AshganMohamed
10-28-2019, 10:40 AM
الشــجرة الناطـقـة
نور الدين الهاشمي
الشــجرة الناطـقـة
الأعـداد الســكّريـة
- مسـرحيتان للفتيان -
من منشورات اتحاد الكتّاب العرب
1997
تصميم الغلاف للفنانة : ريم الخطيب
مسرحيّة الشجرة الناطقة
1- قرشون : تاجر يملك سفينة ثعبان البحر.
2- شعبوذ : دجّال يدعي السحر والشعوذة.
3- دحروج : ضخم ، محب للطعام من رجال قرشون .
4- خميس : ابن قرشون ، ساذج محب للطيور.
5- ذئبان : ماكر ، شرس ، عنيف ، من رجال قرشون .
6- رضوان : نجار ماهر يعمل في صناعة القوارب وهو والد هشام وجمانة.
7- هشام : ابن رضوان ، فتى في نحو السادسة عشرة من عمره.
8- جمانة : ابنة رضوان ، فتاة في نحو الخامسة عشرة من عمرها.
9- مرزوق : رئيس البّحْارة ، في حوالي الخمسين من العمر ، ماهر ، شجاع.
10- فارس : بحّار شجاع.
11- ديب : بّحار.
12- عادل: نجار.
13-فصيح : (الببّغاء ).
14- عمار : صاحب الحمار الضائع.
?
المنظر الأوّل
( دكان النجار رضوان .. أدوات النَجارة معلّقة على باب الدكان ، صناديق خشبية قيد الصنع هنا وهناك، إلى يسار الدكان وفي العمق نرى البحر الأزرق ، النجار رضوان يقوم بصنع أحد الصناديق الخشبية ،.. نسمع صوت جمانة وهي تنادي والدها من خارج المسرح ).
جمانة : (تنادي) بابا .. بابا .. (يتوقف رضوان عن العمل .. تدخل جمانة حاملة رسالة) بابا .. انظر لقد أرسل أخي هشام رسالة من الميناء الكبير .
رضوان : (يأخذها بفرح) من أعطاك إيّاها؟
جمانة : صديق لهشام كان عائداً إلى بلده..
رضوان : وأين هو ؟
جمانة : لقد تابع سفره وهو يرسل السلام إليك ..
رضوان : (ينظر بريبة هنا وهناك) وهل شاهدكِ قرشون أو أحد رجالهِ وأنتِ تأخذين الرسالة ؟
جمانة : كلا .. كلا ..
رضوان : (يفتح الرسالة) اقرئي الرسالة ..
جمانة : (تقرأ) أبي الغالي .. أختي الغالية جمانة .. عمي مرزوق النجار العظيم .. أصدقائي البّحارة لقد أنهيت تعليمي في مدرسة صناعة السفن وسوف أعود إليكم في اليوم الخامس من الشهر القمري - (تتوقف جمانة وتحسب زمن الوصول) يا إلهي هذا يعني بأنه سيعود بعد يومين (تتابع القراءة) وأُرسل إليكم ضمن الرسالة صورة لإحدى السفن التي صنعتها مع رفاقي (تخرج صورة السفينة وتتأملها بسرور كما يتأملها رضوان) أليست جميلة يا أبي ..؟
رضوان : نعم يا جمانة .. كم أتمنى أن نصنع مثلها هنا حتى نتخلص من ظلم قرشون ورجاله..
جمانة :( تتابع القراءة) وسوف أتعاون مع البحارة بعد عودتي من أجل صنع السفينة التي نحلم بها (يسمع صوت دحروج وهو ينادي من خارج المسرح).
رضوان : هذا دحروج .. هاتي الرسالة (تعطيه جمانة الرسالة وتنسى رسم السفينة الذي يسقط على الأرض .. يدخل دحروج وهو يأكل قطعة خبز أو خياره)..
رضوان : ماذا تريد يا دحروج ؟..
دحروج : أرسلني قرشون كي أخبرك (يتوقف وكأنه نسي ).
رضوان : بماذا ؟0
دحروج : لقد نسيت .. يبدو أنني جائع .. ماذا أفعل أنا أنسى حتى اسمي عندما أكون جائعاً ..
رضوان : ولكنك كنت تأكل خيارة ..؟
دحروج : الخيار لا يشبعني أبداً .. أنا أحب الكعك .. هل لديك كعك ياجمانة ؟
جمانة : انتظر ..( تدخل الدكان وتأتي له بكعكة فيأكلها بسرعة )
دحروج : (بعد التهام الكعكة) فطنت .. سيدي قرشون يطلب منك يا رضوان أن تسرع في صنع الصناديق الخمسين التي طلبها منك ..
رضوان : هل تعرف ماذا يريد أن يشحن فيها ؟
دحروج : لا أدري ربما خرافاً أو دجاجاً ..
جمانة : الخراف لا توضع في مثل هذه الصناديق يا دحروج.
دحروج : (يضحك بغباء) معك حق يا جمانة ..(فجأة) أنا زعلان منك يارضوان..
رضوان : لماذا .؟
دحروج : لقد وعدتني بأن تصنع لي سيفاً (يحضر له رضوان سيفاً خشبياً )
رضوان : وماذا ستفعل به ؟
دحروج : سأقطع به رأس الببغاء فصيح ورأس خميس (ينتبه فجأة إلى رسم السفينة الذي نسيته جمانة على الأرض ..يلتقطه) ماهذا .؟
( تحاول جمانة أن تستعيد الرسم) .. إنه يشبه السفينة..
جمانة : كلا ... إنه صورة لصحن فواكه .. (تقوم جمانة بتعديل الرسم وترسم على سطح السفينة عدداً من الفواكه) مارأيك .. أليس لذيذاً ..؟
دحروج : حقاً إنه لذيذ .... ليته كان صحن فواكه حقيقي (يلف الرسم ).
جمانة : ماذا ستفعل به ؟
دحروج : سأعلّقه فوق فراشي حتى أحلم بأني أجلس قرب مائدة مليئة بالطعام والفواكه (يخرج دحروج حاملاً الرسم)
جمانة : الذنب ليس ذنبي.. كيف نسي الرسم هنا..
رضوان : أرجو ألا ينتبه قرشون إلى الرسم...
جمانة : إنه خبيث ويشك في كل شيء ..(صوت ريح .. ينظر رضوان باتجاه البحر)..
رضوان : يبدو أنّ هناك عاصفة قادمة ..
جمانة : ولكنّ عمي مرزوق والبّحارة مازالوا في البحر ..
رضوان : عمك مرزوق ربّان ماهر وسوف يقود السفينة بأمان إلى هنا إن شاء اللّه ..
(إظلام )
المنظر الثاني
( دكان التاجر قرشون إلى يسار المسرح .. إلى اليمين والعمق يظهر البحر .. على باب الدكان عدد من الأكياس والصناديق ، التاجر قرشون يجلس على باب الدكان وهو يشرب النارجيلة وأمامه طاولة صغيرة عليها صحن مليء باللوز.. ذئبان قد صعد إلى مكان مرتفع في اليمين وهو يحدق باتجاه البحر .. خميس قد جلس على الأرض وهو يداعب ببغاءه فصيح ).
قرشون : هل ترى سفينتي يا ذئبان ؟
ذئبان : كلا يا سيدي ..
قرشون : من المفروض أن تكون قد وصلت إلى المرفأ منذ الصباح .. هيّا تابع النظر يا ذئبان ..
ذئبان : حاضر يا سيدي ..
فصيح : (الببغاء) : (يصرخ) : لوز .. لوز..
خميس : هل تريد لوزاً يا فصيح ..؟
فصيح : (يتابع) لوز ... لوز .. (يمدّ خميس يده نحو صحن اللوز ويمسك كمية ولكنّ قرشون يقبض على يد خميس بقوة ويضربها )..
قرشون : لمنْ تأخذ هذا اللوز يالص..؟
خميس : للببغاء يا أبي ..
قرشون : (ساخراً) ألا يأكل ببغاؤك المدلل إلاّ اللوز؟
خميس : فصيح يحبّ اللوز ..
قرشون : هه .. ماذا ؟
خميس : اللوز يجعله طليق اللسان ..
قرشون : إنه أكبر ثرثار في العالم ..
خميس : كلا ياأبي .. اللوز يجعله مؤدّباً وينطق بالحكم المفيدة..
فصيح : قرشون بخيل .. قرشون بخيل..
قرشون : اسمع هذه الحكمة ... اسمع (يهاجم الببغاء بالسوط ويضرب القفص ولكن خميس يحمل قفصه بعيداً) أنا بخيل يا غراب .. يا بومة .. يا دجاجة بلا ريش... أقسم بأني سأبيعك في سوق الدجاج والصيصان ...
خميس : إذا بعته فسوف أرمي نفسي في البحر..
قرشون : ارم نفسك وخلّصني منك ومن هذه المصيبة (يدخل دحروج شاهراً سيفه الخشبي ومعه رسم السفينة )..
دحروج : هل تسمح لي بقطع رأس هذا الببغاء يا سيدي..؟
قرشون : أبعدْ سيفك يا أحمق وأخبرني ماذا حدث معك ؟
دحروج : لقد ذهبت إلى النجار وأخبرته ..
قرشون : بمَ أخبرته ؟
دحروج : (يحاول التذكر) يبدو أنني نسيت ..
قرشون : نسيت ! .. يا سلام ...
دحروج : أنا جائع ..
قرشون : جائع .. أنت حوت ولست بشراً (يصرخ فجأة) قل لي ماذا أخبرت النجار رضوان ..؟
دحروج :( خائفاً) كما قلت لي ..
قرشون : وماذا قلت لك ؟..
دحروج :لا أدري .. أنا جائع .. لقد أعطتني جمانة صورة صحن فواكه .. انظر ..( قرشون يضرب الصورة بعصبية فتسقط على الأرض ..)
قرشون : أرسلك كي تخبر رضوان بأن يسرع بصنع الصناديق فتأتيني بهذا الرسم السخيف ...!
دحروج : (يلتقط الرسم ويفرده) انظر يا سيدي .. إنه رسم جميل لصحن فواكه .. أنا أحب الفواكه..
قرشون : (ينتبه للرسم فيخطفه بسرعة) مَنْ رَسَمَهُ؟
دحروج : جمانة الحلوة ... وقد أعطتني كعكة ..
قرشون : (يحدث نفسه) يالها من ماكرة .. إنه رسم سفينة (لدحروج) هل أنت واثق أنّ جمانة هي التي رسمته ..؟
دحروج : جمانة قد رسمت الفواكه في الصحن..
قرشون : وماذا كان يشبه قبل أن ترسم الفواكه..؟
دحروج : كان يشبه السفينة..
قرشون : حسناً .. اصعد الآن مكان ذئبان وراقب قدوم سفينتي ثعبان البحر..
( يهبط ذئبان ويسلم منظار المراقبة لدحروج الذي يصعد ويراقب البحر بملل .. يرتفع صوت الريح ..)
قرشون : (باضطراب) هناك عاصفة قادمة .. هل ترى شيئاً يا دحروج ..؟
دحروج : كلا يا سيدي ..
فصيح : (يصرخ) عاصفة .. عاصفة ... عاصفة..
قرشون : أسكتْ هذا الببغاء المشؤوم يا خميس ..
خميس : فصيح متنبئ جوي وهو يعرف تماماً بأنّ العاصفة قادمة ..
قرشون : عاصفة .. هذا ماكان ينقصني .. سفينتي في وسط البحر وفيها بضاعة بألف دينار ...
خميس : اخرس.. قطع اللّه لسانك ..
فصيح : عاصفة .. عاصفة ..
قرشون : أسكتْ هذه البومة .. وإلا أسكتُّها أنا ...
خميس : حاضر .. حاضر .. أسكتْ يا فصيح
قرشون : يجب استدعاء الساحر شعبوذ لإبعاد العاصفة : (يصرخ) دحروج .. انزل فوراً..
دحروج : لماذا ؟ هل الطعام جاهز؟
قرشون : سأجهز قبرك .. انزلْ بسرعة (ينزل دحروج) اذهب حالاً وأحضر لي الساحر شعبوذ (يعطي دحروج المنظار لذئبان ثم يخطف صحن اللوز ويهرب..)..
فصيح : دحروج لص .. دحروج لص ... (يركض قرشون ويلاحق دحروج بالسوط خارج المسرح .. نسمع صرخات دحروج وهو يتلقى العقاب .. يدخل قرشون وقد استعاد صحن اللوز...)
( إظلام )
المنظر الثالث
( طريق عام .. أمام أحد البيوت نرى الساحر شعبوذ وقد ارتدى ثياباً غريبة الشكل وقبعة طويلة ... معه كرة بلورية بيضاء مثبّتة على حامل وقاعدة .. أمامه رجل اسمه عمّار وقد أضاع حماره وشعبوذ يحاول معرفة مكان الحمار )
شعبوذ : ما اسمك ؟
عمّار : قلت لك .. عمّار
شعبوذ : وما اسم حمارك ..؟
عمّار : بردوع ..
شعبوذ : (يردد) عمَّار ... أضاع الحمار .. عمار أضاع الحمار.. وأين أضعتَ حمارك يا عمار..؟
عمّار : لقد ربطته هنا على باب الدار ثم دخلت البيت لأتغدى وحين خرجتُ لم أجده..
شعبوذ : وهل دخل وراءك إلى البيت دون أن تشعر به..؟
عمّار :( وقد بدأ صبره بالنفاذ) كلا ..
شعبوذ : هل تعرف أين هرب الحمار ياعمّار ..؟
عمّار : لو كنت أعرف لما سألتُك...
شعبوذ : (يفطن) هذا صحيح .. صحيح .. ولكنّي أريدك أن تجيبني على بعض الأسئلة
عمّار : تفضّل ..
شعبوذ : هل أزعجتَ الحمار ..؟
عمّار : كلا ..
شعبوذ : هل ضربته وأهنته ..؟
عمّار : كلا ..
شعبوذ : هل شتمته مرة وناديته يا حمار..؟
عمّار : طبعاً .. وهل تريدين أن أناديه يا كنار..؟
شعبوذ : هل حمّلْتَ فوق ظهر أحمالاً ثقيلة..؟
عمّار : (نفذ صبّره) كلا .. كلا..
شعبوذ : هل أطعمته برسيماً ..؟
عمّار : (صارخاً) هل تريد أن تبحث لي عن الحمار أم لا؟
شعبوذ : اسكت .. أيها الجاهل .. هذه التحقيقات ضرورية قبل البحث عن الحمار.
عمّار :أسرع وخلصني
شعبوذ : (يحضر الكرة ويدور بيده حولها) العثور على الحمير قد صار يكلّف الكثير .. وخاصة إذا ضاع الحمار في هذه الحارة كأنه فارة
عمّار : كم ستأخذ مني أجراً لإيجاد الحمار..؟
شعبوذ : (يحوم بيديه حول الكرة ويهمهم) العفريت دخان يريد دجاجة وبطة وديكاً له عرف أحمر
عمّار : هذا كثير يا شعبوذ...
شعبوذ : لاتقل هذا الكلام وإلا ضاع الحمار كأنه بخار
عمّار : حسن .. سأعطيك ماتريد
شعبوذ : ليس لي .. وإنما للعفريت دخان خادم اصطبل الجان .. ماذا قلت ؟
عمّار : حاضر ... حاضر
( شعبوذ يدور بيديه حول الكرة ويتمتم ويدمدم )
شعبوذ : أيها الحمار الهربان اظهرْ وبان على يد العفريت دخان ... عليك الأمان (يصرخ) يالطيف .. يالطيف..
عمار : (فزعاً) ماذا حدث يا شعبوذ؟
شعبوذ : حمارك الهارب بردوع يطارده ذئب ينهشه الجوع في وادي الزلّوع..
عمّار : أرجوك .. اطلب من العفريت دخان أن ينقذ حماري من الذئب الجوعان ..
شعبوذ : (بعد استشارة الكرة) إنقاذ الحمار من الذئب الجوعان يحتاج إلى جرة من دبس الرمان
عمّار : سآتي لك بهذه الجرة غداً...
شعبوذ : قلت لك ليس لي .. ألا تفهم ؟!
عمّار : حاضر. حاضر للعفريت دخان
شعبوذ : يالطيف .. يالطيف .. اللّه أكبر
عمّار : (مذعوراً) ماذا حدث أيضاً؟
شعبوذ : حمارك اللعين يستعد الآن للقفز فوق سور الصين. وإذا لم تقدم سلة من التين فلن تراه يا مسكين!
عمّار : سور الصين ..!
شعبوذ : ادفع يا عمار قبل أن يطير الحمار
عمّار : سأدفع .. سأدفع .. اللعنة على هذا الحمار...
شعبوذ : والآن سأغنّي لحمارك أغنية سحريّة ..
( يدخل في أثناء ذلك دحروج جاراً الحمار بردوع ، ويقف في طرف المسرح دون أن يراهما أحد.)
شعبوذ : ما اسم حمارك.؟
عمّار : بردوع .. بردوع
شعبوذ : واسم أبيه ؟
عمّار : أبوه بردع .. وأمه بردوعة وأخوه بردعان
شعبوذ : أسماء لطيفة (يغني )
يا بردوعْ يابردوعْ
عُدْ لصاحبكَ المفجوعْ
لا تهربْ أبداً لا تهربْ
بل ارجعْ .. ارجعْ برجوعْ
صاحبُك يبكي لفراقك
وعيونه مثلُ اليبنوعْ
عمّار : (يبكي) آه.. آه ... نعم عيوني في البكاء مثل الينبوع.. آه..آه..(يندفع الحمار نحو عمار وهو ينهق ويدفع شعبوذ في طريقه فيسقط على الأرض..)
عمّار : (وهو يعانقه) حماري .. حماري العزيز
شعبوذ : (مازال على الأرض) أرأيت ؟لقد عاد من البلاد الصينية ، بفضل أغنيتي السحرية ..
دحروج : كلا .. لقد وجدته قرب حقل البرسيم يتشاجر مع حمار قرشون .. (يأخذ عمّار حماره ويخرج)
شعبوذ : إلى أين؟
عمّار :إلى بستاني..
شعبوذ : وأجرتي .. اقصد أجرة العفريت دخان
عمّار : خذها أنت وعفريتك (يضحك ساخراً) من بلاد اليابان ..( يخرج مع الحمار)
شعبوذ : لقد أفسدت كل شيء يا أحمق ..
دحروج : أنا لا علاقة لي ..
شعبوذ : (ينهض) ماذا تريد؟
دحروج : سيدي قرشون يريدك في الحال
شعبوذ : لماذا؟
دحروج : هناك عاصفة قادمة
شعبوذ : ومن قال ذلك؟
دحروج : الببغاء فصيح
شعبوذ : يا سلام .. صاروا يصدقون الببغاء فصيح .. لماذا لا يسألونني أنا؟
دحروج : أسرع الآن لترى قرشون فهو خائف على سفينته من العاصفة
( يجمع شعبوذ أدواته ويضعها في كيس ثم يخرج مع دحروج)
( إظلام )
المنظر الرابع
( دكان قرشون .. صوت الريح قد اشتد ، قرشون يقف في المكان المرتفع ويراقب البحر بمنظاره وهو قلق ، ذئبان يقف على باب المخزن، خميس يحمل ببغاءه).
قرشون : لا يوجد في البحر أية سفينة
فصيح : عاصفة .. عاصفة .. عاصفة
قرشون : هذا الببغاء اللعين يهيج أعصابي أسكتوه
خميس : اسكت يا فصيح
( يدخل رضوان وجمانة )
رضوان : هل من أخبار عن السفينة والبّحارة يا سيد قرشون ؟
قرشون : (وهو يهبط) كلا .. كلا .. (يعطي المنظار لذئبان الذي يصعد مكانه)... مصيبة ... مصيبة .. السفينة فيها بضاعة بأكثر من ألف دينار ..
رضوان : لقد صنعت لك خمسين صندوقاً ما طلبت ..
قرشون : وماذا تنفعني صناديقك إذا غرقت سفينتي (صوت الريح يشتد) ألم يحضر الساحر شعبوذ حتى الآن؟
خميس : لقد ذهب دحروج لإحضاره
قرشون : اللعنة على الاثنين .. (لذئبان) هل ترى شيئاً في الأفق ؟
ذئبان : كلا يا سيدي
قرشون : إذ غرقت سفينتي فسوف تكون نهايتي حتماً (يأتي بورقة وقلم ويحسب) ، ثمن السفينة ألفان.. ثمن البضاعة ألف دينار .. ياويلي .. ياخراب بيتي .. سأخسر ثلاثة آلاف ومئتي دينار .آه..آه..
جمانة : أنت لا تفكر إلا في السفينة والبضاعة..
قرشون : وبماذا تريدينني أن أفكر ؟
جمانة : بعمّي مرزوق والبحارة فارس وديب وعادل .. ألا تفكر بنجاتهم قبل سفينتك ؟
قرشون : لن ينفعني نجاة البحارة إذا غرقت سفينتي
جمانة : حياة كلّ بحار أفضل من سفينتك وماعليها ألف مرة ..
قرشون : أنت قليلة الأدب
رضوان : أنا لا أسمح لك بإهانة ابنتي
قرشون : ولكنها خبيثة وقليلة الأدب أيضاً
رضوان : كلا .. ابنتي لم تقل إلا الحق .. حياة البحارة أهم كثيراً من سفينتك...
قرشون : هكذا إذاً .. حسن .. لن أشتري منك الصناديق أو أعطيك قرشاً واحداً..
رضوان : أنت الذي طلبتها
قرشون : لم أعد بحاجة إليها
ذئبان : (يهبط ذئبان ويهدد رضوان) سيدي يقول إنه لم يعد بحاجة إلى الصناديق ألا تفهم؟
(يدخل شعبوذ حاملاً أدواته ومعه دحروج)
قرشون : وصلتَ أخيراً يا شعبوذ العاصفة ستخرب بيتي. أوقفها قبل أن تشتدّ وتحطم السفينة ..
شعبوذ : ومَنْ الذي تنبأ بقدوم العاصفة؟
فصيح : أنا .. أنا !..
شعبوذ : لا .. لا .. هذا اعتداء خطير على اختصاصي في التنبؤ بالأحوال الجوية
دحروج : (يشهر سيفه الخشبي) أنا أقترح ذبح الببغاء مع أن لحمه ليس لذيذاً (خميس يخاف ويأخذ ببغاءه بعيداً)
فصيح : (يصرخ) دحروج جزّار ... دحروج جزّار
دحروج : (يهاجم خميس والببغاء) سأقطع رأس هذا الببغاء وأتعشّاه هذه الليلة
( خميس يتناول عصا ويبارز دحروج مدافعاً عن ببغائه ، الببغاء يشجع خميس)
قرشون : (يتدخل بينهما) كفى أيُّها الحمقى (يضربهما بسوطه) العاصفة قادمة وأنتم تتشاجرون كالحمير (لشعبوذ) .. أسرع وخلصنا
( يُخرج شعبوذ قطعة قماش عليها رسوم غريبة ويربط زواياها بمرس)
شعبوذ : فليمسكْ كلّ واحد بطرف من أطراف هذا الشراع المانع للعواصف (يمسك كلٌّ من ذئبان وخميس ودحروج وقرشون بأطراف الشراع )
هيا قفوا في مواجهة الريح القادمة من البحر (يقفون باتجاه البحر) عندما تأتي الريح العاصفة من كهف الرياح فسوف تصطدم بهذا الشراع فتعود هاربة كأنها دجاجة خائفة ... هيا أسرعوا معاً
إلى الأمام ... (يتقدم الأربعة حملة القماش إلى الأمام تشتد الريح) تقدّموا تقدّموا يا رجال كالأفيال .. (قرشون يغني.)
هيا اهربي يا عاصفةْ
مثلَّ الدجاجة الخائفةْ
عودي إلى كهف الجبلْ
قد جاء شعبوذُ البطلْ
( تشتد الريح .. أصوات برق ورعد .. يتراجع حملة الشراع ويحاول شعبوذ دفعهم من الخلف في مواجهة الريح التي تشتدّ لكنهم يتراجعون جميعاً ويسقطون بعضهم فوق بعض ... إظلام ، برق ، رعد ، ريح ، ... أصوات أمواج ثائرة ، تهدأ الأصوات شيئاً فشيئاً ... هدوء .. أصوات نوارس ... يرتفع غناء البحارة من بعيد وهم قادمون .. إضاءة .. نلمح شراع السفينة في عمق المسرح ..)
البحارة : (يغنون )
عُدنا من أعماقِ البحرِ
نشتاقُ لعناقِ البّرّ
قاومْنا الريحَ الجبارْ
صارعنا أمواج البحر
قائِدُنا قبطانٌ ماهرْ
أنقذَنا من ليلِ الخطر
( تتقدّم السفينة من العمق بشراعها .. يخرج قرشون وجماعته من مخابئهم في الدكان أو بين الصناديق كما يخرج رضوان وجمانة ... تتوقف السفينة ويهبط منها البحارة ... فارس ، عادل، ديب ، مرزوق ... يتقدمون من العمق نحو خشبة المسرح وقد ظهر عليهم التعب والإرهاق ، يركض شعبوذ وقرشون ودحروج وخميس نحو السفينة ليتفقدوها .. العم مرزوق يعانق رضوان وجمانة ... رضوان وجمانة يهنئان البحارة بالسلامة)..
رضوان : الحمد للّه على سلامتكم جميعاً ...
مرزوق : سلّمك اللهُ يا رضوان ... كيف حالُك يا جمانتي.؟
جمانة : أنا بخير .. خفنا عليكم كثيراً
فارس : لولا مهارةُ العم مرزوق لكنا الآن مع السفينة في أعماق البحر
مرزوق : لا تقل هذا يا فارس لقد كنتم جميعاً أبطالاً في مقاومة العاصفة
جمانة : عندي لكم أخبار جيدة
مرزوق : ماهي؟
جمانة : (تخرج الرسالة .. يدخل أثناء ذلك شعبوذ ،) لقد أرسل هشام هذه الرسالة من الميناء الكبير
( مرزوق يقرأ الرسالة فرحاً... يدخل قرشون وذئبان وفهيم فيخفي مرزوق الرسالة .)
قرشون : البضاعةُ ناقصةٌ يامرزوق
مرزوق : لقد اضطررنا إلى رمي قسم من حمولة السفينة في البحر أثناء العاصفة
قرشون : ولكن البضاعة التي رميتموها تساوي ثلاث مئة دينار
مرزوق : احمد اللّه لأنّ البحارة والسفينة قد وصلوا سالمين
قرشون : أنا لا علاقة لي بالبحارة .. وأريد بضاعتي سالمة كاملة .. تامة .. مفهوم ؟
فارس : لولا رمي البضاعة في البحر لكنّا جميعاً في أعماق البحر
قرشون : أنا لن أتحمل أيّة خسارة
مرزوق : مًنْ يتحمّلها إذاً؟
قرشون : أنتم طبعاً.. وسأخصم عليكم ثَمن البضاعة من أجرتكم .. هه (يبدأ حساباته) ..
رضوان : لكنّ البحارة لا ذنب لهم
قرشون : (لا يرد ويتابع حساباته) أجرةُ البحار في اليوم ديناران .... بقيتم عشرين يوماً في البحر... ثمن البضاعة ثلاث مئة وأربعون ديناراً ...(يخرج كيساً) .. خذوا أجرتكم...
مرزوق : (دون أن يأخذ الكيس) ماهذا؟
قرشون : كيس فيه عشرون ديناراً بالتمام والكمال
مرزوق : لكن أجرة البحارة بعد عشرين يوماً من السفر والعذاب ثلاثمئة وستون ديناراً
قرشون : أعرف ولكني خصمت ثمن البضاعة التي قذفتم بها في البحر دون رحمة
قارس : إنّ هذا المبلغ لا يكفي ثمن خبز لأولادنا..
ذئبان : هل ستأخذون المبلغ أم لا..؟
مرزوق : ... كلا... احتفظْ به لنفسك .. (ينصرف غاضباً مع البحارة )
قرشون :( ساخراً) .. مع السلامة .. (يعيد المبلغ إلى جيبه) ستعودون رغماً عنكم وتعملون على سفينتي...
شعبوذ : سفينة سيدي هي الوحيدة في هذه المدينة
( يضحك قرشون ويتبعه رجاله حتى الببغاء).
فارس : (يتوقف مع البحارة) لا تضحكوا كثيراً
قرشون : لماذا؟
مرزوق : لأن المنتصر هو الذي سيضحك في النهاية (يخرج مرزوق مع البحارة)..
قرشون : هل تعرفون ماذا يقصد ؟
دحروج : يقصد بأننا سنضحك أولاً وهم سيضحكون أخيراً (يضحك )..
قرشون : (يضربه فيسكت) اخرس يا غبي (بمكر) أنا واثق أنهم يدبرون مؤامرة ضدي في الخفاء ...(يصرخ) شعبوذ..!
شعبوذ : حاضر يا سيدي ..
قرشون : (يحاول أن يهمس لشعبوذ ولكن دحروج يقترب منهما متوهماً أنهما يتحادثان عن وليمة) اسمع ياشعبوذ .. تلحق حالاً بالبحارة فأنا أتوقع (ينتبه إلى وجود دحروج يتنصت) ماذا تفعل يا دحروج؟
دحروج : أريد أن أعرف مكان الوليمة ..
قرشون : أية وليمة؟
دحروج : التي تريد إرسال شعبوذ إليها دون أن تخبرني
قرشون : (يضربه ويطارده) سأرسلك إلى وليمة في جهنم أيها الحوت الشره (يهرب دحروج .. يعود قرشون لإكمال أوامره لشعبوذ ... يعود دحروج محاولاً التنصت من بعيد) اسمع .. تلحق حالاً بالبحارة وتتسلل خلفهم فأنا واثق أن مرزوق الماكر وأعوانه يدبرون مؤامرة ضدي .. هيا بسرعة ...(يسرع شعبوذ للحاق بالبحارة... يحاول دحروج اللحاق به لكن قرشون يمسك به) .. إلى أين؟ هيّا أنزل البضاعة من السفينة مع ذئبان وخميس ..
خميس : وأين نضعها ؟
قرشون : في المستودع طبعاً .. هيا بسرعة
قرشون : (ينتزع القفص) اترك القفص الآن وأسرع لتفريغ السفينة ..
فصيح : (يصرخ) قرشون شرير .. قرشون شرير ..
( يغطيه قرشون فيسكت )
- إظلام -
الـمنظر الـخامـس
( دكان النجار .. مرزوق ، رضوان ، فارس ، عادل ، ديب ، يتناقشون وقد ارتفع صياحهم)
فارس : لم نعد قادرين على احتمال قرشون أكثر من ذلك
عادل : إنه يسرقنا ..
ديب : أنا لن أعمل عنده
فارس : وأنا أيضاً
مرزوق : اطمئنوا.. لقد اقترب موعد الخلاص
فارس : كيف ؟
( يدخل شعبوذ متسللاًً ويستمع ‘إلى حديث البحارة وهو متنكر )
مرزوق :( يخرج رسالة هشام) هذه رسالة من هشام ويقول فيها أنه سيصل إلى المدينة بعد غدٍ ...
عادل : وهل تعلم مهنة بناء السفن ؟
مرزوق : نعم وسوف نبني معاً سفينتنا بأيدينا..
فارس : ونتخلص من ظلم قرشون..
ديب : ومن أين سنأتي بالخشب لبناء سفينتنا ؟
رضوان : من غابة الصنوبر الشمالية
ديب : يقولون بأنها مليئة بالأشباح والأرواح الشريرة
مرزوق : هذا كلام فارغ ينشره شعبوذ الدّجال (تدخل جمانة فترى شعبوذ وحين يلمحها يهرب بسرعة ..)
جمانة : (تصرخ) من أنت ؟ .. (تلاحقه قليلاً ثم تعود...)
رضوان : ماذا حدث يا جمانة ؟
جمانة : كان هناك شخص يتجسس عليكم وقد سمع كل الكلام ..
فارس : وهل عرفته ..؟
جمانة : كلا ... لقد كان متنكراً
مرزوق : لقد أرسله قرشون حتماً
عادل : وما العمل ؟ لقد عرف الجاسوس موعد قدوم هشام حتماً..
رضوان : لابد من حماية هشام قبل أن يعتدي عليه قرشون ورجاله
جمانة : سأذهب أنا وفارس وعادل لملاقاته وتحذيره في الطريق ...
جمانة : أنا عندي خطة لحماية أخي هشام من قرشون ورجاله..
مرزوق : ماهي يا جمانة ؟
جمانة : سأشرحها لكم ..
( تشرح الخطة همساً )
( إظلام )
المنظر السادس
( دكان قرشون ... ذئبان ودحروج وخميس ينقلون الأكياس والصناديق من السفينة نحو الدكان .. وقرشون يحصي الصناديق على دفتره)
قرشون : كم كيساً نقلت حتى الآن يا ذئبان ؟
ذئبان : تسعة يا سيدي
قرشون : وأنت يا خميس ؟
خميس : (يتذكر) لا أدري .. ربما كانوا ..
فصيح : سبعة .. سبعة
قرشون : يا سلام الببغاء يعرف وأنت لا تعرف .. (لدحروج) وأنت كم كيساً نقلت حتى الآن ؟
دحروج : (يعد على أصابعه) عشرين .. بل ثلاثين
فصيح : عشرة عشرة
دحروج : بل ثلاثين يا كذاب ..
فصيح :... عشرة .. عشرة... كذاب.. كذاب
دحروج : (يشهر سيفه الخشبي) اسمح لي يا سيدي بقطع رقبة هذا الببغاء ، خميس (يدافع عن ببغائه )
قرشون : كفى ياأحمق تضعُ عقلك في عقل الببغاء
دحروج : إنه خبيث يا سيدي ويكرهني
قرشون : اخرس (يدخل شعبوذ مضطرباً ومسرعاً).
شعبوذ : مصيبة. مصيبة.. يا سيدي
قرشون : مالذي حدث ؟
شعبوذ : هشام ابن النجار رضوان سيعود بعد غد من الميناء الكبير وقد تعلّم مهنة بناء السفن.
قرشون : ماذا تقول ؟!
شعبوذ : كماسمعت يا سيدي .. لقد رأيت الرسالة التي أرسلها من هناك ..
قرشون : ياويلي. ياويلي سيخربون بيتي .. متى سيعود ..
شعبوذ : بعد غد يا سيدي ..
قرشون : البحارة مخادعون. سأطردهم جميعاً من المدينة... سأخرب بيتهم
شعبوذ : لدي يا سيدي خطة للتغلب على البحارة .
قرشون : هل هي جيدة ؟
شعبوذ : إنها أحلى من العسل (ينتبه دحروج إلى كلمة عسل فيسرع نحو شعبوذ وقرشون)
دحروج : أين العسل ؟
قرشون : أيّ عسل يا غبي ؟
دحروج : ألم تقولوا بأنكم ستذهبون إلى وليمة العسل؟.
قرشون : (يضربه) اذهب من هنا فوراً..(يبتعد دحروج )
شعبوذ : (يهمس) يجب أن نخطف هشام قبل أن يصل إلى المدينة
قرشون : كيف ؟
شعبوذ : (يهمس) نذهب في الليل أنا وذئبان وخميس ويبقى دحروج هنا للحراسة
دحروج : هه أنا للحراسة .... وهم سيذهبون وحدهم لوليمة العسل .. لن أدعهم يذهبون وحدهم ...
( إظلام )
الـمنظر الــسابـع
( دكان قرشون. إضاءة خافتة تدل على قدوم الليل ... دحروج نائم وبيده رغيف. ذئبان وشعبوذ وخميس يرتدون ثياباً سوداء وأقنعة يستعدون للذهاب وصنع كمين لهشام ...يدخل قرشون حاملاً كيساً كبيراً)
قرشون : (يسلم الكيس لذئبان) أسرعوا الآن إلى خارج المدينة واختبؤوا على طريق الميناء الكبير بين الأشجار والصخور وعندما يمر هشام تخطفونه وتضعونه في هذا الكيس وتأتون به إلى هنا
خميس : وماذا ستفعل به ؟
قرشون : سأسجنه أولاً ثم ...( يزأر) سأقطع رأسه .. هيا أسرعوا ...
ذئبان : ومَنْ سيحرس المكان في غيابنا..؟
فصيح : أنا... أنا .. أنا.
قرشون : اخرس أنت .أيقظوا هذا الفيل بسرعة
ذئبان : (يوقظ دحروج) دحروج .. دحروج
دحروج : (ينهض مضطرباً) ماذا حدث ؟ ... هل الطعام جاهز ؟
قرشون : كلا. الحراسة هي الجاهزة
ذئبان : (يعطيه الرمح) خذ ,.. وقفْ مكاني..
دحروج : ولكنني جائع ولا أستطيع الوقوف
قرشون : ستأكل ّ عندما يعودون منتصرين ومعهم الأسرى والغنائم..
دحروج : هل سيذهبون إلى وليمة العسل؟
قرشون : كلا يا أحمق
دحروج : إلى أين سيذهبون؟
قرشون : إلى جهنم .. اسكت فقط وقف حارساً هنا فقط ... (لخميس وذئبان وشعبوذ) ... جاهزون..؟
شعبوذ : نعم
قرشون : (لخميس الذي يحمل الببغاء) وإلى أين تأخذ هذا الببغاء الثرثار ...؟
خميس : سآخذه معي.
قرشون : اتركه هنا سيفضحكم بصراخه (ينتزع قرشون الببغاء من خميس.)
خميس : سأشتاق إليه
فصيح : (يصرخ) شرير .. شرير ..
قرشون : سأخنق هذا الببغاء يوماً ما أمام عيونكم ..
دحروج : (يشهر سيفه) اسمح لي بقطع رأسه الآن يا سيدي ..
قرشون : (يضربه) عُدْ إلى مكانك ... وسوف يقف الببغاء حارساً معك ...
دحروج : ولكني أكرهه..
قرشون : اخرس ولا تسمعني صوتك ...(لخميس وذئبان وشعبوذ) هيا أسرعوا فقد انتصف الليل ..
ذئبان : ألن تذهب معنا ياسيدي ؟.
قرشون : كلا. سأعود إلى البيت. يجب أن أحسب ثمن البضاعة ...( يخرجون )
قرشون : اسمع يادحروج. إيّاك أن تغادر هذا المكان (يخرج قرشون ... يقوم دحروج بالحراسة متأففاً. تدخل جمانة وتستمع إلى حديث دحروج مع الببغاء)
دحروج : أرأيت يا فصيح لقد ذهبوا إلى وليمة العسل وتركونا هنا ؟
فصيح : عسل .. عسل .. عسل
دحروج : نعم عسل ونحن نحرس جائعين
(تظهر جمانة )
جمانة : مساء الخير يا دحروج. مرحباً يا فصيح
دحروج : أهلاً يا جمانة الحلوة
جمانة : ماذا تفعل هنا يا دحروج ؟
دحروج : أنا أحرس مخزن السيد قرشون
جمانة : يالك من مسكين يادحروج ....
دحروج : أنا مسكين
جمانة : وغبي أيضاً!
دحروج : أنا غبي (يضحك) أعرف هذا ولكن لماذا ؟
جمانة : ذئبان وشعبوذ وخميس ذهبوا إلى وليمة مليئة بالطعام ... وأنت هنا
دحروج : وأين هذه الوليمة؟
جمانة : في بستان الجوز على طريق الميناء الكبير
دحروج : وهل سيضعون في الوليمة فطائر العسل .. ؟
جمانة : طبعاً فطائر العسل ولحم الدجاج وطيور محشوة بالأرز والصنوبر .. وأرانب مشوية
دحروج : كفى ... كفى ... أرجوك أنت تعذبينني بهذا الكلام
جمانة : هذا ليس عدلاً ... أنت هنا جائع وهم يلتهمون كل هذه الطيبات
دحروج : وماذا أفعل ؟
جمانة : إلحق بهم
دحروج : سيعاقبني قرشون
جمانة : قرشون نائم الآن في بيته ... هيا أسرع والحق بهم
دحروج : أنا خائف
فصيح : جبان ... جبان
دحروج : (يشهر سيفه) سأقطع رأس هذا الثرثار
جمانة : (تدافع عن الببغاء) أنت لا تُظْهِرْه شجاعتك إلا أمام الببغاء
دحروج : ولكني خائف ... سيعرفونني إذا تبعتهم
جمانة : (تلقي إليه عباءة سوداء وقناعاً) خذ .. ارتد هذه الملابس ولن يعرفك أحد أبداً
دحروج : فكرة ذكية ... سألحق بهم دون أن يعرفوني ....
( يضع الرداء والقناع ثم يغادر المسرح في الاتجاه الذي خرج منه خميس وشعبوذ وذئبان )
( إظلام )
الـمنظر الثامن
( طريق فيه صخور وأشجار وأعشاب تصلح للاختباء .... أصوات الليل المعهودة... فارس وعادل ومرزوق يدخلون من يسار المسرح. ينتظرون عودة هشام)
عادل : هل أنتم واثقون أن هشام سيعود من هنا؟
مرزوق : نعم .. هذا هو طريق العودة
فارس : أخشى أن يكون قرشون وعصابته قد سبقونا
مرزوق : كلا ...الأفضل أن نختبئ حتى لا يرانا أحد (يختبؤون.... نسمع صوت هشام وهو يغني فرحاً بالعودة إلى بلده)
فارس : هذا صوت هشام ..
هشام : (يغني من خارج المسرح ثم يدخل حاملاً كيساً)
قد طال غيابي
عن بلدي الغالي
ما أحلى العودةْ
ولقاءَ صحابي
وسأبني معهم
مركبَ أحلامي
(يخرج إليه مرزوق وفارس وعادل ...)
هشام : عم مرزوق .( يعانقه فرحاً) فارس. عادل. (يعانقهما) كيف حالكم.؟.لماذا أنتم هنا ..؟
مرزوق : لا وقت للكلام الآن ... يجب أن تغير طريق العودة
هشام : مالذي حدث؟
مرزوق : ستعرف كل شيء في الطريق ... تعال الآن (يخرجون من عمق المسرح أو من الجهة التي جاء منها هشام .... فترة صمت قصيرة يدخل شعبوذ ثم ذئبان وخميس ومعهم الأسلحة والكيس)
شعبوذ : (يشير إليهم كي يتوقفوا) توقفوا .... المكان مناسب للاختباء ونصب الكمين..
شعبوذ : هل سيمر هشام من هنا ؟
شعبوذ : طبعاً ..( يخرج كرته البلورية) كرتي السحرية تقول بأنه قادم بعد قليل. هيا نختبئ بسرعة (يختبؤون يدخل دحروج متنكراً وهو يلتفت هنا وهناك...)
ذئبان : من هذا ..؟
شعبوذ : إنه هشام حتماً
خميس : ولماذا هو متنكر؟
شعبوذ : طبعاً ... حتى لا يعرفه أحد ..ولكنه قد نسي أني أمكر ساحر في العالم ..
ذئبان : استعدوا للهجوم .... واحد. اثنان. ثلاثة (يهاجمون دحروج من الأمام والخلف ذئبان يضربه بعصا على رأسه فيغمى عليه ، ويضعونه في الكيس ، ثم يربطون فم الكيس .. يحملونه بصعوبة..)
خميس : إنه ثقيل
شعبوذ : يبدو أنه كان يأكل كثيراً في الميناء الكبير
ذئبان : أسرعوا قبل أن يشاهدنا أحد هنا..
( يخرجون ...)
( إظلام )
الـمنظر التاســـع
(دكان قرشون .. الوقت عند الصباح ... يدخل قرشون ويبحث عن دحروج داخل الدكان وخارجه..)
قرشون : أين ذهب هذا اللعين ..؟ قسماً سأحرمه من الطعام شهراً كاملاً
فصيح : (يصرخ منادياً) خميس. خميس. خميس
قرشون : اخرس الآن، سيعود خميس ومعه كيس من اللوز والفستق ..
فصيح : كذاب. كذاب
قرشون : (يغطي قفص الببغاء الذي يبقى صارخاً... ثم يهدأ يدخل ذئبان وشعبوذ وخميس وهم يحملون دحروج ... يضعونه في منتصف الخشبة ... قرشون يدور حوله فرحاً ظافراً)
قرشون : أهذا هوهشام؟
شعبوذ : نعم يا سيدي
ذئبان : خطفناه قبل أن يصل المدينة
قرشون : هاتوا العصا (يعطونه العصى فيبدأ يضربه) خذ. خذ. تريد أن تبني سفينة يالعين حتى تخرب بيتي .. خذ ... (دحروج يصرخ.)
دحروج : (من داخل الكيس) آخ ... آخ... توقفوا أرجوكم ...
قرشون : (ينتبه للصوت) ماهذا؟
فصيح : (يصرخ) دحروج دحروج. دحروج
قرشون : أسكتوا هذا الببغاء قبل أن أصاب بالجنون ... (خميس يسكت الببغاء ويطعمه )
قرشون : (يضرب دحروج ودحروج يصرخ ... يتوقف قرشون عن الضرب وقد ساورته الشكوك...) هل أنتم واثقون من أن الذي في الكيس هو هشام؟
شعبوذ : طبعاً يا سيدي
قرشون : (يلتفت) أين دحروج ؟ ... هل رآه أحد منكم؟
ذئبان : كلا
شعبوذ : أنا سأعرف أين هو ... (يخرج كرته البلورية) أيها العفريت كربوج أظهر لنا أين يختفي دحروج.... اظهر وبان ... اظهر وبان
قرشون : ألم يظهر بعد.؟
شعبوذ : كلا
خميس : ربما كان في وليمة ....(يضحك مع الببغاء)
قرشون : اخرس ... أنت وهذا الطائر السخيف..
خميس : هل تريدون ظهور دحروج ..؟
قرشون : طبعاً ... أريد أن أعاقب هذا الأحمق على تركه مخزني دون حراسة ...
خميس : سأخرجه لكم (يصرخ ويتبعه الببغاء) حان موعدُ الطعام ... تفضلوا على الكباب ... حان موعد الطعام. تفضلوا على الكباب
( دحروج يشق الكيس بسرعة هائلة ويخرج كالصاروخ، وسط دهشة الجميع.)
دحروج : أين الطعام ...؟ أين الطعام ..؟
قرشون : يا إلهي ... ! ماهذا ؟ ماالذي جاء بهذا الأحمق إلى هنا ..؟
دحروج : أين الطعام ؟
قرشون : (يضربه) هاهو ..... (يهرب دحروج) ...(لشعبوذ) ماالذي أدخل دحروج إلى الكيس ..؟
شعبوذ : ربما كان هشام ساحراً يا سيدي وخطف دحروج وأدخله إلى الكيس...
قرشون : اخرس .... سأعاقبكم جميعاً (لدحروج الذي عاد) وأنت ماذا كنت تفعل في الكيس؟
شعبوذ : كنت ذاهباً إلى الوليمة ...
قرشون : أية وليمة ..؟
دحروج : التي ذهب إليها شعبوذ وذئبان وخميس...
قرشون : ومَنْ قال لك إنهم ذهبوا إلى الوليمة ...؟
دحروج : جمانة ابنة النجار...
قرشون : يالها من فتاة ماكرة ... لقد ضحكت عليكم يا أغبياء .... أرسلكم لإحضار هشام فتأتون بهذا الدب الأحمق ...
دحروج : أنا أحتج على هذه الإهانة ..
قرشون : (يضربه) اخرس ... نحن نضيع الوقت في السخافات والبحارة يخططون لبناء السفينة ..
شعبوذ : لدي فكرة ياسيدي ...
قرشون : أفكارك سخيفة مثل عقلك ...
شعبوذ : اسمعني لحظة ... يا سيدي... أرجوك..
قرشون : تفضل ...
شعبوذ : من أين سيأتي البحارة بأخشاب لبناء السفينة ..؟
قرشون : من الغابة طبعاً ..
شعبوذ : (يبتسم ابتسامة ذات معنى) ولكن الغابة ليست ملكاً لهم ...
قرشون : ماذا تعني ؟... لم أفهم ...
شعبوذ : تدّعي يا سيدي .. بأن هذه الغابة ملكٌ لجدك ...
( يتابع خطته هامساً )...
قرشون : وإذا لم تنفع الخطة ؟
شعبوذ : سوف نحرق الغابة ونحرمهم من أية شجرة...
ذئبان : أنا جاهز لإحراق أي شيء...
قرشون : هيا بنا ....
( إظلام )
الـمنظر العاشــر
( دكان النجار رضوان حيث نرى البحارة يستعدون للذهاب إلى الغابة ومعهم المناشير والفؤوس والحبال .. هشام يحمل لوحة سفينة يريها لوالده وللعم مرزوق )..
هشام : سنصنع مثل هذه السفينة .. لاحظوا أن المستودع فيها يتسع لبضائع كثيرة...
مرزوق : كم شراعاً ستجعل لها ..؟
هشام : تسعة أشرعة ..
ديب : وكم شهراً يستغرق بناء السفينة..؟
هشام : عشرة أشهر ...
ديب : ومن أين سنأكل مع أطفالنا خلال هذه المدة..؟
مرزوق : قسم من البحارة سيبني السفينة وقسم آخر سوف يصيدون السمك لإطعام الجميع ..
رضوان : المهم الآن أن نجهز الخشب اللازم لصنع السفينة (يستعدون للذهاب...)
فارس : أسرعوا قبل أن ترتفع حرارة الشمس ..
( يدخل قرشون وشعبوذ وذئبان وخميس الذي يحمل قفص الببغاء ..)
قرشون : (ساخراً) إلى أين ؟
مرزوق : إلى غابة الصنوبر ...
قرشون : وماذا ستفعلون هناك ..؟
مرزوق : سنقطع بعض الأشجار لبناء سفينة...
فارس : ولن نعمل على سفينتك أبداً بعد الآن ...
قرشون : (يصرخ) وهل أخذتم إذناً مني بدخول الغابة ...؟
مرزوق : وما علاقتك أنت بأشجار الغابة..؟
قرشون : يبدو أنكم لا تعرفون أن هذه الغابة ملكي أنا ولن أسمح لكم بقطع غصن واحد..
مرزوق : هذا غير صحيح ... الغابة ملك للجميع...
قرشون : (يخرج صكاً قديماً) انظروا إذاً ..... هذا العقد يثبت أن الغابة ملك لجدي قرشان الثاني وقد اشتراها من الملك أبو صفصافة ..
مرزوق : الغابة لأهل المدينة جميعاً منذ مئات السنين ...
قرشون :.إقرأ لهم عقد البيع يا شعبوذ ..
شعبوذ : حاضر يا سيدي (يقرأ العقد) أنا الملك المعظم أبو صفصافة ملك البر والبحر والغابات الخضر قد بعت لصديقي قرشان الثاني غابة الصنوبر المحبوبة بمبلغ ألف دينار وقد قبضتها واشتريت بها حصاناً وغزالين ... التوقيع... الملك أبو صفصافة ...( ينتهي من قراءة العقد) انظروا هذا هاهو توقيع الملك ...
هشام : هذا العقد مزور..
قرشون : هذه إهانة وأنا لن أسمح بإهانة جدي قرشان رحمه الله أبداً ... أبداً ..
رضوان : ومن أين نعلم أن هذا توقيع الملك كما تدعي ..؟
قرشون : اسألوا جدي قرشان ..
مرزوق : كيف نسأله وقد مات منذ مئات السنين...
قرشون : نعم لقد مات ,.... ولكن روحه كانت متعلقة بالغابة فسكنت في إحدى الأشجار..
مرزوق : هل تعني بأن روح جدك قرشان تسكن في إحدى أشجار الغابة...؟
قرشون : نعم ويمكنكم أن تسألوها عن الحقيقة ..
مرزوق : (يشير إلى الجميع كي يوافقوا) حسن ... سنذهب جميعاً ونسأل الشجرة ..
قارس :ولكن هذه خدعة ...
قرشون : إياك أن تعيد هذا الكلام وإلا تحولت على يد جدي إلى بجعة ...
( يخرجون جميعاً ...)..
( إظلام )
الـمنظر الحادي عشر (الأخير )
( الغابة ... عدد من الأشجار على المسرح تمثل غابة ... هناك شجرة ضخمة لها شكل غريب تصلح للاختباء في جوفها ... يخرج منها دحروج الذي يبدو وكأنه جائع وقد ملّ الانتظار )
دحروج : أنا جائع ... خمس ساعات هنا وأنا أنتظر داخل هذه الشجرة اللعينة ... قال لي شعبوذ أنت جدّ المليونير الديناري قرشان ... أنا لا أصدق هذا الكلام ... كيف أكون جداً غنياً وأنا لا أملك رغيفاً واحداً ... هل رأيتم مليونيراً يسكن في شجرة ..؟ لقد وعدني قرشون أن يجلب لي كباباً إذا اتبعت نصيحته ..
( يصغي) إنني أسمع أصواتاً ... (يختبئ في قلب الشجرة ... يدخل قرشون ورجاله ثم يدخل البحارة ورضوان وهشام وجمانة...)
قرشون : هاهي الشجرة المسحورة المباركة ... التي ترقد فيها روج جدي قرشان ... رحمه اللّه ...( يسلم على الشجرة) مرحباً يا جدي ...!
دحروج : (من داخل الشجرة) أهلاً يا قرشون...
قرشون : كيف حالك يا جدي ...؟
دحروج : بخير ولكني جائع .. هل أحضرت لي كباباً كما وعدتني ...؟
قرشون : سأحضر لك فيما بعد ، غداً إن شاء الله ...
دحروج : غداً أكون قد متُّ من الجوع...
قرشون : ولكنك ميت يا جدي ... هل نسيت..؟
دحروج : معك حق ... نسيت ... مَنْ هؤلاء الأشرار ... الذين جلبتهم إلى هنا لإزعاجي...؟
قرشون : إنهم من سكّان الخليج الأزرق يا جدي...
دحروج : ولماذا جاؤوا إلى الشجرة المباركة..؟
قرشون : يريدون أن يطرحوا بعض الأسئلة..
دحروج : أنا مستعد ولكن ... الويل كل الويل لمن لا يصدق إجابتي ... سأعمي عيونه ... وأسلخ جلده ... وأسحب عظامه من لحمه وأشوي جسده بلعناتي ..
ديب : يا لطيف ... أنا خائف ياعم مرزوق ....
مرزوق : لا تخف ياديب وانتظر حتى النهاية ...
قرشون : هيا اسألوا جدي قرشان عمّا تريدون...
هشام : هذا احتيال ...
قرشون : (ثائراً) يا لطيف ... اسكت... اسكت ...
دحروج : مَنْ يقول هذا الكلام ...؟
شعبوذ : إنه هشام ..
دحروج : ابتعدوا عنه ابتعدوا ... سأحوله إلى فرخ حمام حتى يتعلم أصول الكلام ..
قرشون : سامحه يا جدي .. أرجوك ... (لهشام) هيا اعتذر من جدي ...(هشام يبتعد غاضباً .. دحروج يخرج من الشجرة دخاناً...) ... لا تغضب يا جدي ,... أرأيتم؟! إنّ روحه غاضبة .... سوف يحرق الغابة إذا لم تصدّقوه ... هيا اسألوه بسرعة...
مرزوق : لمَنْ هذه الغابة ..؟
دحروج : أنا مستعد للجواب إذا أتيتم لي
بصحن كباب ...
قرشون : (غاضباً) الأرواح لا تأكل الكباب ... يا أعز الأصحاب ... مَنْ باعك هذه الغابة قبل أن تموت يا جدي...؟
دحروج : باعني إياها الملك صفصافة ... آه ... أنا جائع ...
فصيح : (يصرخ) دحروج ...دحروج...
قرشون : أسكتوا هذا الطائر الأحمق (ينتبه هشام لصياح الببغاء ويبدأ بالدوران والبحث حول الشجرة ..) ..
قرشون : وبكم اشتريت هذه الغابة يا جدي...؟
دحروج : بألف دينار ...
قرشون : هل تسمح لأحد بقطع غصن واحد منها..؟
دحروج : كلا ... كلا ... أنا جائع ...
فصيح : (يصرخ) دحروج ....دحروج....
قرشون : (يطرد خميس مع الببغاء ..) هيا انصرف من هنا إن ببغاءك الغبي يزعج جدي في شجرته ...
ديب : الأفضل يا سيدي أن نبتعد عن هذه الغابة...
فارس : وكيف نبني السفينة دون خشب...؟
ديب : ألم تسمع ما تقوله الشجرة ..؟
عادل : ستؤذينا جميع الأرواح الشريرة التي تسكن في هذه الغابة ..
هشام : (بعد أن اكتشف حيلة قرشون) هذه الغابة لا يوجد فيها أرواح .... هاتوا المنشار..
قرشون : ماذا ستفعل ...؟!
هشام : سأقطع الشجرة ...( يتراجع الجميع خائفين..)
شعبوذ : هل أنت مجنون ؟ سيحل عليك غضب جميع الأرواح الشريرة ..
هشام : لا تخافوا .. تعالي يا جمانة ... (تقترب جمانة وتمسك معه الطرف الآخر للمنشار ويبدأان بقطع الشجرة ... يركض قرشون وذئبان للدفاع عن الشجرة ..)...
قرشون : لن أسمح لكم بقطعها ...
هشام : لماذا ..؟
قرشون : لأنها مقدسة يسكن فيها جدي قرشان..
هشام : هذه حيلة تريد بها إبعادنا عن أشجار الغابة ... (مرزوق والبحارة يتشجعون ويبعدون قرشون وذئبان ... يتابع جمانة وهشام قطع الشجرة ودحروج ينفث دخاناً ....)
قرشون : انظروا ... انظروا ... أنتم تطردون روح جدي ... اللعنة عليكم ... (يتابع هشام نشر الشجرة ..) فجأة نسمع صراخ دحروج ... قرشون ورجاله يهربون وعادل يتبعهم ..)
دحروج : (يصرخ من داخل الشجرة ..) توقفوا أرجوكم .. توقفوا عن قطع الشجرة ... آه ... (يخرج دحروج وهو بحالة سيئة يحاول الهرب لكن بعد مطاردة يقبض البحارة على دحروج ..)
مرزوق : ماذا تفعل داخل الشجرة ...؟
دحروج : لقد طلب مني قرشون أن أدخل هذه الشجرة وأدعي بأنني جده قرشان الثاني صاحب الغابة ...
مرزوق : هذا يكفي .... لقد عرفنا كل شيء ... (يدخل عادل صارخاً ..)
عادل : قرشون ورجاله يشعلون النار في الغابة (تظهر خلف المسرح نار متراقصة ... ونسمع أصوات حريق ... يظهر قرشون وذئبان وهما يحملان مشعلين ..)
قرشون : سنشعل النار في الغابة ونحرمكم منها ...
( يحاولون إشعال النيران لكن البحارة يتصدون لهم ... يهربون ... يلاحقهم البحارة ... يهربون من اليسار... يظهر شعبوذ من اليمين حاملاً مشعلاً ... يلاحقه فارس ويهرب .... إطفاء وإضاءة عامة .... تظهر بعض الأشجار محروقة ... يدخل مرزوق والبحارة وهم متعبون وآثار السواد والحروق على أيديهم ووجوههم ...)
مرزوق : الحمد للّه ... لقد أطفأنا جميع الحرائق التي أشعلها قرشون ورجاله...
( يدخل فارس وعادل ..)
مرزوق : ما الأمر يا فارس ...
فارس : لقد هرب قرشون ورجاله في سفينة ثعبان البحر ...
مرزوق : هذا أمر طبيعي ... فهو لن يستطيع الحياة في هذا الميناء بعد الآن ....
ديب : ربما عادوا لإحراق الغابة ..
مرزوق : سوف ننظم الحراسة ..
رضوان : ونزرع أشجاراً مكان كلّ شجرة محترقة ...
هشام : حان الوقت لصناعة السفينة التي نحلم بها ...
مرزوق : إلى العمل ..
( يبدأ الجميع العمل لبناء السفينة ... جلب جذوع أشجار النشر ... تجهيز الأشرعة .... صنع المجاذيف مع غناء يدل على حبهم للبحر ... والعمل على التحرر من الظلم ..)
البحارة يغنون :
يامركبَ الأحلامْ
يا نجمةَ البحارُ
آلتْ سواعدُنا
نبنيك ليلَ نهارْ
هيا ارفعوا الساري
أعلى من النجومْ
وانشروا الشراعْ
يسابقُ الغيومْ
هيا بنا شرقاً
نسعى إلى اليابانْ
نمضي لبحر الصين
نمضي إلى اليونانْ
لكننا دوماً ..
سنعودُ للأوطانْ
( إظلام )
النهاية ..
مسرحية :
الأعداد السكّريّة
الشخصيات ..
1- فارس
2- برهان
3- زهر اللوز
4- حربوص
5- فلفلة
6- القاضي عبد الحق
7- المعلم غزال
8- الشرطي كرباج
9- اللص ..
10- الوزير عابس ..
11- المعلم كشتبان ..
الـمشهد الأول
( المسرح خال ... تتصاعد الموسيقا شيئاً فشيئاً ... يدخل الممثلون بثياب الشخصيات مع حركات راقصة مرحة وهم يغنون مرحبين بالأطفال...)
الممثلون (يغنون) :
أهلاً أهلاً أهلاً
أهلاً بالأحبابْ
رقصَ القمرُ وغنّى
حين أتى الأصحابْ
معنا لكم قصّة
من ماضي الأزمانْ
وسنرويها لكمُ
في مسرحنا الآنْ
( يعرّف الممثلون بأنفسهم ..)
فارس : اسمي ... أنا فارسْ .. أنا أكره الحسابْ والجبر ذا الصعابْ .... في الهندسة لا تسألوا لا أعرفُ الجوابْ..
رهان :
اسمي أنا برهانْ
أنا تاجر فهمانْ
لكنْ جسمي غدا
عاجزاً تعبانْ
وأصعبُ المشاكلِ
ابني أنا الحيرانْ
زهر اللوز :
اسمي اسمي زهرُ اللوزْ
عندي في السوق دكانْ
تحوي أعشاباً طبيةْ
تشفي العاجز والمرضانْ
تقهر أعشابي الآلامْ
ليعمّ الفرحُ الإنسانْ
حربوص :
أنا حربوصْ
أنا حربوصْ
أنا شريرٌ
أنا منحوسْ
لصٌ خدّاعٌ
جاسوسْ
القاضي :
وأنا القاضي الشطور
عبد الحق المشهورْ
أحكم بين الناسْ
بالعدل المشهورْ
كرباج :
قد جاءكم كرباجْ
بسيفه البعّاجْ
يطاردُ اللصوص
كأنهم دجاجْ
المجموع :
أحبابنا هيا انظروا
بعقولكم وقلوبكمْ
فنحن فوقَ المسرحِ
نسعى لأجل عيونكمْ
نسعى لأجل عيونكم
(يتراجع الممثلون وهم يرددون البيت الأخير )
( إظلام )
الـمشهد الثاني
( سوق شعبي قديم من أسواق الحكايا نرى فيه عدداً من الدكاكين بينها دكان التاجر برهان في صدر المسرح وتظهر في الدكان الأقمشة المختلفة كما علّقت على باب الدكان أثواب ملونة ، إلى اليمين قليلاً دكان طبيـبة الأعشاب الفتاة زهر اللوز ، الدكان مغلق وقد علقت لافتة في أعلاه تقول :
( طبيبة أعشاب / زهر اللوز) وصور لبعض الزهور والنباتات .. التاجر برهان وهو في حدود الخامسة والخمسين يقوم بترتيب الدكان وتسجيل بعض الحسابات في دفتر كبير ... يدخل حربوص المخادع ويراقب عمل التاجر برهان وقدوم زهر اللوز .. التاجر برهان يسعل ويضع يده على صدره ... يركض حربوص بلهفة كاذبة لمساعدة برهان ..)
حربوص : صحة .. صحة يا عم برهان ... هل تريد أية مساعدة ...؟
برهان : كلا .. كلا ..
حربوص : لقد أصبحت عجوزاً يا عم برهان والأفضل أن تبيعني هذه الدكان وتستريح في البيت أو تسافر في أنحاء هذه الدنيا ...
برهان : سأستريح بعد أن أعطي الدكان لأبني فارس ...
حربوص : (ساخراً) فارس ... (يضحك ساخراً) إنه لا يحسن شيئاً ولا يعرف حتى العد...
برهان : لقد أرسلته إلى المعلم غزال كي يعلمه الرياضيات
حربوص : لن تستفيد شيئاً ياعم برهان.. فارس لن يتعلم أبداً فهو يكره الرياضيات.
برهان : لن أفرط في هذه الدكان أبداً يا حربوص ...
حربوص : سأدفع لك ثمنها ألف دينار .. ما رأيك ...؟
برهان : كلا ,.. لن أبيع ...
حربوص : ألف ومئتي دينار..
برهان : قلت لك انصرف ... ألا تفهم ..؟
حربوص : سأذهب ... سأذهب ولكن ستكون هذه الدكان من نصيبي حتماً ... (يتجه حربوص نحو المدخل اليميني حيث يلتقي بالمرأة المحتالة فلفلة يتهامس حربوص معها فتخرج ثوباً وتتجّه نحو برهان ، حربوص وهو يراقب ما يحدث...)
فلفلة : (لبرهان) أريد إرجاع هذا ألثوب...
برهان : مَنْ فلفلة .. أي ثوب...؟
فلفلة : هذا الثوب لقد اشتريته من دكانك منذ ثلاثة أسابيع ..
برهان :اشتريته منذُ ثلاثة أسابيع وتريدين إرجاعه الآن..
فلفلة : لم تعجبني ألوانه .. (ترميه في الدكان) خذ ..
برهان : (يلتقط الثوب ويتفحصه) الثوب مستعمل ..
فلفلة : كلا ..
برهان : بل مستعمل .. انظري إلى هذه البقع والأوساخ ..
فلفلة : تذكرت ... لقد ذهبت به إلى عرس جارنا الفران أبو رغيف ولكنه لم يعجب النسوان في العرس ...
برهان : يا سلام .. ذهبت به إلى العرس وجئت تعيدينه الآن ..
فلفلة : نعم ..
برهان : (يرمي الثوب في وجهها) خذي الثوب وانصرفي من هنا ..
فلفلة : (تهدده) ألن تعيده ..؟
برهان : كلا ...
فلفلة : سأشكوكَ إلى القاضي عبد الحق..
برهان : اذهبي إلى العفاريت الزرق ....
فلفلة : هل تشتم القاضي عبد الحق وتقول بأنه عفريت أزرق ..؟!
برهان : أنا لا أشتم أحداً... خذي الثوب وانصرفي من هنا ..
فلفلة : (تنصرف وهي تهدد) سترى يا غشاش
برهان : أنا غشاش ... يا نصابة يا محتالة (يطاردها فتهرب .. يخرج حربوص من مخبئه ..)
حربوص : اهدأ ياعم برهان .. اهدأ (يعيده إلى الدكان ويجلسه على الكرسي ..) لقد كبرت على مهنة التجارة وأصبحت قليل الصبر ...
برهان : أرأيت ما تدعيه هذه الماكرة ؟!
حربوص : أصبح الناس كلهم ماكرين هذه الأيام، وأنا أرى أن تتخلص بسرعة من هذه الدكان وأنا مستعد أن أخلّصك منها ..( يخرج كيس النقود) وهذه ألف دينار..
برهان : (يرمي كيس النقود بعيداً ...) خذ دنانيرك وانصرف من هنا .. (يركض حربوص وراء كيس دنانيره ويضعه في عبّه .. تدخل الفتاة زهر اللوز متجهة إلى دكانها...)
زهر اللوز : صباح الخير ياعمي
برهان : أهلاً يازهر اللوز
( تتجه نحو دكانها ... يعترض حربوص طريقها ومعه تفاحة ..)
حربوص : صباح الخير يا زهر اللوز .. يا أحلى من قلب الجوز .. تفضلي مني هذه التفاحة يا أحلى من طعم الراحة
زهر اللوز : حربوص المخادع .. ماذا تريد..؟
حربوص : أريد إهداءك هذه التفاحة التي تشبهك في رقتها وحلاوتها (يقضم التفاحة) يا سلام .. حلوة... حلوة .... طعمها كالمسك ..
( زهر اللوز لا تأبه به وتتابع فتح الدكان وترتيب الأكياس والقطرميزات والعلب ..)
أنا أحبك يا زهر اللوز كما أحب هذه التفاحة اللذيذة (يأكل بنهم ..)
زهر اللوز : وأنا أكرهك كما أكره هذا الدواء المر ..
حربوص : لماذا يا تفاحتي ..؟
زهر اللوز : لأنك كذاب ومحتال ..
برهان : سامحكِ الله .... تزوجيني فقط وسوف أملأ يديك بالأساور وأصابعك بالخواتم ..؟
زهر اللوز : (تفتح زجاجة سوداء ..) هل تنصرف من هنا أو أرشّك بسائل العميان فأجعلك أعمى طوال حياتك..؟
برهان : (يتراجع هارباً) أنا ذاهب ولكن تأكدي بأنني سأعود وأشتري دكان عمك برهان وأصبح جاراً لك على طول الزمان ..
( يخرج حربوص ويدخل المعلم غزال وهو ممسك بالفتى فارس من أذنه ... يعود حربوص ليعرف ما يجري بين فارس ووالده..)
غزال : (ينادي) يا معلم برهان .. يا معلم برهان..
برهان : ماذا حدث يا معلم غزال ؟
غزال : تعال واستلم ابنك المحترم فارس ... لم يتعلم في مدرستي شيئاً من الرياضيات خلال ثلاثة أشهر .....
برهان : الجمع ؟!
غزال : أبداً ..
برهان : الطرح ؟!
غزال : مستحيل
برهان : الضرب ؟!
غزال : أبداً ...
برهان :التقسيم ؟!
غزال : مستحيل ..
فارس : (مقاطعاً) كلا لقد تعلّمتُ جدول ضرب الواحد .. هه .. اسمعوا (يتلو جدول الواحد) واحد في واحد واحد واحد في اثنين يساوي اثنين واحد في ثلاثة يساوي ثلاثة ..
برهان : (يصرخ) اخرس .. ألا تخجل من نفسك؟! ثلاثة أشهر ولم تتعلم سوى ضرب الواحد ... إنك تستحق الضرب على هذا الكسل .... (لغزال) هل هو غبي ..؟
غزال : كلا ... إنه عفريت خارج من تحت الأرض ..
برهان : لماذا لم يتعلم الحساب إذاً ..؟
غزال : اسأل وسوف تسمع جواباً يهز البدن..
برهان : لماذا لم تتعلم الحساب يا فارس..؟
فارس : (يتحذلق) أولاً : الحساب علم لا فائدة منه أبداً .. ثانياً : أنا أكره الحساب ، ثالثاً : إنه يوّجع الدماغ.. ويصدع الرأس ..
برهان : اخرس يا كسول .. آخ ... الحق عليّ أنا لأني سمحت لك بأن تعيش مع أخوالك في جزيرة القرد الكسلان..
غزال : وهو يحرض أيضاً الطلاب على إهمال دروس الحساب.. هل تعلم ماذا يغنون الآن ..؟
( يرتفع صوت الأطفال من خارج المسرح شيئاً فشيئاً وهم يغنون ..)
الأطفال :
الضرب درسٌ مرعبٌ
والهندسةْ هيَ أبشعُ
والجمعُ قلْ لي بالعَجَلْ
قل لي بماذا ينفعٌ
( يتلاشى شيئاً فشيئاً غناء الأطفال ...)
غزال : هل سمعت يا سيد برهان ..؟
برهان : نعم .. ولكن من ألّف هذه الأغنية السخيفة ..؟
فارس : (متباهياً) أنا ...!
برهان : اخرس ...
غزال : أنا آسف يا أخ برهان .. لم أعد أستطيع احتمال ابنك في مدرستي (يتهيأ للانصراف)
برهان : (يلحق به) سامحْهُ يا أستاذ غزال لقد عاش عند أخواله في جزيرة القرد الكسلان وهناك لا يعرفون سوى صيد السمك والضفادع ورعي الإوز ...
غزال : مستحيل لا أستطيع إعادته إلى المدرسة أبداً .. سوف يخرّب لي عقول الطلاب .... السلام عليكم .. (ينصرف)
برهان : (يلاحقه) أستاذ غزال ... أستاذ غزال .. (يلاحقه قليلاً خارج المسرح ثم يعود..) والآن قل لي يا سيد فارس ماذا ستفعل ..؟
فارس : سأخطبُ ابنة عمي زهر اللوز
زهر اللوز : وأنا لن أقبل بك إلا إذا أتقنتَ مهنة مفيدة ..
فارس : هذه بسيطة ..
زهر اللوز : وماذا ستعمل ..؟
فارس : سأصبح تاجراً شاطراً مثل أبي ..
برهان : التجارة يافهمان تحتاج إلى معرفة تامة بالحساب ..
فارس : بسيطة ... أنا أعرف جدول الواحد وأعرف العد حتى المئة ..
برهان : (ساخراً) شاطر .. شاطر... يا سلام .... (يدخل الشرطي كرباج)
كرباج : مَنْ منكم اسمه ... اسمه (ينسى الاسم) عدنان .. كلا شعبان ... عثمان ... في الاسم ألف ونون ... ساعدوني ..
زهر اللوز : هل تقصد العم برهان ..؟
كرباج : نعم ... نعم ... برهان ..
برهان : أنا برهان ... ماذا تريد ..؟
كرباج : أنا لا أعرف شيئاً.. سيدي القاضي عبد الحق هو الذي يريدك..
برهان : وماذا يريد ..؟
كرباج : لقد شكتكَ إليه امرأة (ينسى الاسم) بلبلة ... سلسلة ... كلا .... فلافل..
زهر اللوز : تقصد فلفلة ...
كرباج : نعم فلفلة ..
هذه المرأة كذابة ومحتالة ..
كرباج : أنا لا علاقة لي .. هذا الكلام تقوله لسيدي القاضي عبد الحق (يقبض عليه ) هيا ... تعال معي .. بسرعة ..
برهان : اسمح لي فقط بإغلاق الدكان ..
كرباج : لن أسمح لك بشيء فربما هربْتَ مني ...
برهان : ولماذا أهرب ...؟
كرباج : لأنك شتمت سيدي القاضي ..
برهان : أنا لم أشتم أحداً ..
كرباج : تعال الآن ... (يجره قليلاً ثم يفطن ... يعود ..)
كرباج : مَنْ منكم اسمه (ينسى) ورد وجوز ... لوز وجوز
زهر اللوز : هل تقصد زهر اللوز ..؟
كرباج : نعم .. نعم ... زهر اللوز ..
زهر اللوز : أنا زهر اللوز ..
كرباج : سيدي القاضي عبد الحق يريدك في الحال..
زهر اللوز : لماذا...؟
كرباج : لديه عسر في الهضم فقد أكل البارحة ثلاثة ديوك ونصف جدي وأرنبين ..
زهر اللوز : سأحضّر دواء للهضم ..
كرباج : هاتي الدواء وتعالي بسرعة ...(تأخذ زهر اللوز قطرميزاً وتغلق الدكان ثم تذهب مع برهان وكرباج..)..
برهان : (وهو خارج) لاتبع شيئاً في غيابي يا فارس ... هل فهمت (يدفعه كرباج)
فارس : (للجمهور) سأبرهن لأبي وخطيبتي بأنني شاطر في البيع والشراء وإن كنتُ لا أعرف الحساب .. (يبدأ فارس بترتيب الدكان .. يتنكر حربوص بلحية وشارب وثياب تاجر صيني ثم يأتي إلى الدكان ويتفحص البضاعة ...)
فارس : (فرحاً) لقد جاء الزبون ... أهلاً وسهلاً أهلاً وسهلاً ..
حربوص : شان ...شون .. شينا ..
فارس : (باستغراب )ماذا ..؟
حربوص :( يتصنع لكنة أجنبية طوال حديثه مع فارس) أنا تاجر صيني كبير ... وأريد شراء بضاعة كثيرة ..
فارس : (يتردد في بيعه) انتظر قليلاً حتى يعود أبي .
حربوص : أنا لاأستطيع الانتظار، القافلة ستغادر إلى الصين بعد نصف ساعة فقط.. (ينهق أحد الحمير) اسمع صوت الحمار وهو يستعد للأسفار ...
فارس : هل تريد شراء كمية كبيرة ..؟
حربوص : طبعاً فأنا شيخ تجار بكين في بلاد الصين ...
فارس : اختر البضاعة التي تعجبك ...
حربوص : أريد من هذا القماش .. ومن هذا ... ومن هذه الأثواب المعلقة (يحضر فارس ما يطلبه حربوص) احسب لي بسرعة ثمن هذه البضاعة وأنا مستعجل والقافلة سوف تتحرك بعد (ينهق الحمار) ربع ساعة ...
فارس : (يحاول أن يحسب لكنه يفشل) الأفضل أن تحسبها أنت ...
حربوص : ألا تعرف ,....؟
فارس : أعرف ولكني أشعر بصداع في رأسي ..
حربوص : حاضر ... سأحسبها لك بكل دقة وأمانة (يبدأحربوص حساباته الكاذبة) هذه ستة أثواب ... كم ثمن الثوب الواحد ..؟
فارس : ربما كان ثلاثين ديناراً...
حربوص : ستة أثواب في ثلاثين ... الناتج خمسة عشر ..
فارس : ماذا..؟ .... خمسة عشر فقط ...!
حربوص : طبعاً وإذا كنت لا تصدقني فاحسبها أنت ..
فارس : أنا لا أعرف الضرب في الحقيقة..
حربوص : إذاً عليك أن تصمت فقط ...( يتابع حساباته العجيبة) كم ذراعاً من القماش في هذا الثوب ..؟
فارس : لا أعرف ..
حربوص : (يقيس على ذراعه) واحد .... اثنان.... ثلاثة ...(يكمل العد همساً..) هذا الثوب فيه اثنان وثلاثون ذراعاً..؟
فارس : أبي يقول إن فيه خمسين ذراعاً...
حربوص : (يتصنع الغضب) أنا كذاب إذن ... هذه اللحية الطاهرة التي زارت الحج عشرَ مرات كذابة إذن..؟!
فارس : كلا .. كلا ... أنا لم أقل هذا ...
حربوص : لا تقاطعني إذن وإلا تركت البضاعة وذهبت إلى تاجر آخر ..
فارس : كلا .. كلا تابع ..
حربوص : اثنان وثلاثون ذراعاً ... وكم سعر الذراع ..؟
فارس : عشرة دنانير ..
حربوص : اثنان وثلاثون مضروبة في عشرة (يخرج ورقة وقلم ويتصنع الجمع والضرب) الناتج اثنان وأربعون ...
فارس : فقط..
حربوص : نعم .. فقط وإذا لم يعجبك حسابي فاحسبها أنت ...
فارس : قل لي بسرعة كم يصبح ثمن الجميع ...(يقوم حربوص بالجمع والضرب وهو يتمتم بالأرقام والعمليات الحسابية ...) خمس عشرة زائد اثنان وأربعون .... يصبح المجموع خمسون ديناراً زائد عشرة دنانير يصبح المجموع ... المجموع ستون ديناراً ...
فارس : فقط ..
حربوص : عدنا إلى كلمة فقط ... (يخرج كيساً) هذا الكيس فيه مئة دينار ... كم ديناراً تريد مني ...؟
فارس : ستون ديناراً
حربوص : إذاً كم ديناراً يجب أن تعيد لي ..؟
فارس : لا أدري ..؟
حربوص : ألا تعرف الطرح ..؟
فارس : كلا ..
حربوص : مئة دينار ناقص ستون ديناراً يساوي (يفكر) سبعين .. يجب أن تعيد لي سبعين ديناراً وسيبقى معك طبعاً ثلاثين ديناراً ... (يفتح الكيس ويعطيه ثلاثين ديناراً) هذا حقك بالتمام والكمال على الذمة والصدق والأمانة ... (ينهق الحمار من بعيد) ... القافلة سترحل ..( يجمع حربوص الأغراض في كيس بسرعة ..... فارس كالمذهول وهو يعدّ المبلغ ...) سلّم على والدك وقل له بأن التاجر الصيني .. شان .. شون ... شينا يسلم عليه ويدعوه لزيارة الصين عندما ينضج التين (يسرع حربوص خارجاً وهو يحمل الأثواب والقماش ... فارس .. يعد النقود وهو دهش ... يدخل برهان غاضباً مع زهر اللوز ... وهو يحمل الثوب الذي كان مع فلفلة ..)
برهان : آخ... ليتني قطعت لسان هذه المحتالة فلفلة ...
زهر اللوز : لا تغضب ياعمي ... أنت مريض..
برهان :كيف لا أغضب وقد حكم لها القاضي الأحمق بإعادة الثوب وقد غرّمني أيضاً عشرة دنانير ..
زهر اللوز : كيف صدقها القاضي بهذه السهولة..؟
برهان : لأنه أحمق ... مغفل .. غبي ... جاهل ... ليتكِ تركتِ بطنه ينفجر من الألم ..
زهر اللوز : لا تشتمه ياعمي فربما سمعك أحد..
برهان : لقد دفعت ثمن شتمه مقدماً...(يقتربان من الدكان فيفاجأان بنقص البضاعة وفارس يحاول عد النقود).. هل بعت شيئاً ؟
فارس : نعم.. ستة أثواب واثنان وثلاثون ذراعاً ...
برهان : وأين ثمنها ..؟
فارس : هاهو (يعطيه الدنانير) ..
برهان : ماهذا ؟ إنها ثلاثون ديناراً فقط ..
فارس : أليس هذا ثمنها ..
برهان : إنها لا تعادل ثمن ثوب واحد ... ألم أقل لك لا تبع شيئاً ... ومن اشتراها منك ..؟
فارس : إنه صديقك التاجر الصيني شان شون شينا..
برهان : وأين هو .؟
فارس : لقد رحل إلى الصين على ظهر حمار ..
برهان : في هذا المكان يوجد حمار واحد هو أنت ..
فارس : لا .. لقد دعاك لزيارته في مدينة بكين عندما ينضج التين ..)
برهان : (ساخراً بمرارة) يا سلام ... صين بكين تين ... صين ... بكين ... تين ... خدعونا يا مسكين ..( يردده) صين ... بكين ... تين .... خدعونا يا مسكين ... (يشعر بألم في رأسه ..) آخ ..آخ... رأسي ..( تركض زهر اللوز وفارس ويجلسانه ...)
زهراللوز : (تتحسس رأسه) حرارتك مرتفعة ياعمي... يجب أن تذهب إلى البيت ...( تساعده في النهوض ..)
فارس : هل تريدني أن أبقى في الدكان؟
برهان : كلا ... أغلق الدكان فقط وساعدني لأصل إلى البيت (يغلق فارس الدكان ويساعد والده مع زهر اللوز ... ويخرجون من المسرح ... يدخل حربوص فرحاً بما فعله ..)
( إظلام )
الـمشهد الثالث ..
( المنظر السابق .. برهان جالس في دكان شبه الفارغة .. زهر اللوز في دكانها تقوم بتحضير دواء لعمها ... تذيبه في كأس ماء ثم تتجه نحو دكان برهان وتعطيه الكأس .. )
زهر اللوز : تفضل الدواء ياعمي ...بالهناء والشفاء ..
برهان : (يشربه) شكراً يازهر اللوز..
زهر اللوز : الأفضل أن تذهب إلى البيت وتستريح ..
برهان : لا أستطيع ترك الدكان مغلقة ... سأصبر حتى يتعلم فارس مهنة الخياطة كما وعدني (تتركه زهر اللوز وتعود مع الكأس إلى دكانها.. يدخل حربوص ومعه قفص فيه طائر أسود ..)
حربوص : صباح الخير ياعم برهان .. (برهان لا يرد) سمعت بأنك مريض جداً - عافاك الله - وتريد بيع الدكان ..
برهان : لن أبيع شيئاً ، أما الدكان فسوف يعمل فيها ابني فارس ..
حربوص : (ساخراً) وبماذا سيعمل فارس ؟ بالتجارة مع الصين واليابان كما سمعت ..؟
برهان : كلا... ابني فارس سيفتح هنا دكان خياطة..
حربوص : (يضحك) فارس خياط... سأوصيه على بردعة لحماري ... (يضحك )
زهر اللوز : الأفضل أن توصيه على بردعة لك ..
حربوص : سامحك اللّه يا زهر اللوز ... يا أحلى من قلب الجوز..
زهر اللوز : (بجفاف) ماذا تريد ؟ أنا مشغولة ..
حربوص : وأنا أيضاً مشغول بحبك ..
زهر اللوز : لست مستعدة لسماع كلامك السخيف ..
حربوص : أريد دواء يشفي قلبي المسكين الذي أسره حبك كهذا الطائر السجين..
زهر اللوز : خذ طائرك وانصرف من هنا ..
حربوص : أريد إهدائك هذا الطائر حتى تذكريني دائماً ..
زهر اللوز : لو أنك أهديتني بوماً لتذكرتك أكثر..
حربوص : (يضحك) دمك خفيف يا زهر اللوز..
زهر اللوز : ( تهدده بزجاجة فيها سائل أحمر) أتنصرف من هنا أم أجعلك أعمى وأطرش بهذا السائل ..؟
حربوص : (يبتعد خائفاً) أنت تحبين هذا الأحمق فارس .. أليس كذلك؟
زهر اللوز : هذا الأمر لا يعنيك ..
حربوص : فارس شاب مغرور وأحمق ولا يحسن أي عمل ...
زهر اللوز : ولكنه ليس نصاباً ومحتالاً مثلك .. (تهدده بالزجاجة فيهرب ويختبئ في مكان بحيث يراقب باهتمام ما يجري ... يدخل معلم الخياطة كشتبان غاضباً .. وهو ممسك فارساً من أذنه ..)
برهان : (ينهض لاستقبال المعلم كشتبان) أهلاً بالمعلم كشتبان ..
كشتبان : لافائدة... لا فائدة أبداً يا معلم برهان ..
برهان : مالذي جرى يا معلم كشتبان ..؟
كشتبان : ابنك المحترم فارس لن يتعلم مهنة الخياطة أبداً ..
برهان : لماذا ؟!
كشتبان : مهنتي تحتاج إلى معرفة جيدة بالحساب لحساب طول الجسم وعرضه وطول الكم والخصر والذراع والجمع والطرح والتقسيم..
فارس : أنا أكره الحساب وأستطيع الخياطة دون هذا العلم السخيف..
كشتبان : هل سمعت ؟ الحساب علم سخيف .. (وهو منصرف) السلام عليكم ..
برهان : (يلاحقه) انتظر يا معلم كشتبان ..
فارس : اتركه يا أبي ... ابنك قد تعلم مهنة الخياطة..
زهر اللوز : دون حساب..؟!
فارس : طبعاً ... لقد راقبت كشتبان كيف يعمل ... الأمر بسيط وسوف أثبت لكم بأنني أصبحت خياطاً ماهراً (يغني متفاخراً بنفسه ... يعود الأب برهان )
المهنةُ التي يدعونها الخياطةْ
من أسهل المهن وكلّها بساطةْ
سأخيطُ سروالاً من أحسن الملبوسْ
وأخيط أثواباً تليقُ بالعروسْ
برهان : (يشعر بالمرض) هيا ابنتي زهر اللوز ... خذيني إلى البيت فأنا لم أعد احتمل هذا المغرور ..
فارس : هل أساعدك يا أبي ..؟
برهان : كلا .. ابق في الدكان وعوضي على اللّه ...( يخرج مع زهر اللوز ... فارس يعلق لوحة كبيرة على باب الدكان .. كتب عليها الخياط الشاطر فارس .. خياطة أثواب ... سراويل .. قمصان .. تدخل فلفلة ويتشاور معها حربوص في جانب المسرح للإيقاع بفارس .. يخرجان..)
( إظلام )
الـمشهد الرابع
( في قاعة المحكمة حيث نرى القاضي عبد الحق واقفاً وراء طاولة عالية فوقها مطرقة خشبية كبيرة وإلى اليمين والأمام قليلاً قفص اتهام فيه اللص سرقون النائم إلى يسار القاضي الشرطي كرباج يحرس بسلاحه المحكمة ... القاضي يخلع رداءه الواسع ويتفحصه ..)
القاضي : لقد أصبح ردائي قديماً يا كرباج..
كرباج : لا بد أن تلبس رداءً جديداً لتظهر به أمام الوزير الأكبر عابس ..
القاضي : معك حق ولكني لا أحب الشراء .
كرباج : ماذا تحب إذن يا سيدي ..؟
القاضي : أنا أحب الهدايا ..
كرباج : وأنا أيضاً (يضحكان )..
( القاضي يلبس رداءه ثم يجلس يضرب الطاولة بالمطرقة فيصرخ كرباج)
كرباج : محكمة ...( يستيقظ سرقون ويصرخ)
سرقون : أنا بريء ... أنا بريء..
القاضي : (ساخراً) بريء .. كلما قبضنا عليك تصرخ (يقلده) أنا بريء .. أنا بريء..
سرقون : ولكنكم لم تصدقوني مرة واحدة ..
القاضي : لأنك لم تصدق مرة واحدة..
سرقون : أنا مظلوم ..
القاضي : (ساخراً) مظلوم ...مَنْ الذي سرق محفظة شهبندر التجار ..؟
سرقون : لست أنا يا سيدي ..
القاضي : ولكنهم أمسكوا يدك وفي في جيب الشهبندر ..
سرقون : لقد ظننتها جيبي ... صدقني يا سيدي ..
القاضي : اخرس .. ولماذا صعدت إلى سطح خزينة المدينة ؟
سرقون : أردت أن أقبض على عصفور هرب فطار إلى هناك ... العصافير تحب ا لسطوح ..
القاضي : هه... ولماذا سرقت ثور الفلاح إبراهيم ..؟
سرقون : أبداً ... هو ا لذي تبعني إلى البيت ... هل أمنعه من اللحاق بي ... قلت له أكثر من مرة اذهب يا حيوان ياثور .. ولكنه لا يفهم ..
القاضي : والرسن الذي كان في يدك ..؟
سرقون : لم أكن أعلم بأن في نهايته ثوراً ، هل أنا ساحر..؟
القاضي : (يصرخ ويضرب بالمطرقة) اخرس يا كذاب يا لص .. يا دجال ... سأحاكمك أمام الوزير الأكبر عابس وأحكم عليك بالسجن مئة عام ... وهذا قليل أيضاً .. وألف جلدة...
سرقون : أنا بريء..
القاضي : سيحضر محاكمتك الوزير وسيرى بنفسه شطارتي في محاكمة المجرمين ... وربما جعلني قاضي القضاة ... (يفطن) آخ يجب أن أكون بثياب لائقة..
( تدخل فلفلة وهي تحمل ثوباً سيء الخياطة ..)
فلفلة : النجدة يا سيدي القاضي النجدة...
القاضي : ماذا حصل .. هل هذا الثوب لي ..؟
فلفلة : كلا يا سيدي القاضي .. إنه لي .. لقد أفسده الخياط فارس ابن التاجر برهان ... انظر...
القاضي : كيف ..؟!
فلفلة : أعطيته قماشاً ثميناً ليخيط لي ثوباً ولكنه أفسده كما ترى ..
القاضي : أحضروا لي هذا الخياط حالاً ...
سرقون : هل أحضره أنا ..؟
القاضي : كلا .. كلا .. أنت تخرس فقط (يصرخ) ياكرباج..
كرباج : نعم يا سيدي ..
القاضي : اذهب حالاً وأحضر لي الخياط (لفلفلة) مااسمه ..؟
فلفلة : فارس ..
القاضي : (لكرباج) مااسمه ..؟
كرباج : (يردّد) فارس .. فارس ... فارس ..(يخرج وهو يردد الاسم .. ثم يعود بسرعة) مااسمه يا سيدي ..؟
القاضي : يا إلهي .. اسمه .. اسمه ... (ينسى )
فلفلة : فارس ..
القاضي : اسمه فارس ياغبي ... (يخرج كرباج وهو يردد الاسم )
القاضي : (فرحاً ... يكلم نفسه) جاءت الفرصة لأخيط ثوباً بالمجان..
فلفلة : أغلق له دكانه يا سيدي القاضي واسجنه أيضاً ..
القاضي : أنا أعرف مهنتي ..
فلفلة : لقد أتلف لي الثوب ... جاءني القماش هدية من بلاد الهند .. إنه حرير هندي ..
( ينشغل القاضي بالكتابة ... سرقون يشير إلى فلفلة كي تقترب منه ..)
سرقون : فلفلة ... فلفلة ... اقتربي قليلاً
فلفلة : (بحذر) ماذا تريد ...؟
سرقون : اطلبي من صديقي حربوص أن يعمل على إنقاذي ....
فلفلة : حاضر ..
(يدخل فارس يدفعه الشرطي كرباج..)
القاضي : هل أنت الخياط فارس ....؟
فارس : نعم أنا فارس ..
القاضي : كيف أفسدت الثوب لهذه السيدة...؟
فارس : لا أدري ولكنني لم أخط شيئاً لك..
فلفلة : هي تعني بأنني كذابة ...؟
فارس : لا أدري ولكنني لم أخط شيئاً لك..
فلفلة : (تبكي) لا تصدقه يا سيدي القاضي لقد أفسد لي هذا الثوب الثمين .. أغلق له دكانه في الحال ...واسجنه أيضاً ..
القاضي :( بعد تفكير بسيط) هل أنت خياط..؟
فارس : نعم ..
القاضي : وشاطر ..؟
فارس : نعم .... لقد تعلّمتُ عند الخياط كشتبان ..
القاضي : (بعد تفكير قليل) سنرى إذا كنت خياطاً شاطراً (ينهض ويقرأ الحكم..) حكمت المحكمة عليك بـأن تخيط ثوباً للقاضي - أي نحن - ثوباً من قماش ثمين ويكون جاهزاً بعد ثلاثة أيام ..
سرقون : وأنا موافق ..
القاضي : الحكم ليس لك يا أحمق .. الحكم لفارس ..
سرقون : أنامظلوم...
فارس : حاضر ..
القاضي : أريد الثوب جاهزاً هنا في المحكمة بعد ثلاثة أيام وإلا بعت الدكان في المزاد العلني وسجنتك مع هذا العصفور البريء (يشير إلى سرقون ......فينصرف فارس) إلى أين ..؟
القاضي : ألن تأخذ مقاسي ..؟
فارس : نعم .. نعم .. نسيت .. (يبدأ فارس بأخذ مقاسات القاضي بالشبر والفتر أو بواسطة مرسة والقاضي مدهوش من أفعال فارس )..
( إظلام )
الـمشهد الخامس
( في قاعة المحكمة حيث نرى القاضي عبد الحق جالساً وراء طاولته .. سرقون في قفص الاتهام ... فلفلة قربه ..)
سرقون : أنا مستعجل ألن تحاكموني ..؟
القاضي : ولم العجلة ؟! ستبقى عندنا ضيفاً لأعوام طويلة...
سرقون : هذا يعني أنكم تحبونني كثيراً ..
القاضي : سأحاكمك اليوم في حضور الوزير الأكبر عابس ..
سرقون : أنا بريء .. (يدخل كرباج )
القاضي : أين الخياط يا كرباج ..؟
كرباج : أي خياط يا سيدي ..؟
القاضي : (بدهشة) الخياط فارس ... الذي أرسلتك لإحضاره مع الثوب ..
كرباج : أي ثوب ؟
القاضي : يا إلهي .. ما هذه المصيبة .؟ الثوب الذي سأرتديه في المحكمة أمام الوزير الأكبر عابس ..
كرباج : نسيت ..
القاضي : اذهب حالاً وأحضر لي الخياط ..
كرباج : والثوب ..؟
القاضي : طبعاً يا أحمق ..
سرقون : هل أذهب أنا ..؟
القاضي : كلا ..
سرقون : أنا سريع في الجري ..
القاضي : اخرس .. (لكرباج) اذهب بسرعة ..
كرباج : مااسمه يا سيدي ..
القاضي : اقترب قليلاً (يقترب كرباج فيخبطه القاضي بالمطرقة على رأسه وهو يصرخ) ، فارس ... فارس ... فارس .... هل سمعت ...؟
كرباج : (يصرخ) آخ ... آخ .. (يدخل فارس حاملاً الثوب ... يسرع القاضي لاستقباله ... يتجه كرباج نحو الباب ..)
القاضي : (يصرخ) كرباج ... إلى أين أنت ذاهب ..؟
كرباج : لإحضار الخياط فارس ..
القاضي : ولكنه أمامي ,... ألا تراه ..؟
كرباج : ولماذا قلت لي إذن .. إذهب لإحضاره..
القاضي : (يضربه بالمطرقة) .... اخرس فقط .. اخرس (لفارس) هل الثوب جاهز..؟
فارس : نعم يا سيدي ...
القاضي : أسرع وألبسني إياه قبل حضور الوزير (فارس يُلبس القاضي الثوب العجيب الذي خاطه فلا يتمكن القاضي بسبب ضيق الفتحة من إخراج رأسه ويده اليسرى كمّا أن الثوب طويل جداً..)
القاضي : أنا لا أرى شيئاً ... أين رأسي ..؟
كرباج : (يتلمس رأس القاضي) إنّه في مكانه يا سيدي ..
فارس : انتظر ... سأقص قليلاً فتحة الرأس (يحاول بالمقص توسيع فتحة الرأس ولكنّ القاضي يصرخ..)
القاضي : آخ ... آخ ... لقد جرحت رأسي أيها الأحمق ... آه ... سأختنق ..
فارس : سأفتح لك فتحة عند أنفك ... (يحاول فتح مكان عند الأنف ولكن يبدو أنّ المقص قد جرح أنف القاضي ..)
القاضي : آخ ... أنفي ... أنفي ... (يبحث عن المطرقة) المطرقة .. المطرقة .. (يعطيه كرباج المطرقة فيكون أول من يتلقى الضربات .... كما يسرع القاضي ويسقط نظراً لطول الثوب .... يسرع فارس وكرباج لإنهاضه فلفلة تستغل الموقف وتسرع بمساعدة سرقون على الهرب.. سرقون يهرب .. يلاحظه فارس يلحق به ..)
كرباج : هرب اللص يا سيدي ..
القاضي : إلحق به يا أحمق ... إلحق به ... (كرباج يلاحق اللص قليلاً ثم يعود ... فيمسك به القاضي الذي يدور باحثاً عن اللص )..
القاضي : اللص... اللص ... أمسكت بك ...(يضربه)
كرباج : كلا يا سيدي ... أنا كرباج ..
القاضي : ولماذا عدت يا أحمق ..؟
كرباج : لم تقل بمن ألحق ... باللص أم بفارس ...؟
القاضي : أنا الذي سألحق بك ... (يضربه .... يهرب كرباج ... يدخل الوزير عابس أثناء هذه الفوضى فيصطدم به القاضي ويمسك به .....) خذ .. خذ ... يا كرباج يا كرباج ...
الوزير : أنا لست كرباجاً يا غبي ..
القاضي : أنت اللص إذن ... خذ .. خذ ... (يضربه)
الوزير : أنا الوزير الأكبر عابس ...
القاضي : (ساخراً ... غير مصدق ..) وأنا الإمبراطور إذن ,.... خذ .. خذ ...
كرباج : (مذعوراً) .. توقف يا سيدي ... أنت تضرب الوزير الأكبر .. (يتوقف القاضي مذهولاً ... يبكي من الألم بصوت مرتفع ... كرباج يساعد القاضي بصعوبة على خلع الملابس العجيبة..) ..
الوزير : مَنْ أنت ..؟!
القاضي : (متذللاً) أنا القاضي عبد الحق ..
الوزير : كيف تتجرأ على ضربي يا أحمق؟!
القاضي : سامحني .. ظننتك اللص سرقون..
الوزير : هل تعني بأنني أشبه اللصوص ؟
القاضي : كلا .. ولكنني لم أرك بسبب هذه الثياب السخيفة...
الوزير : ومَنْ خاطها لك ..؟
القاضي : شابٌ اسمه فارس ...
( يدخل فارس وقد قبض على اللص ..) هاهو يا سيدي ...
الوزير : (يشير إلى سرقون) وهذا الطفل البريء من يكون ..؟
القاضي : إنه اللص سرقون (القاضي يضرب سرقون) تهرب مني .. يالص ... (يمسكه كرباج ويعيده إلى قفص الاتهام..)
الوزير : (للقاضي) كيف هرب اللص من المحكمة يا عبد الحق ..؟
القاضي : الذنب كلّه يقع على هذه الثياب اللعينة ...
الوزير : (لفارس) أأنت من خاط هذه الثياب الرديئة ..؟
فارس : نعم يا سيدي ..
الوزير : ولماذا خطتها بهذا الشكل السيء؟ (يدخل برهان وزهر اللوز )
برهان : (مقاطعاً) لأنه لا يعرف شيئاً في الحساب يا سيدي الوزير ..
الوزير : من أنتما ....؟
برهان : أنا والده يا سيدي الوزير ..
زهر اللوز : وأنا ابنة عمه ..
( برهان يهمس بأذن الوزير شاكياً ولده..)
الوزير : غير معقول ... تريد العمل في التجارة والخياطة ولا تعرف الحساب ؟! (يدخل المعلم غزال ...)
غزال : ويقول في الرياضيات أشعاراً سخيفة ..
الوزير : من أنت ؟
غزال : أنا غزال معلم الرياضيات..
الوزير : أسمعت ماذا يقول السيد فارس يا غزال..
غزال :
الضرب درسٌ مرعبٌ
والهندسة هي أبشعُ
والجمعُ قلْ لي بالعجلْ
قل لي بماذا ينفعُ ؟
الوزير : (ساخراً) هكذا إذن ..( يجلس وراء منصة المحكمة ويطرق بالمطرقة معلناً افتتاح الجلسة) أسمعوا أحكامي أولاً أنت محروم من الترفيع خمس سنوات يا عبد الحق وإذا أخطأت ثانية فسوف أعينك قاضياً على مشاكل الأولاد ... ثانياً على الشاب فارس ألا يخرج من السجن أبداً إلا بعد أن يتقن علم الرياضيات... (يضرب بالمطرقة) رفعت الجلسة ..
القاضي : أنا مظلوم يا سيدي..
سرقون : أنا مظلوم أيضاً..
القاضي : (القاضي عبد الحق يضرب سرقون..) مظلوم ... أنت تستحق الشنق والرمي في البحر ..
الوزير : احكم بالعدل ياعبد الحق ...
القاضي : (يكتم غضبه) حاضر ... حاضر يا سيدي ..
( إظلام )
الـمشهد السادس
( قاعة المحكمة ... القاضي عبدالحق والمعلم يفحصان فارس قبل إطلاق سراحه .. زهر اللوز وبرهان واقفان ..)
غزال : 9×9 ماذا يساوي ؟
فارس : واحد وثمانون ..
غزال : اثنان وسبعون تقسيم ثمانية..
فارس : تسعة..
غزال : مساحة المثلث ...
فارس : القاعدة × الارتفاع
2
غزال : كيف نحسب حجم الغرفة ....؟
فارس : الطول × العرض × الارتفا ع
برهان : مارأيك يا أستاذ غزال ..؟
غزال : لقد أصبح جيداً ..
القاضي : هل يمكنني إطلاق سراحه ..؟
غزال : نعم..
القاضي : (يقدم إليه ورقة) وقّع هنا ... (يوقع المعلم غزال .. يخرج فارس من المحكمة فرحاً مع زهر اللوز وبرهان ..)
( إظلام )
الـمشهد السابع
( في السوق ... فارس يرتب البضاعة في الدكان وهو فرح ... زهر اللوز في دكانها تراقبه مسرورة يدخل حربوص ومعه فلفلة التي تنكرت في زي امرأة عجوز ... تتهامس مع حربوص ثم تتجه نحو زهر اللوز ..)
فلفلة : صباح الخير يا بنتي ..
زهر اللوز : أهلاً يا خالة ماذا تريدين ؟
فلفلة : أرجوك تعالي معي ..
زهر اللوز : إلى أين ؟
فلفلة : إلى البيت ... ابني الوحيد مريض جداً ..
زهر اللوز : ماذا يشكو ؟
فلفلة : ألم في رأسه .. ودوخة ..
زهر اللوز : هل حراراته مرتفعة ..؟
فلفلة : طبعاً..
( تجهز زهر اللوز بعض الأدوية والأعشاب تضعها في حقيبة قماشية وتخرج من الدكان ..)
زهر اللوز : (لفارس) انتبه للدكان ... سأعود بعد قليل (تخرج مع فلفلة ... يخرج حربوص حاملاً زجاجة شراب .... و يتجه نحو فارس ...).
حربوص : مرحباً يا فارس ..
فارس : ماذا تريد ..؟
حربوص : سمعت بأن زواجك من زهر اللوز سيكون في الشهر القادم ...
فارس : نعم..
حربوص : (للجمهور) لن يتم هذا الأمر أبداً ..
فارس : ماذا تقول .؟
حربوص : لا شيء .. لقد جئت أهنئك أولاً بخروجك من السجن بالسلامة وثانياً لتعلمك الحساب وثالثاً لأهديك زجاجة من الشراب اللذيذ الذي صنعته بنفسي من عصير توت الثعلب ..
فارس : خذ هديتك أيها الثعلب وانصرف من هنا ..
حربوص : (يصب كأساً) لن أنصرف حتى تشرب من يدي كأساً من هذا العصير المنعش ... اشرب يا صديقي... اشرب (للجمهور) سيكون آخر كأس في حياته ...( يضحك) وسوف أتزوج زهر اللوز واستولي على هذه الدكان ... (يقدم إليه الكأس من جديد..)
فارس : قلت لك لا أحب مثل هذا الشراب... ولا اشعر بالعطش ..
حربوص : بل أنت عطشان ... (بإلحاح) أنا واثق بأنك عطشان ...
فارس : كلا ... (يدخل فجأة القاضي ومعه كرباج..)
القاضي : بل أنا العطشان ...( يحمل الزجاجة ويتأملها) يبدو أنه شراب لذيذ ... مَنْ جاء به ..؟
فارس : حربوص ...
القاضي : سأتذوقه ..
حربوص : (يمنعه) كلا يا سيدي ... سأهديك زجاجة أخرى ..
القاضي : ولكني أشعر بالعطش الشديد الآن ..(يشرب القاضي الكأس دفعة واحدة...) في طعمه مرار قليل ... (فجأة) آخ .. آخ بطني ..النجدة ... النجدة ... الشراب مسموم (يهرب حربوص .. يتبعه كرباج ..) آخ .. سأموت أين زهر اللوز ..؟
فارس : (مضطرباً) لقد ذهبت مع امرأة عجوز..
القاضي : ألا تعرف في الأدوية ...؟ أسرع سأموت..(يسرع فارس إلى دكان زهر اللوز ويفتح كتاباً مكتوب على غلافه علاج السموم ويبدأ بالقراءة من الكتاب وتحضير الدواء ...)
فارس : خمس غرامات من القطرميز رقم سبعة... وعشر غرامات من القطرميز رقم تسع عشرة ومقدار ربع .,... ربع ليتر من ماء الورد ... (يضع الجميع في طاسة ماء ويحركها ... ثم يقدم الدواء للقاضي الذي يشرب الدواء بسرعة ...)
القاضي : آه ... آه...
فارس : كيف حالك الآن ..؟
القاضي : لقد خف الألم .. شكراً يا فارس .... (تحضر زهر اللوز غاضبة ..)
زهر اللوز : يا لها من امرأة محتالة ... (تلاحظ ما يجري ..) ماذا حدث ..؟
فارس : لقد شرب القاضي عبد الحق .. من هذا الشراب (زهراللوز تشمه ..)
زهر اللوز : هذا الشراب فيه سم الزرنيخ..
القاضي : ماذا ؟! .. سم الزرنيخ .. النجدة .. أنقذوني أرجوكم ..
زهر اللوز : (لفارس) ماذا أعطيته ..؟
فارس : ركبت له هذا الدواء المضاد للسموم (يشير إلى الصفحة .)
زهر اللوز : الدواء صحيح ولولا معرفتك بالحساب لكان القاضي في عداد الأموات..
القاضي : ولماذا أرادوا موتي ..؟
فارس : بل موتي يا سيدي .. حربوص هو الذي أهداني زجاجة الشراب المسموم..
زهر اللوز : وفلفلة هي التي تنكرت بثياب عجوز وأبعدتني عن المكان حتى لا أنقذ فارس إذا تسمم ...
القاضي : يالهما من مجرمين .. ولكن لماذا..؟
فارس : حتى يتزوج حربوص من زهر اللوز ويستولي على الدكان ..
القاضي : (يفطن) اين كرباج..؟ (يحضر كرباج ممسكاً بحربوص ..)
كرباج : أنا هنا يا سيدي وقد أحضرت لك صاحب الشراب...
القاضي : (القاضي يضربه) تريد موتي يا سفاح يامجرم..
حربوص : أنا مظلوم ... لم أقصد إيذاء أحد...
القاضي : والسم الذي في الشراب..؟
حربوص : أبداً .. لا يوجد أي سم... (القاضي يصب كأسه ويقدمه لحربوص ,..)
القاضي : تفضل إذن..
حربوص : هذا عيب يا سيدي كيف أشرب من هديتي..
القاضي : يا سلام على هذا الذوق ... (يصرخ) يا كرباج...
كرباج : نعم يا سيدي ..
القاضي : خذ هذا المجرم من أمامي إلى السجن (يدفع كرباج حربوص أمامه ... القاضي يأخذ الزجاجة ويلحق بهما ..)
( زهر اللوز وفارس يغنيان ثم يلحق بهما بقية الممثلين والجميع يغني الأغنية التالية :
غنّوا معي لحنَ الحياة
أحبتي غنّوا معي
نُورُ العقولِ الهندسةْ
والجبرُ علم البارعِ
أمّا الحسابُ فممتعٌ
يهواهُ عقلُ المبدعِ
فالثورُ ضخمٌ والحصان
يجري كعصفِ الزوبعةْ
والصقرُ يعلو في الفضاءْ
وإذا هوى ما أسرَعهْ
لكنهم لا يحسنون
العدّ حتى الأربعة
( النهاية )
صدر للمؤلف
1. مازال الرقص مستمراً مسرحيّة (دار المعارف) بحمص 1987
2. غدير الغزلان (مسرحيتان للأطفال)اتحاد الكتّاب العرب - دمشق 1992
3. نداء في ليل المدينة مجموعة قصصية- مؤسسة علا- حمص 1993
4. الصيد الثمين (مسرحيتان للأطفال) وزارة الثقافة - دمشق 1993
5. جبل البنفسج (مسحيتان للأطفال) وزارة الثقافة - دمشق 1993
6. سرحان في وادي الكسلان (ثلاث مسرحيات للأطفال) مؤسسة علا- حمص 1996
7. الشجرة الناطقة (مسرحيتان للأطفال) اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1997
?
رقم الايداع في مكتبة الأسد الوطنية :
الشجرة الناطقة؛ الأعداد السكرية: مسرحيتان للفتيان/ نور الدين الهاشمي- دمشق: اتحاد الكتاب العرب، 1997 - 181 ص؛ 25سم.
1- 812 ط هـ ا ش 2- العنوان الأول
2- العنوان الثاني 4- الهاشمي
ع: 1779/10/1997 مكتبة الأسد
?
هذا الكتاب
مسرحيتان للأطفال تطرحان بقالب هزلي ساخر، الصراع بين الخير والشر من خلال استغلال رجل جشع لمجموعة من البحّارة، ومحاولة البحّارة التخلص من استغلاله بصنع سفينة خاصة بهم وانتصارهم في النهاية على سلبهم واستغلالهم.
?
نور الدين الهاشمي
الشــجرة الناطـقـة
الأعـداد الســكّريـة
- مسـرحيتان للفتيان -
من منشورات اتحاد الكتّاب العرب
1997
تصميم الغلاف للفنانة : ريم الخطيب
مسرحيّة الشجرة الناطقة
1- قرشون : تاجر يملك سفينة ثعبان البحر.
2- شعبوذ : دجّال يدعي السحر والشعوذة.
3- دحروج : ضخم ، محب للطعام من رجال قرشون .
4- خميس : ابن قرشون ، ساذج محب للطيور.
5- ذئبان : ماكر ، شرس ، عنيف ، من رجال قرشون .
6- رضوان : نجار ماهر يعمل في صناعة القوارب وهو والد هشام وجمانة.
7- هشام : ابن رضوان ، فتى في نحو السادسة عشرة من عمره.
8- جمانة : ابنة رضوان ، فتاة في نحو الخامسة عشرة من عمرها.
9- مرزوق : رئيس البّحْارة ، في حوالي الخمسين من العمر ، ماهر ، شجاع.
10- فارس : بحّار شجاع.
11- ديب : بّحار.
12- عادل: نجار.
13-فصيح : (الببّغاء ).
14- عمار : صاحب الحمار الضائع.
?
المنظر الأوّل
( دكان النجار رضوان .. أدوات النَجارة معلّقة على باب الدكان ، صناديق خشبية قيد الصنع هنا وهناك، إلى يسار الدكان وفي العمق نرى البحر الأزرق ، النجار رضوان يقوم بصنع أحد الصناديق الخشبية ،.. نسمع صوت جمانة وهي تنادي والدها من خارج المسرح ).
جمانة : (تنادي) بابا .. بابا .. (يتوقف رضوان عن العمل .. تدخل جمانة حاملة رسالة) بابا .. انظر لقد أرسل أخي هشام رسالة من الميناء الكبير .
رضوان : (يأخذها بفرح) من أعطاك إيّاها؟
جمانة : صديق لهشام كان عائداً إلى بلده..
رضوان : وأين هو ؟
جمانة : لقد تابع سفره وهو يرسل السلام إليك ..
رضوان : (ينظر بريبة هنا وهناك) وهل شاهدكِ قرشون أو أحد رجالهِ وأنتِ تأخذين الرسالة ؟
جمانة : كلا .. كلا ..
رضوان : (يفتح الرسالة) اقرئي الرسالة ..
جمانة : (تقرأ) أبي الغالي .. أختي الغالية جمانة .. عمي مرزوق النجار العظيم .. أصدقائي البّحارة لقد أنهيت تعليمي في مدرسة صناعة السفن وسوف أعود إليكم في اليوم الخامس من الشهر القمري - (تتوقف جمانة وتحسب زمن الوصول) يا إلهي هذا يعني بأنه سيعود بعد يومين (تتابع القراءة) وأُرسل إليكم ضمن الرسالة صورة لإحدى السفن التي صنعتها مع رفاقي (تخرج صورة السفينة وتتأملها بسرور كما يتأملها رضوان) أليست جميلة يا أبي ..؟
رضوان : نعم يا جمانة .. كم أتمنى أن نصنع مثلها هنا حتى نتخلص من ظلم قرشون ورجاله..
جمانة :( تتابع القراءة) وسوف أتعاون مع البحارة بعد عودتي من أجل صنع السفينة التي نحلم بها (يسمع صوت دحروج وهو ينادي من خارج المسرح).
رضوان : هذا دحروج .. هاتي الرسالة (تعطيه جمانة الرسالة وتنسى رسم السفينة الذي يسقط على الأرض .. يدخل دحروج وهو يأكل قطعة خبز أو خياره)..
رضوان : ماذا تريد يا دحروج ؟..
دحروج : أرسلني قرشون كي أخبرك (يتوقف وكأنه نسي ).
رضوان : بماذا ؟0
دحروج : لقد نسيت .. يبدو أنني جائع .. ماذا أفعل أنا أنسى حتى اسمي عندما أكون جائعاً ..
رضوان : ولكنك كنت تأكل خيارة ..؟
دحروج : الخيار لا يشبعني أبداً .. أنا أحب الكعك .. هل لديك كعك ياجمانة ؟
جمانة : انتظر ..( تدخل الدكان وتأتي له بكعكة فيأكلها بسرعة )
دحروج : (بعد التهام الكعكة) فطنت .. سيدي قرشون يطلب منك يا رضوان أن تسرع في صنع الصناديق الخمسين التي طلبها منك ..
رضوان : هل تعرف ماذا يريد أن يشحن فيها ؟
دحروج : لا أدري ربما خرافاً أو دجاجاً ..
جمانة : الخراف لا توضع في مثل هذه الصناديق يا دحروج.
دحروج : (يضحك بغباء) معك حق يا جمانة ..(فجأة) أنا زعلان منك يارضوان..
رضوان : لماذا .؟
دحروج : لقد وعدتني بأن تصنع لي سيفاً (يحضر له رضوان سيفاً خشبياً )
رضوان : وماذا ستفعل به ؟
دحروج : سأقطع به رأس الببغاء فصيح ورأس خميس (ينتبه فجأة إلى رسم السفينة الذي نسيته جمانة على الأرض ..يلتقطه) ماهذا .؟
( تحاول جمانة أن تستعيد الرسم) .. إنه يشبه السفينة..
جمانة : كلا ... إنه صورة لصحن فواكه .. (تقوم جمانة بتعديل الرسم وترسم على سطح السفينة عدداً من الفواكه) مارأيك .. أليس لذيذاً ..؟
دحروج : حقاً إنه لذيذ .... ليته كان صحن فواكه حقيقي (يلف الرسم ).
جمانة : ماذا ستفعل به ؟
دحروج : سأعلّقه فوق فراشي حتى أحلم بأني أجلس قرب مائدة مليئة بالطعام والفواكه (يخرج دحروج حاملاً الرسم)
جمانة : الذنب ليس ذنبي.. كيف نسي الرسم هنا..
رضوان : أرجو ألا ينتبه قرشون إلى الرسم...
جمانة : إنه خبيث ويشك في كل شيء ..(صوت ريح .. ينظر رضوان باتجاه البحر)..
رضوان : يبدو أنّ هناك عاصفة قادمة ..
جمانة : ولكنّ عمي مرزوق والبّحارة مازالوا في البحر ..
رضوان : عمك مرزوق ربّان ماهر وسوف يقود السفينة بأمان إلى هنا إن شاء اللّه ..
(إظلام )
المنظر الثاني
( دكان التاجر قرشون إلى يسار المسرح .. إلى اليمين والعمق يظهر البحر .. على باب الدكان عدد من الأكياس والصناديق ، التاجر قرشون يجلس على باب الدكان وهو يشرب النارجيلة وأمامه طاولة صغيرة عليها صحن مليء باللوز.. ذئبان قد صعد إلى مكان مرتفع في اليمين وهو يحدق باتجاه البحر .. خميس قد جلس على الأرض وهو يداعب ببغاءه فصيح ).
قرشون : هل ترى سفينتي يا ذئبان ؟
ذئبان : كلا يا سيدي ..
قرشون : من المفروض أن تكون قد وصلت إلى المرفأ منذ الصباح .. هيّا تابع النظر يا ذئبان ..
ذئبان : حاضر يا سيدي ..
فصيح : (الببغاء) : (يصرخ) : لوز .. لوز..
خميس : هل تريد لوزاً يا فصيح ..؟
فصيح : (يتابع) لوز ... لوز .. (يمدّ خميس يده نحو صحن اللوز ويمسك كمية ولكنّ قرشون يقبض على يد خميس بقوة ويضربها )..
قرشون : لمنْ تأخذ هذا اللوز يالص..؟
خميس : للببغاء يا أبي ..
قرشون : (ساخراً) ألا يأكل ببغاؤك المدلل إلاّ اللوز؟
خميس : فصيح يحبّ اللوز ..
قرشون : هه .. ماذا ؟
خميس : اللوز يجعله طليق اللسان ..
قرشون : إنه أكبر ثرثار في العالم ..
خميس : كلا ياأبي .. اللوز يجعله مؤدّباً وينطق بالحكم المفيدة..
فصيح : قرشون بخيل .. قرشون بخيل..
قرشون : اسمع هذه الحكمة ... اسمع (يهاجم الببغاء بالسوط ويضرب القفص ولكن خميس يحمل قفصه بعيداً) أنا بخيل يا غراب .. يا بومة .. يا دجاجة بلا ريش... أقسم بأني سأبيعك في سوق الدجاج والصيصان ...
خميس : إذا بعته فسوف أرمي نفسي في البحر..
قرشون : ارم نفسك وخلّصني منك ومن هذه المصيبة (يدخل دحروج شاهراً سيفه الخشبي ومعه رسم السفينة )..
دحروج : هل تسمح لي بقطع رأس هذا الببغاء يا سيدي..؟
قرشون : أبعدْ سيفك يا أحمق وأخبرني ماذا حدث معك ؟
دحروج : لقد ذهبت إلى النجار وأخبرته ..
قرشون : بمَ أخبرته ؟
دحروج : (يحاول التذكر) يبدو أنني نسيت ..
قرشون : نسيت ! .. يا سلام ...
دحروج : أنا جائع ..
قرشون : جائع .. أنت حوت ولست بشراً (يصرخ فجأة) قل لي ماذا أخبرت النجار رضوان ..؟
دحروج :( خائفاً) كما قلت لي ..
قرشون : وماذا قلت لك ؟..
دحروج :لا أدري .. أنا جائع .. لقد أعطتني جمانة صورة صحن فواكه .. انظر ..( قرشون يضرب الصورة بعصبية فتسقط على الأرض ..)
قرشون : أرسلك كي تخبر رضوان بأن يسرع بصنع الصناديق فتأتيني بهذا الرسم السخيف ...!
دحروج : (يلتقط الرسم ويفرده) انظر يا سيدي .. إنه رسم جميل لصحن فواكه .. أنا أحب الفواكه..
قرشون : (ينتبه للرسم فيخطفه بسرعة) مَنْ رَسَمَهُ؟
دحروج : جمانة الحلوة ... وقد أعطتني كعكة ..
قرشون : (يحدث نفسه) يالها من ماكرة .. إنه رسم سفينة (لدحروج) هل أنت واثق أنّ جمانة هي التي رسمته ..؟
دحروج : جمانة قد رسمت الفواكه في الصحن..
قرشون : وماذا كان يشبه قبل أن ترسم الفواكه..؟
دحروج : كان يشبه السفينة..
قرشون : حسناً .. اصعد الآن مكان ذئبان وراقب قدوم سفينتي ثعبان البحر..
( يهبط ذئبان ويسلم منظار المراقبة لدحروج الذي يصعد ويراقب البحر بملل .. يرتفع صوت الريح ..)
قرشون : (باضطراب) هناك عاصفة قادمة .. هل ترى شيئاً يا دحروج ..؟
دحروج : كلا يا سيدي ..
فصيح : (يصرخ) عاصفة .. عاصفة ... عاصفة..
قرشون : أسكتْ هذا الببغاء المشؤوم يا خميس ..
خميس : فصيح متنبئ جوي وهو يعرف تماماً بأنّ العاصفة قادمة ..
قرشون : عاصفة .. هذا ماكان ينقصني .. سفينتي في وسط البحر وفيها بضاعة بألف دينار ...
خميس : اخرس.. قطع اللّه لسانك ..
فصيح : عاصفة .. عاصفة ..
قرشون : أسكتْ هذه البومة .. وإلا أسكتُّها أنا ...
خميس : حاضر .. حاضر .. أسكتْ يا فصيح
قرشون : يجب استدعاء الساحر شعبوذ لإبعاد العاصفة : (يصرخ) دحروج .. انزل فوراً..
دحروج : لماذا ؟ هل الطعام جاهز؟
قرشون : سأجهز قبرك .. انزلْ بسرعة (ينزل دحروج) اذهب حالاً وأحضر لي الساحر شعبوذ (يعطي دحروج المنظار لذئبان ثم يخطف صحن اللوز ويهرب..)..
فصيح : دحروج لص .. دحروج لص ... (يركض قرشون ويلاحق دحروج بالسوط خارج المسرح .. نسمع صرخات دحروج وهو يتلقى العقاب .. يدخل قرشون وقد استعاد صحن اللوز...)
( إظلام )
المنظر الثالث
( طريق عام .. أمام أحد البيوت نرى الساحر شعبوذ وقد ارتدى ثياباً غريبة الشكل وقبعة طويلة ... معه كرة بلورية بيضاء مثبّتة على حامل وقاعدة .. أمامه رجل اسمه عمّار وقد أضاع حماره وشعبوذ يحاول معرفة مكان الحمار )
شعبوذ : ما اسمك ؟
عمّار : قلت لك .. عمّار
شعبوذ : وما اسم حمارك ..؟
عمّار : بردوع ..
شعبوذ : (يردد) عمَّار ... أضاع الحمار .. عمار أضاع الحمار.. وأين أضعتَ حمارك يا عمار..؟
عمّار : لقد ربطته هنا على باب الدار ثم دخلت البيت لأتغدى وحين خرجتُ لم أجده..
شعبوذ : وهل دخل وراءك إلى البيت دون أن تشعر به..؟
عمّار :( وقد بدأ صبره بالنفاذ) كلا ..
شعبوذ : هل تعرف أين هرب الحمار ياعمّار ..؟
عمّار : لو كنت أعرف لما سألتُك...
شعبوذ : (يفطن) هذا صحيح .. صحيح .. ولكنّي أريدك أن تجيبني على بعض الأسئلة
عمّار : تفضّل ..
شعبوذ : هل أزعجتَ الحمار ..؟
عمّار : كلا ..
شعبوذ : هل ضربته وأهنته ..؟
عمّار : كلا ..
شعبوذ : هل شتمته مرة وناديته يا حمار..؟
عمّار : طبعاً .. وهل تريدين أن أناديه يا كنار..؟
شعبوذ : هل حمّلْتَ فوق ظهر أحمالاً ثقيلة..؟
عمّار : (نفذ صبّره) كلا .. كلا..
شعبوذ : هل أطعمته برسيماً ..؟
عمّار : (صارخاً) هل تريد أن تبحث لي عن الحمار أم لا؟
شعبوذ : اسكت .. أيها الجاهل .. هذه التحقيقات ضرورية قبل البحث عن الحمار.
عمّار :أسرع وخلصني
شعبوذ : (يحضر الكرة ويدور بيده حولها) العثور على الحمير قد صار يكلّف الكثير .. وخاصة إذا ضاع الحمار في هذه الحارة كأنه فارة
عمّار : كم ستأخذ مني أجراً لإيجاد الحمار..؟
شعبوذ : (يحوم بيديه حول الكرة ويهمهم) العفريت دخان يريد دجاجة وبطة وديكاً له عرف أحمر
عمّار : هذا كثير يا شعبوذ...
شعبوذ : لاتقل هذا الكلام وإلا ضاع الحمار كأنه بخار
عمّار : حسن .. سأعطيك ماتريد
شعبوذ : ليس لي .. وإنما للعفريت دخان خادم اصطبل الجان .. ماذا قلت ؟
عمّار : حاضر ... حاضر
( شعبوذ يدور بيديه حول الكرة ويتمتم ويدمدم )
شعبوذ : أيها الحمار الهربان اظهرْ وبان على يد العفريت دخان ... عليك الأمان (يصرخ) يالطيف .. يالطيف..
عمار : (فزعاً) ماذا حدث يا شعبوذ؟
شعبوذ : حمارك الهارب بردوع يطارده ذئب ينهشه الجوع في وادي الزلّوع..
عمّار : أرجوك .. اطلب من العفريت دخان أن ينقذ حماري من الذئب الجوعان ..
شعبوذ : (بعد استشارة الكرة) إنقاذ الحمار من الذئب الجوعان يحتاج إلى جرة من دبس الرمان
عمّار : سآتي لك بهذه الجرة غداً...
شعبوذ : قلت لك ليس لي .. ألا تفهم ؟!
عمّار : حاضر. حاضر للعفريت دخان
شعبوذ : يالطيف .. يالطيف .. اللّه أكبر
عمّار : (مذعوراً) ماذا حدث أيضاً؟
شعبوذ : حمارك اللعين يستعد الآن للقفز فوق سور الصين. وإذا لم تقدم سلة من التين فلن تراه يا مسكين!
عمّار : سور الصين ..!
شعبوذ : ادفع يا عمار قبل أن يطير الحمار
عمّار : سأدفع .. سأدفع .. اللعنة على هذا الحمار...
شعبوذ : والآن سأغنّي لحمارك أغنية سحريّة ..
( يدخل في أثناء ذلك دحروج جاراً الحمار بردوع ، ويقف في طرف المسرح دون أن يراهما أحد.)
شعبوذ : ما اسم حمارك.؟
عمّار : بردوع .. بردوع
شعبوذ : واسم أبيه ؟
عمّار : أبوه بردع .. وأمه بردوعة وأخوه بردعان
شعبوذ : أسماء لطيفة (يغني )
يا بردوعْ يابردوعْ
عُدْ لصاحبكَ المفجوعْ
لا تهربْ أبداً لا تهربْ
بل ارجعْ .. ارجعْ برجوعْ
صاحبُك يبكي لفراقك
وعيونه مثلُ اليبنوعْ
عمّار : (يبكي) آه.. آه ... نعم عيوني في البكاء مثل الينبوع.. آه..آه..(يندفع الحمار نحو عمار وهو ينهق ويدفع شعبوذ في طريقه فيسقط على الأرض..)
عمّار : (وهو يعانقه) حماري .. حماري العزيز
شعبوذ : (مازال على الأرض) أرأيت ؟لقد عاد من البلاد الصينية ، بفضل أغنيتي السحرية ..
دحروج : كلا .. لقد وجدته قرب حقل البرسيم يتشاجر مع حمار قرشون .. (يأخذ عمّار حماره ويخرج)
شعبوذ : إلى أين؟
عمّار :إلى بستاني..
شعبوذ : وأجرتي .. اقصد أجرة العفريت دخان
عمّار : خذها أنت وعفريتك (يضحك ساخراً) من بلاد اليابان ..( يخرج مع الحمار)
شعبوذ : لقد أفسدت كل شيء يا أحمق ..
دحروج : أنا لا علاقة لي ..
شعبوذ : (ينهض) ماذا تريد؟
دحروج : سيدي قرشون يريدك في الحال
شعبوذ : لماذا؟
دحروج : هناك عاصفة قادمة
شعبوذ : ومن قال ذلك؟
دحروج : الببغاء فصيح
شعبوذ : يا سلام .. صاروا يصدقون الببغاء فصيح .. لماذا لا يسألونني أنا؟
دحروج : أسرع الآن لترى قرشون فهو خائف على سفينته من العاصفة
( يجمع شعبوذ أدواته ويضعها في كيس ثم يخرج مع دحروج)
( إظلام )
المنظر الرابع
( دكان قرشون .. صوت الريح قد اشتد ، قرشون يقف في المكان المرتفع ويراقب البحر بمنظاره وهو قلق ، ذئبان يقف على باب المخزن، خميس يحمل ببغاءه).
قرشون : لا يوجد في البحر أية سفينة
فصيح : عاصفة .. عاصفة .. عاصفة
قرشون : هذا الببغاء اللعين يهيج أعصابي أسكتوه
خميس : اسكت يا فصيح
( يدخل رضوان وجمانة )
رضوان : هل من أخبار عن السفينة والبّحارة يا سيد قرشون ؟
قرشون : (وهو يهبط) كلا .. كلا .. (يعطي المنظار لذئبان الذي يصعد مكانه)... مصيبة ... مصيبة .. السفينة فيها بضاعة بأكثر من ألف دينار ..
رضوان : لقد صنعت لك خمسين صندوقاً ما طلبت ..
قرشون : وماذا تنفعني صناديقك إذا غرقت سفينتي (صوت الريح يشتد) ألم يحضر الساحر شعبوذ حتى الآن؟
خميس : لقد ذهب دحروج لإحضاره
قرشون : اللعنة على الاثنين .. (لذئبان) هل ترى شيئاً في الأفق ؟
ذئبان : كلا يا سيدي
قرشون : إذ غرقت سفينتي فسوف تكون نهايتي حتماً (يأتي بورقة وقلم ويحسب) ، ثمن السفينة ألفان.. ثمن البضاعة ألف دينار .. ياويلي .. ياخراب بيتي .. سأخسر ثلاثة آلاف ومئتي دينار .آه..آه..
جمانة : أنت لا تفكر إلا في السفينة والبضاعة..
قرشون : وبماذا تريدينني أن أفكر ؟
جمانة : بعمّي مرزوق والبحارة فارس وديب وعادل .. ألا تفكر بنجاتهم قبل سفينتك ؟
قرشون : لن ينفعني نجاة البحارة إذا غرقت سفينتي
جمانة : حياة كلّ بحار أفضل من سفينتك وماعليها ألف مرة ..
قرشون : أنت قليلة الأدب
رضوان : أنا لا أسمح لك بإهانة ابنتي
قرشون : ولكنها خبيثة وقليلة الأدب أيضاً
رضوان : كلا .. ابنتي لم تقل إلا الحق .. حياة البحارة أهم كثيراً من سفينتك...
قرشون : هكذا إذاً .. حسن .. لن أشتري منك الصناديق أو أعطيك قرشاً واحداً..
رضوان : أنت الذي طلبتها
قرشون : لم أعد بحاجة إليها
ذئبان : (يهبط ذئبان ويهدد رضوان) سيدي يقول إنه لم يعد بحاجة إلى الصناديق ألا تفهم؟
(يدخل شعبوذ حاملاً أدواته ومعه دحروج)
قرشون : وصلتَ أخيراً يا شعبوذ العاصفة ستخرب بيتي. أوقفها قبل أن تشتدّ وتحطم السفينة ..
شعبوذ : ومَنْ الذي تنبأ بقدوم العاصفة؟
فصيح : أنا .. أنا !..
شعبوذ : لا .. لا .. هذا اعتداء خطير على اختصاصي في التنبؤ بالأحوال الجوية
دحروج : (يشهر سيفه الخشبي) أنا أقترح ذبح الببغاء مع أن لحمه ليس لذيذاً (خميس يخاف ويأخذ ببغاءه بعيداً)
فصيح : (يصرخ) دحروج جزّار ... دحروج جزّار
دحروج : (يهاجم خميس والببغاء) سأقطع رأس هذا الببغاء وأتعشّاه هذه الليلة
( خميس يتناول عصا ويبارز دحروج مدافعاً عن ببغائه ، الببغاء يشجع خميس)
قرشون : (يتدخل بينهما) كفى أيُّها الحمقى (يضربهما بسوطه) العاصفة قادمة وأنتم تتشاجرون كالحمير (لشعبوذ) .. أسرع وخلصنا
( يُخرج شعبوذ قطعة قماش عليها رسوم غريبة ويربط زواياها بمرس)
شعبوذ : فليمسكْ كلّ واحد بطرف من أطراف هذا الشراع المانع للعواصف (يمسك كلٌّ من ذئبان وخميس ودحروج وقرشون بأطراف الشراع )
هيا قفوا في مواجهة الريح القادمة من البحر (يقفون باتجاه البحر) عندما تأتي الريح العاصفة من كهف الرياح فسوف تصطدم بهذا الشراع فتعود هاربة كأنها دجاجة خائفة ... هيا أسرعوا معاً
إلى الأمام ... (يتقدم الأربعة حملة القماش إلى الأمام تشتد الريح) تقدّموا تقدّموا يا رجال كالأفيال .. (قرشون يغني.)
هيا اهربي يا عاصفةْ
مثلَّ الدجاجة الخائفةْ
عودي إلى كهف الجبلْ
قد جاء شعبوذُ البطلْ
( تشتد الريح .. أصوات برق ورعد .. يتراجع حملة الشراع ويحاول شعبوذ دفعهم من الخلف في مواجهة الريح التي تشتدّ لكنهم يتراجعون جميعاً ويسقطون بعضهم فوق بعض ... إظلام ، برق ، رعد ، ريح ، ... أصوات أمواج ثائرة ، تهدأ الأصوات شيئاً فشيئاً ... هدوء .. أصوات نوارس ... يرتفع غناء البحارة من بعيد وهم قادمون .. إضاءة .. نلمح شراع السفينة في عمق المسرح ..)
البحارة : (يغنون )
عُدنا من أعماقِ البحرِ
نشتاقُ لعناقِ البّرّ
قاومْنا الريحَ الجبارْ
صارعنا أمواج البحر
قائِدُنا قبطانٌ ماهرْ
أنقذَنا من ليلِ الخطر
( تتقدّم السفينة من العمق بشراعها .. يخرج قرشون وجماعته من مخابئهم في الدكان أو بين الصناديق كما يخرج رضوان وجمانة ... تتوقف السفينة ويهبط منها البحارة ... فارس ، عادل، ديب ، مرزوق ... يتقدمون من العمق نحو خشبة المسرح وقد ظهر عليهم التعب والإرهاق ، يركض شعبوذ وقرشون ودحروج وخميس نحو السفينة ليتفقدوها .. العم مرزوق يعانق رضوان وجمانة ... رضوان وجمانة يهنئان البحارة بالسلامة)..
رضوان : الحمد للّه على سلامتكم جميعاً ...
مرزوق : سلّمك اللهُ يا رضوان ... كيف حالُك يا جمانتي.؟
جمانة : أنا بخير .. خفنا عليكم كثيراً
فارس : لولا مهارةُ العم مرزوق لكنا الآن مع السفينة في أعماق البحر
مرزوق : لا تقل هذا يا فارس لقد كنتم جميعاً أبطالاً في مقاومة العاصفة
جمانة : عندي لكم أخبار جيدة
مرزوق : ماهي؟
جمانة : (تخرج الرسالة .. يدخل أثناء ذلك شعبوذ ،) لقد أرسل هشام هذه الرسالة من الميناء الكبير
( مرزوق يقرأ الرسالة فرحاً... يدخل قرشون وذئبان وفهيم فيخفي مرزوق الرسالة .)
قرشون : البضاعةُ ناقصةٌ يامرزوق
مرزوق : لقد اضطررنا إلى رمي قسم من حمولة السفينة في البحر أثناء العاصفة
قرشون : ولكن البضاعة التي رميتموها تساوي ثلاث مئة دينار
مرزوق : احمد اللّه لأنّ البحارة والسفينة قد وصلوا سالمين
قرشون : أنا لا علاقة لي بالبحارة .. وأريد بضاعتي سالمة كاملة .. تامة .. مفهوم ؟
فارس : لولا رمي البضاعة في البحر لكنّا جميعاً في أعماق البحر
قرشون : أنا لن أتحمل أيّة خسارة
مرزوق : مًنْ يتحمّلها إذاً؟
قرشون : أنتم طبعاً.. وسأخصم عليكم ثَمن البضاعة من أجرتكم .. هه (يبدأ حساباته) ..
رضوان : لكنّ البحارة لا ذنب لهم
قرشون : (لا يرد ويتابع حساباته) أجرةُ البحار في اليوم ديناران .... بقيتم عشرين يوماً في البحر... ثمن البضاعة ثلاث مئة وأربعون ديناراً ...(يخرج كيساً) .. خذوا أجرتكم...
مرزوق : (دون أن يأخذ الكيس) ماهذا؟
قرشون : كيس فيه عشرون ديناراً بالتمام والكمال
مرزوق : لكن أجرة البحارة بعد عشرين يوماً من السفر والعذاب ثلاثمئة وستون ديناراً
قرشون : أعرف ولكني خصمت ثمن البضاعة التي قذفتم بها في البحر دون رحمة
قارس : إنّ هذا المبلغ لا يكفي ثمن خبز لأولادنا..
ذئبان : هل ستأخذون المبلغ أم لا..؟
مرزوق : ... كلا... احتفظْ به لنفسك .. (ينصرف غاضباً مع البحارة )
قرشون :( ساخراً) .. مع السلامة .. (يعيد المبلغ إلى جيبه) ستعودون رغماً عنكم وتعملون على سفينتي...
شعبوذ : سفينة سيدي هي الوحيدة في هذه المدينة
( يضحك قرشون ويتبعه رجاله حتى الببغاء).
فارس : (يتوقف مع البحارة) لا تضحكوا كثيراً
قرشون : لماذا؟
مرزوق : لأن المنتصر هو الذي سيضحك في النهاية (يخرج مرزوق مع البحارة)..
قرشون : هل تعرفون ماذا يقصد ؟
دحروج : يقصد بأننا سنضحك أولاً وهم سيضحكون أخيراً (يضحك )..
قرشون : (يضربه فيسكت) اخرس يا غبي (بمكر) أنا واثق أنهم يدبرون مؤامرة ضدي في الخفاء ...(يصرخ) شعبوذ..!
شعبوذ : حاضر يا سيدي ..
قرشون : (يحاول أن يهمس لشعبوذ ولكن دحروج يقترب منهما متوهماً أنهما يتحادثان عن وليمة) اسمع ياشعبوذ .. تلحق حالاً بالبحارة فأنا أتوقع (ينتبه إلى وجود دحروج يتنصت) ماذا تفعل يا دحروج؟
دحروج : أريد أن أعرف مكان الوليمة ..
قرشون : أية وليمة؟
دحروج : التي تريد إرسال شعبوذ إليها دون أن تخبرني
قرشون : (يضربه ويطارده) سأرسلك إلى وليمة في جهنم أيها الحوت الشره (يهرب دحروج .. يعود قرشون لإكمال أوامره لشعبوذ ... يعود دحروج محاولاً التنصت من بعيد) اسمع .. تلحق حالاً بالبحارة وتتسلل خلفهم فأنا واثق أن مرزوق الماكر وأعوانه يدبرون مؤامرة ضدي .. هيا بسرعة ...(يسرع شعبوذ للحاق بالبحارة... يحاول دحروج اللحاق به لكن قرشون يمسك به) .. إلى أين؟ هيّا أنزل البضاعة من السفينة مع ذئبان وخميس ..
خميس : وأين نضعها ؟
قرشون : في المستودع طبعاً .. هيا بسرعة
قرشون : (ينتزع القفص) اترك القفص الآن وأسرع لتفريغ السفينة ..
فصيح : (يصرخ) قرشون شرير .. قرشون شرير ..
( يغطيه قرشون فيسكت )
- إظلام -
الـمنظر الـخامـس
( دكان النجار .. مرزوق ، رضوان ، فارس ، عادل ، ديب ، يتناقشون وقد ارتفع صياحهم)
فارس : لم نعد قادرين على احتمال قرشون أكثر من ذلك
عادل : إنه يسرقنا ..
ديب : أنا لن أعمل عنده
فارس : وأنا أيضاً
مرزوق : اطمئنوا.. لقد اقترب موعد الخلاص
فارس : كيف ؟
( يدخل شعبوذ متسللاًً ويستمع ‘إلى حديث البحارة وهو متنكر )
مرزوق :( يخرج رسالة هشام) هذه رسالة من هشام ويقول فيها أنه سيصل إلى المدينة بعد غدٍ ...
عادل : وهل تعلم مهنة بناء السفن ؟
مرزوق : نعم وسوف نبني معاً سفينتنا بأيدينا..
فارس : ونتخلص من ظلم قرشون..
ديب : ومن أين سنأتي بالخشب لبناء سفينتنا ؟
رضوان : من غابة الصنوبر الشمالية
ديب : يقولون بأنها مليئة بالأشباح والأرواح الشريرة
مرزوق : هذا كلام فارغ ينشره شعبوذ الدّجال (تدخل جمانة فترى شعبوذ وحين يلمحها يهرب بسرعة ..)
جمانة : (تصرخ) من أنت ؟ .. (تلاحقه قليلاً ثم تعود...)
رضوان : ماذا حدث يا جمانة ؟
جمانة : كان هناك شخص يتجسس عليكم وقد سمع كل الكلام ..
فارس : وهل عرفته ..؟
جمانة : كلا ... لقد كان متنكراً
مرزوق : لقد أرسله قرشون حتماً
عادل : وما العمل ؟ لقد عرف الجاسوس موعد قدوم هشام حتماً..
رضوان : لابد من حماية هشام قبل أن يعتدي عليه قرشون ورجاله
جمانة : سأذهب أنا وفارس وعادل لملاقاته وتحذيره في الطريق ...
جمانة : أنا عندي خطة لحماية أخي هشام من قرشون ورجاله..
مرزوق : ماهي يا جمانة ؟
جمانة : سأشرحها لكم ..
( تشرح الخطة همساً )
( إظلام )
المنظر السادس
( دكان قرشون ... ذئبان ودحروج وخميس ينقلون الأكياس والصناديق من السفينة نحو الدكان .. وقرشون يحصي الصناديق على دفتره)
قرشون : كم كيساً نقلت حتى الآن يا ذئبان ؟
ذئبان : تسعة يا سيدي
قرشون : وأنت يا خميس ؟
خميس : (يتذكر) لا أدري .. ربما كانوا ..
فصيح : سبعة .. سبعة
قرشون : يا سلام الببغاء يعرف وأنت لا تعرف .. (لدحروج) وأنت كم كيساً نقلت حتى الآن ؟
دحروج : (يعد على أصابعه) عشرين .. بل ثلاثين
فصيح : عشرة عشرة
دحروج : بل ثلاثين يا كذاب ..
فصيح :... عشرة .. عشرة... كذاب.. كذاب
دحروج : (يشهر سيفه الخشبي) اسمح لي يا سيدي بقطع رقبة هذا الببغاء ، خميس (يدافع عن ببغائه )
قرشون : كفى ياأحمق تضعُ عقلك في عقل الببغاء
دحروج : إنه خبيث يا سيدي ويكرهني
قرشون : اخرس (يدخل شعبوذ مضطرباً ومسرعاً).
شعبوذ : مصيبة. مصيبة.. يا سيدي
قرشون : مالذي حدث ؟
شعبوذ : هشام ابن النجار رضوان سيعود بعد غد من الميناء الكبير وقد تعلّم مهنة بناء السفن.
قرشون : ماذا تقول ؟!
شعبوذ : كماسمعت يا سيدي .. لقد رأيت الرسالة التي أرسلها من هناك ..
قرشون : ياويلي. ياويلي سيخربون بيتي .. متى سيعود ..
شعبوذ : بعد غد يا سيدي ..
قرشون : البحارة مخادعون. سأطردهم جميعاً من المدينة... سأخرب بيتهم
شعبوذ : لدي يا سيدي خطة للتغلب على البحارة .
قرشون : هل هي جيدة ؟
شعبوذ : إنها أحلى من العسل (ينتبه دحروج إلى كلمة عسل فيسرع نحو شعبوذ وقرشون)
دحروج : أين العسل ؟
قرشون : أيّ عسل يا غبي ؟
دحروج : ألم تقولوا بأنكم ستذهبون إلى وليمة العسل؟.
قرشون : (يضربه) اذهب من هنا فوراً..(يبتعد دحروج )
شعبوذ : (يهمس) يجب أن نخطف هشام قبل أن يصل إلى المدينة
قرشون : كيف ؟
شعبوذ : (يهمس) نذهب في الليل أنا وذئبان وخميس ويبقى دحروج هنا للحراسة
دحروج : هه أنا للحراسة .... وهم سيذهبون وحدهم لوليمة العسل .. لن أدعهم يذهبون وحدهم ...
( إظلام )
الـمنظر الــسابـع
( دكان قرشون. إضاءة خافتة تدل على قدوم الليل ... دحروج نائم وبيده رغيف. ذئبان وشعبوذ وخميس يرتدون ثياباً سوداء وأقنعة يستعدون للذهاب وصنع كمين لهشام ...يدخل قرشون حاملاً كيساً كبيراً)
قرشون : (يسلم الكيس لذئبان) أسرعوا الآن إلى خارج المدينة واختبؤوا على طريق الميناء الكبير بين الأشجار والصخور وعندما يمر هشام تخطفونه وتضعونه في هذا الكيس وتأتون به إلى هنا
خميس : وماذا ستفعل به ؟
قرشون : سأسجنه أولاً ثم ...( يزأر) سأقطع رأسه .. هيا أسرعوا ...
ذئبان : ومَنْ سيحرس المكان في غيابنا..؟
فصيح : أنا... أنا .. أنا.
قرشون : اخرس أنت .أيقظوا هذا الفيل بسرعة
ذئبان : (يوقظ دحروج) دحروج .. دحروج
دحروج : (ينهض مضطرباً) ماذا حدث ؟ ... هل الطعام جاهز ؟
قرشون : كلا. الحراسة هي الجاهزة
ذئبان : (يعطيه الرمح) خذ ,.. وقفْ مكاني..
دحروج : ولكنني جائع ولا أستطيع الوقوف
قرشون : ستأكل ّ عندما يعودون منتصرين ومعهم الأسرى والغنائم..
دحروج : هل سيذهبون إلى وليمة العسل؟
قرشون : كلا يا أحمق
دحروج : إلى أين سيذهبون؟
قرشون : إلى جهنم .. اسكت فقط وقف حارساً هنا فقط ... (لخميس وذئبان وشعبوذ) ... جاهزون..؟
شعبوذ : نعم
قرشون : (لخميس الذي يحمل الببغاء) وإلى أين تأخذ هذا الببغاء الثرثار ...؟
خميس : سآخذه معي.
قرشون : اتركه هنا سيفضحكم بصراخه (ينتزع قرشون الببغاء من خميس.)
خميس : سأشتاق إليه
فصيح : (يصرخ) شرير .. شرير ..
قرشون : سأخنق هذا الببغاء يوماً ما أمام عيونكم ..
دحروج : (يشهر سيفه) اسمح لي بقطع رأسه الآن يا سيدي ..
قرشون : (يضربه) عُدْ إلى مكانك ... وسوف يقف الببغاء حارساً معك ...
دحروج : ولكني أكرهه..
قرشون : اخرس ولا تسمعني صوتك ...(لخميس وذئبان وشعبوذ) هيا أسرعوا فقد انتصف الليل ..
ذئبان : ألن تذهب معنا ياسيدي ؟.
قرشون : كلا. سأعود إلى البيت. يجب أن أحسب ثمن البضاعة ...( يخرجون )
قرشون : اسمع يادحروج. إيّاك أن تغادر هذا المكان (يخرج قرشون ... يقوم دحروج بالحراسة متأففاً. تدخل جمانة وتستمع إلى حديث دحروج مع الببغاء)
دحروج : أرأيت يا فصيح لقد ذهبوا إلى وليمة العسل وتركونا هنا ؟
فصيح : عسل .. عسل .. عسل
دحروج : نعم عسل ونحن نحرس جائعين
(تظهر جمانة )
جمانة : مساء الخير يا دحروج. مرحباً يا فصيح
دحروج : أهلاً يا جمانة الحلوة
جمانة : ماذا تفعل هنا يا دحروج ؟
دحروج : أنا أحرس مخزن السيد قرشون
جمانة : يالك من مسكين يادحروج ....
دحروج : أنا مسكين
جمانة : وغبي أيضاً!
دحروج : أنا غبي (يضحك) أعرف هذا ولكن لماذا ؟
جمانة : ذئبان وشعبوذ وخميس ذهبوا إلى وليمة مليئة بالطعام ... وأنت هنا
دحروج : وأين هذه الوليمة؟
جمانة : في بستان الجوز على طريق الميناء الكبير
دحروج : وهل سيضعون في الوليمة فطائر العسل .. ؟
جمانة : طبعاً فطائر العسل ولحم الدجاج وطيور محشوة بالأرز والصنوبر .. وأرانب مشوية
دحروج : كفى ... كفى ... أرجوك أنت تعذبينني بهذا الكلام
جمانة : هذا ليس عدلاً ... أنت هنا جائع وهم يلتهمون كل هذه الطيبات
دحروج : وماذا أفعل ؟
جمانة : إلحق بهم
دحروج : سيعاقبني قرشون
جمانة : قرشون نائم الآن في بيته ... هيا أسرع والحق بهم
دحروج : أنا خائف
فصيح : جبان ... جبان
دحروج : (يشهر سيفه) سأقطع رأس هذا الثرثار
جمانة : (تدافع عن الببغاء) أنت لا تُظْهِرْه شجاعتك إلا أمام الببغاء
دحروج : ولكني خائف ... سيعرفونني إذا تبعتهم
جمانة : (تلقي إليه عباءة سوداء وقناعاً) خذ .. ارتد هذه الملابس ولن يعرفك أحد أبداً
دحروج : فكرة ذكية ... سألحق بهم دون أن يعرفوني ....
( يضع الرداء والقناع ثم يغادر المسرح في الاتجاه الذي خرج منه خميس وشعبوذ وذئبان )
( إظلام )
الـمنظر الثامن
( طريق فيه صخور وأشجار وأعشاب تصلح للاختباء .... أصوات الليل المعهودة... فارس وعادل ومرزوق يدخلون من يسار المسرح. ينتظرون عودة هشام)
عادل : هل أنتم واثقون أن هشام سيعود من هنا؟
مرزوق : نعم .. هذا هو طريق العودة
فارس : أخشى أن يكون قرشون وعصابته قد سبقونا
مرزوق : كلا ...الأفضل أن نختبئ حتى لا يرانا أحد (يختبؤون.... نسمع صوت هشام وهو يغني فرحاً بالعودة إلى بلده)
فارس : هذا صوت هشام ..
هشام : (يغني من خارج المسرح ثم يدخل حاملاً كيساً)
قد طال غيابي
عن بلدي الغالي
ما أحلى العودةْ
ولقاءَ صحابي
وسأبني معهم
مركبَ أحلامي
(يخرج إليه مرزوق وفارس وعادل ...)
هشام : عم مرزوق .( يعانقه فرحاً) فارس. عادل. (يعانقهما) كيف حالكم.؟.لماذا أنتم هنا ..؟
مرزوق : لا وقت للكلام الآن ... يجب أن تغير طريق العودة
هشام : مالذي حدث؟
مرزوق : ستعرف كل شيء في الطريق ... تعال الآن (يخرجون من عمق المسرح أو من الجهة التي جاء منها هشام .... فترة صمت قصيرة يدخل شعبوذ ثم ذئبان وخميس ومعهم الأسلحة والكيس)
شعبوذ : (يشير إليهم كي يتوقفوا) توقفوا .... المكان مناسب للاختباء ونصب الكمين..
شعبوذ : هل سيمر هشام من هنا ؟
شعبوذ : طبعاً ..( يخرج كرته البلورية) كرتي السحرية تقول بأنه قادم بعد قليل. هيا نختبئ بسرعة (يختبؤون يدخل دحروج متنكراً وهو يلتفت هنا وهناك...)
ذئبان : من هذا ..؟
شعبوذ : إنه هشام حتماً
خميس : ولماذا هو متنكر؟
شعبوذ : طبعاً ... حتى لا يعرفه أحد ..ولكنه قد نسي أني أمكر ساحر في العالم ..
ذئبان : استعدوا للهجوم .... واحد. اثنان. ثلاثة (يهاجمون دحروج من الأمام والخلف ذئبان يضربه بعصا على رأسه فيغمى عليه ، ويضعونه في الكيس ، ثم يربطون فم الكيس .. يحملونه بصعوبة..)
خميس : إنه ثقيل
شعبوذ : يبدو أنه كان يأكل كثيراً في الميناء الكبير
ذئبان : أسرعوا قبل أن يشاهدنا أحد هنا..
( يخرجون ...)
( إظلام )
الـمنظر التاســـع
(دكان قرشون .. الوقت عند الصباح ... يدخل قرشون ويبحث عن دحروج داخل الدكان وخارجه..)
قرشون : أين ذهب هذا اللعين ..؟ قسماً سأحرمه من الطعام شهراً كاملاً
فصيح : (يصرخ منادياً) خميس. خميس. خميس
قرشون : اخرس الآن، سيعود خميس ومعه كيس من اللوز والفستق ..
فصيح : كذاب. كذاب
قرشون : (يغطي قفص الببغاء الذي يبقى صارخاً... ثم يهدأ يدخل ذئبان وشعبوذ وخميس وهم يحملون دحروج ... يضعونه في منتصف الخشبة ... قرشون يدور حوله فرحاً ظافراً)
قرشون : أهذا هوهشام؟
شعبوذ : نعم يا سيدي
ذئبان : خطفناه قبل أن يصل المدينة
قرشون : هاتوا العصا (يعطونه العصى فيبدأ يضربه) خذ. خذ. تريد أن تبني سفينة يالعين حتى تخرب بيتي .. خذ ... (دحروج يصرخ.)
دحروج : (من داخل الكيس) آخ ... آخ... توقفوا أرجوكم ...
قرشون : (ينتبه للصوت) ماهذا؟
فصيح : (يصرخ) دحروج دحروج. دحروج
قرشون : أسكتوا هذا الببغاء قبل أن أصاب بالجنون ... (خميس يسكت الببغاء ويطعمه )
قرشون : (يضرب دحروج ودحروج يصرخ ... يتوقف قرشون عن الضرب وقد ساورته الشكوك...) هل أنتم واثقون من أن الذي في الكيس هو هشام؟
شعبوذ : طبعاً يا سيدي
قرشون : (يلتفت) أين دحروج ؟ ... هل رآه أحد منكم؟
ذئبان : كلا
شعبوذ : أنا سأعرف أين هو ... (يخرج كرته البلورية) أيها العفريت كربوج أظهر لنا أين يختفي دحروج.... اظهر وبان ... اظهر وبان
قرشون : ألم يظهر بعد.؟
شعبوذ : كلا
خميس : ربما كان في وليمة ....(يضحك مع الببغاء)
قرشون : اخرس ... أنت وهذا الطائر السخيف..
خميس : هل تريدون ظهور دحروج ..؟
قرشون : طبعاً ... أريد أن أعاقب هذا الأحمق على تركه مخزني دون حراسة ...
خميس : سأخرجه لكم (يصرخ ويتبعه الببغاء) حان موعدُ الطعام ... تفضلوا على الكباب ... حان موعد الطعام. تفضلوا على الكباب
( دحروج يشق الكيس بسرعة هائلة ويخرج كالصاروخ، وسط دهشة الجميع.)
دحروج : أين الطعام ...؟ أين الطعام ..؟
قرشون : يا إلهي ... ! ماهذا ؟ ماالذي جاء بهذا الأحمق إلى هنا ..؟
دحروج : أين الطعام ؟
قرشون : (يضربه) هاهو ..... (يهرب دحروج) ...(لشعبوذ) ماالذي أدخل دحروج إلى الكيس ..؟
شعبوذ : ربما كان هشام ساحراً يا سيدي وخطف دحروج وأدخله إلى الكيس...
قرشون : اخرس .... سأعاقبكم جميعاً (لدحروج الذي عاد) وأنت ماذا كنت تفعل في الكيس؟
شعبوذ : كنت ذاهباً إلى الوليمة ...
قرشون : أية وليمة ..؟
دحروج : التي ذهب إليها شعبوذ وذئبان وخميس...
قرشون : ومَنْ قال لك إنهم ذهبوا إلى الوليمة ...؟
دحروج : جمانة ابنة النجار...
قرشون : يالها من فتاة ماكرة ... لقد ضحكت عليكم يا أغبياء .... أرسلكم لإحضار هشام فتأتون بهذا الدب الأحمق ...
دحروج : أنا أحتج على هذه الإهانة ..
قرشون : (يضربه) اخرس ... نحن نضيع الوقت في السخافات والبحارة يخططون لبناء السفينة ..
شعبوذ : لدي فكرة ياسيدي ...
قرشون : أفكارك سخيفة مثل عقلك ...
شعبوذ : اسمعني لحظة ... يا سيدي... أرجوك..
قرشون : تفضل ...
شعبوذ : من أين سيأتي البحارة بأخشاب لبناء السفينة ..؟
قرشون : من الغابة طبعاً ..
شعبوذ : (يبتسم ابتسامة ذات معنى) ولكن الغابة ليست ملكاً لهم ...
قرشون : ماذا تعني ؟... لم أفهم ...
شعبوذ : تدّعي يا سيدي .. بأن هذه الغابة ملكٌ لجدك ...
( يتابع خطته هامساً )...
قرشون : وإذا لم تنفع الخطة ؟
شعبوذ : سوف نحرق الغابة ونحرمهم من أية شجرة...
ذئبان : أنا جاهز لإحراق أي شيء...
قرشون : هيا بنا ....
( إظلام )
الـمنظر العاشــر
( دكان النجار رضوان حيث نرى البحارة يستعدون للذهاب إلى الغابة ومعهم المناشير والفؤوس والحبال .. هشام يحمل لوحة سفينة يريها لوالده وللعم مرزوق )..
هشام : سنصنع مثل هذه السفينة .. لاحظوا أن المستودع فيها يتسع لبضائع كثيرة...
مرزوق : كم شراعاً ستجعل لها ..؟
هشام : تسعة أشرعة ..
ديب : وكم شهراً يستغرق بناء السفينة..؟
هشام : عشرة أشهر ...
ديب : ومن أين سنأكل مع أطفالنا خلال هذه المدة..؟
مرزوق : قسم من البحارة سيبني السفينة وقسم آخر سوف يصيدون السمك لإطعام الجميع ..
رضوان : المهم الآن أن نجهز الخشب اللازم لصنع السفينة (يستعدون للذهاب...)
فارس : أسرعوا قبل أن ترتفع حرارة الشمس ..
( يدخل قرشون وشعبوذ وذئبان وخميس الذي يحمل قفص الببغاء ..)
قرشون : (ساخراً) إلى أين ؟
مرزوق : إلى غابة الصنوبر ...
قرشون : وماذا ستفعلون هناك ..؟
مرزوق : سنقطع بعض الأشجار لبناء سفينة...
فارس : ولن نعمل على سفينتك أبداً بعد الآن ...
قرشون : (يصرخ) وهل أخذتم إذناً مني بدخول الغابة ...؟
مرزوق : وما علاقتك أنت بأشجار الغابة..؟
قرشون : يبدو أنكم لا تعرفون أن هذه الغابة ملكي أنا ولن أسمح لكم بقطع غصن واحد..
مرزوق : هذا غير صحيح ... الغابة ملك للجميع...
قرشون : (يخرج صكاً قديماً) انظروا إذاً ..... هذا العقد يثبت أن الغابة ملك لجدي قرشان الثاني وقد اشتراها من الملك أبو صفصافة ..
مرزوق : الغابة لأهل المدينة جميعاً منذ مئات السنين ...
قرشون :.إقرأ لهم عقد البيع يا شعبوذ ..
شعبوذ : حاضر يا سيدي (يقرأ العقد) أنا الملك المعظم أبو صفصافة ملك البر والبحر والغابات الخضر قد بعت لصديقي قرشان الثاني غابة الصنوبر المحبوبة بمبلغ ألف دينار وقد قبضتها واشتريت بها حصاناً وغزالين ... التوقيع... الملك أبو صفصافة ...( ينتهي من قراءة العقد) انظروا هذا هاهو توقيع الملك ...
هشام : هذا العقد مزور..
قرشون : هذه إهانة وأنا لن أسمح بإهانة جدي قرشان رحمه الله أبداً ... أبداً ..
رضوان : ومن أين نعلم أن هذا توقيع الملك كما تدعي ..؟
قرشون : اسألوا جدي قرشان ..
مرزوق : كيف نسأله وقد مات منذ مئات السنين...
قرشون : نعم لقد مات ,.... ولكن روحه كانت متعلقة بالغابة فسكنت في إحدى الأشجار..
مرزوق : هل تعني بأن روح جدك قرشان تسكن في إحدى أشجار الغابة...؟
قرشون : نعم ويمكنكم أن تسألوها عن الحقيقة ..
مرزوق : (يشير إلى الجميع كي يوافقوا) حسن ... سنذهب جميعاً ونسأل الشجرة ..
قارس :ولكن هذه خدعة ...
قرشون : إياك أن تعيد هذا الكلام وإلا تحولت على يد جدي إلى بجعة ...
( يخرجون جميعاً ...)..
( إظلام )
الـمنظر الحادي عشر (الأخير )
( الغابة ... عدد من الأشجار على المسرح تمثل غابة ... هناك شجرة ضخمة لها شكل غريب تصلح للاختباء في جوفها ... يخرج منها دحروج الذي يبدو وكأنه جائع وقد ملّ الانتظار )
دحروج : أنا جائع ... خمس ساعات هنا وأنا أنتظر داخل هذه الشجرة اللعينة ... قال لي شعبوذ أنت جدّ المليونير الديناري قرشان ... أنا لا أصدق هذا الكلام ... كيف أكون جداً غنياً وأنا لا أملك رغيفاً واحداً ... هل رأيتم مليونيراً يسكن في شجرة ..؟ لقد وعدني قرشون أن يجلب لي كباباً إذا اتبعت نصيحته ..
( يصغي) إنني أسمع أصواتاً ... (يختبئ في قلب الشجرة ... يدخل قرشون ورجاله ثم يدخل البحارة ورضوان وهشام وجمانة...)
قرشون : هاهي الشجرة المسحورة المباركة ... التي ترقد فيها روج جدي قرشان ... رحمه اللّه ...( يسلم على الشجرة) مرحباً يا جدي ...!
دحروج : (من داخل الشجرة) أهلاً يا قرشون...
قرشون : كيف حالك يا جدي ...؟
دحروج : بخير ولكني جائع .. هل أحضرت لي كباباً كما وعدتني ...؟
قرشون : سأحضر لك فيما بعد ، غداً إن شاء الله ...
دحروج : غداً أكون قد متُّ من الجوع...
قرشون : ولكنك ميت يا جدي ... هل نسيت..؟
دحروج : معك حق ... نسيت ... مَنْ هؤلاء الأشرار ... الذين جلبتهم إلى هنا لإزعاجي...؟
قرشون : إنهم من سكّان الخليج الأزرق يا جدي...
دحروج : ولماذا جاؤوا إلى الشجرة المباركة..؟
قرشون : يريدون أن يطرحوا بعض الأسئلة..
دحروج : أنا مستعد ولكن ... الويل كل الويل لمن لا يصدق إجابتي ... سأعمي عيونه ... وأسلخ جلده ... وأسحب عظامه من لحمه وأشوي جسده بلعناتي ..
ديب : يا لطيف ... أنا خائف ياعم مرزوق ....
مرزوق : لا تخف ياديب وانتظر حتى النهاية ...
قرشون : هيا اسألوا جدي قرشان عمّا تريدون...
هشام : هذا احتيال ...
قرشون : (ثائراً) يا لطيف ... اسكت... اسكت ...
دحروج : مَنْ يقول هذا الكلام ...؟
شعبوذ : إنه هشام ..
دحروج : ابتعدوا عنه ابتعدوا ... سأحوله إلى فرخ حمام حتى يتعلم أصول الكلام ..
قرشون : سامحه يا جدي .. أرجوك ... (لهشام) هيا اعتذر من جدي ...(هشام يبتعد غاضباً .. دحروج يخرج من الشجرة دخاناً...) ... لا تغضب يا جدي ,... أرأيتم؟! إنّ روحه غاضبة .... سوف يحرق الغابة إذا لم تصدّقوه ... هيا اسألوه بسرعة...
مرزوق : لمَنْ هذه الغابة ..؟
دحروج : أنا مستعد للجواب إذا أتيتم لي
بصحن كباب ...
قرشون : (غاضباً) الأرواح لا تأكل الكباب ... يا أعز الأصحاب ... مَنْ باعك هذه الغابة قبل أن تموت يا جدي...؟
دحروج : باعني إياها الملك صفصافة ... آه ... أنا جائع ...
فصيح : (يصرخ) دحروج ...دحروج...
قرشون : أسكتوا هذا الطائر الأحمق (ينتبه هشام لصياح الببغاء ويبدأ بالدوران والبحث حول الشجرة ..) ..
قرشون : وبكم اشتريت هذه الغابة يا جدي...؟
دحروج : بألف دينار ...
قرشون : هل تسمح لأحد بقطع غصن واحد منها..؟
دحروج : كلا ... كلا ... أنا جائع ...
فصيح : (يصرخ) دحروج ....دحروج....
قرشون : (يطرد خميس مع الببغاء ..) هيا انصرف من هنا إن ببغاءك الغبي يزعج جدي في شجرته ...
ديب : الأفضل يا سيدي أن نبتعد عن هذه الغابة...
فارس : وكيف نبني السفينة دون خشب...؟
ديب : ألم تسمع ما تقوله الشجرة ..؟
عادل : ستؤذينا جميع الأرواح الشريرة التي تسكن في هذه الغابة ..
هشام : (بعد أن اكتشف حيلة قرشون) هذه الغابة لا يوجد فيها أرواح .... هاتوا المنشار..
قرشون : ماذا ستفعل ...؟!
هشام : سأقطع الشجرة ...( يتراجع الجميع خائفين..)
شعبوذ : هل أنت مجنون ؟ سيحل عليك غضب جميع الأرواح الشريرة ..
هشام : لا تخافوا .. تعالي يا جمانة ... (تقترب جمانة وتمسك معه الطرف الآخر للمنشار ويبدأان بقطع الشجرة ... يركض قرشون وذئبان للدفاع عن الشجرة ..)...
قرشون : لن أسمح لكم بقطعها ...
هشام : لماذا ..؟
قرشون : لأنها مقدسة يسكن فيها جدي قرشان..
هشام : هذه حيلة تريد بها إبعادنا عن أشجار الغابة ... (مرزوق والبحارة يتشجعون ويبعدون قرشون وذئبان ... يتابع جمانة وهشام قطع الشجرة ودحروج ينفث دخاناً ....)
قرشون : انظروا ... انظروا ... أنتم تطردون روح جدي ... اللعنة عليكم ... (يتابع هشام نشر الشجرة ..) فجأة نسمع صراخ دحروج ... قرشون ورجاله يهربون وعادل يتبعهم ..)
دحروج : (يصرخ من داخل الشجرة ..) توقفوا أرجوكم .. توقفوا عن قطع الشجرة ... آه ... (يخرج دحروج وهو بحالة سيئة يحاول الهرب لكن بعد مطاردة يقبض البحارة على دحروج ..)
مرزوق : ماذا تفعل داخل الشجرة ...؟
دحروج : لقد طلب مني قرشون أن أدخل هذه الشجرة وأدعي بأنني جده قرشان الثاني صاحب الغابة ...
مرزوق : هذا يكفي .... لقد عرفنا كل شيء ... (يدخل عادل صارخاً ..)
عادل : قرشون ورجاله يشعلون النار في الغابة (تظهر خلف المسرح نار متراقصة ... ونسمع أصوات حريق ... يظهر قرشون وذئبان وهما يحملان مشعلين ..)
قرشون : سنشعل النار في الغابة ونحرمكم منها ...
( يحاولون إشعال النيران لكن البحارة يتصدون لهم ... يهربون ... يلاحقهم البحارة ... يهربون من اليسار... يظهر شعبوذ من اليمين حاملاً مشعلاً ... يلاحقه فارس ويهرب .... إطفاء وإضاءة عامة .... تظهر بعض الأشجار محروقة ... يدخل مرزوق والبحارة وهم متعبون وآثار السواد والحروق على أيديهم ووجوههم ...)
مرزوق : الحمد للّه ... لقد أطفأنا جميع الحرائق التي أشعلها قرشون ورجاله...
( يدخل فارس وعادل ..)
مرزوق : ما الأمر يا فارس ...
فارس : لقد هرب قرشون ورجاله في سفينة ثعبان البحر ...
مرزوق : هذا أمر طبيعي ... فهو لن يستطيع الحياة في هذا الميناء بعد الآن ....
ديب : ربما عادوا لإحراق الغابة ..
مرزوق : سوف ننظم الحراسة ..
رضوان : ونزرع أشجاراً مكان كلّ شجرة محترقة ...
هشام : حان الوقت لصناعة السفينة التي نحلم بها ...
مرزوق : إلى العمل ..
( يبدأ الجميع العمل لبناء السفينة ... جلب جذوع أشجار النشر ... تجهيز الأشرعة .... صنع المجاذيف مع غناء يدل على حبهم للبحر ... والعمل على التحرر من الظلم ..)
البحارة يغنون :
يامركبَ الأحلامْ
يا نجمةَ البحارُ
آلتْ سواعدُنا
نبنيك ليلَ نهارْ
هيا ارفعوا الساري
أعلى من النجومْ
وانشروا الشراعْ
يسابقُ الغيومْ
هيا بنا شرقاً
نسعى إلى اليابانْ
نمضي لبحر الصين
نمضي إلى اليونانْ
لكننا دوماً ..
سنعودُ للأوطانْ
( إظلام )
النهاية ..
مسرحية :
الأعداد السكّريّة
الشخصيات ..
1- فارس
2- برهان
3- زهر اللوز
4- حربوص
5- فلفلة
6- القاضي عبد الحق
7- المعلم غزال
8- الشرطي كرباج
9- اللص ..
10- الوزير عابس ..
11- المعلم كشتبان ..
الـمشهد الأول
( المسرح خال ... تتصاعد الموسيقا شيئاً فشيئاً ... يدخل الممثلون بثياب الشخصيات مع حركات راقصة مرحة وهم يغنون مرحبين بالأطفال...)
الممثلون (يغنون) :
أهلاً أهلاً أهلاً
أهلاً بالأحبابْ
رقصَ القمرُ وغنّى
حين أتى الأصحابْ
معنا لكم قصّة
من ماضي الأزمانْ
وسنرويها لكمُ
في مسرحنا الآنْ
( يعرّف الممثلون بأنفسهم ..)
فارس : اسمي ... أنا فارسْ .. أنا أكره الحسابْ والجبر ذا الصعابْ .... في الهندسة لا تسألوا لا أعرفُ الجوابْ..
رهان :
اسمي أنا برهانْ
أنا تاجر فهمانْ
لكنْ جسمي غدا
عاجزاً تعبانْ
وأصعبُ المشاكلِ
ابني أنا الحيرانْ
زهر اللوز :
اسمي اسمي زهرُ اللوزْ
عندي في السوق دكانْ
تحوي أعشاباً طبيةْ
تشفي العاجز والمرضانْ
تقهر أعشابي الآلامْ
ليعمّ الفرحُ الإنسانْ
حربوص :
أنا حربوصْ
أنا حربوصْ
أنا شريرٌ
أنا منحوسْ
لصٌ خدّاعٌ
جاسوسْ
القاضي :
وأنا القاضي الشطور
عبد الحق المشهورْ
أحكم بين الناسْ
بالعدل المشهورْ
كرباج :
قد جاءكم كرباجْ
بسيفه البعّاجْ
يطاردُ اللصوص
كأنهم دجاجْ
المجموع :
أحبابنا هيا انظروا
بعقولكم وقلوبكمْ
فنحن فوقَ المسرحِ
نسعى لأجل عيونكمْ
نسعى لأجل عيونكم
(يتراجع الممثلون وهم يرددون البيت الأخير )
( إظلام )
الـمشهد الثاني
( سوق شعبي قديم من أسواق الحكايا نرى فيه عدداً من الدكاكين بينها دكان التاجر برهان في صدر المسرح وتظهر في الدكان الأقمشة المختلفة كما علّقت على باب الدكان أثواب ملونة ، إلى اليمين قليلاً دكان طبيـبة الأعشاب الفتاة زهر اللوز ، الدكان مغلق وقد علقت لافتة في أعلاه تقول :
( طبيبة أعشاب / زهر اللوز) وصور لبعض الزهور والنباتات .. التاجر برهان وهو في حدود الخامسة والخمسين يقوم بترتيب الدكان وتسجيل بعض الحسابات في دفتر كبير ... يدخل حربوص المخادع ويراقب عمل التاجر برهان وقدوم زهر اللوز .. التاجر برهان يسعل ويضع يده على صدره ... يركض حربوص بلهفة كاذبة لمساعدة برهان ..)
حربوص : صحة .. صحة يا عم برهان ... هل تريد أية مساعدة ...؟
برهان : كلا .. كلا ..
حربوص : لقد أصبحت عجوزاً يا عم برهان والأفضل أن تبيعني هذه الدكان وتستريح في البيت أو تسافر في أنحاء هذه الدنيا ...
برهان : سأستريح بعد أن أعطي الدكان لأبني فارس ...
حربوص : (ساخراً) فارس ... (يضحك ساخراً) إنه لا يحسن شيئاً ولا يعرف حتى العد...
برهان : لقد أرسلته إلى المعلم غزال كي يعلمه الرياضيات
حربوص : لن تستفيد شيئاً ياعم برهان.. فارس لن يتعلم أبداً فهو يكره الرياضيات.
برهان : لن أفرط في هذه الدكان أبداً يا حربوص ...
حربوص : سأدفع لك ثمنها ألف دينار .. ما رأيك ...؟
برهان : كلا ,.. لن أبيع ...
حربوص : ألف ومئتي دينار..
برهان : قلت لك انصرف ... ألا تفهم ..؟
حربوص : سأذهب ... سأذهب ولكن ستكون هذه الدكان من نصيبي حتماً ... (يتجه حربوص نحو المدخل اليميني حيث يلتقي بالمرأة المحتالة فلفلة يتهامس حربوص معها فتخرج ثوباً وتتجّه نحو برهان ، حربوص وهو يراقب ما يحدث...)
فلفلة : (لبرهان) أريد إرجاع هذا ألثوب...
برهان : مَنْ فلفلة .. أي ثوب...؟
فلفلة : هذا الثوب لقد اشتريته من دكانك منذ ثلاثة أسابيع ..
برهان :اشتريته منذُ ثلاثة أسابيع وتريدين إرجاعه الآن..
فلفلة : لم تعجبني ألوانه .. (ترميه في الدكان) خذ ..
برهان : (يلتقط الثوب ويتفحصه) الثوب مستعمل ..
فلفلة : كلا ..
برهان : بل مستعمل .. انظري إلى هذه البقع والأوساخ ..
فلفلة : تذكرت ... لقد ذهبت به إلى عرس جارنا الفران أبو رغيف ولكنه لم يعجب النسوان في العرس ...
برهان : يا سلام .. ذهبت به إلى العرس وجئت تعيدينه الآن ..
فلفلة : نعم ..
برهان : (يرمي الثوب في وجهها) خذي الثوب وانصرفي من هنا ..
فلفلة : (تهدده) ألن تعيده ..؟
برهان : كلا ...
فلفلة : سأشكوكَ إلى القاضي عبد الحق..
برهان : اذهبي إلى العفاريت الزرق ....
فلفلة : هل تشتم القاضي عبد الحق وتقول بأنه عفريت أزرق ..؟!
برهان : أنا لا أشتم أحداً... خذي الثوب وانصرفي من هنا ..
فلفلة : (تنصرف وهي تهدد) سترى يا غشاش
برهان : أنا غشاش ... يا نصابة يا محتالة (يطاردها فتهرب .. يخرج حربوص من مخبئه ..)
حربوص : اهدأ ياعم برهان .. اهدأ (يعيده إلى الدكان ويجلسه على الكرسي ..) لقد كبرت على مهنة التجارة وأصبحت قليل الصبر ...
برهان : أرأيت ما تدعيه هذه الماكرة ؟!
حربوص : أصبح الناس كلهم ماكرين هذه الأيام، وأنا أرى أن تتخلص بسرعة من هذه الدكان وأنا مستعد أن أخلّصك منها ..( يخرج كيس النقود) وهذه ألف دينار..
برهان : (يرمي كيس النقود بعيداً ...) خذ دنانيرك وانصرف من هنا .. (يركض حربوص وراء كيس دنانيره ويضعه في عبّه .. تدخل الفتاة زهر اللوز متجهة إلى دكانها...)
زهر اللوز : صباح الخير ياعمي
برهان : أهلاً يازهر اللوز
( تتجه نحو دكانها ... يعترض حربوص طريقها ومعه تفاحة ..)
حربوص : صباح الخير يا زهر اللوز .. يا أحلى من قلب الجوز .. تفضلي مني هذه التفاحة يا أحلى من طعم الراحة
زهر اللوز : حربوص المخادع .. ماذا تريد..؟
حربوص : أريد إهداءك هذه التفاحة التي تشبهك في رقتها وحلاوتها (يقضم التفاحة) يا سلام .. حلوة... حلوة .... طعمها كالمسك ..
( زهر اللوز لا تأبه به وتتابع فتح الدكان وترتيب الأكياس والقطرميزات والعلب ..)
أنا أحبك يا زهر اللوز كما أحب هذه التفاحة اللذيذة (يأكل بنهم ..)
زهر اللوز : وأنا أكرهك كما أكره هذا الدواء المر ..
حربوص : لماذا يا تفاحتي ..؟
زهر اللوز : لأنك كذاب ومحتال ..
برهان : سامحكِ الله .... تزوجيني فقط وسوف أملأ يديك بالأساور وأصابعك بالخواتم ..؟
زهر اللوز : (تفتح زجاجة سوداء ..) هل تنصرف من هنا أو أرشّك بسائل العميان فأجعلك أعمى طوال حياتك..؟
برهان : (يتراجع هارباً) أنا ذاهب ولكن تأكدي بأنني سأعود وأشتري دكان عمك برهان وأصبح جاراً لك على طول الزمان ..
( يخرج حربوص ويدخل المعلم غزال وهو ممسك بالفتى فارس من أذنه ... يعود حربوص ليعرف ما يجري بين فارس ووالده..)
غزال : (ينادي) يا معلم برهان .. يا معلم برهان..
برهان : ماذا حدث يا معلم غزال ؟
غزال : تعال واستلم ابنك المحترم فارس ... لم يتعلم في مدرستي شيئاً من الرياضيات خلال ثلاثة أشهر .....
برهان : الجمع ؟!
غزال : أبداً ..
برهان : الطرح ؟!
غزال : مستحيل
برهان : الضرب ؟!
غزال : أبداً ...
برهان :التقسيم ؟!
غزال : مستحيل ..
فارس : (مقاطعاً) كلا لقد تعلّمتُ جدول ضرب الواحد .. هه .. اسمعوا (يتلو جدول الواحد) واحد في واحد واحد واحد في اثنين يساوي اثنين واحد في ثلاثة يساوي ثلاثة ..
برهان : (يصرخ) اخرس .. ألا تخجل من نفسك؟! ثلاثة أشهر ولم تتعلم سوى ضرب الواحد ... إنك تستحق الضرب على هذا الكسل .... (لغزال) هل هو غبي ..؟
غزال : كلا ... إنه عفريت خارج من تحت الأرض ..
برهان : لماذا لم يتعلم الحساب إذاً ..؟
غزال : اسأل وسوف تسمع جواباً يهز البدن..
برهان : لماذا لم تتعلم الحساب يا فارس..؟
فارس : (يتحذلق) أولاً : الحساب علم لا فائدة منه أبداً .. ثانياً : أنا أكره الحساب ، ثالثاً : إنه يوّجع الدماغ.. ويصدع الرأس ..
برهان : اخرس يا كسول .. آخ ... الحق عليّ أنا لأني سمحت لك بأن تعيش مع أخوالك في جزيرة القرد الكسلان..
غزال : وهو يحرض أيضاً الطلاب على إهمال دروس الحساب.. هل تعلم ماذا يغنون الآن ..؟
( يرتفع صوت الأطفال من خارج المسرح شيئاً فشيئاً وهم يغنون ..)
الأطفال :
الضرب درسٌ مرعبٌ
والهندسةْ هيَ أبشعُ
والجمعُ قلْ لي بالعَجَلْ
قل لي بماذا ينفعٌ
( يتلاشى شيئاً فشيئاً غناء الأطفال ...)
غزال : هل سمعت يا سيد برهان ..؟
برهان : نعم .. ولكن من ألّف هذه الأغنية السخيفة ..؟
فارس : (متباهياً) أنا ...!
برهان : اخرس ...
غزال : أنا آسف يا أخ برهان .. لم أعد أستطيع احتمال ابنك في مدرستي (يتهيأ للانصراف)
برهان : (يلحق به) سامحْهُ يا أستاذ غزال لقد عاش عند أخواله في جزيرة القرد الكسلان وهناك لا يعرفون سوى صيد السمك والضفادع ورعي الإوز ...
غزال : مستحيل لا أستطيع إعادته إلى المدرسة أبداً .. سوف يخرّب لي عقول الطلاب .... السلام عليكم .. (ينصرف)
برهان : (يلاحقه) أستاذ غزال ... أستاذ غزال .. (يلاحقه قليلاً خارج المسرح ثم يعود..) والآن قل لي يا سيد فارس ماذا ستفعل ..؟
فارس : سأخطبُ ابنة عمي زهر اللوز
زهر اللوز : وأنا لن أقبل بك إلا إذا أتقنتَ مهنة مفيدة ..
فارس : هذه بسيطة ..
زهر اللوز : وماذا ستعمل ..؟
فارس : سأصبح تاجراً شاطراً مثل أبي ..
برهان : التجارة يافهمان تحتاج إلى معرفة تامة بالحساب ..
فارس : بسيطة ... أنا أعرف جدول الواحد وأعرف العد حتى المئة ..
برهان : (ساخراً) شاطر .. شاطر... يا سلام .... (يدخل الشرطي كرباج)
كرباج : مَنْ منكم اسمه ... اسمه (ينسى الاسم) عدنان .. كلا شعبان ... عثمان ... في الاسم ألف ونون ... ساعدوني ..
زهر اللوز : هل تقصد العم برهان ..؟
كرباج : نعم ... نعم ... برهان ..
برهان : أنا برهان ... ماذا تريد ..؟
كرباج : أنا لا أعرف شيئاً.. سيدي القاضي عبد الحق هو الذي يريدك..
برهان : وماذا يريد ..؟
كرباج : لقد شكتكَ إليه امرأة (ينسى الاسم) بلبلة ... سلسلة ... كلا .... فلافل..
زهر اللوز : تقصد فلفلة ...
كرباج : نعم فلفلة ..
هذه المرأة كذابة ومحتالة ..
كرباج : أنا لا علاقة لي .. هذا الكلام تقوله لسيدي القاضي عبد الحق (يقبض عليه ) هيا ... تعال معي .. بسرعة ..
برهان : اسمح لي فقط بإغلاق الدكان ..
كرباج : لن أسمح لك بشيء فربما هربْتَ مني ...
برهان : ولماذا أهرب ...؟
كرباج : لأنك شتمت سيدي القاضي ..
برهان : أنا لم أشتم أحداً ..
كرباج : تعال الآن ... (يجره قليلاً ثم يفطن ... يعود ..)
كرباج : مَنْ منكم اسمه (ينسى) ورد وجوز ... لوز وجوز
زهر اللوز : هل تقصد زهر اللوز ..؟
كرباج : نعم .. نعم ... زهر اللوز ..
زهر اللوز : أنا زهر اللوز ..
كرباج : سيدي القاضي عبد الحق يريدك في الحال..
زهر اللوز : لماذا...؟
كرباج : لديه عسر في الهضم فقد أكل البارحة ثلاثة ديوك ونصف جدي وأرنبين ..
زهر اللوز : سأحضّر دواء للهضم ..
كرباج : هاتي الدواء وتعالي بسرعة ...(تأخذ زهر اللوز قطرميزاً وتغلق الدكان ثم تذهب مع برهان وكرباج..)..
برهان : (وهو خارج) لاتبع شيئاً في غيابي يا فارس ... هل فهمت (يدفعه كرباج)
فارس : (للجمهور) سأبرهن لأبي وخطيبتي بأنني شاطر في البيع والشراء وإن كنتُ لا أعرف الحساب .. (يبدأ فارس بترتيب الدكان .. يتنكر حربوص بلحية وشارب وثياب تاجر صيني ثم يأتي إلى الدكان ويتفحص البضاعة ...)
فارس : (فرحاً) لقد جاء الزبون ... أهلاً وسهلاً أهلاً وسهلاً ..
حربوص : شان ...شون .. شينا ..
فارس : (باستغراب )ماذا ..؟
حربوص :( يتصنع لكنة أجنبية طوال حديثه مع فارس) أنا تاجر صيني كبير ... وأريد شراء بضاعة كثيرة ..
فارس : (يتردد في بيعه) انتظر قليلاً حتى يعود أبي .
حربوص : أنا لاأستطيع الانتظار، القافلة ستغادر إلى الصين بعد نصف ساعة فقط.. (ينهق أحد الحمير) اسمع صوت الحمار وهو يستعد للأسفار ...
فارس : هل تريد شراء كمية كبيرة ..؟
حربوص : طبعاً فأنا شيخ تجار بكين في بلاد الصين ...
فارس : اختر البضاعة التي تعجبك ...
حربوص : أريد من هذا القماش .. ومن هذا ... ومن هذه الأثواب المعلقة (يحضر فارس ما يطلبه حربوص) احسب لي بسرعة ثمن هذه البضاعة وأنا مستعجل والقافلة سوف تتحرك بعد (ينهق الحمار) ربع ساعة ...
فارس : (يحاول أن يحسب لكنه يفشل) الأفضل أن تحسبها أنت ...
حربوص : ألا تعرف ,....؟
فارس : أعرف ولكني أشعر بصداع في رأسي ..
حربوص : حاضر ... سأحسبها لك بكل دقة وأمانة (يبدأحربوص حساباته الكاذبة) هذه ستة أثواب ... كم ثمن الثوب الواحد ..؟
فارس : ربما كان ثلاثين ديناراً...
حربوص : ستة أثواب في ثلاثين ... الناتج خمسة عشر ..
فارس : ماذا..؟ .... خمسة عشر فقط ...!
حربوص : طبعاً وإذا كنت لا تصدقني فاحسبها أنت ..
فارس : أنا لا أعرف الضرب في الحقيقة..
حربوص : إذاً عليك أن تصمت فقط ...( يتابع حساباته العجيبة) كم ذراعاً من القماش في هذا الثوب ..؟
فارس : لا أعرف ..
حربوص : (يقيس على ذراعه) واحد .... اثنان.... ثلاثة ...(يكمل العد همساً..) هذا الثوب فيه اثنان وثلاثون ذراعاً..؟
فارس : أبي يقول إن فيه خمسين ذراعاً...
حربوص : (يتصنع الغضب) أنا كذاب إذن ... هذه اللحية الطاهرة التي زارت الحج عشرَ مرات كذابة إذن..؟!
فارس : كلا .. كلا ... أنا لم أقل هذا ...
حربوص : لا تقاطعني إذن وإلا تركت البضاعة وذهبت إلى تاجر آخر ..
فارس : كلا .. كلا تابع ..
حربوص : اثنان وثلاثون ذراعاً ... وكم سعر الذراع ..؟
فارس : عشرة دنانير ..
حربوص : اثنان وثلاثون مضروبة في عشرة (يخرج ورقة وقلم ويتصنع الجمع والضرب) الناتج اثنان وأربعون ...
فارس : فقط..
حربوص : نعم .. فقط وإذا لم يعجبك حسابي فاحسبها أنت ...
فارس : قل لي بسرعة كم يصبح ثمن الجميع ...(يقوم حربوص بالجمع والضرب وهو يتمتم بالأرقام والعمليات الحسابية ...) خمس عشرة زائد اثنان وأربعون .... يصبح المجموع خمسون ديناراً زائد عشرة دنانير يصبح المجموع ... المجموع ستون ديناراً ...
فارس : فقط ..
حربوص : عدنا إلى كلمة فقط ... (يخرج كيساً) هذا الكيس فيه مئة دينار ... كم ديناراً تريد مني ...؟
فارس : ستون ديناراً
حربوص : إذاً كم ديناراً يجب أن تعيد لي ..؟
فارس : لا أدري ..؟
حربوص : ألا تعرف الطرح ..؟
فارس : كلا ..
حربوص : مئة دينار ناقص ستون ديناراً يساوي (يفكر) سبعين .. يجب أن تعيد لي سبعين ديناراً وسيبقى معك طبعاً ثلاثين ديناراً ... (يفتح الكيس ويعطيه ثلاثين ديناراً) هذا حقك بالتمام والكمال على الذمة والصدق والأمانة ... (ينهق الحمار من بعيد) ... القافلة سترحل ..( يجمع حربوص الأغراض في كيس بسرعة ..... فارس كالمذهول وهو يعدّ المبلغ ...) سلّم على والدك وقل له بأن التاجر الصيني .. شان .. شون ... شينا يسلم عليه ويدعوه لزيارة الصين عندما ينضج التين (يسرع حربوص خارجاً وهو يحمل الأثواب والقماش ... فارس .. يعد النقود وهو دهش ... يدخل برهان غاضباً مع زهر اللوز ... وهو يحمل الثوب الذي كان مع فلفلة ..)
برهان : آخ... ليتني قطعت لسان هذه المحتالة فلفلة ...
زهر اللوز : لا تغضب ياعمي ... أنت مريض..
برهان :كيف لا أغضب وقد حكم لها القاضي الأحمق بإعادة الثوب وقد غرّمني أيضاً عشرة دنانير ..
زهر اللوز : كيف صدقها القاضي بهذه السهولة..؟
برهان : لأنه أحمق ... مغفل .. غبي ... جاهل ... ليتكِ تركتِ بطنه ينفجر من الألم ..
زهر اللوز : لا تشتمه ياعمي فربما سمعك أحد..
برهان : لقد دفعت ثمن شتمه مقدماً...(يقتربان من الدكان فيفاجأان بنقص البضاعة وفارس يحاول عد النقود).. هل بعت شيئاً ؟
فارس : نعم.. ستة أثواب واثنان وثلاثون ذراعاً ...
برهان : وأين ثمنها ..؟
فارس : هاهو (يعطيه الدنانير) ..
برهان : ماهذا ؟ إنها ثلاثون ديناراً فقط ..
فارس : أليس هذا ثمنها ..
برهان : إنها لا تعادل ثمن ثوب واحد ... ألم أقل لك لا تبع شيئاً ... ومن اشتراها منك ..؟
فارس : إنه صديقك التاجر الصيني شان شون شينا..
برهان : وأين هو .؟
فارس : لقد رحل إلى الصين على ظهر حمار ..
برهان : في هذا المكان يوجد حمار واحد هو أنت ..
فارس : لا .. لقد دعاك لزيارته في مدينة بكين عندما ينضج التين ..)
برهان : (ساخراً بمرارة) يا سلام ... صين بكين تين ... صين ... بكين ... تين ... خدعونا يا مسكين ..( يردده) صين ... بكين ... تين .... خدعونا يا مسكين ... (يشعر بألم في رأسه ..) آخ ..آخ... رأسي ..( تركض زهر اللوز وفارس ويجلسانه ...)
زهراللوز : (تتحسس رأسه) حرارتك مرتفعة ياعمي... يجب أن تذهب إلى البيت ...( تساعده في النهوض ..)
فارس : هل تريدني أن أبقى في الدكان؟
برهان : كلا ... أغلق الدكان فقط وساعدني لأصل إلى البيت (يغلق فارس الدكان ويساعد والده مع زهر اللوز ... ويخرجون من المسرح ... يدخل حربوص فرحاً بما فعله ..)
( إظلام )
الـمشهد الثالث ..
( المنظر السابق .. برهان جالس في دكان شبه الفارغة .. زهر اللوز في دكانها تقوم بتحضير دواء لعمها ... تذيبه في كأس ماء ثم تتجه نحو دكان برهان وتعطيه الكأس .. )
زهر اللوز : تفضل الدواء ياعمي ...بالهناء والشفاء ..
برهان : (يشربه) شكراً يازهر اللوز..
زهر اللوز : الأفضل أن تذهب إلى البيت وتستريح ..
برهان : لا أستطيع ترك الدكان مغلقة ... سأصبر حتى يتعلم فارس مهنة الخياطة كما وعدني (تتركه زهر اللوز وتعود مع الكأس إلى دكانها.. يدخل حربوص ومعه قفص فيه طائر أسود ..)
حربوص : صباح الخير ياعم برهان .. (برهان لا يرد) سمعت بأنك مريض جداً - عافاك الله - وتريد بيع الدكان ..
برهان : لن أبيع شيئاً ، أما الدكان فسوف يعمل فيها ابني فارس ..
حربوص : (ساخراً) وبماذا سيعمل فارس ؟ بالتجارة مع الصين واليابان كما سمعت ..؟
برهان : كلا... ابني فارس سيفتح هنا دكان خياطة..
حربوص : (يضحك) فارس خياط... سأوصيه على بردعة لحماري ... (يضحك )
زهر اللوز : الأفضل أن توصيه على بردعة لك ..
حربوص : سامحك اللّه يا زهر اللوز ... يا أحلى من قلب الجوز..
زهر اللوز : (بجفاف) ماذا تريد ؟ أنا مشغولة ..
حربوص : وأنا أيضاً مشغول بحبك ..
زهر اللوز : لست مستعدة لسماع كلامك السخيف ..
حربوص : أريد دواء يشفي قلبي المسكين الذي أسره حبك كهذا الطائر السجين..
زهر اللوز : خذ طائرك وانصرف من هنا ..
حربوص : أريد إهدائك هذا الطائر حتى تذكريني دائماً ..
زهر اللوز : لو أنك أهديتني بوماً لتذكرتك أكثر..
حربوص : (يضحك) دمك خفيف يا زهر اللوز..
زهر اللوز : ( تهدده بزجاجة فيها سائل أحمر) أتنصرف من هنا أم أجعلك أعمى وأطرش بهذا السائل ..؟
حربوص : (يبتعد خائفاً) أنت تحبين هذا الأحمق فارس .. أليس كذلك؟
زهر اللوز : هذا الأمر لا يعنيك ..
حربوص : فارس شاب مغرور وأحمق ولا يحسن أي عمل ...
زهر اللوز : ولكنه ليس نصاباً ومحتالاً مثلك .. (تهدده بالزجاجة فيهرب ويختبئ في مكان بحيث يراقب باهتمام ما يجري ... يدخل معلم الخياطة كشتبان غاضباً .. وهو ممسك فارساً من أذنه ..)
برهان : (ينهض لاستقبال المعلم كشتبان) أهلاً بالمعلم كشتبان ..
كشتبان : لافائدة... لا فائدة أبداً يا معلم برهان ..
برهان : مالذي جرى يا معلم كشتبان ..؟
كشتبان : ابنك المحترم فارس لن يتعلم مهنة الخياطة أبداً ..
برهان : لماذا ؟!
كشتبان : مهنتي تحتاج إلى معرفة جيدة بالحساب لحساب طول الجسم وعرضه وطول الكم والخصر والذراع والجمع والطرح والتقسيم..
فارس : أنا أكره الحساب وأستطيع الخياطة دون هذا العلم السخيف..
كشتبان : هل سمعت ؟ الحساب علم سخيف .. (وهو منصرف) السلام عليكم ..
برهان : (يلاحقه) انتظر يا معلم كشتبان ..
فارس : اتركه يا أبي ... ابنك قد تعلم مهنة الخياطة..
زهر اللوز : دون حساب..؟!
فارس : طبعاً ... لقد راقبت كشتبان كيف يعمل ... الأمر بسيط وسوف أثبت لكم بأنني أصبحت خياطاً ماهراً (يغني متفاخراً بنفسه ... يعود الأب برهان )
المهنةُ التي يدعونها الخياطةْ
من أسهل المهن وكلّها بساطةْ
سأخيطُ سروالاً من أحسن الملبوسْ
وأخيط أثواباً تليقُ بالعروسْ
برهان : (يشعر بالمرض) هيا ابنتي زهر اللوز ... خذيني إلى البيت فأنا لم أعد احتمل هذا المغرور ..
فارس : هل أساعدك يا أبي ..؟
برهان : كلا .. ابق في الدكان وعوضي على اللّه ...( يخرج مع زهر اللوز ... فارس يعلق لوحة كبيرة على باب الدكان .. كتب عليها الخياط الشاطر فارس .. خياطة أثواب ... سراويل .. قمصان .. تدخل فلفلة ويتشاور معها حربوص في جانب المسرح للإيقاع بفارس .. يخرجان..)
( إظلام )
الـمشهد الرابع
( في قاعة المحكمة حيث نرى القاضي عبد الحق واقفاً وراء طاولة عالية فوقها مطرقة خشبية كبيرة وإلى اليمين والأمام قليلاً قفص اتهام فيه اللص سرقون النائم إلى يسار القاضي الشرطي كرباج يحرس بسلاحه المحكمة ... القاضي يخلع رداءه الواسع ويتفحصه ..)
القاضي : لقد أصبح ردائي قديماً يا كرباج..
كرباج : لا بد أن تلبس رداءً جديداً لتظهر به أمام الوزير الأكبر عابس ..
القاضي : معك حق ولكني لا أحب الشراء .
كرباج : ماذا تحب إذن يا سيدي ..؟
القاضي : أنا أحب الهدايا ..
كرباج : وأنا أيضاً (يضحكان )..
( القاضي يلبس رداءه ثم يجلس يضرب الطاولة بالمطرقة فيصرخ كرباج)
كرباج : محكمة ...( يستيقظ سرقون ويصرخ)
سرقون : أنا بريء ... أنا بريء..
القاضي : (ساخراً) بريء .. كلما قبضنا عليك تصرخ (يقلده) أنا بريء .. أنا بريء..
سرقون : ولكنكم لم تصدقوني مرة واحدة ..
القاضي : لأنك لم تصدق مرة واحدة..
سرقون : أنا مظلوم ..
القاضي : (ساخراً) مظلوم ...مَنْ الذي سرق محفظة شهبندر التجار ..؟
سرقون : لست أنا يا سيدي ..
القاضي : ولكنهم أمسكوا يدك وفي في جيب الشهبندر ..
سرقون : لقد ظننتها جيبي ... صدقني يا سيدي ..
القاضي : اخرس .. ولماذا صعدت إلى سطح خزينة المدينة ؟
سرقون : أردت أن أقبض على عصفور هرب فطار إلى هناك ... العصافير تحب ا لسطوح ..
القاضي : هه... ولماذا سرقت ثور الفلاح إبراهيم ..؟
سرقون : أبداً ... هو ا لذي تبعني إلى البيت ... هل أمنعه من اللحاق بي ... قلت له أكثر من مرة اذهب يا حيوان ياثور .. ولكنه لا يفهم ..
القاضي : والرسن الذي كان في يدك ..؟
سرقون : لم أكن أعلم بأن في نهايته ثوراً ، هل أنا ساحر..؟
القاضي : (يصرخ ويضرب بالمطرقة) اخرس يا كذاب يا لص .. يا دجال ... سأحاكمك أمام الوزير الأكبر عابس وأحكم عليك بالسجن مئة عام ... وهذا قليل أيضاً .. وألف جلدة...
سرقون : أنا بريء..
القاضي : سيحضر محاكمتك الوزير وسيرى بنفسه شطارتي في محاكمة المجرمين ... وربما جعلني قاضي القضاة ... (يفطن) آخ يجب أن أكون بثياب لائقة..
( تدخل فلفلة وهي تحمل ثوباً سيء الخياطة ..)
فلفلة : النجدة يا سيدي القاضي النجدة...
القاضي : ماذا حصل .. هل هذا الثوب لي ..؟
فلفلة : كلا يا سيدي القاضي .. إنه لي .. لقد أفسده الخياط فارس ابن التاجر برهان ... انظر...
القاضي : كيف ..؟!
فلفلة : أعطيته قماشاً ثميناً ليخيط لي ثوباً ولكنه أفسده كما ترى ..
القاضي : أحضروا لي هذا الخياط حالاً ...
سرقون : هل أحضره أنا ..؟
القاضي : كلا .. كلا .. أنت تخرس فقط (يصرخ) ياكرباج..
كرباج : نعم يا سيدي ..
القاضي : اذهب حالاً وأحضر لي الخياط (لفلفلة) مااسمه ..؟
فلفلة : فارس ..
القاضي : (لكرباج) مااسمه ..؟
كرباج : (يردّد) فارس .. فارس ... فارس ..(يخرج وهو يردد الاسم .. ثم يعود بسرعة) مااسمه يا سيدي ..؟
القاضي : يا إلهي .. اسمه .. اسمه ... (ينسى )
فلفلة : فارس ..
القاضي : اسمه فارس ياغبي ... (يخرج كرباج وهو يردد الاسم )
القاضي : (فرحاً ... يكلم نفسه) جاءت الفرصة لأخيط ثوباً بالمجان..
فلفلة : أغلق له دكانه يا سيدي القاضي واسجنه أيضاً ..
القاضي : أنا أعرف مهنتي ..
فلفلة : لقد أتلف لي الثوب ... جاءني القماش هدية من بلاد الهند .. إنه حرير هندي ..
( ينشغل القاضي بالكتابة ... سرقون يشير إلى فلفلة كي تقترب منه ..)
سرقون : فلفلة ... فلفلة ... اقتربي قليلاً
فلفلة : (بحذر) ماذا تريد ...؟
سرقون : اطلبي من صديقي حربوص أن يعمل على إنقاذي ....
فلفلة : حاضر ..
(يدخل فارس يدفعه الشرطي كرباج..)
القاضي : هل أنت الخياط فارس ....؟
فارس : نعم أنا فارس ..
القاضي : كيف أفسدت الثوب لهذه السيدة...؟
فارس : لا أدري ولكنني لم أخط شيئاً لك..
فلفلة : هي تعني بأنني كذابة ...؟
فارس : لا أدري ولكنني لم أخط شيئاً لك..
فلفلة : (تبكي) لا تصدقه يا سيدي القاضي لقد أفسد لي هذا الثوب الثمين .. أغلق له دكانه في الحال ...واسجنه أيضاً ..
القاضي :( بعد تفكير بسيط) هل أنت خياط..؟
فارس : نعم ..
القاضي : وشاطر ..؟
فارس : نعم .... لقد تعلّمتُ عند الخياط كشتبان ..
القاضي : (بعد تفكير قليل) سنرى إذا كنت خياطاً شاطراً (ينهض ويقرأ الحكم..) حكمت المحكمة عليك بـأن تخيط ثوباً للقاضي - أي نحن - ثوباً من قماش ثمين ويكون جاهزاً بعد ثلاثة أيام ..
سرقون : وأنا موافق ..
القاضي : الحكم ليس لك يا أحمق .. الحكم لفارس ..
سرقون : أنامظلوم...
فارس : حاضر ..
القاضي : أريد الثوب جاهزاً هنا في المحكمة بعد ثلاثة أيام وإلا بعت الدكان في المزاد العلني وسجنتك مع هذا العصفور البريء (يشير إلى سرقون ......فينصرف فارس) إلى أين ..؟
القاضي : ألن تأخذ مقاسي ..؟
فارس : نعم .. نعم .. نسيت .. (يبدأ فارس بأخذ مقاسات القاضي بالشبر والفتر أو بواسطة مرسة والقاضي مدهوش من أفعال فارس )..
( إظلام )
الـمشهد الخامس
( في قاعة المحكمة حيث نرى القاضي عبد الحق جالساً وراء طاولته .. سرقون في قفص الاتهام ... فلفلة قربه ..)
سرقون : أنا مستعجل ألن تحاكموني ..؟
القاضي : ولم العجلة ؟! ستبقى عندنا ضيفاً لأعوام طويلة...
سرقون : هذا يعني أنكم تحبونني كثيراً ..
القاضي : سأحاكمك اليوم في حضور الوزير الأكبر عابس ..
سرقون : أنا بريء .. (يدخل كرباج )
القاضي : أين الخياط يا كرباج ..؟
كرباج : أي خياط يا سيدي ..؟
القاضي : (بدهشة) الخياط فارس ... الذي أرسلتك لإحضاره مع الثوب ..
كرباج : أي ثوب ؟
القاضي : يا إلهي .. ما هذه المصيبة .؟ الثوب الذي سأرتديه في المحكمة أمام الوزير الأكبر عابس ..
كرباج : نسيت ..
القاضي : اذهب حالاً وأحضر لي الخياط ..
كرباج : والثوب ..؟
القاضي : طبعاً يا أحمق ..
سرقون : هل أذهب أنا ..؟
القاضي : كلا ..
سرقون : أنا سريع في الجري ..
القاضي : اخرس .. (لكرباج) اذهب بسرعة ..
كرباج : مااسمه يا سيدي ..
القاضي : اقترب قليلاً (يقترب كرباج فيخبطه القاضي بالمطرقة على رأسه وهو يصرخ) ، فارس ... فارس ... فارس .... هل سمعت ...؟
كرباج : (يصرخ) آخ ... آخ .. (يدخل فارس حاملاً الثوب ... يسرع القاضي لاستقباله ... يتجه كرباج نحو الباب ..)
القاضي : (يصرخ) كرباج ... إلى أين أنت ذاهب ..؟
كرباج : لإحضار الخياط فارس ..
القاضي : ولكنه أمامي ,... ألا تراه ..؟
كرباج : ولماذا قلت لي إذن .. إذهب لإحضاره..
القاضي : (يضربه بالمطرقة) .... اخرس فقط .. اخرس (لفارس) هل الثوب جاهز..؟
فارس : نعم يا سيدي ...
القاضي : أسرع وألبسني إياه قبل حضور الوزير (فارس يُلبس القاضي الثوب العجيب الذي خاطه فلا يتمكن القاضي بسبب ضيق الفتحة من إخراج رأسه ويده اليسرى كمّا أن الثوب طويل جداً..)
القاضي : أنا لا أرى شيئاً ... أين رأسي ..؟
كرباج : (يتلمس رأس القاضي) إنّه في مكانه يا سيدي ..
فارس : انتظر ... سأقص قليلاً فتحة الرأس (يحاول بالمقص توسيع فتحة الرأس ولكنّ القاضي يصرخ..)
القاضي : آخ ... آخ ... لقد جرحت رأسي أيها الأحمق ... آه ... سأختنق ..
فارس : سأفتح لك فتحة عند أنفك ... (يحاول فتح مكان عند الأنف ولكن يبدو أنّ المقص قد جرح أنف القاضي ..)
القاضي : آخ ... أنفي ... أنفي ... (يبحث عن المطرقة) المطرقة .. المطرقة .. (يعطيه كرباج المطرقة فيكون أول من يتلقى الضربات .... كما يسرع القاضي ويسقط نظراً لطول الثوب .... يسرع فارس وكرباج لإنهاضه فلفلة تستغل الموقف وتسرع بمساعدة سرقون على الهرب.. سرقون يهرب .. يلاحظه فارس يلحق به ..)
كرباج : هرب اللص يا سيدي ..
القاضي : إلحق به يا أحمق ... إلحق به ... (كرباج يلاحق اللص قليلاً ثم يعود ... فيمسك به القاضي الذي يدور باحثاً عن اللص )..
القاضي : اللص... اللص ... أمسكت بك ...(يضربه)
كرباج : كلا يا سيدي ... أنا كرباج ..
القاضي : ولماذا عدت يا أحمق ..؟
كرباج : لم تقل بمن ألحق ... باللص أم بفارس ...؟
القاضي : أنا الذي سألحق بك ... (يضربه .... يهرب كرباج ... يدخل الوزير عابس أثناء هذه الفوضى فيصطدم به القاضي ويمسك به .....) خذ .. خذ ... يا كرباج يا كرباج ...
الوزير : أنا لست كرباجاً يا غبي ..
القاضي : أنت اللص إذن ... خذ .. خذ ... (يضربه)
الوزير : أنا الوزير الأكبر عابس ...
القاضي : (ساخراً ... غير مصدق ..) وأنا الإمبراطور إذن ,.... خذ .. خذ ...
كرباج : (مذعوراً) .. توقف يا سيدي ... أنت تضرب الوزير الأكبر .. (يتوقف القاضي مذهولاً ... يبكي من الألم بصوت مرتفع ... كرباج يساعد القاضي بصعوبة على خلع الملابس العجيبة..) ..
الوزير : مَنْ أنت ..؟!
القاضي : (متذللاً) أنا القاضي عبد الحق ..
الوزير : كيف تتجرأ على ضربي يا أحمق؟!
القاضي : سامحني .. ظننتك اللص سرقون..
الوزير : هل تعني بأنني أشبه اللصوص ؟
القاضي : كلا .. ولكنني لم أرك بسبب هذه الثياب السخيفة...
الوزير : ومَنْ خاطها لك ..؟
القاضي : شابٌ اسمه فارس ...
( يدخل فارس وقد قبض على اللص ..) هاهو يا سيدي ...
الوزير : (يشير إلى سرقون) وهذا الطفل البريء من يكون ..؟
القاضي : إنه اللص سرقون (القاضي يضرب سرقون) تهرب مني .. يالص ... (يمسكه كرباج ويعيده إلى قفص الاتهام..)
الوزير : (للقاضي) كيف هرب اللص من المحكمة يا عبد الحق ..؟
القاضي : الذنب كلّه يقع على هذه الثياب اللعينة ...
الوزير : (لفارس) أأنت من خاط هذه الثياب الرديئة ..؟
فارس : نعم يا سيدي ..
الوزير : ولماذا خطتها بهذا الشكل السيء؟ (يدخل برهان وزهر اللوز )
برهان : (مقاطعاً) لأنه لا يعرف شيئاً في الحساب يا سيدي الوزير ..
الوزير : من أنتما ....؟
برهان : أنا والده يا سيدي الوزير ..
زهر اللوز : وأنا ابنة عمه ..
( برهان يهمس بأذن الوزير شاكياً ولده..)
الوزير : غير معقول ... تريد العمل في التجارة والخياطة ولا تعرف الحساب ؟! (يدخل المعلم غزال ...)
غزال : ويقول في الرياضيات أشعاراً سخيفة ..
الوزير : من أنت ؟
غزال : أنا غزال معلم الرياضيات..
الوزير : أسمعت ماذا يقول السيد فارس يا غزال..
غزال :
الضرب درسٌ مرعبٌ
والهندسة هي أبشعُ
والجمعُ قلْ لي بالعجلْ
قل لي بماذا ينفعُ ؟
الوزير : (ساخراً) هكذا إذن ..( يجلس وراء منصة المحكمة ويطرق بالمطرقة معلناً افتتاح الجلسة) أسمعوا أحكامي أولاً أنت محروم من الترفيع خمس سنوات يا عبد الحق وإذا أخطأت ثانية فسوف أعينك قاضياً على مشاكل الأولاد ... ثانياً على الشاب فارس ألا يخرج من السجن أبداً إلا بعد أن يتقن علم الرياضيات... (يضرب بالمطرقة) رفعت الجلسة ..
القاضي : أنا مظلوم يا سيدي..
سرقون : أنا مظلوم أيضاً..
القاضي : (القاضي عبد الحق يضرب سرقون..) مظلوم ... أنت تستحق الشنق والرمي في البحر ..
الوزير : احكم بالعدل ياعبد الحق ...
القاضي : (يكتم غضبه) حاضر ... حاضر يا سيدي ..
( إظلام )
الـمشهد السادس
( قاعة المحكمة ... القاضي عبدالحق والمعلم يفحصان فارس قبل إطلاق سراحه .. زهر اللوز وبرهان واقفان ..)
غزال : 9×9 ماذا يساوي ؟
فارس : واحد وثمانون ..
غزال : اثنان وسبعون تقسيم ثمانية..
فارس : تسعة..
غزال : مساحة المثلث ...
فارس : القاعدة × الارتفاع
2
غزال : كيف نحسب حجم الغرفة ....؟
فارس : الطول × العرض × الارتفا ع
برهان : مارأيك يا أستاذ غزال ..؟
غزال : لقد أصبح جيداً ..
القاضي : هل يمكنني إطلاق سراحه ..؟
غزال : نعم..
القاضي : (يقدم إليه ورقة) وقّع هنا ... (يوقع المعلم غزال .. يخرج فارس من المحكمة فرحاً مع زهر اللوز وبرهان ..)
( إظلام )
الـمشهد السابع
( في السوق ... فارس يرتب البضاعة في الدكان وهو فرح ... زهر اللوز في دكانها تراقبه مسرورة يدخل حربوص ومعه فلفلة التي تنكرت في زي امرأة عجوز ... تتهامس مع حربوص ثم تتجه نحو زهر اللوز ..)
فلفلة : صباح الخير يا بنتي ..
زهر اللوز : أهلاً يا خالة ماذا تريدين ؟
فلفلة : أرجوك تعالي معي ..
زهر اللوز : إلى أين ؟
فلفلة : إلى البيت ... ابني الوحيد مريض جداً ..
زهر اللوز : ماذا يشكو ؟
فلفلة : ألم في رأسه .. ودوخة ..
زهر اللوز : هل حراراته مرتفعة ..؟
فلفلة : طبعاً..
( تجهز زهر اللوز بعض الأدوية والأعشاب تضعها في حقيبة قماشية وتخرج من الدكان ..)
زهر اللوز : (لفارس) انتبه للدكان ... سأعود بعد قليل (تخرج مع فلفلة ... يخرج حربوص حاملاً زجاجة شراب .... و يتجه نحو فارس ...).
حربوص : مرحباً يا فارس ..
فارس : ماذا تريد ..؟
حربوص : سمعت بأن زواجك من زهر اللوز سيكون في الشهر القادم ...
فارس : نعم..
حربوص : (للجمهور) لن يتم هذا الأمر أبداً ..
فارس : ماذا تقول .؟
حربوص : لا شيء .. لقد جئت أهنئك أولاً بخروجك من السجن بالسلامة وثانياً لتعلمك الحساب وثالثاً لأهديك زجاجة من الشراب اللذيذ الذي صنعته بنفسي من عصير توت الثعلب ..
فارس : خذ هديتك أيها الثعلب وانصرف من هنا ..
حربوص : (يصب كأساً) لن أنصرف حتى تشرب من يدي كأساً من هذا العصير المنعش ... اشرب يا صديقي... اشرب (للجمهور) سيكون آخر كأس في حياته ...( يضحك) وسوف أتزوج زهر اللوز واستولي على هذه الدكان ... (يقدم إليه الكأس من جديد..)
فارس : قلت لك لا أحب مثل هذا الشراب... ولا اشعر بالعطش ..
حربوص : بل أنت عطشان ... (بإلحاح) أنا واثق بأنك عطشان ...
فارس : كلا ... (يدخل فجأة القاضي ومعه كرباج..)
القاضي : بل أنا العطشان ...( يحمل الزجاجة ويتأملها) يبدو أنه شراب لذيذ ... مَنْ جاء به ..؟
فارس : حربوص ...
القاضي : سأتذوقه ..
حربوص : (يمنعه) كلا يا سيدي ... سأهديك زجاجة أخرى ..
القاضي : ولكني أشعر بالعطش الشديد الآن ..(يشرب القاضي الكأس دفعة واحدة...) في طعمه مرار قليل ... (فجأة) آخ .. آخ بطني ..النجدة ... النجدة ... الشراب مسموم (يهرب حربوص .. يتبعه كرباج ..) آخ .. سأموت أين زهر اللوز ..؟
فارس : (مضطرباً) لقد ذهبت مع امرأة عجوز..
القاضي : ألا تعرف في الأدوية ...؟ أسرع سأموت..(يسرع فارس إلى دكان زهر اللوز ويفتح كتاباً مكتوب على غلافه علاج السموم ويبدأ بالقراءة من الكتاب وتحضير الدواء ...)
فارس : خمس غرامات من القطرميز رقم سبعة... وعشر غرامات من القطرميز رقم تسع عشرة ومقدار ربع .,... ربع ليتر من ماء الورد ... (يضع الجميع في طاسة ماء ويحركها ... ثم يقدم الدواء للقاضي الذي يشرب الدواء بسرعة ...)
القاضي : آه ... آه...
فارس : كيف حالك الآن ..؟
القاضي : لقد خف الألم .. شكراً يا فارس .... (تحضر زهر اللوز غاضبة ..)
زهر اللوز : يا لها من امرأة محتالة ... (تلاحظ ما يجري ..) ماذا حدث ..؟
فارس : لقد شرب القاضي عبد الحق .. من هذا الشراب (زهراللوز تشمه ..)
زهر اللوز : هذا الشراب فيه سم الزرنيخ..
القاضي : ماذا ؟! .. سم الزرنيخ .. النجدة .. أنقذوني أرجوكم ..
زهر اللوز : (لفارس) ماذا أعطيته ..؟
فارس : ركبت له هذا الدواء المضاد للسموم (يشير إلى الصفحة .)
زهر اللوز : الدواء صحيح ولولا معرفتك بالحساب لكان القاضي في عداد الأموات..
القاضي : ولماذا أرادوا موتي ..؟
فارس : بل موتي يا سيدي .. حربوص هو الذي أهداني زجاجة الشراب المسموم..
زهر اللوز : وفلفلة هي التي تنكرت بثياب عجوز وأبعدتني عن المكان حتى لا أنقذ فارس إذا تسمم ...
القاضي : يالهما من مجرمين .. ولكن لماذا..؟
فارس : حتى يتزوج حربوص من زهر اللوز ويستولي على الدكان ..
القاضي : (يفطن) اين كرباج..؟ (يحضر كرباج ممسكاً بحربوص ..)
كرباج : أنا هنا يا سيدي وقد أحضرت لك صاحب الشراب...
القاضي : (القاضي يضربه) تريد موتي يا سفاح يامجرم..
حربوص : أنا مظلوم ... لم أقصد إيذاء أحد...
القاضي : والسم الذي في الشراب..؟
حربوص : أبداً .. لا يوجد أي سم... (القاضي يصب كأسه ويقدمه لحربوص ,..)
القاضي : تفضل إذن..
حربوص : هذا عيب يا سيدي كيف أشرب من هديتي..
القاضي : يا سلام على هذا الذوق ... (يصرخ) يا كرباج...
كرباج : نعم يا سيدي ..
القاضي : خذ هذا المجرم من أمامي إلى السجن (يدفع كرباج حربوص أمامه ... القاضي يأخذ الزجاجة ويلحق بهما ..)
( زهر اللوز وفارس يغنيان ثم يلحق بهما بقية الممثلين والجميع يغني الأغنية التالية :
غنّوا معي لحنَ الحياة
أحبتي غنّوا معي
نُورُ العقولِ الهندسةْ
والجبرُ علم البارعِ
أمّا الحسابُ فممتعٌ
يهواهُ عقلُ المبدعِ
فالثورُ ضخمٌ والحصان
يجري كعصفِ الزوبعةْ
والصقرُ يعلو في الفضاءْ
وإذا هوى ما أسرَعهْ
لكنهم لا يحسنون
العدّ حتى الأربعة
( النهاية )
صدر للمؤلف
1. مازال الرقص مستمراً مسرحيّة (دار المعارف) بحمص 1987
2. غدير الغزلان (مسرحيتان للأطفال)اتحاد الكتّاب العرب - دمشق 1992
3. نداء في ليل المدينة مجموعة قصصية- مؤسسة علا- حمص 1993
4. الصيد الثمين (مسرحيتان للأطفال) وزارة الثقافة - دمشق 1993
5. جبل البنفسج (مسحيتان للأطفال) وزارة الثقافة - دمشق 1993
6. سرحان في وادي الكسلان (ثلاث مسرحيات للأطفال) مؤسسة علا- حمص 1996
7. الشجرة الناطقة (مسرحيتان للأطفال) اتحاد الكتاب العرب - دمشق 1997
?
رقم الايداع في مكتبة الأسد الوطنية :
الشجرة الناطقة؛ الأعداد السكرية: مسرحيتان للفتيان/ نور الدين الهاشمي- دمشق: اتحاد الكتاب العرب، 1997 - 181 ص؛ 25سم.
1- 812 ط هـ ا ش 2- العنوان الأول
2- العنوان الثاني 4- الهاشمي
ع: 1779/10/1997 مكتبة الأسد
?
هذا الكتاب
مسرحيتان للأطفال تطرحان بقالب هزلي ساخر، الصراع بين الخير والشر من خلال استغلال رجل جشع لمجموعة من البحّارة، ومحاولة البحّارة التخلص من استغلاله بصنع سفينة خاصة بهم وانتصارهم في النهاية على سلبهم واستغلالهم.
?