيه يتغير الدم ونقول لها: اجلسي ستة أيام أو سبعة مع أنها مميزة؟ لا، إذا كان لها عادة هي نفسها لها خمسة أيام معتادة، هل نقول لها: اجلسي ستاً أو سبعاً؟ لا؛ لأن ما يتعلق بها أولى مما يتعلق بغيرها، وكذلك إذا وجد عادة نسائها، يعني عادة أمها، عادة أختها، عادة خالتها، عادة عمتها، أولى من أن تحال إلى الأجنبيات؛ لأنها بأقاربها أشبه، فعندنا إن كانت مميزة تعمل بالتمييز، إن كانت معتادة بنفسها تعمل بعادتها، إن كان لأهلها عادة مستقرة يختلفن فيها عن عادة الناس فهن أولى بها، إن كان لغيرهم أو للعموم عادة، وهذا هو الذي جاء فيه ست أو سبع فتعمل بهذا كما في التوجيه النبوي.
ثم بعد ذلك أيهما أولى إذا كانت معتادة ومميزة فما الذي يقدم؟ عادتها ستة أيام، ثم لما استحيضت جاءها الدم خمسة أيام أسود ثخين، ثم بعد ذلك لما انتهى اليوم الخامس صار أحمر، تعمل بالعادة أو تعمل بالتمييز؟
(26/9)
________________________________________
طالب: السائلات اللاتي سألن النبي -صلى الله عليه وسلم- يحتمل أن يكن ما لهن تمييز.
إيه، لكن أنت افترض أن هذه لها عادة وتمييز، إلى عادتها وتمييزها.
طالب:. . . . . . . . .
إيه لكنه دم تغير، هي مستحاضة مستمر معها الدم سنة، وفي كل شهر كان يأتيها ستة أيام، الحيض واضح المعالم من أوله إلى آخره، لما استحيضت جاءها هذا الشهر خمسة أيام أسود كدمها السابق قبل الاستحاضة، لما انتهى اليوم الخامس صار أحمر تغير.
طالب:. . . . . . . . .
لا، عندنا على كلام المؤلف تقدم التمييز؛ لأنه قدم التمييز في الموضعين، قدم التمييز، والمعروف عند الحنابلة تقديم العادة، المعروف في المذهب تقديم العادة، فيه اختلاف بين المؤلف وأبي بكر؟
طالب: ماذا؟
الحيض فيه شيء.
طالب: لا شيء في الحيض مطلقاً يا شيخ.
أقول: دل الدليل الصحيح على أن المستحاضة المميزة تعمل بالتمييز، ودل الدليل الصحيح على أن المستحاضة المعتادة تعمل بالعادة، ودل أيضاً على أنها تدع الصلاة أيام أقرائها، هذه العادة، ودل على أنها تتحيض ستاً أو سبعاً، وعرفنا أنها تتحيض ستاً أو سبعاً إذا لم يكن لديها لا عادة ولا تمييز؛ لأن ما يتعلق بها بنفسها أولى بالمراعاة مما يتعلق بغيرها هذا انتهينا منه، يبقى عندنا إذا كانت معتادة ومميزة، فاختلفت العادة عن التمييز، فما الذي يقدم؟ الذي مشى عليه صاحب الكتاب أنها تقدم التمييز، والمعروف في المذهب تقديم العادة، وأن تقديم التمييز هو عند الشافعية، المرجح عند الشافعية تقديم التمييز، فما الراجح منهما؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو دم أحمر بعد، ما هو بكدرة ولا صفرة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الإشكال فيه أن الاحتياط في هذا الباب صعب.
طالب:. . . . . . . . .
للصيام عادتها حيض، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني تغير الدم، تغير الدم من أسود إلى أحمر لا شك أنه له أثر في تغير الحكم.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن عندنا نصح صحيح صريح يعيده إلى التمييز، وقد يقول: دعي الصلاة أيام أقرائك إذا لم تكن مميزة.
طالب:. . . . . . . . .
(26/10)
________________________________________
لا، هو المسألة يعني متكافئة، يعني الترجيح فيها فيه تكافؤ باعتبار أن النصين صحيحان، وكل منهما يرد إلى شيء، فإذا كانت مميزة غير معتادة هذا ما فيها إشكال تعمل بالتمييز، إذا كانت معتادة ولا تمييز في دمها، ولا يختلف هذه أيضاً لا إشكال فيها، الإشكال إذا تعارضت العادة مع التمييز، هنا يقع الإشكال، فهل تقدم العادة أو يقدم التمييز؟ عرفنا أن المذهب عند الحنابلة تقديم المعروف عندهم تقديم العادة، والشافعية يقولون بتقديم التمييز، وفي المذهبين أيضاً ما يوافق المذهب الآخر؛ لأن تقديم التمييز رواية عند الحنابلة، وتقديم العادة قول عند الشافعية، يعني المسألة ما هي محسومة من كل وجه في المذهبين، لا، فخلاصة المسألة أنه إذا اختلفت العادة مع التمييز وضربنا مثل أنها معتادة سبعة أيام من كل شهر مطرد لمدة عشر سنين ثابت لا يتقدم ولا يتأخر، ثم استحيضت، أطبق عليها الدم، فجاءها الدم الأسود الذي كان يأتيها قبل ذلك بنفس المواصفات خمسة أيام نقص يومين فما الذي يقدم؟ عرفنا الكلام في هذه المسألة، ومن يرجح العادة، وهو المعمول به، والمقدم عند الحنابلة يقول مثلما قال الأخ، مثلما أشار إليه الأخ، أن الصفرة والكدرة في زمن العادة حيض، فكيف بالدم الأحمر وهو في زمن العادة ألا يكون حيضاً من باب أولى؟ نعم؟
يكون عادة من باب أولى، نعم؟ لكن الذي يقول بهذا يقول: ما الفرق بين اليوم السادس الذي اعتبرناه حيض واليوم السابع والثامن؟ لا بد من حد ينتهي إليه الأمر، لكن ردها إلى عادتها ثبت بنص صحيح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بيجي، يجي الحين، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
تمييز هذا.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، أنت الآن تقول: إنها كانت معتادة سبعة أيام، ثم استحيضت فجاءها الدم الأسود فعملت بالتمييز لمدة خمسة أيام، ثم جاءها أحمر في اليوم السادس، ثم عاد أسود في اليوم السابع، ما دام في وقت العادة ما في إشكال، تجلس وتجزم بأن اليوم الذي صامته أو صلته هو وقت حيض، هين، لكن الكلام على ما إذا تغير واستمر متغير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ولن ترى؛ لأنها مستحاضة.
طالب:. . . . . . . . .
(26/11)
________________________________________
لا، هو ما في أقوى من الاستمساك بالصفرة والكدرة، ما دامت في زمن العادة حيض، إذاً الدم في زمن العادة من باب أولى أن يكون حيضاً ولو كان أحمر.
طالب: نقرأ كلام ابن قدامه حول هذه النقطة يا شيخ؟
إيه، اقرأ.
سم.
طالب: العمل برأي أهل الخبر ....
والله هم يردونه إلى المشايخ، الأطباء يردونه إلى المشايخ، يعطونك اللي عندهم ويقولون: عاد الحكم عند أهل العلم، نعم؟
طالب: التحديد .... ببدء. . . . . . . . .
لا، المرأة مميز تعرف دمها العادي.
طالب:. . . . . . . . .
هين، إذا لم تكن مميزة ما في إشكال، الكلام إذا اختلف التمييز مع أيام الأقراء، أيام العادة، نعم.
طالب: يقول -رحمه الله-:
فصل: القسم الثالث من أقسام المستحاضة: من لها عادة وتمييز وهي من كانت لها عادة فاستحيضت، ودمها متميز بعضه أسود وبعضه أحمر، فإن كان الأسود في زمن العادة فقد اتفقت العادة والتمييز في الدلالة، فيعمل بهما.
هذا ما فيه إشكال.
وإن كان أكثر من العادة أو أقل ويصلح أن يكون حيضاً ففيه روايتان، إحداهما: يقدم التمييز فيعمل به، وتدع العادة، وهو ظاهر كلام الخرقي لقوله: فكانت ممن تميز تركت الصلاة في إقباله ولم يفرق بين معتادة وغيرها.
واشترط في ردها إلى العادة أن لا يكون دمها منفصلاً، وهو ظاهر مذهب الشافعي؛ لأن صفة الدم أمارة قائمة به، والعادة زمان منقض؛ ولأنه خارج يوجب الغسل، فرجع إلى صفته عند الاشتباه كالمني.
وظاهر كلام أحمد اعتبار العادة، وهو قول أكثر الأصحاب؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- رد أم حبيبة، والمرأة التي استفتت لها أم سلمة إلى العادة، ولم يفرق ولم يستفصل بين كونها مميزة أو غيرها، وحديث فاطمة قد روي فيه ردها إلى العادة، وفي لفظ آخر: ردها إلى التمييز، فتعارضت روايتان، وبقيت الأحاديث الباقية خالية عن معارض فيجب العمل بها.
على أن حديث فاطمة قضية في عين، وحكاية حال، يحتمل أنها أخبرته أنها لا عادة لها، أو علم ذلك من غيرها، أو قرينة حالها، وحديث عدي بن ثابت عام في كل مستحاضة، فيكون أولى؛ ولأن العادة أقوى؛ لكونها لا تبطل دلالتها، واللون إذا زاد على أكثر الحيض بطلت دلالته، فما لا تبطل دلالته أقوى وأولى.
(26/12)
________________________________________
هذا ترجيح المؤلف -رحمه الله- أنها ترد إلى عادتها، وهو المعروف عند الحنابلة، الشافعية يردونها إلى التمييز، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المذاهب مطردة في هذا، عند الشافعية تعمل بالتمييز ولو زاد عن عادتها، وعند الحنابلة تعمل بالعادة، ولو تجاوز التمييز، ولو كان أسود ثخين، لو استمر عشرة أيام ما تجلس إلا عادتها، المذاهب مطردة في هذا ما فيها إشكال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يوم وليلة أو ست وسبع؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن ليش ما تجلس دمها هي؟ تجلس مدة طيلة الدم مدة نزول الدم عليها هذا الحيض.
طالب:. . . . . . . . .
لكن هم المبتدئة هذه حاضت أول شهر ستة أيام، يقولون: لا، ما تجلس إلا يوم وليلة، وبعدها تغتسل وتصوم وتصلي خمسة الأيام، لماذا لا تجلس ستة الأيام؟ فيها إشكال؟ وقت. . . . . . . . . ما فيها إشكال، الشهر الثاني حاضت خمسة أيام تجلس خمسة أيام ويش المانع؟ لا سيما وأنها لم تتجاوز الأكثر ولم تنقص عن الأدنى عندهم، حتى على ما قعدوه في الأقل والأكثر ما فيه اضطراب، الإشكال فيما لو نقص الدم الذي نزل عليها عن يوم وليلة، أو زاد على أكثره يشكل على ما قعدوه، فالحيض هو الدم، والحكم يدور معه وجوداً وعدماً إلا إذا اختلف مع نصوص.
طالب:. . . . . . . . .
نعم رأت الدم ستة أيام تجلس ستة أيام ويش المانع؟ ليش تجلس يوم وليلة؟ يسمى حيض، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الاضطراب له أسباب كثرة الآن، ويعيش كثير من النساء في حيرة، وأيضاً كثير ممن يتصدى لإفتاء النساء قد يضطرب في بعض الأجوبة؛ لأنها تأتي بشيء لم تسبق إليه، تأتي بسؤال ما له نظير في الدنيا، ثم بعد ذلك إن لم تضبط الأمور ضبطاً، وتربط بأشياء محسوسة يدركها المكلف وإلا وجد العنت والمشقة والحرج.
وعلى كل حال يقول: "وإن استمر بها الدم ولم يتميز قعدت في كل شهر ستاً أو سبعاً؛ لأن الغالب من النساء هكذا يحضن" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال إن كان هذا مطرد فيمكن تمييزه، يمكن العد من التمييز.
(26/13)
________________________________________
الصفرة والكدرة التي أشير إليها سابقاً، وأنها في أيام الحيض من الحيض، ومفهوم ذلك أنها في أيام الطهر لا تعد شيئاً كما قالت أم عطية: "كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً" هذه الرواية الموجودة في البخاري، وفي سنن أبي داود: "كنا لا نعد الصفرة والكدرة في أيام" في إيش؟ "بعد الحيض شيئاً" فهل نعمل برواية الصحيح ونقول: إن الصفرة والكدرة ليست بشيء مطلقاً، وأن الحيض هو الدم الصافي والكدرة والصفرة ليست بشيء مطلقاً ولو وجد في أيام الحيض؟ يعني عادتها خمسة أيام ينزل عليها الدم، نزل عليها الدم ثلاثة أيام ويومين صفرة وكدرة، هل نقول: إنها تجلس خمسة أيام أو تجلس ثلاثة أيام؟ إن اعتبرنا القيد في رواية أبي داود، قلنا: تجلس خمسة أيام، والصفرة والكدرة حيض، وأنها لا بد أن تجلس ما لم تر القصة البيضاء، وإذا قلنا بالرواية المطلقة في الصحيح قلنا: إنها لا تعد شيئاً مطلقاً، مجرد ما ينقطع الدم الصافي تغتسل وتصلي ولا تلتفت إلى ما عداه، والذي في، البخاري -رحمه الله تعالى- في الترجمة لما ترجم على خبر أم عطية كأنه عمل بالقيد الذي في سنن أبي داود، يقول -رحمه الله تعالى-: "باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض" قال -رحمه الله-: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا إسماعيل عن أيوب عن محمد عن أم عطية قالت: "كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئاً" كلام أم عطية يدل على أنه لا يعد مطلقاً لا في زمن الحيض ولا في زمن الطهر، والترجمة فيها القيد "باب الصفرة والكدرة في غير أيام الحيض" من أين جاء البخاري بهذا القيد؟ من رواية أبي داود، ولأبي داود من طريق قتادة عن حفصة عن أم عطية: "كنا لا نعد الكدرة والصفرة بعد الطهر شيئاً" وهو موافق لما ترجم به البخاري.
يعني هل نقول: إن العبرة بما في الصحيح فعلى هذا لا تعد الصفرة والكدرة شيء مطلقاً، وإنما العادة هي الدم الصافي؟ أو نقول: إن المقيد يقضي على المطلق ويقيد به؟ فنعدها في زمن الحيض ولا نعدها في زمن الطهر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الرواية ما فيها إشكال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هل نقول: إن البخاري -رحمه الله- بتخريجه الرواية المطلقة أعل بها الرواية المقيدة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا.
(26/14)
________________________________________
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا هو أيد الرواية المقيدة بالترجمة، يعني ما أعل المقيدة بالمطلقة، لكن المقيدة لم تقع على شرطه، فاكتفى بها في الترجمة نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا، "كنا لا نعد الكدرة والصفرة شيئاً" هناك قيد لم يرد على شرطه فلم يورده، ورد عند غيره احتج به واستدل به في الحكم، يعني أيده في الترجمة، وما أعله، يعني لو جاء باب الصفرة والكدرة فقط، ما قال: في غير أيام الحيض، وجاء باللفظ المطلق قلنا: إنه يعل الرواية المقيدة بالرواية المطلقة، لكن ما دام أيد الرواية المقيدة في الترجمة جزمنا بأنه يعمل بها، لكنها لم تقع على شرطه فلم يخرجها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا الكلام أنه أيد الرواية المقيدة بالترجمة وعمل بها في الترجمة؛ لأن الترجمة حكم فقهي اجتهاد الإمام، اجتهاده في تراجمه، فقهه في تراجمه.
"كنا لا نعد الصفرة والكدرة شيئاً" قد يقول قائل: هل هذا من المرفوع أو من الموقوف؟ كنا نفعل، أو كنا لا نفعل، معروف أنه له حكم الرفع، إذا قال الصحابي: كنا نفعل، أو كنا نتقي ولا نفعل، معروف أنه له حكم الرفع، ولو لم يضفه إلى زمن النبوة، ولذا العمل بهذا هو المتجه، والقيد معتبر كما في رواية أبي داود.
(26/15)
________________________________________
ونظير ذلك طواف النبي -عليه الصلاة والسلام- على الدابة، النبي -عليه الصلاة والسلام- طاف راكباً، وأخرج البخاري الرواية المطلقة، وأخرج أبو داود الرواية المقيدة "وكان شاكياً" نظير مسألتنا هذه، فهل نقول: إن الطواف لا يصح راكباً إلا إذا كان شاكياً يعني مريضاً؟ أو نقول: نعمل بالرواية المطلقة لأنها أصح؟ وكان شاكياً لا يعني أنه ينفي ما عداه، لا يعني أنه قيد له مفهوم مخرج للصحيح، النبي -عليه الصلاة والسلام- لما كثر عليه الناس، وحطمه الناس طاف راكباً، فدل على أن أدنى حاجة ولو لم يكن شاكياً إذا احتاج إلى ذلك فإنه يطوف ويسعى من باب أولى، وإن كان صحيحاً سليماً إلا أنه محتاج لذلك، قد يكون العالم يطوف راكباً ليراه الناس، ويقتدون به، وهذا مقصد صحيح، فهنا قيدنا، وفي الحج في الطواف نقيد وإلا ما نقيد؟ على كل حال عمل بعضهم بالقيد، ولم يصحح الطواف من ركوب، إلا لمن كان عاجزاً عن الطواف لمرض أو شبهه، ومنهم من يعمل به بإطلاقه، وأم سلمة طافت وهي راكبة، وغيرها طاف، فدل على أن المشي ليس بشرط.
ثم قال -رحمه الله تعالى-: "ويستمتع من الحائض بما دون الفرج" جاء الأمر باعتزال النساء في المحيض، ومعروف أن اليهود يخرجون الحائض من البيت، والنصارى يواقعون ويجامعون الحيض، وديننا وسط بينهما، النبي -عليه الصلاة والسلام- كانت ترجله، ترجل شعره وهو معتكف -عليه الصلاة والسلام- وهي حائض، يخرج إليها رأسه فترجله، ويضع رأسه -عليه الصلاة والسلام- في حجرها وهي حائض ويقرأ القرآن، وتنام معه في لحافه وهي حائض، فدل على أن الممنوع مكان الحيض، وأنه هو المأمور باعتزاله؛ لأن المحيض يطلق ويراد به الحيض، ويطلق ويراد به مكانه المحيض، يطلق ويراد به الحيض {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى} [(222) سورة البقرة] يعني الحيض، يطلق ويراد به مكانه وهو الفرج، ويفسر في كل نص بما يناسبه، نظير ذلك المقام، يطلق ويراد به الحجر، ويطلق ويراد به المكان.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
القيد معتبر.
طالب:. . . . . . . . .
إيه معتبر.
(26/16)
________________________________________
عائشة -رضي الله عنه- يأتيها النساء وتأمرهن بعدم الاستعجال حتى يرين القصة البيضاء.
طالب:. . . . . . . . .
الطهر الكامل.
طالب: يتأكد إذا كانت مقاربة لأيام العادة ...
إذا كانت في وقت العادة.
طالب: وإن تأخرت يا شيخ؟
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
بعد العادة خلاص انتهى.
طالب:. . . . . . . . .
أي حديث؟
طالب:. . . . . . . . .
تنتهي في وقت الطهر ليست بشيء.
يقول -رحمه الله-: "ويستمتع من الحائض بدون الفرج" مقتضى كلامه أنه يجب اجتناب المحيض الذي هو موضع الحيض، وهو الفرج فقط، الذي هو موضع الحرث، دون ما سواه ولو قرب منه، وهذا هو المعروف في المذهب، وجاء ما يدل على أن الحائض يتقى منها ما حول الفرج فضلاً عنه، وأن من حام حوله يوشك أن يواقعه، ولذا كثيراً من أهل العلم يرون أنه يمنع ما بين السرة والركبة، لكن اتقاؤه من باب اتقاء الشبهة، لا يعني أنه محرم، فالممنوع المحرم هو موضع الحيض، فتقول عائشة -رضي الله عنه-: "كان يأمرني فأتزر فيباشرني وأنا حائض" فإذا احتاج إلى ما قرب منه، وأمن من نفسه الوقوع في الحرام فلا بأس -إن شاء الله تعالى-، وإذا غلبته نفسه ووقع في الممنوع فهو آثم، وهل يلزمه كفارة دينار أو نصف دينار على ما جاء في الخبر أو لا يلزمه؟ قولان، سبب الخلاف، الخلاف في ثبوت الخبر، فالإلزام بدينار أو نصفه كفارة جاء في خبر مختلف في صحته، والأكثر على ضعفه، فمن أثبته ألزم بالكفارة، ومن ضعفه قال: لا كفارة في ذلك إلا التوبة والاستغفار.
طالب: هل هو على التخيير؟
(26/17)
________________________________________
دينار أو نصف، يعني (أو) هذه، يعني إذا قلنا: بالخبر، وأنه يلزمه كفارة دينار أو نصفه، فهل هذا مرده إلى الاختيار والتشهي إن شاء تصدق بدينار كفر بدينار، وإن شاء كفر بنصف دينار؟ أو نقول: (أو) هذه للتقسيم والتنويع، فإن كانت حاله ميسورة تصدق بدينار، وإن كان دون ذلك فليتصدق بنصف دينار؟ أو يفرق في الوقت، في وقت إقبال الحيض دينار، وفي وقت إدباره بنصف دينار؟ وعلى كل حال الاحتياط أن يكفر؛ لأن الحديث قابل للتحسين، فالاحتياط أن يكفر بدينار أو نصفه، فإن كان قادراً مستطيعاً لا يؤثر عليه التصدق بدينار فهو أبرأ للذمة، وإن كان يشق عليه الدينار فليكَفِر بنصف الدينار.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الإلزام بخبر مثل هذا، القول الآخر له وجه، القول الآخر وهو تضعيفه له وجه، لكنه قابل للتحسين، يعني ما يجزم بحسنه، قابل يعني ضعفه ليس بشديد على كل حال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال ثبوته رفعاً ووقفاً، وفي إسناده من تكلم فيه، على أي الحالين في إسناده من تكلم فيه، وسئل عنه الإمام أحمد فكأنه لينه.
يقول: "فإن انقطع دمها فلا توطأ حتى تغتسل" ودليل ذلك: {فَاعْتَزِلُواْ النِّسَاء فِي الْمَحِيضِ وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ} [(222) سورة البقرة] فالتطهر قدر زائد على مجرد الطهر {حَتَّىَ يَطْهُرْنَ} [(222) سورة البقرة] ينقطع الدم {فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} يعني بالاغتسال {فَأْتُوهُنَّ} فإن انقطع دمها فلا توطأ حتى تغتسل، فلا بد من أن تتطهر قبل الوطء "ولا توطأ مستحاضة إلا أن يخاف على نفسه العنت وهو الزنا".
عرفنا أن وطء الحائض محرم بالنص والإجماع، وطء المستحاضة في غير وقت الحيض يقول: لا توطأ، وعبارته تدل على أنه لا يجوز، يعني يحرم وطء المستحاضة إلا أن يخاف على نفسه العنت، ومن أهل العلم من يرى أن المستحاضة كالطاهر، وابن عباس يقول: أليست تصلي؟ قالوا: بلى، قال: الصلاة أعظم.
(26/18)
________________________________________
والحيض مدة يسيرة وينقضي، وأما المستحاضة فقد يطول، فقد وجد من استحيضت سنين، فماذا يصنع الزوج؟ فلا شك أن اتقاء مثل هذا الأذى الذي هو الاستحاضة مطلوب، يعني من باب التنزه والتنظف؛ ولئلا يتضرر بذلك، وأما التحريم فلا، إلا أن يخاف على نفسه العنت وهو الزنا، إذا كان الخيار في حال الاستحاضة بين وطئها هنا يعني على كلامه هو وبين الاستمناء؟ يعني يخاف على نفسه الزنا، لا سيما وأن الأسباب قد كثرت، والمثيرات تعددت الآن، وعنده زوجته المستحاضة وعنده طريق آخر، وهو محرم أيضاً عند ... ، لا شك أن المستحاضة أيسر، ولو احتيج إلى المسألة الأخرى فليكن بواسطة الزوجة، وعلى كل حال إذا لم يكف نفسه إلا الوطء فلا شيء في ذلك -إن شاء الله تعالى-، ما دامت المسألة استحاضة.
"والمبتلى" ... نعم؟
طالب: ومثل ذلك لو خاف على المرأة من مشقة عدم الوطء؟
إذا خاف عليها مثلاً العنت أو التطلع للرجال، واحتاجت إلى ذلك، وهي تشتهي كالرجل مثله، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال يتقي الدم بقدر الاستطاعة، فإن لم يستطع الصبر ولو كانت في دمها، الصلاة أعظم كما قال ابن عباس، نعم.
ولا توطأ مستحاضة إلا أن يخاف على نفسه، هذا المخاطب الزوج.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
طالب:. . . . . . . . .
الحائض؟
طالب:. . . . . . . . .
المسألة مسألة تحريم، ولا شك أن التحريم هنا وإن كان مجمع عليه وبالنص الثابت إلا أنه أسهل من الزنا، يعني مع زوجته ومع الشعور بالذنب والتوبة والاستغفار والكفارة إن قال بها، أو عمل بها أسهل من الزنا؛ لأن المحرمات متفاوتة، ما في أحد يقول: إن المرأة الحائض وطئها مثل الزنا، لا أبداً، وإن كان محرماً، ثم يتدرج للمسألة ما في أحد يقول: إن الاستمناء مثل الزنا، أو مثلاً وطء المستحاضة حتى على القول بمنعه مثل الزنا، أو مثل وطء الحائض، لا، تتفاوت المحرمات.
(26/19)
________________________________________
يقول: "والمبتلى بسلس البول" هذا الذي لا ينقطع عنه البول "أو كثرة المذي" لا ينقطع كذلك المذي "حكمه حكم الاستحاضة"، "المبتلى بسلس البول أو كثرة المذي، لا ينقطع كالمستحاضة" يعني حدثه دائم، أو به جرح لا يرقى، ولا يقف الدم، أو فتح له للبول مثلاً، وصار له مجرى وكان بكيس معه يحمله وقت الصلاة وفي كل الأوقات هذا حدثه دائم، هؤلاء يطالبون بالوضوء لكل صلاة بعد أن يغسل الفرج يتوضأ لكل صلاة؛ لأنها طهارة ضرورة، وهي مبيحة للصلاة، ولا ترفع الحدث باعتبار أن الحدث مستمر معه يتوضأ لكل صلاة كما سبق في المستحاضة، بعد أن يغسل فرجه ((اغسل فرجك وتوضأ)) بالنسبة للجمع الصوري إذا كان يشق عليه أن يتوضأ لكل صلاة فلا مانع أن يقدم الصلاة الثانية ويؤخر الأولى، ويجمع جمعاً صورياً، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
المذي نجس يغسل، نعم يغسل، المذي نجس.
على كل حال مثل هذا حتى نجاسة مخففة يكفي فيه النضح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
النضح، يرشه رش.
طالب:. . . . . . . . .
أبداً ((انضح فرجك وتوضأ)) جاء الأمر به النضح.
طالب:. . . . . . . . .
ينضح حتى يغلب على ظنه أنه وصل المكان، النضح أمره سهل، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مثل هذه الأحداث تقلل بقدر الإمكان، فالمستحاضة تستسفر أو تتحفظ، ومثلها من به سلس إذا لم يضر به؛ لأن وضع الرجل يختلف عن وضع المرأة، يعني لو قيل له: أربط ذكرك مثلاً، لا شك أنه يضر به، وإن قال به بعض الفقهاء، أنه يلزمه ربط ذكره، هذا يتضرر به، وعلى كل حال يخفف بقدر الإمكان بحيث لا يتعدى المحل، لا يسيل إلى موضع آخر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان دائم أمره أيسر، لكن إذا كان ينقطع فهو مبطل للوضوء.
طالب:. . . . . . . . .
جاء في حديث علي حينما أمر المقداد أن يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: "كنت رجلاً مذاءاً فأمرت المقداد أن يسأل النبي -عليه الصلاة والسلام- فأمره بغسل فرجه نعم اغسل ذكرك وتوضأ، فحكمه حكم الاستنجاء، إلا أن نجاسته أخف.
طالب:. . . . . . . . .
(26/20)
________________________________________
لا في سؤال غريب جاء من أول الدرس هذا هو يقول: كيف نرد على من يقول: إنكم تتشاغلون بمسائل الحيض والنفاس في وقت يتشاغل العالم بالأسلحة والتطور، وأن لكل مقام مقال، وآيات الحيض فرضت وقت القوة في المدينة، وليس في مكة، وأن في هذا تحييد لطاقات الشباب، وتغفيل عن قضايا مصيرية أراد العدو صد المسلمين عنها، نعم؟
ما أدري والله يبي الناس كلهم يشتغلون، كل الأمة تشتغل بهذا؟! هل رأيت كل الأمة تشتغل بمسائل الحيض والنفاس؟ نعم، هذا له ناس، وهذا له ناس، والحمد لله الأمة متكاملة بمجموعها، ولا يجوز تعطيل باب من أبواب الدين، بل لا بد من القيام به، ولذلك وجدت فروض الكفايات؛ لئلا يتجه الناس كلهم إلى عمل واحد، فلا يتجه الناس كلهم إلى التطور والتسليح ويتركون العلم، والعكس أيضاً؛ لأن هذا فرض كفاية وهذا فرض كفاية، ولا يتنافى هذا مع هذا، فعلى الأمة أن توزع المهام والطاقات حتى تتكامل، ولا تحتاج إلى عدوها، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(26/21)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الطهارة (27)
"وأكثر النفاس أربعون يوماً، وليس لأقله حد، أي وقت رأت الطهر اغتسلت وهي طاهر، ولا يقربها زوجها في الفرج حتى تتم الأربعين استحباباً، ومن كانت لها أيام فزادت على ما كانت تعرف لم تلتفت إلى الزيادة إلا أن تراه ثلاث مرات فتعلم حينئذٍ أن حيضها قد انتقل فتصير إليه وتترك الأول، وإن كانت صامت في هذه الثلاث مرات أعادته، وإذا كان صوماً واجباً ... "
الشيخ: عبد الكريم الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
"وأكثر النفاس أربعون يوماً، وليس لأقله حد أي وقت رأت الطهر اغتسلت وهي طاهر، ولا يقربها زوجها في الفرج حتى تتم الأربعين استحباباً، ومن كانت لها أيام فزادت على ما كانت تعرف لم تلتفت إلى الزيادة إلا أن تراه ثلاث مرات فتعلم حينئذٍ أن حيضها قد انتقل فتصير إليه وتترك الأول، وإن كانت صامت في هذه الثلاث مرات أعادته، وإذا كان صوماً واجباً ...
إذا كان.
طالب: هاه عندنا وإذا.
أعادته إذا كان صوماً واجباً.
طالب: أعادته إذا كان صوماً واجباً، وإذا رأت الدم قبل أيامها التي كانت تعرف فلا تلتفت إليه حتى يعاودها ثلاث مرات، ومن كانت لها أيام فرأت الطهر قبل ذلك.
من كانت لها أيام حيض.
طالب: لا بدون حيض عندنا أيام، أحسنت يا شيخ.
إيه.
طالب: ومن كانت لها أيام حيض فرأت الطهر قبل ذلك فهي طاهر تغتسل وتصلي، فإن عاودها الدم لم تلتفت إليه حتى تجيء أيامها، والحامل لا تحيض إلا أن تراه.
والحاملُ
طالب: والحامل ...
إذا رأت الدم فلا تلتفت إليه؛ لأن الحامل لا تحيض.
طالب: عندنا والحامل لا تحيض إلا أن تراه.
المعنى واحد متقارب، يعني واحد هذا مفاده، لكن زيادة توضيح قال: والحامل إذا رأت الدم فلا تلتفت إليه؛ لأن الحامل لا تحيض، نعم.
(27/1)
________________________________________
طالب: إلا أن تراه قبل ولادتها بيومين أو ثلاثة فيكون دم نفاس، وإذا رأت الدم ولها خمسون سنة فلا تدع الصلاة ولا الصوم، وتقضي الصوم احتياطاً، فإن رأته بعد الستين فقد زال الإشكال، وتُيقن أنه ليس بحيض فتصوم وتصلي ولا تقضي، والمستحاضة إن اغتسلت لكل صلاة فهو أشد ما قيل فيها، وإن توضأت لكل صلاة أجزأها، والله أعلم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى- في باب الحيض من كتاب الطهارة: "وأكثر النفاس أربعون يوماً" والنفاس مأخوذ من النفس وهو الدم، ويقول الفقهاء: كل ما لا نفس له سائلة، يعني دم سائل فهو طاهر، ولا ينجس بالموت، فالنفس هو الدم.
تسيل على حد الضباة نفوسنا ... . . . . . . . . .
يعني دماؤنا، فالنفاس هو الدم، فالحكم مقترن به وجوداً وعدماً، فمن تلد ولادة مقترنة بدم لها حكم، والكلام عنها، وإذا استمر النفس الذي هو الدم فمتى يجزم بانقضائه، وإذا لم يوجد بالكلية، أو وجد شيء قليل فما الحكم؟ يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: "وأكثر النفاس أربعون يوماً" ولا شك أن هذا هو غالب نفاس النساء، وأنه لا يزيد على الأربعين، ومقتضى كلامه أنه إذا زاد عن الأربعين ولو يوماً واحداً أنها تغتسل وتصلي ما لم يصادف وقت عادة فيكون حيضاً، وبهذا قال الحنابلة والحنفية وجمع من أهل العلم، ومنهم من يرى أن أكثره ستون يوماً، وهو قول الشافعي -رحمه الله-، واختيار كثير من المحققين، والمسألة مردها إلى الوجوب، وأكثر ما وجد هو الأربعون.
(27/2)
________________________________________
وليس لأقله حد؛ لأنه وجد من تلد بدون دم، وهو وإن كان نادر إلا أنه يدل على أن الحكم مع الدم وجوداً وعدماً، فإذا عدم الدم فلم يوجد فلا نفاس، وإن وجد يوم أو أقل من يوم أو أكثر فإنها تجلس مدة وجوده وتغتسل عند انقطاعه، ويكون حكمها حكم الطاهرات، ومنهم من حده حد الأقل بخمسة وعشرين يوماً، وهذه الأقوال ليس لها ما ينهض من الأدلة بحيث تكون ملزمة، إلا أنها أمور اعتيادية بالنسبة للنساء، ومع ذلك لا بد من اختيار قول يجزم به؛ لأن المسألة مسألة عبادة، يتعلق بها عبادات من أركان الإسلام، فقد يقضى بلزوم الصلاة ولا تصلي، وقد يقضى ببطلانها وتصلي، وكذلك الصيام، فأكثر أهل العلم على أن النفاس أربعون يوماً، وهذا هو القول الوسط في المسألة، وهو الذي تميل إليه النفس، أنه أربعون يوماً لا ستين، وليس لأقله حد كما ذكرنا، وهو أن من النساء من وجدت منها الولادة دون دم، ومنها من يخرج منها الدم مصاحباً للولادة ثم ينقطع بعد زمن يسير، ومنها من يستمر معها الأيام، بل الأسبوع أو الأكثر، ولا تصل إلى الأربعين "وليس لأقله حد أي وقت رأت الطهر اغتسلت وهي طاهر" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
المقصود أنه إذا نزل الدم من مخرجه الطبيعي جلست له، وفي العادة يخرج.
طالب:. . . . . . . . .
يخرج بيوم أو يومين حكمه حكم الولادة، حكمه حكم النفاس.
"أي وقت رأت الطهر اغتسلت وهي طاهر" فإذا اغتسلت لأسبوع مثلاً أو عشرة أيام انتهى نفاسها "فإن عاودها في الأربعين" إن عاودها في الأربعين فما حكمه؟ حكمه نفاس، ومن أهل العلم من يقول: مشكوك فيه، ما دام حكمنا بطهارتها، وأمرناها بالاغتسال والصلاة والصيام فإذا عاودها الدم في الأربعين فإنه حينئذٍ يكون مشكوكاً فيه، تصوم وتصلي وتقضي الصوم.
(27/3)
________________________________________
على كل حال إذا طهرت قبل الأربعين لزمها الاغتسال وصامت وصلت، لكن لا يقربها زوجها حتى تتم الأربعين استحباباً "لا يقربها زوجها في الفرج حتى تتم الأربعين استحباباً" ما دام أمرت بالاغتسال إذا انقطع عنها الدم، وأمرت بالصلاة وبالصيام فكيف تمنع من زوجها ويمنع زوجها منها والصلاة أعظم كما يقول ابن عباس؟ الصلاة أعظم "ولا يقربها زوجها في الفرج حتى تتم الأربعين استحباباً" يعني لا على سبيل الوجوب؛ لأن هذه المدة مظنة لأن يعود فيها الدم ما لم تكمل الأربعين يوماً.
"ومن كانت لها أيام حيض فزادت على ما كانت تعرف" من كانت لها أيام حيض عادتها خمسة أيام من أول الشهر اليوم الأول والثاني والثالث والرابع والخامس، هذه عادتها المطردة فزادت على ما كانت تعرف استمر السادس والسابع لم تلتفت إلى الزيادة إلا أن تراه ثلاث مرات؛ ليستقر أنه عادة، والعادة كما تقدم لا تثبت إلا بالتكرار ثلاث مرات، فهذا على ما قرره في المذهب، مع أن في المذهب رواية أخرى أنها تثبت العادة بمرتين، بمرتين فقط "ومن كانت لها أيام حيض فزادت على ما كانت تعرف لم تلتفت إلى الزيادة إلا أن تراه ثلاث مرات فتعلم حينئذٍ أن حيضها قد انتقل فتصير إليه وتترك الأول" يعني انتقلت عادتها من الخمسة إلى السبعة، هذا إذا كانت الزيادة لاحقة، وإذا كانت الزيادة سابقة فما الحكم؟ يعني اليوم الأول والثاني والثالث والرابع والخامس هي العادة المستقرة، ثم جاءها الدم في يوم التاسع والعشرين من الشهر السابق للعادة، والثلاثين ثم العادة مستقرة في الخمسة الأولى من الشهر، هل نقول: إن هذه حكمها حكم الزيادة اللاحقة أو لا تلتفت إليها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
سواءً تقدمت أو تأخرت الحكم واحد، لكنها لا تجلس في هذين اليومين حتى تتكرر ثلاث مرات كما لو كانت الزيادة لاحقة.
طالب: ولا يقربها الزوج احتياطاً؟
لا هذا أشد، هذا يمنع منها الزوج، يعني احتمال كونه عادة قوي، بخلاف ما لو رأت الطهر ثم رجع إليها.
يقول: "ومن كانت لها أيام حيض" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(27/4)
________________________________________
"ومن كانت لها أيام حيض فزادت على ما كنت تعرف لم تلتفت إلى الزيادة إلا أن تراه ثلاث مرات فتعلم حينئذٍ أن حيضها قد انتقل إليه" من الخمسة إلى السبعة "فتصير إليه وتترك الأول، وإن صامت في هذه الثلاث مرات أعادته" يعني صامت في اليومين الزائدين على عادتها المقررة بخمسة أيام، سواءً كانت الزيادة قبل العادة أو بعدها تقدمت أو تأخرت فإن صامت في هذه الثلاث مرات أعادته، لماذا؟ لأنها تؤمر بالصيام؛ لأنه لم يستقر لها عادة، في اليومين الزائدين تؤمر بالصيام "وإن كانت صامت في هذه الثلاث مرات أعادته إذا كان صوماً واجباً"؛ لأنه تبينا بطلانه؛ لأنا تبينا بطلان ما صامته، وماذا عما لو كان الصوم مستحباً؟ يعني صامت الاثنين مثلاً أو الخميس أو البيض، أو صامت أيام جاء الحث عليها، تقضيها أو لا تقضي؟ يقول: إذا كان صوماً واجباً؟
طالب:. . . . . . . . .
(27/5)
________________________________________
مفهوم كلامه أنه إذا كان غير واجب فإنها لا تقضيه، وهل يقال: إنه لا تقضيه على سبيل الوجوب أو الاستحباب؟ بمعنى أن من اعتاد على صيام معين من كل شهر، ثم جاءها مثل هذا الظرف الذي شرح، وقد اعتادت، ومعلوم أن ترك المعتاد من العبادة أمر مكروه في الشرع، النبي -عليه الصلاة والسلام- إذا عمل عملاً أثبته ((عليكم من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا)) ترك العمل الذي يداوم عليه الإنسان لا شك أنه بالنسبة للشرع غير مرغب فيه، بل يدل على نكوص كما يقول أهل العلم، وملل من العبادة، وأحياناً يلزم الإنسان عبادة ثم يتبين له أنها تعوق عما هو أفضل منها، شخص التزم أن يقرأ القرآن في سبع مثلاً، ثم تبين له أنه لو قرأ القرآن في عشر كان أرفق به، وأدعى إلى التدبر والتأمل، وأعانه ذلك على مراجعة بعض كتب أهل العلم مما ينفعه فهل يترك قراءة القرآن في سبع إلى عشر، أو بدلاً من أن يقرأه أربع مرات في الشهر يقرأه مرتين، وهل هذا عدول إلى الأفضل أو إلى المفضول؟ لأن بعض الناس يستمر على جادة، كأن يصوم الاثنين والخميس باستمرار، ويقرأ القرآن في سبع، جارٍ على هذا سنين، ثم يتبين له أنه لو اقتصر على الاثنين أو على ثلاثة أيام من كل شهر وأفطر الخميس باستمرار، ويوم اثنين من كل شهر لكان أرفق به، وأفرغ لباله وأيسر لبعض العبادات، مما لو استمر على طريقته مما هو أفضل من الصيام، وقل مثل هذا لو كان يختم في الشهر أربع مرات وقال: لو ختمت في الشهر مرتين لكان أدعى إلى التدبر، وأكثر انتفاع بما كتبه أهل العلم مما يعين على فهم كلام الله -جل وعلا-، يعني لو اتخذ الورد أو الحزب اليومي سُبع طلعت عليه الشمس وجاءه وقت الدوام ما تمكن من مراجعة بعض الآيات المشكلة، لكن لو كان نصف هذا المقدار أمكنه أن يقرأ هذا النصف باستمرار، ويراجع عليه بعض التفاسير التي تحل له بعض الإشكالات، فهل نقول: إن مثل هذا أفضل أو يستمر على عادته، وإن تيسر له وقت آخر لهذه الأعمال الفاضلة وإلا الله -جل وعلا- لا يمل حتى تملوا؟ لأنها مسألة مشكلة، مسألة داخلة في المفاضلة بين العبادات، وفي المفاضلة بينها غموض؛ لأن بعض الناس قد يقول: أترك الجادة التي سلكتها من سنين لأتمكن
(27/6)
________________________________________
مما يعينني على فهم كلام الله، ثم لا هذا ولا هذا، يترك نصف قراءته ولا يراجع؛ لأن الشيطان حريص، مجرد ما يجد فرصة يهجم على الإنسان، يقول له: الحمد لله أنت اقرأ الحين اللي أنت قررت أخيراً، والمراجعة في وقت لاحق، فهذا الذي يخشى منه؛ لأن بعض الناس يستشكل مثل هذا، يقول: أنا أقرأ سبع القرآن، فماذا لو اقتصرت على النصف وراجعت التفاسير؟ يخشى أن يترك نصف السُبع، ثم بعد ذلك يسول له الشيطان أن مراجعة كتب التفاسير في غير هذا الوقت أنفع له وأيسر، والوقت -الحمد لله- في سعة، ثم يترك لا هذا ولا هذا، مثل من يقول لبعض الناس أنت اعتمدت السفر إلى مكة والمجاورة في العشر الأواخر، وتنفق الأموال الطائلة هناك، تنفق عشرين ألف ثلاثين ألف، فلو وزعتها على جمع من البيوت المحتاجة وأديت العمرة ورجعت، هذا يقوله بعض الناس ينصح بعض، نعم، ثم بعد ذلك يأخذ بهذه النصيحة فيترك المجاورة ولا يوزع شيء، وهذا حاصل، والشيطان حريص على مثل هذه الفرص يستغلها، فإذا كانت المرأة قد اعتادت أنها تصوم من كل شهر الاثنين والخميس، فجاء الاثنين وصار في هذه الأيام التي لم تستقر فيها العادة صامتها، نقول: تقضيها أو لا تقضيها؟ لأنه قال: إذا كان الصوم واجباً، أما على سبيل اللزوم والوجوب هذا ما فيه إشكال، ولا يقول به أحد، إلا عند من يقول بوجوب القضاء، عند من أفطر من غير عذر في صوم النفل، وهذا معروف عند الحنفية، عند الحنفية إذا أفطر مطلقاً من عذر أو من غير عذر، الذين يقولون بالعذر المالكية، يقول: إذا أفطر وهو صائم نفل إن كان لعذر جاز عند المالكية، وأما بالنسبة للحنفية فلا بد من القضاء سواءً كان لعذر أو لغير عذر، والحنابلة والشافعية ما عندهم إشكال المتطوع أمير نفسه، فهذه صامت هذه الأيام نفلاً دخلت فيها تطوعاً من غير إلزام، ثم تبين أنها باطلة، فهل يقال: إن مثل هذا كما لو أبطلتها فتقضيها؟ لا أحد من أهل العلم في مثل هذه الصورة يقول بالوجوب، وإن كان من باب الاستمرار على العمل الذي التزمه الإنسان على نفسه كما قضى النبي -عليه الصلاة والسلام- راتبة الظهر بعد العصر، يعني في وقت النهي؛ لأنه التزم ذلك، فالأمر فيه سعة، لكن الوجوب لا يقول به أحد.
(27/7)
________________________________________
في الصورة التي ذكرناها، يعني من كان معتاداً لحزب من القرآن فأراد أن يتخفف منه هل نقول: إن هذا ترك ومل من العمل الصالح، ودخل في حديث: ((فإن الله لا يمل حتى تملوا)) مع عزمه على التعويض بأمر قد يكون أهم وأنفع له؟ أو شخص اعتاد أن يقرأ القرآن في سبع وهو لم يحفظ القرآن، فقال: لو أقتصر لمدة سنة على ورقة واحدة بدلاً من أربعة أجزاء وزيادة أقرأ ورقة واحدة أرددها حتى أحفظها، وبعد سنة أرجع إلى المنهج الذي سرت عليه، هل يكون هذا عدل من الفاضل إلى المفضول أو العكس؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
أهل العلم لا سيما الكبار مثل أحمد والأئمة يرون أن القراءة من المصحف أفضل من القراءة عن ظهر قلب، فكونه يقرأ السبع من المصحف ويعدل عنه إلى ترديد ورقة واحدة هذا بالنسبة له فاضل وإلا مفضول؟ اللهم إلا إذا قلنا: إن الاعتبار بالحروف، وترديده لهذه الورقة يعادل قراءة السُبع فالأجر واحد، فيكسب الحفظ، ويكسب القدر المرتب على الحروف من الأجر، وعلى كل حال من أمكنه أن يحفظ فلا يعدل بالحفظ شيئاً؛ لأن التلاوة يعني أمرها ميسور، فما حفظه في هذا الوقت بإمكانه أن يردده طول اليوم، ويكسب الأجور، ولا يكون حينئذٍ ناكصاً عما اعتاده من العبادة.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
تنوع العبادات أمر مقرر في الشرع، تنوع العبادات من تلاوة إلى ذكر إلى صلاة أمر مقرر في الشرع، لكن هل الأفضل بالنسبة للمعتكف في ليالي العشر أن يمسك المصحف من يسلم إلى أن يأتي وقت السحور؟ أو يصلي عشرات الركعات إلى أن يأتي السحور أو يذكر الله؟ قالوا: التنويع أفضل له.
طالب: القراءة في المصحف يقصد.
لا، لا، القراءة في المصحف مختلف فيها، في الصلاة مختلف فيها، من أهل العلم من لا يجيزها، فكيف يقال بالمفاضلة؟ لا ما يقصدون هذا.
يقول -رحمه الله-: "وإذا رأت الدم قبل أيامها التي كانت تعرف" الصورة الأولى فيما إذا كانت الزيادة لاحقة، والصورة التي تليها فيما إذا كانت الزيادة سابقة، وإذا رأت الدم قبل أيامها التي كانت تعرف فلا تلتفت إليه حتى يعاودها ثلاث مرات، يعني لا تلتفت إلى الدم حتى يعاودها ثلاث مرات كاللاحقة سواءً بسواء، نعم؟
(27/8)
________________________________________
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
دم متوقف فيه، حتى يعرف، متوقف فيه، متوقف فيه حتى يتقرر ويتبين أمره، إن لم يعد مرة ثانية فهو فساد، وإن عاد فهو حيض، وإذا كانت صامت في الأيام السابقة وتقرر بالتكرار ثلاثاً أنه حيض كما تقدم، تعيده، تعيد الصيام "ومن كانت لها أيام حيض فرأت الطهر قبل ذلك" يعني عادتها سبعة أيام، فلما نزل عليها الدم في اليوم الأول والثاني والثالث ثم انقطع "ومن كان لها أيام حيض فرأت الطهر قبل ذلك فهي طاهر تغتسل وتصلي، فإن عاودها الدم فلا تلتفت إليه حتى تجيء أيامه" إذا انقطع الدم قبل انتهاء العادة ثم عاد، منهم من يقول: إنها متى رأت الطهر فهي طاهرة ولو كان الزمن قليلاً، يعني أقل من يوم، ومنهم من قال: لا يحكم بطهارتها حتى تكمل يوم وليلة، ومنهم من يقول: إنها ما زالت في حيضها ما لم تر القصة البيضاء، ولو رأت نقاء، وكانت عائشة تقول تأمرهن بالتريث حتى ترين القصة البيضاء.
يقول: "ومن كانت لها أيام حيض فرأت الطهر قبل ذلك فهي طاهر تغتسل وتصلي، فإن عاودها الدم فلا تلتفت إليه حتى تجيء أيامها" يعني طهرت في اليوم الرابع وعادتها سبعة أيام، طهرت الرابع والخامس ثم عاودها السادس والسابع، ماذا نقول؟ مقتضى كلامه فإن عاودها الدم فلا تلتفت إليه حتى تجيء أيامها، أيامها في هذه الحيضة أو في حيضات لاحقة؟ اللاحقة في كلامه، لكن وماذا عن التلفيق؟ إذا رأت يوماً دماً ويوماً طهراً نقاء؟ التلفيق معروف عند الحنابلة وغيرهم من أهل العلم أن الدم حيض والنقاء طهر، فإذا عاودها في الوقت على مقتضى كلامهم يكون إيش؟ يكون حيض، فإذا عاودها في وقت عادتها يكون حيضاً على مقتضى كلامهم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كلامه على كل حال من وجوه معترض، نعم كلامه معترض، ويأتي تقرير الخلاصة -إن شاء الله تعالى-، الإمام الموفق له اختيار في مثل هذه المسائل يربط الحكم بالدم وجوداً وعدماً، ولعل الشيخ يطلعه لنا ونشوفه.
(27/9)
________________________________________
كل هذه المسائل المشكلة المتشعبة عند الفقهاء والتي أوقعت النساء في حرج عظيم، وأوقعت المستفتي والمفتي كلاهما في حرج من كثير من المسائل التي قرروها في هذا الباب، يعني نظير ما قرروه في أوائل كتب الفقه من نجاسة الماء بمجرد الملاقاة، والفروع المترتبة على هذا مما بيناه سابقاً.
الموفق -رحمه الله- قرر أن المرأة إذا رأت الدم الذي يحتمل أن يكون حيضاً ولو لم يتكرر مجرد ما تراه فإنه حيض تجلس له، ولو لم يتكرر، ولو اضطرب، ما لم يكن أكثر من المدة المعروفة المقررة، ولذا يقول مستدلاً بحديث عائشة لما جاءها الحيض في حجة الوداع، وفزعت من ذلك، يعني لو كان في عادته في وقته المقرر ما فزعت؛ لأنها تعرف أن عادتها في اليوم كذا من الشهر خلاص، وإلا ما بكت، فهو دم في غير وقته، وقال لها النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت)) وأيضاً من حاضت معه في فراشه وانسلت، يعني رأت الدم، وما في ما يدل على أنها في وقت عادتها أو قبله أو بعده، المقصود أن الموفق ربط الحكم بالدم وجوداً وعدماً، فكل ما يحتمل أنه حيض يعني ما يصل إلى حد الاستحاضة فهو حيض؛ لأن أمر النساء بالصلاة والصيام في وقت الحيض مع أنهما يحرمان عليها في غاية الحرج، الحرج الشرعي، ثم بعد ذلك أمرها بقضاء الصوم الواجب مع أنها صامت هذا أيضاً حرج، فإما أن يحكم عليها بأنها طاهرة وعباداتها مجزئة، أو يحكم عليها بأنها حائض فلا تصح منها هذه العبادات؛ لأن الاحتياط في مثل هذا دونه خرط القتاد، يعني تأمر امرأة يحرم عليها الصيام بأن تصوم، ثم بعد ذلك إذا صامت تلزمها بالقضاء؟! مثل هذا ما يرد على كلام الموفق، ولا على كلام شيخ الإسلام، ولا جمع من أهل التحقيق يرون مثل هذا، أن النفاس هو الدم، والحيض هو الدم هو الأذى، فمتى وجد الدم وجد الأذى، ووجد الاعتزال، ووجد ترك الصلاة والصيام.
وجدته يا شيخ؟
طالب: هذا أقوى عندي.
إي نعم إيه، وفي هذه المسألة، نعم، وقال الشافعي.
طالب: وقال الشافعي: جميعه حيض ما لم تتجاوز أكثر الحيض، وهذا أقوى عندي؛ لأن عائشة -رضي الله عنها- كانت تبعث ...
يعني ولو لم يتكرر، جميعه حيض ولو لم يتكرر.
(27/10)
________________________________________
طالب: لأن عائشة -رضي الله عنها- كانت تبعث إليها النساء بالدرجة فيها الصفرة والكدرة، فتقول: لا تعجلن حتى ترين القصة البيضاء، ومعناه لا تعجلن بالغسل حتى ينقطع الدم، وتذهب الصفرة والكدرة، ولا يبقى شيء يخرج من المحل، بحيث إذا دخلت فيه قطنة خرجت بيضاء، ولو لم تعد الزيادة حيضاً للزمها الغسل عند انقضاء العادة وإن كان الدم جارياً؛ لأن الشارع علق على الحيض أحكاماً ولم يحده، فعلم أنه رد الناس فيه إلى عرفهم، والعرف بين النساء أن المرأة متى رأت دماً يصلح أن يكون حيضاً اعتقدته حيضاً، ولو كان عرفهن ....
هذا مريح.
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم.
طالب: يوماً وليلة هذا أقله.
طيب.
طالب: فكيف يمكن أن تنضبط؟
إيش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني لو رأت الدم؟ في مسألة التلفيق؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو الآن يتكلم عن مسألة فيما لو زادت، في الزيادة نعم، لكن كيف يقال لها: اغتسلي في اليوم الخامس والدم ما تغير وضعه هو هو، كيف يقال: اغتسلي وصلي وصومي؟ وعائشة تأمرهن بالتريث والمسألة صفرة وكدرة ما في دم جارٍ، نعم.
(27/11)
________________________________________
طالب: لأن الشارع علق على الحيض أحكاماً ولم يحده، فعلم أنه رد الناس فيه إلى عرفهم، والعرف بين النساء أن المرأة متى رأت دماً يصلح أن يكون حيضاً اعتقدته حيضاً، ولو كان عرفهن اعتبار العادة على الوجه المذكور لنقل، ولم يجز التواطؤ على كتمانه مع دعاء الحاجة إليه، ولذلك لما كان بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- معه في الخميلة، فجاءها الدم فانسلت من الخميلة، فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ما لك؟ أنفست؟ )) قالت: نعم، فأمرها أن تأتزر، ولم يسألها النبي -صلى الله عليه وسلم-: هل وافق العادة أو جاء قبلها؟ ولا هي ذكرت ذلك، ولا سألت عنه، وإنما استدلت على الحيضة بخروج الدم، فأقرها عليه النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكذلك حين حاضت عائشة في عمرتها في حجة الوداع، إنما علمت الحيضة برؤية الدم لا غير، ولم تذكر عادة، ولا ذكرها لها النبي -صلى الله عليه وسلم-، والظاهر أنه لم يأت في العادة؛ لأن عائشة استكرهته، واشتد عليها، وبكت حين رأته، وقالت: وددت أني لم أكن حججت العام، ولو كانت لها عادة تعلم مجيئه فيها وقد جاء فيها ما أنكرته، ولا صعب عليها، ولو كانت العادة معتبرة على الوجه المذكور في المذهب لبينه النبي -صلى الله عليه وسلم- لأمته، ولما وسعه تأخير بيانه، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقته، وأزواجه وغيرهن من النساء يحتجن إلى بيان ذلك في كل وقت، فلم يكن ليغفل بيانه، وما جاء عنه -عليه السلام- ذكر العادة ولا بيانها إلا في حق المستحاضة لا غير، وأما امرأة طاهر ترى الدم في وقت يمكن أن يكون حيضاً ثم ينقطع عنها، فلم يذكر في حقها عادة أصلاً؛ ولأننا لو اعتبرنا التكرار فيما خرج عن العادة أدى إلى خلو نساء عن الحيض بالكلية مع رؤيتهن الدم في زمن الحيض وصلاحية أن يكون حيضاً.
نعم؛ لأنه لا يتكرر ثلاثاً، تراه في هذا الشهر أو تكون عادتها ثلاثة أيام مثلاً، ثم في الشهر الذي يليه تكون خمساً، في الشهر الذي يليه تكون يومين، في الشهر الثالث أو الرابع تزيد أو تنقص، لا يتكرر عليها شيء، وحينئذٍ لا نحكم عليها إلا بالأقل؛ لأنه هو الذي يتكرر، نعم؟
طالب: لا سيما في زماننا كثر الاضطراب يا شيخ.
(27/12)
________________________________________
بلا شك، الآن كثرة المؤثرات والموانع صار لها أثر في التقديم والتأخير، والاضطراب والانقطاع، والانفجار وغيره، نعم.
طالب: بيانه أن المرأة إذا رأت الدم في غير أيام عادتها، وطهرت أيام عادتها لم تمسك عن الصلاة ثلاثة أشهر، فإذا انتقلت في الشهر الرابع إلى أيام أخر لم نحيضها أيضاً ثلاثة أشهر، وكذلك أبداً، فيفضي إلى إخلائها من الحيض بالكلية ولا سبيل إلى هذا، فعلى هذا القول تجلس ما تراه من الدم قبل عادتها وبعدها، ما لم يزد على أكثر الحيض، فإن زاد على أكثره علمنا أنه استحاضة، فرددناها إلى عادتها، ويلزمها قضاء ما تركته من الصلاة والصيام فيما زاد على عادتها؛ لأننا تبينا أنه ليس بحيض إنما هو استحاضة.
فصل ...
يكفي، يعني ما قرره في المسألة الأخيرة أن المرأة يمكن أن تمكث السنين وليس لها عادة، وتلزم بالصلاة والصيام مع أن الدم ينزل منها، ويمكن أن يكون حيضاً، ففي شهر محرم نزل عليها الدم في الأسبوع الأول، في شهر صفر لا سيما إذا قلنا بعد لا بد من التكرار ثلاث، خلوا في شهر صفر في الأسبوع الأول، ثم في شهر ربيع في الأسبوع الثاني، وربيع الثاني في الأسبوع الثاني، وجماد الأولى في الأسبوع الثالث، ورجب في الأسبوع الثالث، يعني ما في تكرر ثلاثاً، إلى الآن ما تلزم بجلوس؛ لأنه ما تكرر، ما تلزم إلا بأقل الحيض، نعم؛ لأن هذا لا يحتاج إلى تكرار أقل الحيض، وتجلس وينزل عليها الدم مدة أسبوع في سنة كاملة ولا تلزم بالجلوس؛ لأنه لم يتكرر، بل لا يزال متغيراً أو أكثر من ذلك، إذا كان لا يزال متغيراً ما صار عادة.
طالب:. . . . . . . . .
في موضعه إيه، في موضعه، والتغير في الزيادة والنقص هذا كله لا شك أنه فيه حرج على النساء، وفيه أيضاً إخلال بهذين الركنين من أركان الإسلام، فإما أن تصوم وهي حائض أو تترك وهي طاهرة، فلا شك أن إرجاع الحكم والتعويل فيه على وجود الدم وعدمه طهارة وحيضاً لا شك أنه أرفق بالناس وأولى أن يعتمد عليه؛ لأنه هو الوصف المؤثر الوارد في النصوص، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويصلح أن يكون حيض ولو لم يتجاوز مجموع أكثر الحيض؟ يقولون: ما في مانع، ويش اللي يمنع؟ يكون حيض، تصلي.
طالب:. . . . . . . . .
(27/13)
________________________________________
إيش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه إذا حاضت ثلاث مرات في شهر. . . . . . . . .، وقصة شريح مع علي -رضي الله عنه- حينما قال له قال: إن جاءت بامرأتين من ثقات نسائها خرجت من العدة، قال له: قالون.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا أقرب ما يكون إلى قول شيخ الإسلام.
طالب:. . . . . . . . .
إيه العمر كله وإلا مدة؟ وإلا إيش؟ يعني خمسة عشر يوم طهر، وخمسة عشر يوم دم، إذا زاد عن أكثر من النصف عن الخمسة عشر يعد نعم يصبح دم فساد.
طالب:. . . . . . . . .
على كلامهم إذا رأت يوم طهر ويوم حيض، يوم حيض ويوم نقاء، يوم دم ويوم نقاء فالدم حيض، والنقاء طهر، ولعلنا نأتي بالخلاصة في صفحة أو صفحتين في الأسبوع القادم تجمع أطراف الموضوع -إن شاء الله- إذا انتهينا منه قبل الدخول في كتاب الصلاة.
يقول -رحمه الله تعالى-: "والحامل إذا رأت الدم فلا تلتفت إليه" لأن الحامل لا تحيض، يقول: عندنا زيادة من الأصل ليست موجودة في بعض النسخ، لكنها موجودة في الأصل الذي اعتمدوا عليه، الحامل إذا رأت الدم فلا تلتفت إليه؛ لأن الحامل لا تحيض؛ لأن الله -جل وعلا- إنما أوجد هذا الدم لتغذية الجنين، فإذا حملت المرأة انقطع، لكن قد يقول قائل: إنه قد يُرى الدم أثناء الحيض، فهل تجلس له ويكون حيضاً، أو يكون دم فساد كالجرح؟
المؤلف -رحمه الله تعالى- على المذهب وهو أن الحامل لا تحيض، وهذا هو المرجح؛ لأن الحيض جعل دلالة على براءة الرحم فكيف يوجد مع شغل الرحم؟ يعني لو كانت الحامل تحيض ما جعل الحيض دليل على براءة الرحم، وفي سبي أوطاس قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((لا توطأ حامل حتى تضع، ولا حائل حتى تحيض)) يعني غير الحامل، فجعل الحامل في مقابل من تحيض، فلو كانت الحامل تحيض لرد الجميع إلى الحيض.
طالب: رواية: ((حتى تستبرأ بحيضة)) يا شيخ أليست صريحة في هذا؟
حتى تستبرأ نعم.
طالب: يعني براءة الرحم.
(27/14)
________________________________________
معروف أن الاستبراء يكون بحيضة في النسبيات وغيرها، للدلالة على براءة الرحم، ولو كانت الحامل تحيض لما دل الحيض على براءة الرحم "إلا أن تراه قبل ولادتها بيومين أو ثلاث فيكون دم نفاس" لأنه خرج بسبب الولادة، وإن كان قبلها فكان من مقدماتها مرتبطاً بها "فيكون دم نفاس، وإذا رأت الدم ولها خمسون سنة" عندهم –أعني الحنابلة- أنه لا حيض قبل تسع سنين ولا بعد خمسين سنة، لكن المؤلف له تفصيل فيما بين الخمسين والستين "إذا رأت الدم ولها خمسون سنة فلا تدع الصلاة ولا الصوم، وتقضي الصوم احتياطاً" لأن المسألة مردودة إلى عادة الناس، وجرت العادة في بعض الأماكن أن الحيض ينقطع لخمسين، وعلى هذا غالب النساء، ووجد من تحيض بين الخمسين أو الستين، فوجود مثل هذا العدد وإن كان قليلاً من النساء الحيض بعد الخمسين إلى الستين يؤثر على الحكم القاطع بحيث لا يقال: إنه لا حيض بعد خمسين، لكن يقال: الأصل ألا حيض وقد يوجد من تحيض بعد الخمسين، وأثر هذا على الحكم.
"وإذا رأت الدم ولها خمسون سنة فلا تدع الصلاة ولا الصوم" لماذا؟ لأنه ليس بحيض "وتقضي الصوم احتياطاً" لاحتمال أن يكون حيضاً؛ لأنه وجد من تحيض بعد الخمسين إلى الستين، لكن الغالب غالب النساء لا تحيض، فرتب الحكم على الغالب، ولو جود عدد ولو قليل يحيض بين الخمسين والستين جعل في الحكم مثنوية، يعني ما جزم به جزماً كما جزم به غيره، يعني الحنابلة في كتب المتأخرين منهم لا حيض بعد خمسين، هذا لا تصوم وتصلي ولا تقضي وكأنها حكمها حكم الطاهرة.
(27/15)
________________________________________
"وتقضي الصوم احتياطاً، وإذا رأته بعد الستين فقد زال الإشكال" يعني هذه إذا رأت الحيض بعد الستين فإنها لا تجلس له، تصوم وتصلي ولا تقضي، فقد زال الإشكال، وتيقن أنه ليس بحيض فتصوم وتصلي ولا تقضي، تيقن أنه ليس بحيض، يعني الذي نزل عليها بعد الخمسين إلى الستين إن استمر بعد الستين جزمنا بأنه ليس بحيض، وما بين الخمسين والستين كله مشكوك فيه تجلس عشر سنوات تصوم وتصلي ثم تؤمر بالقضاء، والله إن هذا فيه حرج شديد، ولا يوجد ما يمنع من الحيض بعد الخمسين، وأما الستين فيندر وجود من تحيض بعد الستين، فلا يعلق عليه حكم، ولو قيل بأنها إذا استمرت عادتها من بلوغها إلى السبعين مثلاً، وهي منتظمة ومرتبة مميزة معتادة، كل العلامات موجودة ما الذي يمنع من أن يكون حيضاً؟ الإشكال فيما إذا كان مضطرب، يعني لما بلغت خمسين اضطربت عليها العادة، وزادت ونقصت يمكن أن يقال بأنه ليس بعادتها المعتادة سابقاً، أو بعد الستين من باب أولى، لكن إذا كان منتظماً من بلوغها إلى أن بلغت السبعين أو بعد ذلك منتظم في مدته تحيض ستة أيام وسبعة، ولونه منتظم من بدايته إلى نهايته، ما الذي يمنع أن يكون حيضاً إذ لا دليل على التحديد إلا من وقائع، وعادات النساء أنها في الغالب تنقطع إلى الخمسين، لكن مثل هذا لا يرد إليه الحكم.
"وإذا رأته بعد الستين فقد زال الإشكال، وتيقن أنه ليس بحيض فتصوم وتصلي، ولا تقضي" الآن لا تقضي، ما هو مثل ما بعد الخمسين، ما بعد الخمسين لاحتمال أنه حيض أقوى، وما بعد الستين انتهى، أدنى احتمال أنه حيض، وحينئذٍ تصوم وتصلي ولا تقضي "والمستحاضة إن اغتسلت لكل صلاة فهو أشد ما قيل فيها" وجاء أنها كانت تغتسل لكل صلاة، والمرجح أن هذا من فعلها من غير أمره -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن مثل هذا أحوط، لكن لا يلزم به، ولا يوجب على المستحاضة "فهو أشد ما قيل فيها، وإن توضأت لكل صلاة أجزأها، ويكفيها عن الغسل" وبين المرتبتين أن تجمع، فتغتسل للظهر والعصر جمعاً صورياً، وتغتسل للمغرب والعشاء، وتغتسل للفجر، هذا أسهل من كونها تغتسل لكل صلاة وأشد من كونها تتوضأ ويجزئها الوضوء لكل صلاة.
(27/16)
________________________________________
هذا يقول: هل يجوز لنا الكلام أو التحدث مع الآخرين داخل دورات المياه علماً بأننا نقوم ببعض الأشغال داخل هذه الدورات كغسل الثياب مثلاً؟ هذا سؤال من المغرب.
داخل الدورات لا شك أنها هذه الدورات وهذه الحشوش أماكن قذرة ونجسة، يربأ بالكلام الطيب عنها، والكلام اللائق بها يربأ بالمسلم عنه، لكن إن احتيج إلى ذلك فلا يوجد ما يمنع، ما لم يوجد ذكر الله تعالى، إذا وجدت الحاجة.
يقول: إذا استمر دم النفاس أكثر من أربعين يوماً فماذا يكون حكمه؟ هل يكون استحاضة؟
نعم يكون استحاضة عند أهل العلم إلا إذا كان الزيادة وقت حيض فيكون عادة حيض.
هل يجوز للحائض أن تقرأ وتمس القرآن؟
مس القرآن لا تمس القرآن، لا يجوز لها أن تمس القرآن، وقراءتها عن ظهر قلب مسألة مختلف فيها فمن أهل العلم بل أكثر أهل العلم على أن حكمها حكم الجنب لا تقرأ شيئاً من القرآن، ويفتى الآن من قبل بعض العلماء أنه لا بأس بقراءتها للقرآن، لا سيما إذا احتاجت إليه من معلمة أو متعلمة، أما إذا خشيت النسيان فالأمر فيه أشد.
يقول: سمعت أن الأرض تطهر من نجاسة البول إذا جفت بتأثير الشمس فهل لا بد من تأثير الشمس أم مجرد الجفاف؟ وما صحة هذا القول؟
الجمهور على أن الأرض لا تطهر إلا أن يراق عليها الماء كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- ببول الأعرابي ((اهريقوا عليه ذنوباً من ماء)) أو ((سجلاً من ماء)) فلا تطهر إلا بذلك، وأما الجفاف فلا يكفي وإن قال به الحنفية، ومال إليه شيخ الإسلام -رحمه الله- وأن الشمس تطهر عندهم.
طالب: حديث إقبال الكلاب وإدبارها، وأنهم كانوا لا يرشون شيئاً.
هذا في الصحيح كانت الكلاب تقبل وتدبر في مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، في رواية وهي من رواية الصحيح: وتبول، لكن هذه الرواية مشكوك فيها، ليست يعني من الروايات عند الأربعة الرواة المعتمدين من رواة الصحيح، ومع ذلك حديث بول الأعرابي ما في شك أنه صريح في الباب.
يقول: زوجتي جاءتها الدورة الشهرية في بداية شهر رمضان، واستمرت معها ثمانية أيام، وطهرت من ذلك، وبعد مضي خمسة أيام جاءها دم مشابه للدورة الأولى ولا يزال مستمراً معها وصلت وصامت فما حكم صلاتها وصيامها؟
(27/17)
________________________________________
إذا كانت عادتها السابقة لهذا الشهر المعتادة عندها هي الثمانية الأيام، والثمانية لون دمها هو لون عادتها، فلا تلتفت إلى ما ينزل عليها بعد انقطاعه وطهرها.
يقول: بالنسبة لاسترجاع الطفل على ملابس أمه هل هو نجس؟ وهل إذا صلت بهذا الثوب عدة صلوات هل تعيد الصلاة؟ وإذا غسلته وكانت على وضوء هل يبطل وضوؤها؟
أولاً: ما يخرج من جوف الإنسان من القيء بالنسبة للكبير نجس عند عامة أهل العلم، وأما بالنسبة للصبي فحكمه عند كثير من أهل العلم حكم بوله إذا استقر في معدته نجاسة مخففة، ومنهم من يقول بطهارته؛ لأنه أخف بكثير من البول، ونضحه وإزالته هو الأحوط.
إذا صلت بهذا الثوب عدة صلوات هل تعيد الصلاة؟
لا تعيد الصلاة، لا سيما إذا كانت جاهلة بالحكم، لكن عليها أن تنضحه بالماء مستقبلاً.
وإذا غسلته وكانت على وضوء هل يبطل وضوؤها؟
لا، لا يبطل الوضوء.
يقول: إذا توضأت المرأة التي ينزل منها السائل المستمر لصلاة فرض هل يصح لها أن تصلي ما شاءت من النوافل وقراءة القرآن بوضوء ذلك الفرض إلى حين الفرض الثاني؟
نعم يجوز لها ذلك، لكن عليها أن تتحفظ بحيث لا يتعدى هذا النازل الموضع.
وهل لها أن تصلي بوضوء الفجر صلاة الضحى أم ينتقض ذلك الوضوء ويلزمها الإعادة؟
على كل حال هم يقولون: يتوضأ لوقت كل صلاة.
إذا أحست المرأة بألم الدورة هل يلزم منها ترك الصلاة مع تيقنها بأنها آلام الدورة أم تصلي لحين نزول الدم؟
الحكم معلق بنزول الدم، وخروجه من موضعه.
وقد تحس بالآلام ولا ينزل الدم إلا بعد يومين.
لا تترك الصلاة ولا الصيام حتى يخرج الدم.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك ....
(27/18)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي - كتاب الصلاة (1)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
قال الإمام الخرقي -رحمه الله تعالى-:
كتاب: الصلاة
باب: المواقيت
وإذا زالت الشمس وجبت صلاة الظهر، وإذا صار ظل كل شيء مثله فهو آخر وقتها، فإذا زاد شيئاً وجبت العصر.
مثله.
أحسن الله إليك.
وإذا صار ظل كل شيء مثله فهو آخر وقتها، فإذا زاد شيئاً وجبت العصر، فإذا صار ظل كل شيء مثليه خرج وقت الاختيار، ومن أدرك منها ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها مع الضرورة.
ما عندك وهذا مع الضرورة؟
لا، فقد أدركها مع الضرورة.
يقول: وهذا مع الضرورة، في بعض النسخ دون بعض، نعم.
أحسن الله إليك.
فقد أدركها وهذا مع الضرورة، وإذا غابت الشمس وجبت المغرب، ولا يستحب تأخيرها إلى أن يغيب الشفق، فإذا غاب الشفق وهو الحمرة في السفر وفي الحضر البياض؛ لأن في الحضر قد تنزل الحمرة فتواريها الجدران، فيظن أنها قد غابت، فإذا غاب البياض فقد تُيقن ووجبت عشاء الآخرة إلى ثلث الليل، فإذا ذهب ثلث الليل ذهب وقت الاختيار، ووقت الضرورة مبقى إلى أن يطلق الفجر الثاني، وهو البياض الذي يرى من قبل المشرق، فينتشر ولا ظلمة بعده، فإذا طلع الفجر الثاني وجبت صلاة الصبح، والوقت مبقى إلى ما قبل أن تطلع الشمس، ومن أدرك منها ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها، وهذا مع الضرورة، والصلاة في.
بدون "وهذا" في هذا الموضع بدون "وهذا".
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
أي شرح؟
طالب:. . . . . . . . .
بتحقيق؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم.
والصلاة في أول الوقت أفضل إلا عشاء الآخرة، وفي شدة الحر الظهر، وإذا تطهرت الحائض وأسلم الكافر وبلغ الصبي قبل أن تغرب الشمس صلوا الظهر فالعصر، وإن بلغ الصبي وأسلم الكافر وطهرت الحائض قبل أن يطلع الفجر صلوا المغرب وعشاء الآخرة، والمغمى عليه يقضي جميع الصلوات التي كانت عليه في إغمائه، والله أعلم.
(28/1)
________________________________________
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين،
أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
كتاب: الصلاة
الكتاب مر تعريفه في كتاب الطهارة، والصلاة في اللغة الدعاء {وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [(103) سورة التوبة] يعني يدعو لهم ((إذا دعا أحدَكم أخوه فليجب، فإن كان مفطراً فليطعم، وإن كان صائماً فليصل)) أي: فليدعو ثم ينصرف، وإن حمله بعضهم على الصلاة الشرعية، قال: يصلي ركعتين وينصرف، لكن الأكثر على أنها الصلاة اللغوية، ولا شك أن الصلاة الشرعية متضمنة للصلاة اللغوية التي هي الدعاء، والحقائق الشرعية لا تلغي الحقيقة اللغوية، كما قرر شيخ الإسلام -رحمه الله- في كتاب الإيمان، إنما تبقي على الحقيقة اللغوية، وتزيد عليها.
وأما بالنسبة للصلاة في الاصطلاح فإنها هي الأقوال والأفعال المعروفة المفتتحة بالتكبير تكبيرة الإحرام، والمختتمة بالتسليم.
ومثل هذه الألفاظ الشرعية تعريفها حادث، تعريفها وحدها حادث، لا تجد سلف هذه الأمة يعرفون الصلاة، ولا يعرفون الأذان، ولا يعرفون الزكاة، ولا يعرفون الحقائق المعروفة عند الناس كلها، لكنها من باب تتميم الترتيب، ترتيب التأليف عند أهل العلم تجدهم يمشون على هذه الأمور، فيبدؤون بالتعريف، وإلا ما تجد في كتب الأئمة تعاريف وحدود إلا ما يخفى على المتعلمين، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني بعد الاصطلاحات الحادثة، وخشية أن يخفى على الطلاب بعض الحقائق الشرعية لا مانع من التأليف لأنه ما يضر؛ لأنه تصوير للأمر عند الطالب، يعني بعد تطاول الزمان حصل على طلاب العلم ما يجعلهم يخفى عليهم بعض الحقائق، وأيضاً تعريف الصلاة مثلاً بالتعريف الاصطلاحي الشرعي المعروف لا شك أنه يرد عليك في النصوص ما يحتاج إلى مثل هذا التعريف؛ لئلا تقف حائراً أمام بعض النصوص، إذا قلنا: الصلاة المعروفة المفتتحة بالتسليم ذات الركوع والسجود وكذا ... إلى آخره، وجاءنا حديث أبي هريرة أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة في الصلاة ما تقول؟ ما يراد بالصلاة؟
طالب:. . . . . . . . .
والنافلة ما تحتاج دعاء استفتاح؟ طيب ويش يخرج هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
(28/2)
________________________________________
نعم؟ كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، في الصلاة، هل نقول: إن الدعاء يحتاج إلى دعاء استفتاح لأنه صلاة؟ هل نقول: إن صلاة الجنازة تحتاج إلى استفتاح لأنها صلاة؟ نعم؟ إذاً ما الذي يحدد لنا الصلاة المرادة في مثل هذا الحديث؟ الاصطلاح، نعم، طيب.
باب: المواقيت
المواقيت: جمع ميقات، والمواقيت معروف أنها تطلق على الشيء المحدد زماناً كان أو مكاناً، والمراد به هنا الزمان، والمراد مواقيت الصلاة لا مواقيت الزكاة، ولا مواقيت الصيام، ولا مواقيت الحج، إنما هي مواقيت الصلاة؛ لأنها ترجمة فرعية تحت ترجمة أصلية كبرى تندرج فيها، كما سيأتي في مواقيت الحج، معروف أنه ما يحتاج أن يقال: مواقيت الحج، يقال: باب المواقيت، والكتاب كتاب الحج، مثل هذا لا يحتاج إلى تنصيص.
قال -رحمه الله-: "وإذا زالت الشمس وجبت صلاة الظهر" بدأ بصلاة الظهر لأنها هي الصلاة الأولى، واستحقت هذا الوصف لأن جبريل لما نزل يؤم النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويعلمه المواقيت بدأ بها، فهي الأولى.
"إذا زالت الشمس" يعني مالت عن كبد السماء، وهو الدلوك الذي جاء في سورة الإسراء {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ} [(78) سورة الإسراء] نعم، هو الدلوك، سمي الزوال دلوكاً كما قال الزمخشري في الأساس لماذا؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؛ لأن الرائي أو الناظر إلى الشمس في هذا الوقت إيش؟ تؤلمه عينه فيحتاج إلى دلكها.
"إذا زالت الشمس" مالت إلى جهة المغرب "وجبت صلاة الظهر" إيش معنى وجبت؟ حلت، يعني حان وقتها، صلاة الظهر وقتها يبدأ من الزوال إلى مصير ظل الشيء مثله، فإذا صار ظل كل شيء مثله فهو آخر وقتها، وهذا يدل عليه حديث إمامة جبريل، ويدل عليه أيضاً حديث عبد الله بن عمرو في الصحيح ((وقت الظهر إذا زالت الشمس إلى أن يصير ظل كل شيء مثله ما لم يحضر وقت العصر)) ((ما لم يحضر وقت العصر)) ونحتاج إلى هذه الجملة.
"فإذا زاد شيئاً وجبت العصر" زاد شيء يعني بعد مصير ظل الشيء مثله تجب صلاة العصر، يحين وقت صلاة العصر.
(28/3)
________________________________________
قوله في حديث عبد الله بن عمرو: ((ما لم يحضر وقت العصر)) يدل على أنه لا اشتراك بين الوقتين، لا اشتراك بين الصلاتين في وقت واحد، وإن كان يفهم من حديث إمامة جبريل أن هناك وقتاً يصلح لصلاة الظهر أداءً ويصلح لصلاة العصر أداءً؛ لأنه أمه في اليوم الثاني في صلاة الظهر حينما صار ظل كل شيء مثله، وأمه في اليوم الأول لصلاة العصر حينما صار ظل كل شيء مثله، فكأنه أمه في اليوم الثاني في صلاة الظهر في الوقت الذي صلى به صلاة العصر بالأمس، فدل على الاشتراك، وبهذا قال بعض أهل العلم أن هناك وقتاً مشتركاً بين الظهر والعصر يصلح لأداء أربع ركعات، يصلح أن تكون ظهر وأن تكون عصر في وقت واحد.
وقوله في حديث عبد الله بن عمرو: ((ما لم يحضر وقت العصر)) يدل على أن لا اشتراك بين الوقتين، ويراد بقوله: "صلى الظهر حينما صار ظل كل شيء مثله، وصلى العصر حينما صار ظل كل شيء مثله" أنه فرغ من صلاة الظهر حينما صار ظل كل شيء مثله، وشرع في صلاة العصر حينما صار ظل كل شيء مثله.
يعني لو افترضنا أن هذا الوقت هو مصير ظل كل شيء مثله، هذا هو، هذا هو، فيكون فرغ هنا من صلاة الظهر، وشرع هنا في صلاة العصر، يعني بدون فاصل، وبدون اشتراك، والدليل على هذا قوله في حديث عبد الله بن عمرو: ((ما لم يحضر وقت العصر)) يدل على أن الاشتراك، وهذا نص مفسر وذاك محتمل، وعلى كل حال القول بعدم الاشتراك هو قول جمهور أهل العلم وهو الراجح، وأن لكل صلاة وقت يخصها، لا تشترك معها غيرها من الصلوات، ما لم يكن ثم عذر، على ما سيأتي.
"فإذا زاد شيئاً وجبت العصر" القول بأن آخر وقت صلاة الظهر هو مصير ظل كل شيء مثله هذا قول الجمهور، قول الأئمة الثلاثة، وعند الحنفية أنه يستمر وقت صلاة الظهر إلى مصير ظل الشيء مثليه، ثم يتلوه وقت صلاة العصر إلى الغروب، ومن الحنفية من يقول: إن وقت صلاة الظهر ينتهي عند مصير ظل كل شيء مثله، ووقت العصر يبدأ من مصير ظل كل شيء مثليه، وما بينهما بين المثل والمثلين وقت لا يصلح للظهر ولا للعصر كالضحى مثلاً، الحنفية يرون أن وقت صلاة العصر لا يبدأ من مصير ظل كل شيء مثله، وإنما يبدأ من مصير ظل كل شيء مثليه إلى الغروب.
(28/4)
________________________________________
الجمهور لهم أدلة منها: حديث إمامة جبريل وهو مخرج في السنن، حديث عبد الله بن عمرو أيضاً في الصحيح، كلها تدل على أنه بنهاية وقت صلاة الظهر يبدأ وقت صلاة العصر من غير فاصل، وأن وقت صلاة الظهر إلى مصير ظل كل شيء مثله.
الحنفية يقولون: من مثليه، ويتمسكون بالحديث الصحيح: ((إنما مثلكم ومثل من قبلكم كمن استأجر أجيراً من أول النهار إلى الزوال بدينار، ثم قال: من يعمل لي إلى وقت العصر بدينار، ثم قال: من يعمل لي إلى الغروب بدينارين، فعملت اليهود إلى الزوال، وعملت النصارى إلى وقت العصر، وعملتم إلى غروب الشمس بدينارين، فاحتجت اليهود والنصارى فقالوا: نحن أكثر عملاً وأقل أجراً)) احتجاج اليهود ما فيه إشكال؛ لأن الوقت من طلوع الشمس أو من أول النهار إلى الزوال طويل جداً، يعني نصف النهار، أما احتجاج النصارى وأنهم أكثر عملاً وأقل أجراً عند الحنفية لا يتم إلا إذا قلنا: إن وقت الظهر يستمر إلى مصير ظل الشيء مثليه.
وهل هذا الحديث بدلالته التبعية لا الأصلية يقضى به على نصوص صحيحة مفسرة صريحة في الموضوع؟! نعم؟ هذا أولاً؛ لأن الدلالة التبعية مختلف في الاحتجاج بها، يعني الحديث سيق لبيان المواقيت؟ حديث: ((إنما مثلكم)) سيق لبيان المواقيت؟ لا، إنما سيق لبيان فضل هذه الأمة، إلغاء الدلالة التبعية مطلقاً هذا ليس بصحيح، يعني رجحه الشاطبي في الموافقات، لكن ليس بصحيح؛ لأن الشارع حينما يطلق لفظاً لا يخفى عليه ما يترتب على هذا اللفظ من لوازم، ما هو مثل المخلوق حينما يطلق لفظاً يغفل عما يلزم على هذا اللفظ، ولذا عند أهل العلم لازم المذهب ليس بمذهب، والدليل الواحد يستنبط منه أهل العلم مسائل كثيرة، لكن في حالة ما إذا عورض بما هو أصرح منه، يقدم الأصرح بلا شك.
الأمر الثاني: أن وقت صلاة الظهر أطول في كل زمان وفي كل مكان من وقت صلاة العصر حتى على القول أنه ينتهي بمصير ظل كل شيء مثله، والتقويم شاهد على هذا، الآن لو حسبنا الزوال متى؟ اثنا عشر وخمس، نعم؟ كم؟
طالب:. . . . . . . . .
ثلاث دقائق، العصر؟ ثلاث وثمان وعشرين، المغرب؟
طالب:. . . . . . . . .
(28/5)
________________________________________
الآن عندنا وقت الظهر ثلاث ساعات وخمسة وعشرين دقيقة، ووقت العصر كم؟ ساعتين وستة وثلاثين دقيقة أيهما أكثر؟ حتى على مصير ظل كل شيء مثله، يعني على سبيل التنزل أولاً: هي مسألة دلالة تبعية ليست دلالة أصلية، الأمر الثاني: أنه حتى على القول قول الجمهور بأن وقت صلاة الظهر إلى مصير ظل كل شيء مثله هو أطول، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو الجواب الثاني قال بعض أهل العلم: إن الجواب جواب الطائفتين معاً، يعني من طلوع احتجت اليهود والنصارى، كلهم احتجوا بالوقتين بالأجرين على الوقت الواحد بالدينارين، هذا قيل به، لكن حتى على سبيل الانفراد ما في إشكال يعني.
"فإذا زاد شيئاً" يعني عن مصير ظل الشيء مثله مع ظل الزوال "وجبت العصر، فإذا صار ظل كل شيء مثليه خرج وقت الاختيار".
في حديث عبد الله بن عمرو: ((ما لم تصفر الشمس)) هذا وقت الاختيار، وأما وقت الاضطرار ووقت أداء إنما ينتهي بغروب الشمس، بدليل: ((من أدرك من العصر ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) يعني أداءً، فلا ينتهي وقت العصر وقت أداء العصر إلا بغروب الشمس، وفي الحديث ليس في النوم تفريط، إنما التفريط على من أخر الصلاة حتى يدخل وقت الأخرى، وإن كان هذا عمومه مخصوص على ما سيأتي.
يقول: "ومن أدرك منها ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها" وهذا وقت ضرورة لكنه أداء، ومع ذلك عليه أن يضيف ثلاثة ركعات، عليه أن يضيف ثلاثة ركعات، مو أدركها كاملة بركعة، كما جاء في البيهقي وغيره: ((من أدرك من الصبح ركعة قبل أن تطلع الشمس فليضف إليها أخرى، ومن أدرك من الجمعة ركعة فليضف إليها أخرى)) وهنا يضيف إليها ثلاث ركعات، وهل تكون الصلاة أداء أو قضاء؟ لأن الغالب حصل بعد أن خرج الوقت، أو ما في الوقت أداء، وما بعده قضاء؟ أقوال لأهل العلم، لكن المرجح أنها أداء كاملة، أداء لمفهوم الإدراك؛ لأنه يقول: أدرك العصر، وليس له إلا هذا المعنى.
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون الاستفتاح؟
طالب: يعني ابتداء الصلاة ...
نشوفه الحين.
(28/6)
________________________________________
"من أدرك منها ركعة قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها وهذا مع الضرورة" في الحديث الصحيح المخرج في مسلم وغيره: ((من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر)) وفي رواية: ((سجدة)) ((من أدرك سجدة)) وهي أيضاً في الصحيح في مسلم، وقال: والسجدة إنما هي الركعة، فهل يشترط إدراك ركعة كاملة بسجدتيها لنقول: إنه أدرك الوقت؟ أو يدرك الوقت بإدراك أي جزء؟ وهناك إدراكات: منها ما تدرك به الركعة، ومنها ما تدرك به تكبيرة الإحرام، ومنها ما يدرك به الوقت، ومنها ما تدرك به الجمعة إلى غير ذلك، إدراكات كثيرة، لكن الذي يهمنا ما الذي يدرك به الوقت؟ منها ما تدرك به الجماعة، هل يحتاج إلى ركعة كاملة، أو أي جزء من الصلاة؟ المذهب على ما سيأتي عند الحنابلة أن من كبر قبل سلام إمامه التسليمة الأولى أدرك الجماعة ولو لم يجلس، فدل على أن الركعة تدرك بأدنى جزء منها ولو بتكبيرة الإحرام، فهل يقولون به في مثل هذا؟ نعم الأكثر على أنه تدرك الصلاة بإدراك أي جزء منها، ورواية: ((من أدرك سجدة)) قد يستدل بها لهذا؛ لأنه مرة قال: ((ركعة)) ومرة قال: ((سجدة)) فالمراد أي جزء من الصلاة، لكنه عند التأمل سجدة لا تخالف الركعة، بل نقول: إن من أدرك سجدة فقد أدرك الركعة قطعاً؛ لأن السجود إنما يقع بعد الركوع، والركوع كما يطلق على السجود، السجود أيضاً يطلق على الركوع {ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا} [(154) سورة النساء] إيش المراد؟ ركعاً، نعم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذه غير {ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا} [(154) سورة النساء] في أحد يدخل مع الباب ساجد؟ {وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} [ص: 24] العكس، المراد به ساجداً، فيطلق هذا على هذا وهذا على هذا، فالمراد أنها –كما قال أكثر أهل العلم- المراد بإدراك جزء منها.
طالب:. . . . . . . . .
ويش يقول؟
طالب:. . . . . . . . .
الصحابي راوي الحديث والسجدة إنما هي الركعة، وذكر كلام الصحابي؟
طالب:. . . . . . . . .
(28/7)
________________________________________
إيه، هم أعرف بالحقائق، وفي الحقائق الشرعية أيضاً وردت الركعة ويراد بها السجدة والعكس {ادْخُلُواْ الْبَابَ سُجَّدًا} [(154) سورة النساء] يعني ممكن أن يدخل شخص وهو ساجد؟ ما يمكن، مستحيل، لكن يدخل راكع {وَخَرَّ رَاكِعاً وَأَنَابَ} [ص: 24] نعم حينما نقتدي به نركع فقط وإلا نسجد؟ نعم المراد سجد، فيطلق هذا على هذا وهذا على ذاك في حقائق شرعية بنصوص شرعية، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني لا بد أن يركع، ما تطلق ركعة أبداً إلا إذا كانت بسجدتيها وإلا ما تسمى ركعة.
يقول: "فإذا غابت الشمس فقد وجبت المغرب" يعني وجبت صلاة المغرب، دخل وقتها "ولا يستحب تأخيرها إلى أن يغيب الشفق" لأن جبريل أم النبي -صلى الله عليه وسلم- في اليومين بعدما وجبت الشمس، بعدما غابت الشمس، سقطت، بعدما غابت صلى به في اليوم الأول وفي اليوم الثاني، ولذا يذهب الشافعية إلى أنها ليس لها إلا وقت واحد يتسع لأدائها، لأداء ثلاث ركعات، ويتسع أيضاً للوضوء والاشتغال بشرطها كستر العورة ونحوه، يعني مدة ربع ساعة وقت المغرب، ثم يخرج، والجمهور على أن لها وقتين كغيرها من الصلوات؛ لأنه في حديث عبد الله بن عمرو وهو في الصحيح: ((فإذا غابت الشمس دخل وقت صلاة المغرب إلى أن يغيب الشفق)) فدل على أن الوقت يمتد لمدة ساعة وثلث أحياناً، وقد يصل إلى ساعة ونصف في بعض الأوقات، إلى أن يغيب الشفق، وصلاة العصر التي تقدمت على صلاة المغرب هي الصلاة الوسطى في قول أكثر العلماء، وعليها الأدلة الصحيحة الصريحة: ((شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر)) والحديث صحيح، ((شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر)) وأما الاستدلال لغيرها من الصلوات الباقية فهو كله إنما هو مجرد استنباط، وليس فيه شيء مرفوع، منهم من قال: الوسطى المغرب لأن قبلها صلاتين: الأولى الظهر، والثانية العصر، وبعدها صلاتين، وهي أيضاً وسطى بالنسبة لعدد الركعات ثلاث ليست باثنتين ولا أربع، ومنهم من يقول: إن الصلاة الوسطى هي الصبح، ومنهم من يقول: الظهر، ومنهم من يقول: العشاء، ولكل قول مأخذ، لكن الصواب من هذه الأقوال أنها العصر.
(28/8)
________________________________________
"ولا يستحب تأخيرها إلى أن يغيب الشفق" نعم الوقت يمتد إلى أن يغيب الشفق الأحمر، ولا يستحب تأخيرها إليه؛ لأن جبريل أم النبي -عليه الصلاة والسلام- في اليومين في وقت واحد، فدل على استحباب تقديمها في أول وقتها إلى أن يغيب الشفق.
"فإذا غاب الشفق وهو الحمرة" الشفق يطلق ويراد به الحمرة، وجاء هذا عن عبد الله بن عمر، وهو عربي قح، والحنفية يرون أنه البياض الذي يعقب الحمرة، والجمهور على أن الشفق هو الأحمر، والمؤلف جاء بكلام فيه شيء من التفصيل.
يقول: "فإذا غاب الشفق وهو الحمرة في السفر، وفي الحضر البياض" الآن الاحتياط في هذا التفصيل من المؤلف هل هو احتياط لصلاة المغرب أو لصلاة العشاء؟ لصلاة العشاء؛ لأنه لا يمكن الاحتياط للصلاتين معاً إلا إذا قلنا: إن صلاة المغرب تنتهي بمغيب الشفق الأحمر، وصلاة العشاء بالنسبة لصلاة العشاء الشفق الأبيض.
المقصود أنه يقول:
"فإذا غاب الشفق وهو الحمرة في السفر، وفي الحضر البياض" ثم بين ذلك بقوله: "لأن في الحضر قد تنزل الحمرة فتواريها الجدران" يعني ما يغيب الشفق الأحمر، لكن إذا نزل، نزلت الحمرة، واختفت وراء الجدران سارع الناس إلى صلاة العشاء، فصلوها قبل دخول وقتها، فلا بد من البياض، إذا خرج البياض جزمنا بأن الأحمر انتهى، فتواريها الجدران، "فيظن أنها قد غابت" يعني الحمرة "فإذا غاب البياض فقد تيقن" مغيب الأحمر من باب أولى؛ لأنه قبله "فقد تيقن، ووجبت عشاء الآخرة إلى ثلث الليل" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هو بياض يلي الشفق الأحمر، يعني قبل أن يسود الليل، قبل أن يأتي الظلام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
إلى أن تصفر الشمس؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا على ما جاء في النصوص يأثم، لكنها أداء، أداء نعم إلى أن تغرب الشمس.
(28/9)
________________________________________
فإذا غاب الشفق وجبت صلاة العشاء إلى ثلث الليل، في حديث إمامة جبريل وهو مخرج في السنن، صلى بالنبي -عليه الصلاة والسلام- اليوم الأول حينما غاب الشفق، وفي اليوم الثاني في ثلث الليل، فالمذهب على أن وقت الاختيار ينتهي بثلث الليل، وفي المذهب أيضاً رواية إلى النصف، وهو الذي يدل عليه حديث عبد الله بن عمرو صراحة: ((ووقت صلاة العشاء إلى نصف الليل الأوسط)) وهذا في الصحيح، كيف نصف الليل الأوسط؟ الاثنين فيهم أوسط، الثلاثة فيها أوسط، الخمسة فيها أوسط، السبعة فيها أوسط، لكن الاثنين فيها أوسط؟ الأربعة فيها أوسط؟ يقول: ((إلى نصف الليل الأوسط)) نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني صارت ثلاثة أنصاف، ثلاثة أنصاف يجي؟ يجي ثلاثة أنصاف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، نصف الليل الأوسط الذي تكون نهايته وسط الليل.
"فإذا ذهب ثلث الليل ذهب وقت الاختيار، ووقت الضرورة إلى أن يطلق الفجر الثاني" يعني على المذهب وقت الاختيار إلى ثلث الليل، ثم بعد ذلك يبقى وقت الضرورة وهو وقت أداء إلى أن يطلع الفجر الثاني، وعلى حديث عبد الله بن عمرو إلى نصف الليل الأوسط ينتهي الوقت، ويكون ما بين نصف الليل إلى طلوع الفجر فعلها فيه قضاء مثل الضحى، وقت لا يصلح لأي صلاة أداء، وعلى كلامه كلام المؤلف -رحمه الله- أنه يستمر الوقت، وتكون أداءً إلى أن يطلع الفجر الثاني، وهو البياض الذي يبدو، ويش عندك؟
طالب:. . . . . . . . .
أو يبدو من قبل المشرق ما في إشكال، نعم.
على كلامه لو أخر الصلاة إلى آخر الليل، لم يبق على طلوع الفجر إلا ربع ساعة، وقام صلى العشاء، يكون قضاء وإلا أداء؟ على كلامه أداء، لكن على حديث عبد الله بن عمرو قضاء.
يدل لما ذهب إليه المؤلف حديث: ((ليس في النوم تفريط، إنما التفريط من يؤخر الصلاة حتى يدخل وقت الصلاة الأخرى)) عموم هذا يدل لقوله لكنه مخصوص، نعم مخصوص دخله تخصيص، فيما بين طلوع الشمس إلى زوالها، هذا لا يمكن أن يقول أحد: إن صلاة الصبح تمتد إلى زوال الشمس، وما دام دخله التخصيص ضعفت دلالته على جميع الأوقات، فيبقى النص المفسر وهو حديث عبد الله بن عمرو أصح ما في الباب.
(28/10)
________________________________________
"إلى أن يطلع الفجر الثاني، وهو البياض الذي يبدو من قبل المشرق" يظهر من قبل المشرق "فينتشر" يميناً وشمالاً، بخلاف البياض الذي يسبقه وهو المعترض طولاً كذنب السرحان، هذا الفجر الكاذب، والذي ينتشر ينفجر في السماء هذا هو الفجر الصادق، ويحصل خلط واضطراب في معرفته ترتب عليه كلام طويل، وتشويش وتشكيك في دخول وقت صلاة الصبح، وتعاش آثاره في الأيام الأخيرة مما جعل بعض طلاب العلم يوجد في هذه المسألة إشكال واضطراب، وبعضهم يتخذ تقويماً لنفسه، وبعضهم لا يصلي مع المساجد التي تبادر بصلاة الصبح فيتأخر، وبعضهم يجعلها نافلة يصلي مع الناس، ثم يعيدها إلى كلام فيه اضطراب، وسببه الاختلاف في تحديد الصبح، وتحديد الفجر، ونقف عليه لعلنا أن .. ، بعض الإخوان لعله يحضر في المسألة ما يتيسر له من بحث يبين فيه حقيقة الأمر.
تشوف يا شيخ. . . . . . . . . تشوف لنا المسألة؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه جزاكم الله خيراً؛ لأن المسألة لغوية مع كونها شرعية هي لغوية.
هذا يقول: لو ذكرت شرحين أو ثلاثة يقتصر عليها لنخبة الفكر؟
معروف شرح الحافظ المؤلف، ولا شك أن صاحب الدار أعرف بما فيها، فشرحه مقدم على غيره، شرح المؤلف، وعليه حواشي، منها: شرح الملا علي قاري، ومنها أيضاً حاشية للمناوي، وحاشية أيضاً لعبد الله خاطر السمين، وكلها حواشي نافعة، هناك أيضاً شروح لقاسم قطلوبغا، وأكثرها استدراكات على المؤلف، ومنها أيضاً شروح معاصرة متأخرة لمشايخ تفيد في الباب، منها المطبوع، ومنها المسجل يستفيد منها طالب العلم.
يقول: لو تفضلت على التعليق على هذه المقولة يقول: "أقوال أهل العلم يحتج لها بالأدلة الشرعية ولا يحتج بها على الأدلة الشرعية"؟
(28/11)
________________________________________
هذه المقولة ظاهرة، يعني أنك إذا وقفت على حكم صدر من إمام فإنك لا تأخذه تحتج به على غيرك حينما يُطرح مسألة تقول: قال الإمام أحمد، الدليل على ذلك قول الإمام أحمد، والدليل على ذلك قول الإمام الشافعي، لا، لا يحتج بها، وإنما يحتج لها بالأدلة الشرعية، نعم قال الإمام أحمد كذا لقوله -عليه الصلاة والسلام- كذا، أو لقول الله -جل وعلا- كذا، هذا الأصل، لكن بعض الناس ليست لديه أهلية للاستدلال لأقوال أهل العلم والترجيح بينها، مثل هذا يقلد الأئمة، يقلد من تبرأ الذمة بتقليده، ولا يكون مثل بعض المتعصبة الذين يؤتى لهم بالدليل الصحيح الصريح في المسألة، ثم يقال: لكن المذهب كذا، لكن قول الإمام كذا، لكن الذي عليه العمل كذا، ومع الأٍسف أنه يوجد من بعض طلاب العلم مثل هذا، وإذا جيء له بالدليل قال: ولو، الإمام أحمد أعرف منا، ولا يخفى عليه مثل هذا الدليل، نقول: نعم، هو أعرف بلا شك، لكن ليس بالمعصوم، قد يخفى عليه الدليل، وقد يفهم من الدليل غير ما فهمت، وغير ما فهمه غيره، المقصود أن أقوال أهل العلم لا شك أن لها قيمة عند طالب العلم، وكثرتهم وتضافرهم على القول الواحد تورث هيبة لدى طالب العلم، لكن مع ذلك إذا وجد الدليل الصحيح الصريح لا يعارض به أي قول لكائن من كان.
(28/12)
________________________________________
يبقى أن المسألة التي يجبن الإنسان عنها في حالة ما إذا اتفق الأئمة الأربعة على قول، وهذه مسألة ذكرناها مراراً، وخالفهم الظاهرية مثلاً، وما بين يديك مما يتعلق بالمسألة يؤيد قول الظاهرية، والأئمة الأربعة كلهم على خلاف هذا القول، والدليل الظاهر الذي بين يديك مما يؤيد قول الظاهرية، فهل تقول العبرة بالدليل ولو خالفه من خالفه كائناً من كان كما هو الأصل؟ وهذا هو الأصل، وترجح حينئذٍ قول الظاهرية ولو لم يقل به أحد من الأئمة المعتبرين، أو تقول: هؤلاء الأئمة اتفاقهم مع اتفاق أتباعهم على مر القرون يدل على أن لهم دليلاً لم أقف عليه، فيكون في هذا اتهام للنفس بالتقصير، وليس اتهاماً للأئمة بمخالفة الدليل، هذا لا شك أن اتفاق الأربعة يورث عند طالب العلم هيبة لا سيما وأن لهم أتباع حرروا مذاهبهم ونقحوها، وفيهم من له عناية بالسنة من هؤلاء الأتباع، ولذلك لا يترددون في ترجيح الأقوال الأخرى على قول إمامهم، يعني عُرف هذا في الشافعية كثير، ترجيح أقوال الأئمة الآخرين على قول الشافعي لظهور الدليل في هذه المسائل، ومع ذلك اتفقوا مع إمامهم مع الأئمة الثلاثة الآخرين على ترجيح هذا القول، وتواطئوا عليه، ولا يعرف لهم مخالف إلا أهل الظاهر، فهل نرجح قول أهل الظاهر لأن الدليل معهم الذي بين أيدينا الذي وقفنا عليه، أو نقول: إن تواطؤ هؤلاء الأئمة لا يمكن أن يحصل من غير دليل؟ بل لهم دليل علنا لم نقف عليه، ونتهم أنفسنا بالتقصير؟ لا شك أن تضافر الأئمة مع أتباعهم إلى يومنا هذا يورث للقول هيبة، أما لو وجد قول لواحد من هؤلاء الأئمة الأربعة ومعه ظاهر الدليل فلا نتردد في ترجيحه على غيره، اتفاق الأئمة الأربعة على قول مع أتباعهم، ما يعرف ولا واحد من الأتباع خالفهم، يعني الحنابلة فيهم أئمة محققون، يعني لو أن قول الإمام أحمد ومشى عليه شيخ الإسلام وابن القيم، وأئمة التحقيق ممن جاء بعدهم، والإمام الشافعي أيد قوله الحافظ البيهقي والذهبي والنووي، وابن المنذر وغيره ممن يعتني بالدليل، لا شك أن مثل هذا له هيبة، وأبو حنيفة ووافقه صاحباه، ومالك وافقه أهل بلده عليه، مثل هذا لا شك أنه يجعل الإنسان يراجع نفسه، ويزيد في البحث.
(28/13)
________________________________________
وذكرت أني سألت الشيخ ابن باز -رحمه الله- عن هذه المسألة وقال: يرجح قول الظاهرية ولو لم يوافقهم أحد، إذا كان قولهم هو الموافق للدليل، وبسطت له المسألة، وقلت له: لعل للأئمة أدلة ما اطلعنا عليها، من تقصيرنا وقصورنا، قال: ولو كان ما دام الدليل معهم قولهم هو الراجح، وهذا هو الأصل الذي لا ينبغي أن يحاد عنه، لكن المسألة ليست اتهام للأئمة أنهم رجحوا قولاً بغير دليل بقدر ما هو اتهام للنفس في التقصير في البحث، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
إحنا ما عندنا إشكال، لكن افترض أن هذه المسألة وجدت، يعني الدليل ظاهر في الوجوب أمر صريح، وعامة أهل العلم على الاستحباب، ولم نجد صارف، لم يقل به إلا أهل الظاهر، ما قال بالوجوب إلا أهل الظاهر، ويش ترجح؟ ما وجدنا صارف، نعم؟
طالب: الدليل.
هذا الأصل نرجح الدليل، لكن هل هذا مجرد اتباع للدليل بقدر ما هو استرواح وميل إلى قول الأئمة؛ لأنه لا يمكن أن يتواطئوا على مثل هذا بغير صارف، وقد يكون الصارف خفي بالنسبة لطالب العلم، يعني على ما قرروه في قواعدهم، لكنه يخفى، أحياناً في بعض الأبواب يوجد الصارف لا يلوح لكل باحث.
طالب:. . . . . . . . .
ما يمكن، ما يمكن، مستحيل، مستحيل، قد يقفون على الدليل ويفهمونه غير ما فهمه غيرهم، وهذا أمر كثير يعني في كتب الخلاف كثير يعني تجد الدليل صريح في الأمر، صريح في النهي، ومع ذلك لا يقول بالوجوب إلا الظاهرية أو لا يقول بالتحريم إلا الظاهرية، وعامة أهل العلم على أنه للاستحباب أو للكراهة، ما الصارف؟ ما وجدنا صارف، دعنا ممن يؤتى له بالحديث الصحيح الصريح من صحيح البخاري، ويقال له: هذا الدليل يدل على المسألة، المسألة وقعت عند قاضي من القضاة، فيقول: لا، أبداً، هذا المذهب وعليه العمل، وعليه أئمة الدعوة، وعليه كذا، ما يكفي يا أخي، أنت ملزم بنص، نحن نتعبد الله -جل وعلا- بما جاء عنه في كتابه أو على لسان نبيه -عليه الصلاة والسلام-، أو بالعمومات والقواعد التي تستند إلى ما جاء عنه وعن نبيه -عليه الصلاة والسلام-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كلهم يتمسكون بدليل واحد، كلهم، هؤلاء يقولون بالاستحباب، وهؤلاء يقولون بالوجوب.
(28/14)
________________________________________
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
كلاهما، إيه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذا هو الصواب عند عامة أهل العلم، وهو الصحيح عند الجمهور.
طالب:. . . . . . . . .
لا، نقول: معهم، ما دام قرر أهل العلم الذين يخالفونهم قرروا أن الأصل في الأمر الوجوب فالدليل معهم، لماذا خالفوا ما قرروه؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم هات الصارف.
طالب: بدون صارف.
لا لا، بدون صارف لا، لا لا، الأصل الوجوب.
طالب:. . . . . . . . .
لا، إحنا ماشين على قولهم، ما خالفناهم في أصل تقعيدهم، على ما قعدوه، وعلى ما قرروه، أنت تناقش شخص قرر هذا الأمر أن الأصل الوجوب، وقال: الأمر للاستحباب، وما عنده صارف، ويش تقول؟
طالب:. . . . . . . . .
دعنا من كلمة اتفقوا وإلا ما اتفقوا، إحنا نناقش شخص يقول: الأصل في الأمر الوجوب، وقال بالاستحباب، وبحثنا عن صارف ما وجدنا، ويش تقول؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، قد يكون عنده صارف لم نطلع عليه؛ لأن الصوارف لا يلزم أن يكون وضوحها مثل وضوح الشمس لا، عندهم صوارف يستروحون إليها، ويميلون إليها، بشم ما جاء في الباب؛ لأن الأئمة ما ينظرون إلى المسائل بمفرداتها بقدر ما ينظرون إلى ما جاء في جميع الباب، أهل الاطلاع وأهل الاستقراء لهم طريقة في الاستدلال تختلف عن طلاب العلم والمبتدئين أو أناس ما هم من أهل الاطلاع الواسع.
طالب: لو جاء إمام من الأئمة وقال: إن هذا الأمر يحمل على الندب وليس له صارف، نقول له: أنت نقضت القاعدة التي قعدتها، فمن الممكن أن نرد عليه أن لكل قاعدة شواذ ففعلاً الأصل في الأمر الوجوب لكن في هذه المسألة بعينها ....
إيه، لا بد أن يكون صارف، لا بد أن يوجد صارف، على شان نقول: إنه في هذه المسألة بعينها لا نحمله على الوجوب وإلا صار تحكم.
يقول: هل يجوز تعليل الأحكام بالخلاف؛ لأنه كما يقال: تعليلها بذلك علة باطلة في نفس الأمر؛ لأن الخلاف ليس من الصفات التي يعلق الشارع بها الأحكام في نفس الأمر، وإنما ذلك وصف حادث بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- وليس يسلكه إلا من لم يكن عالماً بالأدلة الشرعية في نفس الأمر لطلب الاحتياط.
(28/15)
________________________________________
يعني حينما يقال: الحكم الاستحباب خروجاً من خلاف من أوجبه فقط، خروجاً من خلاف من أوجبه، أو الحكم الكراهة، خروجاً من خلاف من حرم، وإلا فالأصل أن المسألة عارية عن الدليل، يكفي هذا وإلا ما يكفي؟ يعني كون الإنسان يتورع غير كونه يصدر حكم يزعم أنه حكم الله في هذه المسألة، أهل العلم يقولون: إذا وجد تحريم من أهل العلم فإن هذا يورث انكفاف عن الفعل، ولا يكون ذلك حكم شرعي، فالإنسان من باب الاستبراء للدين وترك الشبهات يترك هذا العمل الذي قيل بتحريمه.
يقول: إذا كان لا ينسب لساكت قول فكيف يقال: المقيس على كلام الإمام أحمد على الصحيح من المذهب، ذكره في الإنصاف، ويقول الماوردي -وهو المرداوي- في الإنصاف، أضف إلى ذلك اختلاف وجهات النظر بين المقيس والمقيس عليه، وهذا أمر مشاهد.
ما هي باختلاف وجهات نظر، ما تكون اختلاف وجهات نظر، يعني إذا كان الاختلاف بين المقيس والمقيس عليه إذا لم يكن هناك علة تجمع بينهما وجد الاختلاف بين المقيس والمقيس عليه.
على كل حال التخريج على المسائل المنصوصة معروف في المذاهب كلها، وفرق بين أن يقال: نص عليه أو ذكره، أو قال الإمام أحمد، وبين أن يقال: هذا المذهب، نعم يعني يكون من باب التخريج لا من باب النص.
يقول: هل صحيح أن المراد بالضعيف عند الإمام أحمد هو قسيم الصحيح، وقسم من أقسام الحسن لا أنه المردود، كما ذكر ابن القيم في أصول الإمام أحمد -رحمه الله-، فأشكل علي هل هذا الضعيف هو المقرر في كتب المصطلح، فيكون إطلاق الضعيف عند أحمد باصطلاح خاص للإمام على خلاف ما قعده المتأخرون، ولا مشاحة في الاصطلاح، ويؤيد هذا وجود أحاديث ضعيفة في المسند، واحتجاج الإمام أحمد بالضعيف؟
(28/16)
________________________________________
أولاً: شيخ الإسلام -رحمه الله- هو الذي قرر أن مراد الإمام أحمد بقوله: إنه يحتج بالضعيف في فضائل الأعمال، بخلاف الأحكام، شيخ الإسلام ما يرى الاحتجاج بالضعيف في الفضائل كالأحكام، وكذلك ابن القيم، فأرادوا أن يوجهوا كلام الإمام -رحمه الله- بما يناسب ما اختاروه، فقال شيخ الإسلام: إن مراد الإمام أحمد بالضعيف هو ما اصطلح عليه المتأخرون بكونه حسن، وذكرنا أن لنا على هذا الكلام ملحظين؛ لأن شيخ الإسلام يقول: إن الحسن لا يعرف قبل الترمذي، وهو معروف قبل الترمذي، وهو معروف في اصطلاح الإمام أحمد، وأيضاً في طبقة شيوخ الإمام أحمد معروف، معروف يعني قبل الإمام أحمد، وهو في عصر الإمام أحمد، نعم الترمذي أول من شهره، وأكثر من ذكره، كونه معروف معروف.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
(28/17)
________________________________________
مسألة الحسن إطلاقه عند المتقدمين والمتأخرين فيه إشكال كبير جداً، حتى قال الحافظ الذهبي: إنه لا مطمع في تمييزه لا عند المتقدمين ولا عند المتأخرين، الحسن، فيه وعورة، وفيه صعوبة، يعني تطبيقه على الواقع من خلال تنظير الأئمة فيه صعوبة شديدة، والسبب أنه في مرتبة متأرجحة بين الأمرين، فالناظر قد يستروح إلى أنه يقرب من الصحيح، أو يقرب من الضعيف فهذا فيه مسافة بعيدة، المقصود أن قول شيخ الإسلام في توجيه كلام الإمام أحمد في كونه لا يعرف قبل الترمذي هو معروف قبل الترمذي، وكونه -رحمه الله- يريد بالضعيف الحسن في اصطلاح الترمذي ومن جاء بعده، نقول: هذا كلام ليس بصحيح، لماذا؟ لأنه يترتب عليه أن الإمام أحمد لا يحتج بالحسن في الأحكام، إذا قلنا: إن الحسن هو الضعيف، وقال: أنا لا أحتج بالضعيف الذي هو الحسن في الأحكام يترتب عليه أنه لا يحتج بالحديث الحسن في الأحكام، وهذا ما قال به أحد، يعني بالنسبة لمذهب الإمام، وإلا وجد من لا يحتج بالحسن مطلقاً، كأبي حاتم وأبي زرعة، وهو المعروف من منهج البخاري ومسلم يعني على طريق الإلزام من دون نص، وهو أيضاً اختيار ابن العربي وجمع من أهل العلم، عدم الاحتجاج بالحسن مطلقاً، لكن يبقى أننا لو قلنا: إن الضعيف عند الإمام أحمد هو الحسن، وهو لا يحتج بالضعيف في الأحكام، إذاً لا يحتج بالحسن في الأحكام، وهذا ما هو معروف في مذهب الإمام -رحمه الله-.
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
ويش يسوي؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه نعم، الاستقراء التام ما في شك أنه يوضح المقصود إذا اطرد، لكن إذا رأيته مرة يقول: لا أحتج به، ومرة قال: أحتج به، ويش تسوي؟ ماذا تصنع؟ سئل عن فلان قال: حسن الحديث، أتحتج به؟ قال: لا، ترى علم الحديث ما هو من السهولة بحيث يتطاول عليه صغار المتعلمين، يحتاج إلى عمر، يحتاج إلى تعب شديد، يعني ابن أبي حاتم سأل أباه عن أربعين راوٍ في الجرح والتعديل، فقال: أدخله البخاري في الضعفاء، فقال: ينبغي أن يحول، قلت: أتحتج به؟ قال: لا، وين يحول؟ إلى أين يحول؟ بيحوله عن الضعفاء ولا يحتج به، وين يصير؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
من إيش؟
(28/18)
________________________________________
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا لا، هو أخف من الضعيف، الضعيف في المتابعات يمشي، إذا كان الضعف غير شديد، لا، لا في هناك قواعد ما تلوح للمتوسط، ولا لكثير من طلاب العلم، تحتاج إلى عناء وتعب، وكثرة مزاولة، وتطبيق ونظر في كلام أهل العلم، ومقارنة بين التقعيد والتطبيق، يعني النظر إلى القواعد مع مواقع الاستعمال، فهذا هو الذي يحل الإشكال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، عند الترمذي هذا حديث جيد حسن.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما أخص تعريف.
أولاً: مثل هذه المصطلحات التي أوقعت في إشكال كبير لا سيما عند الترمذي، يعني حسن صحيح فيه بعضة عشر قولاً لأهل العلم تدري؟ من يحتاج إلى تتبع مثل هذا الكلام؟ يحتاجه من أراد أن يقلد الترمذي، والذي يريد أن ينظر في الأسانيد ولديه الأهلية، ويحكم بما يليق بها، ما يحتاج إلى أن يقف عند هذه الاصطلاحات، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم، ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟
طالب:. . . . . . . . .
ما انتبهت؟ أنت صاحب الشأن ولا تنتبه.
أقول: هذه الاصطلاحات إنما يقف عندها ويستشكلها من أراد أن يقلد الترمذي ويأخذ قوله، على شان يفهم كلامه يقلده، لكن افترض أن كتاب الترمذي مثل كتاب ابن ماجه، ما فيه شيء يسرد الأحاديث فقط، ما في أحكام، ننتظر الترمذي حتى يحكم أو ننظر في الأسانيد بالطرق المتبعة عند أهل العلم ونقارن بين قوله وقول غيره من أهل العلم، ونحكم على كل حديث بما يليق به؟ فقد يصححه ونضعفه أو العكس، أقول: من يحتاج إلى تتبع مثل هذه الاصطلاحات التي أوقعت في إشكالات كثيرة؟ الترمذي إمام على العين والرأس، ما أحد يقدح في إمامته، لكن مع ذلك غير الصحيحين ما في شك أن النظر فيه مجال، وكم من حديث صححه الترمذي وضعفه غيره والعكس، وإن كان العكس قليل ونادر، لكن يبقى أن النظر فيه مجال، وأقول: ليس هذا الكلام لآحاد طلاب العلم أن يتطاولوا على الأئمة وعلى أحكامهم، بل هذا للمتمكن، وأما والله يقول: صححه البخاري وأبو حاتم وفلان وفلان والدارقطني، وهو عندي ضعيف، من يقول هذا الكلام أو العكس؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
(28/19)
________________________________________
قول من أقوال الأئمة قوي، صححه الإمام الترمذي، سأل الترمذي البخاري وقال: ضعيف، حسنه أحمد ننظر بين هذه الأقوال، كلهم أئمة، ويبقى الحكم لما أمامنا من الإسناد، وما يشهد له وما يعارضه كلها محل اعتبار، الذي يوافقه ويشهد له ويقويه والذي يعارضه ويضعفه، يعني قول الترمذي: هذا جيد حسن، يعني أطلقها في مرات يسيرة مرتين أو ثلاث، يعني في كتاب الطب مرة، ومرة في كتاب نسيت والله، لكن قالوا: إنها تعني تقوية للحديث، إلا أنها أنزل من كلمة صحيح، جيد حسن أنزل، كما قال الحافظ ابن حجر: إلا أنها عند الجهبذ بعد النظر أنزل من كلمة صحيح، وإن كانت تفيد قوة الحديث.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك ...
(28/20)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الصلاة (2)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
هذا يقول: إنه شاب مصري حزين حديث التزام بشرع الله وسنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولو في الظاهر، يقول: نسأل الله أن يسترنا، ولكنه واقع في مشكلة كبرى، ولا يجد لها حلاً، ألا وهي أن أباه هداه الله لا يصلي، ولا يفعل شيئاً مما افترض الله عليه إلا نادراً، بل يظهر منه المعاصي ليس إلا، وأنا لا أستطيع بره، بل أجد في قلبي مشاعر سلبية تجاهه، وقد كنت ممن يعتقدون كفر تارك الصلاة، ثم طلبت العلم على يد شيخ سلفي، وهو على مذهب الجمهور في عدم كفر تارك الصلاة كفراً أكبر.
والسؤال الآن: هل علي إثم ومؤاخذة إن لم أستطع محبته، فما أراه منه يقف حائلاً بيني وبين محبتي له، فإن كان أبي فإنه يخطئ في جناب ربي.
السؤال الآخر: كيف أستطيع بره؟ وأي السبل أطرق؟ ثم يطلب الدعاء لأبيه مؤكداً ذلك بالاستحلاف.
هذه المشكلة لا شك أنه يعاني منها كثير من الشباب في الأوقات المتأخرة، في السابق لا يذكر من كبار السن من هو بهذه المثابة، وإنما الآباء هم الذين يعانون من أولادهم، والآن مع كثرة المغريات والصوارف ومع وجود الإقبال أيضاً من قبل الشباب حصل العكس.
(29/1)
________________________________________
على كل حال كون الأب بهذه الصفة وكونك تبغضه ولا تحبه من أجل ما يرتكبه ويجترمه من منكرات، وترك للواجبات، هذا هو الأصل، والذي ينبغي أن يبغض في الله، وأوثق عرى الإيمان الحب في الله والبغض في الله، وإذا كان الرجل لا يصلي أو لا يحرص على الصلاة هذا أمره عظيم، وشأنه خطير، والمفتى به والذي عليه الدليل أنه يكفر إذا كان لا يصلي ((العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)) ولا يجوز أن يدعى له لا بمغفرة ولا برحمة، بل يبغض مثل هذا، نعم يدعى له بالهداية، ويسعى إلى هدايته بقدر الإمكان، وشتى الوسائل والطرق المناسبة، بالصلة أحياناً، وبالهجر أحياناً إذا رآه أجدى، المقصود أنه لا بد من دعوته، وله عليك حق كبير، هو أولى الناس ببرك وإحسانك، وأعظم البر والإحسان أن يهديه الله على يديك، فاحرص على هدايته مع كونك تبغضه في حاله الراهنة، وبغض أهل المعاصي والمنكرات لا شك أنه مطلوب، فضلاً عن أن تكون هذه المنكرات والجرائم مكفرة ومخرجة عن الملة، نسأل الله السلامة والعافية.
كيف أستطيع بره؟ وأي السبل أطرق؟
اطرق سبيل الدعوة، واسلك سبيل التأليف بالأسلوب المناسب بالصلة، بدعوة من تراه مؤثراً عليه على كل حال هناك سبل كثيرة وطلاب العلم فيهم خير -إن شاء الله- في بلدك، وسوف تجد من يعينك على هذا -إن شاء الله تعالى-.
وأما بالنسبة للدعاء: أستحلف بالله أن تدعو لأبي ولي.
على كل حال نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق والثبات والسداد.
هذا يسأل عن حكم راتب التقاعد؟
هذا أجبنا عليه في درس مضى.
يقول: هناك بعض الأدوية والعقاقير قد تسبب اضطرابات في الدورة، وتنزل في غير موعدها، هل نقول: إنه حيض مع العلم أنه نفس صفة الحيض، ونترك الصلاة من أجله، أم ماذا؟ علماً أنه قد ينزل عليها الدم في نفس الشهر مرة أخرى، وهذا ما يشكل؟
إذا كان ينزل عليها الدم مرة أخرى في وقت الدورة فلا تلتفت إلى هذا، لا تلتفت إلى ما عداه، وإن كان ينزل مرة واحدة في الشهر إلا أنه أحياناً يتقدم أو يتأخر فهو عادتها إذا كانت مميزة وبصفاته.
ولا توطأ مستحاضة إلا أن يخاف على نفسه العنت، هذا من فرنسا هل هذا خاص بالرجال أم أنه عام للرجال والنساء؟
(29/2)
________________________________________
يعني إذا خافت على نفسها وهي مستحاضة تطلب من زوجها أن يقضي شهوتها، هذا عام للرجال والنساء، والنساء شقائق الرجال.
قد يقول: الدم الذي يخرج من الحامل قد يكون نقطاً يسيرة قبل الولادة بيوم أو يومين أو ثلاثة، هل تترك الصلاة من أجله، ويكون من النفاس أم أنه دم فساد؟
إذا كان متصلاً بالولادة فهو نفاس، وإذا انقطع عنها فليس بشيء؛ لأن الحامل لا تحيض.
هذه طالبة علم تقول: تعاني من كدرة تختلف من حين لآخر في كثرتها وقلتها، وفي لونها، وأنها معتادة عليها في كل شهر قبل نزول الدورة بثلاثة أيام، وأحياناً يومين، وأحياناً يوم واحد، علمنا أنه إذا نزلت الدورة تكون مصحوبة بآلام، وهذا ينزل قبل الدورة اعتدت عليه من سنين تقارب العشر، فهل أترك الصلاة والصيام؟
إذا كانت الدورة كاملة بعد ما تمضي هذه الثلاثة الأيام أو اليومين أو اليوم ينزل عليها الدم المعتاد، ويستوعب المدة التي كانت تحيضها فلا تلتفت إليه؛ لأنه في غير وقت العادة، فلا يلتفت إليه.
الكدرة والصفرة التي تسبق الدورة تعتبر من الحيض؟
إذا كانت قبل الدورة بقين فليست من الحيض، وكذا إذا كانت بعد الدورة.
اللولب إذا وضعته المرأة قد ينزل منها الدم لمدة يومين أو ثلاثة أيام أو أكثر ما حكم هذا الدم؟
إذا كان في غير وقت الدورة وقت العادة فلا شك أنه من أثر هذه الآلة التي ركبت، ولها أثر يعرفه النساء، ومعروفة أنها قد ينزل معها دم، لكن لا يلتفت إليه ما لم يكن في وقت العادة.
هذه تقول: هل السائل الذي ينزل من المرأة أبيض كان أم أصفر طاهر أم نجس؟ وهل يجب فيه الوضوء مع العلم أنه ينزل مستمراً؟
إذا كان ينزل من مخرج البول فهو نجس بلا إشكال، إن كان مجرد رطوبات يفرزها الرحم فهذه مختلف فيها، والأظهر القول بنجاستها؛ لأن ما يخرج من الفرج حكمه النجاسة باستثناء المني فقط.
يجب فيه الوضوء؟
نعم يجب فيه الوضوء.
مع أنه ينزل مستمر؟
إذا كان ينزل مستمر بحيث لا يتوقف فحكمها حكم من حدثه دائم، تتوضأ لوقت كل صلاة، وتتحفظ وتصلي، ولو كان وقت النزول.
ما الحكم إذا كان متقطعاً علماً أن بعض النساء يقلن: إن ذلك رطوبة ولا يلزم منه الوضوء؟
(29/3)
________________________________________
إذا كان رطوبة إذا كانت بمثابة العرق من خارج الفرج نعم ما يلزم منه الوضوء، أما إذا كانت من داخله فيلزم منه الوضوء.
تقول: فيه مشقة شديدة إذا لزم من ذلك الوضوء لكل صلاة؟
لا مشقة في ذلك كالمستحاضة، وكمن به سلس بول ونحوه.
يقول: إذا توضأ الإنسان ومسح على الخفين وأثناء مدة المسح خلع خفيه قبل صلاة العصر مثلاً فهل يصلي وتصح صلاته أم أن وضوءه ينتقض بخلع الخفين؟
لا نقول: إنه توضأ وضوءاً كاملاً، ولا نقول: إن وضوءه انتقض، الآن إذا أراد أن يصلي بهذه القدم التي كان عليها خف ممسوح ثم خلعه هو يصلي بقدم لا مغسولة ولا ممسوحة، كمن توضأ ولم يغسل رجليه.
هذا من ليبيا يقول: هل يجوز للرجل أن يجامع زوجته في آخر يوم من الدورة قبل أن تغتسل من الحيض؟
لا، لا بد أن تغتسل من الحيض {حَتَّىَ يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ} [(222) سورة البقرة] لا بد من التطهر.
ما حكم المسح على الجوارب إذا كان يصف البشرة؟
إذا كان يصف البشرة ما ظهر من محل الفرض فرضه الغسل، وإذا كانت ترى فهي ظاهرة ففرضها الغسل.
يقول: ما حكم شراء الذهب من المحلات عن طريق الشبكة أو بالتقسيط؟
عن طريق الشبكة إذا كان يتحقق فيه التقابض حكم شراء الذهب إذا كان بالذهب فلا بد من التماثل والتقابض، وإذا كان بغيره من العملات سواءً كانت ورقية أو فضية فإنه لا يلزم التماثل، وإنما يلزم أن يكون يداً بيد، فلا يجوز بالتقسيط ألبتة.
إذا طهرت الحائض وقت العصر هل تلزمها صلاة الظهر مع العصر أم أنه لا يلزمها سوى العصر؟
يأتي في درس اليوم -إن شاء الله تعالى-.
يقول: لم أحضر الدرس السابق، ولكن عندي سؤال لا أدري إذا مر فيه: إذا كانت امرأة بالغة أصابتها الجنابة، وأرادت رفع هذا الحدث، فصبت ماءاً داخل إناء كبير، وانغمست فيه، ورفعت عنها الجنابة هل يوجد حجم خاص لهذا الإناء الذي انغمست فيه لرفع الحدث؟ يعني هل يشترط ألا يكون أقل من قلتين، وماذا إذا كان الإناء كبيراً جداً، ويدخل في ذلك المسبح مثلاً، هل إذا سبحت بمسبح بنية رفع حدث الجنابة صار ماء هذا المسبح لا يرفع الحدث؟
(29/4)
________________________________________
هذه المسألة سبق، تقدمت بالتفصيل، ويجمع المذاهب كلها النهي عن الاغتسال في الماء الدائم، لا يجوز الاغتسال في الماء الدائم.
وهل يرفع الحدث أو لا يرفع الحدث؟ معروف أن مذهب الإمام مالك أنه يرفع الحدث، وعند الحنابلة والشافعية إذا كان دون القلتين لا يرفع الحدث، فلا بد من أن يكون كثيراً، وأن يغترف منه اغترافاً، لا ينغمس فيه.
يقول من قبرص هذا: نريد أن نسمع رأيكم في النفساء هل لها أن تقرأ القرآن وتمس القرآن؟
لا، ليس لها أن تقرأ القرآن كالحائض والجنب، بعض أهل العلم يقول: إذا طالت بها المدة، وخشيت أن تنسى القرآن كالحائض والنفساء أن لها أن تقرأ، وأما مسه فلا يجوز.
يقول: هل المستحاضة تغتسل لكل صلاة أم تتوضأ فقط؟
تتوضأ لكل صلاة.
ومن به سلس البول هل له حكم المستحاضة أم يختلف؟
نعم له حكم المستحاضة.
وهل عليه أن يغير ملابسه عند كل صلاة؟
إذا تحفظ وأمن من وصول النجاسة إليها لا يلزمه تغييرها، وإذا لم يتحفظ ووصلت إليها النجاسة فلا بد من تغييرها أو غسلها.
أم سهلة من فرنسا تقول: ما حكم نزول الدم من المرأة بعد الاغتسال مباشرة؟
إذا كان هذا الاغتسال بعد رؤية الطهر، بعد رؤية القصة البيضاء فلا أثر له، وإن كان قبل ذلك فهو من الحيض إذا كان متصلاً به.
هذا يقول: ما معنى قولهم: "أعلى ما في الكتب الستة الثلاثيات" ماذا يقصد بالحديث الثلاثي هنا؟
الحديث الثلاثي الذي يكون بين المصنف وبين النبي -عليه الصلاة والسلام- من الرواة ثلاثة فقط، كما يقول البخاري -رحمه الله-: حدثنا المكي ابن إبراهيم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع، ثلاثة، هذه أعلى ما في البخاري، وعدتها اثنان وعشرون حديثاً، خمسة عشرة منها بهذا الإسناد الذي ذكرته.
وما معنى قولهم: أنزل حديث عند البخاري: ((ويل للعرب من شر قد اقترب))؟
(29/5)
________________________________________
هذا حديث تساعي، بين البخاري وبين النبي -عليه الصلاة والسلام- تسعة، هذا أنزل ما في صحيح البخاري، والكتب الستة فيها ثلاثيات كالبخاري والترمذي وابن ماجه، أما مسلم فليس فيه شيء، وكذلك النسائي من باب أولى، وأما سنن أبي داود ففيه حديث أبي برزة في الحوض، يختلفون فيه هل هو ثلاثي أو رباعي؟ والقول المحقق أن الموقوف منه ثلاثي، والمرفوع الذي هو في الحوض رباعي؛ لأن فيه رجل لم يسم.
يقول: ما رأيكم في طبعة دار طيبة لفتح الباري؟
أقول: طبعة طيبة هذه التي بتحقيق نظر الفريابي.
إي طبعة بذل فيها جهد واضح، وفيها تصحيح وتعليق على بعض المسائل العقدية التي لا توجد في الطبعات السابقة، فينتفع منها طالب العلم، ولا أقول: إنها بلغت الغاية.
ماذا عن كتابكم مناهج شروح الأحاديث؟
هذا ما زال مفرغ، ويحتاج إلى إعادة نظر، وعندنا تفريغات كثيرة، يعني فرغ من قبل جمع من طلاب العلم، ولعل الله ييسر الوقت لإعادة النظر فيه، وهو قابل للزيادة؛ لأنه مختصر جداً، يناسب دورة، وهو في ستة أشرطة، في دورة في أسبوع، لكنه سارت به الركبان، وانتفع منه طلاب العلم كما يقولون.
يقول: ما قولكم في امرأة أمرها الأطباء بترك العمل ولزوم الراحة لأجل الحمل، فخالفت فأسقطت جنيناً ميتاً في الشهر الخامس؟
أما كونها خالفت وغلب على ظنها أنه لا يسقط، وقد اعتادت مثل هذا الحمل، فمثل هذا وعملت بغلبة ظنها ما عليها شيء، أما إذا كانت اعتادت أنها لو تحركت أو عملت سقط الجنين، أو هذا الجنين الأول، وأخبرها أكثر من طبيب ثقة بأنه إذا عملت أو تحركت أو أكثرت العمل أنه يسقط، فإنها حينئذٍ تكون متسببة في إسقاطه، فهي آثمة بهذا، لا سيما وأن له خمسة أشهر، يعني نفخت فيه الروح.
في حملها الثاني انكبت على وجهها قصداً من آلام البطن، فغلبتها عينها وهي كذلك، ولدت بعد أربعة جنيناً ميتاً، قال الأطباء: إنه مضى على موته أربعة أيام، أي من تاريخ موته يوافق تلك النومة، وهي في شهرها الثامن.
(29/6)
________________________________________
أيضاً هنا تكون مفرطة ومتسببة في قتله، فهي آثمة عليها التوبة والاستغفار، وإن أعطت الوالد، والد الجنين دية هذا الجنين باعتبار أنها أسقطته، وغلب على ظنه أنها هي الجانية ديته غرة، يعني عشر دية أمه، الآن تقدر بخمسة آلاف، وإن عفا عنها فالأمر لا يعدوه.
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، ما تلزمه الكفارة، الجنين ما في كفارة، ما لم ينفصل حياً ما في كفارة.
يقول: سمعتك تقول: إن الراتب التقاعدي أبيح من حيث أنه من بيت المال، وما سواه فهو ربا، فهل التأمينات الاجتماعية التي يدفع لها موظف الشركات حلال أم حرام؟ علماً أن كثيراً من الناس يتعاملون مع التأمينات الاجتماعية؟
على كل حال المسائل التي يلزم عليها الإنسان، يلزم بها، ولا اختيار له في ذلك، فالمكره حكمه معروف في الشرع، لكن في حال الاختيار لا يجوز له أن يتعامل بهذه التأمينات، وهناك أمور، يعني هي تأمينات، وإن كان الناس يتعاملون بها على أنها ضمان، يسمونها ضمان، يعني يكون لهذا الضمان وقع في السعر، في القيمة، جوال مضمون يزيد سعره، هذا تأمين ذا، سيارة مضمونة الزيادة لها وقع في القيمة الأصلية هذا تأمين أيضاً في مقابل إصلاح الخلل الذي يكون في المدة المحددة، والله المستعان.
(29/7)
________________________________________
وحقيقة يعجز الإنسان عن تخريج عقود الصيانة أيضاً، عقود الصيانة التي تفعل الآن بغير نكير في جميع الشركات والمؤسسات الحكومية وغيرها عقود صيانة يتداولونها بما في ذلك الجهات الشرعية، وبالفعل أنا عاجز عن تخريجها، والله المستعان؛ لأن عقد الصيانة يتفق مع الشركة على مبلغ معين، ثم بعد ذلك مقابل هذا المبلغ مجهول، يعني هذا المسجد يتفق مع وزارة الشئون الإسلامية مع شركة أن هذا المسجد بخمسة آلاف مثلاً في السنة، الشركة تمسك هذا المسجد على افتراض بخمسة آلاف، ويحتاج هذا المسجد خلال السنة الكاملة قد يحتاج ألف، وقد يحتاج عشرة آلاف، يعني أليس الأمر كذلك؟ هذا غرر وإلا جهالة وإلا إيش؟ وهذا شيء يسير يمكن اغتفاره وإلا ما يمكن؟ فرق كبير، يعني يمكن هذه اللمبات ذي كلها ما يخرب منها شيء، ولا مكيفات، ما يحتاج شيء إلا أجرة العامل، وقد يحتاج إلى أمر عظيم، يشب به حريق وإلا شيء ثم تكلف الصيانة خمسين ألف، فمثل هذه الأمور أنا حقيقة عاجز عن تخريجها، وهي الآن متداولة بين الناس من غير نكير، بما في ذلك الدوائر الشرعية.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا كل شيء على الشركة، على الشركة نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الشيء اليسير المغتفر لا إشكال فيه.
طالب: لكن -عفا الله عنك- مثل ضمان هذه الأجهزة إذا صارت تمنحها الشركة الصانعة منحة منها.
بدون مقابل.
طالب: بدون مقابل.
يعني إذا كانت السيارة مثلاً مضمونة بمائة ألف وغير مضمونة بثمانين ألف، هذا لا شك أن له وقع في الثمن، بعشرة آلاف له وقع في الثمن، لكن إذا كان يقول لهم: بمائة ألف تبي ضمان وإلا ما تبي ما في إشكال، هذا تبرع منه، هذا ما فيه إشكال، لكن وأنا قلت هذا: إذا كان مقابل الضمان له وقع في الثمن، هذا لا إشكال أنه تأمين.
طالب: عفا الله عنك ليس للمشتري خيار في السيارات الجديدة كلها أصلاً يأتي معها من الشركات ضمان، سواءً السيارات أو غيرها من الأجهزة يأتي ضمان.
إذاً يأخذ بقدر ...
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن هم يقولون .. ، أنا أقول: إذا كانوا يقولون: السيارة بمائة ألف تبي ضمان وإلا ما تبي هذا شيء ثاني، قيمتها مائة ألف.
(29/8)
________________________________________
طالب: إيه لأنك تشتري من الوكيل يا شيخ، لكن الضمان منحة من الصانع.
إذا كانت منحة هذا تبرع لا يعدوه، ولو بعد احترقت وأعطوك غيرها هذا تبرع منهم ما في إشكال.
طالب: لأنهم يرون بهذا أنهم يا شيخ يكسبون قاعدة أكبر بالنسبة للسوق.
على كل حال مثلما قررنا أنه إذا كان هناك في مقابل هذا الضمان ثمن أو قيمة لها وقع فلا شك أنه تأمين، ولو سميناها ما سميناه.
طالب:. . . . . . . . .
ضمان آخر هو الذي يختاره؟
طالب: مثال السيارة مضمونة، لكن لو سويت الصيانة عند غير الوكالة ما تستحق هذا ...
طيب ويأخذون عليك مقابل وإلا ما يأخذون؟
طالب: الصيانة مقابل.
أكثر من غيرهم وإلا ... ؟
طالب: معروف الوضع.
إيه طبيعة الوكالات كذلك؛ لأن عمالها أمهر؛ ولأن قطعها أصلية، ما في إشكال، إذا كان لهذا الغرض يكون الضمان الثاني تبرع.
طالب:. . . . . . . . .
كل امرأة تعرف دمها، هي النساء يعرفن عاداتهن.
طالب:. . . . . . . . .
هذه مسألة، مسألة ذكرناها منهم من يقول: إذا انقطع يوماً كاملاً طهر، لا سيما إذا كان نقاء تام يكون طهر، وتصلي الصلوات الخمس، وإذا كان أقل من ذلك لا يلتفت إليه، ومنهم من يقول: ما دام وقت العادة معروف من أوله وآخره فلا يلتفت إلى النقاء في أثنائه، هذه مسألة بحثناها سابقاً، نعم.
وقرئ الباب كله؟
طالب: إيه.
لا، لا الصلاة وين؟ المواقيت؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني كملنا إلى الآخر؟
طالب: وقفنا على مسألة طلوع الفجر.
لا الشرح هذا إذا طلع الفجر في الشرح، لكن بقية القراءة؟
طالب: إلى باب الأذان.
طيب.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"فإذا طلع الفجر الثاني وجبت صلاة الصبح"
الفجر الثاني هو المعروف الذي ينفجر في السماء، ويمتد يميناً وشمالاً، ويخرج الفجر الأول، والثاني يعرف عند أهل العلم بالصادق، والأول يعرف بالكاذب المستطيل، والثاني مستطير، الأول يشبهونه بذنب السرحان، مستطيل في السماء في طولها، والثاني الصادق في عرضها.
"وجبت صلاة الصبح" يعني دخل وقتها، وبدأ وقتها.
(29/9)
________________________________________
"والوقت مبقىً -أو مبقّىً- إلى ما قبل أن تطلع الشمس، ووقت صلاة الصبح من طلوع الفجر إلى أن تبزغ الشمس" يعني إلى أن تطلع، فإذا طلعت الشمس فقد انتهى وقت صلاة الصبح، كما في حديث عبد الله بن عمرو وغيره من الأحاديث.
وقوله: "إلا ما قبل أن تطلع الشمس" احتياط؛ لأن الحد الفاصل بين ما بعد الطلوع وما قبل الطلوع شيء يسير، فلا بد من الإمساك عن جزء من الوقت في أوله وآخره احتياطاً للعبادة، كما قالوا بمسح جزء من الرأس احتياطاً للوجه، فالصلاة ينتهي وقتها بطلوع الشمس، لكن هذا الاحتياط من يحتاج إليه؟ لأنه يقول: "إلى ما قبل طلوع الشمس" وهذه ما قبل موجود في بعض النسخ دون بعض؛ لأنها في الحقيقة والواقع لا قيمة لها، يعني الذي في النصوص إلى طلوع الشمس، ومن الذي يحتاج إلى الصلاة في هذا الوقت؟ من يؤخر الصلاة؟ ومن يؤخر الصلاة -على ما سيأتي في الجملة التي تليها- أنه إذا صلى قبل طلوع الشمس ركعة فقد أدرك الوقت، فلا نحتاج إلى قبل طلوع الشمس، نحدد الوقت بأنه من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، ولذلك قال بعد ذلك: "ومن أدرك منها ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها" مع الضرورة، يعني كما تقدم في صلاة العصر، وجاء في ذلك الحدث الصحيح في مسلم: ((من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) وجاء في غيره في البيهقي وغيره: ((وليضف إليها أخرى)) لئلا يقول: أنا تكفي هذه الركعة؛ لأن أفهام الناس قد يوجد فيها من يكتفي بهذه الركعة، مع أن النصوص القطعية دلت على أن الفجر ركعتان سفراً وحضراً، لكن قد يقول: ما دام الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) فجاء البيان ((فليضف إليها أخرى)) وجاء مثل ذلك في الجمعة، وفي العصر: ((فليضف إليها ثلاث ركعات)) كما في البيهقي وغيره.
(29/10)
________________________________________
"من أدرك منها ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها" مع الضرورة يعني لا يجوز تأخير الصلاة إلى مثل هذا الوقت كما قيل في صلاة العصر أنه لا يجوز تأخيرها إلى الاصفرار، لكن إذا شغل عنها، أو نام عنها فلم يبق من الوقت إلا هذا المقدار تكون صلاته كلها أداءً، وإن كان بعضها أو أكثرها مفعولاً خارج الوقت، وذكرنا في صلاة العصر أنه لو أدرك ركعة، ثم بعد ذلك خرج الوقت، غابت الشمس، ثم صلى ثلاث ركعات تكون صلاته كلها أداء، ومثلها في الصبح، بل أولى، ومنهم من يقول: الحكم للغالب، ما دام ما أدرك إلا ركعة من أربع ركعات تكون قضاءً، ومنهم من يقول: ما أُدرك في الوقت فهو أداء، وما أدرك بعده وما صلي بعده فهو قضاء، لكن الجمهور على أنها أداء، ولو لم يدرك إلا ركعة على الخلاف فيما دون الركعة.
طالب: عفا الله عنك هل يقاس عليه ما لو أحرم بالعمرة في آخر يوم من رمضان، ثم غابت شمس ذلك اليوم قبل أن يتم أعمال العمرة، هل يكون مدركاً للعمرة؟
أو العكس، إما في آخر رمضان، أو في آخر شعبان.
طالب: أو في آخر شعبان.
هذه المسألة أشرنا إليها سابقاً، وهي مسألة العبرة بالحال أو بالمآل؟ فإذا أحرم قبيل غروب الشمس ليلة الأول قبل أن يعلن دخول شهر رمضان، قبل أن يعلن دخول رمضان بخمس دقائق، يعني قبل غروب الشمس بخمس دقائق أحرم أو قل: ساعة من أجل أن يدرك الصلاة في المسجد، ويتروح مع الناس، هذا يفعله بعض الناس، يقول: ما أنا منتظر إلى أن يعلن الشهر وبعدين تفوت التراويح، هل تكون عمرته رمضانية أو شعبانية؟ أهل العلم يقولون: العبرة بالحال، فعمرته شعبانية وليست رمضانية، فعليه أن ينتظر حتى يعلن الشهر، وإذا أحرم في آخر لحظة من رمضان قبل خروج الشهر، قبل غروب الشمس ليلة العيد، ولو أداءها بعد إعلان الشهر وبعد خروج رمضان فإن عمرته تكون حينئذٍ رمضانية.
(29/11)
________________________________________
هنا نعيد ما جاء في الدرس السابق فيما لو أدرك أقل من ركعة، وهذه مسألة تختلف عن مسألة إدراك الجماعة، يعني إدراك الجماعة الخلاف فيما لو جاء والإمام قد رفع من الركوع، عرفنا أن الحنابلة يقولون: يدرك الجماعة، ويقولون أيضاً: من كبر قبل سلام إمامه التسليمة الأولى أدرك الجماعة ولو لم يجلس، ومن أهل العلم أنه لا يدرك الجماعة إلا بإدراك ركعة تامة؛ لأنها هي التي يطلق عليها الصلاة، ولا صلاة بأقل من ركعة.
هنا العكس، هناك يدرك آخر الركعة، وهنا قد يدرك أول الركعة لا آخر الركعة، قد يكبر للإحرام ثم يخرج الوقت، هناك قد يدرك السجود ولا يدرك الركوع، وهنا قد يدرك الركوع ولا يدرك السجود ظاهر وإلا ما هو بظاهر؟ نعم؟ لأن المسألة عكسية، هنا قد يدرك الركوع ثم تغيب الشمس، يركع في الركعة الأولى ثم تطلع الشمس، لكن في إدراك الجماعة قد يدرك السجود ولا يدرك الركوع، وفي المسألة التي معنا يدرك الركوع ولا يدرك السجود، في الحديث الذي أشرنا إليه ((من أدرك ركعة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح)) في بعض الروايات ((سجدة)) وجاء تفسيرها في الكتاب نفسه في صحيح مسلم "والسجدة إنما هي الركعة" وقد لا نحتاج إلى هذا التفسير في هذا الموضع على وجه الخصوص، لماذا؟ لأن مدرك السجدة مدركاً للركعة بلا شك، فلا نحتاج إلى مثل هذا التفسير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، هذه الرواية استدل بها من يقول: إنه يدرك الوقت بأي جزء من الصلاة، فاحتيج إلى أن يقال: والسجدة إنما هي الركعة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
في الصورة هذه؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
(29/12)
________________________________________
إيه، تجتمع الصورتان هنا، لكن المسألة مفترضة في شخص هذه حاله، يعني ما يفترض في جماعة أنهم كلهم إلا في حال مثل قصة النبي -عليه الصلاة والسلام- في السفر، وهذه بعد طلوع الوقت، والمسألة متصورة يعني يكون مجموعة من الناس فاتتهم الصلاة مع الجماعة، وتأخروا عن الاستيقاظ لصلاة الصبح، فقال واحد: انتظروني أنا علي غسل، هم توضئوا ونظروا إلى الساعة فإذا به بقي على طلوع الشمس ثلاث دقائق أو أربع دقائق أو خمس انتظروه دقيقة دقيقتين، فقالوا: بيفوتنا الوقت هذا، فكبروا للصلاة، ودخلوا فيها، فانتهى من غسله فإذا هم بالسجود، ما أدرك معهم ركعة، يعني يجتمع فيها الصورتان، هذه متصورة، لكن الأصل أنه الحديث على إدراك الوقت قد يصلي ركعة ثم يخرج .. ، يركع ثم يخرج الوقت، فإدراك الركوع أظهر من إدراك السجود في مثل هذا، وبالنسبة لصلاة الجماعة إدراك السجود أظهر من إدراك الركوع، وإذا اجتمعت الصورتان كما هنا وهذه حالة لا شك أنها متصورة، لكنها أندر من الصور التي شرحت.
(29/13)
________________________________________
"من أدرك منها ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها" هذا دليل على أنه إذا صلى ركعة في الوقت ثم طلع الصبح فإن عليه أن يكمل الصلاة، والحنفية يقولون: تبطل صلاته، يلزمه أن يقطعها؛ لأنه الآن دخل في وقت نهي، طلوع الشمس بزوغ الشمس هذا وقت نهي، لا يجوز أن يصلى فيه، لكن هل يقول الحنفية مثل هذا في صلاة العصر؟ لا يقولون، ويش الفرق؟ الفرق هنا أنه دخل وقت نهي، وهناك خرج وقت نهي، مع أن النصوص تقرن بين الطلوع والغروب بأنها تطلع بين قرني شيطان، والغروب مثله، وإذا غربت أو طلعت يسجد لها الكفار، ونهينا عن مشابهتهم، لكن النصوص الواردة في النهي عن الصلاة في هذين الوقتين إنما هي في النافلة دون الفريضة، الحنفية يستدلون بأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما فاتتهم الصلاة -صلاة الصبح- أمرهم بالانتقال عن الوادي، وقالوا: إنه إنما أمرهم ليخرج وقت النهي، فدل على أن الصلاة لا تقضى في وقت النهي، وهذا من أدلتهم على هذه المسألة، لكن إذا كان في الروايات ما يدل على أنه إنما أوقظهم حر الشمس، هل يبقى وقت نهي؟ ما في وقت نهي، الأصل أن وقت النهي قد انتهى، وتكون العلة المؤثرة لهذا التأخير هي كون الوادي حضر فيه الشيطان.
"من أدرك منها ركعة قبل أن تطلع الشمس فقد أدركها" عمر -رضي الله عنه- يعني هذا في الفريضة بالنسبة لاستدلالهم بفعل الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وعمر -رضي الله تعالى عنه- طاف بعد صلاة الصبح، وأخر الركعتين إلى أن بلغ ذا طوى، المعروف بالزاهر، من أجل أن ترتفع الشمس، ويخرج وقت النهي، هذا في النافلة ليس في الفريضة، وأما ما جاء في الفريضة واستدلالهم بفعل النبي -عليه الصلاة والسلام- من انتقالهم من الوادي إلى غيره هذا بعد خروج وقت النهي، وإنما هو للعلة المنصوصة أنه وادٍ حضر فيه الشيطان.
يقول -رحمه الله تعالى-: "والصلاة في أول الوقت أفضل" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(29/14)
________________________________________
إي نعم الإشكال الذي أوردناه في الدرس الماضي، وأن بعض طلاب العلم ذكروا أنهم رقبوا الفجر، وأنه المعمول به الآن في التقويم وغيره أنه متقدم على الوقت الشرعي، بعضهم يقول: عشر دقائق، بعضهم يقول: ثلث ساعة، وبعضهم يختلف من وقت إلى وقت الصيف عن الشتاء وهكذا، وعرفنا أن هذا أوجد إشكالاً كبيراً، واضطراباً لدى بعض طلاب العلم، حتى أن بعضهم صار يؤخر الصلاة، ويؤخر الأذان، وينكر على الناس الذين يصلون قبل مضي نصف ساعة من .. ، وبعضهم صار عنده شيء من المخالفة يصلي مع الجماعة ثم يعيدها إذا تيقن أنه طلع الفجر، وعلى كل حال لا شك أن مثل هذا ...
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال مثل هذا لا شك أنه شر، والناس يعملون على فتوى معتبرة من أهل العلم، والخلاف كله يدور في معنى الفجر، وأنا نسيت وإلا كنت أريد أن أكتب في هذه المسألة كلام مختصر جداً، ما يحتاج أن يكتب فيها مصنف، بس أذكر أن الشيخ عبد الكريم ....
طالب:. . . . . . . . .
جاء؟
طالب:. . . . . . . . .
معك؟
طالب:. . . . . . . . .
يقول -وفقه الله-: التعريف الشرعي للفجر الصادق:
لا خلاف بين الفقهاء في أن مبدأ وقت الصبح طلوع الفجر الصادق، ويسمى الفجر الثاني، سمي صادقاً لأنه بين وجه الصبح ووضحه، وعلامته بياض ينتشر في الأفق عرضاً، أما الفجر الكاذب، ويسمى الفجر الأول، فلا يتعلق به حكم ولا يدخل به وقت الصبح، وعلامته بياض يظهر طولاً، يطلع في وسط السماء، ثم ينمحي بعد ذلك.
والفرق بين الفجرين مقدر بثلاث درجات، دليله على ذلك حديث إمامة جبريل للنبي -عليه الصلاة والسلام- وفيه: "ثم صلى الفجر حين برق الفجر" رواه الإمام أحمد من حديث جابر، والترمذي من حديث ابن عباس وغيرهم.
ثانياً: معنى التبين الوارد في الآية، قال القرطبي في المسألة السابعة على قوله تعالى: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [(187) سورة البقرة] "حتى" غاية للتبيين، ولا يصح أن يقع التبيين لأحد ويحرم عليه الأكل إلا وقد مضى لطلوع الفجر قدر.
(29/15)
________________________________________
واختلف في الحد الذي بتبينه يجب الإمساك، فقال الجمهور: ذلك الفجر المعترض في الأفق يمنة ويسرة، وبهذا جاءت الأخبار، ومضت عليه الأمصار.
روى مسلم عن سمرة بن جندب -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لا يغرنكم من سحوركم أذان بلال، ولا بياض الأفق المستطيل هكذا حتى يستطير هكذا)).
وحكاه حماد بيديه، فقال: يعني معترضاً.
وفي حديث ابن مسعود: ((إن الفجر ليس الذي يقول هكذا)) وجمع أصابعه ثم نكسها إلى الأرض ((ولكن الذي يقول هكذا)) ووضع المسبحة على المسبحة ومد يديه.
وقالت طائفة: ذلك بعد طلوع الفجر وتبينه في الطرق والبيوت، روي ذلك عن عمر وحذيفة وابن عباس وطلق ... إلى آخره، يجب بتبيين الفجر في الطرق، وعلى رؤوس الجبال.
وقال مسروق: لم يكن يعدون الفجر فجركم إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت.
وروى النسائي عن عاصم عن زر قال: أي ساعة تسحرت مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟ فقال: هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع.
الكلام في الأحاديث طويل، وفي رجالها.
وروي عن حفصة أن النبي –عليه الصلاة والسلام- قال: ((من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له)) ففي هذين الحديثين دليل على ما قاله الجمهور في الفجر، ومنع من الصيام دون نية قبل الفجر، خلافاً لقول أبي حنيفة وهي: الثامنة، هذا كلام القرطبي.
وروى البخاري ومسلم عن سهل بن سعد قال: نزلت {وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ} [(187) سورة البقرة] ولم ينزل "من الفجر" وكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجليه الخيط الأبيض والخيط الأسود، ولا يزال يأكل ويشرب حتى يتبين له رؤيتهما، فأنزل الله بعد {مِنَ الْفَجْرِ} [(187) سورة البقرة] فعلموا أنه إنما يعني بذلك بياض النهار.
وسمي الفجر خيطاً؛ لان ما يبدو من البياض يرى ممتداً كالخيط، يعني يدل على ضعفه لا على ظهوره وانتشاره، إذا كان يرى ممتداً كالخيط.
(29/16)
________________________________________
والفجر مصدر فجرت الماء أفجره فجراً إذا جرى وانبعث، وأصله الشق، فلذلك قيل للطالع من تباشير ضياء الشمس من مطلعها: فجراً لانبعاث ضوئه، وهو أول بياض النهار الظاهر المستطير في الأفق المنتشر، تسميه العرب الخيط الأبيض كما بينا.
يقول البغوي -رحمه الله- عند تفسير هذه الآية: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ} [(187) سورة البقرة] يعني بياض النهار من سواد الليل، سميا خيطين؛ لأن كل واحد منهما يبدو في الابتداء ممتداً كالخيط.
وقت الابتداء إن كان يصليها إذا فجر الفجر، فأقام الفجر حين انشق الفجر، بغلس يغلس بها، وجاء في حديث زيد حين سئل كم كان بين سحوره وقيامه للصلاة؟ قال: قدر خمسين آية، ووقت الانتهاء حين يعرف الرجل وجه جليسه، وفيه أيضاً: ((لا يعرف من الغلس)).
يقول: صفة الصلاة نفسها إطالتها يقرأ ما بين الستين إلى المائة، مع ترسله في القراءة، وكون الركوع والقيام والسجود قريب من السواء، ومع ذلك يخرج منها بغلس.
صفة صلاة أصحابه: أبو بكر قرأ بالبقرة، وعمر قرأ بيوسف في الركعة الأولى، يصلي الصبح إذا طلع الفجر والنجوم مشتبكة بغلس، وأطل القراءة.
يقول: رابعاً اضطراب الفلكيين، نستفيد من كون الصلاة تطال، والنساء ينصرفن لا يعرفن من الغلس، أننا لو فعلنا هذا على التقويم، لو أن أحد قرأ بسورة يوسف، ومع بداية التقويم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يخرج إيه؟
طالب:. . . . . . . . .
ما يخرجون بسواد إذا قرأ يوسف، نعم تعرف جليسك، وتعرف ...
طالب:. . . . . . . . .
لا لا واضح.
يقول: اضطراب الفلكيين في تحديد زاوية الفجر بنظر كتابة الفلكيين ومن يعتمدها يجد اضطرابهم في تحديد زاوية الفجر بين درجة تسعة عشر ونصف إلى ثلاثة عشر ونصف درجة، منهم من قال: تسعة عشر ونصف، وآخرون كثر قالوا: ثمانية عشر درجة، وهو قول أكثر المتقدمين منهم، وذهب بعض المتأخرين إلى أنه عند خمسة عشر درجة، ومنهم من قال: أربعة عشر، ومنهم من قال: ثلاثة عشر ونصف.
(29/17)
________________________________________
تقدم التقويم على الفجر: أما شهادة الشهود بتقدم التقويم على الفجر فقد عارضها شهادة آخرين، منهم أهل الاختصاص والخبرة بعدم ذلك، وأن التقدم يسير كقول أن التقدم ما بين دقيقتين إلى أربع، وربما زاد إلى خمس، وبالتقدم اليسير كان الشيخ ابن عثيمين -رحمه الله- يقول ذلك، حيث قال: إن هناك نحو خمس دقائق.
على كل حال المسألة لن تنتهي ما دام الاختلاف يعني ما هي مسألة درجة، يعني ما حرر محل النزاع، الذين يقولون بالتقدم مردهم إلى فهم الفجر، وفهم الصبح، والذين يقولون بعدمه مردهم إلى فهم الفجر وفهم الصبح، ولعله يتيسر كتابة شيء مختصر في المسألة.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، ما عكسنا الله يوفقك.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، ما هي المسألة بالتأخر، لكن هل التقويم .. ، الآن إذا صلوا .. ، ما هو يقول: متقدم ثلث ساعة؟ متقدم ثلث ساعة، إذا أقمنا الصلاة بعد ثلث ساعة نكون على حسب الوقت بالدقيقة، وما فعلنا فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه تأخر عن الوقت، تأخر، نعم مع كونه تأخر وصلى هذه الصلاة خرج في سواد، إحنا لو صلينا بثلث، وقلنا: إنه متقدم صرنا صلينا مع طلوع الفجر مباشرة وصلينا صلاة مدتها خمس دقائق وخرجنا والسفر واضح، كيف نكون متقدمين على الوقت؟ حتى على صنيعنا وعلى التقويم متأخرين.
طالب: يا شيخ لما صلى أبو بكر قرأ البقرة لو أخرنا ثلث ساعة، وقرأ القارئ بالبقرة قراءة النبي -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه.
لا، تطلع الشمس، تطلع الشمس.
يقول -رحمه الله تعالى-:
(29/18)
________________________________________
"والصلاة في أول الوقت أفضل" لا شك أن هذا من باب المسارعة والمسابقة، والمبادرة بإبراء الذمة، جاء الأمر بالمسارعة، وجاء الأمر بالمسابقة، وجاء ما يدل على المبادرة ببعض الصلوات وتأخير البعض، ولذا قال: "الصلاة في أول الوقت أفضل إلا عشاء الآخرة" يعني فإنه يستحب تأخيرها، ولما تأخر النبي -عليه الصلاة والسلام- على أصحابه في صلاة العشاء قال: ((إنه لوقتها لولا أن أشق عليكم)) وتأخر إلى ثلث الليل، لولا المشقة لكان تأخيرها أفضل، ولا يعني أن هذا التأخير وهذا التفضيل للتأخير يفوت به واجب؛ لأن بعض الناس يقول: ما دام وقتها أفضل التأخير، ولا يشق علي أن أؤخر، لماذا لا أؤخر؟ نقول: بذلك تترك الجماعة، والجماعة حيث ينادى بها في المسجد، لو أن جماعة في مسجد لا يشق عليهم التأخير، واتفقوا على ذلك لا شك أنه أفضل، لكن إذا كان يترتب على ذلك ما هو آكد فلا، يصير الفاضل مفضول، والله المستعان.
"إلا عشاء الآخرة، وفي شدة الحر الظهر" ((إذا اشتد الحر فابردوا، فإن شدة الحر من فيح جهنم)) فيستحب تعجيل الظهر كغيرها من الصلوات إلا إذا اشتد الحر فابردوا.
والابراد قد يشكل على كثير من الناس؛ لأنه في الصيف كلما تأخرت يزداد الحر، ولا يحصل البرد الذي يفهم من الابراد بمجرد التأخير، ولو أخرجت الصلاة عن وقتها، يعني الذين يخرجون إلى صلاة العصر مثلاً يكون الحر انتهى؟ ما انتهى ولا المغرب ينتهي في الصيف، فما المقصود بقوله: ((إذا اشتد الحر فابردوا))؟ المقصود أخروا الصلاة حتى يكون للحيطان ظل يستظل به، ويتقى به حر الشمس، أو ليكون خروجكم إلى الصلاتين خروجاً واحداً، فيكون أرفق بكم، فتؤخر صلاة الظهر وتقدم العصر، ويرتاح الناس من الخروج مرتين في الحر الشديد، من تأخير للصلاة عن وقتها، وإلا لو قلنا مثلاً: إن معنى التأخير ابردوا إلى أن يحصل البرد؛ لأن أبرد دخل في البرد، كما تقول: أظلم دخل في الظلام، أنجد إذا دخل نجداً وهكذا، هل نقول: ابردوا من أبرد أي دخل في البرد؟ لن يدخل في برد في الصيف، وشيء معتاد أن العصر من آثار امتصاص الأرض، وما على الأرض من إسفلت وشبهه لحرارة الشمس يكون العصر أحر من الظهر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(29/19)
________________________________________
ما في شك أن المدن أشد، على كل حال معنى الابراد لأحد هذين السببين:
إما أن تؤخر ليكون للحيطان ظل يستظل به الناس كلهم إذا خرجوا أو إذا دخلوا إلى المسجد؛ لأنه قد يقول قائل: إن صلاة الظهر ما تصير إلا بعد الزوال، وللحيطان ظل، نقول: ظل لا يستوعب أحد، ظل الزوال لا يستوعب الناس، لكن إذا أخرت عن أول وقتها إلى منتصفه مثلاً حصل للحيطان ظل يستظل به الناس، يتقون به شر أو حر الشمس، أو يؤخرونها إلى وقت بحيث يكون خروجهم إلى المساجد مرة واحدة، فيرتاحون به من عناء التكرار في هذا الحر الشديد؛ لأن هذا مشكل، يعني كثير من الناس يقول: ((إذا اشتد الحر فابردوا)) كيف نبرد؟ هل نستطيع أن نبرد في الصيف؟ يعني إذا كانت درجة الحرارة في الليل كم؟ مقلقة، فيكف بالظهر أو العصر؟! ولن ندخل في برد إذا كنا في الصيف، نقول: لا، ليس المراد به أن تدخل في البرد، إنما يراد به أن تفعل الأرفق بك وبجماعتك إن كنت إماماً، بحيث تترك فرصة حتى يكون للحيطان ظل يستظل به الناس ذهاباً وإياباً، أو تؤخر الصلاة إلى آخر وقتها تقدم صلاة العصر ليخرجوا مرة واحدة للصلاتين.
طالب:. . . . . . . . .
ما تقل، ما تقل، والله ما تقل، في بعض البلدان يا أخي عندنا بنجد العصر أحر من الظهر، وشوف الحجاز وشوف البلدان الأخرى.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن أنت ...
طالب:. . . . . . . . .
ما دامت الشمس على الرأس فهي حارة.
طالب:. . . . . . . . .
يا أخي زيادة الامتصاص له وقعه، أنا أجزم بأنه لو جلست في غرفة الظهر أبرد من العصر وأنت بظل.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال هذا شيء مطرد يعني الشمس حارة في الصيف، وحرارتها لا تزول إلا بغروبها، فلا بد من حمل الحديث على وجه يصح، فليس معنى ابردوا أدخلوا في البرد، ما في برد أصلاً.
طالب:. . . . . . . . .
لا ما تقل، ما تقل، ما تقل.
طالب:. . . . . . . . .
حتى اخرج إلى البرية وشوف أيهم أحر؟ الأرض تمتص الحرارة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إحنا عندنا تطلع لصلاة العشاء ما هو بالمغرب ما تستطيع أن تمشي حافي، لا تستطيع المشي حافياً لصلاة العشاء.
(29/20)
________________________________________
يقول -رحمه الله تعالى-: "وإذا تطهرت الحائض، وأسلم الكافر، وبلغ الصبي قبل أن تغرب الشمس صلوا الظهر والعصر" لأن الوقتين وقت الصلاتين في حال العذر مشترك يصلح للصلاتين معاً، الوقت الأول يصلح لهما معاً في جمع التقديم، والوقت الثاني يصلح لهما معاً في جمع التأخير، ومن هذه حاله كالحائض والكافر إذا أسلم والصبي إذا بلغ هو يشبه المعذور، فإذا طهرت الحائض قبل أن تغرب الشمس فعليها أن تصلي الظهر والعصر، وإذا طهرت قبل نصف الليل فعليها أن تصلي العشاء والمغرب؛ لأن وقت الصلاتين في حال العذر وقت لهما على حد سواء.
يقول: "وإن بلغ الصبي وأسلم الكافر وطهرت الحائض قبل أن يطلع الفجر" هذا بناءً على أن المرجح عنده أن وقت صلاة العشاء ينتهي بطلوع الفجر "صلوا المغرب وعشاء الآخرة" مثل المسألة السابقة، وهذا مروي عن عامة التابعين، يقول به عبد الرحمن بن عوف وبعض الصحابة، لكنه مروي عن عامة التابعين، ولم يخالف فيه كما قال ابن قدامه إلا الحسن البصري، فقال: إن الصلاة الأولى خرج وقتها وهو معذور، فكيف تكلف بها، خرج وقتها وهو معذور فكيف يكلف بها؟ الآن صار ظل الشيء مثله وانتهى وقت صلاة الظهر، ودخل وقت صلاة العصر بلغ الصبي، كيف نقول له: صل الظهر، وقد مر عليه الوقت كامل وهو معذور، لا يجب عليه؟ وكذلك الحائض والكافر إذا أسلم، لكن لا شك أن قول الأكثر قول جمهور أهل العلم أنه يلزمه أن يصلي الظهر والعصر ويصلي المغرب والعشاء.
عكس هذه المسألة فيما إذا حاضت بعد دخول وقت صلاة الظهر، أو بعد دخول وقت صلاة المغرب، هل يلزم هذه الحائض إذا طهرت هو يلزمها أن تقضي الظهر، يلزمها أن تقضي المغرب، لكن هل يلزمها أن تقضي العشاء، وتقضي العصر باعتبار أن العلة واحدة، الوقتين وقت واحد في حال العذر وهذا عذر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني في المسألة الأولى ظاهر، لكن في المسألة الثانية؟
طالب:. . . . . . . . .
وحتى في المسألة الأولى وقت الأولى خرج، خرج في حال العذر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(29/21)
________________________________________
هو ليست القوة عند أهل العلم، ليست الصورتان بالقوة بمنزلة واحدة أبداً، المسألة الأولى عندهم أظهر، والقائلون بها أكثر، لكن من أهل العلم من يقول: ما دام المعذور يصلي الصلاتين في وقت واحد، ويجوز له تقديماً وتأخيراً، فإذا ألزمناه بالصلاة الثانية ألزمناه بالصلاة الأولى وقد خرج وقتها، فلنلزمه بالصلاة الثانية ولو لم يدخل وقتها، من أهل العلم من يرى أنه لا فرق، لكن قول الأكثر أن الصورة الأولى متجهة، والثانية لا حظ لها من النظر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
وجوه الاختلاف موجودة حتى عند من يجيز جمع التأخير دون جمع التقديم يجيز الصورة الأولى كالأوزاعي مثلاً، يجيز الصورة الأولى ولا يجيز الصورة الثانية، فالفوارق كثيرة، والقول بالصورة الأولى لا شك أنه ظاهر وهو قول كثير من أهل العلم، وأما الصورة الثانية فالقائلون به أقل، ومن أراد أن يحتاط لنفسه ويخرج من الخلاف فالأمر إليه، إلا أن إيجاب صلاة لم تجب بأصل الشرع لا شك أنه فيه ما فيه، ويحتاج إلى خبر ملزم عن المعصوم، والله المستعان.
يقول: "المغمى عليه يقضي جميع الصلوات التي كانت عليه في إغمائه، والله أعلم" المغمى عليه لا يخلو: إما أن يكون الإغماء بتسبب منه أو بغير تسبب، ولا يخلو إما أن يكون مشبهاً للنوم في قصره أو مشبهاً للجنون في طوله، هنا يقول: "المغمى عليه يقضي جميع الصلوات التي كانت عليه في إغمائه" فيشمل ما كان بتسبب منه، وما كان بغير تسبب، ويشمل الطويل والقصير، منهم من يحدد بخمس صلوات؛ لأن النوم مطرد أن ينام الشخص يوم وليلة، كثير يعني، يوجد في الناس بكثرة من ينام يوم وليلة، خمس صلوات فقط، إذا زاد على ذلك لا يقضي، ومنهم من يحدد بثلاثة أيام، وهذا معروف عن عمار أنه أغمي عليه ثلاثة أيام فقضى، ويجعل المغمى عليه ثلاثة أيام في حكم النائم، وما زاد على ذلك في حكم الجنون؛ لأنه لا يمكن أن يوجد من ينام أكثر من ثلاثة أيام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(29/22)
________________________________________
إذا كان بتسبب منه، أو إذا كان بالإمكان إعادة العقل كالبنج مثلاً بتسبب يبنج، أو صارت فيه آلام فصار يعطى من المسكنات والمنومات ما يجعله يتتابع أيام؛ لئلا يحس بالمرض بالأوجاع، مثل هذا يتجه القول بأنه يقضي جميع ما فاته؛ لأن هذا بمقدوره ولمصلحته، ومن باب أولى إذا كان بسبب محرم كالسكر مثلاً، أما إذا كان خارجاً عن طوعه وإرادته، ولا يمكن إعادته كمن دخل في غيبوبة، وزاد عليه الإغماء أكثر من ثلاثة أيام، فالقول بأنه لا يقضي متجه، والله أعلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(29/23)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الصلاة (3)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
طالب: يا شيخ في متعلق بما قرئ مسألة من مسائل خلاف الخرقي مع أبي بكر نقرأها يا شيخ؟
إيه تفضل.
طالب: نقرأها.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.
قال القاضي أبو الحسين محمد بن أبي يعلى في مسائل خلاف الخرقي وأبي بكر عبد العزيز:
المسألة العاشرة: قال الخرقي: إذا غاب الشفق وهو الحمرة في السفر والحضر البياض؛ لأن في الحضر قد تنزل الحمرة فتواريها الجدران، فيظن أنها قد غابت، فإذا غاب البياض فقد تيقن، ووجبت عشاء الآخرة فذكر الخرقي وجه ما قال، وقال أبو بكر في التنبيه: يصلي المغرب إذا غابت الشمس إلى أن يغيب الشفق وهو الحمرة في الحضر والسفر، وبه قال أبو يوسف ومحمد والشافعي، وقال أبو حنيفة: هو البياض حضراً أو سفراً.
وجه قول أبي بكر ما روى الدارقطني بإسناده عن ابن عمر عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الشفق الحمرة، فإذا غاب الشفق فقد وجبت الصلاة)).
يعني هذا الخبر المروي عن ابن عمر مرفوعاً إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، الصواب وقفه على ابن عمر، وإذا ثبت عن ابن عمر وهو من العرب الأقحاح لزم القول به؛ لأن المسألة مسألة لغوية جاءت على لسان الشارع من غير تحديد، فإذا حدد الصحابي الذي يحتج بلغته المراد بها في لغة العرب، والشرع جاء بلسان عربي مبين، سواءً في ذلك نصوص الكتاب أو السنة لزم القول بما يقوله الصحابي؛ لأن المسألة لغوية، يرجع فيها إلى اللغة، نعم.
ودعموا ذلك بقولهم في كتب اللغة: "ثوب أحمر كالشفق" مما يدل على أن المراد به الحمرة، نعم.
قال الخرقي -رحمه الله تعالى-:
باب: الأذان
ويذهب أبو عبد الله -رحمه الله- إلى أذان بلال -رضي الله عنه- وهو: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله.
(30/1)
________________________________________
والإقامة: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة، قد قامت الصلاة، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله.
ويترسل في الأذان، ويحدر الإقامة، ويقول في أذان الصبح: الصلاة خير من النوم مرتين، ومن أذن لغير الفجر قبل دخول الوقت أعاد إذا دخل الوقت، ولا يستحب أبو عبد الله أن يؤذن إلا طاهراً، فإن أذن جنباً أعاد، ومن صلى صلاة بلا أذان ولا إقامة كرهنا له ذلك ولا يعيد، ويجعل أصابعه مضمومة على أذنيه، ويدير وجهه على يمينه إذا قال: حي على الصلاة، وعلى يساره إذا قال: حي على الفلاح، ولا يزيل قدميه، ويستحب لمن سمع المؤذن أن يقول كما يقول.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: الأذان
في بعض النسخ الهمزة ممدودة، آذان، وهذا خطأ، الآذان جمع أذن، والأذان هو الإعلام المراد هنا، الإعلام بدخول وقت الصلاة، أو بقربه كالفجر، أو الإعلام للإيذان بالصلاة، الإعلام والإيذان بالصلاة، ولو كان بعد وقتها؛ لأنه صح عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه أمر بلال حينما ناموا عن صلاة الصبح أن يؤذن، فدل أنه يؤذن للوقت، ويؤذن أيضاً للصلاة.
والمراد والحكمة من شرعيته اجتماع الناس للصلاة، سواءً كانت في وقتها أو في غير وقتها، إذا كانوا جماعة يحتاجون إلى ما يجمعهم فإنه يؤذن، سواءً كان للإعلام بدخول الوقت كما هو الغالب، أو للاجتماع لها كما لو فاتت، والجماعة بحيث يحتاجون إلى من ينبههم ويجمعهم فإنه يؤذن.
(30/2)
________________________________________
الأذان: شعيرة من شعائر الإسلام الظاهرة، ويعلق عليها الإغارة والكف على من يستحق القتال، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- كان ينتظر إلى وقت الأذان، فإن أذنوا كف، وإلا أغار -عليه الصلاة والسلام-، ولذا لو يجتمع أهل بلد على ترك الأذان ولو كانوا مسلمين قاتلهم الإمام، يقاتلهم الإمام كترك الشعائر الظاهرة، والأذان يختلف أهل العلم في حكمه، فمنهم من يقول باستحبابه، وأنه سنة، وأنه لا أثر له في الصلاة إذا ترك، ومنهم من يقول: إنه فرض كفاية؛ لأنه شعيرة من شعائر الإسلام لا يسقط، وقد أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((فليؤذن لكما أحدكما، وليؤمكما أكبركما)) فالأمر الأصل فيه أنه للوجوب، لكنه لا يجب على الأعيان، لا يتصور أن كل إنسان إذا دخل الوقت يؤذن، لا، إنما هو فرض كفاية، إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، ومعلوم أن فرض الكفاية دون فرض العين عند عامة أهل العلم، وإن خالف والد إمام الحرمين فجعل فرض الكفاية أعظم وآكد من فرض العين، يقول: لأن فرض الكفاية يسقط الواجب عنه وعن غيره، بخلاف فرض العين الذي لا يسقطه إلا عن نفسه، وكلامه معروف أنه ضعيف، فليس الواجب الذي يسقط عن عامة الناس إذا قام به أحد منهم، مثل الواجب الذي يلزم كل إنسان بعينه، هذا معروف عند أهل العلم أنه قول ضعيف.
(30/3)
________________________________________
على كل حال القول المرجح أنه فرض كفاية، وإن قال جمع من أهل العلم بسنيته واستحبابه، نظراً لأن الصلاة لا تتأثر بتركه، لكن ما دام ثبت الأمر به، وأنه شعيرة من شعائر الإسلام، وأنه علامة على أن البلد مسلم إذا رُفع فيه الأذان، وفعل بحضرته -عليه الصلاة والسلام-، وأمر به على الدوام، ولزمه المسلمون على مختلف العصور، ولم يثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى في مسجده بغير أذان، وأذن في المشاعر بأمره -عليه الصلاة والسلام-، في عرفة وبمزدلفة وفي منى وفي غيرها من المواقف، فلم يثبت أنه تركه -عليه الصلاة والسلام-، هذا دليل على وجوبه، وأن من تواطأ على تركه يأثم، إذا تواطأ أهل بلد على تركه أثموا، لكن لو ترك الأذان، تركت الإقامة، وصلى الإنسان صلاة تامة بواجباتها وشروطها وأركانها ولو كانوا جماعة، ولو كانوا في مسجد فالصلاة صحيحة؛ لأن النهي عاد إلى أمر خارج عن الصلاة لم يعد إليها ولا إلى شرطها أو جزئها، فالصلاة صحيحة مع الإثم.
قال -رحمه الله-: "ويذهب أبو عبد الله" يعني الإمام أحمد -رحمه الله-، الذي ألف الكتاب في بيان مذهبه -رحمه الله-.
"ويذهب أبو عبد الله -رحمه الله- إلى أذان بلال" أذان بلال هو الذي رآه عبد الله بن زيد بن عبد ربه، في أول الأمر ما كان يؤذن للصلاة، وليست هناك علامة يستدلون بها على الاجتماع للصلاة، فتدارس النبي -عليه الصلاة والسلام- مع أصحابه شيئاً يجتمعون به إلى الصلاة، فقال بعضهم: لو أوقدنا ناراً، قالوا: النار للمجوس، قالوا: لو وضعنا بوقاً؟ قالوا: البوق لليهود، قيل: لو ضربنا ناقوساً؟ قالوا: الناقوس للنصارى، فتفرقوا ولم يتفقوا على شيء، فرأى عبد الله بن زيد بن عبد ربه راوي الأذان غير راوي الوضوء، عبد الله بن زيد بن عاصم، ووهم من جعلهما واحداً، فرأى رجلاً بيده ناقوس، فقال: يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ فقال: ماذا تفعل به؟ قال: ننادي به للصلاة، قال: ألا أدلك على ما هو خير منه؟ تقول: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر ... إلى آخر الأذان.
في الحديث أيضاً الحديث الصحيح يقول عبد الله بن زيد: "طاف بي وأنا نائم طائف فقال: تقول: الله أكبر الله أكبر ... إلى آخره.
(30/4)
________________________________________
هذه رؤيا، ومعلوم أن الأحكام الشرعية لا تثبت بالرؤى، لا تثبت برؤيا، وهذا حكم شرعي ثبت بهذه الرؤيا المقرة من النبي -عليه الصلاة والسلام-، اكتسبت الشرعية من إقراره -عليه الصلاة والسلام-، وإلا لو كانت مجرد رؤيا قلنا: ما يثبت الحكم بمجرد رؤيا قلنا: ما يثبت الحكم برؤيا، فلما فرغ من أذانه قال: ((ألقه على بلال فإنه أندى منك صوتاً)) فصار يعرف بأذان بلال، يؤذن به بلال في مسجد النبي -عليه الصلاة والسلام- وبحضرته سفراً وحضراً، فعُرف به، وإلا فالأصل أن راوي أو رائي الأذان عبد الله بن زيد.
لما سمع عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الأذان قال: وأنا رأيت، يعني مثل هذه الرؤيا، فهذه الرؤيا تواطأت واكتسبت الشرعية من إقراره -عليه الصلاة والسلام-، هكذا: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، بتربيع التكبير ومن غير ترجيع، هذا أذان بلال؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال لعبد الله بن زيد: ((ألقه على بلال)) فقال: "الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح، حي على الفلاح، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله" بتربيع التكبير، الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، الجمل الأربع في التكبير في أوله وفي آخره تكبير من أهل العلم يرى أن الأولى أن يقرن بين كل جملتين، فيقال: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر، بدليل حديث: ((إذا سمع أحدكم المؤذن فليقل كما يقول)) فإذا قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، فإذا قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر، ثم قال: إذا قال: أشهد أن لا إله إلا الله، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، ما قرن بين الشهادتين، إنما قرن بين التكبيرتين، ومأخذه واضح وظاهر من هذا، ومنهم من يقول: تفرد الجمل، كل جملة يوقف عليها؛ لأن هذا أبلغ مع الترسل المطلوب في الأذان لا يقرن بينهما، لكن الذي يتجه والأولى القرن أن يقرن بينهما؛ لأن حديث إجابة المؤذن كالصريح في هذا.
(30/5)
________________________________________
الله أكبر الله أكبر، بعد ذلك الله أكبر الله أكبر، ثم يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله.
بعض الناس من المؤذنين وغيرهم يشدد النون فيقول: أشهد أنَّ لا إله إلا الله، هذه نسمعها حتى من بعض طلاب العلم يعني، أشهد أنَّ لا إله إلا الله، ما تسمعون مثل هذا؟ موجود كثير بعد، ما هو يعني نادر، و (أن) هنا مخففة، واسمها ضمير الشأن يعود إلى الله -جل وعلا-، أشهد أن لا إله إلا الله، ثم بعد ذلك أشهد أنّ محمداً مشددة، أشهد أنّ محمداً رسولُ الله، محمد اسم (أن) ورسولُ خبرها، تسمعون كثير من المؤذنين يفتح الجزأين، فيقول: أشهد أن محمداً رسولَ الله، ومقتضى القاعدة عند عامة النحاة أن يكون لفظ: "رسول" مرفوع؛ لأنه خبر (أن) وإذا نصب تبقى الجملة بدون خبر، إذا نصب رسول بقيت الجملة بدون خبر، يعني نحتاج إلى أن نقول: أشهد أن محمداً رسولَ الله أفضل البشر مثلاً، أو سيد الخلق، نحتاج إلى تكملة الجملة؛ لأن الخبر هو الجزء المتم الفائدة، يعني مبتدأ بدون خبر لا قيمة له، ما يفيد، ما يفيد السامع، فنحتاج إلى خبر، وبهذا على هذا القول يبطل الأذان، لكن من العرب وهي لغية كما يقول أهل العلم من ينصب الجزأين بـ (أن) فيصحح على هذه اللغية، يعني البحث عن تصويب الأخطاء لا سيما إذا وقعت، وإيجاد مخرج لها في لغة العرب شيء طيب، لكن لا يعني هذا أننا لا ننكر على من نصب الجزأين، يعني ما يلزم أن نقول: أعد أذانك لأنك ما أتممت الخبر؛ لأن في من العرب وهم شواذ من ينصب الجزأين، لكن مع ذلك يبقى أن الصواب أن نرفع رسول؛ لأنه خبر (أن) وهو الخبر الجزء المتم الفائدة، يعني بدونه لا فائدة من الجملة.
"أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله" هنا من غير ترجيع في أذان بلال الذي رآه عبد الله بن زيد ما فيه ترجيع، بينما في أذان أبي محذورة فيه الترجيع، فيأتي بالشهادتين بصوت منخفض، ثم يأتي بهما بصوت مرتفع، والإمام أحمد -رحمه الله- يرجح أذان بلال من غير ترجيع، بينما الأئمة مالك والشافعي يرجحان أذان أبي محذورة، وأبو حنيفة كقول الإمام أحمد يرجح أذان بلال.
(30/6)
________________________________________
مالك والشافعي يرجحان أذان أبي محذورة، ويختلفان في التكبير، فمالك عنده تكبيرتان فقط، الله أكبر الله أكبر، بينما عند الشافعي أربع تكبيرات، بتربيع التكبير مع الترجيع، الترجيع عرفناه وهو أن يقول: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، بصوت منخفض، ثم يرفع بهما صوته، هكذا علمه النبي -عليه الصلاة والسلام-، أعني أبا محذورة، وأبو محذورة شاب يلعب مع الغلمان، لما سمع الأذان أذان بلال استهزأ به وقلده بعد فتح مكة، فقلده بصوت جميل، فدعي وأتي به إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلمه الأذان، وجعله مؤذناً بمكة.
من رجح أذان أبي محذورة قال: علمه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وألقاه عليه بالحرف، وهو بعد الأذان الأول، أذان بلال الذي رآه عبد الله بن زيد، فهو آخر الأمرين، عرفنا أن أذان عبد الله بن زيد الذي ألقاه على بلال اكتسب الشرعية بالإقرار، والإقرار سنة ترفع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- كالقول والفعل، فكونه علمه أبا محذورة لا يعني أن غيره لا ينسب إليه، ولا يضاف إليه، وكونه متأخر عن أذان عبد الله بن زيد لا يعني أنه ناسخ بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لما رجع إلى المدينة استمر على أذان بلال، فليس بمنسوخ، وإن كان أذان أبي محذورة متأخراً عنه.
غاية ما يقال في مثل هذا أنه يجوز الأمران، يجوز الأذان بالصيغتين المعروفتين أذان بلال وأذان أبي محذورة، ولا إشكال في هذا، هناك من الأذكار ما جاء على صيغ كأدعية الاستفتاح والتشهدات، وقول ربنا ولك الحمد، وغير ذلك كثير كلها ثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- واختلافها إنما هو اختلاف تنوع لا اختلاف تضاد، ومن رجح هذا على هذا فلا يلام؛ لأن الكل ثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومن عمل بهذا مرة وبهذا مرة فقد أصاب؛ لأنها كلها ثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
(30/7)
________________________________________
من أهل العلم من لا يرى الترجيع، وأن إلقاؤه على أبي محذورة ليس من باب التشريع، وإنما لأن أبا محذورة أذن مستهزئاً، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام- في أذانه: أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، سراً ليكون أقرب إلى الإخلاص؛ لأنه قالها مستهزئاً ما وقر الإيمان في قلبه، ثم بعد ذلك يعلنه للناس كجمل من جمل الأذان، وحينئذٍ لا يكون الترجيع مشروعاً للجميع، إنما هو مشروع لهذا الشخص الذي أذن مستهزئاً؛ ليقول الجملتين الركن الأول من أركان الإسلام ليدخل في الإسلام بصدق وإخلاص يقولهما سراً، ثم بعد ذلك يعلنهما على الملأ؛ لأنه لو قالهما على الملأ لقلنا: إن هذا إنما هو قاله استجابة وتقليد ومجرد امتثال ظاهر، وأما الباطن فيحتاج إلى انقياد واعتراف بإخلاص، ويليق بمثل هذا المستهزئ أن يقال له: اعتقد وأقر بنفسك، واشهد الشهادتين بينك وبين نفسك، ثم أعلن ذلك، هذا قال به بعض أهل العلم ممن لا يرى الترجيع مطلقاً، والمرجح أن الترجيع ثابت، ولا إشكال فيه بتعليمه -عليه الصلاة والسلام-، والعلة والقول الذي أبدوه لا شك أنه وإن كان له وجه إلا أنه لا يعني أن الترجيع لا يكون مشروعاً من أجل هذا؛ لأن ألفاظ الأذان تعبدية لا يجوز الزيادة عليها ولا النقص منها، ما دام ألقاه عليه النبي -عليه الصلاة والسلام-، وفعله وكرره بجميع أذانه، يعني لو كان الأمر كما قيل لكان في أول مرة أول أذان ثم يترك، ما يستمر عليه، لكن ما دام أبو محذورة استمر على الترجيع، نقول: إنه مشروع تشريعاً عاماً، ويبقى المفاضلة بينه وبين أذان بلال، ولو قيل: إنه من باب اختلاف التنوع فيؤذن مرة بأذان بلال، ومرة بأذان أبي محذورة لكان له وجه، بل أوجه.
"حي على الصلاة، حي على الصلاة" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه أربع، أربع.
(30/8)
________________________________________
"حي على الصلاة، حي على الصلاة" وبعض الناس يقف عليها تاء حي الصلاة، حي على الصلاة، معروف أن هذه التاء أصلها الهاء، فإذا وقف عليها يقال: الصلاة، التاء هذه المربوطة المشبهة للهاء إنما تنطق في الدرج لا في الوقف، أما إذا وقف عليها تعود إلى أصلها الهاء حي على الصلاة، حي على الصلاة، وبعض العوام لا سيما من هو موغل في العامية، ممن لم يرفع لتعلم الدين وإن كان عنده عاطفة وعنده صلاح ظاهري غير مبني على علم من النساء، أو من أشباه النساء ممن أوغل في العامية أو من الأطفال أو ما أشبه ذلك أحياناً يقول: حي على الصلاح مثل الفلاح، وهذه سمعناها، هذا مجرد يسمع، ولا يتبين ما يسمع، وهذا يوجد في بعض الألفاظ، بعض الناس يسمع طرف الكلمة ثم يأتي بمثيلتها مما هو على ميزانها الصرفي، ولا يتبين، هذا الكلام ما هو بصحيح، لو أذن به بطل الأذان، وبعض المؤذنين ويوجد في مساجد المسلمين من يؤذن أذان لا يجزئ، لكن الناس يهابون الإنكار، ويتساهلون فيه، وبعض المؤذنين عوام إذا أنكرت عليه قد تثور حفيظته، ويخرج عن طوره، حتى أنه بعض العلماء سمع أذان مؤذن ورث الأذان عن أبيه عن جده من مئات السنين، وقال: أذانه باطل، طيب ماذا نصنع؟ لا يستطيع أن يغير هذا الأذان، قال: يعزل، قالوا: لو عزل لجن، قال: يجن، هذه عبادة هذه، فالأذان مشكلة، يعني بعض المؤذنين لا بد من أن يتعلم الأذان، وأذكر قبل سبع أو ثمان سنوات في جهة في شمال غرب المملكة عُقد دورة للأئمة والمؤذنين، وعلموا الأذان، ما في ما يمنع، بعض الأئمة يقرأ قراءة تبطل الصلاة، سمعناه يعني في وسط مدينة، يقول: "ثم لا تسألن يومئذٍ عن النعيم" الصلاة صحيحة وإلا باطلة؟ هذا قلب للمعنى هذا، فمثل هذا مشكل، لا بد أن يوقف الناس عند حدهم، يعني والمجاملة في مثل هذه الأمور لا تجدي والاستمرار على مثل هذا، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
(حيآ) بعضهم يمدها، ونسمع في مسجدنا هذا؟
طالب:. . . . . . . . .
عص كذا؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه أسمع مؤذناً جزاه الله خير شف ترى العجب، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(30/9)
________________________________________
هذا إذا كان لا يستطيع مثلما يقول: الهمد لله، إذا كان لا يستطيع هذه قدرته، لكن ما يصلي بالناس، إذا وجد غيره لا يجوز؛ لأن هذا تحريف، ما يكفي أن يقال: هذا لحن، لا، هذا تحريف، يعني مثل إبدال الضاد بالظاء مع أنه أشار الأزهري إلى أن من العرب من يقول: ضهري، ويبدل يقول: يبدل الحرفين بعضهما من بعض، هذا موجود في لغة العرب، لكن هذا تخريج ما هو الأصل.
طالب: أحسن الله إليك إمام مسجد يغلبه لسانه على لهجته فيبدل القاف غين فيقول: الصراط المستغيم موجود هذا، اهدنا الصراط المستغيم.
بعض أهل البادية يقول: المستكين، تحريف هذا ليس بمقبول إطلاقاً، لكن إذا كان لسانه لا يطاوعه وصلى بمثله.
طالب: لا يصلي بعامة الناس.
إن صلى بمثله لا بأس.
طالب: لا لا يصلي بعامة الناس.
أما يصلي بعامة الناس فلا، بعض البادية يقول: المستكين، وأما سمع الله لمن حمده يمكن تسمعون كثيراً هذه عند البادية فيها تحريف.
طالب: لكن السؤال يا شيخ هل يصلى خلفه إذا لم يكن إلا هذا المسجد وهو يقول: الصراط المستغيم؟
إذا وجد له تخريج في لغة العرب، وصلي خلفه تصحح الصلاة، أما إذا قبل الصلاة فلا، لا يصلي وراءه، نعم إذا وجد تخريج في لغة العرب ما وجد خلاص تعاد الصلاة، إذا كان اللحن يحيل المعنى، وهذا في الفاتحة كما هو معلوم المستقيم في الفاتحة، ركن من أركان الصلاة.
"حي على الصلاة" هذا النداء للحضور إلى الصلاة، ومعلوم حال السلف، بل كثير منهم أنه لا ينتظر إلى أن يدعى إلى الصلاة، حتى قال قائلهم: إن من لا يحضر إلى الصلاة حتى يدعى أنه رجل سوء، لكن على كل حال معروف أن التقدم إلى الصلاة مطلوب مرغب فيه، لكنه ليس بواجب، ولا يأثم تاركه، وإذا حضر الإنسان وأدرك تكبيرة الإحرام فهو على خير عظيم، وإذا فاته شيء من صلاته، وأدرك الجماعة أيضاً على خير، لكن لا ينبغي أن يعرف طالب العلم بهذا، والله المستعان.
"حي على الفلاح" يعني الفوز التام في الدنيا والآخرة، ولا يوجد كلمة تقوم مقام هذه الكلمة.
(30/10)
________________________________________
"الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله" ثم بعد ذلك الإقامة، وهي الدعاء للدخول في الصلاة: "الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الفلاح، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله" في الحديث الصحيح أمر بلال أن يشفع الأذان، ويوتر الإقامة، وفي رواية: إلا الإقامة، أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة، مقتضى هذا الحديث أن تكون جميع جمل الأذان شفع، لكن يرد على هذا لا إله إلا الله في آخر الأذان مرة واحدة وتر، وعلى هذا يُحمل قوله: "أمر بلال أن يشفع الأذان" على الغالب، ويوتر الإقامة، إذا قال: الله أكبر الله أكبر، هذا شفع وإلا وتر؟
طالب: شفع.
يعني بنفس واحد، إذا جمع بينهما إذا قلنا: الله أكبر الله أكبر، الله أكبر الله أكبر بنفسين، قلنا: هذا شفع، وهو شفع سواءً كانت اثنتين أو أربع هو شفع على كل حال، لكن في قوله: الله أكبر الله أكبر، وعندنا أيضاً الله أكبر الله أكبر مرة ثانية، وعندنا قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، هل تحقق الأمر بوتر الإقامة؟ إلا إذا قلنا: إن اقتران التكبير الله أكبر الله أكبر يجعله جملة واحدة ينتفي الإشكال، ويبقى قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة شفع؛ لأنها مستثناة إلا الإقامة، المالكية يحققون في هذا، ويدققون أن الإقامة وتر في جميع جملها حتى الله أكبر ما يقولونها إلا مرة واحدة تبعاً للأمر بإيتار الإقامة، لكن إذا جيء بالتكبير مقروناً انتفى الإشكال، فكأن الجملتين جملة واحدة، وتبقى قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة على الاستثناء، لا نستطيع أن نقول: إن هذا بناءً على الغالب كما قلنا في الأذان؛ لأن هذا كثير يعني كم جملة شفع، نعم ثلاث جمل.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما تستثني إذا قلت على الغالب، أدخل حتى المستثنى في الحكم، إيه، فإذا قرنا بين لفظي التكبير، أو جملتي التكبير نكون قد جعلنا الإقامة وتراً امتثالاً لأمره -عليه الصلاة والسلام-، ولا يرد علينا هذا الإشكال الذي يورده المالكية.
الحنفية عندهم الإقامة كالأذان جملها سبع عشرة جملة مثل الأذان، ولا فرق، نعم؟
(30/11)
________________________________________
طالب: لو كان في بلد يزيدون فيها حي على خير العمل هل يعتد بأذانهم أو يؤذن لنفسه؟
وهو معتد بصلاتهم وإلا ما هو معتد؟
طالب: اللي يصلي هناك لا يعتد بصلاته.
على كل حال إن صلى وحده أو صلت جماعة انفردوا عن هؤلاء أو وجد جماعة تعين عليه، وإن كان ممن يصح الاقتداء بهم وزادوا ابتدعوا، ولا شك أن الزيادة على جمل الأذان بدعة، وبدعة منكرة وشنيعة؛ لأن الأذان توارثته الأمة من عصره -عليه الصلاة والسلام- إلى يومنا هذا بدون زيادة ولا نقصان، نعم يوجد بعض المبتدعة ويتمسكون بشيء يؤثر عن بعض الصحابة، لكن لا يثبت ما يذكر عن ابن عمر من قوله: حي على خير العمل، هذا لا يثبت عنه، ولم يرد بها نص صحيح إطلاقاً، قد يسندون ذلك إلى بعض أئمتهم، لكن العبرة بما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
"ويترسل في الأذان" بعض النسخ: يسترسل، ويحدر الإقامة، يترسل يتريث في الأذان، يمده مداً لا يخرجه عن مقصوده، ولا يلحقه بأصوات المجان من المغنين وغيرهم، وتلحين الأذان معروف كرهه السلف، لا بد أن يكون الأذان سمحاً سهلاً، لكن يترسل فيه، ويترسل فيه ترسلاً معقولاً لا يزيد في المدود بحيث يزيد في الحروف، ولا يكثر الفصل بين الجمل، ويوجد بل وجد توفي منذ سنين من يقطع جمل الأذان بقدر السحور في رمضان مدة نصف ساعة هذا إشكال، الفصل بين الجمل فصل يطول يبطل الأذان، ولا بد من استئنافه، والله المستعان.
على كل حال الاسترسال في الأذان من أجل أن يبلغ البعيد؛ لأنه إذا ألقي بسرعة وانتهى وتدارك فإن البعيد لا يتبين هل هو أذان أو غير أذان، فإذا ترسل فيه ومدت الحروف مداً لا يخرجه إلى زيادة في الحروف أو تغني بألحان أهل المجون، فإن هذا هو المطلوب، يعني يسترسل ويحدر الإقامة، يعني يسرع فيها؛ لأنها إعلام للحاضرين فلا تحتاج إلى ترسل، ولا استرسال.
"يقول في أذان الصبح: الصلاة خير من النوم" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش لون؟
طالب:. . . . . . . . .
أيوه؟
طالب:. . . . . . . . .
بإقامة بلال.
طالب:. . . . . . . . .
لا، هو ألقى عليه الأذان، وألقى عليه الإقامة.
طالب:. . . . . . . . .
(30/12)
________________________________________
الصفات كثيرة، يعني من نظر إلى اختلاف الرواة؛ لأن مثل هذه الأمور مثل هذه الروايات، يعني لو جمعنا ألفاظ الأذان بالروايات المختلفة، أقول: لو جمعنا لوجدنا فيها اختلاف، لكن العبرة بما تواطأ عليه الرواية مع العمل؛ لأن من أهل العلم من يعد اختلاف الرواة اختلاف في الروايات واضح؟ مجرد اختلاف من راوٍ من الرواة يضيفه إلى اختلاف .. ، يجعلها رواية، فيصحح الجميع، بناءً على أنه اختلاف تنوع، ولو كان مرد ذلك إلى خلاف راوٍ من الرواة دون غيره، ويهاب الحكم على رواية هذا الراوي لأنه ثقة، يهاب أن يحكم عليها بالشذوذ، ومن أهل العلم من يجزم فيحكم على المحفوظ بأنه هو الصحيح، وما عداه شاذ، ولو كان راويه من الثقات، فيجعلون التعدد مخرج، الطائفة الأولى الذين يحملونه على التعدد يجعلونه مخرج من اختلاف الرواة الثقات، صيانة لهؤلاء الرواة عن التوهيم، ومنهم من يقول: لا، يثبت شيء واحد، ويحكم على ما عداه بالشذوذ، لا سيما إذا اتحد المخرج، وعرف أنه لم يحصل إلا مرة واحدة، يعني كم مرة علم النبي -عليه الصلاة والسلام- أبا محذورة الأذان؟ كم؟ مرة واحدة، كم سمع من عبد الله بن زيد وقال: ((ألقه على بلال))؟ مرة واحدة، فمثل هذا لا بد من ترجيح الراجح، والحكم على ما عداه بالشذوذ، ومن أهل العلم من يرى أنه لو زاد راوٍ خلاص ما دام ثقة تزاد، يعني نظير ما جاء في صفة صلاة الكسوف، يعني الثابت في الصحيحين أن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعين، وجاء في مسلم ثلاث ركوعات، وأربع ركوعات، وجاء في غيره خمس ركوعات الذي يصون، الذي يحرص على صيانة الرواة الثقات من الوهم يقول: كل هذه الصفات صحيحة، كلها ثابتة، ومثل هؤلاء لا شك أنهم عندهم صيانة للصحيح، وصيانة للرواة الثقات، لكن هذا إذا لم نعرف أن القصة لم تتعدد، لا يبنون على ذلك تعدد القصة، ويوهمون المؤرخين الذين لم يقولوا بتعدد القصة، لكن من أهل العلم من عنده جرأة، يعني ما جاءت من فراغ هذه الجرأة، جاءت من علم وثبات ورسوخ، فيحكمون على الصحيح بأنه هو المحفوظ وما عداه .. ، أو الراجح هو المحفوظ وما عداه شاذ.
(30/13)
________________________________________
شيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: الكسوف ما حصل إلا مرة واحدة وإبراهيم لم يمت إلا مرة واحدة، هذا تأكيد من شيخ الإسلام.
مسألة اختلاف الرواة لا شك أنها من المسائل الدقيقة عند أهل الحديث، ولا يتسنى لكل طالب حديث أن يتخلص من مثل هذه المسائل؛ لأنه قد يجرؤ جرأة الأئمة من غير أهلية، فينفي ما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقد يجبن عما نفاه الأئمة، فينسب إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- ما لم يثبت عنه، وعلى كل حال أهل العلم في هذا على قولين، وهما صنفان من أهل العلم من لديه الجرأة التي يوهم بواسطتها الرواة، ويجزم بأن الراجح شيء واحد، وأن الأمر لا يقبل التعدد، وما عداه يحكم عليه بالضعف، فيرد، يعني مثلما قلنا في صلاة الكسوف، ومنهم من يقول: تعددت القصة، ويش المانع من أن تتعدد القصة؟ يعني نقل الرواة الأثبات لهذه الصفات دليل على أن القصة تعددت، ولا يقابل هؤلاء الرواة الثقات بأقوال غيرهم من مؤرخين أو أخباريين وما أشبه ذلك، ومثل هذا ما معنا، يعني هذا أقرب إلى عدم التعدد، يعني هما أذانان أذان بلال، وأذان أبي محذورة، والمؤذين، من وجد من المؤذنين كسعد قرض أو غيره يؤذن بأذان أحد هذين المؤذنين، وما يختاره بعض العلماء بناءً على اختلاف هؤلاء الرواة لا شك أن المسألة تحتاج إلى تحري؛ لأن هذه عبادة توقيفية لا تجوز الزيادة عليها ولا النقص منها، فلا بد من تحري الثابت عن النبي -عليه الصلاة والسلام-.
عندنا في الطبعة الأولى وضع على جمل الأذان وجمل الإقامة خطوط، أظن ما عندكم؟
طالب:. . . . . . . . .
(30/14)
________________________________________
وضعوا عليها خطوط، على الجمل، وقال المعلق هكذا: إن وضع الخطوط فوق الجمل التي يراد التنبيه عليها هي عادة أسلافنا، الآن تواطأ الناس على وضع الخط تحت الكلمة اشرح ما تحته خط، حتى في العلوم الشرعية والطلاب الشرعيين والمشايخ شيوخ العلوم الشرعية اشرح ما تحته خط، وهذه إنما عرفت من المستشرقين، والذي لديه أدنى خبرة بكتب أهل العلم من المسلمين سواءً في ذلك المخطوطة أو المطبوعة قديماً كلها يضعون الخط فوق الجملة أو فوق الكلمة المهمة، وأذكر مرة في الأسئلة قلت للطلاب: اشرح الكلمات التي فوقها خط فشرحوا الكلمات التي تحتها الخط، مع أنه مبين في السؤال جرياً على العادة ومشياً على الجادة.
هذا سؤال يقول: إن الشيخ فلان يعني من كبار أهل العلم المعروفين المعتبرين قال قبل فترة: إنه لا يوجد في هذا العصر ممن هو عارف بأحوال الرجال أحد فحبذا لو بينتم لنا حتى لا يلتبس الأمر علينا؟
إن كان المقصود بالرجال رجال الحديث الذين على طالب العلم أن يعرف منهم ما يستطيع به التمييز بين الصحيح الضعيف، والمقبول والمردود إذا أراد أن يتأهل ليكون عالم أمة ترجع إليه فهذا بالإمكان، والنفي ليس بوارد، نعم الإحاطة ومعرفة المتأخر كمعرفة المتقدم من أهل العلم الذين عاصروا الرواة وعايشوهم هذا لا يمكن، يعني حتى ابن حجر لا يستطيع أحد أن يقرنه بأبي حاتم أو أبي زرعة أو أحمد بن حنبل أو ابن معين؛ لأن هؤلاء عاصروا الرواة، وهذا تأخر عنهم قرون فكيف بمن جاء بعده؟ يعني كون المعرفة مثل معرفة الأئمة الذين عاصروا الرواة هذا مستحيل، وعليه يتنزل كلام الشيخ؛ لأنه مهما عملت، ومهما بحثت في حال هذا الرجل لن تصل إلى قول مثل ما وصل إليه جاره من أهل العلم، يقول: هذا فلان يصلي معنا جارنا هذا يعرفون من حاله أكثر مما تعرف، ولو قرأت جميع ما كتب عنه، ويعرفون عنه أكثر مما عرف ابن حجر، إذا كان مراد الشيخ هذا صحيح؛ لأنه ليس الخبر كالعيان.
(30/15)
________________________________________
وإذا كان المراد أن طالب العلم لن يعرف من أحوال الرجال إذا بذل الجهد في معرفتهم هذا الكلام ليس بصحيح، بل طالب العلم الذي يحرص على معرفة الرجال يحصل لديه خبرة ولديه ملكة بمعرفة أحوالهم لا تحصل لغيره ممن لا يعتني بمثل عنايته، أو يكون اطلاعه أقل أو تكون حافظته أقل، يعني شرحنا مراراً لمعرفة هذا العلم الصعب في مناسبات كثيرة قلنا: طالب العلم يجعل التقريب عنده محور عمل، فيمسك الراوي الأول ويحضر معه تهذيب الكمال مثلاً، وينظر ما قيل في هذا الراوي، ينظر في حكم ابن حجر، وينظر ما قاله الأئمة في كتبهم الأصلية، يرجع إلى التاريخ الكبير، يرجع إلى الجرح والتعديل، يرجع إلى الثقات، يرجع إلى المجروحين، يرجع إلى الكمال، يرجع إلى تهذيبه وتذهيبه كل الكتب يجمعها وينظر ما قيل في هذا الرجل، هذا بعد أن يعرف قواعد الجرح والتعديل، وتتكون لديه أهلية النظر في هذا الفن، يعني يديم النظر في أحكام أهل العلم على الأحاديث، وكيف يتخرجون منها؟ وكيف؟ فقد يضعفون راوٍ في هذا الحديث ويوثقونه في حديث آخر، يضعفونه في هذا الشيخ، ويوثقونه في شيخ آخر، هذا العلم دون الإحاطة به خرط القتاد، لكن من سار على الدرب وصل، ولا يطمع إنسان أنه يصل إلى الغاية في هذا الباب أبداً، لكن تتكون لديه أهلية، وتتكون لديه حصيلة، ومن خلال إدامة النظر في كتب الرجال وأقوال أهل العلم وأحكامهم على الرجال، وأحكامهم على الحديث تتكون لديه أهلية، فإذا مسك التقريب ومسك الرواة واحداً بعد الآخر، وقارن بين أقوال الأئمة وجد هذا الراوي قال فيه ابن حجر: ثقة، ثم رجعنا إلى تهذيب الكمال، وجدنا فيه عشرين قولاً، عشرة وثقوه بإطلاق، وخمسة ضعفوه بإطلاق، وأربعة وثقوه مقرون، وواحد وثقه بالتقييد بالنسبة لفلان أو بالنسبة للحديث الفلاني استطعنا أن ننظر ونوازن بين هذه الأقوال.
(30/16)
________________________________________
فالمسألة تحتاج إلى وقت، علماً بأن إدامة النظر في رجال الصحيحين تجعل لدى طالب العلم كمية كبيرة من الرواة، هؤلاء لا يحتاجون إلى نظر في الجملة، لا سيما إذا قرأ في الشروح التي تعتني بالرواة، وتبين أحوالهم والطرائف عنهم التي تجعل الراوي يدخل إلى سويداء القلب، فالقراءة في الشروح تنفع طالب العلم، يعني لو قرأ الطالب في إرشاد الساري مثلاً أو في العيني الذي يترجم للرواة في كل مناسبة، أو في الكرماني الذي يذكر أطرف ما يقال، أو ما يذكر في ترجمة هذا الراوي، يعني لما تنتهي من هذه الشروح يكون لديك كمية كبيرة من الرواة هؤلاء لا يحتاج إلى أن تراجع فيهم أحد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على قلة النووي، والنووي عنايته بالرواة إذا كان لديهم شيء من العمل من العبادة، يبين هذا، ويبرزه إبرازاً ظاهراً، يعني أكثر من عنايته بحفظ الرواة وضبطهم، وهذا شيء نافع أيضاً الإشادة بأهل العمل أمر مطلوب.
طالب:. . . . . . . . .
يصير ملازم لهذا الشيخ، لازمه ملازمة تامة بحيث يعرف جميع ما رواه عنه ويضبطه، وسمع هذا الحديث من الشيخ مراراً، بينما ما لازم هذا الشيخ وما سمع منه مراراً فيضعف فيه.
يقول في أذان الصبح: الصلاة خير من النوم، وهذا يعرف عند أهل العلم بإيش؟ بالتثويب، وهو مشروع في أذان الصبح الثاني، جاء ما يدل في سنن النسائي على أنه في الأذان الأول، لكنه وإن صرح بأنه الأول إلا أنه الثاني؛ لأن أكثر الروايات على أنه الثاني، تحمل رواية الأول على أنه أول بالنسبة إلى الإقامة؛ لأن الإقامة أذان، وقد جاء في ذلك: ((بين كل أذانين صلاة)) والمراد الأذان والإقامة.
"الصلاة خير من النوم مرتين" الصلاة خير من النوم.
(30/17)
________________________________________
"وإن أذن لغير الفجر قبل دخول الوقت أعاد إذا دخل الوقت" وليحذر المؤذن كل الحذر، وينتبه إلى مسألة الوقت؛ لأن الناس يقلدونه في أركان من الإسلام في الصلاة، فقد يؤذن قبل الوقت ولو بدقيقة، ثم النساء وأهل الأعذار في البيوت يدخلون في الصلاة قبل وقتها، فتكون صلاتهم باطلة، وهو الذي غرهم، فيتحمل مسئولية بطلان صلوات مثل هؤلاء، وقد يؤذن قبل الغروب في الصيام، قبل الوقت بدقيقة فيأكل الناس قبل حل الأكل فيتعلقون به، فعلى المؤذن أن يتحرى ويحتاط لذلك.
"فإذا أذن لغير الفجر قبل دخول الوقت أعاد إذا دخل الوقت" لأنه لا يجوز الأذان، ولا يصح قبل دخول الوقت إلا في صلاة الصبح، يجوز تقديم الأذان قبل طلوع الفجر؛ لأنه ثبت أن بلالاً كان يؤذن بليل، ومن أهل العلم من يجوز الأذان قبل طلوع الفجر في حالة ما إذا وجد أكثر من مؤذن، مؤذن يؤذن قبل طلوع الفجر، والثاني يؤذن بعد طلوع الفجر، كما هو الحال في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام-: ((إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم)) نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الجواب يجي، ويستحب لمن سمع المؤذن أن يقول كما يقول، يأتي هذا في الدرس القادم -إن شاء الله-، والله أعلم.
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(30/18)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الصلاة (4)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"ولا يستحب أبو عبد الله أن يؤذن إلا طاهراً، فإن أذن جنباً أعاد" ولا يستحب أبو عبد الله المراد به الإمام أحمد بن محمد بن حنبل، صاحب المذهب الذي الكتاب المدروس في فقهه.
"ولا يستحب أبو عبد الله أن يؤذن إلا طاهراً" لأنه يلزم على عدم الطهارة الخروج من المسجد بعد الأذان، ويخشى أن يتناوله حديث عمار: "من خرج بعد الأذان فقد عصى أبا القاسم" "أما هذا فقد عصى أبا القاسم" وجاء أيضاً في الموطأ عن بعض التابعين: "وقد رأيتنا وما يخرج من المسجد بعد الأذان إلا منافق" هذا كلام شديد، ونرى الناس يتساهلون في هذا، ولذا لا يستحبون للمؤذن أن يؤذن إلا على طهارة؛ لئلا يحتاج إلى الخروج من المسجد، لكن لو أذن من غير طهارة صح الأذان، وإن كان له عذر بأن جاء متأخراً من مكان بعيد، فلو دخل بيته وتوضأ وتأخر على الأذان مثل هذا يؤذن ثم يتوضأ، هذا بالنسبة للطهارة الصغرى من الحدث الأصغر، أما إذا كان جنباً فالمسألة أشد، لا سيما إذا كان الأذان في المسجد؛ لأنه لا يجوز للجنب أن يدخل المسجد إلا عابر سبيل.
يقول: "فإن أذن جنباً أعاد" اعتمد المؤلف هذه الرواية التي جماهير أهل العلم على خلافها، الرواية الأخرى الموافقة لقول أكثر أهل العلم أن أذانه صحيح، ولا يلزمه الإعادة، ولو كان جنباً إلا أن الجنب أسوأ من المحدث، وأمره أشد، فإذا كان أذان المحدث حدثاً أصغر الذي يسوغ له الدخول في المسجد والبقاء فيه مفضولاً عند أهل العلم لما يترتب عليه من الخروج للطهارة، فلا شك أن الجنب الذي لم يؤذن له بدخول المسجد إلا عابر سبيل أشد، لكن الأذان صحيح، لماذا؟ لأن الجهة منفكة.
(31/1)
________________________________________
هذا إذا كان الأذان في المسجد، لكن لو كان بيته مجاوراً للمسجد، وبيته مرتفع، وجرت عادته أن يؤذن في سطح بيته، فيؤذن سواءً كان محدثاً أو جنباً، والأمر في هذا أسهل، إلا أنه جرت عادة النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه لا يذكر الله إلا طاهراً، ولذا تيمم لما سلم عليه المسلم، فرد عليه السلام -عليه الصلاة والسلام-، ولا شك أن الطهارة من الحدثين بالنسبة للأذان أكمل، وفرق بينما أن يكون الأذان في المسجد، وبين أن يكون خارج المسجد، والأثر المترتب على أذان المحدث خارج المسجد أخف من الأثر المترتب عليه داخل المسجد.
(31/2)
________________________________________
مسألة يحتاجها طلاب العلم يحتاجها بكثرة، لا سيما من له ارتباط بمسجد آخر، إمام أو مؤذن، ويحضر درس كهذا الدرس، ماذا يصنع إذا أذن المؤذن هل يخرج ليصلي بالناس من المسجد بعد الأذان أو يقال له: إذا رأيت المؤذن فاخرج قبل أن يؤذن؟ أو يقال له: لا تخرج؟ إن كان هناك من ينوب عنه في أذانه أو صلاته ممن يرتضيه الجماعة، وهو على مستواه، بحيث لا يفضل الجماعة الإمام الأصلي عليه، لا شك أن مثل هذا يقوم مقامه، وقد تخلف عن الإمامة بعذر، وطلب العلم لا شك أنه عذر، لكن لا يكون ديدن، إذا كان يعوقه عن صلوات كثيرة يترك المسجد، إن كان طلب العلم يعوقه عن صلوات كثيرة، أما الشيء اليسير فمعفو عنه، هذا معروف كما استثني وقت الظهر من أجل الدوام، فيستثنى مثل هذا على ألا يكون ديدناً وعادة بحيث يخل، أو ينيب من لا ترضاه الجماعة، هذا لا يكفي، لا بد أن ترضى الجماعة النائب كرضاهم به، إذا لم يجد من ينوب عنه، أو الجماعة ما يرضون، فإنه حينئذٍ يلزمه الخروج؛ ليصلي بالناس، لا سيما إذا كان يأخذ على ذلك أجراً، فيلزمه الخروج، لكن عليه أن يحقق المصالح الشرعية في هذا، فيخرج قبيل الأذان، لكن أحياناً الدرس ما يبدأ إلا قبيل الأذان، يعني ينشغل المعلم بأشياء هي نافعة في الجملة، إما إجابة أسئلة، أو شيء من هذا، ثم قبيل الأذان يشرع بالدرس، يكون حضوره للدرس قليل الجدوى بالنسبة له الذي حضر من أجله، يسمع له شرح جملة، وإلا حكم واحد، ثم بعد ذلك نقول له: اخرج من أجل ألا تقع في الحرج والمعصية، فلا شك أن المطلوب من الجميع التسديد والمقاربة، فعلى المعلم أن يلاحظ أحوال المتعلمين، وعلى المتعلم أيضاً أن يتسع صدره لمثل هذه التصرفات، لا سيما وأن العادة جرت بها، يعني يأخذ الأسئلة، لكن من أهل العلم من هو مستقل، ومنهم من هو مستكثر، وجاءت الطلبات من كثير من الإخوان يرون أن الأسئلة تترك بين الأذان والإقامة، تترك بين الأذان والإقامة، وهذا ما سيكون -إن شاء الله تعالى-، يبدأ بالدرس مباشرة، وبين الأذان والإقامة يجاب على الأسئلة.
طالب: لكن أحسن الله إليك لو أخر الخروج لأجل الدرس إلى ما بعد الأذان وهو يعني يغلب على ظنه .... يصلي في مسجده.
(31/3)
________________________________________
لا شك أن خروجه بعد الأذان لعذر شرعي، وبقاؤه إلى ما بعد الأذان لعذر شرعي، لكن إذا أمكن العمل بالنصوص كلها تعين، وإذا لم يمكن أقول: إذا لم يمكن لا شك أن النظر في بعض النصوص دون بعض أيضاً له وجه، والترجيح معروف عند أهل العلم، ترجيح المصالح والمفاسد والمفاضلة بين العبادات والفضائل لا شك أنه أمر مقرر عند أهل العلم، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن لماذا يشبه طالب العلم أمثال هؤلاء؟ وقد يقتدي به من لا يفعل فعله، والأقوى من ذلك كله مشابهة الشيطان؛ لأنه إذا نودي بالصلاة ولى، فيخشى من المشابهة.
طالب:. . . . . . . . .
يشمله حديث أبي هريرة، لا شك أنه بعد الأذان، وأنا سبق لساني في الكلام قلت: عمار الظاهر.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا لا، هو معروف من حديث أبي هريرة.
هناك مفاضلة بين العبادات، وهذا أمر قد يحتار فيه كثير من طلبة العلم، يرد عليه أكثر تتزاحم لديه العبادات بحيث يضطر إلى تفويت بعضها، فما الذي يفعله؟ وما الذي يفوته؟ لا شك أنه يسعى إلى تحصيل الأفضل، والأكثر أجر، وإن لزم عليه فوات الأقل، وإن أمكن الجمع بينها هو الأصل، إذا لم يمكن يفاضل، فهل بقاؤه في المسجد وسماع الدرس بحيث لا يترتب عليه تفويت واجب؛ لأننا لا نقارن واجب بسنة، ولا نفاضل بين واجب وسنة، إنما المفاضلة بين السنن هنا، فإذا كان يدرك الصلاة كاملة، وانتظر لئلا يشبه الشيطان إلى قرب الإقامة بقدر يكفيه للذهاب إلى مسجده، لا شك أن مثل هذا قد يتجاوز عنه، ويبقى بعد أيضاً هيبة النص والخروج من المسجد، ومع الأسف أنه يوجد من طلاب العلم من يدخل المسجد، بل يقصد أن يدخل المسجد للأذان، يعني من المؤذنين غير متوضئ ليكون مبرراً له في الخروج، لكن إذا قصد ذلك وقع في المحظور، كما أنه إذا دخل المسجد من غير وضوء من أجل إسقاط تحية المسجد، إذا قصد دخول المسجد من غير وضوء من أجل أن تسقط عنه تحية المسجد لا شك أنه كمن دخل متوضئاً ولم يصل؛ لأن الوسائل لها أحكام الغايات، والوضوء من أجل التحية حكمه حكم التحية، والله المستعان، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
الإيش؟
طالب:. . . . . . . . .
الخروج؟
(31/4)
________________________________________
طالب:. . . . . . . . .
هذا هو الموافق لفعل الشيطان، إذا ثوب للصلاة أدبر، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
أي حديث؟
طالب:. . . . . . . . .
فقد عصى أبا القاسم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا ما في إشكال -إن شاء الله-.
يقول: هناك من يحضر الدرس، ويتحجر مكاناً له في الصف الأول من بعد صلاة المغرب؛ ليصلي فيه العشاء، فلعلكم توجهون هؤلاء بالحكم الشرعي في هذه المسألة؟
مسألة حجز الأماكن، هذا الذي حجز المكان لا يخلو إما أن يحجزه ويخرج من المسجد، أو يحجزه ويبقى في المسجد، أو يحجزه ليعود إليه قريباً، فإن حجزه وبقي في المسجد هذا لا شك أنه سبق إليه، ولم يخرج من المسجد فله ذلك، وكذا إذا سبق إليه ثم خرج وعاد إليه قريباً له ذلك، لكن الإشكال فيمن يحجز المكان ويخرج يصلي المغرب ويخرج ولا يأتي إلا لإقامة العشاء من أجل أن يصلي في الصف الأول، ويدرك أجر الصف الأول، هذا ليس له أن يحجز، بل غيره أحق ممن جاء قبله أحق به منه.
"فإن أذن جنباً أعاد" وعرفنا أن قول الجمهور أنه لا يعيد، ويصح أذانه، والجهة منفكة، النبي -عليه الصلاة والسلام- دخل المسجد فأقام بلال، فتذكر النبي -عليه الصلاة والسلام- أنه جنب، والناس في الصف بعد إقامة الصلاة، فخرج النبي -عليه الصلاة والسلام- واغتسل ورجع، ولم يحتاجوا إلى إعادة الإقامة الأولى تكفي، ومثل هذه التصرفات لا بد من احتمالها من المأمومين، لا يقال: هذا خاص بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، الإمامة لها شأن في الشرع، وما دام رضيه الجماعة في صلاتهم عليهم أن يتحملوا، ولا يفتئتون على الإمام.
(31/5)
________________________________________
بعض الأئمة المسكين من كثر ما يسمع من الجماعة من الإهانات، قد يصلي وهو جنب؛ لأن الضغوط من كثرة تكرار الكلام في الإمام أحياناً الإمام جاء يصلي الراتبة وتحية المسجد خلف المؤذن، وخيار الناس الذين جاءوا وبادروا من الأذان مباشرة تجدهم يتكلمون في الإمام تأخر، وين راح؟ وين جاء؟ هذا لا شك أنه يعني أن الإنسان في مثل هذه الحالة يجلس في بيته إلى أن تقام الصلاة أفضل من أن يتقدم ويتكلم في الناس، بل زادت الفضول من بعض الناس الذين يتقدمون إلى الصلاة، شخص من طلاب العلم دخل وكبر لتحية المسجد أو الراتبة إن كان هناك راتبة وبجانبه شخص كبير السن متقدم جاء مع الأذان، فصار يتأمل في ثوبه، ويحسه بيده، ويقول: يمكن ها المسكين مغلوب بها الثوب عنده أنه زين وهو .. ، يقول هذا: والله ما أدري ويش أنا صليت؟ أنا أضحك وإلا؟ ويش دخله بالثوب هذا؟ صحيح الناس عندهم فضول كثير، لكن هذا أسهل من اللي يتكلم في الإمام ويسبه ويذمه ويشتمه.
واحد من طلاب العلم معروف أنه يتأخر في الإتيان إلى الصلاة، وقد يفوته شيء منها، لكنه إذا صلى جلس في المسجد، وقد يطيل المكث في المسجد، فواحد من الجماعة يكلم الثاني يقول: والله إن فلان ما شاء الله عليه يجلس بعد الصلاة، لكن ما أدري ويش اللي يؤخره عن الصلاة؟ يسولفون، وهو يسمع يعني وراهم هو، قال واحد: هو إذا أطلقته المرأة يبي يجي للمسجد، لكن متى ينطرد المسكين؟ هذا كل هذا وهم جايين من أجل الرباط، وحضور المسجد، وتصلي عليهم الملائكة، وتدعو لهم، لكن يأتون بما يناقض هذه الفضائل، فالتنبيه على مثل هذه الأمور لا بد منه، لا سيما بحضرتهم؛ لأنهم مساكين تجشموا وحضروا وتركوا أعمالهم وأشغالهم وجاءوا إلى المسجد، ثم يخرجون بدون فائدة، بل قد يأثم بعضهم إذا وقع في الغيبة، قد يأثم بعضهم، والله المستعان.
(31/6)
________________________________________
يقول -رحمه الله-: "ومن صلى صلاة بلا أذان ولا إقامة كرهنا له ذلك ولا يعيد" حكم الأذان والإقامة من أهل العلم من يرى أنهما سنة، ومنهم من يقول بالوجوب، ومنهم من يقول بأنه فرض كفاية، ومن قال بالوجوب وأطلق فمراده فرض الكفاية؛ لأنه لا يلزم كل أحد أن يؤذن ويقيم، لكن في بعض الصور يتناولها الوجوب الذي أطلق، ولا يتناولها فرض الكفاية كالمنفرد مثلاً، المسبوق منفرد، من أهل العلم من قال: إنه يؤذن ويقيم، وإذا قلنا: فرض كفاية اكتفينا بالمساجد ولا عليه شيء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الوجوب فيما يتحقق به الأمر، هذا فرض كفاية فيما يتحقق به الأمر، يعني إذا افترضنا أنه في حي من الأحياء عشرة مساجد وأذن خمسة أو ستة، وسمع أهل الحي كلهم سمعوا الأذان، بقي في حق الباقين سنة، وهذا يستفاد منه أنه إذا تأخر على الأذان، إذا تأخر نام عن أذان الصبح إلى ما بعد ربع ساعة من أذان الناس نقول: لا تؤذن تشوش على الناس، خلاص المقصود حصل، وعرف الناس أن الوقت قد دخل بأذان غيرك؛ لأنه فرض كفاية.
"ومن صلى صلاة بلا أذان ولا إقامة كرهنا له ذلك" وهذا يمشي ويجري على قول من يقول: بأن الأذان والإقامة سنة.
(من) هذه من صيغ العموم تتناول الجماعة وتتناول المنفرد؛ لأن (من) إذا أعيد عليها الضمير مفرداً صارت مفرد، وإذا أعيد عليها الضمير جمعاً صارت للجمع، وقد يعاد عليها عدة ضمائر بعضها مفردة، وبعضها إيش؟ جمع، فيعاد الضمير مفرد نظراً إلى اللفظ، ويعاد الضمير مجموعاً نظراً إلى الجماعة.
"من صلى صلاة بلا أذان ولا إقامة كرهنا له ذلك ولا يعيد" يعني هل الكراهة هذه في صلاته "من صلى" شوف الحديث عن الصلاة "من صلى صلاة بلا أذان ولا إقامة كرهنا له ذلك ولا يعيد" بمعنى أنه هل مثل هذا الفعل أعني ترك الأذان والإقامة من مكروهات الصلاة؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(31/7)
________________________________________
يعني نقول: هل هذا من مكروهات الصلاة؟ لأنه يقول: "من صلى صلاة بلا أذان ولا إقامة كرهنا له ذلك ولا يعيد" يعني هل الكراهة متجهة إلى الصلاة أو إلى ترك الأذان؟ والصلاة كاملة إذا أديت بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها، لا يخدش في الصلاة ذاتها ترك الأذان والإقامة، وإنما باعتبار .. ؛ لأن الأذان والإقامة ليسا بجزء من أجزاء الصلاة.
نتأمل في العبارة مرة ثانية لأنه يقول: "من صلى صلاة بلا أذان ولا إقامة كرهنا له ذلك ولا يعيد" "كرهنا" قلنا: إنه جار على قول من يقول بسنية الأذان والإقامة، وهل يلزم من ترك السنة الكراهة أو لا يلزم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ليس بلازم، وقد يلزم؛ لأن الحدود حد المكروه وحد السنة متضادان، فيلزم من ارتفاع أحدهما وجود الآخر إذا لم يكن له إلا ضد واحد، أما إذا كان له أضداد فلا يلزم، وهذا فرع من مسألة معروفة في الأصول، الأمر بالشيء هل هو نهي عن ضده أو لا؟ وعرف أنه إذا لم يكن له إلا ضد واحد نهي عن ضده، وإذا كان له أضداد فلا.
"من صلى صلاة بلا أذان ولا إقامة كرهنا له ذلك ولا يعيد" يعني هل الكراهة دخلت في الصلاة، أو دخلت فيما تركه من عمل والصلاة كاملة إذا أديت بشروطها وأركانها وواجباتها وسننها؟ ولذا لا يذكر مثل هذا في مكروهات الصلاة، كما أنه لا يذكر تمام المدة في نواقض الوضوء، مدة المسح؛ لأن هذا أمر خارج.
"كرهنا له ذلك ولا يعيد" طيب من أوجب الأذان والإقامة يعيد وإلا ما يعيد؟ نعم؟ لا يعيد على مذهب جماهير أهل العلم في مسألة النهي إذا عاد إلى أمر خارج فإنه لا يؤثر، مع ارتكاب المحظور في ترك المأمور، وهذا معروف، لا يعيد، لكن من أهل العلم من يرى أنه يعيد مطلقاً، ومنهم من يرى أنه يعيد في الوقت، لكن عامة أهل العلم على أنه لا يعيد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، ترى لا يعيد ليس خاصاً بالصلاة، لا يعيد يحتمل أنه لا يعيد الأذان مع الصلاة، أو لا يعيد الصلاة فقط؟ ومن لازم إعادة الأذان إعادة الصلاة.
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
هو ما يلزم إذا قلنا بالانفكاك، وأن الأذان لغير صلاة ممكن؟ ليش يؤذن؟
طالب:. . . . . . . . .
(31/8)
________________________________________
إذا قلنا: "كرهنا له ذلك ولا يعيد" من قال: يعيد ما مراده؟ يعيد الأذان وإلا يعيد الصلاة؟ يعيد الصلاة بالأذان، إذ لا يمكن إعادة الأذان فقط؛ لأن الأذان إنما شرع للصلاة، فإذا لم يطلب الغاية والمقصد لا تطلب الوسيلة، يعني كمن جزم يقيناً أن الناس قد صلوا، هل نقول: اذهب إلى باب المسجد وارجع كما لو أدركت الصلاة؟ نقول: الذهاب إلى المسجد إنما شرع للصلاة مع الجماعة، فإذا فاتت الغاية فاتت الوسيلة.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، يعني هل يلزم من هذا ذكر ضمن مكروهات الصلاة ترك الأذان والإقامة؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا هذا أمر خارج، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
ما أسمع.
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل الجماعة على القول بوجوبها أو القول باشتراطها أو القول باستحبابها هل لها أثر في الصلاة أو لا أثر لها؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
القول بالاشتراط ما فيها أدنى إشكال أن لها أثر؛ لأنه إذا عاد النهي إلى الشرط بطلت العبادة معروف، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الشرط نعم مؤثر، أما ما عداه فالصلاة بحد ذاتها صحيحة ومجزئة وكاملة، إلا أنه ترك واجباً يعاقب عليه.
طالب:. . . . . . . . .
مثله، مثله، قريب منه.
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن هذا أمر خارج، أمر خارج رتب عليه أجر ((صلاة الجماعة تفضل صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة)) صلاة الرجل وحده لها أجر، صلاته مع الواحد لها أجر، مع الاثنين مع الجماعة كل شيء له أجره.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن هذا أمر ينظر فيه إلى أمر خارج لا لذات الصلاة، لا لذاتها.
على كل حال هذه المسألة معروفة عند أهل العلم، والأمر الخارج هل له أثر أو ما له أثر؟ من أهل العلم من يقول: كل نهي يبطل العبادة، وهذا معروف عند الظاهرية، كل نهي ولو لم يعد إلى الشرط ولا إلى الجزء الذي هو الركن.
"كرهنا له ذلك ولا يعيد" في شيء؟
طالب:. . . . . . . . .
المسبوق؟
طالب:. . . . . . . . .
(31/9)
________________________________________
المنفرد هل يؤذن أو لا يؤذن؟ من أهل العلم من يستحب له ذلك، ومن أدلتهم: ((أنه ما من صاحب غنم في شعب من الشعاب يؤذن فيسمع أذانه حجر ومدر إلا شهد له)) وهذا معروف، فيستحب للمسبوق المنفرد أن يؤذن هذا لا سيما إذا كان بعيداً عن المساجد التي أذنت، وأسقطت الواجب، أما الإقامة فهي مشروعة في حق كل أحد، والخلاف في المرأة، المرأة يقول أهل العلم: ليس عليها أذان ولا إقامة، وهل حكمها حكم المنفرد تقيم فقط أو لا؟ أهل العلم يطلقون أنها ليس عليها أذان ولا إقامة، ومنهم من يقول: إن أقامت فحسن لعموم الأدلة.
قال -رحمه الله-: "ويجعل أصابعه مضمومة على أذنيه" هل المطلوب الأصابع أو يجعل السبابتين في الأذنين؟ نعم؟ جاء الخبر بهذا وهذا، لكن خبر جعل الأصبعين في الأذنين أصح؛ لأنه في الصحيح، وأما جعل الأصابع مضمومة على أذنيه هكذا فجاء به خبر لا يقوى على معارضة ما في الصحيح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني يقول هكذا؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هو لا شك أنه .. ، أقول: وضع اليد أو الأصبع في السبابة، أو عليها أجمع للصوت، وأبعد عن التشويش، ولذا ترون كثير من القراء يفعل هذا، يضع يديه على أذنيه، لكن مثل هذا لا أعرف فيه مستند، هم يضعون أيديهم على أذانهم؟ يضعونها.
"يجعل أصابعه مضمومة على أذنيه، ويدير وجهه على يمينه إذا قال: حي على الصلاة، وعلى -يساره أو على- يسرته إذا قال: حي على الفلاح".
(31/10)
________________________________________
"ويدير وجهه على يمينه إذا قال: حي على الصلاة" ليسمع من على يمينه الذين أمامه، يسمعون بقية الجمل واضحة، والذين على يمينه يسمعون الصوت أقوى إذا قال: حي على الصلاة، يدير وجهه على يمينه، والذين على يساره يسمعون الصوت أقوى إذا قال: حيا على الفلاح، وماذا عن الخلف؟ الذين هم في الخلف، الصوت ضعيف بالنسبة لهم؟ نقول: هكذا ورد، لكن يوجد ما يحقق المصلحة في الجهات كلها من غير استدارة، وهي المكبرات التي تجعل على الجهات الأربع، فيسمع الصوت من أمامه ومن خلفه ومن عن يساره وعن يمينه على حد سواء، ووجود مثل هذه المكبرات هل يلغي مشروعية الاستدارة؟ لا سيما وأن الأذان في السابق كان على مكان مرتفع، ويسمع الناس أكثر إذا استدار، أما الآن فالعلة قد ارتفعت، بل قد وجد ضدها، ضد العلة؛ لأنه إذا استدار عن المكبر ضعف الصوت، فهل نربط الحكم بعلته ويرتفع معها؟ يعني يقترن بها وجوداً وعدماً؟ إذا كان يزيد الصوت إذا التفت يثبت الحكم كما هو الشأن في ما كان قبل المكبرات، وإذا ارتفعت العلة وحل محلها الضد يضعف الصوت أو ينقطع فهل نقول: إنه يرتفع الحكم بحيث لا يشرع الاستدارة؟ أو نقول: إن الحكم ثابت، وقد يشرع الحكم لعلة وترتفع العلة ويبقى الحكم، كالرمل في الطواف، والخوف للقصر، ارتفعت هذه العلل، وبقيت الأحكام، لكن الحكم ما تأثر بعد ارتفاع العلة، أما في مسألتنا لا شك أن الحكم يتأثر ضعفاً أو مفاده يضعف، فالاستدارة إلى جهة اليمين والشمال لا شك أنها مضعفة للصوت، فهل نقول للمؤذن: لا تلتفت لا يمين ولا شمال، أو نقول: عليك ما ورد، وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع، وليس عليك من وراء ذلك شيء؟ لكن إن أمكن تحقيق العلة مع اتباع ما ورد فهو الأصل، بأن يكون المكبر متحرك يديره معه، إذا أمكن تحقيق هذه العلة مع المحافظة على أصل الحكم تعين، فإذا كان المكبر يدوي يلتفت به يميناً وشمالاً هذا لا ينازع فيه أحد، وأما إذا ارتفعت العلة .... الصوت، أو نقول: إن العلة معقولة ومعروفة والحكم يدور مع علته؟ وهل العلة مستنبطة أو منصوصة؟ هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
منصوصة وإلا مستنبطة؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
(31/11)
________________________________________
لفظها: "أتتبع فاه هاهنا وهاهنا" لكن ما في غيرها، هل قال ذلك لأنه أرفع للصوت؟
طالب: نص على الحكم ليس نصاً على العلة.
إيه ليس نصاً على العلة.
والحكم الذي يدور مع علته وجوداً وعدماً إذا كانت العلة منصوصة، أما إذا كانت مستنبطة فتبقى يعني مؤثرة لها أثرها في الإلحاق والقياس وغير ذلك، لكن لا يدور الحكم معها عدماً.
طالب: ليس هذا من باب الوسائل ...
أيو؟
طالب: اللي هو الاستدارة؟
لا، هو حكم مربوط بعلة، والعلة معقولة، ولذا تجد أن كثير من أهل العلم يفتي بأنه لا يستدير، وأحياناً -وهذا يستعمل، يستعمله بعض الحذاق ممن يريد إلفات النظر- يرفع الصوت أحياناً، ويخفضه أحياناً، وخفضه يثير الانتباه بحيث ينتبه لهذا المؤذن، فأنت إذا سمعت المؤذن بصوت على مستوى واحد، وألفت هذا الصوت أحياناً لا يثير انتباهك، وقد تغفل عن إجابته، لكن إذا كان قوي مرة ثم يضعف أحياناً، تساءل الناس انتهى الأذان، وقف الأذان، انقطع الأذان، ضعف الأذان، ثم يتجه ... ، وهذه من وسائل الدعاية للاستماع، تستعمل في أمور الدين والدنيا يعني ما فيها إشكال، ولعل هذا المأخذ الدقيق الغامض يلوح لبعض الإخوان مثلما لاحي لي، ما أدري والله ...
طالب:. . . . . . . . .
هو المقصود تبليغ من يدعى إلى هذه الصلاة، لكن ألا يحصل التبليغ بثلاث عشرة جملة؟ يحصل، وتبقى السنة المنصوصة نحافظ عليها، ولو ضعف الصوت ويش المانع؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، هو بينخفض تلقائياً من غير تعمد إذا استدار.
طالب: دعنا من الاستدارة يا شيخ لكن ما أشرت إليه ...
لا لا هذا في غير الأذان، هذا في غير الأذان يفعل يعني، حتى بعض كبار الدعاة وبعض كبار المعلمين وغيرهم تجده يثير الحاضرين بمثل هذا، يرفع صوته أحياناً، وأحياناً يخفضه.
طالب: هل يشرع هذا للمؤذن؟
لا لا المؤذن لا؛ لأن المقصود التبليغ، لكن إذا ترتب .. ، أقول: إذا كان أثراً للمشروع فمقبول، ما في إشكال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(31/12)
________________________________________
لا يجوز، ما يرفع الصوت مستواه واحد، لكن هذا أثر مترتب على حكم شرعي، الآن المسألة تقرير المسألة في أصلها، يعني كونه يستفاد من خفض الصوت أحياناً لا أقول: هذا في الأذان، لا، لكن من أثر الحكم الشرعي انخفاض الصوت تلقائياً إذا التفت، الحكم الشرعي يلتفت.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا تقصد لا، الأصل رفع الصوت وإبلاغ الناس، نعم؟
قال: "ولا يزيل قدميه" نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كون الصوت ندي، مؤثر في السامع هذا مطلوب، ولذا قال: ((ألقه على بلال، فإنه أندى منك صوتاً)) يعني أجمل صوت، لكن لا يلزم من هذا أن يخرجه عن أصله وسمته، ويدخل عليه بعض الأمور التي لا تجوز من تلحينه بلحون أهل الفسق، أحياناً يؤدى بأمور معروف عند أهل العلم حكمها المنع، فإذا مده مدوداً أكثر مما هو عليه، أو مد حرفاً في الأصل لا يُمد كالباء مثلاً في أكبر، هذا يحيل المعنى، يقولون: أكبار، هذا موجود يعني ما يحتاج أن نمثل له، هذا موجود، أكبار، أكبار هذه جمع كبر وهو الطبل، نعم، هذه حالة الحقيقة غير مقبولة، لا سيما وأن الطبل يكون خبراً عن الله -جل وعلا-، وهذا لا يجوز بحال، وهناك أمور كثيرة يعني، مثلما قلنا في محمداً رسول الله، وعلى كل حال المؤذن عليه أن يتقي الله -جل وعلا-؛ لأن هذه عبادة، وإذا كان لا يعرفها بدقة عليه أن يتعلمها، ما في مانع من أن يتعلم من جديد.
والأمر الثالث: أنه إذا لم يستطع ولسانه لا يطاوعه عليه حينئذٍ أن يعتزل؛ لأن إدخال شيء في العبادة مما لم يشرعه الله -جل وعلا- يعرضها للبطلان.
قال: "ولا يزيل قدميه" بمعنى أنه لا يستدير، قدماه ثابتتان في مكانهما حقيقة أو حكماً، يعني ليس معنى هذا أنه لا يرفع رجله، ثم يعيدها، قد يرفع رجله، وقد يحتاج إلى حك إحدى رجليه بالأخرى، وقد يحتاج، مثل المصلي.
على كل حال لا يزيل قدميه بمعنى أنه لا يتحرك، ومع ذلك قالوا في الأذان والمشي فيه إذا أذن وهو يمشي أو احتاج إلى شيء أمامه قالوا: هو خلاف الأولى، والأذان صحيح، وهو خلاف الأولى، وجاء سؤال عن الأذان ما شي هذا هو.
يقول: يوجد مؤذن مشهور يقيم الصلاة وهو يمشي، وقد نصحته فيقول: هذا ليس فيه شيء؟
(31/13)
________________________________________
الأذان والإقامة صحيحان، ولو احتاج إلى أن يمشي خطوات لا مانع إذا دعت إلى ذلك الحاجة مع أنه خلاف الأولى.
الكلام أثناء الأذان، وقد يحتاج إلى الكلام حاجة، أولاً: قد يضطر إليه، وهذا لا شك أنه يجوز له أن يتكلم، إذا اضطر إلى الأذان، كما أنه إذا احتاج إليه يخفف أهل العلم في الشيء اليسير، أما مع عدم الحاجة فلا؛ لأنه يفرق بين الجمل بكلام أجنبي عنها، وقد يسمعه السامع فيظنه من الأذان، فيكون قد زاد على ما شرع الله -جل وعلا-.
المؤذن يقولون: يشترط أن يكون ذكراً بالغاً صيتاً أميناً عدلاً، لماذا؟ لأنه يرتبط به عبادات، بل أركان، يرتبط به الصلاة، يرتبط به الصيام، فالمرأة لا يجوز أن تكون مؤذنة، ولا يصح أذانها.
يختلفون في الصبي المميز، وجاء ما يدل عليه، لكن لا يجوز الاعتماد عليه بمفرده، إذا كان في البلد أو في الحي أكثر من مؤذن يقوم بهم الواجب فأذن صبي لا بأس حينئذٍ، وعلى هذا يحمل ما جاء مما يدل على جوازه.
طالب:. . . . . . . . .
وكذلك منها، يعني ما يلتفت بجسمه كله من أعلاه إلى أسفله إذا التفت حي على الصلاة حي على الفلاح لا يزيل قدميه إنما يلتفت بوجهه.
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيها؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا حي على الصلاة الجملتين كلاهما على اليمين، وحي على الفلاح الجملتين كلاهما على الشمال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن هذا الأصح.
يقول: "ويستحب لمن سمع المؤذن أن يقول كما يقول" وجاء الأمر بذلك، وجاء الحث عليه، الأمر به وهو أمر إرشاد لا إيجاب، وجاء الحث عليه، وأن من أجاب المؤذن فإذا قال: الله أكبر الله أكبر، قال: الله أكبر الله أكبر ... إلى آخره، ثم سأل الوسيلة للنبي -عليه الصلاة والسلام-، اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته.
جاء في بعض الروايات: "الدرجة العالية الرفيعة" لكنها شاذة، جاء أيضاً: "إنك لا تخلف الميعاد" وهذه أيضاً حكم عليها جمع من أهل العلم بالشذوذ، وأثبتها بعضهم.
(31/14)
________________________________________
"يستحب لمن سمع المؤذن أن يقول كما يقول" وعموم الحديث يقتضي أن يقال كما يقول المؤذن في جمل الأذان كلها حتى في الحيعلتين، لكن جاء التخصيص بأن حي على الصلاة يقال: لا حول ولا قوة إلا بالله، وحي على الفلاح كذلك، والسبب في ذلك أن جمل الأذان أذكار، يثاب الإنسان على قولها، عدا الحيعلتين ليستا من الأذكار وإنما .. ، إنما هي دعاء للصلاة ونداء، والإتيان إلى هذه الصلاة، وأداء هذه الصلاة على الوجه المطلوب لا يمكن أن يتم إلا بإعانة الله -جل وعلا-، فيقول المجيب: لا حول ولا قوة إلا بالله.
التثويب لصلاة الفجر الصلاة خير من النوم مرتين، جاء ما يدل عليه، وذكرنا سابقاً أنه يكون في الأذان الثاني؛ لأن الفجر يؤذن لها مرتين، أولاهما قبل الوقت، والثانية مع الوقت، فإذا دخل الوقت قال: الصلاة خير من النوم، وجاء ما يدل على أنه في الأذان الأول، لكنه محمول على الأذان الثاني وهو أولٌ أولية نسبية بالنسبة للإقامة.
"إذا سمع المؤذن أن يقول كما يقول" والتشبيه هنا كما يقول يدل على أنه عليه أن يحرص أن يؤدي الأذان كما أداه مؤذنه؛ لأن التشبيه مطابقته التامة تكون بالكيفية، وأحياناً المؤذن يمد مداً زائداً، فلا يلزم المجيب أن يمد؛ لأن مد المؤذن فائدته أن يبلغ صوته لأكبر قدر ممكن، وأما بالنسبة للمجيب فإنما هو يذكر الله لنفسه، فلا يلزم منه رفع الصوت كالمؤذن، ولا يلزم منه مده كالمؤذن، أحياناً المؤذن يستغرق أذانه خمس دقائق، أهل العلم يقولون: إذا كان يذكر الله، أو يتلو القرآن، أو يقرأ في كتب علم يقطع هذا كله، ويجيب المؤذن؛ لأن الأذان إجابته تفوت، وهذه الأمور لا تفوت، لكن إذا كان يصلي فلا يجيب المؤذن، وإن استروح بعضهم إلى أن هذه أذكار لا تبطل الصلاة، فيجيب المؤذن، لكن الأرجح عدم إجابة المؤذن أثناء الصلاة.
طالب: ولو كان في طواف -أحسن الله إليك- في طواف أو سعي؟
ما في إشكال.
طالب: يجيب.
يجيب لأنه أباح الله فيه الكلام؛ لأن الكلام مباح في الطواف.
(31/15)
________________________________________
إذا كان يقرأ القرآن وأهل العلم يقولون: يقطع القراءة أو يذكر الله، الآن هو في وقت الورد أذان المغرب مثلاً يقطع الذكر، إذا كان يقرأ في كتاب علم، والقراءة في كتب العلم لها حكمها وفضلها، والمؤذن يستغرق في أذانه خمس دقائق، وإجابته تتأدى بنصف دقيقة، هل نقول: يقطع القراءة ويتابع المؤذن من أول أذانه إلى آخره؟ أو نقول: يستفيد من الوقت؟ يتابعه إذا قال: الله أكبر، الله أكبر قال: الله أكبر، الله أكبر، ثم عاد إلى قراءته، ثم بعد ذلك يكمل الأذان؟ لأن بعض المؤذنين في الحرمين يستغرق خمس دقائق الأذان، فمثل هذا هل نقول: ينتظر حتى ينتهي المؤذن؟ وهذا هو الأصل، لكن أنت بحاجة إلى إكمال سورة مثلاً، وتحتاج إلى هذه الدقائق الخمس من أجل إكمالها، فهل نقول: تابع قراءتك أو أقبل على الأذان واترك القراءة لأن وقتها غير محدود ولا يفوت؟ وهذا هو الأصل، هو الأولى، بل لو قال قائل: إن القراءة أو الذكر أثناء إجابة المؤذن فيه إدخال لهذه الأذكار في أذان محدد شرعاً، متعبد بألفاظه، كما منع أهل العلم المؤذن أن يتحدث أثناء أذانه، أو يذكر الله أثناء أذانه بغير جمل الأذان، أو يصلي على النبي -عليه الصلاة والسلام-، كل هذا يمنع منه المؤذن، نعم؟ فهل يمنع غيره من مثل هذا؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هو يقرأ مثلاً، وباقي عليه يكمل السورة خمس دقائق، وهو في مسجد يؤذن ويقيم، والأذان يستغرق خمس دقائق، هل نقول: يكمل القراءة يجيب الله أكبر الله أكبر، ثم يلتفت إلى مصحفه أو قراءته فيتابع؟ بعضهم وهذا قد نفعله أحياناً، وهو خلاف امتثال الأمر بإجابة المؤذن، وأن يقول كما يقول، أحياناً تترك الإجابة إلى آخر شيء، يترك المؤذن يؤذن حتى إذا ما بقي الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله وبالإمكان أن تفرغ معه.
طالب: سردها جميعاً.
سردها جميعاً، هذا لا يتأدى به الحكم.
طالب: أحسن الله إليك قول: "صدقت وبررت"؟
نعم في التثويب في صلاة الفجر يشمله عموم ((فقولوا كما يقول)) يشمله العموم، والفقهاء من الحنابلة وغيرهم يقولون: إذا قال: الصلاة خير من النوم، قال: صدقت وبررت، بكسر الراء وبررِت، لكن ليس عليه دليل، والبقاء على عموم اللفظ هو الأصل.
(31/16)
________________________________________
الأمر الثاني: وهو أن من أهل العلم من يرى أن المجيب يقول: حي على الصلاة، لا حول ولا قوة إلا بالله، عملاً بالنص العام والخاص، ولا تعارض بينهما مع إمكان الإتيان بهما، لكن قوله: ((فإذا قال: حي على الصلاة قال: لا حول ولا قوة إلا بالله)) فإذا قال قال، يدل على أنه لا فاصل بينهما، كما في حديث: ((فإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد)) فيدل على أنه لا فاصل بين قول الإمام والمأموم، ولا بين قول المؤذن والمجيب، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالب: هل يجيب في الإقامة يا شيخ؟
عموم ((إذا سمع أحدكم المؤذن)) مع أن الإقامة أذان، كما دل عليه قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((بين كل أذانين صلاة)) يدل على إجابة المؤذن في الإقامة، وقال به جمع من أهل العلم، ومنهم من خص ذلك بالأذان المعروف، فلا يجاب مع الإقامة، مع أنه إذا قال: قد قامت الصلاة، قالوا: يقول: أقامها الله وأدامها، وفي المسألة حديث في سنن أبي داود وغيره، والله أعلم.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
طالب: في وسائل الإعلام.
متابعة الأذان في وسائل الإعلام إن كان الأذان حياً يتابع.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، إذا كان حياً يؤذن، أما إذا كان تسجيل فلا.
(31/17)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الصلاة (5)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
باب: استقبال القبلة
قال: وإذا اشتد الخوف وهو مطلوب ابتدأ الصلاة إلى القبلة، وصلى إلى غيرها راجلاً وراكباً يومئ إيماء على قدر الطاقة، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، وسواء كان مطلوباً، أو يخشى فوات العدو ...
سواءً كان مطلوباً أو طالباً.
طالب: ليست عندنا أو طالباً عندك يا شيخ؟
وسواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو.
طالب: إيه ليست عندنا يا شيخ.
وسواءً كان مطلوباً أو طالبا يخشى فوات العدو.
وعن أبي عبد الله -رحمه الله- رواية أخرى: أنه إذا كان طالباً فلا يجزئه أن يصلي إلا صلاة أمنٍ، وله أن يتطوع في السفر على الراحلة.
أمن وإلا آمن؟
طالب: لا صلاة أمن عندنا، عندك آمن؟
آمن، آمن.
طالب: إيه عندنا صلاة أمن.
ما يختلف المعنى، المعنى واحد.
وله أن يتطوع في السفر على الراحلة على ما وصفنا من صلاة الخوف، ولا يصلي على غير هاتين ولا يصلي على غير ... ويش عندك يا شيخ؟
على.
ولا يصلي على غير هاتين الحالتين فرضاً ولا نافلة إلا متوجهاً إلى الكعبة، فإن كان يعاينها ...
في أظهر هنا، في أظهر هنا.
طالب: في أظهر يا شيخ?
أظهر نعم.
إلا متوجهاً إلى الكعبة، فإن كان يعاينها فبالصواب، وإن كان غائباً عنها فالاجتهاد بالصواب ...
فبالاجتهاد.
طالب: فبالاجتهاد؟
بالاجتهاد.
طالب: عندي فالاجتهاد.
لا.
وإن كان غائباً عنها فبالاجتهاد بالصواب إلى جهتها، وإذا اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع أحدهما صاحبه، ويتبع الأعمى أوثقهما في نفسه ...
والعامي والعامي.
طالب:. . . . . . . . .
ويتبع الأعمى والعامي.
طالب:. . . . . . . . .
هنا ويتبع الأعمى والعامي أوثقهما في نفسه، هي لا بد من إلحاق.
طالب: سم.
العامي يختلف عن الأعمى.
طالب: الجاهل يشمل العامي ومن دونه.
العامي في هذا الباب، عامي في هذا الباب ولو كان من أعلم الناس، العلم في كل باب بحسبه.
(32/1)
________________________________________
طالب: كما عندي: ويتبع الأعمى أوثقهما في نفسه.
إيه،. . . . . . . . . على كل حال لا بد مما يكفي، في حكم الأعمى من لا يستطيع الوصول إلى حقيقة الأمر، نعم.
وإذا صلى بالاجتهاد إلى جهة، ثم علم أنه قد أخطأ القبلة لم يكن عليه إعادة، وإذا صلى البصير في حضر فأخطأ، أو الأعمى بلا دليل أعادا، ولا يتبع دلالة مشرك بحال، وذلك لأن الكافر لا يقبل خبره، ولا روايته ولا شهادته؛ لأنه ليس بموضع أمانة.
طالب: عندنا مكتوب إلى آخره، يعني واضح أنها ليست من كلام المصنف، إلى آخره.
لا لا.
طالب: عندي إلى يتبع دلالة مشرك بها.
طالب: عجيب، وذلك لأن الكافر لا يقبل خبره ليست عندك؟
التعليل ما هو بعندك؟
طالب: يمكن التعليل أدخل.
لا، هو زيادة من نسخة، زيادة من نسخة.
طالب: عندك يا شيخ؟
إيه عندي موجود.
طالب:. . . . . . . . .
إن كانت من المغني فهي من الشارح، فهي من الشارح وليست من ...
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: استقبال القبلة
استقبال القبلة شرط من شروط الصلاة التسعة التي هي ... ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هم يجعلونها آخر شيء النية، استقبال القبلة والنية آخر شيء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بدون ترتيب، الإسلام والعقل والتمييز، نعم؟
طالب: ودخول الوقت، وستر العورة.
(32/2)
________________________________________
دخول الوقت، وستر العورة، والطهارة، وزوال الخبث، واستقبال القبلة، والنية، تسعة، لا تصح الصلاة إلا إلى القبلة، وكانت القبلة في أول الأمر إلى بيت المقدس، بحيث كان النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل الهجرة يجعل بينه وبين بيت المقدس الكعبة، فلما هاجر إلى المدينة -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر، ثم حولت القبلة، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتشوف إلى تحويلها في أول الأمر، كان يرغب في موافقة أهل الكتاب تأليفاً لهم، ثم لما أيس منهم تشوف إلى تحويل القبلة إلى الكعبة {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [(144) سورة البقرة] فأمر باستقبال الكعبة، ونسخ استقبال بيت المقدس، وهذا من نسخ السنة بالكتاب، ومن أهل العلم من يرى عدم النسخ في مثل هذا إذا اختلفت المرتبة سنة بكتاب، أو كتاب بسنة، الأضعف لا ينسخ الأقوى، والعكس عند بعضهم، إلا أن السنة في مثل هذا الأمر قطعية، مثل هذا الفعل هل يقال: إنه ظني؟ بل هو قطعي، هذا العمل المتواتر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في جميع صلواته هذه المدة الطويلة إلى أن نزل الناسخ لا شك أنه قطعي الثبوت، وقطعي الدلالة باتجاهه إلى تلك الجهة -عليه الصلاة والسلام-، فالقطعي عند أهل العلم ينسخ القطعي، والخلاف القوي في الظني هل ينسخ القطعي أو لا؟ الأكثر على أنه لا ينسخ، ومنهم من يقول: إن النصوص إذا صحت وثبتت عن الشارع جاز نسخ بعضها ببعض، ويستدلون على ذلك بمثل حديث عبادة بن الصامت: ((خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة، ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)) قالوا: هذا ناسخ لقول الله -جل وعلا-: {حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} [(15) سورة النساء] جعل الله لهن سبيلاً بالحديث هذا.
(32/3)
________________________________________
ومنهم من يقول: إن هذا ليس من باب النسخ وإنما هو من باب البيان، الآية مجملة تحتاج إلى بيان بينت بالحديث، وعلى كل حال إذا صح الخبر إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو شرع ملزم يجب العمل به، ولم يخالف في ذلك أحد ممن يعتد به من أهل العلم، وطوائف البدع هذه لا عبرة بها الذين لا يرون العمل بخبر الواحد، وإذا وجب العمل به جاز أن ينسخ ويُنسخ ما دام ثبت عن الشرع.
القبلة الثابتة بيقين إلى بيت المقدس حولت بخبر واحد بالنسبة لأهل قباء حين جاءهم وهم يصلون صلاة الصبح، فأخبرهم أن القبلة قد حولت، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى الكعبة، فاستداروا كما هم، قبلوا خبره إلا أن أهل العلم يرون أن هذا خبر احتفت به القرائن، فيدل على القطع، يفيد العلم اليقيني، احتفت به قرينة، الصحابة كلهم يعرفون أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يتشوف إلى تحويل القبلة من جهة بيت المقدس إلى الكعبة، لا سيما بعد نزول قوله -جل وعلا-: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء} [(144) سورة البقرة] يتشوف إلى تحويل القبلة ثم حولت، فهذه قرينة على أن خبر هذا الواحد يقين، خلافاً لمن لا يقبل مثل هذا الخبر، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- ما لامهم، ولا قال لهم: أعيدوا الصلاة، وأما من لم يلتفت إلى هذه القرينة قال: إن خبر الواحد ينسخ القطعي المتواتر، القبلة والاتجاه هذا الاتجاه إلى الكعبة ... ، كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
هم يرون لا بد أن يكون المنسوخ أضعف من الناسخ.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [(106) سورة البقرة] فخبر الواحد ليس بخير منه.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال قول جمهور أهل العلم هذا ما أحد ...
طالب:. . . . . . . . .
لا لا قول له هيبة ما في إشكال، لكن كون الراجح غيره أو ... ، لا هذا شيء ثاني هذا.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا عاد التخصيص أمره أسهل، النسخ الجزئي ما هو مثل الكلي.
طالب:. . . . . . . . .
(32/4)
________________________________________
القبلة بالنسبة للصلاة شرط من شروطها لا تصح إلا بها، إلا بالاستقبال {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ} [(144) سورة البقرة] والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى جهة الكعبة بعد النسخ، ونقل عنه ذلك نقلاً مستفيضاً متواتراً، ولا خلاف في كون استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة إلا في الصور التي ذكرها المؤلف وغيره.
أهل الكتاب يتجهون إلى قبلة، فاليهود قبلتهم؟ نعم؟ {وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} [(87) سورة يونس] ويش معنى قبلة هنا؟ متقابلة، هذا قول كثير من أهل التفسير، فيجعلون بيوتهم متقابلة، وعلى هذا فلا دخل للصلاة في هذا، ومنهم من يقول: إن بيوتكم يعني مساجدكم، اجعلوها متجهة إلى جهة القبلة، والمراد بالقبلة قبلتهم، ولا يعني أنهم يصلون إلى الكعبة قبلتنا، والنصارى يتجهون إلى جهة؟ نعم؟ الشرق.
على كل حال الذي يهمنا ما هو شرط في صلاتنا وهو استقبال القبلة إلى الكعبة المشرقة إلى عينها لمن تمكن من ذلك، ممن هو بقربها بحيث يراها، وإلى جهتها إذا كان لا يتمكن من إصابة العين، شطر يعني جهة، نحو {شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة] جهة المسجد الحرام.
التولي والاستقبال إلى عين الكعبة لمن استطاع ذلك هذا متفق عليه، ممن هو داخل المسجد، لكن يحصل في هذا حرج كبير مع أنه لا خلاف فيه أن من كان في داخل المسجد ففرضه إصابة العين، عين الكعبة، أحياناً يكون أمامه صفوف كثيرة، وأحياناً يكون في مكان لا يستطيع الرؤية يحول دونه أعمدة، أو في مكان لا يتسنى له ذلك في الأدوار المرتفعة عن الكعبة، لا سيما الصفوف المتأخرة، فهل نقول: إنه ما دام في سور المسجد لا بد من إصابة العين، أو نقول: حكمه حكم البعيد؟ هم يذكرون -أهل العلم يذكرون- أن من كان في داخل المسجد ففرضه إصابة عين الكعبة.
طالب: ألا يقال يا شيخ: إن كان ما يهتدي به كخطوط أو علامات أو أن الفرش ...
الفرش يتصرف فيها.
طالب: لو فرضنا.
الفرش يتصرف فيها، كثير ما ضل الناس بسبب تصرف بعض الناس، تجده يسحب الفراش من أجل العمود يصلي الناس على هذا.
(32/5)
________________________________________
طالب: ألا يخشى عليه من الإثم لأنه يفسد على الناس صفوفهم؟
هو ما استحضر هذا أبداً، ولا جال بخاطره أنه ... ، هو جر ها الفراش من أجل أن يستند إلى العمود، وصلوا الناس عليه، هؤلاء صلاتهم باطلة بلا شك.
طالب: لكن إذا كان ثم خطوط يا شيخ؟
ترى الانحراف اليسير في مثل هذه الخطوط قد لا تصيب العين معه، وكثير من الناس. . . . . . . . . لا يكترثون لمثل هذا، بعض الناس يصلي وهو في صحن الحرم إلى غير الكعبة، كثير من الناس لا يهتم ولا يكترث مع أن هذا شرط، الصلاة بدونه باطلة، فعلى الإنسان أن يتحرى، وأحياناً لا يتسنى للإنسان إصابة عين الكعبة إلا إذا ركع الناس، قد يكبر تكبيرة الإحرام إلى غير الكعبة، ثم يتابع الإمام في قراءة الفاتحة والسورة ثم إذا ركع الإمام رأى أن الكعبة عن يساره أو عن يمينه، عليه أن يستأنف مثل هذا، يجب عليه أن يستأنف، أما إذا استمر أمره بعد اجتهاده ومسامتة الناس في صفهم وكذا القول بإعادة الصلاة في مثل هذا فيه عنت، لكن على الإنسان أن يتحرى؛ لأن هذه صلاة رأس المال، أعظم الأركان بعد الشهادتين، فعليه أن يهتم لذلك ويتحرى، إصابة العين لا بد منها لمن تمكن من ذلك، وأما من عدا ذلك فيكفيه الجهة {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة].
وفي الحديث المخرج في السنن: ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) وهذا الخطاب خاص بأهل المدينة، وما سامتها، بحيث إذا جعل المغرب عن يمينه، والمشرق عن شماله أصاب جهة الكعبة، يعني سواءً كان في المدينة أو في الشام مثلاً جهة الكعبة بين المشرق والمغرب، وبالمقابل من كان الجهة الجنوبية يعني شِمال الكعبة، شِمال لا أقول: شَمال، جهتها اليسرى، إيه، من جهة اليمن وما والاها كذلك بين المشرق والمغرب، لكن يجعل المشرق عن يمينه، والمغرب عن يساره، أما من كان في نجد مثلاً، أو في مصر والمغرب فإن جهتهم وقبلتهم ما بين الشمال والجنوب.
ابن المبارك يقول: ما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المشرق، يتصور هذا وإلا ما يتصور؟ لا هو يقصد بالمشرق هنا العراق، والعراق في الجهة الشمالية الشرقية.
(32/6)
________________________________________
قول أهل العلم: يكفي في ذلك إصابة الجهة هل يتسع لمثل هذا الطول بين المشرق والمغرب، أو أنه يحرص على أن يكون إلى جهتها بالأدلة المعروفة التي ذكرها أهل العلم، ولا يتسع الأمر لمثل هذا؟ لكن النص يقضي على الجميع، يعني لو صلينا إلى جهة زاوية المسجد هنا، أو زاويته هنا، الحديث يتسع لمثل هذا وإلا ما يتسع؟
طالب: الحديث يتسع ....
هاه؟
طالب: ظاهر النص يتسع ...
إيه؛ لأنه بين جهتين متقابلتين، فالحديث فيه سعة، ولا شك أن هذا مناسب لأحوال الناس، كثير من الناس لا يستطيع أن يهتدي إلى الجهة القريبة من إصابة العين، وإن كان بعض الناس بالعلامات عنده من الدقة ما يستطيع أن يصل به إلى ما يقارب الجهة، إلى ما يقارب إصابة العين، فهذه السعة مناسبة ليسر الشريعة، لكن ليس معنى هذا أن الإنسان إذا وجد محراب جعله في يساره وكبر، أو في يمينه وكبر، يقول: تكفي الجهة، أهل العلم يقولون: من وجد محاريب إسلامية عمل بها؛ لأنها في الغالب يعني أن المسلمين يهتمون بهذا الأمر، ولا يقررون جهة المحراب إلا بتحري، إلا بعد التحري، وإن كان بعض الجهات كانوا يصلون إلى جهة، ثم بعد ذلك تبين لهم أن ذلك الجهة إما يمين القبلة، أو جهة الشمال اليسار، فعدلت المحاريب، وعدل الاتجاه، وتعديل يعني ليس باليسير، تعديل كبير يعني في مساجد في جهة القصيم عدلت تعديل بين، واضح، وفي الرياض، وفي جهة حائل، وكان ينقل عن الشيخ ابن بليهد -رحمه الله- أنه يقول: إن أهل القصيم جهتهم يقول: متيامنين جداً، يعني مايلين إلى جهة اليمين، وأهل حائل متياسرين، والقبلة بينهما، وعدلت على ضوء هذا.
طالب: الآن لما ظهرت وسائل يمكن أن تحدد بها القبلة بالدقة.
إن كانت لا تخطئ ويش المانع؟ إن كانت لا تخطئ.
طالب: لكن إذا كانت مع الإنسان.
لكنها غير ملزمة.
طالب: هذا السؤال.
غير ملزمة، وسائل حديثة غير ملزمة {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [(7) سورة الطلاق].
طالب: إذا كانت مع الإنسان موجودة معه هذه الأجهزة، ومدخل فيها إحداثية الكعبة، ويمكن أن يتوصل إلى الكعبة بالدقة.
على كل حال إذا اطردت نتيجتها لا مانع، مثل الدرابيل والمناظير التي ينظر بها، يرى فيها الهلال.
(32/7)
________________________________________
طالب: لكن إذا كانت معه ولنفترض أنه خارج البلد، هل يلزمه أن يعمل بها، وإلا يكفي أن يصلي إلى الجهة ويجتهد؟
يكفي، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها.
طالب: ولو كانت معه؟
ولو كانت معه، يعني لو معك دربيل هل يلزمك أن تنظر إلى الهلال ليلة الثلاثين؟ ما يلزمك.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، معروف، معروف، هذا ما هو بيسير، يعني تعديل الجهة في بعض المساجد رأينا اختلاف كبير جداً، والإشكال أنه يحصل نزاع، تعدل الجهة من قبل الجهات المسئولة ثم يصر أهل المسجد أن يصلوا إلى الجهة القديمة ثقة بمن قررها ووضعها، والله إحنا على جهة أحضرنا الشيخ فلان العالم الجليل المقتدى به الذي تبرأ الذمة بتقليده، وقرر لنا هذا، وهو مشهود له بالعلم والمعرفة والخبرة، ويستدل بالعلامات التي وضعها أهل العلم بالنجوم وغيرها، على كل حال إذا .. ، الاجتهاد أمره سهل -إن شاء الله-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال المسجد النبوي قطعية قبلته.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، المسجد النبوي النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقر على خطأ، وأهل العلم يتفقون على هذا، يتفقون على أن قبلة المسجد النبوي قطعية، ما عداه اجتهاد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن من الذي قرر أن هذه هي القبلة؟ يعني اطلع عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- وأقره؟ ما اطلع عليه، وهو مثل مسجد جواثى بالأحساء، صلي فيه على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن لا يلزم أن يصيب عين الكعبة.
طالب: ومسجد قباء يا شيخ هل يقال فيه ما يقال في المسجد النبوي؟
مسجد قباء الذي أسسه النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: هل يقال كذلك يقال: إن قبلته قطعية؟
إيه، لكن تأسيسه قبل تحويل القبلة، لكن يرد على هذا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يأتيه في كل سبت ويصلي فيه، نعم النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقر على خطأ، لكن قد يقول قائل: إن إصابة الجهة ليست خطأ، أن إصابة الجهة ليست بخطأ.
طالب: هي فرض.
هي فرض البعيد، مسجد قباء يمكن يصير إلى الجهة، لكن يرد عليه ما يرد على المسجد النبوي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بعد ذلك، ستة عشر أو سبعة عشر شهراً، إيه.
طالب:. . . . . . . . .
(32/8)
________________________________________
لا لا هو قبلته -عليه الصلاة والسلام- ومحرابه ومنبره كلها معروفة، معروفة متوارثة ما فيها إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
لا، متوارثة، هناك تواتر يسميه أهل العلم تواتر العمل والتوارث، وهذا منه.
قال -رحمه الله-: "وإذا اشتد الخوف" صلاة الخوف معروفة، وعقد لها المؤلف باباً مستقلاً يأتي -إن شاء الله تعالى-، وصحت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على أوجه، فإذا كان العدو في غير جهة القبلة، أما إذا كان في جهة القبلة فلا تدخل معاً، إذا اشتد الخوف وهو مطلوب، ابتدأ الصلاة إلى القبلة، صلاة الخوف على ما سيأتي مشروعة بالكتاب والسنة وبعمل الصحابة بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، مما يدل على عدم نسخها، وعدم اختصاصها بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، خلافاً لأبي يوسف الذي يقول: إن صلاة الخوف لا تفعل بعده -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الله -جل وعلا- قال: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ} [(102) سورة النساء] لكن معروف أن الخطاب له ولأمته {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [(103) سورة التوبة] لا يعني أن الزكاة لا تؤخذ بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- وهكذا.
إذا اشتد الخوف بحيث لا يتمكن المسلمون من أداء الصلاة بشروطها التي منها استقبال القبلة، والحديث عن الاستقبال الذي قد يكون العدو في غير جهة القبلة، فيستحيل حينئذٍ الاستقبال مع مراقبة العدو، وهو مطلوب يعني يطلبه العدو، مفهومه أنه لو كان طالباً هو الذي يطلب العدو فلا؛ لأنه بإمكانه أن يأتي بالصلاة على وجهها.
يقول: "وهو مطلوب" ويأتي بعد قليل "وسواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو" كيف يقول في أول الأمر: وهو مطلوب، ثم يقول: وسواء كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو؟ أما بالنسبة للمطلوب فهذا ظاهر، لا يتمكن من استقبال القبلة، وأما بالنسبة للطالب فيتمكن من استقبال القبلة في صلاته كلها، ثم يلتفت إلى عدوه.
(32/9)
________________________________________
المطلوب لا يستطيع، إن استقبل القبلة والعدو من جهة اليمين أو الشمال أو الخلف قد يبغته وهو في صلاته، هذا المطلوب، وأما بالنسبة للطالب فبإمكانه إذا سلم من صلاته أن يلحق بعدوه، وفي نفس الباب أو الفصل يقول: "وسواء كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو" فإما أن نقول: إن قوله: وهو مطلوب يخرج الطالب الذي لا يخشى فوات العدو، المطلوب ما فيه إشكال، وأما بالنسبة للطالب فلا يخلو من حالين: إما أن لا يخشى فوات العدو، وهو المفهوم من القيد الأول، أو يخشى فوات العدو وحينئذٍ يدخل فيما صرح به فيما بعد سواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو، وبهذا تلتئم العبارتان.
اختيار أبي بكر غلام الخلال أن حكم المطلوب يختلف عن حكم الطالب، ماذا يقول؟
الحمد لله وأصلي وأسلم على رسول الله.
قال -رحمه الله تعالى-:
المسألة الحادية عشر:
قال الخرقي: إذا اشتد الخوف وهو مطلوب ابتدأ الصلاة إلى القبلة، وصلى إلى غيرها راجلاً وراكباً يومئ إيماءاً على قدر الطاقة، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، وسواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو وهي الرواية الصحيحة؛ لأن المقصود الاحتراز والنكاية بالعدو، فإذا جاز تركها للتحرز كذلك النكاية، والثانية: لا يجوز، اختارها أبو بكر، وبها قال أكثرهم؛ لقوله تعالى: {فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا} [(239) سورة البقرة] فشرط الخوف في ذلك، وهو في هذه الحالة آمن، انتهى.
(32/10)
________________________________________
فإن خفتم والطالب ليس بخائف بخلاف المطلوب، على أنه يمكن أن يقال: إن الخوف أعم من أن يكون على النفس أو على فوات المقصود، مع أن الأمن اشترط للقصر فقد يشرع الحكم لعلة فترتفع العلة، ويبقى الحكم، وهذا نظيره، فيكون لكلام المؤلف وجه، ولا شك أن فوت العدو، وإفلاته من يد المسلمين بعد أن تجهزوا لغزوه فوات أمر مقصود شرعاً، ومطلوب شرعاً، فكلام المؤلف سواءً كان طالباً أو مطلوباً متجه، هو المتجه أما كون المسلمين يهتمون لغزو عدوهم، ويهتمون له، ويبذلون في سبيله ما يستطيعون، ثم بعد ذلك يفوتهم ويفرط بهذا العدو المقدور عليه بسبب استقبال القبلة، لا شك أن مثل هذا يفوت مصلحة عظيمة راجحة فرط بسبب الجهاد والغزو بكثير من الأركان، بل بصورة الصلاة، واكتفي منها بأقل القدر المجزئ الذي لا يجزئ بحال في حال الأمن، يعني الصلاة أحياناً يكتفى فيها بالإيماء في حال المسايفة، وأحياناً يكتفى بأي جزء منها بركعة، فلئن يفرط بشرط من الشروط لهذا المقصد العظيم الجليل من باب أولى، وحينئذٍ يتجه قول المؤلف: "سواءً كان طالباً أو مطلوباً" نعم؟
طالب: أقول: قوله تعالى: {فَإنْ خِفْتُمْ} [(239) سورة البقرة] التي احتج بها أبو بكر ألا يمكن أن يدخل فيها خوف فوات العدو؟
نعم أنا أقول: الفوات أعم من أن يكون على النفس، فوت المقصود والهدف خوف، وأيضاً مسألة القصر اشترط فيها الخوف {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] ومع ذلك القصر مشروع وإن ارتفع الخوف؛ لأن هذا الحكم من الأحكام التي شرعت لعلة، فارتفعت العلة، وبقي الحكم.
"وإذا اشتد الخوف وهو مطلوب ابتدأ الصلاة إلى القبلة، وصلى إلى غيرها راجلاً أو راكباً" و (أو) هذه كما في النسخة المشار إليها المخطوطة (أو) هذه للتقسيم "وأذن بالناس في الحج يأتوك رجالاً أو ركباناً" فـ (أو) هذه للتقسيم قسم يأتي كذا وقسم يأتي كذا، قسم يأتي راكب، وقسم يأتي راجل، والواو أيضاً سائغة في مثل هذا؛ لأنها للمغايرة، فالرجال غير الركبان، رجالاً وركباناً، يعني تأتي بمعنى (أو) و (أو) تأتي بمعنى الواو أيضاً "ربما عاقبت الواو" كما يقول ابن مالك.
(32/11)
________________________________________
"تدع الصلاة إلى القبلة" شوف استفتح الصلاة إلى القبلة ثم ينحرفون إلى جهة غيرها، التي هي جهة العدو، "راجلاً أو راكباً" لئلا يقال: إن الراجل يستطيع أن يفعل أكثر من ذلك، أن يستفتح إلى القبلة، ويركع إلى القبلة، ويسجد إلى القبلة، نقول: يكتفى بافتتاح الصلاة وابتداء الصلاة إلى جهة القبلة "وصلى إلى غيرها، راجلاً أو راكباً" يعني يستوي في ذلك الراجل الذي يسهل عليه استقبال القبلة في حال الركوع والسجود، والراكب الذي يصعب عليه ذلك.
ابتدأ الصلاة إلى القبلة، هذه رواية معروفة في المذهب، وبها قال جمع من أهل العلم، سواءً كانت الصلاة في خوف، أو في حال التطوع على الراحلة على ما سيأتي، يستفتح ويبتدئ إلى جهة القبلة، هذه رواية معروفة في المذهب، ومنهم من يقول: إنه لا يلزم ولا الاستفتاح إلى جهة القبلة؛ لأن هذا قد يشق.
الآن إذا كانت السيارة متجهة من مكة إلى الرياض القبلة في ظهره، خلفه القبلة، فنقول: إذا افتتحت الصلاة صلاة النافلة عليك أن تستقبل القبلة، تخرج من الخط من الطريق تستقبل القبلة ثم تنحرف إلى جهتك، لا شك أن هذا فيه مشقة، لكن إن أمكن بغير مشقة فهو الأولى، وهو الأحوط والأبرأ، ولذا يستثنون الصلاة على القاطرة، في كتب الفقه يستثنون من الاستفتاح إلى جهة القبلة الصلاة على القاطرة؛ لأنه يشق الاستقبال في حال الافتتاح، القاطرة معناها الإبل المقطورة المربوط بعضها ببعض، ومعناها هذا هو معناها، الإبل المربوط بعضها ببعض، وفي حكمها القاطرة الجديدة المستحدثة المخترعة في العربات المربوط بعضها ببعض.
هناك ألفاظ يظنها كثير من الناس جديدة مثل القاطرة هذه، مثل الفنادق، الفنادق يظنها الناس مستحدثة، وهي قديمة عند .. ، يعرفها أهل العلم، وذكروها في كتبهم، وذكروا أحكامها.
إذا كان يشق الاستقبال إلى جهة القبلة في الافتتاح، فالقول الثاني يحتمل الرجحان في مثل هذه الصورة، لكن إن أمكن من غير مشقة أن يستقبل القبلة فالخروج من الخلاف مطلوب.
طالب:. . . . . . . . .
أي قاطرة؟ قاطرة إبل وإلا قاطرة ... ؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا إن أمكنه أن يستقبل القبلة ما تصح صلاته، يستقبل القبلة في كل صلاته.
طالب:. . . . . . . . .
(32/12)
________________________________________
حتى النافلة إيه، إذا أمكنه، لكن إذا ما أمكنه مثل كراسي اتجاهها معروف، ولا يستطيع أن يعكس الاتجاه هذا أمر فيه سعة، إن أمكنه من غير مشقة فهو الأصل، لكن إن أمكنه أن يستقبل القبلة في جميع صلاته هذا هو الأصل أيضاً، مثل لو كان في سفينة، أو سيارة واسعة المراتب شايلينها، ويستدير حيثما دارت القبلة، هذا هو الأصل؛ لأن الرخصة في الصلاة على الراحلة إنما هو خلاف الأصل، وسيأتي الكلام في هذا.
"وصلى إلى غيرها راجلاً أو راكباً، يومئ إيماءً على قدر الطاقة" يأتي بما يستطيع من العبادة، والقدر المستطاع لا بد منه، إذا كان مقصوداً لذاته، كما في القاعدة المقررة عند أهل العلم؛ لأن من عجز عن بعض العبادة واستطاع البعض يأتي بما يستطيع إذا كان مقصوداً في العبادة، أما إذا كان مما يثبت تبعاً للمعجوز عنه فلا يأت به، يعني عاجز عن القراءة نقول: حرك شفتيك؟ نعم؟ ما نقول: حرك شفتيك، كما قالوا في الأصلع في الحج من أهل العلم من يقول: يمر الموسى على رأسه، نقول: ما يلزم يا أخي، إن إمرار الموسى ليس مقصوداً لذاته، وإنما هو تبع للمعجوز عنه.
"يومئ إيماءً على قدر الطاقة، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه" يعني مثل العاجز عن القيام يصلي جالس ((صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) القاعد هذا يجعل ركوعه أعلى من سجوده؛ لأن بعض الناس خلاص حافظ له جملة، وإذا جيء به بسرعة مشى على .. ، يعني عندنا مر بنا في الدرس الماضي هنا يقول: إن وضع الخطوط فوق الجمل التي يراد التنبيه إليها هي عادة أسلافنا، معروف أن الكتب القديمة الطبعات القديمة الخط فوق الكلمة المهمة، المخطوطات كلها بدون استثناء، الخط يجعله أهل العلم والنساخ فوق الكلمة، والناس تتابعوا تبعاً للمستشرقين وضع الخط تحت الكلمة، وذكرت أنا في الدرس الماضي أو الذي قبله أنه مرة في الأسئلة قلت: اشرح الكلمات التي فوقها خط، فالطلاب جلهم شرحوا الكلمات التي فوق الخط، لا التي تحت الخط، جرياً على العادة.
فنقول: يجعل ركوعه أعلى أو أرفع من سجوده، والمؤلف يقول: "يجعل سجوده أخفض من ركوعه" لتتميز العبادات بعضها عن بعض، ولو جعلنا الركوع مثل السجود ما تميزت.
(32/13)
________________________________________
"وسواء كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو" على ما تقدم.
"وعن أبي عبد الله -رحمه الله- رواية أخرى" أبو عبد الله هو الإمام، إمام المذهب، الإمام المبجل أحمد بن محمد بن حنبل -رحمه الله تعالى- "رواية أخرى: أنه إذا كان طالباً فلا يجزئه أن يصلي إلا صلاة آمن" لأنه بإمكانه أن يؤدي الصلاة وهي أعلى مطلوب، وآكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، ثم بعد ذلك يلتفت إلى عدوه، وهذه الرواية سبق الكلام فيها، وهي التي يرجحها أبو بكر غلام الخلال.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، على كلامهم أنه لا يصلي إلا صلاة آمن، على الرواية الثانية، لكن إذا رجحنا الرواية الأولى التي اختارها المؤلف، وقلنا: إن أقل الأحوال أن يستقبل القبلة، لكن مع ذلك يلاحظ فيه المشقة.
طالب:. . . . . . . . .
الخوف معروف، لا يحتاج إلى تفسير، والمخوف متعدد، سواءً كان عدواً من آدمي أو حيوان سبع صائل أو ماء غرق، أو نار أو ما أشبه ذلك، كل هذا مخوف.
يبقى الخوف الموهوم، بعض الناس يتوهم أن هذا المكان مخوف، أو يخاف في الظلام مثلاً، فهل يلحق به أو لا يلحق؟ يعني ليس بخوف حقيقي، وإنما هو متوهم، فهل يصلي صلاة خوف، ولا يخرج لطلب الماء، ويقال: إنه خوف، مبرر لترك مثل هذه الأمور؟ معروف أن أهل العلم عامتهم يعلقون الحكم بالأمر المحقق، وأنه لا مدخل إلى الأوهام في مثل هذا، مع أن بعض الأوهام بالنسبة لبعض الناس أشد من الخوف المحقق عند بعضهم.
يقول -رحمه الله-: "وعن أبي عبد الله -رحمه الله تعالى- رواية أخرى: أنه إذا كان طالباً فلا يجزئه إلا أن يصلي إلا صلاة آمن" يعني يأتي بالصلاة كاملة بشروطها وواجباتها وأركانها، ولا يتنازل عن شيء من صلاته؛ لأنه لا يسمى خائف، ولا يدخل في الخوف، والمقصود بالخوف الخوف على النفس، وإذا قلنا بالمعنى الأعم بالنسبة للخوف فالذي يخاف فوت المطلوب خائف.
(32/14)
________________________________________
هناك خوف لكنه لا يصل إلى حد تضيع فيه الصلاة، وتؤدى على غير وجهها الشرعي، في صلاة الخوف {فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [(103) سورة النساء] يعني أتوا بها على الوجه المطلوب {فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [(103) سورة النساء] هناك خوف من غريم مثلاً، عرفنا أن الخوف من عدو، من صائل، سبع وإلا ماء، وإلا يخشى غرق، يخشى حرق، يخشى من انهدام بيوت، أو ما أشبه ذلك، أو سقوط شيء يغلب على الظن سقوطه، هذا لا شك أنه خوف ومبرر، لكن خوف غريم، غريم طالب أو مطلوب؟ يقول: إن صليت صلاة كاملة واتجهت إلى القبلة وركعت وسجدت يفوت هذا الشخص الذي هو غريم بالنسبة لي، هل هذا مبرر لئن يتنازل عن جوهر الصلاة؟ لا، ليس بمبرر، ولذا يتحايل بعضهم فإذا رأى الغريم الدائن كبر حتى يخرج، يطيل الصلاة، وقد يتحايل الدائن، فإذا رأى غريمه وأراد أن يطمئنه كبر، وهو لا يريد الصلاة، فإذا اطمأن؛ لأنه يحسب حساب الصلاة، هذا مسلم كبر، والصلاة أقل شيء ركعتين، يعني بدقيقتين، يعني ما يلزم أن تكون سرعته بقدر سرعته لو كان غريمه خارج الصلاة، ولذا أدخل الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- الصلاة في كتاب الحيل، باب الحيل في الصلاة، وأشكل أمر إدخال الصلاة في الحيل على كثير، بل على جميع الشراح، يعني أنا ما وجدت جواب كافٍ إلا أن يمكن هذا، فلا شك أنه إذا كان الدائن يخافه المدين ثم بعد ذلك يصلي صلاة خوف، خوفاً من دائنه أن يطالبه بالدين، أو يتسبب في إذائه بسجن ونحوه، هل يكون هذا مبرر مثل خوف العدو أو مثل خوف السبع والغرق والحرق؟ لا، هذا لا يبرر له أن يصلي صلاة خوف، هذا إذا كان مطلوباً فضلاً عن أن يكون طالباً.
"وله أن يتطوع في السفر على الراحلة".
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
(32/15)
________________________________________
هذا لم يرد به وجه الله، لكن على حسب ما وقر في قلبه، إذا كان يخشى من غريمه أنه يؤذيه أو يسجنه وتحايل بمثل هذا لا شك أن أمره أخف ممن لا مبرر له، ويذكر عن أبي حنيفة -ولا أخاله يثبت عنه- أن شخصاً فقد مالاً فجاء يستشير أبا حنيفة، فقال: صل ركعتين تذكر -إن شاء الله-، ما يمكن يثبت هذا عن الإمام، وإن تداوله الناس، ولاكته ألسنتهم، ودون في الكتب، هذا موجود، لكن ما يمكن إمام كأبي حنيفة يرشد إنسان إلى أن يصلي من أجل الدنيا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، هذه مرجحات للرواية الثانية، هذه مرجحات للرواية.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، لوجود المعنى المنطوق فيه، هذا خوف كله خوف، هذه مرجحات للرواية الثانية، هذه مرجحات للرواية التي اختارها المؤلف.
ثم قال -رحمه الله-: "وله أن يتطوع في السفر على الراحلة على ما وصفنا من صلاة الخوف" له أن يتطوع، يعني يجوز له أن يتطوع، يعني نفلاً لا فرضاً، وجاء في الحديث الصحيح: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يوتر على الراحلة، ولا يفعل ذلك في الفريضة، وهذا من أدلة الجمهور على أن الوتر ليس بواجب؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يصلي على الراحلة الفريضة، ويوتر إذاً الوتر ليس بواجب ليس بفريضة.
(32/16)
________________________________________
"وله أن يتطوع في السفر" فليس له أن يتطوع في الحضر، مع أنه قد يحتاج إليه، قد يحتاج إلى ذلك، صلى المغرب، وزيارة مريض مثلاً في مستشفى، تنتهي بعد الصلاة بمسافة الطريق فقط، ولو تنفلت صليت الراتبة فاتت زيارة المريض، فأتنفل في السيارة، الجمهور على أنه ليس له أن يتنفل على الراحلة في الحضر، وإن ذُكر عن أنس -رضي الله عنه- أنه كان يفعله، ولا شك أن أمر التطوع مبني على التيسير والتخفيف، التيسير في أداء العبادة، بمعنى أنه يتجاوز عن بعض الأركان في النافلة دون الفريضة، كالصلاة من قيام مثلاً، الصلاة من قعود صحيحة إذا كان نافلة على النصف من أجر صلاة القائم، لكن الفريضة لا تجوز بحال، وبعضهم يطرد هذا التيسير والتسهيل والتخفيف بالنسبة للنافلة إلى ما تثبت به يعني فرق بين أن نقول: مبنى التطوع على التخفيف، يعني في الأداء، والفرض يحتاط له أكثر، وبين أن نثبت نافلة تطوع بما لا تثبت به الفريضة من خبر لا يصلح للاحتجاج، يعني من أهل العلم يقول: النافلة مبناها على التخفيف، فنخفف من كل وجه، يعني نثبت نافلة تطوع بخبر ضعيف، ويتوسعون في مثل هذا، على رأي من يقول: بقبول الضعيف في فضائل الأعمال، وهو قول الأكثر، لكن ليس معنى هذا أننا حتى على قول الجمهور ما يثبتون صلاة بخبر ضعيف، لا سيما إذا كان الضعف لا وجه لتحسينه، يعني لا يقرب من الحسن ولا لغيره، يعني هل مثلاً الذي يقول بقبول الضعيف في فضائل الأعمال يثبت صلاة الرغائب بالحديث الضعيف؟ منهم من أثبت، لكن أكثرهم لم يثبت، وإن كانوا ممن يقول بقبول الضعيف في فضائل الأعمال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(32/17)
________________________________________
لا لا ضعيف، على أنه ضعيف، يقر بضعفه ويقول: لكنه في فضائل الأعمال، صلاة التسابيح الحديث ضعيف لكنه في فضائل الأعمال، نعم هو جارٍ على قاعدتهم، لكن يتفاوتون في إثبات مثل هذه الصلاة تبعاً لتفاوتهم في تقرير ضعفه قوة وضعفاً، فمن قال: إنه شديد الضعف قال: ما نقبله في مثل هذا، ومن قال: إنه خفيف الضعف قال: نقبله، وأقول: إن التخفيف الوارد في النصوص، والتفريق بين الفرض والتطوع إنما هو في كيفية الأداء لا في الثبوت، الثبوت كله شرع، لا يجوز أن تثبت شرع بما لا يثبت به بقية الأبواب، لا تثبت تطوع بما لا يثبت به فرض والعكس، فلا بد من ملاحظة مثل هذا، يعني لا يعني أن جمهور أهل العلم يقبلون الضعيف في فضائل الأعمال أنهم يثبتون عبادة لم تثبت به، لا تثبت إلا بهذا الضعيف، ولذلك يشترطون أن يكون له أصل، تكون العبادة هذه مندرجة تحت أصل عام، أما العبادات التي لا يوجد لها ما يشهد لها فمثل هذه لا تثبت، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
يعني من الرياض إلى مكة، بإمكانه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني صلى جالساً على النصف من الأجر.
طالب: النوافل مطلقة يا شيخ في الحضر السيارة كما يفتي به بعضهم.
هو مرد الاختلاف أنه ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى النافلة في الحضر، ومن يقول بأنه تصلى النافلة على الراحلة في الحضر يقول: النافلة مبناها على التخفيف، والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى النوافل على الراحلة والسفر والحضر ليسا من الأوصاف المؤثرة في مثل هذا، المؤثر أن هذه العبادة مبناها على التخفيف أو على التشديد؟ نعم؟ التخفيف، وهذه مبناها على التشديد، إذاً الوصف المؤثر كونها نافلة، بغض النظر عن كونه سفراً أو حضراً؛ لأن الوصف وصف السفر لا ينظر إليه في مثل هذه الحالة بدليل أنهم لا يفرقون بين السفر الطويل والقصير، ولو كان السفر وصفاً مؤثراً لجعلوا طول السفر وقصره مؤثر كما في بقية الرخص، فيصلي على الراحلة النافلة في السفر الطويل والقصير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(32/18)
________________________________________
قائد السيارة إذا كان يترتب على صلاته النافلة ضرر، ويخشى من وقوع الضرر بسبب صلاته، لا يجوز له أن يصلي، أما إذا أمن من ذلك، وأمكنه الركوع والسجود بالإيماء ومع مطالعة الطريق فهو كغيره.
طالب:. . . . . . . . .
هنا ما هو أهم من ذلك، ويتفرع عليه ما ذكرت.
الصلاة في السفر على الراحلة قبلته -قبلة المصلي على الراحلة- جهته التي يقصدها، جاء من مكة إلى الرياض جهته جهة الشرق، وهو في أثناء صلاته احتاجت السيارة إلى وقود، ومحطة الوقود عن يمين أو عن شمال الخط، الطريق، هل له أن ينصرف عن جهته وقبلته التي أرادها باعتبار أنها هي القبلة بالنسبة له كالكعبة بالنسبة للمتجه إليها، أو نقول: ما دام ساغ له أن يصلي إلى جهة الشرق تاركاً القبلة المشترطة لصحة الصلاة فله أن يصلي إلى أي جهة كانت؟ منهم من يقول: إن جهته حيثما توجهت به راحلته من الطريق الذي يقصده، فإذا احتاج أن ينصرف يمين وإلا شمال ليس له ذلك، نعم؟
طالب: لكن عفواً التفاته للحاجة في سيارته قد يلتفت يحتاج ينظر عن يمينه ينظر جانب الطريق عن يمينه وعن يساره، وهو في صلاته، لازالت السيارة متجهة إلى ...
إذا كان لحاجة العلماء إذا كان بالرأس فقط ...
طالب: بالرأس.
يطلقون الكراهة، والكراهة عندهم تزول لأدنى حاجة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مفسد يعني مفسد.
طالب:. . . . . . . . .
هذا يكثر السؤال عنه، إن أمكن التناوب فهو الأصل، بحيث تؤدى الصلاة على وجهها.
طالب:. . . . . . . . .
وخشوا فوات مثل هذا الذي يخشى ضرره، يخشى ضرره متعدي.
طالب: ألا يقال بالجميع يا شيخ، وتبقى الصلاة على صورتها الأصلية، ويسوغ لهم الجمع في مثل هذه الحالة يا شيخ.
بنتأملها جزاكم الله خير.
اللهم صل على محمد ...
هذه يكثر السؤال عنها، والناس بحاجة إليها ...
(32/19)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الصلاة (5)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
باب: استقبال القبلة
قال: وإذا اشتد الخوف وهو مطلوب ابتدأ الصلاة إلى القبلة، وصلى إلى غيرها راجلاً وراكباً يومئ إيماء على قدر الطاقة، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، وسواء كان مطلوباً، أو يخشى فوات العدو ...
سواءً كان مطلوباً أو طالباً.
طالب: ليست عندنا أو طالباً عندك يا شيخ؟
وسواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو.
طالب: إيه ليست عندنا يا شيخ.
وسواءً كان مطلوباً أو طالبا يخشى فوات العدو.
وعن أبي عبد الله -رحمه الله- رواية أخرى: أنه إذا كان طالباً فلا يجزئه أن يصلي إلا صلاة أمنٍ، وله أن يتطوع في السفر على الراحلة.
أمن وإلا آمن؟
طالب: لا صلاة أمن عندنا، عندك آمن؟
آمن، آمن.
طالب: إيه عندنا صلاة أمن.
ما يختلف المعنى، المعنى واحد.
وله أن يتطوع في السفر على الراحلة على ما وصفنا من صلاة الخوف، ولا يصلي على غير هاتين ولا يصلي على غير ... ويش عندك يا شيخ؟
على.
ولا يصلي على غير هاتين الحالتين فرضاً ولا نافلة إلا متوجهاً إلى الكعبة، فإن كان يعاينها ...
في أظهر هنا، في أظهر هنا.
طالب: في أظهر يا شيخ?
أظهر نعم.
إلا متوجهاً إلى الكعبة، فإن كان يعاينها فبالصواب، وإن كان غائباً عنها فالاجتهاد بالصواب ...
فبالاجتهاد.
طالب: فبالاجتهاد؟
بالاجتهاد.
طالب: عندي فالاجتهاد.
لا.
وإن كان غائباً عنها فبالاجتهاد بالصواب إلى جهتها، وإذا اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع أحدهما صاحبه، ويتبع الأعمى أوثقهما في نفسه ...
والعامي والعامي.
طالب:. . . . . . . . .
ويتبع الأعمى والعامي.
طالب:. . . . . . . . .
هنا ويتبع الأعمى والعامي أوثقهما في نفسه، هي لا بد من إلحاق.
طالب: سم.
العامي يختلف عن الأعمى.
طالب: الجاهل يشمل العامي ومن دونه.
العامي في هذا الباب، عامي في هذا الباب ولو كان من أعلم الناس، العلم في كل باب بحسبه.
(33/1)
________________________________________
طالب: كما عندي: ويتبع الأعمى أوثقهما في نفسه.
إيه،. . . . . . . . . على كل حال لا بد مما يكفي، في حكم الأعمى من لا يستطيع الوصول إلى حقيقة الأمر، نعم.
وإذا صلى بالاجتهاد إلى جهة، ثم علم أنه قد أخطأ القبلة لم يكن عليه إعادة، وإذا صلى البصير في حضر فأخطأ، أو الأعمى بلا دليل أعادا، ولا يتبع دلالة مشرك بحال، وذلك لأن الكافر لا يقبل خبره، ولا روايته ولا شهادته؛ لأنه ليس بموضع أمانة.
طالب: عندنا مكتوب إلى آخره، يعني واضح أنها ليست من كلام المصنف، إلى آخره.
لا لا.
طالب: عندي إلى يتبع دلالة مشرك بها.
طالب: عجيب، وذلك لأن الكافر لا يقبل خبره ليست عندك؟
التعليل ما هو بعندك؟
طالب: يمكن التعليل أدخل.
لا، هو زيادة من نسخة، زيادة من نسخة.
طالب: عندك يا شيخ؟
إيه عندي موجود.
طالب:. . . . . . . . .
إن كانت من المغني فهي من الشارح، فهي من الشارح وليست من ...
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: استقبال القبلة
استقبال القبلة شرط من شروط الصلاة التسعة التي هي ... ، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هم يجعلونها آخر شيء النية، استقبال القبلة والنية آخر شيء، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بدون ترتيب، الإسلام والعقل والتمييز، نعم؟
طالب: ودخول الوقت، وستر العورة.
(33/2)
________________________________________
دخول الوقت، وستر العورة، والطهارة، وزوال الخبث، واستقبال القبلة، والنية، تسعة، لا تصح الصلاة إلا إلى القبلة، وكانت القبلة في أول الأمر إلى بيت المقدس، بحيث كان النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل الهجرة يجعل بينه وبين بيت المقدس الكعبة، فلما هاجر إلى المدينة -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى بيت المقدس ستة عشر شهراً، أو سبعة عشر، ثم حولت القبلة، وكان النبي -عليه الصلاة والسلام- يتشوف إلى تحويلها في أول الأمر، كان يرغب في موافقة أهل الكتاب تأليفاً لهم، ثم لما أيس منهم تشوف إلى تحويل القبلة إلى الكعبة {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا} [(144) سورة البقرة] فأمر باستقبال الكعبة، ونسخ استقبال بيت المقدس، وهذا من نسخ السنة بالكتاب، ومن أهل العلم من يرى عدم النسخ في مثل هذا إذا اختلفت المرتبة سنة بكتاب، أو كتاب بسنة، الأضعف لا ينسخ الأقوى، والعكس عند بعضهم، إلا أن السنة في مثل هذا الأمر قطعية، مثل هذا الفعل هل يقال: إنه ظني؟ بل هو قطعي، هذا العمل المتواتر عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في جميع صلواته هذه المدة الطويلة إلى أن نزل الناسخ لا شك أنه قطعي الثبوت، وقطعي الدلالة باتجاهه إلى تلك الجهة -عليه الصلاة والسلام-، فالقطعي عند أهل العلم ينسخ القطعي، والخلاف القوي في الظني هل ينسخ القطعي أو لا؟ الأكثر على أنه لا ينسخ، ومنهم من يقول: إن النصوص إذا صحت وثبتت عن الشارع جاز نسخ بعضها ببعض، ويستدلون على ذلك بمثل حديث عبادة بن الصامت: ((خذوا عني، خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة، ونفي سنة، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم)) قالوا: هذا ناسخ لقول الله -جل وعلا-: {حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} [(15) سورة النساء] جعل الله لهن سبيلاً بالحديث هذا.
(33/3)
________________________________________
ومنهم من يقول: إن هذا ليس من باب النسخ وإنما هو من باب البيان، الآية مجملة تحتاج إلى بيان بينت بالحديث، وعلى كل حال إذا صح الخبر إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو شرع ملزم يجب العمل به، ولم يخالف في ذلك أحد ممن يعتد به من أهل العلم، وطوائف البدع هذه لا عبرة بها الذين لا يرون العمل بخبر الواحد، وإذا وجب العمل به جاز أن ينسخ ويُنسخ ما دام ثبت عن الشرع.
القبلة الثابتة بيقين إلى بيت المقدس حولت بخبر واحد بالنسبة لأهل قباء حين جاءهم وهم يصلون صلاة الصبح، فأخبرهم أن القبلة قد حولت، وأن النبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى الكعبة، فاستداروا كما هم، قبلوا خبره إلا أن أهل العلم يرون أن هذا خبر احتفت به القرائن، فيدل على القطع، يفيد العلم اليقيني، احتفت به قرينة، الصحابة كلهم يعرفون أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يتشوف إلى تحويل القبلة من جهة بيت المقدس إلى الكعبة، لا سيما بعد نزول قوله -جل وعلا-: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء} [(144) سورة البقرة] يتشوف إلى تحويل القبلة ثم حولت، فهذه قرينة على أن خبر هذا الواحد يقين، خلافاً لمن لا يقبل مثل هذا الخبر، فالنبي -عليه الصلاة والسلام- ما لامهم، ولا قال لهم: أعيدوا الصلاة، وأما من لم يلتفت إلى هذه القرينة قال: إن خبر الواحد ينسخ القطعي المتواتر، القبلة والاتجاه هذا الاتجاه إلى الكعبة ... ، كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
هم يرون لا بد أن يكون المنسوخ أضعف من الناسخ.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
{مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} [(106) سورة البقرة] فخبر الواحد ليس بخير منه.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال قول جمهور أهل العلم هذا ما أحد ...
طالب:. . . . . . . . .
لا لا قول له هيبة ما في إشكال، لكن كون الراجح غيره أو ... ، لا هذا شيء ثاني هذا.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا عاد التخصيص أمره أسهل، النسخ الجزئي ما هو مثل الكلي.
طالب:. . . . . . . . .
(33/4)
________________________________________
القبلة بالنسبة للصلاة شرط من شروطها لا تصح إلا بها، إلا بالاستقبال {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوِهَكُمْ شَطْرَهُ} [(144) سورة البقرة] والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى إلى جهة الكعبة بعد النسخ، ونقل عنه ذلك نقلاً مستفيضاً متواتراً، ولا خلاف في كون استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة إلا في الصور التي ذكرها المؤلف وغيره.
أهل الكتاب يتجهون إلى قبلة، فاليهود قبلتهم؟ نعم؟ {وَاجْعَلُواْ بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً} [(87) سورة يونس] ويش معنى قبلة هنا؟ متقابلة، هذا قول كثير من أهل التفسير، فيجعلون بيوتهم متقابلة، وعلى هذا فلا دخل للصلاة في هذا، ومنهم من يقول: إن بيوتكم يعني مساجدكم، اجعلوها متجهة إلى جهة القبلة، والمراد بالقبلة قبلتهم، ولا يعني أنهم يصلون إلى الكعبة قبلتنا، والنصارى يتجهون إلى جهة؟ نعم؟ الشرق.
على كل حال الذي يهمنا ما هو شرط في صلاتنا وهو استقبال القبلة إلى الكعبة المشرقة إلى عينها لمن تمكن من ذلك، ممن هو بقربها بحيث يراها، وإلى جهتها إذا كان لا يتمكن من إصابة العين، شطر يعني جهة، نحو {شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة] جهة المسجد الحرام.
التولي والاستقبال إلى عين الكعبة لمن استطاع ذلك هذا متفق عليه، ممن هو داخل المسجد، لكن يحصل في هذا حرج كبير مع أنه لا خلاف فيه أن من كان في داخل المسجد ففرضه إصابة العين، عين الكعبة، أحياناً يكون أمامه صفوف كثيرة، وأحياناً يكون في مكان لا يستطيع الرؤية يحول دونه أعمدة، أو في مكان لا يتسنى له ذلك في الأدوار المرتفعة عن الكعبة، لا سيما الصفوف المتأخرة، فهل نقول: إنه ما دام في سور المسجد لا بد من إصابة العين، أو نقول: حكمه حكم البعيد؟ هم يذكرون -أهل العلم يذكرون- أن من كان في داخل المسجد ففرضه إصابة عين الكعبة.
طالب: ألا يقال يا شيخ: إن كان ما يهتدي به كخطوط أو علامات أو أن الفرش ...
الفرش يتصرف فيها.
طالب: لو فرضنا.
الفرش يتصرف فيها، كثير ما ضل الناس بسبب تصرف بعض الناس، تجده يسحب الفراش من أجل العمود يصلي الناس على هذا.
(33/5)
________________________________________
طالب: ألا يخشى عليه من الإثم لأنه يفسد على الناس صفوفهم؟
هو ما استحضر هذا أبداً، ولا جال بخاطره أنه ... ، هو جر ها الفراش من أجل أن يستند إلى العمود، وصلوا الناس عليه، هؤلاء صلاتهم باطلة بلا شك.
طالب: لكن إذا كان ثم خطوط يا شيخ؟
ترى الانحراف اليسير في مثل هذه الخطوط قد لا تصيب العين معه، وكثير من الناس. . . . . . . . . لا يكترثون لمثل هذا، بعض الناس يصلي وهو في صحن الحرم إلى غير الكعبة، كثير من الناس لا يهتم ولا يكترث مع أن هذا شرط، الصلاة بدونه باطلة، فعلى الإنسان أن يتحرى، وأحياناً لا يتسنى للإنسان إصابة عين الكعبة إلا إذا ركع الناس، قد يكبر تكبيرة الإحرام إلى غير الكعبة، ثم يتابع الإمام في قراءة الفاتحة والسورة ثم إذا ركع الإمام رأى أن الكعبة عن يساره أو عن يمينه، عليه أن يستأنف مثل هذا، يجب عليه أن يستأنف، أما إذا استمر أمره بعد اجتهاده ومسامتة الناس في صفهم وكذا القول بإعادة الصلاة في مثل هذا فيه عنت، لكن على الإنسان أن يتحرى؛ لأن هذه صلاة رأس المال، أعظم الأركان بعد الشهادتين، فعليه أن يهتم لذلك ويتحرى، إصابة العين لا بد منها لمن تمكن من ذلك، وأما من عدا ذلك فيكفيه الجهة {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} [(144) سورة البقرة].
وفي الحديث المخرج في السنن: ((ما بين المشرق والمغرب قبلة)) وهذا الخطاب خاص بأهل المدينة، وما سامتها، بحيث إذا جعل المغرب عن يمينه، والمشرق عن شماله أصاب جهة الكعبة، يعني سواءً كان في المدينة أو في الشام مثلاً جهة الكعبة بين المشرق والمغرب، وبالمقابل من كان الجهة الجنوبية يعني شِمال الكعبة، شِمال لا أقول: شَمال، جهتها اليسرى، إيه، من جهة اليمن وما والاها كذلك بين المشرق والمغرب، لكن يجعل المشرق عن يمينه، والمغرب عن يساره، أما من كان في نجد مثلاً، أو في مصر والمغرب فإن جهتهم وقبلتهم ما بين الشمال والجنوب.
ابن المبارك يقول: ما بين المشرق والمغرب قبلة لأهل المشرق، يتصور هذا وإلا ما يتصور؟ لا هو يقصد بالمشرق هنا العراق، والعراق في الجهة الشمالية الشرقية.
(33/6)
________________________________________
قول أهل العلم: يكفي في ذلك إصابة الجهة هل يتسع لمثل هذا الطول بين المشرق والمغرب، أو أنه يحرص على أن يكون إلى جهتها بالأدلة المعروفة التي ذكرها أهل العلم، ولا يتسع الأمر لمثل هذا؟ لكن النص يقضي على الجميع، يعني لو صلينا إلى جهة زاوية المسجد هنا، أو زاويته هنا، الحديث يتسع لمثل هذا وإلا ما يتسع؟
طالب: الحديث يتسع ....
هاه؟
طالب: ظاهر النص يتسع ...
إيه؛ لأنه بين جهتين متقابلتين، فالحديث فيه سعة، ولا شك أن هذا مناسب لأحوال الناس، كثير من الناس لا يستطيع أن يهتدي إلى الجهة القريبة من إصابة العين، وإن كان بعض الناس بالعلامات عنده من الدقة ما يستطيع أن يصل به إلى ما يقارب الجهة، إلى ما يقارب إصابة العين، فهذه السعة مناسبة ليسر الشريعة، لكن ليس معنى هذا أن الإنسان إذا وجد محراب جعله في يساره وكبر، أو في يمينه وكبر، يقول: تكفي الجهة، أهل العلم يقولون: من وجد محاريب إسلامية عمل بها؛ لأنها في الغالب يعني أن المسلمين يهتمون بهذا الأمر، ولا يقررون جهة المحراب إلا بتحري، إلا بعد التحري، وإن كان بعض الجهات كانوا يصلون إلى جهة، ثم بعد ذلك تبين لهم أن ذلك الجهة إما يمين القبلة، أو جهة الشمال اليسار، فعدلت المحاريب، وعدل الاتجاه، وتعديل يعني ليس باليسير، تعديل كبير يعني في مساجد في جهة القصيم عدلت تعديل بين، واضح، وفي الرياض، وفي جهة حائل، وكان ينقل عن الشيخ ابن بليهد -رحمه الله- أنه يقول: إن أهل القصيم جهتهم يقول: متيامنين جداً، يعني مايلين إلى جهة اليمين، وأهل حائل متياسرين، والقبلة بينهما، وعدلت على ضوء هذا.
طالب: الآن لما ظهرت وسائل يمكن أن تحدد بها القبلة بالدقة.
إن كانت لا تخطئ ويش المانع؟ إن كانت لا تخطئ.
طالب: لكن إذا كانت مع الإنسان.
لكنها غير ملزمة.
طالب: هذا السؤال.
غير ملزمة، وسائل حديثة غير ملزمة {لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا} [(7) سورة الطلاق].
طالب: إذا كانت مع الإنسان موجودة معه هذه الأجهزة، ومدخل فيها إحداثية الكعبة، ويمكن أن يتوصل إلى الكعبة بالدقة.
على كل حال إذا اطردت نتيجتها لا مانع، مثل الدرابيل والمناظير التي ينظر بها، يرى فيها الهلال.
(33/7)
________________________________________
طالب: لكن إذا كانت معه ولنفترض أنه خارج البلد، هل يلزمه أن يعمل بها، وإلا يكفي أن يصلي إلى الجهة ويجتهد؟
يكفي، لا يكلف الله نفساً إلا ما آتاها.
طالب: ولو كانت معه؟
ولو كانت معه، يعني لو معك دربيل هل يلزمك أن تنظر إلى الهلال ليلة الثلاثين؟ ما يلزمك.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، معروف، معروف، هذا ما هو بيسير، يعني تعديل الجهة في بعض المساجد رأينا اختلاف كبير جداً، والإشكال أنه يحصل نزاع، تعدل الجهة من قبل الجهات المسئولة ثم يصر أهل المسجد أن يصلوا إلى الجهة القديمة ثقة بمن قررها ووضعها، والله إحنا على جهة أحضرنا الشيخ فلان العالم الجليل المقتدى به الذي تبرأ الذمة بتقليده، وقرر لنا هذا، وهو مشهود له بالعلم والمعرفة والخبرة، ويستدل بالعلامات التي وضعها أهل العلم بالنجوم وغيرها، على كل حال إذا .. ، الاجتهاد أمره سهل -إن شاء الله-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال المسجد النبوي قطعية قبلته.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، المسجد النبوي النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقر على خطأ، وأهل العلم يتفقون على هذا، يتفقون على أن قبلة المسجد النبوي قطعية، ما عداه اجتهاد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لكن من الذي قرر أن هذه هي القبلة؟ يعني اطلع عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- وأقره؟ ما اطلع عليه، وهو مثل مسجد جواثى بالأحساء، صلي فيه على عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- لكن لا يلزم أن يصيب عين الكعبة.
طالب: ومسجد قباء يا شيخ هل يقال فيه ما يقال في المسجد النبوي؟
مسجد قباء الذي أسسه النبي -عليه الصلاة والسلام-.
طالب: هل يقال كذلك يقال: إن قبلته قطعية؟
إيه، لكن تأسيسه قبل تحويل القبلة، لكن يرد على هذا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يأتيه في كل سبت ويصلي فيه، نعم النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يقر على خطأ، لكن قد يقول قائل: إن إصابة الجهة ليست خطأ، أن إصابة الجهة ليست بخطأ.
طالب: هي فرض.
هي فرض البعيد، مسجد قباء يمكن يصير إلى الجهة، لكن يرد عليه ما يرد على المسجد النبوي، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
بعد ذلك، ستة عشر أو سبعة عشر شهراً، إيه.
طالب:. . . . . . . . .
(33/8)
________________________________________
لا لا هو قبلته -عليه الصلاة والسلام- ومحرابه ومنبره كلها معروفة، معروفة متوارثة ما فيها إشكال.
طالب:. . . . . . . . .
لا، متوارثة، هناك تواتر يسميه أهل العلم تواتر العمل والتوارث، وهذا منه.
قال -رحمه الله-: "وإذا اشتد الخوف" صلاة الخوف معروفة، وعقد لها المؤلف باباً مستقلاً يأتي -إن شاء الله تعالى-، وصحت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- على أوجه، فإذا كان العدو في غير جهة القبلة، أما إذا كان في جهة القبلة فلا تدخل معاً، إذا اشتد الخوف وهو مطلوب، ابتدأ الصلاة إلى القبلة، صلاة الخوف على ما سيأتي مشروعة بالكتاب والسنة وبعمل الصحابة بعد النبي -عليه الصلاة والسلام-، مما يدل على عدم نسخها، وعدم اختصاصها بالنبي -عليه الصلاة والسلام-، خلافاً لأبي يوسف الذي يقول: إن صلاة الخوف لا تفعل بعده -عليه الصلاة والسلام-؛ لأن الله -جل وعلا- قال: {وَإِذَا كُنتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاَةَ} [(102) سورة النساء] لكن معروف أن الخطاب له ولأمته {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [(103) سورة التوبة] لا يعني أن الزكاة لا تؤخذ بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام- وهكذا.
إذا اشتد الخوف بحيث لا يتمكن المسلمون من أداء الصلاة بشروطها التي منها استقبال القبلة، والحديث عن الاستقبال الذي قد يكون العدو في غير جهة القبلة، فيستحيل حينئذٍ الاستقبال مع مراقبة العدو، وهو مطلوب يعني يطلبه العدو، مفهومه أنه لو كان طالباً هو الذي يطلب العدو فلا؛ لأنه بإمكانه أن يأتي بالصلاة على وجهها.
يقول: "وهو مطلوب" ويأتي بعد قليل "وسواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو" كيف يقول في أول الأمر: وهو مطلوب، ثم يقول: وسواء كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو؟ أما بالنسبة للمطلوب فهذا ظاهر، لا يتمكن من استقبال القبلة، وأما بالنسبة للطالب فيتمكن من استقبال القبلة في صلاته كلها، ثم يلتفت إلى عدوه.
(33/9)
________________________________________
المطلوب لا يستطيع، إن استقبل القبلة والعدو من جهة اليمين أو الشمال أو الخلف قد يبغته وهو في صلاته، هذا المطلوب، وأما بالنسبة للطالب فبإمكانه إذا سلم من صلاته أن يلحق بعدوه، وفي نفس الباب أو الفصل يقول: "وسواء كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو" فإما أن نقول: إن قوله: وهو مطلوب يخرج الطالب الذي لا يخشى فوات العدو، المطلوب ما فيه إشكال، وأما بالنسبة للطالب فلا يخلو من حالين: إما أن لا يخشى فوات العدو، وهو المفهوم من القيد الأول، أو يخشى فوات العدو وحينئذٍ يدخل فيما صرح به فيما بعد سواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو، وبهذا تلتئم العبارتان.
اختيار أبي بكر غلام الخلال أن حكم المطلوب يختلف عن حكم الطالب، ماذا يقول؟
الحمد لله وأصلي وأسلم على رسول الله.
قال -رحمه الله تعالى-:
المسألة الحادية عشر:
قال الخرقي: إذا اشتد الخوف وهو مطلوب ابتدأ الصلاة إلى القبلة، وصلى إلى غيرها راجلاً وراكباً يومئ إيماءاً على قدر الطاقة، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، وسواءً كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو وهي الرواية الصحيحة؛ لأن المقصود الاحتراز والنكاية بالعدو، فإذا جاز تركها للتحرز كذلك النكاية، والثانية: لا يجوز، اختارها أبو بكر، وبها قال أكثرهم؛ لقوله تعالى: {فَإنْ خِفْتُمْ فَرِجَالاً أَوْ رُكْبَانًا} [(239) سورة البقرة] فشرط الخوف في ذلك، وهو في هذه الحالة آمن، انتهى.
(33/10)
________________________________________
فإن خفتم والطالب ليس بخائف بخلاف المطلوب، على أنه يمكن أن يقال: إن الخوف أعم من أن يكون على النفس أو على فوات المقصود، مع أن الأمن اشترط للقصر فقد يشرع الحكم لعلة فترتفع العلة، ويبقى الحكم، وهذا نظيره، فيكون لكلام المؤلف وجه، ولا شك أن فوت العدو، وإفلاته من يد المسلمين بعد أن تجهزوا لغزوه فوات أمر مقصود شرعاً، ومطلوب شرعاً، فكلام المؤلف سواءً كان طالباً أو مطلوباً متجه، هو المتجه أما كون المسلمين يهتمون لغزو عدوهم، ويهتمون له، ويبذلون في سبيله ما يستطيعون، ثم بعد ذلك يفوتهم ويفرط بهذا العدو المقدور عليه بسبب استقبال القبلة، لا شك أن مثل هذا يفوت مصلحة عظيمة راجحة فرط بسبب الجهاد والغزو بكثير من الأركان، بل بصورة الصلاة، واكتفي منها بأقل القدر المجزئ الذي لا يجزئ بحال في حال الأمن، يعني الصلاة أحياناً يكتفى فيها بالإيماء في حال المسايفة، وأحياناً يكتفى بأي جزء منها بركعة، فلئن يفرط بشرط من الشروط لهذا المقصد العظيم الجليل من باب أولى، وحينئذٍ يتجه قول المؤلف: "سواءً كان طالباً أو مطلوباً" نعم؟
طالب: أقول: قوله تعالى: {فَإنْ خِفْتُمْ} [(239) سورة البقرة] التي احتج بها أبو بكر ألا يمكن أن يدخل فيها خوف فوات العدو؟
نعم أنا أقول: الفوات أعم من أن يكون على النفس، فوت المقصود والهدف خوف، وأيضاً مسألة القصر اشترط فيها الخوف {فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَقْصُرُواْ مِنَ الصَّلاَةِ إِنْ خِفْتُمْ} [(101) سورة النساء] ومع ذلك القصر مشروع وإن ارتفع الخوف؛ لأن هذا الحكم من الأحكام التي شرعت لعلة، فارتفعت العلة، وبقي الحكم.
"وإذا اشتد الخوف وهو مطلوب ابتدأ الصلاة إلى القبلة، وصلى إلى غيرها راجلاً أو راكباً" و (أو) هذه كما في النسخة المشار إليها المخطوطة (أو) هذه للتقسيم "وأذن بالناس في الحج يأتوك رجالاً أو ركباناً" فـ (أو) هذه للتقسيم قسم يأتي كذا وقسم يأتي كذا، قسم يأتي راكب، وقسم يأتي راجل، والواو أيضاً سائغة في مثل هذا؛ لأنها للمغايرة، فالرجال غير الركبان، رجالاً وركباناً، يعني تأتي بمعنى (أو) و (أو) تأتي بمعنى الواو أيضاً "ربما عاقبت الواو" كما يقول ابن مالك.
(33/11)
________________________________________
"تدع الصلاة إلى القبلة" شوف استفتح الصلاة إلى القبلة ثم ينحرفون إلى جهة غيرها، التي هي جهة العدو، "راجلاً أو راكباً" لئلا يقال: إن الراجل يستطيع أن يفعل أكثر من ذلك، أن يستفتح إلى القبلة، ويركع إلى القبلة، ويسجد إلى القبلة، نقول: يكتفى بافتتاح الصلاة وابتداء الصلاة إلى جهة القبلة "وصلى إلى غيرها، راجلاً أو راكباً" يعني يستوي في ذلك الراجل الذي يسهل عليه استقبال القبلة في حال الركوع والسجود، والراكب الذي يصعب عليه ذلك.
ابتدأ الصلاة إلى القبلة، هذه رواية معروفة في المذهب، وبها قال جمع من أهل العلم، سواءً كانت الصلاة في خوف، أو في حال التطوع على الراحلة على ما سيأتي، يستفتح ويبتدئ إلى جهة القبلة، هذه رواية معروفة في المذهب، ومنهم من يقول: إنه لا يلزم ولا الاستفتاح إلى جهة القبلة؛ لأن هذا قد يشق.
الآن إذا كانت السيارة متجهة من مكة إلى الرياض القبلة في ظهره، خلفه القبلة، فنقول: إذا افتتحت الصلاة صلاة النافلة عليك أن تستقبل القبلة، تخرج من الخط من الطريق تستقبل القبلة ثم تنحرف إلى جهتك، لا شك أن هذا فيه مشقة، لكن إن أمكن بغير مشقة فهو الأولى، وهو الأحوط والأبرأ، ولذا يستثنون الصلاة على القاطرة، في كتب الفقه يستثنون من الاستفتاح إلى جهة القبلة الصلاة على القاطرة؛ لأنه يشق الاستقبال في حال الافتتاح، القاطرة معناها الإبل المقطورة المربوط بعضها ببعض، ومعناها هذا هو معناها، الإبل المربوط بعضها ببعض، وفي حكمها القاطرة الجديدة المستحدثة المخترعة في العربات المربوط بعضها ببعض.
هناك ألفاظ يظنها كثير من الناس جديدة مثل القاطرة هذه، مثل الفنادق، الفنادق يظنها الناس مستحدثة، وهي قديمة عند .. ، يعرفها أهل العلم، وذكروها في كتبهم، وذكروا أحكامها.
إذا كان يشق الاستقبال إلى جهة القبلة في الافتتاح، فالقول الثاني يحتمل الرجحان في مثل هذه الصورة، لكن إن أمكن من غير مشقة أن يستقبل القبلة فالخروج من الخلاف مطلوب.
طالب:. . . . . . . . .
أي قاطرة؟ قاطرة إبل وإلا قاطرة ... ؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا إن أمكنه أن يستقبل القبلة ما تصح صلاته، يستقبل القبلة في كل صلاته.
طالب:. . . . . . . . .
(33/12)
________________________________________
حتى النافلة إيه، إذا أمكنه، لكن إذا ما أمكنه مثل كراسي اتجاهها معروف، ولا يستطيع أن يعكس الاتجاه هذا أمر فيه سعة، إن أمكنه من غير مشقة فهو الأصل، لكن إن أمكنه أن يستقبل القبلة في جميع صلاته هذا هو الأصل أيضاً، مثل لو كان في سفينة، أو سيارة واسعة المراتب شايلينها، ويستدير حيثما دارت القبلة، هذا هو الأصل؛ لأن الرخصة في الصلاة على الراحلة إنما هو خلاف الأصل، وسيأتي الكلام في هذا.
"وصلى إلى غيرها راجلاً أو راكباً، يومئ إيماءً على قدر الطاقة" يأتي بما يستطيع من العبادة، والقدر المستطاع لا بد منه، إذا كان مقصوداً لذاته، كما في القاعدة المقررة عند أهل العلم؛ لأن من عجز عن بعض العبادة واستطاع البعض يأتي بما يستطيع إذا كان مقصوداً في العبادة، أما إذا كان مما يثبت تبعاً للمعجوز عنه فلا يأت به، يعني عاجز عن القراءة نقول: حرك شفتيك؟ نعم؟ ما نقول: حرك شفتيك، كما قالوا في الأصلع في الحج من أهل العلم من يقول: يمر الموسى على رأسه، نقول: ما يلزم يا أخي، إن إمرار الموسى ليس مقصوداً لذاته، وإنما هو تبع للمعجوز عنه.
"يومئ إيماءً على قدر الطاقة، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه" يعني مثل العاجز عن القيام يصلي جالس ((صل قائماً فإن لم تستطع فقاعداً، فإن لم تستطع فعلى جنب)) القاعد هذا يجعل ركوعه أعلى من سجوده؛ لأن بعض الناس خلاص حافظ له جملة، وإذا جيء به بسرعة مشى على .. ، يعني عندنا مر بنا في الدرس الماضي هنا يقول: إن وضع الخطوط فوق الجمل التي يراد التنبيه إليها هي عادة أسلافنا، معروف أن الكتب القديمة الطبعات القديمة الخط فوق الكلمة المهمة، المخطوطات كلها بدون استثناء، الخط يجعله أهل العلم والنساخ فوق الكلمة، والناس تتابعوا تبعاً للمستشرقين وضع الخط تحت الكلمة، وذكرت أنا في الدرس الماضي أو الذي قبله أنه مرة في الأسئلة قلت: اشرح الكلمات التي فوقها خط، فالطلاب جلهم شرحوا الكلمات التي فوق الخط، لا التي تحت الخط، جرياً على العادة.
فنقول: يجعل ركوعه أعلى أو أرفع من سجوده، والمؤلف يقول: "يجعل سجوده أخفض من ركوعه" لتتميز العبادات بعضها عن بعض، ولو جعلنا الركوع مثل السجود ما تميزت.
(33/13)
________________________________________
"وسواء كان مطلوباً أو طالباً يخشى فوات العدو" على ما تقدم.
"وعن أبي عبد الله -رحمه الله- رواية أخرى" أبو عبد الله هو الإمام، إمام المذهب، الإمام المبجل أحمد بن محمد بن حنبل -رحمه الله تعالى- "رواية أخرى: أنه إذا كان طالباً فلا يجزئه أن يصلي إلا صلاة آمن" لأنه بإمكانه أن يؤدي الصلاة وهي أعلى مطلوب، وآكد أركان الإسلام بعد الشهادتين، ثم بعد ذلك يلتفت إلى عدوه، وهذه الرواية سبق الكلام فيها، وهي التي يرجحها أبو بكر غلام الخلال.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، على كلامهم أنه لا يصلي إلا صلاة آمن، على الرواية الثانية، لكن إذا رجحنا الرواية الأولى التي اختارها المؤلف، وقلنا: إن أقل الأحوال أن يستقبل القبلة، لكن مع ذلك يلاحظ فيه المشقة.
طالب:. . . . . . . . .
الخوف معروف، لا يحتاج إلى تفسير، والمخوف متعدد، سواءً كان عدواً من آدمي أو حيوان سبع صائل أو ماء غرق، أو نار أو ما أشبه ذلك، كل هذا مخوف.
يبقى الخوف الموهوم، بعض الناس يتوهم أن هذا المكان مخوف، أو يخاف في الظلام مثلاً، فهل يلحق به أو لا يلحق؟ يعني ليس بخوف حقيقي، وإنما هو متوهم، فهل يصلي صلاة خوف، ولا يخرج لطلب الماء، ويقال: إنه خوف، مبرر لترك مثل هذه الأمور؟ معروف أن أهل العلم عامتهم يعلقون الحكم بالأمر المحقق، وأنه لا مدخل إلى الأوهام في مثل هذا، مع أن بعض الأوهام بالنسبة لبعض الناس أشد من الخوف المحقق عند بعضهم.
يقول -رحمه الله-: "وعن أبي عبد الله -رحمه الله تعالى- رواية أخرى: أنه إذا كان طالباً فلا يجزئه إلا أن يصلي إلا صلاة آمن" يعني يأتي بالصلاة كاملة بشروطها وواجباتها وأركانها، ولا يتنازل عن شيء من صلاته؛ لأنه لا يسمى خائف، ولا يدخل في الخوف، والمقصود بالخوف الخوف على النفس، وإذا قلنا بالمعنى الأعم بالنسبة للخوف فالذي يخاف فوت المطلوب خائف.
(33/14)
________________________________________
هناك خوف لكنه لا يصل إلى حد تضيع فيه الصلاة، وتؤدى على غير وجهها الشرعي، في صلاة الخوف {فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [(103) سورة النساء] يعني أتوا بها على الوجه المطلوب {فَإِذَا اطْمَأْنَنتُمْ فَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ} [(103) سورة النساء] هناك خوف من غريم مثلاً، عرفنا أن الخوف من عدو، من صائل، سبع وإلا ماء، وإلا يخشى غرق، يخشى حرق، يخشى من انهدام بيوت، أو ما أشبه ذلك، أو سقوط شيء يغلب على الظن سقوطه، هذا لا شك أنه خوف ومبرر، لكن خوف غريم، غريم طالب أو مطلوب؟ يقول: إن صليت صلاة كاملة واتجهت إلى القبلة وركعت وسجدت يفوت هذا الشخص الذي هو غريم بالنسبة لي، هل هذا مبرر لئن يتنازل عن جوهر الصلاة؟ لا، ليس بمبرر، ولذا يتحايل بعضهم فإذا رأى الغريم الدائن كبر حتى يخرج، يطيل الصلاة، وقد يتحايل الدائن، فإذا رأى غريمه وأراد أن يطمئنه كبر، وهو لا يريد الصلاة، فإذا اطمأن؛ لأنه يحسب حساب الصلاة، هذا مسلم كبر، والصلاة أقل شيء ركعتين، يعني بدقيقتين، يعني ما يلزم أن تكون سرعته بقدر سرعته لو كان غريمه خارج الصلاة، ولذا أدخل الإمام البخاري -رحمه الله تعالى- الصلاة في كتاب الحيل، باب الحيل في الصلاة، وأشكل أمر إدخال الصلاة في الحيل على كثير، بل على جميع الشراح، يعني أنا ما وجدت جواب كافٍ إلا أن يمكن هذا، فلا شك أنه إذا كان الدائن يخافه المدين ثم بعد ذلك يصلي صلاة خوف، خوفاً من دائنه أن يطالبه بالدين، أو يتسبب في إذائه بسجن ونحوه، هل يكون هذا مبرر مثل خوف العدو أو مثل خوف السبع والغرق والحرق؟ لا، هذا لا يبرر له أن يصلي صلاة خوف، هذا إذا كان مطلوباً فضلاً عن أن يكون طالباً.
"وله أن يتطوع في السفر على الراحلة".
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
(33/15)
________________________________________
هذا لم يرد به وجه الله، لكن على حسب ما وقر في قلبه، إذا كان يخشى من غريمه أنه يؤذيه أو يسجنه وتحايل بمثل هذا لا شك أن أمره أخف ممن لا مبرر له، ويذكر عن أبي حنيفة -ولا أخاله يثبت عنه- أن شخصاً فقد مالاً فجاء يستشير أبا حنيفة، فقال: صل ركعتين تذكر -إن شاء الله-، ما يمكن يثبت هذا عن الإمام، وإن تداوله الناس، ولاكته ألسنتهم، ودون في الكتب، هذا موجود، لكن ما يمكن إمام كأبي حنيفة يرشد إنسان إلى أن يصلي من أجل الدنيا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، هذه مرجحات للرواية الثانية، هذه مرجحات للرواية.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، لوجود المعنى المنطوق فيه، هذا خوف كله خوف، هذه مرجحات للرواية الثانية، هذه مرجحات للرواية التي اختارها المؤلف.
ثم قال -رحمه الله-: "وله أن يتطوع في السفر على الراحلة على ما وصفنا من صلاة الخوف" له أن يتطوع، يعني يجوز له أن يتطوع، يعني نفلاً لا فرضاً، وجاء في الحديث الصحيح: أن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يوتر على الراحلة، ولا يفعل ذلك في الفريضة، وهذا من أدلة الجمهور على أن الوتر ليس بواجب؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يصلي على الراحلة الفريضة، ويوتر إذاً الوتر ليس بواجب ليس بفريضة.
(33/16)
________________________________________
"وله أن يتطوع في السفر" فليس له أن يتطوع في الحضر، مع أنه قد يحتاج إليه، قد يحتاج إلى ذلك، صلى المغرب، وزيارة مريض مثلاً في مستشفى، تنتهي بعد الصلاة بمسافة الطريق فقط، ولو تنفلت صليت الراتبة فاتت زيارة المريض، فأتنفل في السيارة، الجمهور على أنه ليس له أن يتنفل على الراحلة في الحضر، وإن ذُكر عن أنس -رضي الله عنه- أنه كان يفعله، ولا شك أن أمر التطوع مبني على التيسير والتخفيف، التيسير في أداء العبادة، بمعنى أنه يتجاوز عن بعض الأركان في النافلة دون الفريضة، كالصلاة من قيام مثلاً، الصلاة من قعود صحيحة إذا كان نافلة على النصف من أجر صلاة القائم، لكن الفريضة لا تجوز بحال، وبعضهم يطرد هذا التيسير والتسهيل والتخفيف بالنسبة للنافلة إلى ما تثبت به يعني فرق بين أن نقول: مبنى التطوع على التخفيف، يعني في الأداء، والفرض يحتاط له أكثر، وبين أن نثبت نافلة تطوع بما لا تثبت به الفريضة من خبر لا يصلح للاحتجاج، يعني من أهل العلم يقول: النافلة مبناها على التخفيف، فنخفف من كل وجه، يعني نثبت نافلة تطوع بخبر ضعيف، ويتوسعون في مثل هذا، على رأي من يقول: بقبول الضعيف في فضائل الأعمال، وهو قول الأكثر، لكن ليس معنى هذا أننا حتى على قول الجمهور ما يثبتون صلاة بخبر ضعيف، لا سيما إذا كان الضعف لا وجه لتحسينه، يعني لا يقرب من الحسن ولا لغيره، يعني هل مثلاً الذي يقول بقبول الضعيف في فضائل الأعمال يثبت صلاة الرغائب بالحديث الضعيف؟ منهم من أثبت، لكن أكثرهم لم يثبت، وإن كانوا ممن يقول بقبول الضعيف في فضائل الأعمال، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(33/17)
________________________________________
لا لا ضعيف، على أنه ضعيف، يقر بضعفه ويقول: لكنه في فضائل الأعمال، صلاة التسابيح الحديث ضعيف لكنه في فضائل الأعمال، نعم هو جارٍ على قاعدتهم، لكن يتفاوتون في إثبات مثل هذه الصلاة تبعاً لتفاوتهم في تقرير ضعفه قوة وضعفاً، فمن قال: إنه شديد الضعف قال: ما نقبله في مثل هذا، ومن قال: إنه خفيف الضعف قال: نقبله، وأقول: إن التخفيف الوارد في النصوص، والتفريق بين الفرض والتطوع إنما هو في كيفية الأداء لا في الثبوت، الثبوت كله شرع، لا يجوز أن تثبت شرع بما لا يثبت به بقية الأبواب، لا تثبت تطوع بما لا يثبت به فرض والعكس، فلا بد من ملاحظة مثل هذا، يعني لا يعني أن جمهور أهل العلم يقبلون الضعيف في فضائل الأعمال أنهم يثبتون عبادة لم تثبت به، لا تثبت إلا بهذا الضعيف، ولذلك يشترطون أن يكون له أصل، تكون العبادة هذه مندرجة تحت أصل عام، أما العبادات التي لا يوجد لها ما يشهد لها فمثل هذه لا تثبت، والله المستعان.
طالب:. . . . . . . . .
يعني من الرياض إلى مكة، بإمكانه، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني صلى جالساً على النصف من الأجر.
طالب: النوافل مطلقة يا شيخ في الحضر السيارة كما يفتي به بعضهم.
هو مرد الاختلاف أنه ما ثبت عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه صلى النافلة في الحضر، ومن يقول بأنه تصلى النافلة على الراحلة في الحضر يقول: النافلة مبناها على التخفيف، والنبي -عليه الصلاة والسلام- صلى النوافل على الراحلة والسفر والحضر ليسا من الأوصاف المؤثرة في مثل هذا، المؤثر أن هذه العبادة مبناها على التخفيف أو على التشديد؟ نعم؟ التخفيف، وهذه مبناها على التشديد، إذاً الوصف المؤثر كونها نافلة، بغض النظر عن كونه سفراً أو حضراً؛ لأن الوصف وصف السفر لا ينظر إليه في مثل هذه الحالة بدليل أنهم لا يفرقون بين السفر الطويل والقصير، ولو كان السفر وصفاً مؤثراً لجعلوا طول السفر وقصره مؤثر كما في بقية الرخص، فيصلي على الراحلة النافلة في السفر الطويل والقصير، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(33/18)
________________________________________
قائد السيارة إذا كان يترتب على صلاته النافلة ضرر، ويخشى من وقوع الضرر بسبب صلاته، لا يجوز له أن يصلي، أما إذا أمن من ذلك، وأمكنه الركوع والسجود بالإيماء ومع مطالعة الطريق فهو كغيره.
طالب:. . . . . . . . .
هنا ما هو أهم من ذلك، ويتفرع عليه ما ذكرت.
الصلاة في السفر على الراحلة قبلته -قبلة المصلي على الراحلة- جهته التي يقصدها، جاء من مكة إلى الرياض جهته جهة الشرق، وهو في أثناء صلاته احتاجت السيارة إلى وقود، ومحطة الوقود عن يمين أو عن شمال الخط، الطريق، هل له أن ينصرف عن جهته وقبلته التي أرادها باعتبار أنها هي القبلة بالنسبة له كالكعبة بالنسبة للمتجه إليها، أو نقول: ما دام ساغ له أن يصلي إلى جهة الشرق تاركاً القبلة المشترطة لصحة الصلاة فله أن يصلي إلى أي جهة كانت؟ منهم من يقول: إن جهته حيثما توجهت به راحلته من الطريق الذي يقصده، فإذا احتاج أن ينصرف يمين وإلا شمال ليس له ذلك، نعم؟
طالب: لكن عفواً التفاته للحاجة في سيارته قد يلتفت يحتاج ينظر عن يمينه ينظر جانب الطريق عن يمينه وعن يساره، وهو في صلاته، لازالت السيارة متجهة إلى ...
إذا كان لحاجة العلماء إذا كان بالرأس فقط ...
طالب: بالرأس.
يطلقون الكراهة، والكراهة عندهم تزول لأدنى حاجة، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
مفسد يعني مفسد.
طالب:. . . . . . . . .
هذا يكثر السؤال عنه، إن أمكن التناوب فهو الأصل، بحيث تؤدى الصلاة على وجهها.
طالب:. . . . . . . . .
وخشوا فوات مثل هذا الذي يخشى ضرره، يخشى ضرره متعدي.
طالب: ألا يقال بالجميع يا شيخ، وتبقى الصلاة على صورتها الأصلية، ويسوغ لهم الجمع في مثل هذه الحالة يا شيخ.
بنتأملها جزاكم الله خير.
اللهم صل على محمد ...
هذه يكثر السؤال عنها، والناس بحاجة إليها ...
(33/19)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الصلاة (6)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فما زال الكلام في باب استقبال القبلة، وهو شرط من شروط الصلاة، ثبت بالكتاب والسنة وإجماع أهل العلم، ومضى الحديث في الصلاة إلى جهة غير القبلة، أو إلى غير جهة القبلة في حالتين:
في حالة صلاة الخوف إذا كان العدو إلى غير جهة القبلة، والثانية: في حال التنفل في السفر على الراحلة.
ثم قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"ولا يصلي على" هكذا عندنا في الطبعة الأولى، وفي نسخ: "في غير هاتين الحالتين فرضاً ولا نفلاً" التطوع في السفر على الراحلة معروف أنه خاص بالنافلة، والسفر وصف لا شك أنه مؤثر، ولذا يمنع أكثر أهل العلم التطوع على الراحلة في الحضر، ويُذكر عن بعض السلف قول قل من قال به أنهم يتطوعون بالحضر، وهذا مناسب لمثل أوقاتنا التي تقضى فيها الأوقات الطويلة على السيارات، وبعض المشاوير كما يقولون: يأخذ ساعة في بعض البلدان، نعم قد يستغل الوقت بتلاوة أو ذكر، لكن التنوع في العبادات أمر مطلوب شرعاً، ومن نعم الله -جل وعلا- على المسلمين أن نوع عندهم العبادات، وأحياناً قد يحتاج إلى أن يتطوع على الراحلة في النوافل المقيدة التي تفوت بفوات وقتها، ولا يستطيع أن يصلي النافلة إلا على الراحلة، فلو قدر أن مريضاً تنتهي الزيارة بمسافة الطريق وشيء يسير بحيث يتمكن من الزيارة قبل خروج الوقت، فهل نقول: صل النافلة على الوجه الأكمل ولو فاتت الزيارة، أو نقول: أدرك الزيارة ولو فاتت الراتبة؟ أو نقول: صل الراتبة على الراحلة، واجمع بين هذه الأمور، وصلاة النافلة على الراحلة له أصل؟ أما كونها نافلة لا شك أنه وصف مؤثر في الحكم؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يكن يفعل ذلك في الفريضة، في المكتوبة، هذا وصف مؤثر.
(34/1)
________________________________________
أما بالنسبة للسفر فلا شك أنه علق عليه وصف مؤثر في الرخص المتعلقة به، وهذه الرخص الوصف فيها مؤثر -أعني السفر- مع أنه وجد شيء من الترخص بدون هذا السبب، فالجمع قد يحصل في الحضر، وهو رخصة، لكن المسح يحصل في الحضر ثلاثة أيام بلياليها؟ نعم لا، القصر يحصل في الحضر؟ لا، الفطر يحصل في الحضر بغير المرض أو المشقة الشديدة التي لا تبقى معها الحياة الفطر في رمضان؟ لا، فالسفر وصف مؤثر في غير الجمع، يعني السفر وصف مؤثر في الجمع، لكن هناك حالات يجمع فيها بالحضر على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-.
(34/2)
________________________________________
فهل نقول لمثل هذا أنت بين أمرين: إما أن تترك عيادة المريض، وقد يكون من أقاربك، وقد يكون أحد أبويك، أو ممن له حق عليك، أدرك عيادة المريض ولو فاتت هذه الراتبة، أو أدرك الراتبة ولو فاتت عيادة المريض؟ عيادة المريض لا شك أنه أحياناً لا يكون هناك بديل لهذا الوقت، قد يقول قائل: لماذا لا يتقدم ويصلي في المستشفى؟ نقول: هذا شخص ما في خيار له، مرتبط بعمل إلى أذان المغرب، ولو قلنا له: تصلي الصلاة في الطريق تختصر خمس دقائق قد تفوته الصلاة، وهذه العادة جرت بالنسبة لمن يقول: "الصلاة أمامك" يعني إذا خرج من بيته بعد الأذان فالغالب أنه تفوته الصلاة، الغالب؛ لأنه قد لا يتيسر له مسجد ملائم على طريقه، وقد يحصل ما لم يحسب له حساب فتفوته الصلاة، فنقول: اضمن الفريضة الآن، صل في مسجدك قبل أن تسير، فعندنا مفاضلة بين إدراك الراتبة على الوجه الكامل، وبين إدراك العيادة التي أوجبها بعض أهل العلم، ترجم البخاري -رحمه الله-: باب وجوب عيادة المريض، والمسألة مفترضة في شخص ما عنده إلا الخيارين فقط، وإلا فبالإمكان أن يقال: قدم لك نصف ساعة، وصل في المسجد -مسجد المستشفى- وعلى الراحة يعني تدرك، لكن المسألة مفترضة في شخص لا يستطيع إلا أن يفوت أحد الأمرين، والمفاضلة بين هذه العبادات لا شك أنه معروف في الشرع أيهما أفضل؟ والذي يفوت، والذي يمكن تعويضه، احتمال هذا المريض يموت بعد، أو لا توفق في زيارته مرة أخرى، فهل يقال في مثل هذه الحالة: صل على الراحلة أحسن من لا شيء، أو نقول: العبرة بالشرع؟ كونك لا تصلي النافلة هذه الراتبة أفضل من أن تصلي على وجه غير مشروع، يعني قول من قال -وهذا يميل إليه شيخ الإسلام- أن صلاة الجنازة إذا خشي أن ترفع يصليها بالتيمم، مع أنه واجد للماء، الماء موجود، فهل نقول: أدرك هذه الصلاة التي تفوت ترفع الجنازة وينتهي وقتها صلي عليها بالتيمم، أو نقول: لا تصل؛ لأن الله لا يعبد إلا بما شرع، وإنما شرع التيمم لفاقد الماء أو للعاجز عن استعماله؟ هذه مضايق، مضايق أنظار تحتاج إلى دقة في النظر، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
(34/3)
________________________________________
ما عنده فرصة، هذا في طريق، افترض أنه في طريق مسافر، أنت لا تفترض المسألة في حال سعة، تقول: والله ويش اللي حده، يقدم له عشر دقائق ويتوضأ، لا، يعني افترض المسألة ما في حل غير هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا متصور حتى في الحضر، هذا في الحضر، يعني كانت الطرق في الرياض أحياناً تستغرق بالسيارة ساعتين سرة، ما تقدر تروح يمين ولا يسار، ولا تلبق ولا شيء، يعني قبل هذه الجسور، وقبل هذه الأنفاق كانت أزمة الرياض، كان في أزمة شديدة، فمثل هذه الحالة يمكن أن تنزل على "جمع في المدينة بين الظهرين وبين العشاءين، صلى سبعاً، وصلى ثمانياً من غير خوف ولا مطر" والعلة: أراد ألا يحرج أمته، والنزول من السيارة فيه حرج عظيم، والصلاة على الراحلة المكتوبة مع أنه جاء التنصيص على نفيها ما يمكن، فالجمع في مثل هذه الحالة أولى، له أصل، أولى من الصلاة على الراحلة؛ لأن الصلاة على الراحلة يلزم عليها تنازل عن شروط، وعن أركان، وعن .. ، لا، فنعود إلى مسألتنا.
سم.
طالب: أحسن الله إليك انصرف أناس من عرفة إلى مزدلفة فلن يصلوا عرفة إلا مع الفجر.
انتهى الوقت، أو من مزدلفة إلى منى ما وصلوا إلا الساعة إحدى عشر الصبح.
طالب: ولم يستطيعوا الوقوف يا شيخ يصلوا المغرب والعشاء يا شيخ.
ومثله، هذا حصل، يحصل كثير في الانصراف من مزدلفة إلى منى، فما يصلون، ينصرفون قبل طلوع الفجر، ولا يصلون إلا في العاشرة أحياناً صباحاً، وهذا من شؤم مخالفة السنة، وإلا فالأصل أن ينصرف، نعم؟
طالب: هذا انصرف من عرفة على السنة يا شيخ.
على السنة، نعم، لكن الذي يحصل أكثر لأنه الوقت بالنسبة للمغرب والعشاء طويل، الذي يحصل كثير تفويت صلاة الفجر إلى أن تطلع الشمس، أو يصلون في السيارات، ولا يمكن الجمع يعني على الصورة الأولى بالنسبة للفجر، نعم، بالنسبة للمغرب والعشاء هذا الإشكال أنه ينصرف بعد غروب الشمس، وقد لا يصل إلى المزدلفة إلا بعد طلوع الفجر، وهذا يحصل، وإن كان قليل، لكنه يحصل.
طالب:. . . . . . . . .
(34/4)
________________________________________
إيه، فمثل هذه الحالة إحنا رأينا بعض أهل التحري في مثل هذه الصور يقول: الصلاة هي رأس المال، أترك السيارة وأنزل وأصلي على التمام، أتوضأ وأصلي ويروحون، لاحق على ...
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، بعض النساء، وصحبنا واحد من المشايخ أهل الفضل والتحري، هو نزل وصلي، لكن أمه ويش يسوي بها؟ يدفها بعربية، وبالفعل أنزلها وصلت والسيارة ما تحركت، وإذا نزل غيره تحركت السيارة مباشرة، نزل وتوضأ وصلى، ثم بعد ذلك أنزل أمه في مرة، في وقفة أخرى، وتوضأت وصلت على التمام، والسيارة واقفة، وإذا نزل غيره مشت السيارة على طول، هذا حاصل، والله أنا معهم في الباص، لكن الله المستعان.
في مثل هذه الظروف لا شك أن الله -جل وعلا- يعذر، لكن الفريضة لا بد من أدائها على الوجه المطلوب، لا بد أن تؤدى كاملة، لكن هناك صور ذكرها أهل العلم الصلاة في الباخرة مثلاً، وهي متحركة يمين وشمال، وقل مثل هذا الصلاة في الطائرة، هو يستطيع القيام ويستطيع الركوع والسجود والطهارة إلا أن الطائرة قد تنحرف عن القبلة، فمثل هذا أمره يسير -إن شاء الله-، هذا أمره يسير.
طالب:. . . . . . . . .
والله لا شك أن هذه الأمور مشكلة، والمسألة مسألة اتباع، والصحابي يقول: وكان لا يفعل ذلك في المكتوبة، فنقف عند هذا، قد نتنازل عن أمور، شرط في مقابل شروط، ركن في مقابل أركان.
طالب: يا شيخ إن راعينا الوقت فرطنا في كثير من الأمور، ولو راعينا أركان الصلاة فرطنا في ....
وهناك أيضاً العلماء يرجحون بين هذه الأركان، وبين هذه الشروط، بعض الشروط ألزم من بعض عند بعض أهل العلم، فتجد مثلاً محافظة مالك على الوقت أعظم من محافظته على الطهارة، وغيره يقولون: الطهارة أهم من الوقت، مثل هذه المفاضلات تحتاج إلى دقة في النظر.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا بس أوجد بديل للوقت، وإذا وجد البديل صار أخف مما لا بديل له، الشرط الذي له بدل أخف من الشرط الذي لا بدل له، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
(34/5)
________________________________________
نعم إيه، إيه لكن قوله: "وكان لا يفعل" هذاك الوتر، الوتر آكد من الرواتب، ونحتاج إلى مثل هذا إذا قلنا: إن الرواتب في الحضر تصلى على الراحلة، وفي المسألة التي تصورناها قريباً لا شك أن يسر الشريعة يتناول مثل هذا، وتصلي على الراحلة وعلى السيارة ولو .. ، أفضل من كونك تهدرها مرة؛ لأن له أصل، يعني الصلاة على الراحلة في النافلة له أصل، ما هو مثل الشيء الذي لا أصل له، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا لا عامة أهل العلم على خلاف هذا، إيه عامة أهل العلم على أنها لا تصلى في الحضر.
طالب:. . . . . . . . .
ويش هو؟
طالب:. . . . . . . . .
صحيح.
طالب:. . . . . . . . .
وقد صلى الظهر، وأزف الغروب، ومثله صلاة الصبح وقد أزف طلوع الشمس.
طالب:. . . . . . . . .
يعني كما شغل النبي -عليه الصلاة والسلام- عن الصلوات في غزوة الخندق، كما شغل، جاءه ما يشغله، وهو يحرص ويبذل الجهد، ويستفرغ، ولا يعرض صلاته، ولا يتهاون في أمره، إذا جاءه أمر لا يستطيعه.
قال: "ولا يصلي في غير هاتين الحالتين فرضاً ولا نافلة إلا متوجهاً إلى الكعبة، فإن كان يعاينها فبالصواب" يعني لا بد من إصابة عين الكعبة، لا بد من إصابة عينها، وهذا من في داخل المسجد، وعرفنا أنه مع كثرة الناس، وكثرة الأعمدة، وكثرة الحوائل إصابة العين حتى داخل المسجد فيها عسر أحياناً، وأحياناً تعاد تكبيرة الإحرام إذا ركع الناس، كيف؟ يصلي، يكبر مع الناس، فإذا ركعوا وجده منحرف عن الكعبة يمين وإلا شمال، إذا انحرف وجد الكعبة أمامه، وإذا أول صلاته ما هو بعلى الكعبة، هذا لا بد أن يعيد تكبيرة الإحرام؛ لأنه في المسجد الذي أوجب أهل العلم فيه الإصابة إصابة العين، أو نقول: يكفيه ما مضى على اجتهاده، هل هو محل اجتهاد داخل المسجد؟ ليس بمحل اجتهاد، لا بد من إصابة العين.
(34/6)
________________________________________
"فإن كان يعاينها فبالصواب، وإن كان غائباً عنها فبالاجتهاد بالصواب إلى جهتها" فالمطلوب الجهة عند الجمهور، وإن كان الشافعية يوجبون إصابة العين، ويكتفى عندهم في ذلك بغلبة الظن؛ لئلا يقول أحد: إنه مستحيل يصيب العين، إذا كان بعيداً مستحيل يصيب العين، فقول الشافعية لا وجه له، نقول: لا، الشافعية يقولون: لا بد من إصابة العين بغلبة الظن، إذا غلب على ظنه أنه أصاب العين، ولا شك أن هذا القول أضيق من قول الجمهور، ففيه من التحري أكثر.
يقول: "وإن كان غائباً عنها فبالاجتهاد بالصواب إلى جهتها، وإذا اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع أحدهما صاحبه" اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع أحدهما صاحبه، لماذا؟ لأن كل واحد يعتقد خطأ الآخر، كل واحد منهما يعتقد خطأ الآخر، يعني من الغرائب أن امرأتين من كبار السن يصليان في بيت إلى جهتين، كل واحدة ظهرها إلى ظهر الأخرى، وهما في بيت، بإمكانهم أن يسألوا أهل البيت فيقولون لهم الجهة، واحدة تصلي إلى الشمال، والثانية إلى الجنوب، وهذا سببه الجهل؛ لأن البلدان فضلاً عن البيوت البلدان ليست محلاً للاجتهاد، فمن اجتهد في بلد -بلد إسلامي- اجتهد في بلد إسلامي، ثم بعد ذلك وجد أنه أخطأ في الاستقبال يعيد الصلاة كما سيأتي.
"وإذا اختلف اجتهاد رجلين لم يتبع أحدهما صاحبه" لأنه عنده أن صلاته باطلة، إذا كانت صلاته باطلة؛ لأنه يجزم بخطئه، أو يغلب على ظنه خطأه فإنه لا يجوز أن يقتدي به "ويتبع ... " نعم؟
طالب: لو كان الفرق بينهما يسير؟
الفرق يسير مما يعفى فيه عند الجمهور أو لا يعفى؟
طالب:. . . . . . . . .
مما يعفى سهل، الأمر سهل، يعني مثلما يقال في استقبال القبلة أو استدبارها ببول أو غائط لا يكفي أن ينحرف قليلاً يعفى فيه في الاستقبال في الصلاة ما يكفي هذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن عنده في قرارة نفسه.
طالب:. . . . . . . . .
(34/7)
________________________________________
أخطأ نعم، لكنه باجتهاده هو، وما يعتقد، وما يدين الله به أنه صلى إلى جهة فقد فيها الشرط، فهي باطلة عنده، لكنه مع هذا البطلان يعذره باجتهاده، مثل من يرى نقض الوضوء بلحم الإبل، يرى أن صلاة فلان ليست بصحيحة لو صلاها هو، يعني الصلاة حسب اعتقاده وحسب ترجيحه ليست بصحيحة، لكن هو معذور في اجتهاده، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب "ويتبع ... " نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا يجوز، ما يجوز أن ينحرف عن القبلة ولو يسير، إذا كان يعرف أن هذه القبلة هي التي اعتمدت ووضعت وأقرت من قبل ولي الأمر، ثم انحرف عنها من غير مبرر ما يصلح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، إذا اطلع على خطأ في تحديد الجهة ينحرف عنه، ينحرف إلى الجهة، هذا ما فيه إشكال، لكن إذا كان بالاتفاق جهة هذا المسجد إلى هنا، ثم قال: والله ما دام اليسير معفو عنه ألتفت يسار، أصلي يسار وإلا يمين، ما أنتم تقولون: معفو عنه والمطلوب الجهة، وبين المشرق والمغرب قبلة؟ نقول: لا يا أخي، لا لا، أبداً.
طالب: لكن -أحسن الله إليك- لو كان في صف في الحرم، وتبين له أن في الصف انحراف عن القبلة، فقلنا له: استأنف، هل يعتبر في حكم المنفرد لأن من في الصف صلاتهم باطلة منحرفون عن القبلة.
يعني ما في ولا واحد من ... ؟
طالب: نعم أحياناً تكون فرشة، مثل ما تفضلت في الدرس الماضي فرشة تكون ...
إيه يتصرفون، في الفرشات.
طالب:. . . . . . . . .
لا، الآن في الفنادق والشقق في البلدان يضعون علامات إلى جهة القبلة، وقد يضعونها على ماسة، الماسة أحياناً يغير مكانها، ثم يصلون إلى الشرق وإلا إلى الشمال وإلا إلى الجنوب، فالتحري والتثبت لا بد منه، لا بد من التحري، الآن بعضهم يقول: أحياناً أنا أصف مع شخص أجزم ببطلان صلاته، إما في مثل هذه الصورة ذكرها الشيخ يعني منحرف عن جهة القبلة، أو لأنه مرتكب بدعة مكفرة، هذا إذا كان يوجد غيره فالأمر فيه سعة، يعني هو في حكم السواري للحاجة لا بأس؛ لأنهم يطلقون الكراهة، والكراهة تزول بالحاجة، فهو في حكم السواري، لكن الإشكال إذا لم يوجد غيره فأنت فذ، الآن فذ.
(34/8)
________________________________________
لكن من صلى صلاة يرى هو، أو يرى المصاف له أنها صحيحة، يعني افترض أنك أنت وثاني خلف الصف معك ثاني، ثم لما سلم قال له: أنا ما أنا على طهارة، تبين له بعد أنه ليس على طهارة، نقول: صلاتك صحيحة، ما عليك منه.
"ويتبع الأعمى والعامي أوثقهما في نفسه" لأن المطلوب من العامي سؤال أهل العلم في جميع أبواب الدين، وفي مسائل الدين وأحكامه، هذا فرضه {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ} [(43) سورة النحل] لكن إذا اختلف عنده اثنان لا يجوز أن يتبع المفضول، أو من يرى مرجوحيته، يعني يراه مرجوحاً مع وجود الراجح إلا بمرجح، قد يقول: إن هذا العامي ليست لديه أهلية لمعرفة الراجح من المرجوح، أولاً: اختيار الأوثق والأعلم تكفي فيه الاستفاضة؛ لأنه ليست لديه أهلية، ولو قلنا: إنه لا بد أن تكون له أهلية لزم الدور، ألزمناه باجتهاده هو، هو مطالب بسؤال أهل العلم، ويكفي في مثل هذا الاستفاضة، يعني استفاض في مجالس الناس أن فلان من أهل العلم، والله -جل وعلا- يضع في قلوب العباد لأهل التحقيق من أهل العلم المنزلة اللائقة بهم.
ومن خفي أمره على الناس مدة من الوقت لا بد أن ينكشف على حقيقته، يعني ولو لبس على الناس وعنده أساليب، وعنده أشياء، وظهر في وسائل الإعلام وغيره، ثم تبعه فئام من الناس، لا بد أن يظهر على حقيقته، فالاستفاضة في مثل هذا كافية.
الاستفاضة دلت على أن هذا عالم وهذا عالم، لكن هذا فاضل وهذا مفضول، نقول: لا، تتبع الأوثق؛ لأن هذه مسألة ديانة، الأعلم الأوثق الأورع، فلا بد من توافر من أجل التقليد العلم والدين والورع.
وليس في فتواه مفتٍ متبع ... ما لم يضف للعلم والدين الورع
لأن بعض الناس عنده شيء من العلم، لكن الورع قليل، تجده ينحرف في فتواه لأمر من الأمور، أو لشيء رغبة أو رهبة، والآن في هذه القنوات ما خفي أمر مثل هؤلاء، ولا على عامة الناس، يعرفون، والله المستعان.
(34/9)
________________________________________
"يتبع الأعمى" الأعمى لا يستطيع أن يجتهد في مسائل القبلة لأنها مرئية؛ لأنها متعلقة بالبصر، هناك أشياء يعرفها من دقت ملاحظته من العميان كاتجاه الرياح، أو اختلاف التربة، التربة يعرف الأعمى وهو سائر إلى بلد من البلدان، أو قرية من القرى، أو ضاحية إذا اختلفت التربة عرف أنه انحرف يمين وإلا شمال، وبعض المبصرين لا يفرق بين السهل والوعر، ترى ما هي مبالغة يا الإخوان، بعض المبصرين -سبحان الله العظيم- ما عنده الحس الذي يستطيع به أن يفرق بين الواضحات، وبعض العميان عندهم من الحس المرهف ما يستطيع أن يفرق به بين الدقائق، والأمثلة كثيرة، يعني ما نحتاج إلى ضرب أمثلة، صحيح هذا الواقع يشهد بهذا، واحد من الشيوخ أعمى، ويقوده زميله مدة الدراسة خمس أو ست سنوات، وفي طريقهم من البيت إلى المسجد حصاة عقبة، أقسم بالله المبصر أنه لم يذكر له ولا مرة واحدة أن الحصاة وصلناها، مجرد ما يصل يرفع رجله، ويقول: أنا سقطت فيها مراراً، فالأعمى لا شك أنه في أمور المبصرات ما يكلف، لا يكلف فيما يكلف به المبصر؛ لأن الله لا يكلف نفسا ًإلا ما آتاها، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
فيه أعمى رأيته في بلد من البلدان، وأنا في الصف الثالث الابتدائي، سنة ثلاثة وثمانين، فرأيته في مناسبة زواج، وهو ما يسمع الرادو، وإلا كان نقول: يمكن سمع الراديو وعرف الصوت، ما يسمع الراديو، سلمت عليه، قال واحد: أنت تعرف هذا؟ قال: عبد الكريم! قلت: نعم، ما شاء الله من أربعين عاماً؟ قال: لا، خمسة وأربعين، عجب، عجب، أمور أمور يعني شيء، كأن فيها شيء من الإعانة.
وشخص أعمى يخرج من المسجد، ويذهب إلى بيته من غير قائد، ولا تختل خطواته، وإذا وصل إلى الباب أخرج المفتاح ولا يحتاج إلى أن .. ، ما يتلمس ولا شيء على طول على الفتحة، المفتاح الحديد هذا الصغير، يا أخي الواحد المبصر لازم يفتح، يمسك واحد بيد، والثاني بيد، وأحياناً يفتح باب غيره بعد، فالأمور يعني ما تنتهي، لا ينقضي العجب، يعني وإذا كان الصوت يمكن تمييزه، فكيف يمكن تمييز النَفَس؟ كيف تمييز النَفَس من فلان إلى فلان إلى ألوف من الناس؟!
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
(34/10)
________________________________________
طالب:. . . . . . . . .
ضرير سلم عليه شخص بعد عشر سنوات ولا تكلم، قال: فلان؟ قال: كيف عرفت؟ قال: نفسك، كل شخص له نفسه، عجب.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، لا لا، عجائب، عجائب، يعني في آلات الكترونية الآن يوجد مرجع لها أعمى، هو الذي يقوم بإصلاحها، آلات الكترونية دقيقة، والله المستعان.
"وإذا صلى بالاجتهاد إلى جهة ثم علم أنه قد أخطأ القبلة لم يكن عليه إعادة" لأنه بذل ما في وسعه واجتهد، فلا يكلف غير ما بذله، لكن إن صلى من غير اجتهاد إلى جهة ثم علم أنه أخطأ القبلة هذا لا بد أن يعيد، إذا لم يجتهد، أما إذا اجتهد فإنه لا إعادة عليه، وفي هذا حادثة الصحابة صلوا في عهد النبي -عليه الصلاة والسلام- كل اجتهد لنفسه، ووضعوا علامات إلى الجهات التي صلوا عليها، فلما أصبحوا وجدوا أنهم أخطأوا، فنزل قول الله -جل وعلا-: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ} [(115) سورة البقرة] فالإنسان إذا اجتهد لا يكلف غير ما يستطيع.
"وإذا صلى البصير في حضر فأخطأ، أو الأعمى بلا دليل أعادا" لماذا؟ يعني ولو اجتهد البصير، أو اقتدى الأعمى بغيره في حضر، يعني ولو اجتهد البصير، أو اقتدى الأعمى بغيره فإن عليهم الإعادة، لماذا؟ لأن البلدان ليست محل اجتهاد، لكن البلدان الإسلامية التي فيها المحاريب أمرها معروف، لكن هناك بلدان غير إسلامية، ذهب فلان إلى علاج، وبحث عن مسجد، وبحث عن محاريب، وبحث عمن يخبر ضاقت به الدنيا ذرعاً، كأنه في برية، لا يجد من يكلمه بلغته، ولا يجد من يخبره، هل نقول: إن هذا حكمه حكم السفر، وإلا نقول: حكمه حكم الحضر؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان لا يصل إلى الحقيقة وإصابة الجهة جهة القبلة، فإنه لا يصل بحال، هذا معذور حكمه حكم السفر؛ لأن وجود مثل هذا المجتمع ببنيانه وسكانه وجوده مثل عدمه.
(34/11)
________________________________________
"ولا يتبع دلالة مشرك بحال" لأن المسألة شرعية، والمقتدى به في مثل هذه الأمور حكمه حكم المخبر، والمخبر لا بد أن يكون ثقة؛ ليعمل بخبره، والمشرك ليس بثقة، وقد يتعمد تضليل المسلم، لكن إن كانوا في أعمالهم يحتاجون إلى تحديد الجهات، هم في أعمالهم يحتاجون إلى تحديد الجهات؛ لأن عملهم يقتضي هذا، فدخل محل من المحلات وقال: هذه جهة كذا، وهذه جهة كذا، ليس من أجل الصلاة، ولا من أجل إخبار هذا المسلم يعتمد على مثل هذا؟ هل نقول: إن هذا إخبار ولا يقبل خبره؟ لأن الخبر إما أن يكون خبر دين فيشترط في المخبر ما يشترط في الرواة، أو يكون خبر دنيا، انتبهوا يا الإخوان.
عرفنا أنه لو قال المشرك للمسلم: هنا القبلة، لا يقبل خبره؛ لأنه ليس من أهل الرواية الذين تقبل روايتهم، لكن عمله أو عمل هذه الجهة يتطلب تحديد الجهات، فدخل هذا المحل، هذا المصنع، هذه الورشة، هذا المكتب وجد فيه هذه الجهات من أجل عملهم الدنيوي، فليس الخبر حينئذٍ خبر ديني بالنسبة لصدوره منهم إليه، هذا ليس بخبر ديني، يعني كما لو سأل عن السفارة مثلاً، دخل بلد كفار، وقال: أين محل السفارة؟ وقالوا له: السفارة هناك، هل نقول: لا تقبل لأنهم كفار؟ نعم؟ لأنه ليس بخبر دين، الأصل في تحديد القبلة والدلالة عليها أمر دين، لكن هم ما تعمدوا هذا من أجل الدين، من أجل أمور دنياهم، فهل نقول: إن خبرهم يقبل في مثل هذا؟ خبرهم يقبل في مثل هذا؛ لأنهم حددوا ووضبوا أمورهم على تحديد الجهات؛ لأن عملهم يتطلب التحديد، أو نقول: هذه قرينة إن وجد ما هو أقوى منها وإلا إن كان من أهل الاجتهاد لم يعمل بها، وإن كان من غير أهل الاجتهاد هذا أقصى ما يمكنه؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الفاسق هل يقبل خبره في الدلالة إلى القبلة؟ نعم؟ لا، إن كان مجرد خبر نحتاج إلى تثبت، وإن عمل به وهو يتدين بالصلاة، إن عمل به وصلى إلى هذه الجهة، وهو أعرف من القادم إلى هذه المنطقة من غيره، نقول: ما دام يتدين بهذا فلا يظن به أنه يخون نفسه، وإن ظن به أنه يغرر بغيره، وإلا ويش الداعي يصلي وهو يعرف القبلة؟ عرفنا الفرق؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه؟
طالب:. . . . . . . . .
(34/12)
________________________________________
هذا يحتاج إلى وجود قرائن تدل على صدقه، وجود القرائن الدالة على صدقه، لا سيما وأن مثل هؤلاء الذين يجعلون في الاستقبال، يجعلون على قدر من حسن التعامل مع الناس، التجار يقصدون هذا، سواءً كان في الشقق أو في غيرها، فإذا دلت القرينة على صدقه يقبل قوله.
طالب:. . . . . . . . .
وهو من أهل البلد؟ وغلب على ظنك صدقه؟ شوف ويش يقول: "وإذا صلى البصير في حضر" يعني ولو اجتهد، وعرف العلامات ونظر فيها ثم تبين خطأه لا بد من الإعادة.
طالب:. . . . . . . . .
ثقة هو؟
طالب:. . . . . . . . .
لكن هل هو ثقة وإلا لا؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا كان ثقة فمثل الاجتهاد هذا، مثل الاجتهاد إذا لم يجد غيره، يعني إذا لم يكن هناك معارض، إذا لم يكن هناك معارض، ولو سأل أكثر من شخص ليتأكد لكان هذا هو الأصل؛ لأن مثل هذا يوجد ريبة فيتأكد منه.
"ولا يتبع دلالة مشرك بحال وذلك ... " وهذا موجود التعليل في بعض النسخ "وذلك لأن الكافر لا يقبل خبره ولا روايته ولا شهادته؛ لأنه ليس بموضع أمانة" يعني من شروط قبول الرواية أن يكون عدلاً ضابطاً، يعني يكون ثقة، أما إذا تخلف، تخلفت العدالة فلا قبول؛ لأنه لا يؤمن أن يغرر وأن يفسد صلاة المسلم، لا يؤمن من الكافر، وذلك لأن الكافر لا يقبل خبره، يعني من شرط قبول الخبر ارتفاع الفسق {إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا} [(6) سورة الحجرات] وإذا كان هذا في الفاسق المسلم فكيف بالكافر؟
(34/13)
________________________________________
لكن لو افترضنا أن كافراً عرف القبلة حال كفره، ثم أسلم فأخبر بعد إسلامه، يعني بعد أن انتقل عن البلد، أنت تصور كافر في بلد كفار، ويعرف جهة هذا البلد، ثم انتقل إلى بلد آخر فأسلم، فاتصل عليه من بلده الأصلي، وقيل له: أين جهة القبلة؟ قال: جهة القبلة وين أنت الحين؟ قال: أنا في المحل الفلاني، قال: حط كذا على يمينك، وكذا على يسارك وصل، هو يعرف القبلة حال كفره، ثم أدى هذه المعرفة بعد إسلامه، يصح قياساً على روايته وإلا لا؟ نعم هناك فرق بين التحمل والأداء، يعني في حال التحمل لا يشترط الإسلام ولا الثقة ولا البلوغ، فيتحمل الكافر، يتحمل الفاسق، يتحمل الصبي، لكن في حال الأداء لا يقبل إلا بعد استيفاء الشروط، ولا روايته ولا شهادته، تقبل شهادة الكافر المشرك في الوصية في السفر؛ لأنه ليس بموضع أمانة، وإذا ردت شهادة الفاسق، ورد خبر الفاسق فلئن يرد خبر الكافر من باب أولى.
طالب: شهادته على مثله يا شيخ؟
يفرقون بين الشهادة للشخص والشهادة على الشخص.
طالب: لا، عليه.
افترض أنه كافر شهد على أبيه أو على ابنه، فاسق شهد على أبيه أو على ابنه، هذا مثل اعترافه على نفسه يقبل، لكن ما يقبل على غيره إلا بعد توافر الشروط.
الصغير أهل العلم قد يقبله منهم من يقبله إذا كانت القضايا بينهم بين الصغار قبل أن يتفرقوا؛ لأنهم إذا تفرقوا أثر عليهم، وأما هم في مكانهم فبراءتهم تدل على صدقهم.
طالب: أحسن الله إليك لما أقام النبي -صلى الله عليه وسلم- الحد على اليهوديين ألم يقمه بشهادة اليهود عليهم؟
اليهوديين لما أحضر التوراة؟
طالب: لما أقام الحد على هذين بوصفهما زانيين.
إيه، لكنهما ما أنكرا الزنا، لكن أنكرا الرجم.
طالب: إيه، لكن الكلام على إقامة الحد عليهم؟
إقامة الحد بشرعهم الموافق لشرعنا.
طالب: لكن أليس بشهادة أهل ملتهم عليهم بالزنا؟
لا، هم ما أنكروا، شهد عليهم أهل ملتهم واعترفوا، لكن الخلاف في الحد ما هو؟ هل يسودون؟ هل يشهر بهم؟ هل كذا؟ "إنا لا نجد الرجم" فلما بحثوا وجدوا فرجموا، ما أنكروا الزنا.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
اتجاه من أمر لأمر، هو يعرف أنك تسأله لأمر دين وإلا أمر دنيا؟
(34/14)
________________________________________
طالب:. . . . . . . . .
يعني أنت في بلد كفار قلت له: وين السفارة؟ قال: في المحل الفلاني، هذا ما يتهم في هذا، ما يتهم.
طالب:. . . . . . . . .
وين؟
طالب:. . . . . . . . .
لا ما في ثقة.
طالب:. . . . . . . . .
بس ما هو بثقة مهما كان، لكن قد يخبرك ثقة مسلم من خيار الناس، ويخطئ في خبره، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا تعينت، ما في وسيلة إلا هم، نعم، إذا لم يوجد غيرهم، على كل حال إذا لم يوجد غيرهم من يشهد، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، ما تقبل؛ لأن العبرة في حال الأداء لا في حال التحمل، جبير بن مطعم لما جاء في فداء أسرى بدر، سمع النبي -عليه الصلاة والسلام- يقرأ في المغرب بسورة الطور وهو كافر في وقتها، ثم لما أسلم حدث بهذا الخبر، وتحمل عنه وقبل، وخرج في الصحيحين وغيرهما، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
من هو إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
ما دام يقبل خبرها في الرواية يقبل خبرها في العبادة، سواءً كان ذكراً أو أنثى، حر أو عبد، النبي -عليه الصلاة والسلام- قبل تزكية بريرة.
طالب: بعض النساء تقول: لها كذا سنة تصلي في هذا البيت تصلي إلى غير القبلة جهلاً، ولا تنبه لها أهل البيت فينبهونها هل تؤمر بالإعادة يا شيخ ... ؟
تحصي وإلا ما تحصي؟
طالب: ما تحصي.
ما تحصي، المشقة تجلب التيسير، لكن عليها أن تعتني، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
ويش فيه؟
طالب:. . . . . . . . .
اشتبه طاهر بنجس؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، لا.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، لا يتحرى ولا شيء يتركه، ما دام طاهر بنجس يتركه.
يقول: إذا كان هناك عالمان متماثلان في العلم والورع، واختلف قولاهما، فأيهما يتبع؟ هل يأخذ بالأسهل على قاعدة: الشريعة بإرادة التسهيل على العباد، أو يأخذ بالقاعدة الأخرى: العمل بالأحوط وإبراء الذمة، وما الفرق بين هاتين القاعدتين؟
(34/15)
________________________________________
إذا وجد عالمان بهذه المثابة، ولم يستطع الترجيح بينهما، أو وجد مرجحات لهذا، ومرجحات لهذا، فلم يستطع الترجيح فإنه يسعى لإبراء ذمته، يعني مثلما قال أهل العلم فيما إذا تعارض دليلان من غير ترجيح، لم نستطع أن نرجح بينهما، لكن أحدهما يدل على اليسر والسهولة، والثاني يدل على الاحتياط، فيه احتياط، فمن أهل العلم من يقول: يأخذ بالأيسر؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما، وهذا له من ينصره، والأكثر يقولون: يأخذ بالأحوط؛ لأنه أبرأ للذمة، والمراد بالأيسر يختار الأيسر في وقت التخيير، أما الآن ما في تخيير، عندك راجح وإلا مرجوح، إن لم تستطع فالتوقف حتى يترجح لك أحد الأمرين، وإذا أمكن الاحتياط والخروج من العهدة بيقين فهذا أليق بلا شك، هذا هو الأليق، الخروج من العهدة بيقين، أما القول بأن إطلاق القول بأن الشريعة مبنية على اليسر والدين يسر، ولن يشاد الدين أحد .. ، هذا على العين والرأس صحيح، لكنه أيضاً دين تكاليف، والجنة حفت بالمكاره، وإذا حصل مثل هذا فلا يكن ميلك إلى ما يوافق هواك، يعني سألت من أهل العلم في مسألة من مسائل الحج، فقال: عليك دم، ثم بحثت لتسأل غيره وإن كان أعلم منه، فقال: ما عليك شيء، ما الدافع إلى السؤال؟ هل الدافع إلى السؤال مزيد التثبت والتحري، أو الدافع له البحث عما يوافق الهوى هوى النفس؟ وهذا لا شك أن الإنسان المطلوب منه إبراء الذمة، وأن يخرج من العهدة بيقين، قد يقول قائل: وقعت أنا وزميلي في أمر، في محظور واحد، فزميلي سأل شيخه قال: ما عليك شيء، وأنا سألت شيخ: وقال: عليك دم، فما هو معقول أن قضيتنا واحدة، هو ما عليه شيء، وأنا علي، لا بد أروح أسأل، هذا اتباع للهوى، بل الثاني اللائق به أن يتحرى ويتثبت، هو عرف أن في المسألة قولين يذهب يطلب مرجح، هذا الذي أفتي بأنه ليس عليه شيء، وإن كانت الفتوى ليست بصحيحة فإثمه على من أفتاه.
يقول: أيهما أفضل شرح الطيبي أو مرقاة المفاتيح شرح الملا علي القاري؟
(34/16)
________________________________________
لا، الأفضل الطيبي، والطيبي شيخ لصاحب المشكاة، أشار عليه بتأليف الكتاب، ثم شرحه، شرح الكتاب، وكثير من الناس يأنف أن يُعنى بكتاب لشخص دونه في السن أو في المنزلة، يأنف، يرى أن قدره أكبر، وهذا كما قال: لا يتعلم العلم مستحي ولا متكبر، فلا بد أن يأخذ العلم عمن هو فوقه ومثله ودونه.
الطيبي ذكروا في ترجمته أنه يجلس لدرس التفسير بعد صلاة الصبح إلى أذان الظهر جلسة واحدة، ثم يجدد الوضوء، ويصلي الظهر، ثم يجلس لدرس الحديث درس البخاري إلى أذان العصر، ثم العصر كذلك، والمغرب كذلك، وعاش على ذلك مدة، ثم مات وهو ينتظر صلاة الظهر بعد درس التفسير، همم، هذه همم، قد يعدها كثير من طلاب العلم في عصرنا ضرب من الخيال، ما يمكن يجلس الواحد جلسة واحدة من .. ، يصلي الصبح إلى الظهر إذا كان هذا في تعليم، والتعليم لا شك أنه شاق، لكن إذا كانت المسألة قراءة كتاب وتعليق، فالمسألة أسهل، لكن أي التعليم أسهل والصلاة؟
الحافظ عبد الغني حفظ عنه أنه يصلي من ارتفاع الشمس إلى قرب الزوال، هذا أيضاً شاق، لكن بعض الناس ييسر له بعض الأمور، ويشرب حبها فتهون عليه، تسهل عليه، يعني ييسر له، ويفتح له باب التعليم، ويتجاوز مرحلة المجاهدة إلى مرحلة التلذذ، ويوجد في السابق، وفي الوقت الحاضر من يتلذذ بالتعليم، ومنهم من يحتاج إلى جهاد لكل درس على حدة، مثل هذا لا شك أنه يعجب السامع لسيرته وحياته، وموجود من الشيوخ المعاصرين من يتناوب عليه الشباب، يملون من كثرة دروسه وارتباطاته ولقاءاته، يملون، يتناوب عليه خمسة، ستة، وهم شباب، وهو كبير في السن، لا شك أن هذا فتح من الله -جل وعلا-، وتيسير لليسرى، والله المستعان.
اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد ...
(34/17)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الصلاة (7)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
سم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
قال -رحمه الله تعالى-:
باب: صفة الصلاة
وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، وينوي بها المكتوبة، يعني بالتكبيرة ...
طالب: ثم عندنا زيادة ثلاثة أسطر يبدو أنها مقحمة.
ولا نعلم خلافاً؟
طالب: إيه ولا نعلم خلافاً بين الأمة إلى قوله: {لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(5) سورة البينة] في النسخة اللي بخط الوالد ليست فيها.
ولا نعلم خلافاً بين الأمة؟
طالب: سم.
إيه من قوله: "ولا نعلم خلافاً بين الأمة في وجوب النية للصلاة، وأن الصلاة لا تنعقد إلا بها، والأصل فيه قول الله تعالى: {لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(5) سورة البينة].
ما عندي هذا، عندي بس ولا نعلم خلافاً بين الأمة في وجوب النية للصلاة، وأن الصلاة لا تنعقد إلا بها، فإن تقدمت النية.
طالب: لا عندي: والأصل فيه قول الله تعالى: {لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(5) سورة البينة] وكل هذه الأسطر الثلاثة ليست في النسخة ....
موجود المغني؟
طالب: موجود المغني.
وأن الصلاة لا تنعقد إلا بها زيادة من ميم، يعني من المغني.
طالب: وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر، موجودة في نسخة المغني، ولا نعلم خلافاً بين الأمة في وجوب النية للصلاة، وأن الصلاة لا تنعقد إلا بها.
فإن تقدمت.
طالب: وإن تقدمت نعم.
يعني الأصل هذا زيادة مقحمة، ولا يبين من أين أخذها؟
طالب: ولا شيء أبداً، ولا أشار إلى ذلك.
نعم، الزركشي ويش يقول؟
طالب:. . . . . . . . .
وأن الصلاة، والأصل، فيه وإلا ما في عندك؟
طالب:. . . . . . . . .
طيب، فإن تقدمت بعده على طول في الأصل، في المتن، طيب، إذاً الزيادة، أقول: الزيادة عندك؟ الأصل فيها قول الله تعالى.
طالب: والأصل فيه قول الله تعالى: {لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(5) سورة البينة].
(35/1)
________________________________________
هذا الذي لا يوجد في المتن ولا في الشرح، يعني هذا لا يوجد في المتن ولا في الشرح، ما هو عندكم بالطبعة هذه وإلا؟
طالب:. . . . . . . . .
هذا لو بين أصله.
طالب:. . . . . . . . .
هذه زائدة، ينبه عليها أنها زائدة.
طالب: لكن قوله: ولا نعلم خلافاً يا شيخ هي أقرب إلى الشرح من كونها من المتن يا شيخ، حتى كأن كلام الشيخ عبد الله يوحي بهذا.
هذه من الشرح.
طالب:. . . . . . . . .
إيه، نعم أما الزيادة الأولى موجودة في الشرح ما في إشكال، موجودة في الشرح على أنها من المتن وإلا ... ؟
طالب: موجودة أنا عندي في المتن.
المتن المشروح.
طالب: المتن المشروح.
ما في ما يمنع أنها تكون من المتن، كونها توجد في بعض النسخ دون بعض هذا معروف مألوف، لكن الإشكال فيما لا يوجد في أي متن، أو في أي شرح، ولا يشار إليه، هذا لا بد من الإشارة إليه، والأصل فيه قول الله تعالى: {لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(5) سورة البينة] هذا لا بد من التنبيه عليه.
طالب: أحسنت.
أنه لا يوجد لا في المتن ولا في الشرح، أما وجود الكلمة في الشرح أو الكلمة في الشرح وتدخل في المتن على أنها منه، أو تخرج منه على أنها ليست منه، هذا له وجه، وهذا له وجه، المقصود أنها موجودة، نعم.
ولا نعلم خلافاً بين الأمة في وجوب النية للصلاة، وأن الصلاة لا تنعقد إلا بها.
يعني هذا مما تختلف فيه نسخ المتن، فمنهم من يجعله .. ، فمن النسخ ما هي مثبتة فيه على أنها متن، ومن النسخ ما لا يوجد في مثل هذا، وهي موجودة في الشرح على كل حال، وكونها من الشرح أو من المتن هي إما للإمام أو .. ، للماتن أو للشارح، على كل حال هي موجودة يعني، الكلام هذا له أصل، وله وجود، وكونها ينتابها كونها من المتن أو من الشرح هذا كثير، لكن الإشكال فيما لا يوجد لا في المتن، ولا في الشرح، وهو قوله.
والأصل فيه قول الله تعالى: {لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(5) سورة البينة].
هذا لا بد أن يبين من أي شيء، أو على أي شيء اعتمد في إثبات هذا الكلام؟ لا بد أن يبين على أي شيء اعتمد.
في طبعة لمختصر الخرقي.
طالب:. . . . . . . . .
(35/2)
________________________________________
لا لا، هي موجودة اللي عندك هذه نفس اللي يقرأ، لا، في طبعة قبل هذه، مفيد الخيمي، إيه، الخافقين نعم، ما توجد مع أحد من الإخوان؟ عندي أنا بس ما دريت أن المسألة تحتاج.
طالب: لكن في طبعة الشيخ ابن مانع عندك يا شيخ موجودة؟
لا لا، موجود إلى: "وأن الصلاة لا تنعقد إلا بها" ما ندري على أي شيء اعتمد في إقحام هذه الجملة، ولا بد من التنبيه عليها، وأنها لا توجد في المتن ولا في ...
طالب:. . . . . . . . .
نعم موجودة في المغني، موجودة في المتن المطبوع مع المغني.
طالب:. . . . . . . . .
نعم، لا هين الزركشي قرأناه، نعم.
وإن تقدمت النية قبل التكبير وبعد دخول الوقت ما لم يفسخا أجزأه، ويرفع يديه إلى فروع أذنيه، أو إلى حذو منكبيه، ثم يضع يده اليمنى على كوعه اليسرى ويجعلهما تحت سرته، ويقول: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، ولا إله غيرك، ثم يستعيذ، ثم يقرأ: الحمد لله رب العالمين، ويبتدئها ببسم الله الرحمن الرحيم، ولا يجهر بها، فإذا قال: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة].
طالب: سطران ساقطان من هذه النسخة يا شيخ أنا استدركتهما.
ويش هما؟
طالب: من قوله: "وتعالى جدك" إلى قوله: "فإذا قال: ولا الضالين" هذان السطران ساقطان.
عجيب.
إيه لا النسخة، النسخة عليها، يعني العناية فيها في الحاشية، يعني هو كتب الحواشي، واجتهد في انتقائها وتحريرها، وأما المتن فهو ما هو بأجود المتون، ما هو بأجود الطبعات، نعم.
فإذا قال: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] قال: آمين، ثم يقرأ سورة في ابتدائها بسم الله الرحمن الرحيم، فإذا فرغ كبر.
ولا يجهر بها، ما عندك ولا يجهر بها؟
طالب: لا، عندي في الأولى يا شيخ.
موجودة في الأولى، لكن حتى بسم الله الرحمن الرحيم الثانية ولا يجهر بها.
طالب: لا عندنا ليست، عندك يا شيخ موجودة؟
لأني صليت خلف إمام في الحي الجنوبي من حي السلام القسم الجنوبي، إمام مشهور ومقصود، لكنه ما هو بفقيه، فإذا به يقرأ في قصار السور، وعمل مطرد لا يجهر بالبسملة مع الفاتحة ويجهر بها مع السور، هذا الحاصل، لا يجهر بالبسملة مع الفاتحة، لكنه يجهر بها مع كل سورة بعد الفاتحة، يمكن قرأ في هذا الكتاب؟
(35/3)
________________________________________
طالب: يمكن.
لا لا إخاله قرأ، لكن قلد، يرى بعض الأئمة يجهر بها أحياناً، يعني من أهل العلم يجهر بها أحياناً، فقلده فيظن، وهذا اجتهاده، وهو ليس من أهل الفقه كما هو معروف، هو واعظ.
طالب: حتى في نسخة الوالد ما فيها ...
ولا يجهر بها؟
طالب: نعم ليست فيها.
فإذا فرغ كبر للركوع، ويرفع يديه كرفعه الأول، ثم يضع يديه على ركبتيه، ويفرج أصابعه، ويمد ظهره، ولا يرفع رأسه، ولا يخفضه، ويقول في ركوعه: سبحان ربي العظيم ثلاثاً، وهو أدنى الكمال، وإن قال مرة أجزأه، ثم يرفع رأسه ...
يكفي، يكفي.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
باب: صفة الصلاة
الصفة والنعت مترادفان، ومنهم من يجعل الصفة للعارض، والنعت للثابت، ومنهم من يعكس، المقصود أنهما متقاربان، ويتقارضان بمعنى أنه يوضع هذا في موضع هذا، وذاك في موضع هذا، فيقال: جاء زيد الكريم، منهم من يعربها صفة، ومنهم من يقول: نعت، ولا يختلف الأمر هنا، هل قال أحد من أهل العلم سواءً كان في كتب الحديث، أو في كتب الفقه: باب نعت الصلاة؟ جاء: "أنعت لكم كذا" من فعله -عليه الصلاة والسلام- يعني أصف، لكن لا تجدهم يقولون: باب نعت الصلاة؛ لأن الدارج على الألسنة، والمعروف والمفهوم عند العوام والمتعلمين الصفة، فلو قال: نعت الصلاة لأشكل على بعض الناس، فهم يأتون بالبين الواضح الذي لا يوقع في إشكال، وإن كان المعنى واحد.
باب: صفة الصلاة
(35/4)
________________________________________
صفتها من الشروع فيها، أو من القيام إليها إلى الفراغ منها، من التكبير إلى التسليم، على ضوء ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من قوله وفعله، وصفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام- هي ما ثبت عنه من فعله، وما يدخل في هذه الكتب التي ألفت في صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، من الخلاف الذي يدل عليه القول، أو يدل عليه الفعل، لا شك أنه توسع، لما يذكر مثلاً صفة حج النبي -عليه الصلاة والسلام- كتاب، ثم يذكر لي أنواع النسك، هل هذا دقيق؟ ما هو بدقيق، النبي -عليه الصلاة والسلام- اعتمد نسكاً واحداً، أو يذكر كتاباً في صفة صلاة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم يتعرض لخلاف مثلاً عمدة بعض الأقوال فيه إلى أوامر من النبي -عليه الصلاة والسلام-، وعمدة بعضها إلى أفعاله -عليه الصلاة والسلام-، لا شك أن هذا توسع، أو يقول: صفة حجة النبي -عليه الصلاة والسلام-، ثم يأتي بالمحظورات، حج النبي -عليه الصلاة والسلام- ما فيه محظورات، لكن هذا استطراد وتوسع.
(35/5)
________________________________________
فصفة الصلاة المقصود بها الثابتة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، سواءً كان ذلك من فعله، ولزوم ما فعله النبي -عليه الصلاة والسلام- ومشروعيته من قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وأما مشروعية أوامره ونواهيه في الصلاة فهذا لا إشكال فيه أنها المقصود بها الأمة، وإذا خالف فعله قوله هل يقال: إن هذا خاص به -عليه الصلاة والسلام-، أو يقال: إن هذا يقتدي به من هو في صفته كالإمام مثلاً، ويبقى الأمر لسائر الناس؟ فمثلاً قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((فإذا قال: سمع الله لمن حمده فقولوا: اللهم ربنا ولك الحمد)) قول: سمع الله لمن حمده يقتدي به من؟ كل مصلٍ باعتباره القدوة والأسوة، أو الإمام والمنفرد؟ الشافعية يقولون: يقتدي به كل مصلٍ، فالمأموم يقول: سمع الله لمن حمده؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- قال: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) وقد قال: ((سمع الله لمن حمده)) إذاً نقول: سمع الله لمن حمده، والأكثر قالوا: لا، المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، الإمام يقول: سمع الله لمن حمده، والمأموم يقول ... فقولوا؛ لأن الفاء تقتضي التعقيب، يعني بمجرد قوله: سمع الله لمن حمده فقولوا، ولا مجال لقول المأموم: سمع الله لمن حمده؛ لأن التعقيب بالفاء يقتضي هذا، فإما أن نوافق الإمام بقولنا: سمع الله لمن حمده، أو يقتضي ذلك إذا قلناها أن نؤخر ربنا ولك الحمد، بعد قولنا: سمع الله، ولا يتم بذلك الامتثال، فالاقتداء به -عليه الصلاة والسلام- في قوله: ((صلوا كما رأيتموني أصلي)) الرسول -عليه الصلاة والسلام- له أحوال، فأحياناً يفعل الشيء على أنه الإمام الأعظم، ويقتدي به الأئمة من الخلفاء والأمراء ممن يقوم مقامه، ويفعل الشيء باعتباره القاضي يقتدي به القضاة، يفعل الشيء باعتباره إمام الصلاة فيقتدي به الأئمة.
طيب إذا قلنا مثل هذا في سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد، فماذا عن قوله: ((فإذا قال: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] فقولوا: آمين)) هل معنى هذا أننا لا نقول: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة]؟
طالب:. . . . . . . . .
لماذا؟
طالب:. . . . . . . . .
(35/6)
________________________________________
لأن عمل المأموم في هذا الجزء من الصلاة لا ارتباط له بعمل الإمام، يعني رفعه من الركوع مرتبط بالإمام، لكن هل قراءة الفاتحة للمأموم مرتبطة بقراءة الإمام؟ لا، فإذا قال: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] فقولوا: آمين، يعني ولو لم تقرءوا الفاتحة، لكن إذا قرأتم الفاتحة فقولوا: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] لأنها إيش؟ آية منها، ما يمكن أن يتنازل عنها، ثم بعد ذلك نقول: آمين لقراءتنا، وآمين مشروعة -كما سيأتي- في الصلاة، وفي خارج الصلاة.
قال -رحمه الله-. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، يعني الحنفية في قوله: ((وإذا قال: سمع الله لمن حمده قولوا: اللهم ربنا ولك الحمد)) يقولون: إن الإمام يقول: سمع الله لمن حمده، والمأموم يقول: ربنا ولك الحمد، المأموم لا يقول: سمع الله لمن حمده، والإمام لا يقول: ربنا ولك الحمد، لكل ما يخصه، طيب إذا قال الإمام: {وَلاَ الضَّالِّينَ} [(7) سورة الفاتحة] فقولوا: آمين، طرداً لهذا أن الإمام لا يقول: آمين، لكن هذا سيأتي الكلام والحديث عنه -إن شاء الله-.
قال -رحمه الله-: "وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر" إذا قام إلى الصلاة أي صلاة؟ أولاً: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ} [(6) سورة المائدة] يعني آية الوضوء تقدم الكلام فيها، في مبحث الطهارة، بعد ذلك إذا انتهى من طهارته، وتوجه إلى المسجد، أو إلى مكان صلاته، إذا قام إلى الصلاة، أي صلاة، كل ما يسمى شرعاً صلاة قال: الله أكبر، فالصلوات كلها تتفتح بالتكبير، سواءً كانت صلاة مفروضة، أو نافلة، طارئة أو معتادة، الصلوات الخمس، النوافل، الجنائز، العيد، الكسوف، كلها تفتتح بالتكبير.
(35/7)
________________________________________
"إذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر" يعني شرع في صلاته بقوله: الله أكبر، وقيامه إلى الصلاة هو النية، ولا يحتاج مع ذلك إلى شيء، لا تلفظ، ولا يقول أي ذكر قبل التكبير، لا سراً ولا جهراً، وهناك ألفاظ كلها مبتدعة نص عليها ابن القيم، لم يثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، ولا عن صحابته الكرام بسند صحيح ولا حسن ولا ضعيف أنه إذا قام إلى الصلاة قال: نويت أن أصلي صلاة الظهر فرض الوقت أربع ركعات خلف الإمام، ولا يقول شيء من هذا ألبتة، كل هذه بدع، لم تثبت عنه -عليه الصلاة والسلام-، إنما وجدت في بعض كتب المذاهب المتأخرة، يعني قالوا بالنسبة للشافعي -رحمه الله تعالى- نسبوا إليه أن الفرق بين الصلاة والصيام أن الصلاة في أولها نطق، لكن الذي يقول: نويت أن أصلي ألا يلزمه أن يقول: نويت أن أصوم؟ لأن الباب واحد، فإذا قال هذا قاله في هذا، ويُسمع من بعض الناس: نويت أن أصوم فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني، يعني خلط، وكل هذه من البدع، يعني هذا سُمع، وكان معتمد في بعض الجهات، لكنه بعد هذه الصحوة العلمية -ولله الحمد- تُرك، كان موجود عند بعض العامة حتى في هذه البلاد، نويت أن أصوم فإن حبسني حابس .. ، تلفيق.
قول الشافعية -رحمه الله-: الفرق بين الصلاة والصيام أن الصلاة في أولها نطق، المقصود بالنطق تكبيرة الإحرام، ولذا قال: "وإذا قام إلى الصلاة قال: الله أكبر" ولا يقول كلاماً آخر مما ابتدع.
(35/8)
________________________________________
الله أكبر بهذا اللفظ ثبتت من قوله وفعله -عليه الصلاة والسلام-، ولم يثبت عنه غير هذا اللفظ لا من فعله ولا من قوله وتعليمه -عليه الصلاة والسلام-، فهذا اللفظ هو المتعين، من أهل العلم من يقول: قول الله الكبير يكفي عن أكبر، وأفعل التفضيل أبلغ من صيغة المبالغة؛ لأن كونه كبير لا ينفي أن يوجد كبير آخر، لما يقال من الناس: والله زيد كبير، عمرة مائة سنة، يعني هل معنى هذا أنه لا يوجد من عمره أكثر من مائة سنة؟ نعم؟ نعم هذه لا ينفي وجود المماثل، بل لا ينفي وجود من هو أكبر منه، لكن إذا قلنا: الله أكبر، يعني من كل شيء، فلا يغني عن هذه الصيغة غيرها من الصيغ، لا صيغة المبالغة ولا غيرها، من أهل العلم من يرى أنه يأتي بأي لفظ مناسب، الله الأعز، الله الأجل، وكل هذا لا أثارة عليه من علم، كل هذه اجتهادات وأقيسة، والعبادات لا يدخلها القياس، والألفاظ في مثل هذه الموطن توقيفية، لا يجوز الزيادة عليها ولا النقص، فلا يجزئ عن هذه التكبيرة إلا قولنا: الله أكبر، والله أكبر هنا هي تكبيرة الإحرام، ويقول: ينوي بها المكتوبة، الآن ينوي بالصلاة وإلا ينوي بالتكبيرة؟ نعم ينوي بإيش؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الصلاة لا بد من هذه الصيغة في جميع الصلوات، لا بد إذا قام إلى الصلاة أن يقول: الله أكبر في جميع الصلوات فريضة وإلا نافلة وإلا أي نوع من أنواع مما يسمى صلاة، حتى سجدة التلاوة وسجدة الشكر عند من يقول: إنها صلاة يقول: لا بد من أن تفتتح بالتكبير، هنا ينوي بها المكتوبة، يعني بالتكبيرة، ينوي بها المكتوبة، وهذا يحتاج إليه المسبوق؛ لأن من جاء من أول الصلاة أو قبل ركوع الإمام ما يحتاج أن ينوي بها مكتوبة، هي متمحضة للمكتوبة، فلا تلتبس بشيء آخر، لكن إذا جاء والإمام راكع لا بد أن ينوي بها المكتوبة إن اقتصر عليها، ينوي بها المكتوبة، ثم إن كبر ثانية للانتقال كان أكمل، وإن خاف أن يرفع الإمام واكتفى بتكبيرة الإحرام دخلت تكبيرة الانتقال بتكبيرة الإحرام.
(35/9)
________________________________________
"قال: الله أكبر" الله أكبر هذه ركن من أركان الصلاة عند جمهور العلماء، عند الجمهور ركن، وعند المالكية والشافعية والحنابلة ركن، وعند الحنفية شرط، تكبيرة الإحرام عندهم شرط، والفرق بينهما أن الركن داخل الماهية، والشرط خارج الماهية، قد يقول قائل: إن استعمال هذا اللفظ الماهية وادخل وخارج وكذا، اصطلاح كلامي، ونحن نبحث في عبادات خاصة، وأثّر علم الكلام في .. ، نقول: لا يا أخي ما له داعي الكلام هذا كله، هل أثر على الحكم الشرعي؟ ما أثر شيء، إنما هو مجرد ألفاظ قد تكون مكتسبة من علم أو من آخر، المقصود أنها لا أثر لها في الأحكام الشرعية، وإذا وجدنا لفظاً استعمل شرعاً بدل من هذه اللفظة على العين والرأس، فهل نستطيع أن نبدل الماهية بغيرها؟ إذا قلنا: داخل الصلاة أو خارج الصلاة، لكننا نريد لفظاً يعم الصلاة ويعم غيرها، داخل الصيام، داخل الحج، نحتاج إلى لفظ يشمل الأمور كلها، فالماهية تشمل، يعني لو قلنا: الشرط عموماً خارج الماهية، والركن داخل الماهية شمل لنا جميع الأبواب، ولا نحتاج إلى أن نفصل بين صلاة وصيام وزكاة، ونأتي في كل باب بما يناسبه، هذا هو السبب في استعمال مثل هذا اللفظ، وأيضاً لا يترتب عليه مجاراة لهم في اصطلاحاتهم المؤثرة على العلم الشرعي.
ماذا يترتب على قول الجمهور؟ وماذا يترتب على قول الحنفية؟ أو ما الفرق بينهما؟ وما الفائدة العملية التي تترتب على مثل هذا الخلاف؟ إذا قلنا: الشرط خارج، والركن داخل، لا شك أنهما يجتمعان في أن الصلاة باطلة على كلا القولين لو لم يأت بتكبيرة الإحرام، صحيحة وإلا باطلة؟ باطلة، على كلا القولين، لكن باعتبار أن التكبيرة خارج الماهية عند الحنفية لو كبر وهو حامل نجاسة، نفترض أن هذا متنجس، هذه العين متنجسة ثم قال بيده هكذا: الله أكبر، وضعها مع نهاية التكبير قالوا: الصلاة صحيحة عند الحنفية، وباطلة عند الجمهور، لماذا؟ لأن حمله للنجاسة عند الحنفية خارج الصلاة، هذا لا يؤثر، واليابس لا ينجس اليابس، وعند الجمهور مؤثر؛ لأنه حمل النجاسة داخل الصلاة.
(35/10)
________________________________________
مقتضى قول الحنفية أن تكبيرة الإحرام شرط، هل يقولون: بأنها مثل الوضوء؟ يمكن أن تكبر في بيتك وتأتي للصلاة؟ مثل ما تتوضأ في بيتك وتأتي للصلاة؟ قالوا: إنها شرط مقارن لأول جزء من أجزاء الصلاة.
يعني الخلاف ما فيه إلا مثل هذه الأمور اليسيرة، يعني بإمكانه أن يكبر وهو ناوي النافلة، ومع نهاية التكبير يقلبها إلى فريضة؛ لأن الشرط المطلوب للنافلة مطلوب للفريضة، ولا فرق، بينما عند الجمهور لا يصح إذا نوى بصلاته النفل أن يقلبها فرضاً، يجوز عندهم العكس، إذا صلى المنفرد الفريضة، وقلبها إلى نفل في وقته المتسع جاز، لا سيما إذا كان هناك غرض صحيح، إن كان يدرك جماعة مثلاً، لا شك أن مثل هذا يجوز عندهم، أما العكس لا يجوز، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، النية شرط عند الجميع، منهم من يقول: إن النية ركن من أركان الصلاة، نعم وتكبيرة الإحرام شرط، لا شك أن هذا إذا نظرنا إلى النية مع التكبير وجدنا العكس هو الصحيح.
"قال: الله أكبر، وينوي بها المكتوبة" يعني بالتكبيرة، وعرفنا أنه متى يحتاج أن ينوي بها المكتوبة؟ أنه إذا جاء والإمام راكع؛ لأنه قد ينوي بها تكبيرة الانتقال، ويصنع كما يصنع الإمام، لكن صلاته لم تنعقد؛ لأنها لا تنعقد إلا بتكبيرة الإحرام، تكبيرة الإحرام ركن من أركان الصلاة.
تكبيرة الإحرام جاء الحث على إدراكها، وجاء أن من أدركها أربعين صلاة وإلا أربعين يوم؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كتبت له براءتان، هذا الحديث مضعف عند أهل العلم، وإن أثبته بعضهم، على كل حال قد يقول قائل: أنا أعمل بهذا الخبر، وعلى رأي الجمهور قلنا: نعم، في فضائل الأعمال احرص على إدراك تكبيرة الإحرام أربعين يوماً، وجاء الحث على إدراك الصلاة من أولها، فبم تدرك تكبيرة الإحرام؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
هما؟
طالب:. . . . . . . . .
قبل إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
(35/11)
________________________________________
هو لا بد أن يكبر هو، بم يدرك هذه التكبيرة؟ هل تدرك تكبيرة الإحرام بمجرد فراغ الإمام منها؟ يعني إذا كبر فكبروا؟ أو تدرك قبل أن يشرع الإمام في الركن الثاني؟ أو تدرك قبل قول الإمام: آمين، كما جاء في حديث بلال: ((لا تسبقني بآمين))؟ المعروف أنها تدرك قبل الشروع في الركن الثاني، فإذا شرع في الركن الثاني بدأ بالفاتحة انتهى إدراك تكبيرة الإحرام، فاتته تكبيرة الإحرام.
طالب:. . . . . . . . .
إي نعم؟ لأن بعض الأئمة حتى على مذاهب غيرهم ما يمديك تتسوك إلا وهو شارع في القراءة، لا سيما في التراويح والقيام ما يترك فرصة الله أكبر الحمد لله رب العالمين، فمثل هذا لا شك أنه يعرض المأمومين لفوات هذا الأجر العظيم، وعلى كل حال المسبوق بغير اختياره، وبغير تراخٍ، وبغير تفريط منه هذا لا يضيره شيء، المقصود أنه قصد الجماعة، وقصد إدراك تكبيرة الإحرام، لكن ما في ذهنه أن هذا الإمام يستعجل هذه العجلة، كما لو ركع الإمام قبل أن يكمل المأموم الفاتحة، هذا حكمه حكم المسبوق، صلاته صحيحة، يركع مع الإمام، لكن لا ينبغي أن يكون مسبوقاً في كل صلواته، مثل هذا الإمام لا بد أن .. ، الذي يستعجل ولا يمكن المأمومين من قراءة الفاتحة لا بد من النظر في أمره، هذا يعرض صلاة المأمومين لهذا النقص، لماذا يكون المأموم باستمرار مسبوق؟ إن استطعت أن تؤثر عليه بالتراخي قليلاً، وتمكين المأمومين من قراءة الفاتحة، أو بتكليم المسئولين بتغييره، إن لم تستطع شوف لك مسجد ثاني، لا تصير مسبوق باستمرار، فتكبيرة الإحرام إنما تدرك بالشروع في الركن الذي يليها، وهو قراءة الفاتحة.
عند المالكية لا استفتاح ولا تعوذ ولا بسملة، الله أكبر، الحمد لله رب العالمين، لا شك أن مثل هذا فيه ما فيه من مخالفة السنة على ما سيأتي، وفيه أيضاً تعريض للمأمومين للتفويت المستمر لتكبيرة الإحرام، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه، ليش؟
طالب:. . . . . . . . .
(35/12)
________________________________________
يصير فاته، يا أخي فاتته تكبيرة الإحرام؛ لأنه انتقل إلى الركن الذي بعده، فاته الركوع لأنه انتقل إلى الركن الذي بعده، لكن يشكل على هذا أن بعض الأركان لا يفوت إلا بفوات ركنين، يعني لو رفع من السجود الإمام وأنت ما سمعت تكبيرته وإلا شيء، وعرفت من جيرانك أنه رفع من السجود تدرك، تسجد وتلحقه، وهذا كله سيأتي -إن شاء الله-، هو ما بالإشكال في التأخر الإشكال في أمر ثاني على ما سيأتي بيانه -إن شاء الله تعالى-.
"ولا نعلم خلافاً بين الأمة بوجوب النية للصلاة" يعني من خالف في وجوب النية للوضوء كالحنفية لا يخالفون في وجوب النية للصلاة، الحنفية كما تقدم لا يوجبون النية للوضوء، يوجبونها للتيمم، ومن أهل العلم من لا يوجبها لا للوضوء ولا للتيمم، وأما بالنسبة للصلاة فهي محل إجماع، حديث عمر -رضي الله عنه-: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) وأن الصلاة لا تنعقد إلا بها، يعني بالنية، وإن عدناها إلى أصل المسألة وهي التكبير فالقول صحيح؛ لأن الصلاة لا تنعقد إلا بالنية، ولا تنعقد إلا بالتكبير، مع أنه أثر عن بعض التابعين أن تكبيرة الإحرام سنة، لكنه قول شاذ، لا يعول عليه عند أهل العلم، وإنما هي ركن من أركان الصلاة، والنية شرط من شروط الصلاة المتفق عليها.
"ولا نعلم خلافاً بين الأمة بوجوب النية للصلاة" قول العالم: "لا نعلم خلافاً" ليس كقوله: إن النية شرط بالإجماع؛ لأن التصريح بالإجماع أقوى من مجرد نفي العلم بوجود المخالف؛ لأنه فيما يعلم، حتى لو قال: لا أعلم مخالفاً، أو لا خلاف فيما أعلم، كل هذا يجعل في المسألة ثنيا، أن المسألة على حد علمه، وأنه يتورع من النفي المطلق؛ لأنه لو قال: ولا خلاف، كأن المسألة إجماع، لكن "لا نعلم" على حد علمه، وقد يعلم غيره، وهذا هو الواقع في كثير من المسائل، يعني مالك حينما قال: "ولا نعلم قائلاً برد اليمين على المدعي" يعني إذا نكل المدعى عليه وجد الخلاف من بعض قضاة عصره، ابن أبي ليلة وابن شبرمة يرون رد اليمين، وهم من قضاة عصره.
(35/13)
________________________________________
وقول الشافعي: "لا نعلم في أقل من الثلاثين من البقر زكاة" العشر معروف زكاتها عند بعض السلف، بعض الصحابة، فكونه يقول: لا أعلم، ليس مثل قوله: بالإجماع، والإجماع لا شك أنه حجة عند من يعتد بقوله من أهل العلم، لكن إثبات الإجماع دونه بعد تفرق الأمة في الشرق والغرب، وعدم ضبط الأقوال وحصرها، دونها خرط القتاد، حتى نفى بعضهم الإجماع فيمن بعد الصحابة، وبعض أهل العلم ينقل الإجماع ويتساهل في نقله، ويكثر من الإجماعات المخروقة التي وجد فيها المخالف حتى عند من نقل الإجماع، وهذا ما دعا الشوكاني أن يقول: "ونقل هذه الإجماعات المخروقة تجعل طالب العلم لا يهاب الإجماع" وعلى كل حال الإجماع له هيبة، والجمهور لهم هيبة، لكن يبقى أنه إذا وجد المخالف فلا إلزام، يبقى النظر للمجتهد، أما إذا حفظ الإجماع من الخلاف فلا شك أن الإنسان ليس له مندوحة حينئذٍ، لا بد أن يهاب هذا الإجماع، وأن يقف عنده.
"وأن الصلاة لا تنعقد إلا بها، فإن تقدمت النية قبل التكبير وبعد دخول الوقت ما لم يفسخها أجزأه" كلام الفقهاء في النية وتفريعاتهم الكثيرة حول النية تجعل استحضار هذه النية فيه شيء من الصعوبة.
(35/14)
________________________________________
أولاً: النية هي مجرد القصد إلى العبادة، والجهر بها بدعة، وكون الإنسان يعلم الله -جل وعلا- بدينه هذا منهي عنه، فالله -جل وعلا- يعلم السر وأخفى، فمجرد قصدك إلى الميضأة هذه نية الوضوء، ومجرد وقوفك في الصف، أو في المصلى وقولك: الله أكبر هذه هي نية الصلاة، ولا أكثر من ذلك، والتفريعات التي فرعت في النية في كتب بعض الفقهاء لا شك أنها عقدت هذه المسألة حتى أوقعت بعض طلاب العلم في حرج فضلاً عن العامة، لا شك أن النية شرط، لكن لا يعني أن من ذهب إلى الميضأة قاصداً بذلك الوضوء أنه يحتاج إلى أكثر من ذلك، نعم قد توجد بعض الصور مجردة عن النية مع قصده إلى الميضأة، انتهى من طعامه وذهب إلى المغسلة وغسل يديه، وجرت عادته أنه يتوضأ، بعد ذلك غسل وجهه من غير قصد، هذا يحصل، هل نقول: إن هذا الوضوء مجزئ؟ لا، ليس مجزئ؛ لأنه ما قصد الميضأة للوضوء، إنما قصدها لغسل يديه، فمثل هذا لا شك أنه أوقع كثيراً من الناس في الوسوسة، إلى أن وقع في أمر عظيم، وداء عضال، لم يستطع الانفكاك منه إلا بلطف وعناية إلهية.
طالب:. . . . . . . . .
سهل، المهم أنه ما غسل وجهه قبل النية.
طالب:. . . . . . . . .
لا لا، سهل، سهل، الإشكال لو فرغ من وضوئه أو في أثنائه استدرك ما يكفي، لا بد أن يعيد من أوله؛ لأن هذا إنسان يغسل يديه وما يشعر إلا وهو في رجليه، يغسل رجليه، هذا يحصل كثير لأنه تعود، لكن هذا الوضوء لا يجزئ.
طالب:. . . . . . . . .
نية العبادة لا بد من استمرارها، ولا بد من استصحاب حكمها، هذا لا بد منه إلى أن تؤدى هذه العبادة، فإذا وجد هذا في الذهن من غير قطع لها أجزأه، كفى.
طالب:. . . . . . . . .
(35/15)
________________________________________
وقوفه في المصلى، وقصده للصلاة هذه هي النية، نعم لو كان ناوياً أن يصلي في أول الوقت، ثم بعد ذلك قطع هذه النية لعارض، قال: بدلاً من أن أصلي في أول الوقت أصلي في آخر الوقت، هنا لا بد أن يستحضر النية عند الدخول في الصلاة، والنية أمرها أخف مما يتصوره كثير من الناس، وتفريعات بعض الفقهاء المتأخرين هي التي أوقعت بعض الناس في الحرج، وإلا مجرد القصد هو النية، أن تقصد بذلك وجه الله تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [(5) سورة البينة] ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى)) فلا بد من النية.
يقول المؤلف: "فإن تقدمت النية قبل التكبير، وبعد دخول الوقت ما لم يفسخها" يعني نوى بذلك استصحاب الحكم، ولا يلزم من ذلك استصحاب الذكر، يعني لو نوى الصلاة، الآن كل واحد من المسلمين ناوٍ أن يصلي إلى أن يأتيه اليقين، هذه النية العامة، وأنه لو عمر إلى آخر الدهر ناوٍ بهذه النية الطيبة أنه يفعل ما أوجب الله عليه، ويترك ما حرم الله عليه، وبهذه النية يستحق بذلك الخلود في الجنة، كما أن نية الكافر في عدم الإسلام ولا يقول: أنا نويت أن أسلم بعد عشر سنين، بعد عشرين سنة أو كذا؛ لأنه لو نوى ذلك، وكانت نية صحيحة لقادته إلى أن يسلم فوراً، وهذا كما قال أهل العلم هو سبب الخلود، والبقاء في الجنة أكثر من عمره الدنيوي، والبقاء في النار أكثر من عمره الدنيوي، وإلا فالأصل أن الجزاء من جنس العمل، تعبدت ستين سنة، تمكث في الجنة ستين سنة، عصيت سنة تمكث في النار ستين سنة، لكن قالوا: إن استصحاب هذه النية ولو عمر أبد الآباد يستحق بها الخلود في الجنة، كما أن الثاني يستحق بها الخلود في النار.
(35/16)
________________________________________
"إن تقدمت النية قبل التكبير" وهذه النية مبيتة عند كل مسلم، يزاول هذه العبادات ابتغاء وجه الله -جل وعلا- موجودة، لكنها إذا طال الوقت عرضة لئن تنقض، وعرضة لئن تعزب عن الذهن "فإن طال الوقت ولم يفسخها" يعني ما أتى بمضاد لها، فعند أهل العلم يجب استصحاب الحكم بأن لا ينوي نقضها قبل تمام العبادة، وعندهم أيضاً لا يجب استصحاب الذكر، بمعنى أنه لو نسيها وغفل عنها مع أنه نواها تكفيه، فإذا قام إلى الصلاة وقصد الصلاة إذا أقيمت الصلاة عرف أنه يؤدي هذه العبادة لله -جل وعلا-.
أحياناً النية يطرأ عليها ما يطرأ، فمثلاً شخص يصلي الإمام يصلي العشاء مع جماعة كثيرة نتصور في المسجد الحرام مثلاً، وهو في نيته هو ناسي أنه مصلي المغرب، مصلياً مع الجماعة في المسجد نفسه المغرب، لما دخل في الصلاة نسي أنه صلى المغرب، وظن أن الإمام يصلي المغرب، ظاناً أن الإمام يصلي المغرب، لما قام الإمام إلى الرابعة -هذه مسألة واقعة- لما قام الإمام إلى الركعة الرابعة جلس، قال: والله الإمام زاد ركعة، ولا تجوز متابعته، ثم راجع نفسه فقال: الأمة كلها هذه مخطئة وأنا على الصواب! إذاً هي العشاء، ثم قام، ما حكم صلاته في هذه الحالة؟
طالب:. . . . . . . . .
هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لماذا؟
طالب:. . . . . . . . .
هو الإمام يصلي العشاء، وقد صلى المغرب وهو معه، لكنه نسي أنه صلى المغرب، فدخل مع الإمام على أنها المغرب.
طالب:. . . . . . . . .
دخل مع الإمام على أنها المغرب، لما قام الإمام إلى الرابعة قال: زاد ركعة، لا تجوز متابعته وجلس، ثم راجع نفسه، وقال: هذه الأمة الألوف المؤلفة كلهم على خطأ، وأنا على صواب، ولا واحد قال: سبحان الله، هاه؟ صلاته صحيحة وإلا باطلة؟ باطلة، صلاته باطلة.
(35/17)
________________________________________
يعني مثل هذه القضايا لا تشكل إشكال بالنسبة للناس بحيث يفرع عليها، ويستطرد فيها مما يزيد المسألة تعقيد، مثل هذه المسألة نادرة، يعني تحصل في عمر الإنسان مرة واحدة، ما تحصل مراراً، هذا إذا حصلت، فمثل هذا الافتراض إذا أودع في الكتب عقد المسألة، لا سيما وأن مسألة النية حساسة جداً، وليس فيها في الشرع أكثر من أن تقصد العمل الشرعي، تريد بذلك وجه الله تعالى، وأمر النية عند الموسوسين شأنه خطير، حتى قال قائلهم: إن كل عقدة من عقد الأصابع يحتاج إلى نية، وحاول بعضهم الصلاة صلاة العشاء يحاول فيها إلى الثامنة صباحاً في ليالي الشتاء، كم ساعة؟ يمكن عشر ساعات، أو أكثر من عشر ساعات، أكثر من اثنتي عشرة ساعة، وهو يحاول أن يصلي العشاء، مثل هذا لا شك أن النية شرط، وأن الصلاة بدونها باطلة، لكنها أقل .. ، لا نقول: شأنها أقل، لكن حقيقتها، ومراد الشرع منها أقل مما يتصوره بعض الموسوسين، ويصوره بعض الفقهاء الذين أوجدوا بعض التعقيدات لدى عامة الناس، فالمسالة لا تحتاج إلى أكثر من أن تقصد الميضأة فتتوضأ، أو تقصد مكانك في الصف، أو مصلاك إذا كنت منفرداً وتكبر، وتدخل في الصلاة بالتكبير، الذي هو مفتاح الصلاة.
"ما لم يفسخها" فإن فسخها قال: ما أنا ناوٍ .. ، مثلاً يبي يصلي في أول الوقت، ثم قال: أنا لا أصلي في هذا الوقت لأني مسافر في آخر وقت الثانية، ثم عاد إلى النية، لا بد من أن ينوي من جديد، نعم؟
طالب: عفا الله عنك أحياناً يخرج الإنسان مثلاً إلى صلاة ما معينة، فإذا قام ليكبر مع إمامه تخطر عليه خواطر عارضة وكذا فيعزب عن ذهنه أنه في صلاة الظهر، فيسبق ذهنه أنها صلاة العصر، مع أنه جاء قاصداً صلاة الظهر؟
يعني هل يؤثر تعيين صلاة دون صلاة مع أنها مثلها في الصورة؟
طالب: لا، لا بس خطر في ذهنه خاطر وهو يكبر ...
(35/18)
________________________________________
شوف الخواطر والهواجس وحديث النفس هذه كلها أمور معفو عنها، لكن يبقى أنه أحياناً يتردد هل أدرك الركوع أو لم يدرك الركوع؟ وهذه يحصل فيها حرج، هل أدرك الركوع أو لم يدرك الركوع؟ لا سيما وهو ممن يترجح عنده أن الصلاة تدرك بالركوع، فإن كان قد أدرك الركوع فزاد ركعة لا شك أنه يعرض صلاته للبطلان، وإن كان لم يدرك الركوع، واقتصر على ما فعله عرض صلاته للبطلان، فهذه مسألة في غاية الحساسية، ماذا يصنع؟ جاء وركع، فما يدري عن الإمام هل ركع قبل أن يستتم الركوع أو لا؟ ما يشوفه، قال: احتمال أنني ركعت ولم استتم الركوع حتى رفع الإمام، فهل يعتد بهذه الركعة أو لا يعتد بها؟ نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الأصل عدم الإدراك أو أن الأصل الإدراك لأنه ما سمع صوت ولا يرى فعل الإمام؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه؛ لأن الاحتياط في مثل هذه الصورة فيه صعوبة، إن لم تعتد بهذه الركعة وزدت ركعة على الصلاة عرضت الصلاة للبطلان والعكس، فصلاة الظهر لا تصح خمساً ولا ثلاثاً بحال، لكن مثل هذا الشك هل ينزل مثل هذا الشك منزلة النسيان أو منزلة الجهل بحيث ينزل الموجود منزلة المعدوم؟ أو نستصحب الأصل، وأنك لم تدرك؟ أو نقول: إن الأظهر أنك أدركت، باعتبارك أنك ما سمعت صوت الإمام، وحينئذٍ يتعارض الأصل مع الظاهر، فنحتاج إلى مرجح، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
لمبرر، لمبرر، يزاد لمبرر.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال مثل هذه المسألة فيها تعارض الأصل مع الظاهر فنحتاج إلى مرجح، وهل للإنسان ... ، المسائل ستأتي لكن باعتبار أن المسألة متعلقة بالنية، ومسائل الاقتداء فيها ما فيها، فيها أمور فيها عضل المسائل ستأتي -إن شاء الله-، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه.
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال باعتبارها فريضة باطلة.
كم باقي الآن؟
هذا كتب عن: لماذا سميت فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالزهراء؟
(35/19)
________________________________________
يقول: ذكر الصالحي في سبل الهدى والرشاد: أن سبب تسمية فاطمة -رضي الله عنها- بالزهراء هو ما أشيع عن أنها لم تحض، ولما ولُدت طهرت من نفاسها بعد ساعة، أو ولَدت؟ ولدت نعم، حتى لا تفوتها الصلاة، ولذلك سميت الزهراء، ونسب ذلك لصاحب الفتاوى الظاهرية من الحنفية والمحب الطبري.
وقال المناوي في إتحاف السائل: "لفاطمة من المناقب إيش؟ الثالثة: أنها كانت لا تحيض أبداً، إلى أن قال: وإن هذا من افتراءات الشيعة، وطول في هذا، وناقل من المواقع، ومن الكتب.
معجم المناهي اللفظية: قال: فاطمة الزهراء، الزهراء المرأة المشرقة الوجه البيضاء المستنيرة، ومنه جاء حديث في سورة البقرة وآل عمران الزهراوان أي المنيرتان، ولم أقف على تاريخ لهذا اللقب لدى أهل السنة، والله أعلم.
والرافضة عاد كلامهم كثير في هذا، ويغلون فيها -رضي الله عنها وأرضاها-.
على كل حال إذا كان مأخوذاً من اللون فجاء في وصفه -عليه الصلاة والسلام- أنه أزهر اللون، وإن كانت أشبه الناس به، أو تشبهه فهي زهراء من هذه الحيثية من أجل اللون، لا أكثر ولا أقل، لكن ماذا عن وصف المدينة بأنها المنورة؟ هذا الذي فيه الكلام، وأن التسمية تسمية صوفية، وليس لها أصل في الشرع، وأنها المدينة النبوية، ونحتاج إلى تاريخ لهذه التسمية.
طالب: لو توضأ ثم دخل دورة المياه ثم بدا له ألا يقضي حاجته؟
ما يضر، ما يضر، لا، ما يضر.
طالب: لا يعتبر هذا إرادة للفسخ يا شيخ؟
في أثناء العبادة مؤثر، لكن إذا نوى النقض في أثناء العبادة يؤثر، لكن بعد الفراغ من العبادة لا يلتفت إليه، نعم يختلف هذا عن قولهم: ومن نوى الإفطار أفطر؛ لأنه ما زال في أثناء العبادة، لكن نوى الإفطار المغرب ما يؤثر ...
(35/20)
________________________________________
بسم الله الرحمن الرحيم
شرح: مختصر الخرقي – كتاب الصلاة (8)
الشيخ: عبد الكريم بن عبد الله الخضير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
قرأت إلى "فإذا فرغ كبر"؟
طالب:. . . . . . . . .
إيه "ثم يرفع رأسه".
خلاص، طيب.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
"ويرفع يديه إلى فروع أذنيه، أو إلى حذو منكبيه" يرفع يديه مع تكبيرة الإحرام، ومع تكبيرة الركوع، ومع قول سمع الله لمن حمده إذا رفع من الركوع، هذا هو المعروف في المذهب في المواضع الثلاثة، وأما الموضع الرابع فالحنابلة لا يقولون به، بعد الركعتين، إذا قام من التشهد، الحنابلة لا يقولون به، مع أن دليله في البخاري، من حديث ابن عمر، لكن الحنابلة لا سيما المقلدين منهم لا يلامون على هذا، المقلد إنما يتبع إمامه، لكن العبرة بمن يبلغه الدليل، ويعرف ثبوته هو الذي يلام، أما المقلد الذي يأخذ قول الإمام بلا حجة هذا معذور، والإمام أحمد -رحمه الله تعالى- يرى أن حديث ابن عمر من فعله ليس بمرفوع إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو موقوف عنده على ابن عمر، وما يوقف على ابن عمر ليس بحجة ملزمة؛ لأنه فعل صحابي، والإمام البخاري خرج الحديث مرفوعاً فثبت عنده رفعه، هذا بالنسبة للموضع الرابع.
الموضع الأول: وهو رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام لم يختلف فيه في مشروعيته في الجملة، وعامة أهل العلم على أنه سنة، وأوجبه بعض أهل العلم، الحميدي شيخ البخاري، وداود الظاهري، وبعض أهل العلم أوجبوا رفع اليدين في هذا الموضع، وأما مجرد المشروعية والقول بالاستحباب، فهذا لم يختلف فيه، حتى الحنفية الذين لم يقولوا برفع اليدين في بقية المواضع يرون مشروعية الرفع في هذا الموضع.
(36/1)
________________________________________
يرفع يديه مكبراً قائلاً: الله أكبر، على ما تقدم في تكبيرة الإحرام، إلى فروع أذنيه، أو إلى حذو منكبيه، وبهما جاءت الأحاديث الصحيحة عن النبي -عليه الصلاة والسلام- من حديث وائل بن حجر، وحديث ابن عمر وغيرهما، ومنهم من يرجح، والإمام أحمد كأنه يميل إلى حذو المنكبين، ولو رفع إلى فروع الأذنين فحسن، لكن المرجح عنده حذو المنكبين، ولا شك أن دليله صحيح، وهو في الصحيحين وغيرهما حديث أبي حميد وغيره.
"حذو منكبيه" يعني مقابل منكبيه، بإزاء منكبيه، وجاء أيضاً من حديث ابن عمر وغيره "إلى فروع أذنيه" وهذا الاختلاف ليس باختلاف تضاد إنما هو تنوع، فلو رفع حذو المنكبين أحياناً، وإلى فروع الأذنين أحياناً فقد عمل بالسنة، ومنهم من يرى التوفيق بين هذه الأحاديث بأن تكون ظهور اليدين حذو المنكبين، وأطراف الأصابع إلى فروع الأذنين، ويرون أن فروع الأذنين منتهى الرفع، وحذو المنكبين بدايته، يعني أوله.
على كل حال الأمر في هذا سهل، لكن الإشكال فيما يفعله كثير من المصلين ويشاهد بكثرة من غير نكير، بل بعض من ينتسب إلى طلب العلم يفعل ذلك، يرفع رفعاً لا يجاوز السرة، وهذا عبث لا تتأدى به السنة، ولا تتحقق به إلا شخص في يديه عسر، لا يستطيع رفعهما أكثر من ذلك، فهو معذور، يرفع إلى القدر الذي يستطيعه، وإذا كانت يده لا تطاوعه فتنثني بحيث إذا رفعها تعدت رأسه؛ لأن بعض الناس يده ما تطاوعه، فإن رفعها تعدت الرأس، فمثل هذا يقال له: ارفع ولو تعديت السنة أو لا ترفع؟ لأنه بين أمرين، إما أن يترك الرفع بالكلية، أو يرفع رفعاً زائداً على القدر المشروع، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم يرفع.
طالب:. . . . . . . . .
يعني ما هو مشاهد بعض الناس ما يستطيع أن يثني يده، فإما أن يرفع رفعاً يسيراً، أو يرفع رفعاً .. ؛ لأنه لا يستطيع أن يثني يده فترتفع يده فوق رأسه هكذا، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
يعني هل مجرد تحريك اليد هكذا هو رفع وإلا .. ؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
الأولى إيش؟
طالب:. . . . . . . . .
الأولى عدم الرفع يقول أخونا، نعم؟
طالب: يفعل الذي يستطيع.
(36/2)
________________________________________
نعم هو يفعل ما يستطيع، فإما أن لا يرفع لأن مجرد تحريك اليد ليس برفع، وقد يستطيع أن يرفع إلى جهة الأمام، أو يرفع إلى ما يحاذي الأذنين وهي بعيدة عنهما، بعيدة عن الأذنين هكذا يستطيع أن يرفع بما يحاذي فروع الأذنين، هل نقول: إن هذا فعل ما استطاع مع أن هذه الصورة ليست هي الصورة المشروعة ولا تقرب منها، لكن إذا حاذى الأذنين، وحاذى المنكب ببعض اليد ولو في أثنائها قرب من الصورة المشروعة نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
الحكمة، الحكمة ليست منصوصة، وإنما هي مستنبطة، يقولون: إشارة إلى رفع الحجاب بين العبد وبين ربه، هاه؟
طالب:. . . . . . . . .
على كل حال العلل كلها مستنبطة، يعني ما في شيء منصوص، المسألة مفترضة في شخص لا تطاوعه يده فيها تصلب، وترون أحياناً بعض الناس فيه شيء من هذا، فإما أن يرفع هكذا بعيدة كل البعد عن الأذنين، أو يقرب من الأذنين، لكن ترتفع يده، وإذا ارتفعت يده لصلابة فيها هل نقول: إنه تجاوز القدر المشروع أو لا؟ طيب مثل هذا كيف ننصحه؟ ويش نقول له: افعل وإلا اترك؟
طالب: اللي يظهر يا شيخ أنه يفعل، تجاوز القدر المشروع معفو عنه في مثل هذه الصورة.
أولاً: لأنه غير مقصود، الأمر الثاني: أن القدر المشروع لا يستطاع، وهو أقرب إلى الصورة المشروعة، يعني كونه يتجاوز هكذا أقرب إلى الصورة المشروعة من كونه يمدها أمامه، أو لا يفعل شيئاً.
"ويرفع يديه إلى فروع أذنيه أو إلى حذو منكبيه" وبهما وردت الأحاديث الصحيحة، وإن فعل هذا أحياناً وذاك أحياناً فلا بأس كله حسن، وإن عمل بالجمع الذي أشار إليه الإمام الشافعي -رحمه الله-، وأن حذو المنكبين لظهور الأكف، وأطراف الأصابع تحاذي فروع الأذنين، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
صفة واحدة على هذا، بالجمع تكون صفة واحدة، وإذا قلنا: إنه اختلاف تنوع تكون صفات، نعم؟
طالب:. . . . . . . . .
إذا أمكن الجمع هو الأصل، إذا أمكن الجمع فهو المقدم.
طالب:. . . . . . . . .
كيف؟
طالب:. . . . . . . . .
لا، الجمع ما فيه تنويع، الجمع صورة واحدة.
طالب:. . . . . . . . .
(36/3)
________________________________________