الموضوع: إشـارات حمـراء
عرض مشاركة واحدة
الصورة الرمزية AshganMohamed
AshganMohamed
:: منتسب جديد ::
تاريخ التسجيل: Oct 2019
رقم العضوية : 154
المشاركات: 1,917
:
:
:  - :
قديم 11-19-2019, 08:34 AM
# : 1
AshganMohamed
  • معدل تقييم المستوى : 10
  • الإعجاب:
    افتراضي إشـارات حمـراء
    إشـارات حمـراء


    الكتــاب : إشـارات حمـراء
    المؤلـــفة : رزان المغربي
    الإشــــــــــراف الفنــــي : يـــزن يعقوب
    التنضيد والإخــــــــراج : دار الأوائل
    التدقيق العام : إسماعيل الكردي


    الحقوق جميعها محفوظة للمؤلفة
    الطبعة الأولى 2002 م
    الناشر : الأوائل للنشر والتوزيع والخدمات الطباعية
    سورية . دمشق . الإدارة : ص . ب 3397 . التوزيع : ص . ب 10181
    تلفاكس : 2248255 11 00963
    جــــــــــــوال : 411550 93 00963 - 418181 93 00963
    البـــــــريد الإلكتــــــــــرونـــــــــــــــــــــي : E - mail : alawael@scs-net.org
    موقع الدار على الإنترنــــت : www.daralawael.com

    موافقة وزارة الإعلام : 71160 / 26 / 11 / 2001





    الإهداء

    إلى كلِّ الذين أصرُّوا أن يقفُوا
    على عتبةِ الصِّدقِ لإيمانِهِم بأنَّها
    بوَّابةُ تَوَحُّدِ الأنا والأنتَ في عالمِ الحُبِّ

    رزان نعيم المغربي

















    إضاءة من الدكتور محمد جمال طحان
    إشارات حمراء تعبرها الكاتبة بنزق واضح ، نزق ينزع إلى تحطيم الممنوع لتبقى شارة القلب الخضراء وحدها تعبر بنا إلى ضفة عالم يتميز بالألق .
    ثمة مسحة قصصية تمسُّ النصوص التي يُتوِّجها إحساسٌ شاعريٌِ يتقِنُ الرفض ، ويدعو إلى التمرد بجرأة تتحلى بها (رزان) التي تبدو في نصوصها متأججة ، تتزاحم الصور في رأسها لتشكّل عالماً فنياً زاخراً بفلسفة خاصة قوامها تثبيت اللحظات الجميلة في حياتنا .
    نصوصٌ تتسلَّلُ إلينا بحميميةٍ أليفة ، فلا نعود بحاجة إلى السؤال عن الشكل الفني الذي صيغت فيه .
    ( إشارات حمراء ) نصوص أقرب إلى الحالة الشعرية منها إلى القصيدة ، ويمكن القول إن العمل بمجمله قصيدة واحدة تحمل إيقاعات حزينة ، ولم تنتهِ كتابتها بعد .
    ثمة صورة بارعة تداهمنا ، لكنها لا تلبث طويلاً ، لأنها تذوب في المضمون الذي يبوح برغبة ( رزان ) في تمزيق حجب الحياة الرتيبة وصولاً إلى عالم يُلَملِمُ الحزن في عيون الآخرين .
    الشعر قنبلة الوقت التي تفجّر أحلامنا في وجه رتابة الأيام ، تدكّ حصون الذاكرة المتراخية ، وتقضّ مضجع التأريخ الرسمي المكتوب ، ليستعيد الشاعر توازن روحه عبر تذويب الشمع الأحمر عن الأرواح ، ليعبّر عن الألم المكبوت ، فيتحول المكبوت إلى مكتوب ، يُسعد، ويؤرّق ويثقّف الأرواح المهمّشة ، لتسمو وهي تتلقّف العالم بصورة جمالية.
    و( إشارات حمراء ) يشي بأن الحب موضوعه الأوّل ، وإذا كان الشعر ميزان الحب ، فما هو ميزان الشعر ؟
    سؤال عميق بقي مفتوحاً ، لأن الشعر عصفور لا يُقَونَنُ ، ويستعصي على كل الأقفاص ، بهذا المعنى يحق للشاعرة المختبئة في أعماق ( رزان ) أن تقول ما تشاء ، ويحقّ للمتلقّي أن يكسر (الشارات الحمراء) ليخضورر القلب .


    عناصرُ الحياةِ
    نــارٌ ومــاءٌ
    اقتحمْنَا
    بوابةَ الحُبِّ
    فإذا بي .. النارُ
    وأنتَ الماءُ
    يصرخُ صمتِي
    أن لا تطفئنِ
    وعيناكَ ، ،
    تأبى .. رُسُوَّ
    مركبي
    حُبُّكَ …
    مستحيلُ النهايةْ
    كما هُوَ في البدايةْ …
    صعبُ الوصولِ
    كيفَ ؟
    أسألُكَ …
    لماذا
    اجتمعْنَا …
    ماءٌ ونارْ ؟!
    إذاً ...
    لِيَنْسَلَّ أحدُنَا
    فالحبُّ
    شرَّعَ نافذةَ الهروبِ
    مازلتَ تأبى ، ، …
    الاشتعالْ
    وأرفضُ أنا الانطفاءْ …
    * * *
    نارٌ وهواء
    نارٌ
    أنا .. على الدَّوامِ
    والأصلُ أنا
    هواءٌ .. كنتَ …
    يهبُّ
    على الحُبِّ …
    فيزدادُ .. الأوارُ
    اتَّفقْنَا …
    في الحُبِّ …
    لا يُغْلَبُ
    إلا قلبٌ …
    عاشَ ، على أمل الاشتعالْ
    فَخَذَلَتْهُ
    الرياحُ
    فلا هبوبَ
    ولا هواءَ
    نارٌ وترابٌ
    غدرٌ
    هُو الزمانُ …
    لو انتهى …
    إلى ترابٍ !!
    والنارُ تصعَدُ
    في كُلّ اتجاهٍ
    ليس لمداهَا ،
    حدودٌ ..
    يُغطي الأفقَ …
    بخيطٍ مرشوقٍ …
    إلى السماءِ
    معلَّقٍ ،،
    بالهواءِ
    ملتحفٍ بالشَّمسِ
    خيطُ النارِ
    لا تُطفِئُهُ ، أبداً
    رَشَّةٌ ..
    مِنْ ترابٍ !!



















    أنتَ وعيناكَ

    لماذا .. لا تجلو هَمَّ قلبِكَ
    بكلمةِ أحبُّكِ ؟؟
    فأنا لا أريدُ منكَ أكثرَ ؛
    من هذهِ الكلمةِ …
    لماذا تبخلُ على نفسِكَ
    بسماعِ الإجابَةِ …
    بأنني أَعشقُكَ ؟؟
    أكثرَ مما تتخيَّلُ !!
    وأنّني …
    لا أتمنى من هَذا العالَمِ …
    إلا أنتَ .. و .. عينيْكَ !!

















    إنَّهـــــا الحياةُ
    كُنَّـا …
    بناتٍ …
    أربعٍ … صبايــا
    والحلمَ اقتسمناهُ سوياً …
    مع الرغيفِ والدفترِ …
    ورَسَمْنَا.. زَخْرَفْنَا الزَّمَنَ الآتيَ .. ورَشَقْناه بعيداً …
    في سمائِنا .. زرعناهُ شُهُباً …
    تساقطتْ
    على جوانبِ المقعدِ
    غفا القلبُ .. ورسمَ القدرُ حلمَهُ …
    تسكّعَ العمرُ .. على هامشِ الزمنِ
    وسافرتْ مراكِبُنَا …
    وكلٌّ يدور في فَلَكٍ …
    تلك تنجبُ الصبيانَ والبناتِ ...
    وأخرى تفرّغتْ للمطبخِ …
    ثالثةٌ تتمرَّدُ …
    رابعةٌ .. تسافرُ ، وتتعلّمُ …
    إنها الحياةُ !
    تقودُ المراكبَ بعَبَثٍ …
    وتسرقُ الحلمَ من الحَدَقِةِ …
    أربعَ بناتٍ .. كنَّا…
    تُرى .. أما زِلْنَا .. كَما كُنَّا …
    أربعَ .. صديقاتٍ ؟
    تفرِّقُنَا أرضٌ …
    وتجمعُنا أحلامٌ وسماءُ ؟




    إشــاراتٌ حمـراءُ
    أحبُّكَ ...
    أحبُّكَ أيها المجنونُ ..
    وأحبُّ تهوُّرَكَ ،
    تكتسِحُ ،
    تقتحمُ ،
    دروبَ الجسدِ ،
    ولا تخشى ، التوقَّفَ أبداً …
    عندَ الإشاراتِ الحمراءِ .. !!
    * * *
    أيها المجنونُ ،
    لا تقفلْ بوابةَ الصحراءِ ،
    أنا قادمةٌ إليكَ ...
    سأمتطي صهوةَ الريحِ …
    وأفترشُ معكَ الرمالَ الدافئةَ ...
    أتوسَّدُ نبضَكَ ،
    بينما ، تَلهُو …
    بالتهامِ عددٍ غيرِ محدَّدٍ …
    مِنْ أصَابعي …
    * * *
    أيها المجنونُ ،
    لا تغامرْ …
    لا ترتكبْ حماقةَ ،
    السَّيرِ على شواطئي …
    لأنكَ ، أبداً ، لن تُدرِكَ ،
    زمن َمدِّي وَجَزْري …
    بَحْري مِزاجُه مشاكِسٌ
    ومائي ،لا يعترِف بالمواقيتِ …
    ودوماً يعتدي ، على جاذبيةِ القمرِ …
    فلا تغويكَ خلجاني الساكنةُ …
    بحري مجنونٌ آخرُ ،
    يعتلي موجَهُ ،
    يرتفعُ ،
    يرسمُ دوَّاماتٍ ،
    يبتلعكَ ،
    دون أن تدري ،
    تعلَّمْ فَنَّ الغوصِ ،
    قبلَ أنْ تقتربَ ،
    أو تحاذي بَحْري !
    * * *
    حبيبي ،
    وأنا بين ذراعيكَ
    وعلى مسافةٍ غيرِ بعيدةٍ ،
    مِنْ جنونِكَ
    أصيرُ قصيدةً ،
    تَكتُبُني بأصابِعِكَ
    تقرأني بعينيكَ ،
    وأشتهي ،
    لو تتلوني بشفتَيْكَ ،
    لأتحوَّل ، معلَّقةً بماءِ الذهبِ
    على أستارِ صدرِكَ ،
    موشومةً ،
    علامةً فارقةً
    بين الحاجبِ والعينينِ
    لا تزولُ ، لا تُمحى !
    * * *
    حبيبي ،
    كلُّ العشاقِ يكتبونَ بالحبرِ
    الأزرقِ ...
    وعلى دفاترَ زرقاءَ ،
    وحدي أنا ،
    أكتبُ رسائلي ،
    أتمرَّدُ ، بما يليقُ بعشقِنَا ،
    أشتري دفتراً أحمرَ …
    وأتركُ العلاماتِ الحمراءَ ،
    فوقَ ملاءاتِ الورقِ الأبيضِ …
    فأيَّ أشعارٍ ستكتبُ ؟
    وأيَّ قصائدَ ، ستقرأُ ؟
    أحلى مما كتبتُ لكَ
    وأخطرَ …


    الأبهى.. كانَ صديقِي !

    كنتُ حتى هذا المساءِ …
    أعتقدُ .. أنني مازلتُ أبحثُ عن صديقِي ؟
    وداهمَنِي حزنٌ .. بأنني قد لا أجِدُهُ …
    فكلُّ من عرفتُهُم من الرجالِ …
    فَشِلُوا …
    في أن يكونَ أحدُهم …
    صَديقِي …
    واحدٌ .. فضَّلَ أن يكونَ …
    عشيقي !
    وآخرُ … حبيبي …
    وفرُّوا.. جميعَهُم .. من كلمةِ صديقِي
    رفضتُ منطقَهُم …
    فأنا أعثرُ كلَّ يومٍ …
    إنْ أردتُ ...
    على حبيبي أو عشيقي …
    والأبهى .. وما اشتهيتُ ...
    إلا أنتَ ...
    يا صديقِي !!





    الحبُّ … في غربةِ العُمرِ
    في الغربةِ …
    نلتقي أعدَاءَنا …
    كأصدقاءَ …
    تذهبُ الأحقادُ ،
    ويغمرُنَا الحبُّ ،
    بالضِّياءِ !
    * * *

    لا يوجَدُ في قاموسِ الحُبِّ ،
    شيءٌ اسمُهُ
    (حبٌّ يتجدَّدُ)
    هناكَ .. فقطْ
    حبٌّ لا يموتُ !
    * * *
    نُداهِمُ زمنَ الحُبِّ ...
    شباباً …
    وحينما يأفلُ ...
    العمرُ …
    نجري وراءَ الحُبِّ …
    يفاجئُنا …
    سراباً !
    * * *
    الحبُّ …
    يأتي لنا في البداياتِ …
    يوشّي ثوبَ العمر ِ…
    بالفرحِ …
    نكبرُ
    فتضيقُ علينا ،
    ثيابُنا …
    ونندهشُ كثيراً ،
    حينما …
    ينسربُ الحُبُّ ، من ثقوبِ الزمنِ …
    تاركاً مكانَهُ …
    بَقَايا
    تَرَحٍ !
    * * *



    أنتظرُهُ
    حين أعدُّ القهوةَ
    أضعُ فنجانَيْنِ كالعادةِ …
    وحينَ أجلسُ في الشرفةِ ,
    أسكبُ فنجانَيْنِ من القهوةِ …
    أعلم أنَّهُ ليسَ هنا
    وأستغربُ كثيراً.. وأسألُ :
    لِمَنِ الفنجانُ الثاني ؟
    وهو ليسَ هنا !!
    ربّما لن يأتي …
    أشربُ قهوتي دون انتظارٍ ,
    وأنا مندهشةٌ ,
    فكلما رشفْتُ من فنجاني ,
    أَخَذَ الآخرُ يتناقصُ دوماً
    أندهشُ أكثر …
    عندما أكتشفُ
    أن الفنجانَ الثاني ،
    كان يشربُنِي ,
    وأنا أنتظِرُهُ …
    ربّما أتى ،
    وأنا لا أعلمُ !







    هل يُسعدُكَ اعترافي …بأنني ؟!
    1
    يا رجلاً .. لم أكُنْ أدركُ
    كم أحملُ لهُ من الحُبِّ
    حتى …
    قرأتُ …
    كلَّ ، ما كتبتُ !
    * * *
    هل يسعدُكَ .. اعترافي
    أنْ لا أحدَ …
    يجرؤُ .. على اختراقِ عزلتي …
    إلا ذكرياتنا المشتركة !
    * * *

    كلما ابتهجَ بياضُ الورقِ …
    لنزولِ اسمكَ ، ضيفاً عليه…
    فكّرتُ …
    أتراهُ يعلمُ
    لو قرأ…
    أنَّ كلَّ ما كتبتُ …
    كان هديةً … إليهِ …؟
    * * *
    دعوتَني .. للسيرِ في دربِكَ …
    ثانيةً …
    وأقسمتُ بأنني : حتى لو هجرتُكَ …
    ألفَ مرةٍ …
    سأعودُ ،
    للسيرِ عليها…
    ألفَ مرةٍ .. ثانيةً …!!

    2
    إذا كنتَ .. ستحاصِرُني بالصَّمتِ …
    لماذا …
    أرسلتَ لي بطاقةَ دعوةٍ مفتوحةٍ ؟
    …لتحاصرَك بحضوري ..؟
    * * *
    لم يراودني حلمٌ .. في يومٍ …
    بأنكَ …
    ستعودُ ،
    وتسألُ عني …
    فاجأْتَنِي .. ذاتَ مساءٍ .. وأنتَ …
    تبحثُ عني !
    * * *
    أيها الرجلُ …
    المستبدُّ …
    لا تدعِ الصقيعَ يجتاحُ صوتي ..
    فهوَ مازالَ يحملُ لكَ…
    دِفءَ الأيامِ الماضيةِ …
    سرتُ نحوكَ …
    أتعثَّرُ بخطواتي …
    وفي عينيكَ ، قرأتُ خوفَكَ …
    بأنني نسيتُكَ …
    اطمئنْ …
    صوتُك …
    وجهُكَ …
    عيناكَ .. وراحتَاكَ …
    جِدَارِيَّةٌ منقوشةٌ .. في الذاكرةِ !
    * * *
    3
    لو كنتُ أعرفُ .. أنَّ العودةَ إليكَ …
    تكلفُنِي كُلَّ هذا العِشْقِ …
    ما هَرَبْتُ منكَ …
    باختصارٍ ، عدتُ أكثرَ …
    ضعفاً …
    استسلاماً …
    صدقاً…
    فحاصرتَنِي بصمتِكَ …
    بقسوتِكَ …
    برفضِكَ …
    بكذبِكَ …
    تُرى .. كم سيكلِّفُني هذه المرة …
    نسيانُكَ
    من جديدٍ ؟!
    * * *
    أنا أعلمُ .. أنكَ لا تقوى على النظرِ …
    في عينيَّ لحظةً واحدةً …
    إذاً .. لماذا تعامِلُنِي .. بالمثلِ ؟
    لا تحدِّقْ ثانيةً …
    رأفةً بعينِيَّ !
    * * *
    للذاكرةِ حواسٌّ !
    الرائحةُ ، تسقي عشبةَ القلبِ …
    يستكينُ الوجعُ …
    مِن ثمَّ .. يستيقظُ النظرُ …
    على عتمةِ غيابِكَ
    ليعودَ الألمُ …
    للذاكرةِ دواءٌ …
    .. وحدَهُ .. حضوُركَ !
    * * *
    4
    كلما تعثرتِ الكلماتُ …
    على شفَتيكَ …
    اختزلتُهَا…
    وقرأتُ حروفَهَا ...
    .. في عينيكَ !
    * * *
    أيها السيِّدُ …
    مدائِنِي لم ترفعْ لكَ …
    رايةَ الاستسلامِ بعدُ …
    مدائِنِي لم تُهزم أمامَ غزوِكَ …
    فلماذا الإصرارُ …
    على زرع رايتِكَ والنزوحُ من بَعْدُ ؟
    مدائِني !
    …لم أُعلن أنها منزوعةَ السلاحِ بَعْدُ !
    * * *
    لا أصدقُ !
    كيف عادتْ من جديدٍ .. قصتُنَا !
    وحتى ذلك المساء…
    ظننتُ …
    أنَ ركامَ الأيامِ ..أطفأَنَا…
    وعلى زجاجِ النافذةِ ، مَسَحَ الغبشُ
    صورتَنَا …
    في الخريفِ .. أتيتَ …
    تمسحُ بأطرافِ أنامِلِكَ …
    غبشَ السنين …
    وغبنَ الماضي …
    ليلتئمَ الجرحُ …
    ويشتعلَ ، من جديدٍ ، حبُّنَا…
    * * *
    5
    أنتَ .. أنتَ …
    لم تتغيرْ ، ولن تفعلَ ،

    صمتُكَ !
    وغموضُكَ !
    ولغةُ التعبيرِ …
    وعيناكَ
    مازالت عينيكَ !
    * * *
    تتغيبُ ليومٍ …
    لشهرٍ …
    لسنةٍ …
    سنينُ
    الحبِّ ، في قلبي …
    خمرةٌ أعتِّقُهَا .. وعند لقائِكَ …
    أسكُبُهَا دفعةً واحدةً
    نظرةُ حنينٍ !
    * * *

    قبلَ أن أعرفَكَ ..
    حَسَدوني ، لرجاحَةِ عقلي …
    وبعدَ أن أحببتُكَ …
    جُننتُ .. وفقدتُ …
    عقلي !
    * * *
    أتراكَ تذكرُ ،
    يوم حاصرتْنَا المرايا؟
    ذاتَ ليلٍ …
    قلتَ لي: أتعبني بهاؤك !
    صدّقتُكَ ، كعادتي ، وأجبتُكَ :
    إذاً ، كفّ عنِ النَّظر !

    * * *

    6
    جرّبتُ حروفَ الأبجديَّةْ …
    لأصنعَ منمنماتٍ عشقيَّةْ …
    وبحروفِ اسمِكَ …
    شكّلتُ القصيدةَ …
    وبنيتُ بيوتَ الشِّعرِ
    فازدهرتِ القوافي …
    وعلى جدرانِ الذاكرةِ
    اسمُك ، بماءِ الذهبِ
    معلَّقةٌ …
    * * *
    تنفَّسُ الصباحُ ، على النافذةِ …
    حاصرنا الوقتُ …
    والحروفُ تختزلُ اشتعالَ اللقاءِ …
    والمسافاتُ التي تجرُّ ،
    مسافاتٍ أخرى …
    تستفزُّنا لعناقٍ …
    وأخيراً ، كان لابُدَّ …
    لبسْتُ الرحيلَ .. وارتديتُ الانتظارَ …
    فتوهَّجَ بيننَا الحنينُ …
    وسألتَني …
    هل في الوقتِ متسعٌ …
    لمزيدٍ من التألقِ ؟!
    * * *
    تسرُّني رؤيتُكَ …
    وأنتَ تبدو ، بحضورهِم غامضاً
    يستفزُّني خبثُكَ .. وطيبتُهُم !
    وحدي أنا ...
    أعلمُ حقيقَتَكَ !
    * * *

    7
    وكنا إذا ما التقَيْنا …
    طردْنَا الشيطانَ والخوفَ …
    ليبقى ثالثَنا الحبُّ !
    الآنَ …
    وأنا معكَ …
    هل بدأتَ تخافُ
    لو أغلقتُ البابَ خلفِي …
    أن ينبتَ من الجدارِ شيطانٌ ؟
    وينهارَ الحبُّ ؟
    * * *
    أحبُّكَ …
    وأتذكّركَ .. أكثر …
    كلّما أعددتُ لنفسي …
    فنجانَ قهوةٍ !
    لأنني ، مازلتُ أحنُّ لِلَمسةِ يدٍ …
    أعدَّتْ لي ، فيما مَضَى ،
    أشهى …
    فنجانٍ من القهوةِ !
    بدأتُ أفهمُ …
    لغتَكَ الجديدةَ في الحُبِّ
    وأنتَ تبدو كطفلٍ يتسلّى !
    تدعوني ، بسببٍ ،
    أو دونَهُ ،
    وتعيدُ لي ناسياً .. متناسياً …
    نفسَ القصةِ !
    * * *
    8
    كلّما نظرتُ ، من نافذةِ السيارةِ …
    اشتهيتُ أن يغبشُ زجاجَها المطرُ …
    لتفاجئَني ، كما فعلتَ ذاتَ مساءٍ …
    كنتَ ، في الجهةِ المقابلةِ …
    وراءَ المقودِ …
    وخلفَك .. رتلٌ من السياراتِ …
    ينتظرُ !
    وأنتَ تنتظرُ
    صبيةً ، في السيارةِ المقابلةِ …
    لتلمحَكَ …
    فتردَّ لكَ التحيةَ !
    * * *
    في ظهيرةِ صيفٍ …
    سمحتُ لكَ بمعانقَتِي …
    همستَ لي : أحبُّكِ !
    لأول مرةٍ في حياتي…
    ولأول رجلٍ .. ولأخرِ مرةٍ سأقولُها ،
    لرجلٍ …
    قرأتُ صدقَهَا في عينيكَ …
    وأنا.. أحبُّكَ !
    * * *
    أتعبتْنَي ظنوني …
    أما زلتَ تشكُّ …
    أنكَ .. حين غبتَ عني…
    أحببتُ غيرَكَ ؟
    وأنا .. ألا يحقَّ لي .. سؤالكَ …
    لترتاحَ ظنوني ؟
    * * *
    9
    كم أسعدني .. أن تُعانقَ …
    حروفُ اسمي ، لسانَكَ …
    حينما يتلعثَمُ بها غيرُكَ !
    وتمنيتُ …
    أن يخطِئَ الجميعُ في مناداتِي …
    لأسمعَ حروفَهُ .. كُلَّ مرةٍ …
    تردِّدُها بصوتِكَ !
    * * *
    كيفَ
    تُقدمُ .. على مغامرةِ حُبِّ …
    مع امرأةٍ من برج الحملِ ؟
    ألم يخبركَ أحدٌ ؟
    ألم يسألْكَ ؟ يحذِّرْكَ ؟ أينَ تذهبُ ؟
    تعجبُنِي ، منكَ هذه الجرأةُ !
    * * *
    أنا لست نرجسيَّةً …
    أنا أكثرُ من ذلكَ …
    الماءُ أغرقَ النرجسَ …
    وأنا كلما ازددتُ حباً لكَ …
    حلمتُ أنْ أُديرَ قرصَ الشَّمسِ …
    إذا كان الزمانُ …
    هو اختبارُ الحبِّ الوحيدُ …
    فقد نجحْنَا…
    في الامتحانِ !
    * * *
    10
    لا تسألْنِي …
    أينَ خبأتُ لكَ كُلَّ هذا الحُبِّ ؟
    فالينبوعُ ، لا يُسأَلُ
    من أينَ أتى بكلِّ هذا الماءِ …
    وكما الأسماكُ .. أنا
    كنتُ ، لا أقدرُ على العيشِ دونَ ماءٍ !
    * * *
    لا تندهشْ !
    أنا مازلتُ لا أحبُّ
    أن تهدي إليّ الأزهارَ …
    فهي مثلي …
    تصابُ بالاختناقِ …
    لو وُضعت في كأسٍ …
    خلفَ ستارٍ !
    * * *
    لا تطفئْهَا …
    رائحةُ تبغِكَ …
    لا تزعجُني …
    أتنفَّسُها .. من بعيدٍ …
    فأعلمُ …
    أنكَ ، مازلتَ قربي !
    * * *
    إذا أصبحتْ …
    هوايتُكَ الجديدةُ …
    ترويضَ خيولِي
    أصارحُكَ بالحقيقةِ …
    أصيلةٌ هي …
    والخيلُ بالمعروفِ تلينُ !
    * * *
    11

    جذبتْنِي …
    بداخِلِكَ البداوةُ …
    ولم أدرِ .. كم ستتعبُنِي …
    هذه القساوةُ !
    أعلنُ لكَ .. اليومَ :
    تراجعتُ .. وأتمنى لو حَمَلَ …
    عشقُكَ لي …
    كُلَّ الحضارةِ !

    * * *

    أسمعُ صوتَكَ …
    يهاتِفُني من بعيدٍ …
    يغرِقُني الشوقُ باللّهفةِ …
    فأعاتِبُ
    تجرحُ شعوري بالبرودِ …
    أسألُكَ : بكُلِّ غالٍ ،
    لماذا تكابرْ ؟
    وأنت َ .. إذا ما حضرتَ …
    وصدَّتْكَ في نفسِي العزةُ
    تعرفُ أنكَ …
    لابُدَّ خاسرْ !
    * * *
    إذا كنتَ …
    تهوى الإيجازَ .. في الكلماتِ …
    وأشياءَ أخرَ …
    لماذا .. حينما أحضرُ …
    يثرثرُ النظرْ ؟
    * * *
    12
    يعجبُني ذكاؤكَ …
    كرجلٍ …
    يُهمِل بحضوري أيَّ أنثى …
    لا أعلمُ مدى صِدقِك …
    إنما يكفيني منكَ هذا الشعورُ …
    أنني ، وحدي بحضورِكَ ،
    الأنثى !
    * * *
    أدهشنِي مكرُكَ …
    وأنتَ تصفُ بقايا
    أحمرِ الشِّفاهِ على ياقةِ القميصِ …
    بآثارِ العدوانِ …
    فما قولُكَ .. ما وصفُكَ …
    لأثارِ شفاهِكَ …
    على النَّحر ؟
    * * *
    لازلتُ أذكرُها …
    أخطأتُ بحقِّكَ
    لكن عتابَكَ .. أقسى ، مما تحتمِلُهُ …
    مشاعرُ امرأةٍ طفلةْ !
    وانحبسَ الدمعُ في المقلَةْ …
    لا أدري .. كم أحببتُ يدَكَ …
    تحملُ لي كأسَ ماءٍ .. لتنسرحَ
    تلك الغصّةْ !
    * * *
    13

    تغارُ حقاً عَلَيّ ؟
    يا حُبّي الوحيد …
    وماذا بيدي .. أفعلُ
    إذا كانَ بعضُ الرجالِ …
    كالنحلِ …
    لا يقاوِمُ ، عبيرَ الزهورِ ؟
    لَيْتَهُم كانوا …
    يعرفونَ الحُبَّ . كما العصافيرُ …
    تغطُّ على أمثالِهَا…
    فقط .. من الطيورِ …
    * * *
    لماذا تبخلُ .. على نفسِكَ …
    بفرصةِ الغَوصِ .. في أعماقِي ؟
    أَعِدُكَ …
    لو تركتَ الشطآنَ …
    لغيرِكَ من التافهينَ …
    لَحَصَدتَ كنوزَ …
    حُبٍّ
    شوقٍ
    و إخلاصٍ …
    لا ينضبُ !
    * * *
    يا أروعَ رجلٍ …
    أتقنَ فنَّ الاعتذارِ …
    لأنثى !
    بقيتَ في نظري رجلاً …
    وأرضيتَ فيَّ …
    الأنثى؟
    * * *
    14
    استكثروا عليَّ
    أن أكتبَ قِصةَ حبِّكَ شعراً !
    ما علمُوا…
    بأنَّ الشعرَ .. قليلٌ .. في حُبِّكَ …
    ألا يكتبَ !
    * * *
    إيماني دوماً …
    بأن البداياتِ …
    لا تستقيمُ إلا بالجذورِ …
    لكنني أصلُ إلي نهايةِ اعترافِي …
    مؤمنةً …
    بالحداثةِ …
    لتبقى قصتُنَا
    مفتوحةَ النهايةِ …




    حجراتُ القلبِ
    يقتلُني الضجرُ ،
    بعد رحيلِ الأصدقاءِ …
    إذ هم يخلِّفُون ذاكرَتَهُم
    طعناتٍ ،
    ويختفونَ ،
    فيما كان زمنُهُم مرآةً …
    تتألّقَ فيها وجوهُنَا …
    إذْ، تصبحُ بصماتُهُم …
    معالمَ على طاولةِ الوقتِ ،
    ويتعثَّرُ بعدَهُم ،
    رملُ السَّاعةِ ،
    في عُنقِ الزجاجِ …
    بعدَ السَّفرِ …
    تتواطأُ أشياؤهم ،
    ضدَّ الذاكرةِ !
    ويشتعلُ القلقُ …
    فيما يتثاءبُ الانتظارُ …
    في سَلَّةِ الحنينِ …
    وينسربُ ماءُ الشوقِ …
    قطرةً ،
    قطرةً ،
    جامعاً فيضَهُ ،
    ومالئاً ، حجراتِ القلبِ …





    خطوطٌ متوازيةٌ

    أنا امرأةُ العطورِ ،
    وأنتَ رجلُ العطاءِ …
    خطّانِ متوازيانِ ،
    على جدارِ المساءِ
    أنا امرأةُ الاشتعالاتِ ،
    المؤجَّلَةِ ،
    وأنتَ رجلُ المراحلِ ،
    المحروقةِ …
    خطّانِ متوازيانِ …
    على جدارِ الوقتِ ،
    أنا امرأةُ الحُلُمِ ،
    وأنتَ رجلُ القَرارِ …
    خطّانِ متوازيانِ …
    على شرفاتِ القلبِ …
    أنا امرأةُ الصَّمتِ والسِّرِّ ،
    وأنتَ رجلٌ تحتَ الشمسِ …
    خطَّانِ متوازيانِ …
    على جدارِ الجمرِ …
    أنا امرأةُ القِلاعِ والحُصونِ ،
    وأنتَ رجلُ التمرُّدِ ،
    على الأسوارِ ،
    خطّانِ متوازيانِ …
    على جدارِ الصحراءِ …
    أنا امرأةُ عصرِ الحرائرِ ،
    وأنتَ سيدُ البواباتِ
    خطّانِ متوازيانِ …
    على جدارِ العبورِ …
    أنا امرأةُ الكلماتِ والقصائدِ ،
    وأنتَ رجلُ الريشةِ والألوانِ ،
    خطَّانِ متوازيانِ …
    على جدارِ الفجرِ
    امرأةٌ ورجلٌ ،
    وخطوطٌ متوازيةٌ ،
    على جدارِ العمرِ …






















    دعوةُ العطرِ

    أَتذكَّرُ :
    يومَ راحتْ شفتاكَ تَغلاَّن ،
    عصفوراً …
    يختبئُ خلفَ الأذنِ ،
    وكتفي يُنقَرُ
    وبينَ سنابلِ القمحِ المشتعلةِ
    على العنقِ يشتبكُ …
    وأنا الأنثى المغرمةُ ،
    بعد توهُّجِ القبلةِ …
    متكئَةْ
    على رصيفِ العتمةِ
    دائخةْ
    وأنتَ تتحوَّلُ ضوءاً …
    طفلاً ، يرتِّبُ ، يبعثِرُ
    ما تبقى من كلماتِهِ ، ويشوِّشُ :
    (( لن أنسى جنونَكِ يا امرأةً !
    ودعوةَ العطرِ !
    هبوبَ الريحِ والجسدِ ! ))
    وألمحُ التيهَ بعينيكَ يتوثَّبُ
    وحريرَ القميصِ يَشِفُّ …
    ولا يرحَمُ ،
    وأريجَ البرتقالِ ،
    يحتفي ، ويشيرُ ، أنِ اقتَرِبْ …
    أكثرَ .. أكثرَ
    ومَنْ أخبرك أنني قديسةٌ
    لا تخطئُ ؟
    لا تخشَ الإبحارَ ، لن أدعَكَ وحيداً ،
    وبحرُ عطورِ المضيقِ ،
    يغوي مراكِبَكَ ،
    ويسحبُ ،
    والنارُ ،
    أضرمتَهَا ،
    واشتعلتْ وراءَكَ ،
    السُّفنُ …
    لا مفرَّ .. إذاً
    لا تراجعَ …
    تقدَّمْ ، هاجمْ ، حَطِّمِ الصَّنَمَ …
    أو عُدْ من حيثُ بدأتَ
    أنتَ غارقٌ .. غارقٌ …
    لا محالَ …














    صباحُ الخيرِ أيها السادةُ !

    أنهضُ صباحاً …
    أغتسلُ بِوَميضِ التفاؤلِ ،
    أسيرُ على رصيفِ الوقتِ …
    بمحاذاةِ الأصدقاءِ …
    يخذِلُني جُبنُهُم !
    * * *
    في دروبِ البطالةِ …
    جَلَدَني الانتظارُ …
    فيما بعدُ ،
    وعلى تمامِ العاشرةِ …
    أَصلُ موعدِي …
    أقتحمُ الأبوابَ المحصَّنَةَ …
    يسألُني حُرَّاسُ القلعةِ :
    أينَ خبَّأتِ شهادةَ حُسنِ السِّيرةِ ؟
    فاجأني ارتباكُ الصِّدقِ !
    فَتَّشوا، حمالةَ صَدْري …
    وكادوا أن ينزعُوا أوراقِي
    التي أرتدي !
    أخيراً …
    انكسرتُ ، ورأيتُ جَسَدي مرمِيَّاً …
    خلفَ أسوارِهِم …
    * * *
    في العتمةِ ، تحتَ المطرِ …
    أدفنُ وجهي …
    ببقايا جرأةٍ …
    بتُّ أخفِيها سراً عن عيونِهِم !
    حيثُ أمتطي صَهيلَهَا …
    بعد انتصافِ الليلِ …
    وفي يدي عنوانُ .. صاحبِ الجريدةِ …
    أطرقُ بابَهُ …
    بتوسُّلٍ …
    بخوفٍ …
    أرجوهُ …
    أن ينشرَ القصيدةَ !
    في عامودِ الصباحِ …
    أكتبُ للقرَّاءِ أحيِّيهِم …
    صباحُ الخيرِ .. أيُّها السادةُ …
    أنا المرأةُ الحرّةُ …
    مِن هنا.. أحيِّيكُم …
    أخبركُم :
    لديَّ قهوةٌ .. الآن
    وخبزٌ …
    وكفافُ ، يومي …
    ولا تنقصُني .. سوى الرغبةُ …
    في تقبيلِ الأيدِي التي …
    التي ، لولاهَا…
    لم أصلْ أبداً إليكم …
    كيفَ أشربُ القهوةَ ؟
    سؤالٌ كانَ .. عن قهوتِي …
    مثقلةٌ هي بذرات البُنِّ …
    مزروعٌ .. في أقاصِي اليمنِ …
    البنُّ ، المنهارةُ حباتُهُ
    بماءٍ معطَّرٍ
    بالهالِ …
    والسَّفرِ …
    وقهوتي ،
    تُبلسِمُ المساءاتِ الوحيدةَ …
    وتشرقُ في شرفةِ الفجرِ ،
    مستقبلةً نهاراتٍ جديدةً …
    قهوتي !

    لماذا لا تأتي إلا ثَمِلاً ؟

    حينَما بلغتُ الرابعةَ عشرةَ ،
    أخذَ ابنُ الجيرانِ يطارِدُني …
    يقفزُ من على سُور نافذَتِي …
    يتعربَشُ على الحِيطانِ …
    ويصفِّقُ لهُ …
    كلُّ الأشقياءِ .. أمثالُه
    في الحيِّ …
    * * *
    بعدما تجاوزتُ العشرينَ …
    بسنةٍ واحدةٍ …
    تناوبَ الأصدقاءُ الزُّعرانُ …
    على مغازلَتِي …
    حامُوا حَولي ..
    دبابيرَ نحلٍ .. مشتعلةً حماساً ورغبةً …
    كلُّ واحد ، ينتهزُ الفرصةَ …
    ليقرِصَ تفاحةَ خَدِّي .. بلسعةٍ !
    وكانَ عليّ …
    أن أختارَ واحداً .. فقط …
    أرضَى عنه ،
    ليلعَقَ رضَابَ شفتيَّ …
    وفي اللحظةِ التي أشتهي …
    أوصِدُ بابي دونَهُ …
    * * *
    ثلاثون عاماً مرَّتْ وأنا ألهو …
    وفي يومٍ باذخِ الحزنِ …
    انشغلتُ ، أبحث عن الصديقِ …
    بعد أن .. اتخذَ زوجي …
    عشيقةً !
    الأربعون تأتي طوعاً ..
    تهروِلُ نحوي .. وأنا أنضُجُ ببطءٍ …
    على نارِها …
    حيث لهيبُهَا ،
    يستهوي الكهولَ العاشقينَ …
    بنفادِ صبرٍ .. يقبّلون كَفّي …
    وانحداراً نحوَ قَدمي .. يركعونَ …
    وربما بدأوا.. بالعكسِ …
    حينها.. راقَ لي ذاك الشابُّ …
    الذي يصغرُني بأعوامٍ عشرٍ …
    انتظرتُه في المقهى …
    ساعتينِ من الوقتِ …
    بردتِ القهوةُ …
    ودفعتُ الحسابَ ،
    ثلاثَ مراتٍ …
    بينما حلّتِ الظهيرةُ …
    أنقذنِي من جلستِي تلكَ …
    صديقُهُ .. الأكبرُ سِنّاً .. مِنّي .. ومنْهُ !
    فهمتُ عندَها ،
    لماذا كان يصرّ على موعدِهِ …
    بعد الثانيةَ عشرةَ ليلاً …
    ولا يأتي .. إلا ثملاً !
    * * *
    هذه الليلةُ …
    صارحتُ المرأةَ …
    المختبئةَ خلفَ زجاجِ مرآتي …
    المعتوهةَ …
    الواقفةَ تنتظرُ …
    عودةَ الشاب كلَّ ليلةٍ …
    أنِ اذهبي .. توسَّدِي فراشَكِ الباردَ …
    فالأربعونَ .. لا رجاءَ للحُبِّ فيها…
    دون ثمالةِ الكأسِ !

    مدينتي على راحةِ الكفِّ
    سألَنِي صديقِي:
    هل لديكِ بيتٌ فيها ؟
    مدينَتِي !
    لا .. يا سَيّدي …
    أنا لا أسكُنُها …
    لأنني سنونوةٌ مهاجرةٌ …
    لا وطنَ لها ولا مدينةْ …
    تظلُّ تحلُمُ ، أنَّها عاشقةْ
    لأيِّ مدينةْ …
    والعشقُ يا سيِّدي ،
    لا نسكنُهُ ،
    يسكنُنَا ،
    و أنا ، السنونوةُ المجنونةُ بعطرِهَا
    امتلكتْنِي …
    وهزمتْنِي بعشقِها…
    سكنتْنِي …
    فكيف لي أن أسكنَهَا ؟!
    مدينتِي ،
    ليسَ لي فيها قصرٌ …
    ولا أحملُ مفتاحَ كوخٍ حتّى ،
    فلا تطمع ، بأن أؤجِّرَكَ ،
    مسكنِي …
    مدينتِي ،
    ليسَ لي فيها مكانٌ
    حبُّها حَفَرَ تضاريسَ
    في ذاكرتي ،
    ومسحَ خارطةَ الورقِ ،
    ألا يكفي هذا ،
    لتصلَ العنوانَ …
    مدينتِي ،
    نقشتُهَا على راحَتِي …
    هي عندي الآنَ ،
    بحجمِ قبضةِ الكَفِّ …
    تنبضُ .. بقدرِ الدَّمِ …
    الرائحِ والغادِي ،
    إلى القلبِ !
    مدينتِي ،
    ضيعتُ عمري تحتَ أقدامِهَا
    ولم يَعُدْ لي فيها ،
    إلا تقويمٌ يَعُدُّ الأيامَ …
    ويقرأُ الزمانَ ،
    يومََ الحُبِّ …
    ويومَ الهزيمةِ ، يومَ العشقِ …
    ويوماً أخيراً …
    للطمأنينةِ









    وحدةٌ !
    أنا مازلتُ أنا ، ما انتهيتُ ،
    وهو مازالَ يجلسُ وحدَهُ …
    وفي غرفتِي …
    جاءني المساءُ يسعَى ،
    وحدةً ووحشةً ،
    قلت: أقتلُ هذه الوحدةَ !
    إذا لم يأتِ !
    لن أبقى ظمأَ الموعدِ …
    جلستُ لمرآتي ،
    الكحلُ الأسودُ للعينَيْنِ …
    والأحمرُ للشَّفتَيْنِ …
    الوردي غلالةٌ شفافةٌ ،
    يعطِّرُ الجسدَ ،
    ويشهقُ عندَ الكتفينِ …
    شرائطُ شعري …
    تغلُّ برفقةِ الضفائرِ …
    والغرفةُ ،
    ذابت شوقاً للاثنينِ
    تئنُّ الوسادةُ ،
    والسريرُ يشتكي …
    وهو جالسٌ لكتابِهِ
    يحاربُ غزواتِ تاريخٍ لا تنتهي …
    بدأَ الليلُ يملُّ انتظارَهُ …
    أشعلتُ شمعةً !
    وزيَّنتُ الإناءَ بزهرةٍ !
    وغسلتُ الوسادةَ والروحَ بدمعةٍ !
    استسلمتُ للنومِ !
    لكنني مازلتُ أنا هُنا …
    ما انتهيتُ !
    ومازال هو وحدَهُ !


















    يومُ الياسمينِ

    إلى الحبيب الذي مضَى …
    وفيما كان يؤرقني غيابه المؤقَّتُ ، صار رحيله اليقينَ الوحيدَ.

    الياسمينُ عندَ النافذةِ ينتظرُ ،
    ولا أرغبُ بجمعِهِ ،
    أنتظركَ .. حتى تفعلَ !
    كما في كلِّ صباحٍ ،
    ودونَ جدوى ،
    القطافُ حانَ وقتُهُ ،
    وغيابُكَ يتَّسِعُ مكانُهُ ،
    يذبلُ الياسمينُ …
    ويومٌ آخرُ ،
    ينبتُ ياسمينٌ !
    وآخرُ …
    فهل ستفعلُ ؟!


















    ليسَ هذا كل ما تمنيتَ ؟!

    أنتَ الذي صفعتَ أبوابَ دمشقَ
    خلفَكَ …
    ورحلتَ ،
    لوَّحتَ لها .. من بعيدٍ ، واشتعلَ قلبُكَ …
    شـــــوقـــاً ،
    وحنيناً ،
    مشيتَ على قدميكَ ، يومَهَا ، مزهوَّاً…
    بالسفرِ ،
    والثروة ِ،
    تعودُ اليومَ .. لآخرِ مرةٍ تؤوبُ
    محمولاً على أجنحةِ السحابِ
    طائراً .. مغمىً عليهِ شوقاً !
    لتلتحفَ ، متوسِّداً ترابَهَا ،
    دمشقُ ، تفتحُ أبوابَهَا لكَ …
    وأنتَ ،
    مُغمضُ العينينِ …
    لا ترى حُسنَهَا ،
    أعلمُ ،
    ليسَ هذا كُل ما تمنيتَ !
    أنتَ الذي صفعتَ أبوابَهَا …
    خلفَكَ ،
    ورحلتَ …









    الفهــــــرس
    . الإهداء ……………………………................................... 3
    . إضاءة من د. محمد جمال طحان …………………………….. 5
    . عناصر الحياة ………………………………………………… 7
    . أنتَ وعيناكَ ……………………………………………….…. 13
    . إنها الحياة …………………………………………………… 15
    . إشارات حمراء ………………………………………………… 17
    . الأبهى كان صديقي …………………………………………… 23
    . الحب في غربة العمر ……………………………………….… 25
    . أنتظره ………………………………………………………. 29
    . هل يسعدكَ اعترافي بأنني ؟ ………………………………….. 31
    . حجرات القلب ……………………………………………… 57
    . خطوط متوازية ……………………………………………… 59
    . دعوة العطر ………………………………………………... 63
    . صباح الخير أيها السادة ………………………………………. 67
    . لماذا لا تأتي إلا ثملاً …………………………………………. . 71
    . مدينة على راحة الكف ………………………………………… 75
    . وحدةٌ …………………………………………………….….. 79
    . يوم الياسمين ………………………………………………… 83
    . ليس هذا كل ما تمنيتَ ……………………………………….. 85



    صَــــدَرَ للمـؤلِّفـــــة :






    عراء المنفـى مجموعة قصصية دار الآفاق الجديدة . بيروت 2001
    الجياد تلتهم البحر مجموعة قصصية دار الأوائــــــــل . دمشــــــــق 2002
    إشـارات حمـراء مقتطفات شعرية دار الأوائـــــــل . دمشـــــــــــق 2002
    الموضوع: إشـارات حمـراء بقسم