المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : فتاوى قاضيخان - جزء الثالث


gogo
10-22-2019, 12:38 PM
http://www.shamela.ws
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة



الكتاب: فتاوى قاضيخان
المؤلف: فخر الدين حسن بن منصور الأوزجندي الفرغاني الحنفي المتوفى سنة 592
فيها بعض النقص وهو:
من المجلد الثاني: ص402، 403، 418، 419
من المجلد الثالث: يوجد نقص من 131 إلى الصفحة151 وص472،473
مصدر الكتاب: http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=89539
ملاحظة: [هذا الكتاب من كتب المستودع بموقع المكتبة الشاملة]
للمخيط فعلى هذا لا يكون حانثاً وإن قال لا ألبس هذا القباء فوضعه على كتفه ولم يدخل يديه في كميه كان حانثاً في يمينه لأن في المنكر يعتبر اللبس المعتاد في القباء أما في المعين لا يعتبر اللبس المعتاد لأن الأوصاف في المعين لغو فعلى هذا حلف أن لا يلبس هذا الثوب فاتزر به أو ارتدى كان حانثاً * ولو حلف أن لا يلبس قميصاً فاتزر بقميص أو ارتدى أو تعمم لا يكون حانثاً * ولو قال هذا القميص فاتزر به أو ارتدى أو تعمم كان حانثاً * ولو حلف أن لا يلبس ثوباً فوضع على عاتقه <73> للحمل لا يكون حانثاً لأنه ليس بلابس بل هو حامل * ولو حلف أن لا يلبس هذه العمامة فطرحها على عاتقه حنث ولو قال عمامة لا يحنث * رجل حلف أن لا يلبس خزاً فلبس ثوباً خالصاً من خز أو كان سداه من القطن أو الابريسم ولحمته من الخز كان حانثاً وكذا لو حلف أن لا يلبس كتاناً فلبس ثوباً خالصاً من كتان أو من قطن وكتان كان حانثاً سواء كان الكتان سداه أو لحمته * ولو حلف أن لا يلبس حريراً أو ابريسماً فلبس ثوباً سداه حرير أو ابريسم لا يكون حانثاً وإن كان لحمته حريراً كان حانثاً لأن السدى إذا كان من الإبريسم أو الحرير واللحمة من الخز أو القطن يصير السدى مستهلكاً باللحمة لا يرى فلا يعتبر بخلاف القطن والكتان فإن السدى في القطن والكتان لا يصير مستهلكاً باللحمة لأن كلّ واحد منهما رقيق فيصير مستوراً باللحمة لأن كلّ واحد منهما رقيق فيصير مستوراً باللحمة لا يرى ولو حلف أن لا يلبس ثوب كتان فلبس ثوباً من قطن وكتان لا يحنث كانت اللحمة من الكتان أو القطن * ولو حلف لا يلبس ثوب ابريسم فلبس ثوباً من إبريسم وقطن إن كانت اللحمة من الإبريسم حنث وإلا فلا * ولو حلف أن لا يلبس ثوب خز من غزلها فلبس ثوباً سداه إبريسم ولحمته خز من غزلها كان حانثاً * ولو حلف أن لا يلبس طيلسان صوف فلبس طيلساناً لحمته صوف وسداه إبريسم أو قطن لا يحنث ولا يشبه الطيلسان غيره * حلف لا يلبس قطناً ولم يذكر ثوباً فلبس ثوباً من قطن وكتان حنث * ولو حلف أن لا يلبس ثوباً فلبس مسحاً أو طنفسة أو وسادة لا يحنث ويحنث في يمين الشراء * ولو حلف أن لا يلبس حلياً فلبس سيفاً محلى أو منطقة مفضضة لا يكون حانثاً وهو على حلي النساء * رجل قال لامرأته والله لا ألبس من غزلك ثوباً فلبس من غزلها سراويل حنث ولو كان عليه ثياب فلبس السراويل فوق لاثياب لا يحنث في يمينه * ولو حلف لا يلبس قميصين فلبسهما متفرقين لا يحنث حتى يلبسهما معاً وكذا لو حلف أن لا ينام على فراشين لا يحنث حتى ينام عليهما معاً ولو عينهما بالإشارة فلبسهما مجتمعاً أو متفرقاً كان حانثاً * ولو حلف لا يلبس هذا الثوب واتخذ منه قلنسوة فوضعها على رأسه لا يكون حانثاً * رجل <74> حلف أن لا يلبس السواد فهو على الثياب * ولو قال لا ألبس شيئاً من السواد فإنه يحنث في القلنسوة وغيرها * رجل قال لغيره والله لا أكلمك ما دام عليك هذا الثوب أو ما كان عليك هذا الثوب فنزع الثوب ثمّ لبسه فكلمه لا يحنث * ولو قال والله لا أكلمك وعليك هذا الثوب أو قال والله لا أدخل هذه الجار وأنت ساكنها فخرج منها ثمّ عاد إليها أو نزع الثوب ثمّ لبسه وكلمه كان حانثاً * رجل قال لامرأتين له إن لبستما هذين الدرعين فعبدي حر فلبست كلّ واحدة منهما دراعاً لا يحنث حتى تلبس كلّ واحدة منهما الدرعين وكذا لو قال إن كلمتما هذين الرجلين أو دخلتما هذين الدارين * ولو قال إن أكلتما هذين الرغيفين فأكلت واحدة منهما رغيفاً أو أكلت إحداهما الرغيفين إلا شيئاً وأكلت الأخرى الباقي كان حانثاً * رجل أوجب على نفسه أن يلبس الصوف حتى يموت يريد به العبادة والخير فله أن يلبس غيره ليس هذا من القربة بل يكره الشهرة في اللباس إلا أن ينوي بذلك اليمين فيكون يميناً * رجل حلف ليقطعن اليوم من هذا الثوب قميصين فقطع منه قميصاً واحداً وخاطه ثمّ فتقه وخاطه مرة أخرى قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى حنث في يمينه * ولو كان حلف ليخيطن منه قميصين والمسألة بحالها قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بر في يمينه ولو قال لأقطعن منه قميصين فقطع قميصاً وخاطه ثمّ فتقه ثمّ قطعه قميصاً آخر على غير ذلك لاقطع بر في يمينه * رجل حلف ليقطعن من هذا الثوب قميصاً وسراويل فقطع منه قميصاً ثمّ قطعه سراويل بر في يمينه لأن شرط البر أن يقطع الثوب قميصاً وسراويل وقد وجد لأن اسم الثوب لايزول بجعله قميصاً * ولو حلف ليقطعن من هذا القميص قباء وسراويل على الترتيب كان حانثاً لأن اسم القميص يزول بجعله قباء * رجل حلف أن لا يلبس هذا الثوب فقطعه سراويلين ولبسهما على التعاقب لا يحنث لأن اسم الثوب مطلقاً لا يتناول السراويل فلا يحنث كما لو اتخذه جوارب أو قلنسوة ولبس فإن لا يكون حانثاً ولو اتخذ منه قميصاً ولبس حنث وكذا لو اتخذ منه قميصاً وفضل منه مقدار لبنة كان حانثاً لأن هذا القدر يسير فلا يعتبر <75> كما لو حلف أن لا يأكل هذه
(2/37)
________________________________________
الرمانة فأكلها إلا حبة أو حبتين كان حانثاً
{ فصل في تعين المحلوف عليه }
رجل حلف أن لا يلبس هذه الجبة ففتقت ثمّ خيطت وجعل فيها حشو آخر فلبسها كان حانثاً لأنها عين الأولى * ولو حلف أن لا يلبس هذا القميص فنقضه ثمّ استأنف خياطته ولبسه ذكر القدوري رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يحنث في يمينه وهكذا ذكر في النوادر وكذا القباء والجبة لأن اسم القميص والقباء والجبة لا يزول بنقض الخياطة يقال قميص مفتوق * وكذا لو حلف أن لا يركب هذه السفينة فنقضت وصارت خشباً ثمّ أعيدت سفينة فركبها ذكر في النوادر أنه يكون حانثاً وذكر في الجامع أنه لا يحنث لأنه لا يعود قميصاً ولا قباء ولا سفينة إلا بصنعة حادثة * ولو حلف أن لا يلبس هذه الجبة وهي محشوة فنزع حشوها وجعل لها حشواً آخر ولبس كان حانثاً وكذا لو كانت الجبة مبطنة فنزع بطانتها وجعل لها بطانة أخرى ولبس كان حانثاً لأن اسم الجبة لا يزول عنها بنزع الحشو والبطانة بخلاف ما إذا نقضت خياطتها * رجل حلف أن لا ينام على هذا الفراش فأخرج منه الحشو ونام عليه قالوا لا يكون حانثاً لأن الفراش الذي ينام عليه لا يكون بدون الحشو ولو أخرج ما فيه من الصوف أو القطن ونام على ذلك الصوف أو المحلوج لا يحنث في يمينه لأن مجرد الحشو لا يسمى فراشاً وإنما يقال له بالفارسية جبغت * رجل حلف على فسطاطه مضروب أن لا يدخل في هذا الفسطاط فقلع من ذلك الموضع وضرب في موضع آخر ودخله كان حانثاً * رجل حلف أن لا يأخذ شعر فلان فحلق فلان رأسه ثمّ نبت فأخذ شعره كان حانثاً * وكذا لو حلف أن لا يكسر سنه فسقطت سنه ثمّ نبتت فكسر الثّاني حنث في يمينه لأن المقصد منع نفسه عن إلحاق الضرر لصاحب السن والشعر فلا يتقيد بالسن القائم والشعر القائم وقت اليمين * رجل حلف أن لا يطعن فلاناً بنصل هذا السكين أو بزج هذا الرمح ثمّ نزع ذلك النصل أو ذلك الزج وجعل له نصلاً آخر وزجاً آخر فطعنه بالثاني لا يحنث في يمينه لأنه لم يطعنه بذلك النصل والزج * رجل حلف أن لا يكتب بهذا القلم فكسره ثمّ براه فكتب به لا يحنث في يمينه لأنه لا يبقى <76> قلماً بعد الكسر وغما صار قلماً بصنعة حادثة فكان الثّاني غير الأوّل * رجل حلف أن لا يلبس هذا الهعل فقطع شراكه وشركه بشراك آخر ولبس حنث في يمينه لأنه يبقى نعلاً بدون الشراك * حلف أن لا يطحن على هذا الماء وعلى هذا الماء طاحونة فحوّل الماء من ذلك النهر إلى نهر آخر وعلى النهر الثّاني طاحونة أخرى فطحن بها إن كان الماء الذي حلف عليه أقل من الماء الذي في النهر الثّاني لا يحنث في يمينه لأن العبرة للفالب * حل أن لا يأكل من هذا الدقيق فاتخذ منه خبيصاً أو قطائف فأكل منه يكون حانثاً لأن عين الدقيق لا يؤكل فكانت اليمين على ما يتخذ منه وقد مر قبل هذا * رجل حلف أن لا يجلس إلى هذه الاستوانة وهي من آخرة أو من جص أو حجارة فنقضت ثمّ بنيت ثانياً بحجارتها فجلس إليها لا يحنث وكذا الحائط * رجل حلف أن لا يأكل من هذه الكفري فصار بسراً أو من هذا البسر فصار رطباً أو من هذا الرطب فصار تمراً أو من هذا اللبن فجعل جبناً فأكله لا يكون حانثاً * ولو حلف أن لا يكلم هذا الشاب فكلمه بعدما شاخ كان حانثاً * ولو حلف أن لا يأكل تمراً فأكل قسباً أو بسراً مطبوخاً أو رطباً لا يكون حانثاً إلى أن ينوي ما يكون من ذلك * ولو حلف أن لا يأكل رطباً فأكل بسرً مذنباً أو حلف أن لا يأكل بسراً فأكل رطباً فيه بسر كان حانثاً في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى * امرأة حلفت أن لا تلبس هذه الملحفة فخيط جانباها فصار درعاً ثمّ لبست لا تكون حانثة ولو فتقت فعادت ملحفة ولبست حنثت * حلف أن لا يقرأ في هذا المصحف ففرق الأوراق وخلع التأليف ثمّ ألفه وخرز دفتيه فقرأ حنث في يمينه * حلف أن لا يدخل هذه الدار فهدمت وجعلت بستاناً أو حماماً أو مسجداً أو كانت صغيرة فجعلت بيتاً واحداً وجعل بابه إلى الطريق الأعظم ودخل لا يكون حانثاً لزوال اسم الدار والله أعلم بالصواب
{ فصل في الدخول }
(2/38)
________________________________________
حلف أن لا يدخل هذه الدار فدخلها راكباً أو ماشياً أو محمولاً بأمره حنث في يمينه وكذا لو نزل من سطحها أو صعد شجرة أغصانها في الدار فقام على غصن لو سقط يسقط في الدار حنث وكذا لو قام على حائط منها وقال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كانت الحائط <77> مشتركاً بينه وبين جاره لا يكون حانثاً هذا إذا كانت اليمين بالعربية فإن كانت بالفارسية فارتقى شجرة أغصانها في الدار وقام على حائط منها أو صعد السطح لا يحنث في يمينه وهو المختار لأن هذا لا يعد دخولاً في العجم ولو قام على كنيف شارعة أو ظله شارعة إن كان مفتح الكنيف أو الظلة في الجار كان حانثاً وإن قام على أسكفة بابها تحت الكاق إن كانت الغسكفة بحيث لو أغلق الباب كانت الأسكفة خارجة لا يكون حانثاً وإن كانت داخلة كان حانثاً * ولو أدخل إحدى رجليه لا يكون حانثاً قيل هذا إذا كان الجاخل والخارج متساويين فإن كان داخل الدار مهبطة فأدخل إحدى رجليه كان حانثاً لأن أكثره يكون داخلاً وقال الشَّيخ الغمام شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الصحيح أنه لا يكون حانثاً * ولو حلف أن لا يخرج من هذه الدار ولو حلف أن لا يدخل فأدخل رأسه ولم يدخل قدميه لا يكون حانثاً * وكذا لو أدخل يده في الدار وأخذ من متاع الدار * ولو أدخل رأسه وإحدى قدميه كان حانثاً وإن احتمله إنسان وأدخله فيها فإن كان الحالف لا يقدر على الامتناع لا يحنث في قولهم وإن كان يقدر ولم يمتنع وهو راض بقلبه اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يحنث مروي ذلك عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو حلف أن لا يدخل هذه الدار فجاء إلى بابها وهو يشتد في المشي فتعثر رجله أو زلق رجله ووقع في الدار اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يحنث وإن رفعته الريح وأوقعته في الدار اختلفوا فيه ولاصحيح أنه لا يحنث إذا كان لا يقدر على الامتناع ولو كان على دابة فأدخلته في الدار إن كان يقدر على منعها وإمساكها حنث وإلا فلا وإن أدخله إنسان مكرهاً فخرج منها ثمّ دخل بعد ذلك مختاراً اختلفوا فيه ولاصحيح أنه يحنث * ولو حلف أن لا يدخل من باب هذه الدار ولم ينو شيئاً فنقب للدار باب ودخل حنث وإن نوى الباب الذي كان صدّق ديانة لا قضاء * ولو حلف أن لا يدخل من هذا الباب لا يحنث في الوجوه كلها إذا لم يدخل من ذلك الباب * ولو حلف أن لا يدخل دار فلان فحفر سرداباً تحت دار فلان أو حفر سرباً أو طريقاً لا يحنث * وكذا لو حفر تحت الدار <78> قناة فإن كان للقناة موضع مكشوف في الدار إن كان كبيراً يستقى منه أهل تلك الدار حنث إذا بلغ الحالف الموضع المكشوف لأن أهل الدار إذا كان ينتفع به كانت الفناة من الدار وإن كان الإنكشاف يسيراً لا ينتفع به أهل تلك الدار فإنما كان لضوء الثناة لا يحنث في يمينه * رجل حلف أن لا يدخل دار فلان ورجل آخر في داره حلف أن لا يخرج منها فقاما على سطح هذه الدار لا يحنث أحد منهما أما الذي حلف أن لايخرج فظاهر وأما الذي حلف أن لا يدخل فلأن العجم لا يعدونه دخولاً هذا كما لو حلف أحدهما أن لا يدخل وحلف الآخر أن لايخرج فوضع الذي حلف أن لا يدخل إحدى قدميه في الدار والآخر غحدى قدميه خارج الدار لا يحنث أحد منهما في يمينه * رجل حلف أن لايضع قدمه في دار فلان فوضع إحدى قدميه فيها لا يحنث في يمينه لأن هذا الكلام صار مجازاً عن الدخول فصار كما لو حلف أن لا يدخل فوضع إحدى قدميه * رجل حلف أن لا يدخل في هذه السكة فدخل داراً من تلك السكة لا من السكة بل من السطج أو غيره اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يحنث إذا لم يخرج إلى السكة * ولو حلف أن لا يدخل سكة فلان فدخل مسجداً في تلك لاسكة ولم يدخل السكة لا يحنث لأن هذا لا يعد دخولاً في السكة * رجل حلف أن لا يدخل هذا البيت فأدخل فيه وهو نائم لا يكون حانثاً * ولو حلف أن لا يدخل دار فلان ولم ينو شيئاً فدخل داراً يسكنها فلان بإجارة أو إعارة ذكر الناطفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يحنث في يمينه فإن دخل داراً مملوكة لفلان وفلان لا يسكنها حنث أيضاَ وكذا لو حلف لا يخل بيتاً لفلان فدخل بيتاً وفلان فيه ساكن بإجارة أو إعارة كان حانثاً * ولو حلف أن لا يدخل دار فلان فدخل داراً بين فلان وغيره لكن فلان يسكنها حنث وإن لم يكن فلان يسكنها لا يحنث * ولو حلف أن لا يزرع أرض فلان فزرع أرضاً بين فلان وغيره كان حانثاً * رجل حلف أن لا يدخل دار أخته فباعت أخته الدار منه فدخل الحالف لا يحنث * رجل حلف أن لايدخل دار زيد ثمّ حلف أن لا يدخل دار عمرو فباع زيد داره من عمرو وسلمها إليه فدخل الحالف حنث في اليمين الثانية في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن عند المستحدث بعد اليمين يدخل في <79> اليمين ولا يحنث في اليمين الاولى لزلوال الإضافة إلى زيد * رجل حلف أن لا يدخل دار فلان فآجر فلان داره فدخلها الحالف هل يكون حانثاً فيه روايتان قالوا ما ذكر أنه لا يحنث ذلك في
(2/39)
________________________________________
قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى لأن عندهما كما تبطل الإضافة بالبيع تبطل بالإجارة والتسليم وملك اليد للغير أصل المسألة إذا حلف أن لايركب دابة فلان فركب دابة عبده على قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى لا يحنث في يمينه إلا أن ينوي دابة العبد لأن ملك اليد والتصرف للعبد وملك الرقبة للمولى وملك اليد للعبد يحصل بالإضافة إلى المولى فلا يحنث في يمينه من غير نية سواء كان على العبد دين أو لم يكن غلا أن عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا كان على العبد دين يحيط برقبته لا يحنث وغن نوى وعلى قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحنث إذا نوى وهذا بناء على ذلك * رجل حلف أن لايدخل هذا البيت فانهدم سقفه وبقي حيطانه ودخل حنث * وإن انهدم سقفه وحيكانه فدخل العرصة لم يحنث * وكذا لو بنى بيتاً بعد ذلك فدخله لا يحنث * ولو حلف أن لا يدخل بيتاً فدخل بيتاً انهدم سقفه وبقي حيطانه لا يحنث * ولو حلف لا يدخل مسجداً فدخل مسجداً انهدم سقفه وحيطانه حنث وكذا لو بنى مسجداً آخر بعد الإنهدام فدخل حنث لأن الثّاني عين الأوّل بخلاف البيت * رجل جالس في بيت من منزل فحلف أن لا يدخل هذا البيت فاليمين على ذلك البيت الذي كان جالساً فيه لأن ما وراء ذلك يسمى منزلاً وداراً هذا إذا كان اليمين بالعربية وإن كانت بالفارسية فاليمين على الدخول في ذلك المنزل وتلك الدار فإن قال عنيت دخول ذلك البيت الذي كنت جالساً فيه صدق ديانة لا قضاء لأن في الفارسية خانه اسم للكل والبيت اسم خاص كقوله تابخنه وكاشانه وزمستاني هذا إذا لم يشر إلى بيت بعينه فإن أشار إلى بيت بعينه فالعبرة للإشارة * امرأة حلفت أن لا يدخل زوجها دارها فباعت دارها فدخل الزوج إن كانت نوت أن يدخل داراً تسكنها المرأة لا يبطل اليمين بالبيع وإن لم تكن لها نية فاليمين على دار مملوكة لها فإذا باعت لا يبقى اليمين في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى <80> وقال بعضهم ينظر إلى سبب اليمين إن كانت اليمين لغيظه من صاحب الدار يبطل اليمين بالبيع وإن لم يكن لغيظ صاحب الدار وإنما كانت لضرر الجيران ونحو ذلك لا يبطل اليمين في مثل ذلك بالبيع * رجل حلف أن لا يدخل دار فلان وفلان يسكن في دار امرأته قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن لم يكن لفلان دار مملوكة تنسب إليه سوى هذه الدار يحنث * رجل حلف أن لا يدخل دار فلانة ودخل دارها وزوجها ساكن فيها ولم ينو تلك الدار لا يحنث لأن السكنى تضاف إلى الزوج لا إلى المرأة * ولو حلف أن لا يدخل دار فلان وباع فلان نصف الدار وهو فيها فدخل الحالف كان حانثاً وإن تحول فلان عن الدار لا يحنث في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى ويحنث في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وكذا لو حلف أن لا يدخل دار فلان فباع فلان داره وتحول عنها لا يحنث في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى * رجل حلف أن لا يدخل دار امرأته فباعت هي دارها من رجل فاستأجرها الحالف من المشتري إن كانت اليمين لمعنى من المرأة لا يحنث وإن كانت للكراهة لأجل الدار حنث وذكر الناطفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الواقعتا * رجل حلف أن لا يدخل دار فلان وفلان يسكن داراً لا يملكها فدخل الحالف حنث * ولو دخل داراً مملوكة لفلان وسكنها غيره حنث أيضاً * رجل حلف لا يدخل دار فلان الغجيزي شكفت بو دفنزات بهم بلية من قتل أو هدم أو حرق أو موت فدخل الحالف لا يحنث لأن قوله حيزى شكفت بود يراد به هذه الأشياء * رجل حلف أن لا يدخل محلة كذا فدخل داراً لها بابان أحدهما مفتوح في تلك المحلة والآخر مفتوح في محلة أخرى حنث في يمينه لأن الدار ينسب إلى كلّ واحد من المحلتين * وفي النوادر عن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا حلف أن لا يدخل دار فلان فدخل حانوتاً شرعاً من دار فلان إلى الطريق الأعظم وليس للحانوت باب من الدار حنث في يمينه لأن الدار اسم لما أدير عليه الحائط وهذا الحانوت من جملة ما أحاطت به حدود الدار ودائرته إلا أن هذا يشكل بما مر من مسألة القناة إذا حفر الحالف <81> قناة تحت الدار قال إن لم يكن للقناة موضع مشكسوف في الدار قال لا يحنث الحالف * رجل حلف أن لا يدخل الحمام از بهر سرشتن فدخل الحمام لا لأجل ذلك بل ليسلم على الحمامي ثمّ غسل رأسه في الحمام لا يحنث لأن دخوله ما كان للغسل وعن بعض المشايخ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا حلف الرجل أن لا يدخل الحمام فدخل بيت المسلح لا يحنث لأنه لا يراد بدخول الحمام ذلك * رجل حلف وقال لامرأته طالق إن دخلت دار فلان فمات صاحب الدار فدخل إن لم يكن على الميت دين مستغرق لا يحنث لأنها انتقلت إلى الورثة وإن كان عليه دين مستغرق قال مُحَمَّد بن سلمة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحنث في يمينه لأنها بقيت على حكم ملك الميت وقال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث في يمينه وعليه
(2/40)
________________________________________
الفتوى لأن التركة لا يمكلها الورثة لقيام الدّين فلا تبقى على ملك الميت حقيقة لأن الميت ليس من أهل الملك وإنما بقيت على حد ملك الميت فلم تكن مملوكة للميت من كلّ وجه * رجل حلف أن لا يدخل داراً اشتراها فلان فاشترى فلان داراً وباعها من الحالف فدخل الحالف لا يحنث ولو اشترى فلان داراً فوهبها من الحالف فدخل الحالف حنث لأن حكم شراء الأوّل يرتفع بالشراء الثّاني ولا يرتفع بالهبة * رجل حلف أن لا يدخل بلخ فهو على المصر دون القرى وكذا لو استأجر دابة إلى بلخ كانت الإجارة إلى المصر وهذا استحسان في الإجارة ولو حلف لا يدخل مدينة بلخ فاليمين على المدينة وربضها لأن الربض بعد من المدينة وإن أراد الحالف مدينة خاصة فهو ما نوى * ولو حلف لا يجخل قرية كذا فدخل أراضي القرية لا يحنث ويكون اليمين على عمرانها وكذا لو حلف أن لا يشرب الخمر في قرية كذا فشرب في كرومها وضياعها لا يحنث إلا أن يكون الكروم والضياع في العمران وكذا لو حلف لا يدخل بلدة كذا يكون اليمين على العمران لأن البلدة اسم لما هو داخل الربض * ولو حلف لا أدخل كورة كذا أو رستاق كذا فدخل الاراضي حنث * ولو حلف أن لا يدخل بعداد فمن أي الجانبين دخل حنث ولو حلف لا يدخل مدينة السّلام لا يحنث مالم يدخل من ناحية الكوفة لأن اسم بغداد <82> يتناول الجانبين ومدينة السّلام لا * ولو حلف لا يدخل الري ذكر الشمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في شرح الإجارات ن الري في ظاهر الرواية يتناول المدينة والنواحي * وروى هشام عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه اسم مدينة خاصة حتى لو استأجر دابة إلى الري ولم يبن المدينة ولا رستاقاً بعينه في ظاهر الرواية يفسد إجارته في ظاهر الرواية يفسد إجارته وفي رواية هشام رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يفسد إجارته قال رضي الله تعالى عنه أما سمرقند وأوزجند اسم للمدينة خاصة وسغد وفرعانة وفارس اسم للأمصار والقرى وبخارا اسم للبلدة بنواحيها أول حدود بخاراً كرمينية وآخرها فزوين * رجل حلف أن لا يدخل بغداد فمر بها في سفينة روى هشام عن مُحَمَّد رحمهما الله تعالى أنه يحنث في يمينه وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث ما لم يخرج إلى الجد واليمين ينصرف إلى الجد وهذا بخلاف الصلاة فإن البغدادي إذا جاء من الموصل في السفينة فدخل بغداد وأدركته الصلاة وهو في السفينة يلزمه صلاة الغقامة * رجل حلف أن لا يدخل الفرات فركب سفينة في الفرات أو كان على الفرات جسر فمر على الجسر لا يحنث ما لم يدخل الماء لأنه لا يسمى داخلاً في الفرات ما لم يدخل الماء * رجل حلف أن لا يدخل هذا المسجد فزيد فيه طائفة من دار بجنب المسجد فدخل الزيادة لا يحنث ولو حلف أن لا يدخل مسجد بنى فلان والمسألة بحالها يحنث * وكذا لو حلف أن لا يدخل هذه الدار فزيد فيها فدخل الزيادة لا يحنث ولو قال دار فلان فدخل الزيادة حنث * رجل حلف أن لا يدخل على فلان ولم يسم بيتاً ولم ينو شيئاً فدخل عليه في بيت رجل آخر حنث * ولو حلف أن لا يدخل بيتاً وفلان فيه فدخل المسجد وفلان في المسجد لا يحنث وكذا لو دخل الكعبة * ولو حلف أن لا يدخل على فلان بيتاً فدخل بيتاً وفلان فيه ولم ينو الدخول عليه لا يحنث * ولو حلف أن لا يدخل على فلان فدخل منزله وهو ينوي بالدخول الدخول على رجل آخر يكون مع المحلوف عليه أو دخل يريد أخذ الأمتعة التي تكون في المنزل لا يحنث لأنه لم يدخل عليه * رجلان حلف كلّ واحد منهما أن لا يدخل على صاحبه فدخلا في المنزل معاً لا يحنثان لأنه لم يدخل أحدهما <83> على صاحبه * رجل قال لأمنعن فلاناً من دخول داري فمنعه مرة بر في يمينه فإن رآه مرة ثانية ولم يمنعه لا شيء عليه * رجل حلف أن لا يدخل دار فلان فدخل داراً فلان ساكن فيها مع امرأته والدار للمرأة حنث * وكذا لو قال لا أدخل دار فلانة وهيو في دار زوجها تسكن معه كان حانثاً * رجل حلف أن لا يجخل على فلان فدخل عليه في حمام أو مسجد أو ظلة أو دهليز دار لا يحنث وكذا الفسطاط وبيت الشعر إلا أن يكون المحلوف عليه من أهل البادية وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الفساط يحنث والظاهر هو الأوّل قيل في زماننا يحنث إذا دخل عليه في المسجد لأن الناس يتزاورون في المساجد * ولو جخل على قوم والمحلوف عليه فيهم ولم يعلم الحالف به فعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يحنث والظاهر يعتبر العلم فإن علم ونواهم بالدخول دونه دين فيما بينه وبين الله تعالى * ولو قال لا أدخل عليه هذه القرية لا يحنث بدخول القرية * رجل حلف بطلاف امرأته أنه لم يدخل هذه الدار اليوم ثمّ قال أوهمت وحلف بطلاق امرأته أنه لم يدخل هذه الدار اليوم ثمّ قال أوهمت وحلف بطلاق امرأته الأخرى أنه قد دخلها اليوم يلزمه طلاق الأولى ولا يلزم طلاق الثانية لأنه يقول اليمين الأولى كذب والثانية صدق فلا يحنث في الثانية * رجل حلف بعتق عبده أنه دخل هذه الدار اليوم ثمّ قال
(2/41)
________________________________________
لم أدخل وحلف بعتق عبد آخر أنه لم يدخلها اليوم ثمّ رجع وقال قد دخلتها اليوم وحلف بعتق عبد آخر عتق العبيد الثلاثة جميعاً لأن الأوّل عتق بالكلام الثّاني والأوسط عتق بالكلام الثّالث وعتق الثّالث بالكلام الاول لأن الحالف زعم أنه كاذب في الكل فيلزمه عتق الكل * رجل له دار فيها بستان فحلف أن لا يدخل هذه الدار فدخل بستانها وباب البستان إلى بيوت هذه الدار وليس للبستان باب آخر وعلى الدار والبستان حائط واحد محيط بهما قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث الحالف بدخول البستان سواء كان البستان أصغر من الدار أو أكبر منها وإن كان البستان وسط الدار وحول البستان بيوت الدار حنث الحالف بدخول البستان وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فيه روايتان في رواية كما قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث إلا أن يكون البستان في وسط الدار وفي رواية <84> يحنث وإن لم يكن البستان في وسط الدار ثمّ قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لو باع الدار ولم يسم البستان يدخل البستان في البيع في هذه الرواية وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لو كان للبستان بابان أحدهما في الدار والآخر خارج الدار فإن البستان يكون من الدار أيضاً * رجل حلف أن لا يدخل هذه الدار فاشترى صاحبها بجنب الدار بيناً وفتح باب البيت إلى هذه الدار وجعل طريقه فيها فسدّ الباب الذي كان للبيت قبل ذلك فدخل الحالف هذا البيت من غير أن يدخل هذه الدار قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكون حانثاً لأن البيت صار من الدار * رجل قال لغيره إن دخل مُحَمَّد بن عبد الله هذه الدار فامرأة مُحَمَّد بن عبد الله الذي يدخل في الدار طالق فقال مُحَمَّد بن عبد الله اشهدوا عليّ بذلك فدخل الدار قالوا يلزمه الطلاق * رجل قال والله لا أدخل هذه الدار وهذه الحجرة ثمّ خرج من الدار ثمّ دخل الدار ولم يدخل الحجرة فإن لا يحنث حتى يدخل الحجرة ويكون اليمين عليهما جميعاً * رجل حلف أن لا يدخل دار ابنته وابنته تسكن في بيت زوجها أو حلف لا يدخل دار أمه وأمه تسكن في جار زوجها فدخل الحالف حنث وهو نظير ما ذكرنا * رجل حلف أن لا يدخل دار فلان فدخل داراً يسكنها فلان بإجارة أو إعارة حنث عندنا ولو دخل داراً آجرها فلان وهي مملوكة لآخر حنث أيضاً قيل هذا قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أما على قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى لا يحنث وقد مرت المسألة قبل هذا * رجل قال لغيره دخلت دار فلان أمس فقال لا فقال بالله ما دخلتها قال لا ذكر في الكتاب أنه يكون حانثاً وهذا جواب لكلام السائل وكذا لو قال لرجل دخلت دار فلان أمس فقال المخاطب لا فقال السائل فعبدك حر إن كنت دخلتها فقال لا قال يعتق عبده وإن لم يكن له نية وإن كان نوى بقوله لا أي ليس عبدي حراً لا يعتق عبده * رجل حلف أن لا يسكن حانوتاً لفلان فسكن حانوتاً آجره فلان إن كان فلان ممن يسكن الحانوت لا يحنث الحالف في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى ويحنث في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وإن كان فلان <85> ممن لا يسكن حانوتاً حنث عند الكل * رجل قال إن دخلت الكوفة ولم أتزوج فعبدي حر فإن دخل قبل التزوج حنث ولو قال فلم أتزوج فهذا على أن يكون التزوج بعد الدخول حين يدخل ولو قال لم أتزوج فهو على أن يتزوج بعد الدخول على الأبد * رجل قال والله لا أقعد في هذه الدار ولم ينو شيئاً قال إن كان ساكناً فيها فهو على السكنى وإن لم يكن ساكناً فيها فهو على القعود * رجل قال لغيره ادخل هذه الدار اليوم فقال عن دخلت هذا اليوم فعبدي حر فهو على تلك الدار في ذلك اليوم * رجل حلف أن لا يجخل دار فلان فباع فلان داره فدخل الحالف لا يحنث في قولهم وكذا العبد والدابة وكل شيء يكون مشافاً بحكم الملك * ولو قال لا أدخل دار فلان هذه فباع فلان داره فدخل الحالف لا يحنث في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى وإحدى الروايتين عن أي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعند أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في رواية يحنث في قوله دار فلان هذه * وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحنث كما قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في رواية وروى هشام رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه رجع إلى قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وإن لم يكن لغلان دار يوم اليمين فملك داراً بعد اليمين فدخل الحالف يحنث في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ولا يحنث في قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى والله أعلم
{ فصل في الخروج }
(2/42)
________________________________________
رجل قال لامرأته إن خرجت من هذه الدار إلا لأمر لا بد منه فأنت طالق وللمرأة حق على رجل أرادت أن تدعى ذلك وتخرج لأجله قالوا إن كانت تقدر على أن توكل بذلك فخرجت حنث الحالف وإن لم تقدر على أن توكل فخرجت لا يحنث * رجل حلف بطلاق امرأته أن لا تخرج امرأته إلا بعلمه فخرجت وهو يراها فمنعها لم يحنث ولو أذن لها بالخروج فخرجت بغير علمه لا يحنث وإن لم يأذن لها فخرجت وهو يراها لا يحنث أيضاً * ولو قال لها إن خرجت من هذه الدار بغير إذني فأنت طالق فأذن لها بالعربية وهي لا تعرف العربية فخرجت حنث كما لو أذن لها وهي نائمة أو غائبة لم تسمع فخرجت حنث ولو قال لها إن خرجت من هذه الدار بغير إذني فأنت كذا فاستأذنت للخروج إلى بعض أهلها فأذن <86> له ولم تخرج في ذلك لكنها كانت تكنس البيت فخرجت إلى باب الدار تكنس الباب حنث لأنها خرجت بغير إذنه وإن أذن لها بالخروج إلى بعض أهلها ولم تخرج ثمّ خرجت في وقت آخر إلى بعض أهلها قال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أخاف أن يكون حانثاً * رجل اتهم امرأته بجار له فقال إن خرجت من المنزل بغير إذني فأنت كذا ثمّ قال لها أذنت لك فيما يبدو لك إلا بأمر باطل فخرجت ودخلت منزل الجار الذي اتهمه إن لمت تكن نوت عند الخروج دخول ذلك المنزل ولا أمراً باطلاً سواه لا يحنث وإن وجد منها بعد الخروج أمر باطل وإن كانت نوت عند الخروج دخول ذلك المنزل فإن كان دخول ذلك المنزل عند الزوج من الأمر الباطل حنث لأنها خرجت لأمر باطل عند الزوج * رجل حلف أن لا تخرج امرأته إلا بإذنه فقال لها أذنت لك بالخروج كلما أردت فخرجت مرة بعد أخرى لا يحنث فإن نهاها عن الخروج بعد ذلك الإذن العام صح نهيه في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وبه أخذ الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى حتى لو خرجت بعد ذلك حنث * ولو أذن لها بالخروج ثمّ قال لها كلما نهيتك فقد أذنت لك فنهاها لا يصح نهيه * ولو قال لها لا تخرجي إلا بإذني تحتاج على الإذن في كلّ خروج فإن قال عنيت الإذن مرة واحدة قال أبو يوسف رحمه اله تعالى إنه لا يدين في القضاء وعليه الفتوى * ولو قال لها إلا أن آذن لك أو حتى آذن لك تحتاج إلى الإذن مرة واحدة * ولو قال إن خرجت من الدار إلا بإذني ثمّ سمع سائلاً يسأل شيئاً فقال لامرأته ادفعي هذه الكسرة على السائل فإن كان السائل بحيث لا تقدر المرأة على أن تدفع الكسرة إليه إلا بالخروج فخرجت لا يحنث وإن كانت تقدر فخرجت يحنث وإن كان السائل حين قال لها ادفعي إليه الكسرة بحيث تقدر المرأة على دفع الكسرة بغير خروج ثمّ ذهب السائل إلى الطريق فخرجت المرأة إليه حنث ولو حلف أن لا تخرج امرأته في غير حق فخرجت في جنازة الوالدين أو عيادتهما أو ذي رحم محرم منها أو عرس لا يحنث * ولو حلف أن لا تخرج وهي في بيت من الدار فخرجت إلى الدار لا يحنث <87> * ولو قال لها إن خرجت من هذه الدار بغير إذني فأنت طالق فقالت المرأة له تريد أن أخرج حتى أصير مطلقة فقال الزوج نعم فخرجت طلقت لأن كلام الزوج هذا يكون للتهديد لا للإذن وإن قامت على أسكفة الباب وبعض قدميها خارج من الباب بحيث لو أغلق الباب يكون ذلك البعض خارجاً فإن كان اعتمادها على البعض الخارج حنث وإلا فلا * ولو قال إن خرجت من البيت فأنت طالق وهو قاعد فأخرج قدميه وبدنه في البيت لا يحنث لأن الخروج من البيت لا يكون إلا بالقيام على القدمين خارج البيت فإن قام على قدميه حنث لأنه خرج من البيت هذا إذا حلف وهو قاعد فإن كان مستلقياً على ظهره أو على بطنه أو جنبه فأخرج الأكثر من جسده حنث لأن المستلقي والمضطجع يعد خارجاً من الدار بخروج أكثر الأعضاء * ولو قال لها إن خرجت من هذه الدار إلا بإذني فأنت طالق ثلاثاً فطلقها بائناً فخرجت بغير إذنه لا يحنث لأن يمينه تقيدت بحال قيام ولاية المنع عن الخروج وولاية المنع تزول بالطلاق البائن وهو كالسلطان إذا حلف رجلاً أن لا يخرج من البلدة إلا بإذنه أو الكفيل بالنفس إذا حلف الأصيل أن لا يخرج من البلدة إلا بإذنه فعزل السلطان وقضى الأصيل دين الطالب ثمّ خرج الحالف بعد ذلك لا يحنث ولو أن الحالف تزوج المرأة بعدما أبانها فخرجت بغير إذنه لا تطلق لأن اليمين بطلت بالإبانة فلا تعود بعد ذلك وذكر في السير أهل الحرب إذا حلفوا الأسير أن لا يخرج إلا بإذن ملكهم فعزل الملك ثمّ عاد ملكاً فخرج الأسير بغير إذنه لا يحنث * وكذا لو قال الرجل لعبده إن خرجت بغير إذني فأنت حر فباعه ثمّ اشتراه فخرج بغير إذنه لا يعتق * رجل خرج مع الوالي فحلف أن لا يرجع إلا بإذن الوالي فسقط عن الحالف شيء فرجع لأجله لا يحنث لأن هذا الرجوع مستثنى عن اليمين عادة * امرأة قالت لزوجها ائذن لي بالخروج إلى منزل أخي فقال الزوج إن أذنت فعبدي حر ثمّ قال لها أذنت لك بالخروج لا يحنث الرجل * ولو استأذنه عبده في نكاح أمة لرجل فقال له المولى إن أذنت لك بتزوجها
(2/43)
________________________________________
فأنت حر فقال أذنت لك في تزوج النساء أو قال أذنت لك في التزوج حنث المولى أما في قوله أذنت <88> لك في تزوج النساء فلأنه أذن له بنكاح حميع النساء فيدخل فيه نكاح تلك الأمة وأما قوله أذنت لك في التزوج فلأنه أذن له بالنكاح مطلقاً والنكاح لا يكون إلا بالمرأة فكان إطلاق النكاح إطلاقاً للنساء بخلاف المسألة الأولى * رجل قال لامرأته عن خرجت بغير إذني فأنت طالق فخرجت بغير إذنه مرة حنث ثمّ لا يحنث بعد ذلك * ولو حلف أن لا تخرج امرأته من هذه الدار فارتقت في الدار شجرة أغصانها خارج الدار فصارت بحال لو سقطت تسقط على الطريق لا يحنث كما لو دخلت كنيفاً مشرعاً من الدار وبابها في الدار لا يحنث * وكذا لو صعدت السطح لا يحنث سواء كانت اليمين بالعربية أو بالفارسية * رجل قال والله لا أخرج من بلد كذا فهو على أن يخرج ببدنه ولو قال لا أخرج من هذه الدار فهو على النقلة منها بأهله إن كان ساكناً فيها غلا إذا دل الدليل على أنه أراد به الخروج ببدنه * رجل حلف وهو في منزله أن لا يخرج إلى بغداد اليوم فخرج من باب منزله اليوم وهو يريد بغداد ثمّ بدا له فرجع لا يحنث إلا أن يجاوز أبيات المصر على نية الخروج إلى بغداد * رجل حلف أن لا يخرج من داره فخرج من باب داره ثمّ رجع حنث وإن كان منزله في دار فخرج من منزله ثمّ رجع حنث وإن كان منزله في دار فخرج من منزله ثمّ رجع قبل أن يخرج من باب الدار لا يحنث * حلف أن لا يخرج إلى مكة ماشياً فخرج من أبيات المصر ماشياً يريد مكة ثمّ ركب حنث * ولو خرج راكباً ثمّ نزل فمشى لا يحنث * حلف أن لا يركب سفينة على بغداد فركب السفينة حتى صار إلى فرسخ ثمّ خرج منها لا يحنث * ولو حلف أن لا يركب إلى مكة فمشى بعض الطريق ثمّ ركب لا يحنث ولو حلف أن لا يأتي بغداد ماشياً فركب حتى دنا منها فدخلها ماشياً حنث لأنه أتاها ماشياً * ولو حلف لا يمشي إلى بغداد فمشى بعض الطريق وركب البعض لا يحنث ولو حلف أن لا يخرج من الري إلى الكوفة فخرج إلى مكة فمر بالكوفة قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان نوى حين خرج من الري أن لا يمر بالكوفة ثمّ بدا له بعدما خرج فمر بالكوفة لا يحنث * حلف أن لا يخرج من باب داره هذه وهو ينوي باب الخشب فدفع الباب ثمّ خرج لا يحنث * وإن لم ينو باب الخشب <89> فخرج من موضع الباب حنث * ثلاثة حلّفوا رجلاً أن لا يخرج من بخارا إلا بإذنهم فجن أحدهم وخرج الحالف بإذن الآخرين حنث وإن مات أحدهم فخرج لا يحنث لأن اليمين تقيدت بإذنهم وقد فات إذنهم بموت أحدهم فلا يبقى اليمين وفي الوجه الأوّل لم يقع اليأس عن إذنهم * رجل قال لامرأته إن خرجت إلى بيت أبيك فأنت كذا فخرجت ناسية ثمّ تذكرت فرجعت فهذه ثلاث مسائل الخروج والإتيان والذهاب قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الإتيان لا يحنث إذا لم تصل إلى دار أبيها وفي الخروج يحنث واختلفوا في الذهاب والصحيح أن الذهاب كالإتيان قال رضي الله تعالى عنه وينبغي أن ينوي في ذلك إن نوى بالذهاب الوصول فهو على ما نوى وإن نوى به الخروج فهو على ما نوى وإن نوى به الخروج فهو على ما نوى وإن لم ينو شيئاً يحمل على الإتيان لأن الناس يريدون به الإتيان والوصول * ولو قال لها إن خرجت إلى منزل أبيك فأنت كذا أو قال عن ذهبت فهو على الخروج عن قصد ولو قال إن أتيت فهو على لاوصول قصدت الخروج إلى منزله أو لم تقصد وعن الشَّيخ الإمام أبي بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لو قال لها بالفارسية اكرتوخانه بدرروى فخرجت ثمّ نجمت في الطريق فعادت يحنث الزوج * رجل قال لامرأته عن خرجت من باب هذه الدار فأنت طالق فصعدت السطح ونزلت في دار الجار ذكر في الكتاب أنه لا يحنث وقيل بأنه يحنث لأن الناس يريدون به الخروج عن الدار لا التقييد بالباب ولأن باب السطح من أبواب الدار وإن عين الباب وقال إن خرجت من هذا الباب يتقيد بذلك الباب * امرأة كانت تخرج من دارها إلى سطح دار جارها فغضب الزوج وقال لها إن خرجت من هذه الدار إلى سطح الجار أو على الباب فأنت طالق فخرجت على سطح الجار الآخر لا يحنث في يمينه لأن يمينه تقيدت بذلك الجار دلالة فإن لم يكن هناك مقدمة حنث لعموم اللفظ * امرأة حلف أن لا تخرج إلى أهلها فخرجت إلى ذي رحم محرم منها قالوا إن كان لها الأبوان لا يحنث إذا خرجت إلى غيرهما وإن لم يكن لها أبوان فأهلها المحارم من ذوي أرحامها وإن كان لها أب وأم لكل واحد منهما منزل على حدة وزوج أمها <90> غير أبيها فالأهل منزل الأب * رجل حلف وهو في منزل من داره أن لا يخرج إلى الجنازة فخرج من المنزل إلى الدار للجنازة ثمّ رجع لا يحنث وإن خرج من الدار ثمّ رجع حنث * رجل قال لامرأته إن خرجت من هذه الدار فأنت كذا فخرجت إلى البستان فإن كان البستان في وسط الأرض على الوجه الذي ذكرنا في فصل الدخول لا يحنث وإن لم يكن كذلك فإن كان البستان من الدار بحيث لو
(2/44)
________________________________________
ذكرت الدار يفهم البستان بذكر الدار ولو خرجت المرأة إلى البستان لا يكره الزوج لا يحنث وذكر في النوادر أنه قال إذا قال لامرأته إن خرجت من هذه الدار فأنت طالق فدخلت كرماً في الدار بأن كان يفهم الكرم بذكر الدار لا يحنث وإن كان لا يفهم ولا يعد يحنث وإنما يعد من الدار ويفهم بذكر الدار إذا لم يكن كبيراً ولم يكن مفتتحه إلى غير الدار * رجل قال لامرأته أنت طالق ما لم أخرج إلى الكوفة فمضى في وجهه إلى المكاري فمكث ساعة يماكس المكاري فتكارى وذهب لا تطلق امرأته لأن اليمين كانت على الفور وبهذا القدر لا ينقطع الفور وإن اشتغل بالوضوء لصلاة مكتوبة أو بصلاة مكتوبة لا ينقطع الفور ويكون ذلك مستثنى عن اليمين عادة وإن اشتغل بصلاة التطوع أو بالوضوء للتطوع أو بالأكل أو بالشرب أو مكث ساعة في غير طلب الكراء انقطع الفور وتطلق امرأته * رجل خرج من بخارا إلى سمرقند وطلب من امرأته أن تخرج معه إلى سمرقند فأبت فقال لها بالفارسية اكرسبس من بيرون نيائي يا فلانة فامرأته طالق فلم تخرج معه حتى رجع الزوج من سمرقند إلى بخاراً ثمّ خرج الزوج إلى سمرقند مرة أخرى قالوا إن لم تكن فلانة خرجت إلى سمرقند لا يحنث الحالف وبطلت يمينه ولا يحنث أبداً لأنه جعل شرط حنثه أن لا تخرج مع فلانة كأنه قال لها إذا خرجت فلانة ولم تخرجي معها فأنت طالق فإذا لم تخرج فلانة فلم يوجد شرط الحنث فلا يحنث وبطل اليمين لفوات شرط الحنث وهو عدم خروجها مع فلانة في ذلك الخروج لا في خروج آخر فإن كانت فلانة خرجت إلى سمرقند قبل رجوع الزوج من سمرقند ولم تخرج معها امرأته حنث ويقع الطلاق لوجود شرط الحنث هذا <91> إذا نوى الزوج أن يتعلق طلاقها بعدم خروجها إذا خرجت فلانة فإن نوى أن يكون الطلاق معلقاً بعدم خروجها وخروج فلانة فإذا لم تخرج امرأته ولم تخرج فلانة حتى رجع الزوج من سمرقند حنث في يمينه * رجل قال لامرأته إن خرجت من ههنا اليوم فإن رجعت إلى سنة فأنت طالق ثلاثاً فخرجت اليوم على الصلاة أو على غيرها من حاجة ثمّ رجعت فإن كان سبب اليمين خروج الانتقال أو السفر لا تطلق * رجل قال لامرأته عند خروج المرأة من المنزل إن رجعت إلى منزلي فأنت طالق فجلست ولم تخرج زماناً ثمّ خرجت ورجعت إلى منزله والرجل يقول نويت الفور قال بعضهم لا يصدق وقال بعضهم يصدق وهو الصحيح * رجل قال لامرأته إن صعدت هذا الصطح فأنت كذا فارتقت بعض السلم لا يحنث وهو الصحيح ولو قال لها إن ارتقيت هذا السلم أو قال إن وضعت رجلك على هذا السلم فأنت كذا فوضعت إحدى رجليها ثمّ رجعت كان حانثاً في الوضع وفي الارتقاء كذلك قال مولانا رضي الله تعالى عنه وينبغي أن لا يحنث في الارتقاء بوضع إحدى القدمين لأن ذلك لا يعد ارتقاء ولو قال إن وضعت قدمي في دار فلان فوضع إحدى قدميه لا يحنث لأن هذا الكلام صار مجازاً عن الدخول ولو قال لها إن خرجت من هذه الدار ووضعت رجلك في السكة فأنت طالق فوضعت إحدى قدميها في السكة حنث في يمينه لأنه لما قصد المبالغة صار حانثاً بوضع القدم * رجل قال لامرأته إن خرجت إلا برضاي أو بهواي أو بإرادتي فهو كقوله إلا بإذني تحتاج إلى الإذن في كلّ مرة ولو قال لها إلا أن أرضى أو أريد فهو كقوله إلا أن آذن إذا أذن مرة واحدة تبطل اليمين ولو قال إلا بأمري لا بد من الأمر في كلّ مرة ولو قال إلا أن آمر فهو على الأمر مرة واحدة ولو قال إن خرجت بغير رضاي أو إلا برضاي فأذن لها بالخروج فلم تسمع أو سمعت فلم تفهم بأن كان الإذن بلسان لا تعرفه المرأة لا يحنث في قولهم إذا خرجت لأن الرضا يتحقق بدون علم المرأة ولو قال لها إلا بإذني فأذن لها وهي نائمة أو لم تسمع لم يكن ذلك إذناً قال بعضهم هذا قو أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى أما على قول أبي يوسف وزفر رحمهما الله <92> تعالى يكون إذناً وقال بعضهم الإذن يصح بدون العلم والسماع في قولهم وإنما الخلاف بينهم في الأمر على قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى لا يثبت الامر بدون العلم والسماع والصحيح أن على قولهما الإذن لا يكون إلا بالسماع وأجمعوا على أن إذن العبد في التجارة لا يكون إذناً بدون السماع وكذلك التوكيل * رجل قال لعبده إن خرجت إلا بإذني فأنت حر ثمّ قال لغيره ائذن له بالخروج فأذن له المأمور بالخروج فخرج العبد حنث المولى وكذا لو قال المأمور للعبد إن مولاك قد أذن لك ولو قال المولى أذنت له بالخروج فأخبره إنسان بذلك فخرج لا يحنث المولى قيل هذا إذا كان المخبر مأمور بالتبليغ فإن لم يكن لا يعتبر ذلك ولو قال لعبده إن خرجت بغير إذني فأنت حر ثمّ قال له إن فعلت كذا فقد أذنت لك لم يكن ذلك إذناً لأن الإذن لا يصح تعليقه بالخطر ولو قال المولى لهذا العبد أطع فلاناً في جميع ما أمرك به ثمّ أذن له فلان بالخروج فخرج حنث المولى * وكذا لو قال المولى لعبده بعد اليمين ما أمرك به فلان فقد أمرتك به فأذن له فلان بالخروج فخرج حنث المولى * حلف أن لا تخرج
(2/45)
________________________________________
امرأته من بيته يعني من هذا البيت فخرجت إلى الدار حنث قالوا هذا في عرفهم لأن الدار لا يسمى بيتاً في عرفهم أما في عرفنا يسمى الكل بيتاً فلا يحنث وعليه الفتوى وكذا لو حلف أن لا يدخل فلان بيته فدخل فلان داره لا يحنث في عرهم وفي عرفنا يحنث وعليه الفتوى * حلف أن لا تخرج امرأته إلا في كذا فخرجت في ذلك مرة ثمّ خرجت في غير ذلك يحنث إلا أن يعين يمينه بالمرة الأولى فيدين فيما بينه وبين الله تعالى * حلف أن لا تخرج امرأته مع فلان فخرجت مع غيره ثمّ لحقها فلان لا يحنث لأنها لم تخرج مع فلان * حلف أن لا تخرج امرأته إلا بإذنه وقال عنيت الإذن مرة واحدة ذكر الناطفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يدين في القضاء * حلف أن لا تخرج امرأته إلا بإذنه ثمّ قال لها أذنت لك شهراً أو في كلّ مرة صح ذلك وكذا لو قالت ائذن لي اليوم في الخروج فقال أذنت فخرجت مرة في ذلك اليوم لا يحنث وكذا لو قال لها اخرجي كلما شئت كان ذلك إذناً في كلّ مرة ولو قال إن خرجت إلا بإذني أو قال إلا أن آذن لك ثمّ قال لها اخرجي أما والله إن فعلت كذا ليجزينك الله <93> تعالى ونحو ذلك قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون إذناً وكذا لو غضبت المرأة وتهيأت للخروج فقال الزوج دعوها تخرج لم يكون إذناً إلا أن ينوي الإذن وكذا لو قال الزوج في غضب اخرجي ينوي التهديد يعني اخرجي حتى تطلقي لم يكن ذلك إذناً * رجل قال لامرأته إن خرجت من هذه الدار فأنت طالق فخرجت قبل أن يقول الزوج أنت طالق لم يحنث حتى تخرج مرة أخرى بعد ذلك إلا أن يكون ابتداء اليمين لمنازعة كانت بينهما على الخروج فإذا كان كذلك لا يحنث وإن خرجت بعد ذلك لأن اليمين كانت على الخروج الأوّل وقد خرجت قبل أن يتم يمينه * رجل قال لامرأته والله لا أكلمك حتى أخرج من بغداد قال الخروج من الأمصار يكون ببدنه فإذا خرج بنفسه بر وإن لم يخرج بعياله * رجل قال لأخرجن مع فلان العام إلى مكة إذا خرج معه وجاوز البيوت ووجب عليه قصر الصلاة فقد بر وإن بدا له أن يرجع رجع * ولو قال والله لا أخرج من بغداد فخرج مع جنازة والمقابر خارج من بغداد فهو حانث * رجل قال لجاريته إن خرجت إلا بإذني فأنت حرة وهي تشتري لمولاها حوائجه من السوق فقال لها المولى اشتري بهذه الدراهم لحماً فهو إذن لها بالخروج ولا يحنث * رجل قال لامرأته إن خرجت إلا بإذني فأنت طالق فاستأذنته بالخروج إلى أبيها فأذن لها فخرجت إلى بيت أختها قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا تطلق من قبل أنه أذن لها بالخروج فلا أبالي أذهبت إلى الذي أمرها به أو لم تذهب ولو قال لها إن خرجت إلى أحد إلا بإذني فأنت طالق فاستأذنته للخروج إلى أبيها فأذن لها فخرجت إلى أختها طلقت * رجل قال لغيره إن كلمت فلاناً فعبدك حر فقال المخاطب إلا بإذنك قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا جواب إذا كلمه بغير إذنه حنث * رجل حلف بطلاق امرأته أن لا يخرج من بغداد إلا بإذنها ثمّ خرج فقالت لم آذن لك وقال الزوج قد أذنت لي كان القول قوله * ولو قال لامرأته إن كنت تعرفين فلاناً أ, تعلمين منزل فلان فأنت طالق فقالت أنا أعلم وأعرف لا تصدق في شيء من ذلك لأن هذا أمر ظاهر يقف عليه غيرها بخلاف الحب والبغض والله أعلم بالصواب <94>
{ فصل في المساكنة والسكنى والسكون }
(2/46)
________________________________________
رجل حلف أن لا يسكن هذه الدار فخرج بنفسه وترك أهله ومتاعه فيها إن كان الحالف في عيال غيره كالابن الكبير يسكن في دار الأب والمرأة تسكن في دار زوجها ونحوهما لا يحنث في يمينه وإن لم يكن الحالف في عيال غيره لا يبر إلا أن يدخل في النقلة من ساعته لأن الدوام على السكنى سكنى ثم إن عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى يشترط للبر نقل الأهل وكل المتاع حتى لو بقي فيها وتد أو مكنسة كان حانثاً وعلى قول أبي يوسف رحمه الله تعالى إذا نقل الأهل وأكثر المتاع بر في يمينه والفتوى على قوله وعلى قول محمد رحمه الله تعالى إذا نقل الأهل وما يقوم به الكدخدائية صار باراً واتفقوا على أن نقل الأهل والخدام شرط للبر فإن نقل الكل إلى السكة أو إلى المسجد ولم يسلم الدار إلى غيره اختلفوا فيه والصحيح أنه يكون حانثاً ما لم يتخذ مسكناً آخر وإن سلم الدار إلى غيره بأن آجر داره المملوكة أو كان ساكناً في الدار بالإجارة أو بالإعارة فردها على مالكها ولم يتخذ منزلاً آخر لا يكون حانثاً * رجل حلف أن لا يسكن هذه الدار فأراد نقل الأهل والمتاع فأبت المرأة أن تخرج كان عليه أن يجتهد في إخراجها فإذا صارت غالبة وعجز عن إخراجها فخرج الحالف وسكن داراً أخرى لا يحنث في يمينه نج ولو وجد الحاف الباب مغلقاً ولم يقدى على فتحه لا يحنث الحالف وكذا إذا قيد ومنع عن الخروج وكذا لو قدر على الخروج بطرح بعض الحائط لا يحنث وليس عليه ذلك إنما يعتبر القدرة على الخروج من الوجه المعهود عند الناس * ولو إن لم يخرج من هذه الدار اليوم فامرأته طالق فقيد ومنع من الخروج أياماً قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى يحنث الحالف وهو الصحيح وهذا بخلاف ما لو حلف أن لا يسكن هذه الدار فقيد ومنع من الخروج فإنه لا يحنث والفرق ما ذكرنا قبل هذا إن في قوله إن لم أخرج شرط الحنث عدم الخروج وقد تحقق أما في مسألة السكنى شرط الحنث السكنى وأنه فعل والفاعل إذا كان مكرهاً في الفعل لا يضاف الفعل إليه فلا يحنث يمينه * رجل حلف أن لا يسكن هذه الدار فخرج بنفسه <95> واشتغل بطلب دار أخرى لينقل إليها الأهل والمتاع فلم يجد داراً أخرى أياماً ويمكنه أن يضع المتاع خارج الدار لا يكون حانثاً وكذا لو خرج واشتغل بطلب دابة لينقل عليها الأمتعة ولم يجد أو كانت اليمين في جوف الليل فلم يمكنه أن يخرج حتى أصبح أو كانت الأمتعة كثيرة فخرج وهو ينقل الأمتعة بنفسه ويمكنه أن يستكري دواب فلم يستكر لا يحنث في جميع ذلك وهذا إذا نقل الأمتعة بنفسه كما ينقل الناس فإن نقل لا كما ينقل الناس يكون حانثاً قالوا هذا إذا كانت اليمين بالعربية فإن حلف بالفارسية وقال من بدين خانه اندر بناشم فخرج بنفسه على قصد أن لا يعود لا يحنث في يمينه وإن خرج على قصد أن يعود يكون حانثاً * إذا قال لامرأته إن سكنت هذه الدار فأنت طالق وكانت اليمين في الليل فهي معذورة إلى أن تصبح لأنها تخاف الخروج في الليل فاعتبرت عاجزة * رجل حلف أن لا يسكن هذا المصر فخرج بنفسه وترك أهله ومتاعه فيه لا يحنث وإن كنت اليمين على سكنى القرية اختلفوا فيه قال بعضهم هي بمنزلة الدار وقال بعضهم هي بمنزلة المصر وهو الصحيح ذكره الكرخي في مختصره والسكة والمحلة بمنزلة لدار * رجل حلف أن لا يساكن فلاناً في هذه القرية فهو على أن يساكنه في دار منها * رجل حلف وقال درين ديه نباشم فخرج بأهله ومتاعه ثمّ عاد وسكن كان حانثاً وكذلك كلّ فعل يمتد لا يبطل اليمين فيه بالبر * حلف اكرامال درين ديه باشم فامرأته كذا فسكن إلا يوماً من بقية السنة أو حلف أن لا يسكن هذه الدار شهراً فسكن ساعة اختلفوا فيه قال بعضهم لا يحنث ما لم يسكن كلّ الشهر وقال بعضهم يحنث ذكره في الجامع الكبير وذكر في المنتقى أنه إذا حلف أن لا يسكن الرقة شهراً فسكن ساعة كان حانثاً ولو قال لا أقيم بالرقة شهراً لا يحنث ما لم يقم جميع الشهر * ولو قال إن لم أخرج من هذه الدار أو قال إن لم أذهب ونوى عين الذهاب وعين الخروج ولم يرد السكنى فسكن فيها لا يحنث إذا لم يرد الفور وإن نوى بذلك السكنى يعين لا أسكن فسكن بعد اليمين حنث وكذا لو نوى بالخروج الخروج على الفور أو دل الدليل على الفور ولم يخرج على الفور حنث في يمينه وكذا <96> لو قال بالفارسية اكازين خانه نروم فسكن بعد اليمين حنث إذا نوى الفور ولو قال إن سكنت هذه الدار مك آينده ورونده فعليّ حجة وهو على الإتيان للضيافة ولازيارة فإذا انتقل بأهله ومتاعه من ساعته ثمّ جاء زائراً أو ضيفاً لا يحنث لأنه استثناه عن اليمين * رجل حلف أن لا يساكن فلاناً فنزل الحالف وهو مسافر فنزل فلان منزله فسكنا يوماً أو يومين لا يحنث ولا يكون مساكن فلان حتى يقيم معه في منزله خمسة عشر يوماً وهو كما لو حلف أن لا يسكن الكوفة فمر بها مسافراً ونوى الإقامة بها أربعة عشر يوماً لا يحنث * وإن نوى خمسة عشر يوماً كان حانثاً ولو سكنا جميعاً في حانوت في السوق
(2/47)
________________________________________
يبيعان لا يحنث ويكون اليمين على المنازل التي إليها المأوى وفيه الأهل والعيال لأن السكنى عادة تكون في المأوى * ولو حلف أن لا يساكن فلاناً فدخل فلان دار الحالف غصباً فأقام الحالف معه حنث علم الحالف بذلك أو لم يعلم وإن خرج الحالف بأهله وأخذ في النقلة حين نزل الغاصب لم يحنث ولو سافر الحالف فسكن فلان مع أهل الحالف قال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكون حانثاً وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث وعليه الفتوى وذكر في المنتقى لو خرج المحلوف عليه مسيرة ثلاثة أيام أو أكثر وسكن الحالف مع أهل المحلوف عليه لا يحنث في قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وإن كان أقل من ذلك حنث * رجل قال اكرمن امشب درين شهر باشم فامرأته كذا فأصابته الحمى وعجز عن الخروج فلم يخرج حتى أصبح قالوا يحنث في يمينه لأنه يمكنه أن يستأجر من ينقله من البلد * رجل حلف أن لا يكون من أكرة فلان وهو من أكرته أو حلف أن لا يكون مزارعاً لفلان وأرض فلان في يده وفلان غائب لا يمكنه أن ينقض ما بينهما من المزارعة حنث لأن شرط الحنث كونه من أكرة فلان وقد وجد وإن كان رب الأرض غائباً فخرج إلى رب الأرض من ساعته وناقضه لا يحنث لأن هذا القدر مستثنى عن اليمين وهو كما لو حلف أن لا يسكن هذه الدار فقام إلى طلب المفتاح فما دام مشتغلاً بذلك لا يحنث وإن طال فذلك وكذلك ههنا وإن اشتغل بعمل آخر غير طلب صاحب الأرض حنث لأنه غير معذور ولو منعه إنسان عن <97> الخروج إلى رب الأرض لا يحنث لأن شرط الحنث أن يكون مزاره لفلان وذلك لا يوجد مع المنع حتى لو قال إن لم أترك مزارعة فلان فمنعه إنسان عن الخروج إلى رب الأرض كان حانثاً عند بعض المشايخ رحمهم الله تعالى * رجل هو ساكن مع غيره في دار فحلف أن لا يسكن معه في الدار فوهب المتاع من غيره أو أودعه أو أعاره وخرج بنفسه وليس من رأيه العود لا يحنث في يمينه ولو خرج من ساعته وقال نويت الخروج بنفسي لا يحنث في يمينه وإن مكث في الدار بعد اليمين ساعة ثمّ قال أردت الخروج بنفسي لا يصدق قضاء لأنه لما مكث بعد اليمين صار حانثاً فلا يصدق في إبطال الحنث * رجل حلف أن لايبيت الليلة في هذا المنزل فخرج بنفسه وبات خارج المنزل وأهله ومتاعه في المنزل لا يحنث في يمينه وهذه اليمين تكون على نفسه لا على المتاع * حلف أن لا يبيت على سطح هذا البيت وعلى هذا البيت الذي حلف عليه غرفة وأرض الغرفة سطح البيت يحنث إن بات عليه ولو حلف أن لا يبيت على سطح فبات على هذا لا يحنث في يمينه * ولو حلف أن لا يساكن فلاناً والحالف في دار مع عياه وأهله ولو دار أخرى بجنب هذه الدار فيها غلمانه ودوابه ومطبخه وبعض حراسه فسكنها المحلوف عليه وعلى الدارين باب ولكل واحد منهما باب إلى طريق لا يحنث الحالف * حلف أن لا يساكن فلاناً فجاء المحلوف عليه ونزل في داره غصباً فأقام الحالف معه حنث وإن خرج بأهله وأخذ في النقلة حين نزل الغاصب لم يحنث وإن سكن معه حنث علم أو لم يعلم * رجل كان ساكناً مع رجل فحلف أن لا يساكنه شهر كذا فساكنه ساعة في ذلك الشهر حنث لأن المساكنة مما لا يمتد * رجل حلف أن لا يساكن فلاناً ولم ينو شيئاً فساكنه في دار كلّ واحد منهما في مقصورة على حدة لا يحنث وإنما تتحقق المساكنة إذا سكنا بيتاً واحداً أو في دار كلّ واحد منهما في بيت منها بمتاعه وأهله وثقله إن كان له أهل فأما إذا كان في الدار مقاصير وكل مقصورة مسكن على حدة فلا يحنث وأهل البادية إذا جمعتهم خيمة فالخيمة كدار واحدة وإن تفرقت الخيام لا يحنث وإن تقاربت وإن نوى <98> بالمساكنة ن يسكن هذا في مقصورة وهذا في مقصورة حنث لأنه نوى بالمساكنة المساكنة الناقصة وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا إذا كانت الدار كبيرة نحو دار الوليد بلاكوفة ودار نوح ببخارا لأن هذه الدار بمنزلة المحلة فأما إذا لم تكن بهذه الصفة يحنث من غير نية سواء كانت مشتملة على البيوت أو على المقاصير * ولو حلف أن لا يساكن فلاناً فساكنه في مقصورة واحدة أو بيت واحد من غير أهل ومتاع لا يحنث عندنا * ولو حلف أن لا يساكن فلاناً في دار وسمى داراً بعينها فاقتسماها وضربا بينهما حائطاً وفتح كلّ واحد منهما لنفسه باباً ثمّ سكن الحالف في طائفة والآخر في طائفة حنث الحاف لأن قبل البناء لو سكن كلّ واجد منهما في طائفة كان حانثاً فكذلك بعد البناء * ولو حلف أن لا يساكن فلاناً في دار ولم يسم داراً بعينها ولم ينو فساكنه في دار قد قسمت وضرب بينهما حائط لا يحنث لأن اليمين إذا عقدت على دار بعينها يحنث بعد زوال البناء فبعد التغيير بالقسمة أولى وأما في غير المعين لا يحنث بدخول دار لا بناء فيها فكذلك بعد القسمة * رجل قال إن لم أسافر سفراً طويلاً ففلانة طالق فإن نوى ثلاثة أيام أو أكثر فهو على ما نوى وإن لم ينو شيئاً قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو على سفر شهر * رجل قال والله لا أكون في منزل فلان غداً
(2/48)
________________________________________
فهو على ساعة من الغد ولو قال والله لا أبيت في منزل فلان غداً فهو باطل إلا أن ينوي الليلة الجائية وكذا لو قال بعدما مضى أكثر الليلة لا أبيت الليلة في هذه الدار فهو باطل * رجل خرج في سفره ومعه آخر وهو يريد موضعاً قد سماه فحلف أن لا يصحب هذا في غير هذا السفر فلما سار بعض الطريق بدا له فعاد إلى مكان آخر سوى السفر الذي أراده قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث في يمينه لأنه على السفر الأوّل * رجل حلف أن لا يمشي اليوم إلا ميلاً فخرج من منزله ومشى ميلاً ثمّ انصرف إلى منزله قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى حنث في يمينه لأنه مشى ميلين * رجل قال والله لا أصاحب فلاناً فإن كان الحالف يسير في قطار والمحلوف عليه في قطار آخر قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون مصاحباً وإن كان في قطار واحد فهو مصاحب وإن كان أحدهما في أوله <99> والآخر في آخره * وكذا إذا كانا في سفينة هذا في باب وهذا في باب ولكل واحد منهما طعام على حدة لأن دخولهما وخروجهما واحد ولو قال والله لا أرافق فلاناً قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان طعامهما واحداً في مكان وهو يسيرون في جماعة كانت مرافقة وإن كانا في سفينة وطعامهما ليس بمجتمع لا يأكلان على خوان واحد لم تكن مرافقة وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا حلف أن لا يرافقه فخرجا في سفر فإن كانا في محمل أو كان كريهما واحداً أو قطارهما واحداً فهو مرافق وإن كان كريهما مختلفاً لم يكن مرافقاً وإن كان مسيرهما واحداً والله أعلم.
{ فصل في الركوب }
رجل حلف أن لا يركب دابة ولم ينو شيئاً فركب حماراً وفرساً أو برذوناً أو بغلاً كان حانثاً فإن ركب غيرها نحو البعير وغيره لم يحنث استحساناً إلا أن ينوي فإن نوى الخيل وحده لا يدين في القضاء إذا كانت اليمين بطلاق أو عتاق وإن حلف أن لا يركب ولم يقل دابة ونوى الخيل وحده لا يدين أصلاً * ولو حلف لا يركب فرساً فركب برذوناً لا يحنث * وكذا لو حلف أن لا يركب برذوناً فركب فرساً لأن الفرس اسم للعربي والبرذون للعجمي وهذا إذا كانت اليمين بالعربية وإن حلف بالفارسية اسب نرشينذ حنث على كلّ حال * ولو حلف أن لايركب دابة فحمل على الدابة مكرهاً لا يحنث في يمينه * ولو حلف لا يركب أو لا يركب مركباً فركب سفينة أو محملاً أو دابة كان حانثاً لأن المركب اسم لما يركب عليها في البحر عادة ولو ركب آدمياً ينبغي أن لا يكون حانثاً لأنه لا يركب عادة * ولو حلف لا يركب بهذا السرج فزاد فيه أو نقصه وركب حنث لأنه عقد اليمين على المعين غلا يبطل اليمين بتبديل الصفة وذكر في المنتقى إذا حلف ليركبن هذه الدابة اليوم فأوثق وجلس ولم يقدر على ركوبها حتى مضى اليوم حنث قال وليس هذه كقوله والله لا أسكن هذه الدار والله أعلم بالصواب.
{ فصل في الكلام والقراءة }
(2/49)
________________________________________
* رجل قال لامرأته إن كلمت فلاناً وفلاناً فأنت طالق فكلمت أحدهما لم تطلق كما لو قال إن دخلت هذه الدار وهذه فأنت طالق لم تطلق ما لم تدخل الدارين فإن <100> نوى أنها تطلق بكلام أحدهما صحت نيته لأنه نوى ما يمكن تصحيحه بإضمار حرف الشرط وتقديم الجزاء على الشرطين وإن كان ذلك في موضع يريدون به تعلق الجزاء بكلام كل واحد على الإنفراد تطلق بكلام أحدهما قال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى في عرفنا يحنث بكلام أحدهما ولو قال والله لا أكلم فلاناً وفلاناً أو قال لا أكلم هذا وهذا وكلم أحدهما لا يحنث وإن نوى أن يحنث بكلام أحدهما فهو على ما نوى ولو قال والله لا أكلم هذين الرجلين أو قال بالفارسية با اين دوتن سخن نكويم لا يحنث بكلام أحدهما وإن نوى أن يحنث بكلام أحدثما قالوا لا تصح نيته قال مولانا رضي الله تعالى عنه وينبغي أن تصح نيته لأن المثنى يذكر ويراد به الواحد فإذا نوى ذلك وفيه تغليظ على نفسه فيصح ولو قال كلام فلان وفلان عليّ حرام فكلم أحدهما روى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه يحنث وهذه الرواية توافق من يقول إذا قال والله لا أكلم فلاناً وفلاناً فكلم أحدهما يحنث لأن قوله كلام فلان وفلان عليّ حرام بمنزلة قوله والله لا أكلم الفقراء والمساكين أو قال لا أكلم الرجال فكلم أحدهم حنث ن الجمع المعرف ينصرف إلى الجنس ولو قال رجالاً أو نساء لا يحنث ما لم يكلم ثلاثاً لأن الجمع المنكر ينصرف إلى الثلاث * ولو قال كلام هؤلاء القوم أو كلام أهل بغداد عليّ حرام فكلم أحدثم حنث * ولو قال والله لا أكلم أخوة فلان ولفلان أخ واحد فكلمه فإن كان الحالف يعلم بذلك حنث لأنه ذكر الجمع وأراد به الواحد وإن لم يعلم لا يحنث لأنه ذكر الجمع وأراد به الواحد وإن لم يعلم لا يحنث لأنه لم يرد الواحد وهو كما لو حلف أن لا يأكل من هذه الخوان ثلاثة أرغفة وليس فيه إلا رغيف واحد وهو لا يعلم به * ولو قال والله لا أكلم فلاناً يوماً ويوماً فهو كقوله يومين ينتهي اليمين بمضي اليومين * ولو قال يوما ويومين فهو كقوله والله لا أكلمه ثلاثة أيام وفارسيته سخن نكويم بافلان يكروز وزوروز * ولو قال والله لا أكلم فلاناً يوماً ولا يومين تنقضي اليمن بمضي اليومين وفارسيته سخن نكويم <101> يا فلان ني يك روزوني دوروز * ولو قال والله لا أكلمك اليوم ولا غداً وبعد غد فهو كقوله والله لا أكلمك ثلاثة أيام يدخل فيه الليالي * ولو قال والله لا أكلمك اليوم ولا غداً ولا بعد غد كان له أن يكلمه بالليالي لأنه لما أفرد كلّ يوم بنفي على حدة صار كلّ يومين منفياً بنفي على حدة ولا يدخل فيه الليل * ولو قال والله لا أكلمك في كلّ يوم من أيام هذه الجمعة فكلمه في تلك لاجمعة ليلاً ونهاراً مرة واحدة حنث ولو قال والله لا أكلمك في كلّ يوم من أيام هذه الجمعة لا يحنث حتى يكلم في كلّ يوم * ولو ترك كلامه يوماً واحداً لا يحنث وإن كلمه في كلّ يوم لا يحنث إلا مرة واحدة وله أن يكلمه في الليالي وهو كما لو قال أنت عليّ كظهر أمي كلّ يوم لا يقربها ليلاً ونهاراً حتى يكفر وإذا كفر بطل الظهار * ولو قال أنت عليّ كظهر أمي في كلّ يوم كان له أن يقربها في الليالي فيكون مظاهراً في كلّ يوم بظهار جديد * رجل حلف أن لا يكلم فلااناً فكلم الحائط وقال يا حائط اصنع كذا ولا تصنع كذا أو قال قد كان كذا كذا فإنه لا يحنث وإن كان قصده سماع فلان كذا ذكره الناطفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الواقعات * روي عن عن الرحمن بن عوف رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بعد ما حلف أن لا يكلم عثمان رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كان يفعل كذلك * رجل حلف أن لا يكلم صديق فلان أو زوجة فلان أو ابن فلان أو نحوهم ممن يضاف لا بحكم الملك فتزوج فلان امرأة بعد اليمين أو ولد له ولد بعد اليمن فكلمه الحالف لا يحنث وإن كلم امرأته أبانها فلان بعد يمينه أو كلم رجلاً عاداه فلان بعد يمينه لا يحنث الحالف في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى وإن كان الحالف قال في يمينه زوجة فلان هذه أو صديق فلان هذا فكلم بعد زوال الزوجية والصداقة حنث في قولهم جميعاً * حلف أن لا يكلم عبيد فلان أو لا يركب دواب فلان أو لا يلبس ثياب فلان فهو على الثلاثة لما ذكر في ظاهر الرواية إذا كلم ثلاثاً من عبيده العشرة حنث وكذا الدواب والثياب وإن كلم اثنين منهم لا يحنث فلا بد من الجمع * ولو حلف أن لا يكلم أخوة فلان أو بني فلان لا يحنث ما لم يكلم الكل وكذا ببني فلان * حلف أن لا يكلم فلاناً فقرع فلان الباب فقال الحالف كيست أو قال كيست آن <102> أو كيست اين قال بعضهم يحنث في الوجوه كلها وقال بعضهم لا يحنث إلا أن يقول كنى هو المختار لأنه خاطبه بخلاف ما تقدم * ولو دعاه الحالف وهو نائم وأيقظه حنث وإن لم يستيقظ بدعائه فيه روايتان ذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه لا يحنث وقال غيره يحنث وإن لم يستيقظ وقيل هذا قول أبي حنيفة
(2/50)
________________________________________
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن عند النائم كالمتنبه * ولو مر الحالف على قوم فيهم المحلوف عليه فسلم الحالف عليهم حنث وإن لم يسمع المحلوف عليه إلا أن يقصد السّلام على غير المحلوف عليه * ولو قرأن الحالف كتاباً على المحلوف عليه والمحلوف عليه يكتب إن قصد الحالف إملاء المحلوف عليه قالوا يخاف عليه الحنث * ولو أم الحالف قوماً فيهم المحلوف عليه فسلم في آخر الصلاة لا يحنث لا بالتسليمة الأولى ولا بالثانية هو المختار لأن هذا لا يعد كلاماً في العرف هذا إذا كان الحالف إماماً فإن كان مؤتماً قالوا لا يحنث في قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى لأن عندهما بسلام الإمام لا يخرج المؤتم عن الصلاة ولو كان المحلوف عليه إماماً والحالف مقتدياً ففتح على الإمام لا يحنث في يمينه * ولو علمه القرآن في غير الصلاة حنث في عرفهم * ولو شتم المحلوف عليه إنساناً فأراد الحالف أن يمنعه فلما قال الحالف مك تذكر يمينه فسكت لا يحنث الحالف لأن هذا القدر غير مفهوم فلا يكون كلاماً وهذا بخلاف المصلي إذا قال ذلك في صلاته تفسد صلاته * شتم المحلوف عليه أبا الحالف فقال الحالف لا بل أنت حنث * رجل قال لامرأته إن شكوت مني إلى أخيك فأنت طالق فجاء أخوها وعندها صبي لا يعقل فقالت امرأته يا صبي إن زوجي فعل كذا حتى سمع أخوها لا تطلق لأنها مخاطبة للصبي دون الأخ وهذا ومسألة الحائط سواء * ولو قال إن شكوت بين يدي أخيك والمسألة بحالها قالوا هذا أشد من الأوّل يعين أخاف عليه الحنث والظاهر أنه لا يحنث لأن المراد من الشكاءة بين يديه في العرف الشكاية إليه * رجل قال لامرأته وقد كلمته في إنسان إن أعدت ذكر فلان فأنت طالق فقالت لا أعيد عليك ذكر فلان أو قالت لما نهيتني عن ذكر فلان لا أذكر فلاناً لا تطلق لأن هذا القدر <103> مستثنى عن اليمين * ولو قالت لم نهيتني عن ذكر فلان طلقت لأنها ممنوعة عن هذا القدر عادة * رجل حلف أن لا يكذب فسأله رجل عن شيء فحرك رأسه بالكذب لا يحنث ما لم يتكلم به وقد ذكرنا قبل هذا أن جواب السائل قد يكون بتحريك الرأس والإشارة ووجه الفرق بين هذا وبين ما تقدم أن فيما تقدم وضع المسألة في السؤال عن المسألة والسؤال عن المسألة طلب العلم والإعلام كما يكون باللسان يكون بالإشارة أما الإشارة فلا تكون كلاماً * رجل حلف أن لا يكلم فلاناً فناداه من مكان بعيد إن كان بحيث لو أصغى بإذنه لا يسمع لا يحنث وإن كان بحيث لو أصغى إليه أذنه يسمع إلا أنه لم يسمع لأنه كان أصم أو كان مشتغلاً بعمل حنث * وإن كتب إليه أو أرسل إليه رسولاً لا يحنث ولو قال لا أقول لفلان كذا وكذا فكتب إليه بذلك وأرسل به إليه رسولاً حنث * ولو قال لا أكلم فلاناً بهذا لا يحنث بالكتابة والرسالة * رجل قال لا أكلم فلاناً قريباً أو سريعاً أو عاجلاً فذلك على أقل من شهر في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولو قال لا أكلمه إلى بعيد فهو على أكثر من شهر في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولو قال لا أكلمه إلى بعيد فهو على أكثر من شهر في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو قال لا أكلمه ملياً أو طويلاً إن نوى شيئاً فهو على شهر ويوم * ولو حلف أن لا أكلم فلاناً أيامه هذه قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو على ثلاثة أيام ولو قال لا أكلمه أيامه فهو على العمر ولو قال لا أكلمه الأيام فهو على عشرة أيام في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى هو على سبعة أيام ولو قال أياماً فهو على ثلاثة أيام عند الكل في ظاهر الرواية * ولو قال لا أكلمك يوماً بعد الأيام عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كلمه في سبعة أيام لا يحنث وبعد السبعة يحنث * ولو قال شهراً بعد شهر فهو على شهرين * ولو قال شهراً بعد هذا الشهر قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أن يكلمه في هذا الشهر واليمين على الشهر الذي يكون بعد هذا الشهر * ولو قال لا أكلمه جمعة ولا نية له فهو على أيام الجمعة * ولو قال جمعتين فهو على أيام الجمعتين وإن قال ثلاث جمع فعليه أن يستكمل أحداً وعشرين يوماً من يوم حلف وإن نوى الجمع خاصة لا يدين في القضاء * ولو <104> حلف لا أكلمه بضعة عشر يوماً فهو على ثلاثة عشر إلى تسعة عشر * ولو حلف لا يكلم فلاناً إلى كذا إن نوى شيئاً من الأوقات من الواحد إلى العشرة من الساعات أو من الأيام أو من الشهور أو من السنين فهو على ما نوى لأن كذا اسم عدد مجهول من الواحد إلى العشرة وإن لم ينو شيئاً ينصرف إلى يوم واحد لأنه الأقل ساعات إلا أن ما دون اليوم لا يمكن ضبطها فانصرف إلى اليوم * ولو قال لا أكلمه إلى كذا كذا إن نوى شيئاً من الساعات أو من الشهور فهو على أحد عشر مما نوى وإن لم ينو شيئاً ينصرف إلى يوم وليلة * ولو قال لا أكلمه إلى كذا وكذا إن نوى شيئاً مما ذكرنا ينصرف إلى أحد وعشرين من ذلك وإن لم ينو شيئاً ينصرف إلى يوم وليلة * رجل
(2/51)
________________________________________
قال لامرأته كلما تكلمت كلاماً حسناً فأنت طالق ثمّ قال سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر طلقت واحدة وإن لم يقل كلاماً حسناً طلقت ثلاثاً * ولو قال سبحان الله الحمد لله لا إله إلا الله الله أكبر طلقت ثلاثً في الوجهين * رجل قال والله لا أكلمك في اليوم الذي يقدم فيه فلان وكلمه أول اليوم ثمّ قدم فلان في آخره حنث وإن لم يكلمه حتى قدم فلان ثمّ كلمه في ذلك اليوم اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يحنث * رجل قال لغيره إن تركت كلامك شهراً فعبدي حر فاليمين على ترك كلامه شهراً من حين حلف أن كلمه فش شهر لا يحنث * رجل قال لامرأته إن كلمتك الليلة قبل أن تكلميني فأنت طالق ثمّ قالت المرأة إن كلمتك قبل أن تكلمني فعبد حر ثمّ قال لها الزوج أعطي السائل شيئاً لا يعتق العبد ولا تطلق المرأة * رجل قال لغيره إن ابتدأتك بكلام أبداً فعبدي حر أو قال إن كلمتك قبل أن تكلمني فسلما معاً لا يحنث لأن البداءة والسبق يخالف القران * ولو قال إن كلمتك إلا أن تكلمني أو إلى أن تكلمني أو حتى تكلمني فسلما معاً حنث الحالف في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يحنث في قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * زيد وعمرو ادعيا نسب ولد جارية بينهما وقضى القاضي لهما بالنسب فقال رجل إن كلمت ابن زيد فامرأته طالق وقال رجل آخر إن كلمت ابن عمرو فعبده حر فكلما هذا الابن حنثا جميعاً * رجل حلف أن لا يتكلم فقرأ القرآن في الصلاة أو كبر أو هلل أو سبح إن كان اليمين <105> بالعربية لا يحنث وإن قرأ خارج الصلاة أو كبر أو هلل أو سبح أو دعا حنث وإن كان اليمين بالفارسية لا يحنث في الصلاة ولا في غير الصلاة * رجل قال والله لا أكلم فلاناً يوماً ثمّ قال والله لا أكلم فلاناً شهراً ثمّ قال والله لا أكلم فلاناً سنة فكلمه بعد ساعة حنث في الإيمان الثلاث وإن كلمه غداً حنث في اليمين وإن كلمه بعد شهر حنث في يمين واحدة وإن كلمه بعد سنة لا يحنث ولا شيء عليه * رجل قال والله لا أكلم فلاناً أستغفر الله إن شاء الله قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكون مستثنى ولا يحنث ديانة * رجل قال والله لا أكلمك ما دمت في هذه الدار فهو على ما دام ساكناً فيها إلى أن ينتقل والخلاف في الانتقال الذي يبطل اليمين ما قلنا ولو قال والله لا أكلمك ما دمت ببغداد فخرج بنفسه لا يبقى اليمين ولو قال لا أكلمك تابرف بروزمين نتابد فوقع الثلج في بلدة أخرى فاليمين باقية إلى أن يقع الثلج في البلدة التي حلف فيها وإن كان اليمين ببغداد وهذا إذا عنى الحالف عين الثلج لا وقت وقوع الثلج * حلف أن لا يكلم فلاناً عامنا هذا فاليمين من حين حلف إلى غرة محرم لا على سنة كاملة من حين حلف * رجل حلف أن لا يكلم صهرته فدخل على امرأته وشاجر معها فقالت له الصرة مالك هكذا فقال الزوج خوش مي ارم ونوش مي ارم ثمّ قال لم أر به جواب الصهرة وإنما عنيت امرأتي قالوا هو مصدق لأنه ليس في كلامه ما يجعله جواباً قال مولانا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وينبغي أن لا يصدق قضاء لأن هذا الكلام يذكر على وجه الجواب عرفاً * حلف أن لا يكلم امرأته فدخل داره وليس فيها غيرها فقال من وضع هذا حنث لأنه حين استفهم وليس معها غيرها فقد كلمها ولو كان معها غيرها لا يحنث ولو قال ليت شعري من وضع هذا لا يحنث لأنه استفهم نفسه * جماعة كانوا يتحدثون في مجلس فقال رجل منهم من تكلم بعد هذا فامرأته طالق ثمّ تكلم الحالف طلقت امرأته لأن كلمة من للتعميم والحالف لم يخرج نفسه عن اليمين فيحنث كما لو قال إن دخل هذه الدار واحد فامرأته طالق ثمّ دخل الحالف حنث لأن أحداً نكرة والحالف لم يصر معرفة فبقي داخلاً فيها بخلاف ما لو قال إن دخل داري أحد <106> فامرأتي طالق فدخل الحالف لا يحنث لأنه صار معرفة بإضافة الدار إلى نفسه فلا يدخل تحت النكرة * رجل حلف أن لا يكلم فلاناً فمر بقوم فيهم المحلوف عليه فقال السّلام عليكم إلا واحداً وقال عنيت به المحلوف عليه دين في القضاء * رجل قال في بعض الشهر والله لا أكلم فلاناً شهراً فهو على عدد الأيام إلى مثل تلك الساعة التي حلف فيها فدخل فيه الليل والنهار * وكذا لو قال في بعض النهار لا يكلمه ثلاثين يوماً وإن كانت اليمين في الليل يترك كلامه من تلك الساعة إلى أن تغرب الشمس من يوم الثلاثين ولو قال في بعض النهار لا يكلمه يوماً فإنه يترك الكلام إلى مثل تلك الساعة التي حلف فيها من الغد * وكذا إذا حلف في خلال الليل لا يكلمه ليلة فهو على هذا ولو قال في بعض اليوم والله لا أكلمه اليوم فهو على ما بقي من اليوم * ولو حلف ليلاً أن لا يكلم في هذا اليوم فإنه يحنث بالكلام في تلك الليلة إلى أن تغيب الشمس من الغد وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنا باطل * رجل قال والله لا أكلمك شهراً إلا يوماً أو شهراً غير يوم ولا نية له في اليوم فله أن يختار أي يوم شاء من شهر ولو قال شهراً إلا نقصان يوم فهو على تسعة
(2/52)
________________________________________
وعشرين يوماً وهو مخالف للأول * رجل قال لرجل والله لا أبلغك شيئاً فكتب إليه حنث ولو قال لا أذكرك شيئاً قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا عندي على المواجهة * رجل حلف أن لا يكلم فلاناً إلى الموسم قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكلمه إذا أصبح يوم النحر وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكلمه إذا زالت الشمس من يوم عرفة والله أعلم بالصواب
{ مسائل في القراءة والصلاة }
رجل حلف أن لا يقرأ القرآن اليوم فقرأ في الصلاة أو في غيرها حنث * وكذا لو حلف أن لا يركع أولاً يسجد ففعل في الصلاة أو في غيرها حنث وإن قرأ الحالف بسم الله الرحمن الرحيم إن نوى ما في سورة النمل حنث وإن لم ينو ما في سورة النمل أو نوى غيرها لا يحنث لأن الناس يقرؤون بسم الله الرحمن الرحيم للتبرك لا للقراءة وقرائتها لا على وجه قراءة القرآن جائزة وكذلك قراءة الفاتحة على وجه الثناء والدعاء ومشايخ عراق من أصحابنا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى اختاروا في صلاة الجنازة قراءة <107> الفاتحة بعد التكبيرة الأولى على وجه الثناء والدعاء ولو أراد هذا الحالف أن يصلي يصلي خلف الإمام بجماعة حتى لا يحنث وإن سبق بركعة فقضاها حنث وإن أراد الوتر في غير رمضان ينبغي أن يقتدي بمن يوتر كيلا يحنث * ولو حلف أن لا يقرأ سورة من القرآن فنظر في المصحف حتى أتى إلى آخره لا يحنث في قولهم * ولو حلف أن لا يقرأ كتاب فلان فنظر في كتابه وفهم ما فيه حنث في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لحصول المقصود من القراءة وهو العلم بما في الكتاب ولا يحنث في قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لعدم القراءة وعليه الفتوى * ولو حلف أن لا يقرأ كتاب فلان فقرأ سطراً من كتاب فلان حنث ولو قرأ نصف السطر لا يحنث لأن ما هو المقصود لا يحصل بقراءة نصف السطر * ولو قال إن قرأت كلّ سورة من القرآن فعلى أن أتصدق بدرهم قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا على جميع القرآن والله أعلم.
{ فصل في مسائل الصلاة }
(2/53)
________________________________________
رجل قال لعبده إن صليت ركعة فأنت حر فصلى ركعة ثمّ تكلم لا يعتق ولو صلى ركعتين ثمّ تكلم عتق بالأولى * رجل قال لامرأته إن لم تصل الساعة ركعتين فأنت طالق فقامت وشرعت في الصلاة ثمّ حاضت حنث في يمينه * وكذا لو قال لها إن لم تصومي غداً فأنت طالق فشرعت في الصوم غداً وحاضت حنث لوجود شرط الحنث وهو عدم الصوم والصلاة وهذا كما لو قالت لله علي أن أصوم يوم حيضي لا يصح * رجل حلف أن لا يؤم غداً فشرع في الصلاة ونوى أن لا يؤم أحداً فجاء قوم واقتدوا به حنث قضاء لأنه أمهم وقصده أن لا يؤم أحداً أمر بينه وبين الله تعالى فإن نوى ذلك لا يحنث ديانة وإن أشهد الحالف قبل الشروع في الصلاة أنه يصلي صلاة نفسه ولا يؤم أحداً لا يحنث قضاء ولا ديانة وكذا لو صلى هذا الحالف بالناس الجمعة ونوى أن لا يؤم أحداً فاقتدى به الناس جازت الجمعة استحساناً ولا يحنث ديانة ولو أم الناس في صلاة الجنازة أو في سجدة التلاوة لا يحنث لأن يمينه تنصرف إلى الصلاة المطلقة وهو المكتوبة أو النافلة وصلاة الجنازة ليست بصلاة مطلقة وذكر الناطفي <108> رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا حلف أن لا يؤم أحداً فصلى ونوى أن لا يؤم أحداً فصلى خلفه رجلان جازت صلاتهما ولا يحنث لأن شرط الحنث أن يقصد الإمامة ولم يوجد * ولو حلف أن لا يؤم فلاناً لرجل بعينه فصلى ونوى أن يؤم الناس فصلى ذلك الرجل مع الناس خلفه حنث الحالف وإن لم يعلم به لأنه لما نوى أن يؤم الناس فصلى دخل فيه هذا الواحد * رجل قال والله لا أصلي خلف فلان فاقتدى بفلان وقام عن يمينه حنث وإن كانت نيته أن يكون خلفه حقيقة لا يحنث في القضاء * رجل قال لغيره والله لا أصلي معك فصليا خلف إمام حنث الحالف وإن كانت نيته أن يصلي معه ليس معهما غيرهما لا يحنث في يمينه * رجل حلف أن لا يصلي الظهر مع فلان أو قال خلف فلان فكبر معه ثمّ أحدث فذهب وتوضأن ثمّ عاد بعد ما خرج الإمام من الصلاة فأتم صلاته لا يحنث * ولو حلف أن لا يصلي الظهر مع فلان أو قال خلف فلان فكبر مع فلان ونام في الركعة الأولى حتى فرغ الإمام من تلك الركعة ثمّ انتبه وصلى تما صلاته معه حنث * ولو حلف أن لا يصلي الجمعة مع فلان ثمّ أحدث الإمام فقدم الحالف فصلى بهم الجمعة لا يحنث * ولو حلف أن لا يصلي الظهر بصلاة فلان فدخل معه في الظهر فأحدث الإمام في أول الصلاة أو بعد ما صلى ثلاث ركعات فقدم الحالف فصلى الحالف ما بقي فسلم فقد صلى الظهر بصلاة فلان وهو حانث * وكذا لو أدرك معه منها ركعة وصلى ما بقي فقد صلى بصلاته فيكون حانثاً * رجل حلف أن لا يصلي صلاة فصلى ركعة ثمّ قطعها لا يحنث * ولو حلف أن لا يصلي فصلى ركعة ثمّ قطع حنث * رجل حلف أن لا يصلي الجمعة مع الإمام فسبق بركعة فصلى الركعة الثانية مع الإمام ثمّ قام بعد فراغ الإمام وصلى ما سبق بها لا يحنث وإن أدرك الركعة الأولى حنث وكذا لو افتتح الجمعة مع الإمام ثمّ نام أو أحدث فذهب وتوضأن ثمّ عاد بعد فراغ الإمام وأتم صلاته حنث * ولو قال عبده حر إن أدرك الظهر مع الإمام فأدرك الإمام في التشهد ودخل في صلاته حنث * رجل قال لغيره إن لم أصل الظهر معك اليوم فامرأته طالق فسبق بركعة وصلى معه ثلاث ركعات حنث ويلزمه الطلاق ولو قال إن صليت الظهر اليوم إلا معك والمسألة <109> بحالها لا يحنث وإنم يحنث إذا صلى الكل واحدة والله أعلم
{ فصل في المعرفة والرؤية }
(2/54)
________________________________________
رجل حلف أن لا يعرف هذا الرجل وهو يعرفه بوجهه دون اسمه لا يحنث لأن معرفة الرجل لا تكون بدون معرفة الاسم * روي أن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ قال لرجل هل تعرف فلاناً قال نعم هل تدري اسمه قال لا قال فإنك لا تعرفه فإن نوى معرفة الوجه فهو على ما نوى * وإن لم يكن لفلان اسم بأن ولد الولد فرأى الجار الولد قبل أن يسمي فحلف الجار أنه لا يعرف الولد فهو حانث لأنه يعرف بوجهه ويعرف بنسبه وليس له اسم فلا يشترط معرفة الاسم * حلف أن لا ينظر وجه فلانة فنظر إليها في النقاب أو رأى عينها من النقاب قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحنث ما لم يكن الأكثر من الوجه مكشوفاً * حلف أن لا ينظر إلى فلان فرآه خلف ستر أو زجاج يستبين وجهه من خلفه حنث * ولو نظر في مرآة أو ماء فرأى وجهه لا يحنث وقد مر هذا في النكاح في حرمة المصاهرة * رجل قال لعبده إن لقيتك فلم أضربك فامرأته كذا فرأى العبد من قدر ميل أو على ظهر بيت لا يصل إليه لا يحنث لأن يمينه مقيدة بموضع الضرب كأنه قال إن لقيتك في موضع يمكنني ضربك فلم أضربك * وهذا كما لو قال إن رأيت فلاناً فلم أعلمك به فعبد حر فرآه مع هذا الرجل لا يحنث لأن يمينه مقيدة بموضع الإعلام فإذا رآه معه لم يكن ذلك موضع الإعلام قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا كان بينه وبين فلان قدر ميل أو أكثر فلم يلقه * رجل قال إن رأيت فلاناً فامرأته كذا فرآه ميتاً مكفناً قد غطى وجهه حنث والرؤية بعد الموت والرؤية في الحياة سواء ولو حلف أن لا ينظر إلى فلان فنظر إلى رأسه أو يده أو رجله قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن نظر على يده أو رجله فلم يره وإنما الرؤية على الرأس والوجه أو البدن وإن نظر إلى أعلى رأسه فلم يره وإن رآه وهو لا يعرفه فقد رآه * ولو قال إن رأيت إلى يده أو رجله فلم يره وإنما الرؤية على الرأس والوجه أو البدن وإن نظر إلى أعلى رأسه فلم يره وإن رآه وهو لا يعرفه فقد رآه * ولو قال إن رأيت فلاناً فامرأته كذا فرآه مسجى بثوب يستبين منه الرأس والجسد حتى يصفه الثوب حنث وإن نظر إلى ظهره أو أكثر بدنه حنث * وكذا لو نظر إلى مقدّمه فرأى الصدر والبطن فقد نظر * وكذا لو رأى أكثر صدره وبطنه فقد رآه لأن ذلك أكثر البدن * وإن كان رأى شيئاً قليلاً منه <110> يكون أقل من النصف فلم يره * ولو كانت اليمين على رؤية امرأة فرآها متقنعة أن متنقبة حنث إلا أن يعني رؤية وجهها فيدين فيما بينه وبين الله تعالى * رجل قال إن لم أكن رأيت فلاناً على حرام فامرأته كذا فرآه قد خلا بأجنبية قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكون حانثاً لأن ذلك ليس بحرام بل هو مكروه وكذا لو حلف أن لا ينظر إلى حرام فنظر إلى وجه أجنبية لا يحنث * رجل قال لا أنظر إلى وجهي اليوم أو إلى رأسي فنظر في المرأة أو في الماء قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكون حانثاً فإن كانت نيته غير ذلك يدين فيما بينه وبين الله تعالى * ولو قال لا أنظر على رأسي اليوم فنظر في الشمس فإن كانت نيته ذلك دين فيما بينه وبين الله تعالى والله أعلم بالصواب.
{ فصل في اليمين على الشتم والقذف }
(2/55)
________________________________________
امرأة كانت تشتم زوجها فقال الزوج إن شتمتني فأنت طالق ثمّ قالت المرأة لولدها الصغير منه أي بلابه بجه قالوا إن قالت ذلك لشيء كرهته من الولد لا تطلق وإن قالت لشيء كرهته من الزوج حنث لأنها شتمت زوجها * رجل قال لامرأته إن شتمت أمي أو ذكرتها بسوء فأنت طالق ثمّ قال لها كانت أمك سلام عليك قالت لا بل أمك قالوا إن كانت اليمين في موضع يسمون السائل سلام عليك حنث لأنه صار كأنها قالت أمك متكدية وإن كان ذلك في موضع لا يعرفون هذا اللفظ شتماً ولا ذكراً بسوء لا يحنث وفي ديارنا لا يعدّون ذلك شتماً * رجل جرت المشاجرة بينه وبين امرأته بسبب أخته فقال لها إن سببت أختي بي يدي فأنت طالق فدخل الزوج عليهما فوجد امرأته تشاجر مع أخته وسبتها فسمع الزوج أنها سبت أخته والمرأة ترى زوجها طلقت لأنها سبت أخته بين يديه * رجل حلف أن لا يقذف فلاناً فقال له يا ابن الزانية حنث في يمينه هو المختار في الفتوى لأن في زماننا وديارنا يعد هذا قذفاً له * ولو حلف أن لا يقذف أو لا يشتم أحداً فشتم ميتاً أو قذف ميتاً حنث * رجل قال لعبد إن شتمتك فأنت حر ثمّ قال لعبده لا بارك الله فيك لا يعتق لأن هذا دعاء عليه وليس بشبم * رجل قال لامرأته إن شتمتني فأنت طاق وإن لعنتني فأنت طالق فلعنته يقع واحدة لأن الزوج ميز بين اللعن وبين الشتم <111> فكان أحدهما غير الآخر في زعمه ولو قال لامرأته إن شتمتني فأنت طالق فلغنته قالوا طلقت * رجل قال لامرأته إن لم أصفك عند أخيك غداً بكل قبيح في الدنيا فأنت كذا قالوا إذا ذكر ثلاثة من أنواع القبيح والفواحش عند أخيها بر لأنه لا يراد بهذا جميع الأفعال القبيحة لأن ذلك لا يتصور وغنما يقع على أقل الجمع وذلك ثلاثة فغن ذكر ثلاثة منها بر وكان عليه التوبة والاستغفار إن كان كاذباً قيماً قال وإن لم يذكر شيئاً حنث * رجل شاجر مع أخيه وأخته فقال لهما بالفارسية اكرمن شمارا بكون خراندرنكم تكلموا فيه والصحيح أنه يراد بهذا القهر والغلبة فلا يحنث حتى يموتا أو يموت الحالف وقد مر هذا في الطلاق والله أعلم.
{ فصل في الضرب والقتل ونحو ذلك }
(2/56)
________________________________________
*رجل حلف أن لا يضرب عبده فأمر غيره فضربه المأمور حنث * وكذا لو حلف ليضربن عبده فأمر غيره فضربه المأمور بر الحالف * فإن نوى الحالف أن لا يلي ذلك بنفسه دين في القضاء ولا يحنث وإن حلف على حر لا يضربه فأمر غيره فضربه المأمور لا يحنث إلا أن يكون الحالف قاضياً أو سلطاناً لأن القاضي يميك ضرب الأحرار حداً وتعزيراً فصح أمره وصار فعل المأمور كفعله والأب في حق الولد ينبغي أي يكون بمنزلة القاضي لأنه يميك ضرب الولد تأديباً * رجل حلف أن لا يضرب امرأته فقرصها أو عضها أو خنقها أو مد شعرها حنث في يمينه قالوا هذا إن لم يكن في الملاعبة فإن كان في الملاعبة لا لا يحنث وهو الصحيح * وكذا لو أصاب رأسه رأسها في الملاعبة فأدماها لا يحنث * قيل هذا إذا كانت اليمين بالعربية فإن كانت بالفارسية لا يحنث في جميع ذلك والصحيح أنه يكون حانثاً إذا كان على وجه الغضب فإن نتف شعرها تكلموا فيه والصحيح أنه يكون حانثاً إذا كان في الغضب وإن تعمد غيرها فأصابها لا يحنث * وكذا لو نفض الثوب فأصاب وجهها فأوجعها لا يحنث * وإن رماها بحجر أو نشابة أو نحوها ذكر في النوادر أنه لا يحنث لأن ذلك رمي وليس بضرب وإن دفعها ولم يوجعها لا يحنث * رجل قال لامرأته إن لم أضربك حتى أتركك لا حية ولا ميتتة قال أبو يوسف رحمه الله <112> تعالى هذا إذا كان يضربها ضرباً موجعاً شديداً فإذا فعل ذلك بر في يمينه * رجل حلف ليضربن عبده بالسياط حتى يموت أو حتى يقتله فهو على المبالغة في الضرب * ولو قال حتى يبول أو يغشى عليه أو حتى يبكي أو حتى يستغيث فهو على الأمرين * ولو قال إن لم أضربك بالسيف حتى تموت فهو على أن يضربه بالسيف ويموت ولو حلف ليضربن فلاناً بالسيف ولم ينو شيئاً فضربه بعرضه بر في يمينه وإن نوى الضرب بحده لا يبر ما لم يضربه بحده وإن لم يكن له نية فضربه بالسيف في غمده لا يبر كما لو حلف ليضربن فلاناً بالسوط فلف السوط في ثوب وضربه فإنه لا يكون ضرباً بالسوط * ولو حلف ليضربن فلاناً بالسيف فضربه بالسيف في غمده فقطع السيف غمده وخرج حده وجرح المضروب بر في يمينه * ولو قال إن ضربت فلاناً فعيدي حر فضربه بعد الموت لا يحنث * رجل قال لعبده إن لم أضربك مائة سوط فأنت حر فمات العبد قبل الضرب مات حراً * رجل ضرب رجلاً بمقبض فأس على رأسه ثمّ حلف أنه لم يضربه بالفأس لا يحنث * ولو حلف أن لا يضرب فلاناً بنصل هذا السهم أو السكين أو نرج هذا الرمح فنزع ذلك النصل وبدل غيره وضربه لا يحنث * رجل قال لامرأته إن لم أضرب ولدك اليوم على الأرض حتى ينشق بنصفين فأنت طالق فضربه على الأرض ولم ينشق فمضى اليوم طلقت امرأته وجعل هذا بمنزلة ما لو قال إن لم أضربك حتى بتول فإنه يكون على الأمرين * رجل قال لغيره إن مت فلمس أضربك فكل مملوك لي حر فمات ولم يضربه لم يعتقوا * ولو قال إن لم أضربك فمات قبل الضرب حنث الحالف في آخر جزء من أجزاء حياته * ولو قال لعبده إن لم أضربك حتى أموت أو فيما بيني وبين أن أموت فأنت حر فلم يضربه حتى مات لا يعتق العبد * رجل أراد أن يضرب ولده فحلف أن لا يمنعه أحد عن ضربه فمنعه إنسان بعد ما ضربه خشبة أو خشبتين وهو يريد أن يضربه أكثر من ذلك قالوا حنث في يمينه لأن مراده أن لا يمنعه أحد حتى يضربه إلى أن يطيب قلبه فإذا منع عن ذلك حنث في يمينه * رجل قال لامرأته إن وضعت يدي على جاريتي فهي حرة فضربها قبل أن <113> كانت اليمين لأجل غير المرأة لا يحنث لأن مراده من وضع اليد على الجارية في هذه الحالة وضع اليد على وجه تتضرر به المرأة ويغيظها وهي لا تتضرر بضرب الجارية * رجل قال لغيره إن ضربتني ولم أضربك فهذا على أن يضرب الحالف قبل المحلوف عليه فإن نوى بعده فهو على الفور * رجل قال لامرأته أنت طالق ثلاثاً أو والله لأضربن هذا الخادم في اليوم فضرب الخادم في اليوم بر في يمينه وبطل الطلاق * رجل قال إن كنت ضربت فلاناً هذين السوطين إلا في دار فلان فعبدي حر فضربه أحد السوطين في دار فلان والآخر في غير دار فلان لا يحنث ولو قال إن لم أكن ضربته هذين السوطين في دار فلان فعبدي حر والمسألة بحالها حنث * رجل حلف ليضربن غلامه في كل حق وباطل ولم ينو شيئاً فهو على أن يضربه مراراً كثيرة * ولو حلف ليقتلن فلاناً ألف مرة فهو أشد القتل * رجل قال لامرأته إن لم أضربك اليوم فأنت طالق وأراد أن يضربها فقالت المرأة إن مسّ عضوك عضوي فعبدي حر قال الحيلة في ذلك أن تبيع المرأة عبدها ممن يثق به ثم يضربها الزوج ضرباً خفيفاً في اليوم فيبر الزوج ويبخل يمين المرأة إلى جزاء ثم تشتري عبدها فلا يعتق العبد ولو ضربها الزوج بخشبة من غير أن يضع يده عليها ولم تبع المرأة العبد لا يعتق العبد لأنه لم يمس عضوه عضوها وإنما تحتاج المرأة على هذه الحيلة إذا قالت المرأة إن ضربتني فعبدي حر * رجل قال لامرأته كلما ضربتك فأنت طالق فضربها بكفه فوقعت الأصابع متفرقة طلقت واحدة لأن الضرب حصل بالكف
(2/57)
________________________________________
فلم يتكرر الضرب حصل بالكف فلم يتكرر الضرب وإن ضربها بيديه جميعاً طلقت ثنتين وقد مرت المسألة في كتاب الطلاق * رجل حلف بالله أن يضرب بنته عشرين سوطاً ليس له أن يكفر يمينه ولا يضرب إلا أن يعجز عن الضرب بموته أو بموتها ولكنه يضربها بشمراخ وإن حلف أن يضرب عبده عدداً من السياط فضربه بسوط <114> له شعبتان جاز إذا وقعت متفرقة وإن كان فوق الثياب وخفف إذا أولم * رجل حلف ليضربن فلاناً اليوم وفلان ميت إن علم بموته لا يحنث وإن لم يعلم فكذلك ولو كان حياً وقت الحلف ثم مات لا يحنث في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ويحنث في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى * رجل حلف أن لا يقتل فلاناً بالكوفة فضربه بالسواد ومات بالكوفة حنث ويعتبر فيه مكان الموت وزمانه لا مكان الجرح وزمانه * رجل ضرب إنساناً ضرباً وجيعاً فقال المضروب اكرمن سزاي وى نكنم فامرأته كذا فمضى زمان ولم يجازه قالوا هذا لا يقع على المجازاة الشرعية من القصاص أو الأرش أو التعزير أو نحوه وغنما يقع على الإساءة بأي وجه يكون فإن نوى الفور فهو على الفور وإن لم ينو ذلك يكون مطاقاً * رجل أساء إليه رجل فقال اكر بيش م اباوي نرود فامرأته كذا قالوا هذا اللفظ يقع على المخالطة والموافقة بعد اليمين * رجل حلف أن لا يعذب فلاناً فحبسه لا يحنث غلا أن ينوي ذلك ولو قال إن لم أحبس فلاناً جائعاً فامرأته كذا فحبسه فأشبعه غيره في السجن لا يحنث * رجل قال لامرأته إن تركتني أدخل دارك فلم أشتر لك حلياً فأنت طالق فتركته حتى دخل دارها ذكر الناطفي رحمه الله تعالى إن اشترى لها الحلي على الفور لا يحنث وإلا يحنث قال مولانا رضي الله عنه هذا قول محمد رحمه الله تعالى أما على قول أبي يوسف رحمه الله تعالى لا يعتبر الفور وإنما جعل هذه المسألة على الاختلاف قياساً على المسألتين ذكرهما في النوادر إحداهما إذا قال لغيره عن ركبت دابتك فلم أعطك دابتي حر روى ابن سماعة رحمه الله تعالى عن محمد رحمه الله تعالى أنه عن ركب دابته ينبغي أن يعطي دابة نفسه ساعتئذ وإلا يعتق عبده لأن حرف الفاء للتعقيب بلا فصل والثانية رجل قال لأمته إذا استبان حملك فلم أعتقك فامرأتي طالق روى هشام عن أبي يوسف رحمه الله تعالى أن الاستبانة تكون بالولادة ثم اليمين في العتق إلى الموت فلا يكون على الفور قال مولانا رضي الله عنه إنما ذكرنا هذا الخلاف ليعرف الجواب عن جنس هذه المسائل وإن لم تكن هذه المسألة من جنس ما تقدم <115> والله أعلم بالصواب
{ كتاب البيوع }
البيوع أنواع بيع الدين وهو السلم والاستصناع وبيع العين وبيع المنفعة وبيع الثمن بالثمن وهو الصرف.
{ باب السلم }
هذا الباب يشتمل على فصلين أحدهما في بيان ما ينعقد به السلم وفيه بعض شرائط السلم والثاني ما يجوز فيه السلم وما لا يجوز أما الأول السلم ينعقد بلفظ البيع والشراء عند استجماع شرائط السلم ولهذا لو باع عبداً بثوب موصوف في الذمة على أجل جاز ويكن ذلك بيعاً في حق العبد حتى لا يشترط قبضه في المجلس بخلاف ما لو أسلم الدراهم في ثوب فغنه يشترط قبض الدراهم في المجلس وإنما يظهر أحكام السلم في الثوب حتى يشترط فيه الاجل ولا يجوز بيع الثوب قبل قبضه والأجل شرط لجواز السلم عندنا وأدناه شهر هو المختار ولا يبطل الأجل بموت رب السلم ويبطل الأجل بموت رب السلم ويبطل بموت السلم إليه حتى يؤخذ السلم من تركته حالاً ومن شرائط السلم أن يكون موجوداً من وقت العقد إلى وقت محل الأجل بلا انقطاع في البين والانقطاع أن لا يوجد في السوق الذي يباع فيه في ذلك المصر ولا يعتبر الوجود في البيوت ولو استصنع فيما فيه تعامل كالخف ونحوه وضرب لذلك أجلاً يصير سلماً في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى حتى يشترط فيه شرائط السلم من بيان مكان الإيفاء ونحوه وغن استصنع فيما لا تعامل فيه كالثياب وضرب لذلك أجلاً قال بعضهم هو على الخلاف أيضاً وقال بعضهم ينقلب سلماً جائزاً عند الكل إذا استجمع شرائط السلم وهذا دليل على أن انعقاد السلم لا يختص بلفظ السلم وإن أسلم في غير المنقطع ثم انقطع بعد حلول الأجل يخير رب السلم إن شاء فسخ السلم وأخذ رأس المار وإن شاء انتظر حتى يجيء أوانه وإن أسلم في حنطة وقال في بيان وصفها بالفارسية كندم نيك أو قال كندم نيكو أو قال كندم سره جاز هو الصحيح لأن هذه الألفاظ قريب بعضها من بعض ومعنى الكل الجيد
فصل فيما يجوز فيه السلم وما لا يجوز
(2/58)
________________________________________
يجوز السلم في المكيلات والموزونات والعدديات المتقاربة ولا يجوز فيما لا مثل له كالحيوانات والعدديات المتفاوتة إلا الثياب خاصة والمكيل ما يدخل تحت الكيل <116> وأدناه نصف صاع أو الصاع أربعة أمناء حتى لو باع حفنة من الحنظة بحفنتين منها جاز عندنا ولو باع عشرة أمناء من الحنطة بعشرة أمناء منها لا يجوز * وكذا لو باع الوزن بجنسه مكياله لا يجوز غلا في رواية شاذة عن أبي يوسف رحمه الله تعالى ولو باع الحنطة بالدراهم موازنة جاز ولو باع مداً من الحنطة بمدين منها لا يجوز لوجود الجنس والقدر في أحد العوضين ولو اسلم في الحنطة وزناً روى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه لا يجوز وروى الطحاوي عن أصحابنا رحمهم الله تعالى أنه يجوز وعليه الفتوى لتعامل الناس * ذكر الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى إذا أسلم في الحنطة وقال في نفخة كذا منا لا يجوز ولو قال كذا منا من الحنطة جاز ولو أسلم في الفلوس عدداً جاز في ظاهر الرواية ويجوز السلم في الخبز وزناً هو المختار ولا يجوز سلم الحنطة في الخبز والدقيق في قول أبي حنيفة رحمه الله تعالى ويجوز السلم في الكاغد عدداً وكذلك قرضة لأنه عددي متقارب ويجوز السلم في الإلية والشحم عند الكل ولو أسلم قطناً هروياً في ثوب هروي جاز لأن الثوب لا يجانس القطن * لو أسلم شعراً في مسح من الشعر إن كان المسح بحيث لو نقض لا يعود شعراً جاز وإن كان يعود لا يجوز ولو أسلم فلوساً في صفر أو سيفاً في حديد أو قصباً في بواري لا يجوز بخلاف القطن مع الثوب ويجوز السلم في الباذنجان عدداً لأنه عددي متقارب وكذا الكمثرى المشمش ذكره الزندويسي رحمه الله تعالى ويجوز في البيض وفي الجوز عدداً وكيلاً * رجل دفع الدراهم على خباز ليأخذ منه الخبز ينبغي له أن يقول كلم أخذ الخبز هذا علي ما قاطعتك عليه ولو دفع الدراهم على خباز وقال اشتريت بهذه الدراهم مائة من الخبز وجعل يأخذ منه كل يوم خمسة أمناء فالبيع فاسد وما أكل فهو مكروه لأنه أكل بعقد فاسد ولو أعطاه دراهم وجعل يأخذ منه كل يوم خمسة أمناء بدرهم ولم يقل في الابتداء اشتريت منك جاز وهو حلال وإن كانت نيته وقت الدفع الشراء لأن بمجرد النية لا ينعقد البيع وإنما ينعقد عند الأخذ وعن الأخذ المبيع معلوم وثمنه معلوم وإذا أسلم في الماء وزناً وبين <117> المشارع جاز وإذا جاز في الماء جاز في الجمد أيضاً * ويجوز السلم في اللبن والآجر إذا ذكر عدداً معلوماً وملبناً معلوماً * وكذا السلم في الثياب بعد بيان الطول والعرض بالذرعان المعلومة كرباساً كان أو حريراً ولا يشترط ذكر الوزن في الكرباس واختلفوا في الحرير والصحيح أنه يشترط ولو أسلم في ثوب الخز وبين الطول والعرض والرقعة ولم يذكر الوزن جاز وإن ذكر الوزن ولم يذكر الطول والعرض والرقعة لا يجوز وروي أنه إذا بين الطول والعرض والرقعة ولم يذكر الوزن لا يجوز أيضاً لأنه يباع وزناً * ولو باع ثوب خز بثوب خزي يداً بيد لا يجوز لأنه لا يباع إلا وزناً وإذا أسلم في اللبن كيلاً أو وزناً جاز لأنه ليس بمكيل ولا موزون نصاً فيجوز كيفما كان * إذا أسلم الدراهم في حنطة والدراهم لم تكن عنده فدخل بيته وأخرج الدراهم فإن توارى عن عين المسلم إليه عند دخول البيت بطل السلم وغلا فلا لأن المفسد افتراقهما قبل القبض والافتراق إنما يقع إذا توارى كل واحد منهما عن عين صاحبه * المتعاقدان عقد السلم أو المتصارفان إذا سارا ميلاً أو أكثر قبل القبض جاز ما لم يفترقا * ولو ناماً أو نام أحدهما إن كانا جالسين لم يكن ذلك فرقة لتعذر الاحتراز عنه وإن كانا مضطجعين فهو فرقة * رجل له على رجل عشرة دراهم فأسلم إلى المديون الدراهم التي له عليه وعشرة دنانير في كر حنطة فسد السلم في كل عند أبي حنيفة رحمه الله تعالى وكذا لو أسلم العشرة التي له عليه وعشرة أخرى من غير جنسها ولو كانت من جنسها جاز في حصة النقد في قولهم * رب السلم إذا وهب المسلم فيه من المسلم إليه كانت إقالة للسلم ويلزمه رد رأس المال وكذا لو أبرأ المسلم إليه عن نصف السلم وقبل المسلم غليه تكلموا فيه قال أبو نصر رحمه الله تعالى بطل السلم في النصف وبقي في النصف كما لو اشترى شيئاً فوهب نصفه من البائع قبل القبض وقبل البائع كان ذلك إقالة في النصف بنصف الثمن * رجل أسلم في شيء وقبض المسلم فيه فوجد به عيباً كان عند المسلم غليه وحدث به عيب عند رب السلم بآفة سماوية أو بفعل أجنبي قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى خير المسلم إليه إن شاء قبله معيباً بالعيب الحادث ويعود السلم وإن <118> شاء لم يقبل ولا شيء عليه لا من رأس المال ولا من نقصان العيب * ويجوز السلم في الدقيق كيلاً ووزناً وكذلك قرضه ذكره الشيخ الإمام علي بن محمد البزدوي رحمه الله تعالى * أما بيع الدقيق بالدقيق كيلاً ذكر في النوادر أنه يجوز إذا تساويا وقال الشيخ الإمام أبو بكر محمد بن الفضل رحمه الله تعالى إنما يجوز إذا
(2/59)
________________________________________
كانا مكبوسين * ويجوز إسلام الخبز في الحنطة والدقيق في قولهم وأما إقراض الخبز وزناً يجوز في قول أبي يوسف رحمه الله تعالى وعليه الفتوى أما إقراض اللحم عند أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يجوز كما يجوز السلم عندهما وعن أبي حنيفة رحمه الله تعالى فيه روايتان وذكر في المنتقى أنه يجوز قرض اللحم ولم يذكر فيه خلافاً وإذا أتلف لحم إنسان يضمن قيمته هو الصحيح وإذا اشترى شيئاً بلحم في الذمة ذكر في الإجارات أنه إذا استأجر شيئاً بلحم في الذمة جاز وما يصلح أجرة في الإجارات يصلح ثمناً في البياعات * ولا يجوز السلم في الرؤوس والأكارع كما لا يجوز في اللحم وكذلك في الأواني المتخذة من الزجاج لأنها عددية متفاوتة * ويجوز في الطابق إذا بين نوعاً معلوماً وفي الأواني المتخذة من الخزف إن بين نوعاً يصير معلوماً عند الناس يجوز ولا يجوز في البطيخ والرمان والسفرجل لأنه عددي متفاوت * ولا يجوز في جلود الحيوان ويجوز في المسوح والبسط والأكسية والجوالق والأقبية وما كان من جنس الثياب ولا يجوز في الدراهم والدنانير ولا يجوز إسلام الحنطة في الدراهم المؤجلة عندنا * وإذا لم يصح سلماً قال عيسى رحمه الله تعالى يبطل العقد أصلاً وقال أبو بكر الأعمش ينقلب بيعاً للحنطة بالدراهم المؤجلة حتى لا يشترط قبض الحنطة في المجلس ويبطل العقد بهلاك الحنطة واستحقاقها قال شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى الصحيح ما قال عيسى لأن العقد المضاف إلى محل لا يصح في محل آخر والمبيع في السلم هو المسلم فيه وفي بيع العين المبيع هو العين فلا يصح قال رحمه الله تعالى فعلى هذا إذا أضاف الزوج الخلف إلى نفسه لا يصح وما ذكر في النوادر فذاك قول أبي بكر رحمه الله تعالى يبطل السلم باستحقاق المقبوض بعقد السلم ويرجع على <119> ولا يجوز الاستبدال بالمسلم فيه ولا عن رأس المال ولو أعطاه السلم جيداً مكان الرديء يجبر رب السلم على القبول عندنا وإن أعطاه رديئاً مكان الجيد لا يجبر * ولو كان السلم ثوباً جيداً فجاء بثوب رديء وقال خذ هذا وأورد عليك درهماً فهذه ثمان مسائل أربعة في المذروعات وأربعة في المكيلات والموزونات أما المذروعات إذا كان السلم ثوباً فجاءه المسلم إليه بأزيد وصفاً أو ذرعاً وقال خذه هذا وزدني درهما جاز ويكون زيادة الدرهم بمقابلة الجودة والذرع الزائد * ولو جاء بثوب رديء أو بما هو أنقص ذرعاً فقال خذ هذا وأورد عليك درهما ففعل لا يجوز لأنه أقال في الصفة والإقالة لا تصح فيما له حصة من راس المال ورأس المال لا يقابل الصفة والذرع في المذروعات صفة * ولو أعطاه الرديء وقال خذ هذا ولم يقل وأورد عليك درهماً فقبل جاز ويكون ذلك إبراء عن الصفة ولو أبرأه عن المسلم فيه جاز ولا يكون إقالة فكذا إذا أبرأه عن الصفة وإن كان المسلم فيه من المكيلات أو الموزونات بأن أسلم عشرة دراهم في عشرة أقفزة من الحنطة فأتى بحنطة جيدة وقال خذ هذا وزنى درهماً لا يجوز لأنه جعل الدرهم بمقابلة الجودة والجودة في الأموال الربوية عند المقابلة بجنسها لا قيمة لها * ولو جاء بأحد عشر قفيزاً وقال خذ هذا وزدني درهماً أو جاء بتسعة أقفزة وقال خذ هذا وأرد عليك درهماً فقبل جاز ويكون ذلك إقالة السلم في قفيز واحد وإقالة السلم كما تجوز في الكل تجوز في البعض * ولو جاء بعشرة أقفزة رديئة وقال خذ هذه وأرد عليك درهماً لا يجوز لأنه إقالة في الصفة * وعن أبي يوسف <120> رحمه الله تعالى أنه يجوز في الفصول كلها * ولو أسلم إلى رجل ديناً له عليه وافترقا قبل النقد لا يجوز وإن نقد قبل الافتراق وإن صالح عن السلم على رأس المال يكون إقالة السلم وإن جاء المسلم إليه إلى رب السلم وخلى بينه وبين السلم به يصير قابضاً بالتخلية كما في دين آخر * ولو قال رب السلم كل مالي عليك في غرائرك أو قال كله واعزله في بيتك ففعل لا يصير رب السلم قابضاً ولو دفع إليه غرائره وقال كل مالي عليك في غرائري ففعل ورب السلم غائب لا يصير قابضاً ولو اشترى طعاماً بعينه على أنه كر ودفع الغرائر إلى البائع وقال كله فيها يصير قابضاً * ولو دفع رب السلم غرائره إلى المسلم إليه وفيها طعامه وقال كل مالي عليك في الغرائر ففعل ورب السلم غائب اختلف المشايخ فيه والصحيح أنه يصير قابضاَ * ولو أمر رب السلم المسلم غليه ليطحن له الحنطة ففعل كان الدقيق للمسلم إليه * ولو أمر رب السلم غلام المسلم إليه أو ابنه يقبض السلم ففعل كان جائزاً * رجل استقرض من رجل كراً من طعام وقبضه ثم إن المقرض باع من المستقرض ما عليه والقرض قائم في يده جاز في ظاهر الرواية وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه لا يجوز * ولو باع المستقرض الكر المقبوض جاز بالإجماع * ولو كان القرض شيئاً لا يتعين كالدراهم والدنانير فباع المقرض من المستقرض ما في ذمته جاز * ولو استقرض من إنسان كراً ثم قضاه المقرض كراً بغير كيل جاز للمقرض أن يتصرف فيه قبل الكيل * ولو اشترى كراً وقبضه لا
(2/60)
________________________________________
يجوز له أن يتصرف فيه حتى يكيله * رجل استقرض من رجل عبداً أو حيواناً آخر ليقضي به دينه فقبضه وقضى به دينه كان عليه قيمته لأن قرض الحيوان فاسد والقرض الفاسد مضمون بالقيمة كالمبيع بيعاً فاسداً ولا يجوز السلم في الطيور ولا في لحومها وإن كان شيئاً لا يتفاوت كالعصفور * رجل أسلم في طعام قرية بعينها أو مصر بعينه كان فاسداً وإن أسلم في طعام ولا ية نحو خراسان وما وراء النهر كان جائزاً * وغذا أسلم في شيء وأخذ بالسلم كفيلاً ثم صالح الكفيل رب السلم على رأس المال يتوقف ذلك على إجازة المسلم إليه <121> كانت الكفالة بأمره أو بغير أمره إن أجاز الصلح جاز الصلح على رأس المال وإن لم يجز بطل ويبقى السلم على حاله في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى * وكذا لو صالح أجنبي رب السلم على ذلك هذا إذا كان رأس المال من النقود فإن كان عيناً كالعبد والثوب ونحوهما يتوقف الصلح على إجازة المسلم إليه في قولهم وإن أقال الكفيل وقبل رب السلم اختلف المشايخ فيه قال بعضهم هي والصلح سواء وقال بعضهم تتوقف في قولهم * رجلان أسلما إلى رجل في طعام فصالحه أحدهما على رأس المال أي على حصته من رأس المال يتوقف الصلح على إجارة الشريك في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى إن أجاز جاز عليهما ويكون المقبوض من رأس المال وما بقي من السلم بينهما وإن رد الشريك بطل الصلح ويبقى السلم * رجل وكل رجلاً بأن يسلم له عشرة دراهم في كر حنطة فأسلم الوكيل ودفع الدراهم من مال نفسه جاز ويرجع بالدراهم على الموكل كالوارث إذا قضى دين الميت من مال نفسه كان له أن يرجع في التركة ولهذا الوكيل أن يقبض السلم وإذا قبض كان له أن يحبسه عن الأمر حتى يستوفي الدراهم فإن هلك المقبوض في يده إن هلك قبل أن يحبسه من الموكل يهلك أمانة وغن هلك بعد الحبس قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يهلك هلاك الرهن وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يسقط الدّين قلت قيمة الرهن أو كثرت كما يسقط الثمن بهلاك المبيع قبل القبض وذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن هذا قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل وكل وكيلاً بأن يأخذ له عشرة دراهم في كر حنطة ففعل كان العقد للوكيل دون الآمر * الوكيل بالسلم إذا قبض المسلم فيه أدون من المشروط جاز ويكون ضامناً للموكل مثل المشروط كما إذا أبرأه عن السلم في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى * وكذا لو وهب الوكيل من المسلم إلي السلم قبل القبض أو أقال السلم أو احتال بالسلم أو احتال بالسلم على رجل وأبرأ المسلم إليه جاز ويكون ضامن للموكل مثل السلم في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا تصح هذه التصرفات من الوكيل وعلى هذا الخلاف <122> الوكيل بالبيع إذا فعل ذلك في الثمن وأجمعوا على أن رب السلم إذا قبض السلم أو الموكل بالبيع إذا قبض الثمن أو أبرأ المشتري عن الثمن أو اشترى بذلك الثمن شيئاً من المشتري أو صالح من الثمن على شيء جاز وأجمعوا على أن الثمن لو كان عيناً فوهبه الوكيل من المشتري قبل القبض لا تصح هبته وعلى أن الثمن لو كان عيناً من النفوذ فقبضه ثمّ وهبه من المشتري لا يصح وما ذكرنا في الثمن فذلك في السلم أيضاً ولو كان للمشتري دين مثل الثمن على الموكل يصير الثمن قصاصاً بدين الموكل في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى ويضمن الوكيل للموكل مثل ذلك وإن كان دين المشتري على الوكيل والموكل جميعاً يصير الثمن قصاصاً بدين الموكل حتى لا يضمن الوكيل شيئاً ولو أحال الوكيل الثمن على رجل عندهما تصح الحوالة كان المحتال عليه مليئاً من المشتري أو دونه * والأب والوصي إذا أجلا أو أبرآ ما هو واجب للصبي بعقدهما يكون على الخلاف وإن لم يكن واجباً بعقدهما لا يصح بالإجماع وكذا إذا قبلا الحوالة على شخص دون المحيل في الملاءة إن وجب بعقدهما فهو على هذا الخلاف وإن لم يكن واجباً بعقدهما لا يصح في قولهم والوكيل بالشراء إذا أقال البيع لا تصح إقالته في قولهم * رجل وكل رجلين أن يسلما له عشرة دراهم في كر حنطة فأسلم أحدهما لا يجوز وإن أسلما جميعاً ثمّ تارك أحدهما لا يجوز في قولهم وإذا وكل رجلاً بأن يسلم له عشرة دراهم من الدّين الذي له عليه في كر حنطة فأسلم لا يكون السلم للآمر في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * الوكيل بالسلم إذا أسلم وتحمل الغبن الفاحش لا يجوز لأنه وكيل بالشراء فلا يتحمل منه إلا ما يتغابن فيه الناس * الوكيل بالسلم إذا أسلم إلى نفسه أو مفاوضه أو عبده لا يجوز وإن أسلم على شريك شركة عنان جاز إذا لم يكن ذلك من تجارتها وإن أسلم إلى ولده أو زوجته أو أحد أبويه لا يجوز في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى خلافاً لصاحبيه رحمهما الله تعالى * رجل وكله رجلان كلّ واحد منهما أن يسلم له عشرة دراهم في طعام لكل واحد منهما على حدة فأسلم لهما في عقد جاز وإن
(2/61)
________________________________________
خلط الدراهم ثمّ أسلم كان السلم له ويكون ضامناً لهما بالخلطة * رجل <123> دفع إلى رجل دراهم فأمره أن يسلم له في حنطة فأسلم الوكيل إن تصادق الوكيل والموكل أنه نوى السلم للموكل كان السلم للموكل وإن تصادقا أنه نوى السلم لنفسه كان السلم للوكيل ويضمن الدراهم للموكل ولو تكاذب الوكيل والموكل في نيته يحكم النقد وإن تصادقا أنه لم تحضره النية قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحكم النقد وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكون القول للوكيل وإن وكل رجلاً بشراء شيء ثمّ تصادقا أنه لم تحضره النية اختلف المشايخ فيه قال بعضهم هو على الخلاف وقال بعضهم يكون القول للوكيل عند الكل والوكيل بشراء شيء بعينه إذا اشترى ثمّ قال اشتريت ذلك لنفسي وصدقه الموكل كان مشترياً للموكل * رجل دفع إلى رجل عشرة دراهم ليشتري له بها ثوباً قد سماه فأنفق الوكيل على نفسه دراهم الموكل واشترى ثوباً للآمر بدراهم نفسه كان الثوب للمشتري لا للآمر لأن الوكالة تقيدت بتلك الدراهم فتبطل الوكالة بهلاكها * ولو اشترى ثوباً للآمر ونقد الثمن من مال نفسه وأمسك دراهم الآمر كان الثوب للأمر ويطيب دراهم الموكل استحساناً كالوارث أو الوصي إذا قضى دين الميت من مال نفسه * ولو دفع رجل إلى رجل دراهم وأمره بأن ينفها على عيال الآمر فأنفق المأمور دراهم نفسه وأمسك دراهم الموكل فكذلك الجواب ولو أنفق الوكيل دراهم الآمر في حاجته صار ضامناً فإن أنفق من دراهم نفسه على عيال الآمر بعد ذلك ذكر في النوادر أن على قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يخرج عن الضمان وعلى قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يخرج * الوكيل بالشراء إذا أخذ السلعة على سوم الشراء فأراه الموكل فلم يرض وردها على الوكيل فهلكت عند الوكيل قبل أن يردها على البائع ضمن الوكيل قيمة السلعة للبائع ولا يرجع بها على الموكل إذا لم يكن الموكل أمره بالأخذ على سوم الشراء والأمر بالشراء لا يكون أمراً بالأخذ على سوم الشراء فإن كان الآمر أمره بالأخذ على سوم الشراء فهلكت عند الوكيل كان للوكيل أن يرجع بها على الموكل * رجل أمر تلميذه أن يبيع الأمتعة ويدفع الثمن إلى فلان فباع وأمسك الثمن حتى هلك لا يضمن بتأخير الأداء * رجل دفع إلى رجل عشرين درهماً <124> ليشتري له بها أضحية فاشترى بخمسة وعشرين لا يلزم الآمر وإن اشترى بتسعة عشر ما يساوي عشرين لزم الآمر وإن كانت لا تساوي لا تلزم * رجل قال لآخر اشتر لي هذا الثوب بعشرة دراهم فاشترى له بأحد عشر وأخبر الآمر بذلك فقال له الآمر خذ درهماً آخر ودفع إليه الدراهم وأخذ الثوب فافترقا كان الثوب للآمر ويتعقد البيع بينهما بالتعاطي * رجل في يده ثوب فقال وكلني فلان ببيعه وأن لا أنقص من عشرة دراهم فطلب منه إنسان بتسعة واشتراه فإن وقع في قلب المشتري أن الوكيل إنما قال ذلك ليروجه بعشرة وسع المشتري أن يشتريه بتسعة لأن الوكيل فعل ما هو معتاد عند الناس فإذا وقع في قلبه ذلك وسعه أن يشتري وإن لم يقع لا يسعه * رجل وكل رجلاً بأن يشتري له عبد فلان بألف درهم فقطعت يد العبد ثم اشتراه لا يجوز * ولو وكله بشراء عبد بغير عينه فاشترى عبداً قد قطعت يده جاز على الآمر لأن في الوجه الأول لما أشار إلى عبد سليم تقيدت الوكالة بصفة السلامة وفي الوجه الثاني الوكالة مطلقة فجاز شراؤه على الآمر إذا اشتراه بمثل قيمته * رجل باع عبده ثم أمر إنساناً بأن يشتري له عبداً فاشترى الوكيل ذلك العبد لا يجوز على الآمر * رجل أمر غيره ببيع أرض فيها أشجار أو بناء فباع المأمور الأرض ببنائها وأشجارها ثم اختلفا فقال الموكل كنت نهيته عند التوكيل عن بيع الأشجار والبناء وأنكر الوكيل كان القو قوله لأنه أنكر التوكيل ببيع الأشجار ويأخذ المشتري الأرض بحصتها من الثمن إن شاء ولا يفسد البيع ومسائل الوكالة تأتي في كتابها إن شاء الله تعالى * المسلم إليه إذا وجد رأس المال ستوقة أو رصاصاً إن كان ذلك قبل الافتراق واستبدل مكانها جاز وإن كان بعد الافتراق فسد السلم وإن استحق رأس المال فأجاز المستحق قبل الافتراق أو بعده جاز وإن لم يجز أخذ دراهمه إن كان قبل الافتراق واستبدل جاز وإن كان بعد الافتراق لم يجز وإن وجدها زيوفاً وتجوّز بها جاز قبل الافتراق وبعده وإن ردها واستبدل مكانها إن كان قبل الافتراق جاز وإن استبدل بعد الافتراق فكذلك في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى قل المردود أو كثر وقال زفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يبطل السلم بقدر المردود قل أو كثر <125> وقال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان المردود قليلاً لا يبطل وغن كان كثيراً يبطل بقدر المردود وما دون النصف قليل وما فوقه كثير وعنه في النصف روايتان وإن جاء المسلم إليه بزيوف وأنكر رب السلم أن يكون الزيوف من دراهمه فالقول قول المسلم إليه مع يمينه إلا أن يكون قبض وأقرأنه قبض راس ماله أو أقرأنه قبض حقه أو أقرأنه استوفى رأس
(2/62)
________________________________________
المال فحينئذ لا يقبل قول المسلم إليه * ولو أقر بقبض الدراهم ثمّ ادعى أنه وجدها زيوفاً قبل قوله وإن ادعى أنها ستوقة لا يقبل وإن قبض ولم يقر بشيء ثمّ ادعى أنها ستوقة قبل قوله * ولو وجد بعض المقبوض ستوقة فقال رب السلم هي دراهمي لكنها هي ثلث رأس المال ولي عليك ثلث السلم وقال المسلم إليه هي نصف رأس المال وعليّ نصف السلم كان القول قول المسلم إليه وإن وجد بعض رأس المال زيوفاً بعد الافتراق فردها ثمّ اختلفا في قدر المردود على هذا الوجه كان القول قول رب السلم كما لو اشترى حنطة بعينها بدراهم وقبضها ثمّ وجد بالحنطة عيباً وأراد استرداد الثمن واختلفا في قدر المردود كان القول قول بائع الحنطة * رجل أسلم في حنطة جيدة فجاء المسلم إليه بحنطة وقال هي جيدة وقال رب السلم هي رديئة فإن القاضي يريها رجلين يعرفان ذلك فإن قالا هي جيدة يعمل بقولهما عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل دفع غليه رجل درهمين وآخر درهماً وديعة فاختلطت الدراهم ثمّ وجد منها درهماً زائفاً وكل واحد منهما ينكر أن يكون الزائف درهمه قال أبو أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يقسم الدرهم الزائف بينهما أثلاثاً والباقي بينهما أثلاثاً * رجل عليه عشرة دراهم فأوفاه اثني عشر غلطاً قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى تكون الزيادة أمانة عند القابض إن هلكت لا يجب عليه شيء وما بقي يكون بينهما خمسة أسداسها للقابض وسدسها للدافع * رب السلم والمسلم غليه إذا اختلفا في قدر رأس المال أو جنسه أو وصفه أو اختلفا في جنس لمسلم فيه أو قدره أو صفته أو ذرعان ثوب السلم فإنهما يتحالفان وإن اختلفا في مكان الإيفاء قال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى القول قول المسلم إليه ولا يتحالفان وقال <126> صاحباه رحمهما الله تعالى يتحالفان وقيل الخلاف على العكس والأول أصح * ولو اختلفا في أصل الأجل فادّعى أحدهما شرط الأجل والآخر ينكر قال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أيهما ادّعى الأجل فالقول قوله والعقد صحيح وقال صاحباه رحمهما الله تعالى عن كان المسلم إليه يدعى الأجل ورب السلم ينكر كان القول قول رب السلم والعقد فاسد وإن اتفقا على شرط الأجار واختلف في قدره كان القول قول رب السلم مع يمينه والينة بينة المسلم إليه وإن اتفقا على قدر الأجل واختلفا في مضيه كان القول قول المسلم إليه والبينة بينته أيضاً * إذا شرط الإيفاء في السلم في مصر كذا جاز ويكون للمسلم إليه أن يوفي أيّ محلة شاء * وإن اختلفا فقال رب السلم شرطت عليك الإيفاء في محلة كذا وقال المسلم إليه بلى لكن أدفع إليك في محلة كذا يجبر رب السلم على القبول * وكذلك لو شرط الإيفاء في منزل رب السلم جاز السلم وإذا أسلم المسلم إليه في محلة أخرى يجبر رب السلم على القبول * ولو اشترى وقر حطب كان على البائع أن يأتي به إلى منزل المشتري عرفاً حتى لو هلك في الطريق يهلك على البائع كما لو استأجر دابة إلى مصر كذا فدخل المصر كان له أن يبلغ عليها إلى منزله استحساناً ولو اشترى وقر حطب على أن يوفيه في منزله جاز استحساناً وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف رحمهما الله تعالى * ولو اشترى وقر حطب على أن يحمل البائع إلى منزل المشتري يفسد البيع * رجل اشترى شيئاً على أن يوفيه الثمن في بلد كذا إن كان الثمن مؤجلاً جاز وإذا حل الأجل إن كان الثمن شيئاً له حمل ومؤنة كان عليه الإيفاء في المكان المشروط وفيما لا حمل له ولا مؤنة لصاحب الدّين أن يطالبه في أي مكان شاء وإن لم يكن الثمن مؤجلاً أو كان الأجل مجهولاً يصح البيع كان له حمل ومؤنة أو لم يكن * وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا لم يكن له حمل ومؤنة جاز استحساناً وله أن يطالب حيث شاء.
كتاب البيع
(2/63)
________________________________________
*البيع لا ينعقد إلا بلفظين ينبئان عن التمليك والتملك على صيغة الماضي أو الحال نحو أن يقول البائع بعت منك هذا بكذا أو يقول أبيعك هذا بكذا ويقول المشتري اشتريت أو قبلت أو رضيت أو أجزت <127> * ولا ينعقد بلفظة الأمر بأن قال المشتري بعني هذا الثوب بكذا فيقول بعت أو يقول البائع اشتر مني هذا العبد بكذا فيقول اشتريت وكما لا ينعقد بلفظة الأمر لا ينعقد لا ينعقد بلفظة الاستقبال نحو أن يقول البائع سأبيعك هذا العبد بكذا فيقول المشتري اشتريت وقد يكون البيع بالأخذ والعطاء من غير لفظ البيع ويسمى هذا البيع التعاطي واختلف المشايخ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فيه قال بعضهم هذا البيع يختص بالأشياء الخسيسة كالبقل واللحم والخبز والحطب وقال بعضهم ينعقد في الكل وإليه أشار في الجامع الصغير في الوكالة وقال القاضي الإمام أبو الحسن علي السغدي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا البيع لا يكون إلا بقبض البدلين جميعاً * وقال بعضهم قبض أحدهما يكفي وينعقد البيع بالهبة بشرط العوض عند قبضهما ويبنى عليها أحكام البيع من ثبوت حق الشفعة ونحوها * ولو قال بعتك هذا العبد بألف درهم فقبضه المشتري ولو يقل شيئاً كان بيعاً * ولو قال بعت منك هذا العبد بألف درهم ثمّ قال بعت منك هذا العبد بمائة دينار فقال المشتري قبلت كان البيع بالثمن الثّاني * ولو قال بعت منك هذا العيد بألف درهم فقبل المشتري ثمّ قال بعت منك هذا العبد بمائة دينار في ذلك المجلس أو غيره وقال المشتري اشتريت ينعقد البيع الثّاني وينفسخ البيع الأوّل * ولو قال البائع بعت منك هذا العبد بألف درهم فقال المشتري اشتريته منك بألفي درهم ذكر في النوادر أنه ينفد البيع بألف والألف الأخرى زيادة في الثمن عن قبلها البائع صح وكذلك لو ابتدأ المشتري فقال اشتريت منك هذا العبد بألفي درهم فقال البائع بعته بألف درهم كان ذلك حطاً لأحد الألفين * ولو قال بعتك منك هذا العبد بألفي درهم فقال المشتري اشتريته بغير شيء لا يصح * ولو تبايعا وهما يمشيان قال بعضهم لا ينعقد البيع لتفرق المجلس بالخطوات قبل القبول كما لو قال بعت فقام المشتري ثمّ قبل * وقال بعضهم ينعقد إذا أجاب المخاطب موصولاً بالخطاب فإنه ذكر في الطلاق إذا قال لها اختاري وهم يمشيان فقالت اخترت موصولاً بالخطاب يقع الطلاق * ولو قال أقيلك هذا العبد بألف درهم فقال الآخر قبلت اختلفوا فيه وقال أبو بكر <128> الإسكاف ينعقد البيع بينهما بلفظة الإقالة وقال الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا ينعقد وبه أخذ الفقيه أبو الليث وهذا قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فإنه قال في المتبايعين إذا تقابلا البيع بأكثر من الثمن الأوّل أو بأقل أو بجنس آخر في ظاهر الرواية عنه يكون ذلك فسخاً بالثمن الأوّل في حقهما * وروى الحسن عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الإقالة بيع بعد القبض فسخ قبله وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الإقالة بيع غلا إذا تعذر جعلها بيعاً بأن كان المبيع منقولاً وتقابلا قبل القبض فيجع فسخاً وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن تقابلا بأكثر من الثمن الأوّل أو بجنس آخر يكون بيعاً وقال زفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الإقالة فسخ في حق الكل حتى لا يتعلق بها الشفعة * رجل قال لآخر اذهب بهذه السلعة وانظر غليها اليوم فإن رضيتها فهي لك بألف درهم فذهب بها جاز * وكذا لو قال إن رضيتها اليوم فهي لك بألف درهم جاز وهو بمنزلة قوله بعتك هذا العبد بألف درهم على أنك بالخيار اليوم * ولو باع عبدين فقال بعتك هذين العبدين بألف درهم فقبل المشتري أحدهم أو قال للرجلين بعتكما هذا العبد فقبل أحدهم لا يجوز إلا أن يرضى به البائع في المجلس وحصته من الثمن معلومة فيجوز ويكون ذلك عقداً جديداً في الباقي * ولو قال بعتك هذين العبدين هذا بمائة وهذا بمائة فقبل المشتري البيع في أحدهما ذكر في بعض المواضع أنه يجوز * وذكر في الجامع أنه لا يجوز إلا أن يقول بعتك هذين العبدين بعتك هذا بمائة وبعتك هذا بمائة فقبل المشتري في أحدهما جاز أما إذا لم يعد لفظة البيع وإن سمى لكل واحد ثمناً كانت الصفقة واحدة فلا يصح قبول أحدهما * رجل قال لغيره بعتك عبدي هذا بألف درهم فقال قد أخذته بألف درهم وعشرة دنانير فهو جائز وله الألف والزيادة * رجل قال لغيره بعتك عبدي هذا بألف درهم فقال الرجل هو حر لم يكن ذلك جواباً ولا يكون حراً في قول مُحَمَّد وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو قال فهو حر كان جواباً وعتق العبد ويصير قابضاً للعبد * ولو قال له رجل بعني غلامك هذا بألف درهم فقال قد بعتك بألف درهم فقال المشتري هو <129> حر قال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في رواية هو حر ويصير قابضاً وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يعتق فلا يصير قابضاً * رجل عليه دين ألف درهم لرجل فقال المديون لصاحب الدّين أعطيك بدينك دنانير فساومه
(2/64)
________________________________________
بالدنانير ولم يبع وفارقه ثمّ جاء بالدنانير ودفعها إليه يريد الذي كان ساومه عليه ثمّ فارقه ولم يستأنف بيعاً قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو جائز الساعة وكذا الرجل إذا أراد أن يشتري شيئاً فساومه ولم يكن معه وعاء يأخذه فيه وفارقه ثمّ جاء بالوعاء وأعطاه الدرهم قال هو جائز * رجل ساوم رجلاً بثوب فقال البائع أبيعه بخمسة عشر وقال المشتري لا آخذه إلا بعشرة دراهم فذهب به ولم يقل البائع شيئاً فهو بخمسة عشر إن كان المبيع في يد المشتري حين ساومه وإن كان في يد البائع فأخذه منه المشتري ولم يمنعه البائع فهو بعشرة ولو كان عند المشتري فقال المشتري لا آخذه إلا بعشرة وقال البائع لا أبيعه إلا بخمسة عشر فرده عليه المشتري ثمّ تناوله من يد البائع فدفعه البائع إليه ولم يقل شيئاً وذهب المشتري فهو بعشرة ولو أخذ ثوباً من رجل فقال البائع هو بعشرين وقال المشتري لا أزيدك على عشرة فأخذه وضاع عنده قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو بعشرين ولو أخذ ثوباً على المساومة فدفعه البائع وهو يساوم والبائع يقول هو بعشرة فهو على الثمن الذي قال البائع حتى يرد عليه المشتري وإن ساومه فقال المشتري حتى أنظر إليه فدفعه وضاع منه فليس على المشتري شيء لأنه إنما أخذه للنظر وإن أخذه على غير النظر ثمّ قال حتى أنظر إليه لا يخرجه من الضمان وهو على ما أخذه عليه أول مرة وإن قال المشتري للبائع هاته حتى أنظر إليه فدفعه غليه البائع وقال لا أنقص من خمسة عشر وقال المشتري قد أخذته بعشرة فسكت البائع وذهب به المشتري على ذلك فهو بخمسة عشر * رجل قال لصاحب عبد أبعتني عبد هذا بألف درهم أو قال أتبيع عبد هذا بألف درهم على وجه الاستفهام فقال نعم فقال المشتري قد أخذته قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو بيع لازم وإن اشترى ثوباً شراء فاسداً ثمّ لقيه غداً فقال أليس قد بعتني ثوبك هذا بألف درهم فقال بلى قد أخذته <130> فهو باطل وهذا على ما كان قبله من البيع الفاسد فإن كانا تركا البيع الفاسد فهو جائز اليوم * رجل باع من رجل عبداً بألف درهم وقال إن لم تجئني بالثمن اليوم فلا بيع بيني وبينك وقبل المشتري ولم يأته بالثمن اليوم فلقيه غداً فقال المشتري قد بعتني عبدك هذا بألف درهم فقال نعم فقال قد أخذته فهو شراء الساعة لأن ذلك الشراء قد انتقض ولا يشبه هذا البيع الفاسد * رجل كان يبايع رجلاً ويشتري منه الثياب فقال المشتري كلّ ثوب آخذ منك فلك فيه ربح درهم وكان يأخذ منه الثياب والبائع يجيزه بالشراء حتى اجتمع عند المشتري ثمن عشرة أثواب أو أكثر فحاسبه وأعطاه لكل ثوب الثمن وربح درهم قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن أربحه والثياب عنده على حالها فالربح جائز وإن لم تكن الثياب عنده على حالها فالبيع باطل ولا يجوز بالربح * رجل قال لرجل يبيع الحنطة بكم تبيع فقال كلّ قفيز بدرهم فقال كلني خمسة أقفزة فكال له وذهب بها فهو بيع وعليه خمسة دراهم * رجل قال لغيره هذا الثوب لك بعشرة دراهم فقال هات حتى أنظر إليه وحتى أريه غيري فأخذه على هذا فضاع قال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا شيء عليه وإن قال هاته فإن رضيته أخذته فضاع فعليه الثمن ولو قال إن رضيته اشتريته فهو باطل وبه قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أيضاَ * رجل ساوم رجلاً بثوب فقال البائع هو لك بعشرين وقال المشتري لا بل عشرة فذهب به المشتري على ذلك ولم يرض البائع بعشرة فليس هذا ببيع إلا أن المشتري إن استهلك الثوب يلزمه عشرون درهماً وله أن يرده ما لم يستهلكه قال أبو حنيفة وأبو يوسف رحمهما الله تعالى القياس أن يكون عليه قيمته ولكن تركنا القياس بالعرف ويلزمه عشرون * رجل قال لغيره عبدي لك هذا بألف درهم إن أعجبك فقال قد أعجبني قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يلزمه البيع وكذا لو قال إن وافقك فقال قد وافقني أو قال إن هويت فقال هويت فهذا كله بيع وجواب * رجل قال لغيره أعطيتك هذا بكذا فلم يقل المشتري شيئاً حتى كلم البائع إنساناً في حاجة له بطل البيع ولو قال البائع بعد الإيجاب رجعت فقال المشتري <131> معاً قبلت كان الرجوع أولى * ولو أوصى ببيع داره من رجل فقال داري بيع منه بألف درهم ومات فقبل الموصى له بعد موته جاز كذا ذكر أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في النوادر * رجل استهلك طعام رجل ثمّ اشتراه منه بثمن ونقده الثمن فوجده البائع زيوفاً بعد الافتراق روى الحسن عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه إلى النصف يرد الزيوف ويستبدل وإن زاد على النصف فرده ينتقض البيع في المردود وقد مر في السلم أنه إذا وجد رأس المال زيوفاً بعد الافتراق واستبدل مكانه إن كان المردود قليلاً لا ينتقض السلم في المردود وإن كان كثيراً ينتقض وعلى هذه الرواية جعل النصف قليلاً * رجل قال لغيره بعتك هذا بألف درهم فقال أنا آخذه لم يجز ولو قال أنا أخذته جاز * رجل قال لغيره بعتك هذا بألف درهم
(2/65)
________________________________________
فقال لا أقبل بل أعطيته بخمسمائة ثمّ قال قد أخذته بألف درهم قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن دفعه إليه فهو رضا وإلا فلا * رجل قال لغيره اشتريت منك هذا بكذا فبصدق به على هؤلاء ففعل البائع ذلك قبل أن يتفرقا جاز وكذا لو قال اشتريت منك هذا الثوب فاقطعه لي قميصاً ففعل البائع قبل أن يتفرقا * رجل اشترى ثوباً فقال البائع أقلتك فيه فاقطعه قميصاً ففعل كانت إقالة * إذا أخذ ثوباً على وجه المساومة بعد بيان الثمن فهلك في يده كان عليه قيمته وكذا لو استهلكه وارث المشتري بعد موت المشتري * الوكيل بالشراء إذا أخذ الثوب على سوم الشراء فأراه الموكل فلم يرض به الموكل ورده عليه فهلك عند الوكيل قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ضمن الوكيل قيمته ولا يرجع بها على الموكل إلا أن يأمره الموكل بالأخذ على سوم الشراء فحينئذ إذا ضمن الوكيل رجع على الموكل * رجل قال لغيره بعتك هذا بألف درهم ثمّ قال لآخر بعتك نصفه بخمسمائة فقبل الثّاني قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى صح قبول الثّاني ولا يصح قبول الاول بعد رجوع البائع عن النصف وكذا لو قطعت يد الجارية بعد الإيجاب وأخذ البائع أرشها أو ولدت الجارية أو تخمر العصير ثمّ صار خلاً لا يصح قبول المشتري * رجل قال لغيره بعتك عبدي هذا بألف درهم فسكت ثمّ قال قد بعتك أَمتي هذه <132> بألف درهم فقال المشتري قبلت أو قال أجزت فهو على البيع الثّاني ولو قال بعتك هذا بألف درهم وبعتك هذه بألف درهم فقال قبلت كان قبولاً لهما جميعاً إذا وصل بين الكلامين بحرف العطف وهو الواو فقبول المشتري يكون قبولاً لهما جميعاً * رجل طلب من رجل ثوباً ليشتري فأعطاه البائع ثلاثة أثواب فقال هذا بعشرة وهذا بعشرين وهذا بثلاثين فاحمل الثياب إلى منزلك فأي ثوب ترضى بعته منك فحمل الثياب فاحترقت الثياب عند المشتري قال الشَّيخ الأجل أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن هلك الكل جملة أو على التعاقب ولا يدري الذي هلك أولاً والذي بعده ضمن المشتري ثمن كلّ ثوب وإن عرف الأوّل لزمه ثمن ذلك الثوب والثوبان أمانة عنده وإن هلك الثوبان وبقي الثّالث فإنه يرد الثّالث لأنه أمانة وأما الثوبان فيلزمه نصف ثمن كلّ واحد منهما إلا إذا كان لا يعلم أيهما هلك أولاً وإن هلك واحد وبقي ثوبان يلزمه ثمن الهالك ويرد الثوبين وإن احترق الثوبان وبعض الثّالث ثلثه أو ربعه ولا يعلم أيهما احترق أولاً يرد ما بقي من الثّالث ولا يضمن نقصان الحرق بقدره ويلزمه نصف ثمن كلّ واحد من الثوبين * رجل ساوم رجلاً بقدح فقال لصاحب القدح أرني قدحك هذا فدفعه إليه فنظر إليه الرجل فوقع منه على أقداح لصاحب الزجاج فانكسر القدح والأقداح قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يضمن القدح لأنه أمانة ويضمن سائر الأقداح لأنه أتلفها بغير إذنه * رجل قال لقصاب زن لي من هذا اللحم بكذا درهماً ففعل ذكر في النوادر عن أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى أن ذلك لا يكون بيعاً وكان للآمر أن يمتنع عن أخذ اللحم ولو قال زن لي من موضع كذا من هذا اللحم بكذا درهماً فوزنه من ذلك الموضع لا يكون له أن لا يأخذ وكذا لو دفع إلى قصاب درهماً وقال أعطني بهذا الدرهم وزنه وضعه في هذا الزنبيل حتى أجيء بعد ساعة ففعل القصاب ذلك فأكلت الهرة قال يهلك على القصاب لأن الوكالة لم تصح لأنه لم يبين موضع اللحم فإن بين موضع الحم فقال من الذراع أو من الجنب فحينئذ يكون الهلاك على المشتري وهو كما لو اشترى حنطة بعينها ودفع غرائره إلى البائع وقال كلها فيه ففعل يصير المشتري <133> قابضاً ولو كانت الحنطة بغير عينها بأن كان سلماً أو ثمناً السلعة فدفع رب السلم غرائره إلى المسلم إليه وأمره بأن يكيل السلم فيه ففعل لا يصير قابضاً إلا إذا كان بحضرة رب السلم قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وكذا الجواب في شراء الكرباس إذا اشترى ذراعاً من هذا الت لا يجوز وإن قال من هذا الجانب جاز * ولو اشترى ذراعاً من ثوب ولم يبين الجانب فقطع البائع كان للمشتري أن يرد ولو عين الذراع من هذا الجانب فقطع البائع ولم يرض به المشتري كان لازماً على المشتري وكما ينعقد البيع بالخطاب من الحاضر ينعقد بالكتاب إلى الغائب إذا كتب الرجل إلى رجل غائب وكتب فيه بعت عبدي فلاناً منك بكذا فبلغه الكتاب وقرأ وقال قبلت تم البيع بينهما * والبيع أنواع باطل وفاسد وموقوف ولازم ومكروه *
{ فصل في البيع الباطل }
(2/66)
________________________________________
*بيع الخمر والميتة والدم وذبيحة المجوسي والمحرم والمرتد ومتروك التسمية عمداً وبيع الصبي الذي لا يعقل والمجنون وهوامّ الأرض وما يسكن في الماء كالضفدع والسرطان إلا السمك باطل وكذا لو باع مالاً متقوّماً بهذه الأشياء كان باطلاً إلا الخمر والخنزير * وبيع رجيع الآدمي باطل إلا إذا غلب عليه التراب وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه جائز * وبيع السرقين والبعر جائز * ولو جعل الخمر والخنزير ثمناً بمال متقوم كان فاسداً ولو باع الخمر والخنزير كان باطلاً باعها من مسلم أو لمسلم * والبيع الباطل لا يفيد الملك وإن اتصل به القبض حتى لو كان المبيع عبداً فأعتقه لا ينفذ إعتاقه والفاسد عندنا يفيد الملك إذا اتصل به القبض * وبيع شعر الآدمي باطل وكذا بيع شعر الخنزير وبيع الكلب المعلم عندنا جائز وكذلك بيع السنور وسباع الوحش والطير جائز عندنا معلماً كان أو لم يكن * وبيع الفيل جائز وفي القردة روايتان عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وبيع جلود الميتات باطل إذا لم تكن مذبوحة أو مدبوغة ويجوز بيع عظامها وعصبها وصوفها وظلفها وشعرها وقرنها وبيع النحل باطل ولا يضمن متلفها إلا إذا كان في كوارتها عسل فباع الكوارات بما فيها من النحل وبيع <134> دود القز باطل عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وكذلك بيع بذره * ولو باع شيئاً فقال بعتك بغير ثمن أو قال بعتك على أن لا ثمن له كان البيع باطلاً ولو باع وسكت عن ذكر الثمن كان فاسداً * وبيع العلق جائز عند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو باع أم الولد وسلمها لا يمكلها المشتري وكذلك معتق البعض وكذلك المدبر عندنا * ولو باع متقوّماً بمكاتب أو مدبر أو أم ولد وقبض المال ملكه ملكاً فاسداً * ويجوز بيع أم الولد من نفسها وكذلك بيع المدبر من نفسه ويضمن المكاتب والمدبر بالغصب والبيع الفاسد وأم الولد لا تضمن بالغصب والبيع الفاسد عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى والمشتري بالميتة والدم لا يملك وإن قبض فإن هلك عند المشتري في رواية لا يضمن وذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يضمن هو الصحيح * ولو باع شيئاً معيناً وسماه باسم آخر بأن قال بعتك هذا الثوب على أنه هروي فإذا هو مروي لا يجوز البيع لأن الهروي مع المروي جنسان مختلفان لاختلاف الصنعة ثمّ اختلفوا أنه باطل أو فاسد قال بعضهم هو باطل لا يملك بالقبض وذكر الكرخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه فاسد * ولو باع فصاً على أنه ياقوت فإذا هو زجاج أو أشار إلى مملوك فقال بعتك هذا الغلام فإذا هو جارية كان البيع باطلاً لأنهم جنسان مختلفان فيكون هذا بيع المعدوم وكذا لو اشترى من رجل شيئاً بدين له عليه وهما يعلمان أنه لا دين عليه كان باطلاً كما لو اشترى شيئاً على أن لا ثمن له وبيع الكلأ الذي نبت في أرضه بغير إنباته باطل لأنه ليس بمملوك * وكذا بيع الماء في الحوض أو في البئر * وبيع آلات اللهو كالبربط والمزمار والدف جائز في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال صاحباه رحمهما الله تعالى لا يجوز * وكذلك بيع آلات اللعب كالنرد والشطرنج وإن أتلفها إنسان فإن كان الإتلاف بأمر القاضي لا يضمن وإن لم يكن يضمن وكذلك في قول أبي يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى * رجل أسلم خمراً بعينها أو خنزيراً بعينه في حنطة وقبض الحنطة بعد حلول الأجل ملكها ملكاً فاسداً لأنه اشترى الحنطة بالخمر والخنزير فيملك المبيع وعليه مثلها إن هلكت <135> في يده كما هو الحكم في البيع الفاسد * رجل اشترى بذر البطيخ فظهر أنه كان بذر القثاء يرد المشترى مثله ويرجع بالثمن لأن الجنس مختلف فيبطل البيع وإن اختلف النوع لا يرجع بالثمن * رجل قال لغيره بعت منك هذا العبد بألف درهم فقال فعلت تم البيع بينهما ولو قال نعم اختلفوا فيه قال بعضهم يتم البيع بينهما أيضاً وقال بعضهم لا يتم وجعلوا هذا بمنزلة ما لو قال لامرأته اختاري نفسك فقالت فعلت كان اختياراً ولو قالت نعم لا يكون اختياراً * رجل قال لغيره بعت منك هذا العبد بهذه الشاة الذكية فاشترى وقبض العبد فأعتقه فإذا هي ميتة بطل إعتاقه * رجل قال لبائع الحطب بكم تبيع هذا الوقر من الحطب فقال بدرهم فقال سق الحمار اختلفوا فيه قال بعضهم لا يكون بيعاً ما لم يسلم الحطب وينقد الثمن وقال بعضهم يكون بيعاً لأنهما تراضيا على التمليك والتملك.
{ باب البيع الفاسد }
المفسد للبيع أنواع وهذا الباب يشتمل على فصول:
{ الفصل الأوّل في فساد البيع بجهالة أحد البدلين وفيه الجمع بين الموجود والمعدوم والجمع بين المال وغير المال }
(2/67)
________________________________________
*رجل قال لغيره بعت منك جميع مالي في هذه الدار من الرقيق والدواب والثياب والمشتري لا يعلم بما فيها كان فاسداً لأن المبيع مجهول ولو جاز هذا لجاز إذا باع ما في هذه المدينة أو ما في هذه القرية ولو جاز ذلك لجاز إذا باع ما في الدنيا * ولو قال قال بعت منك جميع مالي في هذا البيت بكذا جاز وإن لم يعلم به المشتري لأن الجهالة في البيت يسيرة وفيما تقدم من الدار وغيرها كثيرة وإذا جاز في البيت يجوز في الصندوق والجوالق * رجل قال بعت منك نصيبي من هذه الدار بكذا جاز إذا علم المشتري بنصيبه من الدار وإن لم يعلم به البائع لكن يشترط تصديق البائع فيما يقول وإن لم يعلم المشتري نصيبه لا يجوز في قول أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله تعالى علم البائع بذلك أو لم يعلم * رجل اشترى موزوناً في وعاء على أن يزن الظرف ويحط حصة وزن الظرف من الثمن جاز * ولو باع داراً ولم يبين حدودها جاز إذا كان المشتري يعرف حدودها ولا يشترط معرفة جيرانها * رجل باع رقبة الطريق على أن يكون للبائع <136> فيها حق المرور جاز وكذا لو باع صاحب الدار السفل على أن يكون للبائع حق قرار العلو عليه كذا ذكره شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في القسمة * ولو باع نخلة في أرض صحراء له بطريقها من الأرض ولم يبين مواضع الطريق قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز له أن يذهب إلى النخلة من أي ناحية شاء * رجل باع المجمدة اختلف المشايخ فيه الأصح أنه يجوز سلم أوّلاً ثمّ باع أو باع ثمّ سلّم وهو اختيار الفقيه أبي جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى والأحوط أنه يسلم أولاً ثمّ يبيع فإن باع وسلم في يومه أو قبل ثلاثة أيام جاز وإن سلم بعد الأيام الثلاثة لا يجوز لأنها تذوب في كلّ ساعة غلا أن النقصان اليسير غير معتبر والكثير معتبر وقبل الأيام الثلاثة يقل النقصان وبعد الأيام الثلاثة يكثر ويكون له قسط من الثمن ولا قسط للقليل من الثمن وقيل ذلك يختلف في الصيف والشتاء والغلاء والرخص فينظر إلى ما عليه الناس إن عدّه الناس كثيراً كان كثيراً ذكر المجمدة وأراد به الجم لا موضع الجمد لأن موضع الجمد بمنزلة بيت فيه متاع البائع فيجوز بيعه على كلّ حال * ولو باع الجمد أو القصب أو الحطب أو قاراً أو أحمالاً أو حزماً لا يجوز ولو حمل الجمد أو الحطب على الدابة ثمّ باع الوقر جاز * باع من آخر كرا من الحنطة إن لم تكن الحنطة في ملكه بطل البيع وإن كان في ملكه أقل مما سمى بطل البيع في المعدوم وفسد في الموجود وإن كان في ملكه الحنطة في موضعين أو من نوعين مختلفين لا يجوز البيع وإن كان من نوع واحد في موضع واحد إلا أنه لم يضف البيع إلى تلك الحنطة لكن قال بعت منك كرا من الحنطة جاز البيع وإذا علم المشتري بمكانها كان له الخيار إن شاء أخذها من ذلك المكان بذلك الثمن وإن شاء ترك * ولو قال بعتك عبداً أو جارية ذكر في المنتقى في موضع رجل قال لغيره عندي جارية بيضاء فبعتها منك بكذا فقال المشتري قبلت لم يكن ذلك بيعاً إلا أن يبين الموضع أو غيره فيقول أبيعك جارية في هذا البيت أو يقول جارية اشتريتها من فلان فحينئذ يتم البيع وذكر في موضع إذا قال بعتك جارية جاز إذا لم يكن عندما لا جارية وإن كان عنده جاريتان فسد البيع وذكر شمس <137> الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا أضاف الجارية إلى نفسه فقال بعتك جاريتي جاز البيع وإن لم يضف إلى نفسه لا يجوز * رجل قال لغيره بعتك مائة ذراع من داري أو أرضي ولم يبين ذرعانها وموضعها لا يجوز في قول أبي حنيفة وزفر رحمهما الله تعالى وقال أبو يوسف ومحمد رحمهما الله تعالى يجوز ويصير المشتري شريكاً للبائع مائة ذراع من الدار * رجل أشار إلى بيض وقال بعتك من هذا البيض عشرة بكذا روى أبو يوسف عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه لا يجوز في القياس مثل الرمان وأشباهه وجاز في الاستحسان وهو مثل الطعام ونحوه * رجل اشترى من السقاء كذا كذا قربة من ماء الفرات قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إنه عن كانت القربة بعينها جاز لمكان التعامل وكذا الراوية والجرة وهذا استحسان وفي القياس لا يجوز إذا كان لا يعرف قدرها وهو قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولو قال بعتك هذا الطعام كلّ كر بمائة درهم كان الطعام كثيراً وكال البائع كله وعلم المشتري بذلك فله الخياران شاء أخذ كله ولو قال بعتك هذا الجراب أو هذه الرزمة كلّ ثوب بخمسين درهماً فالبيع فاسد فإن عدها البائع وعلم المشتري بعددها في المجلس فقال رضيب بذلك جاز البيع ولم يكن للبائع أن يمنعه ولو اشترى مائة جوزة من جوز كثير فلما عدها البائع له قال لا أرضى ليس له ذلك ولو اشترى من قصاب لحماً بدرهم فقطع القصاب اللحم ووزنه وهو ساكت ثمّ قال لا أرضى فله ذلك حتى يقول بعد الوزن قد رضيت بخلاف الجوز لأن الجوز شيء واحد قلما يتفاوت * رجل باع ثوباً برقمه ثمّ إن البائع باعه من آخر قبل أن يبين الثمن جاز بيعه من
(2/68)
________________________________________
الثّاني ولو أن البائع أخبر الأوّل بالثمن فلم يجزه حتى باعه البائع من آخر لم يجز بيعه من الثّاني لأن البائع لم بين الثمن توقف البيع على إجازة المشتري الأوّل ألا ترى أن المشتري لو استهلكه بعد العلم بالثمن كان عليه الثمن ولو استهلكه قبل العلم بالثمن كان عليه قيمته * رجل قال لمديونه الذي عليه عشرة دراهم بعتني هذا الثوب الآخر بما بقي من العشرة فقال نعم قد بعتك فهو جائز وإن قال بعتني هذا ببعض <138> العشرة وبعتني هذا الآخر ببعض العشرة فقال نعم قد بعتك كان فاسداً لأنه بقي من العشرة شيء مجهول بخلاف الأوّل فإن ثمة لم يبق من العشرة شيء * رجل عنده حنطة أو مكيل آخر أو موزون ظن أنها أربعة آلاف منّ فباعها من أربعة نفر لكل واحد منهم ألف منّ بثمن معلوم ثمّ وجده ناقصاً قال بعضهم له الخيار إن شاؤوا أخذوا من الموجود بحصته من الثمن وإن شاؤوا تركوا والصحيح ما قال بعضهم أن الجواب فيه على التفصيل إن باع منهم جملة فكذلك وإن باع منهم على التعاقب فالنقصان على الآخر دون الأولين وهو بالخيار إن شاء أخذها وإن شاء ترك * رجل باع حنطة مجموعة في بيت أو محفورة في أرض والمشتري لا يعلم مبلغها ولا منتهى المحفورة قالوا كان له الخيار إذا علم إن شاء أخذها بجميع الثمن وإن شاء ترك وإن كان لا يعلم منتهى المحفورة إلا أنه يعلم مبلغ الحنطة جاز البيع ولا خيار له إلا أن يخرج تحته دكان أو مثل ذلك * رجل اشترى عشرة أقفزة فاستحق بعضها قبل القبض خير المشتري لتفرق الصفقة وإن استحق بعد القبض لا يخير * وكذا إذا اشترى مكيلاً أو موزوناً على أنه كر فوجده ناقصاً جاز البيع في الباقي وهل يخير المشتري إن لم يكن قبض المبيع أو كان قبض البعض يخير إن شاء أخذ وإن شاء ترك وإن كان قبض الكل لا خيار له وهو بمنزلة الاستحقاق * رجل اشترى أمة بعبد وتقايضا فهلك أحد البدلين ثمّ زاد أحدهما في البيع شيئاً معلوماً صحت الزيادة لأنهما لو تقايلا العقد بعد هلاك أحد البدلين صحت الإقالة فكذا الزيادة * ولو اشترى عبدين وزاد المشتري في ثمن أحدهما ولم يسم العيد الذي زاد فيه صحت الزيادة وللمشتري أن يجعل الزيادة مع أيهما شاء * وكذا لو زاد البائع ثوباً أو ما أشبه ذلك صحت الزيادة وله أن يجعل الزيادة مع أيهما شاء * رجل جاء إلى خباز أو قصاب فقال أعطني بدرهم خبزاً أو قال أعطني بدرهم لحماً وسعر اللحم والخبز مشهور في البلد ومتفق عليه فأعطاه الخباز أقل من ذلك قال الفقيه أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى شراؤه إلى ما هو اصطلاح الناس وسعر البلد ويرجع المشتري بحصة النقصان من الدرهم وإن كان المشتري غريباً فالشراء على ما سلم عليه ولا يرجع بشيء وهذا في اللحم فأما في <139> الخبز فالشراء على ما هو سعر البلد لأن سعر الخبز في البلد قلما يختلف * رجل أتى قصاباً كلّ يوم بدرهم وكان القصاب يقطع اللحم ويزنه بسنجة والمشتري ينظر إليه ويظن أنه منّ كما هو سعر البلد فوزنه يوماً فإذا هو ثلاثون أستاراً قالوا بيعها يكون على منّ واحد بحكم سعر البلد فإذا انتقص عن ذلك له أن يرجع بحصة النقصان من الثمن لا من اللحم لأن بيع اللحم لا ينعقد قبل إعطاء اللحم * رجل قال لآخر بعت منك من هذه الحنطة قدر ما يملأ هذا القفيز أو هذا الطست جاز * رجل له زرع قد استحصد فباع حنطتها جاز لأنه باع موجوداً يقدر على تسليمه ولو باع تبناً لا يجوز لأن التبن لا يكون إلا بعد الدوس والنذرية فكان هذا بيع المعدوم ولو باع ساق الحنطة دون الحنطة جاز ولو اشترى حنطة في سنبلها وشرط النذرية والدوس على البائع جاز لأنه باع الحنطة فكانت النذرية عليه * رجل اشترى بالعدليّ شيئاً فكسد قبل القبض فسد البيع في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وكذا إذا اشترى بالفلوس فكسدت يعين لا تروج رواج الأثمان وإن غلا أو رخص لا يفسد البيع ولا خيار لأحدهما وإن استقرض عدلياً أو فلوساً فكسد عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عليه مثلها كاسدة ولا يضمن فيمتها وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عليه قيمتها من الذهب والفضة يوم قيضها وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عليه قيمتها من الذهب والفضة في آخر يوم كانت رائجة فكسدت * رجل قال لغيره لك في يدي أرض خربة لا تساوي شيئاً فبعها مبنى بستة دراهم فقال بعت والبائع لا يعرفها جاز وإن كانت قيمتها أكثر من ذلك * رجل اشترى حنطة فطحنها البائع قبل التسليم ينفسخ البيع ولو باعها البائع من غيره فطحنها الثّاني لا ينفسخ البيع ويخير المشتري الأوّل إن شاء فسخ البيع الأوّل وإن شاء ضمن المشتري مثلها * رجل اشترى شيئاً بقيمته أو بحكمه أو بما يريد أو بما يرضى لا يجوز وكذا لو باع بألف درهم إلا ديناراً أو بمائة دينار إلا درهماً أو باع بثوب أو كر حنطة أو باع برأس ماله أو بما اشتراه فلان أو بمثل ما اشترى فلان أو بمثل ما يبيع الناس لا يجوز البيع إلا أن يكون شيئاً لا يتفاوت ثمنه كالخبز
(2/69)
________________________________________
واللحم فإن علم المشتري بالثمن في المجلس <140> عاد جازئزاً ويخير المشتري إن شاء أخذ وإن شاء ترك * ولو اشترى غنماً أو عدل زطى واستثنى شاة أو ثوباً بغير عينه لا يجوز ولو استثنى واحداً بعينه جاز ولو اشترى عشرة أجربة من مائة جريب من هذه الأرض أو عشرة أذرع من مائة ذراع من هذه الدار لا يجوز في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو نظر على إبل أو بقر أو غنم أو رقيق أو ثياب وقال أخذت كلاً من ذها بدرهم ولم يسم جماعتها فسد البيع في الكل عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وكذا لو اشترى داراً أو أرضاَ أو ثوباً كلّ ذراع بكذا ولم يبين جملة الذرعان فسد البيع في الكل في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعند صاحبيه يجوز في الكل وإن كان هذا في مكيل أو موزون أو عددي متقارب عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز في الواحد وإن علم الجملة في المجلس جاز في الجملة ويخير المشتري وعلى قول صاحبيه يجوز البيع في الكل * ولو اشترى غنماً أو بقراً أو ثياباً كلّ اثنين منها بكذا لا يجوز في قولهم ويجوز ذلك في المكيل والموزون والعددي المتقارب ولو اشترى عدل زطى على أن فيه خمسين ثوباً بألف درهم فوجدها إحدى وخمسين أو تسعاً وأربعين فسد البيع * ولو قال كلّ ثوب بكذا لا يجوز في الزيادة ويجوز في النقصان وقيل على قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز في النقصان أيضاً * ولو اشترى صبرة على أنها كذا فقيزاً فوجدها أكثر رد الزيادة سمى لك قفيز ثمناً أو لم يسم ولو وجدها أنقص أخذ الموجود بثمن الموجود ويسقط عنه ثمن النقصان ولو اشترى ثوباً على أنه كذا ذراعاً ولم يسم لك ذراع ثمناً فوجده أطول أخذ الثوب ولا خيار له وإن وجده أنقص أخذه بكل الثمن إن شاء وإن شاء ترك وإن باع على أنه عشرة أذرع كلّ ذراع بدرهم فإن كانت الزيادة نصف ذراع أو النقصان نصف ذراع عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا وجد عشرة ونصفاً أخذ بأحد عشر درهماً وإن وجد تسعة ونصفاً عليه عشرة دراهم وله الخيار وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في تسعة ونصف يلزمه تسعة دراهم ونصف درهم وفي عشرة ونصف عشرة دراهم ونصف درهم وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في تسعة ونصف يلزمه تسعة دراهم وفي عشرة ونصف عشرة دراهم * ولو اشترى ذراعاً من ثوب من طرف معين لا يجوز <141> وقيل إن كان ثوباً لا ينتقص بالتقطيع جاز * ولو أشار إلى حنطة وشعير فقال أبيعك هاتين الصبرتين كلّ قفيز بدرهم قال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز البيع في قفيز واحد منها وقال صاحباه يجوز في الصبرتين * رجل اشترى عبدين بألف درهم ولم يسم لكل واحد منهما ثمناً فإذا كان أحدهما حراً فسد البيع عندهم جميعاً وإن سمى لك واحد ثمناً فكذلك في قول أبي حنيفة وقال صاحباه رحمهما الله تعالى يجوز في القن وإن كان أحدهما مدبراً أو مكاتباً أو أم ولد وأجمل الثمن جاز في القن عندنا ويخير المشتري * وفي الشاتين إذا ظهرت إحداهم ميتة أو ذبيحة مجوسي أو محرم أو متروك التسمية عمداً وفي دنى الخل إذا كان أحدهما خمراً عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا وما لو جمع بين حر وعبد سواء * رجل قال أبيعك هذا الثوب من هذا الطرف على هذا الطرف وهو ثلاثة عشر ذراعاً فإذا هو خمسة عشر فقال البائع غلطت لا يلتفت غليه ويكون الثوب للمشتري بالثمن المسمى قضاء وفي الديانة لا تسلم له الزيادة * رجل باع جوزاً أو بطيخاً أو قثاء فوجده فاسداً لا ينتفع به إن كان قليلاً يسترد كلّ الثمن وإن كان كثيراً بأن كان البطيخ أو القثاء وقراً مثلاً يرجع بالنقصان ولا يسترد كلّ الثمن لأن الكثير يصلح علفاً للدواب وله قيمة عند الناس فلا يسترد كلّ الثمن * وكذلك الجوز إذا كان كثيراً يصلح حطباً هذا إذا وجد جميع ما اشترى فاسداً فإن وجد البعض فاسداً فالقياس أن يبطل بيع الفاسد ويفسد العقد في الباقي في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وفي الاستحسان إذا كان الفاسد قليلاً يجعل عفواً ولا يسترد شيئاً من الثمن قال الشَّيخ الغمام شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الواحد في المائة قليل يجعل عفواً * وأما البيض إذا وجد مذراً لكنه لا يبلغ نصف المبيع قال بعضهم له أن يرد الفاسد ويمسك الباقي بحصته من الثمن وإن كان الفاسد نصف ما اشترى جاز البيع فيما ليس بفاسد بحصته من الثمن كما في الجوز وقال بعضهم يفسد العقد في الكل وإن كان الفاسد أكثر من النصف لا يجوز العقد أصلاً عند الكل وقال عامة المشايخ رحمهم الله تعالى فسد البيع في الباقي وإن كانت الفاسد واحدة من الألف لأن <142> الفاسد منها دم وليس بمال فيفسد العقد في الكل كما لو لو اشترى ألف جلد واحداً منها جلد ميتة أو ألف شاة فوجدوا واحدة منها ميتة لا يجوز البيع أصلاً * رجل جاء إلى قصاب وأراه الدراهم وقال أعطني بها لحماً فأعطاه اللحم فوجد الدراهم زيوفاً أو نبهرجه فإنه يردها
(2/70)
________________________________________
ويرجع بالجياد لأن الإشارة إلى الدراهم بمنزلة التنصيص على الدراهم والدراهم في البياعات تنصرف إلى الجياد ولو وجد المقبوض ستوقة أو رصاصاً فسد البيع وكان عليه قيمة اللحم * رجل أراد أن يشتري جارية فجاء بصرّة فقال اشتريت هذه الجارية بهذه الصرة أو قال بما في هذه الصرة ووجد البائع ما فيها خلاف نقد البلد فله أن يردها ويرجع بنقد البلد لأن مطلق الدراهم في البيع ينصرف إلى نقد البلد جاز ولا خيار للبائع بخلاف ما إذا قال اشتريت هذه الجارية بما في هذه الخابية ثمّ رأى الدراهم التي كانت فيها كان له الخيار لأن في الصرة يعرف مقدار ما فيها من الخارج وفي الخابية لا يعرف مقدار مال فيها من الخارج فكان له الخيار ويسمى هذا خيار الكمية لا خيار الرؤية لأن خيار الرؤية لا يثبت في النقود * رجل باع ألف منّ من القطن ثمّ ادعى البائع أنه باع القطن ولم يكن في ملكه يوم البيع قطن أو قال أنفقت القطن الذي كان في ملكي يوم البيع وعند البائع عند الخصومة ألف منّ من القطن يقول أصبته بعد البيع ذكر في المنتقى أنه يقبل قول البائع مع يمينه أنه لم يبع منه هذا القطن * رجل باع جارية ثمّ ادعت الجارية أنها حرة قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن باعها وسلمها إلى المشتري وهي ساكنة ولم تقل شيئاً لا يقبل قولها إلا ببينة * وعنه رجل باع نصيبه من المبطخة المشتركة قال إن كان القلع يضره لم يجز البيع ونصيب البائع يكون للمشتري ما لم ينقض البيع قيل له لو أن الشريك الذي لم يبع أجاز البيع للشريك هل له أن لا يرضى بعد الإجازة قال له ذلك لأن في قلعه ضرراً والإنسان لا يجبر على تحمل الضرر * وعنه رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى رجل باع قطناً فأراد المشتري أن يذهب الورام ولا يعطي للورام ثمناً قال بناء الأمر في هذا على ما هو رسم <143> البلد في مثله فإن كان في رسمهم للقطن ورام يحط عن المشتري من الثمن بقدر ذلك * وعنه رجل استباع قوساً فقال له البائع مد القوس هذه فانكسر قال يضمن قيمته وإن مدّه بإذن البائع ولو قال له البائع مد القوس فإن انكسر فلا ضمان عليك فمدّه فإن انكسر قال يضمن أيضاً قال القاضي الإمام أبو علي النسفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا إذا اتفقا على الثمن فإن الرجل لو أخذ شيئاً على سوم الشراء ثمّ قال له البائع إن هلك فلا ضمان عليك بعدما اتفقا على الثمن فهلك يضمن كذلك ههنا * الأب أو الوصي إذا باع عقاراً للصبي فرأى القاضي نقض البيع أصلح للصغير قال الشَّيخ الإمام هذا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أن ينقض ذكره في المأذون * وعن الشَّيخ الغمام هذا رجل اشترى من بعض السدنة ستر الكعبة قال لا يجوز فقيل له لو أن المشتري نقله إلى بلدة أخرى قال يتصدق به على الفقراء * وعنه رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل باع شيئاً بيعاً جائزاً وأخّر الثمن إلى الحصاد أو الدياس قال يفسد البيع في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه لا يفسد البيع ويصح التأخير لأن التأخير بعد اليع تبرع فيقبل التأجيل إلى الوقت المجهول كما لو كفل بمال إلى الحصاد والدياس وقال القاضي الإمام أبو علي النسفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا يشكل بما إذا أقرض رجلاً وشرط في القرض أن يكون مؤجلاً لا يصح التأجيل ولو أقرض ثمّ أخّر لا يصح أيضاً وكان الصحيح من الجواب ما قال الشَّيخ الإمام أنه يفسد البيع أجله على هذه الأوقات في البيع أو بعده * وعن الشَّيخ الإمام هذا الأراضي الخراجية إذا مات أربابها وعجز أهل القرية عن أداء خراجها فارادوا تسليمها إلى السلطان قال السبيل فيها إجارتها واستيفاء الخراج من الأجرة فإن تعذرت الإجارة جاز للسلطان بيعها فإن أراد أن يشتريها لنفسه فالأحوط له أن يبيعها من غيره ثمّ اشتراها من المشتري * وعنه رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا وقعت قطرة من الدم أو البول في خل أو زيت لا يجوز بيعه * وعنه رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى رجل قال لغيره بعت منك قفيزاً من الحنطة في هذا الخف أو من هذا الكدس ثمّ أعطاه الحنطة من موضع آخر لا يجوز لأن ما سوى النقود يتعين <144> بالتعيين * وعنه رجل أو قد ناراً في حطبه ثمّ باعه قال إن صار فحماً جاز لأن الفحم عين الجمر إلا أنه يبرد فيصير فحماً فكان بائعاً ما عنده فيجوز وإن صار رماداً لا يجوز لأنه باع ما لم يكن عنده * وعنه رجل له أرض فيها قطن قد أدرك بعضه فقال لغيره بعت منك مائة منّ من قطن هذه الأرض بكذا درهماً فقال ينظر إن كان أكثرها مدركة جاز وإلا فلا مثلاً لو كان قطن الأرض ألف منّ فباع مائة منّ إن كان المدرك مقدارة ستمائة منّ أو أكثر جاز البيع وإلا فلا * رجل اشترى ثوباً على أنه أبيض فوجده مصبوغاً قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى البيع فاسد لأنه لا يمكن تسليمه بدو الصبغ وكذا لو اشترى داراً على أنه البناء فيها فإذا فيها بناء أو أرض
(2/71)
________________________________________
على أنها بيضاء لا نخل فيها فإذا فيها نخل أو باع داراً على أن بنائها من آجر فإذا هو من اللبن كان فاسداً ولو باع داراً على أن فيها بناء ولا بناء فيها أو قال بعلوها وسفلها ولا علو لها جاز البيع ويخبر المشتري إن شاء أخذها بجميع الثمن وإن شاء ترك * وكذا لو باعها بأجذاعها أو بأبوابها ولا جذع فيها جاز البيع ويخير المشتري فإن كان فيها جذع جاز البيع ولا يخير المشتري فغن كان فيها جذع جاز البيع ولا يخير المشتري ولو قال بعتكها بما فيها من الأجذاع والأبواب وليس فيها شيء جاز البيع ولا خيار للمشتري ولو باع أشجاراً على أن الكل مثمر فوجدوا حدة منها غير مثمرة قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فسد البيع لأن المثمرة وغير المثمرة جنسان فإذا لم يدخل غير المثمرة في العقد والثمن جملة فسد العقد كما لو باع مائة شاة إلا واحد ولم يبين ثمن كلّ واحد فسد البيع وإن بين ثمن كلّ شجرة وثمن كلّ شاة جاز البيع ويخير المشتري * رجل اشترى وزنياً في ظرفه على أن يزن الظرف فما ظهر وزونه يسقط حصته من الثمن جاز البيع فلو أن المشتري باع السلعة قبل أن يزن الظرف عن أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه لا يجوز بيع المشتري وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز * رجل له جملة مشمش أو تفاح فباع منها بعضها غير مميز قال الفقيه أبو حفص رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى المشمش والتفاح والخوارزمي إذا كان من شجر واحد فهو من العددي المتقارب فإذا باع بعضها غير مفرز وظاهره غير متفاوت جاز البيع <145> وإن كان ذلك من شجرين فباع منها بعضها غير مميز لا يجوز * ولو اشترى عدداً من بطيخ أو خيار أو رمان فيه الصغير والكبير بكذا درهماً والجملة أكثر مما باع لا يجوز فغن أفرز عدداً وعزل ذلك من الجملة وتراضيا جاز البيع ويقع البيع على المعزول عند التراضي وهكذا روي عن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل باع متروك التسمية عمداً وقضى القاضي بجوز البيع لا يجوز كما لو قضى بجواز بيع أم الولد * رجل اشترى دهناً ودفع القارورة إلى الدهان وقال للدهان ابعث القارورة إلى منزلي على يد غلامك فانكسرت القارورة في الطريق قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يهلك الدهن من مال البائع وإن قال للدهان ابعث القارورة على يد غلامي والمسألة بحالها يهلك على المشتري * رجل باع جارية الغير بغير إذن المولى وزوجها رجل أخر بغير إذن المولى وأعتقها فضولي فأخبر المولى وقال أجزت جميع ذلك قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى نفذ العتق وبطل ما سواه * رجل اشترى مناً من الفانيذ فوجد المشتري واحداً اسود ورده على البقال فأعطاه فانيذاً آخر بغير وزن جاز * وكذا لو وجد أخرى فردها وأعطاه مكانها بغير وزن وإن ردّ ثلاثاً فأعطاه البقال ثلاثاً بغير وزن لا يجوز لأن هذا مما يدخل تحت الوزن فلا يجوز إلا أن يوزن * قال وفي الخبز إذا وجد واحداً محترقاً فردّه على الخباز فأعطاه خبزاً آخر لا يجوز لأن هذا مما يدخل تحت الوزن فإن لخمسة أساتير وعشرة أساتير وزناً وحجراً فلا يجوز فيه المجازفة * أرض فيها زرع فباع الأرض بدون الزرع أو الزرع بدون الأرض جاز * وكذا لو باع نصف الأرض بدون الزرع وإن باع نصف الزرع بدون الأرض لا يجوز إلا أن يكون الزرع بينه وبين الأكار فيبيع إلا كار نصيبه من صاحب الأرض جاز وإن باع صاحب الأرض نصيبه من الأكار لا يجوز هذا إذا كان البذر من قبل صاحب الأرض فإن كان من قبل الأكار ينبغي أن يجوز * ولو باع نصف الأرض مع نصف الزرع جاز * رجلان بينهما دار فباع أحدهما نصفاً شائعاً من بيت معين من تلك الدار ذكر في المنتقى أنه لا يجوز <146> في قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن شريكه يتضرر بذلك عند القسمة * وكذا لو باع بيتاً معيناً من تلك الدار لا يجوز * رجلان بينهما عشرة أغنام أو عشرة أثواب هروية فباع أحدهما نصف ثوب معين من الجملة ذكر في المتقى أنه يجوز قال وهذا لا يشبه الدار ولو كان بينهما أرض ونخل فباع أحدهما نصف شجر من رجل لا يجوز كما لو كانت الدار بين رجلين فباع أحدهما قطعة بعينها من رجل قبل القسمة لا يجوز في نصيب واحد منهما * وكذا لو كانت الدار لرجل فباع نصف بنائها من غير أرض من رجل لا يجوز ولو باع من الشاة المسلوخة الأيدي أو الأرجل اختلف المشايخ فيه قال أبو القاسم الصفار رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز لأنهما مختلفان في القطع وقال مُحَمَّد بن سلام رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز والصحيح هو الأوّل * بيع ورق الفرصاد قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز ما دام في الزيادة ويجوز بعد التناهي * ولو اشترى رطبة من البقول أو قثاء على الساق قال الشَّيخ الإمام هذا لا يجوز لأنه ينمو من أسفله ساعة فساعة كالصوف والوبر والشعر فيختلط المبيع
(2/72)
________________________________________
بغير المبيع فلا يجوز واختلف المتأخرون في قوائم الخلاف والعريس قال بعضهم لا يجوز لأنه يزداد ساعة فساعة وقال بعضهم يجوز لأن موضع القطع معلوم عرفاً والقوائم تنمو من أعلا لا من أسفل * رجل باع الجنين فولدت قبل الافتراق وسلمه على المشتري قال الشَّيخ الغمام المعروف بخواهر زاده رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز * وكذا لو باع الآبق وسلم قبل الافتراق * رجل اشترى عشرة أقفزة حنطة بعينها فاستحق منها خمسة قبل القبض يخير المشتري لتفرق الصفقة في التمام * مريض باع عيناً من أعيان ماله من وارث بمثل القيمة لا يجوز عند أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وكذا لو باع الصحيح من مورثه الصحيح * رجل اشترى داراً مع بنائها بألف درهم فاستحق البناء قبل القبض قالوا يخير المشتري إن شاء أخذ الأرض بحصتها من الثمن وإن شاء ترك وإن استحق بعد القبض كان له أن يأخذ الأرض بحصتها من الأرض ولا خيار له * وكذا إذا اشترى أرضاً مع أشجاره فاستحقت الأشجار قبل القبض خير المشتري على الوجه <147> الذي ذكرنا وإن استحق بعد القبض يأخذها بحصتها من الثمن فليس له إن يردها وإن احترقت الأشجار أو قلعها ظالم قبل القبض خير المشتري إن شاء أخذها بجميع الثمن وإن شاء ترك وليس له أن يأخذ بحصتها من الثمن وبعد القبض يكون الهلاك على المشتري * رجل اشترى شجرة بشرط أن يقلعها اختلف المشايخ في جوز هذا البيع والصحيح هو الجواز وإن اشترى بشرط القطع جاز قبل هذا إذا بين موضع القطع فإن لم يبين لا يجوز وفي ظاهر الجواب يجوز وإن لم يبين وإذا جاز كان له أن يقلعها من الأصل عند البعض وعند بعضهم يقطعها من وجه الأرض ولا يقلع وإن اشتراها مطلقاً فهي بمنزلة ما لو اشتراها بشرط القطع كان له أن يقلعها بأصلها وهل يدخل في البيع ما تحت الشجرة من الأرض فيه روايتان والصحيح أنه يدخل كما لو أقر إنسان بشجرة يدخل في الإقرار ما تحتها من الأرض وكذلك في القسمة وإذا دخل ما تحتها من الأرض في البيع يدخل مقدار غلظ الشجرة وقت البيع ووقت الإقرار ووقت القسمة حتى لو زاد غلظها بعد ذلك كان لصاحب الأرض أن يأمره بنحت الزيادة ولا يدخل من الأرض ما يتناهى إليه العروق والأغصان وإن اشترى شجرة للترك لأجل الثمر جاز وهل يدخل في البيع ما تحت الشجر من الأرض فهو على الروايتين على قول أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يدخل وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يدخل بعروقها التي تستقر عليها الشجرة لا مقدار طول العروق وإن اشترى أرضاً دخل في البيع الأشجار المثمرة بغير ذكر واختلفوا في غير المثمرة والصحيح أنها تدخل صغيراً كان أو كبيراً وأما قوائم الخلاف هل تدخل في البيع تبعاً لأصولها اختلفوا فيه قال بعضهم تدخل تبعاً لأصولها والصحيح أنها لا تدخل لأنها بمنزلة الثمر لا يدخل في بيع الأرض ما على الأشجار من القطن من غير شرط واختلفوا في شجرة القطن والصحيح أنه لا تدخل وأما الكرات وما كان مثله فما كان على ظاهر الأرض لا يدخل في بيع الأرض وأما ما كان مغيباً من الأرض من أصوله اختلفوا فيه والصحيح أنه يدخل وأما قوائم الباذنجان قال الشَّيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى تدخل في <148> بيع الأرض وقال الشَّيخ الإمام المعروف بخواهر زاده يجب أن يكون على الاختلاف الذي ذكرنا في قوائم القطن * رجل باع أرضاً فيها زرع بينه وبين الاكار فباعها بنصيبه من الزرع ذكر في المنتقى أن المشتري إن طلب تسليم المبيع يفسد البيع وإن قال أنا أسكت حتى استحصد الزرع فهو جائز ولا يتصدق المشتري بشيء من الزرع لأنه زاد في أرضه * وكذا لو باع داراً آجرها من غيره فقال المشتري أنا أسكت حتى تتم الإجازة فهو جائز وإن طلب التسليم في الحال فسد العقد * رجل باع أرضاً قد آجرها من غيره قال الشَّيخ الإمام مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى روي في بعض الروايات عن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن المشتري إذا كان عالماً بذلك جاز البيع ولا خيار له وهكذا قال الشَّيخ الإمام علي بن مُحَمَّد البزدوي وجعل هذا بمنزلة العيب والجارية التي باعها مولاها وهي في نكاح الغير فعلم المشتري بذلك جاز البيع ولا خيار له وقال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا خلاف ظاهر الرواية وهكذا قال القاضي الإمام أبو علي النسفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى واختلفت الروايات في بيع المرهون والمستأجر * رجل دفع أرضه مزارعة ثمّ باع الأرض بزرعها والزرع بقل ذكر في المنتقى أن المزارع إن أجاز فهو جائز وإن أجاز المزارع على أن يكون نصيبه في الأرض على المزارعة فهو فاسد وأشار في الأصل إلى أنه إذا باع الأرض مع نصف الزرع لا يجوز * رجل باع أرضاً فاستحق منها طائفة معلومة بطريق العامة أو للمقبرة لا يفسد البيع في الباقي لأن الوقف والطريق مال متقوم فلا يفسد البيع فيما ضم إليه كما لو جمع بين قن ومدبر وباعهما صفقة واحدة جاز
(2/73)
________________________________________
البيع في القن وإن ظهر أن بعض الأرض كان مسجداً ذكر في المنتقى أن المسجد إن كان مسجد جماعة فسد البيع في الباقي وإن كان مسجد خاص لا يفسد قال ومسجد الجماعة مساجد جماعات المسلمين * وكذا لو كان المسجد في دار لو أغلق باب الدار يكون للمسجد أهل في الدار يصلون فيها بجماعة ولا يمنعون الناس عن الدخول والصلاة معهم فهو مسجد جماعة ولا يكون محلاً للبيع خراباً كان أو عامراً ولو كان لو أغلق باب الدار لا يبقى للمسجد أهل في الدار فليس لهذا حكم <149> المسجد منعوا الناس عن الدخول أو لم يمنعوا وكذا لو باع قرية فيها مسجد قديم ولم يستبن المسجد فهو فاسد * وفي الفتاوى رجل باع كرماً وفيه مسجد قديم ولم يستثن المسجد قالوا إن كان المسجد عامراً فسد البيع وإن كان خراباً لا يفسد لأن العلماء اختلفوا في المسجد الذي خرب ما حوله واستغنى الناس عن الصلاة فيه قال بعضهم يبقى مسجداً * وقال بعضهم يعود إلى ملك الباني أو إلى ملك وارثه ولا يبقى مسجداً وكان هذا المسجد بمنزلة المدبر * وعن غيرهم باع قرية ولم يستثن المقبرة والمسجد فسد البيع من غير تفصيل * رجل باع أرضاً فأقر المشتري بعد ذلك أنها مسجد أو مقبرة أو أقر أنها طريق لعامة المسلمين فأنفذ القاضي عليه إقراره بمحضر من خاصمه فيه للعامة وسلم على الذي خاصمه ثمّ أراد المشتري أن يرجع بالثمن على بائعه فأقام بينه على ذلك ولم يحضر الذي خاصمه فيه للعامة ذكر في المنتقى أن فيه قياساً يقبل البينة كما لو اشترى عبداً ثمّ أقر أنه حر فأنفذ القاضي عليه إقراره ثمّ أقام البينة على ذلك بمحضر من خاصمه فيه للعامة فتكون البينة بينة من خاصمه فيه للعامة * رجل باع داراً أو أرضاً ثمّ ادّعى أنه باع ما هو وقف اختلف المشايخ رحمهم الله تعالى فيه قال بعضهم لا تسمع دعواه كما لو باع شيئاً ثمّ ادّعى أنه لغيره وباعه بغير أمر صاحبه فإنه لا تسمع دعواه وما ذكر في المنتقى إذا أقر أن ما اشتراه مقبرة أو مسجد أو طريق للمسلمين وأنفذ القاضي إقراره عليه ثمّ أقام البينة على ذلك ليرجع بالثمن على بائعه قال لا يقبل إلا بمحضر من خاصمه فيه للعامة إشارة إلى هذا القول * رجل قال لغيره بعتك هذا البيت وما أغلق عليه بابه لم يكن للمشتري شيء من المتاع الذي كان في البيت وإنما يقع هذا على حقوق البيت وكذا لو قال بعتك هذا بما فيه من شيء فهذا والأول سواء <150> وإن قال بعتك هذا البيت على ما فيه من المتاع فهو جائز ويدخل فيه ما في البيت من المتاع * رجل اشترى دجاجة ببيضة ولم يقبض الدجاجة حتى باضت خمس بيضات قال إن كان اشتراها ببيضة بغير عينها فإنه يقسم البيضة التي هي ثمن على قيمة الدجاجة وعلى قيمة خمس بيضات معها فما أصاب الدجاجة من الثمن يأخذ الدجاجة بحصتها وما أصاب البيض يأخذ حصة ما يصيب البيض يعني يسلم له ذلك ويتصدق ببقية البيض وإن كان اشترى الدجاجة ببيضة بعينها والمسألة بحالها سلم له كلّ ذلك * وكذا لو اشترى نخلاً بمد من رطب بغير عينه ولم يقبض النخل حتى حملت رطباً فإن الثمن يقسم على قيمة النخل والرطب الحادث يسلم له من الرطب الحادث قد ما يصيبه من الثمن ويتصدق بالزيادة * وإن كان اشترى النخل برطب بعينه فهو جائز ولا يتصدق بشيء * إذا كان الشجر بين اثنين فباع أحدهما نصيبه من أجنبي لا يجوز * وإن باع من الشريك جاز ولو كان بين ثلاثة فباع أحدهم نصيبه من أحد شريكيه لا يجوز وإن باع منهما جاز * ولا يجوز بيع القاضي مال اليتيم من نفسه ولا بيع ماله من اليتيم لأن بيع القاضي قضاء وأنه لا يصلح قاضياً في حق نفسه ولهذا لو زوّج اليتيمة من نفسه لا يجوز * ولو كان القاضي اشترى مال اليتيم من الوصي أو باع ماله من اليتيم وقبل الوصي جاز وإن كان الوصي وصياً من جهة القاضي * ولا يجوز البيع والقسمة على الذي يجن ويفيق وعلى المبرسم والمغمى عليه إلا إذا كان العاقد وكيله في إفاقته لأن هذه العوارض بمنزلة النوم في حق الحكم * رجل باع مائة من من حليج هذا القطن لا يجوز * ولو كانت الحنطة في سنبلها فباعها جاز ولا يصح بيع النواة في التمر * ولو باع حب قطن بعينه جاز كذا اختاره الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو اشترى البذر الذي في جوف البطيخ لا يجوز وإن رضي صاحب البطيخ بأن يقطع البطيخ * ولو ذبح شاة فباع كرشها قبل السلخ جاز وكان على البائع إخراجه وتسليمه إلى المشتري وللمشتري خيار الرؤية * دجاجة ابتلعت لؤلؤة فباعها حية مع اللؤلؤة التي ابتلعت فسد البيع وإن كان المشتري رأى اللؤلؤة حتى ابتلعت ولو كانت <151> الدجاجة ميتة فباع اللؤلؤة التي في بطنها جاز ولا خيار للمشتري إن كان رآها إلا إذا تغيرت وإن لم يكن المشتري رأى اللؤلؤة فله الخيار إذا رآها * ولو اشترى لؤلؤة في صدف قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز البيع وله الخيار إذا رأى وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز وعليه الفتوى * ولو اشترى سمكة فوجد في بطنها لؤلؤة
(2/74)
________________________________________
إن كان اللؤلؤة في الصدف كانت للمشتري لأن الصدف يكون غذاء للسمك وكل ما كان غذاء للحيوان يكون للمشتري وإن لم تكن اللؤلؤة في الصدف فإنها تكون للبائع وتكون في يده بمنزلة اللقطة ولو اشترى دجاجة فوجد في بطنها لؤلؤة كانت للبائع وترد عليه * رجل باع داراً على أن للبائع فيها طريقاً من هذا الموضع إلى باب الدار يكون فاسداً وكذا لو شرط الطريق لأجنبي وبين موضعه وطوله وعرضه كان فاسداً * ولو قال أبيعك هذه الدار إلا طريقاً منها من هذا الموضع إلى باب الدار ووصف الطول والعرض جاز البيع شرط الطريق لنفسه أو لغيره لأن الاستثناء تكلم بالباقي بعد الثنيا فيكون جميع الثمن بمقابلة الغير المستثنى فلا يفسد البيع أما في الأوّل جعل الثمن مقابلاً بجميع الدار فإذا شرط منها طريقاً لنفسه أو للأجنبي تسقط حصة الطريق من الثمن وأنه مجهول فيصير الباقي مجهولاً ألا ترى أنه لو قال لغيره بعتك عبدي هذا بألف درهم على أن لي ربعه كان للمشتري ثلاثة أرباع العبد بثلاثة أرباع الثمن ولو قال بعتك هذا العبد بألف درهم إلا ربعه كان للمشتري ثلاثة أرباع العبد بجميع الثمن وكذا لو قال أبيعك داري هذه بعشرة آلاف درهم على أن لي هذا البيت بعينه لا يصح ولو قال إلا هذا البيت جاز البيع بجميع الثمن فيما سوى البيت * ولو قال أبيعك هذه الجارية بمائة دينار على أن لي عشرها كان للمشتري تسعة أعشارها بتسعة أعشار الثمن ولو قال إلا عشرها كان للمشتري تسعة أعشارها بجميع الثمن ولو قال بعتك داري هذه الخارجة على أن تجعل لي طريقاً إلى داري هذه الداخلة لا يجوز ولو قال بعتك داري هذه الخارجة إلا طريقاً على داري هذه الداخلة جاز وطريقه مقدار عرض باب الدار الخارجة ولو قال بعت منك هذه الدار إلا بناءها لا يدخل البناء <152> في البيع لأنه رجع عن الإيجاب قبل قبول المشتري فصح رجوعه ولو باع أرضاً إلا هذه الشجرة بعينها بقرارها جاز البيع وللمشتري أن يمنع البائع عن تدلي أغصان الشجرة في ملكه لأن المستثنى مقدر غلظ الشجر دون الزرادة * اشترى أمة وفي بطنها ولد لغير البائع بالوصية فاجاز صاحب الولد بيع الجارية جاز ولا يكون لصاحب الجنين شيء من الثمن وإن لم يجز صاحب الجنين بيع الجارية لا يجوز بيعه لأن الولد ما دام مجناً يكون بمنزلة أجزاء الجارية فيصير كأنه باع الجارية واستثنى منها جزأ معيناً ولو اجاز صاحب الولد بيع الجارية بعد ما ولدت الجارية إن ولدت عند المشتري لا يكون للولد قسط من الثمن لأنه ولد المبيع بعد القبض وإن ولدت عند البائع أخذ الولد قسطاً من الثمن * رجلان اشتريا سيفاص محلى وتواضعا على أن يكون لأحدهما حلية وللآخر نصلة كان السيف المحلى بينهما والخاتم مع الفص كذلك * ولو اشتريا داراً على أن لأحدهما الأرض وللآخر البناء جاز كذلك * ولو اشتريا بعيراً وتواضعا على أن لأحدهما رأسه وجلده وقوائمه وللآخر بدنه تواضعا في ذلك ولم يذكر للبائع شيئاً فالكل لصاحب البدن لأن البدن أصل وغيره بمنزلة التبع ولو تواضعا على ان لأحدهما رأسه وجلده وقوائمه وللآخر لحمه فهو بينهما نصفان لأن كلّ واحد من ذلك لا يحتمل الأفراد بالبيع وأحدهما ليس بأصل فكان الكل بينهما * إذا باع الرجل شيئاً وامتنع من الإشهاد على البيع اختلف المشايخ رحمهم الله تعالى فيه قال مُحَمَّد بين سلمة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له ذلك ولا يجبر على الإشهاد وقال مُحَمَّد بن الأزهر يشهد اثنين ثمّ الشاهدان يشهدان على شهادتهما وإن رفع الأمر إلى القاضي ورأى أن يأمره بالإشهاد له ذلك ولو امتنع البائع عن كتبه الصك لا يجبر عليه وإن كتب المشتري صكاً وجاء بالعدول إلى البائع وكلفه أن يقر بالبيع ليس للبائع أن يمتنع فإن أبى أن يقرأ حضره مجلس القضاء فإن أقر بالبيع عند القاضي كتب القاضي له سجلاً ويشهد عليه * رجل اصطاد سمكة ثمّ ألقاها في حظيرة وباعها إن أمكن أخذها من غير صيد جاز البيع وإلا فلا وإن باع طيراً له يطير في الهواء إن كان ذا جناح يعود إلى بيته ويقدر <153>على أخذه من غير تكلف جاز بيعه وإلا فلا * باع المغصوب من غير الغاصب إن كان الغاصب جاحداً يدّعي أه له ولم يكن للمغصوب منه بينة لا يجوز بيعه وإن كان له بينة جاز بيعه * ولا يجوز بيع الآبق إلا إذا باعه ممن في يده واختلفت الروايات في بيع المرهون والمستأجر والصحيح أنه موقوف وليس للبائع أن يفسخ * رجل باع ذراعاً من تراب هذه الأرض ليحفرها المشتري جاز وهي مسائل بيع الكر جار * رجل أمر رجلاً ليحمل تراباً من منزله ويرميه فحمله المأمور وباعه جاز البيع للآمر ويكون الثمن للآمر لأنه لما رضي برميه كان أرضى ببيع وكذلك قشور الرمان والبطيخ * جبل فيه كبريت أو ملح فحمل رجل من ذلك شيئاً أو حمل شيئاً من أحجاره وباع إن كان الجبل مباحاً جاز بيعه وكذلك الفستق والحطب لأنه ملكه بالإحراز فيملك بيعه * رجل اشترى تراب الصواغين بعرض إن وجد في التراب ذهباً أو فضة جاز بيعه لأنه باع مالاً
(2/75)
________________________________________
متقوماً وإن لم يجد فيه شيئاً من ذلك لا يجوز لأن التراب غير مقصود وإنما المقصود ما فيه من الذهب والفضة وقال أبو يوسف رحمه الله تعالى لا ينبغي للصائغ أن يأكل ثمن التراب الذي باعه لأن ما فيه مال الناس إلا أن يكون الصائغ قد زاد للناس في متاعهم بقدر ما سقط منه في التراب وكذا الدهان وبقي من الدهن شيء في الأوعية * راع طيناً يأكله الناس إن كان ينتفع به في غير الأكل جاز بيعه وإن كان لا ينتفع به سوى الأكل يكره عند البعض * ولا يجوز بيع لحم ما لا يؤكل لحمه ولا بيع جلده إن كانت ميتة وإن كانت مذبوحة فباع لحمه أو جلده جاز لأنه يطهر بالذكاة حتى لو وقع في الماء القليل لا يفسده وتجوز الصلاة معه هو المختار ويباح الانتفاع به بأن يأكل سنوى أو ما أشبه ذلك إلا الخنزير فإنه لا يجوز بيع لحمه ولا بيع شعره ولا الانتفاع بلحمه وإن كان مذبوحاً * وفي بعض الروايات أنه لا يجوز بيع لحم السباع والكلب وذلك محمول على أنه إذا لم يكن مذبوحاً أو ذلك قول بعض المشايخ * ولا بأس ببيع عظم الفيل وعظم كلّ شيء إلا عظم الآدمي والخنزير فإنه لا يجوز بيعه * رجل اشترى من رجل دجاجة تساوي عشر بيضات بخمس بيضات بعينها فلم يقبض <154> الدجاجة حتى باضت عند البائع خمس بيضات فإن المشتري يدفع الثمن ويأخذ الدجاجة مع البيضات الحادثة ولا يتصدق بشيء لأنه لو اشترى دجاجة وخمس بيضات بعينها جاز البيع كما لو باع بيضة ببيضتين وإن كان المشتري اشترى الدجاجة بخمس بيضات بغير عينها فإن المشتري يتصدق بالفضل على ما قلنا وإن كان البائع استهلك البيضات الحادثة فإن المشتري يأخذ الدجاجة بثلاث بيضات وثلث بيضة لأنه لما باضت خمس بيضات واستهلك البائع البيضات الحادثة وصارت البيضات بالاستهلاك فإذا كانت قيمة الدجاجة عشر بيضات يقسم الثمن على الدجاجة والبيضات المستهلكة أثلاثاً فيكون ثلاثي الثمن وذلك ثلاث بيضات وثلث بيضة ثمن الدجاجة والباقي ثمن البيضات فتسقط حصة البيضات من الثمن ولا فرق في هذا بين ما إذا كان ثمن الدجاجة خمس بيضات بعينها أو بغير عينها * رجل اشترى طعاماً بإناء لا يعرف قدره قالوا لا يجوز بيعه لأنه ليس بمكايلة ولا بمجازفة * ولا يجوز بيع مسيل المال وهبته ولا بيع الطريق بدون الأرض وكذلك بيع الشرب وقال مشايخ بلخ رحمهم الله تعالى بيع الشرب جائز * ولا يجوز بيع الدهن في السمسم ولا بيع العصير في العنب.
{ فصل في الشروط المفسدة }
(2/76)
________________________________________
*رجل باع عبداً على أن لا يبيعه المشتري أو لا يهبه أولاً يتصدق به كان فاسداً وقال ابن أبي ليلى رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى جاز البيع وتفسد الشروط وقال ابن شبرمة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز البيع والشرط * ولو باع عبداً بشرط أن يعتقه لا يجوز عندنا فإن اشترى على هذا الشرط وأعتقه ينقلب البيع جاز وفي قول أبي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عليه ثمنه * ولو باع ثوباً على أن لا يزيله عن ملكه ببيع أو هبة أو نحوه جاز البيع ويبطل الشرط * ولو باع عبداً على أن يبيعه من فلان كان فاسداً * وإن اشترى جارية على أن يطأها أو لا يطأها قال أبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يفسد البيع فيهما وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى جاز البيع وقال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن باع بشرط الوطء جاز وإن باع بشرط ترك الوطء لا يجوز * وإن باع عبداً <155> على أن يطعمه المشتري جاز وإن باع على أن يطعمه خبيصاً أو لحماً كان فاسداً * ولو باع جارية على أن يستولدها المشتري أو باع عبداً على أن يدبره كان فاسداً وكذا لو باع شيئاً على أن يهب له المشتري أو يتصدق عليه أو يبيع منه شيئاً أو يقرضه كان فاسداً * ولو باع على أن يقرض فلاناً الأجنبي كان جائزاً * ولو باع على أن يعطيه المشتري بالثمن رهناً فإن كان الرهن مجهولاً كان فاسداً وإن كان معلوماً وأعطاه الرهن في المجلس جاز استحساناً * ولو باع على أن يعطيه بالثمن كفيلاً فإن كان الكفيل غائباً عن المجلس وكفل حين علم أو لم يكفل كان فاسداً وإن كان الكفيل حاضراً في المجلس أو كان غائباً عن المجلس وحضر قبل الافتراق وكفل جاز استحساناً * ولو باع على أن يحيل البائع أحداً بالثمن على المشتري فسد البيع قياساً واستحساناً ولو باع على أن يحيل المشتري البائع على غيره بالثمن فسد قياساً وجاز استحساناً * رجل باع لؤلؤة على أنها تزن مثقالاً فوجدها أكثر سلمت للمشتري لأن الوزن فيما يضره التبعيض وصف وهو بمنزلة الذرعان في الثوب فسلم الزيادة للمشتري كما لو باع ثوباً على أنه عشرة أذرع فوجده أكثر * ولو باع شاة على أنها حامل فسد البيع لأن الولد زيادة مرغوبة وإنها موهومة لا يدري وجودها فلا يجوز * رجل باع عبداً على أنه خباز أو كاتب جاز البيع لأنه شرط وصفاً مرغوباً يعرف وجوده * ولو باع جارية على أنه بريء من الحبل جاز ولو باع على أنها حامل تكلموا فيه قال الفقيه أبو جعفر إن كان الشرط من قبل البائع جاز لأنه براءة عن العيب وإن كان الشرط من قبل المشتري لا يجوز لأن الشرط إذا كان من قبل المشتري كانت الزيادة مقصودة وإنما هي موهومة فيفسد البيع كما لو شرط الحبل في البهائم وهكذا روى هشام عن مُحَمَّد رحمهما الله تعالى أنه قال البيع جائز إلا أن يظهر للمشتري أنه يحتاج إلى الظئر وهذا إشارة إلى ما قال أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وروى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه إذا اشترى جارية على أنها حامل فإذا هي ليست بحامل كان البيع لازماً وليس للمشتري أن يردها ووجهه ما قلنا أن الحبل في الجواري عيب عند الناس فكان شرط الحبل بمنزلة البراءة عن العيب فيجوز البيع في الصحيح من الجواب حتى لو كان في بلد يرغبون في <156> شراء الجواري لأجل الأولاد كان فاسداً * ولو اشترى جارية على أنها مغنية جاز البيع لأن ما شرط غيب في الجواري * روى أن رجلاً جاء إلى مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بجارية وقال إني اشتريتها على أنها تغني كذا كذا لوناً فإذا هي لا تغني شيئاً قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فإن البيع قد لزمك إنما أخبرك عن عيب بها ولهذا لو استهلك على رجل جارية مغنية يضمن قيمتها مغنية * ولو باع جارية على أنها ذات لبن قال الشَّيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز البيع * وقال الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز البيع لأنه شرط الصناعة فيجوز كما لو اشترى عبداً على أنه خباز أو كاتب وأكثر المشايخ على هذا * ولو اشترى جارية للظؤرة على أنها حامل لم يجز البيع لما قلنا * رجل باع داراً على أن يسكنها البائع شهراً أو دابة على أن يركبها البائع يوماً كان فاسداً * ولو اشترى شاة أو بقرة على أنها تحلب كذا فسد البيع وإن اشتراها على أنها حلوب روى الحسن عن أبي حنيفة رحمهما الله تعالى أنه جائز وهكذا ذكر الطحاوي وبه أخذ الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وروى ابن سماعة عن مُحَمَّد رحمهما الله تعالى أنه لا يجوز البيع وهكذا ذكر الكرخي وإليه مال الشَّيخ الإمام مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو اشترى فرساً على أنه هملاج جاز البيع لأن الهملاج لا يصير غير هملاج فيجوز كما لو اشترى عبداً على أنه خباز أو كاتب * باع حيواناً واستثنى ما في بطنها فسد البيع لأن الجنين لا يجوز إفراده بالعقد فلا يصح استثناؤه * ولو اشترى جارية ثيباً على أن البائع لم يكن وطئها فإذا
(2/77)
________________________________________
كان البائع وطئها لزم البيع ولا يكون للمشتري أن يردها * ولو باع جارية على أنها ما ولدت فظهر أنها كانت ولدت كان له أن يردها * باع عبداً على أن يسلمه البائع إلى المشتري قبل نقد الثمن كان فاسداً واختلفوا في العلة قال أبو يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن العقد لا يوجب تسليم المبيع قبل نقد الثمن إذا لم يكن الثمن مؤجلاً فإذا شرط ما لا يقتضيه البيع فسد البيع وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إنما لا يجوز البيع لأنه تضمن أجلاً مجهولاً حتى لو سمى الوقت الذي يسلم فيه المبيع جاز * رجل باع شيئاً وقال بعت منك بكذا على أن أحط من ثمنه كذا جاز البيع ولو قال على أن أهب لك من ثمنه <157> كذا لا يجوز لأن الحط يلتحق بأصل العقد فيبقى العقد بما وراء المحطوط ولا كذلك الهبة ولو قال بعت منك بكذا على أن حططت عنك كذا أو على أن وهبت لك كذا جاز البيع لأن الهبة قبل الوجوب حط وفي الوجه الأوّل شرط الهبة بعد الوجوب * باع عبداً على أن يؤدي إليه الثمن في بلد آخر فسد البيع لأنه شرط أجلاً مجهولاً هذا إذا كان الثمن حالاً فإن باع بألف إلى شهر على أن يؤدي الثمن إليه في بلد آخر جاز البيع بألف إلى شهر ويبطل شرط الإيفاء في بلد آخر لأنه باع بألف إلى أجل معلوم وإنما ذكر الإيفاء في بلد آخر لتعيين مكان الإيفاء وتعيين مكان الإيفاء لما لا حمل له ولا مؤنة لا يصح وإن كان شيئاً له حمل ومؤنة يصح تعيين مكان الإيفاء ويجوز البيع أيضاً * رجل اشترى شيئاً على أن يحمله البائع إلى منزل المشتري قالوا إن قال ذلك بالعربية لا يجوز البيع وإن قال بالفارسية جاز لأن في العربية يفرق بين الحمل والإيفاء وفي الفارسية لا يفرق ويكون شرط الحمل بمنزلة شرط الإيفاء * اشترى حطباً في قرية شراء صحيحاً وقال موصولاً بالبيع واحمله إلى منزلي جاز البيع لأن هذه مشورة وليس بشرط إن شاء حمل وإن شاء لم يحمل * باع خفاً به خرف على أن يخرزه البائع جاز كما لو اشترى نعلاً على أن يحذوه البائع كذا لو اشترى من خلقاني ثوباً وبه خرق على أن يخيطه البائع ويجعل عليه الرقعة جاز ولو اشترى كرباساً على أن يقطعه البائع قميصاً ويخيطه لا يجوز لأنه لا يعرف فيه بخلاف ما تقدم * رجل باع أرضاً على أن المشتري إن أحدث فيها حدثاً ثمّ استحقها إنسان كان البائع ضامناً لم أحدثه المشتري كان البيع فاسداً لأن المشتري إنما يرجع على البائع عند الاستحقاق بما أحدثه المشتري إذا كان الحدث زيادة كالبناء والغرس والزروع ونحو ذلك أما إذا كان نقصاناً كالحفر ونحوه لا يرجع به على البائع فإذا شرط الرجوع مطلقاً كان فاسداً * رجل اشترى من رجل سكنى كان للبائع في حانوت رجل آخر مركباً يمكنه نزعه من غير ضرر وقد أخبره البائع أن أجرة الحانوت ستة دراهم ثمّ ظهر أن الأجرة كانت عشرة دراهم لزم البيع ولصاحب الحانوت أن يكلف المشتري برفع السكنى من الحانوت لأنه شاغل ملكه وإن كان المشتري <158> يتضرر بذلك * رجل باع داراً وشرط الفناء في بيع الدار فسد الببيع لأن البائع لا يملك الفناء فلا يملك المشتري * باع أرضاَ على أن فيها كذا كذا نخلة فوجدها المشتري ناقة جاز البيع ويخير المشتري إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء ترك لأن الشجر يدخل في بيع الأرض تبعاً فلا يكون له قسط من الثمن وكذا لو باع داراً على أن فيها كذا كذا بيتاً فوجدها المشتري ناقصة جاز البيه ويخير المشتري على هذا الوجه ولو باع أرضاَ على أن فيها كذا كذا نخلة عليها ثمارها فباع الكل بثمارها وكان فيها نخلة غير مثمرة فسد البيع لأن الثمر له قسط من الثمن فإن كانت الواحدة غير مثمرة لم يدخل المعدوم في البيع وصارت حصة الباقي مجهولة فيكون هذا ابتداء العقد في الباقي بثمن مجهول فيفسد البيع كما لو باع شاة مذبوحة فإذا رجلها من الفخذ مقطوعة فسد البيع لأن الفخذ له قسط من الثمن فإذا لم تجب حصة الفخذ من الثمن صار ثمن الباقي مجهولاً فيفسد البيع * باع ثوباً على أنه مصبوغ بالعصفر فإذا هو أبيض جاز البيع ويخير المشتري كما لو باع داراً على أن فيها بناء فإذا لا بناء فيها جاز البيع ويخير المشتري بخلاف ما لو اشترى ثوباً على أنه أبيض فإذا هو مصبوغ بالعصفر كان فاسداً لأن الصبغ لم يدخل في البيع فلا يسلمه البائع مع الصبغ فيقعان في المنازعة فيفسد البيع كما لو باع داراً على أن لا بناء فيها فإذا فيها بناء يفسد البيع لأنه يفضي إلى المنازعة لما قلنا وكذلك لو باع ثوباً على أنه مصبوغ بالعصفر فإذا هو مصبوغ بالزعفران فسد البيع * إذا اشترى كرباساً على أن سداه ألف فإذا هو ألف ومائة سلم الثوب للمشتري لأن هذا زيادة وصف بمنزلة زيادة الذرعان ولو اشترى على أنه سداسي فإذا هو خماسي خير المشتري إن شاء أخذ بجميع الثمن وإن شاء ترك لأن هذا اختلاف نوع لا اختلاف جنس فلا يفسد البيع وإنما يخير لأنه وجد دون ما شرط ولو اشترى ثوباً على أنه وداري فإذا هو زندنجي بطل البيع لأن الجنس مختلف
(2/78)
________________________________________
فيبطل البيع كما لو اشترى ثوباً على أنه هروي فإذا هو مروي ولو باع ثوباً على أنه خز فإذا هو لحمته خز وسداه قطن جاز البيع لأن السدي تبع للحمة * ولو اشترى جراباً على أن فيه عشرين ثوباً كل ثوب كذا فوجده أكثر <159> لا يسلك الزيادة للمشتري فإن غاب البائع قالوا يعزل المشتري من ذلك ثوباً ويستعمل الباقي وهذا استحسان أخذ به محمد رحمه الله تعالى نظراً للمشتري * اشترى سويقاً على أن البائع لته بمنّ من السمن وتقابضا والمشتري ينظر إليه فظهر أنه بنصف من جاز البيع ولا خيار للمشتري لأن هذا مما يعرف بالعيان فإذا عاينة انتفى الغرر وهو كما لو اشترى صابوناً على أنه متخذ من كذا جرة من الدهن ثم ظهر أنه اتخذ من أقل من ذلك والمشتري كان ينظر إلى الصابون وقت الشراء وكذا لو اشترى قميصاً على أنه اتخذ من عشرة أذرع وهو ينظر إليه فإذا هو من تسعة جاز البيع ولا خيار للمشتري لما قلنا ولو باع من آخرابر يسما فوزنه البائع على المشتري فذهب به المشتري ثم جاء بعد مدة وقال وجدته ناقصاً إن كان يعلم أنه انتقص من الهواء لا شيء على البائع وكذا لو كان النقصان بما يجري بين الوزنين وإن لم يكن النقصان من الهواء ولا يجري بين الوزنين فإن لم يكن المشتري أقرّ أنه قبض كذا منافله أن يمنع حصة النقصان من الثمن إن كان لم ينقده الثمن وإن كان نقده رجع عليه بذلك القدر وإن كان المشتري أقر أنه قبض كذا منا ثم قال وجدته أقل من ذلك فليس له أن يمنع من البائع شيئاً من الثمن ولا يستردّه * رجل باع حباً من طعام ثم ظهر النصف تبناً فإنه يأخذ بنصف الثمن لأن الحب مم يقدر به الحنطة فكان بائعاً حنطة مقدرة فإذا لم يجد البعض رجع بحصته من الثمن وهذا بخلاف ما لو اشترى بئراً من حنطة على أنه عشرة أذرع فوجده أقل يخير المشتري عن شاء أخذ بجميع الثمن وإن شاء ترك وكذا لو اشترى حنطة مجموعة في بيت فوجده تحته دكاناً فإنه يخير كما يخير في البئر لأن البيت والبئر مما لا يقدر به الحنطة فكان الداخل في البيع ما كان موجوداً وإنما يخير لمكان القدر * اشترى سمكة على أنها عشرة أرطال فوزنها البائع على المشتري ثم وجد المشتري في بطنها حجراً يزن ثلاثة أرطال قالوا يخير المشتري إن شاء أخذها بجميع الثمن وإن شاء ترك ويكون نقصان الوزن فيه بمنزلة العيب فيخير كما لو اشترى ثوباً على أنه عشرة أذرع فإذا هو تسعة خير المشتري إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء ترك فإن كان المشتري شواها قبل أن يعلم بذلك <160> تقوّم السمكة عشرة أرطال وتقوّم سبعة أرطال فيرجع بحصة النقصان من الثمن * ولو اشترى نقرة على أنها زخم دار خالصة فقبضها وكسرها فلم يكن كذلك كان له أن يردها لأن فوات الشرط بمنزلة العيب ولو اشترى كتاباً على أنه كتاب النكاح من تأليف محمد رحمه الله تعالى فإذا هو كتاب الطلاق أو كتاب الطب أو كتاب الطب أو كتاب النكاح لا من تأليف محمد رحمه الله تعالى بل من تأليف مالك أو الحسن بن زياد قالوا يجوز البيع لأن الكتاب هو السواد على البياض وذلك جنس واحد وإنما يختلف أنواعه واختلاف النوع لا يمنع الجواز * ولو اشترى شاة على أنها نعجة فإذا هو معز جاز البيع ويخير المشتري لأنهما جنس واحد ولهذا يكمل نصاب أحدهما بالآخر في الزكاة * ولو اشترى بعيراً على أنه خراسي فلم يجده خراسياً كان له أن يردّه كما لو اشترى عبداً على أنه خباز أو كاتب فوجده غير خباز * ولو اشترى بذر الفليق على أنه مروزي والمشتري لا يعرف ذلك فلما خرج الدود ظهر أنه غير مروزي وبين المروزي وغير المروزي تفاوت فاحش كان على البائع رد الثمن إن كان قبض من المشتري وعلى المشتري رد مثل ما قبض وهو كما لو اشترى بذر البطيخ فزرعه فوجده بذر القثاء كان على البائع رد الثمن وعلى المشتري رد مثل ما قبض * ولو اشترى أرض خراج على أن خراجها على البائع أبداً إن شرط جميع الخراج على البائع فسد البيع كما لو باع شيئاً على أن يقضي المشتري دين البائع وإن شرط بعض الخراج على البائع فإن كان ما شرط على البائع شيئاً من خراج خذه الأرض فكذلك الجواب وإن كان الذي شرط على البائع زيادة على خراج الأصل جاز البيع كما لو باع وشرط على المشتري أن يتحمل الظلم * ولو اشترى أرضاً على أن خراجها ثلاثة دراهم فظهر أن خراجها أربعة دراهم فهو على وجهين أحدهما أن تظهر الزيادة على ما شرط والثاني إن باع على أن خراجها أربعة فإذا هو ثلاثة تكلموا في ذلك قال بعضهم يفسد العقد في الوجهين جميعً سواء ظهر خراجها أقل مما شرط أو أكثر من غير تفضيل وقال بعضهم إن ظهر أقل مما شرط لا يفسد به العقد وإن ظهر أكثر مما شرط يفسد العقد إذا لم يكن لتلك الأرض طاقة لذلك الخراج <161> * وقال بعضهم إن كان خراجها أكثر مما شرط فإن كان المشتري يعلم بذلك فسد البيع كما لو شرط أن يكون بعض الخراج على البائع وذلك مفسد للبيع وإن لم يكن المشتري عالماً بذلك جاز البيع وللمشتري الخيار إن شاء أمسكها بخرجها وإن
(2/79)
________________________________________
شاء رداه لأنه إذا لم يعلم بذلك ظن أن خراجها أقل ولا يكون في هذا شرط بعض الخراج على البائع وأما إذا باعها على أن خراجها أربعة وخراجها ثلاثة دراهم والمشتري يعلم أن خراجها ثلاثة دراهم فسد البيع لأنه شرط أن يكون على المشتري خراج أرض أخرى للبائع من حيث المعنى فيفسد البيع وإن لم يكن المشتري عالماً بذلك جاز البيع ولا يخير المشتري * ولو باع أرضاً ولم يذكر الخراج ولم يجعله شرطاً في البيع جاز البيع ثم ينظر عن كان خراجها أكثر مثل ما يعد ذلك عيباً في الناس يخير المشتري بسبب العيب وإن لم يكن كذلك فلا خيار له * رجل باع أرضاً على أنها غير خراجية وهي خراجية فسد البيع على قياس ما تقدم ينبغي أن يكون الجواب على التفصيل إن علم المشتري أنها أرض خراج فسد البيع وإن لم يكن عالماً بذلك جاز البيع ويخير * باع حانوتاً على أن غلته عشرون درهماً فإذا هي خمسة عشر إن أراد بذلك أن غلتها فيما مضى كانت عشرين جاز البيع لأن ما مضى لا يعتبر وإن أراد بذلك أن غلتها فيما يستقبل عشرون فسد البيع لأن الشرط موهوم فيفسد كما لو باع حيواناً على أنها كل يوم تحلب كذا وإن لم يبين مراده فسد البيع لأن الناس يريدون بهذه الغلة فيما يستقبل * اشترى أرضاً على أن البائع يتحمل خراجها فقبضها المشتري فأخذها الشفيع بالشفعة على ظن أن البيع بهذا الشرط جائز ثم ظهر أنه كان فاسداً قال القاضي الإمام أبو على النسفي رحمه الله تعالى البيع بهذا الشرط فاسد وفي البيع الفاسد لا يثبت للشفيع حق الشفعة ما لم يبطل حق البائع في الاسترداد فإن كان الشفيع أخذه بتراضيهما كان ذلك بيعاً مبتدأً وإن شرطا في الأخذ بالشفعة أن يتحمل البائع خراجها كان للشفيع أن يرد وإلا فلا * اشترى قلنسوة على أن حشوها قطن ففتقها المشتري فوجد الحشو صوفاً اختلفوا فيه بعضهم يفسد البيع <162> فيدها المشتري ويرد معها نقصان الفتق وقال بعضهم يجوز البيع ويرجع بالنقصان لأن الحشو تبع وتغير التبع لا يفسد البيع وهذا أصح * اشترى جوزاً على أنه فاسد لا يجوز اليع إلا أن يكون كثيراً يشتري مثله للحطب * باع زرعاً وهو يفسد على أن يرسل المشتري فيها دوابه جاز استحساناً وعليه الفتوى وفي القياس يفسد وبه أخذ بعض المشايخ * باع عبداً على أن يبيعه من فلان كان فاسداً وإن باع على أن يبيعه جاز * اشترى أرضاً ثم امتنع عن إيفاء الثمن وقال اشتريتها على أنها جر يبان فإذا هي أنقص وقال البائع بعتك كما هي وما شرطت لك شيئاً كان القول قول البائع في إنكار الشرط مع يمينه * باع حماراً وقال بأن شرط مى فروشم كه غارتي است كان للمشتري أن يرد وكذا لو قال أبيعك على أن لا ترجع عليّ بالثمن عند الاستحقاق كان البيع فاسداً لأنه شرط ما يخالف مقتضى العقد وهو سلامة المبيع للمشتري وسلامة الثمن للبائع * رجل باع جارية وقال أبيعك هذه الجارية على أنك إن بعتها بربح كان الربح بيننا نصفين كان البيع فاسداً * اشترى ديكاً فوجده يصيح في غير الوقت كان له أن يرده لأن ذلك يعدّ عيباً عن الناس * اشترى بعيراً على أنه لا يصيح فوجده يصيح كان له أن يرد وهذا الجواب ظاهر فيما إذا كان يصيح زيادة على المعتاد بحيث بعد ذلك عيباً عن الناس * ذمي اشترى أرضاً من مسلم على أن يتخذه بيعة جاز البيع ويبطل الشرط ويكره للمسلم أن يبيعه بهذا الشرط وكذلك بيع العصير على أن يتخذه خمراً لأن هذا شرط لا يخرجها عن ملك المشتري وليس ههنا أحد يطالب بتحصيل الشرط فيجوز البيع كما لو قال أبيعك أرضاً على أن تتخذه منزلاً أو باع طعاماً على أن يأكله المشتري ولو باع داراً على أن يتخذها مسجداً للمسلمين فسد البيع وكذا لو باع على أن يتصدق به على الفقراء لأن المسجد يخرج عن ملكه إلى الله تعالى * وكذا لو باع بشرط أن يجعلها سقاية أو مقبرة للمسلمين فسد البيع ولو باع بشرط أن لا يهدمها أو بشرط أن يهدمها جاز البيع * رجل قال لغيره بع عبدك من فلان على أن أجعل لك مائة درهم جعلا على ذلك فباعه من ذلك الرجل بألف درهم ولم يذكر <163> الشرط في البيع جاز البيع ولا يلزمه الجعل وإن كان أعطاه كان له أن يرجع فيه وكذا لو قال بع عبدك من فلان على أن أهب لك مائة درهم * رجل له على رجل دينار فاشترى منه ثوباً بدينار على أن لا يجعله قصاصاً بما عله كان البيع فاسداً * اشترى جارية على أن يكسوها الخز أو على أن لا يضربها أو على أن لا يؤذيها فسد البيع * رجل قال لرجل بعتك عبد بألف درهم على أن تعطيني عبدك هذا أو قال على أن تجعل لي عبدك هذا فسد البيع لأنه شرط الهبة في البيع * ولو قال بعتك عبدي هذا بألف درهم على أن تعطيني عبدك هذا زيادة جاز ويكون ذلك زيادة في الثمن * اشترى بازياً على أنه صيود أو كلباً على أنه معلم صيود لا يجوز البيع لأنه عسى أن لا يصيد وإن كان صيوداً * قال له بعتك هذا العبد على أن تبيعه وتعطيني ثمنه كان فاسداً * ولو قال أبيعك هذا بثلثمائة درهم وعلى أن يخدمني سنة أو قال
(2/80)
________________________________________
بثلثمائة درهم على أن يخدمني سنة أو قال أبيعك عبدي هذا بثلثمائة درهم يخدمك سنة كان فاسداً لأن هذا بيع شرط فيه الإجارة وكذا لو قال أبيعك عبدي هذا بخدمتك سنة * رجل قال أبيعك عبدي هذا بألف درهم وتبيعني عبدك هذا بمائة دينار أو قال أبيعك عبدي هذا بألف درهم وتهب لي عبدك هذا كان فاسداً * رجل باع شيئاً على أن يشتريه لنفسه لا يجوز البيع * ولو قال بعت منك هذا بمائة درهم سحتاً ورشوة جاز البيع * إذا باع شيئاً بألف درهم على أن يقرضه فلاناً الأجنبي لا يفسد البيع لأن الشرط جرى بين أحد العاقدين وبين الأجنبي ومثل هذا لا يفسد البيع ولا خيار للبائع عن لم يقرضه الأجنبي * رجل قال لغيره بع عبدك من فلان بألف درهم على أن يكون الثمن علي والعبد لفلان المشتري في ظاهر الرواية لا يجوز هذا البيع وقال الكرخي رحمه الله تعالى يجوز البيع * ولو قال بع عبدك من فلان بألف درهم على أني ضامن لك بخمسمائة درهم من الثمن جاز * ولو قال لغيره بعتك هذا العبد بألف درهم وعلى أن تقرضني عشرة دراهم جاز البيع ولا يكون ذلك شرطاً في البيع * إذا اشترى شيئاً بشرط أن يكفل فلان بالدرك للمشتري فهو بمنزلة ما لو باع بشرط أن يعطيه بالثمن رهناً أو كفيلاً <164> بنفسه إن كان الكفيل حاضراً في المجلس وكفل جاز وكذا لو كان الرهن معلوماً ولو باع بشرط آن يعطيه بالثمن رهناً ولم يذكر الرهن كان فاسداً فإن اتفقا على تعيين الرهن في المجلس أو أعطاه المشتري الثمن حالاً جاز * ولو شرط أن يعطيه بالثمن كر حنطة جيدة رهناً ولم يعين الكر جاز * ولو شرط رهناً معيناً ثم امتنع المشتري عن تسليم الرهن عندنا لا يجبر على تسليم الرهن لكن يقال للمشتري إما أن تدفع الرهن أو قيمته أو تفسخ العقد * رجل اشترى عبداً بألف درهم على أنه إن لم ينقده الثمن إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما فأعتقه المشتري في الأيام الثلاثة قبل أن ينقد الثمن نفذ إعتاقه لأن هذا البيع بمنزلة البيع بشرط الخيار للمشتري ولو مضت الأيام الثلاثة ولم ينقد الثمن أشار في المأذون إلى أنه ينفسخ البيع والصحيح أنه يفسد ولا ينفسخ حتى لو أعتقه بعد الأيام الثلاثة نفذ إعتاقه إن كان في يد المشتري وعليه قيمته وإن كان في يد البائع لا ينفذ إعتاق المشتري ولو اشترى عبداً ونقد الثمن على أن البائع إذا رد الثمن إلى ثلاثة أيام فلا بيع بينهما جاز استحساناً وهو بمنزلة ما لو باع على أن البائع بالخيار ثلاثة أيام إن أعتقه البائع صح إعتاقه وإن أعتقه المشتري لا يصح * ولو اشترى عبداً وقبضه ثم وكل المشتري رجلاً على أنه إن لم ينقد الثمن إلى خمسة عشر يوماً فإن الوكيل يفسخ العقد بينهما جاز البيع لأن الشرط لم يكن في البيع فيجوز البيع ويصح الشرط حتى لو لم ينقد الثمن إلى خمسة عشر يوماً كان للوكيل أن يفسخ ولو اشترى جارية على أنه إن لم ينقد الثمن على ثلاثة أيام فلا بيع بينهما وقبض المشري فباع ولم ينقد الثمن حتى مضت الأيام الثلاثة جاز بيع المشتري وللبائع الأول على المشتري الأول الثمن كما لو باع بشرط الخيار للمشتري لزم البيع ولو كان المشتري وطئها وهي بكر أو ثيب أو جنى عليها أو حدث بها عيب لا بفعل أحد ثم مضت الأيام الثلاثة قبل أن ينقد الثمن خير البائع إن شاء أخذها مع النقصان ولا شيء له من الثمن وإ شاء ترك وأخذ ثمنها * واختلفوا في البيع الذي يسميه الناس بيع الوفاء أو بيع الجائز قال أكثر المشايخ منهم السيد الغمام أبو شجاع والقاضي الإمام <165> أبو الحسن علي السغدي حكمه حكم الرهن لا يملكه المشتري ويضمنه المشتري بالأكل من ثمره ولا يباح له الانتفاع ولا الأكل إلا بإباحة المالك ويسقط الدين بهلاكه إذا كان به وفاء بالدين ولا يضمن الزيادة إذا هلك لا بصنعه وللبائع أن يسترد إذا قضى الدين والصحيح أن العقد الذي جرى بينهما إن كان بلفظ البيع لا يكون رهناً ثم ينظر إن ذكرا شرط الفسخ في البيع فسد البيع وإن لم يذكرا ذلك في البيع وتلفظا بلفظة البيع بشرط الوفاء أو تلفظا بالبيع الجائز وعندهما هذا البيع عبارة عن عقد لا غير لازم فكذلك وإن ذكر البيع من غير شرط ثم ذكر الشر ط على وجه المواعدة جاز البيع ويلزمه الوفاء بالوعد لأن المواعدة قد تكون لازمة فتجعل لازمة لحاجة الناس * رجل باع سفل داره على أن يكون له حق قرار العلو عليه جاز ذكره شمس الأئمة السرخسي رحمه الله تعالى في القسمة * وكذا لو باع رجل رقبة الطريق على أن يكون للبائع حق المرور فيه جاز * واكرباغ خريدبدان شرط كه فروشنده ديوارباغ بزند فسد البيع * ولو قال له البائع اشتر حتى أبني الحوائط جاز البيع ولا يجبر على البناء لكن يخير المشتري إذا لم يبن إن شاء أمسك وإن شاء رد * رجل اشترى حنطة بعينها على أنها عشرة أقفزة فوجدها كذلك جاز * ولو اشتراها على أنها أكثر من عشرة فوجدها أكثر جاز وإن وجدها عشرة أو أقل من عشرة لا يجوز * ولو باعها على أنها أقل من عشرة فوجدها أقل جاز وإن وجدها عشرة
(2/81)
________________________________________
أو أكثر لا يجوز وعن أبي يوسف رحمه الله تعالى أنه يجوز ذكر المسائل في المأذون الكبير * ولو اشترى داراً على أنها عشرة أذرع جاز في الوجوه كلها * رجل اشترى نصف ما في الكرم من العنب على الزراجين على أن يكون خمسمائة من فوجدها كذلك جاز وإن اشترى مكيلاً أو موزوناً على أنه كذا فوجده أقل جاز البيع فيما وجد وهل يخير المشتري إن كان لم يقبض المبيع أو قبض البعض له أن يرد وإن كان قبض الكل لا يخير * اشترى عبداً على أنه خصي فإذا هو فحل قال أبو حنيفة رحمه الله تعالى لا يرد وإن اشترى على أنه فحل فإذا هو خصي كان له أن يرد * ولو اشترى عبداً فوجده عنيناً قال أبو يوسف رحمه <166> الله تعالى له أن يرد وهي من مسائل العيب * رجل اشترى داراً على أنه إن رضي جيرانه أخذها اختلفوا فيه قال أبو القاسم الصفار رحمه الله تعالى لا يجوز البيع وقال الفقيه أبو الليث رحمه الله تعالى إن سمى الجيران فقال إن رضي فلان وفلان إلى ثلاثة أيام أخذه جاز وإلا فلا يجوز * اشترى عبداً على أن تكون سرقته على البائع أبداً وجنونه عليه إلى أن يستهل الهلال فجن قبل أن يستهل الهلال فرده على البائع فلم يقبضه البائع فهلك عند المشتري قالوا البيع بهذا الشرط فاسد فإذا رده على البائع بحيث تناله يده فقد برئ منه ولا شيء للبائع عليه * رجل اشترى شيئاً شراء فاسداً وقبضه ثم رده على البائع لفساد البيع فلم يقبل فأعاده المشتري إلى منزله فهلك عند لا يلزمه الثمن ولا القيمة وكذا الغاصب إذا رد المغصوب إلى المغصوب منه فلم يقبل فحمله الغاصب إلى منزله فضاع عنده لا يضمن ولا يجدد الغصب بالحمل على منزله إذا لم يضعه عند المالك فإن وضعه بحيث تناله يده ثم حمله مرة أخرى إلى منزله فضاع كان ضامناً أما إذا كان في يده ولم يضعه عند المالك فقال للمالك خذه فلم يقبله يصير أمانة يده وقال أبو نصر ابن سلام إن كان فساد البيع متفقاً عليه غير مختلف فيه فرده على البائع برئ المشتري عن الضمان إن لم يقبل البائع وإن كان فساد البيع مختلفاً فيه لا يبرأ المشتري إلا بقبول البائع أو بقضاء القاضي وقال أبو بكر الإسكاف يبرأ في الوجهين وما قال أبو نصر أشبه لأن أحد العاقدين فيما كان مختلفاً فيه لا يملك الفسخ إلا بقضاء أو رضاء كما في خيار البلوغ وفسخ الإجارة للعذر ونحو ذلك
{ فصل في أحكام البيع الفاسد }
!خطأ لم يُعثر على مصدر المرجع.
{ فصل في ألفاظ اليمين بالفارسية } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في عقد اليمين على فعل الغير } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في عطف الشرط على اليمين } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في تحليف الظلمة وفيما ينوي الحالف غير ما ينوي المستحلف } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في اليمين بالصوم والصدق ونحو ذلك } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في الكفارة } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في يمين الفضولي اليمين مما يتوقف كالطلاق والعتاق وغير ذلك } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل فيما يكون على الفور أو على الأبد } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ باب من الإيمان } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في التزويج } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ مسائل اليمين على الترك } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ مسائل في السرقة والأخذ <44> وبالغصب } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في الأكل } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في تعين المحلوف عليه } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في الدخول } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في الخروج } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في المساكنة والسكنى والسكون } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في الركوب } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في الكلام والقراءة } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ مسائل في القراءة والصلاة } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في مسائل الصلاة } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في المعرفة والرؤية } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في اليمين على الشتم والقذف } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في الضرب والقتل ونحو ذلك } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ كتاب البيوع } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ باب السلم } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل فيما يجوز فيه السلم وما لا يجوز } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ كتاب البيع } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في البيع الباطل } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ باب البيع الفاسد } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
(2/82)
________________________________________
{ الفصل الأوّل في فساد البيع بجهالة أحد البدلين وفيه الجمع بين الموجود والمعدوم والجمع بين المال وغير المال } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في الشروط المفسدة } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.
{ فصل في أحكام البيع الفاسد } …خطأ! الإشارة المرجعية غير معرّفة.

فصل في أحكام البيع الفاسد
رجل باع حتى جارية بيعاً فسداً فقال البائع بعدما قبضها المشتري هي حرة لا تعتق لأن إعتاق البائع صادف ملك المشتري فإن قال مرة أخرى هي حرة عتقت لأن كلام الأوّل كان فسخاً إذا كان بمحضر من المشتري فإذا قال بعد ذلك هي حرة فالكلام الثاني صادفها بعدما عادت إلى ملكه فعتقت وإن لم يكن الكلام الثاني لأنه لا يملك الفسخ بغير محضر من صاحبه إذا كان بعد القبض
<167>
وإن كان قبل القبض فكل واحد منهما ينفرد بالفسخ بمحضر من صاحبه أما بعد القبض إن كان الفساد لمعنى في صلب العقد ولا ينقلب جائزاً كالبيع بالخمر والخنزير ونحو ذلك فكذلك وإن كان الفساد لشرط فاسد أو لا جل فاسد فكذلك في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ حمهما الله َعَالَى وقال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى إن كان الفسخ ممن له منفعة في الشرط نحو الأجل إلى القطاف والخيار المطلق يصح فسخه بمحضر من صاحبه وإن لم يقبل الآخر وإن كان الفسخ ممن ليس له منفعة في الشرط لا يصح الفسخ إلا بقبول الآخر أو بالقضاء وكان الجواب في المسألة الأوّلى على هذا *رجل باع جارية بيعاً فاسداً فولدت عند المشتري من غيره ثم ماتت الجارية فإن المشتري يرد قيمتها ويرد الولد أَيضاً لأنها لو كانت قائمة يردها ويرد ولدها فكذا إذا هلكت وردّ قيمتها لأن القيمة قامت مقام الأم وكذا لو اكتسب أكساباً عند المشتري يردّها مع الكسب* رجل باع غلاماً يساوي خمسمائة بخمسمائة بيعاً فاسداً وقبضه المشتري فازدادت قيمته فصار يساوي ألفاً ثم باعه نفذ بيعه ويغرم قيمته يوم قبضه خمسمائة* ولو غصب عبداً قيمته ألف فازدادت قيمته من السعر إلى ألق درهم ثم أن الغاصب اشتراه من المالك شراء فاسداً ثم مات العبد فإن كان وصل إلى الغاصب بعدما اشتراه كان عليه ألفان وإن لم يصل إليه كان عليه الألف لأن الزيادة قبل الشراء كانت أمانة لأنها زيادة الغصب فلو صارت مضمونة بالشراء تصير مضمونة بالقبض فلا بد من القبض بعد الشراء* رجل اشترى أمة شراء فاسداً فلم يقبضها حتى أعتقها فأجاز البائع إعتاقه عتقت على البائع ولا شيء على المشتري لأنها قبل القبض مملوكة البائع فيتوقف إعتاق المشتري على إجازة البائع* ولو اشترى عبداً شراء فاسداً فقال للبائع قبل القبض أعتقه عنى فأعتقه البائع عنه كان العتق عن البائع دون المشتري وكذا لو اشترى حنطة شراء فاسداً فأمر البائع أن يطحنها فطحنها كان الدقيق للبائع وكذا لو كانت شاة فأمر البائع بذبحها فذبحها* ولو اشترى قفيز حنطة شراء فاسداً وأمر البائع قبل القبض أن يخلطها بطعام المشتري ففعل ذلك كان ذلك
<168>
(2/83)
________________________________________
قبضاً من المشتري وعليه مثلها للبائع هكذا ذكر المسائل في المنتقى *رجل باع عبداً بيعاً فاسداً ثم تناقصاً للبائع من القيمة ثم مات الغلام عند المشتري كان على المشتري قيمة الغلام ولو قال أبرأتك عن الغلام ثم هلك الغلام عند المشتري كان المشتري برياً عن الغلام لأنه إذا أبرأه عن الغلام فقد أخرج الغلام من أن يكون مضموناً وصار أمانة فلا يضمن عند الهلاك* أما في الوجه الأوّل أبرأه البائع عن القيمة وليس عليه قيمة قبل الهلاك فبطل الأبراء* رجل اشترى عبداً شراءً جائزاً وقبضه ثم تقايلا البيع ثم أن البائع برأ المشتري عن التمسن فهلك الغلام عند المشتري لا شيء على المشتري لأن في البيع الجائز الغلام بعد الإقالة مضمون على المشتري بالثمن فإذا أبرأه عن الثمن صح إبراؤه أما في البيع الفاسد حق البائع بيعاً فاسداً في المبيع لا في القيمة عند الهلاك فقد أبرأه قبل الوجوب فلا يصح حتى لو قال أبرأتك عن الغلام كان بريّا لأنه لما أبرأه عن الغلام صار وديعة فلا يضمن قيمته عند الهلاك نظيره ما لو قال بعتك هذا الشيء بعشرة دراهم ووهبت لك العشرة ثم قبل المشتري البيع جاز البيع ولا يبرأ المشتري عن الثمن لأن الثمن لا يجب إلا بعد قبول البيع فإذا أبرأه عن الثمن قبل القبول كان إبراء قبل السبب فلا يصح *رجل اشترى بإشراء فاسداً وقبضه وقطعه قميصاً ولم يخطه حتى أودعه عند البائع فهلك ضمن المشتري نقصان القطع فلا يضمن قيمة الثوب لأنه لما أودعه البائع فقد رد على البائع الأقدر نقصان القطع لأن الرد بحكم الفساد مستحق فإذا وصل إلى العلم البائع بأي وجه وصل يقع عن المستحق * رجل اشترى داراً شراءً فاسداً وقبضها فخربت عنده خراباً فاحشاً ثم خاصمه البائع إلى القاضي فقضى البائع لبائع بقيمة الدار يوم قبض المشتري كان للشفيع أن يأخذهما من المشتري بتلك القيمة* رجل اشترى عبداً شراءً فاسداً وقبضه ثم أعتقه أو قتله وقيمته يوم القتل والإعتاق أكثر من قيمته يوم القبض كان عليه قيمته يوم القبض بخلاف الغصب * رجل اشترى
<169>
أمة شراءً فاسداً وقبضها فولدت عنده من غيره ولداً فأعتقهما كان على المشتري قيمة الأم يوم القبض وقيمة الولد يوم الإعتاق لأن الولد كان أمانة فيضمن قيمته يوم الإعتاق ولو قتلهما رجل وتوى ما عليه ضمن المشتري قيمة الأم ولا يضمن قيمة الولد ثم يتبع البائع القاتل بقيمة الولد* رجل اشترى أمة شراءً فاسداً وقبضها وزوجها رجلاً ودخل بها الزوج ثم أن البائع خاصم المشتري لفساد البيع فإن القاضي ينقض البيع ويرد الجارية على البائع ويغرم المشتري نقصان التزويج ومهر مثلها والنكاح جائز على حالة والمهر المسمى يكون للمشتري على الزوج* إذا اشترى طعاماً شراءً فاسداً وقبضه يملكه ولا يحل له أكله* وكذا لو اشترى جارية شراءً فاسداً وقبضها يملكها ولا يحل له وطؤها ولا يثبت الملك بالعقد الفاسد إلا باتصال القبض به فإن قبض في المجلس صح قبضه مالم ينه البائع وأن قبض بعد المجلس إن قبض بإذن البائع صح قبضه وإلا فلا ويصير قابضاً بالتخلية كما في البيع الجائز وللبائع أن يسترد المبيع ما لم يوجد ما يبطل حق الفسخ ولا يبطل حق الفسخ بالإجارة ولا يموت المشتري لأن الملك الفاسد ينتقل إلى وارث المشتري ويقوم الوارث مقام المشتري أما مجرد الحق فلا يورث* ولو باع ثوباً بيعاً فاسداً فصبغه المشتري أحمر بطل حق الفسخ وعن محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى أنه لا يبطل وللبائع أن يعطى ما زاد الصبغ فيه ويأخذ الثوب* ولو باع أرضاً بيعاً فاسداً فجعلها المشتري مسجداً لا يبطل حق الفسخ ما لم يبن في ظاهر الرواية فإن بناه بطل في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى وغرس الأشجار بمنزلة البناء وكذا لو وهبه لا يبطل حق الفسخ مالم يبن ولو أوصى بها المشتري ومات بطل حق الفسخ ونقصان الولادة في البيع الفاسد يكون بمنزلة نقصان الولادة في البيع الفاسد يكون بمنزل نقصان الولادة في الغضب ينجبر بالولد* ولو خرج المبيع عن ملك المشتري ثم عاد إليه الملك الأوّل كأنه لم يخرج إن لم يكن القاضي قضى على المشتري بالقيمة للبائع ولو ادعى المشتري شراءً فاسداً أنه باعه من فلأن الغائب وأقام البينة على ذلك لم تقبل سننه وللبائع أن يسترده وإن صدقه البائع في ذلك بطل حق الفسخ ويقضي بالقيمة للبائع فإن رهن المشتري شراءً <170>
(2/84)
________________________________________
فَاسداً وسلم إلى المرتهن بطل حق الفسخ فإن افتك الرهن ولم يكن القاضي قضى عليه بالقيمة عاد حق الفسخ وكذا لو وهب ثم رجع في الهبة بقضاء أو بغير قضاء كان على هذا التفصيل* وإن اشترى شيئاً بميتة أو بدم وقبض لا ينفذ تصرف المشتري فيما اشترى وإن اشترى بخمر أو خنزير أو ما أشبه ذلك ينفذ تصر المشتري فيما اشترى من بيع أو هبة إلا أنه لا يحل أكله إن كان طعاماً ولا الوطء إن كان جارية* ولو اشترى جارية شراءً فاسداً واستولدها بطل حق الفسخ كما لو أعتقها ويغرم قيمتها للبائع واختلفوا في وجوب العقر للبائع قال أَبُو حَنِيفَةَ وأَبُو يُوسُفَ رحمهما الله تَعَالَى أنه إذا غرم القيمة لا يجب العقر وقال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى يجب العقر مع القيمة ويدخل الأقل في الأكثر وإن وطئها ولم يستولدها ردها على البائع ويغرم العقر للبائع عند الكل باتفاق الروايات والغاصب إذا وطئ المغصوبة بشبهة كان للمالك أن يأخذها وعقرها وإن غرم الغاصب قيمتها لا يغرم عقرها ويثبت خيار الشرط في البيع الفاسد كما يثبت في البيع الجاتى لو باع عبداً بألف درهم ورطل من خمر على أنه بالخيار ثلاثة أيام وقبض المشتري العبد وأعتقه في الأيام الثلاثة لا ينفذ إعتاقه ولو لا خيار الشرط للبائع نفذ إعتاق المشتري بعد القبض* غاصب العبد إذا اشترى من المغصوب منه شراء فاسداً وأعتقه نفذ إعتاقه لأنه أعتقه بعد القبض * إذا اشترى شيئاً شراء فاسداً وقبض المبيع ثم تناقضا البيع الفاسد بعد نقد الثمن كان للمشتري أن يحبس المبيع لاستيفاء الثمن كما في البيع الجائز* ولو اشترى من مديونه شراء فاسداً وقبض المبيع ثم تناقضا البيع الفاسد لا يكون للمشتري أي يحبس المبيع لاستيفاء ما كان له على البائع وكذا لو آجر المديون من رب الدين إجارة فاسدة* ولو كان البيع جائزاً أو الإجارة جائزة ثم انفسخ البيع بينهما بوجه كان للمشتري أن يحبس المبيع حتى يستوفي الدين الذي كان له على البائع* رجل اشترى عبداً شراءً فاسداً بألف وقبضه ثم باعه من البائع بمائة دينار إن قبضه البائع كان ذلك فسخاً للبيع الفاسد وما لم يقبضه لا ينفسخ* إذا اختلف المتبايعان أحدهما يدعي الصحة والآخر الفساد إن
<171>
(2/85)
________________________________________
كان مدعي الفساد يدعى الفساد بشرط فاسد أو أجل فاسد كان القول قول مدعي الصحة والبينة بينة مدعي الفساد باتفاق الروايات وإن كان مدعي الفساد يدعى لمعنى في صلب العقد بأن ادعى أنه اشتراه بألف درهم ورطل من خمر والآخر يدعي البيع بألف درهم فيه روايتان عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى في ظاهر الرواية القول قول من يدعي الصحة أَيضاً والبينة بينة الآخر كما في الوجه الأوّل وفي رواية القول قول من يدعي الفساد* ولو ادعى عبداً في يد رجل أنه اشتراه منه بألف درهم وقال البائع بعتك بألف درهم وشرطت أن لا تبيع ولا تهب أو ادعى المشتري ذلك وأنكر البائع كان القول قول من ينكر الشرط الفاسد والبينة بينة الآخر وكذلك لو كان مكان الشرط الفاسد شرط الخمر والخنزير أو الشيء الذي لا يحل مع ألف وإن اختلفا في أصل الثمن فقال البائع بعتك عبدي هذا بعبدك هذا وقال المشتري اشتريته بألف درهم ورطل من خمرك تحالفا وترادا فإن قامت لهما بينة يؤخذ بينة البائع والاصل في هذذا أنه إذا اختلف الثمنان واتفقت بينة البائع والمشتري على ثمن واحد وزادت إحدى البينتين على الأخرى ما يفسد البيع فالقول قول من ينكر الفساد والبينة بينة الفساد* وإن كان الثمنان منن صنين مختلفين وأحدهما يفسد البيع فالبينة بينة البائع وإ ادعى أحدهما بيع الوفاء والآخر بيعا باتاً كان القول قول من يدعي بيع البات والبينة بينة الوفاء لأن بيع الوفاء إما أن يعتبر رهناً كما قال البعض بيعاً فاسداً كما قال بعضهم فإن اعتبر بيعاً فاسداً كان القول قول من يدعي الصحة وإن اعتبر رهناً كانت البينة بينة البائع لأن في الرهن والبيع إذا ادعى أحدهما البيع والآخر الرهن كان القول قول من ينكر* وإن اختلف العاقدان فادعى البائع أن البيع كان شرط الخيار للبائع والآخر يدعى أن البيع كان باتاً في ظاهر الرواية عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى القول قول من ينكر الخيار وعنه في رواية إن كان البائع يدعي البيع بشرط الخيار لنفسه كان القول قوله وعند محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى القول قول من يدعي الخيار والبينة بينة لآخر وإن كان المشتري يدعي الخيار لنفسه والبائع يدعي البتات <172> كان القول قول البائع في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى على الروايتين جمعاً* وإن ادعى أحدهما البيع عن طوع والآخر عن إكراه اختلفوا فيه والصحيح أن القول قول من يدعي الطوع كما في الصحيح والفاسد وكذا لو اختلفا على هذا الوجه في الصلح والإقرار كان القول قول مدعي الطوع والبينة بينة الآخر في الصحيح من الجواب وقال بعضهم بينة الطوع أولى وإن اختلفا فادعى أحدهما أن البيع كان تلجئة والآخر ينكر التلجئة لا يقبل قول مدعي التلجئة إلا ببينة ويستحلف الآخر* وصورة التلجئة في البيع أن يقول الرجل لغيره أني أبيع داري منك بكذا وليس ذاك ببيع في الحقيقة بل هو تلجئة ويشهد على ذلك ثم يبيع في الظاهر من غير شرط فهذا البيع يكون باطلاً بمنزلة بيع الهازل وعن محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى في التلجئة إذا قبض المشتري العبد فأعتقه لا ينفذ إعتاقه ولا يشبه المشتري المكره لأنه بمنزلة البيع بشرط الخيار لهما* رجل باع عبداً من رجل وتصادقا أنه كان آبقاً فقال البائع بعتك في أباقه وقال المشتري بعتنيه بعد ما أخذته كان القفول قول مدعي الصحة أيهما يدعي الصحة وكذا لو اشترى خلا ثم ادعى أنه اشتراه بعدما صار خلا وقال البائع لا بل بعته حين كان خمراً كان القول قول مدعهي الصحة وإن أقاما البينة كانت الشهادة على بيع العبد بعد الأخذ وعلى بيع الخمر بعدما صار خلا أولى
(فصل في البيع الموقوف)
(2/86)
________________________________________
إذا باع الرجل المال الغير عندنا يتوقف البيع على إجازة المارة ويشترط لصحة الإجازة قيام العاقدين وقيام المعقود عليه ولا يشترط قيام الثمن إن كان الثمن من النقود فإن كان من العروض يشترط قيامه أَيضاً* وإذا مات المالك لا ينفذ بإجازة الوارث وعند إجازة المالك يملكه المشتري مع الزيادة التي حدثت بعد البيع قبل الإجازة ولو غصب جارية فباعها فقطعت يدها ثم أجاز المغصوب منه البيع صحت الإجازة* ولو قتلت أو ماتت ثم أجاز لا تصح الإجازة* وحقوق العقد من قبض الثمن وغيره عند الإجازة ترجع إلى العاقد وأيهما فسخ العقد قبل الإجازة صح فسخه وإذا هلاك المبيع عند المشتري كان للمالك <173>الخيار إن شاء ضمن البائع قيمته وإن شاء ضمن المشتري وعند اختياره تضمن أحدهما برئ الآخر وإن ضمن المشتري بطل البيع وكان للمشتري أن يسترد الثمن من البائع إن كان نقده وإن كان ضمن البائع قيمته ينفذ بيع البائع إن كان المبيع في ضمان البائع عند التسليم وإن لم يكن المبيع في ضمان البائع قبل التسليم وسلم بعد البيع ثم اختار المالك تضمين البائع لا ينفذ* بيع الفضولي وشراء الفضولي لا يتوقف ويكون مشترياً لنفسه وهو على وجوه أربع* أحدها أن يقول البائع بعت هذا من فلأن الغائب بألف درهم ويقول الفضولي اشتريت لفلان أو يقول قبلت لفلان أو قال قبلت ولم يقل لفلان فهذا العقد يتوقف على إجازة الغائب إن أجاز يكون الشراء لفلان وإن لم يجز بطل العقد* والثاني أن يقول المالك بعت هذا منك بكذا فقال الفضولي قبلت أو اشتريت ونوى الشراء لفلان فإن الشراء ينفذ عليه ولا يتوقف ولو قال الفضولي اشتريت هذا لفلان بكذا وقال بعت منك قيل فيه روايتان والصحيح أنه باطل لا يتوقف* والثالث لو قال البائع بعت من فلأن بكذا وقال الفضولي اشتريت لأجله أو قال قبلت لأجله أو لم يقل لأجله فإنه يتوقف على إجازة الغائب والرابع أن يقول المالك بعت منك هذا بكذا لأجل فلأن وقال المشتري اشتريت أو قبلت أو قال المشتري أولاً اشتريت هذا لأجل فلأن فقال البائع بعت فإنه ينفذ على المشتري ولا يتوقف* ولو قال الفضولي اشتريت هذا لفلان بكذا على أن فلأناً ذلك بالخيار ثلاثة أيام فإنه ينفذ ولا يتوقف وإنما يتوقف شراء الفضولي إذا اشترى بغير خياره* رجل اشترى عبداً وأشهد أنه يشتريه لفلان فقال للبائع اشتريت منك هذا العبد لفلان وقال البائع بعت وقال فلأن قد رضيت ذكر الناطفي رَحِمَهُ الله تَعَالَى ان للمشتري أن يمنع العبد من فلأن لأن الشراء وجد نفاذاً على العاقد فينفذ عليه فإن سلم المشتري إلى فلأن كانت العهدة للبائع على المشتري وهو العاقد ويكون تسليم المشتري إلى فلأن بمنزلة بيع مستقل جرى بين المشتري<174>وبين فلأن* رجل باع ثوباً لغيره بغير أمره من ابن صغير مأذون لنفسه أو من عبد مأذون له في التجارة وعليه دين أو لا دين عليه ثم أخبر رب الثوب أنه باع ثوبه بكذا ولم يبين ممن باعه فأجازا لمالك قال محمد رحمهه الله تَعَالَى لا يجوز ذلك إلا في عبده الذي عليه دين لأن الفضولي لو كان وكيلاً بالبيع لا يجوز بيعه من أحد من هؤلاء ما خلا عبده الذي كان عليه دين* امرأة جاءت إلى رجل بألف درهم وقال اشتر بهذه الدراهم هذه الدار لابني الصغير هذا وأبو الصغير حي فاشترى الرجل الدار فأجاز والد الصغير ذلك قال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى الدار للمشتري وإجازة أبي الصغير باطلة ذكرها في المنتقى* رجل باع عبد غيره بغير إذن المولى بعرض بعينه أو بشيء بعينه سوى الدراهم والدنانير ثم أجاز المولى بيعه جاز بيعه والمشتري بالعبد يكون للمشتري وعليه قيمة العبد لمولاه لأن شراء ذلك الشيء لا يتوقف فكان مشترياً لنفسه قاضياً ثمنه بالعبد بإذن المولى فيكون المشتري بالعبد له* رجل باع أمة غيره فولدت عند المشتري ثم أجاز المولى البيع كان الولد من الأم للمشتري* رجل قال لغيره اشتريت عبدك هذا من نفسي بألف درهم ومولى العبد حاضر فقال المولى قد أجزت وسلمت قال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى يجعل كلام المولى بيعاً الساعة* رجل باع عبد الغير بغير إذنه فقبل المولى قد أحسنت أو أصبت أو وفقت لم يكن كلامه إجازة للبيع وله أن يرده لأنه يذكر على وجه الاستهزاء وأن قبض الثمن يكون إجازة وكذا لو قال كفيتني مؤنة البيع وأحسنت فجزاك الله خيراً لم يكن ذلك إجازة للبيع إلا أن محمداً رَحِمَهُ الله تَعَالَى قال قوله أحسنت أو أصبت يكون إجازة استحساناً* دار بين رجلين باع فضولي نصفها فأجزأ أحد الشريكين بيعه قال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى يجوز البيع في ربع الدار فرق محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى بين هذا وبين ما إذا باع أحد الشريكين نصفها فإن ثمة يجوز البيع في نصف الدار لأن بيع المالك انصرف إلى النصف الذي كان له أما بيع الفضولي انصرف إلى النصف الشائع فإذا أجاز أحدهما صحت إجازته في ربع الدار* رجل غصب عبداً أو باعه من رجل فأجاز المغصوب منه بيع <175>الغاصب ولا يعلم ما حال
(2/87)
________________________________________
الغصب قال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى يجوز البيع حتى يعلم أنه هالك وهو قول أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ الله تَعَالَى الأوّل ثم رجع وقال البيع فاسد حتى يعلم أن العبد قائم فإن قال المشتري كان العبد ميتاً يوم الإجازة كان القول قول البائع* رجلأن بينهما صبر من طعام فباع أحدهما قفيزاً من الصبرة وكاله للمشتري بعد البيع فأجاز الشريك بيعه أو لم يجز جاز البيع ويكون جميع الثمن للبائع وإن باع أحدهما قفيزاً فأجاز الشريك ثم كاله للمشتري وضاع ما بقي كان للشريك على البائع نصف قفيز ولا سبيفل له على المشتري ولو لم يكن الشريك أجاز البيع حتى ضاع ما بقي من الطعام أخ الشريك من المشتري نصف الطعام الذي باع* ولو عزل أحدهما قفيزاً من الصبرة المشتركة وباع ذلك القفيز فأجاز ذلك الشريك بيعه كان الثمن بينهما نصفين ولو لم يجز والشريك بيعه وأخذ من المشتري نصف ما باعه فأراد المشتري أن يرجع على البائع بتمام القفيز ليس له ذلك ولكنه بالخيار إن شاء رجع بنصف الثمن على البائع وإن شاء ترك البيع* رجل باع ثوباً من رجل ولم يقبضه المشتري حتى باعه البائع من رجل آخر بفضل عشرة دراهم ثم أجاز المشتري بيع البائع لا تصح إجازته لأنه بيع ما لم يقبض* رجل باع أمة وفي بطنها ولد قد أوصى به لرجل آخر فأجاز الموصى له بالولد البيع قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى تصح إجازته ولا يكون له شيء من الثمن إذا ولدته بعد قبض المشتري وإن ولدت قبل القبض فأجاز صاحب الولد البيع جاز ويكون له حصة من الثمن والمشتري بالخيار إن شاء نقض البيع وإن شاء أجاز* دار لرجل وبناؤها لآخر باعهما أحدهما بإذن الآخر بثمن واحد ثم احترق بعض البناء قبل القبض خير المشتري إن شاء أخذ الدار بجميع الثمن ويقسم الثمن على قيمة البناء صحيحاً وعلى قيمة الأرض فما أصاب البناء يكون لصاحب البناء وما أصاب الأرض يكون لصاحب الأرض وإن انهدم كل البناء أو غرق أو احترق خير المشتري عن شاء أخذ الأرض بحصتها من الثمن ولا شيء لصاحب البناء قال وهذا بمنزلة ما لو جاء رجل واستحق البناء وثمة تطرح حصة البناء من الثمن وكذلك هنا والشجر في هذا بمنزلة البناء* رجل
<176>أوصي لرجل بشاة ولآخر بصوفها ومات الموصي فباع صاحب الشاة الشاة كان الثمن كله لصاحب الشاة ولا شيء لصاحب الصوف قال لأن الصوف في ظهر الشاة لا يباع فلو جعل للصوف قسط من الثمن فسد البيع* وكذا الشاة وما في بطنها بخلاف البناء والشجر* رجل باع عبد رجل بغير إذنه فبلغ المولى بيعه فقال للبائع وهبت لك الثمن أو قال تصدقت به عليك فهو إجازة للبيع إن كان العبد قائماً* جارية بين رجلين باعها أحدهما بغير إذن الشريك وقبضها المشتري فأعتقها ثم أجاز الشريك البيع لا يجوز البيع في حصته* رجل بغير إذنه بمائة درهم فجاء المشتري إلى مولاه وأخبره أن فلأناً باع عبده بكذا فقال المولى كان باعك بمائة درهم فقد أجزت قال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى إن كان فلأن باعه بمائة درهم او أكثر فهو جائز وإن كان باعه بأقل منه مائة وكذا لو باعه بمائة دينار لا يجوز البيع وإجازته تكون على الوصف الذي ذكر وكذا لو قال إن كا باعك بمائة درهم فهو جائز فهو على وصفنا ولو كان المولى قال إن باعك بمائة درهم أجزت ذلك لم يجز ولا يكون ذلك إجازة بل يكون عدة فإن باعه بعد هذا فإن شاء أجاز وغن شاء لم يجز وهذا لا يكون إجازة لما مضى* رجل غصب عبداً وباعه ودفعه على المشتري ثم إن الغاصب صالح المولى من العبد على شيء قال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى إن صالح على الدراهم والدناير كان ذلك بمنزلة أخذ القيمة من الغاصب فينفذ بيع الغاصب وإن صالحه على شيء من العروض كان هذا بمنزلة البيع من الغاصب فيبطل بيع الغاصب* رجل باع عبد رجل بغير أمره ثم اشترى العبد من مولاه ثم أقام البائع البينة أنه اشترى العبد من مولاه بعد بيعه أو ورثه بعده البيع قال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى تقبل بينته ويبطل البيع الأوّل ومن البيع الموقوف بيع الصبي المحجور الذي تعقل البيع والشراء يتوقف بيعه وشراؤه على إجازة والده او وصيه أو جده أو القاضي* وكذا المعتوه والصبي المحجور إذا بلغ سفيهاً يتوقف بيعه وشراؤه على إجازة الوصي أو القاضي والعبد المحجور إذا باع شيئاً من مال المولى أو مما وهب له واشترى شيئاً يتوقف
<177>
(2/88)
________________________________________
ذلك على إجازة المولى* والرجل إذا باع عبده المأذون المديون بغير إذن الغرماء يتوقف على إجازة الغرماء وقال بعض المشايخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى بيعه بغير إذن الغرماء فاسد لأن محمداً رَحِمَهُ الله تَعَالَى قال في الكتاب بيعه باطل والصحيح أنه موقوف ومعنى قوله باطل أي سيبطل* وإذا باع المولى العبد المأذون من غير إذن الغرماء وقبض الثمن فهلك عنده ثم أجاز الغرماء بيعه صحت إجازتهم ويهلك الثمن على الغرماء وإن أجاز بعضهم البيع ونقض بعضهم بحضرة العبد والمشتري لا تصح الإجازة ويبطل البيع ومن البيع الموقوف إذا باع المريض في مرض الموت من وارثه عيناً من أعيان ماله إن صح جاز بيه وإن مات من ذلك المرض ولم يجز الورثة يبطل البيع ومنه المرتد إذا باع أو اشترى يتوقف ذلك إن قتل على ردته أو مات أو لحق بدار الحرب بطل تصرفه وإن أسلم جاز ونفذ بيعه* ومنه الراهن إذا باع الرهن أو الآجر إذا باع المستأجر يتوقف ذلك على إجازة المرتهن والمستأجر في أصح الروايات إلا أن المرتهن يملك نقض البيع ويملك إجازته والمستأجر يملك الإجازة ولا يملك النقض فإن لم يجز المستأجر حتى انفسخت الإجارة بينهما نفذ البيع السابق وكذا المرتهن إذا لم يفسخ البيع حتى فك الرهن نفذ البيع* ولو كانت الإجازة طويلة فباع ث جاز أيام الفسخ نفذ بيعه عند أكثر المشايخ وكان للمستأجر أن يحبس المستأجر لاستيفاء الأجرة المعجلة فإن كان المستأجر مما لا يحتمل الهلاك فهلك عند المستأجر بعد الحبس لا يسقط الدين بخلاف الرهن* وكذا الرجل إذا دفع أرضه مزارعة مدة معلومة على أن يكون البذر من قبل العامل وزرعها العامل أو لم يزرع فباع صاحب الأرض أرضه يتوقف البيع على إجازة المزارع* الراهن إذا باع الرهن ثم باعه من آخر فأجاز المرتهن بيع الأوّل أو الثاني نفذ ما أجاز* والآجر إذا باع المستأجر ثم باعه ثانياً من رجل آخر فأجاز المستأجر البيع الأوّل أو الثاني نفذ البيع الأوّل وبطل الثاني* ولو باع الراهن الرهن ثم رهن عند آخر أو آجر أو وهب وسلم فأجاز المرتهن الأوّل الرهن الثاني أو الإجارة أو الهبة نفذ البيع وبطل ما سواه* ومن البيوع الموقوفة البيع بشرط
<178>
الخيار {باب الخيار} * الخيارات أنواع منا خيار إجازة عقد الفضولي وقد ذكرنا* ومنها خيار الرط وخيار الرؤية وخيار العيب ومنها خيار تفرق العقود عليه بهلاك البعض قبل القبض والاستحقاق* أما خيار الشرط يصح البيع بشرط الخيار لأحد المتعاقدين أولهما جميعاً عندنا وكذلك خيار الشرط للأجنبي جائز عندنا وهو مؤقت بثلاثة أيام أو أقل* وأن شرط الخيارأكثر من ثلاثة أيام فسد البيع في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى كما لو شرط الخيار شأبدأ وقال صاحباه إذا ذكر وقتاً معلوماً شهراً أو سنة أو أكثر جاز* وإن شرط الخيار إلى الليل أو إلى وقت الظهر أو إلى ثلاثة أيام كان له الخيار في جميع الليل ووقت الظهر وثلاثة أيام ولا ينتهي الخيار ما لم تمض الغاية في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى وقال صاحباه لا تدخل الغاية في الخيار* ولو شرط الخيار لهما جميعاً لا يثبت حكم العقد أصلاً وإن كان الخيار لأحدهما لا يثبت حكم العقد في حق من له الخيار حتى لو كان الخيار للبائع لا يخرج المبيع عن ملكه عندنا ويخرج الثمن عن ملك المشتري ولا يدخل في ملك البائع في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى وفي قول صاحبيه يدخل* ولو كان الخيار للمشتري لا يخرج الثمن عن ملكه في قولهم ويخرج المبيع عن ملك البائع ولا يدخل في ملك المشتري في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى وعندهما يدخل* بيان ذلك في مسائل* منها إذا باع عبداً بجارية على أن بائع العبد بالخيار ثلاثة أيام فأعتق البائع العبد في الأيام الثلاثة نفذ إعتاقه في قولهم وبطل البيع لأنه أعتق ملك نفسه وإن أعتق الجارية جاز ويكون إسقاطاً للخيار ويتم البيع وإن أعتقهما في كلام واحد نفذ عتقه فيهما ويغرم قيمة الجارية لبائعها ولا ينفذ إعتاق المشتري لا في العبد ولا في الجارية أما الجارية لأنها خرجت عن ملكه عندهم وأما العبد لأنه لم يخرج عن ملك بائعه ولو كان الخيار للمشتري كانت الأحكام على عكس هذا* ولو كانت الجارية بنتاً لبائع العبد والخيار لبائع العبد لا تعتق الجارية ولو كانت زوجته لا يفسد النكاح بينهما لأنها لم تدخل في ملكه في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى ولكنه لو أعتقها نفذ
<179>
(2/89)
________________________________________
إعتاقه فيها ويكون ذلك إسقاطاً للخيار* ولو قال لعبد إن اشتريتك فأنت حر ثم اشتراه على أنه بالخيار ثلاثة أيام عتق عليه في قولهم جميعاً وسقط خياره والمسألة بفروعها معروفة ولو كن البيع بشرط الخيار لهما فمات أحدهما لزم البيع في جانبه والآخر على خياره وخيار الشرط لا يورث عندنا* رجل باع عبداً بثمن في الذمة على أنه بالخيار ثلاث أيام ثم وهب الثمن من المشتري في مدة الخيار أو أبرأه عن الثمن أو اشترى من المشتري شيئاً بذلك الثمن يصح شراؤه وإبراؤه وهبته ويبطل خياره لأن الثمن في الذمة بمنزلة القرض* ولو اشترى من غير المشتري شيئاً بذلك الثمن يبطل خياره ولا يجوز شراؤه ولو كان الثمن ديناً فأوفاه المشتري فقبض وتصرف فيه لا يبطل خياره وكذا لو كان الخيار للبائع فدفع المبيع على المشتري لا يبطل خيره وكذا لو كان الخيار للمشتري فأبرأه البائع عن الثمن لا يصح إبراؤه في قول أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ الله تَعَالَى وقال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى إذا تم البيع بينهما بمضي مدة الخيار أو بإسقاط الخيار في المدة ينفذ إبراء البائع* ولو كان الخيار للبائع أو المشتري فقال من له الخيار إن لم أفعل كذا اليوم فقد أبطلت خياري كان ذلك باطلاً ولا يبطل خياره* كذا لو قال في خيار العيب إن لم أرده اليوم فقد أبطلت خياري ولم يرده اليوم لا يبطل خياره ولو لم يقل كذلك ولكنه قال أبطلت خياري غداً أو قال أبطلت خياري إذا جاء غد فجاز غد ذكر في المنتقى أنه يبطل خياره قال وليس هذا كالأوّل لأن هذا وقت يجيء لا محال بخلاف الأوّل* رجل باع جارية على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم أعتقها أو دبرها أو كاتبها أو وهبها وسلم أو رهن وسلم أو أجر كان ذلك نقضاً للبيع وكذا إذا فعلا بالمبيع ما يدل على استبقاء الملك بأن باشرها أو وطئها أو قبلها بشهوة أو نظر إلى فرجها بشهوة كان ذلك نقضاً للبيع علم الآخر بذلك أو لم يعل* ولو كان الخيار للمشتري ففعل شيئاً من ذلك كان ذلك إمضاء للبيع وكذا في خيار الرؤية والعيب* ولو قال المشتري قبلتها بغير شهوة كان القول قوله ولا يبطل خياره والنظر على الفرج من غير شهوة لا يكون إبطالاً للبيع ولا إسقاطاً للخيار* ولو قبله الأمة بشهوة بطل خياره في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى وكذا إن<180> أقر المشتري أنها قبلته بشهوة وقال لمحمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى بفعل الأمة لا يبطل الخيار غلا إذا قبلته فتركها ولم يمنعها وإن أدخلت فرجه في فرجها وهو كاره أو مطاوع بطل خياره عند الكل*من له الخيار إذا أجاز البيع وأسقط الخيار جاز على كل حال كان صاحبه حاضراً أو غائباً* وأما إذا فسخ البيع إن كان صاحبه حاضراً وإن كان غائباً يتوقف فسخه في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رحمهما الله تَعَالَى عن علم صاحبه بذلك في مدة الخيار جاز* وقال أَبُو يُوسُفَ والشافعي رحمهما الله تَعَالَى يجوز الفسخ على كل حال كما يجوز إمضاء البيع هذا إذا كان الفسخ بالقول فإن كان بألفعل جاز كما قال أَبُو يُوسُفَ والشافعي رحمهما الله تَعَالَى* وفي الإجارة الطويلة إذا فسخ أحدهما فأيام الخيار عند غيبة الآخر قالوا يجوز وأخذوا في ذلك بقول أَبِي يُوسُفَوالشافعي رحمهما الله تَعَالَى* ولو كان الخيار للمشتريين ففسخ أحدهما بغير محضر من صاحبه لا يجوز فسخه* رجل اشترى شيئاً على أنه بالخيار ثلاثة أيام وقبض المبيع بإذن البائع ثم أودعه البائع فهلك عند البائع في ممدة الخيار بطل البيع في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى وقال صاحباه رحمهما الله تَعَالَى يتم البيع ويتقرر الثمن على المشتري ولو كان الخيار للبائع وسلم المبيع إلى المشتري ثم إن المشتري أودعه البائع فهلك عند البائع في مدة الخيار بطل البيع عند الكل* ولو كان البيع باتاً فقبض المشتري المبيع بإذن البائع أو بغير إذنه والثمن حال أو مؤجل وللمشتري خيار رؤية أو عيب فأودعه البائع فهلك عند البائع تم ولزمه الثمن عند الكل* رجل باع شيئاً على أنه بالخيار ثلاثة أيام وسلمه إلى المشتري ثم غصبه من المشتري لم يكن ذلك فسخاً للبيع ولا إبطالاً للخيار* رجل باع عبداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام على أن يستغله ويستخدمه جاز وإن فعل ذلك لا يبطل خياره* ولو باع كرماً على أنه بالخيار ثلاثة أيام على أن يأكل من ثمرة لا يجوز البيع لأن الغلة والمنفعة لا يقابلها الثمن فلم يكن متلفاً جزأ من المبيع بخلاف الثمن* رجل اشترى شيئاً وقبضه ثم قال له البائع بعد أيام أنت بالخيار ما دام في المجلس ويكون هذا
(2/90)
________________________________________
<181> بمنزلة قوله لك إقالة هذا البيع* ولو قال أنت بالخيار ثلاثة أيام فله الخيار ثلاثة أيام كما قال هو الصحيح* رجل اشترى شيئاً وشرط الخيار لنفسه ولم يؤقت كان له أن يفسخ البيع ولم يكن ذلك للبائع وإن شرط الخيار أكثر من ثلاثة أيام فسد البيع في قول أَبِي حَنِيفَةَ وزفر والشافعي رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى فإن أسقط الخيار في الأيام الثلاثة أو أعتق العبد أو مات العبد أو المشتري أو حدث به ما يوجب لزوم البيع ينقلب البيع جائزاً في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى ويلزمه الثمن وإن حدث به عند المشتري في الأيام الثلاثة عيب إن كان عيباً يحتمل زواله في مدة الخيار كالمرض لا يبطل خياره إلا أنه لا يملك الرد قبل زوال العيب وإن حدث به مالا يحتمل الزوال لزمه البيع* رجل اشترى شيئاً في رمضان على أنه بالخيار ثلاثة أيام بعد شهر رمضان فسد العقد في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى لأن عنده ما قبل الشهر يكون داخلاً في الخيار فيصير بمنزلة شرط الخيار أربعة أيام فيفسد العقد عنده وقال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى له الخيار في رمضان وثلاثة أيام بعد رمضان ويحوز البيع* وكذا لو كان الخيار للبائع فعلى هذا الوجه ولو شرط المشتري على البائع فقال لا خيار لك في رمضان ولك الخيار ثلاثة أيام بعد رمضان أو قال البائع للمشتري لا خيار لك في رمضان ولك الخيار ثلاثة أيام بعد مضي رمضان فسد البيع عند الكل لأنه لا وجه لتصحيح هذا العقد* رجل اشترى عبداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام لا يكون للبائع أن يطالبه بالثمن قبل سقوط الخيار* رجل اشترى شاة أو بقرة على أنه بالخيار ثلاثة أيام فحلب لبنها روى أَبُو يُوسُفَ عن أَبِي حَنِيفَةَ رحمهما الله تَعَالَى أنه يبطل خياره وقال أَبُو يُوسُفَ رحمه اله تَعَالَى لا يبطل خياره حتى يشرب اللبن أو يستهلك* ولو اشترى جارية على أنه بالخيار ثلاثة أيام وقبضها فدعاها إلى فراشه قبل مضي المد لا يبطل خياره وكذا لو كان الخيار للبائع فدعاها إلى فراشه لا يبطل خياره ولو باع رحى على أنه بالخيار ثلاثة أيام فطحن البائع فيها كان فسخاً للبيع ولو كان الخيار للمشتري فطحن فيها ليعرف مقدار الطحن لا يسقط خياره وإن زاد على ذلك عند قلة الماء أو كثرته بطل خياره <182> * وذكر الفقيه أبو جعفر أن ما زاد على يوم وليلة كثير يبطل خياره وما دون ذلك قليل لا يبطل خياره * ولو اشترى ثوباً على أنه بالخيار أو خادماً فلبس الثوب واستخدم الخادم مرة لا يبطل خيار الشرط وإن استخدم مرتين أو لبس الثوب مرتين أو كانت دابة فركبها مرتين بطل خيار الشرط * ولو ركب الدابة ليسقيها أو ليردها على البائع في القياس يبطل خياره وفي الاستحسان لا يبطل * ولو باع عبداً على أنه بالخيار فيهما وقبضهما المشتري ثم مات أحدهما أو استحق لا يجوز البيع في الباقي وإن تراضيا على إجازة البيع لأن البيع بشرط الخيار غير منقعد في حق الحكم فإذا هلك أحدهما كانت الإجازة في الباقي بمنزلة ابتداء العقد بالحصة فلا يجوز * ولو قال البائع في حياة العبدين نقضت البيع في هذا بعينه أو نقضت البيع في أحدهما كان نقضه باطلاً كأنه لم يتكلم بالنقض ويبقى الخيار فيهما * وكذا لو باع عبداً واحداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم قال نقضت البيع في نصفه كان باطلاً كأنه لم يتكلم به * رجل له دار فيها رجل يسكنها بأجر فباعها من رجل على أن المشتري بالخيار ثلاثة أيام ورضي به به الساكن فطلب المشتري الأجر من الساكن في مدة الخيار كان ذلك إمضاء للبيع * ولو اشترى دار أو هو ساكن فيها على أنه بالخيار ثلاثة أيام وقبضها ثم جاء بجارية وقال هي التي قبضتها وأنكر البائع كان القول للمشتري وللبائع أن يتملك الجارية ويطأها لأن المشتري حين ردها على البائع قد ملك الجارية منه فللبائع أن يرضى بهذا التمليك وكذا القصار إذا رد ثوب نفسه على صاحب الثوب وقال هذا ثوبك وكذا الإسكاف * رجل باع بيضاً أو كفرى على أنه بالخيار ثلاثة أيام فخرج الفرخ من البيض أو صار الكفرى تمراً في مخدة الخيار بكل البيع لأنه لو بقي من غير خيار يتضرر به البائع ولو بقي الخيار كان له أن يلزم المشتري بعد التغير ولو كان الخيار للمشتري والمسألة بحالها بقي خياره لأن المشتري لا يتضرر ببقاء الخيار * ولو اشترى قصيلاً شراء باتاً فصار حباً قبل القبض بل البيع في قول أَبِي حَنِيفَةَ رحمه الله <183> عند خالي ياسر
(2/91)
________________________________________
<184> أن ينصب حصماً عن البائع ليرده عليه اختلفوا فيه قال بعضهم ينصب خصماً نظراً للمشتري وقال محمد بن سلمة رَحِمَهُ الله تَعَالَى لا يجيبه القاضي إلى ذلك ولا ينصب خصماً لأن المشتري لما اشترى ولم يأخذ منه وكيلاً مع احتمال الغيبة فقد ترك النظر لنفسه فلا نظر له فإن لم ينصب القاضي خصماً وطلب المشتري من القاضي الإعلأن عن محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى فيه روايتان في رواية يجيبه القاضي إلى ذلك فيبعث منادياً ينادي على باب البائع أن القاضي يقول إن خصمك فلناً يريد أن يرد المبيع عليك فإن حضرت وإلا نقضت البيع فلا ينقض القاضي البيع من غير إعلأن وفي رواية لا يجيبه القاضي إلى الإعلأن أَيضاً قيل لمحمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى كيف يصنع المشتري قال ينبغي للمشتري أن يستوثق فيأخذ منه كفيلاً ثقة إذا خاف الغيبة حتى إذا غاب البائع يرد على الكفيل وإن اشترى شيئاً يتسارع إليه الفساد على أنه بالخيار ثلاثة أيام فغي القياس لا يجير المشتري على شيء وفي الاستحسان يقال للمشتري إما أن تفسخ البيع وإما أن تأخذ المبيع ولا شيء عليك من الثمن حتى تجيز البيع أو يفسد المبيع عند دفعاً للضرر من الجانبين وهو نظير ما لو ادعى في يد رجل شراء شيء يتسارع إليه الفساد كالسمكة الطرية ونحوها وجحد المدعى عليه وأقام المدعي بينة على ما ادعى ويخاف فسادها في مدة التزكية فإن القاضي يأمر مدعي الشراء أن ينقد الثمن ويأخذ السمكة ثم القاضي يبيعها من آخر ويأخذ ثمنها ويضع الثمن الأوّل والثاني على يدي عدل فإن عدلت البينة يقضي لمدعي الشراء بالثمن الثاني ويدفع الثمن الأوّل على البائع وإن ضاع الثمنان عند العدل بضيع الثمن الثاني من مال مدعي الشراء لأن بيع القاضي كبيعه وإن لم تعدل بينة مدعي الشراء فإنه يضمن قيمة السمكة للمدعى عليه لأن البيع لم يثبت فبقى أخذ مال الغير بجهة البيع فيكون مضموناً عليه بالقيمة وهذا قول أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ الله تَعَالَى * ولو باع شيئاً يتسارع غليه الفساد بيعاً باتاً ولم يقبضه المشتري ولم ينقد الثمن حتى غاب كان للبائع أن يبيعه من آخر ويحل للمشتري الثاني أن يشتري وإن كان يعلم بذلك لأن المشتري الأوّل رضي بهذا البيع <185> والفسخ دلالة فيحل للبائع أن يبيع وغ7ذا حل للبائع أن يبيع وإذا حل للبائع أن يبيع حل للمشتري الثاني أن يشتري * رجل باع عبداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم أنه عرض العبد على البيع لم يبطل خياره لأنه لا يملك فسخ البيع عند غيبة صاحبه * رجل باع شيئاً بثمن مؤجل على أنه بالخيار ثلاثة أيام يعتبر الأجر من وقت سقوط الخيار لا من وقت العقد * وكذا لو كان الخيار للمشتري ولو باع داراً على أن المشتري بالخيار ثلاثة أيام وللدار شفيع فإن الشفيع يطلب الشفعة وقت العقد إذا علم بالبيع لا وقت سقوط الخيار وفي بيع الفضولي يطلب يطلب الشفعة وقت الإجازة * وفي البيع الفاسد عند انقطاع حق الاسترداد وفي الهبة بشرط العوض روايتان في رواية يطلب عند القبض وفي رواية عند العقد وهو الصحيح والمسائل تأتي في كتاب الشفعة * لرجل باع داراً على أنه بالخيار ثلاثة أيام فصالحه المشتري على دراهم مسماة أو على عرض بعينه على أن يسقط الخيار ويمضي البيع جاز ذلك ويكون زيادة في الثمن وكذا لو كان الخيار للمشتري فصالحه البائع على أن يسقط الخيار فيحط عنه من الثمن كذا أو يزيده هذا العرض بعينه في البيع جاز ذلك * الوكيل بالبيع إذا باع على أنه بالخيار ثلاثة أيام أ الرجل باع بنفسه وشرط الخيار لغيره فمات الوكيل أو الوصي في الأيام الثلاثة أو مات الموكل أو الصغير أو مات الذي باع بنفسه أو الذي شرط الخيار له في الأيام الثلاثة قال محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى يتم البيع في جميع ذلك لأن لكل واحد منهم حقاً في الخيار والجنون في هذا بمنزلة الموت * ولو باع الأب أو الوصي مال اليتيم على أنه بالخيار ثلاثة أيام فبلغ اليتيم في مدة الخيار قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ الله تَعَالَى يتم البيع ويبطل الخيار وعن محمد رَحِمَهُ الله تَعَالَى في ثلاثة روايات في رواية يكون الخيار لليتيم إن شاء نقض البيع وإن شاء أجاز في مدة الخيار وبعد انقضائها يكون هذا خيار الإجازة لا خيار الشرط * وفي الرواية ينتقل خيار الشرط إلى اليتيم مؤقتاً بالأيام الثلاثة كما كان وفي رواية يبقى الخيار للأب إن شاء نقض البيع في المدة أو أجاز وإن لم يصنع شيئاً حتى مضت المدة تم البيع * والمكاتب إذا باع على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم عجزوا العبد المأذون إذا <186> باع على أنه بالخيار على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم حجر عليه المولى يتم البيع ويبطل الخيار * ورجل باع عبداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم قال البائع للعبد إن دخلت الدار فأنت حر لم يكن ذلك نقضاً للبيع ولا إبطالاً للخيار وكذا لو قال لهذا العبد أنت حر أو هذا لعبد آخر له نج وكذا لو كان الخيار للمشتري فحلاف بذلك نج رجل اشترى عبداً على أنه
(2/92)
________________________________________
بالخيار ثلاثة أيام ثم قال المشتري قد أجزت شراءه أو شئت أخذه أو رضيت أخذه بطل خياره ولو قال هويت أخذه أو أحببت أو أردت أو قال قد أعجبني أو قال قد وافقني لا يبطل خياره نج رجل اشترى كتاباً على أنه بالخيار ثلاثة أيام فانتسخ منه لنفسه لا يبطل خياره لأن الكتاب لا يشترى لأجل النسخ منه ونما يشتري لأجل الدرس والحفظ فلا يبطل خياره كالنساج إذا اشترى ديباجاً على أنه بالخياره ثلاثة أيام ثم نظر في نقوش الديباج لا يبطل خياره ولهذا لو انتسخ من كتاب الغير ولم يرفعه ولم يحوله لا يصير غاصباً وإن انتسخ لغيره لا يبطل خياره قالوا ولو قيل بالأنتساخ يبطل خياره وبالدرس لا يبطل خياره فله وجه يجوز الأخذ به لأن في الكتابة استعمالاً أما الدرس يكون للنظر والامتحان أنه هل هو صحيح أم لا فيكون بمنزلة الاستخدام مرة واحدة وذلك لا يبطل الخيار * من له خيار الشرط إذا قال أبطلت خياري بطل خياره ومن له خيار الرؤية إذا قال أبطلت الخيار لا يبطل * رجل أشترى ثوباً على أنه بالخيار يوماً وقبضه ثم جاء يرد بالخيار وفيه عيب فقال البائع ليس هذا ثوبي وقال المشتري لا بلف هو ثوبك قال أَبُو حَنِيفَةَ وأَبُو يُوسُفَ رحمهما الله تعلى القول قول المشتري والبينة للبائع وكذا لو كان الخيار للبائع وكذا إذا لم يكن في البيع خياره الشرط وأراد أن يرده بخيار الرؤية وإن كان يريد الرد بالعيب فالقول فيه قول البائع * ولو باع جارية على أنه بالخيار ثلاثة أيام فاكتسبت إكساباً عند أيام عند البائع أو عند المشتري أو ولدت أولاداً فإن الكل يدور مع الأصل إن تم البيع بينهم يكون للمشتري وإن انفسخ البيع منهم يكون للبائع * ولو كان الخيار للمشتري فاكتسبت إكساباً أو ولدت أولاداً عند البائع فكذلك الجواب وإن اكتسبت عند المشتري ذكر في الكتاب <187> أن الكسب يكون للمشتري تم البيع بينهما أو انتقض * قيل هذا قولهما لأن عندهما خيار الشرط للمشتري لا يمنع دخول المبيع في ملكه بمنزلة خيار الرؤية والعيب عند الكل أما على قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يدور الكسب مع الأصل لأن عنده خيار الشرط للمشتري يمنع دخول المبيع في ملك المشتري * ولو اشترى عبداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام فقطع البائع يده عند المشتري بطل خيار المشتري في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يدور الكسب مع الأصل لأن عنده خيار الشرط للمشتري يمنع دخول المبيع في ملك المشتري * ولو اشترى عيداً على أنه بالخيار ثلاثة أيام فقطع البائع يده عند المشتري في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يبطل في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعن أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فيه روايتان * ولو قطع البائع يده قبل التسليم إلى المشتري لا يبطل خيار المشتري عند الكل * ولو قطع أجنبي عند المشتري بطل خيار المشتري عند الكل * رجل اشترى عبداً من رجلين صفقة واحدة على أن البائعين بالخيار فرضي أحدهما بالبيع ولم يرض الآخر لزمها البيع في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رحل اشترى ابنه على أن البائع بالخيار ثم مات المشتري فأجاز البائع البيع عتق الأبن ولا يرث أباه { فصل في خيار الرؤية} خيار الرؤية يثبت في كل عين ملك بعقد يحتمل الفسخ كالبيع والإجارة والقسمة والصلح عن دعوى المال وكما يثبت الخيار في المبيع للمشتري يثبت للبائع في الثمن إذا كان عيناً والمكيل والموزون إذا كان عيناً فهو بمنزلة سائر الأعيان وكذا التبر من الذهب والفضة والأواني ولا يثبت خيار الرؤية فيما ملك ديناً في الذمة كالسلم والدراهم والدنانير عيناً كان أو ديناً والمكيل والموزون إذا لم يكن معيناً فهو بمنزلة الدراهم والدنانير ولا يثبت خيار الرؤية في كل عين ملك بعقد لا يحتمل الفسخ بالرد كالمهر وبدل الخلع والصلح عن القصاص * من له خيار الرؤية إذا فسخ العقد قبل الرؤية صح فسخه وإن أجاز العقد وأبطل الخيار قبل الرؤية لا يصح إبطاله حتى لو رآه بعد ذلك كان له خيار الرؤية والفسخ بخيار الرؤية يصح من غير قضاء ولا رضاء وهو فسخ على كلا حال قبل القبض وبعده ولا يورث خيار الرؤية كما لا يورث خيار الشرط ويورث خيار العيب ولا يتوقت خيار الرؤية بوقت بل يبقى إلى أ يوجد ما يبطله ويبطل بما يبطل به خيار الشرط كالتدبير والبيع والإجارة والرهن والهبة <189> فإن باع العقد القبض قبل الرؤية ثم رد عليه بعيب بقضاء قاض أو بما هو فسخ من كل وجه أو فك الرهن أو انتفضت الإجازة لا يعود خيار الرؤية هو الصحيح * ولو باع بعد الرؤية على أنه بالخيار ثلاثة أيام أو عرضه على بيع أو وهب ولم يسلم بطل خياره وإن فعل شيئاً من ذلك قبل الرؤية لا يبطل خياره وإن هلك بعض المبيع عند المشتري بطل خياره لأن خيار الرؤية يمنع تمام الصفقة فإذا تعذر رد البعض بالهلاك أو بالعيب بطل خياره * ولو عرض على البيع بعض المبيع بعد الرؤية بطل خياره عند مُحَمَّد
(2/93)
________________________________________
رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يبطل في قول أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو اشترى شيئاً لم يره فقبضه بعد ما رآه بطل خياره عند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يبطل عند أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو أرسل رسولاً بقبضه فقبضه الرسول لا يبطل خياره * ولو وكل وكيلاً بقبضه فرأى الوكيل وقبضه بطل خياره الموكل في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كما لو كان الوكيل عاقداً فقبض بعد ما رأى لم يكن للموكل خيار الرؤية وقال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّد رحمهما الله تَعَالَى في الوكيل بالقبض لا يبطل خيار الموكل بقبض الوكيل بعد الرؤية كما لو قبضه الوكيل قبل الرؤية ثم اسقط خيار الرؤية لموكله لا يبطل خيار الموكل * وأجمعوا على أن خيار العيب لا يبطل بقبض الوكيل بعد العلم بالعيب * ولو اشترى شيئاً لم يره ثم وكل رجلاً بالرؤية وقال له إن رضيته فخذه لا يجوز ذلك ولا يكون رؤية الوكيل بالرؤية كرؤية الموكل * الوكيل بالشراء إذا اشترى شيئاً كان رآه الموكل ولم يعلم به الوكيل كان للوكيل خيار الرؤية ثم البيع لا خلو إما أن يكون من بني آدم أو البهائم أو من العروض أو من العقار فإن كان من بني آدم وهو عبد أو جارية فرأى الوجه ورضي به ولم ير سائر الأعضاء بطل خيار الرؤية وإن كانت الجارية منتقبة فرأى صدرها وظهرها وساقها ولم ير وجهها لا يبطل خياره وكذا لو كان عبداً فهو بمنزلة الجارية فإن رأى وجهه من وراء الزجاج كان رؤية وإن كان المبيع دابة فرساً أو إبلاً أو غنماً أو بغلاً روي عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه إذا رأى العجز ورضي به بطل خياره وعن أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى <189> لا يبطل ما لم ير وجهه ومؤخره وإن كان المبيع شاة اللحم لا بد من الجس مع الرؤية حتى يبطل خياره بعد ذلك لأن المقصود هو اللحم وذلك لا يعرف إلا بالجس وإن كانت شاة قنية لا بد من النظر إلى ضرعها مع الرؤية إلى جسدها وإن كن المبيع منقولاً ليس بحيوان فإن كان شيء منه مقصوداً كالوجه في المغافر وأشباه ذلك لا يبطل خياره ما لم ير وجهه وإن لم يكن شيء منه مقصوداً كالكرباس إذا رأى البعض ورضي به بطل خياره إذا وجد غير المرئي مثل المرئي في الصفة ولو كان ثوباً تختلف قيمته باختلاف العلم يعتبر رؤية العلم أَيضاً لإبطال خيار الرؤية وإن كن الثوب مطوياً فرأى موضع الطي ورضي به بطل خياره وإن كان أثواباً مالم ير كل ثوب لا يبطل خياره لأن الثوب من العدديات المتفاوتة وفي العدديات المتفاوتة يعتبر رؤية الكل وإن كان المبيع عقاراً ذكر في عامة الروايات أنه إذا رأى خارج الدار ورضي به لا يبقى خياره قالوا هذا إذا لم يكن في الداخل بناء فإن كان فيها بناء لا بد من رؤية الداخل أو ما هو المقصود منها وعليه الفتوى لأن داخل الدار بمنزلة الوجه في بني آدم وإن كان كرماً ذكر في الكتاب أنه إذا رأى رؤوس الأشجار من خارج ورأى رأس كل شجرة ورضي به لا يبقى له خيار الرؤية هذا إذا كان المبيع شيئاً واحداً فإن كان أشياء فهو على وجهين إما أن كان من العدديات المتفاوتة كالبطيخ والرمان والسفرجل أو من العدديات المتقاربة كالجوز واللوز والبيع والتفاح والإجاص والمكيل والموزون فإن كان كيلياً أو وزنياً في وعاء واحد أو لم يكن في وعاء واحد بل هو موضوع على الأرض فهو كشيء واحد إذا رأى منه حقنة أو أكثر ورضي ب كان رؤية إذا كان غير المرئي مثل المرئي وإن كانت الحنطة أو الشعير في جوالقين أو الزعفران في سلتين أو الدهن في زقين اختلف فيه المشايخ قال مشايخ بلح ما كان في وعاءين فهو بمنزلة شيئين مختلفين وقال مشايخ العراق هما كشيء واحد وهكذا ذكر في عامة الروايات وهو الصحيح أن رؤية أحدهما تكون كرؤيتهما جميعاً واتفقوا على أنهما كشيء واحد في حكم العيب حتى لو وجد بما في أحد الوعاءين عيباً إن كان قبل القبض يمسكهما أو <190> يردهما وإن كان بعد القبض يرد المعيب خاصة كما لو وجدنا بأحد الثوبين عيباً بعد القبض لأن خيار الرؤية يمنع تمام الصفقة وكان الحال فيه بعد القبض كالحال قبله أما خيار العيب فلا يمنع تام الصفقة هذا كله إذا كان غير المرئي فإن لم يكن يبقى خيار الرؤية فإن قال المشتري لم أجد الباقي على تلك الصفة وقال البائع وقال البائع لا بل هو على تلك الصفة كان القول قول البائع والبينة للمشتري وإن كان المبيع من العدديات المتفاوتة كالرمان وغير ذلك ما لم ير الكل لا يبطل خياره * ولو اشترى وقر بطيخ ما لم ير الكل لا يبطل خياره إذا كان البطيخ في غرارة * وقال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد ابن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا كان البطيخ نوعاً واحداً فرأى البعض ورضي به بطل خياره وإن كان البطيخ شريحة إن كانت الشريحة بحال يرى ما في داخلها بطل خياره * وإن اشترى شيئاً مغيباً في الأرض كالجزر والبصل والثوم والشلجم والفجل ذكر الشيخ الإمام علفي بن مُحَمَّد البزدوي رَحِمَهُ
(2/94)
________________________________________
اللهُ تَعَالَى قال إذا قلع البائع بعضها أو قلع المشتري بإذن البائع فرآه رضي به عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فيه روايتان في رواية بطل خياره فما رآه وله الخيار فيما لم ير وعنه في رواية ما لم ير الكل بعد القلع لا يبطل خياره وعامة المشايخ قالوا لم يذكر هذه المسألة في ظاهر الرواية وإنما ذكرها في الأمالي عن أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه قال إن كان المغيب في الأرض مما يكال أو يوزن بعد القلع كالثوم والبصل والجزر فقلع المشتري شيئاً بإذن البائع أو قلع البائع إن كان المقلوع مما يدخل تحت الكيل أو الوزن إذا رأى المقلوع ورضي به لزم البيع في الكل ويكون رؤية البعض كرؤية الكل إذا وجد الباقي كذلك وإن كان المقلوع شيئاً يسير ألا يدخل تحت الوزن لا يبطل خياره وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه قال ما لم ير الكل بعد القلع لا يبطل خياره هذا إذا قلع البائع أو قلع المشتري بإذن البائع فإن قلع المشترى منه شيئاً بغير إذن البائع إن كن المقلوع شيئاً له ثمن لزمه البيع في الكل رضي به أو لم يرض لأن القلوع بالقلع يتعيب فإنه قبل القلع كان ينمو ساعة فساعة وبعد القلع لا ينمو وإن كان المقلوع قليلاً لا ثمن لا يبطل خياره <191> والفتوى في هذه المسائل على قول أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وفي الفجل إذا قلع البعض فرآه ورضي به لا يبطل خياره لأنه عدي متفاوت هذا إذا كان المغيب معلوماً وجودة في الأرض فإن باعه قبل النبات أو بعد ما نبت في الأرض إلا أنه لا يدري أهو نابت في الأرض أو ليس بنابت لا يجوز بيعه * ولو باع ما هو موجود في الأرض مثل البصل ونحوه وقلع البائع شيئاً من موضع وقال أبيعك على أن في كل مكان مثل هذا في الكثرة لا يجوز بيعه * ولو اشترى كروجين من الجزر فقلع أحدهما فوجد أحد الكروجين جيداً وقلع الآخر فوجده معيباً لا يرد شيئاً منه لأنه تعيب بالقلع ولكنه يرجع بنقصان العيب * ولو اشترى جزراً في جوالق فوجد في أعلاه جزراً طويلاً وفي أسفله قصيراً صغيراً فإن كان القصير لا يشترى بما يشترى به الطويل كان عيباً فيرجع بالنقصان * ولو اشترى كراثاً أو رطبة كالقت ونحو ذلك إن اشترى ما على ظاهر الأرض وقطع من ساعته جاز وإن اشترى ما في الأرض إن اشتراه بأصله جاز وإن لم يشتر بأصله لا يجوز لأنه ينمو كل ساعة فيختلط المبيع بغير المبيع ولو باع شيئاً مغيباً في الأرض ثم اختلف البائع والمشتري في القلع فقال البائع أخاف إن قلعته لا ترضى به وقال المشتري أخاف إن قلعته لا يصلح لي فمن تبرع منهما بالقلع جاز وإن تشاحا في ذلك فسخ القاضي العقد بينهما * وإن اشترى الثمار على رؤوس الأشجار فرأى من كل شجرة بعضها كان رؤية البعض كرؤية الكل حتى لو رضي به لزمه ولو اشترى دهناً فرآه من خارج القارورة عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن ذلك يكون رؤية وهكذا روي عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في رواية أخرى لا يكون ذلك رؤية * ولو نظر إلى المبيع من وراء ستر رقيق كان رؤية ولو اشترى رحى بآلاته ولم ير بعض آلاته كان ه خيار الرؤية وكذا لو اشترى سرجاباً لاته ولبده فلم ير بعض آلاته * رجلأن اشتريا شيئاً لم يرياه لا يكون لأحدهما الرد بخيار الرؤية وقد ذكرنا الخلاف في خيار فكذلك في خيار الرؤية * إذا اشترى شيئاً لم يره فقال للبائع بعه قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يبطل البيع لأن من <192> له خيار الرؤية ينفرد بألفسخ * رجل اشترى من الشاة المذبوحة كرشها قبل السلخ جاز بخلاف ما إذا باع من البطيخ بذرة قبل القطع فإنه لا يجوز وإن رضي البائع بالقطع إذا جاز بيع الكرش قبل السلخ كان على البائع إخراجه وللمشتري خيار الرؤية ن دجاجة ابتلعت لؤلؤة فباعها مع اللؤلؤة لا يجوز البيع وإن كان المشتري رأى اللؤلؤة قبل الأبتلاع وإن باع اللؤلؤة بعدما ماتت الدجاجة جاز البيع وللمشتري خيار الرؤية في اللؤلؤة إن لم يكن رآها قبل ذلك * ولو اشترى لؤلؤة في صدف جاز البيع في قول أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وللمشتري خيار الرؤية وعلى قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز البيع والفتوى على قوله فإذا اشترى نافجة مسك فأخرج المسك منها لم يكن له أن يرد بخيار الرؤية ولا بخار العيب لأنه يتعيب بالإخراج حتى لو لم يخرج المسك كان له أن يرد بخيار الرؤية والعيب * رجل اشترى لبنا على أن يحمله البائع إلى منزل المشتري إن كان البيع بلفظ الفارسي جاز البيع وإذا جاز البيع فإن لم يكن المشتري رأى اللبن فرآه بعدما حمله البائع على منزله قال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لم يكن له أن يرده بخيار الرؤية لأنه لو رده يحتاج إلى الحمل فيصير ذلك بمنزلة عيب حادث عند المشتري * رجل اشترى جبة مبطنة ورأى بطانتها كان له خيار الرؤية إذا رأى ظهارتها لأن المقصود
(2/95)
________________________________________
هو الظهارة فكان له الخيار فإن كانت البطانة مقصودة بأن كان عليها فرو فإن لم يكن الظهارة مقصودة لحقارتها والبطانة مقصودة إذا رأى البطانة لا يبقى له خيار الرؤية ولو كانت الظهارة مقصودة فرأى الظهارة لا يبقى له خيار الرؤية إذا كانت البطانة مقصودة أَيضاً فلا يكتفي برؤية أحدهما * رجل اشترى أرضاً لم يرها وكان لها أكار فترك المشتري الأرض في يد الأكار بالأكار فزرعها الأكار ثم أراد المشتري أن يردها بخيار الرؤية لم يكن له ذلك لأن فعل الأكار منتقل إليه فصار كأنه زرعها بنفسه * ولو اشترى داراً لم يرها فبيعت دار بجبنها فأخذها بالشفعة لا يبطل خيار الرؤية في ظاهر الرواية بخلاف خيار الشرط لأن الأخذ بالشفعة دليل الرضا وخيار الرؤية لا يبطل بصريح الرضا فإنه يبطل بدليل الرضا وخيار الشرط يبطل بصريح الرضا فيبطل <193> بدليله وكذا لو عرض المشتري المبيع على بيع بطل خيار الشرط ولا يبطل خيار الرؤية وخيار الرؤية يبطل بالقبض مع الرؤية وكذا بنقد الثمن مع الرؤية * رجل اشترى ثوباً ملفوفاً قد كان رآه قبل ذلك فاشترى وهو لا يعلم أنه ذلك الثوب كان له خيار الرؤية * رحل رأى شيئاً ثم اشتراه بعد زمان فقال وجدته متغيراً قال بعضهم لا يصدق وقال لشمس الأئمة السرخسي إن كان الراء بعد زمان لا يتغير في ذلك الزمان غالباً لا يصدق ويكون القول قول البائع وإن اشتراه بعد زمان يتغير مثل ذلك الشيء في ذلك الزمان غالباً كان القول قول المشتري كما لو رأى جارية ثم اشتراها بعد عشر سنين أو عشرين سنة وقال تغيرت كان القول قوله وعليه الفتوى * رجل اشترى داراً هي في بلدة أخرى فقال البائع للمشتري سلمتها إليك ثم امتنع المشتري عن أداء الثمن لعدم الرؤية وعدم القبض حقيقة كان له أن يردها بخيار الرؤية فإن لم يردها يؤمر البائع بأن يخرج مع المشتري إلى تلك البلدة أو يبعث وكيلاً إلى تلك البلدة فيقبض الوكيل الثمن ويسلم الدار إليه * رجل اشترى مكاعب مربوطة وجوهها فنظر إلى ظهورها يعنى إلى صرمها كان له خيار الرؤية * رجل اشترى وزناً من تراب المعدن بعينه فله خيار الرؤية إذا خرج ما فيه * ولو اشترى خفين أو مصراعين أو نعلين فرأى أحدهما كان له خيار الرؤية إذا رأى الثاني * رجل اشترى خفاً لم يره فجاء البائع بالخف وألبسه المشتري وهو نائم ثم قام المشتري ومشي فيها كان له أن يردها بخيار الرؤية عن لم ينقصها ذلك * رجل اشترى جارية بعبد وألف درهم وتقأَيضاً ثم رد العبد بخيار الرؤية لا ينتقض البيع في حصة الألف من الجارية * رجل اشترى راوية بعينها من ماء وقد شرط أنه من ماء دجلة وهو منها كان له خيار الرؤية قال لن ماء بعض المواضع أطيب من بعض * الأعمى إذا اشترى شيئاً جاز شراؤه وقال الشافعي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان بصيراً فعمي جاز وإن كان أكمه لا يجوز وإذا جاز شراؤه عندنا كان له خيار الرؤية ثم تكلموا فيما يكون بمنزلة الرؤية قال وإن كان شيئاً مما يقلب ويجس فإذا قلب وجس كان ذلك بمنزلة الرؤية وإن كان مما <194> لا يقلب ولا يجس بأن كان عقاراً أو ثماراً على رؤوس الأشجار قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الأشبه في هذا بقول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن يوكل بصيراً بالقبض فإذا قبض الوكيل وهو ينظر إليه بطل خيار الموكل وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يوسف المبيع عند الأعمى بأبلغ ما يكون فإذا قال الأعمى بعد ذلك رضيت بطل خياره وعن أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى روايتان في رواية يقاد الأعمى إلى موضع المبيع فإذا صار بحيث لو كان بصيراً لرآه وصف له فقال رضيت بطل خياره وفي رواية يجس الحيطان والأشجار ثم يقول رضيت يبطل خياره وفي الأدهان والرياحين يكون الشم بمنزلة النظر * حكي أن أعميين اشترى كل واحد منهما أرضاً فدخل أحدهم أرضه وجعل يجس الأرض بيده فلم يجد فيها الشوك والكلأ فردها فقال إنها لم تطعم نفسها فكيف تطعمني وآخر دخل أرضه فجعل يجس حشيشها ويتعرض غلظ سوق الحشيش وطولها فوجده ملتفاً غليظاً فرضي بها وقال إن الأرض إذا طابت تربتها استغلظ حشيشها وإذا لم تطب وكانت خبيثة نزة لا يخرج نبتها إلا تكداً رقيقاً ضعيفاً * إذا اختلف العاقدان في الرؤية فقال البائع بعتك ما رأيت وقال المشتري لم أره كان القول قول المشتري مع يمينه * وكذلك لو اختلفا في المبيع فقال البائع ليس هذا ما بعتك وقال المشتري هو هذا كان القول قول المشتري بخلاف خيار العيب * إذا أراد المشتري أن يرد المبيع بعيب يحدث مثله عند المشتري وأنكر البائع أن يكون العيب عنده كان القول قول البائع {فصل في العيوب} كل ما ينقص القيمة عند التجار فهو عيب وذلك أنواع * منها ما يكون ظاهراً معايناً كالعور والشلل والصمم والخرس والعرج والسن الساقطة والسواداء والشاغية والإصبع الزائدة والأمراض والقروح ننج وفي غير الحيوان كالهشم في الأواني والخرق والعفونة في الثياب والنز
(2/96)
________________________________________
والسبخ في الأراضي إذا لم يعلم به المشتري فعلم كان له أن يرد إلا أن يثبت البراءة عن العيب * ومنها ما يكون باطناً في الحيوان والجواري والغلمان فالسبيل في ذلك الرجوع إلى أهل البصر <195> إن أخبر بذلك واحد ثبت العيب في حق الخصومة والدعوى وإن شهد بذلك عدلأن وشهد أنه قديم كان عند البائع يرد على البائع وما كان باطناً في الجواري يعرفها النساء ولا ينظر إليها الرجال كالقرن والرتق إذا أخبر امرأة واحدة بذلك يثبت العيب في حق الخصومة لا في حق الرد في ظاهر الرواية * ومنها ما كون عيباً في الجواري لا في الغلمان كالبخر فإنه يكون عيباً في الجواري ولا يكون فاحشاً لا يكون مثله في عامة الناس فيكون عيباً ند وكذلك الزنا عيب في الجواري وليس بعيف في الغلمان غلا أن يكون مديماً على ذلك وولد الزنا عيب في الجواري وليس بعيب في الغلمان ومنها ما يكون عيباً في بعض الأحوال دون البعض كالبول في الفراش فإنه لا يكون عيباً في الصغير الذي لا يأكل وحده ولا يلبس وحده وهو عيب في الذي يأكل وحده ويلبس وحده وكذا السرقة مروي ذلك عن أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَرحمهما الله تَعَالَى * اشترى عبداً قد كان أبق أو سرق أو بال في الفراش عند البائع في كبره ولم يبل عند المشتري قال أبو بكر بن سعيد البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أن يرده وقال أبو بكر الإسكاف لا يرد ما لم يعد عند المشتري وهو الصحيح والعنة عيب وكذا الخصاء * ولو اشترى عبداً على أنه خصي فوجده فحلاً لا يرد * ولو اشترى على أنه فحل فذا هو خصي كان له أن يرد والإدرة عيب في الغلام لأنه لا يسرع في المشي ولا يقدر على القتال راكباً * والعفل في النساء عيب وهو ورم في الفرج بمنع الجماع وقيل هي التي يكون مسلكها واحداً * وعدم الختان في الغلام والحيض في الجارية إذا كانا جليبين لا يكون عيباً وإن كانا مولدين صغيرين فكذلك وإن كانا كبيرين فهو عيب وهذا عندهم أما عندنا فعدم الحيض في الجواري لا يكون عيباً * ولو اشترى جارية على أنها بكر ثم قال هي ثيب فإن القاضي يريها النساء إن قلن هي بكر كان القول قول البائع ولا يمين عليه وإن قلن هي بثيب كان القول قول البائع مع يمينه * وإن وطئها المشتري فعلم بالوطء فإن زابلها كما علم أنها ليس ببكر بلا لبث وإلا لزمه الجارية هكذا ذكر الشيخ أبو القاسم رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعن أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يردها بشهادة النساء * والنكاح عيب في <196> العبد والجارية وكذا لو كنت الجارية في العدة عن طلاق رجعي وإن كنت عن طلاق بائن فليس بعيب والإحرام ليس بعيب في الجارية وكذا لو كنت الجارية محرمة الوطء على المشتري برضاع أو صهرية لا يكون عيباً * ولو اشترى جارية وقبضها ثم ادعى أن لها زوجاً وأراد أن يردها فقال البائع كن لها زوج عندي أبانها أو مات عنها قبل البيع كان القول قول البائع ولا يرد عليه * ولو أقام المشتري البينة على قيام النكاح للحال لا تقبل بينته ولو أقام البينة على إقرار البائع بذلك قبلت بينته * ولو قال البائع كان زوجها عندي فلأن أبانها قبل البيع والمشتري ينكر الطلاق كان القول قول البائع فإن حضر المقر له بالنكاح وأنكر الطلاق كان للمشتري أن يردها * ولو قال البائع كان له للمشتري أن يردها * ولو قال البائع كان لها زوج عندي يوم البيع فأبانها أو مات عنها قبل القبض أو بعده والمشتري ينكر الطلاق كان للمشتري أن يرد الجارية * ولو كان لها زوج عند المشتري فقال البائع كان زوجها عندي غير هذا الرجل أبانها أو مات عنها قبل البيع كان القول قول البائع * رجل اشترى حنطة فوجدها رديئة لا يردها لأن الرداءة ليست بعيب وإن وجدها مسوسة أو عفنة كان له أن يردها * وكذا لو اشترى إناء فضة فوجدها رديئة من غير غش لا يرده * ولو اشترى جارية فوجدها قبيحة أو سوداء الوجه لا يردها ولو وجدها محرقة الوجه لا يستبين لها قبح ولا جمال كان له أن يردها * ولو اشترى جارية قد كانت ولدت عند البائع أو عند غيره ولم يعلم به المشتري ثم علم كان له أن يردها في إحدى الروايتين وعليه الفتوى وفي رواية أخرى لا يجعل نفس الولادة عيباً فلا يرد إذا لم توجب الولادة نقصاناً ظاهراً فيها * ولو اشترى جارية وقبضها ثم قال إنها لا تحيض قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا تسمع دعوى المشتري إلا أن يدعي ارتفاع الحيض بالحبل أو بسبب الداء فإن ادعى بسبب الحبل يسمع دعواه ويريها القاضي النساء إن قلن هي حبلى يحلف البائع إن ذلك لم يكن عنده وإن قلن ليست بحبلى فلا يمين على البائع وهو نظير ما ذكرناه في الثيابة وفي دعوى الحبل يرجع إلى النساء وفي معرفة داء باطنها يرجع إلى الأطباء ثم في الداء يرد بشهادة رجلين إذا شهدا أنه قديم * وفيا لا ينظر إليه الرجال <197> كالقرن والرتق ونحوه اختلفت فيه الروايات وآخر ما روي عن مُحَمَّد رمه الله تَعَالَى أنه إن كان ذلك قبل
(2/97)
________________________________________
القبض وهو عيب لا يحدث يرد بشهادة النساء وهو قول أَبِي يُوسُفَالآخر والمرأة الواحدة والمرأتان فيه سواء والمرأتان أوثق * وأما الحبل فيثبت بقول النساء في حق الخصومة ولا يرد بشهادتين * رجل اشترى خفين فإذا أحدهم لا يدخل في رجله إن كان لا يدخل لعله في رجله لا يرد وإن كان لا يدخل لا لعله في رجله بل لضيق الخف كان له أن يرد وإن كان الخفان ضيفين لا تدخل رجله فيهما لم يكن له أن يرده * رجل اشترى عبداً فأبق من يده وقد كان أبق عنده البائع لا يكون له أن يرجع بنقصان العيب ما دام العبد حياً آبقاً في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وكذا لو اشترى دابة فسرقت منه ثم علم بعيب لا يرجع بنقصان العيب * رجل اشترى مصحقاً على أنه جامع فإذا فيه آيان أو آية ساقطة كان له أن يرد * رجل اشترى عبداً فسرق عنده أقل من عشرة وقد كان سرق عند البائع مثل ذلك كان له أن يرد وكذا لو أبق عنده إلى مما دون السفر كان له أن يرد لأنه يسمى آبقاً وسارقاً وكذا لو كان العبد نقب البيت ولم يخرج شيئاً كان له أن يرد * رجل اشترى غلاماً وبركبته ورم فقال البائع أصابه ضرب فأورمه فاشتراه على ذلك ثم ظهر أنه كان قديماً لا يرد قال المصنف وهذا إذا لم يبين السبب فأما إذا بين السبب ثم ظهر أنه كان بسبب آخر غير الذي بين كان له أن يرد كما لو اشترى عبداً هو محموم فقال البائع هو حمى غب فإذا هو غير ذلك كأنه له أن يرد لأنه الغب يختلف باختلف السبب * رجل اشترى عبداً كان محموماً عند البائع تأخذه الحمى كل يومين أو ثلاثة أيام ولم يعلم به المشتري فأطبق عليه عند المشتري ذكر في المنتقىأن للمشتري أن يرد ولو أنه صار صاحب فراش بذلك عند المشتري فهذا عيب آخر غير الحمى يرجع بالنقصان ولا يرد * وكذا لو كان به قرحة فانفجرت أو كان جدرياً فانفجر كان له أن يرد وإن كان به جرح فذهب يده من ذلك عند المشتري أو كانت موضحة فصارت آمة عند المشتري فليس له أن يرد * رجل اشترى عبداً أو قبضه فحم عنده وقد كان يحم عند البائع ولم يعلم به المشتري قال الشيخ <198> الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى المسألة محفوظة عن أصحابنا أنه إن حم عند المشتري في الوقت الذي كان يحم عند البائع كان له أن يرد وإن حم عند المشتري في غير ذلك الوقت لا يرد فقيل له لو اشترى أرضاً فنزت عند المشتري وقد كانت تنز عند البائع قال له أن يرد لأن سبب النز واحداً وهو تسفل الأرض وقرب الماء فكان الثاني عين الأوّل إلا أن يجيء ماء غالب أو كان المشتري رفع التراب عن وجه الأرض فيعلم أنها نزت لرفع التراب أو للماء الغالب الذي جاء من موضع آخر فيكون النز عند المشتري غير الذي كان عند البائع أو يشتبه فلا يدري أنه عين ذلك أو غيره فلا يكون له أن يرد قال القاضي الإمام أبو الحسن علي السغدي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الجواب في مسألة الحمى والنز ما قال الشيخ الإمام إلا أنه يشكل بما ذكر في الزيادات في رجل اشترى جارية بيضاء إحدى العينين وهو لا يعلم بذلك فانجلى البياض عند المشتري ثم عاد ليس له أن يرد وجعل الثاني غير الأوّل * ولو اشترى جارية بيضاء إحدى العينين وهو يعلم بذلك فلم يقبضها حتى انجلى البياض ثم عاد بياضها عند البائع لا يكون للمشتري أن يردها وجعل الثاني عين الأوّل عند المشتري ولم يجعل الثاني عين الأوّل إذا عاد البياض عند المشتري وقال لا يرد كنت أشاور شمس الأئمة الحلواني رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ويشاور معي فيما كان مشكلاً إذا اجتمعنا فشاورته في هذه المسألة فما استفدت منه فرقاً * رجل اشترى عبداً فسرق ثياباً للمشتري وأبق وقد كان سرق عند البائع بعد بلوغه قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ليس للمشتري أن يخاصم البائع ما دام العبد حياً آبقاً فإن عاد من الأباق كان للمشتري أن يخاصم البائع ويرد عليه بالحجة * رجل اشترى جارية وقبضها فلم تحض عند المشتري شهراً أو أربعين يوماً قال القاضي الِغمام هذا ارتفاع الحيض عيب وأدناه شهراً واحد فإذا ارتفع هذا القدر عند المشتري كان له أن يرد إذا أثبت أنه كان عند البائع كذلك * اشترى جارية وادعى أنها لا تحيض واسترد بعض الثمن ثم حاضت قالوا إن كان البائع أعطاه على وجه الصلح عن <199> العيب كان للبائع أن يسترد ذلك من المشتري * رجل اشترى جارية وقبضها وخاصم البائع في عيب بالجارية ثم ترك الخصومة أياماً ثم خاصمه فقال له البائع لم أمسكتها طول المدة بعدما اطلعت على عيب فقال المشتري إنما أمسكتها لا نظر هل يزول العيب قال الشيخ الغمام هذا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ترك الخصومة لهذا لا يكون رضا بالعيب وله أن يردها على البائع * رجل اشترى حنطة فوجد فيها تراباً قال الشيخ الإمام هذا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا كان التراب مثل ما يكون في الحنطة ولا يعد عيباً عند الناس ليس له أن يرد وإن كان يعد عيباً عند الناس غلا أنه لفيس بفاحش
(2/98)
________________________________________
كان له أن يرد وإن كان التراب فاحشاً كان الخيار للمشتري إن شاء أخذ الحنطة بقسطها من الثمن وإن شاء رد الحنطة ويأخذ كل الثمن كما لو اشترى حنطة على أنها عشرة أقفزة فوجدها تسعة كان له الخيار على هذا الوجه وعن أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ إذا أراد أن يميز التراب فيرد التراب ويسك الحنطة بقسطها من الثمن ليس له ذلك لأن الحنطة لا تخلو عن قليل تراب هذا إذا علم المشتري بذلك قبل التمييز فإن كان المشتري ميز التراب من الحنطة فوجد التراب فاحشاً يعد ذلك عيباً عند الناس إن أمكنه بأن يخلط التراب بالحنطة ويردها بذلك الكيل على البائع من غير نقصان يرد الكل على البائع ويسترد الثمن لأنه ردها كما قبض وإن كان بعد الخلط لا يمكنه الرد بذلك الكيل لأنتقاصها بالتذرية لا يرد لأنه لا يمكنه الرد كما قبض لكن يمسك من الثمن بحصة نقصان الحنطة إلا أن يرضى البائع أن يأخذها ناقصة فيكون له ذلك وكذلك كل ما لا يخلو عن التراب فهو مثل الحنطة على التفصيل الذي ذكرنا * ولو اشترى مسكاً فوجد فيه رصاصاً كان له أن يميز الرصاص ويرده على البائع بحصته * جعل أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لجنس هذه المسائل أصلاً فقال كل ما يسامح في قليلة لا يميز كثيره وكل ما لا يسامح في قليله كان له أن يميز كثيره والرصاص في المسك لا يسامح في قليله فيميز كثيره ويسامح في قليل التراب فلا يميز كثيره وعامة المشايخ أخذوا بهذه الرواية * ولو اشترى نحاس نقرة فخرج منها حجر مثل ما يخرج من النحاس كان له أن يرد الحجر ويمسك من الثمن بحساب ذلك إلا أن يشاء البائع <200> أن يأخذها كذلك ويرد الثمن لأن في قليل الحجر لا يسامح في النحاس فكان له أن يميز الحجر كالرصاص في المسك * رجلأن تبايعا بعيراً ببعير وتقابضا فوج أحدهما بالبعير الذي اشتراه عيباً فمات عند والبعير الآخر مرض عند الذي اشتراه قال الشيخ الإمام هذا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يخير الذي وجد بالبعير الذي اشتراه عيباً إن شاء رجع بحصة العيب من البعير الآخر وإن شاء رجع بحصة العيب من قيمة البعير الآخر صحيحاً غير مريض وإنما يخير لمرض البعير الآخر * رجل اشترى جارية فظهر أنها كانت مخضوبة الرأس قال الشيخ الإمام هذا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن ظهر بها شمط كان له أن يردها وإن ظهر بها شقرة لم يرد إلا أن يكون سواد الشعر شرطاً في البيع * والصهوبة وهي لون بين الصفرة والحمرة تعد عيباً في التركية والهندية في الرومية والصقالية لأن عامة شعور أهل الروم تكون كذلك * ولو اشترى عبداً أمرد فجده محلوق اللحية أو منتوف اللحية كان له أن يرد إن ظهر ذلك في مدة بعد الشراء يعلم أنه كان عند البائع * رجل اشترى خبزاً بدرهم فوجد خبزاً واحداً محترقاً فرده على البائع فدفع البائع إليه خبزاً آخر جزافاً من غير وزن قال الشيخ الإمام هذا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز ذلك ما لم يوزن لأن القدر مما يخل تحت الوزن فمقدار خمسة أساتير أو عشرة أساتير له حجر على حدة فلا يجوز إلا بالوزن وإن كانت أقل من ذلك مما ليس له حجر معلوم على حجة فلا باس به * رجل اشترى ثوباً لنفسه ثم قطعه قميصاً ونوى عند القطع لابنه الصغير ثم وجد به عيباً لا يرد ولا يرجع عليه بالنقصان ولو نوى عند القطع لابنه البالغ كان له أن يرجع بالنقصان لأن الهبة لا تتم في البالغ بدون القبض رجل اشترى حزمة بقل فوجد في جوفها حشيشاً قالوا إن كان هذا الحشيش في هذا البقل يعد عيباً عند الناس خير المشتري إن شاء أخذه بجميع الثمن وإن شاء رد وهو بمنزلة الزب
(2/99)
________________________________________
في السمن * رجل اشترى أرضاً أو كرماً فظهر أن شربه على ناوق يوضع على ظهر نهر أو موضع آخر كان له أن يرده لأن ذلك يعد عيباً عند الناس * وذكر في المنتقى رجل اشترى بيتاً من دار بجميع حقوقه يدخل طريقه وإن لم يقل بحميع حقوقه ولم <201> يشترط الطريق فلا طريق له وله أن يردد البيع إذا قال ظننت أن له مفتحاً إلى الطريق وكذا لو اشترى أرضاً أو نخلاً لا يستحق الشرب بدون الشرط فإن لم يكن لها شرب ولم يعلم بذلك فلما علم قال لا أرضى كان له أن يرد لما قلنا إن ما يعده الناس عيباً يكون له أن يرد بذلك وعدم الشرب والطريق يعد عيباً عند الناس وإن كان لا يستحق ذلك بدون الشرط * رجل اشترى جبة مبطنة فوجد فيها فأرة ميتة كان ذلك عيباً وكذا لو اشترى ثوباً نجساً ولم يبين البائع ذلك جاز البيع ثم ينظر إن كان ثوباً تنقص قيمته بالغسل يكون عيباً وإن كان لا ينتقص لا يكون عيباً وإن كان فيه دهن فهو عيب لأن الدهن قلما يزول كله فيعد عيباً * رجل اشترى جارية لا تحسن التركية والمشتري لم يعلم بذلك ثم علم أو كان المشتري يعلم بذلك لك لا يعلم أنه يعد عيباً عند التجار إن اتفق التجار على أنه يعد عيباً كان له أن يرد وإن اختلف التجار فيما بينهم قال بعضهم هو عيب وبعضهم قال ليس بعيب لم يكن له أن يرد إذا لم يكن عيباً بينا عند الكل وإن كان يعلم كل أحد أنه عيب كالعود والشلل وغير ذلك فإن علم بذلك وقبض لم يكن له أن يرده * رجل أراد أن يشتري جارية فرأى بها قرحة ولم يعلم أنها عيب فاشتراها ثم علم أنها عيب قال مُحَمَّد بن سلمة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا أن يردها لأن هذا مما يشتبه على الناس فجاز أن يشتبه عليه فلا يثبت الرضا بالعيب * رجل اشترى جارية لها لبن فأرضعت صبياً له ثم وجد بها عيباً كان له أن يردها لأن هذا بمنزلة الاستخدام والاستخدام لا يمنع الرد * رجل اشترى جارية فولدت بعد البيع عند البائع ثم قبضها فوجد بها عيباً قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أن يردها بحصتها من الثمن وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يرجع بنقصان العيب ولا يرد ولو أنها ولدت عند البائع بعد البيع ثم علم المشتري بعيب قبل القبض فهو بالخيار إن شاء أخذها وإن شاء تركها في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَرحمهما الله تَعَالَى * رجل اشترى داراً ثم باع بعضها ثم وجد بها عيباً قال أَبُو حَنِيفَةَ وأَبُو يُوسُفَ رحمهما الله تَعَالَى لا يرد ولا يرجع بشيء * رجل اشترى شيئاً فوجد به عيباً قبل القبض فقال للبائع رددته عليك ينتقض <202> البيع بينهما قبل البائع أو لم يقبل ولو قال ذلك عند غيبة البائع لا ينتقض البيع في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى * رجل اشترى خشبة ليتخذها مدقة شرط ذلك في البيع فقطعها في الليل وأر أنه ليس بها عيب ثم جدد العقد عليها من غير شرط فنظر إليها بالنهار فوجدها معيبة كان له أن يردها لأن البيع الأوّل انتقض بالتجديد وقوله لا عيب بها لا يعتبر إذا ظهر بها عيب قديم * رجل اشترى برذوناً وكان بإحدى يديها جرح اندمل ونبت عليها الشعر ولم يعلم المشتري بذلك ثم جاء المشتري بعد أيام بالمبيع يسيل منه الدم قالوا إن كان مثل هذا العيب لا يحدث بعد البيع كان له أن يرد وإلا فالقول قول البائع إن هذا العيب حدث عند المشتري * رجل اشترى بطيخة فقطعها فوجدها فاسدة قال أبو القاسم إن علم بفسادها ولم يستهلك منها شيئاً حتى خاصم البائع ولها مع فسادها قيمة كان البائع بالخيار إن شاء رد حصة النقصان من الثمن ولا يقبل البطيخة وإن شاء قبلها ويرد جميع الثمن وإن كان المشتري بعدما علم بفسادها استهلكها أو استهلك بعضها بأن أطعمها أولاده أو عبيدة لا شيء له على البائع وإن لم يكن للبطيخة قيمة مع فسادها رجع المشتري على البائع يجميع الثمن على كل حال رجل باع خلا فلما صبه في خأبية المشتري بحضرة المشتري ظهر أنه منتن لا ينتفع به قال أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو أمانة عند المشتري إن هلك أو فسد لا ضمان عليه وإن أهرقه المشتري لفساده إن لم يكن له قيمة وأشهد على ذلك شاهدين لا شيء على المشتري * رجل اشترى مشجرة فوجد بعض أشجارها معيباً قال أبو بكر هذا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يرد الكل أو يأخذ الكل وليس له أن يرد المعيب خاصة وإن كانت الأشجار متباينة قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان ذلك قبل القبض فكذلك الجواب وإن كان بعد القبض واشترى المشجرة بأرضها فكذلك وإن اشترى الأشجار خاصة رد المعيب خاصة * رجل اشترى بعيراً وبقبضه ثم وجد به عيباً فذهب إلى البائع ليده فعطب في الطريق فإنه يهلك على المشتري ثم إن المشتري إن أثبت العيب يرجع بنقصان العيب على البائع ولو اشترى بعيراً وقبضه فوجده <203> لا يعتلف ثم ظهر به ريح فوقع فانكسر فنحره فإنه لا يرجع بالنقصان على البائع * رجل اشترى بعيراً فلما أدخله داره سقط فذبحه إنسان فنظروا
(2/100)
________________________________________
إلى أمعائه فإذا هي فاسدة فساداً قديماً إن كان الذابح ذبحه بغير أمر المشتري لا يرجع بالنقصان لوجوب الضمان على الذابح وإن ذبحه بأمر المشتري أو ذبح المشتري بنفسه فكذلك في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال صاحباه يرجع بالنقصان * رجل اشترى شيئاً وتقابضا ثم تقايلا البيع ولم يسلم المشتري إلى البائع حتى اشتراه ثانياً من البائع جاز الشراء فإن وجد به عيباً قديماً كان له أن يرده على البائع ولم يكن للبائع أن يرده على بائعه وكذلك لو اشترى شيئاً وتقابضا ثم باعه من البائع ثم اشتراه من البائع فوجد به عيباً قديماً رده على بائعه ولم يكن لبائعه أن يرده على بائعه وكذلك رجل اشترى شيئاً وقبضه ثم أن المشتري مع البائع جدد البيع بأكثر من الثمن الأوّل ثم وجد به عيباً قديماً فرده على البائع لم يكن للبائع أن يرده على بائعه * رجل باع جارية وسلمها إلى المشتري ثم وجد المشتري بها عيباً فأراد أن يردها على البائع كان للبائع أن لا يقبل الرد بغير قضاء وإن كان يعلم بالعيب لأنه لو قبلها بغير قضاء لا يكون له أن يردها على بائعه * رجل اشترى بقرة فوجدها تأخذ بضرعها وتمص جميع لبنها قالوا هو عيب له أن يردها على البائع بالحجة * رجل اشترى دهناً في زق فوجد به عيباً فإنه يرده بالعيب في البلد الذي اشتراه فيه * رجل باع سكنى له في حانوت لغيره فأخبر المشتري أن أجرة الحانوت كذلك فظهر أن أجرة الحانوت كان أكثر م ذلك قالوا ليس له أن يرد السكنى بهذا السبب لأن هذا ليس بعيب في الحانوت * رجل اشترى نقرة على أنها زخمدار فقبضها فإذا بها لم تكن زخمدار كان له أن يردها لأن فوات المشروط بمنزلة العيب * رجل اشترى عبداً فوجده مخنثاً كان له أن يرده قالوا هذا إذا كان التخنث بالعمل القبيح فإن كان التخنث في المشي أو في القول لا يكون عيباً وإن وجده كافراً كان له أن يرد وإن اشتراه على كافر فوجده مسلماً لا يرده عندنا ولو اشترى حماراً فوجده حروناً وهو الذي يقف في الطريق في بعض المواضع من غير مانع كان له أن يرد * ولو اشترى عبداً <204> أو جارية فوجده يسيل الدمع من عينه كان له أ، يرده ولا يرجع بالنقصان * ولو اشترى خفين أو مصراعي باب ف6وجد بأحدهما عيباً وباع الآخر فإنه لا يرد المعيب ولا يرجع بالنقصان والخال على شفة الجارية وجفنها يكون عيباً * ولو اشترى عبداً أو جارية فظهر أن به وجع الضرس يأتيه مرة بعد أخرى كان له أن يرد * رجل باع عبداً ووهب الثمن للمشتري بالمبيع عيباً اختلفوا في ذلك قال بعضهم ليس له أن يرده وإن علم بالعيب قبل قبض المبيع كان له أن يرد في قولهم لأنه امتناع عن إتمام العقد * رجل اشترى أرضاً فوجد فيها طريقاً يمر فيها الناس كان له أن يرد بالحجة * ولو اشترى كرماً فوجد فيه بيوتاً النمل كثيراً كان له أن يرد * رجل اشترى شاة فوجدها مقطوعة الأذن أن اشتراها للأضحية كان له أن يردها وكذلك كل ما يمنع التضحية وإن اشتراها لغير التضحية لا يكون له أن يردها إلا أن يكون لك عيباً عند الناس وإن اختلف الائع والمشتري فقال المشتري اشترى للأضحية وأنكر البائع ذلك فإن كان ذلك في زمان الأضحية كان القول قول المشتري إذا كان من أهل أن يضحي * رجل اشترى جارية عبداً فوجد به عيباً فضربه بعد ذلك إن أثر الضرب فيه لا يرد ولا يرجع بالنقصان وإن لطمه أو ضربه سوطين أو ثلاثة ولم يؤثر فيه كان له أن يرده * اشترى عبداً فقتله رجل عمداً عند المشتري وقتل به القاتل ثم علم بعيب فإنه لا يرجع بالنقصان * رجل اشترى عبداً وقبضه ثم باعه من البائع فوجدج البائع به عيباً قديماً قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أن يرده على المشتري الأوّل * رجل اشترى من رجل دنانير بدراهم وتقابضا ثم أن مشتري الدنانير التي اشتراها بالدراهم وسلم الدنانير وقبض الدراهم ثم وجد المشتري الثاني في الدنانير عيباً فردها على بائعه الأوسط وقبلها الأوسط بغير قضاء قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى للبائع الأوسط أن يردها بذلك العيب على البائع الأوّل قال ولا يشتبه الصرف في هذا بالعروض لأن البيع لا يقع على تلك الدنانير بعينها * وكذلك رجل له على رجل <205> دراهم وقبضها منه وقضاها آخر فوجد فيها زيوفاًُ فردها عليه بغير قضاء كان له أن يردها على الأوّل * رجل اشترى عبداً وباعه من ابنه في صحته ثم مات فورثه الأبن وليس له وارث سواه ثم وجد بالمشتري عيباً قديماً كان له أن يرد إلا أنه يسأل القاضي حتى ينصب خصماً عن الميت فيرده الأبن على ذلك الخصم ثم الأبن يرده على بائع أبيه وإن كان للميت وارث آخر يرده الأبن على ذلك الوارث ثم يرده على بائع الميت ولم يفصل مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الكتاب بين ما إذا كان الميت استوفى الثمن وبين ما إذا لم يستوف وإطلاق مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الكتاب دليل على التسوية بين
(2/101)
________________________________________
الوجهين * وهذه المسألة دليل على ما قلنا إن الرجل إذا باع شيئاً ثم إنه وهب الثمن للمشتري ثم وجد المشتري بالمشترى عيباً كان له أن يرد * ولو اشترى رجل عبداً وقبضه ثم باعه من مورثه ثم مات المورث فورث الأبن أباه ثم وجد بالعبد عيباً قديماً لا يرده على أحد بخلاف الأوّل * عبد مأذون مديون باع من مولاه عبداً من أكسابه بمثل القيمة جاز فإن وجد المولى بالمبيع عيباً وكان ذلك قبل القبض كان له أن يرده على عبده وإن كان بعد القبض والثمن من النقود لا يرده على عبده * رجل اشترى جوزاً فكسر بعضه فوجده فاسداً لا ينتفع به ولا قيمة له كان له أن يرد ما بقي ويسترد كل الثمن وإن كان الفاسد مما ينتفع به وله قيمة عند الناس فإنه يرجع بنقصان العيب فيما كسر ولا يرد المكسور ولا الباقي إلا إذا أقام البينة على أن الباقي معيب * رجل اشترى بدرهم بطيخاً عدداً فكسر واحدة منها بعد القبض فوجدها فاسدة لا ينتفع بها كان له أن يرجع بحصتها من الثمن ولا يرد غيرها غلا أن يقيم البينة على فساد ما بقي وليس البطيخ في هذا كالجوز لأن الجوز شيء واحد إذا كان بعض الجوز فاسداً لا ينتفع به يرد الكل وكذا اللوز والفستق والبيض وأما في البطيخ والرمان والسفرجل والخيار لا يرد غير الواحدة الفاسدة * رجل اشترى جارية من رجلين فوجد بها عيباً فقال أرد على فلأن ولا أرد على فلأن فذلك له في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَرَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى * رجل اشترى شاة فجز صوفها ثم وجد بها عيباً إن لم يكن الجز نقصاناً كان له أن يردها قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ <206> تَعَالَى والجز عندي ليس بنقصان قيل له وإن اشترى كرماً فأثمر عنده فقطف ثمرته ووضعها على الأرض ثم وجد بالكرم عيباً عند خالي الباقي <207> جارية قد بلغت فادعى أنها خنثى قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يحلف البائع البتة ما هي كذلك لأنه لا ينظر إليها الرجال ولا النساء * رجل اشترى عبداً فعلم بعيب قل القبض فأراد أن يرده فصالحه البائع من العيب على عبد آخر وقبض المشتري ثم استحق أحدهما فإنه يرجع على البائع بحصة المستحق من الثمن كأنه اشترى عبدين بذلك الثمن ويجعل العبد الثاني زادة في المبيع ولو كان المشتري قبض التعبد الذي اشتراه ثم وجد به عيباً فصالحه ن العيب على العبد ثم استحق العبد المشتري بطل الصلح في العبد الثاني وقيل بأنه لا يبطل الصلح في العبد الثاني كما قبل القبض * رجل اشترى عبداً وقبضه فاكتسب أكساباً عند المشتري ثم إن المشتري وجد بالعبد الذي اشتراه عيباً ثم أتلف الكسب لم يكن إتلاف الكسب رضاً بالعيب * رجل اشترى جارية وقبضها فباعها من آخر فوجد المشتري الثاني بها عيباً يحدث وأراد أن يردها فقال المشتري الأوّل هذا العيب حدث عندك وأقام المشتري الثاني البينة أن هذا العيب كان عند البائع الأوّل فردها القاضي على المشتري الأوّل كان للمشتري الأوّل أن يردها على بائعه بذلك العيب في قول أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقيل هو قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يرد في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل اشترى عبداً وقبضه فساومه رجل آخر فقال المشتري لا عيب به فلم يتفق البيع بينهما ثم وجد المشتري بالعبد عيباً يحدث مثله وأقام البينة على أن هذا العيب كان عند البائع كان له أن يرده وقول المشتري للذي ساومه ليس به عيب لا يبطل حقه في الرد * وقال مشايخنا إن كانت المسألة في الثوب إذا قال المشتري للذي ساومه لا عيب به ثم وجد به عيباً لا يكون له أن يرده لأن عيوب الثوب مما يوقف عليه فصح إقراره بنفي العيوب أما ا في العبيد من العيوب ما لا يوقف عليه فيجعل إقراره بنفي العيوب كذباً فلا يعتبر * ولو قال المشتري ليس له إصبع زائدة وأما ما أشبه ذلك من العيوب التي لا تحدث في تلك المدة ثم وجد المشتري بالعبد ذلك العيب كان له أن يرده لأن القاضي تيقن بكذبه في نفي ذلك العيب فبطل كلامه * رحل اشترى من رجل عبداً وقبضه وباعه من آخر وجحد المشتري <208> الثاني البيع وحلف وعزم المشتري الأوّل على ترك الخصومة وأمسك العبد عيباً كان عند البائع الأوّل كان له أن يرده على بائعه * ولو جحد المشتري الثاني البيع وعزم المشتري الأوّل على ترك الخصومة ولم يحلف المشتري الثاني ثم وجد بالعبد عيباً كان عند البائع ليس له أن يرده على بائعه ولو أن المشتري الثاني ادعى أن البيع الذي جرى بينهما كان تلجئة أو كان بثمن إلى العطاء أو كان فيه خيار شرط أو رؤية وصدقه المشتري الأوّل في ذلك ثم وجد بالعبد عيباً كان له أن يرده على بائعه بخلاف ما إذا تقايل المشتري الأوّل والثاني البيع أو ردّه الثاني على الأول بعيب بغير قضاء * رجل اشترى عبداً فأراد أن يرده بعيب فأقام البائع البينة على إقراره أنه باع العبد قبلت بينته وليس له أن يرده بالعيب ولو أقام البائع البينة أنه باعه من فلأن وفلأن حاضر يجعد والمشتري الأول
(2/102)
________________________________________
يجعد أَيضاً كان جحودهما بمنزلة الإقالة ولا يرد * رجل اشترى عبداً بصفقتين بكل صفقة نصفه ثم وجد به عيباً كان عند البائع وأراد أن يرد أحد النصفين دون الآخر كان له ذلك {فصل فيما يردع بنقصان العيب ولا يرد} إذا اشترى شيئاً فتعيب عند المشتري بفعل المشتري أو بفعل أجنبي أو بآفة سماوية ثم علم بعيب كان عند البائع فإنه يرجع بنقصان العيب ولا يرد * وطريق معرفة النقصان أن يقوم صحيحاً لا عيب به ويقوم وبه العيب فإن كان ذلك العيب ينقص عشر القيمة كانت حصة النقصان عشرة الثمن فإن رضي البائع أن يأخذه معيباً بالعيب الذي حدث عند المشتري ويرد كل الثمن كان له ذلك * وإن زاد المبيع عند المشتري بأن اشترى ثوباً فصبغه بعصفر أو زعفران أو اشترى أرضاً فبنى فيها بناء أو غرس شجراً ثم وجد بها عيباً كان عند البائع فإنه يرجع بنقصان العيب ولا يرد فإن قال البائع أنا أقبله كذلك وأرد كل الثمن لم يكن له ذلك * وإن اشترى طعاماً فباعه ثم علم بعيب كان عند البائع لا يرجع بنقصان العيب وإن باع بعضه ثم وجد به عيباً عند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَرحمهما الله تَعَالَى وبعض الروايات عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يرد ما بقي ولا يرجع <209> بنقصان العيب لا فيما باع ولا فيما بقي وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في رواية لا يرجع بنقصان ما باع ويرد الباقي بحصته من الثمن وبه أخذ الفقيه أبو جعفر والفقيه أبو الليث وعليه الفتوى * وإن اشترى طعاماً فأكل بعضه ثم علم بعيب كان عند البائع لا يرد الباقي ولا يرجع بشيء في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وفي قول أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يرجع بنقصان العيب فيما أكل ولا يرج الباقي وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يرد الباقي ويرجع بنقصان العيب فيما أكل ويعطي لكل بعض حكم نفسه وعليه الفتوى هذا إذا كان الطعام في وعاء فإن كان في وعاءين أو في جوالقين أو في قوصرتين أو ما أشبه ذلك فأكل ما في أحدهما أو باع ثم علم بعيب كان ذلك عند البائع كان له أن يرد الباقي بحصته من الثمن في قولهم لأن المكيل أو الموزون إذا كان في وعاءين كان في حكم العيب بمنزلة شيئين مختلفين وإن اشترى طعاماً في وعاء فوجد به عيباً فعرض بعضه على البيع قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يلزمه هذا البعض الذي عرضه على البيع وله أن يرد الباقي لأن عنده لو باع النصف ثم وجد به عيباً كان له أن يرد النصف الباقي فكذلك إذا عرض على البيع لأن عنده المكيل والموزون بمنزلة أشياء مختلفة فكان الحكم فيه ما هو الحم في العبدين والثوبين ونحو ذلك وكذا لو اشترى دقيقاً فخبز بعضه ثم علم أنه كان مراً كان له أن يرد الباقي ويرجع بنقصان عيب ما خبز * وكذا لو اشترى سمناً ذائباً فأكله ثم أقر البائع أنه كان وقع فيها فأرة وماتت كان له أن يرجع بنقصان العيب في الفتوى وهو قول أَبِي يُوسُفَروى مُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى كما لو اشترى طعاماً فأكله ثم علم بعيب عندهما يرجع بنقصان العيب * ولو اشترى جبة فلبسها وانتقصت باللبس ثم علم بفأرة ميتة فيها فإنه يرجع بنقصان العيب إلا أن يأخذها البائع ويرضى بنقصان اللبس * ولو اشترى ثوباً وكفن به ميتاً ثم علم بعيب فإنه لا يرد لتعلق حق الميت به ولا يرجع بنقصان العيب أَيضاً لاحتمال أن يفترسه سبع فيعود على ملك المشتري من غير نقصان فيتمكن من الرد على البائع وما لم يقع اليأس عن الرد لا يرجع بنقصان <210> العيب كما لو اشترى عبداً فأبق من يده ثم علم بعيب فإنه لا يرجع بنقصان العيب مادام حياً لاحتما لأن يعود من الأباق * ولو اشترى أرضاً فجعلها مسجداً ثم وجد بها عيباً فإنه لا يرد في قولهم واختلفوا في الرجوع بنقصان والمختار للفتوى أنه يرجع كما لو اشترى أرضاص فوقفها ثم علم بعيب ذكر هلال رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يرجع بنقصان العيب وجعله بمنزلة ما لو اشترى عبداص فأعتقه ثم علم بعيب فإنه يرجع بنقصان العيب * رجل اشترى ضيعة مع ما فيها من غلات ثم وجد بها عيباً قالوا ينبغي أن يردها كما عل بالعيب لأنه لو جمع الغلات بعدما علم أو تركها كذلك ينتقص فلا يمنه الرد بعد ذلك * اشترى شجرة ليتخذ منها باباً أو نحو ذلك فقطعها فوجدها لا تصلح لما اشتراه فإنه يرجع بنقصان العيب فغلا أن يأخذها البائع مقطوعة ويرد الثمن * إذا اشترى عبداً فآجره ثم وجد به عيباً كان له أن ينقض الإجارة ويرد العبد لأن الإجارة تفسخ بالعذر وقد تحقق العذر ولو كان رهن العبد وسلم ثم وجد به عيباً فإنه لا ينتقض الرهن ويرده بعد الفكاك لأن الرهن لا ينتقض بالعذر * ولو اشترى الوارث أو الوصي بشيء من التركة كفنا للميت ثم وجد به عيباً كان له أن يرجع بنقصان العيب بخلاف ما إذا تبرع أجنبي بذلك * رجل اشترى عبداً وقبضه فباعه من غيره ومات عند الثاني ثم علم الثاني بعيب كان عند البائع الأول فإن المشتري الثاني يرجع بنقصان العيب على
(2/103)
________________________________________
البائع الثاني والبائع الثاني لا يرجع بنقصان العيب على البائع الأول فإن المشتري الثاني يرجع بنقصان العيب على البائع الثاني والبائع الثاني لا يرجع بنقصان العيب على البائع الأول لأن البيع الثاني لم ينفسخ بالرجوع بنقصان العيب ومع بقاء البيع الثاني لا يرجع البائع الثاني على الأول * اشترى جارية وهي بيضاء إحدى العينين ولم يعلم بذلك ولم يقبضها حتى انجلى البياض عن عينها ثم عاد بياضها فعلم به كان له أن يردها ولو قبضها وهي بيضاء إحدى العينين ولم يعلم بذلك حتى انجلى البياض عن عينها ثم عاد بياضها فعلم به كان له أن يردها ولو قبضها وهي بيضاء أحدى العينين ولم بذلك حتى انجلى البياض عن عينها ثم عاد بياضها لا يكون لها أن يردها لأن في الوجه الأوّل لما انجلى البياض ثم عاد جعل كان الأول لم يكن وابيضت عينها قبل القبض كان له أن يردها أن في الوجه الثاني إذا انجلى البياض في يد المشتري سلمت له الجارية بصفة السلامة فلا يكون له حق الرد بعود <211> البياض بعد ذلك * إذا اشترى جاريتين ولم يقبضهما حتى وجد بأحدهما عيباً فقبض المعيبة لزمتاه جميعاً لأنه رضي بالمعيبة والأخرى صحيحة وإن قبض التي لا عيب بها كان له أن يردهما جميعاً لأنه لم يرض بالمعيبة وهو لا يملك التفريق فيردهما جميعاً وإن باع السليمة بعدما قبضها أو أعتقها قبل القبض أو بعده لزمته المعيبة لأنه عجز عن رد السليمة فيتعذر رد الأخرى لأنه لا يملك التفريق * ولو اشترى مصراعي باب وقبض أحدهما بإذن البائع وهلك الآخر عند البائع فإنه يهلك على البائع وللمشتري أن يرد الآخر عن شاء لأن المقبوض تعيب بفوات الآخر فكان له أن يرده ولا يجعل قبض أحدهما كقبضهما جميعاً * ولو أن المشتري قبض أحدهما فعيبه وهلك الآخر عند البائع يهلك على المشتري لأن المشترى بتعييب المقبوض صار معيباً للآخر فيصير قابضاً لهما جميعاً فيكون الهلاك على المشتري وكذا لو اشترى خفين أو نعلين وكل ما تتعلق المنفعة ببقائهما كان تعيب أحدهما تعييباً للآخر * اشترى بعيراً فلما أدخله داره سقط فذبحه إنسان بأمر المشتري فظهر به عيب قديم كان للمشتري أن يرجع بالنقصان على البائع في قول أَبِي يُوسُفَوَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وبه أخذ المشايخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى كما لو اشترى طعاماً فأكل بعضه ثم علم بعيب فإن عندهما يرجع بنقصان العيب فيما أكل إلا أن ثمة يرد الباقي ههنا لا يرد فيرجع بنقصان العيب هذا إذا علم بالعيب بعد الذبح فإن علم قبل الذبح ثم ذبحه هو أو غيره بأمره أو بغير أمره لا يرجع بشيء * اشترى برذوناً وخصاه ثم علم بعيب كان له أن يرده لأنه ليس بتعييب فلا يمنع الرد * ولو اشترى عبداً بجارية وتقابضا ومشتري الجارية وطئ الجارية ثم وجد مشتري العبد بالعبد عيباً فرده تخير عن شاء رجع على مشتري الجارية بقيمتها يوم قبضها وإن شاء أخذ الجارية ولا يضمنه النقصان عن كانت بكراً ولا العقرات كانت ثيباً لأن مشتري الجارية وطئ ملك نفسه فلا يلزمه العقر ولا النقصان * اشترى عبداً على أنه خباز أو طباخ أو نحو ذلك فوجده المشتري بخلاف ذلك ومات عنده قبل الرد كان له أن يرجع بفضل ما بينهما وعن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في رواية لا يرجع * رجل <212> اشترى جارية وقبضها فوجد بها عيباً فردها على البائع ثم علم البائع بعيب حدث عند المشتري كان للبائع أن يردها على المشتري بالعيب الحادث عند المشتري مع أرش العيب الذي كان عند البائع أو يمسك الجارية ولا شيء له ولو حدث بها عيب آخر عند البائع بعد الرد فإن البائع يرجع على المشتري بنقصان ما حدث عند المشتري إلا أن يرضى بها المشتري أن يقبلها من البائع * رجل اشترى جارية وقبضها فوطئها أو قبلها بشهوة ثم وجد بها عيباً لا يردها ولكنه يرجع بنقصان العيب غلا إذا رضي البائع أن يأخذه أو لا يدفع النقصان ولو وطئها المشتري ثم علم بعيب فباعها بعد العلم بالعيب أو قبله لا يرجع بنقصان العيب * ولو اشترى عبداً قد حل دمه بقصاص أو بردة فقتل عند المشتري بذلك رجع المشتري على البائع بجميع الثمن في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال صاحباه يقوم حلال الدم ويقوم حرام الدم فيرجع إلى البائع بفضل ما بينهما ولو اشتراه وهو حلال اليد بان كان سارقاً فقطعت يده عند المشتري فعند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يخير المشتري إن شاء رد الباقي ورجع عليه بجميع الثمن وإن شاء أمسك العبد ويرجع عليه بنصف الثمن وقالا يقوم حلال اليد ويقوم حرام اليد فيرجع بفضل ما بينهما من الثمن أو يترك الخصومة وليس له غير ذلك * رجل اشترى جارية فولدت عند البائع ثم قبضها فوجد بها عيباً يردها بحصتها من الثمن في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولو اشترى جارية فولدت عند البائع ثم علم بعيب بالجارية قبل القبض إن شاء أخذهما وإن شاء تركهما في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ
(2/104)
________________________________________
تَعَالَى * رجل باع نفس العبد من عبده بجارية ثم وجد بها عيباً كان للمولى أن يرد الجارية ويأخذ من العبد قيمة نفسه في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَرَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ الأول رجع بقيمة الجارية * الزوائد المنفصلة بعد القبض كالولد والثمر والأرش تمنع الرد بالعيب ويرجع بالنقصان وأما الزوائد المتصلة كالسمن والجمال الصحيح أنها لا تمنع الرد * رجل اشترى أرضاً ليس عليها خراج فوجد بها عيباً ثم وضع عليها الخراج لا يكون له أن يردها * ولو اشترى عبداً أو قبضه ثم رده على البائع بخيار<213> الشرط أو الرؤية أو عيب ثم ذهب عينه عند المشتري ضمن المشتري نصف الثمن وإن ذهبت عيناه يضمن النقصان ولا خيار للبائع * ولو اشترى داراً فباع بعضها ثم وجد بها عيباً قال أَبُو حَنِيفَةَ وأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى لا يرد ولا يرجه بشيء * رجل اشترى جارية كان بها حبل ولم يعلم به فولدت عند المشتري ولم تنقصها الولادة ثم ماتت لا شيء على المشتري * رجل اشترى حنطة فيها غبار فذهب الغبار عنها عند المشتري وانتقص كيلها ليس له أن يردها وكذا لو كان فيها رطوبة فجفت عند المشتري أو اشترى خشبة رطبة فيبست عنده رح رجل اشترى جارية فوجد بها عيباً فساومه البائع فقال له بيعها مني فقال نعم بطل حقه في الرد وعن أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا اشترى ثوباً فوجد به عيباً فقال له البائع اذهب به وبع فإن لم يشتروا منك فرده علي ففعل بطل قه في الرد * ولو وجد بالدراهم المقبوضة عيباً فقال له أنفقها إن لم ترج فردها علي لا يبطل حقه في الرد * اشترى عبداً فكاتبه ولم يؤد شيئاً من البدل حتى وجد به عيباً فإنه يرجع بنقصان العيب * ولو اشترى جارية فأعتقها ثم وجدها ذات زوج فإنه يرجع بنقصان العيب فإن طلقها الزوج بعد ذلك طلاقاً بائنا كان لبائعه أن يسترد منه ما أدى غليه من النقصان * ولو اشترى اشترى جارية وقبضها وباعها من غيره فولدت من المشتري الثاني ثم وجد بها المشتري الثاني عيباً كان عند البائع الأول ولم يعلم به المشتري الأول فإن المشتري الثاني يرجع بالنقصان على المشتري الأول والمشتري الأول لا يرجع بالنقصان على بائعه في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يرجع هو أَيضاً بالنقصان على بائعه * رجل اشترى عبداً وقبضه فباعه من غيره فعلم المشتري الثاني بالعيب الذي كان عند البائع الأول فرده الثاني على الأول بغير قضاء قبل القبض كان للمشتري الأول أن يرده بذلك العيب وغيره على بائعه لأن الرد بالعيب قبل القبض بغير قضاء بمنزلة الرد بقضاء القاضي * رجل اشترى عبداً فوجد به عيباً فقال للبائع إن لم أرده إليك اليوم فقد رضيت بالعيب قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا القول باطل وله أن يرده بالعيب * رجل اشترى داراً وقبضها فادعى رجل فيها مسيل ماء وأقام البينة <214> قال هو عيب والمشتري بالخيار إن شاء أمسكها بجميع الثمن وإن شاء رد * رجل اشترى عبداً وقبضه ثم وكل رجلاً ببيعه ثم وجد الموكل به عيباً فباه الوكيل إن باعه الوكيل بمحضر من الموكل ولم يقل له الموكل شيئاً كان ذلك رضاً بالعيب * رجل اشترى دابة فوجد بها عيباً فركبها فقال البائع ركبتها في حوائجك فلم يبق لك حق الرد وقال المشتري لا بل ركبتها لا ردها عليك كان القول قول المشتري * رجل اشترى عبداً قد سرق عند البائع ولم يعلم به المشتري فسرق عند المشتري سرقة أخرى فقعت يده في السرقتين جميعاً كان للمشتري أن يرجع على البائع بنصف النقصان وهو ربع الأرش * رحل اشترى عشرة أقفزة حنطة وقبضها فأصابها ماء فانتفخت وصارت أحد عشر قفيزاً وذاك لا يعد عيباً ثم وجد المشتري بالحنطة عيباً فقال البائع أن أقبلها فإن المشتري يردها بزيادتها لأن هذا فسخ من كل وجه * رجل اشترى عبداً وقبضه ونقده الثمن ثم أقر المشتري أن البائع كان أعتقه قبل البيع أو دبره أو كنت جارية فأقر أن البائع كان استولدها وأنكر البائع ذلك وحلف فإن العبد يعتق على المشتري بإقراره ويصير مدبراً وأم الولد تعتق بموت البائع وكذا لو ادعى أن العبد حر الأصل ثم وجد المشتري بعد ذلك بالعبد عيباً كان عند البائع فإنه يرجع بنقصان العيب على البائع استحساناً نجم ولو أقر المشتري أن البائع باعه متى وهو عبد فلأن وجحد البائع وصدقه المقر له وأخذ منه العبد أو أجاز البيع ثم وجد المشتري بالعبد عيباً فإن المشتري لا يرجع على البائع بشيء وإن كذبه المقر لفه فيما أقر له المشتري بالملك ثم وجد المشتري بالعبد عيباً رده بالعيب على بائعه هذا إذا أقر المشتري بالعبد لغيره قبل رؤية العيب فإن أقر بعدما رأى العيب فكذلك وإن صدقه المقر له فيما أقر لا يرجع المشتري بالنقصان على بائعه أجاز له المقر له البيع أو نقض وأخذ العبد وإن كذبه في الإقرار رده بالعيب
(2/105)
________________________________________
* ولو اشترى عبداً وقبضه ثم قال بعته من فلأن بعدما اشتريته فأعتقه فلران وكذبه المدعي عليه فيما قال فإن العبد يعتق على المشتري بإقراره فإن وجد به عيباً بعد ذلك لا يرجع على البائع بشيء ولو ادعى المشتري أنه باعه من فلأن ولم يذكر أن فلأناً أعتقه وجحد فلأن ذلك وحلف ثم وجد به عيباً فإنه يرده على <215> البائع* رجل اشترى بعيراً على أنه إن وجد به عيباً رده ثم وجد به عيباً فعطب البعير في الطريق عند الرد قالوا يهلك على المشتري وإن أثبت المشتري العيب فإنه يرجع بنقصان العيب * رجل اشترى عبداً وقبضه ولم يعلم بعيب حتى قتله هو وغيره ثم علم بعيب فإنه لا يرجع على البائع بشيء وإن قتله هو وحده ذكره في المنتقى أنه يرجع بنقصان العيب {فصل في البراءة عن العيب} رجل اشترى عبداً وبرئ إليه البائع من كل غائلة ثم وجد به السرقة أو الأباق أو الزنا فإنه لا يرد وإن وجد به مرضاً رده والمراد من الغائلة في البيع السرقة والأباق والزنا لا يدخل فيه الكي والأثر والدمل والثؤلول والأمراض ولو تبرأ البائع من كل عيب يدخل فيه العيوب والأدواء وإن تبرأ من كل داء فهو على المرض ولا يدخل فيه الكي ولا الإصبع الزائدة ولا أثر قرح قد برئ * وعن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الداء هو المرض الذي كون في الجوف من طحال أو كبد أو نحو ذلك * رجل باع عبداً أو جارية وقال أنا بريء من كل داء ولم يقل من كل عيب فإنه لا يبرأ عن كل العيوب لأن الداء يدخل في العيوب أما العيب لا يدخل في الداء * ولو باع جارية وقال برئت إليك من كل عيب بعينها فإذا هي عوراء فإنه لا يبرا وكان له أن يرد وكذا لو قال برئت إليك من كل عيب بيدها فإذا هي مقطوعة الكف لا يبرأ لأن البراءة عن عيب اليد والعين يكون حال قيام اليد والعين لا حال عدمهما وإن كانت مقطوعة أصبع واحدة بريء وإن كانت مقطوعة أصبعين فهما عيبان ولا يبرا إذا كانت البراءة عن عيب واحد باليد وإن كانت الأصابع كلها مقطوعة مع نصف الكف فهو عيب واحد * ولو باع جارية وقال أنا بريء من كل عيب بها فهو بريء من كل عيب بها * ولو قال أنا بريء منها لا يبرا عن العيوب * رجل قال لغيره أنت بريء من كل حق لي قبلك يدخل فيه العيب * رجل اشترى ثوباً فأراه البائع فيه خرقاً فقال المشتري قد أبرأتك عن هذا الخرق ثم جاء المشتري بعد ذلك يريد أن يقبض الثوب من البائع فرأى الخرق فقال المشتري ليس هذا مثل ما أبرأتك منه كان ذلك شبراً وهذا ذراع كان القول في ذلك قول المشتري وكذلك في زيادة بياض العين وكذلك لو أبرأه عن كل عيب بها أو <216> أبرأه عن عيوبها ثم قال المشتري هذا حدث بعد الأبراء وكذلك لو قال قد أبراتك عن هذا البرص ثم قال هذا غير ذلك حدث بعد الأبراء ولو قال قد أبرأتك عن البرص أو عن العيوب أو قال عن كل برص أو قال عن كل عيب ولم يقل بها فهذه براءة عن كل عيب فإذا رأى المشتري بعد ذلك عيباً فقال ما كان هذا العيب بها يوم اشتريتها وقال البائع كان هذا العيب بها يوم اشتريتها كان القول قول البائع إلا أن يقيم المشتري البينة على ذلك فيكون له حق الرد في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن عند إذا قال المشتري أبرأتك عن العيوب أو قال البائع أنا بريء من العيوب لا يدخل فيه العيب الذي يحدث عند البائع أما في ظاهر مذهب أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وأَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يدخل فيه العيب الموجود وقت العقد والذي يحدث قبل التسليم وتصح الباءة عن الكل * رجل باع عبداً وقال برئت إليك من كل عيب بهذا العبد إلا الأباق فوجده آبقاً لا يرده لأنه أبره أنه آبق * رجل اشترى عبداً فضمن رجل للمشتري بحصة ما يحدث فيه من العيب من الثمن قال أَبُو حَنِيفَةَ وأَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى يجوز ذلك فإذا وجد به عيباً ورده على البائع كان له أن يرجع على الضامن بحصة العيب من الثمن كما يرجع على البائع وعن أَبِي يُوسُفَرَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا اشترى رجل عبداً فقال له رجل ضمنت لك عماه وكان أعمى فرده على البائع فإنه لا يرجع على الضامن بشيء من الثمن ولو قال الضامن عن كان أعمى فعليّ حصة العمى من الثمن فرده بالعمى كان له أن يضمنه حصة العمى * ولو اشترى عبداً فوجد به عيباً فقال له رجل قد ضمن هذا العبد لا يلزمه شيء * المشتري الثاني إذا وجد بالمبيع عيباً وتعذر رده على بائعه بعيب حدث عنده فردع على بائعه بنقصان العيب لمك يكن لبائع أن يرجع بالنقصان على البائع الأول في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال صاحباه له إن يرجع * بنقصان العيب على بائعه وليس للمشتري الأول أن يرجع على بائعه بالنقصان في <217> قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى خلافاً لهما حتى لو صالح المشتري الأول مع بائعه عن النقصان على شيء لا يصح الصلح في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجلأن شهدا على رجل على البراءة من
(2/106)
________________________________________
كل عيب في هذا العبد ثم اشتراه أحد الشاهدين بغير براءة ثم وجد به عيباً كان له أن يرده وكذا لو شهدا على البراءة من الأباق ثم اشتراه أحد الشاهدين فوجده آبقاً كان له أن يرده * ولو شهدا على البراءة من إباقه ثم اشتراه أحد الشاهدين فوجده آبقاً ذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فقال ليس له أن يرد بخلاف الوجه الأول لأن في الوجه الأول لم يضف الأباق إليه فلا يكون ذلك إقرار بعيب الأباق فيه أما في الوجه الثاني أضاف الأباق غلبيه فكان ذلك إخباراً بأنه آبق وقد مر نظيره قبل هذا * رجل باع ثوباً على أنه بريء من كل شيء به من الخرق وكانت فيه خروق قد خاطها أو رقعها أو رفاها فهو بريء من ذلك لأن هذه خروق وإن كانت مخيطة أو مرفية أو مرفوقة وكذلك لو كانت فيه خروق من حرق نار أو عفونة فهو بريء منها * ولو باع عبداً وقال برئت غليك من القروح التي فيه فكانت فيه آثار قروح قد برات قال هو بريء مما برأ ومما لم يبرأ وإن كانت فيه آثار من كي كان له أن يرده لأن الكي غير القروح * يهودي باع يهودياً زيتاً قد وقت فيه قطرات منم الخمر جاز البيع ولا يكون له أن يرده لأن هذا ليس بعيب عندهم * ولو باع شيئاً على أنه بريء مزن كل عيب لا يكون إقراراً بالعيب * ولو شرط البراءة عن عيب واحد أو عيبين كان ذلك إقراراً بذلك العيب بيانه إذا باع عبدين على أنه بريء من كل عيب بهذا العبد بعينه ولهما على المشتري فاستحق أحدهما ووجد المشتري بالآخر عيباً لزمه المعيب بحصته من الثمن فيقسم الثمن على العبدين ووهما صحيحان لا عيب بهما فإذا عرفت حصة المستحق من الثمن رجع المشتري على البائع بحصة المستحق من الثمن ولو باع عبدين بثمن واحد على أنه بريء من عيب نواد بهذا العبد ثم استحق أحدهما فوجد بالذي بريء عن عيب واحد به عيباً فإنه يقسم الثمن عليهما على قيمة المستحق صحيحاً وعلى قيمة الآخر وبه عيب واحد فإذا عرفت حصة المستحق رجع <218> المشتري على البائع بحصة المستحق من الثمن وكذلك رجل اشترى عبداً وقبضه ثم عرضه على بيع وقال للذي يريد شراءه اشتره فإنه لا عيب به فلم يتفق بينهما بيع حتى وجد المشتري به عيباً كان له أن يرده وقوله اشتره فإنه لا عيب به لا يكون إقراراً بعدم العيوب ولو قال المشتري عند عرضه على البيع اشتره فإنه ليس بآبق ثم وجده آبقاً لا يكون له أن يخاصم بائعه {فصل في الرد بالعيب ومن له حق الخصومة في ذلك} رجل اشترى خلا في خابية وجعله المشتري في جرة وحملها إلى بيته فوجد فيها فارة ميتة فقال البائع للمشتري كانت الفأرة في جرتك وقال المشتري لا بل كانت في خابيتك كان القول قول البائع لأن المشتري يدعي عليه حق الرد وهو ينكر * ولو اشترى دهناً في آنية ثم قبضها ورأس الأنية كان مشدوداً ففتحتها فوجد فيها فارة ميتة وأنكر البائع أن يكون ذلك عنده كان القول قوله لما قلنا * رجل اشترى عبداً وقبضه ثم جاء به وزعم أنه محلوق اللحية والبائع ينكر ذلك كان القول قول البائع لأنه منكر للعيب فإن أقام المشتري البينة أنه محلوق اللحية اليوم فإن لم يكن أتى على البيع وقت يتوهم فيه خروج اللحية عند المشتري كان له أن يرد لأنه أثبت العيب عند البائع * وإن أتى على البيع وقت يتوهم فيه خروج اللحية عند المشتري لا يرد ما لم يقم البينة أنه محلوق اللحية عند البائع أو يستحلف البائع فينكل * المشتري إذا ادعى بالمبيع عيباً وأنكره البائع فأقام المشتري بينة ورد عليه كان للمردود عليه أن يرده على بائع وإن كان المشتري أنكر العيب أولاً لأن القاضي حين رده عليه قد أبطل قوله في إنكار العيب * رجل أراد أن يبيع شيئاً فيه عيب وهو يعلم بذلك ينبغي له أن يبين العيب ولا يدلس فإن باع ولم يبين قال بعضهم يصير فاسقاً مردود الشهادة والصحيح أنه لا يصير مردود الشهادة لأن هذا من الصغائر * رجل اشترى شيئاً فعلم بعيب قبل القبض فقال أبطلت البيع بطل البيع إن كان بمحضر من البائع وإن لم يقبل البائع وإن قال ذلك في غيبة البائع لا يبطل البيع والبائع ينكر ذلك كان القول قول البائع لأنه منكر للعيب فإن أقام المشتري البينة أنه محلوق اللحية اليوم فإن لم يكن أتى على البيع وقت يتوهم فيه خروج اللحية عند المشتري كان له أن يرد لأنه أثبت العيب عند البائع * وإن أتى على البيع وقت يتوهم فيه خروج اللحية عند المشتري لا يرد ما لم يقم البينة أنه محلوق اللحية عند البائع أو يستحلف البائع فينكل * المشتري إذا ادعى بالمبيع عيباً وأنكره البائع فأقام المشتري بينة ورد عليه كان للمردود عليه ان يرده على بائع وإن كان المشتري أنكر العيب أولا؟ً لأن القاضي حين رده عليه قد أبطل قوله في إنكار العيب * رجل أراد أن يبيع شيئاً فيه عيب وهو يعلم بذلك ينبغي له أن يبين العيب ولا يدلس فإن باع ولم يبين قال بعضهم يصير فاسقاً مردود الشهادة والصحيح أنه لا يصير مردود الشهادة لأن هذا من الصغائر * رجل اشترى شيئاً فعلم بعيب قبل
(2/107)
________________________________________
القبض فقال أبطلت البيع بطل البيع إن كان بمحضر من البائع وإن لم يقبل البائع وإن قال ذلك في غيبة البائع لا يبطل البيع وإن علم بعيب بعد القبض فقال أبطلت البيع <219> فالصحيح أنه لا يبطل إلا بقضاء أو رضاء * اشترى ثوباً بخمسة دراهم وهو يساوي عشرة فوجد به عيباً ينقصه خمسة دراهم فإنه يرجع بنصف الثمن على البائع وهو درهمان ونصف درهم ولو اشترى ثوباً بدرهمين وهو يساوي خمسة فوجد به عيباً ينقصه درهمين ونصفاً رجع المشتري على البائع بنصف الثمن وذلك درهم واحد * باع جارية بزبيب وتمر بعينهما وتقابضا ثم إن بائع الجارية وجد التمر فاسداً فإنه يقسم الجارية على قيمة الزبيب والتمر ولا عيب بهما فما أصاب التمر من الجارية يسترد ذلك القدر من الجارية ويرد التمر لأن الجارية انقسمت على قيمة الزبيب والتمر وهما صحيحان لا عيب بهما لأنهما دخلا في العقد بصفة السلامة لا بصفة الفساد * رجل اشترى جارية فوجد بها عيباً فأراد أن يردها فاصطلحا على أن يدفع أحدهما شيئاً من الدراهم ينظران اصطلحا على أن يدفع بائع الجارية الدراهم إلى المشتري حتى لا يرد المشتري الجارية جاز لأنه صلح عن العيب وإن اصطلحا على أن يدفع المشتري الدراهم إلى البائع ليقبل البائع الجارية لا يجوز لأن المشتري يلتزم الزيادة لا عوضاً عن شيء فيكون رباً فإن قصدا تحصيل قصدهما ببيع المشتري الجارية من بائعها بأقل من الثمن الأول إن كان نقداً الثمن * رجل اشترى عبداً فوجد به عيباً قبل القبض فصالحه البائع من العيب على جارية كانت الجارية زيادة في المبيع فيقسم الثمن الذي اشترى به العبد على العبد والجارية على قدر قيمتها حتى لو وجد بأحدهما عيباً رده بحصته من الثمن وإن كان هذا الصلح بعدما قبض المشتري العبد كانت الجارية بدلاً عن العيب حتى لو وجد بالجارية عيباً ردها بحصة عيب العبد من الثمن * الوكيل بالشراء إذا وجد بالمشتري عيباً قبل القبض فأبرأ البائع عن العيب ورضي صح إبراؤه ويلزم الآمر * ولو وجد به عيباً بعد القبض وأبرأ البائع ن العيب ورضي بالعيب يلزمه ولا يلزم الآمر لأن العيب قبل القبض لأقسط له من الثمن وبعد القبض له قسط من الثمن فلا يلزم الآمر والرد بالعيب يكون للوكيل وعليه مادام الوكيل حياً عاقلاً من أهل لزوم العهدة فإن لم يكن من أهل وجوب العهدة بأن كان عبداً <220> محجوراً أو صبياً محجوراً كان الرد إلى الموكل وإن كان من أهل وجوب العهدة فمات الوكيل ولم يدع وارثاً ولا وصياً كان الرد إلى الموكل وكذا المكاتب إذا اشترى عبداً ووجد به عيباً كان حق الرد للمكاتب فإن عجز المكاتب ورد في الفرق كان للمولى أن يرد إلا أن المكاتب هو الذي يلي الرد فإن بيع المكاتب أو مات كانت الخصومة في الرج على المولى يرده على البائع * الوكيل بالشراء إذا وجد بالمشتري عيباً قبل القبض فإن رده بالعيب صح رده وإن رضي بالعيب إن كان العيب يسير الزم الموكل وإن كان فاحشاً لزم الوكيل ولا يلزم الموكل * ذكر في كتاب الصرف في باب الوكالة أن ما لا يفوت جنس المنفعة كقطع إحدى اليدين وفقء إحدى العينين فهو يسير وما يفوت جنس المنفعة كقطع اليدين وفقء العينين فهو فاحش وذكر شمس الأئمة السرخسي أن ما لا يدخل تحت تقويم المقومين يعيني لا يقومه أحد مع العيب بقيمة الصحيح فهو فاحش وجعل العيب اليسير كالغبن اليسير * وذكر في المنتقى أن على قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا كان المبيع مع العيب يساوي الثمن الذي اشتراه به فرضي به الوكيل فإنه يلزم الآمر وهذا قريب مما قاله شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وفي الزيادات الوكيل إذا رضي بالعيب إن كان قبل القبض لزم الآمر وإن رضي بعد القبض فإنه يلزم الوكيل ولا يلزم الموكل ولم يفصل بين اليسير والفاحش والصحيح ما ذكر في المنتقى سواء كان ذلك قبل القبض أو بعده لأنه إذا رضي بالعيب فيصير كأنه اشتراه مع العلم بالعيب وإن كان لا يساوي بذلك الثمن لا يلزم الآمر * الوكيل بالشراء إذا علم بالعيب قبل القبض فقال له الموكل لا ترض بهذا العيب فرضي به لا يلزم الآمر وهو بمنيل بعد القبض * الموكل إذا أبرأ البائع عن العيب صح إبراؤه ولا يبقى للوكيل حق الرد * الوكيل بالشراء إذا اشترى بالغبن اليسير يلزم الموكل وإن اشترى بالغبن الفاحش يلزمه ولا يلزم الموكل قال الشيخ الإمام <221> المعروف بخواهر زاده هذا فيما ليس له قيمة معلومة عند أهل البلد كالعبد والثوب ونحو ذلك لأن قيمة هذه الأشياء لا تعرف إلا بتقويم المقومين وأما ماله قيمة معلومة عند أهل البلد كالخبز واللحم ونحو ذلك إذا زاد الوكيل بالشراء على ذلك لا يلزم الآمر قلت الزيادة أو كثرت * الوكيل بالشراء إذا اشترى جارية للموكل ولم يسلمها إلى الموكل حتى وجد بها عيباً كان له أن يردها سواء كان الموكل حاضراً أو غائباً وبعد التسليم إلى الموكل لا يملك الرد إلا بأمر الموكل ,إن ادعى البائع في الوجه الأول أن
(2/108)
________________________________________
الموكل رضي بالعيب والموكل غائب وطلب يمين الوكيل أو يمين الموكل ليس له ذلك عندنا فإن أقام البائع بينة على ما ادعى قبلت بينته وإن أقر الوكيل أن الموكل رضي بالعيب صح إقراره حتى لا يبقى له حق الخصومة وإن أقر الوكيل أنه كان أبرأ البائع عن العيب صح إقراره على نفسه ولا يصح على الآمر * الوكيل بالبيع إذا باع ثم خوصم في عيب فقبل المبيع بغير قضاء لزم الوكيل ولا يلزم الموكل ويكون المبيع للوكيل ولا يكون للوكيل أن يخاصم الموكل فإن خاصمه وأقام البينة على أن هذا العيب كان عند الموكل لا تقبل بينته لأن الرد بالعيب بغير قضاء بمنزلة الإقالة فيجعل في حق الموكل كأن الوكيل اشتراه من المشتري هذا إذا كان عيباً يحدث مثله وإن كان قديماً لا يحدث ذكر في بعض روايات البيوع أنه يلزم الآمر وذكر في عامة وروايات البيوع والرهن والوكالة والمأذون أنه يلزم الوكيل دون الموكل وهو الصحيح وبه أخذ الفقيه أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن الرد بغير قضاء في حق الموكل بمنزلة الإقالة سواء كان العيب قديماً أو لم يكن وإن كان الرد بقضاء القاضي فإن كان بالبينة لزم الموكل قديماً كان العيب أو حديثاً وإن كان القضاء بنكول الوكيل فكذلك عند علمائنا وقال زفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان العيب مما يحدث فهو بمنزلة قضاء القاضي بإقراره وهو يسوى بين الرد بالعيب وبين الاستحقاق * إذا استحق المبيع على المشتري بإقراره أو بالنكول لا يظهر بذلك في حق البائع وإن رد على الوكيل بإقراره بقضاء القاضي إن كان عيباً لا يحدث مثله كان ذلك رداً على الموكل كما لو رد على الوكيل بالبينة أو بالنكول وإن كان عيباً يحدث مثله لزم الوكيل<222> وللوكيل أن يخاصم الموكل فإن أقام الوكيل بينة أن هذا العيب كان عند الموكل رده على الموكل * وكذا الرجل إذا اشترى جارية وقبضها وباعها من غيره فوجد المشتري الثاني بها عيباً فردها على المشتري الأول بإقراره بقضاء القاضي بإقراره لم يكن ذلك رداً على البائع الأول إلا أن البائع الثاني لو أقام البينة على أنه هذا العيب كان عند البائع الأول قبلت بينته ويرد على البائع الأوّل * رجل اشترى عبداً وجارية فزوج الجارية من العبد ثم وجد بهما عيباً لا يملك الرد لأن النكاح عيب فيهما فإن أبانها قبل الدخول بها كان له أن يردهما لأن العيب الحادث قد زال ولا يقال بأن النكاح وإن زال فقد بقي المهر والمهر زيادة منفصلة فيمنع الرد بالعيب لأنا نقول اختلف المشايخ فيه قال شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجبل المهر بهذا العقد لأنه لو وجب يجب للمولى والمولى لايستوجب على عبده ديناً وقال الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجب المهر ويسقط من ساعته لا يصنع المشتري فيكون له أن يردهما كما لو اشترى جارية فولدت ولداً ثم وجد بها عيباً لا يرد فإن مات الولد كان له أن يرد الجارية * رجل اشترى عبداً فوجد به عيباً فأنكر البائع أن يكون عبده فأقام المشتري شاهدين شهد أحدهما أنه باعه وبه هذا العيب وشهد الآخر على إقرار البائع بالعيب لا يقبل كما لو ادعى عيناً في يد رجل أنه له فشهد أحد الشاهدين أنه ملكه وشهد الآخر على إقرار ذي اليد أنه ملكه لا تقبل هذا البينة {مسائل الإقالة وجحود البيع}رجل باع جارية ثم أنكر البيع والمشتري يدعي الشراء لا يحل للبائع أن يطأها فإن عزم المشتري على ترك الخصومة وسمع البائع من المشتري أنه عزم على ترك الخصومة كان للبائع أن يطأها لأنهما تفاسخا البيع * رجل اشترى بيتاً لامرأته وأعطى لها المبيع ثم جاء البائع وقال للمشتري بيع بمن بازده فقال المشتري دادم لم تصح هذه الإقالة قالوا صورة هذه المسألة إذا كان الزوج وكيلاً لامرأته في شراء البيت<223> والوكيل بالشراء ذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن الوكيل بالشراء لا يملك الإقالة في قولهم فلا تصح هذه الإقالة ولو كان الوكيل يملك الإقالة فالإقالة لا تصح بلفظة الأمر في قول أَبِي حَنِيفَةَ ومُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فإن البائع لو قال للمشتري أقلني هذا البيع فقال المشتري أقلت لا تتم الإقالة عندهما ما لم يقل البائع قبلت * رجل باع من آخر ثوباً فقال له المشتري قد أقلتك بيع الثوب فأقطعه قميصاً فقطع البائع قميصاً قبل أن يتفرقا ولم يتكل بشيء كانت الإقالة تامة * رجل اشترى من رجل وقر حنطة بدراهم معلومة وقبض الحنطة وسلم بعض الثمن ثم جاء البائع ليقبض منه بقية الثمن فقال المشتري أنه قام عليّ بثمن غال فرد البائع عليه ما قبض من الثمن وأخذه المشتري قالوا لم يكن ذلك إقالة لأن الإقالة بمنزلة البيع والبيع بالقول لا يكون إلا بإيجاب وقبول وإن كان بطريق التعاطي فذلك لا يكون إلا بالقبض والتسليم من الجانبين وهذا قول بعض المشايخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى أما على قل البعض قبض أحد البدلين يكفي لأنعقاد البيع وهو الصحيح وقد ذكرنا هذا في أول
(2/109)
________________________________________
الكتاب * رجل اشترى حماراً وقبضه ثم جاء بالحمار بعد أربعة أيام فرده على البائع فلم يقبل البائع صريحاً واستعمل الحمار أياماً ثم امتنع عن رد الثمن وقبول الإقالة كان له ذلك لأنه لما رد كلام المشتري بطل كلامه فلا تتم الإقالة باستعماله {فصل في استحقاق ودعوى الحرية} * رجل اشترى جارية وقبضها فباعها من غيره ثم باعها الثاني من ثالث ثم ادعت الجارية أنها حرة فردها الثالث على بائعه بقولها وقبلها البائع الثاني منه ثم الثاني ردها على الأول فلم يقبل الأوّل قالوا إن كانت الجارية ادعت العتق كان للأول أن لا يقبل لأن العتق لا يثبت بقول الجارية وإن كانت الجارية ادعت أنها حجرة الأصل فإن كانت حيت بيعت وسلمت انقادت لذلك فهو بمنزلة دعوى العتق لأنها لما انقادت للبيع والتسليم فقد أقرت بالرق وإن لم تكن انقادت ثم ادعت أنها حرة لم يكن للبائع الأول أن لا يقبل لأن القول في حرة الأصل قولها فإذا استحقت نفسها بما هو حجة على الكل لم يكن للبائع الأول <224> أن لا يقبل * وقال بعضهم إذا بيعت الجارية ثم ادعت أنها حرة الأصل لم يكن للمشتري أن يرجع على البائع لأن الحرية لا تثبت بقولها وكل من اشترى جارية كن الاحتياط في أن يتزوجها حتى تحل له إما بالنكاح أو بملك اليمين والصحيح أنه إذا لم يسبق منها ما يكون إقرار بالرق كان القول قولها في دعوى الحرية وللمشتري أن يرجع على البائع بالثمن بقولها * ذكر في المنتقى رجل اشترى جارية والجارية لم تكن حاضرة عند البيع فقبضها المشتري ولم تقر بالرق ثم باعها المشتري من آخر والجارية لم تكن حاضرة عند البيع الث4اني وقبضها المشتري الثاني ثم قالت الجارية أنا حرة الأصل فإن القاضي يقبل قولها ويرجع بعضهم على بعضهم بالثمن فإن قال المشتري الأول إن الجارية أقرت بالرق وأنكر المشتري الثاني ذلك وليس للمشتري الأول بينة على إقرارها بالرق فإن المشتري الثاني يرجع بالثمن على المشتري الأوّل والمشتري الأوّل لا يرجع بالثمن على بائعه لأنه ادعى إقرار الجارية بالرق * رجل اشترى عبداً وقبضه فوهبه من آخر أو تصدق به على رجل ثم جاء رجل واستحقه من يد الموهوب له او من يد المتصدق عليه كان للمشتري أن يرجع بالثمن على بائع ولو اشترى عبداً والمشتري باعه من رجل وسلم واستحق من يد الثاني لا يرجع المشتري الأول بالثمن على بائعه قبل أن يرجع المشتري الثاني عليه في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو كان المشتري الأوّل وهبه من رجل وسلم ثم باعه الموهوب له من رجل فاستحق من يد المشتري الثاني لا يرجع المشتري الأوّل على بائعه حتى يرجع المشتري الثاني بالثمن على الموهوب له لو كان المشتري الأوّل وهبه من رجل وسلم ثم وهبه الموهوب له من رجل وسلم فاستحق من يد الثاني كان للمشتري الأول أن يرجعه بالثمن على بائعه * رجل اشترى زق سنمن او عسل أو جرة زيت أو سلة زعفران أو جوالق دقيق او حنطة ثم جاء رجل استحق بعض ذلك قبل القبض أو بعده قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يخير المشتري إن شاء أخذ الباقي بحسابه من الثمن وإن شاء ترك البيع لأنه شيء واحد * ولو اشترى قوصرتي تمر أو جرتي زيت أو خابيتي خل أو كرى حنطة أو شعير في وعاءين <225> فاستحق أحدهما أن استحق قبل القبض خير المشتري كما قلنا في الوجه الأول وإن استحق بعد القبض يلزمه الباقي بحسابه من الثمن ولا يكون له أن يرد الباقي * رجل اشترى غلاماً شراء صحيحاً ثم ادعى رجل أن الغلام كان له أعتقه منذ سنة فإن القاضي يسأل من المدعي البينة على الملك فإن أقام البينة على الملك عتق العبد عليه بإقراره وإن لم يكن له بينة يستحلف المشتري على دعوى الملك لان المدعي خصم للمشتري في هذه الدعوى لأنه يثبت العتق والولاء لنفسه * رجل اشترى عبداً واختلفا في الثمن وحلفا فقال البائع إن بعته إلا بألف درهم فهو حر وقال المشتري إن اشتريته إلا بخمسمائة درهم فهو حر فالبيع لازم للمشتري ويجير المشتري على الثمن الذي أقر به ولا يعتق العبد لأن البائع أقر أن المشتري يحنث في يمينه وعتق عليه العبد فلا يمكن نقض البيع ولا يعتق العبد فكان على المشتري الثمن الذي أقر به لأنهما تصادقا على ثبوت الملك للمشتري والمشتري ينكر العتق فلا يعتق العبد وإنما يلزمه الثمن الذي أقر به لأنه ينكر الزيادة * رجل اشترى من رجل ارضين فاستحق أحدهما إن استحق قبل القبض يخير المشتري إن شاء أخذ الباقي بحصته من الثمن وإن شاء ترك وإن استحق بعد القبض يلزمه غير المستحق بحصته من الثمن ولا خيار له * مستأجر حانوت باع كردار حانوت في يده وسمى الكردار وقبض الثمن ثم جاء صاحب الحانوت وزعم أن الكردار له وحال بين المشتري والمبيع قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان الكردار من الآلات التي يحتاج المستأجر غليها في صناعته وتجاريه كان القول فيه قول البائع وهو المستأجر ولا يرجع المشتري على البائع
(2/110)
________________________________________
بشيء من الثمن وإن لم يكن الكردار من آلات عمل المستأجر لكنه شيء لو اختلف صاحب الحانوت مع المستأجر في ذلك كان القول قول المستأجر بأن كان علواً على سفل الحانوت فكذلك الجواب لأنه في يد المستأجر وإن كان البناء شيئاً لو اختلف صاحب الحانوت مع المستأجر في ذلك كان القول فيه قول صاحب الحانوت كالبناء بالحانوت لا في الحانوت كان للمشتري أن يرجع على البائع بالثمن لأن القول فيه قول صاحب الحانوت فالثابت بقول من يكون القول فيه قوله كالثابت بالبينة فإن كفل لهذا المشتري إنسان بالدرك ففي كل موضع لا يرجع المشتري على البائع بالثمن لا يرجع على الكفيل بالدرك لأن الكفيل بالدرك إنما يضم عند الاستحقاق لم يثبت الاستحقاق ولم يثبت الاستحقاق * رجل اشترى غلاماً وقبضه فاستحقه رجل بالبينة وقبض العبد ثم إن المستحق أجاز البيع اختلفت الروايات فيه في ظاهر الرواية لا ينفسخ البيع ما لم يرجع المشتري على البائع بالثمن وعليه الفتوى * رجل اشترى عبدين بألف وقبضهما ثم استحق من أحدهما بعينه نصفه فإن البعد الآخر يكون لازماً للمشتري وله الخيار في الذي استحق نصفه في قولا أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَرَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى * رجل اشترى نصف عبد ثم اشترى رجل آخر واستحق من هذا العبد بعضه فما استحق يكون من النصفين جميعاً وإن كان المشتري الأول قبض ولم يقبض الثاني فما استحق يكون من الثاني وإن قبضاه جميعاً فما استحق فهو منهما جميعاً * رجل معه قفيزا حنطة في جوالق فباع من ذلك قفيزاً من رجل بدرهم لو يقبض المشتري حتى باع من آخر قفيزاً منه برهم ثم استحق أحد القفيزين فإن البيع الأول جائز والثاني باطل * رجل في يده كران فباع أحدهما من رجل ولم يسلم حتى باع من آخر كر أو دفق إليع إليه ثم باع الكر الباقي من آخر ودفعه إليه ثم حضر المشتري الأوّل ووجد المشتريين جمعاً فإنه يأخذ ما كان في يد المشتري الثالث لأن البائع بعدما باع الأوّل كان يملك بيع الكر الثاني فجاز بيعه لأنه باع ما يملك وإذا باع الكر الآخر من المشتري الثالث لم يجز بيعه لأنه للمشتري الأوّل فيأخذ ما كان في يد الثالث فإن حضر المشتري الأوّل ولم يجد المشتري الثالث ووجد المشتري الثاني فإنه يأخذ من الثاني نصف ما ف يده لأنه لما باع من الثاني كراً صار الكران مشتركين بين الأول والثاني جميعاً فما أخذ الثاني يكون نصفه للأول فإن حضر الثالث بعد ذلك يأخذ الأول والثاني جميع ما في يده الثالث ويكون ذلك بينهما نصفين * ولو أن المشتري الأوّل وجد الثالث يأخذ جميع ما في الثالث * وكذا لو كان مكان الكرين عبد فباع نصفه من رجل ولم يدفع حتى باع نصفه من رجل آخر ودفعه إليه ثم نصفه من ثالث ودفع إليه * رجل اشترى <227> من رجل دار بألف درهم ونقد الثمن وقبض الدار فأقام أخ المشتري البينة أن الداري كانت لأبيهم تركها ميراثاً ولأخيه هذا المشتري فإنه يقضى للمدعي بنصف الداري فإن كذبه المشتري كان المشتري بالخيار إن شاء رد النصف الباقي على البائع ويسترد منه كل الثمن إن كان نقد وإن شاء أمسك ويرجع بنصف الثمن وإن كان المشتري صدّق أخاه المدعي بقي النصف في يده بنصف الثمن ويرجع على البائع بنصف الثمن * رجل اشترى أرضاً بشربها فاستحق الشرب قبل القبض قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يخير المشتري إن شاء أخذ الأرض بجميع الثمن وإن شاء ترك وكذلك المسيل * وإن استحق الشرب بعدما قبض المشتري الأرض وأحدث فيها بناء أو غرساً أو زرعاً فإن المشتري يرجع بنقصان الشرب والمسيل * جعل مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا أصلاً فقال كل شيء إذا بعته وحده لا يجوز بيعه وإذا بعته مع غيره جاز فإذا استحق ذلك الشيء قبل القبض كان المشتري بالخيار إن شاء أخذ الباقي بجمع الثمن إن شاء ترك وكل شيء إذا بعته وحده يجوز بيعه وإذا بعته مع غيره لا يجوز فإذا استحق كان له حصته من الثمن * رجل له ضيعة اشتراها بمائة درهم فباع الرجل مع أخيه بعض هذه الضيعة بضيعة أخرى ثم مات أخوه فادعى ورثة الأخ الضيعة المشتراة وما بقي من الضيعة الأولى بعلة أن صاحب الضيعة الأولى اشترى الضيعة الثانية مع مورثهم فكان نصفها لمورثهم قالوا الضيعة المشتراة تكون بين الأخوين نصفين لأنهما اشتريا الضيعة الثانية فكانت مشتركة بينهما جميعاً ويكون نصيب الميت ميراثاً لورثته ويرجع الأخ الحي في تركة الميت بنصف قيمة ما باع من الضيعة الأولى لأن الأخ الميت اشترى نصف الضيعة المشتراة لنفسه وقضى الثمن بمال أخيه وصار الأخ الحي بمنزلة المقرض له ولا حق لورثة الميت فيما بقي من الضيعة الأولى لأنه لم يوجد من صاحب الضيعة الأولى إلا إشراك أخيه في شراء الضيعة الثانية ببعض الضيعة الأولى وهذا لا يكون تمليكاً منه لما بقي من الضيعة ولا إقرار بملك الأخ في الضيعة الأولى * رجلان اشتريا عبداً فاستحق نصفه ثبت الخيار للمشتري ولأنه الشركة في العبد عيب فإن قال أحدهما رضيت سلم له ربع
(2/111)
________________________________________
العبد بربع الثمن والآخر على خياره إن شاء رد <228> الربع الباقي وإن شاء رضي في قياس قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وفي قياس قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ليس للآخر أن يرد أصله مسألة الخيار * رجل ادعى على رجل أنه باعه وفلناً الغائب هذا العبد بألف درهم وأقام البينة فإنه يقضى على الحاضر بنصف الثمن فإن حضر الغائب إن أعاد المستحق البينة يقضى له عليه بنصف الثمن أَيضاً وإلا فلا لأن أحدهما ليس بخصم عن الآخر إذا كان كل واحد من المشتريين كفيلاً عن صاحبه بأمره فحينئذ يكون القضاء على أحدهما قضاء على الآخر أَيضاً * رجل باع عقاراً وأمرأته أو ولده او بعض أقاربه حاضر يعلم بالبيع ووقع التقابض بينهما وتصرف المشتري في ذلك زماناً ثم ادعى بعض من كان حاضراً في البيع أن العقار له ولم يكن للبائع قال مشايخ سمرقند رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى لا تسمع دعوى المدعي سد الباب التلبيس وقال مشايخنا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى تسمع دعواه فينبغي للمفتي أن ينظر في ذلك إن كان البائع والمدعي معروفاً بالتلبيس والخصومات الباطلة ينبغي للمفتي أن يفتي بالقول الأولى وإن لم يكن كذلك يفتي بصحة الدعوى وهذا إذا لم يكن السلطان استثنى تلك الخصومة في تقليد القاضي * رجل باع داراً أو عقاراً ثم ادعى أنه باعها بعدما وقف اختلف المشايخ فيه والأصح انه لا تسمع دعواه كما لو ادعى أنه باعه وهو لغيره بخلاف ما لو باع عبداً ثم ادعى أنه حر أو ادعى أنه أعتقه ثم باعه فإنه تسمع دعواه * رجل أغير عليه دوابه فوقع البعض في يد إنسان فذهب به إلى السوق ليبيعه فجاء رجل يريد أن يشتري ثوراً واستامه ثم أمعن النظر فيه فإذا هو ثوره الذي أغير عليه فادعى أنه يملكه لا تسمع دعواه لأن الاستيام إقرار منه أنه ليس له * رجل اشترى عبداً وقبضه ونقد الثمن فاستحقه رجل بالبينة ثم حضر البائع وأقام البينة أن المستحق كان باعه منه بكذا قبل البيع وقضى القاضي ببينة البائع فأراد المشتري أن يأخذ العبد قال أَبُو حَنِيفَةَ البينة أن المستحق كان باعه منه بكذا قبل البيع وقضى القاضي ببينة البائع فأراد المشتري أن يأخذ العبد قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا سبيل للمشتري على العبد * وهذا في غير ظاهر الرواية وأما في ظاهر الرواية بنفس الاستحقاق لا ينفسخ البيع <229> بين البائع والمشتري ما لم يرجع المشتري على البائع بالثمن ويقضي القاضي له أو يتراضيا على ذلك * رجل عنده كر حنطة باع من رجل نصفه ثم باع النصف الآخر من رجل آخر فلم يقبض أحدهما حتى استحق منه مختوم واحد كان المستحق من البيع الآخر فإن هلك نصف ما بقي بعد استحقاق المختوم يكون الخيار للمشتريين يأخذان ما بقي على حساب ذلك حق الأوّل في نصف كر وحق الثاني في نصف كر إلا مختوماً واحداً فيضرب كل واحد منهم فيما بقي بحصته ولو لم يستحق حتى قبض المشتري الثاني مختوماً ثم استحق مختوم المشتري الأوّل والثاني بالخيار فيما بقث يضرب فيه المشتري الثاني بنصف كر إلا مختومين والأول بنصف كر فيكون الباقي بينهما على حساب ذلك * رجل اشترى داراً وقبضها ثم جاء رجل واستحق نصفها ثم إن المشتري أقام البين انه اشتراها من المستحق ولم يؤقت لذلك وقتاً قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يرجع المشتري على البائع بشيء من الثمن غنما هو رجل اشترى داراً فدعاها آخر فاشتراها المشتري من المدعي أَيضاً فإنه لا يرجع على البائع بشيء من الثمن إنما هو رجل اشترى داراً فدعاها آخر فاشتراها المشتري من المدعي أَيضاً فإنه لا يرجع على البائع بشيء ند ولو أقام المشتري البينة انه اشتراها من المدعي بعد استحقاق النصف قبلت بينته وكان له أن يرجع على البائع بنصف الثمن * رجل مات وترك ابنين وداراً فادعى أحد الأبنين أن أباهما كان باع هذه الدار من هذا الرجل بألفي درهم وأنكر المدعي عليه وكذبه الأبن الآخر فإن القاضي يقضي على المدعي عليه بنصف الثمن لمدعي البيع وبنصف الدار للمدعى عليه ولا خيار للمدعى عليه في رد الدار وإن لم يسلم له إلا نصف الدار وليس هذا كما لو اشترى داراً فاستحق نصفها فإن المشتري يخير لأن هذا البيع إنما انتقض في نصف الدار بجحود المدعى عليه لولا جحوده كان القاضي يقضي له بكل الدار * رجل اشترى شيئاً فاستحق من يده ورج المشتري على البائع بالثمن ثم وصل المبيع إلى المشتري بوجه من الوجوه لا يؤمر بتسليمه على البائع * ولو اشترى شيئاً قد أقر أنه ملك للبائع ثم استحق عليه ورجل على البائع بالثمن ثم وصل إليه بوجه من الوجوه فإن يؤمر بتسليه على البائع * رجل اشترى عبداً وقبضه فباعه من آخر واستحق من يد الثاني فإن <230> المشتري الأول لا يرجع على البائع بالثمن قبل أن يرجع عليه المشتري الثاني في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أن يرجع قال ألا ترى أن المشتري
(2/112)
________________________________________
الثاني لو كان أبرأ الأول عن الثمن كان للأول أن يرجع على بائعه إذا استحق على المشتري الثاني * ولو وجد العبد حر أرجع كل واحد على بائعه بالثمن قبل أن يرجع عليه الآخر {فصل في مسائل الغرور} المغرور يرجع بأحد أمرين إما بعقد المعاوضة أويقبض يكون للدافع كالوديعة والإجارة إذا هلكت الوديعة أو العين المستأجرة ثم جاء رجل واستحق الوديعة أو المستأجر وضمن المودع والمستأجر فإن المودع والمستأجر يرجع على الدافع بما ضمن * وكذا كل من كان في معناهما وفي الإعارة والهبة لا يرجع على الدافع بما ضمن ولأنه قبض المستعير كان لنفسه * رجل اشترى داراً وقبضها وبنى فيها ثم جاء رجل واستحقها فإن المشتري يرجع على البائع بالثمن وبقيمة البناء مبيناً يوم تسليم البناء إلى البائع فإن كان المشترى بني بالجص والآجر والساج والذهب فإنه يرجع بقيم البناء على البائع يوم يسلم إلى البائع فإن كان المشتري أنفق في البناء عشرة آلاف درهم وسكن فيها زماناً حتى خلق البناء وتغير وانهدم بعضه ثم استحقت الدار لم يكن للمشتري أن يرجع على البائع إلا بقيمته يوم يسلم البناء إلى البائع فإن كان المشتري أنفق في البناء عشرة آلاف درهم ثم إلا الجص والآجر والساج ثم استحقت الدار ومثل ذلك يوم الاستحقاق لا يوجد إلا بعشرين ألفاً أو أكثر فإنه يرجع على البائع بقيمة البناء يوم يسلم ولا ينظر إلى ما كان أنفق فيه * وإن استحقت الدار بعد البناء والبائع غائب والمستحق أخذ المشتري بهدم البناء فقال المشتري أن البائع قد غرني وهو غائب قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يلتفت إلى قول المشتري بل يؤمر بهدم البناء ويدفع الدار إلى المستحق فإن حضر البائع بعد الهدم لا يرجع المشتري على البائع بقيمة البناء إنما يرجع عليه إذا كان البناء قائماً فيسلم المشتري البناء إلى البائع فيهدم البائع ويأخذ النقض وأما إذا هدمه فلا شيء له على البائع وإن حضر <231> البائع وقد هدم المشتري بعض البناء وبقي بالبعض كان للمشتري أن يأخذ البائع بقيمة ما بقي من البناء قائماً ويسلمه إليه فيهدم البائع ما بقي ويكون النقض له وإن شاء المشتري نقض كله ويكون النقض له ولا يسلم البناء وهذا كله قول أَبِي حَنِيفَةَ وأبي يوسف رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى في ظاهر الرواية * وروى مُحَمَّد عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وهو قول الحسن أن القاضي يبعث من يقوم البناء ثم يقول للمشتري انقضه واحفظ النقض فإذا ظفرت بالبائع فسلم النقض إليه ويقضى لك عليه بقيمة البناء * وذكر الطحاوي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن المشتري إذا نقض عليه البناء فسلم النقض إلى البائع فإنه يرجع على البائع بالثمن وبقية البناء مبيناً وإن لم يسلم النقض إلى البائع لا يرجع إلا بالثمن الأول وهذا أقرب على النظر * رجل اشترى داراً ثم باعها من آخر فبنى المشتري الثاني فيها بناء ثم استحقت الدار دون البناء فإن المقضي عليه وهو المشتري الثاني يرجع بالثمن على بائعه وبقيمة البناء والبائع الثاني يرجع بالثمن على بائعه ولا يرجع بقيمة البناء في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعلى هذا إذا اشترى جارية وقبضها فباعها من غيره فولدت من الثاني ثم استحق الجارية فإن المشتري الثاني يرجع بالثمن على بائعه وبقيمة الولد والبائع الثاني لا يرجع على البائع الأوّل بقيمة الولد في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وعلى هذا الخلاف إذا اشترى عبداً وباعه من آخر فتداولته الأيدي ثم وجد المشتري الآخر به عيباً قديماً كالأصبع الزائدة وقد تعيب العبد عنده بعيب حادث كان له أن يرجع على بائعه بنقصان العيب وليس للبائع الثاني أن يرجع على البائع الأوّل بالنقصان في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل اشترى داراً فبنى فيها بناء وغاب ثم إن البائع باعها من رجل آخر ونقض المشتري الثاني بناء الأوّل وبنى فيها بناء آخر ثم جاء المشتري الأوّل واستحقها فإن كان المشتري الثاني بنى فيها لآلات نفسه فإن المشتري الثاني يضمن للمشتري الأوّل ضمان ما انتقض من بناء الدار العامرة بنقضه بناء الأول ويكون النقض للمشتري الأول إن كان قائماً وإن كان المشتري الثاني استهلك ذلك النقض يضمن له قيمة النقض أَيضاً ويدفع <232> المشتري الثاني البناء الذي أحدثه وليس للأول أن يمنعه من ذلك ولأن البناء الحادث ملك الثاني وإن كان الثاني بنى البناء الحادث ينقض الأول فإن المشتري الثاني يضمن للأول ما قلنا وللأول أن يمسك البناء الثاني وليس للثاني أن يرفعه ولأنه البناء الثاني إذا كان ينقض الأوّل كان ملكاً للمشتري الأول فإن كان المشتري الثاني زاد في ذلك أعطاه المشتري الأول قيمة الزيادة ولا يعيطه أجر العمل لأن العمل لا يتقوم إلا بعقد ولم يوجد العقد أم الزيادة عين مال متقوّم * وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا اشترى داراً فبنى فيها بناء ثم استحقت
(2/113)
________________________________________
الدار فنقض المشتري البناء كان للمشتري أن يرجع على بائعه بالنقصان يقوم الدار مبنياً وغير مبنى ويرجع بالنقصان * وكذلك الأرض إذا غرسها المشتري ثم استحقت فقلع المشتري الشجر كان له أن يرجع على بائع بالنقصان * رجل اشترى أرضاً فغرس فيها شجراً فنبت الشجر ثم استحقت الأرض يقال للمشتري اقلع الشجر فإن كان قلعه يضر بالأرض يقال المستحق إن شئت تدفع إليه قيمة الشجر مقلوعاً ويكون الشجر لك وإن شئت فخذه حتى يقل الشجر ويضمن ذلك نقصان أرضك فإن خمره بقلع الشجر وقلع المشتري ثم ظفر بالبائع بعد القلع فإن المشتري يرجع على البائع بالثمن ولا يرجع بقيمة الشجر ولا بما ضمن من نقصان الأرض وإن اختار المستحق أن يدفع إلى المشتري قيمة الشجر مقولعاً ويمسك الشجر وأعطاه القيمة ثم ظفر المشتري بالبائع فإنه يرجع على البائع بالثمن ولا يرجع بقيمة الشجر ولا يكون للمستحق أن يرجع على البائع ولا على المشتري بنقصان الأرض لأنه لما ختار دفع قيمة الشجر صار كان المستحق هو الذي غرس الشجر وهذا كله قول أَبِي حَنِيفَةَ وأبي يوسف رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى * وقال الحسن رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى القاضي يبعث أميناً ليقوم النابت في الأرض ثم يقول القاضي للمشتري اقلع الشجر واحفظه حتى إن ظفرت بالبائع فسلمه إليه وتأخذه بقيمة نابته وإن لم تستحق الأرض حتى أثمر الشجر وبلغ الثمن أو لم يبلغ حتى جاء مستحق واستحق الأرض وطاب المشتري بقلع الشجر كان له ذل فإن كان بائع الأرض حاضراً كان للمشتري أن يرجع على البائع بقيمة الشجر <233> نابتاً في الأرض ويسلم الشجر قائماً إلى البائع ولا يرجع على البائع بقيمة الثمر ويجبر المشتري على قطع الثمر بلغ الثمر أو لم يبلغ ويجبر البائع على قلع الشجر وإن كان المشتري زرع في الأرض حنطة أو شيئاً من أصناف الرياحين والحبوب والبقول ثم استحقت الأرض قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يؤمر المشتري حتى قلع الزرع إن كان البائع غائباً ولا يرجع على بائع ه بشيء وإن كن الزرع أضر بالأرض فللمستحق أن يضمنه نقصان الأرض ثم لا يرجع المشتري على بائعه إلا بالثمن وإن كان المشتري قد كرى في الأرض نهراً أو حفر ساقية أو قنطرة على النهر قنطرة ثم استحقت الأرض فإن المشتري يرجع على البائع بالثمن وبقيمة ما أحدث في الأرض من بناء القنطرة ولا يرجع بما أنفق في كرى النهر وحفر الساقية ولا في مسناة جعلها من التراب وإن جعل المسناة من آجر أو لبن أو قصب أو شيء له قيمة فإنه يرجع على بائعه بقيمة ذلك وهو قائم في الأرض ثم يؤمر البائع يقلع ذلك * رجل ورث جارية من أبيه واستولدها ثم جاء مستحق استحقها كان الولد حراً بالقيمة ثم يرج المستولد بثمن الجارية وبقيمة الولد على من باع من ورثه ويحلف الوارث بائع المورث في ضمان الغرور كما لو وجد بها عيباً كان له أن يرده على بائع المورث والموصى له بالجارية إذا استولد الجارية ثم استحقت فإنه لا يرجع على بائع الموصي لا بالثمن ولا بقيمة الولد كما لا يردها بعيب وجد بها * رجل اشترى داراً فجاء رجل واستحق العرصة وفيها بناء فقال المشتري للبائع اشتريت منك العرض ثم بنيت البناء ولي حق الرجوع عليك بقيمة البناء بحكم الغرور وقال البائع لا بل بعتك العرصة والبناء جميعاً فليس لك أن ترجع عليّ بقيمة البناء كان القول فيه قول البائع لأنه منكر حق الرجوع * ولو اشترط البائع في البيع ضمان ما أحدثه المشتري فسد البيع لأن المشتري إذا حفر فيها بئراً وما يشبه ذلك لا يكون له أن يرجع بذلك على البائع عند الاستحقاق وإنما يرجع بالبناء والزرع والغرس فإذا شرط عليه ضمان ما أحدثه مطلقاً فسد البيع وإن قيد الضمان فقال أنا ضامن ما أحدثه المشتري من بناء أو غرس <234> أو زرع أو نحو ذلك جاز ويكون ضامناً * رجل استولد جارية كانت له استحقت فقال المستولد اشتريتها من فلان بكذا وصدقة فلان وكذبه المستحق كان القول قول المستحق لأن المشتري يدعي عليه حرية الولد بحكم الغرور وهو ينكر فيكون القول قوله ولو أنكر البائع ذلك وصدقه المستحق كان الولد حراً بالقيمة ولا يرجع أحدهما على البائع بشيء * رجل اشترى جارية وق5بضها ووهبها من رجل ثم اشتراها من الموهوب له فولدت له ولداً ثم جاء رجل واستحقها فإن المشتري يرجع على البائع وهو الموهوب له بالثمن وبقيمة الولد لأنه مغرور * رجل اشترى داراً وبنى فيها ثم استحق رجل نصفها ورد المشتري ما بقي على البائع كان له أن يرجع على البائع بالثمن وبنصف قيمة البناء لأنه مغرور في النصف ولو استحق منها نصف بعينه فإن كان البناء في النصف المستحق خاصة رجع المشتري بقيمة البناء وإن كان في النصف الذي لم يستحق كان له أن يرد الباقي ولا يرجعه بشيء من قيمة البناء * رجل اشترى جارية فادعاها آخر فاشتراها منه أيضاً ثم استحقت الأمة وقد ولدت للمشتري ولداً قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى رجع المشتري بالثمنين على البائعين فإن كانت
(2/114)
________________________________________
ولدت لأكثر من ستة أشهر من وقت البيع الثاني لا يرجع بقيمة الولد على أحدهما * رجل اشترى جارية من صبي غير مأذون أو من عبد محجور واستولدها ثم جاء رجل واستحقها كان الولد ثابت النسب من المشتري ويكون رقيقاً ولا يكون هذا ولد المغرور والله أعلم {باب ما يدخل في البيع من غير ذكره وما لا يدخل} في الباب فصول خمسة * الأول في الدار والثاني في الحمام والحانوت والثالث في الكرم والنخل والرابع في الأرض والخامس في المنقول (أما الأول) رجل اشترى داراً يدخل فيه الطريق من غير ذكر فإن لم يكن للدار طريق فاشتراها على ظن أن لها طرياً قد ذكرنا قبل هذا في باب العيوب وإن باع داراً وقال بحقوقها ومرافقها أو قال بكل قليل وكثير له داخل فيها أو خارج عنها كان له الطريق وكذا لو أقر الإنسان بدار أو صالح على دار أو أوصى بدار ولم يذكر الطريق ولم يذكر بحقوقها ومرافقها لا يدخل فيه الطريق ولو <235> اشترى داراً فيها بستان دخل البستان في البيع صغيراً كان البستان أو كبيراً فإن كان البستان خارجاً منه الدار لا يدخل البستان في البيع وإن كان له باب في الدار كذا قال أبو سليمان * وقال الفقيه أبو جعفر رحمه اله تَعَالَى إن كان البستان أصغر من الدار ومفتحها إلى الدار يدخل في بيع الدار وإن كان البستان أكبر من الدار أو مصل الدار لا يدخل في بيع الدار والمسألة قد مرت في باب اليمين في الخروج والدخول * رجل باع داراً بكل حق هو لها وفيها رحى الأبل فإن الرحى ومتتاع الرحا والآلة تكون للبائع ولا تكون للمشتري لأن الرحا ومتا الرحا ليس من حقوق الدار * ولو باع ضيعة بكل حق هو لها وفيها رحى ماء فإن الرحى تكون للمشتري لأن ذلك يعد من توابع الضيعة * رجل له دار فيها بيوت باع بعض البيوت بعينها بمرافقها ثم أراد البائع أن يرفع باب الدار الأعظم وأبى المشتري لم يكن للبائع أن يرفع لأنه باع بعض البيوت بمرافقها وباب الدار الأعظم من مرافق البيوت وكذا لو باع بعض البيوت بمرافقها وحقوقها * ولو باع بيتاً بعينه من منزل بحقوقه وحدوده فأراد المشتري أن يدخل المنزل وصاحب المنزل يمنعه عن الدخول ويأمره بفتح الباب إلى لسكة فإن كان البائع بين للبيت الذي باعه طريقاً معلوماً في المنزل ليس له أن يمنعه عن الدخول في المنزل وإن لم يبين له طريقاً معلوماً اختلف المشايخ فيه قال بعضهم له أن يمنعه عن الدخول وليس له أن يمنعه عن المرور في السكة وقال بعضهم ليس له أن يمنعه عن الدخول في المنزل وهو الصحيح لأن عند ذكر الحقوق والمرافق يدخل الباب الأعظم فيما إذا باع بعض البيوت فههنا يدخل الطريق في المنزل * رجل له دار كان لها في القديم طريق فسد ذلك الطريق وجعله لها طريقاً آخر ثم باعها بحقوقها كان للمشتري الطريق الثاني دون الأول لأن ذكر الحقوق في البيع فيدخل فيه ما كان له طريق وقت البيع * رجل باع داراً أحد حدودها سور الجاهلية يقال له سور المدينة ولا يدري لأنه كان ملكاً في الأصل أو لم يكن والسور في وسط المدينة وداخلها وخارجها دور كثيرة فذكر في البيع ثلاثة حدود على الوجه الصحيح وذكر الحد الرابع دور الجيران التي وراء السور وقبض الثمن وسلم الدار إلى المشتري <236> فمات البائع وادعى ورثته فساد البيع بحكم إدخال السور في البيع فادعى المشتري أن السور له وعند الناس هو مشهور بسور المدينة * قالوا ههنا فتوى وحكم في الحكم لا يجوز هذا البيع لأن مثل هذا الحائط لا يكون من حيطات الدار وإدخاله في البيع يكون مفسداً للبيع وإن كان مثل هذا الحائط قد يكون من حيات الدور والقصور كان ذلك للمشتري لأنه في يده وأما في الفتوى إن أضاف البيع على هذه الدار مشاهدة أو أشار إلى الدار وهما قد عرفاها جميعاً جاز البيع فيما بينهما وبين الله تَعَالَى * رجل باع داراً ليس فيها بناء وفيها مخرج وبئر مطوي بالآجر وغيره كلها متصلة بالبئر دخل الكل في البيع لأنها داخلة في الحدود فكانت داخلة في البيع وإن باع داراً فيها بئر وعليها بكرة وحبل ولو فإن باعه الدار بمرافقها يدخل الدلو والحبل لأنهما من المرافق وإن لم يقل بمرافقها لا يدخل الدلو والحبل وتدخل البكرة في البيع على كل حال لأنهال مركبة بالبئر * اشترى داراً واختلفا في باب الدار فقال البائع هو لي وقال المشتري لا بل هو لي إن كان الباب مركباً متصلاً بالبناء كان القول قول المشتري سواء كانت الدار في يد البائع أو في أو في يد المشتري لأن ما كان مركباً يكون من جملة الدار وإن لم يكن الباب مركباً وكان مقلوعاً فإن كانت الدار في يد البائع كان القول قوله وإن كانت في يد المشتري كان القول قول المشتري لأن الباب إذا لم يكن مركباً يكون بمنزلة المتاع الموضوع في الدار ولا يكون من جملة الدار فيكون القول فيه قول صاحب اليد ينج رجل اشترى داراً فوجد في جذعها دراهم إن قال البائع هي لي كانت له ويردها المشتري عليه لأنها وصلت إلى المشتري من يد البائع وإن قال البائع ليست لي
(2/115)
________________________________________
كانت بمنزلة اللقطة * رجل له علو وسفل فقال لرجل بعت منك علو هذا السفل بكذا جاز البيع ويكون سطع السفل لصاحب السفل وللمشتري حق القرار عليه وكذا لو انهدم هذا العلو كان للمشتري أن يبني عليه علواً آخر مثل الأول لأن السفل اسم لمبنى مسقف فكان سطح السفل سقفاً للسفل * ويدخل في بيع الدار السترة إلى تكون على السطح كانت من آجر أو خشب لأنها مركبة في الدار فتدخل في بيع الدار ويدخل السلاليم <237> في بيع البيت والدار إن كانت مركبة لأنها من جملة الدار فإن لم تكن مركبة اختلفوا فيه والصحيح أنها لا تدخل ومفتاح البيت والدار يدخل في البيع استحساناً والقياس أن لا يدخل * والغلق يدخل قياساً واستحساناً لأنه مركب وإن كان باب البيع والدار مقفلاً لا يدخل القفل في البيع والتنور تدخل في بيع الدار إن كانت مركبة وإن لم تكن مركبة لا تدخل * والإجار أي السطح يدخل فيبيع الدار سواء كان من قصب أو من لبن لأنه مركب ولا يدخل في بيع البيت كما لا يدخل فيه العلو * بيت له علو وسفل فقال رجل اشتريت منك هذا البيت ولم يزد عليه لا يدخل فيه العلو وكذا لو قال بكل حق هو له إلا أن يقول اشتريت منك هذا البيت مع البيع الذي في علوه * ولو اشترى داراً يدخل فيها علوها وسفلها وإن لم يقل بحقوقها ومرافقها * وإن اشترى منزلاً إن قال اشتريت منك هذا المنزل لا يدخل فيه علوه ولو قال اشتريت منك هذا المنزل بكل حق هو له يدخل فيه العلو وإن لم يقل بكل حق هو له لا يدخل فيه العلو قالوا هذا في عرفهم أما في عرفنا العلو يدخل في البيع من غير ذكر الحقوق في المسائل الثالث لأن هفي عرفنا كل مسكن يسمى خانة صغيراً أو كبيراً * ولو اشترى داراً لها ظلة يعني ساباطاً أحد جانبيه على الدار والآخر على اسطوانات في السكة أو على دار الجار الذي يقابله إن اشترى الدار بكل حق هو لها تدخل الظلة في البيع وإن لم يقل بكل حق هو لها لا تدخل الظلة في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال صاحباه تدخل الظلة في البيع إن كان مفتحها في الدار وإن لم يكن مفتحها في الدار لا تدخل الظلة في بيع الدار في قولهم إلا بذكر الظلة والكنيف الشارع في الدار يدخل في بيع الدار وإن لم يذكر الحقوق والمرافق * دار لها طريقان أحدهما إلى الشارع والآخر خاص في دار رجل آخر فباع الدار إن لم يقل بكل حق هو لها لا يدخل فيه الطريق الخاص وإن قال بكل حق هو لها يدخل فيه الطريقان الطريق الظاهر لكونه إلى الشارع والآخر بذكر الحقوق * ولو اشترى داراً <238> فيها مطبخ ومخرج ومربط وبئر ماء ولم يذكر الحقوق والمرافق دخل الكل في البيع وإن اشترى منزلاً لا يدخل فيه المربط والمخرج وبئر الماء وإن قال بكل حق هو له ما لم يذكر هذه الأشياء وذكر المرافق في هذه المسائل كذكر الحقوق والقرية مثل الدار فإن كان في القرية وفي الدار والمرافق فلا تدخل في البيع كما لا يدخل فيه المتاع الموضوع وكذا لو اشترى داراً وقال بكل قليل أو كثير هو فيها أو منها لا يدخل شيء مما ذكرنا في البيع لأن المراد من قوله هو فيها أو منها ما كان متصلاً بها وهذه الأشياء غير متصلة بالدار * ولو اشترى بيت الرحى بكل حق هو له أو بكل قليل أو كثير هو فيه ذكر مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الشروط أن له الحجر الأعلى والأسفل وكذا لو كان فيه قدر نحاس موصولاً بالأرض وقيل الحجر الأعلى لا يدخل في البيع نجح درب بين خمسة نفر باع أحدهم نصيبه من الطريق قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ليس لأصحاب السكة أو يبيعوها فإن اجتمعوا على بيع هذه السكة وقسمتها امنعوا من ذكرك لأن للناس حقاً في هذه السكة فإن الطريق الأعظم إذا كثر فيها الزحام كان للناس أن يدخلوا هذه السكة التي هي غير نافذة حتى يقل الزحام ومن العلماء من قال إذا باع واحد من أصحاب السكة نصيبه من الطريق الذي هو غير نافذ يجوز البيع وليس للمشتري أن يمر في هذا الطريق إلا أن يشتري داراً كانت للبائع في هذه السكة * رجل اشترى داراً بابها في الشارع وظهر الدار إلى السكة غير نافذة وللمشتري في هذه السكة دار أخرى ليس للمشتري أن يجعل للدار المشتراة طريقاً في هذه السكة فإن رضي بذلك جميع أهل السكة إلا واحداً كان لهذا الواحد أن يمنعه عن ذلك وإن رضي الكل كان ذلك إعارة ويكون لهم أن يرجعوا وكذا لو رجع واحد كان لهذا الواحد أن يمنعه عن ذلك * زقيقة فيها داران لرجلين لكل واحد منهما دار أراد أحدهما أن يغلق باباً على رأس السكة كان للآخر أن يمنعه ولو رفع أحدهما الباب القديم ثم وضعه ليس <239> للآخر أن يمنعه * رجل باع داراً بجميع حقوقها والدار في السكة نافذة وباب هذه الدار في القديم كان في سكة غير نافذة إلا أن صاحب الدار قد سد بابه القديم فأراد المشتري أن يفتح بابه القديم ومنعه جيران السكة عن ذلك ذكر مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في النوادر فقال إن أقر هل تلك السكة ببابه القديم كان له أن يفتح
(2/116)
________________________________________
باباً في هذه السكة وإن شاء يفتح بابين أو أكثر وإن جحد أصاب السكة كان القول قول أصحاب السكة مع أيمانهم إذا لم يكن له بينة على ذلك وإن نكلوا صاروا مقرين فيثبت له الطريق وإن حلف واحد من أهل تلك السكة ليس له أن يفتح بابً في السكة وسقط اليمين عن الباقين وإن نكل واحد كان له أن يحلف الثاني فإن نكل الثاني كان له أن يحلف الثالث وهكذا فإن نكل الكل غير واحد منهم ليس له أن يفتح باباً لحق هذا الواحد وإن كانت السكة واسعة فأقر بعضهم بحق المدعي وجميع أنصبائهم يجعل أنصباؤهم في ناحية ويجعل لهذا المدعي طريقاً في ذلك الجانب * دار لرجل فيها أبيات فباع بعض الأبيات بمرافقها ثم أراد البائع أن يمنع المشتري عن الدخول من باب الدار قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ليس له ذلك لأنه باع بعض الأبيات بمرافقها وباب الدار من مرافقها وكذا لو قال بمرافقها من حقوق لأن بقوله من حقوقها دخل الطريق في البيع فإذا دخل الطريق في البيع دخل الباب لأن الباب منصوب على الطريق * ولو باع بيتاً من منزل بحدوده وحقوقه وصاحب المنزل يمنعه عن الدخول ويأمره بفتح الباب إلى السكة قال الشيخ الإمام هذا إن بين صاحب المنزل له طريقاً معلوماً لم يكن له أن يمنعه عن الدخول وإن لم يبين كان له أن يمنعه ويفتح المشتري لبيته الذي اشتراه باباً إلى السكة وليس له أن يفسخ البيع وقوله بحقوقه ينصرف إلى حقوق هذا البيت في السكة * رجل وضع رأس خشبة على حائط جاره أو حفر سرداباً تحت دار جاره ثم أن جاره باع تلك الدار وطلب المشتري رفع الخشب والسرداب قال بعض العلماء للمشتري أن يفعل ما كان لبائع أن يفعل إلا أن يشترط في البيع تركه فليس للمشتري أن يغير شيئاً من ذلك * رجل باع داراً وللآخر فيها مسيل <240> ماء فرضي صاحب المسيل ببيع الدار قالوا إن كان له رقبة المسيل كان لصاحب المسيل حصته من الثمن وإن كان له حق جرى الماء فقط فلا قسط لصاحب المسيل من الثمن وبطل حقه إذا رضي بالبيع كمن أوصى بسكنى داره لرجل فبيعت الدار ورضي الموصى له بالبيع بطلت وصيته ولو لم يبع الدار ولكن قال صاحب المسيل أبطلت حقي في المسيل بطل حقه إن كان له حق جرى الماء فقط وإن كان له الرقبة لا يبطل حقه لأن قوله أبطلت حقي لا يزيل ملكه * حائط مشترك بين رجلين ولأحدهما في بيته ثلاث طاقات من اللبين ورأس الطاقات على هذا الحائط المشترك فباع صاحب الطاقات داره من رجل ثم أراد المشتري أن يرفع الطاقات ويضع مكانها سطحاً من الخشب قال أبو القاسم إن كان ثقل الثاني مثل الأول أو اقل وضرره كذلك ليس للجار إن يمنعه وإن كان ثقل الثاني أكثر من الأول كان له أن يمنعه إلا أن يضع الجار على الحائط مثل ما وضع هو فيستويان في الحمل * زقيقة غير نافذة لأقوام ففتح جار لهم باباً من داره في سكة أخرى في هذه السكة بإذن أهلها ورضاهم ثم اشترى رجل آخر داراً في تلك الزقيقة عن فتح ذلك الباب قال الشيخ إمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى للمشتري أن يمنع الجار عن المرور في هذه الزقيقة وليس له أن يأمره برفع الباب * دار بين رجلين باع أحدهما نصفاً شائعاً من بيت معين من هذه الدار لرجل قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز البيع لأن شريكه يتضرر بذلك عند القسمة وكذا لو كان بين الورثة دار مشتملة على بيوت فباع أحدهم بيتاً من تلك الدار لا يجوز ولو كان بين رجلين عشرة أغنام أو عشرة أثواب هروية فباع أحدهما من ثوب معين نصفاً شائعاً من رجل جاز البيع وهذا لا يشبه الدار ولو كان بينهما أرض ونخل فباع أحدهما نصف شجرة بعينها لا يجوز * امرأة لها حجرتان ومستراح إحدى الحجرتين في الحجرة الأخرى ومفتح المستراح ورأسه من الحجرة الثانية فباعت الحجرة التي فيها المستراح وليس رأس المستراح فيها ثم باعت بعد ذلك الحجرة الأخرى التي رأس <241> المستراح فيها وقد كتبت لكل واحد منهما صكاً قال أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كانت كتبت في الصك الأول أنه اشتراها بسفلها وعلوها ولم تكتب فيه دون المستراح الذي رأسه في الحجرة الأخرى فالمستراح في هذه الحجرة لمشتريها على حاله وإن كان المكتوب في الصك الأول دون المستراح الذي رأسه في الحجرة الأخرى فلمشتري الحجرة الأولى أن يرفع المستراح عن حجرته أو يسد مفتحه والمشتري الثاني بالخيار إن شاء أخذ حجرته بحصتها من الثمن وإن شاء ترك وإن كانت البائعة شرطت له بالمستراح في البيع * رجل باع ثلثي كرمه من رجل على أن لا يكون له الطريق في الثلث الباقي وكتب في الصك وطرقه التي هي له قال الشيخ إمام أبو بكر البلخي إن اتفق المتبايعان على أنهما شرطا في البيع أن لا يكون له طريق في هذا الثلث كان كذلك وإن أنكر البائع الطريق كان القول قول المشتري وله أن يمر فيه رجل اشترى حجرة سطحها مع سطح جاره يستويان فأخذ المشتري جاره حتى يتخذ حائطاً بينه وبين الجار
(2/117)
________________________________________
قالوا ليس له ذلك لأن إنسان لا يجبر على البناء في ملكه ولو أراد أن يمنع جاره من صعود السطح حتى يتخذ سترة قالوا إن كان في صعوده يقع بصره في دار الجار كان له أن يمنع وإن كان لا يقع بصره في داره لكن يقع عليهم إذا كانوا على السطح لا يمنعه عن الصعود لأنه كما يتضرر هو يتضرر الآخر * رجل له في داره شجرة فرصاد فباع أغصانها ولو ارتقاها المشتري يقع بصره على عورات الجار قالوا يرفعه الجار إلى القاضي والمختار فيه أن يخبرهم وقت الارتقاء في اليوم مرة أو مرتين حتى بستروا أنفسهم مراعات للحقين جميعاً فإن لم يفعل ذلك يرفعه الجار إلى القاضي فإن رأى القاضي أن يمنعه عن الصعود والارتقاء فعل * رجل باع ضيعة فيها أغصان أشجار الجار متدلية كان للمشتري أن يأخذ الجار بتفريغ الضيعة عن أغصان أشجاره لأن المشتري يقوم مقام البائع فيما كان للبائع وكان للبائع ذلك فيثبت للمشتري وكذا لو مات صاحب الضيعة كان لوارثه أن يأخذ الجار بإزالة الضرر وتفريغ الضيعة عن الأغصان * رجل استأذن جاراً له في وضع جذوع له على حائط الجار أو في حفر سرداب تحت داره فأذن له بذلك ففعل ثم إن الجار باع داره وطلب المشتري رفع الجذوع والسرداب كان له ذلك إلا إذا شرط في البيع ترك ذلك فحينئذ لا يكون للمشتري أن يطلب ذلك * رجل له دار إن في سكة غير نافذة أسكن كل واحدة منهما رجلاً فبينى أحد الساكنين ساباطاً ووضع خشبة على حائط الدار التي هب فيها وعلى حائط الدار التي يسكنها الساكن الآخر وجعل باب الساباط إلى الدار التي هو فيها لا غير ورب الدار يعلم ذلك ثم إن الباني طلب من رب الدار أن يبيع منه هذه الدار التي هو فيها فباعه بحقوقها ومرافقها ثم طلب الساكن الثاني من البائع أن يبيع منه الدار التي هو فيها كذلك فباع ثم اختصم المشتريان فأراد المشتري الثاني أن يرفع خشب الساباط عن حائطه كان له ذلك لأن الباني وإن بنى الساباط بإذن صاحب الدار لم يصر ذلك من حقوق الدار فلا يستحق بالبيع <242> * رحل أحدث بناء أو غرفة على سكة غير نافذة ورضي بها أهل السكة فجاء رجل من غير أهل السكة اشترى دارً من هذه السكة كان للمشتري أن يأمر صاحب الغرفة برفع الغرفة * رجل اشترى أرضاً بمجاريها ثم اشترى ماء فأراد أن يجري الماء في ذلك المجرى إلى أرضه أن أراد أن يجري فيه الماء م نهر قرية أخرى لا يجوز في قولهم وإن أراد أن يجري من نهر هذه القرية اختلفوا فيه قال مُحَمَّد بن سلمة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له ذلك والمختار أنه ليس له ذلك وهو قول العامة لأن بهذا يزداد مقدار شرب هذه الأرض فلا يجوز * إذا طلب المشتري من البائع أن يكتب له صكاً للشراء وأبي البائع ذلك لم يجبر عليه لأنه ليس عليه أن يكتب بمال نفسه صكاً وطلب من البائع أن يخرج إلى الشهود ليشهدهم لا يجبر البائع على أن يخرج وإن جاء المشتري بشهود إلى البائع وطلب منه أن يشهدهم فامتنع البائع عن ذلك فإن المشتري يرفع الأمر إلى القاضي فإن أقر البائع عند القاضي له سجلاً ويشهد الشهود على ذلك ولب منه أن يشهدهم فامتنع البائع عن ذلك فإن المشتري يرفع الأمر إلى القاضي فإن أقر البائع عند القاضي له سجلاً ويشهد الشهود على ذلك وإن طلب المشتري من البائع الصك القديم ولم يعطه لا يجبر عليه فإن احتاط المشتري يكتب من صك البائع لنفسه صكاً مثل ذلك ويثبت فيه أسامي الشهود الذين نزلوا خطوطهم في الصك القديم حتى لو جاء البائع الأول يوماً وجحد البيع أو جاز وارثه وأراد أن يأخذ المبيع من يدي المشتري سيعرف المشتري شهود البيع فيستشهده ويدفع الخصومة فإن كان شهود الصك القديم اثنين أو ثلاثة يكتب شهادتهم ويأمرهم بالإشهاد على شهادتهم فإن الإشهاد على الشهادة من غير عذر بالشهود جائز فإن أبي البائع أن يعرض الصك القديم ليكتب المشتري من ذلك صكاً هل يجبر البائع على ذلك اختلفوا فيه قال الفقيه أبو جعفر في مثل هذا أنه يجبر عليه * حكي أن رجلاًَ اشترى ضيعة ثم غصبها البائع وجحد البيع وكان صك البيع وديعة عند رجل أودعه رجل غير المشتري فجاء المشتري إلى شهود البيع وطلب منهم الشهادة على البيع فقالوا إلا نشهد حتى نرى خطوطنا وجاء المشتري إلى الذي في يده الصك وطلب منه الصك فأبى المودع أن يدفع إليه وقال أودعنيه غيرك فلا أدفع إليك فتحير المشتري ورجع إلى أئمة زمانه فاختلفوا في ذلك قال بعضهم يجبر المودع على دفع الصك إليه صيانة الحق المشتري قال بعضهم لا يجبر المودع لأنه أودعه غيره وقال الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يؤمر المودع أن يعرض الصك على الشهود حتى يروا خطوطهم ولا يدفع إلى المشتري فأخذ العلماء بقوله لأن فيه صيانة حق المشتري من غير أن يتضرر به غيره فكذلك المشتري إذا طلب من البائع أن يعرض الصك القديم ليكتب من ذلك صكاً * وههنا مسألة أخرى الشاهد إذا امتنع عن أداء الشهادة هل يسعه ذلك قالوا إن كانوا صاحب الحق يجد سواه شاهدين يقبل القاضي شهادتهما لا بأس
(2/118)
________________________________________
للشاهد أن يمتنع عن أداء الشهادة وإن كان لا يجد شاهدين <243> يقبل القاضي شهادتهما لا يحل له أن يمتنع عن أداء الشهادة وإن كان المدعي يجد سوى هذا الشاهد شاهدين يقبل القاضي شهادتهما إلا أن شهادة هذا الشاهد عند القاضي تكون أسرع قبولاً من شهادة غيره لا يسعه أن يمتنع عن أداء الشهادة * دار لها طريق ومسيل ماء إلى دار الجار فباع صاحب الدار داره مطلقاً ولم يقل بحقوقها ولا بمرافقها ولا بكل قليل وكثير هو لها لم يدخل الطريق والمسيل الذي كان في دار الجار في رواية الأصل وفي نوادر ابن سماعة يدخل مسيل الماء في البيع ولا يدخل الطريق الذي في سكة غير نافذة * وقال الحسن بن زياد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا باع بكل قليل وكثير هو له فيها ولم يقل منها يدخل في البيع العبيد والجواري وما كان فيها من الحيوانات ولا يدخل الأحرار وقال زفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يدخل في الأحرار أيضاً وفسد البيع ولو قال منها لا يدخل وفي رواية هشام لا يدخل شيء في ذلك * رجل اشترى داراً ولم يقل بحقوقها وليس لها طريق ذكر الناطفي أن له الخيار إن شاء أخذ وإن شاء ترك وقد مرت المسألة قبل هذا {فصل فيما يدخل في بيع الحمام والحانوت} * رجل باع حانوتاً وذكر الحقوق والمرافق أو لم يذكر يدخل فيه ألواح الحانوت وإن لم يذكر * ولو باع الحانوت بمرافقه وللحانوت ظلة كما تكون للحوانيت في الأسواق يدخل فيه الظلة وإن لم يذكر المرافق لا تدخل ولا يدخل القفل في بيع الحانوت والدور والبيوت وإن كان الباب مقفلاً ذكر الحقوق والمرافق أ لم يذكر ويدخل فيه مفتاح الغلق استحساناً * ولو باع الحداد حانوته يدخل كور الحداد مركب متصل وكور الصائغ لا يكون مركباً ولا متصلاً بالمبيع وزق الحداد الذي ينفخ فيه لا يدخل وكذلك قدر القصار الذي يطبخ فيه الثوب لا يدخل في البيع لأنه ليس بمركب متصل ولا من الحقوق أيضاً لأن حق الشيء ما يكون متصلاً به ومقلاة السواقين التي يقلي فيها السواقين التي يقلي فيها السويق من الحديد أو من النحاس لا تدخل في البيع لأنها ليست من جملة المبيع * وقصاع الحمام لا تدخل في البيع وإن ذكر المرافق لأنها منفصلة عن الحمام {فصل فيما يدخل في مبيع الكرم والأراضي وما لا يدخل} * رجل باع أرضاً فيها زرع ولم يذكر الحقوق والمرافق لا يدخل الزرع في البيع من غير ذكر قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رحمه لله تَعَالَى هذا إذا صار الزرع متقوماً فإن لم يكن متقوماً يدخل الزرع من غير ذكر قال وإنما يعرف قيمته أن تقوم الأرض مبذورة وغير مبذورة فإن كانت قيمتها مبذورة أكثر من قيمتها غير مبذورة علم أنه صار متقوماً وإن كانت قيمتها مبذورة مثل قيمتها غير مبذورة علم أنه لم يصر متقوماً فيدخل في البيع من غير ذكر كما يدخل أوراق الشجر والصحيح ما ذكر في ظاهر الرواية وذكر مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في النوادر إذا باع أرضاً مبذورة بكل حق هو لها لا يدخل الزرع في البيع وكذر الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى <244> إذا بذر أرضه ولم يصر له قيمة لا يدخل في البيع المطلق كما قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في النوادر وكذا لو باع الأرض بعد إلقاء البذر قبل النبات لا يدخل الزرع في البيع ولا يدخل الشرب والطريق في بيع الأرض مطلقاً ويدخل في الإجارة والقسمة والرهن والوقف * رجل اشترى أرضاً فيها أشجار ولم يذكر شيئاً دخل الأشجار المثمرة في البيع واختلفوا في غير المثمرة والصحيح أنها تدخل * ولو باع أرضاً فيها أشجار صغار تحول في فصل الربيع وتباع فإن كانت تقلع من أصلها تدخل في البيع وتكون للمشتري وإن كانت تقلع من وجه الأرض لا تدخل في البيع من غير شرط * رجل اشترى أرضاً فيها رطبة أو زعفران أو خلاف يقطع في كل ثلاث سنين أو رياحين أو بقول ولم يذكر في البيع ما فيها قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ما علامتها على وجه الأرض يكون بمنزلة الثمر لا يدخل في البيع من غير شرط وما كان من أصولها في الأرض يدخل في البيع لن أصولها تكون للبقاء بمنزلة البناء وكذا إذا كان فيها قصب أو حشيش أو أصولها في الأرض يدخل في البيع لأن أصولها تكون للبقاء بمنزلة البناء وكذا إذا كان فيها قصب أو حشيش أو حطب نابت ما هو على وجه الأرض لا يدخل في البيع من غير ذكر وما أصولها في الأرض يدخل واختلفوا في قوائم الخلاف قال بعضهم تدخل لأنها شجر والمختار أنها لا تدخل لأنها تعد من الثمر * وإن كان في الأرض شجر قطن فبيعت الأرض لا يدخل ما عليها من القطن * واختلفوا في أصل القطن وهو الشجر والصحيح أنه لا يدخل في البيع وإن كان في الأرض كراث فبيع الأرض مطلقاً فما كان على ظاهر الأرض لا يدخل في البيع المطلق واختلفوا فيما كان مغيباً منه في الأرض والصحيح انه يدخل لأنه يبقى سنين فيكون بمنزلة الشجر * وأما قوائم الباذنجان قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي إنها تدخل في
(2/119)
________________________________________
البيع المطلق من غير ذكر وقال الشيخ الإمام المعروف بخواهرزاده ينبغي أن يكون على الاختلاف الذي ذكرنا في قوائم شجر القطن * ولو باع الأرض وقال بمرافقها لا يدخل الزرع والثمر في البيع في ظاهر الرواية وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى انه يدخل ولو قال بكل قليل أو كثير هو له فيها أو منها يدخل ما كان فيها من الزرع والثمر ولا يدخل فيه الطريق والشرب وإن كان فيها زروع قد حصلت وثمار قد صرمت وقال بكل قليل أو كثير هو له فيها ومنها لا دخل ذلك ف البيع ولو قال بكل قليل أو كثير هو له فيها أو منها أو من حقوقها لا يدخل فيه الزرع والثمر * ولو اشترى أرضاً فيها أشجار وعليها ثمار وقال في البيع بثمارها وإن شاء ترك وذكر في بعض الكتب أنه لا يخير في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كما لو اشترى شاة بعشرة فولدت الشاة عند البائع ولداً قيمته خمسة فأكله البائع قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يلزمه الشاة بخمسة دراهم ولا خيار له والصحيح أن في مسألة الثمار يخير <245> لأنه لما قال بثمارها صار الثمر مبيعاً مقصوداً فإذا أكل البائع تفرقت عليه الصفقة فيخير * ولو كان في الأرض زرع فباع الأرض بدون الزرع أو الزرع بدون الأرض جاز وكذا لو باع نصف الأرض بدون الزرع وإن باع نصف الزرع من أجنبي بدون الأرض لا يجوز وكذا لو باع رب الأرض نصف الزرع من المزارع لا يجوز وإن باع المزارع نصيبه من رب الأرض جاز * ولو باع أحدهما نصيبه من أجنبي لا يجوز * رجل أمر غيره ببيع ارض فيها أشجار وباع الوكيل الأرض بأشجارها فقال الموكل ما أمرته ببيع الأشجار قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى القول قول الموكل والمشتري يأخذ الأرض بحصتها من الثمن إن شاء وكذا لو كان مكان الأشجار بناء * رجل اشترى أرضاً بشربها وللبائع في القناة التي يسقى منها الأرض بحصتها من الثمن إن شاء وكذا لو كان مكان الأشجار بناء * رجل اشترى أرضاَ بشربها وللبائع في القناة التي يسقى منها الأرض ماء كثير ذكر في النوادر أنه يقضي للمشتري من الماء بقدر ما يكفي هذه الأرض فيكون ذلك شراء مع الأرض * رجل اشترى أرضاً إلى جنبها أقذف وبين الأقذف والأرض مسناة عليها الأشجار وجعل حدود الأرض في البيع الأقذف كانت المسناة وما عليها من الأشجار للمشتري * رجل باع أرضاً بشربها جاز البيع وإن لم يبين مقدار الشرب لأن الشرب تبع للأرض فإذا كانت الأرض معلومة فجهالة التبع لا تمنع الجواز * ولو اشترى نخلة بطريقها في الأرض ولم يبين موضع الطريق وليس لها طريق معروف في ناحية معلومة قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز البيع ويأخذ للنخلة طريقاً من أي نواح شاء لأنه لا يتفاوت فإن كان متفاوتاً لا يجوز البيع * رجل باع كرماً بمجرى مائه وبكل حق هو له ومجرى مائه في سكة غير نافذة بينه وبين رجلين وعلى ضفة النهر أشجار فإن كانت رقبة المجرى ملكاً للبائع كانت الأشجار للمشتري لأن رقبة المجرى دخلت في البيع فتدخل الأشجار تبعاً للرقبة فإن لم تكن رقبة المجرى ملكاً للبائع بل كان له حق مسيل الماء فإن الأشجار تكون للبائع هذا إذا كان الغارس هو البائع أو لم يكن الغارس معلوماً فإن كان الغارس غير البائع كانت الأشجار للغارس * رجل اشترى كرماً فيها أشجار الفرصاد وشجر الورد وعلى شجر الفرصاد توت وأوراق وعلى شجر الورد ورد وقال بكل حق هو له لا يدخل التوت وأوراق الفرصاد في البيع وكذلك الورد لأنه بمنزلة الثمر * رجل اشترى شجرة بشرط أن يقلها تكلموا في جوازه والصحيح أنه يجوز وللمشتري أن يقلعها من أصلها وإن اشترى الشجرة بشرط القطع قال بعضهم إن بين موضع القطع أو كان موضع القطع معلوماً عند الناس جاز البيع وإلا فلا وقال بعضهم يجوز البيع على كل حال وهو الصحيح وله أن يقطعها من وجه الأرض فأما عروقها في الأرض لا يكون إلا بالشرط وإذا جاز البيع هل يدخل في البيع ما تحتها من الأرض إن اشتراها بشرط القطع لا تدخل وإن اشتراها بشرط القلع أو اشتراها مطلقاً قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى تدخل الشجرة بعروقها ولا يدخل قي البيع ما تحتها من <246> الأرض وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يدخل من الأرض مقدار ما تستقر عليه الشجرة ولا يدخل مقدار طول العروق وأجمعوا على أن في القسمة والإقرار بالشجرة والوصية بالشجرة وهبة الشجرة يدخل من الأرض مقدار ما تستقر عليه الشجرة ولا يدخل مقدار متتنا هي إليه العروق والأغصان وفي الموضع الذي يدخل الأرض إنما يدخل مقدار غلظ الشجرة وقت هذه انتصر فات حتى إذا زاد غلظ الشجرة بعدها كان لصاحب الأرض أن يأمره بنحت الزيادة * وإن اشترى شجرة للترك ولأجل الثمر ورضي به البائع جاز ولو اشترى آلة صغيرة وتركها بإذن البائع حتى كبرت وصارت عظيمة كان للبائع أن يأمره بقلعها ويكون الكل للمشتري وإن تركها بغير إذن البائع حتى أثمرت يتصدق المشتري
(2/120)
________________________________________
بالثمر * ولو اشترى أشجاراً مثمرة أو غير مثمرة ليقلعها فقلعها ثم نبت من أصل عروقها أشجار فإن النابت يكون للمشتري لأنه نماء ملكه فيكن له * وإن اشترى شجرة بأصلها وقد نبت من عروقها أشجار إن كان الأشجار بحيث لو قطعت الشجرة التي بيعت تيبس بقطع الشجرة كان الكل للمشتري لأنها إذا كانت تيبس بقطع تلك الشجرة تكون نابتة من عروقها وإلا فلا * رجل اشترى شجرة ليقطعها فتأخر قطعها حتى جاء الصيف واشتد الحر إن كان قطعها لا يضر بالأرض ولا بأصل الشجرة كان له أن يقطعها وإن كان القطع يضر بالأرض أو بأصل الشجرة اختلفوا في ذلك قال بعضهم له أن يقطعها وقال الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يخير المشتري إن شاء تركها إلى وقت القطع وإن شاء لم يترك فإن لم يترك يخير البائع إن شاء تركها إلى وقت القطع وإن شاء يدفع إليه قيمتها قائمة والمشايخ أخذوا بقوله وقال بعضهم الصحيح أنه يخير إن شاء رضي بالقطع وإن شاء يفسخ البيع لأنه عجز عن تسليم المبيع من غير ضرر فكان له أن يفسخ البيع كما في نظائرها قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وينبغي أن يكون الجواب على التفصيل إن كان ذلك قبل القبض كان له أن يفسخ البيع لأن الحادث قبل القبض بمنزلة المقارن للعقد وإن كان بعد القبض ليس له أن يفسخ كما قال بعض المشايخ ند مشجرة بين رجلين باع أحدهما نصيبه من رجل بغير إذن الشريك بدون أرضها قالوا إن كانت الأشجار بلغت أو إن القطع جاز البيع وإن لم تبلغ أو إن قطعها لم يجز كما لو باع نصيبه من الزرع المشتري قبل الحصاد * رجل له مشجرة جعل على بعض أشجارها علامة فباع المشجرة إلا الأشجار التي عليها العلامة فقطع المشتري الأشجار فادعى البائع على المشتري أنه قطع بعض الأشجار التي لم تدخل في البيع وأفسد أغصان بعضها وأنكر المشتري ذلك وقال لم أقطع شيئاً من أشجارك ولم أكن متعمداً في إفساد الأغصان قال الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى القول قول المشتري في إنكاره قطع الأشجار التي لم تدخل في البيع وفي نقصان الأغصان ينظر إلى نقصان الشجر إن كان مما لا يمكن الاحتراز عن ذلك فلا ضمان عليه أيضاً ويكون مأذوناً <247> بذلك دلالة * شجرة أصلها واحد ولها فرعان فباع صاحبها أحد الفرعين إن بين موضع القطع وقطعها لا يضر بالآخر جاز * رجل باع شجرة عليها ثمر قد أدرك أو لم يدرك جاز البيع وعلى البائع أن يقطع الثمر من ساعته إذا أنقده الثمن لأنه ملكها من المشتري فكان عليه تسليمها فارغة عليها وكذا لو أوصى بنخلة فمات الموصي وعليها البسر يجبر الوارث على قطع البسر هو الصحيح * رجل طلب من رجل أن يبيع منه أشجاراً في أرض للحطب فاتفق البائع والمشتري على رجال من أهل البصر يعرفون أنها كم تكون وقرً من الحطب فاتفقوا على أنها تكون خمسة وعشرين وقراً فاشتراها المشتري بثمن علوم وقطعها فكانت أكثر من خمسة وعشرين فأراد البائع أن يمنع الزيادة ليس له ذلك لأن القدر في الأشجار وصف بمنزلة الذرع في المذروعات فيسلم الزيادة للمشتري * مشجرة بين قوم فباع أحدهم نصيبه مشاعاً إن كانت الأشجار تناهت وبلغت أوان القطع جاز وللمشتري أن يقطع * رجلان اشتريا نخلة وتواضعا على أن يكون لأحدهما النخلة وللآخر الرطب جاز ويقسم الثمن عليهما على قيمتهما * وكذا لو اشتريا أيضاً فيها شجر على أن يكون لأحدهما الشجر وللآخر الأرض جاز ولصاحب الشجر أن يقلع الشجر إن لم يكن في قلعة ضرر ظاهر والإ كان الكل بينهما لأنه صار بمنزلة شيئين لا يمكن نزع أحدهما إلا بضرر فيكون الكل بينهما كالفص مع الخاتم والسيف مع الحلية * رجلان بينهما نخلة عليها ثمر أو أرض فيها زرع فباع أحد الشريكين نصيبه من الثمر والنخل أو من الأرض والزرع قال الناطفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا ذكر لها في الأصل وينبغي أن يجز لأن المشتري قام مقام البائع في جميع ذلك ولا يتضرر به الشريك * رجل دفع أرضه إلى رجل معاملة بالنصف مدة معلومة على أن يغرس فيها فيكون الغراس بينهما فغرس ومضت المدة ثم باع صاحب الأرض أرضه مع نصييه من الغراس جاز وإن باع المشتري من آخر قالوا لا يجوز البيع لأنها مشغولة بنصيب العامل فيكون البيع قبل القبض قبل هذا قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أما على قولهما يجوز البيع لأن عندهما بيع العقار قبل القبض جائز * رجل اشترى شجرة بأصلها ليقلعها قال بعضهم لا يجوز هذا البيع والصحيح أنه يجوز ثم إذا اشترها على هذا الوجه ثم استأجر أرضها صحت الإجار وهذا دليل على دخول ما تحتها من الأرض في البيع * نهر في الشارع على حافتيه أشجار قال الفقيه أبو جعفر أن كانت حافتاه للشاربة كان الأشجار لهم وإن كانت للعامة كانت الأشجار لصاحب الدار التي يقابلها الأشجار إلا أن يعلم شراؤه بعد غرس الأشجار * وقال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هذا إذا لم يكن الغارس معلوماً فإن كان معلوماً كانت الأشجار {فصل فيما يدخل في بيع المنقول من غير ذكر} * رجل باع
(2/121)
________________________________________
عبداً أو جارية كان على البائع من الكسوة قدر ما يواري عورته فإن بيعت في ثياب مثلها دخل الثياب في البيع وللبائع أن يمسك تلك الثياب ويدفع <248> غيرها من ثياب مثلها يستحق ذلك على البائع ولا يكون للثياب قسط من الثمن حتى لو استحق الثوب أو وجد بالثوب عيباً لا يجرع على البائع بشيء ولا يرد عليه الثوب ولو هلكت الثياب عند المشتري أو تعيبت ثم وجد بالجارية عيباً ردهما بجميع الثمن لأنه لم يملك الثوب بالبيع فلا يكون له قسط من الثمن * باع أتاناً لها جحش أو بقرة لها عجول اختلفوا في ذلك قال بعضهم العجول يدخل في البيع من غير ذكره والجحش لا يدخل إلا بذكر * قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هما سواء ولا يدخلان في البيع من غير ذكر * ولو باع حماراً قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يدخل الاكاف في البيع من غير شرط ولا يستحق ذلك على البائع ولم يفصل بين ما إذا كان الحمار موكفاً أو لم يكن وهو الظاهر لأن الحمار إذا بيع مع الاكاف يقال باجامه مي فر وشم فكان الاكاف فيه بمنزلة السرج في الفرس وقال غيره من المشايخ يدخل الاكاف والبرذعة في البيع كان الحمار موكفاً وقت البيع أو لم يكن وإذا دخل الاكاف والبرذعة في البيع من غير ذكر كان الحكم فيه ما قلنا في ثوب العبد والجارية ويدخل العذار في بيع الفرس من غير ذكر وكذا الزمام في بيع البعير ولا يدخل المقود في بيع الحمار من غير ذكر لأن الفرس لا ينقاد إلا بمقود والبعير كذا بخلاف الحمار * باع عبداً له مال إن لم يكر المال في البيع فما له لمولاه الذي باعه لأنه كسب عبده وإن باع العبد مع ماله فقال بعته مع ماله بكذا ولم يبين المال فسد البيع وكذا لو سمى المال وهو دين على الناس أو بعضه دين فسد البيع وإن كان المال عيناً جاز البيع إن لم يكن من الأثمان فإن كان مال العبد دراهم والثمن كذلك فإن كان الثمن أكثر جاز وإن كان مثله أو أقل منه لا يجوز وإن لم يكن الثمن من جنس مال العبد بأن كان الثمن دراهم ومال العبد دنانير أو على العكس جاز إذا تقابضا في المجلس * وكذا لو قبض مال العبد ونقد حصته من الثمن فإن افترقا قبل القبض بطل العقد في مال العبد * رجل اشترى سمكة فوجد في بطنها لؤلؤة لأن كان اللؤلؤة في الصدف تكون للمشتري وإن لم تكن في الصدف فإن كان البائع اصطاد السكة يردها المشتري على البائع وتكون عند البائع بمنزلة اللقطة يعرفها حولاً ثم يتصدق * وإن اشترى دجاجة فوجد في بطنها لؤلؤة يردها على البائع وإن اشترى سمكة فوجد في بنها سمكة تكون للمشتري {فصل في بيع الزروع والثمار} * رجل قال لغيره أين خيار زار بتوفر وختم بده ودم وكان ذلك قبل أن يخرج الحدجة قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز البيع ويكون البيع على شجرة البطيخ دون ما يخرج من الحدجة فإن خرجت الحدجة بعد ذلك كانت الحدجة للمشتري لأنها نماء ملكه وإن كان البيع بشرط الترك لا يجوز البيع فإن كانت المبطخة مشتركة فباع أحدهما نصيبه من المبطخة <249> لا يجوز كما لا يجوز بيع النصيب من الشجرة المشتركة فإن باع نصيبه من المبطخة وسلم على المشتري كان نصيب البائع للمشتري ما لم ينتقض البيع * ولو أجاز الشريك الذي لم يبع بيع صاحبه ورضي به كان له أن لا يرضى بعد ذلك لأن الإنسان لا يجبر على تحمل الضرر * رجل اشترى الثمار على رؤوس الأشجار إن اشتراها مجازفة كان القطع على المشتري * ولو اشترى أوراق فرصاد بعد ما ظهرت على الشجر ولم يقطعها حتى ذهب وقته قال الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن اشترى الأوراق بأغصانها وبين موضع القطع لا يكون للمشتري أن يرد البيع بحكم ذهاب الوقت ويجبر على القطع إلا أن يكون قطع الأغصان يضر بالشجر فحينئذ يخير البائع إن اشتراها على أن يأخذ شيئاً فشيئاً لا يجوز لأنه يزداد فيختلط المبيع بغير المبيع وكذا لو اشتراها على أن يتركها على الشجر وإن اشتراها ولم يشترط شيئاً فإن أخذها في اليوم جاز وإن لم يأخذها حتى مضى اليوم فسد البيع لأن ما يحدث بعد البيع بمضي الساعات لا يمكن الاحتراز عنها فجعل عفواً وإن أراد المشتري أن يحتاط في ذلك ينبغي أن يشتري الشجرة بأصلها حتى لو حدثت الشجرة بعد البيع كانت الزيادة للمشتري * وإن اشترى الأوراق أو الثمار وستأجر الأشجار مدة معلومة لترك الثمار عليها كان الإجارة باطلة ونصير إعارة فكان له أن يرجع بعد ذلك * وقال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى بيع أوراق الفرصاد لا يجوز ما زاد في الزيادة وإنما يجوز إذا تناهى وأمسك عن الزيادة ولا يدخل أوراق الفرصاد في بيع الشجرة لأنه بمنزلة الثمر وقوائم الخلاف * رجل اشترى رطبة من البقول أو قثاء أو شيئاً ينمو ساعة فساعة لا يجوز كما لا يجوز بيع الصور والوبر على ظهر الغنم إلا أن يجزهما من ساعته والقياس في بيع
(2/122)
________________________________________
الخلاف كذلك وإنما جاز لمكان التعامل ولأنه ينمو من أعلاه لا من أسفله * وبيع الكراث جائز وإن كان ينمو من أسفله لمكان التعامل فأما ما لا تعامل فيه وهو ينمو ساعة فساعة لا يجوز * إذا اشترى أنزال الكرم وهو حصر جاز وهل للبائع أن يأمر بقطع العنب في الحال قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رحمه الله تَعَالَى إن اشتراه مطلقاً كان له أن يأمره وإن اشترى بشرط الترك إلى النضج فسد البيع وإن اشترى أنزال الكرم وبعض النزل نيء والبعض قد نضج فإن كان البعض من كل نوع نضيجاً جاز وإن كان بعض الإنزال نيئاً وبعضها نضيجاً كالخوخ والجوز والكمثري قالوا لا يجوز هذا البيع * ولو اشترى الخوخ أو الكمثري قبل النضج قال الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز البيع إلا أن يكون بعضه قد نضج فيجعل البيع تبعاً للبعض فيجوز كما قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فيمن باع الفيلق وبعضه فيلق وبعضد دود يجوز ويجعل البعض <250> تبعاً للبعض * ولو باع التين فإن باع بعد ما نضج جاز البيع فإن لم يقبض المشتري حتى خرج تين آخر يفسد البيع لاختلاط المبيع بغير المبيع * وعام المشايخ لم يجوزوا بيع الثمار قبل أن تصير منتفعاً لنهي النبي عليه الصلاة والسلام عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها * وقال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى جاز بيعها بعد ظهورها فقيل له أليس أن النبي عليه الصلاة والسلام نهى عن ذلك فقال ذلك محمول على بيعها قبل خروجها وظهور صلاحها لانتفاع بها في الزمان الثاني هكذا ذكر مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الجامع والقدوري كذلك * رجل اشترى الثمار على رؤوس الأشجار فتركها حتى أخرجت ثمرة أخرى قبل التخلية ولا يمكن التمييز بينهما فسد العقد فإن كان ذلك بعد التخلية لا يفسد ويكون الثمر بين البائع والمشتري والقول في الزيادة قول المشتري * رجل قال لغيره بعت منك عنب هذا الكرم كل وقر بكذا قالوا إن كان وقر العنب معلوماً عندهم والعنب جنس واحد ينبغي أن يجوز البيع في وقر واحد عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعند صاحبيه يجوز البيع في الكل وجعلوا هذه المسألة فرعاً لرجل باع صبرة حنطة فقال بعت منك هذه الصبرة كل قفيز بدرهم عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز البيع في قفيز واحد وعندهما يجوز في الكل وحَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز البيع في قفيز واحد وعندهما يجوز في الكل ون كان عند الكرم أجناساً قالوا ينبغي أن لا يجوز البيع في شيء في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وإن كان الوقر معروفاً وعودهما يجوز في الكل كما لو قال بعت منك هذا القطيع من الغنم كل شاة بكذا عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز البيع أصلاً وعندهما يجوز البيع في الكل والفتوى على قولهما تيسيراً على الناس * ولو انتهى إلى رجل يبيع وقر بطيخ فقال بكم عشر بطيخات من هذا البطيخ فقال البائع بكذا فاشترى عشر بطيخات بغير عينها ثم عزل البائع عشر بطيخات فقبلها المشتري ومضيا على ذلك القول والبطيخ متفاوت جاز البيع استحساناً * وكذا الرمان وهذا بمنزلة رجل قال لقصاب بعني من هذا اللحم بكذا فباعه منه وقطع له منا واحداً على ذلك كان له الخيار إن شاء أخذ بعد القطع وإن شاء لم يأخذه فكذلك ههنا * ولو انتهى على مائة شاة وقال بكم عشر منها فقال بكذا فهذا باطل كأنه اعتبر التعامل وفي البطيخ والرمان تعامل ولا تعامل في الغنم والرقيق * رجل اشترى خوخاً وفيه خوخ نيء لا يفسد البيع وكذلك الكمثري * وهذا على قول من لا يجوّز بيع الثمر قبل أن يصير منتفعاً * كرم بين رجلين باع أحدهما نصيبه من نزلة وهو حصر لا يجوز كما لو باع نصيبه من الزرع المشتري * رجل اشترى مبطخة فأراد الصحة وكل ما يخرج منها يكون للمشتري ينبغي أن يشتري أشجار البطيخ بأصولها ببعض الثمن ويستأجر الأرض ببقية الثمن مدة معلومة ويقدم بيع الأشجار ويؤخر الإجارة فإن قدم الإجارة لا يجوز لأن الأرض تكون مشغولة بأشجار الآجر قبل البيع فلا <251> نصح الإجارة وينبغي أن يشتري الشجار بأصولها لهذا *ولو باع أشجار البطيخ وأعار الأرض يجوز أيضاً إلا أن الإعارة لا تكون لازمة ويكون له أن يرجع بعدها* أكار له عمارة في ضيعة رجل فباع العمارة أن كانت العمارة أو جرا جاز البيع إذا لم يشترط الترك في الأرض وأن كانت كراباً أو كرى أنهار ونحو ذلك لا يجوز لأن ذلك ليس بعين مال متقوم * رجل في أرضه حشيش فباعه أن كان الحشيش نبت بإنباته بان سقاها لأجل الحشيش جاز البيع كما لو أخذ سمكة وألقاها في الماء ثم باعها وهو يقدر على أخذها من غير صيد وإن كان الحشيش نبت بنفسه لا يجوز بيعه لأنه ليس بمملوك بل هو مباح يجوز لغيره أن يأخذه * رجل باع زرعا وهو بقل فان باع على أن يقطعه أو يرسل دابته فيه جاز البيع وإن باعه على أن يتركه حتى يدرك لا يجوز وكذا الرطبة
(2/123)
________________________________________
البقول* رجل باع نصيبه من الزرع المشترك لا يجوز فان لم يفسخ البيع حتى أدرك الزرع جاز لزوال المانع كما لو باع الجذع في السقف ولم يفسخ البيع حتى أخرجه من البناء جاز* قطن بين شريكين في أرض رجل فباع أحدهما نصيبه من شريكه أو من أجنى قبل أن يدرك لا يجوز كما قلنا في الزرع * ولو كان القطن بين الاكار وصاحب الأرض فهو على التفصيل أن باع الاكار نصيبه من صاحب الأرض جاز ولو باع صاحب الأرض نصيبه من إلا كار لا يجوز ذكر في الفتاوى رجل لشبري أرضا فيه زرع بزرعها والزرع بقل فدفعها المشتري قبل القبض مزارعة بالنصف إلى البائع قال لا يجوز لأن هذا بمنزلة إجارة الأرض المشتراة قبل القبض وقيل هذا ليس بصحيح لأن دفع الزرع بالنصف يكون معاملة وفي المعاملة صاحب الأرض يكون مستأجراً للعامل ولا يكون مؤجراً للأرض * رجل اشترى الثمار على رؤوس الأشجار فرأى من كل شجرة بعضها يثبت له خيار الرؤية حتى لو رضي به يلزمه * وإن باع ما هو مغيب في الأرض كالجزر والبصل وبصل الزعفران والثوم والفجل والشلجم إن باع بعدما ألي في الأرض قبل النبات أو نبت إلا أنه غير معلوم لا يجوز البيع وإن باع بعد ما نبت نباتاً معلوماً يعلم وجوده تحت الأرض يجو البيع ويكون مشترياً شيئاً لم يره عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يبطل خياره ما لم ير الكل ويرضى به وعلى قول صاحبيه لا يتوقف خيار الرؤية على رؤية الكل وعليه الفتوى فإن كان ذلك مما يكال أو يوزن بعد القلع كالجزر والثوم والبصل فإذا قلع البائع شيئاً من ذلك أو قلعه المشتري بإذن البائع ينظر إن كان المقلوع يدخل تحت الكيل والوزن ثبت للمشتري خيار الرؤية حتى لو رضي به يلزمه الكل وإن رد بطل البيع وإن كان المشتري قلعه بغير إذن البائع فإن كان المقلوع شيئاً له قيمة لزمه الكل لأنه قبل القلع كان ينمو وبعد القلع لا ينمو والعيب الحادث عند المشتري يمنع الرد <252> بخيار الرؤية وإن كان المقلوع يسير إلا قيمة له لا يعتبر ذلك والقلع وعدم القلع سواء وإن كان المغيب مما يباع بعد القلع عدداً كالفجل فقلع البائع بعضه أو قلع المشتري بإذن البائع لا يلزمه ما لم ير الكل لأنه من العدديات المتفاوتة بمنزلة الثياب والعبيد ونحو ذلك وإن قلع المشتري بغير إذن البائع لزمه الكل إلا أن يكون ذلك شيئاً يسيراً وإن اختصم البائع والمشتري قبل القلع فقال المشتري أخاف إن قلعته لا يصلح لي فيلزمني وقال البائع أخاف إن قلعته لا ترضى به فترده فأتضرر بذلك قالوا يتطوع إنسان بالقلع وغلا يفسخ القاضي العقد بينهما {باب الصرف} الدراهم التي غشها غالب بان كان ثلثها صفراً وثلثها فضة كالدراهم التي تروج في ديارنا يجوز بيع الواحد بالاثنين منها بأعيانها لكن يشترط التقابض في المجلس كما في الصرف * وإن كان نصفها صفراً ونصفها فضة لا يجوز فيه التفاضل * وإن اشترى الفضة الخالصة بالدراهم التي غشها غالب لا يجوز إلا أن تكون الفضة الخالصة أكثر من الفضة التي تكون في الدراهم المغشوشة والدراهم تتعين للرد في البيع الفاسد من الأصل ولا تتعين فيما يفسد العقد بعد الصحة ويفسد الصرف بالافتراق قبل القبض ولا يبطل * وإذا فسد الصرف بالافتراق قبل قبض أحد البدلين هل يتعين المقبوض للرد فيه روايتان وإلا ظهر أنه يتعين كما يتعين في الغصب * رجلان باعا الفضة بألفضة كفه بكفة جاز وإن لم يعلم مقدار وزنها * وإن تبايعا الدراهم بالدراهم ولا يعرفان وزنهما أو يعرفان وزن أحدهما لا يجوز لوجود المساواة في الفصل الأول دون الثاني فإن عرف المساواة في الفصل الثاني في المجلس جاز وإن عرف بعد المجلس لا يجوز عندنا * ويجوز بيع الدراهم بالدنانير مجازفة * رجل له على رجل مائة درهم لا بعقد الصرف والسلم ولمديونه عليه مائة دينار قرضاً أو غصباً لا تقع المقاصة بينهما ما لم يتقاضا فإذا تقاضا تصير الدراهم قصاصاً بمائة من قيمة الدنانير ويبقى لصاحب الجنانير على صاحب الدراهم تسعون ديناراً وكذلك رجل له على رجل ماشة دينار ولعبده المديون على صاحب دين المولى مائة درهم لا تقع المقاصة ما لم يتقاضا فإذا تقاضا يصير من الدنانير بمقدار مائة درهم قصاصاً بمائة درهم ويبقى تسعون ديناراً * رجل هل على رجل دراهم فظفر بدراه مديونه كان له أن أخذ دراهم المديون إذا لم تكن دراهم المديون أجود أو لم يكن مؤجلاً وإن ظفر بدنانير مديونه في ظاهر الرواية كان له أن يأخذ دراهم المديون إذا لم تكن دراهم المديون أجود أو لم يكن مؤجلا وإن ظفر بدنانير مديونه في ظاهر الرواية ليس له أن يأخذ الدنانير وذكر في كتاب العين والدين أن له أن يأخذ والصحيح هو الأول * المديون إذا قضى الدين أجود مما عليه لا يجير رب الدين على القبول كما لو دفع إليه أنقص مما عليه وإن قبل جاز كما لو أعطاه خلاف الجنس وذكر في بعض الكتب أنه إذا أعطاه أجود مما عليه يجبر على القبول عندنا خلافاً لزفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى والصحيح هو الأول *
(2/124)
________________________________________
ولو كان الدين <253> مؤجلا فقضاه قبل حلول الأجل يجر على القبول * أن أعطاه المديون أكثر مما عليه وزنا فان كانت الزيادة زيادة تجرن بين الوزنين جاز وما روى عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أنه أوفي الدين أكثر وقال أنا معاشر الأنبياء هكذا نزن محمول على ما إذا كانت الزيادة زيادة تجري بين الوزنين وأجمعوا على أن الدانق في المائة يسير يجري بين الوزنين وقدر الدرهم والدرهمين كثير لا يجوز واختلفوا في نصف الدرهم قال أبو نصر الدبوسي نصف الدرهم في المائة كثير يرد على صاحبه فإن كانت الزيادة كثيرة لا تجري بين الوزنين إن لم يعلم المديون بالزيادة يرد الزيادة على صاحبها وإن علم المديون بالزيادة فأعطاه الزيادة اختياراً هل تحل الزيادة للقابض إن كانت الدراهم المدفوعة مكسرة أو صحاحاً لا يضره التبعيض لا يجوز إذا علم الدافع والقابض وتكونه هذه هبة المشاع فيما يحتمل القسمة وإن كان المدفوع مما يره التبعيض وعلم الدافع والقابض جاز وتكون هذه هبة المشاع فيما لا يحتمل القسمة * رجل اشترى بألفلوس الرائجة والعدالى في زماننا شيئاً وكسدت الفلوس قبل القبض وصارت لا تروج رواج الأثمان في عامة البلدان في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى تكوهن كاسدة وعندهما إذا كانت لا تروج رواج الأثمان في بلدهما تكون كاسدة وعند الكساد يفسد العقد في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فير المشتري المبيع إن كان قائماً وقيمته إن كان هالكاً وإن غلا أن رخص لا يفسد العقد ولا خيار لأحدهما في ظاهر الرواية * وإذا اشترى بالدراهم الرائجة شيئاً ونقد بعض الثمن ثم كسدت فسد العقد بقدر ما لم ينقد في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن هذا ساد طارئ بمنزلة الهلاك فيتقدر بقدره * ولو اشترى شيئاً بالدراهم الكاسدة فإن كانت الدراهم بعينها جاز لأنها بعد الفساد صارت سلعة فإن لم تكن بعينها قالوا لا يجوز البيع * قال المصنف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وينبغي أن يجوز لأنها إن كانت بعد الكساد تباع وزناً فقد باع بموزون في الذمة وإن كانت تباع عدداً فقد باع بعددي في الذمة عدداً معلوماً * ولو تزوج امرأة على الدراهم الكاسدة فإن كانت قيمتها عشرة دراهم لم يكن لها غلا ذلك وإن كانت قيمتها دون العشرة بكمل لها العشرة كما لو تزوج امرأة على ثوب قيمته خمسة كان لها الثوب وخمسة أخرى وإن تزوجها على الدراهم الرائجة فكسدت قال بعضهم عليه مهر مثلها * وقال الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لها قيمة الدراهم من الذهب والفضة قبل الكساد وهو الصحيح لأن النكاح إذا أوجب المسمى وقت العقد لا ينقلب موجباً مهراً المثل كما لو تزوج امرأة على عبد أو ثوب فهلك ذلك قبل القبض كان لها قيمة الثوب أو العبد ولا يصار على مهر المثل * ولو استقرض الفلوس الرائجة أو العدالى فكسدت قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجب عليه مثلها كاسدة ولا يغرم قيمتها وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قيمتها يوم القبض وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يغرم قيمتها في آخر يوم كانت رائجة وعليه الفتوى وكذا لو غصب الفلوس <254> الرائجة فكسدت فهو على هذا الخلاف * ولو اشترى شيئاً بالدراهم الرائجة وتقابضا ثم كسدت ثم تقايلا البيع صحت الإقالة إن كان المبيع قائماً وكان على البائع رد مثل تلك الدراهم كاسدة في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كما في الاستقراض * رجل أقرض دراهمه البخارية ببخارا ثم لقي المستقرض في بلد لا يقد على تلك الدراهم قال أَبُو يُوسُفَ وهو قول أب حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يمهله قدر المسافة ذاهباً وجائياً فأما إذا كانت لا تنفق في هذا البلد فإنه يغرم قيمتها وكذا لو باع لو باع بالدراهم البخارية شيئاً ثم التقيا في بلدة أخرى لا توجد فيها تلك الدراهم * ولو أن رجلاً استقرض الدراهم المكسرة على أن يؤدي صحاحاً كان باطلاً وكان عليه مثل ما قبض ويكره السفتجة إلا أن يستقرض مطلقاً فيوفي بعد ذلك في بلد آخر من غير شرط * وتأجيل القرض باطل سواء كان التأجيل في القرض أو بعدما أقرضه * ولا يجوز القرض إلا فيما كان مثلياً فلا يجوز قرض الخبز والدقيق في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى يجوز وزناً وقيل الثلاث يجوز عدداً ولا تجوز الزيادة وإن أقرض الحنطة وزناً لا يجوز فإن استقرضها وأكلها قبل الكيل كان على المستقرض مثلها من الكيل فإن اختلفا في مقدارها كيلاً وقفيزاً كان القول قول المستقرض مع يمينه ولو استهلك على إنسان حنطة في سنبلها كان عليه قيمتها * ويجوز استقراض الكاغد فأنه عددي كالجوز والبيض * واستقراض اللحم وزناً جائز في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهكذا روي عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أما عند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تتعالى فلأنه مثلي يباع
(2/125)
________________________________________
وزناً ويجوز السلم فيه عنده وأما عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فلأن القرض يكون حالاً غير مؤجل فلا يقضى إلى المنازعة بخلاف السلم قالا مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كل ما يكال أو يوزن أو يعد بجوز قرضه * رجل له على رجل جياد فأخذ منه زيوفاً أو نبهرجة أو ستوقة ورضي بها جاز وإن أنفقها كره وإن بين ذلك وعن أبي يوسف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يكره استقراض الستوقة والمزيفة والنبهرجة وعلى المستقرض مثلها فإن كسدت كان عليه قيمتها * رجل اشترى م رجل كر حنطة بعينه ثم قال للبائع أقرضني قفيز حنطة أو قال أقرضني هذا القفيز واخلط به الكر الذي اشتريته منك ففعل وصب الشراء على القرض أو القرض على الشراء قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يصير قابضاً لهما جميعاً وهكذا روي عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل أقر فقال استقرضت من فلان ألفاً زيوفاً أو قال ألفاً نبهرجة وأنفقها وادعى المرض أنها كان جياداً قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى القول قول المستقرض في النبهرجة والزيوف إذا وصل ولا يصدق إذا فصل ند رجل قال لغيره استقرض لي من فلان عشرة دراهم فاستقرض المأمور وبض وقال دفعتها إلى الآمر وجحد الآمر ذلك فإن المال يكون على المأمور <255> ولا يصدق المأمور على الآمر* ولو بعث رجل بكتاب مع رسول إلى رجل أن ابعث إلي كذا درهما قرضاً لك علي فبعث مع الذي أوصل الكتاب روى أبو سليمان عن أبي يوسف رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى أنه لم يكن ذلك من مال الآمر حتى يصل إليه * ولو أرسل رسولا إلى رجل فقال ابعث إلى بعشرة دراهم قرضا فقال نعم وبعث بها مع رسوله كان الآمر ضامنا لها إذا أقرأن رسوله قبضها * الوكيل بالاستقراض من رجل معين إذا استقرض أن قال الوكيل للمقرض على وجه الرسالة أن فلانا يقول لك أقرضني كذا كان القرض للموكل وأن لم يقل الوكيل ذلك واستقرض كان القرض على الوكيل * رجل في يده دنانير فقال اشهدوا أنى اشتريت هذه الدنانير من ابني الصغير بمائة درهم وقام قبل أن يزن الدراهم كان باطلا لأنه هو العاقد فيعتبر قبضه قبل الافتراق كذا روى عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل استقرض من رجل دراهم فأتاه المقرض بالدراهم فقال له المستقرض ألقاها في الماء فألقاها قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لاشيء على المستقرض * رجل استقرض طعاما بالعراق فأخذه صاحب القرض بمكة قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عليه قمته بالعراق يوم أقرضة وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عليه قيمته بالعراق يوم اختصما وليس عليه أن يرجع معه إلى العراق فيأخذ طعامه * رجل له على رجل ألف درهم قرض فصالحه على مائة منها على أجل صح الحط والمائة حالة وإن كان المستقرض من رجل طعاماً في بلد العام فيه رخيص فلقيه المقرض في بلد الطعام فيه الٍ فأخذه الطالب بحقه فليس له أن يحبس المطلوب فيؤمر المطلوب بان يوثق له كفيلاً حتى يعطي طعامه إياه في البلد الذي استقرض فيه * جل استقرض طعاماً له حمل ومؤتة أو غصب فالتقيا في بلدة أخلى فيها الطعام أغلى أو أرخص روى أَبُو يُوسُفَ عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى إن كان الغصب قائماً في يده ي يؤمر بالتسليم إليه إن كانت قيمته في الموضعين سواء او كانت قيمته في هذا الموضع أكثر وإن كانت قيمته في هذا البلد أقل إن شاء طلبه بقيمته مكان الغصب وإن شاء أخذ الغصب وإن شاء ينتظر حتى يسلم إليه في مكان الغصب فإن لم يكن الغصب قائماً في يده وقيمته في البلدة التي التقيا أقل من قيمته في بلد الغصب كان للمغصوب منه خيارات ثلاثة إن شاء أخذ مثله ههنا إن كان مثلياً وإن شاء أخذ قيمته يوم الغصب ببلد الغصب وإن شاء ينتظر ليأخذه ببلد الغصب وإن كان قيمته في هذا المكان أكثر خير الغاصب إن شاء أعطى مثله وإن شاء أعطى قيمته في بلد الغصب وإن كانت قيمته في الموضعين سواء فللمغصوب منه أن يطالبه بالمثل * رجل استقرض شيئاً من الفواكه كيلاً أو وزناً فلم يقبضه حتى انقطع فإنه يجبر صاحب القرض على تأخيره إلى أن يجيء الحديث إلا أن يتراضيا على القيمة ولا يشبه هذا الفلوس إذا كسدت لأن هذا مما لا يوجد بخلاف الفلوس الكاسدة * رجل عليه عشرة دراهم من قرض أو بيع أو <256> غصب وله على صاحب العشرة مائة دينار فتبايعا الدينار بالعشرة وافترقا جاز البيع لأن البيع وقع على ما في ذمة كل واحد منهما وما في ذمة كل واحد في يده حكما فلا يبطل بالافتراق ألا ترى أنهما لو تقاصا الدنانير بالدراهم جاز والمقاصة بخلاف الجنس لا تكون إلا مبادلة وكذا لو كان عليه كر حنطة لرجل ثم إنه أقرض صاحب الكر كراً من شعير ثم تبايعا الكر بالكر جاز ولا يبطل العقد بالافتراق * رجل أقرض رجلاً كراً من حنطة ثم إن المستقرض اشترى القرض من المقرض بدراهمه جاز سواء كان القرض قائماً في يد المستقرض أو لم يكن أما إذا لم يكن قائماً فهو قول الكل وإن كان
(2/126)
________________________________________
قائماً فكذلك في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز شراؤه لأن عندهما ملك القرض بنفس القبض وعند أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يملكه مادام قائماً فلا يجوز شراؤه ولا يكون شراؤه ولا يكون شراؤه فسخاً للقرض بخلاف ما لو اشترى شيئاً بالدنانير ثم اشتراه بالدراهم فإن البيع الثاني يكون فسخاً للأول لأن القرض مما لا يحتمل الفسخ لأن سبب الملك في القرض القبض وهو قائم فلا يفسخ القرض * إذا قال المستقرض وجدت القبض زيوفاً أو نبهرجة وكان ذلك بعدما استهلكها لاا يرجع على المقرض بشيء ولكنه يرد مثلها * إذا أقرض الجوز كيلاً جاز لأنه يكال مرة ويعد أخرى * رجل أقرض صبياً أو معتوهاً فاستهلكه الصبي أو المعتوه لا يضمن في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يضمن * وإن أقرض عبداً محجوراً فاستهلكه لا يؤاخذه به قبل العتق عندهما وهذا والوديعة سواء * رجل عليه ألف درهم لرجل فدفع إلى الطالب دنانير فقال اصرفها وخذ حقك منها فأخذها فهلكت في يده قبل أن يصرفها هلكت من مال الدافع وكذا لو صرفها وقبض الدراهم فهلكت الدراهم في يده قبل أن يأخذ منها حقه هلكت من مال الدافع وإن أخذ منها حقه ثم ضاع كان ذلك من مال المدفوع إليه ولو دفع المطلوب إلى الطالب دنانير وقال خذها قضاء لحقك فأخذ كان داخلاً في ضمانه ولو دفع المطلوب إلى الطالب دنانير وقال بعها بحقك فباعها بدراهم مثل حقه وأخذها يصير قابضاً حقه بالقبض بعد البيع * رجلان تصارفا الدراهم بالدنانير وتقابضا ثم تقايلا وافترقا قبل القبض بطلت الإقالة ويعود الصرف لأن الإقالة بمنزلة البيع فيعتبر القبض قبل الافتراق {باب في قبض المبيع وما يجوز من التصرف قبل القبض وما لا يجوز} * البائع إذا خلى بين المبيع وبين المشتري بحيث يتمكن المشتري من قبضه يصير المشتري قابضاً للمبيع حتى لو هلك قبل أن يقبضه حقيقة يهلك عليه وكذا لو خلى المشتري بين البائع والثمن * ولو قبض المشتري المبيع بغير إذن البائع قبل نقد الثمن كان للبائع أن يسترده فإن خلى المشتري بين المبيع وبين البائع لا يصير البائع فابضاً مال لم يقبضه حقيقة أجمعوا على أن التخلية في البيع <257> الجائز تكون قبضاً وفي البيع الفاسد روايتان والصحيح أنه قبض وفي الهبة الفاسدة كالهبة في المشاع الذي يحتمل القسمة لا تكون قبضاً باتفاق الروايات واختلفوا في الهبة الجائزة ذكر الفقيه أبو الليث أنه لا يصير قابضاً بالتخلية في قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وذكر شمس الأئمة الحلواني رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يصير قابضاً ولم يذكر فيه خلافاً * ولو باع تمراً على النخيل وخلى بينه وبين المشتري صار قابضاً * ولو وهب تمراً على النخيل وخلى بينه وبين الموهوب له لا يصير قابضاً لأنه في معنى المشاع الذي يحتمل القسمة * ولو باع داراً وسلمها غلى المشتري وفيها قليل متاع للبائع لم يكن ذلك تسليماً حتى يسلمها فارغة وإن أودع المتاع عند المشتري وأذن للمشتري بقبض الدار والمتاع جميعاً صح التسليم لأن الكل صار في يد المشتري * ولو باع داراً من رجل ليست بحضرتهما فقال البائع سلمتها إليك وقال المشتري قبلت ذكر في ظاهر الرواية أن التخلية في الدور والعقار لا تكون قبضاً إلا بدنو منهما * وكر في النوادر إذا قال البائع للمشتري سلمتها إليك وقال المشتري قبلت والدار ليست بحضرتهما يصير المشتري قابضاً في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى إن كانت الدار بقرب منهما بحيث يقدر على لدخول والإغلاق يصير قابضاً وغلا فلا وفي ظاهر الرواية اعتبر القرب ولم يذكر فيه خلافاً والصحيح ما ذكر في ظاهر الرواية لأنه إذا كان قريباً يتصور فيه القبض الحقيقي في الحال فتقام التخلية مقام القبض أما إذا كان بعيداً لا يتصور القبض الحقيقي في الحال فلا تقام التخلية مقام القبض وكذلك في الهبة والصدقة * ولو باع الدار وسلم المفتاح فقبض المفتاح ولم يذهب غلى الدار يكون قابضاً قيل هذا غذ دفع إليه مفتاح هذا الغلق أما إذا لم يكن ذلك لم يكن تسليماً لأنه لا يقدر على الدخول بهذا المفتاح فلا يكون قبض المفتاح كقبض الدار وإن دفع إليه المفتاح ولم يقل خليت بينك وبين الدار فاقبضه لم يكن ذلك قبضاً * رجل اشترى وقر حطب في مصر وذهب المشتري مع البائع إلى بيت المشتري فاغصب الحطب إنسان فإن ذلك يكون من مال البائع لا من مال المشتري لأن على البائع أن يأتي به غلى منزل المشتري * رجل باع من رجل ساجة ملقاة في طريق والمشتري قائم عليها وخلى البائع بينه وبينها فلم يحركها * رجل اشترى عبداً بألف ولم يقبضه حتى رهنه البائع بمائة دينار أو آجره أو أودعه فمات ينفسخ البيع ولا يكون للمشتري أن يضمن أحداً من
(2/127)
________________________________________
هؤلاء لأنه إن ضمنهم رجعوا على البائع * ولو أعاره أو وهبه فمات عند المستعير أو الموهوب له أو أودعه فاستعمله المودع فمات من ذلك المشتري بالخيار إن شاء أمضى البيع وضمن المستعير والودع والموهوب له وإن شاء فسخ البيع لأنه إن ضمن هؤلاء ليس للضامن أن يرجع على <258> البائع * ولو كان البائع باعه من رجل فمات عند المشتري الثاني من عمله أو من غير عمله كان المشتري الأول بالخيار إن شاء فسخ البيع وإن شاء ضمن المشتري ثم يرجع المشتري الثاني على البائع بالثمن إن كان نقده الثمن وإن لم ينقده لا يرجع بشيء * ولو اشترى عبداً فأمر البائع رجلاً فقتله كان للمشتري أن يضمن القاتل قيمته إلا أن القاتل إذا ضمن لا يرجع على البائع * ولو باع شاة ثم أمر البائع رجلاً فذبحها فإن كان الذابح يعلم بالبيع فللمشتري أن يشمن الذابح ولا يرجع الذابح على الآمر * ولو أن رجلاً له شاة أمر رجلاً أن يذبحها ثم باع الشاة قبل أن يذبح ثم ذبحها المأمور كان للمشتري أن يضمن الذابح ولا يرجع بذلك على الآمر وإن لم يعلم المأمور بالبيع * قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى التخلية بين المبيع والمشتري تكون قبضاً بشرائط ثلاثة أحدها أن يقول البائع خليت بينك وبين المبيع فاقبضه ويقول المشتري قد قبضت * والثاني أن يكون المبيع بحضرة المشتري بحيث يصل إلى أخذه من غير مانع * والثالث أن يكون المبيع مفرزاً غير مشغول بحق الغير فإن كان شاغلاً حق الغي كالحنطة في جوالق البائع وما أشبه ذلك فذلك لا يمنع التخلية واختلف أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى في التخلية في دار البائع قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون تخلية وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكون تخلية * ومن لك رجل باع خادماً فقال البائع خليت بينك وبين الخادم فاقبضها والخادم في منزل البائع بحضرتهما يصل غلى قبضها فقال المشتري دعها إلى الغد وأبى أن يقبض فهلك الخادم فإنها تموت من مال المشتري عند مُحَمَّد ومن مال البائع في قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو اشترى غلاماً أو جارية فقال المشتري للغلام تعال معي أو امش معي فتخطى معه فهو قبض ننج ولو قال البائع للمشتري بعد البيع خذا لا يكون قبضاً * ولو قال خذه يكون تخلية إذا كان يصل غلى أخذه * ولو اشترى شيئاً فنقد بعض الثمن ثم قال للبائع تركته رهناً عندك ببقية الثمن أو قال تركته وديعة عندك لا يكون ذلك قبضاً * رجل اشترى شاتين فنطحت إحداهم الأخرى قبل القبض فهلك خير المشتري إن شاء قبض الباقي بحصتها من الثمن وإن شاء ترك وكذا لو اشترى حماراً وشعيراً فأكل الحمال الشعير قبل القض لأن فعل العجماء جبار فصار كأنها هلكت لآفة سماوية * ولو اشترى عبدين فقتل أحدهما الآخر قبل القبض خير المشتري شاء أخذ الباقي بجميع الثمن وإن شاء بفعل الأول * ولو باع عبداً برغيف بعينه فلم يتقابضا حتى أكل العبد الرغيف يصير البائع مستوفياً الثمن لأن جناية العبد في يد البائع مضمونة على البائع فصار البائع قابضاً الثمن بفعل العبد * ولو باع حماراً بشعير بعينه فلم يتقابضا حتى أكل الحمار الشعير ينفسخ البيع ولا يكون البائع * <259> مستوفياً الثمن لأن فعل الحمار هدر غير مضمون فيصير الشعير هالكا قبل القبض بآفة سماوية فينفسخ البيع * ولو رهن دابة وقفيز شعير عند رجل قأكلت الدابة الشعير لا يصير المرتهن مستوفيا شيئاً من دينه لأن علف الدابة الرهن لا يكون على المرتهن أما علف دابة المبيع قبل القبض يكون على البائع فيصير البائع متلفاً بفعل الدابة * اشترى عبداً ولم يقبضه ثم أن المشتري قال للبائع قبل القبض مرةً ليعمل أي كذا فأمر البائع بذلك فعمل وعطب في العمل فإنه يهلك على المشتري كما لو أمره المشتري ليعمل له كذا فعمل * المشتري إذا أحدث في المبيع عيباً قبل القبض يصير قابضاً وكذا لو أمر البائع بذلك فعمله البائع * إذا اشترى حنطة وأمر البائع بطحنها فطحن فأن الدقيق يكون للمشتري ويصير المشتري قابضاً للمبيع * رجل اشتري خفين أو نعلين أو نعلين أو مصراعي باب فقبض أحدهما فهلك المقبوض عند المشتري والآخر عند البائع كان على المشتري حصة ما هلك عنده وما هلك عند البائع يهلك على البائع ولا يصير المشتري بقبض أحدهما قابضا لهما جميعاً * ولو أحدث المشتري بأحدهما عيباً قبل القبض يصير المشتري قابضاً لهما جميعاً ولو أحدث البائع بأحدهما عيباً بأمر المشتري يصير المشتري قابضاً لهما جميعاً ولو قبض المشتري أحدهما واستهلكه وأحدث به عيباً ثم هلك الآخر عند البائع كان المشتري قابضاً لهما جميعاً ويلزمه جميع الثمن ولو لم يكن هناك بيع فاستهلك أجنبي أحدهما كان للمالك أن يسلم إليه الباقي ويأخذ قيمتهما * رجل اشترى دهناً معيناً ودفع إليه الآنية وأمر البائع يزن فيه فوزن فيه ثم هلك إن كان البائع وزنه بحضرة المشتري فإنه يهلك على المشتري لأن المشتري صار
(2/128)
________________________________________
قابضاً يوزن البائع وإن كان ذلك في بيت البائع أو حانوته فإن كان البائع وزن الدهن في غيبة المشتري فهلك يهلك على البائع لأن الواحد لا يصلح أن يكون مسلماً ومتسلماً فإذا كان المشتري حاضراً أمكن جعله قابضاً يوزن البائع بأمر المشتري فلا يصير البائع مسلماً ومتسلماً أما إذا كان المشتري غائباً وإن صح أمر المشتري يوزن الدهن في الآنية لا يمكن جعله قابضاً تقديراً فلا يصير المشتري قابضاً هذا إذا اشترى دهناً بعينه * فإن كان بغير عينه لا يكون المشتري قابضاً سواء كان المشتري حاضراُ أو غائباً لأن الدهن إذا لم يكن معيناً كان أمر المشتري بالوزن مصادفاً ملك البائع فلا يصح ولا يكون وزنه كوزن المشتري هذا كما لو استقرض من آخر حنطة ودفع إليه الجوالق وأمره بأن يكيل فيها فإنه لا يصير قابضاً في الوجهين * ولو اشترى من الدهان عشرة أرطال دهن معين بدرهم ودفع القارورة إليه وأمره بأن يزن فيها الدهن فلما وزن رطلاً منها انكسرت القارورة وسال الدهن وهما لا يعلمان بانكسارها قصب البائع الباقي فيها فما وزن قبل الانكسار يكون على المشتري وما وزن بعد الانكسار فهلاكه يكون على البائع ويضمن البائع للمشتري ما وزن قبل الانكسار بصب الباقي وإن بقي في القارورة شيء مما وزن قبل الانكسار كان ذلك للمشتري هذا إذا دفع إليه قارورة صحيحة فانكسرت وإن كانت منكسرة وهو لا يعلم بذلك ومر الدهان بصب <260> الدهن فيها فصب والبائع أيضاً لا يعلم بالانكسار فذلك كله على المشتري * وإن لم يدفع القارورة إلى الدهان وكانت القارورة في يده وأمر البائع بصب الدهن فيها كان الهلاك في جميع ذلك على المشتري * وذكر قي المنتقى رجل اشترى سمناً ودفع إلى البائع ظرفاًً وأمره بأن يزن فيه وفي الظرف خرق لا يعلم به المشتري والبائع يعلم به فتلف كان التلف على البائع ولا شيء على المشتري وإن كان المشتري يعلم بذلك والبائع لا يعلم أو كانا يعلمان جميعاً يكون المشتري قابضاً وكذا لو قال للبائع أعرني جوالقك هذا وكله لي فيه * ولو قال أعرني جوالقك ولم يقل هذا وكله لي ففعل فليس هذا بقبض من المشتري * وذكر القدوري رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان المشتري حاضراً يكون قابضاً وإلا فلا وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون قابضاً في الوجهين إلا أن يأخذ الجوالق ثم يدفعه إلى البائع وأمره بأن يكيل فيه * ولو اشترى دهناً ودفع القارورة غلى الدهان وقال للدهان ابعث القارورة إلى منزلي فبعث فانكسرت في الطريق قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان قال للدهان ابعث على يد غلامي ففعل فانكسرت القارورة في الطريق فإنها تهلك على المشتري ولو قال ابعث على يد غلامك فبعث فهلكت في الطريق فالهلاك يكون على البائع لأن حضرة غلام المشتري تكون كحضرة المشتري وأما غلام البائع بمنزلة البائع * ومن مسائل التخلية رجل له رماك في حظيرة فباع منها واحدة بعينها لرجل وقبض الثمن وقال للمشتري أدخل الحظيرة واقبضها فقد خليت بينك وبينها فدخل ليقبضها فعالجها فانفلتت وخرجت من باب الحظيرة وذهبت قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن سلم الرمكة إلى المشتري في موضع يقدر على أخذها بوهق ومعه وهق والرمكة لا تقدر على الخروج من ذلك المكان فهو قبض وإن كانت تقدر على أن تنفلت منه ولا يضبطها البائع فليس بقبض وكذا لو كان المشتري يقدر على أخذها بوهق ولا يقدر بغير وهق وليس معه وهق أو كان يقدر على أخذها إن كان معه أعوان ولا يقدر على أخذها وحده وليس معه أعوان فانفلتت لا يكون ذلك قبضاً وإن كان المشتري يقدر على أخذها بغير حل ولا أعوان فخلى البائع بينه وبينها فانفلتت كان المشتري قابضاً وإن كانت الرمكة في يد البائع فأمسكها بعنانه فاشتراها رجل ونقد الثمن فقال له البائع هاك الرمكة فوضعها في يده فانفلتت من المشتري بعد ما صارت في يده فهي من مال المشتري وإن كانت الرمكة في ي البائع والمشتري جميعاً فقال البائع خليت بينك وبينها ولست أمسكها منعاً ببذلها وإنما أمسكها حتى تضبطها فانفلتت من أيديهما فهو قبض من المشتري وإن كانت الرمكة في يد البائع ولم تصل إلى يد المشتري فقال البائع خليت بينك وبينها فاقبضها فإني أمسكها لك فانفلتت من يد البائع قبل قبض المشتري إلا أن المشتري كان يقدر على <261> أخذها من يد البائع وضبطها فليس هذا بقبض من المشتري * ولو اشترى فرساً أو دابة والبائع راكبها فقال له المشتري احملني معك فحمله فعطبت الدابة هلكت من مال المشتري * ولو كانت الرماك كثيرة في حظيرة عليها باب مغلق لا تقدر الرماك على الخروج فباعها من رجل وخلى بينه وبين الرماك ففتح المشتري الباب فغلبت الرماك وخرجت الرماك ينظران كان المشتري لو دخل الحظيرة يقدر على أخذها يكون قابضاً وإلا فلا * وإن اشترى طيراً يطير في بيت عظيم إلا أنه لا يقدر على الخروج إلا بفتح الباب والمشتري لا يقدر على أخذه لطيرانه وخلى
(2/129)
________________________________________
البائع بينه وبين البيت ففتح المشتري الباب فخرج الطير ذكر الناطفي أنه يكون قابضا؟ً للطير ولو فتح الباب غير المشتري أو فتحه الريح لا يكنون المشتري قابضاً وإن كان الطير لا يقدر على الخروج إلا بفتح الباب * رجل باع خلا في دن في بيته وخلى بينه وبين المشتري فختم المشتري على الدن وتركه في بيت البائع فهلك بعد ذلك فإنه يهلك من مال المشتري في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعليه الفتوى * ولو اشترى ثوباً وأمره البائع بقبضه فلم يقبضه حتى غصبه إنسان فإن كان حين أمره البائع بالقبض أمكنه أن يمدّ يده ويقبض من غير قيام صح التسليم وإلا فلا * رجل باع فصاً في خاتم بدينار ودفع الخاتم إلى المشتري وأمره أن ينزع الفص فهلك الخاتم عند المشتري إن كان المشتري يقدر على نزعه من غير ضرر كان على المشتري ثمن الفص لا غير لأن المشتري كان أميناً في الخاتم فإذا كان يقدر على نزع الفص من غير ضرر صح التسليم وإن كان لا يقدر على نزع الفص من غير ضرر صح التسليم وإن كان لا يقدر على نزع الفص إلا بضرر لا شيء على المشتري لأن تسليم المبيع لم يصح وإن لم يهلك الخاتم خير المشتري إن شاء تربص حتى ينزعه البائع وإن شاء نقض البيع * ولو اشترى صوفاً في فراش وأبى البائع أن يفتقه فإن لم يكن في فتقه ضرر يجبر البائع على أن يفتق مقدار ما ينظر المشتري في الصوف فإن رضيه يجبر على فتق الكل وإن كان في فتقه فإن لم يكن في فتقه ضرر يجبر البائع على أن يفتق مقدار مقدار ما ينظر المشتري في الصوف فإن رضيه يجبر على فتق الكل وإن كان في فتقه ضرر لا يجبر البائع على الفتق لأنه لا يجبر على تحمل الضرر * رجل باع حباباً في بيت لا يمكن إخراجها غلا بقلع الباب فإن البائع يجبر على تسليمه خارج البيت فإن كان لا يقدر على تسليمه إلا بضرر كان له أن ينقض البيع * رجل اشترى بقرة وقال للبائع سقها إلى منزلك حتى أجيء خلفك غلى منزلك وأسوقها غلى منزلي فماتت البقرة في بيت البائع فإنها تهلك على البائع * فإن ادعى البائع تسليم البقرة كان القول قول المشتري مع يمينه * رجل دفع غلى قصاب درهماً وقال أعطني بهذا الدرهم لحماً وزنه وضعه في هذا الزنبيل في حانوتك حتى أجيئك بعد ساعة ففعل القصاب ذلك فأكلته الهرة قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن لم يبين موضع اللحم كان الهلاك على القصاب وإن بين فقال من الجنب أو من الذراع أو غير ذلك يكون الهلاك على المشتري وهو نظير ما ذكرنا عن القدوري * رجل اشترى حنطة <262>بعينها ودفع الغرارة إلى البائع وقال ضع كلها فيها ففعل صار المشتري قابضاً ولو كانت الحنطة بغير عينها بأن كان سلماً أو ثمناً ودفع الغرارة إلى المسلم إليه وأمره بكيلها فيها لا يصير قابضاً إلا أن يكن رب السلم حاضراً قال مولانا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وكذا لو اشترى ذراعاً من ثوب ولم يبين الجانب فقطعه البائع ولم يرض به المشتري لا يلزم المشتري * ولو بين الجانب فقال من هذا الجانب فقلعه البائع لزم المشتري ولا يكون للمشتري أن يرد * رجل اشترى عبداً فقتله إنسان عمداً قبل القبض قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى خير المشتري في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن اختار إمضاء البيع كان القصاص له وإن نقض البيع كان القصاص للبائع وعند أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن اختار إمضاء البيع كان القصاص للمشتري وإن اختار نقض البيع فلا قصاص وتكون القيمة للبائع وَمُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى استحسن فقال تجب القيمة في الحالين ولا يجب القصاص وهو بمنزلة ما لو كان القتل خطأ وذكر المسألة في النوادر على هذا الوجه كما قال الشيخ الإمام رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل اشترى عبداً ولم يقبضه فأمر البائع أن يهبه من فلان ففعل البائع ذلك ودفعه إلى الموهوب له جازت الهبة ويصير المشتري قابضاً وكذا لو أمر البائع أن يؤاجره من فلان فعين أو لم يعين ففعل جاز وصار المستأجر قابضاً للمشتري أولاً ثم يصير قابضاً لنفسه والأجر الذي يأخذه البائع من المستأجر يحسب من الثمن إن كان من جنسه وكذا لو أعار البائع العبد من رجل قبل التسليم إلى المشتري أو وهب أو رهن فأجاز المشتري ذلك جاز ويصير قابضاً ولو أن المشتري أعار العبد المشترى قبل القبض أو وهبه أو تصدق به على رجل أو رهنه عند إنسان وقبضه المرتهن جاز ولو باع أو أجر قبل البقض لا يجوز قال مُحَمَّد كل تصرف يجوز من غير قبض إذا فعله المشتري قبل القبض لا يجوز وكل ما لا يجوز إلا بالقبض كالهبة والرهن ونحوهما إذا فعله المشتري قبل القبض جاز لأن المشتري بالرهن والهبة يصير مسلطاً للمرتهن والموهوب له على لقبض فيصير المشتري قابضاً بقبضه * رجل اشترى ثوباً ولم يقبضه ولم ينقد الثمن فقال للبائع لا تمسك عليه ادفعه إلى فلان فيكون عنده حتى أدفع إليك الثمن فدفعه البائع إلى فلان فهلك
(2/130)
________________________________________
عنده كان الهلاك على البائع لأن المدفوع إليه يمسكه بالثمن لأجل البائعه فتكون يده كيد البائع * رجل اشترى جارية ولم يقبضا فقال للبائع بعها أوطئها فباعها أو وطئها أو كان طعاماً فقال كله ففعل فإن ذلك يكون فسخاً للبيع وما لم يفعل الباع ذلك لا يكون فسخاً أما الأكل والوطء فإن البائع لا يصلح نائباً عن المشتري في ذلك فيجعل مجازاً عن الفسخ حتى يكون واطئاً وآكلاً مال نفسه * وأما البيع فهو على وجوه ثلاثة إن قال بعه لنفسك فباعه يكون فسخاً ولو قال بعه لي لا يجوز البيع ولا يكون فسخاً ولو قال بعه أو بعه ممن شئت فباعه كان فسخاً ويجوز البيع الثاني للمأمور في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون فسخاً وهو كقوله بعه لي <263> * ولو اشترى ثوباً أو حنطة فقال للبائع بعه قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان ذلك قبل القبض المشتري وقبل الرؤية يكون فسخاً وإن لم يقل البائع نعم لأن المشتري ينفرد بألفسخ في خيار الرؤية وإن قال بعه لي أو كن وكيلي في الفسخ فما لم يقبل البائع ولم يقل نعم لا يكون فسخاً وإن كان ذلك بعد القبض والرؤية لا يكون فسخاً ويكون توكيلاً بالبيع سواء قال بعه أو قال بعه لي * باع المبيع من البائع قبل القبض لا يجوز البيع الثاني ولا ينفسخ الأول * ولو وهب من البائع لا تجوز الهبة وينفسخ البيع إذا قبل * ولو اشترى عبداً وقبضه ثم تقايلا البيع ولم يتقابضا حتى اشتراه من البائع جاز شراؤه * ولو باعه البائع بعد الإقالة من غير المشتري لا يجوز بيعه * اشترى داراً أو عقاراً فرهنها قبل القبض من غير البائع يجوز عند الكل ولو باع يجوز في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى ولا يجوز في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو أجرها قبل القبض من البائع أو غيره لا يجوز عند الكل وكذا لو اشترى أرضاً فيها زرع زرعها والزرع بقل فدفعها إلى البائع معاملة بالنصف قبل القبض لا يجوز لأنه آجر الأرض فإن دفع الأرض معاملة يكون استئجاراً للعامل ولا يكو إجارة للأرض وإنما لا يجوز لأنه باع نصف الزرع قبل القبض * رجل اشترى فحماً في بيت البائع في جوالقه فوضع المشتري يده عليها وقال قبضت ثم باعه من غيره قبل الإخراج قالوا يجوز بيعه لأنه باع بعد القبض وهذا قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وتأويله إذا كان البائع خلى بينه وبين الفحم * رجل اشترى دابة مريضة في إصطبل البائع فقال المشتري تكون ههنا الليلة فإن ماتت ماتت لي فهلكت هلكت من مال البائع لا من مال المشتري * رجل باع مكيلاً في بيت مكايلة أو موزوناً موازنة وقال للمشتري خليت بينك وبينه ودفع إليه المفتاح ولم يكله ولم يزنه صار المشتري قابضاً ولو أنه دفع المفتاح غلى المشتري ولم يقل خليت بينك وبينه فاقبضه لا يكون قابضاً * باع مكيلاً مكايلة أو موزوناً موازنة أو معدوداً أو مذروعاً كان أجر الكيال والوزان والذراع والعداد على البائع لأن ذلك من باب التسليم ولهذا صار المشتري قابضاً بكيل البائع عند حضرته * ولو اشترى الثمار على رؤوس الأشجار كان أجرة الجذاذ على لمشتري لأنه ثم يتحقق التسليم بالتخلية * ووزن الثمن يكون على المشتري وكذلك أجرة الناقد في ظاهر الرواية وقال بعضهم إن قال المشتري دراهمي منتقدة كان أجرة الناقد على البائع وإن قال غير منتقد فأجرة الناقد تكون على المشتري والصحيح أنها تكون على المشتري على كل حال * ولو اشترى حنطة أو ثياباً في جراب كان فتح الجراب على البائع وإخراج الثياب على المشتري وقيل كما يجب الكيل على البائع فالصب في وعاء المشتري يكون عليه أيضاً وكذا لو اشترى ماء من سقاء في قربة كان صب الماء على السقاء والمعتبر في هذا العرف * ولو اشترى حنطة في سنبلها جاز وكانت التذرية والكدس والتخليص على البائع * ولو اشترى عنباً جزافاً كان القطف على المشتري وكذا <264> ولو اشترى شيئاً مغيباً في الأرض كالثوم والجزر والبصل ونحو ذلك كلما اشتراه جزافاً فإخراج ذلك يكون على المشتري * ولو اشترى كيلياً مكايلة أو موزوناً موازنة فكان البائع بحضرة المشتري قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكفيه كيل البائع ويجوز له أن يتصرف فيه قبل أن يكيله * وقوله عليه الصلاة والسلام حتى يجري فيه صاعان محمول على ما إذا كانت الحنطة سلماً أو ثمناً على رجل فاشترى المديون كراً من رجل آخر وأمر صاحب الدين بقبض الكر من غريمه فإن صاحب الدين يحتاج إلى الكيل مرتين مرة لبائعه ومرة لنفسه * ولو كان هذا في الذرعيات إذا باع مذارعة فلم يذرع البائع وقبض المشتري بغير ذرع جاز له أن يتصرف فيه من غير ذرع وفي العدديات روايتان في رواية عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو والذرعى سواء وفي رواية هو والكيلي والوزني سواء * ولو اشترى حنطة على أنها
(2/131)
________________________________________
كر فقال له البائع هي كر كلتها الآن لفلان فلم يأخذها فخذها بعشرة فأخذها على ذلك قالوا لا يجوز له أن يتصرف فيه حتى يكيل مرة أخرى وكذلك الموزون فإن لم يكله حتى باع من غيره بعد القبض أو طحنها وأكل الخبز قالوا لا يطيب له لنهي النبي عليه الصلاة والسلام وقال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى النهي محمول على ما إذا لم يكن المشتري حاضراً وقت كيل البائع فإن كان حاضراً ورأى رأى العين لا يحتاج إلى الكيل بعد ذلك قال وكذلك الجواب في القصاب والخيار إذا قال وزنت الآن لفلان إن لم يكن المشتري حاضراً يحتاج إلى الوزن مرة أخرى وإن كان حاضراً حين وزن البائع كفه ذك * في الذرعات إذا اشترى ثوبا قال له البائع هو عشرة أذرع ذرعته الآن وصدقه المشتري في ذلك كفاه في العدديات هو على الروايتين {فصل في المقبوض على سوم الشراء} * رجل ساوم رجلاً بقدح وقال لصاحب القدح ارم إلي فدفعه إليه فوقع من يده على الأقداح فانكسرت لا يضمن القابض القدح المدفوع إليه لأنه قبضه على سوم الشراء من غير بيان الثمن فلا يضمن وعليه ضمان الأقداح التي انكسرت بفعله * رجل جاء إلى زجاج فقال ادفع إلي هذه القارورة فقال الزجاج بكذا فقال آخذها فأراها فقال الزجاج نعم فرفعها فوقعت من يده وانكسرت كان عليه قيمتها ولو وقعت على أقداح أخرى فانكسرت الأقداح كان عليه ضمان تلك الأقداح بين الثمن أو لم يبين هذا إذا أخذها بإذن صاحبها فإن أخذها بغير إذنه كان ضامناً بين الثمن أو لم يبين * رجل اشترى خلاً فنظر في دن الخل فوقعت قطرة دم من أنفه <265> في الدن ينجس ولا ضان عليه إن نظر بإذن الخلال وإن نظر بغير إذنه كان ضامناً * اشترى فقاعاً أو شراباً وأخذ القدح أو الكوز من الفقاعي فوقع من يده فانكسر لا يضمهن لأنه أعار منه الكوز * رجل أخذ من البزاز ثوباً فقال أذهب به فإن رضيته اشتريته فضاع من يده لا يضمن ولو قال إن رضيته اشتريته بعشرة كان ضامناً * الوكيل بالشراء إذا أخذ السلعة على سوم الشراء بعد بيان الثمن فأراها الموكل فلم يرض بها الموكل فردها على الوكيل فهلكت عند الوكيل كان على الوكيل قيمتها لأنه أخذها على سوم الشراء وبين الثمن ثم يرجع الوكيل بما ضمن على موكله إن كان أمره الموكل بالأخذ على سوم الشراء وإن لم يكن أمره بذلك لا يرجع لأن الأمر بالشراء لا يكون أمراً بالأخذ على سوم الشراء * رجل يبيع سلعة فقال لغيره انظر فيها فأخذها لينظر فيها فهلكت في يده لا يضمن وإن قال الناظر بعد ما نظر بكم تبيع قالوا يكون ضامناً والصحيح أنه لا يضمن غلا إذا قال صاحب السلعة بكذا * رجل قال لغيره هذا الثوب لك بعشرة وقال هات حتى أنظر فيه أو قال حتى أريه غيري فأخذه على هذا فضاع في يده ذكر في المنتقى أنه لا يضمن في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى * ولو قال هات فإن رضيت أخذته فضاع كان عليه الثمن * رجل أخذ متاعاً ليذهب به إلى منزله فإن رضي اشتراه وإن لم يرض رده عليه فهلك في يده قال أبو الليث الكبير رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يضمن لأنه أخذه على وجه الأمانة لا على وجه المساومة * وإن اشترى متاعاً على أنه بالخيار إلى أن يذهب به إلى منزله فهلك في يده كان عليه القيمة لأنه لم يوقت للخيار وقتاً فيفسد البيع إلا أنه إن هلك في ثلاثة أيام كان عليه الثمن وإن هلك بعدها كان عليه القيمة * رجل دفع السلعة إلى منادٍ لينادي عليها فطولب منه بدراهم معلومة فوضعه عند الذي طلبه وقال ضاعت مني أو وقعت مني كان عليه قيمته لأنه أخذه على وجه السوم بعد بيان الثمن قالوا ولا شيء على المنادي وهذا إذا كان مأذوناً بالدفع إلى من يريد شراءه قبل البيع فإن لم يكن مأذوناً بذلك كان ضامناً والله أعلم {فصل في قبض الثمن} * رجل باع متاعاً بألف درهم فوزن له المشتري ألفاً ومائتي درهم ودفعها إليه فضاعت عند كان البائع مستوفياً حقه بالألف والزيادة أمانة في يده ولا يلزمه شيء بهلاكها وإن ضاع نصفها كان الباقي بين البائع والمشتري على ستة لأن المال المقبوض كان مشتركاً بينهما على ستة خمسة أسداسه للبائع والسدس للمشتري فما هلك يهلك على الشركة وما بقي يبقى على لشركة ولو أن البائع عزل منها مائتي درهم ليردها فضاع المائتان عنده وبقي الألف كان الألف بينهما على ستة ولو جعل الألف في كمه ودفع المائتين إلى غلامه ليردها فسرق المائتان وسرق الألف من يده لا يرجع أحدهما على صاحبه بشيء * رجل اشترى جارية بألف درهم ودفع إلى البائع كيساً على ظن أن فيه ألف درهم فذهب به البائع إلى منزله فإذا <266> فيه دنانير فحملها ليردها إلى المشتري فهلكت في الطريق لا يضمن البائع شيئاً لأنه قبض بإذن المشتري ما ليس من جنس حقه فكان أميناً * ولو أن المشتري دفع إلى البائع دراهم صحاحاً فكسرها البائع فوجدها نبهرجة كان له أن يردها على المشتري ولا يضمن بالكسر لأن الصحاح والمكسرة فيه سواء *
(2/132)
________________________________________
الدراهم أنواع جياد وزيوف ونبهرجة وستوقة * واختلفوا في تفسر هذه الدراهم قال بعضهم النبهرجة هي التي تضرب في غير دار السلطان والزيوف هي الدراهم المغشوشة والستوقة هي صفر مموه بألفض وقال عامة المشايخ الجياد فضة خالصة تروج في التجارات وتؤخذ في بيت المال والزيوف مازيفه بيت المال ويأخذها التجار في التجارات ولا بأس بالشراء بها لكن يبين للبائع أنها زيوف والنبهرج ما يبرهجه التجار ولا يروج في التجارات ولها حكم الدراهم في الشرع حتى لو تجوز بها في السلم والصرف يجوز * والستوقة فارسي معرب سه تاقه وهو أن يكون الطاق الأعلى فضة والأسفل كذلك وبينهما صفر ليس لها حكم الدراهم في الشرع حتى لو تجوز بها في الصرف والسلم لا يجوز وإنما لا يضمن كاسر النبهرجة لأنه لا قيمة لهذه الصنعة فيدها على المشتري بغير شيء وكذا لو دفع النبهرجة إلى إنسان لينظر فيه فكسره لا يضمن * ولو باع شيئاً بدراهم جياد وقبض الدراهم وأراها رجلاً فانتقدها فوجد فيها قليل نبهرجة واستبدل النبهرجة ثم أراد البائع صرف الكل في حاجته فلم يأخذها أحد وقالوا كلها نبهرجة قالوا إن كان البائع أقر بقبض الجياد أو أقر بقبض حقه أو باستيفاء الثمن لا يرد شيئاً ولا تسمع دعواه أهنها نبهرجة إلا إذا صدقه المشتري أنها نبهرجة فيدها عليه وإن لم يكن البائع أقر بما قلنا ثم ادعى أنها نبهرجة سمع دعواه فكان له أن يرد * ولو اشترى شيئاً بدراهم نقد البلد ولم يقبض حتى تغيرت فإن كانت لا تروج في التجارات فسد البيع وهو بمنزلة ما لوز اشترى شيئاً بألفلوس الرائجة فكسدت قبل القبض وقد مر قبل ذلك وإن كانت الدراهم بعد التغير تروج في التجارات إلا أنه انتقصت قيمتها لا يفسد البيع ولم يكن له إلا ذلك وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أن يفسخ البيع في نقصان القيمة أيضاً * وإن انقطعت تلك الدراهم اليوم كان عليه قيمة تلك الدراهم قبل الانقطاع عند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعليه الفتوى * وكذا لو اشترى بألفلوس شيئاً فكسدت فسد البيع عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وإن غلت أو رخصت لا يفسد * ولو باع عرضاً بالدراهم وسلم العرض ولم يقبض الدراهم حتى صارت لا تنفق ولا تروج في التجارات فإن كانت لا تنفق في هذه البلدة وتنفق في غيرها على قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون ذل كساد لكن يثبت الخيار للبائع إن شاء أخذ تلك الدراهم وإن شاء أخذ قيمتها في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وإن كانت لا تنفق في هذه البلدة ولا في غيرها من البلدان كان ذلك كساداً عند الكل يفسد العقد عند أَبِي حَنِيفَةَ <267> رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعندهما يثبت الخيار ولا يفسد العقد * رجل اشترى شيئاً بدوانق فلس ولم يذكر العدد في القياس لا يجوز البيع ويجوز استحساناً وعليه الفتوى * ولو اشترى بدرهم فلس في القياس لا يجوز وفي الاستحسان يجوز يؤخذ بالقياس ههنا وقيل فيه خلاف بين أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى القياس قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى والاستحسان قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وأخذوا بقول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في درهم فلس أنه لا يجوز * ولو اشترى شيئاً بدانق أو بدانقين ولم يذكر شيئاً لا الدراهم ولا الفلوس قالوا يصرف ذلك إلى الدانق من الفلوس وهذا إذا كان المشتري شيئاً خسيساً يشتري بدوانق فلس وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا اشترى داراً بعشرة ولم يزد على ذلك فهو عشرة دنانير وإن اشترى ثوباً بعشرة فهي عشرة دراهم وإن اشترى بطيخاً بعشرة فهي عشرة أفلس المعتبر في هذا عرف الناس من يباع بالدناينر كانت العشرة من الدنانير وما يباع بالدراهم كانت العشرة من الدراهم * رجل اشترى ألف درهم بمائة دينار ولم يسلم كل واحد منهما شيئاً فلكل واحد منهما نقد الناس في البلد إن كانا بالكوفة فهي على دنانير الكوفة لأن الدنانير تختلف باختلاف البلاد من حيث العيار * وأهل الشروط ذكروا في شروطهم في الدراهم وزن سبعة وأرادوا بذلك أن يكون وزن عشرة دراهم سبعة مثاقيل وأصل ذلك أن الدراهم كانت مختلفة في عهد عمر رَضِيَ اللهُ عَنهُ بعضها خفاف يزن الواحد منها عشرة قراريط وبعضها ثقال يزن الواحد منها عشرين قيراطاً وبعضها بين الخفاف والثقال يزن الواحد منها اثني عشر قيراطاً وبسبب ذلك تقع الخصومة بين الناس في تجاراتهم فشاور عمر الصحابة رَضِيَ اللهُ عَنهُم في ذلك فاتفقوا على أن يؤخذ من كل نوع ثلاثة فأخذوا ثلث العشرة وثلث العشرين وثلث اثني عشر فبلغ ذلك أربعة عشر قيراطاً فضربوا درهما وزنه أربعة عشرة قيراطاً ووزن الدينار عشرون قيراطاً وكان وزن الدينار عشرون قيراطاً وكان وزن عشرة دراهم سبعة مثاقيل * رجل قال لغيره بعت منك هذا الثوب بعشرة دراهم صحاح ومكسرة جاز ويكون النصف من هذا والنصف من ذاك * ولو باعه بعشرة دراهم بعضها ن الصحاح
(2/133)
________________________________________
وبعضها من المكسرة فسد البيع * باع عبداً بثوب موصوف في الذمة إن ذكر للثوب أجلاً جاز وإن لم يذكر له أجلاً لا يجوز لأن الثوب لا يجب في الذمة بعقد المعاوضة إلا سلماً والسلم لا بذله من الأجل فإن ذكر للثوب أجلا فافترقا قبل قبض العبد لا يفسد العقد وهذا العقد يعتبر بيعاً في حق العبد سلماً في الثوب ويجوز أن يكون للعقد الواحد حكم عقدين كالهبة بشرط العوض وتعليق العتق بأداء المال * رجل باع ثوباً ثم لقيه المشتري فقال إنك قد أغليت علي وبعتني بأكثر مما يساوي وقد كان باعه بعشرين فقال البائع قد بعتك بعشرة لا بعشرين فهو جائز وهو حط وكذا لو قال البائع للمشتري قد أرخصت عليك وبعتك بنصف الثمن فقال المشتري اشتريته بعشرين جاز ويكون زيادة في الثمن * ولو لقيه البائع فقال بعد ما قبل المشتري بعتك ثانية <268> بعشرة فقبل المشتري اشتريت منك ثانية بعشرين وتراضيا على ذلك ينتقض البيع الأول وينعقد الثاني ولا يشبه هذا إذا ذكر الغلاء والرخص فإن ذلك زيادة وحط * رجل اشترى شيئاً بألف درهم فقال المشتري بعد البيع نويت في قلبي نقد كذا وقال بالبائع نويت نقد كذا لا جود من ذلك فهو باطل وله نقد البلد فإن كان نقدهم مختلفاً كان ذلك على الغالب وإن استويا فسد البيع {فصل في الأجل} * رجل اشترى متاعاً بألف درهم إلى عشرة أشهر على أن يعطيه الثمن أي نقد كان يومئذ كان البيع فاسداً *رجل باع شيئاً بألف درهم على أن يعطيه على التفاريق إن كان ذلك شرطاً في البيع لا يجوز البيع وإن لم يكن ذلك شرطاً في البيع وإنما ذكر ذلك بعد البيع كان للبائع أن يأخذه بالثمن جملة * رجل باع عبداً بألف على أن ينقده كل أسبوع بعض الثمن حتى ينقده خمسمائة عند مضي الشهر كان فاسداً * رجل اشترى من القصاب كل يوم لحماً بدرهم وكان القصاب يقطع له اللحم ويضعه في الميزان ويزن والمشتري يظن أنه منّ لأن اللحم يباع في البلد مناً بدرهم فوزن المشتري اللحم يوماً فوجده ثلاثين أستاراً وصدقه القصاب في ذلك قالوا إن كان المشتري من أهل البلد يرجع على القصاب بحصة النقصان من الثمن ولا يرجع بحصة النقصان من اللحم لأن الباع أخذ حصة النقصان من الثمن بغير عوض فيرجع عليه بذلك وإن كان المشتري من غير أهل البلد أو كان القصاب ينكر أنه دفع إليه على أنه منّ فإن المشتري لا يرجع على القصاب بشيء لأن سعر البلد لا يظهر في حق الغرباء * بلدة اصطلح أهلها على سعر اللحم والخبز وشاع ذلك فجاء رجل غريب إلى الخباز فقال أعطني خبزاً بدرهم أو جاء إلى قصاب وقال أعطني لحماً بدرهم فأعطاه أقل مما يباع في البلد والمشتري لا يعلم بذلك ثم علم قالوا يرجع في الخبز بحصة النقصان من الثمن لأن البيع وقع على الوزن الذي شاع في البلد فإذا أوجده أقل يرجع بالنقصان لأن في قدر النقصان باع خبزاً غير معين ولم يوجد التعاطي وفي اللحم لا يرجع بشيء لأن سعر اللحم لا يشيع كما يشيع سعر الخبز فلا يظهر في حق الغرباء * رجل اشترى شيئاً بثمن إلى النيروز ذكر في الأصل أنه لا يجوز قالوا هذا إذا لم يعلم البائع والمشتري بما بقي غلى النيروز فإن علما جاز * اشترى شيئاً بثمن إلى سنة كان على البائع تسليم المبيع في الحال فإن لم يسلم حتى مضت السنة قال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يعتبر الأجل من وقت التسليم وكذا لو كان في البيع خيار يعتبر الأجل من وقت سقوط الخيار عنده وأجمعوا على أنه لا يكون للبائع أن يحبس المبيع لاستيفاء الثمن بعد السنة من وقت البيع * ولو باع شيئاً بثمن غلى رمضان ولم يسلم حتى جاء رمضان لا يبقى الأجل ويجب الثمن على المشتري في قولهم * رجل عليه ألف درهم من ثمن بيع طالبه الطالب فقال ليس عندي شيء فقال الطالب اذهب وأعطني كل شهر عشرة لم يكن ذلك تأجيلاً وكان له <269> يأخذه بجميع الثمن في الحال * رجل قال لغيره بعت منك هذا الثوب بعشرة على أن تعطيني كل يوم درهماً وكل يومين درهمين فإنه يعطي العشرة في ستة أيام درهماً في اليوم الأوّل وثلاثة في اليوم الثاني ودرهماً في اليوم الثالث وثلاثة في اليوم الرابع ودرهماً في اليوم الخامس ودرهماً في اليوم السادس * أما في الأوّل يعطيه درهماً فظاهر وفي الثاني يعطيه ثلاثة لأنه جعل اليوم أجلاً للدرهم الواحد بكلمة توجب التكرار فكلما جاء يوم يلزمه درهم فيلزمه درهم في اليوم الثاني بمجيء اليوم الثاني ودرهمان بمضي يومين ودرهم في اليوم الثالث بحلول نجم آخر ولم يحل للدرهمين أجل آخر وفي اليوم الرابع يلزمه ثلاثة دراهم بمجيء اليوم الرابع ودرهما بمجيء أجل آخر للدرهمين وفي اليوم الخامس يلزمه درهم بمجيء اليوم الخامس ولم يحل للدرهمين أجل آخر بقي من العشرة درهم واحد يعطيه في اليوم السادس * من عليه الدين المؤجل إذا قال برئت من الأجل أو قال لا حاجة لي في الأجل لهذا الدين لم يكن ذلك إبطالاً للأجل ولو قال أبطلت الأجل أو قال تركت الأجل يصير الدين حالاً وكذا لو قال جعلت هذا الدين
(2/134)
________________________________________
المؤجل حالاً يصير حالاً على هذا قالوا لو قال صاحب الدين لمديونه تركت ديني عليك أو قال بألفارسية حق خويش تبودادم يكون إبراء * من عليه الدين المؤجل إذا قضى الدين قبل حلول الأجل فاستحق المقبوض على القابض أو وجد المقبوض زيوفاً فرده كان الدين عليه إلى أجله * ولو اشترى صاحب الدين المؤجل من مديونه بالدين المؤجل شيئاً وقبضه ثم تقايلا البيع لا يعود الأجل * ولو وجد صاحب الدين المؤجل بالمشتري عيباً فرده بقضاء عاد الأجل * ولو كان بهذا الدين المؤجل كفيل لا تعود الكفالة في الوجهين * صاحب الدين إذا وهب الدين من مديونه وبالدين كفيل فرد المديون الهبة عاد الدين على المديون ولا تعود الكفالة * ولو أبرأ المكفول عن الدين فرد الأبراء بطل الأبراء في حق الأصيل واختلف المشايخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى في براءة الكفيل التأخير ولو أخر الدين عن الأصيل فرد التأخير بطل * في حق الأصيل والكفيل جميعاً {ويتصل بمسائل الثمن مسائل المرابحة} رجل اشترى دنانير بدراهم ثم باع الدنانير مرابحة لا يجوز لأن الدنانير لا تتعين في البيع فم يكن المقبوض بعقد الصرف مبيعاً في البيع الأول * ولو اشترى متاعاً بألف درهم ببخارا ثم باعه بسمرقند بربح مائة درهم كان رأس ماله نقد بخارى والربح نقد سمرقند لأن رأس المال يصير مذكراً في عقد المرابحة فينصرف البيع إلى ذلك أما الربح مائة مطلقة فينصرف غلى نقد البلد الذي باع فيه مرابحة وإن باعه بسمرقند بربح د5يازده كان رأس المال والربح من نقد بخارا لأنه جعل الربح الجزء الحادي عشر فكان الكل من نقد واحد * ولو اشترى ثوباً بدراهم جياد ونقد الزيوف مكان الجياد ثم باعه مرابحة كان رأس ماله الجياد لأن البيع الأول كان بالجياد <270> * رجل غصب عبداً فأبق من يده فقضى القاضي عليه بقيمة العبد ثم عاد العبد من الأباق كان للغاصب أن يبيعه مرابحة على القيمة التي غرم لأنه ملك العبد بتلك القيمة لكن لا يقول اشتريته بكذا وإنما يقول قام عليّ بكذا وإن اشترى عبداً بخمر وقبضه فابق من يده وقضى القاضي عليه للبائع بقيمة العبد بحكم فساد البيع يكون له أن يبيعه مرابحة على قيمته ويقول قام علي بكذا * ولو اشترى دابة أو عبداً وقبضه وآجره وأخذ الأجرة ثم باعه مرابحة على الثمن الذي اشتراه جاز وإن لم يبين أنه آجره واخذ الأجرة لأن الأجرة بدل عن المنفعة لا عن شيء من الذات الذي اشتراه وقد باع جميع ما اشتراه * رجل اشترى دحاجة وقبضها فباضت عنده عشرين بيضة أو أكثر وباع البيض بدرهم ثم أراد أن يبيع الدجاجة مرابحة على الثمن الذي اشتراها قالوا إن كان أنفق على الدجاجة بمقدار الثمن الذي باع به البيع جاز ويجعل ثمن البيض عوضاً عما أنفق وإن لم ينفق لا يجوز لأن البيض من أجزاء الدجاجة بخلاف الأجر {فصل في الإقالة والاستحقاق} * رجل باع أمة فأنكر المشتري الشراء لا يحل للبائع أن يطأ الجارية ما لم يعزم على ترك الخصومة لأن البيع لا ينفسخ بجحود المشتري فإن عزم البائع على ترك الخصومة جاز له أن يطأها لأن جحود المشتري فسخ في حقه وإذا عزم البائع على ترك الخصوم ثم انفسخ بتراضيهما حل له الوطء وكذا لو باع جارية ثم أنكر البيع والمشتري يدعي لا يحل للبائع أن يطأها فإن ترك المشتري الدعوى وسمع البائع أنه ترك الخصومة حل له الوطء وهذا كما لو اشترى جارية على أنه بالخيار ثلاثة أيام وقبض الجارية ثم إن المشتري رد على البائع في أيام الخيار جارية أخرى وقال هي التي اشتريتها وقبضها كان القول قوله لأنه أنكر قبض غيرها فإن رضي البائع بها حل للبائع أن يطأها لأن المشتري لما رد غير ما اشترى فقد رضي بتملك البائع الثانية بالأولى فإذا رضي البائع بذلك تم البيع بينهما بالتعاطي وكذا القصار إذا رد على صاحب الثوب ثوباً له غير ثوبه ورضي به صاحب الثوب وكذا الإسكاف وغيرهما * رجل باع شيئاً ثم قال للمشتري أقلني البيع فقال قد أقلتك لم يكن ذلك إقالة في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى في ظاهر الرواية حتى يقول البائع بعد ذلك قبلت وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه تتم الإقالة بقول المشتري قد أقلتك بعد ما قال له البائع أقلني * باع من آخذ ثوباً فقال له المشتري قد أقلتك البيع في هذا الثوب فاقطعه قميصاً فقطع البائع قميصاً قبل أن يتفرقا ولم يتكلم بشيء كانت إقالة * رجل اشترى وقر حنطة بدراهم معلومة وقبض الحنطة وسلم بعض الثمن فجاء البائع بعد ذلك يطب منه الباقي فقال له المشتري قام عليّ بثمن غال فرد البائع ما قبض منه ولم يقل شيئاً وأخذ المشتري قالوا لا ينتقض البيع بينهما مال لم يرد المشتري المبيع على البائع * رجل اشترى حماراً وقبضه ثم جاء بعد أيام ورده على البائع فلم يقبل البائع رده وقال لا أقبل ثم استعمله <271>بعد ذلك أياماً ثم أراد أن يرده على المشتري ولا يرد الثمن كان له ذلك لأنه لما قال لا أقبل بطل رد المشتري وإقالته فلا ينفسخ
(2/135)
________________________________________
البيع بينهما باستعمال البائع بعد ذلك لأن الاستعمال وإن كان دليلاً على الرضا غلا أنه دون الصريح فلا يبطل به صريح الرد * رجل اشترى من رجل صابوناً رطباً وقبضه فجف عند وانتقص وزنه بالجفاف ثم إنهما تفاسخا البيع صح الفسخ ولا يجل على المشتري شيء من الثمن لأجل النقصان لأنه ما فات شيء من أجزاء المبيع * رجل اشترى لحماً أو سمكاً أو شيئاً يتسارع إليه الفساد فذهب المشتري إلى بيته ليجيء بالثمن فطال مكثه وخاف البائع أن يفسد كان للبائع أن يبيعه من غيره استحساناً وللمشتري الثاني أن يشتري من البائع وإن كان يعلم بذلك لأن البائع رضي بانفساخ البيع الأول والمشتري الأول كذلك ظاهراً ثم ينظر إن كان الثمن الثاني أكثر من الثمن الأوّل كان عليه أن يتصدق بالزيادة وإن كان أنقص فالنقصان يكون من مال البائع ولا يكون على المشتري الأول * رجل اشترى عبداً ثم ادعى أنه باعه من البائع بأقل مما اشتراه قبل نقد الثمن وفسد البيع وادعى البائع أنه أقاله البيع كان القول قول المشتري في إنكار الإقالة مع يمينه * ولو كان البائع يدعي أنه اشتراه من المشتري بأقل مما باعه والمشتري يدعي الإقالة يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه * الإقالة فسخ في حق المتعاقدين عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * تقايلا بأكثر من الثمن الأوّل أو بأقل أو بجنس آخر كانت الإقالة بالثمن الأول ويبطل ذكر الثمن الثاني * ولا تصح الإقالة بعد الزيادة الحادثة بعد القبض ولا تصير الإقالة بيعاً وعلى قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الإقالة بيع فإن تعذر جعلها بيعاً بأن كان المبيع منقولاً وتقايلا قبل القبض يصير فسخاً وعلى قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الإقالة فسخ فإن تعذر جعلها فسخاً بأن تقايلا بعد حدوث الزيادة عند المشتري يصير بيعاً * الوكيل بالبيع يملك الإقالة قبل قبض الثمن في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وأما الوكيل بالشراء ذكر الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي والشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده بأنه لا يملك الإقالة * أما الوكيل بالإجارة إذا ناقض الإجارة مع المستأجر قبل استيفاء المنفعة وقبل قبض الأجر صح ذلك منهما سواء كان الأجر عيناً أو ديناً ولو وهب الوكيل الأجر من المستأجر أو أبرأه عن ذلك فإن كان الأجر شيئاً بغير عينه أو كان ديناً ولم يشترط التعجيل جازت هبته وإبراؤه ويكون ضامناً للآمر في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى كما في الوكيل بالبيع وإن كان الأجر شيئاً بعينه لا يصح إبراء الوكيل وهبته بعد استيفاء المنفعة وبعد التعجيل * رجل اشترى عبداً بألف درهم ودفع الثمن ولم يقبض العبد فقال للبائع بعد ما لقيه وهبت لك العبد والثمن كان ذلك نقضاً للبيع ولا تصح هبة الثمن * رجل اشترى من رجل عبداً بأمة وتقابضا ثم إن اشترى العبد باع نصف العبد من رجل ثم أقال البيع في الأمة بعد ذلك جازت الإقالة وكان عليه لبائع العبد قيمة العبد وكذا لو لم يبع لكن قطعت <272> يد العبد وأخذ الأرض ثم أقال البيع في الأمة {مسائل الاستحقاق} رجل اشترى جارية وباعها من غيره فتداولتها الأيدي فادعت عند المشتري الرابع أنها حرة فردها الرابع على الثالث بقولها والثالث على الثاني وأبى البائع الأول أن يقبلها قالوا إن كانت الجارية ادعت العتق فله أن لا يقبل الجارية بقولها وإن كانت ادعت أنها حرة الأصل وقد انقادت للبيع والتسليم بأن يبعث وسلمت إلى المشتري وهي ساكتة فللبائع أيضاً أن لا يقبلها لأن انقيادها على هذا الوجه بمنزلة الإقرار بالرق * ولو أقرت بالرق ثم ادعت العتق لا يقبل قولها إلا ببينة وإن أنكرت البيع والتسليم ليس للبائع الأول أن لا يقبلها لأنها إذا لم تقر بالرق فالقول قولها في الحرية وكان للمشتري أن يرجع على البائع بالثمن كما لا ثبتت الحرية بالبينة * وقال بعضهم إذا ادعت الحرية لم يكن له أن يردها على البائع بقولها لكن ينبغي أن يتزوجها احتياطاً حتى يحل له وطؤها إما بملك اليمين إن كانت أمة أو بملك النكاح إن كانت حرة وكذا كل من اشترى جارية ينبغي له أن يتزوجها احتياطاً * رجل اشترى عبداً شراءً صحيحاً فجاء رجل وادعى أنه كان له أعتقه منذ سنة فإن القاضي يسأل المدعي البينة على ما يدعي من الملك ولا يسأله البينة على الإعتاق لأنه إذا ثبت الملك يثبت العتق بإقراره وإن لم يكن له بينة على الملك كان له أن يستحلف المشتري على دعوى الملك * رجل اشترى عبداً واختلفا في الثمن وحلف كل واحد منهما بعتقه فقال البائع إن بعته ألا بألف درهم فهو حر وقال المشتري إن اشتريته ألا بخمسائة درهم فهو حر لزم العبد للمشتري ويجبر المشتري على الثمن الذي أقر به ولا يعتق العبد لأن البائع يدعي أن المشتري حنث في يمينه وعتق عليه العبد فتعذر عليه فسخ البيع ولا يعتق على المشتري بإقرار البائع وكان على المشتري الذي أقر به لأنه ينكر الزيادة *
(2/136)
________________________________________
رجل اشترى أرضين من رجل فإذا أحدهما لغير البائع ولم يعلم المشتي بذلك قبل البيع فإن علم قبل القبض كان له الخيار إن شاء نقض البيع ويرجع بجميع الثمن وإن شاء أخذ غير المستحق بحصتها من الثمن لأن الصفقة تفرقت قبل التمام وإن علم بذلك بعد القبض يلزم غير المستحق بحصتها من الثمن ولا خيار له لأن الأرضين بمنزلة شيئين مختلفين كالثوبين والعبدين * مستأجر حانوت في يده كر دار حانوت يدعي أنه له فباع الكر دار من رجل وسلم الكردار وقبض الثمن ثم جاء صاحب الحانوت وادعى أن الكردار له ولم يكن للمستأجر وحال بين المبيع وبين المشتري قالوا إن كان الكردار من الآلات التي يحتاج المستأجر إليها في صناعته وتجارته لم يكن للمشتري أن يرجع على البائع بالثمن ويكون القول في ذلك قول المستأجر وإن كان الكردار بناء بأن كان علواً على سفل الحانوت وكان ذلك في يد المستأجر كان القول فيه أيضاً قول المستأجر ولا يرجع المشتري على البائع بالثمن لعدم استحقاق المبيع وإن كان المبيع بناء متصلاً ببناء الحانوت كان القول فيه قول صاحب الحانوت لأن ما يكون متصلاً ببناء الحانوت قائماً <273> لا يكون حادثاً فلا يكون القول فيه قول المستأجر وإذا جعل القول في ذلك قول صاحب الحانوت صار المبيع مستحقا فيرجع المشتري بالثمن على البائع * رجل اشترى عبدين من رجل بألف درهم وقبضهما ثم استحق نصف أحدهما فإن العبد الثاني يكون لازماً للمشتري بحصته من الثمن وله الخيار في العبد الذي استحق يصفه في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رجل اشترى أمة وقبضها ونقد الثمن ثم استحقها رجل بالبينة فأراد المشتري أن يرجل على البائع بالثمن فقال له البائع قد علمت أنهم شهود زور شهدوا بالباطل وإن الأمة لي فقال المشتري أنا أشهد أن الأمة لك وأنهم شهدوا بزور لا يبطل رجوعه بالثمن على البائع بإقراره ذلك ألا أن الجارية لو وصلت إليه يوماً من الدهر بوجه من الوجوه يؤمر بالرد على البائع * رجل في يديه عبد باع نصفه من رجل ولم يسلم حتى باع نصفه من آخر وسلم النصف إليه ثم جاء رجل استحق نصف العبد بالبينة كان المستحق من البيعين جميعاً وإن كان المشتري الأول قبض المبيع ولم يقبض الثاني ينصرف الاستحقاق إلى الثاني دون الأول وإن قبضاه جميعاً كان المستحق منهما جميعاً * رجل له ثلاثة أقفزة حنطة باع منها قفيزاً من رجل آخر ثم باع منها قفيزاً من ثالث ثم كال لهم الأقفزة الثلاثة ثم جاء رجل واستحق من الكل قفيزاً فإن المستحق يأخذ القفيز الثالث لأن صاحب اليد حين باع القفيز الأول باع ما يملكه وباع القفيز الثاني وهو يملكه وباع القفيز الثالث وهو لا يملكه * رجل اشترى داراً وقبضها ثم جاء وادعى نصفها فأقام المشتري البينة أنه اشتراها من المستحق ولم يؤقت قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يرجع المشتري على البائع بنصف الثمن وإنما هو هذا * رجل اشترى داراً من رجل فادعاه آخر واشتراها منه أيضاً فإنه لا يرجع على البائع بالثمن ولو أقام المشتري البينة أنه اشتراها منه بعد الاستحقاق فإن المشتري يرجع على البائع بنصف الثمن * رجل اشترى من رجل عبداً وقبضه ثم وهبه من آخر فاستحق من يد الموهوب له قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى للمشتري أن يرجع على البائع بالثمن والصدقة بمنزلة الهبة ولم يذكر في الكتاب خلافاً في هذه المسألة * وكذا لو اشترى عبداً وقبضه ثم وهبه لرجل فوهبه الموهوب له من رجل آخر وسلمه إليه فاستحق من يد الموهوب له الثاني كان للمشتري أن يرجع بالثمن على بائعه حتى يرجع المشتري الثاني على الموهوب له فإذا رجع حينئذ يرجع المشتري الأول على بائعه * رجل استحق من يده شيء بشهادة شاهدين عدلهما المشهود عليه قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أسأل عن الشاهدين فإن عدلا رجع المقضي عليه بالثمن على بائعه وإن لم يعدلا فإنه يقضى على المشهود عليه لأنه عدلهما ولا يرجع هو بالثمن على بائعه وهو بمنزلة الإقرار * وكذا لو وكل رجلاً بالخصومة فزكى الوكيل الشاهدين وهذا <274> ظاهر فيما إذا وكل بالخصومة استثنى في التوكيل تعديل الشهود * رجل اشترى غلاماً وقبضه فاستحقه رجل بالبين وقبضه ثم إن المستحق أجاز الشراء جازت إجازته حتى لا يرجع المشتري على البائع بالثمن وكان للمستحق أن يرجع على البائع بالثمن لأن البيع الماضي لا يبطل بالاستحقاق فإذا أجاز صحت إجازته يصير البائع وكيلاً في البيع وهذه مسألة اختلفت فيها الروايات * قال الشيخ الغمام شمس الأمة الحلواني رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ظاهر المذهب من أصحابنا أن البيع لا يبطل بالاستحقاق بل يبقى موقوفاً ما لم يرجع المقضي عليه بالثمن على بائعه * رجلان اشتريا عبداً فاستحق نصفه كان لهما لخيار فإن رضي أحد المشتريين واسقط الخيار سلم له ربع العبد يرجع بربع الثمن وللمشتري الآخر أن يرد ربع العبد على بائعه ويرجع بنصف الثمن وهو قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد
(2/137)
________________________________________
رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى أما في قياس قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا أسقط أحدهما الخيار لم يكن للآخر أن يرد لأن عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى من له الخيار في العبد لا يرد النصف وأحد المشتريين بشرط الخيار لا ينفرد بالرد * رجل ادعى على رجل أن المدعي باع من المدعى عليه وفلاناً الغائب عبداً بألف درهم بحضرة العبد وأقام البينة فإن القاضي يقضي للمدعي على لحاضر بنصف الثمن ولا يقضي ببيع الكل لأن الحاضر ليس بخصم عن الغائب فإن حضر الغائب بعد ذلك إن أعاد المدعي البينة بحضرته يقضى للمدعي على الحاضر بنصف الثمن غلا إذا كان كل واحد منهما كفيلاً بالثمن عن صاحبه بأمره فيكون القضاء على أحدهما قضاء على الآخر * رجل باع عقاراً وسلم امرأته أو ولده أو بعض أقاربه حاضر ولم يقل شيئاً ثم ادعى على المشتري من كان حاضراً وقت البيع أن العقار له اختلف المشايخ فيه قال مشايخ سمرقند لا تسمع دعواه * وقال مشايخنا تسمع دعواه فينظر المفتي في ذلك إن كان في رأيه أن لا يسمع هذه الدعوى وأفتى بذلك كان حسناً ليكون سداً لباب التزوير وإن لم يكن له رأي في ذلك يفتي بقول مشايخنا رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى لأن الفضولي إذا باع مال الغير وصاحب المال حاضر ولم يقل شيئاً لم يكن سكوته إجازة وهذا إذا لم يكن السلطان استثنى في تقليد القاضي سماع هذه الدعوى * رجل باع عقاراً ثم ادعى أنه باع ما هو وقف اختلف المشايخ فيه * والصحيح أنه لا تسمع دعواه * بخلاف ما لو اشترى عبداً ثم ادعى أن حر حيث تسمع دعوى المشتري لأن الوقف لا يزيل الملك ولا يخرجه من أن يكون محلاً للبيع أما الحر ليس بمحل للبيع وثمنه لا يملك فكان المشتري مدعياً ديناً على البائع * ولهذا لو جمع بين الوقف وغير الوقف وباع الكل صفقة واحد فإنه يجوز البيع في غير الوقف * ولو جمع بين حر وعبد وباعهما صفقة واحدة لا يجوز البيع في القن * عبد اشترى نفسه من مولاه ومعه رجل آخر بألف درهم صفقة واحدة ذكر في المنتقى أنه يجوز البيع في حصة العبد <275> وفي حصة الشريك باطل * ولا يشبه هذا الأب إلا اشترى ولده من رجل أجنبي فإنه يجوز العقد في الكل {باب في بيع مال الربا بعضه ببعض} في الباب فصلان فصل في البيع وفصل آخر في الاحتراز عن الربا والخارج عنه * أما الأول قالوا لا تباع المسبية وهي الغالب عليها الصفر في الغطريفي واحد باثنين * وذكر مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الكتاب أنه يجوز بيع الدراهم التي ثلثاها صفر وثلثها فضة واحد باثنين وقال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في عرفنا لا يجوز بيع المسبية من الغطريفي بالمسبيتين لأنها صارت ثمناً لجميع الأشياء بمنزلة الذهب والفضة ولهذا قلنا بوجوب الزكاة في المائتين منها ولا يجوز بيع المحلوج من القطن بغير المحلوج إلا مثلاً بمثل وكذا بيع الثمر المشقوق الذي استخرج منه النوى بغير المشقوق وكذا بيع الدقيق المنخول بغير المنخول * وبيع النخالة بالدقيق عند أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز إلا بطريق الاعتبار وهو أن تكون النخالة الخالصة أكثر من النخالة في الدقيق وعند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا تساويا وزناً يجوز * وبيع الخبز بالحنطة والحنطة بالخبز وبيع الدقيق بالخبز والخبز بالدقيق قال بعض مشايخنا رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز لا متساوياً ولا متفاضلاً قبل هذا قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كما قال في بيع الحنطة بالدقيق هكذا ذكر الطحاوي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قال بعضهم يجوز متساوياً ومتفاضلاً وعليه الفتوى لأن الحنطة كيلي وكذا الدقيق والخبز وزني فيجوز بيع أحدهما بالآخر متساوياً ومفاضلاً إذا كانا نقدين فإن كان أحدهما نسيئة إن كان الخبز نقد أجاز عند أصحابنا وإن كانت الحنطة أو الدقيق نقداً والخبز نسيئة لا يجوز في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأنه لا يجوز السلم في الخبز وعند أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز وهو رواية عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأنه يجوز السلم في الخبز * والفتوى في بيع الحنطة والدقيق بالخبز على قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يجوز بيع الحنطة بالحنطة وزناً وإن تساويا لأن الحنطة كيلي فلا يجوز بيعها بجنسها إلا بشرط التماثل في الكيل فإن بيع وزناً وعلم أنهما يتماثلان في كيل قيل بأنه يجوز * وكذا بيع الدقيق بالدقيق وزناً لأن الدقيق كيلي ولهذا لا يجوز بيع الحنطة بالدقيق وزناً ولو كان وزنياً جاز هذا إذا باع من الحنطة قدر ما يدخل تحت الكيل وزناً فإن كانت الحنطة قليلاً لا يدخل تحت الكيل جاز كما لو باع الحفنة بالحفنتين وأدنى ما يدخل تحت الكيل نصف صاع فإن باع صاعاً من الحنطة الرديئة بنصف صاع جيد من الحنطة أو باع نصف صاع من الحنطة بما دون نصف صاع منها لا يجوز إذا كان في أحد
(2/138)
________________________________________
الجانبين مقدار ما يدخل تحت الكيل وإن باع ما دون نصف صاع من الحنطة بما دون نصف صاع وأحدهما أكثر من الآخر جاز كما لو باع الحفنة بالحفنتين * ولو باع الحنطة بالشعير متفضلاً يداً بيد جاز وإن كان في الشعير حبات الحنطة قدر ما يكون في الشعير <276> وكدا لو بيعت الحنطة بالحنطة لا يجوز إلا متساوياً ولو كان في كل واحد من الجانبين حبان شعير لأن مالا يخلو عنها الحنطة من حبات الشعير مغلوب بالحنطة فكان مستهلكا * باع الخل بالعصير متفاضلا لا يجوز لأن العير يصير خلا في الحال الثاني فيكون بينهما شبهة المجانسة في الحال * القز مع الإبريسم بمنزلة الدقيق مع الحنطة ولا بأس بيع شاة على ظهرها صوف بصوف إذا كان الصوف المجزوز أكثر مما كان على ظهر الشاة وكذا الشاة التي في ضرعها لبن بلبن وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه في اللبن يجوز لا بطريق الاعتبار والصحيح هو الأول * وإن كان اشترى شاة بلحمها فهو على وجوه ثلاثة إن اشترى بلحم الشاة مذبوحة مسلوخة واستخرج شحمها وأمعاءها إن تساويا وزناً جاز وإلا فلا وإن اشترى بلحم الشاة مذبوحة غيرة مسلوخة إن حان اللحم أقل مما في المذبوحة أو مثله أو لا يدري لا يجوز وإن كان اللحم أكثر مما في المذبوحة جاز * وإن اشترى باللحم شاة حية في القياس لا يجوز إلا أن يعلم أن اللحم أكثر من لحم الشاة وهو قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وفي الاستحسان على كل حال وهو قولهما * ولو باع قفيزاً من حنطة مبلولة بقفيز من مثلها أو اشترى قفيزاً من الرطبة التي خرجت من سنبلها بمثلها أو المبلولة باليابسة أو الرطبة باليابسة أو باع قفيزاً من التمر الذي أصابه ماء أو انتفخ بمثله أو الزبيب الذي أصابه ماء بمثله جاز البيع في جميع ذلك في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يعتبر التفاوت الذي يكون بينهما عند الجفاف وكذلك عند أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إلا في الحنطة الرطبة باليابسة فإن ذلك لا يجوز عنده كما لا يجوز بيع الرطب بالتمر عنده وعند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز بيع الرطبة بالرطبة ولا المبلولة بالمبلولة ولا الزبيب المنتفخ أو التمر المنتفخ بغير المنتفخ ولا الرطبة باليابسة ولا المبلولة باليابسة غلا أن يعلم تساويهما في الكيل بعد الجفاف إلا بيع الرطب بالرطب قفيزاً بقفيز فإنه يجوز ذلك وإن كان أحدهما أكثر نقصاناً من الآخر عند الجفاف ولا باس ببيع الناطف بالتمر متفاضلاً إلا أن يكون ذلك في موضع يباع التمر فيه وزناً فإنه لا يجوز بيع البعض بالبعض إلا مثلاً بمثل * ولا بأس ببيع لحوم الطير واحداً باثنين يداً بيد ولا خير فيه نسيئة * وكذا الإلية واللحم وشحم البطن أجناس مختلفة يجوز بيع البعض بالبعض متفاضلاً يداً بيد ولا خير فيه نسيئة * والسمن جنس * اللحم لا يباع باللحم إلا متساوياً * لحم المعز والضان ولبنهما جنس واحد لا يجوز البيع فيه غلا مثلاً بمثل * صوف الغنم الأبيض والأسود جنس واحد * ولا يجوز بيع الغزل بالقطن إلا متساوياً لأن أصلهما واحد وكأنهما موزون وإن خرجا من <277> الوزن أو خرج أحدهما من الوزن فلا بأس به واحداً اثنين * وبيع الغزل بالثوب جائز على كل حال * ولا بأس بغزل القطن من الكتان أو الصوف مع الشعر واحد باثنين * وإن كان أحدهما نسيئة لا جوز لمكان الوزن * وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن بيع القطن بالغزل لا يجوز متفاضلاً وعنه أنه يجوز مطلقاً * ولو باع لبداً بصوف إن كان اللبد بحال لو نقض يعود صوفاً تعتبر المساواة في الوزن وإن كان لا يعود لا تعتبر * الصوف والشعر وغزلهما جنسان مختلفان ولا بأس بالسمك واحداً باثنين لأنه لا يوزن فإن كان جنس منه يوزن فلا خير فيما يوزن غلا مثلاً بمثل * وكل مصر لا يوزن فيه اللحم قال لا بأس بأن يباع طابق بطابقين ينظر في ذلك غلى حال أهل البلدة * ولا يج9و بيع الحليب من لبن الغنم بالسمن غلا أن يعلم أن ما في الحليب من السمن وكذا اللبن مع الزبد * وذا لو اشترى التمر بالنوى لا يجوز إلا أن يعلم أن ما في التمر ن النوى أقل * ولا بأس ببيع الزيت بالزيتون ودهن السمسم بالسمسم والعصير بالعنب والشاة اللبون بالبن والرطب بالدبس والمحلوج بالقطن والغزل بالقطن إذا كان يعلم أن الخاص أكثر مما في الآخر وإن كان لا يدري لا يجوز وإنما يشترط أن يكون الخاص أكثر إذا كان الثفل في البلد الآخر شيئاً له قيمه * أما إذا كان شيئاً لا قيمه له كما في الزبد بعد إخراج السمن منه فإن في هذا الوجه إذا كان السمن الخالص مثل ما فيه من السن يجوز مروي ذلك عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * إذا باع الدقيق بالدقيق كيلاً بكيل قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز إذا كانا مكبوسين فإن باع الدقيق بالدقيق موازنة قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل فيه روايتان ذكرهما في النوادر في رواية يجوز
(2/139)
________________________________________
وفي رواية لا يجوز * باع حب القطن بالقطن فهو كبيع الشاة باللحم إن علم أن الحب أكثر مما في القطن يجوز وإن كان لا يدري لا يجوز * وكذا بيع العنب بالزبيب في قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن علم أن الزبيب أكثر من الزبيب الذي يحصل من العنب جاز وإلا فلا وعلى قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز على كل حال إذا تساويا كيلاً * وكذلك بيع العصير بالعنب وبيع لنحاس الأحمر بالنحاس الأبيض إن علم أن الأحمر أكثر من الأبيض جاز وإلا فلا وكذلك بيع دهن الجوز بلب الجوز وكذلك بيع السيف المحلى بألفضة بفضة خالصة * وبيع المنطقة المفضضة بالدراهم أو بالتبر لا يجوز إلا أن يعلم أن الفضة الخالصة أكثر وكذا لو باع حلياً من ذهب فيه جوهر لا يمك إخراجه إلا بضرر فباعه بذهب لا يجوز غلا أن يكون الذهب أكثر مما في الحلي من الذهب * ولو اشترى حنطة في سنبلها بحنطة مذراة لا يجوز عندنا إلا أن يعلم أن بالمذرّاة أكثر * ولو باع بطيخاً أو تيناً ببطيخ غير مقطوف أو تين غير مقطوف لا يجوز على كل حال لتوهم خروج الزيادة من الشجر بعد البيع * باع كوز ماء <278> بكوز ماء جاز في قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رحمهما لله تَعَالَى لأن عندهما الماء ليس بكيلي ولا بوزني فيجوز بيع أحدهما بالآخر متفاضلاً والجمد إن كان يباع وزناً فبيع الجمد يعتبر المساواة في الوزن * باع الخبز بالخبز متفاضلاً عدداً أو وزناً جاز في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى يداً بيد ولا خير فيه نسيئة عند أَبِي حَنِيفَةَ لأن الخبز بالخبز ليس بوزني ولا عددي وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهو عددي وقال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هو وزني إلا أن يكون قليلاً لا يدخل تحت الوزن فيجوز بيع الواحد بالاثنين وإن كان كثيراً لا يجوز * ولا يجوز بيع الحنطة المقلية بغير المقلية لا نقد أو لا نسيئة وكذا لا يجوز بيع دقيق الحنطة بسويقها عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى متساوياً ولا متفاضلاً * ولا يجوز بيع الحنطة بدقيقها أو بسويقها في قولهم * باع إناء من حديد بحديد إن كان الإناء يباع وزناً يعتبر المساواة في الوزن وغلا فلا وكذا لو كان الإناء من نحاس أو صفر باعه بصفر والله أعلم {فصل فيما يكون قراراً عن الربا} * رجل في يده دراهم اغتصبها فاشترى بها شيئاً قال بعضهم إن لم يضف الشراء إلى تلك الدراهم يطيب له المشتري وإن أضاف الشراء إلى تلك الدراهم ونقد منها لا يطيب له وذكر شداد عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا اشترى الرجل بالدراهم المغصوبة طعاماً إن أضاف الشراء إليها ونقد منها وكذا ذكر الطحاوي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * رج لحلف أن لا يشتري بهذه الدراهم قال لا يحنث غلا أن يدفع تلك الدراهم إلى البائع أولاً ثم يشتري بها الطعام لأن الدراهم لا تتعين في المبادلات * وقال بعضهم إذا أضاف الشراء إلى الدراهم المغصوبة ونقد غيرها أو لم يضف الشراء إليها ونقد منها أو لم يضف الشراء إليها لكن كان من نيته أن يعطي الثمن من الدراهم المغصوبة ونقد منها لا يطيب له وهذا أحوط والفتوى على أنه يطيب له إلا إذا أضاف الشراء إليها ونقد منها * وذكر في الأصل رجل غصب ألفاً فاشترى بها جارية ثم باعها وربح يلزمه التصدق بالربح وهذا محمول على ما إذا أضاف الشراء إليها ونقد منها * السلطان إذا اشترى بالدراهم المرسلة وقضى الثمن مما يأخذ من الناس ظلماً قالوا يكره لغيرهم تناول أطعمتهم ليكون زجراً لهم عن الظلم * رجل دفع مالاً مضاربة إلى جاهل وتصرف العامل فيه فربح حل لصاحب المال أن يأخذ من الربح ما لم يعلم أنه اكتسبه من الحرام وكذا لو صار المضارب ذمياً * رجل اشترى من التاجر شيئاً هل يلزم السؤال أنه حلال أم حرام قالوا ينظر إن كان في بلد وزمان كان الغالب هو الحلال في أسواقهم ليس على المشتري أن يسأل أنه حلال أم حرام ويبنى الحكم على الظاهر وإن كان الغالب هو الحرام أو كان البائع رجلاً يبيع الحلال والحرام يحتاط ويسأل أنه حلال أم حرام * رجل <279> مات وكان كسبه من الحرام ينبغي لورثته أن يتعرفوا فإن عرفوا أربابها رد عليهم وإن لم يعرفوا تصدقوا به * رجل اشترى داراً فوجد في جذوعها دراهم قال بعضهم هي بمنزلة اللقطة وقال بعضهم يردها على البائع فإن لم يقبل البائع فحينئذ يتصدق بها وهذا أصوب * رجل له على رجل عشرة دراهم فأراد أن يجعلها ثلاثة عشر إلى أجل قالوا يشتري من المديون شيئاً بتلك العشرة ويقبض المبيع ثم يبيع من المديون بثلاثة عشر إلى سنة فيقع التجوز عن الحرام ومثل هذا مروى عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ أنه أمر بذلك * رجل طلب من رجل دراهم ليقرضه بده دوا زده فوضع المستقرض متاعاً بين يدي المقرض فيقول للمقرض بعت منك هذا المتاع بمائة درهم فيشتري المقرض ويدفع إليه الدراهم ويأخذ المتاع ثم يقول المستقرض بعني هذا
(2/140)
________________________________________
المتاع بمائة وعشرين فيبيعه ليحصل للمستقرض مائة درهم ويعود إليه متاعه ويجب للمقرض عليه مائة وعشرون درهما والأوثق والأحوط أن يقول المستقرض للمقرض بعد ما قرر المعاملة كل مقالة وشرط كان بيننا فقد تركته ثم يعقدان بيع المتاع وهذه المسألة دليل على جواز بيع الوفاء إذا لم يكن الوفاء شرطاً في البيع هذا إذا كان المناع للمستقرض فإن كان المتاع للمقرض وليس للمستقرض شيء ويريد أن يقرضه عشرة بثلاثة عشر إلا أجل فإن المقرض بيع من المستقرض سلعة بثلاثة عشر ويسلم السلعة إلى المستقرض ثم إن المستقرض بيع السلعة من أجنبي بعشرة ويدفع السلعة إلى الأجنبي يبيع السلعة من المقرض بعشرة ويأخذ العشرة منه ويدفعها إلى المستقرض فيبرأ الأجنبي من الثمن الذي كان عليه للمستقرض فبصل السلعة إلى المقرض بعشرة وللمقرض على المستقرض ثلاثة عشر إلى أجل * وحيلة أخرى أن يبيع المقرض من المستقرض سلعة بثلاثة عشر إلى أجل معلوم ويدفع السلعة إلى المستقرض ثم يبيعها المستقرض من الأجنبي ثم أن المستقرض يقبل البيع مع الأجنبي قبل القبض أو بعده ثم يبيعها المستقرض من المقرض بعشرة ويأخذ العشرة فيحصل للمستقرض عشرة وعليه للمقرض ثلاثة عشر تصل السلعة إلى المقرض والمقرض وإن صار مشترياً ما باع بأقل مما باع قبل نقد الثمن إلا أن ذلك جائز لتخلل البيع الثاني وهو البيع الذي جرى بين المستقرض والأجنبي * وحيلة أخرى أن يبيع المقرض من المستقرض سلعة بثمن مؤجل ويدفع السلعة إلى المستقرض ثم إن المستقرض يبيعها من غيره بأقل مما اشترى ثم ذلك الغير يبيعها من المقرض بما اشترى لتصل السلعة إليه بعينها ويأخذ الثمن ويدفعه إلى المستقرض فيصل المستقرض إلى القرض ويحصل الربح للمقرض وهذه الحيلة هي العينة التي ذكرها مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال مشايخ بلخ بيع العينة في زماننا خير من البيوع التي تجري في أسواقنا وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه قال العينة جائزة مأجورة <280> وقال أجر ملكان الفرار من الحرام * رجل استقرض عشرة دراهم ثم أوفاه وزاد قالوا إن كانت الزيادة قليلة تجري بين الوزنين كدانق في المائة لا بأس به وإن كاانت كثيرة كدرهم في المائة لا يجوز عليه رد الزيادة واختلفوا في نصف درهم في مائة قال بعضهم هو كثير لا يجوز وقال بعضهم هو قليل فيجوز * ولو أن المستقرض وهب الزيادة من المقرض لا يصح لأنها هبة المشاع فيما يحتمل القسمة * رجل له عشرة دراهم صحاح فأراد أن يبيعها باثني عشر درهماً مكسرة لا يجوز لأنه ربا فإن أراد الحيلة يستقرض من المشتري اثني عشر درهماً مكسرة ثم يقبضه عشرة جياداً ثم إن المقرض يبرئه عن درهمين فيجوز ذلك * ولو كان له على عشرة دراهم مكسرة إلى أجل فلما حل الأجل جاء المديون بتسعة صحاح وقال هذه التسعة بتلك العشرة لا يجوز لأنه ربا * فإن أراد الحيلة يأخذ التسعة بالتسعة ويرئه عن الدرهم الباقي فإن خاف المديون أن لا يبرئه عن الدرهم الباقي يدفع إلى صاحب الدين تسعة دراهم صحاحاً وفلساً أو شيئاً يسيراً عوضاً عن الدرهم الباقي جاز ذلك ويقع الأمن * رجل دفع إلى خباز دراهم وقال اشتريت بها منك مائة منّ من الخبز وجعل كل يوم يأخذ خمسة أمناء قالوا ما يأكله فهو مكروه وإن دفع الدراهم ولم يشتر منه لكن يأخذ منه كل يوم ما يريد لا بأس به وإن كانت نيته وقت الدفع الشراء فلا عبرة لتلك النبة ما لم يتلفظ ولو قال عند الأخذ هذا على ما قاطعتك كان أولى * رجل أراد أن يهب نصف داره مشاعاً فالحيلة فيه أن يبيع منه نصف الدار بثمن معلوم ثم يبرئه عن الثمن {فصل فيما يخرجه عن الضمان في البيع الفاسد والبيع المكروه} المشتري شراء فاسداً إذا جاء بالمبيع غلى البائع فلم يقبله البائع فأعاده المشتري إلى منزله فهلك لا يضمن وكذا الغاصب إذا رد المغصوب فلم يقبل المغصوب منه فأعاده إلى منزله فهلك لا يضمن وإن كان المشتري وضعه بين يدي البائع أو المغصوب منه فلم يقبله ثم حمله إلى منزله فهلك كان ضامناً في الغصب والبيع الفاسد وقال بعضهم إن كان فساد البيع قوياً غير مختلف فيه فالجواب فيه كذلك وإن كان مختلفاً فيه فجاء به إلى البائع فلم يقبله البائع فأعاد إلى منزله وهلك لا يبرأ عن الضمان والصحيح أنه يبرأ في الوجهين إلا إذا وضع بين يديه فلم يقبل وذهب به إلى منزله فهلك فإنه يكون ضامناً لأنه يصير غاصباً غصباً مبتدأ * اشترى أمة شراء فاسداً وقبضها فولدت عنده من غيره كان عليه أن يردها مع الولد والكسب بمنزلة الولد ولو هلكت الجارية عنده وبقي ولدها رد الولد وقيمة الجارية أيضاً * ولو اشترى عبداً يساوي خمسائة بخمسمائة شراء فاسداً وقبضه فازادت قيمته من حيث السعر فصار يساوي ألفاً فباعه من غيره كان عليه لبائع خمسائة قيمته يوم القبض * ولو غصب عبداً يساو ألفاً فازدادت قيمته إلى ألفي درهم ثم اشتراه من المالك شراء فاسداً ثم مات العبد قالوا إن وصل الغاصب إليه بعد <281> ما اشتراه كان
(2/141)
________________________________________
عليه ألفان وإن لم يصل حتى مات فعليه ألف لأن الزيادة الحادثة كانت أمانة ولا نصير مضمونة إلا بالقبض * ولو اشترى أمة شراء فاسداً فلم يقبضها حتى أعتقها فأجاز البائع إعتاقه نفذ العتق على البائع لأنه أعتق مال البائع فيتوقف على إجازته * ولو اشترى عبداً شراء فساداً ولم يقبضه فأمر البائع أن يعتقه فأعتقه البائع قالوا يجوز العتق على المشتري لأن المشتري يصير قاضباً على مقتضى إعتاق البائع ولو أن المشتري هو الذي أعتقه قبل القبض لم يصح إعتاقه لأنه أعتق مالاً يملك * رجل باع غلاماً بيعاً فاسداً وتقابضا ثم أبرأه البائع عن القيمه ثم مات الغلام عند المشتري كان على المشتري قيمته وإبراء البائع باطل لأنه إبراء قبل الوجوب * ولو قال البائع للمشتري أبرأتك عن الغلام ثم هلك الغلام كان المشتري بريئاً عن ضمانه لأنه لما ابرأه عن الغلام فقد جعله أمانة في يده * رجل اشترى عبداً وقبضه ولم ينقد الثمن ثم تقايلا البيع ثم إن البائع أبرأ المشتري عن الثمن صح إبراؤه حتى لو هلك الغلام عند المشتري كان المشتري بريئاً عن الثمن لأن المبيع بعد الإقالة مضمون على المشتري بالثمن فصح إبراء البائع أما في البيع الفاسد إنما تجب القيمة على المشتري عند الهلاك فلا يصح الإبراء قبله وهو نظير ما لو قال فغيره بعت منك هذا الشيء بعشرة دراهم ووهبت لك العشرة فقال المشتري قبلت يجوز البيع ولا تصح الهبة لأنه إباء عن الثمن قبل الوجوب * رجل اشترى ستر الكعبة من بعض السدنة لا يجوز لأنه اشترى ما لا يملك البائع وإن نقل إلى بلده كان عليه أن يتصدق به على الفقراء * رجل يبيع على طريق العامة ويشتري قال بعضهم إن كان الطريق واسعاً لا يتضرر الناس بقعوده لا بأس بالشراء منه وقال بعضهم لا يكره الشراء منه على كل حال وقال بعضهم لا يشترى منه على كل حال لأن القعود على الطريق بغير عذر مكروه ولهذا لو عثر به الناس وهلك كان ضامناً والشراء منه يكون حملاً له على المعصية وإعانة له على ذلك * رجل اشترى ثوباً شراء فاسداً وقبضه فقطعه قميصاً ولم يخطه حتى أودعه البائع بعد القطع فهلك عنده كان على المشتري نقصان القطع دون القيمة لأنه لما أودعه البائع بعد القطع فقد رد على البائع ما بقي بعد القطع * ويكره بيع الأمرد من فاسق يعلم أنه يعصي به لأنه أعانه على المعصية * مسلم اشترى عبداً مجوسياً فقال له العبد إن بعتني من مسلم قتلت نفسي جاز له أن يبيعه من المجوسي لأنه يبيع الكافر من كافر * ولا بأس ببيع الزنار من النصارى والقلنسوة من المجوس لأن ذلك ليس بإعانة على المعصية بل فيه إذلال الكافر * ويكره أن يبيع المكعب المفضض من الرجل إذا علم أنه يشتري ليلبس * صبي جاء إلى القامي بفلس أو بخبز وطلب منه شيئاً ينتفع به في البيع كالملح والأشنان ونحو ذلك جاز أن يبيع ذلك منه وإن طلب منه جوزاً أو فستقاً أو نحو ذلك مما يشتري لنفسه عادة لا يبيع لأنه في الوجه الأول مأذون عادة وفي الفصل الثاني لا * صبي يبيع <282> ويشتري وقال أنا بالغ ثم قال بعد ذلك لست ببالغ قال كان حين أخبر عن البلوغ يحتمل البلوغ بأن كان سنه اثني عشر أو أكثر لا يعتبر جحوده بعد ذلك لأنه أخبر عن أمر محتمل فإن أدنى الوقت الذي يبلغ فيه الصبي ويحتلم اثنا عشر فإذا صح إخباره بالبلوغ لا يصح جحوده بعد ذلك وإن كان سنه دون ذلك لا يصح إخباره بالبلوغ فيصح جحوده * حصير المسجد إذا صار خلقاً جاز أن يباع ويزاد في ثمنه ويشترى به آخر * رجل دخل كرم صديقه فأكل منه شيئاً وكان صديقه باع الكرم وهو لا يشعر به قالوا الإثم عنه موضوع وينبغي أن يستحل ممن المشتري أو يضمن له * رجل قيل له إما أن تشرب هذا الشراب أو تبيع كرمك فباع ولم يشب قالوا إن كان شراباً يحل شربه جاز بيعه لأنه غير مكره وإن كان شراباً لا يحل شربه لا يجوز البيع لأنه مكره * قوم اجتمعوا ودفعوا مالاً إلى رجل ليدخل دار الحرب ويشتري الأسراء قالوا ينبغي أن يشتري كل أسير بقيمته لو كان عبداً في ذلك المكان أو بقدر ما يتغابن الناس فيه ولا يستأمر الأسير في ذلك فإنه لو استأمر الأسير فأمره الأسير أن يشتريه وأدى ثمنه من المال الذي كان عنده كان ضامناً لأصحاب الأموال ويكون ما أدى من الثمن ديناً على الأسير كأن أقرضه ولا يكون الشراء لأصحاب * ولو قال له الأسير اشترني أو فكني ينبغي للمأمور أن يقول اشتريتك حسبة لأصحاب الأموال ثم يشتريه بعد ذلك فلا يكون ضامناً * ولو كان الأسير عبداً أو أمة فاشتراه المأمور ونقد الثمن من الأموال التي في يده يكون ضامناً لأن العبيد والإماء صاروا مماليك أهل الحرب فإذا اشتراهم كان مشترياً عبيد أهل الحرب فيكون مشترياً لنفسه فيكون ضامناً * رجل اشترى الأسراء من أهل الحرب جاز له أن يعطيهم الزيوف والمغشوشة والعروض أكثر من قيمته لأن شراء الأحرار لا يكون شراء حقيقة وإن كان الأسارى عبيداً لا يسعه ذلك * رجل استام شيئاً من رجل بثمن المثل فزاده رجل آخر في
(2/142)
________________________________________
الثمن لا يرد شراء وإنما يفعل ذلك ليرغب المشتري في الزيادة وذلك مكروه وهو النجش المنهي عنه وإن كان الذي استام يطلب الشراء بأقل من قيمته فلا بأس لغيره أن يزيد حتى يرغب المشتري في الزيادة غلى تمام قيمته وهو مأجور في ذلك * باع شاة من كافر يقتله خنقاً أو يضر على الرأس حتى يموت قالوا لا بأس ببيعه وكذا يجوز بيع ذبيحة المجوس فيما بينهم وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجوز بيع ذبيحة المجوس فيما بينهم * رجل باع العصير ممن يتخذه خمراً لا بأس به وكذا لو باع الأرض ممن يتخذها كنيسة أو بيعة أو بيت نار * ويجوز بيع بناء بيوت مكة ولا يجوز بيع الأراضي في ظاهر الرواية عن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وكذا يجوز إجارة البناء ولا يجوز إجارة أرضها وعن أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في رواية يجوز بيع دور مكة في الشفعة * ويكره إجارتها في الموسم * مصر عز فيه الطعام ليس للإمام أن يسعر فإن سعر فباع الخباز بأكثر مما سعر جاز بيعه وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى للإمام أن يجبر المحتكر <283> على البيع إذا خاف الهلاك على أهل المصر ويقول للمحتكر بيع ما يبيع الناس ويزيادة يتغابن الناس في مثلها * وقيل على قول أي حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يجبره الإمام على البيع لأنه حجر وهو لا يرى الحجر وقال القدوري رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قد قال أصحابنا إذا خاف الإمام الهلاك على أهل المصر يأخذ الطعام من المحتكر ويفقه عليهم فإذا وجدوا رد وأمثله وليس هذا بحجر إنما هو ضرورة ومن اضطر إلى مال الغير وخاف الهلاك كان له أن يأخذه بغير رضاه وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا قدم الأعراب الكوفة وأرادوا أن يمتاروا منها كان للإمام أن يمنعهم عن ذلك لأن له أن يمنع أهل البلدة عن الاحتكار فهذا أولى والله أعلم {فصل فيما يتضرر به الجيران ويخاصمه في ذلك} رجل اشترى داراً أو بيتاً في سكة وكان ذلك للدباغة وأراد المشتري أن يدبغ فيها قال أبو القاسم رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان يعمل ما فيه أذى الجيران على الدوام فإنه يمنع عن ذلك قال رَضِيَ اللهُ عَنهُ وهذا شيء استحسنه مشايخ بلخ أما عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يمنع عن ذلك * يجوز بيع الأرض المحياة بإذن الإمام فإن أحياها بغير إذن الإمام وباعها لا يجوز عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال صاحباه يجوز * رجل اشترى حجرة سطحها وسطح جاره مستويان فأخذه جاره حتى يتخذ حائطاً بينه وبين جاره ليس له ذلك لأن الإنسان لا يجبر على البناء في ملكه ولو أراد الجار أن يمنعه من الصعود حتى يتخذ سترة قالوا إن كان في صعوده يقع بصره في دار جاره كان له أن يمنعه من الصعود حتى يتخذ سترة وإن كان لا يقع بصره في دراه لكن يقع بصره لكن يقع بصره عليهم إذا كانوا على السطح لا يمنعه عن الصعود لأن جاره شاركه في الضرر * رجل له في داره شجرة فرصاد وقد باع أغصانها وإذا ارتقاها المشتري يطلع على عورات المسلمين قالوا للجيران أن يرفعوا الأمر إلى القاضي حتى يمنعه عن ذل والمختار للفتوى أن المشتري يخبر الجيران وقت الارتقاء في اليوم مرة أو مرتين حتى يستتروا ليكون جمعاً بين الحقين ومراعاة للخصمين فإن لم يفعل المشتري ذلك ولم يمنع عن الارتقاء حينئذ يرفعون الأمر إلى القاضي فإن رأى القاضي أن يمنعه كان له ذلك * رجل باع ضيعة وله أشجار في ضيعة أخرى أغصانها متدلية في هذه الضيعة التي باعها فللمشتري أن يأخذه بتفرغ الضيعة المبيعة عن أغصان أشجاره * وكذا لو ورث الرجل ضيعة وفيها أغصان لوارث آخر كان له أن يأخذ صاحب الأغصان برفع ضرر الأغصان عن ملكه * رجل وضع جذوعه على حائط جاره بإذن الجار أو حفر سرداباً في داره بإذن جاره ثم باع الجار داره وطلب المشتري أن يرفع جذوعه وسردابه كان للمشتري ذلك إلا إذا البائع شرط في البيع بقاء الجذوع والسرداب تحت الدار فحينئذ لا يكون للمشتري أن يطالبه برفع ذلك لأنه لما شرط ذلك صار كأنه شرط لنفسه ذلك والوارث في هذا بمنزلة المشتري إلا أن للوارث أن يأمره برفع البناء والسرداب على كل حال * ولو أن<284> رجلاً زرع في أرضه أرزاً ويتضرر جاره بذلك فإن كان يخرج ماؤه إلى أرض جاره ويفسد أرض جاره بذلك كان للجار أن يمنعه عن ذلك * ولو أن رجلاً أراد أن يجعل بيته إصطبلاً ولم يكن في القديم كذلك قالوا إن كان وجوه الدواب إلى حائط الجار ليس للجار أن يمنعه وإن كان جوافرها إلى حائط الجار كان للجار أن يمنعه وكذا لو أراد أن يجعل في بيته رحى وذلك يوهن بناء الجار كان للجار أن يمنعه وكلك ما ذكرنا من الجواب في جنس هذه المسائل قول مشايخ بلخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى وإنه يخالف قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فإن عند أَبِي حَنِيفَةَ فإن عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى من تصرف في ملكه لا يمنع عنه وإن كان يتضرر جاريه به
(2/143)
________________________________________
وقال مشايخ بلخ إذا تصرف في ملكه وتضرر جاره بذلك ضرراً ببناء إنما كان للجار أن يمنعه وسيأتي جنس هذه المسائل في كتاب القسمة إن شاء الله تَعَالَى {باب بيع غير المالك} * في الباب فصول الأول في بيع الوالدين على الولد الصغير * امرأة اشترت لولدها الصغير ضيعة لمالها على أن لا ترجع على الولد بالثمن جاز استحساناً وتكون الأم مشترية لنفسها لأنها لا تملك الشراء لولدها لصغير ثم يصير هبة منها لولدها لصغير وصلة وليس لها أن تمنع الضيعة عن ولدها * امرأة قالت لزوجها وبينهما ولد صغير اشتريت منك دارك هذه لابننا بكذا وقال الأب بعتها جاز لأن الأب لما قبل البيع فقد جاز شراؤها للصغير فيجوز * ولو كانت الدار مشتركة بين الأب أو أجنبي فقالت المرأة لهما اشتريت منكما هذه الدار لابني بماله قالا بعنا يجوز لأن الأب لما جوز شراءها للصغير جملة الدار فقد أذن لها بشراء الجملة * امرأة باعت متاع زوجها بعد موته وزعمت أنها وصيته ولزوجها أولاد صغار ثم قالت المرأة بعد مدة لم أكن وصيته قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا تصدق المرأة على الشراء وبيعها موقوف إلى بلوغ الصغار فإن صدقوا بعد البلوغ أنها كانت وصيته جاز بيعها وإن كذبوها بطل البيع فإن كان المشتري سرقن الأرض المشتراة لا يرجع المشتري على المرأة هذا إذا ادعت بعد البيع أنها لم تكن وصيته فإن ادعى صبي غير بالغ أنها باعت ولم تكن وصيته يسمع دعوى الصبي إذا كان مأذوناً في التجارة أو في الخصومة من له ولاية الخصومة كالقاضي والوصي ونحوهما فإن عجز عن استراداد الضيعة يضمن المرأة قيمة ما باعه على الرواية التي يضمن الغاصب فيها قيمة العقار بالبيع والتسليم * رجل مات ولم يوص إلى أحد فباعت امرأته داراً من تركته وكفنته بثمن الدار بغير إذن في الورثة جاز البيع في حصتها إذا لم يكن على الميت دين يحيط بماله لأنها باعت مال نفسها وهل ترجع في مال الميت إن كفنته بكفن المثل كان لها أن ترجع لأن أحد الورثة إذا كفن الميت بماله كفن المثل بغير إذن الورثة يرجع في التركة وإن كفنته بأكثر من كفن المثل لا ترجع لأن أحد الورثة لا يملك ذلك وهل لها أن ترجع بمقدار كفن المثل قالوا لا ترجع لأن <285> اختيارها ذلك دليل التبرع * وكفن المثل هو ما كان مثل ثيابه لخروج العيدين في حياته * امرأة باعت مال ولدها الصغير بغير أمر القاضي ولم تكن وصية اختلفوا في ذلك قال بعضهم للولد أن يبطل ذلك البيع وقال بعضهم ليس له أن يبطل قبل البلوغ * رجل باع عقاراً أو ضيعة لولده الصغير بمثل القيمة أوبغبن يسير قالوا إن كان الأب محموداً عند الناس أو مستوراً جاز بيعه ولا يكون للولد أن يبطل ذلك البيع بعد البلوغ لكنه يطلب الثمن من والده فإن قال الأب ضاع الثمن أو أنفقت عليك وذلك نفقة مثله في تلك المدة يقبل قوله وإن كان الأب فاسقاً لا يجوز بيعه وللابن أن ينقض بيعه إذا بلغ إلا أن يكون البيع خيراً للصغير لأن الأب إذا كان محموداً ومستوراً كان الظاهر منه مباشرة البيع على وجه الخيرية بخلاف ما إذ كان فاسقاً وإن باع الأب غير العقار والضياع فكذلك الجواب غلا أن الأب إذا كان مفسداً ففي جواز بيعه روايتان في رواية يجوز البيع فيؤخذ الثمن فيوضع على يدي عدل صيانة لمال الصغير وفي رواية لا يجوز بيعه إلا أن يكون خيراً للصغير وذلك بان يبيع الشيء بضعف قيمته وعليه الفتوى * إذا باع الأب مال أحد الابنين من الآخر جاز وإذا بلغا كانت العهدة عليهما وإذا بلغ الابن عاقلاً ثم جن بعد ذلك فباع الأب ماله إن دام جنونه شهراً جاز تصر الأب عليه بعد الشهر وإن كان الجنون قصيراً لا يجوز تصرف الأب عليه بعد الشهر لأن القصير يكون بمنزلة الإماء وتكلموا في الفاصل بين الطويل والقصير وأبو حنيفة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قدر الطويل بالشهر كذا ذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده والناطفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهو الصحيح لأن الشهر طويل آجل وما دون الشهر قصير عاجل وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى روايتان في رواية قدر الطويل بأكثر من يوم وليلة وفي رواية قدره بأكثر السنة وكان مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أولاً قدر الطويل بالشهر ثم رع وقدره بسنة كاملة ويجوز تصرف الأب عليه بعد السنة * صغير له عبد سباه أهل الحرب فاشتراه رجل منهم وأخرجه إلى دار الإسلام كان للأب والوصي أن يأخذه من المشتري بالثمن فإن سلم الأب والوصي وكانت قيمته أقل من الثمن الذي اشتراه المشتري جاز تسليمهما في قولهم وإن كانت قيمته مثل الثمن الذي اشتراه المشتري أو أكثر من ذلك فكذلك عند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وهو والتسليم لنفسه سواء * رجل اشترى لولده الصغير ثوباً أو خادماً ونقد الثمن من مال نفسه لا يرجع بالثمن على ولده إلا أن يشهد أنه اشتراه لولده وإن اشترى لابنه الصغير شيئاً وضمن الثمن ثم نقد الثمن في
(2/144)
________________________________________
القياس يرجع على الولد وفي الاستحسان لا يرجع وإن قال حيين نقد الثمن نقدته لأرجع على الولد * الأب أو الوصي <286> إذا باع عقار الصغير قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا رأى القاضي نقض البيع خيرً لصغير كان له نقضه * الصبي إذا باع أو اشترى ثم بلغ فأجاز ذلك جاز ولو طلق أو عتق ثم أجاز بعد البلوغ لم يجز لأنه لا مجيز للطلاق والعتاق حال وقوعه فلم يتوقف وللبيع والشراء مجيز حال وقوعه إذا كان البيع بمثل القيمة أو بغبن يسير فيتوقف ذلك على إجازة من له حق المباشرة وهو الأب أو الوصي أو القاضي أما إذا كان بغبن فاحش فهو والطلاق والعتاق سواء * الأب إذا باع ماله من ولده الصغير لا يصير قابضاً لولده بنفس البيع حتى لو هلك المال قبل أن يصير بحال يتمكن من القبض حقيقة يهلك على الولد * ولو اشترى الأب مال الصغير لنفسه لا يبرأ عن الثمن حتى ينصب القاضي وكيلاً للصغير فيأخذ الثمن من الأب ثم يأمر الوكيل بالرد على الأب * رجل باع ماله من ولده الصغير فقال بعت عبدي هذا بألف درهم من ابني هذا جاز ولا يحتاج بعد ذلك إلى أن يقول قبلت * وكذا لو اشترى لنفسه مال الولد فقال اشتريت لنفس عبد ولدي الصغير هذا بألف درهم جاز لا يحتاج بعد ذلك إلى أن يقول قبلت ولو كان وصياً لا يجوز في الوجهين ما لم يقل قبلت مروي ذلك عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * الأب أو الوصي إذا باع مال اليتيم من أجنبي ثم بلغ الصغير فحقوق العقد ترج إلى الأب والوصي * ولو اشترى الأب مال ولده لنفسه بلغ الصغير كانت العهدة من قبل الولد على الوالد {فصل في بيع الوصي وشرائه}* إذا باع الوصي مال اليتيم من القاضي جاز وإن كان هذا القاضي هو الذي جعله وصياً ولو أمر الوصي رجل بأن يشتري له شيئاً من مال اليتيم فاشترى الوصي لموكله لا يجوز ولو اشترى الوصي مال اليتيم لنفسخ جاز في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا كان خيراً لليتيم وتفسير الخيرية في غير العقار ما قال شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن يبيع مال نفسه من اليتيم ما يساوي خمسة عشر بعشرة وأن يشتري لنفسه ما يساوي عشرة بخمسة عشر وتفسير الخيرة في العقار عند البعض أن يشتري لنفسه ضعف القيمة وأن يبيع من اليتيم بنصف القيمة * وصي باع عقاراً لليتيم في بيعه إلا أنه يبيع لينفق ثمنه على نفسه قالوا يجوز البيع وضمن الثمن لليتيم إذا أنفق الثمن على نفسه * متغلب استولى على ضياع اليتيم فاسترده الوصي من المتغلب ولم يكن للوصي بينة على ذلك ويخاف أن يأخذ المتغلب بعد ذلك يتمسك بما كان له من اليد فأراد الوصي أن يبيع العقار خوفاً من المتغلب قالوا يجوز بيعه وإن لم يكن لليتيم حاجة في ثمنه * رجل مات وأوصى إلى رجل وترك ورثة صغاراً ذكر في الكتاب أنه ينقذ تصرف الوصي على الورثة من البيع والشراء عروضاً كانت التركة أو رقيقاً أو عقاراً وإن لم يكن هناك دين أو وصية لا يحتاج الوارث إلى الثمن إلا أنه يؤخر بيع العقار عن بيع المنقول قال الشيخ شمس <287> الأئمة الحلواني رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ما ذكر في الكتاب من بيع العقار ذاك جواب السلف أما على قول المتأخرين بيع العقار من الوصي لا يجوز إلا أن يكون خيراً لليتيم وذلك بأن يرغب المشتري في الشراء بضعف القيمة أو كان خراجها وعلائقها ومؤوناتها تزيد على غلاتها أو كان على الميت دين لا يفي غير العقار بذلك الدين أو كان الميت أوصى بمال مرسل كألف أو نحوها أو كان بالصغير حاجة إلى الثمن لأجل النفقة فإن لم يكن شيء من ذلك لا يبيع العقار هذا إذا كانت الورثة صغاراً فإن كانوا كباراً وهم حضور وليس في التركة دين ولا وصية فإن الوصي لا يبيع شيئاً من التركة وإن كانت التركة مستغرقة بالدين أو كان الميت أوصى بوصية مرسلة كان للوصي أن يبيع التركة لقضاء الدين إلا أنه يبيع العروض ويؤخر بيع العقار فإن مست الحاجة إلى بيع العقار يبيعه فإن قالت الورثة نحن نقضي الدين وتنفذ الوصية من أموالنا ونستخلص التركة لأنفسنا كان لهم ذلك وإن كانت الورثة كباراً غيباً وليس على الميت دين ولا وصية فللوصي أن يبيع غير العقار استحساناً لأن غير العقار يخشى عليه التوي والتلف فكان البيع حفظاً وتحصيناً ويملك إجارة الكل فإن كان بعض الورثة حضوراً وبعضهم غائباً أو واحد منهم غائباً فإن الوصي يملك بيع نصيب الغائب من العروض والمنقول والرقيق لأجل الحفظ وإذا ملك بيع نصيب الغائب يملك بيع نصيب الحاضر أيضاً في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعند صاحبيه رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى لا يملك * وهذه أربع مسائل أحدها هذه * والثانية إذا كان على الميت دين لا يحيط بالتركة فإن الوصي يملك البيع بقدر الدين عند الكل وهل يملك بيع الباقي عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يملك وعندهما لا يملك * والثالثة إذا كان في التركة وصية بمال مرسل فإن الوصي يملك البيع بقدر
(2/145)
________________________________________
ما تنفذ به الوصية وهل يملك بيع ما زاد عليه عنده يملك وعندهما لا يملك * والرابعة إذا كانت الورثة كباراً فيهم صغير فالوصي يملك بيع نصيب الصغير عند الكل ويملك بيع نصيب الكبار أيضاً عنده وعندهما لا يملك وكل ما ذكرنا في وصي الأب فكذلك في وصي وصيه ووصي الجد أب الأب ووصي وصيه ووصي القاضي ووصي وصيه فوصي القاضي بمنزلة وصي الأب إلا في خصلة وهي أن القاضي أذا جعل أحداً وصياً في نوع كان وصياً في ذلك النوع خاصة والأب إذا جعل أحداً وصياً في نوع كان وصياً في الأنواع كلها * وإذا مات الرجل ولم يوص إلى أحد كان لأبيه وهو الجد بيع العروض والشراء إلا أن وصي الأب لو باع العروض والعقار لقضاء الدين أو لتنفيذ الوصية جاز والجد إذا باع التركة لقضاء الدين وتنفيذ الوصية ذكر الخصاف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه لا يجوز * وصي الأب إذا كان عدلاً كافياً لا ينبغي للقاضي أن يعزله وإن كان كافياً غير عدل يعزله القاضي وينصب وصياً آخر وإن كان عدلاً غير كاف لا يعزله لكن يضم إليه كافياً ولو عزله ينعزل وكذا لو كان عدلاً كافياً فعزله ذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده أنه ينعزل وذكر القدوري <288> والطحاوي أنه ليس للقاضي أن يخرج الوصي من الوصاية ولا يدخل معه غيره * فإن ظهرت منه خيانة أو كان فاسقاً معروفاً بالشر أخرجه ويصب غيره ولو كان ثقة إلا أنه ضعيف عاجز عن التصرف أدخل معه غيره ولم يذكر أنه لو عزله ينعزل وذكر الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن الوصي إذا عجز عن تنفيذ الوصايا كان للقاضي أن يعزله * الوصي لا يملك إقراض مال اليتيم والقاضي يملك واختلفوا في الأب والصحيح أن الأب بمنزلة الوصي وللأب والوصي والقاضي أن يبضع مال اليتيم ويودع * ولو قضى الوصي دين نفسه بمال اليتيم لا يجوز ولو فعل الأب جاز لأن الأب لو باع مال يتيم من نفسه بمثل القيمة جاز والوصي لا يملك البيع من نفسه غلا أن يكون خيراً لليتيم وذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن الأب بمنزلة الوصي ليس له أن يقضي دين نفسه بمال اليتيم فيحتمل أن يكون في المسألة روايتان * وذكر في المنتقى عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ليس للوصي أن يستقرض مال يتيم في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وأما أنا أرى أنه لو فعل ذلك وله وفاء بالدين لا بأس به * ولو جعل الأب مال ابنه الصغير صداقاً لامرأة نفسه عند من لا يجوز استقراض الأب لا يجوز ذلك فأما الأب أو الوصي إذا رهن مال اليتيم بدين نفسه في القياس لا يجوز وهو قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وذكر الناطفي أن للأب أن يرهن مال ولده بدين نفسه استحساناً * وإن رهن الأب أو الوصي مال اليتيم بدين نفسه وقيمته أكثر من الدين فهلك الرهن عند المرتهن ذكر في فتاوى ما وراء النهر أن الأب يضمن مقدار الدين والوصي يضمن جميع القيمة وذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنهما يضمنان مالية الرهن وسوى بين الأب والوصي وهكذا ذكر الحاكم في المختصر * رجل له على ميت دين وليس لصاحب الدين بينة إلا أن الوصي يعلم بذلك فخاف الوصي أنه لو قضى الدين يضمنه الوارث أو يظهر غريم آخر فيضمنه قالوا الحيلة له في ذلك أن يبيع الوصي شيئاً من مال اليتيم بجنس الدين من صاحب الدين أو يودع عند صاحب الدين بعض التركة فيجحد رب الدين * رجل مات وأوصى إلى رجل بثلث ماله وخلف ورثة صغاراً وترك عقاراً لا يكون للوصي أن يبيع العقار على الموصى له بالثلث * القاضي إذ باع ماله من اليتيم أو اشترى مال اليتيم لنفسه لا يجوز ذلك لأن ذلك قاضاء منه وقضاؤه لنفسه بال فلا يملك البيع من نفسه كما لا يملك تزوج اليتيمة من نفسه * رجل مات وعليه دين يستغرق التركة فباع الوارث شيئاً من التركة لا يجوز بيعه على الغرماء ولا ينفذ غلا برضاهم * أحد الوصيين إذا باع مال اليتيم من الوصي الآخر لا يجوز في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تعلى لأن عنده أحد الوصيين إذا باع مال اليتيم من أجنبي لا يجوز فكذا إذا باع من الوصي الآخر * الوارث يطالب بقضاء الدين إذا كانت التركة في يده وإذا قضى الدين من مال نفسه كان له حق الرجوع في التركة فتصير <289> التركة مشغولة بدينه وإن لم يقل وقت القضاء إن أقضي لأرجع في التركة هكذا ذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده في المأذون والناطفي أيضاً * الوصي إذا باع مال اليتيم بالنسيئة إذا كان التأجيل فاحشاً بأن لا يباع هذا المال بهذا الأجل لا يجوز وإن لم يكن كذلك ولكن يخاف عليه الجحود عند حلول الأجل أو هلاك الثمن ليه فكذلك وإن كان لا يخلاف عليه الجحود ولا هلك الثمن عليه جاز بيع الوصي * رجل استباع مال اليتيم من الوصي بألف ورجل آخر استباعه بألف ومائة والأول أملأ من الثاني قالوا ينبغي للوصي أن يبيع من الأول وكذلك رجل استأجر مال اليتيم بثمانية وآخر استأجره بعشرة والأول أملأ فإن الوصي يؤاجر
(2/146)
________________________________________
من الأول وكذلك متولي الوقف وللوصي أن يودع مال اليتيم ويبضع فإن صالح الوصي عن حق للميت على رجل فإن كان المدعي عليه مقر بالمال أو على المال بينة أو كان القاضي قضى بذلك أو كان القاضي قضى بذلك أو كان القاضي يعلم بذلك لا جوز صلح الوصي على أقل من الحق وإن لم يكن كذلك جاز بالصلح * ولو صالح الوصي عن حق يدعي الإنسان على الميت إن كان للمدعي بينة على دعواه أو علم القاضي بذلك أو كان القاضي قضى بذلك جاز صلح الوصي وإن لم يكن كذلك لا يجوز * ولو احتال الوصي بمال اليتيم إن كان الثاني أملا من الأول جاز وإن كان مثله لا يجوز * ولو طمع السلطان في مال اليتيم فأعطاه الوصي شيئاً من اليتيم إن كان يقدر على دفع الظلم من غير إعطاء شيء لا يجوز له أن يعطي وإن أعطى ضمن وإن كان لا يقدر على دفع الظلم إلا بإعطاء المال كان له أن يعطي صيانة للباقي ولو أعطى لا يضمن * وإقرار الوصي على الميت بدين أو عين أو وصية باطل وللوصي أن يعطي صدقة فطر اليتيم من مال اليتيم ولا يضحي عن الصبي في ظاهر الرواية وكذا الأب لا يضحي عن الصغير من مال الصغير فإن ضحى من مال نفسه يكون متبرعاً {فصل في تصرفات الوكيل} رجل دفع إلى غيره بعيراً وأمره بان يكريه ويشتري له بكراء البعير شيئاً سماه فعمي البعير في يده فباعه وقبض الثمن وهلك الثمن في الطريق قال الفقيه أبو جعفر إن باعه في موضع لم يكن هناك قاضٍ لا يضمن وإن كان أمكنه مرافعة الأمر إلى القاضي ولم يفعل أو كان متمكناً من إمساك البعير والرد على صاحبه يضمن قيمته * رجل دفع إلى رجل عشرة دراهم ليشتري ثوباً سماه فأنفق الوكيل العشرة ثم اشترى بعشرة من عنده ثوباً للآمر قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكون المشتري للآمر وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكون للآمر إلا أن يكون مال الآمر قائماً وقت الشراء وهو الصحيح لأن الوكالة تبطل بهلاك مال الآمر قبل الشراء مذكر ذلك في البيوع والزيادات وعامة الكتب وما روي عن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كأنه جعل الوكالة قائمة بهلاك مال الآمر إلى بدل في ذمته وهو الضمان فإن البيع يبقى بعد هلاك المبيع عند البائع إلى بدل يكون على الأجنبي فلا أن تبقى الوكالة ببقاء بدل المال كان أولى <290> * رجل غاب وأمر تلميذه أ، يبيع الأمتعة ويسلم ثمنها إلى فلان فباع ولم يسلم الثمن إلى فلان حتى هلك عنده قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يضمن التلميذ بتأخير التسليم إلى فلان * رجل دفع سلعة غلى رجل ليبيعها في بلد آخر فحملها المأمور وباعها وقبض بعض الثمن وعاد قالوا لا يجبر المأمور على العود إلى المكان الذي باع فيه ولكنه يجبر على أن يوكل رب المال بشهود أو بكتاب القاضي حتى يذهب رب المال ويقبض الباقي * امرأة أمرت زوجها أن يبيع جاريتها أو يشتري بها أخرى ففعل ثم قال الزوج اشتريت الجارية الثانية لنفسي وجعلت ثمن جاريتك ديناً على نفسي قالو الجارية الثانية للمرأة ولا يصدق الزوج أنه اشتراها لنفسه * وكذا لو قال الزوج للمرأة بعد الشراء هذه الجارية التي أمرتين بشرائها فاشتريتها لنفسي فالجارية للمرأة ولا يقبل قول الزوج * رجل أمر غيره بأن يبيع أرضه بدون أشجارها التي فيها فباع الوكيل الأرض بأشجارها فالقول قول الموكل أنه لم يأمره ببيع الأشجار وللمشتري الخيار إن شاء أخذا الأرض بحصتها من الثمن وإن شاء ترك والبناء في هذا بمنزلة الشجرة * غاصب أخذ ثوباً من دار رجل فذهب وعجز صاحب الثوب عن الاستراداد فاق لله رجل بعني حتى أسترد منه فباعه بثمن معلوم فجاء المشتري إلى الغاصب وأراد أن يأخذ منه الثوب وقال هو لي وكذبه الغاصب فحلف المشتري بطلاق امرأته ثلاثاً أنه ثوبه قالوا لا يكون حانثاً لأن شراء المغصوب صحيح ذكره الكرخي في مختصره غير أن البائع إذا عز عن التسليم كان للمشتري حق الفسخ وههنا لما علم المشتري بالغصب وجب أن لا يكون له حق الفسخ كمن اشترى المرهون والمستأجر إن كان لا يعلم بذلك كان له الخيار إن شاء فسخ وإن شاء تربص إلى وقت فكاك الرهن وانقضاء مدة الغارة وإن أعلم المشتري عند الشراء بالرهن والإجارة روي عن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه لا يكون له حق الفسخ والمشايخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى أخذوا بهذه الرواية وههنا علم المشتري وقت البيع بالغصب وفي ظاهر الرواية لا يجوز بيع المغصوب من غير الغاصب غلا أن يكون الغاصب مقراً بالغصب أو كان للمغصوب منه بينة أما في المرهون والمستأجر ملك البائع ثابت عند الكل وهو بسبيل الاسترداد عند انقضاء المدة وفاك الرهن * رجل دفع إلى رجل بضاعة ليبيعها في بلد آخر بغير أجر فحمل وباع وأخذ الدراهم وجعلها في برذعة حماره لخوف الطريق ونزل رباطاً مع القافلة فسرقت الدابة والدراهم قالوا لا ضمان عليه لأنه بالغ في حفظ الوديعة * رجل في يده ثوب فقال لرجل وكلني صاحب الثوب ببيعه بعشرة وأنا لا
(2/147)
________________________________________
أنقص من العشرة ثم باع بتسعة قالوا إن وقع في قلت المشتري أنه إنما قال ذلك ليروجه بعشرة وسع للمشتري أن يشتري منه بتسعة * رجل قال لغيره اشتر لي جارية فلان فلم يقل المأمور نعم ولا قال لا حتى ذهب واشترى قالوا إن كان قال وقت الشراء اشهدوا أني اشتريتها <291> لفلان يعين الآمر فهي للآمر لأنه وجد منه ما يدل على قبول الوكالة وإن قال اشهدوا أني اشتريتها لنفسي فهي للمشتري لأنه وجد منه ما يدل على رد التوكيل وإن لم يقل شيئاً فاشترى وقال بعد ذلك اشتريتها للآمر فإن كانت الجارية قائمة لم يحدث بها عيب كان مصدقاً فيما قال وإن كانت الجارية قد هلكت أو حدث بها عيب لا يصدق لأنه منهم * رجل اشترى عبداً وأشهد أنه يشتريه لفلان وقال للبائع اشتريت منك هذا العبد لفلان فقال البائع بعت وقال فلان قد رضيت فللمشتري أن يمنعه من فلان لأن الشراء نفذ عليه فإن سلمه إلى فلان فالعهدة للبائع على المشتري لأنه هو العاقد ويكون تسليمه إلى فلان بمنزلة بيع مستقل جرى بين المشتري وبين فلان * الوكيل بالشراء إذا اشترى عبداً لموكله فأعتقه الموكل قبل الوكيل نفذ إعتاقه عليه لأنه أعتق ملك نفسه والبائع يأخذ الوكيل بالثمن لأنه هو العاقد ولا سبيل له على الموكل وكذلك في التدبير والاستيلاد ولو قتله الموكل ضمن الموكل قيمته للوكيل فيدفع قيمته إلى الوكيل فتكون محبوسة عند الوكيل إلى أن يأخذ الثمن من الموكل * رجل دفع إلى رجل عشرين درهماً ليشتري بها أضحية فاشترى الوكيل أضحية بخمسة وعشرين كان مشترياً لنفسه لا للموكل وإن اشترى بتسعة عشرة فإن كانت تساوي عشرين لزم الآمر لأنه خالفه إلى خير إن كانت تساوي تسعة عشر لا يلزم الآمر لأنه خالف الآمر من كل وجه فيكون مشترياً لنفسه * رجل اشترى في دار الحرب حراً وعبداً بألف درهم بأمر الحر وأخرجهما إلى دار الإسلام قالوا يقسم الألف على قيمة العبد وعلى قيمة الحر لو كان عبداً فما أصاب قيمة العبد يكون العبد له بذلك وما أصاب قيمة الحر يكون ذلك ديناً له على الحر * حر أسره العدو فقال لرجل في دار الحرب اشترني بألف درهم فاشتراه بأكثر من ذلك كان له على الأسير ألف درهم ويكون متبرعاً بالزيادة بخلاف الوكيل بالشراء إذا اشترى بأكثر مما سماه الآمر فإنه يكون مخالفاً ولا يستوجب شيئاً على الآمر لأن في غير الأسير هو مأمور بالشراء بألف والشراء بألف غير الشراء بألف وزيادة فيكون الوكيل مخالفاً فيما أمر فلا يلزم الموكل أما شراء الحر مفادة وتخليص وليس شراء حقيقة وقد رضي الآمر بالتخليص بألف فيجب عليه الألف كما لو أمر رجلاً ليقي من دينه ألفاً فقضى من دينه أكثر من ألف يرجع على الآمر بألف ويكون متبرعاً في الزيادة * وكذا لو قال الأسير لرجل اشترني بألف درهم فاشتراه بمائة دينار أو عرض جاز وله أن يرجع على الأسير بألف كأنه قال خلصني بما أمكنك إلى ألف درهم والوكيل بالشراء بالدراهم إذا اشترى بمائة دينار أو عرض لا يلزم الموكل * رجل فع إلى رجل شيئاً ليبيعه ويدفع ثمنه إلى زيد فجاء صاحب المال وطلب الثمن من زيد فقال زيد لم يدفع البائع إلي الثمن وقال البائع بعت ودفعت إليه الثمن قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كان البائع بائعاً بغير اجر كان القول قوله ولا ضمان عليه وإن <292> كان بائعاً بأجر فكذلك في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى خلافاً لصاحبيه لأن الثمن بدل المبيع والمبيع كان أمانة عند البائع عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن عنده الأجير المشتري أمين فكذلك الثمن ولا ضمان على زيد لأن قول البائع لا يكون حجة عليه * رجل بعث أغناماً إلى بياع ليبيعها فباعها في الحظيرة من رجل ثم مات البياع وترك وارثاً فطالب صحاب الغنم المشترى بالثمن فزعم أنه نقد الثمن إلى البياع لم يكن لصاحب الأغنام أن يطالب وارث البياع ما لم يثبت أن البياع قبض الثمن لأنه ما لم يثبت قبضه لا يصير محصلاً للوديعة فلا يصير الثمن ديناً في تركته وليس لصاحب الأغنام أن يطالب المشتري بالثمن إلا بأمر وصي البياع لأن البياع كان وكيلاً بالبيع والوكيل بالبيع إذا مات ينتقل تركته وليس لصاحب الأغنام أن يطالب المشتري بالثمن إلا بأمر وصي البياع لأن البياع كان وكيلاً بالبيع والوكيل بالبيع إذا مات ينتقل حق قبض الثمن إلى وصيه فإن لم يكن له وصي يرفع الأمر إلى القاضي حتى ينصب القاضي له وصياً ولا يكون حق القبض للموكل ونظير هذا ما ذكر في الأصل أحد المتفاوضين إذا باع شيئاً من المفاوضة ولم يقبض الثمن حتى مات أوصى إلى رجل كان حق قبض الثمن إلى وصيه لأن وصي الإنسان بعد موته بمنزلة وكيله في حياته ولو كان البائع وكل رجل بقبض الثمن في حياته كان قبض الثمن إلى وكيله لا إلى موكله ولا يصدق المشتري على نقد الثمن إلا ببينة * بياع عنده ودائع الناس وبضائعهم أمروه ببيعها فباعها بثمن مسمى وسلم المبيع إلى المشتري وجل الثمن
(2/148)
________________________________________
لا رباب الأموال من مال نفسه ليأخذ الثمن بعد ذلك من المشتري ويكون له فأفلس المشتري قبل أداء الثمن وتوى ما عليه كان للبياع أن يسترد من أصحاب الأموال ما عجل لهم من مال نفسه لأنه إنما أعطاهم يشرط أن يكون الثمن له فإذا لم يسلم له الشرط كان له أن يسترد كرجل مات وله على الناس ديون وليس له وارث معلوم فأخذ السلطان ديون الميت من غرمائه ثم ظهر له وارث كان ديون الميت على غرمائه لهذا الوارث لأنه ظهر أن الغرماء لم يدفعوا المال إلى صاحب الحق فلا يحصل لهم البراءة فكان عليهم الأداء ثابتاً * رجل اشترى شيئاً وقبضه ثم وكل رجلاً على أنه إن لم ينقد الثمن غلى خمسة عشر يوماً فالوكيل يفسخ لبيع بينهما لا يفسد البيع بذلك ويصح الشرط حتى لو لم ينقد الثمن إلى خمسة عشر يوماً كان للوكيل أن يفسخ البيع * رجل وكل رجلاً بالبيع أو فسخ البيع بحكم الخيار بعد ذلك صح فسخه * الوكيل بالبيع إذا باع بحضرة الموكل كانت العهدة على الوكيل * الوكيل بالشراء إذا اشترى ولم يقبض فعلم بعيب كان له أن يرده يسيراً كان العيب أو فاحشاً فإن رضي بالعيب اليسير لزم الموكل وإن كان فاحشاً وهو ما يفوت جنس المنفعة كالعمى وقطع اليدين لا قطع أحدهما ولا بياض إحدى العينين لزم الوكيل وذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى اليسير ما يدخل <293> تحت تقويم المقومين والفاحش ما لا يدخل وقال الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده هذا التحديد صحيح فيما ليس له ثمن معلوم عند الناس كالعبد والثوب ونح ذلك وأما ما له قيمة معلومة عند الناس كالخبز واللحم ونحو ذلك إذا زاد الوكيل بالشراء على ذلك لا ينفذ على الآمر قلت الزيادة أو كثرت لأن ماله قيمة معلومة عند الناس لا يحتاج في معرفته إلى تقويم المقومين * ولو قال الموكل للوكيل بعد ما علم بالعيب لا ترض به فرضي به الوكيل لا يلزم الآمر ويكون للآمر أن يلزم الوكيل وهو بمنزلة ما لو علم الوكيل بالعيب بعد القبض فرضي به إن رضي به الموكل جاز وإن لم يرض لزم الوكيل * ذكر في المنتقى أمر رجلاً أ، يشتري له جارية بألف درهم فاشتراها ولم يقبضها حتى وجد بها عيباً كان بها قبل البيع أو حدث بعد البيع فرضي المشتري بالعيب وقبضها إن لم يكن العيب عيب استهلاك لزم الآمر وإن كان استهلاكاً كالعمى ونحو ذلك كان للآمر أن يلزم الوكيل في قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد وقال أَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى هما سواء ويلزم الآمر إن كانت مع ذلك العيب تساوي بألف أو كان بينهما غبن يسير * رجل دفع إلى دلال عيناً ليبيعه فعرض الدلال على صاحب الدكان فهرب صاحب الدكان وذهب بالمتاع ضمن الدلال لأنه ليس للدلال أن يترك العين عند غيره ولكنه يعرض ويأخذ العين غلا أن يكون الدلال تلميذ صاحب الدكان يضع أمتعة الناس في حانوته أو كان هو في عياله فحينئذ لا يضمن الدلال * دلال باع شيئاً وأخذ الدلالية ثم اسحق المبيع على المشتري أو رد بعيب بقضاء أو غيره لا يسترد الدلالية وإن انفسخ البيع لأنه وإن انفسخ لا يظهر أن البيع لم يكن فلا يبطل عمله * الوكيل بالبيع إذا باع ما يساوي درهماً بألف درهم جاز في قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يكره ذلك * وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكره ذلك هكذا ذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده * الوكيل بالبيع إذا باع ممن لا تقبل شهادته له وحط عن الثمن قدر ما يتغابن فيه الناس ذكر في رواية أنه يجوز البيع بقدر القيمة ولا تجوز المحاباة في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وذكر في البيوع أنه لا يجوز البيع أصلاً * امرأة اشترت من رجل شيئاً ثم اختلفا فقالت المرأة كنت رسول زوجي إليك وكان البيع على وجه الرسالة وليس على الثمن وقال البائع لا بل بعته منك ولي عليك الثمن كان القول في ذلك قول المرأة والبينة للبائع * ومن جملة البيوع من غير المالك بيع الفضولي وقد مر في صدر الكتاب والله أعلم {باب الاستبراء} إذا ملك الرجل جارية ببيع أ هبة أو صدقة أ قسمة أو صلح عن دم عمد أو خلع أو كتابة على جارية أو أعتق عبده على جارية أو ورث جارية يحل له وطؤها بكراً كانت الجارية أو غير بكر ملكها من صغير أو كبير أو امرأة أو عنين فإن كانت من ذوات الحيض لا يحل له وطؤها حتى يستبرئها بحيض وإن كانت آيسة أو صغيرة يستبرئها بشهر واحد وإن كانت حاملاً لا يطؤها حتى تضع حملها بعد القبض فإن وضعت حملها <294> قبل القبض ثم قبل القبض ثم قبضها كان عليه أن يستبرئها بعد ما خرجت من نفاسها وإن كانت شابة قد ارتفع حيضها لمرض أو غيره اختلفت الروايات فيه ذكر في الأصل عند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى أنه لا يقر بها حتى يستبين أنها غير حامل ولم يؤقت لذلك وفي رواية لا يقر بها سنتين وفي رواية ثلاثة أشهر أو أربعة أشهر وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فيه روايتان في رواية لا يقر بها أربعة أشهر وعشرة أيام
(2/149)
________________________________________
وفي رواية شهرين وخمسة أيام قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي كان مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يقول أولاً لا يقر بها أربعة أشهر وعشر أيام ثم رجع وقال شهرين وخمسة أيام والمشايخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى أخذوا بهذه الرواية * رجل أنكر وجوب الاستبراء اختلف المشايخ فيه قال بعضهم يكفر لأنه أنكر ما فيه إجماع المسلمين وقال عامة المشايخ لا يكفر لأن ظاهر قوله تَعَالَى أو ما ملكت أيمانكم يقتضي إباحة الوطء مطلقاً وإنما عرف وجوب الاستبراء بالخبر فلا يكفر جاحده وكما لا يحل الوطء في مدة الاستبراء لا تحل الدواعي * ومن أراد أن يشتري جارية ولا يلزمه الاستبراء فالحيلة ما ذكر في الكتاب يزوجها البائع من رجل يثق به ثم يبيعها من المشتري فيقبضها المشتري ثم يطلقها زوجها ويستحب للبائع أن يستبرئها قبل أن يزوجها أو يشترط أن يكون طلاق الزوج بعد قبض المشتري فإن طلقها قبل القبض كان على المشتري أن يستبرئها إذا قبضها في أصح الروايتين عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأنه طلقها قبل القبض فإذا قبضها والقبض بحكم العقد بمنزلة العقد فيصير كأنه اشتراها في هذه الحالة وهي ليست في نكاح ولا عدة فيلزم الاستبراء وحيلة أخرى أن يبيعها قبل التزويج ويأخذ الثمن ولا يسلم الجارية غلى المشتري ثم يزوجها المشتري من عبده أو أجنبي ثم يقبضها ثم يطلقها الزوج بعد ذلك إلا أن في هذا نوع شبهة فإن عند أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وإحدى الروايتين عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كما اشتراها يجب الاستبراء إلا أن الوجوب يتأكد عن القبض فالتزويج بعد الشراء لا يسقط استبراء وجب بنفس العقد ألا أن تحيض عند المشتري حيضة قبل الطلاق فحينئذ لا يجب الاستبراء ففي قولهم وحيلة أخرى أنه إذا أراد أن يشتري الجارية يتزوجها المشتري قبل الشراء إذا لم كن في نكاحه حرة ثم يسلمها إلى المولى ثم يشتري فلا يجب عليه الاستبراء وإنما شرط تسليم الجارية إليه قبل الشراء كيلا يوجد القبض بحكم الشراء بعد فساد النكاح * وقال الشيخ الإمام الأجل ظهير الدين عندي يشترط أن يدخل الزوج بها بحكم النكاح قبل الشراء لأن ملك النكاح يفسد عند الشراء سابقاً على الشراء ضرورة إن ملك النكاح لا يجامع ملك اليمين فإذا كان فساد النكاح سابقاً على الشراء لم تكن عند الشراء منكوحة ولا معتدة أما إذا دخل بها قبل الشراء فإذا فسد النكاح تصير معتدة قبل الشراء فلا يلزم الاستبراء * وإذا اشترى جارية وأراد أن يزوجها إلى أجنبي <295> قبل القبض وخاف أنه لو زوجها من عبده أو أجنبي ربما لا يطلقها الزوج فالحيلة له أن يزوج على أن يكون أمرها بيده يطلقها متى شاء * وأجمعوا على أن ما لا يبطل حق الغير لا يكره فيه استعمال الحيلة ولا تعليم الحيلة وأما فيما فيه إبطال حق الغير يكره الاحتيال وفي منع وجوب الزكاة اختلاف على قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يكره وعلى قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكره وكذا الاحتيال لمنع وجوب الاستبراء على هذا الخلاف والمشايخ في هذه الفصلين أخذوا بقول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تتعالى وفي الاحتيال لمنع الشفعة أخذوا بقول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وأما الاحتيال لبطلان حق الشفعة بعد الثبوت لا يجوز عند الكل وكما يجب الاستبراء بإثبات ملك لم يكن يجب بإعادة ملك كان له * رجل باع جارية وسلمها إلى المشتري ثم ردت عليه بعيب بقضاء أو بغير قضاء أو بخيار رؤية أو شرط أو إقالة كان على البائع أن يستبرئها بحيضة ولو انفسخ البيع بينهما قبل القبض بهذه الأسباب لا يجب الاستبراء * ولو باع جارية وسلمها إلى المشتري ثم تقايلا البيع في المجلس كان على البائع أن يستبرئها وعن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا تقايلا قبل الافتراق لا يجب * ولو وهب رجل لولده الصغير جارية كانت له أو باع منه ثم اشتراها لنفسه يلزمه الاستبراء * ولو باع شقصاً من جارية كانتت له وسلم ثم اشتراه لزمه الاستبراء لأنه لما باع الشقص حرم عليه وطؤها فإذا اشترى بعد ذلك استحث حل الوطء فكان عليه الاستبراء وكذا لو اشترى أحد الشريكين نصيب صاحبه من االجارية المشتركة لزمه الاستبراء * ولو باع جارية على أن المشتري بالخيار ثلاثة أيام وسلم إلى المشتري ثم إن المشتري أبطل البيع ورد الجارية يجب الاستبراء على البائع في قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى ولا يجب في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو باع جارية بيعاً فاسداً وسلمها إلى المشتري ثم استردها بقضاء أو رضاء كان عليه الاستبراء * وإذا اغتصب الرجل جارية وباعها من غيره وسلم إلى المشتري ثم استردها المغصوب منه بقضاء أو رضاء إن كان المشتري علم بالغصب لا يجب الاستبراء على المالك وطئها المشتري من الغاصب أو لم يطأ وإن لم يعلم المشتري وقت الشراء أنها غصب إن لم يطأها المشتري لا يجب الاستبراء على
(2/150)
________________________________________
المولى ون وطئها في القياس لا يجب وفي الاستحسان يجب * ولو وهب جارية وقبضها الموهوب له ثم رجع الواهب في الهبة كان عليه الاستبراء وكذا إذا أسر العدو جارية لرجل أو أحرزها بدرا الحرب ثم اشتراها منه مسلم أو ذمي وأخرجها غلى دار الإسلام فأخذها المولى القديم بالثمن من المشتري كان عليه الاستبراء عندنا وكذا لو أسر العدو جارية وأحرزها بدار الحرب فاغتنمها لغزاة فاقتسموا الغنيمة فأخذها المولى من الذي وقت الجارية في سهمه بالقيمة كان عليه الاستبراء وإن وجدها في الغنيمة قبل القسمة يأخذها بغير شيء ويلزمه الاستبراء * ولو أبقت جارية المسلم إلى دار الحرب ثم أخرجت إلى دار الإسلام بغنيمة أو <296> شاء وأخذها المولى قال أَبُو حَنِيفَةَ رحمه اله تَعَالَى لا يجب عليه الاستبراء وقال صاحباه رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى يجب هذا الذي ذكرنا إذا أخرجت عن ملك المولى ثم عادت إليه فإن لم تخرج عن ملكه لكنها خرجت من يده ثم عاد إليه لا يجب الاستبراء * وصورة ذلك إذا كاتب أمته ثم عجزت وردت في الرق لا يلزم الاستبراء وكذا الجارية إذا أبقت ولم تخرج عن دار الإسلام فرجعت إليه لا يجب الاستبراء وكذا لو غصب رجل جارية رجل ثم استردها من الغاصب * وكذا إذا رهن جارية ثم فك الرهن أو باع جارية على أنه بالخيار ثلاثة أيام وسلم إلى المشتري ثم أبطل البيع في مدى الخيار لا يلزمه الاستبراء وكذا إذا باع المدبرة أو أم الولد وسلم إلى المشتري قبل الوطء لا يلزمه الاستبراء وإن استردها بعدما وطئها المشتري يلزم الاستبراء * ولو اشترى جارية وقبضها واستبرأها ثم زوجها رجلاً ثم طلقها الزوج قبل الدخول لا يلزم الاستبراء في ظاهر الرواية * وإن اشترى جارية وقبضها وزوجها قبل الاستبراء ثم طلقها الزوج قبل الدخول بها فيه روايتان والمختار أنه لا يجب الاستبراء على المولى ولو اشترى من عبده المأذون جارة بعدما حاضت عند العبد فإن لم يكن العبد مديوناً لا يجب الاستبراء على المولى وإن كان مديوناً القياس لا يجب الاستبراء وهو قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى وفي الاستحسان يجب وهو قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وإن اشترى العبد الماذون جارية فباعها من المولى قبل أن تحيض عنده كان على المولى أن يستبرئها بحيضة مديوناً كان العبد أو لم يكن وإذا ارتدت جارية الرجل ثم أسلمت لا يجب الاستبراء على المولى وكذا إذا أحرمت تطوعاً بإذن المولى ثم حلت من إحرامها لا يجب الاستبراء على المولى * إذا اشترى المكاتب والدته أو بنته فحاضت عنده حيضة ثم عجز المكاتب ورد في الق كان للمولى أن يطأ البنت والوالدة قبل الاستبراء ولو اشترى المكاتب عمته أو خالته أو بنت أخته أو بنت أخيه ثم عجز المكاتب ورد في الرق لا يحل للمولى أن يظأهن قبل الاستبراء حاضت عند المكاتب أو لم تحض لأن ههنا المولى ملكهن بعد العجز فيلزمه الاستبراء * ولو اشترى المكاتب جارية وحاضت عنده حيضة ثم أدى الكتابة وعتق سلمت له الجارية ولا يلزم الاستبراء وإن عجز المكاتب ورد في الرق كانت الجارية للمولى ويلزمه الاستبراء ولو زنت جارية الرجل عنده لا يجب االاستبراء على المولى وقال زفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجب ولو اشترى النصراني جارية نصرانية لا يلزمه الاستبراء فإن وطئها ثم أسلم النصراني والجارية لا يجب الاستبراء قياساً واستحساناً وإن اسلما قبل الوطء والحيض في القياس لا يجب وفي الاستحسان يجب ولو اشترى المجوسي جارية مجوسية فحاضت حيضة ثم أسلما معاص لا يجب الاستبراء وإن أسلما قبل الحيض فهو على القياس والاستحسان * رجل أراد أن يزوج جاريته بعد الوطء فالأفضل له أن يستبرئها بحيضة ثم يزوج وكذا إذا أراد أن يبيع جاريته فإن زوج الجارية قبل الاستبراء <297> النكاح ويستحب للزوج أن لا يطأها حتى تحيض حيضة قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يحل للزوج أن يطأها قبل الاستبراء * وكذا إذا زوج المدبرة أو أم الولد ولو رأى امرأة تزني ثم تزوجها إن حبلت من الزنا لا يطؤها حتى تضع حملها وإن لم تحبل يستحب له أن لا يطأها حتى تحيض والله أعلم {كتاب الإجارات} {فصل في الألفاظ التي تنعقد بها الإجارة وفي تعليق انعقادها بالشرط وتعليق انفساخاها وتجديد انعقادها بعد انفساخها وفي الغبراء عن الأجرة قبل وجوبها} رجل قال لغيره اشتريت منك خدمة عبدك هذا شهراً بكذا كانت الإجارة فاسدة ولو قال وهبت منك منفعة هذه الدار شهراً بكذا أو قال ملكتك منفعة داري هذه شهراً بكذا كان الإجارة جائزة لأن الإجارة تمليك المنفعة المعدومة بعوض وبيع المعدوم باطل فلا يجوز تمليكها بلفظة البيع والشراء أما تمليك المعدوم بما سوى البيع والشراء جائز كالوصية ونحو ذلك فلو لم يجز تمليكها بما سوى البيع والشراء ينسد باب الإجارة * وذكر في كتاب الصلح رجل ادعى شقصاً من دار فأنكر المدعي عليه فصالحه على سكنى بيت معلوم من هذه الدار عشر سنين جاز
(2/151)
________________________________________
فلو أن المدعي آجر هذا البيت من الذي صالحه جاز في قول أَبِي يُوسُفَ رمه الله تَعَالَى ولا يجوز في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولو أن المدعي باع سكنى هذا البيت من رجل لا يجوز لأن تمليك السكنى بعوض إجارة والإجارة لا تنعقد بلفظ البيع * رجل قال لغيره بعت منك منفعة هذه الدار شهراً بكذا لا يجوز كما لا يجوز بيع خدمة العبد شهراً بكذا وقد ذكرنا * ول قال آجرتك منفعة هذه الدار شهراً بكذا ذكر في الأصل في بعض الروايات أنه لا يجوز وإنما تجوز الإجارة إذا أضيفت إلى الدار لا غلى المنفعة وذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده أنه إذا أضاف الإجارة إلى المنفعة جاز أيضاً فإنه ذكر في الكتاب إذا قال وهبت منك منفعة هذه الدار شهراً بدرهم جاز وإنما لا يجوز إذا أضاف البيع إلى منفعة الدار لأن منفعة الدار لا تنعقد بلفظ البيع * ول قال أعرت منك داري هذه شهراً بدرهم كانت إجارة جائزة لأن الإعارة بعوض تكون إجازة * ولو قال آجرت منك داري هذه شهراً بغير عوض كانت إجارة فاسدة ولا يكون إعارة لأن الإجارة عقد خاص لتمليك المنفعة بعوض بمنزلة لبيع في الأعيان ولو قال بعت منك هذه العين بغير عوض كان باطلاً أو فاسداً ولا يكون هبة وكذا الإجارة أما الإعارة مأخوذة من التعاور والتداول والتعاور كما يكون بغير عوض يكون بعوض والتعاور بعوض يكون إجارة * ولو دفع داره إلى رجل على أن يسكنها ويرمها ولا أجرة عليه كانت إعارة فإنه ذكر في الأصل أن اشتراط المرمة على المدفوع إليه بمنزلة اشتراط نفقة المستعار على المستعير وبذلك لا تبطل الإعارة * رجل قال لغيره آجرتك داري هذه رأس الشهر كل شهر بكذا جاز في قولهم * ولو قال إذا جاء رأس الشهر آجرتك هذه الدار كل شهر بكذا قال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وأبو بكر الإسكاف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجوز ذلك وقال <298>أبو القاسم الصفار لا يجوز لأنه تعليق التمليك بعوض فلا يصح كما لو علقها بشرط آخر والذي يؤيد قوله ما ذكر في الجامع الصغير رجل حلف أن رجل حلف أن لا يحلف ثم قال لامرأته إذا جاء غد أنت طالق كان حانثاً في يمينه والذي يؤيد قول الفقيه أبي الليث ما ذكر في المنتقى رجل له خيار الشرط في البيع فقال أبطلت خياري غداً أو قال أبطلت خيار إذا جاء غد كان ذلك جائزاً قال وليس هذا كقوله غ لم أفعل كذا فقط أبطلت خياري فإن ذلك لا يصح لأن هذا وقت يجيء لا محالة * ولو آجر داره كل شهر بكذا ثم قال إذا جاء الشهر فقط أبطلت الإجارة قال الفقيه أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كما يصح تعليق الجارية يجيء الشهر يصح تعليق فسخها بمجيء الشهر وغيره من الأوقات ومسألة المنتقى بتعليق إبطال الخيار تؤيد قوله * وقال شمس الأئمة السرخسي قال بعض أصحابنا رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى إضافة الفسخ غلى الغد وغيره من الأوقات صحيح وتعليق الفسخ بمجيء الشهر وغير ذلك لا يصح والفتوى على قوله وذكر هو رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن تعليق الخياطة بالشرط المتعارف جائز فإنه قال في شرح الجامع الصغير إذا قال للخياط إن خطته اليوم فلك درهمان وإن خطته غداً فلك درهم فلو أن الخياط قال لصحب الثوب إذا جاء غد وما خطته حططت عنك درهماً فإنه يجوز ذلك * رجل قال لغيره آجرتك دابتي هذه غداً بدرهم ثم آجرها اليوم من غيره إلى ثلاثة أيام فجاء الغد وأراد المستأجر الأول أن يفسخ الإجارة الثانية فه روايتان عن أصحابنا رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى في رواية للأول أن يفسخ الإجارة الثانية وبه أخذ نصير رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وفي رواية ليس له أن يفسخ الثانية به أخذ الفقيه أبو جعفر رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى والفقيه أبو الليث وشمس الأئمة الحلواني رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهو قول عيسى بن أبان رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وعليه الفتوى وذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا صح عندي أن الإجارة المضافة لازمه قبل وقتها فلا تظهر الثانية في حق الأولى ولو كانت الأولى ناجزة لا تظهر الثانية في حق الأولى هذا إذا كانت الأولى مضافة إلى الغد ثم آجر من غيره إجارة ناجزة ولو كانت الإجارة الأولى مضافة إلى الغد ثم باع من غيره ذكر في المنتقى فيه روايتان في رواية قال ليس للآجر أن يبيع قبل مجيء الوقت وفي رواية قال إذا باع أو وهب قبل مجيء الوقت جاز ما صنع والفتوى على أنه ينفذ البيع وتبطل الإجارة المضافة وهو اختيار شمس الأئمة الحلواني رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ثم إذا نفذ بيعه فإن رد عليه بعيب بقضاء أو رجع في الهبة قبل مجيء وقت الإجارة عادت الإجارة إلى حالها وإن عادت إليه بملك مستقبل لا تعود الإجارة وإذا آجر الرجل إجارة ناجزة ثم آجر من غيره لا تنعقد الإجارة الثانية في حق الآجر حتى إن الآجر مع المستأجر الأوّل لو تفاسخا الإجارة لا يجب عليه أن يسلمه إلى الثاني * وفي فصل البيع إذا انفسخ البيع بما هو فسخ من كل وجه كان على الآجر إن يسلم إلى المستأجر * أصل
(2/152)
________________________________________
المسألة ما ذكر في <299> أدب القاضي * عين في يد رجل تنازع فيه اثنان أحدهما يدعي عليه الإجارة والآخر يدعي عليه الشراء فأقر المدعي عليه للمستأجر فأراد مدعي الشراء أن يحلفه على البيع كان له ذلك لأن الإجارة وإن ثبتت بإقراره لا يكون فوق الثابت عياناً * ولو آجر ثم باع من آخر لزم البيع في حق الآخر وإذا أنكر بيعه كان له أن يحلفه * ولو أن المدعيين ادعيا الإجارة فأقر المدعي عليه بإجارة أحدهما لم يكن للآخر أن يحلف لأن إجارة أحدهما لما ثبتت بإقراره صار كأنه آجر ثم آجر فلا تصح الإجارة الثانية فلا يكون له أن يحلقه * ولو أجر دابته من رجل ثم آجرها من غيره وسلم وجاء الأول وأراد أن يقيم البينة على الإجارة إن كان الآجر حاضراً قبلت بينته عليه وإن كان هو مقراً بإجارة الأول لأن إقراره للأول لا يصح في حق الثاني وإن كان الآجر غائباً لا تقبل بينة الأول على الثاني لأن يد الثاني يد أمانة فلا يكون خصماً للمدعي * ولو آجر ثم باع وسلم فجاء المستأجر وادعى الإجارة قبلت بينته على المشتري وإن كان لآجر غائباً لأن المشتري يدعي الملك لنفسه فكان خصماً لكل من يدعي حقاً في ذلك العين وكذا لو رهن رجل عند إنسان عيناً وسلم ثم انتزعه من يده بغير إذنه وباع وسلم ثم جاء المرتهن وادعى الرهن وأراد أن يسترده من المشتري وأقام البينة على الرهن قبلت بينته وإن كان الراهن غائباً فيؤخذ العين من يد المشتري ويسلم غلى المرتهن لما قلنا ذكر مسألة الرهن في الزيادات ومسألة الإجارة في المختصر * ولو أجر من غيره إجارة ناجزة ثم باع من غيره لا نيفذ بيعه في حق المستأجر فإن أراد المستأجر أن يفسخ البيع اختلفوا فيه والصحيح أنه لا يملك الفسخ * رجل قال لغيره آجرتك هذا الدار سنة بألف درهم كل شهر بمائة درهم قال بعضهم كانت الإجارة بألف ومائتي درهم ويكون القول الثاني فسخاً للأول كما لو باع بألف ثم باع بأكثر ينفسخ الأول وينعقد الثاني * قال مولانا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وفيه نوع إشكال وهو أنه لو جعل هذا فسخاً للأول وابتداء إجارة ينبغي أن تجوز الإجارة في الشهر الأول ثم تتجدد بمجيء كل شهر ويكون لكل واحد منهما الخيار عند تجدد كل شهر كما قالوا آجرتك هذه الدار كل شهر بكذا قال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إنما يجعل هذا فسخاً للأول إذا قصد أن تكون الإجارة كل شهر بمائة فأما إذا غلطا في التفسير لا يلزمه إلا الألف لأنهما لم يقصدا فسخ الأوّل فلو أن الآجر ادعى قصد الرجوع وادعى المستأجر الغلط في التفسير قال مولانا ينبغي أن يكون القول قول الآجر غما لأنه هو المتكلم فيكون القول في البيان قوله أو لأن هذا ابتداء ظاهراً فيكون القول قول من يدعي الابتداء كما لو تواضعا على بيع التلجئة ثم باشرا البيع من غير شرط كان المعتبر هو البيع الظاهر إلا أن يتفقا على أنهما باشرا على تلك المواضعة * رجل قال لغيره آجرتك داري هذه يوماً واحداً وسنة مجاناً فسكنها كان عليه أجر المثل في يوم واحد والباقي يكون مجانا"ص كما قال لأنه صرح بنفي الإجارة فيما سوى اليوم * رجل غصب من رجل داراً فجاء المغصوب <300> منه إلى الغاصب وقال الدار داري فاخرج منها فإن لم تخرج فهي عليك كل شهر بمائة درهم قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كان الغاصب جاحداً ويقول الدار داري فأقام المغصوب منه البينة بعد سنة بعد سنة أنها له يقضي له بالدار ولا آجر له على الغاصب وإن كان الغاصب مقراً أنها للمغصوب منه فقال له صاحب الدار أخرج منها فإن لم تخرج فهي عليك كل شهر مائة درهم فلم يخرج ومكث زماناً يلزمه ما سمي * رجل رجل اكترى داراً سنة بألف درهم فلما انقضت السنة قال له رب الدار إن فرغتها اليوم وغلا فهي عليك كل يوم بدرهم فلم يفرغ زماناً والمستكري مقر له بالدار قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يلزمه ما سمي ن الأجر * قال هشام قلت لمحمد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لم لا تجعلها في مقدار ما ينقل متاعه منها بأجر مثلها قال هذا حسن أجعلها بأجر مثلها فإن فرغها إلى ذلك الوقت المعلوم وإلا جعلتها بعد ذلك الوقت بما قال كل يوم * رجل استأجر حانوتاً كل شهر بثلاثة دراهم فلما مضى شهران قال له صاحب الحانوت إن رضيت كل شهر بخمسة دراهم وغلا فأفرغ الحانوت ولم يقل المستأجر شيئاً ولكنه سكن فيه يلزمه كل شهر خمسة دراهم لأنه لما سكن فقد رضي بذلك ولو قال المستأجر لا أرضى بخمسة دراهم وسكن لا يلزمه إلا الأجر الأول * الراعي إذا كان يرع الغنم كل شهر بأجر مسمى فقال لصاحب الغنم لا أرعى غنمك بعد هذا إلا أن تعطيني كل يوم درهماً فلم يقل صاحب الغنم شيئاً وترك الغنم عنده كان عليه كل يوم درهم * رجل استأجر رجلاً ليعمل له في أرضه عملاً معلوماً كل شهر بكذا فمات المستأجر بعد زمان فقال الوصي للأجير اعمل على ما كنت تعمل فأنا لا احبس عنك أجرك فأتى على ذلك أيام ثم باع الوصي الأرض فقال المشتري للأجير اعمل عملك فأنا أعطيك
(2/153)
________________________________________
الأجر قالوا مقدار ما عمل الأجير في حياة المستأجر يكون في تركته ومن يوم قال له الوصي اعمل عملك يكون على الوصي ومن يوم قال له المشتري اعمل عملك يكون على المشتري إلا أن ما يجب في تركة الميت يكون من المسمى وما يجب على الوصي والمشتري يكون أجر المثل إذا لم يعلما بالمسمى * رجل أراد أن يستأجر غلاماً فقال صاحب الغلام هو بعشرين وقال المستأجر هو بعشرة وافترقا على ذلك فإنه يكون بعشرين وقد ذكرنا مثل هذا في البيع فكذلك في الإجارة ولو قال المستأجر بل بعشرة وقبض الغلام قال بعضهم يجب أجر المثل لا يزاد على عشرين ولا ينقص عن عشرة والصحيح أنه يلزم الأجر الذي صرح به المستأجر * رجل دفع إلى رجل ثوباً ليبيع على أنه إن زاد على كذا وكذا فهو له قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يكونه ذلك إجارة ويكون هو في الثوب بمنزلة الأجير المشترك * رجل استأجر أرضاً فزرع فيها ثم مات المستأجر قبل انقضاء مدة الإجارة كان على ورثته ما سمي من الأجر إلى أن يدرك الزرع لأن الإجارة كما تنقص بالأعذار تبقى بالأعذار وكذا لو مات المؤاجر وبقي المستأجر تبقى الإجارة إلى أن يدرك الزرع وإن انقضت مدة الإجارة والزرع يقل في القياس يؤمر المستأجر <301> بقلع الزرع وفي الاستحسان يقال له إن شئت فاقلع الزرع في الحال وإن شئت فاتركه في الأرض إلى أن يدرك وعليك لصاحب الأرض أجر مثل الأرض ولا يقال عندنا المنافع لا تتقوم إلا بالعقد أو بشبهة العقد فكيف تتقوم المنافع ههنا بغير قد لأنا نقول القاضي يقضي بإجارة مستقبلة في تلك المدة ينظر إلى مقدار أجر المثل في تلك المدة فيقضي بذلك على المستأجر ولا يقضي بأجر المثل لأنه مجهول وابتداء العقد بالأجر المجهول باطل وما لم يقض القاضي عليه بذلك لا يلزم الآجر كذا قاله الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو استأجر أرضاً وزرع فيها رطبة أو غرس فيها شجرة ثم انقضت مدة الإجارة قال بعضهم يضمن رب الأرض للمستأجر قيمة الأشجار مقلوعة وقال بعضهم يطالب رب الأرض المستأجر بقلع الأشجار وتفريغ الأرض ولا تبقى الإجارة ههنا بخلاف ما إذا كان فيها زرع فانقضت المدة لأنه ليس للأشجار غاية معلومة بخلاف الزرع فيأمره بتفريغ الأرض عن الأشجار والرطبة ليس لرب الأرض أن يتملك الأشجار على الغارس بالقيمة إذا لم يكن في قلع الأشجار ضرر فاحش بالأرض فإن كان فحينئذ كان له أن يتملك الأشجار عليه بقيمتها مقلوعة دفعاً للضرر عن نفسه * رجل استأجر علو بيت ووضع عليه دنان خل فانقضت مدة الإجارة فأبى المستأجر رفع الدنان قالوا ينظر إن كان الخل بلغ مبلغاً لا يفسد بالتحويل يؤمر المستأجر بالرفع لأنه متعنت في الامتناع وإن كان التحويل يفسد الخل يقال للمستأجر إن شئت فارفعه وإن شئت فاستأجر البيت إلى وقت بلوغه فالمراد بقوله استأجر البيت إلى وقت بلوغه التزام أجر المثل كما قلنا في نقل المتاع وتفريغ الحانوت ولا يكون له أن يلتزم مادون أجر المثل ولا لرب البيت أن يطالبه بالزيادة على أجر المثل * وموت المكاري في الطريق لا يبطل الإجارة وللمستأجر أن يركبها بذلك الأجر حتى يأتي مأمناً لأنه في المفازة يخاف على نفسه وماله وليس هناك قاضي يرفع إليه الأمر فهو آجر منه الدابة فإن بلغ مأمناً لا يخاف على نفسه وماله بطلت الإجارة وإن لم يكن هناك قاض يرفع الأمر إليه لأنه يقدر على أن يستأجر في المأمن دابة أخرى وإن لم يجد دابة أخرى يمكنه أن يمكث في ذلك المكان فتبطل الإجارة لزوال العذر * وتبطل الإجارة بموت الآجر أو المستأجر عندنا خلافاً للشافعي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا تبطل بموت الوكيل ولا بموت الأب والوصي ولا ببلوغ الصبي وتبطل بموت الموكل * ولو أجر رجلان داراً ثم مات أحدهما بطلت الإجارة في حصته عندنا فإن رضي وارث الميت وهو كبير أن تكون حصته على الإجارة ورضي به المستأجر جاز وإن كان هذا إجارة المشاع في نصيبه لكنها من الشريك * وكذا لو مات أحد المستأجرين وإن مات الفضولي في الإجارة إن مات قبل الإجارة بطل العقد وإن مات بعد الإجارة لا يبطل كما لا يبطل بموت الوكيل * رجل استأجر دابة غلى موضع بأربعة دراهم على أن يرجع في يومه ذلك فرجع بعد خمسة أيام قالوا درهمان لأنه خالفه في الرجوع فسقط <302> عنه أجر الرجوع ويبقى أجر الذهاب * رجل استأجر داراً شهراً فسكنها شهرين ذكر في الأصل أنه لا يلزمه أجر الشهر الثاني ولم يفصل بين المعد للاستغلال وغيره فإنه ذكر المسألة في الحمام وأجاب كما ذكر في الدار والحمام معد للاستغلال وفي بعض الروايات قال يلزمه اجر الشر الثاني ومن أصحابنا من فرقوا بين الروايتين فقالوا إذا لم يكن معد للاستغلال لا يلزمه أجر الشهر الثاني كما قال في الكتاب وإن كان معد للاستغلال يلزمه أجر الشهر الثاني سواء استأجر حماماً أو داراً أو أرضاً وعليه الفتوى وإن مات المؤاجر فسكن المستأجر بعد موته منهم من قال عليه اجر ما سكن بعد
(2/154)
________________________________________
الموت لأنه ليس بغاصب في السكنى بله هو ماض على الإجارة ومنهم من سوى بين هذا وبين المسألة الأولى * قال مولانا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وينبغي أن لا يظهر الانفساخ ههنا ما لم يطالبه الوارث بالتفريع سواء كان معداً للاستغلال أو لم يكن لأن موت احد المتعاقدين يوجب انفساخ الإجارة عندنا خلافاً للشافعي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فإذا كان مختلفاً فيه لا يظهر ما لم يطالبه الوارث بالتفريغ أو بالتزام أجر آخر وإذا انقضت مدة الإجارة ورب الدار غائب فسكن المستأجر بعد ذلك سنة لا يلزمه الكراء لهذه السنة لأنه لم يسكنها على وجه الإجارة وكذا لو انقضت المدة والمستأجر غائب والدار في يد امرأته لأن المرأة لم تسكنها بأجر * رجل آجر داره أو حانوته كل شهر بدرهم كان لكل واحد منهما أن يفسخ الإجارة عند تمام الشهر فإن خرج المستأجر قبل تمام الشهر وخلف امرأته ومتاعه فيها لم يكن للآجر أأن يفسخ الإجارة مع المرأة لأنها ليس بصم فإن أراد أن يفسخ عند غيبة المستأجر قال بعضهم يؤاجر الدار مع إنسان آخر قبل تمام الشهر فإذا تم هذا الشهر يفسخ الإجارة الأولى وتنفذ الثانية فتخرج المرأة من الدار وتسلم إلى الثاني وهو نظر ما قال أَبُو حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى رجل باع شيئاً على أنه بالخيار ثلاثة أيام ثم أراد أن يفسخ بحكم الخيار عند غيبة المشتري لا يجوز ذلك فإن باعه من غيره جاز وينتقض البيع الأول هذا إذا كان المستأجر غائباً فإن كان حاضراً وقد كاهن آجر داره كل شهر لا يجوز حتى بفسخ الإجارة قال بعضهم يقول المؤاجر للمستأجر في الشهر الأول فسخت الإجارة التي بيننا في دار كذا إذا جاء رأس الشهر وعامة المشايخ لم يجوزوا هذا الطريق لأن فيه تعليق الفسخ بمجيء الشهر وكما لا يجوز تعليق الإجارة بمجيء الشهر عند عامة المشايخ لا يجوز تعلقي فسخها وقال بعضهم يقول المؤجر في آخر الشهر مرة بعد أخرى فسخت الإجارة حين يهل الهلال وفيه من الحرج ما لا يخفى وقال بعضهم يفسخ في الأيام الثلاثة من الشهر الثاني اعتباراً بأيام الخيار وذلك باطل لأن جواز ذلك الخيار في البيع عرف شرعاً بخلاف القياس فلا يقاس عليه الإجارة وذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن لكل واحد منهما النقض عند رأس الشهر فإن سكنها من الشهر الثاني يوماً أو يومين لزمه ولو قال فسخت الإجارة التي بيننا رأس الشهر الثاني جاز ذلك لأن إضافة الإجارة جائزة <303> فكذلك إضافة الفسخ وقال بعضهم في الساعة التي يهل الهلال حتى لو مضت تلك الساعة لزمته وقال بعضهم يفسخ في الليلة الأولى من الشهر الثاني ويومها لأن وقت الفسخ أول الشهر وأول الشهر الليلة الأولى ويومها وإليه أشار في ظاهر الرواية وعليه الفتوى * رجل آجر داره من رجل سنة بألف درهم ثم قال للمستأجر وهبت منك جميع الأجر أو قال أبرأتك عن الأجر صح ذلك في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وأَبِي يُوسُفَ الأول ولا يصح في قول أَبِي يُوسُفَ الآخر * ولو قال أبرأتك عن خمسمائة من هذا الأجر أو قال عن تسعمائة من الألف صح عندهم * ولو قال بعدما مضت ستة أشهر من وقت الإجارة أبرأتك عن الأجر صح عن الكل في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وفي قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الآخر يصح إبراؤه عما مضى ولا يصح عما يستقبل ولو كان تعجيل الأجرة شرطاً في الإجارة ثم وهب منه الأجر وأبرأه عن الأجرة صح في قولهم * ولو أجر داره ثم وهب منه الأجرة صح في قولهم * ولو آجر داره ثم وهب له أجر رمضان قال الفقيه أبو القاسم إن استأجرها سنة جاز وإن استأجرها مشاهرة لا يصح إلا إذا وهب بعدما دخل شهر رمضان قال الفقيه أبو الليث هذا الجواب يوافق قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وبه نأخذ * ولو قال آجرتك هذه الدار كل شهر بكذا على أن أهب لك أجر شهر رمضان كانت الإجارة فاسدة * رجل آجر داره سنة بعبد بعينه ثم أن الآجر أعتق العبد من ساعته لم يجز إعتاقه إلا أن يكون تعجيل الأجر شرطاً في الإجارة أو لم يكن شرطاً في الإجارة لكنه عجل * ولو آجر داره بثوب بعينه أو بعبد بعينه ثم قال للمستأجر وهبت لك هذا العبد إن قبل المستأجر صح وإلا فلا لأن هبة الأجر منه إذا كان بعينه تكون فسخاً للإجارة فلا يصح من غير قبوله * الآجر إذا باع المستأجر وأراد المستأجر أن يفسخ بيعه اختلفت الروايات فيه والصحيح أنه لا يملك الفسخ ننج ولو باع الراهن الرهن بغير إذن المرتهن كان للمرتهن أن يفسخ بيعه {فصل في الإجارة الطويلة} هذه إجارة استخرجها الإمام الجليل أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقبلها بعض أهل زمانه وردها البعض وهي على وجهي * أحدهما أنه إذا أراد أن يؤاجر الكرم إجارة طويلة أو الأرض وفيها زرع يبيع الأشجار والزرع بأصولها من الذي يريد الاستئجار بثمن معلوم ويسلم إليه ثم يؤاجر منه الأرض مدة معلومة ثلاث سني أو أكثر غير ثلاثة أيام من آخر كل سنة
(2/155)
________________________________________
أو كل ستة أشهر بمال معلوم على أن يكون أجر كل سنة من السنين الأولى غير الأيام المستثناة منها من تلك الأرجة كذا وبقية مال الإجارة يكون بمقابلة السنة الأخيرة وأن يكون لكل واحد منهما ولاية فسخ الإجارة في أيام الخيار * والوجه الثاني لهذه الإجارة أن يدفع الأشجار أو الزرع الذي في الأرض معاملة إلى الذي يريد الإجارة على أن يكون الخارج بينهما على مائة سهم سهم منها للدافع والباقي للعامل ثم يكل العامل في صرف نصيبه من الخارج فيما أحب ثم يؤاجر منه <304> الأرض مدة معلومة على نحو ما قلنا من غير أن يكون أحد العقدين شرطاً في الآخر ومشايخ بلخ وبعض مشايخ بخارا أنكروا الوجه الأول وقال بيع الأشجار وبيع الزرع ليس ببيع رغبة بل هو في معنى التلجئة ولهذا لا يكون للمستأجر أن يقطع الأشجار وعند فسخ الإجارة ينفسخ البيع من غير فسخ وبيع التلجئة لا يزيل المبيع من ملك البائع وإن اتصل به القبض وبقاء الأشجار والزرع على ملك البائع يمنع الإجارة في الأرض وبعضهم جوزوا طريق البيع أيضاً وقالوا ليس هذا بيع التلجئة بل هو بيع رغبة لأنهما لما قصدا تصحيح الإجارة ولا صحة للإجارة مع بيع التلجئة فقد قصدا بيع الرغبة ويجوز أن تكون الأشجار مملوكة للمشتري ولا يملك قطعها لتعلق حق الغير بها كالراهن لا يملك قطع أشجار الرهن وإن كان يملكها لتعليق حق الغير * وقال بعضهم إن باع الأشجار أو الزرع بثمن المثل أو أكثر يكون رغبة وإلا فلا وهذا ليس صحيح أيضاً فإن الإنسان قد يبيع ماله بثمن قليل عند مساس الحاجة * وذكر الطحاوي إنه إذا باع الأشجار وآجر الأرض جاز بشرط أن يبيع الأشجار بطريقها إلى الباب إن كان لها طريق وإن لم يكن لها طريق ينبغي أن يبين للأشجار طريقاً معلوماً من الأرض حتى لو لم يبين لا يجوز كان الشيخ الإمام الأجل ظهر الدين رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يقول ظهير الدين رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يقول الإجارة بطريق بيع الأشجار باطلة كما قال بعض المشايخ ومن جوز الإجارة اختلفوا أنها عقد واد أو عقود متعددة قال بعضهم عقود متعددة لأنها لو جعلت عقداً واحداً وفيها شرط الخيار ثلاثة أيام في كل سنة أو في كل ستة أشهر تزيد مدة الخيار على ثالثة أيام في عقد واحد وذلك فاسد في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال بعضهم على عقد واحد لأنها لو جعلت عقوداً متعددة كانت الإجارة في السنة الثانية والثالثة مضافة إلى وقت في المستقبل وفي إجارة المضافة الآجر ا يملك الأجر بالتعجيل ولا باشتراط التعجيل * وثمرة الاختلاف تظهر فيما إذا آجر دار اليتيم ثلاث سنين كانت الأجرة في السنة الأولى والثانية أقل من اجر مثلها وفي الاستئجار لليتيم كانت في السنة الثالثة أكثر من أجر مثلها فتفسد الإجارة في السنة الثالثة ثم هل يتعدى الفساد إلى غيرها على قول من يجعلها عقداً واحداً يتعدى وعلى قول من يجعلها عقوداً لا يتعدى فيجعل عقوداً متعددة يبقى في قولهم إ،ها لو جعلت عقوداً متعددة لا يملك الأجر بالتعجيل في السنين المستقبلة لك يجاب عن هذا إن ملك الآجر عند التعجيل فيه روايتان فيؤخذ بالرواية التي تثبت الملك في الإجارة المضافة لمكان الحاجة * فإن قيل لا وجه لجواز هذا العقد بحال ما فإنا لو جعلناه عقداً واحداً يلزمنا ثبوت الخيار في العقد الواحد أكثر من ثلاثة أيام ولو جعلناها عقوداً متعددة يصير شارطاً في كل عقد ثلاثة أيام من أجره وعلى قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى من اشترى شيئاً على أنه بالخيار ثلاثة أيام بعد شهر يكون له الخيار من أول الشهر إلى آخره * قلنا نحن لا نثبت الخيار في الأيام الثلاثة <305>من خر كل سنة بل تعجل ثلاثة أيام من آخر كل سنة مستثناة من العقد ويكتب غير ثلاثة أيام من آخر كل سنة حتى لو كتب في الصك على أن لكل واحد منهما الخيار في الأيام الثلاثة من آ×ر كل سنة كان فاسداً * أحد العاقدين في الإجارة الطويلة إذا فسخ العقد في أيام الخيار بغير محضر من صاحبه ذكر الحاكم السمرقندي أنه يجوز ولم يذكر فيه خلافاً وفي البيع بشرط الخيار إذا فسخ البيع من له الخيار بغير محضر صاحبه لا يصح في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى فكأنه مال إلى أن أيام الخيار غير داخلة في العقد فكان الإجارة في السنة الثانية والثالثة مضافة إلى وقت في المستقبل فإنما يصح فسخ من له الخيار بغير محضر من صاحبه لأنه فسخ للعقد المضاف أو لأنه في الإجارة أخذ بقول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * المستأجر إجارة طويلة إذا آجر من الآجر بعد القبض إجارة مشاهرة لا تصح الإجارة الثانية وما يأخذ من الآجر يكون محسوباً من مال الإجارة إذا كان من جنسه * المستأجر إذا آجر من الآجر ولم تكن الإجارة طويلة لم تصح الإجارة الثانية وهل يسقط الأجر عن المستأجر الأول إن كان الآجر الأول قبض الدار من المستأجر بعد الإجارة الثانية يسقط الأجر وإن لم يقبض لا يسقط فإن كان
(2/156)
________________________________________
الآجر الأول قبض الدار من المستأجر حتى سقط الأجر عن المستأجر هل تبطل الإجارة الأولى قال الفقيه أبو الليث لا تبطل الإجارة الأولى وكان للمستأجر أن يسترد الدار من الآجر ولو أن المستأجر قبض الدار من الآجر ثم أعارها من الآجر ولم يؤاجرها منه قال الفقيه أبو الليث لا يسقط الأجر عن المستأجر * رجل استأجر كرماً إجارة طويلة ثم إن المستأجر دفع الكرم إلى الآجر معاملة إن كانت الإجارة الطويلة بطريق بيع الأشجار جازت المعاملة وإن كانت الإجارة الطويلة بطريق دفع الأشجار والكرم إلى المستأجر معاملة ثم دفعها معاملة إلى الآجر لا يجوز * إذا مات الآجر أجارة طويلة وعليه ديون كان المستأجر أحق بثمن المستأجر من سائر الغرماء كالمرتهن بالرهن * المستأجر إجارة طويلة إذا آجر من غيره إجارة طويلة أو دفع غلى غيره مزارعة على أن يكون البذر من قبل العامل ثم إن المستأجر الأوّل مع آجره تفاسخا الإجارة الأولى هل تبطل الإجارة الثانية والمزارعة اختلفوا فيه والصحيح أنها تنفسخ سواء تحددت أيام الفسخ في العقدين أو اختلفت بأن كانت أيام الخيار في الإجارة الأولى ثلاثة أيام من آخر سنة ثمانين وأيام الخيار في الإجارة الثانية كذلك أو على خلاف ذلك * المستأجر إجارة طويلة إذا قال للآجر في أيام الخيار أو في غيرها مال إجارة بمن ده فقال البائع بدرهم يكون فسخاً للبيع * المستأجر إجارة فاسدة إذا آجر من غيره إجارة جائزة قال الفقيه أبو الليث تجوز الإجارة الثانية وقال غيره لا يجوز وعلى قول من يجوز <306> الإجارة الثانية يكون للآجر الأول أن يفسخ الإجارة الثانية وهذا بخلاف المشتري شراء فاسداً إذا باع من غيره بعد القبض بيعاً جائزاً لا يكون للبائع الأول أن يفسخ البيع الثاني لأن الإجارة تنفسخ بالأعذار والبيع لا ينفسخ لا جرم المشتري شراء فاسداً إذا آجر من غيره يفسخ الإجارة * رجل قال لغيره آجرني دارك هذه إجارة طويلة بكذا فقال آجرتك وأمر صاحب الدار الكاتب بكتابة الصك فكتب على الرسم المعتاد ولم يكن بينهما شيء آخر ودفع المستأجر مال الإجارة إلى الآجر قالوا بهذا لا يكون بينهما إجارة لاختلاف الطريق في الإجارة الطويلة ولا يجب الأجر على المستأجر بسكنى الدار وإن كانت الدار معدة للاستغلال لأن المستأجر إنما سكنها بناء على ما أعطى من المال لا على وجه الاستئجار مقاطعة * رجل استأجر داراً إجارة طويلة صحيح بدنانير وأعطى مكان الدنانير دراهم ثم تفاسخا الإجارة فإن المستأجر يرجع على الآجر بالدنانير لا بالدراهم لأن في الإجارة الطويلة تعجيل الأجر شرط عرفاً فتصح المصارفة بالأجرة * رجل آجر داره إجارة طويل مرسومة أو آجرها غير مرسوم إلى مدة يعلم أنهما لا يعيشان في تلك المدة قال بعضهم يجوز ذلك وقال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا تجوز الإجارة وفرق هو بين النكاح والإجارة * المستأجر إذا زاد في الأجر بعدما مضى بعض المدة لا تصح الزيادة ويصح الحط * رجل استأجر كرماً لم يره إجارة طويلة واشترى الأشجار كان للمستأجر خيار الرؤية فإن تصرف في الكرم تصرف الملاك يبطل خيار الرؤية فإن أكل الثمار قالوا لا يبطل خيار الرؤية لأن أكل الثمار تصرف في المبيع وهو الأشجار لا في المستأجر فلا يبطل خيار الرؤية في الإجارة * الآجر إجارة طويلة إذا باع المستأجر ثم جاء مدة الخيار هل ينفذ بيعه فيه روايتان الصحيح أنه ينفذ وهو كما لو آجر إجارة مضافة ثم باع قبل مجيء وقت الإضافة وكان الشيخ الإمام الأجل ظهير الدين يقول عندي لا ينفذ بيعه لأنه تزوير وتلبيس فيؤخذ برواية عدم النفاذ سدا * اشتريا لباب التزوير وفي ظاهر الرواية ينفذ بيعه لأنه يملك الفسخ في أيام الخيار فينفذ بيعه كما لو باع في أيام الخيار بخلاف ما لو آجرا جرة مضافة ثم باع فإن ثمة لا ينفذ بيعه في أصح الروايتين لأنه لا يملك الفسخ صريحا بدون البيع فلا يملك البيع لأن البيع فسخ دلالة * لو آجر رجل دارا إجارة طويلة ثم آجرها من غيره فجاءت أيام الخيار من الإجارة الأولى لا تنفذ الإجارة الثانية في أيام الخيار في ظاهر الرواية * ولو آجر ثم باع فإن لم يكن المشتري عالما بالإجارة ثم علم كان له الخيار إن شاء تربص حتى بمضى أيام الخيار وإن شاء يبطل البيع لأن الإجارة بمنزلة العيب وهذه رواية اختارها المشايخ رَحِمَهُمُ اللهُ تعالى * رحل استأجر أرضا وقضها وآجرها من غيره ثم إن صاحب الأرض استأجرها من المستأجر الثاني قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رحمه الله تَعَالَى يصح استئجار صاحب الأرض من الثاني لأن المستأجر الثاني لا يملك فسخ الإجارة الأولى <307> لتكون إجارته من صاحب الأرض فسخا للإجارة الأولى قال وهكذا روى عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في النوادر* ولو استأجر أرضا إجارة طويلة وقبضها ثم آجرها من عبد مأذون لصاحب الأرض إجارة مشاهرة قال الشيخ الإمام الأجل هذا إن كان العبد استأجرها بغير
(2/157)
________________________________________
إذن المولى فما أخذا المستأجر من العبد لا يحتسب على المستأجر عن رأس مال الإجارة لأن العبد إذا استأجر بغير إذن المولى لا يكون له أن يفسخ الإجارة الأولى على مولاه * رجل استأجر حانوتا مشاهرة وقبض وآجر من غيره إجارة طويلة رسمية وأمر صاحب الحانوت المستأجر إجارة طويلة أن يقبض أجرة الحانوت من المستأجر الأول وقبض ومات صاحب الحانوت قال الشيخ الإمام هذا ما قبض المستأجر إجارة طويلة من المستأجر الأول الشهر ثم تتجدد بعد ذلك وقال القاضي الإمام أبو علي النسفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إنما يسلم للمستأجر الثاني ما أخذ من المستأجر الأول إذا أخذها في حياة صاحب الحانوت أما ما يأخذ تعد موت صاحب الحانوت لا يسلم له لأن الإجارة الطويلة تنقسخ بموت صاحب الحانوت فلا يسلم المأخوذ للمستأجر الثاني * إذا آجر شيئاً مشاعاً من أرض أو كرم وفيها نخل لا بد من بيع كل الأشجار أما بيع النصف لا يكفي وكذا لو كان فيها برج حمام لا بد من بيع الحمامات كلها عند اجتماعا * الإجارة الطويلة إذا كان فاسدة بسبب كان على المستأجر أجرة المثل بالغاً ما بلغ أو يجب أجر المثل لا يزاد على المسمى قال الشيخ الإمام هذا يجب أجر المثل لا يزاد على المسمى وفي الإجارة الطويلة إذا كتب في الصك لكل وحاد منهما إذا يفسخ العقد في مدة الخيار في حضرة صاحبه وغيبته قال القاضي الإمام أبو علي النسفي وغيره من المشايخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى إن العقد يفسد لأن هذا الشرط يخالف حكم الشرع وقال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يفسد العقد لأن أيام الخيار غير داخلة في العقد وكان لكل واحد منهما حق الفسخ بسبب ذلك لا بحكم شرط الخيار قال وقد وجدت رواية عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في مثل هذا أنه لا يفسد * رجل استأجر إجارة طويلة ثم آجر بعد القبض من الآجر إجارة مشاهرة لا تصح الإجارة الثانية وهل تنتقض الإجارة الأولى بالثانية قال الشيخ الإمام هذا تنتقض في الشهر الأول من الإجارة الثانية وأشك في انتقاضها في غير ذلك وقال القاضي الإمام أبو علي النسفي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الإجارة الثانية تنقض الأولى وإن كانت الثانية فاسدة فإني رأيت رواية عن خالد بن صبيح عن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى المشتري إذا باع المبيع من البائع قبل القبض ينتقض البيع الأول وإن كان هذا خلاف ظاهر الرواية في البيع ففي الإجارة وجب أن ينتقض * مستأجر الأرض إذا دفع الأرض إلى الآجر مزارعة على أن يكون البذر من الدافع ذكر الخصاف رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الحيل أنه يجوز <308> وكذا المستأجر إذا استأجر صاحب الأرض ليعمل في هذه الأرض بشيء معلوم جاز * رجل آجر داره كل شهر بدرهم وسلم ثم باعها من غيره وكان المشتري يأخذ أجرة الدار من هذا المستأجر ومضى على ذلك زمان وكان المشتري وعد البائع أنه إذا رد عليه الثمن يرد داره ويحتسب ما قبض ن المستأجر من ثمن الدار فجاء البائع بالدراهم وأراد أن يجعل الأجر محسوباً من الثمن وما قال المشتري للبائع أن يجعله محسوباً من الثمن عند رد الدار كان وعداً فلا يلزمه الوفاء بذلك حكماً فإن نجز وعده كان حسناً وإلا فلا شيء عليه وإن كانا شرطاً في البيع ذلك كان مفسداً للبيع * رجل استأجر منازل إجارة طويلة ثم إن الآجر نقض بناءها برضا المستأجر ثم جدد بناءها كانت الإجارة باقية لبقاء الأصل * رجل استأجر كرماً إجارة طويلة فإن كانت الإجارة بطريق بيع الزراجين من المستأجر قالوا وارغ الكرم على المشتري وهو المستأجر لأنه مؤنة الملك فيكون على المالك وإن كان الآجر دفع الزراجين معاملة إلى المستأجر كما هو احد الطريقين في الإجارة الطويلة فإن قصب الوارغ يكون على الآجر والفتل على المستأجر لأن ذلك من جملة العمل * رجل دفع أرضه مزارعة على أن يكون البذر من العامل ثم إن صاحب الأرض آجر الأرض إجارة طويلة من غيره بغير رضا المزارعة إذا كان البذر من العامل كان العامر مستأجراً للأرض فيصير كأنه آجر ثم آجر من غيره فلا تجوز الثانية وإن رضي العامل وهو المزارع بذلك انفسخت المزارعة وتنفذ الإجارة الطويلة بخلاف ما إذا آجر ثم آجر من غيره فرضي به الأول حيث تنفذ الثانية على المستأجر الأول إذا كان ذلك بعد قبض الأول وههنا لا تنفذ الإجارة على المزارع لأن في المزارعة مع الإجارة يختلف المقصود فلا تنفذ الثانية على الأول * قالوا وكما تجوز الإجارة الطويلة في العقار والضياع تجوز في الرقيق وكل شيء ينتفع به مع قاء عينه * رجل استأجر ضياعاً بعضها فارغة وبعضها مشغولة قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى تجوز الإجارة في الفارغة بحصتها من الأجر ولا تجوز في المشغولة وإن اختلفا فقال الآجر آجرتها وكانت مشغولة مزروعة وقال المستأجر كانت فارغة كان القول في ذلك قول الآجر لأن الآجر بدعوى الشغل ينكر الإجارة أصلاً فيكون القول قوله بخلاف
(2/158)
________________________________________
المتبايعين إذا اختلفا في فساد العقد بحكم الشرط كان القول في ذلك قول مدعي الصحة لأن مدعي الفساد لا ينكر العقد حتى لو كان أحدهما منكراً للعقد كان القول فيه قول المنكر وقال القاضي الإمام علي السغدي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الإجارة يحكم الحال إن كانت مشغولة في الحال كان القول قول مدعي الشغل كما لو اختلفا في جريان الماء وانقطاعه في إجارة الطاحونة * في الإجارة الطويلة إذا فسخ الآجر <309> الإجارة في أيام الخيار وفي الأرض زرع للمستأجر تبقى الإجارة بأجر المثل كما لو انتهت مدة الإجارة وفيها زرع للمستأجر لم يدرك تبقى الإجارة بأجر المثل * رجل استقرض من رجل مالاً معلوماً وقبض المال ثم إن المستقرض أسكن المقرض في حانوته وقال ما لم أرد عليك قرضك لا أطالبك بأجر الحانوت قال الفقيه أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن ترك الأجرة عليه مع استقارضه منه كانت الإجارة واجبة على المقرض وإن تركها قبل الاستقراض أو بعده فالحانوت عارية في يده ولا أجرة على المقرض * رجل استقرض دراهم وأسكن المقرض في داره قالوا يجب أجر المثل على المقرض لأن المستقرض إنما اسكنه في داره عوضاً عن منفعة القرض لا مجاناً فيجب أجر المثل على المقرض وكذا لو أخذ المقرض من المستقرض حماراً ليستعمله إلى أن يرد عليه دراهمه ثم إن المقرض سلم الحمار إلى بقار فعقره الذئب ضمن المقرض قيمة الحمار لأن الحمار كان عند المقرض بإجارة فاسدة فكان أمانة فإذا دفعه إلى السرح ليعتلف صار مخالفاً ضامناً * رج أقرض إنساناً دراهم ثم إن المقرض آجر حجر الميزان من المستقرض كل شهر بدرهمين قال أبو القاسم إن لم يكن لحجر الميزان قيمة ولا يستأجر عادة لا يجب على المستأجر شيء * رجل استأجر من رجل قدر نحاس وأراد الآجر أن يكون القدر مضموناً على المستأجر قال الفقيه أبو بكر البلخي يبيع من المستأجر نصف القدر بثمن المثل أو أكثر ثم يؤاجر منه النصف الباقي بما شاء فإن ذلك جائز عند أصحابنا إنما الخلاف بينهم في إجارة المشاع من غير شريك * رجل أقرض إنساناً دراهم وأراد أن يسكن دار المستقرض بغير أجر قال أبو بكر الإسكاف يستأجر المقرض دار المستقرض مدة معلومة سنة أو أكثر باجر معجل ثم يبيع من المستقرض شيئاً يسيراً بتلك الأجرة حتى تصير الأجرة قصاصاً بثمن ما باع من المستقرض * رجل وكل رجلاً بأن يستأجر له داراً بعينها سنة بمائة درهم ففعل الوكيل ذلك وقبض الدار ومنعها من الموكل لاستيفاء الأجر ذكر في الجامع أن الإجارة إذا كانت مطلقة لا بشرط التعجيل لم يكن للوكيل أن يحبس الدار من الموكل لاستيفاء الأجر ذكر في الجامع أن الإجارة إذا كانت مطلقة لا بشرط التعجيل لم يكن للوكيل أن يحبس الدار من الموكل لاستيفاء الأجر وكذا لو كانت الإجارة بأجر مؤجل فإن قبض الوكيل الدار وحبس حتى مضت المدة كانت الأجرة على الوكيل بحكم العقد ثم يرجع الوكيل على الموكل لأن الوكيل الاستئجار بمنزلة قبض الوكيل الدار وحبس حتى مضت المدة كانت الأجرة على الوكيل بحكم العقد ثم يرجع الوكيل على الموكل لأن الوكيل بالاستئجار بمنزلة الوكيل بالشراء والوكيل بالشراء إذا قبض المبيع والثمن مؤجل وحبس المبيع حتى هلك المبيع في يد الوكيل كان الثمن على الوكيل ثم الوكيل يرجع بالثمن على الموكل لأن الثمن إذا كان مؤجلاً لا يكون للوكيل أن يحبس المبيع عن الموكل فلما قبض الوكيل يكون قبضه للموكل ثم يصير غاصباً من الموكل فكذلك في الإجارة وكذا لو قبض الموكل من الوكيل بالاستئجار ثم إن الوكيل عدى على الموكل وأخذ منه ومنع من الموكل حتى مضت السنة كان للآجر أن يطالب الوكيل بالأجرة ثم الوكيل يرجع بذلك على الموكل * ولو أن الوكيل حبس الدار من الموكل ثم جاء أجنبي وغصب الدار <310> من الوكيل ولم يدفع إلى الوكيل حتى مضت السنة سقط الأجر عن الوكيل والموكل جميعاً قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا لم تكن الإجارة بشرط تعجيل الأجر فقبض الوكيل وسكن بنفسه ولم يدفع إلى الآجر كان الأجر على الوكيل دون الموكل * ولو كان الوكيل استأجر الدار بأجر بشرط التعجيل أو استأجر بمائة مطلقة ثم عجل له الأجر جاز ذلك منه وله أن يحبسها من الموكل لاستيفاء الأجرة فإن حبسها بالأجر حتى مضت السنة لا يكون للويل أن يرجع على الموكل بالأجر هنا لأن الوكيل كان محقاً في الحبس فلم يقع قبضه أولاً للموكل بخلاف الأول لأن في الوجه الأول إذا لم يكن للوكيل حق الحبس كان قبض أولاً للموكل * رجل أمر رجلاً ليستأجر له دابة إلى الكوفة بعشرة دراهم فاستأجرها الوكيل بخمسة عشر وجاء إلى الموكل فقال له استأجرتها بعشرة فركبها الآمر ذكر في الكتاب أنه لا أجر على الآمر ويكون الأجر لصاحب الدابة على الوكيل * رجل أمر رجلاً بأن يستأجر له أرضاً بعينها فستأجرها الوكيل ثم إن الموكل اشتراها من صاحبها بعد ما استأجرها الوكيل وهو لا يعلم بالإجارة ثم علم بعد ذلك له أن يردها وتكون في
(2/159)
________________________________________
يده بالإجارة * الوكيل بالإجارة إذا ناقض الإجارة مع المستأجر قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى المناقضة جائزة لا ضمان على الوكيل لأن الموكل آجرها بشيء بعينه وعجل ذلك لا يجوز نقض الوكيل على رب الدار وقد مر هذا في البيوع * الغاصب إذا آجر الدار أو العبد ثم قال المغصوب منه أنا أمرتك بالإجارة فقال الغاصب لم تأمرني كان القول قول المغصوب منه * ولو آجر الغاصب لما انقضت مدة الإجارة قال المغصوب منه كنت أجزت عقده قبل انقضاء المدة لا يقبض قوله إلا ببينة كالرجل إذا زوج بنته البالغة ومات الزوج فقالت الابنة كنت أجزت عقد الأب لا تصدق إلا ببينة ولو قالت كان النكاح بأمري ولي الميراث كان القول قولها * الغاصب إذا آجر المغصوب ثم أجاز المالك أن أجاز قبل استيفاء المنفعة صحت إجازته ويكون جميع الأجر للمالك كما لو أجاز بيع الفضولي حال قيام المعقود عليه وإن أجاز بعد انقضاء المدة لا تصح إجازته كما لو أجاز بيع بعض المدة فأجاز ما مضى يكون للغاصب وأجر ما بقي يكون للمالك وهو قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لأن الإجارة تعقد ساعة فساعة على حسب حدوث المنفعة فصحت الإجارة فيما بقي من المدة ولا تصح فيما مضى كالرجل إذا آجر عبه سنة ثم أعتقه في وسط السنة فأجاز العبد الإجارة فيما بقي فأجر ما بقي من السنة يكون للعبد وأجر ما مضى يكون لمولاه المعتق لأن المنافع فيما مضى استوفيت على ملك المولى فكان البدل له وفيما بقي استوفيت على ملك العبد فكان البدل له أما على قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا أجاز المالك إجارة الغاصب بعد ما مضى بعض <311> المدة كان جميع الأجر للمالك والفتوى على قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو أعطى الغاصب أرض الغصب مزارعة فأجاز المالك إن كان الزرع قد سنبل ولم يسمن كان الخارج بين المزارع ورب الأرض ولا شيء للغاصب وإن كان الزرع قد سنبل وسمن لا تصح إجازة رب الأرض ويكون ذلك بين الغاصب والمزارع ولا شيء للمالك * ولو غصب داراً فآجرها ثم اشتراها من صاحبها فالإجارة ماضية لاستجماع شرائطها وإن استقبلها كان أفضل ذكرها في النوازل * الغاصب إذا آجر من الغاصب ورد عليه الغاصب ورد المغصوب مستحق عليه يجعل رد الغصب وتسليمه إلى الغاصب رداً للغصب لأن ذلك مستحق عليه فيجعل عن المستحق كالرجل اشترى شيئاً شراء فاسداً وقبضه ثم باعه من البائع يجعل بيعه نقضاً للعقد الفاسد * ساحة في الشارع في مقابلة حانوت رجل آجرها صاحب الحانوت من رجل يبيع الفاكهة كل شهر بدرهم قال الفقيه أبو جعفر ما يأخذ صاحب الحانوت من الأجر يكون له لأنه عاقد والعاقد يستحق الأجر وإن كان غاصباً وينبغي أن يتصدق به كالغاصب إذا آجر وأخذ الأجرة وقال الفقيه أبو الليث إنما يكون أجر الساحة لصاحب الحانوت إذا كان بنى في الساحة دكاناً أو نحو ذلك حتى يكون هو أولى الناس بما بنى وأما إذا لم يكن بنى في الساحة شيئاً لا يكون الأجر له لأن صاحب الحانوت في الساحة كسائر الناس لا اختصاص له بالساحة * المتولي غذى آجر الوقف إن كان الواقف شرط أن لا يؤاجر أكثر من السنة لا تجوز الإجارة أكثر من سنة فإن لم يكن شرط ذلك تجوز الإجارة إلى ثلاث سنين فإن آجرها أكثر من ذلك اختلفوا فيه قال مشايخ بلخ لا تجوز إجارة الوقف أكثر من ثلاث سنين وقال بعض مشايخنا يجوز ذك إذا كان المستأجر ممن لا يخاف منه دعوى الملك إذا طالت المدة وقال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الاحتياط في ذلك أن يرفع الأمر إلى القاضي حتى يبطله {فصل في إجارة الوقف ومال اليتيم} متولي الوقف أو الوصي إذا آجر مال الصغير أو الوقف بأقل من أجر مثله بما لا يتغابن الناس فيه قال الشيخ الإمام الجليل أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل يجب أجر المثل بالغاً ما بلغ عند بعض علمائنا وعليه الفتوى قال رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى قال لا يصير المدفوع إليه غاصباً وعليه أجر المثل قال وأنا أفتي بقول الخصاف * قال مولانا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وينبغي أن يكون الجواب على التفصيل إن لم تنقصها المزارعة يجب أجر المثل بالغاً ما بلغ وإن نقصتها المزارعة ينظر إلى نقصان الأرض وإلى أجر المثل <312> أيهما كان أكثر يجب ذلك للوقف والصغير * رجل غصب أرضاً للصغير قال بعضهم يضمن الغاصب أجر المثل للوقف والصغير وفي ظاهر الرواية لا يضمن فلو أن هذا الغاصب آجر الأرض المغصوبة من غيره أن على المستأجر للغاصب الأجر المسمى * رجل آجر منزلاً كان والده وقفه على أولاده أبداً ما تناسلوا فآجره هذا الرجل إجارة طويلة مرسومة وأنفق المستأجر في عمارة هذا الوقف بأمر المؤاجر قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل إن لم يكن للمؤاجرة ولاية في الوقف بأن لم يكن متولياً يكون المؤاجر غاصباً وكان له على المستأجر الأجر المسمى ويتصدق به ولا يرجع المستأجر بما أنفق في العمارة على الآجر ولا على غيره لأنه كان متطوعاً وإن كان المؤاجر متولياً كان
(2/160)
________________________________________
على المستأجر الأجر المسمى إن كان ذلك مقدار أجر المثل أو أكثر ويرجع المستأجر في غلة الوقف بما أنفق في العمارة * متولي الوقف إذا آجر الأرض مدة معلومة ثم مات المؤاجر ثم مات المستأجر قبل انقضاء مدة الإجارة فرفع ورثة المستأجر غلة الأرض قال الشيخ الإمام هذا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن كانت الغلة زرعاً زرعها ورثة المستأجر ببذرهم كانت الغلة لهم وعليه نقصان الأرض انتقصت بزراعتهم ويصرف ذلك النقصان إلى مصالح الوقف لا حق للموقوف عليهم في ذلك * الوصي إذا انفق من مال اليتيم على باب القاضي في خصومة كانت على الصغير أوله قال الشيخ الإمام هذا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ما أعطى الوصي من مل اليتيم على وجه الإجارة لا يضمن مقدار أجر المثل وما كانت على وجه الرشوة يكون ضامناً * رجل استأجر أرضاً فانقطع الماء قال إن كانت الأرض تسقى بماء الأنهار لا بماء السماء لا شيء على المستأجر وكذا إن كانت تسقى بماء السماء فانقطع المطر * الوصي إذا آجر أرض اليتيم أو استأجر لليتيم أرضاً بمال اليتيم إجارة طويلة رسمية ثلاث سنين لا يجو ذلك وكذلك أب الصغير ومتولي الوقف لأن الرسم في الإجارة الطويلة أن يجعل شيء يسير من مال الإجارة بمقابلة السنين الأولى ومعظم المال بمقابلة السنة الأخيرة وإن كانت الإجارة الأرض اليتيم أو الوقف لا تصح الإجارة في السنين الأولى لأنها تكون بأقل من أجر المثل فلا تصح * وإن استأجر أرضاً لليتيم أو الوقف بمال الوقف أو اليتيم ففي السنة الأخيرة يكون الاستئجار بأكثر من أجر المثل فلا تصح وإذا فسدت الإجارة في البعض في الوجهين هل تصح فيما كان خيراً لليتيم والوقف على قول من يجعل الإجارة الطويلة عقداً واحداً لا تصح وعلى قول من يجعلها عقوداً تصح فيما كان خيراً لليتيم أو الوقف ولا تصح فيما كان شراً له والظاهر هو الفساد في الكل وإن كان الوصي آجر أرضاً لليتيم واستأجرها وصي آخر ليتيم آخر لا تصح هذه الإجارة لأنها إن كانت خيراً لأحد اليتيمين تكون شراً للآخر فلا تخلو هذه الإجارة عن الضرر بأحد اليتيمين وطريق تصحيح الإجارة الطويلة في أرض اليتيم والوقف بماله أن يجعل أجر السنين كله مقدار أجر المثل ثم <313> أن الوصي ومتولي الوقف يبرئان المستأجر عن أجر السنين الأولى ويصح ذلك في قول أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى * رجل استأجر حانوتاً وقفاً على الفقراء فأراد أن يبني عليه غرفة من ماله وينتفع بها قالوا إن كان لا يزيد المستأجر في أجر الحانوت على مقدار ما استأجر فإنه لا يطلق له البناء إلا أن يزيد في الأجرة ولا يخاف على البناء من تلك الزيادة وإن كان هذا الحانوت معطلاً في أكثر الأوقات وإنما يرغب فيه المستأجر لأجل البناء عليه فإنه يطلق له في ذلك وإن كان لا يزيد هو في الأجرة * رجل استأجر حجرة موقوفة من أوقاف المسجد فكسر فيها الحطب بالقدوم والجيران لا يرضون بذلك والمتولي يرضى به قالوا إن كان من ذلك ضرر بين بالحجرة مثل ضرر القصار والحداد والمتولي يجد من يستأجرها بتلك الأجرة كان على المتولي أن يمنعه من ذلك فإن لم يمتنع أخرجه من الحجرة ويؤاجرها من غيره * وإن كان لا يجد من يستأجرها بتلك الأجرة فللمتولي أن يترك الحجرة في يده إلا إذا خاف من ذلك الضرر هلاك بناء الوقف * المتولي إذا آجر حمام الوقف من رجل ثم جاء رجل آخر وزاد في أجرة الحمام قالوا إن كان حين آجر الحمام من الأوّل كان حين آجر الحمام من الأول آجره بمقدار أجر مثله أو ينقصان يسير يتغابن الناس بمثله فليس للمتولي أن يخرج الأول قبل انقضاء مدة الإجارة وإن كانت الأولى بما لا يتغابن فيه الناس تكون فاسدة وله أن يؤاجرها إجارة صحيحة أما من الأول أو من غيره بأجر المثل أو بالزيادة على قدر ما يرضى به المستأجر وإن كانت الإجارة الأولى بأجر المثل ثم ازداد أجر مثله كان للمتولي أن يفسخ الإجارة وما لم يفسخ يكون على المستأجر الأجر المسمى كذا ذكره الطحاوي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * الأرض إذا كانت وقفاً على قوم فآجرها وصي الميت ثم مات بعض الموقوف عليهم لا تبطل الإجارة * المتولي إذا أراد أن يستدين على الوقف للعمارة قال الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده في شرح الوقف إنه لا يملك الاستدانة على الوقف * المتولي لا يملك استبدال الوقف إلا في رواية عن أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أو كان الواقف قد جوز الاستبدال * أهل المسجد إذا باعوا حشيش المسجد أو نعشاً صار خلقاً اختلفوا فيه والفتوى على أنه لا يجوز ذلك إلا بأمر القاضي وهي تأتي في مسائل الوقف إن شاء الله تَعَالَى * الأب والجد أب الأب أو وصيهما إذا آجر الصغير في عمل من الأعمال التي يقدر عليها الغير جاز لأنه يجعل ما ليس بمال مالاً للصغير ولا ولاية للجد مع قيام ولاية الأب ووصي الأب مقدم على الجد فإن لم يكن للصغير أب ولا جد أب الأب ولا وصيهما فآجره ذو رحم محرم من الصغير فإن كان الصغير في حجره
(2/161)
________________________________________
جاز لأنه يملك تأديبه فيملك إجارته * وإن كان الصغير في جدر ذي رحم محرم فآجره ذو رحم محرم آخر هو أقرب من الذي كان في حجره نحو أن يكون في حجر العم فآجرته أمه جاز في قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا يجوز في قول مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * وإن آجره ذو رحم محرم منه هو في حجره ليس له أن ينفق الأجر <314> على الصغير إذا لم يكن له ولاية التصرف في ماله كما لو وهب للصغير مال كان لصاحب الحجر أن يقبض الهبة للصغير وليس له أن ينفقها على الصغير * وإذا بلغ الصبي بعدما آجره من له ولاية الإجارة إن شاء فسخ سواء آجره الأب أو الجد أو وصيهما أو غيرهم * وليس لمن كان الصغير في حجره أن يدفعه إلى حاثك ليتعلم تلك الحرفة إن لم يكن أب الصغير حائكاً لأن الصغير يتضرر بذلك * من له حق الإجارة إذا استأجر أستاذاً ليعلمه العمل في تلك السنة فلما مضى نصف السنة ولم يعلمه شيئاً كان للمستأجر أن يفسخ الإجارة ولو استأجر أستاذاً سنة ليحذق الصغير لا تجوز تلك الإجارة وللأب والجد ووصيهما إجارة رقيق الصغير ودوابه وعقاره لأنهم يملكون البيع فيملكون الإجارة وليس لغير هؤلاء ممن كان الصغير في حجره ولاية إجارة عبيد الصغير وعقاره * وعن مُحَمَّد رحمه الله تَعَالَى أنه جوز ذلك استحساناً قال لأنه يملك إجارة نفسه فيملك إجارة ماله * وعنه أيضاً منن كان الصغير في حجره كان له أن ينفق على الصغير من ماله * ولأحد الوصيين أن يؤاجر الصغير ولا يؤاجر عبده في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يؤاجر عبده أيضاً * الوصي إذا استأجر نفسه أو عبده الصغير لا يجوز أما عند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى فلأنه لو اشترى لليتيم من مال نفسه أو باع ماله من اليتيم لا يجوز فالإجارة أولى وأما عند أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى فأنه إنما يملك البيع من نفسه بشرط أن يكون ذلك خيراً لليتيم ولا خير لليتيم ههنا لأنه يجعل ما ليس بمال لنفسه مالاً واستأجر الوصي نفسه اليتيم لنفسه أو عبد اليتيم لنفسه جاز في قياس قول بأبي حنيفة وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تتعالى إذا كانت بأجر ليس فيها غبن أما الأب إذا آجر نفسه للصغير أو آجر ماله للصغير أو استأجر مال الصغير لنفسه جاز لأنه يملك شراء مال الصغير لنفسه وإن لم يكن ذلك أنفع للصغير * ولو كان وصياً لليتيمين فاستأجر لأحدهما مال الآجر لا يجوز كما لو باع مال أحدهما من الآخر * الأب إذا استأجر ابنه البالغ فعمل الابن لا أجر له وإن استأجر الابن أباه للخدمة لا يجوز فإن عمل له الأب كان له الأجر * وفي المسألتين لا فرق بين أن يكون أحدهما مسلماً أو ذمياً * وإذا استأجر الحر ابنه المكاتب جاز وكذا لو استأجر الحر ابنه العبد من مولاه جاز * والحر إذا استأجر أباه العبد يبطل ذلك * الصبي المحجور إذا آجر نفسه لا يجوز فإن عمل وسلم من العمل في القياس لا يجب الأب وفي الاستحسان يجب ن الأب أو الجد أو وصهيما إذا آجر داراً أو عبداً للصغير سنين معلومة ثم بلغ الصغير لا يكون له أن يفسخ الإجارة * والعبد المحجور إذا آجر نفسه للخدمة سنة فأعتق في نصف السنة لا يكون للعبد أن يفسخ الإجارة ويكون أجر ما مضى للمالك وأجر ما بقي للعبد * وإن كان آجره المولى ثم أعتق في نصف السنة كان للعبد أن يفسخ الإجارة فيما بقي وإن شاء أمضى فإن أجاز الإجارة والمولى كان <315> أجره بأجر معجل أو استعجل الأجرة بعد الإجارة كان جميع الأجر للمولى * المكاتب إذا أجر عبده ثم عجز لا تبطل الإجارة عند أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وتبطل عند مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى * ولو استأجر المكاتب عبداً ثم عجز بطلت الإجارة في قولهم وقيل هو على هذا الخلاف أيضاً * ولو أدى المكاتب وعتق بقيت الإجارة عند الكل * رجل أقعد صبياً عند رجل ليعمل معه فاتخذ الرجل للصبي كسوة ثم بدا للصبي أن لا يعمل قالوا إن كان الرجل أعطى كرباساً وتكلف الصبي خياطته لا يكون للرجال على الثوب سبيل لأن حقه انقطع بالخياطة {فصل فيما يجب الأجر على المستأجر وفيما لا يجب} * رجل اكترى حماراً فعيي في الطريق فأمر المكتري رجلاً أن ينفق على الحمار ففعل المأمور قالوا إن علم المأمور أن الحمار لغير الآمر لا يرجع بما أنفق على أحد لأنه متطوع وإن لم يعلم المأمور أن الحمار لغير الآمر قالوا له أن يرجع على الآمر وإن لم يقل الآمر على أني ضامن * ولو أن رجلاً قال لغيره أنفق في بناء داري ولم يقل على أن ترجع بذلك علي اختلفوا فيه قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الصحيح أنه يرجع * قال مولانا رَضِيَ اللهُ عَنهُ ففي مسألة الحمار إذا لم يعلم المأمور أن الحمار لغير الآمر ولم يقل الآمر ولم يقل الآمر على أن ترجع بذلك علي ينبغي أن يكون على الاختلاف أيضاً * وفي اللقطة إذا رفع الملتقط الأمر إلى
(2/162)
________________________________________
القاضي فقال له القاضي أنفق عليها ولم يقل على أن ترجع بذلك على صاحبها اختلفوا فيه قال الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الصحيح أنه لا يرجع * رجل استأجر داراً كل شهر بكذا ثم ادعى المستأجر أن صاحبها باعها منه بعد الإجارة وأنكر صاحبها البيع ومضى على ذلك زمان قالوا على المستأجر أجر ما مضى لأن البيع لم يثبت فبقيت الإجارة * ولو استأجر دابة إلى مكان بعينه فلما سار بعض الطريق ادعاها المستأجر لنفس وأنكر الإجارة وصاحب الدابة يدعي الإجارة ذكر القدوري رَحِمَهُ اللهُ تتعالى أن على قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يلزمه أجر ما قبل الإنكار ولا يلزمه أجر ما بعد الإنكار * وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يسقط شيء من الأجر ولو استأجر عبداً سنة وقبضه فلما مضى نصف السنة جحد الإجارة وادعاه لنفسه وقيمة العبد يوم الجحود ألفان فمضت السنة وقيمته ألف درهم ثم مات العبد في يد المستأجر وقيمته ألف روى هشام عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن عليه الأجر ويضمن قيمة العبد بعد سنة ولم يذكر هشام فيه خلافاً وذكر القدوري أن على قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أجر ما مضى قبل الجحود وليس عليه أجر ما بعد الجحود وقال هشام قلت لمحمد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كيف يجتمع الأجر والضمان قال لم يجتمعا قال هشام أراد بذلك أنه استعمله السنة بحكم الإجارة فلما مضت السنة المستأجر ينكر أن تكون يده يد غيره وصاحب العبد لا يدعي يد المستأجر لنفسه وكان على المستأجر أن يرده فإذا لم يرد يضمن * رجل آجر داره بثلاثين درهما شهراً على أنه بالخيار <316> ودفع الدار إلى المستأجر فسكنها قبل أن يسقط صاحب الدار خياره لم يكن على المستأجر أجر ما سكن وإنما يلزمه الأجر لما سكن بعد الإجارة من يوم الإجارة * رجل آجر دابة على أن يكون الخيار له ساعة من النهار فركبها فسرقت فإنه يضمن قيمتها ولا يضمن الأجر * وإن كان الخيار للمستأجر كان عليه الأجر ولا يضمن قيمة الدابة * رجل دفع إلى خياط ثوباً ليخيطه فقطعه الخياط ومات قل الخياطة قال عيسى بن أبان لا أجر له لأن المقصود هو الخياطة دون القطع وكان الأجر مقابلاً بالخياطة وقال أبو سليمان الجوزجاني رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أجر القطع وهو الصحيح * رجل دفع إلى خياط ثوباً ليخيطه بدرهم فخاطه ثم جاء رجل وفتقه قبل التسليم غلى صاحبه لا شيء للخياط لأنه لم يسلم اعمل قال المصنف هذا إذا لم يخطه في دار صاحب الثوب * وإن خاطه في داره كان له الأجر لأن العمل صار مسلماً إلى صاحب الثوب وليس على الخياط أن يخيطه مرة أخرى في الوجهين لأن العقد الذي جرى بينهما لم يبق * وإن كان الخياط هو الذي فتق كان عليه أن يخيطه مرة أخرى لأنه نقض عمه فصار كأن لم يكن وكذا الإسكاف * رجل اكترى من رجل سفينة ليحمل فيها الطعام إلى موضع فلما بغت السفينة إلى ذلك الموضع ردها الريح إلى المكان الذي اكتراها فيه فإن لم يكن الذي اكترى السفينة مع الملاح فليس على المكتري كراء وإن كان معه فعليه الكراء لأن العمل صار مسلماً إلى المكتري كالخياط إذا خاط الثوب في دار صاحب الثوب * رجل استأجر بغلاً للركوب إلى موضع كذا فجمح به في بعض الطريق ورده غلى الموضع الذي استأجره فعليه الأجر وهو نظير مسألة السفينة إذا ردها الريح والمكتري مع الملاح في السفينة * رجل استأجر أرضاً سنة فزرعها ثم اشتراها المستأجر مع رجل آخر قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى انتقضت الإجارة يترك الزرع في الأرض حتى يستحصد ويكون للشريك على صاحب الزرع مثل نصف أجر الأرض * رجل استأجر أرضاً ليزرعها فزرعها فقل ماؤه قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أن ينقض الإجارة وله أن يخاصم الآجر حتى يتركها الحاكم في يده بأجر المثل غلى أن يدرك الزرع فإن سقى زرعه بعد ذلك كان رضاً وليس له أن ينقض الإجارة وكذا الرحى إذا انقطع ماؤه حتى مضت السنة يسقط جميع الأجر * وإن قل الماء وتدور الرحى وتطحن على نصف ما كانت تطحن قبل ذلك كان للمستأجر أنيرها فإن لم يردها حتى طعن كان ذلك رضاً وليس له أن يرد الرحى بعد ذلك * ولو استأجر أرضاً من أرض الجبل بدراهم فزرها ولم يمطر عمه ولم ينبت حتى مضت السنة ثم مطرت السماء ونبت قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الزرع كله للمستأجر وليس عليه كراء الأرض ولا نقصانها * رجل استأجر أرضاً ليزرعها فأصاب الزرع آفة فهلك أو غرق ولم يبت كان عليه الأجر لأنه قد زرع ولو غرقت الأرض قبل أن يزرعها فلا أجر عليه وكذا لو غصبها رجل وزرعها لا أجر على المستأجر * ولو كانت في يد المستأجر فلم يزرعها حتى مضت السنة <317>كان عليه الأجر * وكذا لو زرع البعض ولم يزرع البعض * رجل استأجر سفينة ليذهب بها إلى موضع كذا ويحمل عليها كذا ويجيء بها فذهب بالسفينة ولم يجد ذلك الشيء قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يلزمه كراء السفينة في الذهاب
(2/163)
________________________________________
فارغة أقل كراء ولو قال أكتريتها منك على أن تحمل الطعام من موضع كذا إلى ههنا فلم يجد الطعام فليس عليه شيء من الكراء لأن في المسألة الأولى اكترى السفينة للذهاب والحمل والرجوع فيلزمه حصة الذهاب وفي المسألة الثانية وقع الاستئجار على حمل الطعام من موضع كذا إلى ههنا فإذا لم يحمل لم يلزمه شيء * ولو استكرى دابة ليحمل عليها من هناك حمولاته فجاء المكاري وقال ذهبت ولم أجد الحمل قالوا إن صدقه المستكري في ذلك كان عليه أجر الذهاب خالياً عن الحمل * رجل استأجر في المصر دابة ليحمل عليها الدقيق من طاحونة كذا أو الحنطة من قرية كذا فذهب فلم تكن الحنطة طحنت أو لم يجد في القرية حنطة فرجع إلى المصر قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ينظر في لفظة الاستئجار إن كان المستأجر قال استأجرت منك بهذه الدابة من هذه البلدة حتى أحمل عليها الدقيق من طاحونة كذا يجب نصف الكراء لأن الإجارة وقعت صحيحة من البلدة إلى الطاحونة من غير حمل شيء فيجب نصف الأجر بالذهاب ثم الإجارة من الطاحونة إلى البلدة إنما كان لحمل الدقيق ولم يوجد فلا يجب للرجوع شيء فأما إذا قال المستأجر استأجرت منك هذه الدابة بدرهم حتى أحمل الدقيق من الطاحونة فلم يجد الدقيق ههنا لا يجب شيء لأن ههنا الإجارة وقعت على حمل الدقيق من الطاحونة فلا يجب الأجر إذا لم يحمل الدقيق * ولو استأجر رجلاً ليذهب إلى البصرة فيجيء بعياله فوجد بعضهم قد مات فجاء بمن بقي ذكر في الكتاب أن له الأجر بحساب ذلك * قالوا هذا إذا كان عياله معلومين لأنه أوفى بعض المعقود عليه فيجيب الأجر بقدر ذلك وإن استأجره ليذهب بطعام إلى فلان بالبصرة فذهب بالطعام ووجد فلاناً قد مات فرد الطعام لا أجر له لأنه نقض عمله فلا يجب الأجر كالخياط إذا أخاط ففتق وإن استأجره ليذهب بكتاب إلى فلان ويجيء بجوابه فذهب بالكتاب فوجد فلاناً قد مات فرد الكتاب لا أجر له وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يلزمه أجر الذهاب ولو ترك الكتاب ثمة أو مزقه ولم يرد كان له أجر الذهاب في قولهم لأنه لم ينقض عمله وقيل إذا مزقه ولم يرد ينبغي أن لا يجب الأجر لأنه إذا ترك الكتاب ثمة ينتفع بالكتاب وارث المكتوب إليه فيحصل له الغرض بخلاف ما إذا مزقه ولو استأجر رجلاً ليذهب غلى موضع كذا يدعو فلاناً إليه بأجر مسمى فذهب إلى ذلك الموضع فلم يجد فلانً قالوا له الأجر ولو استأجره ليذهب إلى موضع كذا ويؤدي رسالته إلى فلان فذهب فلم يجد فلاناً كان له الأجر لأن الأجر مقابل بالذهاب لا بتبليغ الرسالة * رجل استأجر امرأته لخدمة البيع شهراً لا يجوز ولا يكون لها الأجر في ذلك لأن خدمة البيت مستحق عليها ديانة فلا يجب الأجر لها <318> كما لو استأجرها لخبزه أو طبخه ولأن منفعة خدمة البيت تعود إليها والإنسان لا يستحق الأجر بما يعود منفعته إليه ما في الطبخ والخبز * ولو استأجرها لغسل ثيابه قال المصنف ينبغي أن يكون لها الأجر لأن ذلك غير مستحق عليها ديانة لخياطة الثوب ونحو ذلك ومنفعة الغسل تعود إلى الزوج خاصة فيكون لها الأجر كما لو استأجرها لرعي غنمه * وإن استأجرت المرأة زوجها ليخدمها بأجر مسمى جاز وللزوج أن يمتنع عن خدمتها بعد الإجارة لأنه يتضرر بذلك فإن خدمها ذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن عليها الأجر لزوجها كما لو استأجرت زوجها لرعي الغنم * ولو قالت المرأة لزوجها اغمز رجلي على أن لك علي ألف درهم فغمز الزوج رجلها إلى أن قالت المرأة لا أريد الزيادة قالوا هذه الإجارة باطلة ولا شيء عليها لأن خدمة المرأة حرام على الزوج لأنه قوام عليها * امرأة آجرت دارها من زوجها فسكناها جميعاً قالوا لا أجر لها وهي بمنزلة ما لو استأجرها لخبزه أو طبخه إنما أرادوا بهذا الإلحاق أن منفعة سكنى الدار تعود إليها ولأن الزوج يخرج من الدار في بعض الأوقات وعسى أن يكون عامة نهاره في السوق وتكون الدار في يد المرأة والمستأجر إذا آجر من الآجر وأعاره أنفقت الروايات على أنه لا يجب الأجر على المستأجر في زمان الإجارة والإعابة فكذلك ههنا لم يكن لها أجر الدار على زوجها * رجل اشترى الثمار على رؤوس الأشجار ثم استأجر الأشجار ليترك الثمار إلى أن تدرك وقتاً معلوماً لم يكن عليه أجر الأشجار لأن الشجر ليس بمحل الإجارة فيجعل الإجارة إعابة بخلاف ما لو اشترى القصيل ثم استأجر الأرض وقتاً معلوماً إلى أن يدرك الزرع كان ذلك جائزاً وكان له أجر الأرض لأن الأرض محل للإجارة فتنعقد الإجارة * رجل استأجر طاحونتين دوّارتين بالماء في موضع يكون كرى النهر على صاحب الطاحونة عادة فاحتاج النهر إلى الكرى وصار بحال لا يعلم إلا إحدى الرحيين فإن كان بحال لو صرف الماء إليهما جميعاً تعملان عملاً ناقصاً فله الخيار لاختلال المقصود وما لم يفسخ الإجارة كان عليه أجرهما جميعاً وإن كان بحال لو صرف الماء إليهما لم يعملا أصلاً فعليه أجر أحدهما إذا لم
(2/164)
________________________________________
يفسخ الإجارة لأنه لم يتمكن من الانتفاع إلا بأحدهما فإن تفاوت أجرهما فعليه أجر أكثرهما إذا كان الماء يكفي للأكثر لأنه متمكن من الانتفاع بأكثرهما وإن كان ذلك في موضع يكون كرى النهر على المستأجر عادة فعليه الأجر كاملاً لأنه هو المعطل وهو كما لو استأجر خيمة فانكسرت أوتادها لا يسقط الأجر عن المستأجر لأن الأوتاد لا تكون على صاحب الخيمة ولو انقطعت أطنابها سقط الأجر عن المستأجر لأن الأطناب تكون على صاحب الخيمة * رجل استأجر طاحونة فانقطع ماؤها كان له أن يردها فإن لم يردها حتى مضت السنة سقط جميع الأجر وإن قل ماؤها وكانت الطاحونة تدور وتطحن على نصف ما كانت تطحن كان للمستأجر أن يردها فإن لم يردها حتى طحن كان ذلك رضاً منه <319> وليس له أن يردها بعد ذلك * ولو استأجر بيتاً فيه رحى وقال استأجرت هذا البيت بكل حق هو له ولم يسم الرحى كان للآجر أن يقلع الرحى وليس الرحى والماء من حقوق البيت * وإن كان استأجر البيت بحجريها فله حقوق الرحى والماء من حقوقها فإن انقطع الماء فلم يردها حتى مضت السنة وكان البيت مما ينتفع به بدون الرحى يقسم الأجر عليهما فيسقط عنه حصة الحجرين ويلزمه الأجر بحساب البيت وإن لم يكن البيت منتفعاً به بدون الرحى لا يجب على المستأجر شيء وإن لم يرد البيت * رجل استأجر أرضاً ليزرعها فزرع وقف ماؤها قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أن ينقض الإجارة وله أن يخاصم حتى يتركها الحاكم في يده بأجر المثل إلى أن يدرك الزرع فإن سقى زرعه كان رضاً وليس له أن ينقض الإجارة وكذا الرحى إذا انقطع ماؤه حتى مضت السنة سقط جميع الأجر وإن قل الماء وتدور الرحى وتطحن على نصف ما كان فللمستأجر أن يرد فإن لم يرد حتى طحن كان ذلك رضاً وليس له أن يرد الرحى * رجل آجر داره ثم آجرها من غيره بعدما سلمها إلى الأول فأجاز المستأجر الأول فأجاز المستأجر الأول نفذت الإجارة الثانية على المستأجر الأول * ولو دفع أرضه مزارعة على أن يكون البذر مع المزارع ثم آجر من غيره إجارة طويلة بغير رضاً المزارع فإن رضي به المزارع تنفسخ المزارع وتنفذ الإجارة الطويلة * رجل أمر رجلاً بأن يستأجر له داراً بعينها من رجل سنة فاستأجرها المأمور وأبى أن يدفعها غلى الآمر وسكنها بنفسه حتى مضت السنة قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا أجر على الآمر ولا على المأمور وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجب الأجر على الآمر * رجل استأجر داراً وقبضها ثم أعارها من الآجر قال أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا يسقط الأجر على المستأجر * وذكر في المنتقى أن المستأجر إذا أعار من الآجر كان ذلك نقضاً للإجارة وكذا إذا استأجر داراً وبنى فيها ثم أجرها من الآجر كان ذلك نقضاً للإجارة الأولى والصحيح أن الإجارة والإعارة لا تكون فسخاً ولكن لا يجب الأجر على المستأجر ما دام في يد الآجر * رجل استأجر داراً وقبضها فسقط منها حائط أو انهدم بيت من الدار وكان للمستأجر أن يفسخ الإجارة عند حضرته وغيبته ويسقط الأجر عند الكل ولا تنفسخ الإجارة ما لم يفسخ * رجل استأجر أرضاً ليزرعها فزرعها فأصاب الزرع آفة فهلك أو غرق ولم ينبت كان عليه الأجر ولو غرقت الأرض قبل أن يزرعها فلا أجر عليه * وكذا لو غصبها رجل فزرعها الغاصب لا جر على المستأجر وذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده أنه إذا استأجر أرضاً للزراعة فزرع فاصطلمه آفة كان عليه أجر ما مضى وسقط عنه أجر ما بقي من المدة بعد الاصطلام * رجل استأجر أرضاً فزرعها فلم يجد ماء يسقيها فيبس الزرع قالوا إن استأجرها بغير شرب فلم ينقطع ماء النهر الذي يرجى منه السقى فعليه الأجر وإن انقطع كان له الخيار * وإن كان <320> استأجرها بشربها فانقطع عنها الشرب فجاء الوقت الذي يفسد فيه الزرع عند انقطاع الماء وفسد الزرع سقط عنه الأجر كما لو استأجر رحى ماء واستأجر بيت الرحى فانقطع الماء * ولو استأجر أرضاً بشربها ليزرع فيها فخرب النهر الأعظم فلم يستطع سقيها فهو بالخيار إن شاء ردها وإن شاء أمسكها فإن لم يرد حتى مضت المدة كان عليه الأجر إذا كان بحال يمكنه أن يحتال بحيلة ويزرع فيها شيئاً * وإن كان لا يمكنه أن يزرع فيها شيئاً بغير ماء بوجه من الوجوه ولا حيلة له في ذلك فلا أجر عليه كما في مسألة الرحى * وكذا لو لم ينقطع الماء ولكن سال فيها الماء حتى لم تتهيأ له الزراعة لا أجر عليه * رجل استأجر أرضاً فانقطع الماء إن كانت الأرض تسقى بماء الأرض وماء المطر وانقطع ماء المطر أبضاً لا أجر عليه لأنه لم يتمكن من الانتفاع بها * رجل استأجر أرضاً سنة ليزرعها شيئاً سماء فزرع ولم ينبت أو أصابه آفة فأفسدته وذلك كان في وقت لا يستطيع أن يزرع فيها مرة أخرى فأراد أن يزرع فيها غير ما سماه إن كان الثاني أقل ضراً بالأرض من المسمى أو مثله فعل ذلك لأن رب الأرض يرضى به ظاهراً وإن كان الثاني أضر بالأرض من الذي سماه لم يكن له أن يزرع
(2/165)
________________________________________
لأن رب الأرض لم يرض إلا بالمسمى أو بما هو مثله أو دونه ويرد الأرض على صاحبها بقدر ما كان في يده من يده من الأجر ويبطل عنه الزيادة * والمؤاجر إذا أنقض الدار المستأجرة برضا المستأجر أو بغير رضاه لا تنتقض الإجارة لبقاء الأصل وهو كما لو غصب الدار المستأجر إنسان لا تنتقض الإجارة لكن يسقط الأجر ما دامت في يد الغاصب وكما لو انهدمت الدار في يد المستأجر وعن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا انهمدت الدار المستأجر فبناها المؤاجر فأراد المستأجر أن يسكن الدار بقية مدة الإجارة لم يكن للآجر أن يمنعه من ذلك أراد به إذا بناها قبل انقضاء المدة وقبل أن يفسخ المستأجر الإجارة فإن بناها بعد الفسخ ليس للمستأجر أن يسكنها بعد الفسخ * صيرفي انتقد دراهم رجل بأجر فإذا فيها زيوف أو نبهرجة أو ستوقة لا يضمن الصيرفي شيئاً لأنه لم يتلف حقاً على صاحب الدراهم وإنما أو في بعض العمل وهو تمييز البعض فيرد من الآجر بحساب ذلك حتى لو كان الكل زيوفاً يرد كل الأجر * وإن كان الزيوف نصفاً فنصف الأجر ويرد الزيوف على الدافع فإن أنكر الدافع وقال ليس هذا ما أخذت متى كان القول قول الآخذ مع يمينه لأنه ينكر أخذ غيرها وهذا إذا لم يكن الآخر أقر باستيفاء حقه أو باستيفاء الجياد فإن اقر بذلك ثم أراد أن يرد البعض بعيب الزيافة وأنكر الدافع أن يكون ذلك دراهمه لا يقبل قوله * جر استأجر قميصاً ليلبسه ويذهب إلى مكان كذا فلبسه في منزله ولم يذهب إلى ذلك المكان اختلفوا فيه قال الفقيه أبو بكر البلخي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا أجر عليه لأنه مخالف ضامن * وقال الفقيه أبو الليث رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عندي عليه الأجر ولا يكون مخالفاً لأن الأجر مقابل باللبس لا بالذهاب إلى ذلك الموضع وإنما ذكر الذهاب إلى ذلك الموضع ليكون مأذوناً <321> في الذهاب به إلى ذلك المكان قال رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وهذا بخلاف ما لو استأجر دابة فيركبها إلى موضع كذا فركبها في المصر في حوائجه ولم يذهب إلى المكان فإنه يكون مخالفاً ضامناً ولا أجر عليه لأن في إجارة الدابة بيان مكان الركوب شرط لصحة الإجارة لأن الركوب في بعض المواضع وبعض الطرق قد يكون أضر بالدابة فكان ذكر المكان للتقييد أما في إجارة الثوب لا يشترط بيان مكان للبس إنما يشترط بيان الوقت لأن اللبس في بعض الأوقات قد يكون أضر من البعض * رجل استأجر دابة ليركبها يوماً إلى الليل فأمسكها في بيته ولم يركب ذكر في الكتاب أنه إذا استأجرها ليركبها خارج المصر إلى مكان معلوم فأسكها في بيته لا أجر عليه لأنه لا يحب الأجر عليه بهذا الإمساك فلم يكن مأذوناً فيه فكان ضامناً وإن كان استأجرها ليركبها في المصر فأمسكها ولم يركب لا يكون ضامناً لأن الأجر يجب بهذا الإمساك فيكون مأذوناً فيه فلا يكون ضامناً قالوا في الوجه الأوّل إنما يضمن إذا أمسك زماناً لا يمسك مثله للخروج غذى ذلك المكان عادة فيرجع فيه إلى العادة أن من استأجر دابة للخروج إلى ذلك المكان أي قد يمسكها ليتهيأ له الخروج إلى ذلك المكان * رجل آجر دابته على أن يكون له الخيار ساعة من النهار فتركها المستأجر في داره فسرقت يضمن قيمتها ولا أجر على المستأجر ,إن كان الخيار للمستأجر فعليه الأجر ولا ضمان عليه * رجل آجر داره ودفع المفتاح إلى المستأجر وقال خذ فأخذه ثم جاء المستأجر بعد ما انقضت مدة الإجارة وقال لم أقد على فتح الباب ولم أسكن قال رب الدار لا بل قدرت وسكنت قالوا إن كان دفع إليه مفتاح ذلك الغلق كان القول قول صاحب الدار وإن لم يكن دفع كان القول قول المستأجر ولا أجر عليه وإن كان المفتاح مفتاح ذلك الغلق فضلّ المفتاح أياماً ثم وجده كان عليه أجر ما مضى لأنه صح تسليم الدار إليه وإنما لم يسكن الدار لتقصير كان من قبل * رجلان بينهما طعام استأجر أحدهما صاحبه ليحمله إلى مكان كذا أو ليطحن لا يجوز فإن فعل لا يجب الأجر وإن استأجر أحدهما من صاحبه بيتاً ليحفظ فيه هذا الطعام أو دابة ليحمل عليها هذا الطعام المشتري ذكر شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يجوز ويجب الأجر المسمى * رجل دفع إلى خياط أو قصار ثوباً وقال استأجرتك لتخيط هذا الثوب أو تقصره بدرهم فدفع الخياط إلى تلميذه أو عبده ليخيطه أو يقصره ففعل يجب الأجر وإن قال استأجرتك لتخيطه أو تقصره بنفسك فدفع إلى غلامه أو تلميذه لا يجب الأجر فإن استأجر ظئر الترضع ولده بنفسها فأرضعته بندى جاريتها اختلفوا فيه والأصح أنها تستحق الأجر * رجل استأجر دابة بعينها ليضع عليها حملاً معلوماً مسمى إلى موضع كذا فأراد المكاري أن يضع عليها مع ذلك الحمل شيئاً من عند نفسه كان للمستأجر أن يمنعه فإن وضع المكاري ذلك وبلغت الدابة إلى ذلك الموضع كان على المستأجر جميع الأجر المسمى * ولو استأجر داراً وقبضها ثم إن رب الدار شغل بعضها بمتاع نفسه سقط عن المستأجر حصة ذلك من الأجر * ولو اكترى داراً شهراً فأقام معه رب الدار
(2/166)
________________________________________
فيها إلا آخر الشهر سقط عن المستأجر حصة ما كان في يد المستأجر * رجل استأجر كتاباً ليقرا ما فيه من شعر أو فقه لا يجب عليه الأجر وكذا المصحف وكذا إذا استأجر طيباً ليشمه لا يجب الأجر وكذا إذا استأجر بيتاً من مسلم ليصلى فيه * ولو أن صناعين آجر أحدهما من الآخر آلة عمله ثم اشتركا قالوا إن كان ت الإجارة بينهما لى كل شهر يجب الأجر في الشهر الأوّل لا غير لأن هذه الجارة تنعقد شهراً فشهراً ففي الشهر الأول سبقت الإجارة الصحيحة الشركة فلا تبطل الإجارة في الشهر الأول بالشركة الطارئة أتما في الشهر الثاني فالشركة <322> قارنت انعقاد الإجارة فلم تنعقد الإجارة في الشهر الثاني وإن كان صاحب الآلة آجر الآلة أحدج عش شهراً كان على المستأجر أجر جميع المدة لما قلنا في اشهر الأول في الصورة الأولى ولو آجر حانوته من رجل ثم اشتركا في عمل يعملان في ذلك الحانوت قال مُحَمَّد بن سلمة رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الشركة توهن الإجارة أراد به إذا لم يمض زمان قبل الشركة فلا يجب الأجر لأنهما اشتركا في الانتفاع بالحانوت وكل واحد منهما عامل لشريكه من وجه فلا يسلم المنفعة للمستأجر * ولو استأجر دابة إلى مكة ليركبها ولم يركبها ومشى راجلاً قالوا إن مشى راجلاً ولم يركب من غير عذر بالدابة كان عليه الأجر وإن كان بعذر بأن لم يركها لعلة بالدابة أو لمرض بها بحيث لا يقدر على الركوب لا أجر عليه * وإن استأجر ثوباً ليلبسه كل يوم بدانق ووضعه في بيته ولم يلبسه فمضى عليه سنون كان عليه لكل يوم دانق في الوقت الذي يعلم أنه لو لبسه لا ينخرق فإذا مضى وقتت يعلم أنه لو لبسه ينخرق سقط عنه الأجر لأن بعد ما مضى ذلك الزمان لا يمك جعل الثوب منتفعاً به تقديراً فيسقط عنه الأجر كالمرأة إذا أخذت الكسوة من الزوج ولم تلبس ولبست ثوب نفسها إذا مضى وقت لو ألبسها معتاداً ينخرق كان لها ولاية المطالبة بكسوة أخرى وإلا فلا {باب الإجارة الفاسدة} * رجل آجر بناء دار أو حانوت بدون الأرض قال القاضي الإمام أبو الحسن علي السغدي روي عن مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ما يدل على جواز هذه الإجارة قال رجل استأجر أرضاً فآجرها م صاحبها كانت الإجارة الثانية باطلة وإن بنى فيها المستأجر ثم آجرها من صاحبها كان له حصة البناء من الآجر قال ولو لم تصح إجارة البناء وحده لا يستوجب عليه حصة البناء من الأجر وذكر في الأصل أن إجارة الفسطاط جائزة وبعض مشايخنا لم يجوز وإجارة البناء فأوردت عليه مسألة الفسطاط فلم يتهيأ له الفرق في الزيادات ما يدل على أنه لا تجوز إجارة البناء لأنها بمنزلة إجارة المشاع بخلاف إجارة الفسطاط * إذا استأجر القاضي رجلاً لاستيفاء القصاص أو الحدود قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن لم يبين لذلك وقتاً لا يصح وإن استأجر القاضي رجلاً لاستيفاء الحدود أو القصاص أو قطع اليد أو ليقوم عليه في مجلس القضاء شهراً بأجر معلوم جازت الإجارة لأن المعقود عليه عند بيان المدة منافعه في تلك المدة فإذا استحق منافعه في تلك المدة كان له أن يصرف تلك المنافع إلى ما يحل له من إقامة الحدود وغير ذلك أما إذا استأجره لذلك ولم يبين المدة كان المعقود عليه مجهولاً لا يدري أنه متى يقع وماذا يقع فإذا فسدت الإجارة وفعل شيئاً من ذلك كان له أجر مثله لأنه استوفى المنفعة بعقد فاسد ومن له القصاص في النفس إذا استأجر رجلاً لاستيفاء القصاص فقتل فلا أجر له بخلاف القاضي لأن القاضي يملك الاستئجار بالقيام في مجلسه ثم يدخل في ذلك ما كان للقاضي أن يفعل أما غير القاضي إذا استأجر رجلاً شهراً ليعمل له في بيته لا يملك أن يأمره باستيفاء القصاص لأن ذلك لا يكون من أعمال البيت فلا يدخل تحت الإجارة فلا يجب له الأجر على قول أَبِي حَنِيفَةَ وأَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى * إذا استأجر رجل رجلاً لاستيفاء قصاص له في الطرف صح ذلك وإذا فعل الأجير يستحق المسمى وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إذا استأجره لاستيفاء القصاص في النفس يصح ويستحق المسمى كما لو استأجره لاستيفاء الطرف * أمير العسكر إذا قال لمسلم أو ذمي إن قتلت ذلك الفارسي فلك مائة درهم فقتله لا شيء له لأن هذا من باب الجهاد والطاعة فلا يستحق الأجر كما لو استؤجر ليؤم الناس أو يؤذن وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن قال ذلك لذمي يجب الأجر ولو كانوا قتلى فقال الأمير من قطع رؤوسهم فله عشرة دراهم جاز لأن هذا الفعل ليس بجهاد بخلاف الأول ولو <323> استأجر الأمير ذمياً أو مسلماً ليقتل أسيراً حربياً كان في يده فقتله لا شيء له وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى يجب الأجر المسمى كما يجب بذبح الشاة وضرب العبد * رجل استأجر كلباً معلماً ليصيد به لا يجب الأجر وكذا البازي وفي بعض الروايات إذا استأجر الكلب أو البازي وبين لذلك وقتاً معلوماً يجوز وإنما لا يجوز إذا لم يبين له وقتاً معلوماً * ولو
(2/167)
________________________________________
استأجر سنوراً ليأخذ الفأرة في بيته ذكر في المنتقى أنه لا يجوز قال لأن هذا فعل السنور وليس هذا كالكلب والبازي فإن المستأجر يرسل الكلب والبازي فيذهب بإرساله ويصيد ولا كذلك السنور ولو استأجر كلباً ليحرس داره قالوا لا يجوز ذلك * ولو استأجر قرداً ليكنس البيت قال المصنف ينبغي أن يجوز إذا بين المدة لأن القرد يضرب ويعمل بالضرب بخلاف السنور * لو استأجر شاة تتبعه ليذهب بشاته فتبعته الشاة لا أجر له * ولو استأجر قلماً ليكتب به إن بين لذلك وقتاً صحت الإجارة وإلا فلا ولو استأجر رجلاً ليكتب له مصحفاً ليكتب له مصحفاً أو غناء أو شعراً وبين الخط جاز وذكر الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده لا يكره ذلك * ولو استأجر رجلاً ليعلم غلامه أو ولده شعراً أو أدباً أو خطاً أو حساباً أو هجاء أو حرفة من الخياطة ونحوها إن بين لذلك وقتاً معلوماً ستة أشهر أو ما أشبه ذلك جاز ويجب المسمى تعلم في تلك المدة أو لم يتعلم وإن لم يبين لذلك وقتاً كانت الإجارة فاسدة حتى ول تعلم يستحق أجر المثل وإن لم يتعلم لا يجب شيء * ولو شرط على الأستاذ أو يحذقه في ذلك العمل ذكر أنه لا تصحب الإجارة لأن الحذاقة ليس لها غاية معلومة * رجل دفع غلامه إلى حائك على أن يقوم عليه الأستاذ شهراً معلومة في تعليم النسج على أن يعطي الأستاذ للمولى كل شهر درهماً فهو جائز ويكون ذلك إجارة للغلام ولو دفع غلامه أو ولده إلى أستاذ ليعلمه عملاً ولم يشترط أحدهما الأجر على الأستاذ أو على المولى فلما علمه العمل اختلفا فطلب الأستاذ أجره من المولى وطلب المولى أجر الولد أو العبد من الأستاذ قالوا يرجع في ذلك إلى العرف والعادة أن الأجر على من يكون فيحكم العرف * قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كان شيخنا الإمام يقول عرف ديارنا في الأعمال التي يفسد المتعلم فيها بعض ما كان متقوماً حتى يتعلم نحو عمل ثقب الجواهر وما أشبه ذلك فما كان من جنس هذا يكون الأجر على المولى إن كان مسمى فالمسمى وإن لم يكن فأجر المثل عليه للأستاذ وما لم يكن من جنس هذا يجب الأجر على الأستاذ * رجل دفع إلى خياط ثوباً وقال له خط ثوبي حتى أعطيك أجرك فقال الخياط لا أريد منك الأجر ثم خاطه قالوا لا أجر له كان بينهما خلطة أو لم يكن * رجل استأجر فحلاً لينزيه لا يجوز ذلك ولا أجر فيه وكذا النائحة والمغنية ولو استأجر رجلاً لتقاضي ديونه أن بين لذلك وقتاً جاز وإلا فلا وكذا الخصومة * رجل استأجر دابة ليركبها اليوم بدرهم فركبها غداً لا يجب شيء وقيل على قول أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّد رَحِمَهُمَا اللهُ تَعَالَى يلزمه درهم * رجل استأجر أجيراً ليحتطب له إلى الليل بدرهم جاز وذا ليصطاد له إلى الليل أو ليسقي له جاز ويكون الحطب والصيد والماء للمستأجر ولو قال ليصطاد هذا الصيد أو ليحتطب هذا الحطب فهذه إجارة فاسدة والحطب والصيد للمستأجر وعليه للأجير أجر المثل ولو استعان من إنسان في الاحتطاب والاصطياد فإن الصي والحطب يكون للعامل * لو استأجر رجلاً ليحلج له كذا منال من القطن أو ليقصر له كذا ثوباً وليس عند المستأجر ثوب ولا قطن لا يجوز ذلك لأن إقامة العمل في المعدوم لا يتصور فإن كانت الأثواب والقطن عنده ولم يرها الأجير فللأجير خيار الرؤية في الثياب وليس له خيار الرؤية في القطن وكذا لو استأجره تاده زنده بيحيى بما لدان لم يكن ذلك عند المستأجر لا تصح تلك الإجارة وإن كان ذلك عند المستأجر وعين وأشار فعمل في البعض <324> وامتنع عن الباقي يجبر على العمل لأن الإجارة كانت صحيحة فيلزمه العمل * رجل دفع إلى نداف ثوباً وأمره أن يندف الثوب بقطن من عند نفسه ولم يبين له الأجر وثمن القطن وبينهما أخذوا عطاء قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الإجارة جائزة لتعامل الناس * وقال القاضي الإمام علي السغدي هذا إذا دفع إليه ثوباً وعينه ليندف عليه أما إذا لم يكن الثوب معيناً فلا عرف فيه * رجل استأجر رجلين ليحملا له هذه الخشبة إلى منزله بدرهم فحملها أحدهما قال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له نصف درهم وهو متطوع في النصف الآخر إذا لم يكونا شريكين قبل ذلك في العمل والحمل وكذا لو استأجرهما لبناء حائط أو حفر بئر ولو كانا شريكين في العمل قبل ذلك فعمل أحدهما كان على المستأجر كل الأجر * حرة آجرت نفسها من رجل ذي عيال جاز وتكره الخلوة بها لأن الخلوة مع الأجنبية الحرة حرام * مسلم آجر نفسه من نصراني إن استأجره لعمل غير الخدمة جاز وإن آجر نفسه للخدمة قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل لا يجوز وذكر القدوري رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه يجوز تكره له خدمة الكافر * ذمي استأجر مسلماً ليحمل له خمراً جاز في قول أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى كما يجوز استئجار الكنائس وقال صاحباه لا يجز وعلى هذا الخلاف إذا استأجر الذمي دابة من مسلم أو سفينة لينقل عليها الخمر
(2/168)
________________________________________
وإن استأجر ذمي ذمياً لذلك جاز وكذا الاستئجار لرعي الخنازير * وإن استأجر المسلم ذمياً ليبيع له خمراً أو ميتة أو دماً لا يجوز وإن استأجر الذمي مسلماً لحمل ميتة عن الطريق أو جلد ميتة إلى موضع الدباغة جاز في قولهم وكذا لو استأجر لعصر العنب * ولو استأجر مسلم مسلماً ليخرج له حماراً ميتاً من داره جاز في قولهم كما لو استأجر ناساً * ولو استأجر المشركون مسلماً لحمل ميت منهم إلى موضع يدفن فيه إن استأجروه لينقل إلى مقبرة البلد جاز عند الكل وإن استأجروه لينقل من بلد إلى بلد قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى لا أجر له9ه وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن لم يعلم الحمال أنه جيفة فله الأجر وإن علم فلا أجر له وعليه الفتوى * ولو استأجر الذمي من مسلم بيتاً يبيع فيه الخمر جاز عند أَبِي حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى ولا بأس لمسلم أن يؤاجر داره من ذمي ليسكنها وإن شرب فيا الخمر أو عبد فيها لصليب أو أدخل فيها الخنازير فذلك لا يلحق المسلم كمن باع غلاماً ممن يقصد به الفاحشة أو باع جارية ممن يأتيها في غير المأتى أو يستبرئها * ولو استأجر المسلم من الذمي بيعة ليصلي فيها المسلم كمن باع غلاماً ممن يقصد به الفاحشة أو باع جارية ممن يأيها في غير المأتى أو لا يستبرئها * ولو استأجر المسلم من الذمي بيعة ليصلي فيها لم يجز * وكذا أهل الذمة إذا استأجروا ذمياً ليصلي بهم أو ليضرب له ناقوصاً لا يجوز ولو آجر المسلم نفسه من المجوس ليوقد لهم النار لا بأس عنهم لأن التصرف في النار والانتفاع بها مباح بخلاف الانتفاع بالخمر وحمل الخمر عندهم * ولو استأجر رجلاً لينحت له أصناماً أو ليزخرف له بيتاً بالتماثيل فلا أجر له كما لو استأجر نائحة أو مغنية وإن استأجر لينحت له طنبوراً أو بريطاً ففعل طاب له الأجر إلا أنه يأثم به وكذا لو استأجر رجلاً ليكتب له غناء بالفارسية أو بالعربية طاب له الأجر وكذا لو بنى بالأجر بيعة أو كنيسة لليهود والنصارى طاب له الأجر وكذا لو كتب لامراة كتاباً إلى حبيبها بأجر * ولو استأجر مشاطة لتزيين العروس قالوا لا يطيب لها الأجر إلا أن يكون على وجه الهدية بغير شرط ولا تقاض * قال مولانا رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى وينبغي أن الإجارة إذا كانت مؤقتة وكان العمل معلوماً ولم تنقش التمثال والصور جازت الإجارة ويطيب لها الأجر لأن تزيين العروس مباح * أهل بلدة ثقلت عليهم المؤنات فاستأجروا رجلاً بأجر معلوم ليذهب إلى السلطان ويرفع القصة ليخفف عنهم السلطان نوع تخفيف وأخذ الأجر من عامة أهل البلدة من الأغنياء والفقراء قالوا إن <325> كان بحال لو ذهب إلى بلدة السلطان يتهيأ له إصلاح الأمر في يوم أو يومين جازت الإجارة وإن كان بحال لا يحصل المقصود في يوم أو يومين وإنما يحصل في مدة فإن وقتوا للإجارة وقتاً جازت الإجارة وله كل المسمى وإن لم يوقتوا فسدت الإجارة وكان له أجر المثل على أهل البلدة على قدر مؤنتهم ومنافعهم وقال بعضهم لا تصح ه…ه الإجارة على كل حال * رجل استأجر رجلاً ليعلم عبده أو ولده الحرفة فيه روايتان فإن بين لذلك وقتاً معلوماً سنة أو شهراً جازت الإجاة ويستحق المسمى تعلم العبد أو يتعلم وإن لم يبين لذلك وقتاً معلوماً لا تصح الإجارة وله أجر المثل إن تعلم الولد والعبد وإن لم يتعلم فلا أجر له * وإن استأجر رجلاً لتعليم القرآن لا تصح الإجارة عند المتقدمين ولا أجر له بين لذلك وقتاً أو لم يبين ومشايخ بلخ رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى جوزوا هذه الإجارة حتى حكي عن مُحَمَّد بن سلام رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أنه قال أقضي بتسمير باب الوالد بأجر المعلم * وقال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إنما كره المتقدمون الاستئجار لتعليم القرآن وكرهوا أخذ الأجر على ذلك وانتقصت رغائب الناس في أمر الآخر فلو اشتغلوا بالتعليم مع الحاجة إلى مصالح المعاش لاختل معاشهم فقلنا بصحة الإجارة ووجوب الأجرة للملعلم بحيث لو امتنع الوالد عن إعداء الأجر حبسفيه وإن لم يكمن بينهما شرط يؤمر الوالد بتطييب قلب المعلم وإراضئه وهذاا بخلاف المؤذون والإمام لأن ذلك يشغل الإمام والمؤذن عن أمر المعاش * قال الشيخ الإمام شمس الأئمة السرخسي رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى أن مشايخ بلخ جوزوا الإجارة على تعليم القرآن وأخذوا في ذلك بقول أهل المدينة وأنا أفتي بجواز الاستئجار ووجوب المسمى وأجمعوا على أن الاستئجار على تعليم الفقه باطل * رجل استأجر مؤدباً كل شهر بسبعة دراهم ليعلم له صبيين أحدهما العربية والآخر القرآن فقال المؤدب لا يمكنني تعليم القرآن فاستأجر معلماً ليعلم الصبي بما يعلمون الناس وأعطه الأجرة من أجري وسلم الصبي إليه فلما جاء رأس الشهر حبس الوالد عن المؤدب ثلاثة دراهم فقال المؤدب أنا لا أرضى بما حبست لأن أجرة المعلم كال شهر تكون نصف درهم قالوا يحط عن أجرة المؤدب قدر ما يكون أجر مثل المعلم لأن هذا
(2/169)
________________________________________
الكلام من المؤدب بمنزلة التوكيل باستئجار المعلم ندج رجل استأجر معلما سنة ليعلم ولده القرآن فمضت ستة أشهر ولم يتعلم شيئاً كان له أن يفسخ الإجارة * ولو استؤجر جل لغسل الميت لا يجوز وإن استؤجر لحفر القبران بين الطول والعرض والعمق يجوز قياساً واستحساناً وإن لم يبين الطول العرض والعمق لا يجوز في القياس وفي الاستحسان يجوز ويقع على الوسط مما يعمله الناس * ولو استؤجر لحمل الجنازة إن لم يكن هناك من يحملها لا يجوز لأنه تعين في إقامة الحسبة وإن كان للتراب قيمة في ذلك الموضع وإن لم يكن للتراب قيمة فعلى اللبان أجر الأرض إن لم يكن ذلك ينفع الأرض فإن كان ينفع الأرض فلا شيء على للبان * معاوضة النيران في الأكدداس فاسدة لأنها استئجار المنفعة بجنسها فإن أعطى البقر ليأخذ منه الحمار لا بأس به * رجل استأجر رجلاً ليهدم جداراه أو ليبني حائطه كل ذراع بكذا وقال دارين درمهايك باخيره يزن أو استأجر رجلاً ليكسر حطبة قال الشيخ الإمام أبو بكر مُحَمَّد بن الفضل رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الأصل في جنس هذه المسائل أنه إذا استأجر إنساناً لعلم فإن كان عملاً لو أراد الأجير أن يأخذ في العمل للحال يقدر عليه صحب الإجارة ذكر لذلك وقتاً أو لم يذكر نحو أن يقول استأجرتك <326> لتخبز ليه عشرين منا من الخبز بدرهم جاز إن كان المستأجر في ذلك الوقت يملك آلات الخبز كالدقيق ونحوه وإن لم يبين مقدار العمل لكنه ذكر لذلك وقتاً فقال استأجرتك لتخبز لي اليوم إلى اليل بدرهم جاز أيضاً لأنه وإن لم يبين مقدار العمل فقد ذكر الوقت وبذكر الوقت تصير المنفعة معلومة * ولو قال بدين يكدوم أين ديوار من بازكن جاز أيضاً لأنه سمى له عملاً لو أراد أن يأخذ فيه للحال يقدر عليه فتصح الإجارة بين لذلك وقتاً أو لم يبين * وقال بدين ده درم أين خر من بادكن إن لم يذكر لذلك وقتاً لا يجوز لأنه استأجره لعمل لو أراد أن يأخذ فيه للحال لا يقدر لأن التذرية لا تقوم به وإنما تقوم بالريح ولا يدري متى تهب الريح وإن بين لذلك وقتاً فهو على وجهين إن ذكر الوقت أولاً ثم الأجرة بأن قال استأجرتك اليوم بدرهم على أن تذري هذا الكدس جاز لأنه استأجره علم معلوم وإنما ذكر الأجرة بعد بيان العمل فلا يتغير وإن ذكر الأجرة أولاً ثم العمل بأن قال استأجرتك بدرهم اليوم على أن تذري هذا الكدس لا يجوز لأن العقد وقع على الأجرة أولاً وإنما يحتاج إلى ذكر الأجرة بعد بيان الع7مل فإذا كان العمل معدوماً أو مجهولاً صار ذكر الوقت بعد بيان الأجرة للاستعجال أي على شرط أن تعجل اليوم ولا تؤخر فلم يكن ذكر الوقت لوقوع العقد على المنفعة فلا يجوز وعلى هذا المسألة السمسار * رجل أمر سمساراً ليشتري له الكرابيس أو دلالاً ليبيع له هذه الأثواب بدرهم لا تجوز هذه الإجارة لأن البيع لا يتم بالدلال وإنما يتم به والمشتري ولا يدري متى يجيء المشتري فإن ذكر لذلك وقتاً إن ذكر الوقت أولاً ثم الأجرة بأن قال استأجرتك اليوم بدرهم على أن تبيع لي كذا وتشتري جاز فإن ذكر الأجرة أولاً ثم الوقت بأن قال استأجرتك بدرهم اليوم على أن تبيع لي كذا وتشتري لا يجوز وهذه ومسألة تذرية الكدس سواء وإذا فسدت الإجارة وعمل وأتم العمل كان له أجر مثله على ما هو العرف في أهل ذلك العمل وذكر مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى الحيلة في استئجار السمسار وقال يأمره أن يشتري شيئاً معلوماً أو يبيع ولا يذكر له أجراً أولاً ثم بواسيه بشيء إما هبة أو جزاء لعمله فيجوز ذلك لماس الحاجة كما جاز دخول الحمام بأجر غير مقدر ثم يعطي الأجر عند الخروج وكذا شرب الرجل الماء من السقاء ثم يعطي له فأساً أو شيئاً وكذا الختان والحجام * وإذا أخذ السمسار أجر مثله هل يطيب له ذلك اختلفوا فيه قال الشيخ الإمام المعروف بخواهر زاده يطيب له ذلك وهكذا عن غيره وإليه أشار مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى في الكتاب وهو نظير ما لو اشترى شيئاً شراء فاسداً فهلك المبيع عنده وأخذ البائع قيمته طابت القيمة للبائع وقال بعضهم لا يطيب للدلال والسمسار اجر مثله لأنه مال استفاد بعقد فاسد هذا إذا أمر السمسار بالبيع والدلال بالشراء ولم يذكر له وقتاً أما إذا ذكر له وقتاً بأن قال استأجرتك اليوم بدرهم على أن تبيع لي هذه الأثواب أو تشتري لي كذا حتى جازت الإجارة كان له المسمى فيطيب له عند الكل * رجل دفع إلى رجل ثوباً وقال بعه بعشرة فما زاد فهو بيني وبينك قال أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى إن باعه بعشرة أو لم يبعه فلا أجر له وإن تعنى في ذلك وتعب لأن الآمر نفى الأجر إذا باعه بعشرة وإنما جعل له الأجر إذا باعه بأكثر من عشرة وإن باعه باثني عشر أو بأكثر من عشرة ـ فله أجر مثله لا يتجاوز به درهماً وقال مُحَمَّد رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى له أجر مثله بالغاً ما بلغ وإن لم يبع إذا تعب في ذلك وتعنى لأنه عمل بحكم عقد فاسد فيستحق أجر المثل والفتوى على قول أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ
(2/170)
________________________________________