المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أحدب نوتردام فيكتور هوجو


AshganMohamed
10-21-2019, 10:38 AM
أحدب نوتردام فيكتور هوجو

أحدبنوتردام
تأليف فيكتور هوجو
ترجمة أميرة علي عبد الصادق



الفصل الأول باريس تحتفل

في السادس من يناير/كانون الثاني عام 1482 استيقظت مدينة باريس على قرع الأجراس. كان هناك احتفالان في ذلك اليوم: عيد الغِطاس ومهرجان المهرجين. كان عيدالغِطاس عطلة دينية، أما مهرجان المهرجين فكان للشعب؛ وهو احتفال سنوي يتوقع أنيستمتع ويمرح فيه الجميع. كان يتضمن ألعابًا نارية، واحتفالًا بشجرة مايو، ومسرحية بالقاعة الكبرى. كان معظم رجال المدينة ذوي الشأن في طريقهم لمشاهدة المسرحية، واكتظت جميعالطرقات المؤدية إلى القاعة الكبرى بالناسالذين أخذوا يتحدثون ويضحكون أثناء سيرهم. أدى الانتظار الطويل إلى حِدّة الجماهير، فصاروا يتذمرون بشأن كلشيء. وكما الماء في فيضانه ازدادت أعداد الجماهير مع اندفاعهم حول الأعمدة ليملئوا كل زاوية وشقّ. جلس الناس على أعتاب النوافذ والتماثيل وعلى أي مكان يصلح للجلوس. كسرت مجموعة من الطلاب زجاج إحدى النوافذ، وجلسوا بجرأة على عتبتها. وأخذ الصبية يمزحون ويضحكون. نادى أحدهم على صبي أشقر وسيم كان يجلس أعلى أحد التماثيل في منتصف «؟ ها أنت يا جوان! كم مضىعلى وجودك هنا » : القاعة كيف حالك يا جيون فرولو؟ تدور ساقاك وذراعاك كالطاحونة الهوائية، » : رد جوان أهكذا تحافظ على توازنك على عتبة هذه النافذة؟ كم مضى على وجودنا هنا؟ أكثر من «! أربع ساعات
بدأ الصبية الذين أضجرهم الانتظار في مضايقة الكثير من الرجال ذوي الشأنالموجودين بينالجماهير، فأخذوا يسبونهم، ويسخرون من قبعاتهم ووظائفهم وملابسهم. استهزءوا بكل ما أمكنهم الاستهزاء به. صمت الطلاب، وهدأ باقي «! آه » : وأخيرًا دقت الساعة الثانية عشرة، فقالت الجماهير من كانوا في القاعة. امتدت الأعناق، وركزت الأبصار على خشبة المسرح، لكن لم يكنهناك ما يمكن مشاهدته سوى الحجاب الأربعة الذين عملوا على حفظ النظام وهم يقفون بأجسام متيبسة كالتماثيل. انتظر الحشد دقيقة، دقيقتين، خمس دقائق، عشر دقائق، ثم أخذوا يرددون: «! المسرحية! المسرحية » فصفقت الجماهير، وشحبت وجوه الرجال الأربعة «! أمسكوا بالحجاب » : قال الطلاب الموجودين على خشبة المسرح. وما إن تحرك الحشد نحوهم حتى فُتحت الستائر. ظهر ممثل مترنح سار حتى وصل إلى منتصف خشبة المسرح. بقلم بيير جرينجوار، التي « الرأي الرشيد » يشرفنا اليوم تقديم مسرحية » : قال «. سألعب فيها دور جوبيتير. وعندما يصل الكاردينال سنبدأ في الحال ما إن سمع الجميع أنهم سينتظرون مزيدًا من الوقت حتى بدءوا في الصياح ثانيةً. «! لتبدءوا الآن » : صاح جوان بصوت أعلى من أي شخصآخر «! ليسقط جوبيتير! ليسقط الكاردينال » : هتف جيون بدأ جوبيتير المسكين في الابتعاد عن خشبة المسرح ببطء. وقبل أن يفتح الستائر «! يا جوبيتير » : مباشرة ظهر شخصيرتدي ملابس سوداء من وراء الكواليس، وهمس «؟ من يناديني » : أخذ جوبيتير خطوة أخرى للوراء، وقال المسكين وهو يستدير هذا أنا، بيير. ابدأ المسرحية، وسأحرصعلى » : قال المؤلف المسرحي بصوت خفيض «. أن يتفهم الكاردينال الأمر سنبدأ » : ثم استدار لمواجهة الجمهور، وقال «! حسنًا » : أومأ جوبيتير برأسه وقال «! العرض أخذت الجماهير تصفر وتهلل مع بدء الموسيقى. خيم الصمت المطبق على القاعةالكبرى. أذهلت ملابس الممثلين الجماهير؛ فكانوا يرتدون أردية بيضاء وذهبية اللون، كلٌّ منها مصنوع من نوع مختلف من القماش: حرير وكتان وصوف وقطن. ابتعد بيير، وأخذ يشاهد الممثلين وهم يتحدثون بالكلمات التي كتبها. صفقتالجماهير في البداية، واستمروا في المشاهدة. كانت هذه علامات جيدة، لكن هذه الحالة لم تدم؛ فقد دخل متسول عجوز يرتدي أسمالًا بالية وبذراعه جرح كبير إلى القاعة الكبرى. «! انظروا ذلك البائس » : رآه جيون فصاح استدارت كل العيون في القاعة لتنظر إلى الرجل القذر، وتوقفوا عن مشاهدةالمسرحية. وقف الممثلون على خشبة المسرح ولم ينطقوا بكلمة. نظر المتسول حوله، «؟ هل لي في بعضالفكة، رجاءً » : وقال إنه كلوبان العجوز. أرى أن ساقك تحسنت. أعتقد أن ما يؤلمك الآن هو » : قال جوان «؟ ذراعك، أليس كذلك فتابعوا التمثيل أثناء إلقاء «! لماذا توقفتم؟ أكملوا العرض » : همس بيير للممثلين الناس بالعملات للمتسول العجوز. وأخيرًا هدأ الجمهور ليتابعوا مشاهدة المسرحية. كانكاردينال » : الأمر رائعًا إلى أن فُتِح الباب الموجود خلف خشبة المسرح، وأعلن الحاجب قائلًا «! بوربون ألم يكف الأمر سوءًا وجود الطلاب المزعجين، حتى يقاطع الكاردينال » : فكر بيير لم يكن السبب في ذلك هو كراهية بيير لكاردينال بوربون، وإنما «. الآن مسرحيتي أيضًا كان منزعجًا فحسب من أن الجمهور قد تشتت انتباهه الآن ثانيةً عن المسرحية ليرى ما يحدث بعيدًا عن خشبة المسرح. أراد الجميع رؤية الرجل المهم على نحو أفضل. حدق بعضهم النظر من فوقأكتاف بعض، ومدوا أعناقهم، ووقفوا على أطراف أصابعهم؛ فعلوا كل ما بوسعهم لرؤية الكاردينال المحبوب وهو يحني رأسه لتحية الجمهور ويسير إلى مقعده. نادى الطلاب على صف الأساقفة الذين كانوا يقفون خلفه، وهم يجلسون علىمقاعدهم أيضًا. كانوا يستمتعون بمهرجان المهرجين؛ فهو اليوم الوحيد في العام الذي كانالطلاب يفرضون فيه سيطرتهم على الشوارع؛ يمزحون ويضحكون ويثيرون المشكلات دون أن يكون لذلك عواقب كبيرة. وأعلن الحاجب حضور دوق النمسا وثمانية وأربعين من رجاله! وكان على المسكينإعلان اسم كلٍّ منهم ومنصبه أثناء جلوسهم على المقاعد. بدوا جميعًا متشابهين بقبعاتهمالمخملية السوداء ووجوههم الهادئة. وحاول أن يدخل مع الدوق رجل ذو وجه ضاحكيرتدي صدرية جلدية غريبة بدت شاذة وسط الأقمشة الحريرية والمخملية التي ملأت المكان. «. لا يمكنك الدخول هكذا » : أوقفه الحاجب قائلًا
«. أنا جاك كوبينول، حائك الدوق » : قال الرجل ذو الصدرية الجلدية انزعج الحاجب؛ فقد بُحَّ صوته إثر مناداته على هذا العدد الكبير من الأسماء. ولم «. السيد جاك كوبينول، حائك » : يكن الحائك أحد النبلاء، لكنه أعلن صارتشرفة المسرح ممتلئة الآن عن آخرها بذوي المقام الرفيع. وحاول بيير مستميتًاأن يستمر عرضالمسرحية أثناء دخول الجميع، لكنه لم يفلح. لكن في نهاية الأمر بدا أن الجميع هدءوا. «! لتبدأ المسرحية! هيا، لتبدأ المسرحية » : هز بيير رأسه، وغطى فمه وصاح بأعلىصوته ما الذي يحدث بحق الجحيم؟ لقد شاهدنا بالفعل نصف المسرحية، » : قال جيون «؟ وهم يريدون بدءها من جديد؟ نحن لن نقبل بذلك، أليس كذلك سأل الكاردينال الحاجب عن سبب الضوضاء، فأوضح له أن المسرحية كانت قد بدأت بالفعل. «. قل لهم أن يستكملوا ما بدءوه، فلن يشكل الأمر فارقًا » : ضحك الكاردينال وصاح لقد دُمرت مسرحيتي. سيعلم نصف الجمهور الآن ما يحدث، في » : حدث بيير نفسه «! حين لا يعلمه النصف الآخر. إنها لكارثة يا أهالي باريسالعظماء، » : وما زاد الأمور سوءًا أن جاك كوبينول وقف وبدأ يتحدث ما هذا الذي نفعله هنا؟ هل تُسَمّى هذه مسرحية؟ إنها حتى لا تتضمن قتالًا! لقد وُعِدنابمهرجان للمهرجين. ما قولكم؟ لتسقط المسرحية، ولنبدأ مسرح العابسين. يجب أن نعثرعلى الرجل الذي يمكنه أن يغير من قسمات وجهه لصنع أقبح الوجوه، ونتوجه ملكًا «. للمهرجين أراد بيير أن يقول شيئًا، لكن غضبه الشديد حال دون تحركه. وما زاد الأمر سوءًاأن الجماهير بدت مرحبة بالفكرة. لم يعد أحد الآن مهتمٍّا بالمسرحية؛ فعقولهم جميعًا تركز على اختيار ملك المهرجين.


الفصل الثاني ملك المهرجين

في لمح البصر بدأ الجميع في تنفيذ فكرة كوبينول. ذهب جميع المواطنين والطلابوالمحامين إلى العمل. واخْتِيرت الكنيسة الصغيرة داخل القاعة الكبرى لإقامة مسرحالعابسين. وُضِع برميلان أسفل النافذة التي كسرها الطلاب، وكان على المرشحين الوقوفعلى هذين البرميلين والنظر من النافذة بوجوههم المغطاة. وعندما يعبسون أو يكشرونأو يسخرون على أفضل نحو لديهم، يزيحون الغطاء من فوق وجوههم ويظهرونها للجمهور. في غضون دقائق قليلة كانت الكنيسة الصغيرة امتلأت بمن أرادوا المنافسة. وقفالأول على البرميل، أدخل رأسه من النافذة، وكشف وجهه. أخذ يحول عينيه ويقطب جبينه، وجحظت عيناه. وانفجرت الجماهير في الضحك. لك أن تتخيل أكثر الوجوه التي يمكن لأحد صنعها إضحاكًا؛ هذا ما فعله كل منهؤلاء عند وقوفهم على البراميل. لم يعد هناك أحد على مقعده. أخذ الجميع يصيحويصرخ. ومع ظهور كل وجه جديد من النافذة علت الضحكات أكثر. وسرعان ما بدأ كلفرد من الجمهور في لي قسمات وجهه، متخذين أوضاعًا كالشخص الواقف على البرميل بالضبط! جلس جيون أعلى أحد التماثيل، مشاهدًا كل ما يحدث. أخذ يضحك بشدة حتى كاد يسقط أرضًا! وفي غضون ذلك كان بيير المسكين يسير جيئة وذهابًا خلف الكواليس. توقفالممثلون عن أداء المسرحية تمامًا، فقد انشغلوا هم أيضًا بمشاهدة ما يحدث من لهو. «. لا يمكن للشعر مضاهاة الكوميديا » : حدث بيير نفسه
وفي اللحظة ذاتها برز أقبح الوجوه من الإطار. كان لهذا الرجل فم يشبه حدوةالحصان، وأنف كبير مثلث الشكل، وشفتان مدببتان يبرز منهما سن محزز، وحاجب أحمر كثيف الشعر، وعين يغطيها ثؤلول. ها هو الفائز! اندفعت الجماهير داخل الكنيسة الصغيرة ليكتشفوا أن ذلك الشخصلم يتعمد لي قسمات وجهه على الإطلاق؛ إنه قبيح هكذا بالفعل. كان على ظهره حدبضخم، وشعره قصير خشن أحمر اللون. كانت ساقاه مختلفتين في الحجم وغريبتيالمظهر، وقدماه ضخمتان. لكن بالرغم من المظهر البشع لذلك الرجل، كان يبدو عليه شيء من القوة والشجاعة. «! إنه كوازيمودو، قارع الأجراس » : صاح أحدهم «! انظروا إلى هذا الأحدب! إنه شديد القبح بلا شك » : هتف أحد الطلاب ضايقه الطلاب، وغطت النساء وجوههن. سار جوان متوجهًا مباشرة نحوكوازيمودو، ضحك في وجهه، مشيرًا إليه وأخذ يسبه. فرفعه كوازيمودو، وألقى بهوسط الجماهير. كانت مضايقة الناس له تزعجه، ولم يكن يفهم أن ذلك مهرجانالمهرجين، وكل ما كان يفعله الطلاب هو اللهو. لحسن الحظ لم يصب جوان بأذى. نهض، ونفض التراب عن نفسه وضحك. اندهش كوبينول الحائك من شدة بأس كوازيمودو، فاندفع للأمام، وربت على كتف «! كانت لك الغلبة حقٍّا في المعركة » : الأحدب وقال لم يحرك كوازيمودو ساكنًا. إنني أقول إنك حتمًا شديد البأس. ما رأيك في ممارسة » : واصل كوبينول حديثه «؟ المصارعة؟ ما قولك لم يجبه كوازيمودو. «. أصابته الأجراس بالصمم » : صاحت عجوز من بين الحشد «؟ حسنًا، إنه أفضل ملك قبيح وأصم للمهرجين. هل يتكلم » : قال كوبينول «. يمكنه التكلم عندما يشاء » : أجابت العجوز «! نحن ننصبك إذن ملكًا للمهرجين. تهانينا » : قال كوبينول وضع كوبينول الرداء الفضي لملك المهرجين على ظهر كوازيمودو. وصمت الحشدلحظة أثناء حمل الطلاب له على أكتافهم. ابتسم كوازيمودو عندما نظر لأسفل ورأى كلالرجال والنساء الواقفين حسني الطلعة والمظهر. حمله الطلاب على أعناقهم وساروا به في شوارع باريس كاستعراض.
وفي هذه الأثناء كان بيير قد أجبر الممثلين على استكمال عرضالمسرحية. لم يظن أنالجميع سيغادر المكان، لكن في لمح البصرخلت القاعة تقريبًا ممن كانوا فيها، فيما عداعدد قليل من الرجال والنساء كبار السن في الخلف. ظل بعضالطلاب أعلى النافذة حيثيمكنهم مشاهدة المسرحية إذا كان فيها ما يثير انتباههم، أو النظر للخارج لمشاهدة الاستعراض. وحاول بيير إقناع نفسه أن ذلك كافٍ. «. إنها إزميرالدا! إزميرالدا في الميدان » : هتف أحد الطلاب فجأة من النافذة في تلك اللحظة ترك كل من كانوا في القاعة الكبرى المسرحية، وتحركوا نحو النوافذ. توقفت المسرحية تمامًا مرة أخرى. وحث بيير الممثلين ثانيةً على مواصلة العرض. «. لا يمكننا المواصلة » : قال جوبيتير «؟ ولم لا » : رد بيير غاضبًا هرب الطلاب بالسلم؛ أرادوا تسلقه ورؤية ما كان يحدث في » : أجاب جوبيتير «. الميدان يا لهؤلاء الباريسيين! حضروا لمشاهدة » : كانت تلك الضربة القاضية. غمغم بيير «؟ مسرحية، ثم رفضوا مشاهدتها. من إزميرالدا هذه؟ ولماذا تدمر مسرحيتي


الفصل الثالث الشاعر والفتاة الغجرية

سعِد بيير بحلول الغسق عند مغادرته القاعة الكبرى؛ ستُخفي الشوارع المظلمة أي أثرله، فكان يحاول العثور على مكان يمكنه التفكير فيه بهدوء. كان مستاءً لدرجة جعلته لايستطيع العودة إلى غرفته، فجاب طرقات المدينة. وعندما توجه استعراضملك المهرجين نحو بيير، استدار وركض في الاتجاه الآخر. كانت الشوارع مكتظة بأناس يشعلون الشرر والمفرقعات النارية. لكن كلما ابتعدصارت الشوارع أكثر فراغًا. كانت ضفة النهر غير ممهدة، وسرعان ما وصل الوحل إلىكاحليه. سار بيير حتى وصل إلى أطراف المدينة تقريبًا. نظر إلى الضفة الأخرى من النهر، ورأى بريقًا من الضوء على الجزيرة الصغيرة الموجودة بالجانب الآخر. حتى قائدو المعديات » : انفجرت إحدى المفرقعات النارية، فتنهد بيير، وحدث نفسه «. يحتفلون. ربما يتوجب عليّ الانضمام إليهم كان كل ما يمكن رؤيته في الليل من النهر هو الشكل غير المنتظم للمباني التيتشكل ميدان المدينة الرئيسي. انتشرت صفوف من المنازل الضيقة الكئيبة في الاتجاهات الثلاثة الأخرى، وفي منتصف الميدان عمود التشهير. عندما وصل بيير إلى الميدان، كان جسمه خدرًا من البرد. حاول أن يسلك طريقًامختصرًا، لكنه علق بطواحين الهواء التي رشته بالمياه وبللت معطفه تمامًا. كونتمجموعة كبيرة من الناس دائرة حول نار مشتعلة، فسار بيير سريعًا نحوهم، لكنه لم يستطع العبور وسطهم. يا لهؤلاء الناس! ألا يرون حذائي الذي يتسرب منه الماء ومعطفي » : قال لنفسه «؟ المبلل تمامًا
وفي الحقيقة، عندما نظر حوله، بدا له أن الكثير من الناس لم يكونوا بحاجة لتدفئةأنفسهم على الإطلاق، إنما كل ما كانوا يفعلونه هو مشاهدة فتاة ترقصبجوار النار. لميتمكن بيير من أن يحدد على وجه الدقة هل هذه الفتاة جنية أم ملاك أم بشر. لم تكنطويلة، لكنها بدت كذلك نظرًا لقوامها النحيل. كان شعرها أسود، وعيناها سوداوانبراقتان، وبشرتها شاحبة. أخذت ترقص، وبسطت سجادة قديمة كانت ملقاة تحتقدميها. لم يستطع أحد إنزال عينيه عنها. كانت ذراعاها مرفوعتين فوق رأسها أثناء تحركها على نغمات الرِّق. وأخذت تدور وتدور، وتنورتها تدور أيضًا معها. عندما نظر بيير حوله رأى آلاف الوجوه. كان هناك رجل يشاهد الفتاة عن كثب.كان يكبرها سنٍّا، ولديه بعض خصل الشعر الرمادي على رأسه الأصلع. كان يرتديعباءة طويلة سوداء كالقساوسة. شاهد بيير ذلك الرجل أثناء رقص الفتاة. ولسبب ما بدا مألوفًا. فوقفت نعجة بيضاء صغيرة. «. دجالي! إنه دورك » : قالت الفتاة قامت الفتاة والنعجة ببعضالحيل. عرضت النعجة دجالي للجمهور التاريخ بضربحوافرها بعنف على الرِّق. سألت الفتاة بعد ذلك دجالي عن الساعة، وأجابت النعجةبركلات سبع قوية في اللحظة ذاتها التي دقت فيها الساعة الموجودة في الميدان معلنةً الوقت ذاته! فأدارت الفتاة ظهرها له، وانحنت مع تصفيق «! إن هذا لسحر » : قال القس الجمهور. واصلت بعد ذلك العرضمع نعجتها. «! ستستاء الكنيسة من هذا » : صاح القس ابتسمت الفتاة، وجمعت العملات المعدنية التي قُدمت لها. وقفت أمام بيير وانتظرت. تقاطر العرق على جبينه، وأخذ يبحث بأصابعه في جيوبه الفارغة. فابتعدت «! ابتعدي عن هنا، أيتها الغجرية الحقيرة » : جاء صوت عجوز بالجوار الفتاة خائفةً عن المرأة البغيضة. لم يتمكن بيير من التوقف عن التحديق بها. بدأتتغني، وملأت الأغنية الجميلة الغريبة أذنيه. وجعلت الموسيقى عينيه تغرورقان بالدموع أثناء استماعه لصوتها العذب. «! أمرتك أن تصمتي أيتها الغجرية » : صاحت المرأة ذاتها ثانيةً استفاق بيير من افتتانه، واضطربت معدته. وفي تلك اللحظة وصلت مسيرةاستعراض ملك المهرجين إلى داخل الميدان. كان الصف الطويل المتعرج من الناس قد
ازداد عددًا منذ تركهم للقاعة الكبرى. جلس كوازيمودو على عرش يحمله الطلاب الذينكان من بينهم جوان وجيون. صدرت جميع أنواع الموسيقى من الاستعراض: الأبواقوالرقوق والمزامير، إلى جانب أصوات الناس. ابتسم الأحدب في وجوه الناسالذين اصطفواعلى جوانب الطرقات، مبتهجًا للمرة الأولى في حياته. لم يدرك أن الأمر برمته لا يتعدى كونه مزحة. شق القس طريقه فجأة بين الحشد، ونزع التاج من فوق رأس كوازيمودو. انتظروا! أنا أعرف ذلك الرجل. إنه كلود فرولو، رئيس شمامسة » : قال بيير «؟ كاتدرائية نوتردام. ما الذي يفعله انتفض كوازيمودو من الكرسي الذي سقط على الأرض. ودوت صرخات ذعر منالحشد. وبخطوة واحدة كبيرة كان الأحدب أمام القس. نظر له بعينه الوحيدة، وخر علىركبتيه. خلع فرولو عن كوازيمودو عباءته فضية اللون، وألقى بصولجانه الكرتوني علىالأرض. تحدث الاثنان معًا وهما يحركان أيديهما. وعندما فرغا من ذلك ربت فرولو على كتف كوازيمودو الذي وقف منتصبًا قدر الإمكان على ساقيه المتقوستين وتبع القس. «. هذا أخي، يفسد دائمًا متعتنا » : حدق الطلاب فيه، وهمس جيون لجوان اختفى من نصبوه ملكًا، وهام الطلاب على وجوههم بحثًا عن مزيد من الترفيه. كان ذلك رائعًا! لم أر من قبل رجلًا يقفز هكذا. لقد نزل قريبًا للغاية » : قال بيير والآن، أين يمكنني » : ثم هز الشاعر رأسه وأردف «! من كلود فرولو، هذا الكوازيمودو «؟ العثور على طعام العشاء ربما تشاركني عشاءها، هذا » : قرر بيير ملاحقة الفتاة الغجرية. حدث نفسه قائلًا «. إن واتتني الجرأة للتحدث معها


الفصل الرابع بيير يلاحق إزميرالدا

توقفت مظاهر النشاط في باريس بحلول الليل؛ فأغلقت المتاجر أبوابها، وتوجه أصحابهاإلى منازلهم. خيم الظلام على الطرقات التي خلت من الناس، ولحق بيير بالغجرية عبر الممرات والأزقة. «. على الأقل هي تعلم الطريق، فأنا ضللته بالتأكيد » : فكر بيير بعد فترة من الوقت اكتشفت الفتاة أنه يتبعها، فتوقفت لحظة لتستدير وتنظر إليه.شعر بيير بسوء، فأبطأ من سيره وأخذ يحصيحصىالرصف تحت قدميه. وفجأة سمعصوتصراخ! وعند انعطافه حول الزاوية وجد رجلين يحاولان اختطاف الفتاة الغجرية.فاستدار أحد الرجلين، وكان كوازيمودو! «! توقفا عن ذلك في الحال » : صرخ بيير تقدم خطوة سريعًا نحو بيير، ودفعه بكل ما أوتي من قوة. سقط الشاعر على الأرضفاقدًا الوعي. حمل كوازيمودو الفتاة الغجرية، وهمّ بأخذها بعيدًا عن المكان كما لو كانت لا تزن شيئًا على الإطلاق. لكن قبل أن يبتعد جاء حرس الملك يعتلون خيولهم. «! أنزل تلك الفتاة » : صاح القائد وهو ينتزع إزميرالدا من بين ذراعي الأحدب وحملها على حصانه. ترجل الجنود عن خيولهم، وحاولوا حمل كوازيمودو الذي قاومقدر إمكانه. أما الرجل الثاني الذي كان مع كوازيمودو، فقد اختفى قبل أن يتمكن رجال القائد من الإمساك به. هل أنت بخير، يا آنسة؟ لحسن الحظ أن الحرس الملكي كان » : قال قائد الحرس«. هنا. أنا القائد فيبس «. أنا بخير، شكرًا لك سيدي الكريم » : قالت وهي تترجل من فوق ظهر الحصان قبل أن يقول القائد فيبس أي شيء آخر كانت الفتاة قد أسرعت في ظلام الليل.
وانطلق الحراس على «. لنأخذه إلى السجن. يمكن عقابه غدًا » : قال القائد فيبس خيولهم وهم يجرون كوازيمودو المسكين. في تلك الأثناء كان بيير مستلقيًا على حصى الرصف. وفي النهاية أيقظته برودة الأرضالقارسة. وعندما فتح عينيه وجد نفسه في قناة تصريف المياه. فكر لحظة بشأن ما حدث. كان هناك رجل آخر مع الأحدب، لكن من تراه يكون؟لهث بيير عندما أدرك إجابة هذا السؤال. لقد كان كلود فرولو، رئيس الشمامسة! لماذا أراد أخذ الفتاة الغجرية؟ «! يا إلهي! الجو بارد حقٍّا » : صاح بيير كان الوحل في قناة تصريف المياه يسحب الحرارة من جسمه بسرعة هائلة. وماإن صارت لدى بيير قناعة بأنه سيظل عالقًا في الوحل لأيام حتى وصلت مجموعة منالمراهقين إليه. كان معهم مرتبة قديمة من القش أشعلوا بها النار ليدفئوا أنفسهم. قذفوابها في قناة تصريف المياه لتسقط فوق بيير بالضبط. وعندما تمكن من استجماع ما يكفي من قوته ليقف، كانت ألسنة النار على بعد سنتيمترات من وجهه. صرخ بيير وركض في أحد «. إنه شبح قناة تصريف المياه » : صاح أحد الصبية الاتجاهات، وركض الصبية في الاتجاه الآخر. ما الذي تهرب منه، أيها الأبله؟ كان هؤلاء الصبية » : سأل بيير نفسه عندما هدأ «. خائفين منك على قدر خوفك منهم نظرًا للألم الذي أصاب ساقيه من جراء الجري حاول بيير العودة إلى المرتبة،معتقدًا أنها ستكون دافئة على الأقل. كان لا يعلم في أي الاتجاهات يجب أن يسير، فأخذيدور حتى رأى أخيرًا ضوءًا في نهاية الشارع. وعندما نظر حوله تمكن من رؤية ما بدا له أناسًا من كل الأشكال والأحجام يسيرون نحو الضوء. وما إن اعتادت عيناه على الضوء حتى رأى رجلًا ساقاه مبتورتان ويسير على يديه.«! هل لي في حسنة يا سيدي؟ طابت ليلتك » : قال الرجل أثناء سيره بجانب الشاعر مر شخص آخر بجانب بيير. كان هذه المرة رجلًا بذراع واحدة يسير على عكاز. حاولبيير التنحي جانبًا حتى يتمكن الرجلان من السير بسهولة، لكن اعترض آخر سبيله،وكان رجلًا ضريرًا بلحية بيضاء طويلة. مد كلٌّ من هؤلاء المتسولين يده لبيير طالبًاعملة معدنية، لكن الشاعر لم يكن لديه أي نقود ليعطيهم إياها. نكس بيير رأسه وبدأ يسير مبتعدًا.
لكن الرجال المشوهين الثلاثة بدءوا يسيرون خلفه؛ إذا أسرع أسرعوا، وإذا أبطأأبطئوا. وسرعان ما صارت هناك مسيرة كاملة من العاجزين والمجذومين وغيرهم منالمتسولين الآخرين يسيرون معه. وأخيرًا، بعد أن حاول الرجوع وشق طريقه بين الجموع، وصل إلى ميدان. «؟ أين أنا » : سأل بيير «. إنها زاوية المعجزات » : أجابه أحد المتسولين كانت زاوية المعجزات المكان الذي يقضيفيه اللصوصوالغجر وغيرهم من الفئاتالمعدمة في باريس لياليهم. توهجت النيران في أرجاء الميدان المتسع. أحاطت المنازلالقديمة المتهالكة المنطقة. وأحاط به الكثير من الأشخاص الغرباء وهم يصيحون: «! لنأخذه إلى الملك! إلى الملك » «؟ الم … م … ملك؟ لكن أليس الملك يعيش في القصر » : تلعثم بيير «! ليس ذلك الملك يا بني، ليس ذلك الملك » : صاح رجل كبير دفعه الحشد نحو حانة قديمة متهدمة أحاطت الموائد المتسوسة داخلها بالمدفأةالتي توهجت بالنيران وداخلها قدر يغلي ما به. أحاط الرجال والنساء الذين كانوا يجنون أموالهم من الشوارع ببيير المسكين. كان الملك المزعوم يجلس على برميل بجانب النار. قال الرجل المبتورة ساقاه، وهووعندما لم يتحرك بيير تحرك نحوه أحد الأشخاص، وجذبها من «. انزع قبعتك » : نائبه فوق رأسه. «؟ حسنًا، من لدينا هنا » : قال الملك لم يكن الملك سوى ذلك المتسول الذي دمر مسرحيته ذلك الصباح؛ إنه كلوبان! ما اسمك؟ وما مهنتك؟ إذا لم تكن واحدًا منا، فأنت في مشكلة كبيرة. » : سأله كلوبان «. هذا مخبؤنا السري، ولا يُسمح هنا بوجود أحد سوى المتشردين واللصوصوالمتسولين «. أدُعى بيير جرينجوار، ومهنتي شاعر » : قال بيير شاعر؟ حسنًا، هذا يحسم الأمر. لقد أخبرتك أنه لا يُسمح هنا إلا » : رد كلوبان «. بالمتشردين واللصوصوالمتسولين. أما الشعراء فغير مُرحب بهم على الإطلاق هنا أيها الأباطرة والملوك العظماء، أنتم بالتأكيد لا تنوون إيذائي. » : استدار بيير وقال أنا شاعر، وقد كتبت المسرحية التي شاهدها الكثيرون منكم هذا الصباح. وانظروا، ليس «. هناك أي شيء في جيوبي. الكثير من الشعراء متشردون ولصوصمثلكم تمامًا
هل تقسم على » : تحدث كلوبان بهدوء مع الرجل الذي يقف بجانبه، وسأل بيير «؟ الانضمام إلينا كمتشرد «. أقبل » : أومأ بيير برأسه، وقال «. حسنًا، لكن أولًا يجب أن تجتاز الاختبار » : قال كلوبان أخرج المتشردون فزّاعة ووضعوها في منتصف الغرفة. يجب أن تقف بتوازن على ساق واحدة، وتسحب الوشاح من » : وأضاف كلوبان «. جيب الفزّاعة. إذا تمكنت من انتزاعه فسوف تثبت أنك بالتأكيد متشرد وواحد منّا «. حسنًا، وإن كان من المحتمل أن تنكسر ساقاي أثناء المحاولة » : قال بيير وقف على مائدة ليتمكن من الوصول إلى جيب الفزّاعة، ورفع قدمه اليمنى، وتأرجح.كانت الفزّاعة طويلة للغاية؛ أطول من بيير المسكين بستين سنتيمترًا على الأقل، حتى مع وقوفه على المائدة. «. احذر الأجراس الموجودة على جيبه، فسوف ترن إذا أخطأت » : قال كلوبان حاول بيير جاهدًا الوقوف ثابتًا على ساق واحدة. تمايلت المائدة عندما وضع ذراعهفوق رأسه. وما إن أمسك الوشاح في يديه حتى وقع على الأرض، فتعلق الوشاح في جيب الفزّاعة، ودوى صوت الأجراس عاليًا. «! آه، لا » : قال بيير حسنًا، انتهى الأمر. أيها الصبية، أمسكوا به وألقوا به » : قال كلوبان ضاحكًا «. بالخارج «! انتظروا » : قال بيير تفرق الجمع
، وكانت الفتاة الغجرية تقف هناك. دوت الصيحات من حول بيير: .«! إزميرالدا » «؟ هل ستلحق الأذى بهذا الرجل » : سألت الفتاة كلوبان بجرأة نعم، إلا إذا طلبتِ منا ألا نفعل ذلك. أنت تعلمين أنني أعتبرك ملكتنا يا » : أجابها إزميرالدا! إذا رأيت أنه يجب إطلاق سراح هذا الرجل فسوف نفعل ذلك. لكنني لا أعرف «!؟ لماذا تريدينه أن يعيش لقد حاول إنقاذي عندما حاول أولئك الرجال البشعون اختطافي. لذا، نعم، » : قالت «. فأنا أسألكم إطلاق سراحه اعتقد بيير أنه يحلم بالتأكيد، لكن عندئذٍ تركه الرجال الذين كانوا يمسكون به.
أنتِ تعلمين أنه في حال إنقاذك له فستكونين مسئولة عنه. علينا أن » : قال كلوبان «. نسوي الأمر برمته باستخدام الإبريق «؟ حسنًا، أين هو » : قالت إزميرالدا أعطاها أحد المتشردين الإبريق. «. ألقِه على الأرض » : أعطته لبيير، وقالت فعل كما طلبت منه بالضبط، فانكسر الإبريق إلى أربع قطع. «. حسنًا، بحكم السلطة المخولة لي أعلن زواجكما مدة أربع سنوات » : قال كلوبان يمكنك المغادرة، لكن قوانينا تنصعلى أنك يجب أن تثبت أنك » : أشار إلى بيير وقال «. واحد منا بانتهاء تلك السنوات الأربع. والآن، لتغرب عن وجهي


الفصل الخامس حياة شبه زوجية

بعد دقائق قليلة وجد بيير نفسه في غرفة صغيرة دافئة. تحركت الفتاة في المكان سريعًا وتحدثت إلى دجالي. لم تنتبه إليه على الإطلاق. «. يا لها من ملاك! لقد أنقذت حياتي » : أخذ بيير يفكر «؟ ماذا تريد » : وقف الشاعر سريعًا على نحو أفزع إزميرالدا، فسألته مال بيير عليها ليقبلها مفتونًا بجمالها وحنانها. انتفضت إزميرالدا وابتعدت وهي «! أنت وقح للغاية » : تقول تحركت النعجة بينهما، وبدا قرناها المطليان بالألوان لبيير حادين للغاية. «؟ لماذا إذن أنقذت حياتي » : سألها ما كان بإمكاني أن أسمح لهم بإيذائك، أليس كذلك؟ ليس بعد أن حاولت » : قالت «. إنقاذي من أولئك الرجال البشعين «؟ أكان ذلك السبب الوحيد » : قال «. نعم، السبب الوحيد » : أجابته حسنًا، أعدك ألا أحاول تقبيلك ثانيةً أبدًا. لنكن أصدقاء، رجاءً. أيمكنك أن » : قال «؟ تجعلي النعجة ترحل نظرت إزميرالدا إلى بيير، ثم دجالي. ظل الغضب يبدو عليها لحظة، لكنها ضحكت بعد ذلك. «. حسنًا، يمكن أن نكون كشقيق وشقيقة. لنتناول الآن العشاء » : قالت قفزت إزميرالدا من فوق السرير حيث كانت تقف. جلسا بهدوء على المائدة، وتناولا بعض الخبز والجبن. أطعمت إزميرالدا دجالي بعض كسرات الخبز من يديها. «؟ ألا تؤمنين إذن بالحب » : سألها بيير
«. بلى، أن يكون اثنان شخصًا واحدًا، إنه النعيم بعينه » : قالت «؟ لكنك لا تحبينني » : سألها «. أنت؟ لا، فليس لديك خوذة أو سيف أو حصان » : قالت إزميرالدا «؟ إذن، إذا أصبح لدي حصان فستحبينني » : قال الرجل الذي سأحبه يجب » : لم تجبه إزميرالدا، لكنها حدقت بعيدًا أمامها، وقالت «. أن يكون قادرًا على حمايتي «؟ كحمايتك من الأحدب في وقت مبكر من هذا المساء » : قال بهدوء «. ذلك الأحدب البشع » : سالت الدموع سريعًا من عينيها وقالت أراد بيير أن يطول الحديث، فنادرًا ما كان ينعم بصحبة أي أحد، لكنه انتبه إلى أن إزميرالدا كانت ترغب في الهدوء لبعض الوقت.«. إنها جميلة للغاية » : قال بيير عن دجالي «. شكرًا لك. إنها كل عائلتي » : قالت «؟ لماذا تُدعين إزميرالدا » – وأخرجت «. لا أعلم. ربما بسبب هذه؛ إن لونها أخضر، وإزميرالدا تعني الزمرد » – قلادة لتريها له. كانت كيسًا من الحرير الأخضرفي منتصفه خرزة زجاجية كبيرة. انحنى «. كلا، لا تلمسها، وإلا ستضيع التعويذة » : بيير للأمام ومد يده، فصاحت إزميرالدا فلم تجب الفتاة، لكنها دستها ثانيةً «؟ أي تعويذة؟ من الذي أعطاها لك » : سأل بيير في ملابسها. «؟ هل وُلدتِ في باريس » : سألها ثم نظرت إليه «. كلا، لقد أتيت إلى هنا عندما كنت فتاة صغيرة » : أجابت إزميرالدا «. أنا لا أعرف حتى اسمك » : وقالت «. اسمي بيير جرينجوار » – كان التشجيع البسيط هو كل ما أراده بيير، فأخبر إزميرالدا مسرورًا بكل شيءعن أسرته وكيف أتى إلى باريس عندما بلغ السادسة عشر. أخبرها أنه امتهن جميعأنواع الوظائف قبل أن يقرر أن يصبح شاعرًا وكاتبًا مسرحيٍّا، وأن كلود فرولو رئيس «. إنني أعرف اللاتينية أيضًا » : الشمامسة ساعده في تعلم الحروف. قال إذا كنت تعرف اللاتينية فهل يمكن أن تخبرني ماذا يعني اسم » : سألت إزميرالدا «؟ فيبس
تحير بيير بشأن علاقة هذا السؤال بما كان يقوله، لكنه أجابها على أية حال، فقال: «. الشمس » «؟ الشمس » : قالت «. نعم، إنه اسم رامي سهام وسيم كان إلهًا » : أجابها وفي تلك اللحظة سقطت إحدى أساورها الذهبية على الأرض، «! إله » : قالت إزميرالدا وانحنى بيير لالتقاطها. وعندما اعتدل في جلسته ثانيةً سمع قرقعة مزلاج الباب؛ فقد ذهبت إزميرالدا إلى غرفة أخرى. عثر «. حسنًا، فلأنَمْ أنا أيضًا » : قال بيير وهو يقف ويسير في أرجاء الغرفة الصغيرة على صندوق يصلح أن يكون سريرًا، فاستلقى عليه. ولم يكد يسند رأسه على الخشب الصلب حتى غط في نوم عميق.


الفصل السادس القِس والأحدب

ترجع أصول كلود فرولو، رئيس الشمامسة، إلى أسرة نبيلة. أراد أن يصبح قسٍّا منذأن كان صبيٍّا صغيرًا. تعلم اللاتينية في طفولته، واعتاد على القراءة طوال الوقت، وكان يأخذ دراسته على محمل الجد. توفي والداه، على نحو مؤسف، عند انتشار الطاعون العظيم عام 1466 . أصبحكلود رب الأسرة، وتولى رعاية أخيه الرضيع، جيون. كان الأمر شاقٍّا أن يجمع كلودفرولو بين الدراسة ورعاية أخيه، لكنه تمكن من تدبر الأمر بنجاح. وعندما بلغ جيون العشرين كان كلود فرولو قد أصبح قسٍّا بكاتدرائية نوتردام. وعلى الرغم من توجيهات كلود فرولو، شب جيون جامحًا. وكلما ازداد تسكعهاتخذ كلود فرولو دراسته على نحو أكثر جدية. وكلما قرأ أكثر ازداد اهتمامه بالكيمياء والتنجيم. بدأت إشاعة تنتشرحول كلود فرولو بشأن بنائه غرفةسرية في الكنيسة، وممارسته السحر خلف الأبواب المغلقة. وفي أحد الأيام نادت على كلود فرولو عجوزتان كانتا تقفان بالقرب من مقاعدالكنيسة. عثرت الأرملتان على طفل صغير في سرير خشبي بالقرب من تمثال القديسكريستوفر. كان مدثرًا في كيس من الخيش، ورأسه تبرز من أعلى الكيس. كان شعره أحمر كثيفًا، وأسنانه معوجة، وله عين واحدة. عندما سمع كلود فرولو بكاء الطفل المسكين، عرف أنه يجب أن يتولى رعايته كما كان يرعى جيون الصغير بالضبط. «. سأتبنى هذا الطفل المسكين » : قال كلود فرولو للأرملتين حمل فرولو الطفل، ولفه في معطفه، وسار مبتعدًا.
عمّد فرولو الصبي، وأطلق عليه اسم كوازيمودو. وعاش الاثنان معًا في سعادة. عندما بلغ الصبي الرابعة عشرة حصل كلود فرولو لكوازيمودو على وظيفة قارعالأجراس في كاتدرائية نوتردام، وصارت الكنيسة عالمه. عندما كان طفلًا كان كثيرًا مايُعثر عليه وهو يتسلق الصخور، ويسحب نفسه أعلى السلم أو أسفله. كانت الكاتدرائيةلكوازيمودو مثل القوقع للحلزون، فبين جنبات ذلك المكان لم يزعجه أحد أو يوجه له السباب. وبداخله كان يشعر بالأمان. لم يعلم أحد في باريس مداخل كاتدرائية نوتردام ومخارجها مثل كوازيمودو. لمتكن هناك زاوية لم يكتشفها، أو برجًا لم يتسلقه — أحيانًا من الخارج! — أو صخرة من الرخام لم يلمسها. أمدته النوافذ بكل الضوء الذي كان يحتاجه. كانت التماثيل أصدقاءه، والطيورالمصنوعة من الصخر حيواناته الأليفة. لكن أكثر شيء كان يدخل السرور على قلبه هوالأجراس؛ فكان يتحدث إليها بلغته الخاصة. أحب ملمسها والأصوات التي تصدرها. كانهناك خمسة عشر جرسًا يقرعها كوازيمودو، بأصوات رنين مختلفة كل يوم. وفي أيام مثل الكريسماس كان يقرعها جميعًا! كان الصديق الحقيقي الوحيد لكوازيمودو هو كلود فرولو الذي علّمه القراءةوالكتابة والكلام. حتى عندما يحتد كلود فرولو عليه ويتحدث معه بغضب كانكوازيمودو يحبه. وعندما فقد كوازيمودو سمعه من جراء قرع الأجراس اخترع هووكلود فرولو لغة إشارة خاصة بهما. كان كوازيمودو يفعل أي شيء يأمره به كلود فرولو، دون أن يسأل أي سؤال؛ ولو كان ذلك الشيء هو اختطاف فتاة.


الفصل السابع سير روبرت والمحاكمات الصباحية

كان سير روبرت، عمدة باريس، عادةً رجلًا سعيدًا للغاية. لكن في صباح 7 يناير من عام 1482 ، استيقظ بمزاج عكر. أما السبب وراء هذا المزاج السيئ فيرجع إلى معرفته بأن الفوضىكانت تعج بالمدينةإثر المهرجان، وكان عليه أن يتأكد من تنظيفها. كان عليه أيضًا أن يقضي اليوم فيالمحكمة ليستمع إلى جميع المشكلات التي حدثت في اليوم السابق، وما أكثر المشكلاتالتي كانت تحدث في المهرجانات. بكل المقاييس كان من المتوقع أن يكون يومًا طويلًا! لقد تأخر سير روبرت الآن. بدأت المحاكمات الساعة الثامنة ذلك الصباح. اكتظعشرات الناسفي القاعة الصغيرة لسراي المحكمة الرئيسية. وقف رقيبان يرتديان ستراتزاهية اللونين الأزرق والأحمر عند الباب، ووقف حاجب في الجوار يكتب سريعًا. كان القاضيكبيرًا أصم، وتسبب هذا دائمًا في عدد من المشكلات. كان كثير من الطلاب الذين حضروا المسرحية بين الجمهور الذي يتابع القضايا.كان أحدهم جيون شقيق كلود فرولو، وكان معه صديقه جوان. أخذ الاثنان يضحكان ويمزحان بشأن الناس الذين كان يعاقبهم القاضي. انظر يا جوان! إنه كوازيمودو، » : ربت جيون على كتف صديقه للفت انتباهه وقال«. ملك المهرجين الأحدب الأعور الذي يشفق عليه أخي كان كوازيمودو يقف بالفعل مقيد اليدين والقدمين، وحوله مجموعة كاملة منالجنود، لكنه لم يصدر أي صوت. نطق الكاتب بالتهم الموجهة لكوازيمودو. بذل القاضيأقصى جهده لإخفاء صممه، وكان دائمًا يقرأ الملفات مسبقًا حتى لا يطرح الكثير من الأسئلة. ألقى برأسه حينذاك إلى الوراء وأغلق عينيه. وخيم الصمت على القاعة. «؟ ما اسمك » : صاح القاضي
حسنًا، » : لم يجب كوازيمودو الذي كان يعاني الصمم أيضًا. واصل القاضيحديثه ومرة أخرى لم ينطق الأحدب. «؟ ما عمرك حسنًا، أنت متهم بإحداث أضرار، والتسبب في شغب بالليل، ومهاجمة فتاة، » – «؟ ومقاومة الاعتقال. ما دفاعك دوى ضحك عالٍ في القاعة، حتى الحاجب نفسه كان يقهقه. استدار كوازيمودو وهز كتفيه، فظن القاضيأنه من تسبب في إضحاكهم. هل تدرك حجم المشكلة التي أنت بصددها؟ هل تعلم مع من » : سأل القاضي «؟ تتحدث أدى ذلك السؤال الأخير إلى ارتفاع صوت الضحك أكثر، وظل كوازيمودو صامتًا.لم يعد في القاعة أحد لا يقهقه سوى الأحدب والقاضي. اهتز جنود الحرس من الضحك أيضًا. كيف تجرؤ على التصرف هكذا أمام » : أراد القاضي أن يخافه كوازيمودو، فصاح «. القاضي! أنا المسئول هنا، وأنا من يضع القواعد سيدي العمدة، أريد أن » : انفتح الباب فجأة، وظهر سير روبرت؛ فصاح القاضي «! أعرف كيف ستعاقب هذا الرجل شق العمدة طريقه وسط الحشد، وجلس على الكرسي، ثم استدار لكوازيمودو «؟ ما الذي فعلته لينتهي بك الأمر هنا » : وقال ظن كوازيمودو أن سير روبرت كان يسأله عن اسمه، فأجاب بصوته الأجش: «. كوازيمودو » «؟ هل تسخر مني » : غضب سير روبرت، وقال ظن كوازيمودو تلك المرة أن سير روبرت كان يسأله عما كان يفعله لجني قوت «. قارع أجراس بكاتدرائية نوتردام » : يومه، فأجاب ولم يكن مزاجه قد تحسن، «؟ قارع أجراس » : بدأت القهقهة ثانيةً، فسأل العمدة «؟ ما الذي تتحدث عنه » : فأردف «. أعتقد أنني سأبلغ العشرين في غضون شهور قليلة » : قال كوازيمودو خذوه إلى » : أدت إجابات كوازيمودو الغريبة إلى فقدان العمدة لأعصابه، فقال «. الخارج، ورشوه بالماء البارد؛ فسيفزع ويتحدث بعقلانية 32
يا إلهي! إنه أصم! ليست هناك » : لكن القاضياكتشف أخيرًا ما كان يحدث، فقال حاجة لرشه بالمياه. لنقيده بعمود التشهير في ميدان بلاس دي جريف لمدة ساعة، «. فسيتعلم الدرس عند تقييد رأسه ويديه في الألواح الخشبية «! أحسنت! أحسنت » : صاح جوان وجيون كان ميدان بلاس دي جريف يعج بالفوضى! فكانت الأسمال البالية والشرائط والريشوبقع الشمع تكسو الميدان. كان أصحاب المتاجر جميعهم بالخارج يحيون أي أحد يمر.كان هناك أعضاء من الحرس الملكي يقفون بجانب عمود التشهير لحراسته طوالالنهار. وكان الناس يعلمون أن ذلك يعني أن هناك من سيُعاقَب في ذلك اليوم، فانتظروا.وسرعان ما دوت الصيحات عند إحضار كوازيمودو. كان مشهدًا عظيمًا لملك المهرجين الذي صار الآن سجينًا ذليلًا. لكن كوازيمودو ظل هادئًا؛ فلم يصح أو يبكِ. «. انظر إليه! ليست لديه أية فكرة عما سيحدث له » : قال جيون لجوان اقتاد رجل مخيف الهيئة كوازيمودو إلى عمود التشهير. وعندما أدرك كوازيمودوأن الكتل الخشبية الضخمة ستكون سجنه أخذ يرتعش. أدت النظرة التي ارتسمت علىوجهه إلى ضحك الجميع، إذ كان مرعوبًا. جذب الرجل ذراعي كوازيمودو نحو عمودالتشهير، وأدخل رأسه عنوة في المكان المخصص لذلك. في بداية الأمر، قاوم الأحدب وهزعمود التشهير بكل ما أوتي من قوة، لكن أحُكم غلقه بعد ذلك. فسقط وجه كوازيمودو، وأغلق عينه وسمح لرأسه بأن تهبط بالقدر الذي يسمح به السجن الخشبي.


الفصل الثامن ثقب الفئران

كان المبنى الموجود غرب الميدان مملوكًا في الماضيلامرأة شابة جميلة أصابها حزن شديدبعد وفاة والدها في إحدى الحروب. بكت والدها بإغلاق المنزل عليها، والعيش في غرفةبالغة الصغر في الطابق الأول. وعندما توفيت تركت المنزل ليُستخدم في غرض واحدفقط؛ أن يكون مكانًا لبكاء الأحباب. كانت الغرفة الصغيرة المغلقة والمظلمة، فيما عداوعاشت داخلها .« ثقب الفئران » نافذة ذات قضبان وبلا زجاج، معروفة في الميدان باسم عجوز شمطاء. في اليوم الذي نُقل فيه كوازيمودو إلى عمود التشهير، كانت هناك سيدتان تسيراننحو ثقب الفئران؛ إحداهما تُدعى آن، وهي زوجة العمدة. أما الثانية، فهي قريبة لهاأتت من الريف وتُدعى صوفي. كانت صوفي تمسك بيد ابنها، واسمه أوستاش، وكان يحمل كعكة للسيدة العجوز. هيا يا صوفي! لا نريد أن نتأخر. قال زوجي إن الأحدب لن يبقى » : قالت آن بعمود التشهير سوى ساعة واحدة، مما لا يترك لنا متسعًا من الوقت لفعل الخير «. وإعطاء الكعكة للعجوز الشمطاء وفي الطريق أخذت السيدتان تثرثران بشأن أحداث اليوم السابق. قالت صوفي فجأة: «؟ انتظري! ما هذا » كان بإمكان السيدتين سماع صوت رقّ من على بعد مسافة منهما. فردت آن علىلا بد أنها الغجرية إزميرالدا، تعزف وترقص مع نعجتها. هيا أسرعي! » : صوفي قائلةً «. لنذهب لمشاهدتها. سيحب أوستاش ذلك كثيرًا بالتأكيد غجرية! كلا، يمكن أن تختطف ابني. تعال يا » : توقفت صوفي فجأة وهي تقول «! أوستاش
جرّت صوفي ابنها خلفها، وهي تركضنحو ميدان بلاسدي جريف. وأخيرًا توقفتيا » : بعد أن صارت لا تقوى على مواصلة الركض. وسريعًا ما لحقت بها آن التي قالت «؟ إلهي، ما الخطب؟ ماذا تعنين بقولك إن الغجرية ستخطف ابنك فما كان من صوفي إلا أن هزت رأسها. أتعلمين، عندما أفكر في الأمر، أتذكر أن العجوز الشمطاء الموجودة في » : قالت آن «. ثقب الفئران تظن الأمر نفسه في الغجريات «؟ حقٍّا » : سألت صوفي «. نعم، لقد سمعت عن ذلك ذات يوم » : أجابت آن «. لست أرغب في أن يلقى أي أحد مصير باكيت » : قالت صوفي «! ومن باكيت؟ لم أسمع عنها من قبل. يجب أن تخبريني بقصتها » : سألت آن كانت باكيت سيدة شابة من رانس تعرضت لمأساة مروعة عندما كانت لا تتعدى » – الثامنة عشرة من عمرها. توفي والدها عندما كانت صغيرة السن، وبالرغم من أنها تنتميلأسرة كريمة، فقد عانت هي ووالدتها فقرًا مدقعًا. وبعد بضع سنوات من وفاة والدتها أنجبت باكيت فتاة. كانت الفتاة تُدعى آنيس، علقت باكيت كل آمالها وأحلامها عليها. وفاقت الفتاةوالدتها جمالًا. وفي أحد الأيام وصل الغجر إلى رانس لقراءة الطالع، لكن حُظِر عليهمدخول المدينة، فأقاموا خيامهم على أطرافها. ذهبت المدينة كلها بالطبع لرؤيتهم. وأرادت باكيت أن تعرف ما سيحدث لابنتها، فحملتها لرؤية الغجر. قال قراء الطالع إن الفتاة ستصبح ملكة رائعة الجمال، فملأت البهجة قلب باكيت.وفي اليوم التالي تركت آنيسنائمة لدقائق معدودة، وذهبت لإخبار إحدى جاراتها بالأخبار السعيدة. وعندما عادت للمنزل فوجئت بعدم سماع صوت بكاء الطفلة. اعتقدت باكيت أن الطفلة لا تزال نائمة، لكنها عندما فتحت باب الغرفة لم تجد «! خطف أحدهم طفلتي » : آنيس. فهرعت لأسفل وهي تصيح كان الشيء الوحيد الذي تُرك في إثرها فردة حذاء صغيرة من الساتان. كان الشارع خاويًا، ولم ير أحد ممن سألتهم الفتاة. وعندما عادت باكيت إلى غرفتها سمعت بكاء طفل، فظنت أنها آنيس. لكنه لم يكن كذلك. فتحت الباب لتجد طفلًا أعور أعرج مشوهًا، مسخًا صغيرًا بدا أنه في الرابعة من عمره.
خطف الغجر طفلتي، » : صرخت باكيت، وعادت ركضًا إلى الخارج، وهي تصيح «! وتركوا مكانها مسخًا خرج الجميع في رانس للبحث عن آنيس، لكن الغجر كانوا قد رحلوا. وعلى بعدميلين خارج المدينة عثروا على إحدى شرائط الطفلة. اشتعل رأس باكيت شيبًا في اليوم «. التالي لذلك الحادث مباشرةً. وفي اليوم الذي يليه اختفت يمكنني » : أنهت صوفي روايتها، ونظرت إلى قريبتها. علا الشحوب وجه آن، وقالت «. أن أدرك الآن سبب خوفك من الغجر لا أحد يعلم ما حدث لباكيت؛ البعض يقولون إنها غرقت في النهر، » : قالت صوفي «. وآخرون يقولون إنها سارت حافية القدمين إلى باريس «؟ وما الذي حدث للمسخ الغجري؟ هل غرق مع باكيت » : سألت آن كلا، على الإطلاق. تركه شخصما بكاتدرائية نوتردام، وشعر رئيس » : قالت صوفي «. الشمامسة بالأسى لحاله، فباركه، وسمح له بالعيش في المكان وصل الثلاثة إلى ميدان بلاس دي جريف. وفي ظل انشغال السيدتين الشديد بماتحمله قصة باكيت من إثارة نسيتا تمامًا مَن كان بعمود التشهير. وعندما أدركتا أنهكوازيمودو، توقفتا بلا حركة؛ إنه المسخ الغجري الذي ذكرته صوفي في روايتها. ولولاجذب أوستاش لذراع والدته، متسائلًا هل بإمكانه تناول الكعكة، لظلتا على تلك الحالة من الصدمة. يا إلهي! كدنا ننسى السيدة بثقب الفئران. هيا، لنذهب الآن، » : قالت صوفي بهدوء «! ونعطي السيدة العجوز الكعكة. لا حاجة لنا في مشاهدة ذلك عبرت آن وصوفي إلى الجانب الآخر من الميدان، ووقفتا أمام نافذة ثقب الفئران علىأطراف أصابعهما، ونظرتا إلى الداخل. كان بالغرفة المظلمة امرأة شيباء نحيلة تجلسمنكمشة ويداها على ركبتيها. كان البرد قارسًا داخل الغرفة، ولم تكن لديها ملابس للشتاء. «. يجدر بنا عدم إزعاجها » : قالت صوفي أتعلمين، يمكنني تخيل باكيت في مكان كهذا تعاقب نفسها على ما حدث » : ردت آن «. لابنتها الجميلة انظري! إنه الحذاء » : وفي تلك اللحظة رأت صوفي حذاء طفلة في الغرفة، فقالت لاهثة «! … الحذاء الصغير المصنوع من الساتان! إنها باكيت 37
فصرخت آن. «؟ أرجوك يا أمي، أيمكنني تناول هذه الكعكة » : قال أوستاش هل ما تسمعه أذناي » : أيقظ صوت الصبي العجوز الشمطاء من غفوتها، فقالت وزحفت على ركبتيها نحو «! صوت طفل؟ أبعدوه عن هنا! أبعدوه قبل أن يأتي الغجر الحذاء، ثم تنهدت وسقطت. حدثت ضوضاء حول عمود التشهير، فأيقظت العجوز الشمطاء التي ركضت نحو «! لا بد أن الغجرية تنادي عليّ » : النافذة وصاحت إذن فهذا أنت أيتها الغجرية! » : مدت ذراعيها النحيلتين من بين القضبان، وصاحت «! خاطفة الأطفال، اللعنة عليك! اللعنة عليكم جميعًا صرخت صوفي، وفرت هي وآن وهما تجذبان أوستاش خلفهما. 38


الفصل التاسع كوازيمودو في عمود التشهير

أخذ الحشد المتجمع حول عمود التشهير يضحكون ويلقون بالحجارة على كوازيمودو؛فقد كان هدفًا سهلًا، وغالبًا ما كانت الحشود المتجمعة ترمي السجناء في عمود التشهير بكافة الأشياء. هز كوازيمودو العمود، وأخذ يتأرجح جيئة وذهابًا. صار وجهه أحمر، ثم رأىكلود فرولو على حصانه، وظن أنه قد كُتبت له النجاة! لكن لم يدم بقاء القس طويلًا، فركل حصانه بقدميه لينطلق الحصان مبتعدًا. «! ماء » : صاح كوازيمودو بصوت أجش فما كان من الحشد حول عمود التشهير سوى أن علت ضحكاتهم أكثر. وكلما «! ماء » : ازدادت حركة كوازيمودو صار أكثر عطشًا، وأخذ يصيح ألقى جوان بإسفنجة متسخة جاء بها من قناة تصريف المياه على كوازيمودو، وهو «! إليك بالماء » : يقول «! ماء » : صاح كوازيمودو غاضبًا في اللحظة ذاتها سارت إزميرالدا وسط الحشد مع دجالي. ولاحظت أن كوازيمودو في مشكلة، فتوجهت نحوه مباشرة، وسحبت زجاجة مليئة بالماء، وأعطتها له ليشرب. لم يكن بمقدور إزميرالدا تحمل الوقوف مكتوفة اليدين وهي تشاهد أي شخصيتألم. كانت تعلم أن كوازيمودو قد عانى بما فيه الكفاية، وراودها شعور بأن محاولةاختطافها لم تكن فكرته. وقد رأت الرجل المرتدي العباءة وهو يجري مبتعدًا عن الميدان. كان التفكير فيه فقط يجعل القشعريرة تسري في جسدها. تأثر الناس في الحشد بحنان إزميرالدا؛ فتوقفوا عن الضحك ومضايقة الأحدب.
أيتها الغجرية » : وعندما لمحت العجوز الشمطاء إزميرالدا من نافذتها صاحت «! الملعونة! اللعنة عليك شحب وجه إزميرالدا، ونزلت سريعًا من فوق عمود التشهير، وركضت بأقصىسرعتها. كانت العقوبة المفروضة على كوازيمودو قد انتهت مدتها آنذاك، فأطُلقسراحه، وتفرق الحشد ببطء. نكس كوازيمودو رأسه في خزي أثناء عودته سيرًا على الأقدام إلى كاتدرائية نوتردام؛ كانت التعاسة تملأ قلبه بحق. لماذا لم يساعده كلود فرولو؟ ما الخطأ الذي ارتكبه؟ خلت عيناه من أي مشاعر، مع أنني ما كنت لأصل » : قال كوازيمودو محدثًا نفسه «. إلى عمود التشهير لولا أنني فعلت ما طلبه مني وفي حقيقة الأمر، لولا تلك الفتاة الغجرية نفسها التي أراد كلود فرولو أن يخطفهاالليلة الماضية، لكان حاله ازداد سوءًا وهو في عمود التشهير. لكنه لا يزال غير قادر على فهم سلوك كلود فرولو.


الفصل العاشر إزميرالدا تلتقي فيبسثانيةً

اشرقت الشمس، وأخذ الناسيتجولون جيئة وذهابًا مستمتعين بالربيع في باريس. أخذتمجموعة من الشابات النبيلات الجميلات يضحكن في منزل السيدة ألويز الجميل الموجودبالجانب الآخر من كاتدرائية نوتردام. كانت فلور دي ليس، ابنة السيدة ألويز، تقهقه مع صديقاتها. جلست السيدة ألويز في كرسي مخملي، وبجانبها شاب طويل. كان القائد فيبس الذي أنقذ إزميرالدا منذ شهور طويلة. كانت السيدة ألويز بين الحين والآخر تتحدث مع القائد فيبس، ثم تنظر إلى ابنتها، «. انظر كيف تحسن التطريز » : وتقول شيئًا من قبيل «. نعم، بالتأكيد » : ويكون رد القائد هل رأيت فتاة على القدر نفسه من جمال خطيبتك؟ » : سألت السيدة ألويز القائد «؟ إنها كالبجعة في جمالها، أليست كذلك بالرغم من أنه لم يكن يفكر في فلور ،« نعم، بالتأكيد » : فجاء رده تلك المرة أيضًا دي ليس. هيا اذهب وتحدث معها! » : دفعته السيدة ألويز تجاه فلور دي ليس، وهي تقول «. لقد دام صمتك طويلًا اليوم «؟ عما يعبر ذلك النسيج الذي تطرزينه، يا فلور دي ليس » : توجه فيبس إليها وقال كهف جميل في إيطاليا يُعرف باسم كهف نبتون. هذه المرة الثالثة التي » : أجابت «. تسألني فيها هذا السؤال «! آه » : قال
كان فيبس يعلم أنه من المفترضأن ينحني ويهمس بكلمات حب في أذنها، لكن لم يكن بباله أي شيء آخر يمكنه قوله. « آه » هل » : رفعت فلور دي ليس عينيها الزرقاوين الجميلتين لتنظر إليه، وقالت «؟ هي كل ما يمكنك قوله لي لم يعلم فيبس ما كان عليه فعله بالضبط بعد ذلك، فوقف وقال بصوت أشبه «! يا له من تطريز رائع » : بالصياح بدأت الفتيات تتحدثن في الحال عن تطريزهن، وكل منهن تحاول جذب القائدهناك فتاة » : فيبس للتحدث معها. رفعت إحداهن نظرها، ونظرت من الشباك، وقالت «. ترقص وتعزف الرقّ في الميدان «. أظن أنها غجرية » : قالت فلور دي ليس، وهي تعود إلى ما كانت تحيكه تزاحمت الفتيات الأخريات مندفعات نحو النافذة. واستراح فيبس بابتعادهن عنه.كان يعلم أن السيدة ألويز ترغب في تزويجه ابنتها، لكن كانت هناك فتيات أخريات في باله. أيها القائد فيبس، ألم تقصعلينا من قبل مغامرتك العظيمة » : قالت فلور دي ليس في إنقاذ إحدى الفتيات الغجريات؟ أليس من الممكن أن تكون هي نفسها تلك الفتاة «؟ الموجودة بالخارج توجه فيبس ناحية الشرفة التي طلت منها جميع الفتيات على ما يحدث بالخارج. ومع فتح النوافذ تمكنت الفتيات من سماع قرع أجراس نوتردام من بعد. «. نعم، ها هي نعجتها » : قال فيبس «! انظروا إلى ذلك الرجل الذي يقف على سطح الكنيسة » : قالت إحدى الفتيات إنه كلود فرولو، رئيس الشمامسة. انظروا كيف يحدق فيها! يا له » : ردت أخرى «. من أمر غريب أن يهتم بفتاة غجرية أيها القائد، لتنادي على تلك الغجرية وتطلب منها الصعود » : قالت فلور دي ليس «. إلى هنا. سنمرح بالتأكيد «. أشك أنها ستتذكرني » : قال نظرت فلور دي ليس إليه، وتجهمت. «. حسنًا، إذن سأفعل » : قال «! أيتها الفتاة » : صاح من الشرفة
«! اصعدي إلى هنا » : توقفت إزميرالدا، ونظرت إليه بأعلى. وأردف هو تورد وجه إزميرالدا خجلًا، وبدأت تسير عبر مجموعة الناس المحيطة بها متجهة نحو المنزل. وفي غضون ثوانٍ كانت بأعلى داخل الشقة. انبهرت الفتيات بجمالها، الأمر الذي أتعسهن وجعل الصمت الشديد يخيم عليهن. يا لها من فتاة فاتنة! ألا تعتقدين ذلك، يا فلور » : كسر فيبس حاجز الصمت بقوله «؟ دي ليس وبدأت الفتيات الأخريات في التهامس فيما بينهن. «. لا بأس بها » : قالت «؟ هل تتذكرينني » : سأل فيبس إزميرالدا «. نعم، أتذكرك » : أجابت بعذوبة لقد غادرت فجأة تلك الليلة التي التقينا فيها، وتركت وراءك الأحدب، » : ابتسم وقال «؟ فهل أخفتك لم تلق تلك المناقشة الدائرة بين فيبس والفتاة «! كلا، على الإطلاق » : أجابت إزميرالدا الغجرية إعجاب فلور دي ليس. في الواقع، هي لم تكن تحب فيبس أن يتحدث مع أية فتاة أخرى. «؟ ما الذي كان ذلك المسخ يريده منك » : سأل فيبس «. لا أدري » : أجابت الفتاة الغجرية حسنًا، لقد تلقى جزاء ما فعله؛ فقد قضىبعضالوقت كما تعلمين في » : قال القائد «. عمود التشهير نعم، أعلم. لقد لقي ذلك المسكين معاملة شديدة القسوة في ذلك » : قالت إزميرالدا «. اليوم كانت دجالي قد ع لقت في طيات «؟ يا إلهي! ما هذا الحيوان » : صاحت السيدة ألويز تنورة السيدة العجوز. إنها نعجة! لقد سمعت عن هذه النعجة … لتجعليها تؤدي » : قالت فلور دي ليس «. إحدى الحيل «. لا أعلم ماذا تعنين » : ردت إزميرالدا «؟ هيا، أخبرينا ما هذا الذي تعلقينه حول عنقك » : قالت إحدى الفتيات «. هذا سري » : أمسكت إزميرالدا بالكيس الصغير بين يديها، وقالت
إذا كنت لن ترقصي لنا فما الذي » : ضاقت السيدة ألويز ذرعًا بالفتاة، وقالت لها «. جعلك تصعدين؟ لتغادري الآن! أنت لا تنتمين إلى هذا المكان بدأت إزميرالدا في البكاء وهي في طريقها نحو الباب. ألقت نظرة أخيرة على فيبسلا يمكنك المغادرة هكذا. لتعودي وتؤدي لنا إحدى رقصاتك! كما أنك لم » : الذي قال «. تخبرينا بعد باسمك وهي تفك حبلًا مربوطًا برقبة النعجة وتفتح الكيس. سقطت ،« إزميرالدا » : قالت الحروف الأبجدية على الأرض، وأخذت دجالي تخلطها معًا بقدميها الصغيرتين. «! انظروا إلى ما فعلته النعجة » : صاحت إحدى الفتيات أفعلت » : فسألت .« فيبس » اندفعت فلور دي ليس، ورأت أن دجالي قد رسمت اسم «؟ النعجة هذا «. نعم » : أجابت صديقتها «. كيف تعلمت فعل ذلك؟ لا بد أنك ساحرة » : قالت فلور دي ليس لإزميرالدا غاضبةً التقطت إزميرالدا الحروف سريعًا، وغادرت الشقة. نظر فيبس للفتيات اللاتي تجمعن حول فلور دي ليس، واتخذ قراره؛ ترك الشقة ولحق بالغجرية. كان كلود فرولو جالسًا أعلى برج كاتدرائية نوتردام يراقب إزميرالدا. من هذا » : تساءل كلود فرولو عند رؤيته شخص ما يدفع الحشد المتجمع للخلف «؟ الرجل الذي يصاحبها؟ إنه بيير جرينجوار، لكن ما الذي يفعله معها خرج كلود فرولو لتبين ما يحدث، لكن إزميرالدا كانت قد اختفت حينذاك. «؟ أين ذهبت الفتاة » : سأل كلود فرولو الرجل الذي كان يقف بجانبه لا أعلم. لقد غادرت فجأة، وصعدت تلك البناية. نادى عليها شخصما من » : أجابه «. النافذة سار كلود فرولو تجاه سجادة إزميرالدا الصغيرة التي اعتادت الوقوف والرقص «؟ ما الذي تفعله هنا » : عليها، وسأل بيير أخاف صوت كلود فرولو الغليظ الشاعر؛ فألقى التحية متلعثمًا. «؟ هل تركت العمل كشاعر، وصرت الآن مؤديًا بالشوارع » : سأل كلود فرولو أوضح بيير أن مسرحيته بالقاعة الكبرى قد باءت بفشل ذريع، وأنه يعيش الآن مع المتشردين في ركن المعجزات. 44
«؟ كيف عرفت الفتاة الغجرية » : سأل كلود فرولو «. إنها زوجتي » : أجاب بيير ما الذي تعنيه؟ أنت لست متزوجًا من » : غضب كلود فرولو غضبًا شديدًا، وسأله «. إزميرالدا وأخبر رئيس الشمامسة كيف أنقذته «. ليس الأمر كما تظن » : بدأ بيير يرتعد وقال إزميرالدا من موت محقق. سأل كلود فرولو بيير عن كل ما يتعلق بإزميرالدا، وأخبره الشاعر بكل ما يعرفه.« فيبس » واستغرق منها الأمر شهرين لتعلم دجالي كيف ترسم اسم » : وأضاف بيير«. بالحروف «؟« فيبس » لماذا » : سأل كلود فرولو «. إنها تعتقد أنها كلمة سحرية » : أجاب بيير «؟ أهي كلمة أم اسم » : سأل كلود فرولو «؟ ما الذي يهمك في هذا الأمر، يا سيدي » : رد عليه الشاعر متسائلًا غضب كلود فرولو، وصاح في بيير آمرًا إياه بالمغادرة. حقيقة الأمر أنه كان يحبإزميرالدا؛ رآها وهي تعزف على الرق وترقص، وأدرك أنها يجب أن تكون له، مهما كلفه الأمر.


الفصل الحادي عشر مغامرات جيون

في الصباح التالي، وأثناء ارتداء جيون فرولو ملابسه ليبدأ يومه، لاحظ أن محفظته فارغة؛ فليست معه نقود. يا للقسوة! لقد فرغتَ تمامًا نتيجة » : وجه حديثه لكيس القماش الفارغ قائلًا «. للهوي بالليل سيلقي » : ارتدى جيون حذاءه، وقال لنفسه إنه سيضطر للذهاب لرؤية أخيه. فكر «. عليّ محاضرة، لكنني على الأقل سأحصل على بعض المال وفي طريقه إلى الكنيسة شم جيون الرائحة الذكية للخبز في المخابز، لكن لم يكنمعه نقود لشراء إفطار. وعندما وصل أخيرًا إلى كاتدرائية نوتردام لم يستطع أن يتخذ القرار بدخولها. أخذ يسير جيئة وذهابًا لبضع دقائق وهو يفكر. لا أريد أن » : أخذ يفكر أثناء سيره جيئة وذهابًا أمام الدرجات الرئيسية للكاتدرائية «. أظل جالسًا هذا الصباح لأستمع إلى محاضرة طويلة، لكنني بحاجة إلى هذه النقود «؟ هل رأيت رئيس الشمامسة » : سأل رجلًا كان ينزل درجات الكنيسة الأمامية «. أظن أنه قد أوصد عليه البرج » : أجاب وهو يسير مبتعدًا أخيرًا، سأرى تلك الغرفة التي » : خلع جيون رداءه، وسار إلى الداخل، وهو يفكر «. يحبس فيها أخي نفسه انقطعت أنفاس جيون عند وصوله إلى الغرفة الموجودة أعلى الدرج. كان المفتاح فيالباب، فدفعه جيون ليفتحه. كانت الغرفة مظلمة، وفي منتصفها كرسيبذراعين ومائدة،تحيط بهما مجموعة من البوصلات، وهياكل عظمية لحيوانات، وكرة أرضية كبيرة،وجرار زجاجية مملوءة بجميع أنواع السوائل. كانت الكتب ملقاة مفتوحة بجميع أنحاء أرضية الغرفة، وتعلقت خيوط العنكبوت في كل الأركان.
لاحظ جيون وجود مدفأة كبيرة بأحد الأركان، لكن النيران بها كانت مطفأة.وبجانب المدفأة منفاخان مغبران. امتلأت الجدران بكتابات بجميع اللغات، وبدا أن الغرفة بأكملها كانت متهالكة. كان كلود فرولو جالسًا على الكرسي ذي الذراعين، ومنحنيًا على كتاب كبير مليءبالصور. كان ظهره للباب، ولم يسمع صوته عندما فُتح. كان يتحدث أيضًا مع نفسه، لم يرغب جيون في مقاطعته، لكنه أراد النقود بلا شك. وأدرك بعد ذلك أنه رأى أشياء ما كان من المفترض ،« إن أخي لمجنون » : فكر جيون أن يراها، فرجع للخلف، وأغلق الباب بهدوء، ثم طرقه بقوة. «. ادخل، يا سير روبرت! لقد كنت في انتظارك » : قال كلود فرولو دفع جيون الباب فاتحًا إياه، ودخل الغرفة بجرأة. «. جيون! إنه أنت » : صاح رئيس الشمامسة «. نعم » : حاول جيون الابتسام، وقال «؟ ما الذي تفعله هنا » : بدا الغضب على كلود فرولو لحظة، ثم قال فاندفعت الدماء في «. لقد جئت … جئت لأطلب بعض النقود » : بدأ جيون حديثه «. وبعض النصح أيضًا؛ فأنا بحاجة للاثنين » : وجه كلود فرولو الغاضب. أردف جيون لقد سمعت ما يُقال عن سلوكك المشين بجميع أرجاء باريس. ما » : قال كلود فرولو «؟ حاجتك للنقود «. للتبرع بها إحسانًا » : أجاب جيون إننا نتبرع بما فيه الكفاية هنا، من الكنيسة. فما القضايا الأسمى التي تريد أن » – «؟ تتبرع بالمال من أجلها «. امممم … سأتبرع بها للعجوز الشمطاء التي تعيش في ثقب الفئران » : قال جيون وكيف حال دراستك؟ » : سأل كلود فرولو، منتقلًا بالحديث إلى موضوع آخر «؟ أرسطو؟ هوراس «. فُقدت كتبي وسُرقت » – «. أنا في شدة الغضب منك يا جيون » – «. إذن لن تعطيني بعض العملات فقط لأبتاع بعض الخبز » – «. من لا يعمل لا يأكل » – اتكأ جيون للأمام، وأخذ يبكي بحرقة، ثم رفع إحدى يديه لأعلى في الهواء، وألقى خطابًا طويلًا مفصلًا باللغة اليونانية.
«؟ والآن، ما هذا » : سأله كلود فرولو «. هذا لإسخيلوس الذي يتناول فيه التعبير عن الأسى بشأن الحياة » – «. كان ذلك رائعًا، لكنني أصرعلى عدم منحك أي نقود » : ضحك كلود فرولو، وقال «. ولو لشراء حذاء جديد؟ انظر كيف اهترأ نعل حذائي » – حينذاك، سمع كلود فرولو فجأة «. سأبعث إليك بحذاء جديد، وليس بالمال » – يجب أن تختبئ يا جيون. هذا سير روبرت، » : صوت شخص ما يصعد الدرج، فأردف «. ويجب ألا يعلم بوجودك هنا «. حسنًا، لن أختبئ إلا إذا أعطيتني النقود » – «. حسنًا، حسنًا، هيا ادخل في الخزانة » : قال كلود فرولو، وهو يعطي لأخيه النقود اختبأ جيون، لكن ظل بمقدوره رؤية ما يحدث وسماعه. بعد أن ألقى سير روبرت وكلود فرولو التحية أحدهما على الآخر، أخذا يتحدثان بهدوء لثوانٍ معدودة. هل أصدر الأوامر للحرس بالقبض على الساحرة الغجرية » : وأخيرًا قال العمدة «؟ بتهمة السحر لتتمكن من جلبها إلى هنا في الكنيسة «. لا، ليس بعد. سأخبرك متى تفعل ذلك » : قال كلود فرولو في تلك الأثناء عثر جيون على قطعة خبز جافة في الخزانة، فسمع سير روبرت «؟ يا إلهي، ماذا كان ذلك » : صوت طحن عاليًا، وقال آه، لا بد أنها القطة، ربما تكون قد عثرت » : نظر كلود فرولو إلى الخزانة، وأجاب ما رأيك في أن نتنزه سيرًا حول كاتدرائية » : ثم نهضمن فوق كرسيه، وأردف «. على فأر «؟ نوتردام، ونتفقد الجدران ثانيةً غادر الاثنان الغرفة، الأمر الذي أسعد جيون كثيرًا لأن ساقيه كانتا قد تخدرتا بحلول ذلك الوقت. أخذ يتأوه أثناء زحفه إلى خارج الخزانة. هز محفظته، وكان سعيدًا للغاية لسماعه خشخشة النقود بداخلها. ثم نفض التراب عن نفسه، وألقى نظرة أخرى على الغرفة من حوله. كان مكانًا غريبًا حقٍّا. في طريقه إلى الخارج رأى أخاه والعمدة وهما يتفقدان أحد التماثيل الموجودة على جانب الكنيسة، ويتحدثان عن العلامات والتاريخ. «! وما شأني بذلك؟ لقد حصلت على نقودي! يا لنسيم باريس العليل » : قال جيون كم أنا سعيد بوقوفي هنا عليك أيها » : أخذ نفسًا عميقًا، ضرب الأرض بقدميه، وقال «. الرصيف الرائع، بدلًا من الجثوم في تلك الخزانة
فجأة سمع جيون شخصًا يصيح خلفه. واستدار ليرى القائد واقفًا أمامه. «. يبدو ذلك كصوت القائد فيبس » : قال سمع رئيس الشمامسة أخاه ينطق باسم فيبس، وعندما نظر ناحية جيون، رآه يصافح الضابط طويل القامة. هذا هو » : كان ذلك هو الاسم الذي أخبره به بيير! حدث كلود فرولو نفسه قائلًا «! الرجل الذي تحبه إزميرالدا … عدوي اللدود «؟ فيبس! ما سبب صياحك » : صاح جيون لقد قضيت لتوي صباحًا آخر مع فلور دي ليس وصديقاتها، وهذا » : قال فيبس «. يدفعني دائمًا للصياح «. هيا، لنذهب إلى مطعم روز آند كراون لتناول الغداء » : قال جيون «. لكن ليس معي نقود » – «! أنا معي » : فنقر جيون على محفظته وقال «؟ من أين لك بكل هذا » : سأل فيبس جيون أثناء خشخشته للمحفظة «. من أخي، رئيس الشمامسة الأحمق » – «! حسنًا! لنذهب وننفق هذه الأموال » : ابتسم فيبس، وقال اعتذر رئيس الشمامسة لسير روبرت، وتبع فيبس وأخاه. سمع الرجال من بعد صوت رق خافتًا. «. يا للهول! علينا بالإسراع » : صاح فيبس «؟ لماذا » : سأله جيون «. لا أريد رؤية تلك الفتاة الغجرية » – «؟ تلك التي تصطحب نعجة معها » – «. هي بعينها. لقد أقنعتها بمقابلتي الليلة، ولا أريد رؤيتها قبل ذلك الحين » – غمز فيبس لجيون، ثم ابتسم ابتسامة عريضة. لقد أقنعتها تقريبًا أنني أحبها بالفعل. وإذا رأتني الآن فستظن أنني ألاحقها، » – «. ومن ثم لن أتمكن من التخلص منها أبدًا محظوظ » : وربت على كتف صديقه، ثم أردف «! يا لك من محظوظ » : قال جيون «! بالتأكيد سرت قشعريرة في جسد كلود فرولو؛ فكان آخر ما يبغي حدوثه هو أن يزداد الرجل الذي تحبه إزميرالدا قربًا منها.


الفصل الثاني عشر الرجل ذو العباءة السوداء

كان مطعم روز آند كراون مكانًا شديد الازدحام. ظل كلود فرولو يسير جيئة وذهابًالساعات منتظرًا مغادرة جيون وفيبس المكان. وعندما بدا أمامه أخيرًا أخاه والقائد لحق بهما. «؟ هل بقيت معك أية أموال، يا جيون » : سأل فيبس فلم يجبه جيون، وبدأ يغني. «. لم يتبق شيء في محفظتي، وهذا يدعوني للعودة إلى المنزل » : وأخيرًا، قال جيون رفع جيون قبعته لتحية فيبس، ومضىفي طريقه. توقف فيبس أمام أحد التماثيل ليلتقط أنفاسه. وعندما سمع وقع خطوات خلفه استدار. «. من هناك؟ ليس معي شيء لتسرقه » : صاح فيبس «! القائد فيبس » : صاح كلود فرولو من تحت العباءة السوداء التي كان يرتديها «؟ كيف عرفت اسمي » : سأل فيبس «. إنني لا أعرف اسمك فحسب، لكنني أعرف أيضًا إلى أين تذهب » : أجابه «. هذا ليس ممكنًا … اكشف وجهك! ولنتعارك » : رفع فيبس قبضتيه في الهواء، وقال «. أنت تعتزم لقاء الفتاة الغجرية » : قال كلود فرولو وسددضربة للرجل الغريب، لكنه أخطأه. «؟ كيف عرفت ذلك » : سأل فيبس «. لن تذهب إليها. وإن فعلت فسأحرصعلى إيذائك، لأنك لا تستحقها » – ما هذا الذي تقوله أيها العجوز الخَرِف؟ سأذهب » : رد فيبس غاضبًا ومستلٍّا سيفه «. لمقابلة الفتاة سواء أعجبك ذلك أم لا. سأقاتلك الآن إن لم تسمح لي بالمرور
لا حاجة لاستخدام السيوف. أعرف أنك لا تملك مالًا، سآتي معك » : قال كلود فرولو «. وأدفع لك مقابل أن تسمح لي بالتحدث معها ماذا؟ … انتظر، قلت إنك ستدفع لي؟ حسنًا، يمكنك المجيء معي، لكن » : رد فيبس «. هذا الأمر برمته غريب حقٍّا قاد فيبس كلود فرولو إلى نُزل صغير قذر تديره عجوز شمطاء. كانت جدرانهلتدخل أنت أولًا، واختبئ. سأعود سريعًا ومعي » : متهالكة ومليئة بالصدوع. قال فيبس «. الفتاة. يمكنك التحدث معها لحظات فحسب. وعليك الرحيل بعد ذلك دخل كلود فرولو إلى الغرفة، وخلع رداءه. انتظر إلى أن اعتادت عيناه على الظلام،وفجأة سمع صرير درجات السلم. وعندما رأى ضوءًا تحت مدخل الباب اختبأ سريعًا داخل إحدى الخزانات. تركت السيدة العجوز فيبس وإزميرالدا في الغرفة. في البداية، كاد كلود فرولو لايصدق وجودها هناك. كانت إزميرالدا فاتنة، وكاد يغيب عن الوعي لرؤيتها. وبالرغم منالخطيئة التي ينطوي عليها الأمر، فإنه لم يحب أي شيء مطلقًا كما أحب إزميرالدا، ولا حتى أخاه أو كتبه أو الكنيسة. كانت إزميرالدا منزعجة؛ فلم يرق لها لقاءها بفيبس على انفراد في نُزل. لكنه أخذ يخبرها مرارًا وتكرارًا أنه يحبها. أعتقد أنه لا يجدر بي الوجود هنا. فأنا أخُلف بذلك وعدي، » : قالت له إزميرالدا ولن أتمكن من العثور على والديّ الآن أبدًا. وستفقد تعويذتي قوتها. لقد قطعت عهدًالأسرتي الغجرية عندما منحوني ذلك الكيس أنني سأحسن السلوك، ووجودي معك هنا «. وحدنا ليس بالسلوك الحسن «. ليتني أفهم ما تتحدثين عنه » : قال فيبس إنني أحبك حقٍّا، أيها القائد » : وقفت إزميرالدا هادئة، ودجالي عند قدميها، ثم قالت «. فيبس وأحاط خصرها بذراعه. «؟ حقٍّا » : فسألها أنت شخص حنون، وقد أنقذتني من الرجل ذي العباءة السوداء » : ردت إزميرالدا «. لا يمكنني أن أوفيك حقك من الشكر » : ثم أبعدت ذراعه عنها وأردفت «. تلك الليلة اقترب فيبس منها أكثر، لكنها ابتعدت ثانيةً. وفي كل مرة كان فيبس يقترب منها كانت تتحرك بعيدًا.
«؟ هل تحبني » : سألته «. كما لم أحب أحدًا من قبل » : خر راكعًا على إحدى ركبتيه، وقال «. أكاد أموت من فرط السعادة » : قالت إزميرالدا واقترب منها، وحاول تقبيلها. ،« لا يجدر بك الموت، فأنت جميلة » : قال فيبس لكن إزميرالدا تفادته، ووقفت بجانب النافذة؛ فقد قطعت عهدًا بألا تقبل أي رجل حتى تتزوج أو تلتقي بوالديها ثانيةً. «. إذا كنت تحبني كما قلت فيمكننا أن نتزوج » : قالت وما حاجتنا للزواج؟ يمكننا العيش هنا معًا في سعادة للأبد، كلٌّ منا » : قال فيبس مِلكٌ للآخر. لسنا بحاجة إلى كنيسة أو مراسم توضح لنا هذه الحقيقة! ما حاجة اثنينوتقدم للأمام ثانية، ووقف قريبًا للغاية من «؟ يحب أحدهما الآخر مثلينا إلى الزواج إزميرالدا. تسبب ذلك المشهد بالكامل في إفزاع كلود فرولو؛ فقد كان ذلك القائد الأبله يحاولاستغلال إزميرالدا، محاولًا إقناعها بأنه يحبها ليتمكن من تقبيلها. لكن كلود فرولو كانيعلم أنه لا يحبها حقٍّا. كانت فتاة صالحة وصادقة للغاية، في حين كانت نوايا القائد بعيدة كل البعد عن أي شيء صالح. «! يا له من وغد خسيس! سألقنه درسًا » : فكر كلود فرولو أمسك فيبس بشال إزميرالدا، وسحبه من فوق كتفيها. أصبح بإمكانه رؤية الكيس«. ما هذا؟ رأيته بالأمس عندما كنتِ في الشقة » : الموجود حول رقبتها بوضوح، فسألها رجاءً، أيها القائد فيبس. إنه تعويذتي التي ستساعدني في العثور على » : قالت «. والديّ. رجاءً، أعد إلي شالي «. إنكِ لا تحبينني » : عبس فيبس، وقال بلى، إنني أحبك. حتى وإن لم يكن بإمكاننا الزواج، أريد أن أظل معك » : قالت دائمًا. لا أرغب في أي شيء آخر سوى الحياة والحب. لم يعد هناك ما يهم غير ذلك؛ فقد «. لا أعثر على والديّ أبدًا على أية حال. لقد ظلا بعيدين عني طوال تلك الفترة تقدمت إزميرالدا نحوه، وكادت تقبله، فاندفع كلود فرولو من باب الخزانة. وقبل أن تعي إزميرالدا ما يحدث فقدت الوعي.


الفصل الثالث عشر إزميرالدا المسكينة

لم يعلم بيير ما يتوجب عليه فعله؛ فقد مضى على اختفاء إزميرالدا ما يزيد عن الشهر. في أحد الأيام كان بالخارج يبحث عنها، فمرّ بالسجن حيث تجمع حشد من الناس. «؟ ما الذي يحدث » : سأل بيير طالبًا صغير السن لا أعلم، يا سيدي. أظن أنهم يحاكمون إحدى الفتيات بتهمة محاولة قتل أحد » – الجنود. حاولت التحدث مع أخي، رئيس الشمامسة، بشأن هذا الموضوع، لكنني لم «. أتمكن من الاقتراب منه. كنت آمل في طلب بعض المال منه آسف، يا سيدي الصغير، لكنني » : أدرك بيير أنه يتحدث بالتأكيد مع جيون، فقال «. لا أملك مالًا أيضًا هز جيون كتفيه، ومضىفي طريقه. ولحق بيير بالحشد أعلى الدرج إلى داخل قاعة المحكمة. «؟ من كل هؤلاء الناس؟ ومن المتهمة » : سأل بيير، وهو ينظر حوله حسنًا، المرأة التي تقف وظهرها مواجه لنا … » : رد رجل كبير كان يقف بجواره وأشار إليها وهو يكمل « هناك هي المتهمة بمحاولة القتل. وتقف عجوز شمطاء الآن على المنصة أثناء » : حديثه «. تحدثنا؛ إنها شاهدة ما أعرفه هو أن هذه الفتاة لم تؤذ » : كانت السيدة العجوز التي أشار إليها تقول ذلك الضابط. لقد رأيتها تلك الليلة، وقبل أن تدخل إلى المكان سمحت لرجل يرتدي عباءةبدخول الغرفة. سمعت بعد ذلكصراخًا، فركضت إلى الطابق الأعلى لأرى لحظة وصوليشخصًا يقفز في الظلام من النافذة لينزل في النهر. وقد ترك وراءه القائد المسكين يرقد «. على الأرضعلى وشك الموت
قبل أن يختفي القائد فيبس، » : أخذ الناسيتهامسون فيما بينهم، وقال سير روبرت أخبرنا أنه لا يتذكر ما حدث للرجل الذي كان يرتدي العباءة، وكل ما يمكنه قوله هوأن ذلك الرجل أراد مقابلة الفتاة الغجرية، وعرض عليه مالًا ليحجز الغرفة شريطة أن «. يختبئ في الخزانة أخيرًا استدارت المتهمة، وصُدِم بيير عندما رأى أنها إزميرالدا! بدت في حالة مروعة؛ فكانت شفتاها زرقاوين من البرد، وشعرها أشعث. «! أدخلوا السجينة الثانية » : قال سير روبرت انفتح الباب، وسيقت دجالي إلى داخل القاعة. وقف المحامون أمام المخلوقة البائسة،ألا ترون أن » : وجعلوها تؤدي خدعها. لم يستطع بيير إمساك لسانه أكثر من ذلك، فقال «! دجالي لا تعلم أنها تخطئ؛ إنها ليست سوى نعجة لكن الحشد تجاهله، وألقى سير روبرت بعد ذلك بمحتويات كيس الحروف الخاصبدجالي على الأرض. وأخذت دجالي تحرك الحروف، واحدًا تلو الآخر، إلى أن كتبت اسم .« فيبس » أيتها الغجرية، أنت مسئولة عن الضرر الذي وقع للقائد » : وأخيرًا، قال سير روبرت «؟ فيبس. لقد سحرته أنت ونعجتك، ثم تركتماه ليموت. هل تنكرين ذلك يا إلهي! حبيبي فيبس المسكين! هذا أمر مروع لا يمكن وصفه » : صاحت إزميرالدا «. بالكلمات أكرر سؤالي، أيتها الفتاة الغجرية، هل تنكرين هذه » : سألها سير روبرت ثانيةً «؟ الاتهامات لقد أخبرتك أنني لا أعلم ما حدث. كان هناك رجل — لا أعرفه — يلاحقني، » : أجابته «؟ بل حاول مرة اختطافي، وأنقذني القائد فيبس. فلماذا أؤذيه لم يكن هناك غيرك في الغرفة عندما » : نظر إليها سير روبرت بوجه عابس، وقال عثرنا على الجندي، وقد رسمت نعجتك اسمه. غدًا ستوضعين في عمود التشهير إلى أن «. تخبرينا بالحقيقة، وسيُمنع عنك الطعام والشراب إلى أن تعترفي لم تنطق إزميرالدا، ولم يستطع بيير تصديق ما تسمعه أذناه. وتابع المحامون والعمدة والقاضيالحراس الذين ساقوا الفتاة إلى زنزانتها. كان السجن باردًا ورطبًا ومظلمًا. خلت جدرانه من أية نوافذ. حاولت إزميرالدا التحلي بالشجاعة، لكنها كانت خائفة.
«؟ للمرة الأخيرة هل تنكرين الاعتداء على القائد فيبس » : قال سير روبرت لم تستطع إزميرالدا التحدث، وما كان منها سوى أن أومأت برأسها. حسنًا، ستبقين هنا حتى الصباح، ثم » : دفعها الحراس إلى داخل الزنزانة، وقيل لها «. ستوضعين في عمود التشهير «! أنا بريئة » : صاحت إزميرالدا بكل ما تبقى لديها من قوة أغُلِق الباب خلف إزميرالدا لتبقى وحدها وسط الظلام الدامس. سمعت صوت نبشالفئران في الجدران، وتقاطر المياه خلفها. لم تكن دجالي معها، وبدا العالم من حولهاصغيرًا للغاية، والأرضباردة جدٍّا، والجدران شديدة الرطوبة. تذكرت مدى بشاعة عمودالتشهير لكوازيمودو المسكين، وكيف سخر منه الناسوقذفوه بالأشياء، فلم تتحمل فكرة مشاهدة الجميع لها في هذا الوضع. «! انتظر! إنني أعترف؛ الذنب ذنبي. إنني أعترف » : صاحت إزميرالدا «؟ هل تعترفين بكل شيء » : فُتِح الباب، ووقف سير روبرت فيه، وقال «. نعم، أعترف » – «. فتاة صالحة » : قال سير روبرت سيقت إزميرالدا ثانيةً إلى قاعة المحكمة، وثغت دجالي ورغبت في الجري نحوها، لكنها كانت مربوطة في المقعد. «. لقد اعترفت الفتاة بكل شيء » : قال سير روبرت «. ليكون عقابي سريعًا، هذا كل ما أسألكم إياه » : قالت إزميرالدا ألقى العمدة خطابًا طويلًا للغاية حتى وصل إلى النطق بالعقوبة، ألا وهي إرسال كلٍّ من إزميرالدا ودجالي إلى السجن الموجود في كاتدرائية نوتردام لتبقيا فيه إلى الأبد. كان السجن بكاتدرائية نوتردام يزداد ظلمة وكآبة مع النزول لأسفل. وما إن يُرسَلالسجناء إليه يكون إطلاقسراحهمضربًا من المحال. أخذ الحراس إزميرالدا إلى زنزانتها بالأسفل. ولم يبق من إزميرالدا، وهي مثقلة بالأغلال، سوى شبح. كان قد مضى على وجودها في السجن بضعة أيام عندما فُتِح الباب، ودخل أحدهمزنزانتها. أعماها الضوء، فأغلقت عينيها. وعندما فتحتهما كان كلود فرولو واقفًا أمامها مرتديًا عباءته السوداء. «؟ من أنت؟ وما الذي تفعله هنا » : سألته
«. تعالي معي » : أنزل قلنسوة العباءة، وقال لها «؟ إلى أين … إلى أين تريد أن تأخذني » – لم يجبها القِس. هذا أنت! كنت هناك تلك الليلة. أنت من ألحق الأذى بفيبس، أليس » : سألت إزميرالدا «؟ كذلك؟ لماذا تحاول اختطافي؟ لماذا تكرهني «. أكرهك؟ إنني أحبك. لقد كنت سعيدًا قبل أن أعرفك » : جاء رده «. وا حسرتاه! وأنا أيضًا كنت كذلك » : قالت وأخبرها كيف أحبها، ،« أرجوكِ، دعيني أتكلم » : قال كلود فرولو للفتاة الغجرية وكيف كان يراها يومًا بعد يوم في الميدان القريب من كاتدرائية نوتردام. وبالرغم منأنه يعلم بارتكابه خطيئة، فإنه أحبها. رقصها، وفستانها، وبشرتها الجميلة … كل هذه الأمور شغلته عن دراسته وما عرفه طوال حياته. تملكتني روحٌ لا سلطان لي عليها. لم أتمكن من نسيانك، وفي ذلك اليوم » : قال الرهيب لحقت به، واختبأت في الخزانة. وفي اللحظة التي أوشكتِ فيها على تقبيل ذلك «. المحتال قفزت من الخزانة، وهاجمته «! يا إلهي! حبيبي فيبس » : صاحت لا تنطقي باسمه، إنه السبب في كل ذلك؛ كان من المفترض أن يخبرك أنني » : قال أنتظرك. جعلني أدفع له المال مقابل أن أراكِ فحسب. إذا ظننت أنه أحبك يومًا فأنت «. مغفلة لا أصدق ما تقوله؛ فقد أحبني. إذا لم يكن حرٍّا فلا رغبة لي في أن أكون حرة. » – وإن كان ميتًا فلا أهتم إذا كنت سأحيا أم لا. لن أسامحك أبدًا على إيذائك له. أنت المذنب «. في كل ذلك في نهاية الأمر، قرر القاضيوضعك في عمود التشهير، لكن بإمكاني مساعدتك. » – «. يمكنني إخفاؤك في الكنيسة كلا! إن كان عمود التشهير هو مصيري، فليكن. اتركني الآن! لا أرغب في » : قالت ودفعته بعيدًا، ثم سقطت على الأرضالمبللة المتسخة. «! رؤيتك ثانية أبدًا … أبدًا


الفصل الرابع عشر المحراب!

اتضح بعد ذلك أن القائد فيبس لم يلق حتفه. كانت جروحه خطيرة بلا شك، لكنه تماثلللشفاء. كان قد هرب من المستشفى بعد ليلة واحدة من استجواب سير روبرت له، ولم يعد إليها. عرف فيبس أنه ستجري محاكمة، ولم يرغب في أن يكون له أي دخل بها. فما إنتمكن من الوقوف حتى سافر ليلتحق بالجيش ثانيةً. لكن بالرغم من عودته إلى هناكفلم يشعره ذلك بالسعادة. تمنى بعد فترة قصيرة العودة إلى باريس ليكون مع فلوردي ليس التي لم يعد غيرها الآن في قلبه. لقد نال كفايته من الفتيات الساذجات، خاصةً بعد أن كادت تتسبب إحداهن في مقتله. كان قد مر شهران على سفر فيبس عند عودته إلى منزل السيدة ألويز وابنتها. كانت الفتاة تجلس بجانب النافذة عندما جاء فيبس وهو يمتطي حصانه. اندفعت إلى أسفل الدرج لتسمح له بالدخول. كانت سعيدة للغاية برؤيته. «؟ أين كنت » : سألت فلور دي ليس يا إلهي! لقد ازددت جمالًا منذ آخر مرة رأيتك » : رد القائد فيبس متجاهلًا سؤالها «. فيها «؟ كفى! هيا أخبرني، أين كنت » : فسحبت ذراعه وأجبرته على الدخول، وهي تقول وصعدا إلى الشقة. «. لقد كنت مصابًا ومريضًا » – «؟ مصابًا! ماذا حدث » – ليست إصابة تُذكر في الواقع، إنها خدش فحسب. كان عراكًا سخيفًا بين » – «. مجموعة من الرجال، هذا كل ما في الأمر
فبدأت فلور دي ليس في البكاء. «؟ أنا بخير الآن، ألا يمكنك رؤية ذلك » : قال فيبس «؟ أنا سعيدة للغاية لأنك بخير. لقد افتقدتك! لماذا كان العراك؟ ومع من » – كفى! لقد انتهى الأمر الآن، ولا حاجة لأن أحياه » : وقف فيبس بجانب النافذة، وقال ثانيةً. أخبريني، كيف الحال في باريس؟ ما آخر الأخبار؟ انظري إلى ذلك الحشد هناك، «؟ ما الذي يحدث لست متأكدة، لكنني سمعت أنهم سيضعون فتاة غجرية اليوم في عمود التشهير. » – «. ربما يكون هذا السبب وراء هذا الحشد «؟ ما اسمها » : سألها وهو شارد الذهن «؟ هل لهذا الأمر أهمية حقٍّا » : قالت فلور دي ليس أجاب فيبس، وقد تشتت تفكيره عند نظره إلى شعر فلور دي ليس الأشقر الجميل: «. لا أظن » «؟ هل تعدني بألا تتعرضلأي إصابة ثانيةً أبدًا » : سألته «. أعدك » : أجابها «؟ وهل تقسم على ألا تحب أحدًا غيري » – «. أقسم » – «. حسنًا! هيا لنستنشق بعض الهواء » : فقالت فلور دي ليس دخلت فلور دي ليس إلى الشرفة، وتبعها فيبس. «! ها هي » : دقت الساعة الثانية عشرة، وصاح واحد من بين الحشد «. إنها تلك الغجرية الكريهة التي تصطحب نعجة معها » : قالت فلور دي ليس «؟ م … م … ماذا » : شحب وجه فيبس وهو يقول هل تتذكر؟ لقد رسمت النعجة حروف اسمك. يا إلهي! كان » : سألته فلور دي ليس «؟ ذلك بشعًا. لماذا شحبت هكذا؟ من يراك يظن أنك قد صُدمت لرؤيتها. ما الخطب «. لا شيء … لا شيء على الإطلاق » : قال فيبس سريعًا أخذت إزميرالدا تنادي على فيبس عندما كانوا يسوقونها عبر الميدان. نظرت حولها، فوقعت عيناها على كلود فرولو واقفًا بالقرب من ثقب الفئران. «. يا إلهي! كلا، ليس هو! سيلازمني حتى في آخر لحظات لي » : فقالت
كان وجه كلود فرولو شاحبًا. كان يرتدي ملابسه الرسمية، لكنه بدا تعيسًا للغاية. «. لم يفت الأوان بعد، يمكنني إنقاذك » : سار تجاه إزميرالدا وقال لها لن أذهب معك أبدًا. ابتعد عني وإلا سأخبر الجميع أنك من هاجمت فيبس، » : قالت «. وليس أنا «. لن يصدقوك أبدًا » : قال «؟ ماذا فعلت به » : صرخت في وجهه «. لقد رحل » – وبينما كان الحراس يسحبونها بعيدًا نظرت إزميرالدا لأعلى، ورأته … إنه فيبس. لقد كان هناك! وسقطت على الأرضمن هول الصدمة. «! فيبس! فيبس » : صاحت وفي خضم الفوضىلم يلحظ أحد إلقاء كوازيمودو بحبل من نافذة برج الأجراس. وفياللحظة التي أوشك فيها الحراس على رفع إزميرالدا من على الأرض، تأرجح كوازيمودو على الحبل لأسفل، فأوقع الحراس، وأمسك بها. «! المحراب! المحراب » : وأخذ يصيح تسلق كوازيمودو الحبل عائدًا إلى قمة كاتدرائية نوتردام، وحمل إزميرالدا إلىالداخل. رأى الناس يصفقون ويهللون؛ فقد أحبوا إزميرالدا وشعروا أنها لا تستحق العقاب. ولم يشعر كوازيمودو بمثل هذا الفخر في حياته قط.


الفصل الخامس عشر الغضبينتابكلود فرولو

احتاج كلود فرولو إلى بعض الوقت للتفكير، فخلع ملابسه الرسمية، وطلب من مراكبي أن يعبر به النهر. لماذا هاجم القائد فيبس؟ ماذا فعلت الفتاة الغجرية له؟ ومع ابتعاده أكثر عنمنتصف باريس ملأت أفكار أكثر قسوة ذهنه. لقد عاد القائد! ماذا سيحدث الآن؟ توجد إزميرالدا الآن في كاتدرائية نوتردام حيث أرادها بالضبط دائمًا. هناك الكثير من الأماكن في باريس يمكن لأي مجرم الذهاب إليها لتجنب القبض عليه.تُعرَف هذه الأماكن بالمحاريب. فلا يُسمح لحراس الملك بدخولها، لذلك فهي مكان مثالي للاختباء. لكن المشكلة الوحيدة المتعلقة بالمحراب هي أن المجرم لا يمكنه مغادرته. كانت هناك غرفة في كاتدرائية نوتردام تُستخدَم لهذا الغرض، وهي الغرفة التي أخذ كوازيمودو الفتاة الغجرية إليها بعد أن حملها أعلى الكنيسة. وعندما أفاقت إزميرالدا نظرت حولها. وتدافعت الأفكار بكافة صورها في عقلها في الحال. كانت تعلم أنها في كاتدرائية نوتردام، وأن كوازيمودو قد ساعدها. فنظر كوازيمودو إليها بحنو، وغادر «؟ لماذا أنقذتني » : سألت إزميرالدا كوازيمودو في هدوء. لم تعلم إزميرالدا ما يتوجب عليها فعله، فقد عرفت أنه حي؛ لقد رأته، لكنه بالتأكيد لم يعد يحبها، وإلا لما تركها لتلقى العقاب على هذا النحو. طرق كوازيمودو الباب، ففتحته إزميرالدا، لكنها لم تستطع أن تقول أي شيء.
الأمور على ما يرام؛ أنت في أمان هنا. » : أعطاها كوازيمودو سلة من الطعام، وقال يلزم عليكِ البقاء في هذه الغرفة أثناء النهار، أما في الليل فباستطاعتك السير بأرجاء «. الكنيسة. لن يعلم أحد بالأمر وقبل أن تتمكن من أن تقول أي شيء غادر كوازيمودو فجأة. شعرت بعد ذلكبشيء دافئ يتحسس ساقها؛ إنها دجالي! أنقذها كوازيمودو هي الأخرى. فبكت إزميرالدا،وعانقت نعجتها الصغيرة الجميلة. وعندما غربت الشمس تركت غرفتها الصغيرة الآمنة. استيقظت إزميرالدا في الصباح التالي لتجد كوازيمودو ينظر إليها من النافذة. «! ادخل، أرجوك » : قالت ملوحةً له لكن كوازيمودو، لأنه لم يستطع سماعها، ظن أنها تريده أن يبتعد. فدخل كوازيمودو غرفتها، ،«! لا، لا! ادخل، ادخل » : فلوحت بيدها ثانيةً، وقالت له ووقف كلٌّ منهما ينظر للآخر. رأت عن قرب عينه الواحدة، وحدبته، وساقيه المتقوستين. «. أنا أصم » : قال كوازيمودو أخيرًا فأومأت إزميرالدا برأسها. «. يمكنك التحدث معي بالإشارات، ويمكنني أيضًا قراءة شفتيك » : قال كوازيمودو «؟ حسنًا، لماذا أنقذتني » : سألته حاولت اختطافك تلك الليلة، » : نظر كوازيمودو إلى وجهها الجميل بإمعان، وقال وقف بعد «. لكنك قدمت لي يد العون في اليوم التالي، وأعطيتني الماء. إنك حنونة للغاية ذلك ليغادر المكان، فأشارت إليه بالبقاء. وأعطاها صفارة فضية وهو يقول: ،« يجدر بي ألا أفعل، فيجب أن أعمل » : قال وهكذا ترك إزميرالدا وحدها. «. يمكنك استدعائي بهذه؛ فأنا أستطيع سماعها » مر الوقت، وبدأت إزميرالدا تشعر أنها في منزلها بوجودها في تلك الغرفة الآمنة. أخذتذكريات الماضيالسيئة في التلاشي، وبدأت إزميرالدا تحب المناظر والأصوات في كاتدرائيةنوتردام. وشأنها شأن كوازيمودو، صارت الكنيسة عالمها الخاص بكل ما فيها منقساوسة ومصلين وجدران، وبخاصة الأجراس، فقد كانت الأجراس هي الشيء المفضللديها. صار كوازيمودو صديقًا وفيٍّا لها؛ فكانا يقضيان وقتًا طويلًا معًا. لكن ذكرى واحدة رفضت أن تفارقها؛ فيبس، فصار اهتمامها به أكبر من أي وقت مضى.
في صباح أحد الأيام كانت إزميرالدا تنظر من نافذتها، وكوازيمودو يقف على السطح الموجود بجانبها. كان الاثنان يشاهدان الميدان.«! فيبس! فيبس » : صاحت إزميرالدا فجأة رأى كوازيمودو أنها كانت تشير إلى ضابط شاب وسيم يمتطي حصانًا بالأسفل. «! فيبس! فيبس! إنه يدخل ذلك المنزل، ولا يسمعني! فيبس » : أخذت تصيح ثانيةً «؟ هل أذهب وأحضره لك » : سألها كوازيمودو «. نعم، أرجوك. اذهب سريعًا » : أومأت برأسها ولوحت بذراعيها، وقالت وعندما وصل كوازيمودو إلى الميدان كان الجندي قد رحل. فلوح كوازيمودولإزميرالدا بأعلى، وأشار إلى أنه سينتظر حتى يخرج فيبس من المنزل. مر الكثير منالناس جيئة وذهابًا؛ كانوا يستعدون لاحتفال ما. مر اليوم بأكمله على هذا الحال:كوازيمودو ينتظر، إزميرالدا تنظر من النافذة، وفيبس لا يمكن العثور عليه في أي مكان.حل الليل، وأضُيئت الشموع في نوافذ المنزل. وتمكن كوازيمودو من رؤية الناس يرقصون بالداخل. ولولا صممه لتمكن من سماع الموسيقى أيضًا. تأخر الوقت كثيرًا، لكن كوازيمودو ظل منتظرًا. غشت السماء المظلمة سحبضخمةأخفت النجوم. وظهر بعد ذلك شخصان في الشرفة الموجودة فوقه. كانا فيبس وفلوردي ليس. أحاط القائد الفتاة بذراعه. أحزنت كوازيمودو رؤية اثنين يتمتعان بالجمالوالسعادة؛ فلن يحظى بمثل هذه الحياة أبدًا. وتمنى ألا تراهما إزميرالدا؛ كان يعلم أنها ستنزعج إن فعلت. بعد ذلك بفترة قصيرة رأى كوازيمودو القائد يغادر المنزل، ويمتطي حصانه. أسرع «! أيها القائد » : من أمام كوازيمودو، لكن الأحدب ركض خلفه ونادى عليه «؟ ماذا تريد مني » : توقف فيبس، واستدار وسأل اتبعني، هناك من يرغب في » : أمسك كوازيمودو بالحصان على نحو جريء، وقال «. التحدث معك «! انتظر! ما الذي تفعله؟ أعرف من أنت … ارفع يديك عن حصاني » : قال فيبس لم يسمعه كوازيمودو، فاستمر في سحب لجام الحصان نحو كاتدرائية نوتردام. «. هناك امرأة تحبك في انتظارك » : وقال بصوته الأجش أعلم أنك أصم، أيها » : قفز القائد من فوق الحصان، ووقف أمام كوازيمودو ثم قال الأحمق. فلتقرأ شفتي: سوف أتزوج، لتخبر إزميرالدا بذلك؛ أنت تتحدث عنها على ما «. أعتقد. أنت الأحدب الذي أنقذها، أليس كذلك؟ لا أرغب في أن تكون لي أية علاقة بها
ثم هز فيبس رأسه، وقفز صاعدًا حصانه ثانيةً، جذب لجام الحصان بقوة، فسقط كوازيمودو على الأرض. وانطلق القائد بحصانه سريعًا وسط ظلام الليل. وقف الأحدب، ونفض التراب عن نفسه. لم يلحق بالقائد، بل عاد إلى الكنيسة. «؟ هل عثرت عليه » : سألت إزميرالدا «. لم أفعل » : أجاب كوازيمودو «! كان يجب أن تنتظر طوال الليل! ارحل الآن! هيا اذهب » : صاحت إزميرالدا شعرت إزميرالدا باستياء شديد من كوازيمودو. ولم يرد هو أن يزيد غضبها،فابتعد عن طريقها. عندما تستيقظ كل يوم تجد إفطارها جاهزًا أمامها. افتقدتإزميرالدا كوازيمودو، لكن من كانت ترغب في التحدث إليه هو فيبس. قضت ساعات في نافذتها الصغيرة تراقب المنزل الموجود بالجانب الآخر من الشارع. في تلك الأثناء كان كلود فرولو قد أغلق بابه أمام الجميع. حبس نفسه في غرفتهمع كتبه وجرعاته الدوائية. وما كان ليفتح الباب لأحد، ولو كان أخاه. كان يفكر فيإزميرالدا ليل نهار. وصل غضبه منها في إحدى الليالي ما جعله يرتدي عباءته ويعلق مفاتيحه بجانبه ويترك معتزله السري. «. لقد دمرت حياتي » : حدث كلود فرولو نفسه كانت إزميرالدا نائمة في غرفتها، وأيقظها صوت فتح الباب، فأحكمت إغماضلا بد أنه القِس، فما كان كوازيمودو ليدخل غرفتي أبدًا دون أن » : عينيها، وهي تفكر «. يطرق الباب «! اخرج من هنا! ابتعد عنيّ » : صاحت إزميرالدا حان الوقت لتأتي معي، سألقنك درسًا. لقد » : أمسك كلود فرولو بذراعيها، وقال «. سحرتني أيتها الساحرة «! لا! لا » : صاحت ثغت دجالي، ودفعت إزميرالدا كلود فرولو بعيدًا، ونفخت بقوة في الصفارة الفضيةالتي أعطاها إياها كوازيمودو. فجأة، شعر كلود فرولو بيد شديدة البأس تسحبه بعيدًاعن الفتاة الغجرية. كان ذلك كوازيمودو! بدأ الاثنان يتعاركان، ولم يدرك كوازيمودو أن من يتعارك معه هو كلود فرولو إلى أن انعكس ضوء القمر على وجهه. ركله «. كلود فرولو، أنا آسف للغاية » : توقف كوازيمودو عن القتال في الحال، وقال القِس مرة أخرى، لكنهما كانا قد وصلا في ذلك الوقت إلى الرواق، وإزميرالدا أغلقت باب
لم ينته الأمر بعد، » : غرفتها. نزل كلود فرولو مترنحًا على درجات السلم، وأخذ يفكر «. سأنتقم منها جزاء ما فعلته بي شعر كوازيمودو بألم في بطنه حيث ركله كلود فرولو. نهض، وأمسك بها بقوة.كانت الصفارة على الأرض خارج غرفة إزميرالدا. فالتقطها، وطرق الباب طرقًا خفيفًا، فتحت إزميرالدا الباب وأخذت تبكي. «. هذا أنا، كوازيمودو » : وقال ثم ألقت بنفسها على السرير، وأخذت «. شكرًا لك » : قالت وهي تأخذ منه الصفارة تبكي بحرقة.


الفصل السادس عشر الهجوم على نوتردام

كان بيير قد سمع أن إزميرالدا تنعم بالأمان في كاتدرائية نوتردام، فأسعده هذا. لكنه تشغل تفكيره في أغلب الأحيان. « زوجته » افتقد دجالي. مرت الأيام، ولم تعد كان بيير يؤدي الخدع أثناء النهار في الطرقات مع المتشردين الآخرين، وفي الليل يمارس الكتابة. في أحد الأيام، وأثناء سيره بالشارع، نزلت يد ثقيلة على كتفه. وعندما استدار رأى كلود فرولو. صُدِم بيير من مدى الشحوب الذي بدا عليه أستاذه الذي تتلمذ على يده في الماضي. «؟ كيف حالك، يا بيير » : سأله كلود فرولو «. على ما يرام. صحتي جيدة » – «؟ ألم تواجه أية مشكلات إذن » – «. كلا، مطلقًا » – «؟ أين أنت ذاهب الآن » – «. لا مكان في الحقيقة » – سأل بعد ذلك كلود فرولو الكاتب عما إذا كان ينعم بالسعادة أم لا، فأجابه بيير بأنه سعيد للغاية. «؟ لكنك ما زلت فقيرًا، أليس كذلك » : سأله كلود فرولو «. بالطبع » : أجابه بيير في تلك اللحظة مر القائد فيبس ورفاقه من حرس الملكسريعًا بجانبهما على ظهور خيولهم. حدق كلود فرولو بفتور في القائد. «؟ لماذا تحملق على هذا النحو في ذلك الجندي » : سأل بيير
«. هذا القائد فيبس » – «؟ فيبس! هذا الجندي الذي تسبب في كل العناء الذي واجهته إزميرالدا » : صاح بيير «؟ ما الذي تعرفه عنها » – لا شيء، لم أرها منذ يوم محاكمتها » : نظر بيير إلى كلود فرولو مستغربًا، وقال «. عندما كانوا سيضعونها في عمود التشهير «؟ هل هذا كل ما تعرفه » – سمعت أنها أخُذت إلى المحراب الموجود في كاتدرائية نوتردام، لكن المحكمة » – أصدرت حكمًا بأنها ستتلقى عقابها مع ذلك. هذه المرة الأولى التي يفعلون فيها ذلك، «. لقد سمعت عن ذلك بالأمس «؟ ماذا؟ ما الضرر في بقائها بكاتدرائية نوتردام » – إنهم يرون أنها يجب أن تنال عقابها لمحاولتها قتل القائد فيبس. وقد سمعت » – أيضًا أن الجندي ألقى باللوم عليها. إنه لأمر مدهش حقٍّا اختفاؤه وعودته على هذا «. النحو «؟ ألا ترغب في مساعدتها » – «. إنني منشغل للغاية بكتبي » : أجاب بيير «؟ نعم، لكن ألا يمكنك التفكير في أي وسيلة لمساعدتها » : سأل كلود فرولو «. حسنًا، يمكننا أن نحاول الحصول على عفو من سير روبرت » – ليس هناك » : وأخذ يسير جيئة وذهابًا ثم قال «. لن يوافق أبدًا » : قال كلود فرولو «. سوى سبيل واحد لإنقاذها «. استمر » : رد بيير يجب أن نهربها خارج المدينة. سيكون عليها أن تدعي أنها أنت، وأنت تدعي » – «. أنك هي. وفي اللحظة الأخيرة يمكنك أن تكشف عن هويتك الحقيقية «! لكنهم سيعاقبونني بدلًا منها » – «. كلا، لن يفعلوا؛ فأنت لم ترتكب جُرمًا » – تردد بيير؛ فهو لا يريد أن يُعاقَب. كان لديه أيضًا الكثير من الأمور ليفعلها؛ السيرلا» : في شوارع المدينة، وقراءة كتبه، ليس لديه وقت ليوضع في عمود التشهير. فقال «. أعتقد أنها فكرة جيدة، لكنني سأفكر فيها نظر بيير إلى كلود فرولو، وسقطت دمعة على وجه القِس.
«. حسنًا، سأساعدك. لكن لدي فكرة أفضل » : قال بيير «… حسنًا » : قال كلود فرولو ثم «. أصدقائي المتشردون سينقذونها؛ إنها المفضلة بينهم. إليك الخطة » : قال بيير همس في أذن كلود فرولو. «. حسنًا، ستنجح هذه الخطة » : وعند انتهائه صافحه كلود فرولو، وقال أخي، » : عاد كلود فرولو إلى كاتدرائية نوتردام ليجد جيون في انتظاره. قال جيون «. لقد جئت لأراك «؟ ما الأمر » : سأله كلود فرولو دون أن ينظر إليه «. أنا بحاجة إلى نصحك. إنك محق. كنت محقٍّا بشأن المدرسة والدراسة » – «؟ و» – لقد أسأت التصرف حقٍّا، تورطت في حماقات، وجعلت من نفسيأضحوكة. أدين » – «. للجميع بالمال. أود أن أحيا حياة أفضل من تلك التي أحياها «؟ حقٍّا » – «. نعم، لكنني بحاجة لبعض المال أولًا » – «. ليس لدي أي أموال لأعطيك إياها » – «؟ صدقًا » : سأل جيون «. صدقًا » : أجابه كلود فرولو «. حسنًا، سأصير إذن متشردًا » : قال جيون «. حسنًا » : نظر إليه كلود فرولو نظرة خلت من المشاعر، وقال حنا جيون رأسه قليلًا، وغادر الغرفة. أخذ كلود فرولو يراقبه من النافذة. وبينما أوشك جيون على مغادرة الحديقة ألقى إليه كلود فرولو بكيس من النقود. «! هذه آخر نقود ستحصل عليها مني » – ابتسم جيون، ومضىفي طريقه. جلس بيير في زاوية الغرفة المظلمة محاطًا بالمتشردين. كانت هناك حفلة كبيرة، وانتشر الناس في كل مكان، يرقصون ويغنون. أنا متشرد! كنت » : وكان ذلك جيون الذي أردف «! مرحى! مرحى » : صاح أحدهم سيدًا نبيلًا من قبل، لكنني الآن واحد منكم! وإليكم بخطتنا لهذه الليلة: سنذهب إلى 71
كاتدرائية نوتردام، ننقذ الفتاة، ونشعل النيران في المكان! ضاعت ثروتي، لذا سأنضم «! إليكم أيها النساء والرجال العظماء. يتوجب علينا إنقاذ إزميرالدا ناولت إحدى السيدات جيون عشاءه، فجلس وأخذ يأكل، ناسيًا خطابه في الحال. قرعت أجراس الكنيسة من بعد. هذه هي الإشارة! أجراس نوتردام تقرع … حان » : وقف كلوبان المتسول، وقال «. وقت الذهاب غادرت عصبة المتشردين غرفتهم الدافئة، وساروا بشوارع باريس المتعرجة نحو كاتدرائية نوتردام. لم يستطع كوازيمودو النوم بعد قرع أجراس منتصف الليل، فصعد الدرج إلى أعلى،وجلس على قمة البرج الشمالي. كان الظلام الدامس يخيم على المكان، والضوء الوحيد جاء من بوابة سانت أنطوني. ثمة أمور غريبة كانت تحدث مؤخرًا. على مدار الأيام القليلة الماضية رأى كوازيمودورجالًا ينظرون إلى أعلى تجاه نافذة إزميرالدا. وصارت تصرفات كلود فرولو أيضًا أكثر غرابة من المعتاد. لاحظ كوازيمودو فجأة أن خط الماء الأسود بدا أطول من المعتاد، فدقق النظرواكتشف أنها رءوس بشرية. كان حشد من الناس يتحركون تجاه الكنيسة. خيمالصمت على هذا الصف الطويل من الناس، وبدوا كالضباب الذي يزحف ببطء للأمام. «. إزميرالدا! لا بد أنهم جاءوا من أجلها » : فكر كوازيمودو عرف كوازيمودو أنه يجب عليه إيقافهم. اقترب الحشد أكثر، كانوا يحملون عصيٍّاوأسلحة أخرى. توقفوا أمام الكنيسة، وأضاءوا مشاعلهم. تعرف كوازيمودو على بعض الوجوه، وهي وجوه السيدات والرجال الذين توجوه ملك المهرجين. اتخذ المتشردون أماكنهم حول الكنيسة. جيون أيضًا كان هناك. أصدر كلوبانتريد المحكمة معاقبة إزميرالدا بالرغم من أنها التمست الأمان في الكنيسة! يجب » : الأمر «! علينا إنقاذها. هيا بنا صعد الرجال درجات السلم، وحاولوا فتح الباب عنوة. فأخذوا يدفعون ويدفعون، لكنه لم يتزحزح. سقطت بعد ذلك عارضة من أعلى الكنيسة، واصطدمت بالأرض. أصيب المتشردون بالرعب، وفر الكثيرون منهم. لم يعلموا ما حدث، وظن بعضهم الأمر سحرًا. 72
الهجوم على نوتردام «! انهضوا يا رجال! هلم إلى الباب! هيا بنا » : قال كلوبان نظر الرجال إلى العارضة، ثم إلى قمة الكنيسة، ولم يتحركوا. كانوا مذعورين للغاية.«! إنها ليست سوى قطعة من الخشب! ليست بالشيء الذي تخافونه » : صاح كلوبان «! لنستخدمها في كسر الباب » : صاح جيون صاح المتشردون حماسًا، وهم يدفعون العارضة بعنف تجاه الباب. أصدر الباب صوتًا كالطبلة الكبيرة، لكنه لم ينكسر، فضربوه ثانيةً. سقط بعد ذلك وابل من الحجارة على المتشردين من أعلى. كان كوازيمودو؛ يدافع عن كاتدرائية نوتردام! علم الأحدب أن الباب لن يصمد طويلًا.ضرب المتشردون الباب مرة أخرى، وسمعوا ضجة مدوية خلفهم. «؟ ماذا كان ذلك » : صرخ أحدهم «! إنه مزيد من السحر » : صاح آخر «! هيا بنا! لا يستحق الأمر التضحية بحياتنا » – دوت انفجارات عنيفة من السقف، وأضاءت كل التماثيل الموجودة بجانب الكنيسة، فجعلتها تبدو كما لو كانت حية. كان كوازيمودو يشعل مفرقعات نارية! «؟ ماذا حدث للجميع؟ أين ذهبوا » : سأل كلوبان وهو ينظر حوله «! روعهم السحر، ففروا » : أجابه أحد المتشردين أين بيير؟ هل فر هو أيضًا، ذلك الجبان؟ وماذا عن جيون؟ هل ذهب أيضًا؟ » – «؟ بالله عليكم يا رجال. ماذا سيحدث لإزميرالدا إن لم ننقذها كان قد عثر على «! لنستخدم هذا السلم » : سار جيون نحوهم حاملًا سُلمًا، وصاح خوذة معدنية غريبة، وارتداها على رأسه. «؟ ما الذي ستفعله بذلك » : سأله كلوبان سأستخدم » : أومأ كلوبان برأسه، فأردف جيون «؟ أترى تلك النافذة » : رد جيون «. السلم لأمر من خلالها إلى الداخل. ومن الرواق يمكنني الدخول إلى الكنيسة في غضون لحظات كان السلم قد وُضِع قبالة جدار الكاتدرائية، وبدأ جيون فيالصعود عليه ببطء. وما إن وصل إلى داخل البهو حتى ظهر كوازيمودو. تأوه الأحدبأثناء دفعه للسلم بعيدًا عن الحائط. وعندما سقط السلم على الأرضانكسر إلى نصفين،وما عاد صالحًا للاستخدام بعد ذلك. صار جيون بالداخل وحده مع كوازيمودو الذي أمسك به، وأحكم قبضته عليه، ثم أوثق تقييده. 73
قضى بيير ليلة مزعجة بحق، فعندما كان يحاول الوصول إلى المتشردين بالقرب منالكنيسة، سحبه أحد حراسالملك إلى داخل القاعة الكبرى حيث كان سير روبرت منتظرًا. «. ها هو أحد المتشردين الذين يهاجمون المدينة » : قال الحارس «؟ من أنت؟ وما الذي تفعله » : سأل سير روبرت أنا بيير جرينجوار، أعمل شاعرًا، وما هذا كله سوى خطأ » : نكس بيير رأسه، وقال «. كبير «! خذوه إلى السجن » : صاح سير روبرت وأخذ يشرح أنه مواطن باريسي شديد الإخلاص، «… كلا، انتظروا » : صرخ بيير وليس متشردًا على الإطلاق. آه، لقد عرفتك الآن. أنت الرجل الذي كتب المسرحية التي عُرضت » : قال سير روبرت «. أثناء مهرجان المهرجين. دعوه يذهب … إنه ليس واحدًا من مثيري الشغب عندما كان الحراس يلقون ببيير ثانية في الشارع وصل حارس آخر. قال ذلكسير روبرت، يهاجم الجمع كاتدرائية نوتردام. إنهم يحاولون إنقاذ الفتاة » : الحارس «. الغجرية استغرق سير روبرت دقيقة في التفكير، ثم أمر الجميع بالخروج لمقاتلة الجمع. «. احرصوا على أخذ حراس القائد فيبس معكم. إنهم الأفضل لدينا » : وأضاف هل » : سار بيير مترنحًا في الشارع حتى توقف أمام رجل يرتدي عباءة سوداء، فقال له «؟ هذا أنت، كلود فرولو «. متأخر كعادتك، يا بيير » – «. ليس الذنب ذنبي؛ ألقى حراس الملك القبض عليّ » – لا يهمني! ما كلمة السر للمتشردين؟ بدونها لن يسمحوا لي » : قال كلود فرولو «! بالاقتراب منهم. أخبرني بها الآن «. نعم، هذه هي « حريق صغير في الباستيل » … آه، آه، إنها … اممم » – حسنًا، سيسمحون لي الآن بالمرور. لقد أقاموا الحواجز بجميع الطرقات، أولئك » – «! المتشردون. لقد حصلت على مفتاح الأبراج التي ستقودنا إلى داخل الكنيسة. هيا بنا ومن ثم، أسرع الرجلان بالشارع في تجاه كاتدرائية نوتردام.
نظر كوازيمودو للخارج، ولاحظ ازدياد غضب الجمع. لم يعرف ما يجب عليه فعله، كانعلى وشك الاستسلام كليةً عندما رأى القائد فيبس ورجاله. دار قتال بين رفاق القائدوالمتشردين، لكن الجنود كانوا أقوى. كان مشهدًا مخيفًا. كانت الكنيسة وإزميرالدا فيأمان! لكن عندما ركضكوازيمودو بالرواق حتى وصل إلى غرفتها كانت فارغة؛ لم تكن إزميرالدا فيها!


الفصل السابع عشر لمّ شمل غير سعيد

لا تقلقي! هذا » : استفاقت إزميرالدا لتجد رجلين في غرفتها، فصرخت. قال أحد الرجلين «! أنا، بيير أنتِ في خطر؛ جاء الجمع لإنقاذك، وسوف يدمرون الكنيسة، وقد يلحق » : وأردف«. بك أذى «؟ من هذا الرجل الذي يصاحبك » : سألته وهي تلقي بشالها حول جسدها «! صديق فحسب، هيا » – نزل ثلاثتهم، ودجالي تصاحبهم، مسرعين على درجات سلم البرج، ثم خرجوا إلىفناء الكنيسة. عادوا عبر الأزقة حتى وصلوا إلى الماء حيث كان هناك قارب صغير في انتظارهم. لقد نجونا! » : وعندما بدءوا يجدفون مبتعدين، لم يستطع بيير كبح انفعاله، فقال أما الرجل الذي كان يرتدي العباءة، وهو في الواقع كلود فرولو، فلم ينطق. «! أنتِ بأمان نظرت إزميرالدا إليه، فأخافها عبوسه، وعباءته السوداء. لم تعرف أنه القِس. أخذيجدف دون أن ينبس ببنت شفة. أما بيير فكان يتحدث بسعادة أثناء تحرك القارب في النهر. ارتطم القارب عند وصوله إلى الشاطئ، ومد الرجل ذو العباءة يده لإزميرالداليساعدها في الخروج من القارب، لكنها لم تمسك بها. ثمة شيء بشأنه جعلها تشعر شعورًا قويٍّا بعدم الارتياح. كان بيير على الشاطئ بالفعل مع دجالي. لا يمكنني إنقاذ كليهما، ستكون بخير مع كلود فرولو. أما أنا، فسأمضي » : فكر بيير وهذا ما فعله بالفعل؛ أمسك دجالي من طوقها وفر بعيدًا. «. في طريقي
وعندما خرجت إزميرالدا من القارب، لاحظت أن دجالي وبيير قد اختفيا. كانتوحدها مع الرجل الغريب! ارتجفت عندما أمسك بيدها، وسحبها خلفه. سار الاثنان حتى وصلا إلى ميدان بلاس دي جريف. وقف الرجل أمام عمود التشهير، ورفع قلنسوة عباءته ليكشف عن وجهه، وقال:سيضعونك هنا إذا قبضوا عليك. سأترك لك الاختيار: إما أن تأتي معي وتكوني في » «. أمان، وسوف أحبك، أو أن تعاني الذل هنا لأيام «! كنت أعلم أنه أنت! أبدًا! لن أذهب معك أبدًا؛ فأنت رجل بشع » : صاحت إزميرالدا «. سأظل أحب فيبس دائمًا … فيبس وحده » : وصرخت في وجهه إذن، لن يمكنني مساعدتك بعد الآن. أيتها العجوز » : قال وهو يجري في ظلام الليل «! الشمطاء، ها هي الغجرية! فلتنالي ثأرك شعرت إزميرالدا بيد باردة تمسك بمعصمها، فأخذت تجذب يدها، لكن دون جدوى. «؟ ما الذي فعلته لكِ » : صاحت إزميرالدا «. خطف الغجر طفلتي، هذا ما فعلته لي » – «. لكنني لم أكن قد ولدت بعد حينها » : قالت إزميرالدا بلى، كنت قد ولدت بالفعل حينها. لكانت ابنتي تبلغ نفس عمرك الآن. خمسة » – «! عشر عامًا عانيت فيها، وصار الآن دورك أيتها الفتاة الملعونة أرجوكِ، دعيني أذهب. أرجوكِ، لست سوى فتاة يتيمة تبحث عن والديها. لا » – «. يختلف حالنا كثيرًا؛ أنتِ فقدتِ ابنتك، وأنا فقدت والدي ووالدتي اختطفتم » : قالت باكيت العجوز الشمطاء، وهي تخرج فردة حذاء صغيرة مطرزة «. طفلتي، ولم يبق لي من أثرها سوى هذا الحذاء وخلعت القلادة التي كانت ترتديها حول «… ماذا؟ لا يمكن أن » : قالت إزميرالدا عنقها، وفتحت الكيس الصغير. كان بداخله فردة الحذاء الأخرى! «! آنيس » : ثم شرعت في البكاء وهي تقول «؟ آنيس » : قالت السيدة العجوز «؟ أمي؟ أهذا أنت حقٍّا » : قالت إزميرالدا عانقت كلٌّ منهما الأخرى فترة طويلة من الوقت، ثم سمعتا فجأة ضجة مدوية. كان الجنود هم مصدر تلك الضوضاء. «. هيا سريعًا! يجب أن نختبئ، لسنا بأمان هنا في الميدان » : قالت باكيت اختبئي في الزاوية؛ فلن » : عادتا سريعًا إلى داخل ثقب الفئران المظلم. قالت باكيت «. يبحثوا عنك هناك
انحنت إزميرالدا، ونظرت باكيت من النافذة ذات القضبان. من هنا، أيها القائد فيبس! السيدة العجوز في ثقب الفئران؛ » : صاح أحد الجنود «! هذا ما قاله القِس، إنه هنا الزمي » : حاولت إزميرالدا الوقوف عندما سمعت اسمه، فقالت لها باكيت هامسةً «! مكانك بأسفل، وإلا سيعثرون عليكِ أيتها العجوز، نحن نبحث عن » : وصل الجنود إلى المكان على الفور، وقال أحدهم «؟ إحدى الغجريات. وقد وصلتنا أنباء بأنك تخفينها، أين هي «. لا أعلم، لقد فرت » – «؟ أي اتجاه سلكت، أيتها العجوز » – «. ركضت باتجاه النهر، أعتقد أنها ستحاول الهرب عبر النهر » – أسرع الجنود للبحث عن إزميرالدا عند ضفة النهر. «. صار الوضع آمنًا الآن » : همست باكيت نهضت إزميرالدا من جلستها عند الزاوية، ثم سمعت بالخارج صوتًا محببًا للغايةلقلبها حتى إنها خرجت راكضةً من ثقب الفئران قبل أن تتمكن باكيت من إيقافها. «! فيبس! تعال هنا رجاءً، يا فيبس » : أخذت تصيح لكن فيبس لم يسمع إزميرالدا وهي تناديه؛ فكان قد رحل بالفعل. لم يكن هناك سوى جندي واحد لا تعرفه. حاولت إزميرالدا الركض خلف فيبس. «. قفي عندك! قفي الآن، أيتها السجينة، وإلا سأضطر لإيذائك » : صاح الجندي ففرت إزميرالدا بأقصىسرعة ممكنة.


الفصل الثامن عشر كوازيمودو يصل بعد فوات الأوان

بعد أن وجد كوازيمودو غرفة إزميرالدا فارغة، هرع إلى خارج كاتدرائية نوتردام وعبرالطرقات ليعثر على إزميرالدا. ركض إلى ميدان بلاس دي جريف، لكنه وصل متأخرًاللغاية. فقد فارقت إزميرالدا الحياة. حملها الجندي على حصانه، لكنها تعاركت معه، وسقطت إزميرالدا لتلقى حتفها على حجارة الرصف. عرف كوازيمودو بداخله أن كلود فرولو هو المسئول، كل ما حدث كان بسببرئيس الشمامسة. عاد كوازيمودو مسرعًا إلى كاتدرائية نوتردام، لكنه كان متأخرًا ثانيةً.اختفت أغراض كلود فرولو، ولم يعد هناك شيء في غرفته، فعلم أن كلود فرولو قد فر خزيًا. أخذ كوازيمودو يبكي، ثم فر مسرعًا هو أيضًا في ظلام الليل. وإلى هذا اليوم لا يعلم أحد ما حدث لأحدب نوتردام..


تمت

اقسام المكتبة