المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكتاب: تهذيب اللغة


AshganMohamed
10-17-2019, 01:01 PM
http://www.shamela.ws
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة



الكتاب: تهذيب اللغة
المؤلف: محمد بن أحمد بن الأزهري الهروي، أبو منصور (المتوفى: 370هـ)
المحقق: محمد عوض مرعب
الناشر: دار إحياء التراث العربي - بيروت
الطبعة: الأولى، 2001م
عدد الأجزاء: 8.
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
{وَهُمْ مُّهْتَدُونَ وَمَا لِىَ لاَ أَعْبُدُ الَّذِى فَطَرَنِى} (يس: 22) .
قَالَ: وقولُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كلُّ مولودٍ يُولَد على الفِطرة) ، يَعْنِي الخِلْقة الَّتِي فُطِر عَلَيْهَا فِي الرَّحِم من سَعَادَة أَو شقاوةٍ، فَإِذا وَلَدَ يَهودِيَّان هوّدَاه فِي حُكم الدُّنْيَا، أَو نصرانِيّان نصّراه فِي الحكم، أَو مجوسِيان مَجَسَّاه فِي الحُكم، وَكَانَ حُكمه حكمَ أَبَوَيْهِ حتّى يُعَبّر عَنهُ لِسَانه، فَإِن مَاتَ قبل بُلُوغه مَاتَ على مَا سَبق لَهُ من الفِطرة الَّتِي فُطر عَلَيْهَا، فَهَذِهِ فِطرةُ الْمَوْلُود.
قَالَ: وفِطْرَةٌ ثَانِيَة: وَهِي الكلمةُ الَّتِي يصيرُ بهَا العبدُ مُسلما، وَهِي شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله، وَأَن مُحَمَّدًا رسولُه جَاءَ بالحقّ من عِنْد الله عزّ وَجل، فَتلك الفِطْرةُ: الدِّينُ.
وَالدَّلِيل على ذَلِك: حديثُ البَراء بن عازِب عَن النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه علّم رجلا أَن يَقُول إِذا نَام.
وَقَالَ: (فإنّك إِن مُتَّ من ليلتك مُتَّ على الفِطْرة) .
قَالَ: وَقَوله: {مِّن نَّاصِرِينَ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ} (الرّوم: 30) فَهَذِهِ فِطرة فُطر عَلَيْهَا الْمُؤمن.
قَالَ: وَقيل: فُطر كلُّ إِنْسَان على مَعْرفَته بِأَن الله ربُّ كلِّ شَيْء وخالقه، وَالله أعلم.
قَالَ: وَقد يُقَال: كلُّ مَوْلُود يُولَد على الفِطرة الَّتِي فَطر الله عَلَيْهَا بني آدم حِين أخرجَهم من صُلب آدم كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءَادَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} (الْأَعْرَاف: 172) ، الْآيَة.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: بَلغنِي عَن ابْن المبارَك أَنه سُئِلَ عَن تَأْوِيل هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: تَأْوِيله الحديثُ الآخرُ: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم سُئل عَن أَطْفَال الْمُشْركين فَقَالَ: (اللَّهُ أعلمُ بِمَا كَانُوا عاملين) يذهبُ إِلَى أَنهم إِنَّمَا يُولدون على مَا يَصِيرون إِلَيْهِ من إسلامٍ وَكفر.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَسَأَلت مُحَمَّد بنَ الحسَن عَن تَفْسِير هَذَا الحَدِيث فَقَالَ: كَانَ هَذَا فِي أوّل الْإِسْلَام قبل نزُول الْفَرَائِض. يذهب إِلَى أَنه لَو كَانَ يُولد على الفِطرة ثمَّ مَاتَ قبل أَن يهوِّده أبوَاه مَا وَرِثهما وَلَا وَرِثاه؛ لِأَنَّهُ مُسلم وهما كَافِرَانِ.
قلتُ: غَبا على مُحَمَّد بن الْحسن معنى الحَدِيث، فَذهب إِلَى أَن معنى قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة) .
حُكمٌ مِنْهُ عَلَيْهِ السَّلَام قبل نزُول الْفَرَائِض ثمَّ نسخ ذَلِك الحكم من بعدُ، وَلَيْسَ الْأَمر على مَا ذهب إِلَيْهِ، لِأَن معنى قَوْله: (كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة) خبرٌ أخبر بِهِ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن قضاءٍ سَبق من الله للمولود، وكتابٍ كتبه المَلَك بِأَمْر الله جلّ وعزّ لَهُ من سَعَادَة أَو شقاوة، والنّسخُ لَا يكون فِي الْأَخْبَار، إِنَّمَا النّسخ فِي الْأَحْكَام.
وقرأت بِخَط شَمِر فِي تَفْسِير هذَيْن الْحَدِيثين: أَن إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم الحَنْظَلِيّ
(13/223)
________________________________________
روَى حديثَ أبي هُرَيْرَة عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كل مَوْلُود يُولد على الْفطْرَة) الحَدِيث.
ثمَّ قَرَأَ أَبُو هُرَيْرَة بَعْدَمَا حدّث بِهَذَا الحَدِيث: {لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ} (الرّوم: 30) .
قَالَ إِسْحَاق: وَمعنى قولِ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم على مَا فَسّر أَبُو هُرَيْرَة حِين قَرَأَ: {لِلدِّينِ حَنِيفاً} ، وَقَوله: {النَّاسَ عَلَيْهَا لاَ تَبْدِيلَ} يَقُول لتِلْكَ الخِلقةِ الَّتي خلَقهم عَلَيْهَا إمّا لجنّةٍ أَو نارٍ حِين أخرَج من صُلب آدمَ كلَّ ذريةٍ هُوَ خالقُها إِلَى يَوْم الْقِيَامَة، فَقَالَ: هَؤُلَاءِ للجنة، وَهَؤُلَاء للنار، فَيَقُول كلّ مَوْلُود يُولد على تِلْكَ الفِطرة، أَلا تَرى غلامَ الخَضِر. قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (طَبَعه الله يومَ طَبَعه كَافِرًا وَهُوَ بَين أبويْن مُؤمنين، فَأعْلم الله الخضرَ بخِلقته الَّتِي خلقه عَلَيْهَا وَلم يعلم مُوسَى ذَلِك، فَأرَاهُ الله تِلْكَ الْآيَة لِيَزْدَادَ عِلماً إِلَى عِلمه) .
قَالَ: وَقَوله: (فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ وَيُنَصِّرَانِهِ) يَقُول: بالأبويْن يُبيَّن لكم مَا تحتاجون إِلَيْهِ فِي أحكامكم من الْمَوَارِيث وَغَيرهَا.
يَقُول: إِذا كَانَ الأبوان مُؤمنين فاحكموا لولدهما بِحكم الأبويْن فِي الصَّلَاة والمواريث وَالْأَحْكَام، وَإِن كَانَا كَافِرين فاحكموا لولدهما بِحكم الْكَافِر أَنْتُم فِي الْمَوَارِيث وَالصَّلَاة، وأمّا خِلْقته الَّتِي خُلق لَهَا فَلَا عِلم لكم بذلك.
أَلا تَرى أنّ ابْن عَبَّاس حِين كَتب إِلَيْهِ نَجْدةُ فِي قتْل صِبْيَان الْمُشْركين كتب إِلَيْهِ: إِن عَلمتَ من صبيانهم مَا عَلِم الخَضِرُ من الصّبيّ الَّذِي قَتَله فاقتلهم. أَرَادَ أَنه لَا يَعلم عِلم الخَضِر أَحَدٌ فِي ذَلِك، لمَا خَصّه الله بِهِ، كَمَا خصَّه بِأَمْر السَّفينة والْجِدار، وَكَانَ مُنْكَراً فِي الظَّاهِر، فعلّمه الله عِلم الْبَاطِن فحَكم بِإِرَادَة الله فِي ذَلِك.
قلت: وَكَذَلِكَ القَوْل فِي أَطْفَال قوم نوح الَّذين دَعَا على آبَائِهِم وعليْهم بالغَرق، إِنَّمَا استجاز الدّعاء عَلَيْهِم بذلك وهم أَطْفَال، لِأَن الله جلّ وعزّ أعلمهُ أَنهم لَا يُؤمنُونَ حَيْثُ قَالَ لَهُ: {أَنَّهُ لَن يُؤْمِنَ مِن قَوْمِكَ إِلاَّ مَن قَدْءَامَنَ} (هود: 36) ، فَأعلمهُ أَنهم فُطِروا على الْكفْر.
قلت: وَالَّذِي قَالَه إِسْحَاق هُوَ القَوْل الصَّحِيح الَّذِي دلّ عَلَيْهِ الْكتاب ثمَّ السُّنة.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ} (الرّوم: 30) منصوبٌ بِمَعْنى اتّبِع فِطرةَ الله؛ لِأَن معنى قَوْله: {مِّن نَّاصِرِينَ} (الرّوم: 30) ، اتّبِع الدِّين القَيِّم، اتّبِع فطرةَ الله، أَي: خِلقة الله الَّتِي خلَق عَلَيْهَا البَشَر.
قَالَ: وقولُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (كلُّ مولودٍ يُولد على الْفطْرَة) مَعْنَاهُ: أَن الله فَطَر الْخلق على الْإِيمَان بِهِ؛ على مَا جَاءَ فِي الحَدِيث: (أَن الله أخرج من صُلب آدم ذُريّةً كالذَّرِّ وأشهدهم على أنفسهم بِأَنَّهُ خالِقهُم) ، وَهُوَ قَول الله جلّ وعزّ: {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - ءَادَمَ} الْآيَة إِلَى قَوْله
(13/224)
________________________________________
تَعَالَى: {قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَآ} (الْأَعْرَاف: 172) .
قَالَ: فكلُّ مَوْلُود هُوَ من تِلْكَ الذُّرية الَّتِي شَهِدَت أَن الله خالقُها؛ فَمَعْنَى (فطْرَة الله) أَي: دين الله الَّتِي فطَر النَّاس عَلَيْهَا.
قلت: والقولُ مَا قَالَ إِسْحَاق بن إِبْرَاهِيم فِي تَفْسِير الْآيَة وَمعنى الحَدِيث، وَالله أعلم.
وَقَالَ اللَّيْث: فطَرْتُ العَجِين والطِّين: وَهُوَ أَن تَعْجِنَه ثمَّ تخبزه من سَاعَته. وَإِذا تركْتَه ليَختمِر فقد خمّرته، واسمُه الفَطِير.
قَالَ: وانفطر الثَّوب: إِذا انشقّ، وَكَذَلِكَ تفطّر. وتَفَطَّرت الأرضُ بالنبات: إِذا انصدعت. وفطَرتُ أصْبع فلَان، أَي: ضربتَها فانفطرت دَمًا.
وَقَالَ غَيره: الفَطِير من السِّيَاط: المُحَرّم الَّذِي لم يُجَد دباغه. وَسيف فُطَار: فِيهِ شقوق؛ وَقَالَ عنترة:
وسَيْفي كالعَقِيقة وَهِي كِمْعِي
سلاحي لَا أفَلَّ وَلَا فُطارَا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفُطَارِيُّ من الرِّجَال: الفَدْمُ الَّذِي لَا خير عِنْده وَلَا شَرّ؛ مأخوذٌ من السَّيْف الفُطَار الَّذِي لَا يقطع.
الحرانيُّ عَن ابْن السّكيت: الفَطْرُ: الشق، وَجمعه فُطُور. والفِطَّرُ: الِاسْم من الْإِفْطَار. والفِطْرُ: القومُ المُفْطِرون، يُقَال: هَؤُلَاءِ قوم فِطْرٌ.
طفر: قَالَ اللّيث: الطّفْرُ: وثبةٌ فِي ارْتِفَاع كَمَا يَطْفِرُ الْإِنْسَان حَائِطا، أَي: يَثِبُه إِلَى مَا وَرَاءه. قَالَ: وطَيْفُورٌ: طُوَيْئر صَغِير.
وَقَالَ غَيره: أطفر الرَّاكِب بَعيره إطفاراً: إِذا أَدخل قدميْه فِي رفْغَيْهَا: إِذا ركبهَا وَهُوَ عيْبٌ للراكب، وَذَلِكَ إِذا عدا الْبَعِير.
فرط: الحرانيُّ عَن ابْن السِّكيت: الفَرْطُ: أَن يُقَال: آتِيك فَرْطَ يومٍ أَو يَوْمَيْنِ، أَي: بعد يَوْم أَو يَوْمَيْنِ، وَأنْشد أَبُو عُبيد للَبِيد:
هَل النّفسُ إلاّ مُتعةٌ مستعارةٌ
تُعارُ فتأتي ربّها فَرْطَ أشْهُرِ
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: الفَرْطُ: أَن يَلقَى الرجل بعد أَيَّام، يُقَال: إِنَّمَا أَلْقَاهُ فِي الفَرْط.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الفَرْطُ: الَّذِي يتقدَّم الواردةَ فيهيِّىء الدِّلاء والرِّشاء، ويَمْدُرُ الحوْضَ ويَسقي فِيهِ.
يُقَال: رجل فَرَط، وقومٌ فَرَط. وَمِنْه قيل للطّفل الْمَيِّت: اللهُمّ اجْعَلْهُ لنا فَرَطاً، أَي: أجرا يتقدّمُنا حَتَّى نَرِد عَلَيْهِ.
وَمِنْه حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنا فَرَطُكم على الْحَوْض) . وَيُقَال: رجل فارطٌ وقومٌ فُرّاط.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الفارِطُ والفَرَطُ: المتقدِّمُ فِي طلب المَاء، يُقَال: فَرَطت الْقَوْم، وَأَنا أفْرُطهم فُروطاً: إِذا تقدمتَهم، وَأنْشد:
(13/225)
________________________________________
فأثار فارِطهم غَطَاطاً جُثّماً
أصواتها كتراطُنِ الفُرْس
قَالَ: وفَرّطْتُ غَيْرِي: قدّمْتُه. وأَفرطتُ السِّقاء: ملأته. وأنشدني:
ذَلِك بَزِّي فَلَنْ أُفَرِّطَه
أخافُ أَن يُنْجِزوا الَّذِي وَعدُوا
قَالَ: يَقُول: لَا أُخَلِّفه فأتقدّم عَنهُ.
قَالَ أَبُو عُبَيد: وَقَالَ غَيره: فرَّطْت فِي الشَّيْء: ضَيّعته. وأفْرَطْت فِي القَوْل، أَي: أكثرتُ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {تَشْعُرُونَ أَن تَقُولَ نَفْسٌ ياحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} (الزمر: 56) .
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي فِي قَوْله تَعَالَى: {وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ} (النَّحْل: 62) ، يُقَال: مَا أفرطت فِي الْقَوْم وَاحِدًا، أَي: مَا تركت.
وَقَالَ الْفراء: {وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ} قَالَ: منسيون فِي النَّار.
وَالْعرب تَقول: أفرطت مِنْهُم نَاسا، أَي: خَلّفْتهُم ونَسِيتُهم. قَالَ: وَيقْرَأ: (مُفْرِطون) يَقُول: كَانُوا مُفرِطين على أنفسهم فِي الذُّنُوب وَيقْرَأ: (مُفَرِّطُون) يَقُول: كَانُوا مُفَرِّطين كَقَوْلِه: {نَفْسٌ ياحَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطَتُ فِى جَنبِ} (الزمر: 56) يَقُول: فِيمَا تركتُ وضيَّعت.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: الماءُ بَينهم فُرَاطة، أَي: مُسابقة.
قَالَ شمر: وسمعتُ أعرابيّةً فصيحةً تَقول: افترطتُ ابْنَيْنِ.
قَالَ: وافترط فلانٌ فَرَطاً لَهُ، أَي: أَوْلَادًا لم يبلغُوا الْحلم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الفَرَطُ: العجلة، يُقَال: فَرَط يَفْرُط.
ورُوِيَ عَن سعيد بن جُبير فِي قَوْله: {وَأَنَّهُمْ مُّفْرَطُونَ} قَالَ: منسيُّون مضيَّعون.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وَعز: {إِنَّنَا نَخَافُ أَن يَفْرُطَ عَلَيْنَآ} (طه: 45) ، قَالَ: يَعْجَل إِلَى عقوبتنا.
والعربُ تَقول: فرط مِنْهُ أمرٌ، أَي: بَدَرَ وسَبَق: إِذا أسرف. وفَرَط: تَوانى ونَسِيَ. وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} (الْكَهْف: 28) ، أَي: متروكاً ترك فِيهِ الطَّاعَة وغَفَل عَنْهَا.
وَقَالَ أَبُو الهيْثم: أمرهُ فُرُطٌ، أَي: مُتهاوَنٌ بِهِ مضيَّعٌ.
وَقَالَ الزّجاج: {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} ، أَي: كَانَ أمره التَّفريطَ، وَهُوَ تَقْدِيم الْعَجز.
وَقَالَ غَيره: {وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا} ، أَي: نَدَماً، وَيُقَال: سَرفًا.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الفُرُطُ: الفرسُ السريعة، وَقَالَ لبيد:
وَلَقَد حَمَيْتُ الحَيّ تحمل شِكّتِي
فُرُطٌ وِشاحِي إذْ غَدوْتُ لجَامُها
قَالَ: والفَرْطُ أَيْضا: الجبلُ الصَّغِير، وَقَالَ وَعْلَةُ الجَرْمِيّ:
وَهل سمَوْتُ بجَرّار لَهُ لَجَبٌ
جَمِّ الصَّواهل بَين السَّهْل والفُرُط
(13/226)
________________________________________
وَجمع الفُرُطِ أفراط، وَهِي آكامٌ شَبيهاتٌ بالجبال. وَيُقَال: فرطت الرجل: إِذا أمهلتَه. وفَرَطت الْبِئْر: إِذا تركتَها حَتَّى يَثُوب مَاؤُهَا، قَالَ ذَلِك شمر، وَأنْشد فِي صفة بِئْر:
وهْيَ إِذا مَا فُرِطت عَقْدَ الوَذَمْ
ذاتُ عِقَابٍ هَمشٍ وذاتُ طَمّ
يَقُول: إِذا أُجِمَّت هَذِه الْبِئْر قدرَ مَا يُعْقد وذمُ الدَّلو ثابتْ بِمَاء كثير، والعِقَابُ: مَا يثوب لَهَا من المَاء، جمعُ عَقَب. وَأما قَول عَمْرو بن مَعْدي كَرب:
أَطلْت فِراطَهُم حَتَّى إِذا مَا
قتَلْتُ سَراتَهم كَانَت قَطاطِ
أَي: أطلتُ إمهالهم والتأنّي بهم إِلَى أَن قتلتُهم.
وَقَالَ اللَّيْث: أفراطُ الصَّبّاح: أوّلُ تباشيره، الْوَاحِد فُرْط؛ وَأنْشد لرُؤبة:
باكرتُه قبلَ الغَطَاط اللُّغَّطِ
وقبلَ أفراط الصّباح الفُرَّطِ
قَالَ: والإفراط: إعجال الشَّيْء فِي الْأَمر قبل التثبُّت؛ يُقَال: أفرط فلَان فِي أمره، أَي: عَجِل فِيهِ. والفَرَطُ: الأمرُ الَّذِي يُفرِّط فِيهِ صاحبُه، أَي: يضيّع. وكلُّ شَيْء جَاوز قدْرَه فَهُوَ مُفْرِط؛ يُقَال: طولٌ مُفْرِط، وقِصَرٌ مُفْرِط وفلانٌ تفارطته الهموم، أَي: لَا تصيبه الهمومُ إلاّ فِي الفَرْط. وَقَالَ غَيره: هَذَا مَاء فُراطة بَين بني فلَان وَبني فلَان، وَمَعْنَاهُ: أيّهم سَبق إِلَيْهِ سَقَى وَلم يزاحمه الْآخرُونَ.
ابْن السّكيت: افترط فلانٌ أَوْلَادًا، أَي: قدّمهم.
وَقَالَ أَبُو سَعِيد: فلَان مُفترِط السِّجَال فِي العُلا، أَي: لَهُ فِيهِ قُدْمة، وَأنْشد:
مَا زلتُ مفترِطَ السّجال إِلَى العُلا
فِي حَوْض أبلجَ تَمْدُر التّرنُوقَا
ومَفارطُ الْبَلَد: أَطْرَافه. وَقَالَ أَبُو زبَيْد:
وسَمَوْا بالمَطِيِّ والذُّبَّلِ الصُّ
مِّ لعَمْيَاء فِي مَفارِط بِيدِ
وَفُلَان ذُو فُرْطة فِي الْبِلَاد: إِذا كَانَ صاحبَ أسفار كَثِيرَة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: ألفَاه وصَادَفَهُ وفارَطَه وفالطه ولاقطه، كُله بِمَعْنى وَاحِد. قَالَ: والفَرْطُ اليومُ بَين الْيَوْمَيْنِ. والفَرَط: العجلة، يُقَال: فَرَط يَفْرُط. والإفراطُ: الزِّيَادَة على مَا أمرت. والإفراطُ: أَن تبْعَث رَسُولا مجرّداً خاصّاً فِي حوائجك.
وَقَالَ بعض الْأَعْرَاب: فلانٌ لَا يُفْتَرط إحسانه وبِرُّهُ، أَي: لَا يُفْتَرص وَلَا يخَاف فوْته.
ط ر ب
طرب طبر رطب ربط برط بطر: مستعملات.
طرب: قَالَ اللَّيْث: الطَّربُ: الشوق. والطَّربُ: ذهَاب الْحزن وحلول الْفَرح.
(13/227)
________________________________________
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الطَّربُ: خفّةٌ يجدهَا الرجلُ لشوقٍ أَو فَرح أَو هَمّ، وَقَالَ النَّابِغَة الجَعْدِيّ فِي الهَمّ:
وَأرَانِي طرِباً فِي أَثَرهم
طَربَ الواله أَو كالمُخْتَبَلْ
وَيُقَال: طَرّب فلانٌ فِي عنائه تطريباً: إِذا رَجّع صوتَه وزيّنه، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
كَمَا طرّب الطائرُ المُسْتَحر
إِذا رجّع صَوته وَقت السحر.
وَقَالَ اللَّيْث: الأطرابُ: نقاوة الرّياحين وأذكاؤها.
وَقَالَ غَيره: واستطرب الحدأة الإبلَ: إِذا خفت فِي سَيرهَا من أجل حدأتهم، وَقَالَ الطِّرِمّاح:
واستطْرَبت ظُعْنهمُ لمّا احْزَألّ بهمْ
آلُ الضُّحى ناشطاً من داعِيات دَدِ
يَقُول: حملهمْ على الطَّرَب شوقٌ نَازع. وَقيل: أَرَادَ بالناشط غناء الْحَادِي.
أَبُو عُبَيد: المَطارِبُ: طرقٌ ضيّقة واحدتها مَطْرَبة؛ وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
ومَتْلَفٍ مثلِ فَرْق الرَّأْس تَخْجِلُه
مَطارِبٌ زَقَبٌ أميَالُها فِيحُ
وَقَالَ اللّيث: الطَّرْطُبُّ الْبَاء مثقلة: الثَّدْيُ الضخمُ المسترخِي؛ يُقَال: أخزى الله طُرْطُبَّيْها. قَالَ: وَمِنْهُم من يَقُول طُرْطُبّة للواحدة فِيمَن يؤنث الثدي.
أَبُو عُبَيد عَن أبي زيد: طَرْطَبْتُ بالغنم طَرْطَبة: إِذا دعوتَها. والطرطبة بالشفتين؛ قَالَ ابْن حَبْناء:
فَإِن استَك الكَوْماء عَيْبٌ وعورةٌ
يُطَرْطبُ فِيهَا ضاغطانِ وناكثُ
وإبلٌ طِرَابٌ: إِذا طَرِبتْ لحُداتها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَطْرَبُ والمَقْرَب: الطَّرِيق الْوَاضِح.
طبر: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: طَبَرَ الرجلُ: إِذا قَفَز. وطَبر: إِذا اختَبَأ.
أَبُو الحَسن اللَّحياني: وَقَع فلانٌ فِي بَنَات طَبَارٍ وطَمار: إِذا وَقع فِي داهية.
ابْن الأعرابيّ قَالَ: من غَرِيب شجر الضَّرِف الطبّارُ وَهُوَ على صُورَة التِّين إِلَّا أَنه أَرقّ.
بطر: قَالَ الله عز وَجل: {لاَ يَعْلَمُونَ وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الْوَارِثِينَ} (الْقَصَص: 58) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: نصب معيشتها. قَالَ: والبَطَرُ: الطُّغيان فِي النِّعْمَة.
وروى الْفراء عَن الْكسَائي أَنه قَالَ: يُقَال: رَشِدْتَ أمرَك، وبَطِرْتَ عيْشَك، وغَنيْتَ رأْيكَ.
قَالَ: أوقعت الْعَرَب هَذِه الْأَفْعَال على هَذِه المعارف الَّتِي خرجت مفسّرةً لتحويل الْفِعْل عَنْهَا وَهُوَ لَهَا، وَإِنَّمَا الْمَعْنى: بَطِرت معيشتُها وَكَذَلِكَ أخواتها.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: بَطِر الرّجلُ وبَهِت بِمَعْنى وَاحِد.
(13/228)
________________________________________
وَقَالَ اللَّيْث: البَطَرُ كالحَيْرة والدَّهَش. والبَطَرُ: كالأشَر وغَمْط النِّعْمَة.
وَيُقَال: لَا يُبْطِرنّ جهْلُ فلانٍ حلْمكَ، أَي: لَا يُدْهشك. قَالَ: ورجلٌ بطريرٌ، وَامْرَأَة بطريرة، وأكثرُ مَا يُقَال للْمَرْأَة.
وَقَالَ أَبُو الدُّقَيْش: إِذا بَطِرت وتمادَت فِي الغَيّ.
وَيُقَال للبعير القَطُوف إِذا جارَى بَعِيرًا وسَاعَ الْخَطْو فقصُرت خُطاه عَن مباراته قد أبطره ذَرعَه، أَي: حمّله على أَكثر من طَوْقه. والهُبَعَ إِذا ماشى الرُّبَعَ أبطرَه ذَرْعَه فهَبع، أَي: اسْتَعَانَ بعُنُقه ليَلْحَقه.
وَيُقَال لكلّ من أرهق إنْسَانا فحمّله مَا لَا يطيقه: قد أَبطره ذَرْعَه.
شَمر: يُقَال للبَيْطار: مُبَيْطِر وبِيَطر.
وَقَالَ الطرماح:
كبَزْغ البَيْطرِ الثقْفِ رَهْصَ الكَوادن
قَالَ: وَقَالَ سَلمَة بن عَاصِم: البِيَطْرُ: الخَياط فِي قَول الراجز:
باتتْ تَجِيبُ أدْعَج الظّلام
جَيْبَ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمَامِ
قَالَ شَمِر: صيَّرَ البيطار خيّاطاً كَمَا صَيّروا الرجلَ الحاذِقَ إسكافاً.
وَقَالَ غيرُه: البَطْرُ: الشقُّ وَبِه سُمّيَ البَيْطار بَيْطاراً.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ يُبيطر الدوابَّ، أَي: يعالجها.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: ذهب دَمه خَضِراً مَضراً، وَذهب بِطْراً، أَي: هدَراً.
وَقَالَ أَبُو سعيد: أَصله أَن يكون طُلاّبه حُرّاصاً باقتدار وبَطَر فيحرموا إِدْرَاك الثّأر.
وَفِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (الكِبْرُ بطرُ الحقّ وغمضُ النَّاس) ، وبَطرُ الحقِّ: أَلا يرَاهُ حقّاً، ويتكبّر عَن قبُوله، من قَوْلهم: بَطِر فلانٌ هِدْيَة أمرِه: إِذا لم يهتد لَهُ، وجهله وَلم يقبله. والبَطَرُ: الطغيان عِنْد النّعمة؛ وعَلى هَذَا بطرُ الحقّ: أَن يطغى عِنْد الْحق؛ أَي: يتكبر عِنْد قبُوله.
وَقَالَ الْكسَائي: ذهب دمُه بطراً: إِذا ذهب بَاطِلا، وعَلى هَذَا الْمَعْنى: بطرُ الحقِّ أَن يرَاهُ بَاطِلا.
وَيُقَال: بطر فلَان: إِذا تحيّر ودَهِش، وعَلى هَذَا الْمَعْنى: أَن يتحيّر فِي الْحق فَلَا يرَاهُ حقّاً.
ربط: حَدثنَا عبدُ الله بنُ مُحَمَّد بن هاجك قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن مُحَمَّد بن حجر عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر قَالَ: أَنبأَنَا الْعَلَاء بن عبد الرَّحْمَن عَن أَبِيه عَن أبي هُرَيْرَة أنّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أَلا أدلُّكم على مَا يمْحُو اللَّهُ بِهِ الْخَطَايَا وترفع بِهِ الدَّرَجَات) قَالُوا: بلَى يَا رَسُول الله، قَالَ: (إسباغُ الْوضُوء على المكاره وكثرةُ الخُطَا إِلَى الْمَسَاجِد وانتظارُ الصَّلَاة بعدَ الصَّلَاة فذلكم الرِّباط) .
قلتُ: أَرَادَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بقوله: (فذلكم
(13/229)
________________________________________
الرِّبَاط) قولَ الله جلّ وَعز: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ} (آل عمرَان: 200) .
جَاءَ فِي تَفْسِير الْآيَة: ومصدر رابطت رِبَاطًا، واصبروا على دِينكم، وَصَابِرُوا عدوَّكم. ورابِطُوا، أَي: أقِيمُوا على جهاده بِالْحَرْبِ.
قلت: وأَصلُ الرِّباط من مُرابطة الْخَيل، أَي: ارتباطها بِإِزَاءِ العدوّ فِي بعض الثغور.
والعربُ تسمِّي الخيلَ إِذا رُبطت بالأفنِية وعُلِفت: رُبُطاً، وَاحِدهَا رَبيط، وَتجمع الرَّبُطُ رِباطاً، وَهُوَ جمع الْجمع.
قَالَ الله تَعَالَى: {وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدْوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ} (الْأَنْفَال: 60) .
وَقَالَ الفَرّاء فِي قَول الله جلّ وَعز: {وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ} . قَالَ: يُرِيد الإناثَ من الْخَيل.
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّباطُ: مرابطةُ الْعَدو، وملازمةُ الثغْر، وَالرجل مُرابطِ.
قَالَ: والمُرَابطاتُ: جماعاتُ الْخُيُول الَّذين رابطُوا.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: الرابطُ الجأشِ: الَّذِي يَربُط نفسَه عَن الْفِرَار، يكفُّها لجرأته وشجاعته.
وَيُقَال: رَبط الله على قلبه بالصّبر.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الرابط: الراهب.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: إِذا بلغ الرُّطبُ اليُبْس فوُضع فِي الجِرار وصُبَّ عَلَيْهِ الماءُ فَذَلِك الرَّبيط؛ فَإِن صُبّ عَلَيْهِ الدِّبس فَهُوَ المُصفَّر.
رطب: قَالَ الليثُ: الرُّطبُ الْوَاحِدَة رُطبة، وَهُوَ النَّضيج من البُسْر قبل إثماره. وَقد أرطبتِ النخلةُ، وأرطَب القومُ: أرطب نخلُهم، فهم مرطبون. ورَطبتُ القومَ، أَي: أطعمتُهم الرُّطب.
والرُّطْبُ: الرِّعْيُ الْأَخْضَر من بقول الرّبيع، اسمٌ جَامع. وأرضٌ مرْطبة، أَي: مُعشبة؛ ذاتُ رطب وعشب. وَالرّطب: المبتلُّ بالماءِ. والرَّطْبُ: الناعم. وجاريةٌ رَطبةٌ: رَخْصةٌ ناعمةٌ.
والرَّطْبةُ: رَوْضةُ الفِسْفِسة مَا دَامَت خضراء، والجميع الرِّطاب.
وَيُقَال: رَطُب الشَّيْء يَرْطُب رُطوبةً ورَطابةً.
وَيُقَال للغلام الَّذِي فِيهِ لين النِّسَاء ورَخاوتُهن: إِنَّه لَرَطب. وَالرّطب: كلُّ عود رَطب، هُوَ جمعُ رَطْب.
وَمِنْه قَول ذِي الرمة:
بأجةٍ نشَّ عَنْهَا الماءُ والرُّطْب
أَرَادَ هَيْجَ كل عودٍ رَطْب أَيَّام الرّبيع، والرُّطْبُ جمعُ الرَّطب. أَرَادَ: ذَوَى كلُّ عود رَطْب فهاج. وَيُقَال: رَطّب فلَان ثَوْبه: إِذا بلّه.
(13/230)
________________________________________
برط: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: بَرط الرجلُ: إِذا اشْتغل عَن الحقّ باللهْو.
قلت: هَذَا حرفٌ لم أسمعهُ لغيره.
ط ر م
طرم طمر مرط مطر رطم رمط: مُسْتَعْمل.
طرم: قَالَ اللّيث: الطِّرْمُ فِي قَول: الشَّهْدُ. وَفِي قَول: الزُّبد، وَأنْشد:
ومنهنَّ مثلُ الشّهْد قد شِيبَ بالطِّرْمِ
قلت: الصوابُ:
ومنهنّ مثلُ الزُّبد قد شِيبَ بالطِّرم
وَقَالَ اللَّيْث: الطِّرْيمُ: اسمٌ للسحاب الكثيف، قَالَ رُؤبة:
فِي مُكْفَهِرّ الطّرْيم الطَّرنبث
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: يُقَال للنَّحل إِذا مَلأ أبنيته من الْعَسَل: قد خَتَم، فَإِذا سَوَّى عَلَيْهِ قيل: قد طَرِم، وَلذَلِك قيل للشَّهْد: طَرِم.
قَالَ: والطَّرَم: سَيَلانُ الطِّرْم من الخلِيّة، وَهُوَ الشّهد.
وَقَالَ اللَّيْث: والطُّرْمُ: اسْم الكانون.
قلت: وَغَيره يَقُول: هِيَ الطُّرْمة.
قَالَ اللَّيْث: الطرمة: نُتوء فِي وسط الشَّفة الْعليا، والتُّرْفَةُ فِي السُّفْلى، فَإِذا جمعُوا قَالُوا: طُرْمَتيْن لتغلب الطُّرْمة على التُّرْفة. قَالَ: والطّارِمةُ: بَيت كالقُبّة من خشب، وَهِي أَعْجَمِيَّة.
رطم: قَالَ الليثُ: رَطَمتُ الشَّيْء رَطماً فِي الوَحل فارتطم فِيهِ، وَكَذَلِكَ ارتَطم فلانٌ فِي أمْرٍ لَا مخرجَ لَهُ مِنْهُ إلاّ بغمّة لَزِمته.
قَالَ: والرَّطُومُ من نعت النِّسَاء: الواسعة.
قلت: هَذَا غلط. روى أَبُو الْعَبَّاس عَن عَمْرو عَن أَبِيه، قَالَ: الرَّطُومُ: الضيِّقةُ الحَياء من النوق، وَهِي من لِنسَاء الرّتقاء، ومِنَ الدَّجَاج الْبَيْضَاء. قلت: والرَّطوم كَمَا قَالَ أَبُو عَمْرو.
وَقَالَ شَمِر مِمَّا قَرَأت بِخَطِّهِ: أرْطَم الرجل وطرْسم واشتبا واضْلَخَمّ واخْرَنْبقّ وضَمر. وأَضّ وأخْذَم، كلُّه إِذا سكت. وَقَالَ غَيره: رَطم الرّجلُ جاريتَه رَطماً: إِذا جَامعهَا فَأدْخل ذَكره كلَّه فِيهَا.
مطر: قَالَ اللَّيْث: المَطْرُ: المَاء المنسكبُ مِنَ السَّحَاب. والمَطْرُ فعلُه وَهُوَ فِي الشّعْر أحسن. والمَطْرَةُ الْوَاحِدَة. ويومٌ مطيرٌ: ماطِرٌ. ووادٍ مطيرٌ، أَي: مَمْطُور. وَقد مَطَرَتنا السَّمَاء، وأَمطرتنا، وَهُوَ أقبحهما. وأمطرهم الله مَطْراً أَو عذَاباً. وَقَالَ غَيره: وادٍ مَطِرٌ بِغَيْر يَاء: إِذا كَانَ مَمْطُوراً.
وَمِنْه قَوْله:
فوادٍ خِطاءٌ ووادٍ مَطِرْ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجلٌ مَمْطُورٌ: إِذا كَانَ كثيرَ السِّوَاك، طيّبُ النّكْهة. وامرأَةٌ مَطِرةٌ: كثيرةُ السِّوَاك عَطِرَةٌ، طيّبَةُ الْجِرْم وَإِن لَمْ تَتَطَيّب.
قَالَ: وَيُقَال: مَزَرَ فلَان قِرْبَته ومَطَرَها: إِذا
(13/231)
________________________________________
ملأَها؛ رَوَاهُ أَبُو تُرَاب عَنهُ.
وَحكي عَن مبتكر الْكلابِي: كلّمتُ فلَانا فَأمْطر واستمطر: إِذا أَطرقَ؛ يُقَال: مَا لَك مُسْتَمْطِراً، أَي: ساكِتاً.
وقا اللَّيْث: رجل مُسْتَمْطِر: طالبُ خيرٍ من إِنْسَان ورجلٌ مُسْتَمْطَرٌ: إِذا كَانَ مُخِيلاً للخير، وَأنْشد:
وصاحبٍ قلتُ لَهُ صالحٍ
إِنَّك للخير لَمُسْتَمْطَرُ
قَالَ: ومكانٌ مُسْتَمْطِرٌ: قد احْتَاجَ إِلَى الْمَطَر وَإِن لم يُمْطَر، وَقَالَ خُفَاف بن نُدْبة:
لم يَكْسُ من ورَق مُسْتَمْطِرٍ عوداً
وَقَالَ غَيره: جَاءَت الْخَيل مُتَمَطَّرَة، أَي: مسرعةً يسابق بعضُها بَعْضًا، وَقَالَ رُؤبة:
والطَّيْرُ تهوِي فِي السَّماء مُطَّراً
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي قَالَ: مَطَر الرجل فِي الأَرْض مُطُوراً، وقَطَرَ قُطُوراً: إِذا ذهبَ فِي الأَرْض. وَقَالَ غَيره: تَمَطَّر بِهَذَا الْمَعْنى، وَأنْشد:
كأَنهن وَقد صَدَّرْنَ مِنْ عَرَقٍ
سِيدٌ تَمَطَّر جُنْحَ اللَّيْل مَبْلولُ
تَمَطَّر، أَي: تسرع فِي عَدْوِهِ. وَقيل: تَمَطَّر، أَي: بَرَزَ للمطر وبَرْده.
شَمِر: قَالَ ابْن شُميل: مِنْ دُعاء صبيان الْعَرَب إِذا رَأَوْا خالاً للمطر: مُطَّيْرَى. وَيُقَال: نزل فلَان بالمُسْتَمْطِر، أَي: فِي بَراز من الأَرْض مُنْكَشف. وَقَالَ الشَّاعِر:
وَيَحِلّ أَحْيَاءٌ وَرَاء بُيُوتنا
حَذَرَ الصّبَاح وَنَحْنُ بالمُسْتَمْطَر
وَقيل: أَرَادَ بالمستمطَر: مَهْوَى الغارات ومُخْتَرقَها. وَيُقَال: لَا تَسْتَمْطر للخيل، أَي: لَا تَعْرِض لَهَا. سَلمَة عَن الْفراء: إِن تِلْكَ الفَعلة من فلَان مَطِرَة، أَي: عادَة بِكَسْر الطَّاء.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: مَا زَالَ على مَطْرَةٍ وَاحِدَة، ومِطِرَّة وَاحِدَة وقَطَرٍ وَاحِد إِذا كَانَ على رَأْي وَاحِد لَا يُفَارِقهُ. قَالَ: والمَطَرَةُ: القِرْبَةُ، مسموعٌ من الْعَرَب. ومَطار: موضعٌ بَين الدّهنا والسَّمان. والماطِرون مَوضِع آخر وَمِنْه قَوْله:
وَلها بالماطِرُون إِذا
أكل النّملُ الّذي قد جَمَعا
طمر: قَالَ اللَّيْث: طَمَرَ فلانٌ نَفسه أَو شَيْئا: إِذا خَبَأَه حَيْثُ لَا يُدْرَى. قَالَ: وَالْمَطْمُورَةُ: حُفرةٌ أَوْ مكانٌ تَحت الأَرْض قد هُيِّىءَ خَفِيّاً، يُطْمَرُ فِيهِ طعامٌ أَو مالٌ. قَالَ: والطُّمُورُ: شبهُ الوُثُوب فِي السَّماء، وَقَالَ الْهُذلِيّ:
فَزِعاً لِوَقْعَتِهَا طُمُورَ الأَخْيلِ
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: طَمَرَ: إِذا عَلا. وطَمَرَ: إِذا سَفَلَ. قَالَ: وطَمر: إِذا تغيَّب واسْتخفى. وسمِعْتُ عُقَيْلِيّاً يَقُول لِفَحْل ضرب نَاقَة: قد طَمَرَها، وَإنَّهُ لكثيرُ الطُّمُور. وَكَذَلِكَ الرجل إِذا وُصِفَ بِكَثْرَة الْجِمَاع. يُقَال: إِنَّه لكثيرُ الطُّمُورِ. وَقَالَ
(13/232)
________________________________________
ابْن الْأَعرَابِي: الْمَطْمُور: العالي. والمَطْمُورُ: الأَسْفَلُ. قَالَ: والطُّمَّرُ وَالطِّمَّوْرُ: الأصلُ، يُقَال لأَرُدّنّه إِلَى طُمره، أَي: إِلَى أَصله. قَالَ: والطَّوَامرُ: البراغيثُ، يُقَال: هُوَ طَامرُ بن طامر للبَرغوث. وَجَاء فلانٌ على مِطمار أَبِيه: إِذا جَاءَ يُشْبهه فِي خَلقِه وأخْلاقه، وَقَالَ أَبُو وَجْزَة يمدح رجلا:
يَسْعَى مَسَاعِيَ آباءٍ لَهُ سَلَفَتْ
مِنْ آلِ قَيْن عَلَى مِطْمارِهِمْ طَمَرُوا
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: انْصَبَّ عَلَيْهِم فلانٌ من طَمَارِ، وَهُوَ المكانُ العالي، وَأنْشد:
فَإن كُنْت لَا تَدْرِينَ مَا الْموْتُ فَانظُرِي
إلَى هانىء فِي السُّوقِ وَابْنِ عَقِيلِ
إِلى بَطَلٍ قد عَفَّرَ السَّيْفُ وَجْهَه
وآخَر يَهْوِي مِنْ طَمارِ قَتيلِ
قَالَ أَبُو عبيد: يُنْشَد: من طَمَارَ وَمن طَمارِ مُجْرَى وَغير مُجْرَى.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الطمْرُورُ: الشِّقْراق.
وَقَالَ اللَّيْث: الطُّمْرُورُ: نعتُ الْفرس الجَواد.
أَبُو عُبيد عَن أبي عُبيدة: الطمْرُ من الْخَيل: المُشمر الْخَلْق. وَيُقَال: المسْتَعِدُّ لِلْعَدْوِ.
أَبُو عبيد: الطِمْرُ: الثوبُ الخَلقُ، وَجمعه أطمار. وَفِي الحَدِيث: (رُبَّ ذِي طِمْرَيْن لَا يُؤْبَهُ لَهُ لَو أقْسَمَ على الله لأَبَرّه) ، يُرِيد: رُبَّ فَقير ذِي خَلَقَين أطاعَ الله حَتَّى لَو سَأَلَ الله وَدعَاهُ أَجَابَهُ.
قَالَ أَبُو عُبيد وَعَن الْأَصْمَعِي: المِطْمَرُ هُوَ الْخَيط الَّذِي يُقدِّرُ بِهِ البَنّاء يُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ التِسرْفال وَقَالَ أَبُو عُبيدة مثلُه.
وَقَالَ نَافِع بن أبي نُعيم: كنت أَقُول لِابْنِ دَأب إِذا حدَّث أقِم المِطْمَرَ، أَي: قَوِّم الحَدِيث ونَقِح ألفاظَه. وَيُقَال: وَقع فلَان فِي بَنات طَمَارِ: إِذا وَقع فِي بَلِيّة وشِدّة. والمطاميرُ: حُفَرٌ تُحْفر فِي الأَرْض يُوسَع أَسافلُها يُخبأ فِيهَا الحبوبُ.
رمط: قَالَ اللَّيْث: الرَّمْطُ مَجمع العُرْفُطِ وَنَحْوه من الشّجر كالغَيْضَة.
قلت: هَذَا تَصْحِيف، سَمِعت الْعَرَب تَقول للحَرْجةِ الملْتَفَّة من السِّدْر: غَيْضُ سِدْر، ورَهْطُ سِدْر. أَخْبرنِي الأيادي عَن شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: يُقَال: فَرشٌ من عُرْفُط، أَيْكَةٌ من آثل، ورَهْطٌ من عُشَر، وجَفْجَفٌ من رِمْث؛ وَهُوَ بِالْهَاءِ لَا غير، وَمن رَوَاهُ بِالْمِيم فقد صحّف.
مرط: قَالَ اللَّيْثُ: المَرْطُ: نَتفُك الرِّيشَ والشّعَر والصُّوفَ عَن الجَسد، تَقول: مَرَطْتُ شعرَه فانمرط. وَقد تمرّط الذّئبُ: إِذا سقط شعرُه وَبَقِي عَلَيْهِ شعرٌ قليلٌ، فَهُوَ أَمرط. وَرجل أمْرَطُ: لَا شعرَ على جَسَده وصدره إِلَّا قَلِيل، فَإِذا ذهب كلُّه فَهُوَ أَمْلَطُ. قَالَ: وسَهم أمرطُ: قد سقط عَنهُ
(13/233)
________________________________________
قُذَذه. قَالَ: وسَهم مرطٌ: لَا ريش عَلَيْهِ، والجميع أمراط، وَفِي حَدِيث عمر: أَنه قَالَ لأبي مَحْذُورةَ حِين سمع أذانَه: لقد خشيتُ أَن تَنشَقَّ مُرْبَطاؤكَ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: المُرْبطاء ممدودة، وَهِي مَا بَين السُّرة إِلَى العانَة، وَكَانَ الْأَحْمَر يَقُول: هِيَ مَقْصُورَة، وَكَانَ أَبُو عَمْرو يَقُول: تُمد وتُقصر.
قَالَ أَبُو عبيد: وَلَا أرى المحفُوظ من هَذَا إِلَّا قولَ الْأَصْمَعِي، وَهِي كلمة لَا يتكلَّم بهَا إِلَّا بِالتَّصْغِيرِ قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: نَاقَة مَرَطَى: وَهِي السَّريعة. وَقَالَ اللَّيْث: المُرُوطُ: سُرْعةُ المَشْيِ والعَدْو. وَيُقَال للخيل: هن يمرُطْنَ مُرُوطاً. وفرسٌ مَرَطَى.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: يُقَال: المُرُوطُ: أكسِيَةٌ من صُوف أَو خَزّ كَانَ يؤتَزر بهَا، واحدُها مِرْط. وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَانَ يُغَلّس بِالْفَجْرِ فَيَنْصَرِف النِّسَاء مُتَلَفّعَات بمُروطهن مَا يُعرَفْن من الغَلَس.
وروى أَبُو تُرَاب عَن مُدْرِك الْجَعْفَرِي: مَرَط فلَان فُلاناً: وهَرَدَه: إِذا أَذَاهُ.
وَقَالَ شَمِر: المُرَيْطاوان: جانبا عَانة الرَّجل اللَّتَان لَا شعرَ عَلَيْهَا، وَمِنْه قيل: شَجَرَة مَرْطاء: إِذا لم يكن عَلَيْهَا ورَق قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: المَرِيطُ من الْفرس مَا بَين الثُّنَّة وأمِّ القِرْدان من بَاطِن الرُّسْغ. وَالله أعلم.

(بَاب الطَّاء وَاللَّام)
ط ل ن
اسْتعْمل من وجوهه: (نطل) .
نطل: قَالَ اللَّيْث: الناطِلُ: مكيالٌ يُكال بِهِ اللّبن وَنَحْوه وَجمعه النَّواطل. قَالَ: وَإِذا أنْقَعْتَ الزَّبِيبَ فأولُ مَا يُرْفَع مِن عُصارته هُوَ السُّلاف، فَإِذا صُبَّ عَلَيْهِ المَاء ثَانِيَة فَهُوَ النَّطْل. وَقَالَ ابْن مقبل يصف الْخمر:
مِمَّا تُعَتَّق فِي الدِّنان كَأَنَّهَا
بشفاه ناطِلِه ذَبِيحُ غَزَال
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّأْطَلُ يُهْمز وَلَا يُهمز: القدَح الصَّغِير الَّذِي يَرَى الخمارُ فِيهِ النُّمُوذَج. وَأنْشد قَول أبي ذُؤيب:
فَلَو أَن مَا عندَ ابنِ بُجْرَة عِنْدهَا
من الخَمْر لم تَبْلُلُ لَهاتِي بنَاطِل
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: النَّياطِلُ: مَكاييلُ الْخمر، وَاحِدهَا نَأْطَل. وَبَعْضهمْ يَقُول ناطِل، بِكَسْر الطَّاء غير مَهْمُوز وَالْأول مَهْمُوز. قَالَ أَبُو عبيد: وَقَالَ الْأمَوِي: النَّيْطَل: الدَّلْو مَا كَانَ؛ فَأَنْشد:
ناهَبْتهم بِنَيْطَلٍ صَرُوف
وَقَالَ الفَرّاء: إِذا كَانَت الدَّلْو كَبِيرَة فَهِيَ النَّيْطَل.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي يَقُول: جَاءَ فلَان بالنِّئْطِل والضِّئبِل: وَهِي الداهية.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب يُقَال: انتطَل فلانٌ من الزِقِّ نَطلةً وامتَطلَ مطلة: إِذا اصْطَبَّ مِنْهُ
(13/234)
________________________________________
شَيْئا يَسِيرا. وَيُقَال: نَطَل فلانٌ نفسَه بِالْمَاءِ نَطْلاً: إِذا صبَّ عَلَيْهِ مِنْهُ شَيْئا بعد شَيْء يَتَعالَج بِهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّطْل: اللّيّن الْقَلِيل.
ط ل ف
لطف فلط طلف طِفْل: (مستعملة) .
لطف: اللَّطيفُ: اسْم من أَسمَاء الله الْعَظِيم، وَمَعْنَاهُ، وَالله أعلم: الرفيق بعباده.
عَمْرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: اللَّطيفُ: الَّذِي يُوصل إِلَيْك أَرَبك فِي رِفْق.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: لَطف فلَان لفُلَان يَلْطُف: إِذا رَفَق لُطْفاً. وَيُقَال: لَطَف الله لَك، أَي: أوْصل إِلَيْك مَا تُحِب برِفْق.
قَالَ: ولَطُف الشَّيْء يَلْطُف: إِذا صَغُر. قَالَ: وجاريةٌ لَطِيفةُ الخَصْر: إِذا كَانَت ضامرةَ البَطْن.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّطَفُ: البِرُّ والتَّكْرِمة. وَأم لَطِيفَة بِوَلَدِهَا تُلْطف إلطافاً. واللَّطَفُ أَيْضا: من طُرَف التُّحَف مَا ألْطَفْتَ بِهِ أَخَاك ليَعْرف بِهِ بِرَّك. وفلانٌ لَطِيفٌ بِهَذَا الْأَمر، أَي: رَفِيقٌ. قَالَ: واللَّطيف من الْكَلَام: مَا غَمُض مَعْنَاهُ وخَفِي.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: يُقَال للجمل إِذا لم يَسْتَرْشِد لطَرُوقته فَأدْخل الرَّاعي قَضِيْبَهُ فِي حَيائها قد أَخْلَطه إخْلاطاً، وألطفه إلطافاً وَهُوَ يُخْلطه ويُلْطفه. وَقد استخْلط الْجمل واسْتَلْطَف: إِذا فعل ذَلِك من تِلْقَاء نَفسه.
وَحكى ابْن الْأَعرَابِي عَن أبي صاعدة الْكلابِي: يُقَال: ألطفتُ الشَّيْء بجنبي، واستلطفته: إِذا أَلْصَقته، وَهُوَ ضد جافيته عني، وَأنْشد:
سوَيْتُ بهَا مستلطفاً دونَ رَيْطَتِي
ودُونَ رِدائي الجَرْدِ ذَا شُطَبٍ عَضْبا
طِفْل: الحَرّاني عَن ابْن السِّكيت: الطَّفْلُ: البَنانُ الرَّخْصُ، يُقَال: جاريةُ طَفْلَة إِذا كَانَت رَخْصةً. والطِفْلُ والطِفْلة: الصَّغيران.
وَقَالَ أَبُو الهَيْثم: الصَّبِيُّ يُدْعَى طِفْلاً حِين يسقُط من أمّهِ إِلَى أَن يَحْتلم، قَالَ الله جلّ وعزّ: {عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ} (غَافِر: 67) ، وَقَالَ: {أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُواْ عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَآءِ} (النُّور: 31) ، قَالَ: وَالْعرب تَقول: جاريةٌ طِفْلٌ وطِفْلَةٌ. وجاريتان طِفْلٌ، وجَوَارٍ طِفْلٌ وغلامٌ طِفْلٌ وَيُقَال: طِفْلٌ، وطِفْلَةٌ، وطِفْلانٌ، وأطفالُ، وطِفلتَان، وطِفْلاتٌ فِي الْقيَاس.
وَقَالَ اللَّيْث: غُلامٌ طَفْلٌ: إِذا كَانَ رَخْصَ الْقَدَمَيْنِ وَالْيَدَيْنِ. وَامْرَأَة طفلة البَنان رخْصَتهَا فِي بَيَاض، بيِّنةُ الطفولة. وَقد طَفُلَ طفالة أَيْضا.
قَالَ: والطِّفلُ: الصغيرُ من الْأَوْلَاد، للنّاس وَالدَّوَاب. وأَطفلت المرأةُ والظَّبْيَةُ والنَّعمُ: إِذا كَانَ مَعهَا ولد طِفْل؛ وَقَالَ لَبيد:
(13/235)
________________________________________
فعلاَ فُروعَ الأيْهفَانِ وأطفلتْ
بالْجَلْهَتَينِ ظباؤها ونعامُها
أَبُو عُبيد: ناقةٌ مُطفلٌ، ونوقٌ مطافلُ ومَطافيل: مَعهَا أولادُها.
وَفِي الحَدِيث: (سارَتْ قريشٌ بالعُوذ المطَافيل) ، فالعُوذ: الْإِبِل الَّتِي وضعت أَوْلَادهَا حَدِيثا. والمطافيل: الَّتِي مَعهَا أَوْلَادهَا.
وَقَالَ أَبُو ذُؤيب:
مطافيل أبكارٍ حديثٍ نتاجُها
يُشَابُ بِمَاء مثل مَاء المفاصل
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّفَلُ: طَفلُ الْغَدَاة وطَفَلُ العشيّ من لَدُن أَن تهمّ الشَّمْس بالذُّرور إِلَى أَن يستمكن الصّبْحُ من الأَرْض؛ يُقَال: طَفَلت الشمسُ، وَهِي تطفَل طفْلاً. وَقد يُقَال: طفّلت تطفيلاً: إِذا وَقع الطَفَلُ فِي الْهَوَاء وعَلى الأَرْض، وَذَلِكَ بالعَشيّ، وَأنْشد:
باكرتُهَا طفَلَ الْغَدَاة بغارةٍ
والمُبْتَغُون خِطارَ ذَاك قليلُ
وَقَالَ لَبيد:
وعَلى الأَرْض غَيايَاتُ الطَّفَل
وَقَالَ ابْن بُزُرج: يُقَال: أَتَيْته طفَلاً، أَي: مُمْسِياً وَذَلِكَ بَعْدَمَا تَدْنُو الشَّمْس للغروب. وأَتيته طَفلاً: وَذَلِكَ بعد طُلُوع الشَّمْس؛ أُخِذ من الطفْل الصَّغِير، وَأنْشد:
وَلَا مُتلافياً والشمسُ طِفلٌ
بِبَعْض نواشغ الوادِي حُمولا
قَالَ: وَقَالُوا جَارِيَة طِفلةٌ: إِذا كَانَت صَغِيرَة. وجاريةٌ طَفلةٌ: إِذا كَانَت رقيقةَ الْبشرَة ناعمةً.
وَيُقَال للنار ساعةَ تُقْدَح: طِفلٌ وطفلةٌ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الطَّفلَةُ: الجاريةُ الرَّخصة الناعمة؛ وَكَذَلِكَ البَنان الطَّفْلُ. والطِّفلةُ: الحديثة السِّنّ، والذَّكَرُ طِفْلٌ.
أَبُو عبيد: التّطفيلُ: السَّيْرُ الرويد، يُقَال: طفّلتُهَا تطفيلاً: يَعْنِي الْإِبِل. وَذَلِكَ إِذا كَانَ مَعهَا أَوْلَادهَا فَرَفَقْتَ بهَا ليَلْحَقها أولادُها. وأطفالُ الْحَوَائِج: صغارُها، وَاحِدهَا طِفْل، وَقَالَ زُهير:
لأرتحلَنْ بالفَجْر ثمَّ لأدأَبَنْ
إِلَى اللَّيْل إلاّ أَن يُعَرِّجَنِي طِفْلُ
يَعْنِي حَاجَة يسيرَة، مثل قَدْح نارٍ، أَو نزولٍ لبولٍ، وَمَا أشبهه.
وَقَالَ ابْن السكِّيت: فِي قَوْلهم فلانٌ طُفَيلِيّ للَّذي يدْخل المآدبَ وَلم يُدْع إِلَيْهَا هُوَ منسوبٌ إِلَى طُفيل، رجل من بني عبد الله ابْن غَطفَان من أهل الْكُوفَة، وَكَانَ يَأْتِي الولائمَ دون أَن يُدْعَى إِلَيْهَا، وَكَانَ يُقَال لَهُ: طُفيل الأعراس أَو العرائس، وَكَانَ يَقُول: ودِدْتُ أنَّ الْكُوفَة بِرْكَةٌ مُصَهْرَجة فَلَا يخفى عليّ مِنْهَا شَيْء.
قَالَ: وَالْعرب تسمي الطُّفَيلِيَّ: الرّاشِنَ والوارِش.
وَقَالَ اللَّيْث: التّطفيلُ من كَلَام أهل الْعرَاق، وَيُقَال: هُوَ يتطفّل فِي الأعراس.
(13/236)
________________________________________
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي طَالب فِي قَوْلهم: الطفيليُّ هُوَ الَّذِي يدْخل على الْقَوْم من غير أَن يَدعُوهُ، مأخوذٌ من الطِّفْل، وَهُوَ إقبال اللَّيْل على النَّهَار بظلمته.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الطفلُ: الظلمَة بِعَينهَا، وَأنْشد لِابْنِ هَرمة:
وَقد عراني من فَوق الدُّجى طِفْل
يُرِيد أَنه يُظلم عَلَى الْقَوْم أمره، فَلَا يَدْرُونَ من دَعَاهُ، وَلَا كَيفَ دخل عَلَيْهِم.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: نُسب إِلَى طفيل بن زَلاّل، رجل من أهل الْكُوفَة.
وَقَالَ غَيره: ريحٌ طِفْلٌ: إِذا كَانَت ليّنة الهبوب. وعُشْبٌ طِفل: لم يَطُلْ. وطَفْلٌ، أَي: ناعم.
فلط: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: صادفه، وفارطه، وفالطه، ولاوطه كلُّه بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ أَبُو زيد فِيمَا روى ابْن هانىء عَنهُ: أفلطني فلانٌ لُغَة تميمية فِي أفلتني. ورُفع إِلَى عمر بن عبد الْعَزِيز رجلٌ قَالَ لآخر فِي يتيمة كفلها: إِنَّك تبوكها، فَأمر بحده، فَقَالَ: أفأضرب فلاطاً.
قَالَ أَبُو عبيد: الفِلاط: الفَجْأَة، وَهِي لُغَة هُذَيْل، يَقُولُونَ فلاطاً.
وَقَالَ المُتَنَخّل الهُذَليّ:
أفْلَطها الليلُ بعيرٍ فتَسْ
عَى ثوبُهَا مُجْتَنِبُ المعدِلِ
طلف: أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: ذهب دَمُه طَلْفاً وظَلفاً، أَي: هدرا، سَمعه بِالطَّاءِ والظاء. وَقَالَ غَيره: الطليف والطلف المجَّان.
وروى أَبُو تُرَاب عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: لَا تذهبْ بِمَا صنعتَ طلفاً وَلَا ظلفاً، أَي: بَاطِلا.
وَفِي (نَوَادِر الْأَعْرَاب) : أسلفتُه كَذَا، أَي: أقرضتُه. وأطلفْتُه كَذَا، أَي: وهبته.
ط ل ب
طلب طبل لبط بلط بَطل: مستعملة.
طلب: قَالَ اللَّيْث: الطلَبُ: محاولةُ وِجدانِ الشَّيْء وأخذِه. والطِّلْبَةُ: مَا كَانَ لَك عِنْد آخر من حقّ تطالبه بِهِ. والمُطَالَبَةُ: أَن تُطالب إنْسَانا بِحَق لَك عِنْده، وَلَا تزَال تطالبُه وتتقاضاه بذلك. والغالبُ فِي بَاب الْهوى: الطِّلابُ. والتّطَلُّبُ: طلب فِي مهلة من مَوَاضِع.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: أطليتُ الرجل: أعطيتُه مَا طلَب. وأطلبته: ألجأته إِلَى أَن يطْلب إليّ قَالَ ذُو الرُّمة:
أضلّه رَاعياً كلْبِيَّةً صَدَرَا
عَن مُطْلَبٍ قارِبٍ وُرّادُه عُصَب
يَقُول: بَعُد المَاء عَنْهُم حَتَّى ألجأهم إِلَى طلبه.
وَقَالَ اللَّيْث: كلأٌ مُطْلِبٌ بعيد الْمطلب.
(13/237)
________________________________________
وَقد أطلب الْكلأ: تباعَد وَطَلَبه الْقَوْم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الطَّلَبَة: الْجَمَاعَة من النَّاس. والطُّلْبَة: السَّفْرة الْبَعِيدَة. وطَلِب: إِذا اتّبع وطَلِب: إِذا تبَاعد.
وَقَالَ غَيره: بئْرٌ طلُوب: بعيدَة المَاء، وآبارٌ طُلُب: والمطلِّبُ: اسمٌ أَصله مُتَطلب، فأُدغمت التّاء فِي الطَّاء وشدّدت فَقيل: مطَّلب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: ماءٌ قاصدٌ كلؤه: قريب. وَمَاء مُطْلِبٌ كلؤه بعيد.
وَقَالَ أَبُو وجزة:
عالجتُها طُلباً هُنَاكَ نزاحَا
ومطلُوب: اسْم بلد. وَيُقَال: طَالب وطلَبَ، كَمَا يُقَال: خادِم وخَدَم.
بلط: شَمِرَ: البَلاَطُ: الأرضُ، وَمِنْه يُقَال: بالطناهم، أَي: نازلناهم بِالْأَرْضِ، وَقَالَ رُؤبة:
لَو أحلبَتْ حلائبُ الفُسطاط
عَلَيْهِ ألقاهُنّ بالبَلاَط
وَقَالَ أَبُو عُبَيد: البلاطُ: الْحِجَارَة المفروشة، يُقَال: دارٌ مُبَلّطةٌ بآجُرّ أَو حِجَارَة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: بلَطَنا الدّار فَهِيَ مبلوطةٌ: إِذا فرشتها بآجُرّ أَو حِجَارَة. قَالَ: والبَلُّوط: ثمرُ شجرٍ يُؤْكَل ويُدبغ بقشره.
قَالَ: والتّبليط عراقيَّة: وَهُوَ أَن يضْرب فَرْع أُذن الْإِنْسَان بِطرف سَبّابته ضربا يوجعه، تَقول: بلّطتُ أُذُنه تبليطاً. قَالَ: وأبلَط المطرُ الأَرْض: إِذا أصَاب بلاطها، وَهُوَ أَن لَا ترى عَلَى مشيها تُرَابا وَلَا غباراً، وَقَالَ رؤبة:
يَأوي إِلَى بَلاطِ جَوْفٍ مُبْلَط
قَالَ: وبلاط الأَرْض: مُنْتَهى الصُّلب من غير جَمع، يُقَال: لَزم فلَان بلاطَ الأَرْض.
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: أُبلط الرّجل فَهُوَ مُبْلَط.
وَقَالَ أَبُو زيد: أبْلط فَهُوَ مُبْلط: إِذا قل مالُه.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أبلَط: إِذا أفلس. فلَزِق بالبَلاَط.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
نزلتُ على عَمْرو بن دَرْمَاءَ بلطةً
فيا كُرْم مَا جَار وَيَا كُرْمَ مَا مَحَلّ
قَالَ: أَرَادَ فيا أكرمَ جَار، على التَّعَجُّب وَاخْتلف النَّاس فِي (بلطة) فَقَالَ بَعضهم: يُرِيد بِهِ حللت على عَمْرو بن درماء بُلطةً، أَي: بُرْهةً ودهراً.
وَقَالَ آخَرُونَ: بلطه أَرَادَ أنّ دَاره مبلطةٌ مفروشة بِالْحِجَارَةِ، وَيُقَال لَهَا البلاط.
وَقَالَ بَعضهم: بلطة، أَي: مُفْلساً.
وَقَالَ بَعضهم: بلطة: قَرْيَة فِي جَبَلي طَيء كَثِيرَة التِّين والعِنب.
وَقَالَ الْفراء: أبلطني فلَان إبلاطاً. وأحجاني إحجاءً: إِذا ألح عَلَيْك حَتَّى
(13/238)
________________________________________
يُبْرِمَك ويُمِلِّك.
وَقَالَ اللَّحياني: أبلطه اللِّصُّ إبلاطاً: إِذا لم يَدَعْ لَهُ شَيْئا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: المبالَطة: المجاهدةُ. نزلَ فبالطْه، أَي: جاهده وَفُلَان مبالِطٌ لَك، أَي: مُجْتَهد فِي صَلَاح شَأْنك، وَأنْشد:
فَهْو لَهُنْ حَابلٌ وفارطُ
أَن وَرَدَتْ وَمَا دِرٌّ ولاَ بَطُ
لحوضها وماتح مُبالِطُ
وَيُقَال: تبالَطُوا بِالسُّيُوفِ: إِذا تجالدوا بهَا على أَرجُلهم، وَلَا يُقَال: تبالطوا إِذا كَانُوا رُكباناً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البُلُطُ: الفارُّون من الْعَسْكَر، والبُلْطُ: المُجَّان، والمُتَخرِّفون من الصُّوفِيَّة، قَالَ: والبَلْطُ: تطبينُ الطاية، وَهِي السّطح إِذا كَانَ لَهَا سُميط، وَهِي الْحَائِط الصَّغِيرَة.
لبط: قَالَ اللَّيْث: لَبَط فلَان بفلان الأرضَ لَبْطاً: إِذا صَرَعَهُ صَرْعاً عنيفاً. ولُبط بفلان: إِذا صُرِع من عيْن أَو حُمَّى. وَفِي الحَدِيث: أَن عَامر بن أبي ربيعَة رأى سَهْل بن حُنيف يغْتَسل فعانه فلُبِط بِهِ حَتَّى مَا يَعقل؛ وَكَانَ قَالَ حينَ رَآهُ: مَا رَأَيْت كَالْيَوْمِ وَلَا جِلْدَ مُخَبَّأةٍ، فَأمر النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَامر بن أبي ربيعَة العائن حَتَّى غَسَل لَهُ أعضاءه، وجَمع الماءَ ثمَّ صَبّ على رَأس سهل فراح مَعَ الرَّكب. قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: لُبِط بِهِ: يَعْنِي صُرع، يُقَال: لبِط بِالرجلِ يُلْبَط لَبْطاً: إِذا سَقط، وَمِنْه حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه خرج وقريشٌ مَلْبُوطٌ بهم) ، يَعْنِي أَنهم سُقوط بَين يَدَيْهِ، وَكَذَلِكَ لُبِجَ بِهِ بِالْجِيم مثل: لُبِط سَواء. وسُئل النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن الشُّهَدَاء فَقَالَ: (أُولَئِكَ يَتلبّطُون فِي الغُرَف العُلَل من الْجنَّة فِي النّعيم) ، أَي: يتمرّغون ويَضْطَجعون. وَيُقَال: يتصرّعون. وَيُقَال: فلَان يتَلبّط فِي النَّعيم، أَي: يتمرغ فِيهِ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: اللَّبَطةُ والكَلطَةُ: عَدْوُ الأَقْزَل: ثَعْلَب عَن الْفراء قَالَ: اللَّبَطةُ: أَن يَضرب البعيرُ بيدَيْهِ، وَفِي الحَدِيث: أَن عَائِشَة كَانَت تضرب الْيَتِيم حَتَّى يَتَلَبّط، أَي: يَتصرعُ مُسبِطاً على الأَرْض، أَي: ممتداً. والْتَبَطَ البعيرُ يَلْتبط التباطاً: إِذا عدا فِي وَثْب. وَقَالَ الرّاجز:
مَا زلتُ أسعَى مَعَهم وأَلْتَبِطْ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللَّبْطُ: التَّقلُّب فِي الرياض، وَفِي حَدِيث مَاعِز: أَنه ليتلبَّط فِي رياض الْجنَّة بَعْدَمَا رُجم، أَي: يتمرّغ فِيهَا. قَالَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام فِيهِ بَعْدَمَا رجم.
بَطل: أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: بَطَلٌ بَيِّنُ البَطالة والبُطولة. وبطّالٌ بيِّنُ البِطَالة.
شَمِر: بَطّالٌ بينَ البَطالة والبِطالة. وبَطُلَ البَطالة. وبَطَل الأجِيرُ يَبْطُل بِطَالة. وَفِي الْبَاطِل أَيْضا: بطَل الشيءُ يبطل بطالة.
(13/239)
________________________________________
قَالَ: وَقَالَ أَبُو خَيْرَة: إنّما سُمّيَ البَطَلُ بطلاً لِأَنَّهُ يُبْطل العظائمَ بسيْفه فيُبَهْرِجها. وَقَالَ غَيره: سُمِّيَ: بطلاً لِأَن الْأَشِدَّاء يَبْطلون عِنْده. وَيُقَال: الدِّماءُ تَبْطُل عِنْده، فَلَا يُدرك عِنْده ثأر. وَقَالَ: البَطَلَة: السَّحَرة، وَجَاء فِي الحَدِيث: (وَلَا تستطيعه البَطَلة) .
اللَّيْث: أبطلتُ الشَّيءَ جعلتُه بَاطِلا. وأبْطَل فلَان: جَاءَ بكذب وادْعَى بَاطِلا. والتَّبَطُّلُ: فعلُ البَطالة، وَهُوَ اتِّبَاع اللَّهْو والجهالة. وبَطَل الشيءُ بُطْلاً فَهُوَ بَاطِل، وَجمع البَطل أبطال وجمعُ الْبَاطِل بواطل وأباطيل جمع أبطولة.
طبل: قَالَ اللَّيْث: الطَّبْلُ معروفٌ، وفعلُه التَّطبيل، وحِرْفتُه الطِّبَالة. وَيجوز: طَبَل يَطْبُل، وَهُوَ ذُو الْوَجْه الْوَاحِد والوجهين.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي. قَالَ: الطَّبْلُ: الرَّبْعة للطِّيب. والطَّبْلُ: سَلّةُ الطَّعَام والطَّبْلُ: ثيابٌ عَلَيْهَا صُورةُ الطَّبْل تسمَّى الطَّبْليَّة. وَيُقَال لَهَا: أرِيَه الطَّبْل، تُحمل من مصر، وَقَالَ أَبو النَّجم:
مِن ذِكر أيامٍ ورَسمِ ضاحِي
كالطَّبل فِي مُخْتَلَف الرِّياحِ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الطَّبْلُ: الخَزَاجُ، وَمِنْه قَوْلهم: فلانٌ يُحِب الطَّبْليَّة، أَي: يُحبّ دراهمَ الخَراج بِلَا تَعبٍ.
أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: مَا أَدْرِي أيُّ الطَّبْل هُوَ؟ وأيُّ الطَّبْنِ هُوَ؟ مَعْنَاهُ: مَا أَدْرِي أيُّ النَّاس هُوَ وَقَالَ الراجز:
سَتَعْلَمُونَ مَن خيارُ الطَّبْل
سَلمَة عَن الفَرّاء: الطُّوبالة: النعجة، وَأنْشد لطرفة:
نَعَانِي حَنَانة طُوبالةً
تَسُف يبيساً من العِشْرِق
نصب طوبالة على الذَّم لَهُ كَأَنَّهُ قَالَ: أَعنِي طوبالة.
ط ل م
طلم طمل مطل ملط لطم لمط: مستعملات.
طلم: فِي حَدِيث النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَمّا مَرّ بِرَجُل يعالج طلْمَةً وَقد عَرق من حَرّ النَّار، فَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام: (لَا تَطعمه النَّار بعْدهَا) .
قَالَ شَمِر: الطلمةُ: الخبْزَةُ. قَالَ: وَمثل للْعَرَب: أَن دُونَ الطُّلمة خَرْط قَتاد هَوْبَر. قَالَ: وهَوْبَر: مَكَان. وَأنْشد شمر:
تكَلفْ مَا بدا لَك غير طُلْمٍ
فَفِيمَا دُونَه خَرْطُ الْقَتادِ
والطُّلمُ: جمعُ الطلْمة.
وَقَالَ اللَّيْث فِي الطلمة مثلُه. قَالَ: والتطليمُ: ضربُك الخُبزة.
وَقَالَ حسان:
يُطلِّمُهنَّ بالخُمُرِ النِّساء
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الطَّلاَمُ: التَنُّومُ، وَهُوَ حب الشاهْدانج، قَالَ: والطَّلَمُ:
(13/240)
________________________________________
وسَخ الْأَسْنَان من ترك السِّواك.
لمط: أهمله اللَّيْث.
وروَى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: اللَّمْطُ: الاضطرابُ.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: التمَط فلانٌ بحقِّي الْتماطاً: إِذا ذهب بِهِ.
لطم: الليثُ: اللطْمُ: ضَربُ الخدِّ وصفحاتِ الجَسد ببَسْط اليَد، والفِعلُ لَطَم يَلْطم لطْماً. قَالَ: واللَّطِيمُ بِلَا فِعْل من الْخَيل الَّذِي يَأْخُذ خَدّيه بَيَاض.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: إِذا رجعت غَرّةُ الفَرس فِي أحد شِقّي وَجهه إِلَى أحد الْخدّين فَهُوَ لَطِيم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَنه أنْشدهُ لِعاهان بن كَعْب بن عَمْرو بن سعْد:
إِذا اصْطَكّت بضَيْق حُجْرتاها
تلاقِي العَسْجَدِية واللَّطيم
قَالَ: العَسْجَدِيةُ: إبلٌ منسوبةٌ إِلَى فَحْل كريم يُقَال لَهُ عَسْجَدِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ الْأَصْمَعِي: العَسْجَدِيةُ: إبلٌ منسوبة إِلَى سُوقٍ يكون فِيهَا العَسْجَد وَهُوَ الذَّهَب.
قَالَ: واللَّطِيمُ منسوبٌ إِلَى سوقٍ يكون أكثرُ بَزها اللَّطِيم، وَهُوَ جمعُ اللطيمة.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللطيمُ: الفصيلُ إِذا قوي على الرُّكوب لُطم خدُّه عِنْد عين الشَّمْس.
ثمَّ يُقَال: أغْرُبْ فَيصير ذَلِك الفصِيل مؤدَّباً، ويُسَمَّى لطيماً.
قَالَ: واللطيمةُ والزَّوْمَلة: العِيرُ عَلَيْهَا أحمالها.
قَالَ: وَيُقَال لِلْإِبِلِ: اللطيمةُ والعِيرُ والزّوْملة وَهِي العِير كَانَ عَلَيْهَا حِمل أَو لم يكن، وَلَا تُسمَّى لطيمةً وَلَا زَوْملةً، حَتَّى يكون عَلَيْهَا أحمالها.
وَقَالَ اللَّيْث: اللطيمةُ: سوقٌ فِيهَا أوْعيَةٌ من العِطْر وَنَحْوه من الْبياعَات.
وَأنْشد:
يطوف بهَا وسْطَ اللطِيمة بائعُ
وَقَالَ فِي قَول ذِي الرُّمة:
لَطائم المِسْك يحوِيها وتنتهب
يَعْنِي أوعية المِسْك.
قَالَ: وكلُّ سوقٍ يُحمل إِلَيْهَا غيرُ الْميرَة فَهِيَ اللطيمة من حُرّ الْبياعَات غير مَا يُؤْكَل والميرةُ لما يُؤْكَل.
وَقَالَ أَبُو سعيد: اللطيمةُ: العَنْبرةُ الَّتِي لُطمت بالمسك فَفُتقت بِهِ حَتَّى نَشِبت رائحتُها وَهِي اللطمِيَّة.
وَمِنْه قولُ أبي ذُؤيب:
كأنّ عَلَيْهَا بالةً لطميّةً
لَهَا من خلال الدَّأْيتيْن أريجُ
وَقَالَ: أَرَادَ بالبال الرائحةَ والشمّة، مَأْخُوذَة، من بلوته، أَي: شممتَه، وَأَصلهَا بَلوة، فَقدم الْوَاو وصيّرها ألفا، كَقَوْلِهِم: قاع وَقعا.
(13/241)
________________________________________
قَالَ: واللطِيمةُ فِي قَول النَّابِغَة: السُّوق، سُمّيت لَطيمةً لتصافق الْأَيْدِي فِيهَا.
قَالَ: وَأما لطائم الْمسك فِي قَول ذِي الرمة: فَهِيَ الغوالي المُعنبرة، وَلَا تُسمى لطيمة حَتَّى تكون مخلوطة بغَيْرهَا.
وَقيل: اللطْمُ: الإلصاق، يُقَال: لطمْت الشَّيْء بالشَّيْء: إِذا ألزقته. وَمِنْه لطمُ الْوَجْه.
وَقَالَ ابْن مقبل:
كَأَن مَا بَين جَنْبَيْهِ ومنكبه
من جوزه ومَقط القُنب ملطوم
بتُرس أعجَم لم تنخَر مناقبه
مِمَّا تخيَّرُ فِي أوطانها الرّوم
أَي: ألصق بِهِ ترس هَذِه صفته.
وَقَالَ أَبُو زيد: من الْعَرَب من يَقُول فِي اضطَموا: إلطموا، يجْعَلُونَ الضَّاد لاماً، وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ: اضجع والتطجع.
وَقَالَ ابْن السّكيت: اللطيمةُ: عيرٌ فِيهَا طيب.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: اللطيمة الَّتِي تحمل بزَّ التُّجَّار والطِّيب، والعَسْجَدِية: رِكابُ الْمُلُوك الَّتِي تحمل الدِّق، والدقُ: الكثيرُ الثّمن، وَلَيْسَ بجافٍ.
وَقَالَ أَبُو عَمرو: سُوق فِيهَا بَزٌ وطِيب.
وَيُقَال: أعظم لطيمة ومسك.
قَالَ ابْن حبيب: المَلاطمُ: الخدود. وَاحِدهَا مِلْطم.
وَأنْشد:
خَصِمون نَفاعون بِيضُ المَلاطم
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللطْمُ: إنضاجُ الخبزة.
سَلمة عَن الْفراء: اللطِيمة: سوقُ العطارين، واللطِيمةُ: العيرِ تحمل البَزّ والطِّيب.
ملط: قَالَ اللّيث: الأَمْلطُ: الرَّجلُ الَّذِي لَا شَعر على جسده كلّه إلاّ الرَّأْس واللّحية؛ والفعلُ مَلِط مَلَطاً ومُلْطةً. وَكَانَ الأحنفُ بن قيس أَمْلَط. والمَلِطُ: السَّخْلة. قَالَ: والمِلْطُ: الرَّجلُ الَّذِي لَا يُرفع لَهُ شَيْء إِلَّا ألْمَأ عَلَيْهِ فذهبَ بِهِ سَرِقةً واستحلالاً؛ والجميع المُلُوطُ والأملاطُ؛ يُقَال: هَذَا مِلْطٌ من المُلوط. والفِعْلُ مَلَط مُلوطاً.
قَالَ الأصمعيّ: قَوْلهم فلَان مِلْطٌ، المِلْطُ: الَّذِي لَا يُعرف لَهُ نَسبٌ وَلَا أبٌ، من قَوْلك: أملط ريش الطَّائِر: إِذا سقط عَنهُ. قَالَ: والمَليط: الجَدْي أوّل مَا تضعه العنز، وَكَذَلِكَ من الضَّأْن. وسَهْمٌ أَمْلط وأنزط: لَا ريش عَلَيْهِ. وَيُقَال: أمْلطت النَّاقة وأمْلَصت: إِذا أَلْقَت وَلَدهَا، فَهِيَ مملاط ومملاص، والولدُ مليط ومميص.
والمَلاّطُ: الَّذِي يَملُط الطين، يُقَال: مَلَطت مَلَطاً.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: المِلاَط هُوَ الطين الَّذِي يُجعل بَين سافَي البِناء.
(13/242)
________________________________________
وَقَالَ اللَّيْث: المِلاَطان: جانِبَا السَّنام مِمَّا يَلِي مُقَدّمه. وَقَالَ غَيره: المِلاَطان: الجنبان، سُمّيَا بذلك لِأَنَّهُمَا كَأَنَّهُمَا قد مُلط اللّحم عَنْهُمَا مَلْطاً، أَي: نُزع. وابْنَا مِلاط: العَضُدان، لِأَنَّهُمَا يَليان الجنبيْن، وجمعُ المِلاط مُلُط. وَقَالَ القَطِرانُ السَّعدِيّ:
وجَوْن أعانته الضُّلوع بزَفْرةٍ
إِلَى مُلُطٍ بَانَتْ وَبَان خَصِيلُها
يَقُول: بَان مِرفقاها عَن جنبِها فَلَيْسَ بهَا حازٌّ وَلَا ناكت. وَقيل للعَضُد مِلاط، لِأَنَّهُ سُمّيَ باسم الجَنْب.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: ابْنَا مِلاط: العَضُدان، وَقَالَ الرّاجز يصف بَعِيرًا:
كِلاَ مِلاطَيْه إِذا تَعطّفَا
بانا فَمَا رَاعى برَاع أَجْوَفا
فالمِلاطان هَهُنَا العَضُدان لِأَنَّهُمَا المايران، كَمَا قَالَ الراجز:
عَوْجاء فِيهَا مَيَل غيرُ حَرَدْ
تُقَطّع العِيسَ إِذا طَال النّجُدْ
كِلاَ مِلاطيْها عَن الزَّوْر أَبَدْوقال النَّضر: المِلاطان مَا عَن يَمِين الكِركِرة وشمالها. وابنا مِلاطَي البَعير: هما العَضُدان.
أَبُو عبيد عَن الْوَاقِدِيّ قَالَ: المِلْطى مَقْصُور، وَيُقَال الملطاة بِالْهَاءِ: القِشرَة الرقيقة الَّتِي بَين عَظْم الرَّأْس ولحمه.
وَقَالَ شمر: يُقَال: شَجّه حَتَّى رَأَيْت الملطى، وشَجّةُ المِلْطى مَقْصُور.
وَقَالَ اللَّيْث: تقديرُ الملطاء أَنه مَمْدُود مذكَّر وَهُوَ بِوَزْن الحرْباء.
وشمر عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه ذكر الشّجاج، فَلَمَّا ذَكر الباضعة قَالَ: ثمَّ المُلْطئة وَهِي الَّتِي تخرق اللَّحْم حَتَّى تَدْنُو من الْعظم. قَالَ: وَغَيره يَقُول: الملطَى.
قلت: وَقَول ابْن الأعرابيّ يدل على أَن الْمِيم من الملطى ميمُ مِفْعل، وَأَنَّهَا لَيست بأصلية كَأَنَّهَا من لَطَيْتُ بالشَّيْء: إِذا لَصِقَت بِهِ. وَيُقَال: مالَط فلانٌ فلَانا إِذا قَالَ: هَذَا نصف بَيت، وأتمّه الآخر بَيْتا. يُقَال: مَلّط لَهُ تمليطاً.
وروى إِسْحَاق بن الْفرج عَن الْأَصْمَعِي: بِعتهُ المَلَسَى والمَلَطَى، وَهُوَ البَيْع بِلَا عُهدة.
طمل: قَالَ اللَّيْث: الطِّمْلُ: الرجل الفاحشُ الْبَذِيء، الَّذِي لَا يُبالي مَا أَتَى وَمَا قيل لَهُ: وَأَنه لَمِلْطٌ طملٌ، والجميع طُمول.
وَقَالَ لبيد:
أطاعُوا فِي الغَواية كلُّ طِمْل
يَجُرّ المُخْزِيات وَلَا يُبَالِي
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الطِّمْل: اللص.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الطِّمْلُ: الذِّئْب. والطملُ: المَاء الكَدِر. والطملُ: الثَّوْب الَّذِي أُشبِع صَبغه. والطملُ: النَّصيب. وانْطمل فلانٌ: إِذا شَارك اللُّصُوص.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: السهمُ
(13/243)
________________________________________
الطَّمِيلُ والمطمول: المُلَطَّخُ بِالدَّمِ.
وَقَالَ: المُطْمَل: الملطوخ بقيح أَو دَمِ أَو غير ذَلِك، وَقَالَ:
فَكيف أبيتُ الليلَ وابنةُ مالكٍ
بزينتها لمّا يُقَطَّعْ طَمِيلُها
يَقُول أَبوهَا مَالك ثَأْرِي، أَي: قتل لي حميماً وَأَنا أطلبه بدمه فَيَقُول: كَيفَ يأخذني النّوم وَلم تُسْبَ هِيَ وَلم يُؤْخَذ أَبوهَا، وَلم يُقطّع قِلادتها وَهِي طميلها.
وَإِنَّمَا سُمّيت القِلادة طميلاً لِأَنَّهَا تُطمل بالطِّيب، أَي: تُلطّخ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: صَار المارد كَلَّة وطملة وتُرْمُطة، كلُّه الطينُ الرَّقِيق قَالَ: والطملُ: السَّيْرُ العنيف، يُقَال: طَمَلت الْإِبِل أطمُلها طَمْلاً، وَكَذَلِكَ القروح.
سَلمَة عَن الفرّاء: الطِّملالُ: اللص. والطملالُ: الذؤب.
مطل: قَالَ الليثُ: المَطْلُ: مدافعتُك الدَّين، يُقَال: ماطلني بحقي ومطلني بحقي، وَهُوَ مطُول ومطّال.
وَفِي الحَدِيث: (مَطْلُ الغَنِيِّ ظُلم) قَالَ: والمطل أَيْضا مَدُّ المطال حديدةَ البَيْضة الَّتِي تُذاب للسيوف، ثمَّ تحمى وتُضرب، وتمد وتُربَّع، يُقَال: مطلها المطال ثمَّ طبَعها بعد المطل فيجعلها صفيحة. والمطيلةُ: اسمُ الحديدة الَّتِي تُمطَل من البَيْضة وَمن الزَّندة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المطلُ: الطُّول.
أَبُو عبيد عَن الفرّاء: الممطُول: الْمَضْرُوب طولا.
قلت: أَرَادَ الْحَدِيد أَو السَّيْف الَّذِي ضُرب طولا كَمَا ذكره اللَّيْث. والمطْلُ فِي الْحق مأخوذٌ مِنْهُ، وَهُوَ تَطْوِيل العِدَة الَّتِي يضْربهَا الْغَرِيم للطَّالِب.
والماطِلِيّةُ: إبلٌ منسوبةٌ إِلَى فَحْل، وَقَالَ أَبُو وَجْزة السَّعديُّ:
كفَحل الهِجان الماطلِيِّ المُرَفّلِ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المِمْطَلُ: اللص. والممطل: مِيقَعةُ الْحداد. المطمل: الذِّئْب والمطمل: مكتب ثِيَاب العرائس بِالذَّهَب، انْتهى.

(بَاب الطَّاء وَالنُّون)
ط ن ف
طنف طفن نطف نفط فطن: مستعملات.
طنف: ابْن شُمَيْل: يُقَال: طنّف فلَان للظِّنّة، أَي: قارف لَهَا، يُقَال: طنَّف لِلْأَمْرِ فاعلوه.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّنفُ: نفس التُّهْمَة، يُقَال: رجل مُطنَّف، أَي: مُتهم. وطنّفته، أَي: اتهمته. وفلانٌ يطنّف بِهَذِهِ السّرقَة. وَإنَّهُ لطَنفٌ بِهَذَا الْأَمر، أَي مُتهم.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الطُّنُفُ:
(13/244)
________________________________________
(السيور) وَأنْشد قَول الأفوه الأودي:
كَأَن أطرافها لما اجتَلى الطَّنفُ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الطُّنفُ: شاخصٌ يخرج من الْجَبَل فيتقدم كَأَنَّهُ جَناح.
قلت: وَمن هَذَا يُقَال: طنَّف فلانٌ جَدار جَاره وجِدار دَاره: إِذا فَوْقه شَجرا أَو شوكاً يَصفُ تسلّقه لمجاوزة أَطْرَاف العيدان المشوِّكة رَأسه.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للجناح يُشْرع فَوق بَاب الدَّار. طنف أَيْضا، شبّه بطنف الْجَبَل.
وَقَالَ أَبُو ذُؤيب يصف خَلِيّة عَسَل فِي طُنف الْجَبَل:
فَمَا ضَرَبٌ بيضاءُ يأوي مليكُها
إِلَى طُنُف أعيَا بِراقٍ ونازلِ
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: الطَّنَف والطُّنُف جَمِيعًا: السَّقيفة تُشرَع فَوق بَاب الدَّار، وَهِي الكُنّة وَجَمعهَا الكنَّات.
طفن: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الطَّفْنُ: الْحَبْس، يُقَال: خَلِّ عَن ذَلِك المَطْفُون.
قَالَ: والطَّفَانينُ: الحَبْسُ والتَّخَلُّف.
وَقَالَ المُفَضَّل: الطَّفْنُ: الموتُ، يُقَال: طَفَن إِذا مَاتَ، وَأنْشد:
ألْقى رُحَى الزَّوْر عَلَيْهِ فطَحَنْ
قَذْفاً وفَرثاً تحتَه حَتَّى طَفَنَ
اللّيث: الطَّفَانِيَةُ: نَعتُ سوء فِي الرجل وَالْمَرْأَة.
نفط: أَبُو عبيد عَن أبي الْجراح وَالْكسَائِيّ: نزب الظبي نزيباً، ونفطَ يَنْفِظُ نفيطاً: إِذا صوّت.
أَبُو عبيد من أمثالهم: مَا لَه عافِطة وَلَا نافِطة، فالعاطفة: من دُبُرها، والنافطة: من أنفها.
ابْن السّكيت عَن الْأَصْمَعِي: مَا لَهُ عافطة وَلَا نافطة، فالعافطة: الضائنة، والنافطة: الماعزة.
قَالَ: وَقَالَ غَيره من الْأَعْرَاب: العافطة: الماعزة إِذا عَطِسَت.
وَقَالَ اللَّيْث عَن أبي الدُّقيش: العافطةُ: النعجةُ، والنّافطةُ: العنز.
وَقَالَ غَيره: العافطةُ: الأمَة، والنافطة: الشَّاة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: العَفْطُ: الحُصَاص للشاة والنّفْطُ: عُطاسُها.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: إِذا كَانَ بَين الْجلد وَاللَّحم ماءٌ قيل: نَفِطت تَنْفَط نَفَطاً ونَفِيطاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: رَغْوَةٌ نافِطةٌ: ذاتُ نَفّاطاتٍ، وَأنْشد:
وحَلَبٌ فِيهِ رُغاً نَوافِطُ
وَقَالَ اللَّيْث: النَّفْطَةُ: بَثْرةٌ تخرج فِي اليَدِ من الْعَمَل ملأى مَاء.
(13/245)
________________________________________
قَالَ: والنَّفْط والنِّفْط لُغَتَانِ: حلابة جبل فِي قَعْر بِئْر توقد بِهِ النَّار.
والنَّفاطات: ضَرْبٌ من السُّرَج يُستصبَح بهَا.
قَالَ: والنّفاطات: أدَوَاتٌ تعْمل من النّحاس يُرمى فِيهَا بالنّفط وَالنَّار. والنّفاطةُ أَيْضا: الْموضع الَّذِي يُستخرج مِنْهُ النفط.
فطن: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: رجل فَطِنٌ بيِّنُ الفِطنة والفَطَن وَقد فَطَن لهَذَا يَفْطُن فِطنةً، فَهُوَ فاطنٌ لَهُ. فَأَما الفَطِنُ فذُو فِطْنة للأشياء، وَلَا يمْتَنع كلُّ فعلٍ من النُّعوت من أَن يُقَال: قد فَعُل وفَطُن، أَي: صَار فَطِناً إلاّ الْقَلِيل.
قَالَ: وفطّنْتُه لهَذَا الْأَمر تفطِيناً.
وَقَالَ اللحياني: رجلٌ فَطِن وفَطُن وفَطُون وفَطونة وفَطين.
قَالَ: وَيُقَال: فَطِنْتُ لَهُ وَبِه وَإِلَيْهِ فِطْنَةً وفَطانةً وفِطانة؛ وَيُقَال: لَيْسَ لَهُ فُطْنٌ، أَي: فِطْنَة.
نطف: أَبُو زيد: النَّطْفُ: الرّجُل المُريب.
سَلمَة عَن الْفراء: النَّطْف والوَحْرُ: العَيْب.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: مرَّ بِنَا قومٌ نَطِفون وَحِرُون نجسون كفّار.
اللَّيْث: النّطْفُ: التَّلَطُّخ بالعَيب، وَقَالَ الْكُمَيْت:
فدع مَا لَيْسَ مِنْك ولسْتَ مِنْهُ
هما رِدْفَين من نَطَف قريبُ
قَالَ: (ردفين) على أَنَّهُمَا اجْتمعَا عَلَيْهِ مترادفين فنصَبهما على الْحَال. وَفُلَان يُنطف بِسوء أَي يلطخ. وَفُلَان يُنْطف بفجور، أَي: يُقذف بِهِ.
قَالَ: والنَّطْف: عَقْرُ الجُرح، يُقَال: أنطَف الْجرْح.
أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: البَعِيرُ: النَّطْفُ: الَّذِي قد أشرفَتْ دَبَرتُه على الجَوْف، يُقَال: نَطف نَطفاً، وَكَذَلِكَ الَّذِي أشرفت شَجّته على الدِّمَاغ.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو قَالَ: النَّطَفُ: الفُرْطة، الْوَاحِدَة نَطفة.
وَقَالَ اللَّيْث: النُّطف: اللُّؤْلُؤ، الْوَاحِدَة نَطفة، وَهِي الصافية اللّون.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: يُقَال للواحدة نُطفة وَجَمعهَا نطف، شُبّهت بقطرة المَاء. ووَصِيفة مُنَطَّفة، أَي: مُقَرَّطة بتُومَتَى قُرْط. وَلَيْلَة نطوف: تمطر حَتَّى الصَّباح.
وَقَالَ العجاج:
كأنّ ذَا فَدّامةٍ مُنطَفَّا
وَقَالَ الْأَعْشَى:
يَسْعى بهَا ذُو زجاجات لَهُ نُطَفٌ
مُقلَّص أسفلَ السِّربال مُعْتَمِل
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: يُقَال فِي القِربة نُطفةٌ من مَاء مثلُ الجُرْعة. قَالَ: وَلَا فعل للنُّطفة.
(13/246)
________________________________________
قلت: وَالْعرب تَقول للمويهة القليلة: نُطفة، وللماء الْكثير نُطفة. وَرَأَيْت أعرابيّاً شَرب من رَكِيّة يُقَال لَهَا: شَفِيّة، وَكَانَت غزيرةَ المَاء فَقَالَ: وَالله إِنَّهَا لنطفة بَارِدَة.
وَقَالَ ذُو الرُّمة فَجعل الْخمر نُطفةً:
تَقطع ماءِ المُزْن فِي نُطفِ الخمرِ
وسَمّى الله جلّ وعزّ المَنِيَّ نُطْفَة فَقَالَ: {سُدًى أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِىٍّ} (الْقِيَامَة: 37) .
وَرُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لَا يزالُ الْإِسْلَام يزِيد وأهلُه حتّى يسيرَ الرَّاكِب بَين النُّطفتيْن لَا يخْشَى إِلَّا جوراً) .
أَرَادَ بالنطفتين: بحرَ المَشْرِق وبحرَ الْمغرب؛ فأمّا بَحر الْمشرق فَإِنَّهُ يَنْقَطِع عِنْد نواحي الْبَصْرَة، وَأما بَحر الْمغرب فمنقطعه عِنْد القُلْزم.
وَقَالَ بَعضهم: أَرَادَ بالنطفتين ماءَ الفُرات وَمَاء الْبَحْر الَّذِي يَلِي جُدّة وَمَا والاها؛ فَكَأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَرَادَ أَن الرجل يسير فِي أَرض الْعَرَب بَين مَاء الْفُرَات وَمَاء الْبَحْر لَا يخَاف فِي طَرِيقه غير الضلال والجَوْر عَن الطَّرِيق.
وَقَالَ أَبُو زيد: نَطف فلَان يَنطف نَطفاً: إِذا بَشِم. والنّطفُ: القَطز، يُقَال: نَطف الماءُ يَنْطفُ نَطفاً ونَطفاناً: إِذا قَطر، وَمن هَذَا قيل للقُبَيْط ناطف؛ لِأَنَّهُ يَنْطف قبل استضرابه، أَي: يَقطر قبل خُثورته، وَجعل الجَعْدِيُّ الْخمر ناطفاً فَقَالَ:
وَبَات فريق ينضحُون كَأَنَّمَا
سُقُوا ناطفاً من أذرِعاتٍ مُفَلْفَلاَ
وَفِي الحَدِيث: قَطَعنا إِلَيْهِم النُّطفة، أَي: الْبَحْر وماه.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّنطُّف: التعَزُّز.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مَرَّ بِنَا قومٌ نَطِفون نَضِفُون صقارون، أَي: نجسون كفار.
ط ن ب
طُنب طبن نطب نبط بطن بنط: مستعملات.
بنط: أما بنط فَهُوَ مهمل، فَإِذا فُصل بَين الْبَاء وَالنُّون بياءٍ كَانَ مُسْتَعْملا، يَقُول أهلُ اليَمن للنساج: البِيَنطُ، وعَلى وَزنه البِيَطْر، وَقد مرَّ تَفْسِيره.
طُنب: قَالَ اللَّيْث: الطُّنْبُ: حَبلُ الخِباء والسُّرادق وَنَحْوهمَا. وأطنابُ الشّجر: عروقٌ تتَشعّب من أُرومتها. وأطنابُ الْجَسَد: عَصب تصل المفاصل وَالْعِظَام وتشدّها.
وَقَالَ شمر: يُقَال: هُوَ جارِي مطانِبِي، أَي: طُنْبُ بَيته إِلَى طُنْب بَيْتِي.
أَبُو عُبيد عَن أبي زِيَاد والكلابيّ: الأواخِيُّ: الْأَطْنَاب، واحدتها أَخِيّة. والأطنابُ: الْمُبَالغَة فِي مدح أَو ذَمِّ، والإكثار فِيهِ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الإطنابةُ: السَّيرُ الَّذِي على رَأس الوَتَر من القَوس.
(13/247)
________________________________________
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ سَير يُوصل بِوتْر القَوس العربيّة، ثمَّ يُدار على كُظْرها. وقَوْسٌ مُطَنَّبةٌ.
وَقَالَ النَّمِر بن تَوْلب:
كأنّ امْرأ فِي النَّاس كنتَ ابنَ أُمَّه
على فَلَجٍ من بطن دَجلة مُطْنِبِ
على فَلج، أَي: على نَهْر مُطْنِب: بعيد الذّهاب، يَعْنِي هَذَا النَّهر، وَمِنْه: أطنب فِي كَلَامه: إِذا أبعد، يَقُول: من كنت أَخَاهُ فَإِنَّمَا هُوَ على بَحر من البحور من الخصب والسَّعة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المُطْنِبُ: المدّاحُ لكل أحد. والمِطْنَبُ: المِصفاة.
وَقَالَ غَيره: الإطنابةُ: سَيرُ الحِزام الْمَعْقُود إِلَى الإبزيم، وَجمعه الأطانيب.
وَقَالَ سَلامَة:
حَتَّى استغثن بِمَاء الْملح ضاحِيَةً
يرْكُضْنَ قد قَلِقَتْ عَقدُ الأطانيبِ
وَقيل: عقدُ الأطانيب: الألبابُ والحُزُم إِذا استرخت، وحيلٌ أطانيبُ: يتبَعُ بعضُها بَعْضًا، وَمِنْه قَول الفَرَزدق:
وَقد رأى مُصْعَبٌ فِي ساطعٍ سَبِطٍ
مِنْهَا سوابقُ غاراتٍ أطانيبِ
يُقَال: رَأَيْت إطْنابةً من خيل وطير. وفرسٌ أطنبُ: إِذا كَانَ طويلَ القَرَى، وَهُوَ عيب، وَمِنْه قَول النَّابِغَة:
لقد لَحِقْتُ بأولَى الْخَيل يَحْمِلُني
كبْداءُ لَا شَنَجٌ فِيهَا وَلَا طَنَبُ
وجيشٌ مِطْنَابٌ: بعيدُ مَا بَين الطَّرَفين، لَا يكَاد يَنْقَطِع، قَالَ الطَّرِمّاح:
عَمِّي الَّذِي صَبَح الحَلائبَ غُدْوَةً
من نَهْرَوان بجَحْفَل مِطْنابِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التَّطنيبُ: أَن تُعلِّق السقاءَ من عَمُود الْبَيْت ثمَّ تَمخَضه. والمَطْنَبُ: حبلُ العاتق، وَجمعه مَطانِب.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وَإِذ هِيَ سَوداءُ مثلُ الفَحيم
تُغَشِّي المَطانِبَ والمَنْكَبا
وَيُقَال للشمس إِذا تَقَضَّبَتْ عِنْد طُلُوعهَا: لَهَا أطناب، وَهِي أشعَّةٌ تمتدّ كَأَنَّهَا القُضُب.
وَفِي حَدِيث عمر: أَن الأشْعث تزوّج امْرَأَة على حكمهَا، فردّها إِلَى أطناب بَيتهَا، يَعْنِي ردّها إِلَى مهر مثلهَا من نسائِها.
والأطناب: الطوَال من حِبَال الأخْبية، والأُصُرُ: القِصارُ، واحدُها إصار.
وَقَالَ أَبُو زيد: الأطنابُ: مَا شَدُّوا بِهِ الْبَيْت من الحبال بَين الأَرْض والطرائق. والأصر إِلَى الْكسر.
طبن: قَالَ اللَّيْث: طَبِنَ فلانٌ لفُلَان يَطْبَن طَبانةً وطَبَناً: إِذا فَطِنَ لَهُ فَهُوَ طَبِن.
شمر: قَالَ أَبُو زيد: طَبِنتُ بِهِ أطبَنُ طَبَناً،
(13/248)
________________________________________
وطَبَنتُ أَطْبَن طبانةً، وَهُوَ الخَدْع.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الطَّبانة والتَّبانة واحدٌ، وهما شدَّة الفِطْنة.
وَقَالَ اللحياني: هِيَ الطّبانة والطبانية، والتّبانة والتَّبانية، واللّقانة واللَّقانية، واللَّحانةُ واللَّحانية، معنى هَذِه الْحُرُوف وَاحِد. ورجلٌ طَبِنٌ تَبِنٌ لَقِنٌ لَحِنٌ.
وَفِي الحَدِيث: أَن حبشيّاً زُوِّج روميّةً فطَبِنَ لَهَا غُلَام رومي فَجَاءَت بِولد كَأَنَّهُ وزغة.
قَالَ شمر: طبن لَهَا غُلَام، أَي: خيّبها وخَدَعها، وَأنْشد:
فَقلت لَهَا بل أَنْت حَنّةُ حَوقَلٍ
جَرَى بالفِرَى بيني وبينكِ طابِنُ
أَي: رفيقٌ بذلك، داهٍ خِبٌّ عَالم بِهِ.
أَبُو عُبيد: مَا أَدْرِي أيُّ الطبن هُوَ، كَقَوْلِك: مَا أَدْرِي أَي النَّاس هُوَ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الطبَن لعبة يُقَال لَهَا السُّدَّر، وَأنْشد:
يَبتْنَ يلعَبْنَ حوَالَي الطَّبَنْ
وَقَالَ اللَّيْث: الطّبنُ: خطّةٌ يخطها الصّبيان يَلْعَبُونَ بهَا مستديرةٌ يسمونها الرحا. وَيُقَال: الطِّبْر، وَأنْشد:
من ذكر أطلالٍ ورَسْمٍ ضاحِي
كالطِّبن فِي مختلَفِ الرِّياح
وَرَوَاهُ بَعضهم كالطَّبْل.
اللحياني: اطمأنّ قلبُه، واطبأنَّ، وطامَن لَهُ ظَهره، وطابنه، وَهِي الطُّمأنينة والطُبَأنينة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الطُّنْبَةُ: صوتُ الطُّنبور، وَيُقَال للطنبور: طُبْنٌ.
وَأنْشد:
فإنّك منّا بيْن خيلٍ مُغيرةٍ
وخَصم كعُورِ الطُّبْن لَا يَتَغَيّبُ
نطب: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّطَابُ: حبلُ العاتِق، وَأنْشد:
نَحن ضَربناه على نِطابه
قُلْنَا بِهِ قُلْنا بِهِ قُلْنَا بِهِ
قُلْنَا بِهِ، أَي: قَتَلْنَاهُ، قَالَ: والمِنْطَبَةُ والمِنْطَبُ: المِصْفاةُ، وخُرُوق المِصفاة تُدْعَى النَّواطب، وَأنْشد:
ذِي نَواطِبَ وابتزالِ
عَمْرو عَن أَبِيه: النَّطْبُ: نَقْرُ الأُذن؛ يُقَال: أنْطب أُذنَه، وأنقر، وبَلّط أُذُنه بِمَعْنى وَاحِد.
نبط: قَالَ اللّيث: النَّبَطُ: المَاء الَّذِي يَنْبُطُ من قَعر الْبِئْر إِذا حُفرت؛ وَقد نَبَط مَاؤُهَا يَنْبِط نَبْطاً ونُبوطاً وأنبطنا المَاء، أَي: استنبطناه وانتهينا إِلَيْهِ. قَالَ: وَكَذَلِكَ مَا يتحلّب من الْجَبَل كَأَنَّهُ عَرَقٌ يخرج من أَعْرَاض الصخر؛ يُقَال لذَلِك المَاء: النَّبَط.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: حَفَر فأثلجَ إِذا بلغ الطين، فَإِذا بلغ المَاء قيل: أنبط،
(13/249)
________________________________________
فَإِذا كَثُر الماءُ قيل: أماهَ وأمْهَى، فَإِذا بلغ الرّملَ قيل: أسْهب.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للرجل: إِذا كَانَ يَعِدُ وَلَا يُنْجِزُ: فلانٌ قريبُ الثّرَى، بعيدُ النَّبَط.
وَقَالَ غَيره: يُقَال فلانٌ لَا يُنالُ نَبَطُه، إِذا وُصف بالعِزّ والمَنَعة حَتَّى لَا يجد عدوّه سَبِيلا إِلَى أَن يَتهَضّمه فِيمَا تَحت يَده، وَقَالَ الشَّاعِر:
قريبٌ ثَراه مَا ينالُ عَدُوُّه
لَهُ نَبَطاً آبِي الهَوانِ قَطُوبُ
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد فِي شيات المعزى قَالَ: النَّبطاءُ: البيضاءُ الجنبيْن. وَقَالَ أَبُو عُبيدة: إِذا كَانَ الْفرس أبيضَ الْبَطن فَهُوَ أنبط، وَقَالَ ذُو الرُّمة يَصِف الصُّبْح:
كمِثل الحِصان الأنْبطِ البَطْن قَائِما
تمايل عَنهُ الجُلُّ فاللّوْنُ أشقرُ
وَقَالَ اللَّيْث: النَّبَطُ والنُّبْطةُ: بياضٌ تَحت إبط الْفرس، ورُبّما عَرُض حَتَّى يَغْشَى الْبَطن والصدر. قَالَ: وشاةٌ نَبطاءُ: مُوَشّحةٌ، أَو نَبطاء مُحْوَرّة، فَإِذا كَانَت بَيْضَاء فَهِيَ نَبطاء بسوادٍ، وَإِن كَانَت سَوْدَاء فَهِيَ نَبطاء ببياض. قَالَ: والنَّبَطُ والنَّبِيطُ كالحَبَش والحَبِيش فِي التَّقْدِير. قَالَ: والنِّسبة نَبَطِيّ، وَهُوَ اسْم جِيل ينزلون السَّواد، والجميع الأنباط. قَالُوا: وعِلَلُ الأنْباط: هُوَ الكامان المُذاب يُجعل لَزوقاً للجرح.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال رجل نُبَاطِي وبِنَاطي، وَلَا تقل بَنَطِيّ.
وَقَالَ غَيره: تَنَبّط فلَان: إِذا انْتَمَى إِلَى النبط. واسْتنبط الْفَقِيه: إِذا استخرج الفِقَه الباطنَ بِاجْتِهَادِهِ وفَهْمِه. وَقَالَ الله تَعَالَى: {لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} (النِّسَاء: 83) ، وَقَالَ الزَّجاج: معنى يستنبطونه فِي اللُّغَة: يستخرجونه، وَأَصله من النَّبَط، وَهُوَ المَاء الَّذِي يخرج من الْبِئْر أوّلَ مَا تُحفر، يُقَال من ذَلِك: أنبط فِي غَضْراء، أَي: استنبط المَاء من طين حُرّ قَالَ: والنَّبَطُ إِنَّمَا سُمُّوا نَبطاً لاستنباطهم مَا يخرج من الْأَرْضين. ووعْسَاءُ النُّبيط وَيُقَال: النُّمَيْط رَمْلةٌ مَعْرُوفَة بالدَّهْناء.
بطن: البَطْنُ: بَطْنُ الْإِنْسَان مَعْرُوف، وَهِي ثَلَاثَة أبْطُن إِلَى الْعشْر، وبطونٌ كَثِيرَة لما فَوق الْعشْر، وتصغيرُ البَطْن: بُطيْن.
والبُطَيْنُ: نجمٌ من منَازِل الْقَمَر بَين الشَرطَيْن والثُّرَيا وأكثرُ مَا جَاءَ مصغّراً عَن الْعَرَب وَهُوَ بطن بُرج الحَمَلُ والشرطَان قرناه.
أَبُو حَاتِم عَن الْأَصْمَعِي: بَطَن فلَان بفلان يبْطُن بِهِ بُطوناً: إِذا كَانَ خَاصّا بِهِ، دَاخِلا فِي أمره. وَيُقَال: إِن فلَانا لذُو بِطانة بفلان، أَي: ذُو علم بداخلة أمره. وَيُقَال: أَنْت أبْطنتَ فلَانا دوني، أَي جعلتَه أخَصَّ بك مني، وَهُوَ مُبْطَن: إِذا أدخلهُ فِي أمره وخُصّ بِهِ دون غَيره، وَصَارَ من أهل دَخْلَتِه وَقَالَ الله جلّ وعزّ:
(13/250)
________________________________________
{ياأَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ بِطَانَةً مِّن دُونِكُمْ} (آل عمرَان: 118) .
قَالَ الزّجاج: البِطَانةُ: الدُّخلاء الَّذين يُنبسط إِلَيْهِم ويُستبطنون، يُقَال: فلَان بِطانةٌ لفُلَان، أَي: مُداخِلٌ لَهُ مؤانس. وَالْمعْنَى: أَن الْمُؤمنِينَ نهُوا أَن يَتّخذوا الْمُنَافِقين خاصّتهم، ويُفضوا إِلَيْهِم بأسرارهم.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: أبطن فلَان السّيفَ كَشّه: إِذا جعله تَحت خَصْره. وَيُقَال: بطّن فلَان ثَوْبه تَبْطيناً وَهِي البِطَانة والظِّهارة، قَالَ الله تَعَالَى: {فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا مِنْ} (الرَّحْمَن: 54) .
قَالَ الْفراء فِي قَوْله: {تُكَذِّبَانِ مُتَّكِئِينَ عَلَى فُرُشٍ بَطَآئِنُهَا} (الرَّحْمَن: 54) قد تكون البِطانة ظِهارة، والظِّهارة بطانة، وَذَلِكَ أَن كل وَاحِد فِيهَا قد يكون وَجها. وَقد تَقول الْعَرَب: هَذَا ظَهْرُ السَّمَاء لظاهرها الَّذِي ترَاهُ.
وَقَالَ غير الْفراء: البِطَانةُ: مَا بَطَن من الثَّوْب وَكَانَ من شَأْن النَّاس إخفاؤه. والظِّهارةُ: مَا ظهر وَكَانَ من شَأْن النَّاس إبداؤه وَإِنَّمَا يجوز مَا قَالَه الْفراء فِي ذِي الْوَجْهَيْنِ المتساويين، إِذْ وَلى كلّ وَاحِد مِنْهُمَا قوما لحائط يَلِي أحدُ صَفْحيه قوما، والصَّفْحُ الآخَرُ قوما آخَرين، فكلُّ وَجه من الْحَائِط ظهرٌ لمن يَليه، وكلُّ واحدٍ من الْوَجْهَيْنِ ظَهْرٌ وبَطْنٌ، وَكَذَلِكَ وَجْها الْجَبَل وَمَا شاكله. فَأَما الثّوبُ فَلَا يجوز أَن تكون بِطانتهُ ظهارة، وظهارتهُ بِطانة، وَيجوز أَن يُجعل مَا يلينا من وَجه السَّمَاء وَالْكَوَاكِب ظهرا وبَطناً، وَكَذَلِكَ مَا يَلينا من سُقوفِ الْبَيْت.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: ضَرب فلَان البعيرَ فبَطَن لَهُ: إِذا ضربه تَحت البَطْن، وَأنْشد:
إِذا ضَربت مُوقَراً فابْطُنْ لَهُ
تَحت قُصَيْرَاه ودونَ الجُلّهْ
وَيُقَال: بطَنَه الدَّاء، وَهُوَ يَبْطُنه: إِذا دَخله بُطوناً. والبَطْنُ من الأَرْض: الغامض الدَّاخِل، والجميع البُطْنان. وَيُقَال: شأوٌ بَطين، أَي: بعيد.
وَأنْشد:
وبَصْبَص بَين أدَاني الغَضَى
وَبَين عُنَيزةَ شَأْواً بَطينَا
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: بُطَانُ الريش: مَا كَانَ تَحت العَسِيب، وظُهْرانُه: مَا كَانَ فَوق العَسِيب.
وَيُقَال: رَأَسَ سَهْمه بظُهران. وَلم يَرِشْه ببُطْنان، لِأَن ظُهرانَ الرِّيش أَوْفَى وَأتم، وبطنانُ الريش قصارٌ، وَوَاحِد البُطْنان بطن، وَوَاحِد الظُّهران ظهر. والعَسِيبُ: قضيبُ الريش فِي وَسَطه.
وَقَالَ غَيره عَن الْأَصْمَعِي: بَطِنَ الرجلُ يَبْطَن بطَناً وبِطْنةً: إِذا عَظُم بطنهُ.
وَقَالَ القُلاخ:
وَلم تَضَع أولادَها من البَطَنْ
وَلم تُصِبه نَعْسَةٌ على غَدَنْ
(13/251)
________________________________________
وَيُقَال: ثَقُلت عَلَيْهِ البِطْنة: وَهِي الكِظة.
وَيُقَال: لَيْسَ للبِطْنة خيرٌ من خَمصة تتبعها، أَرَادَ بالخَمصة: الجوْعة.
وَيُقَال: مَاتَ فلَان بالبَطَن. وأتى فلَان الوادِيَ فتبطّنه، أَي: دخل بطنَه. والبِطَانُ: الحِزامُ الَّذِي يَلِي البَطْن.
وَيُقَال للَّذي لَا يزَال ضَخم البَطْن: مِبطان، فَإِذا قَالُوا: رجلٌ مُبطَّنٌ فَمَعْنَاه أَنه خميص البَطن.
قَالَ مُتَمّم بن نُويْرة:
فَتى غيرَ مِبطان العشيات أرْوَعا
الحرانيُّ عَن ابْن السكِّيت: رجلٌ مُبَطَّن: خميصُ الْبَطن. وَامْرَأَة مُبَطَّنة.
وَقَالَ ذُو الرُّمة:
رَخِيماتُ الكلامِ مُبَطّناتٌ
جواعل فِي البُرى قَصَبا خِدالا
ورجلٌ بَطين: عَظِيم الْبَطن. ورجلٌ مبطونٌ: يشتكي بطنَه.
وَفِي الحَدِيث: (المبطون شهيدٌ) : إِذا مَاتَ بالبطن. ورجلٌ بَطن: لَا يهمه إِلَّا بَطنُه. وَرجل مِبطانٌ: إِذا كَانَ لَا يزَال ضخم الْبَطن من كَثْرَة الْأكل.
وَمن أَمْثَال الْعَرَب الَّتِي تُضرب لِلْأَمْرِ إِذا اشْتَدَّ: التَقَتْ حَلْقتا البِطان. وَمن صِفَات الله جلّ وعزّ: (الظَّاهِر وَالْبَاطِن) تَأْوِيلهَا:
مَا رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي تمجيد الرّب: (اللهُم أَنْت الظّاهرُ فَلَيْسَ فَوْقك شَيْء، وَأَنت الباطنُ فَلَيْسَ دُونَك شَيْء) .
وَقيل مَعْنَاهُ: أَنه علم السرائر والخفيات، كَمَا علم كلَّ مَا هُوَ ظَاهر لِلْخلقِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الباطِنةُ من البَصرة والكوفة: مجتمَع الدُّور والأسواق فِي قصبتها. والضاحيةُ: مَا تنَحَّى عَن المساكن وَكَانَ بارزاً.
وَيُقَال: بَطْنُ الرَّاحَة، وظَهر الْكَفّ. وَيُقَال: باطنُ الْإِبِط، وَلَا يُقَال بطنُ الْإِبِط. وباطنُ الْخُف: الَّذِي يَلِيهِ الرِّجْل. والنِّعمةُ الباطنةُ: الَّتي قد خَصّت. والظاهرةُ: الَّتِي قد عَمّت.
والبِطْنةُ: امتلاءُ البَطْن وَهِي الأَشَر من كَثْرَة المَال أَيْضا.
ورُويَ عَن إِبْرَاهِيم النَّخَعِيّ أَنه كَانَ يُبَطِّن لحيته وَيَأْخُذ من جوانبها.
قَالَ شمر: معنى يُبَطن لحيته، أَي: يَأْخُذ من تَحت الحنك والذّقَن الشعرَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: بُطْنانُ الأَرْض: مَا تَواطَأ فِي بطُون الأَرْض سهلِها وحَزْنِها ورياضِها، وَهِي قَرَار المَاء ومُستنْقعُه، وَهُوَ البواطن والبطون.
يُقَال: أَخذ فلانٌ بَاطِنا من الأَرْض، وَهِي: أَبْطَأَ جُفوفاً من غَيرهَا. ورجلٌ بِطين الكُرْز: إِذا كَانَ يخبأ زَاده فِي السّفر وَيَأْكُل زَاد صَاحبه.
وَقَالَ رُؤبة يَذمّ رجلا:
أَو كُرّزُ يمْشي بَطينَ الكرَّزْ
وَيُقَال: ألْقت الْمَرْأَة ذَا بَطنِها، أَي:
(13/252)
________________________________________
وَلدت. وألْقت الدَّجاجةُ ذَا بَطنِها: إِذا باضت.
وَقَالَ اللَّيْث: لحافٌ مَبْطون ومُبَطن. وَيُقَال: أَنْت أبْطَنُ بِهَذَا الْأَمر، أَي: أخْبرُ بباطنه. وتبطنْتُ الْأَمر، أَي: عَلِمت باطنَه. وتبطنْتُ الواديَ، أَي: دَخلْت بطنَه وجولْتُ فِيهِ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: البِطَانُ للقَتَب خاصّةً، وجمعُه أبطنة والحِزامُ للسّرج.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد وَالْكسَائِيّ: أبطنتُ الْبَعِير: إِذا شَددت بِطانه.
وَقَالَ ذُو الرمة فِي بَيت لَهُ:
أوْ مُقحمٌ أضعفَ الإبطانَ خَادجُه
بالأمْس فاستأخر العِدْلان والقَتَبُ
شبّه الظليم بِحمْل أدعج أَضْعَف حَادجُه شَدَّ بطانه عَلَيْهِ فاسترخى، فشبّه استرخاء عِكْمَيه عَلَيْهِ باسترخاء جناحيِ الظليم.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: بَطَنت البعيرَ أبطنه: شَددتَ بِطانة.
قلت: وَقد أنكر أَبُو الْهَيْثَم هَذَا الْحَرْف على الْأَصْمَعِي: بَطَنت وَقَالَ: لَا يجوز إِلَّا أبطنت؛ وَاحْتج بِبَيْت ذِي الرُّمة، قلت: وبَطَنت لغةٌ أَيْضا.
ابْن شُميل: يُقَال: بُطِن حَملُ البعيرِ وواضَعَه حَتَّى يَتضع، أَي: حَتَّى يسترخي على بَطْنه ويتمكن الحملُ مِنْهُ. وَيُقَال: تبطّن الرجل جاريتَه: إِذا بَاشَرَهَا ولَمَسها.
وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وَلم أتبطن كاعباً ذاتَ خَلْخال
وَقَالَ شمر: تبطنها: إِذا بَاشر بطنُه بطنَها فِي قَوْله:
إِذا أَخُو لذّة الدُّنْيَا تبطنها
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: فِي بَاطِن وظيفَي الْفرس أَبطَنان، وهما عِرقان استبطنا الذِّرَاع حَتَّى انغمسا فِي عَصَب الوَظيف.
وَيُقَال: استبطن الفَحْلُ الشَّوْلَ: إِذا ضربهَا كلَّها فلُقحت، كَأَنَّهُ أودع نُطفَته بطونها.
وَمِنْه قَول الْكُمَيْت:
وخَبَّ السَّفا واستبطنَ الفَحْلُ والتَقَتْ
بأمْعَزها بُقْعُ الجنادبِ تَرْتَكلْ
ط ن م
طمن طنم نمط نطم: مستعملة.
أمَّا نطم وطنم فَإِن اللَّيْث أهملهما.
(نطم) : وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: النطْمةُ: النّقْرة من الدِّيل وَغَيره، وَهِي النطْبَة بِالْبَاء أَيْضا.
(طنم) : وَأما الطَنمة: فصوت العُود المُطرِب.
طمن: قَالَ اللَّيث: اطْمَأَن قلبه: إِذا سكَن. واطمأنت نفسُه.
وَقيل فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى: {أَحَدٌ ياأَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ} (الْفجْر: 27) ، هِيَ الَّتِي قد اطمأنت بِالْإِيمَان وأخبتت لربّها.
وَقَوله تَعَالَى: {وَلَاكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِى} (الْبَقَرَة: 260) ، أَي: ليسكن إِلَى المعاينة
(13/253)
________________________________________
بعد الْإِيمَان بِالْغَيْبِ. والاسمُ: الطُّمأنينة.
وَيُقَال: طامن ظَهره: إِذا حناه، بِغَيْر همز؛ لِأَن الْهمزَة الَّتِي حلت فِي اطْمَأَن إِنَّمَا حلَّت فِيهَا حِذارَ الْجمع بَين الساكنين.
وَمِنْهُم من يَقُول: طأمن، بِالْهَمْزَةِ الَّتِي لَزِمت اطْمَأَن.
نمط: رُوِيَ عَن عليّ رَضِي الله عَنهُ أَنه قَالَ: خيرُ هَذِه الْأمة النَّمطُ الأوْسط، يَلحق بهم التّالي ويَرجع إِلَيْهِم الغالي.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي النَّمط: هُوَ الطَّرِيقَة. يُقَال: الزم هَذَا النَّمط.
قَالَ: والنمط أَيْضا: الضَّرب من الضُّروب والنَّوْعُ من الْأَنْوَاع.
يُقَال: لَيْسَ هَذَا من ذَلِك النمط، أَي: من ذَاك النَّوْع.
يُقَال هَذَا فِي الْمَتَاع وَالْعلم وَغير ذَلِك. وَالْمعْنَى الَّذِي أرادَه عليُّ أَنه كَرِه الغُلُو والتَّقصير كَمَا جَاءَ فِي الْأَحَادِيث الأُخر.
قلت: والنمط عِنْد الْعَرَب والزَّوْج: ضروبُ الثّياب المُصَبَّغة، وَلَا يكادون يَقُولُونَ: نمط وَلَا زَوْجٌ إِلَّا لما كَانَ ذَا لوْنٍ من حُمرة أَو خُضرة أَو صُفرة، فَأَما البياضُ فَلَا يُقَال لَهُ نمط، ويُجمع أنماطاً.
وَقَالَ اللَّيْث: النمط: طِهارةُ الْفراش. ووَعْسَاءُ النُّميط والنُّبيط معروفةٌ، تُنبِت ضُروباً من النَّبَات.
ذكرهَا ذُو الرُّمة فَقَالَ:
فأضْحتْ بوَعْساء النَميط كَأَنَّهَا
ذُرَا الأَثل من وَادي القُرَى ونخيلُها
ط ف ب: مهمل.
ط ف م
اسْتعْمل من وجوهه: فطم.
فطم: قَالَ اللَّيْث: فطَمْتُ الصّبيَّ، وفطمتْه أمُّه تَفْطِمه: إِذا فصلته عَن رَضاعها. وغلامٌ فَطِيم ومفْطُوم. وفَطَمت فلَانا عَن عَادَته.
وَقَالَ غَيره: أصل الفَطْم القطعُ وفَطْمُ الصّبيّ فَصله عَن ثَدْي أمّه ورَضاعِها، وتُسَمَّى الْمَرْأَة فَاطِمَة وفطَام وفطيمة.
وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لعليّ فِي بُرد سِيَرَاء: (اقطعه خُمُراً واقسمه بَين الفواطم) .
قَالَ القُتيبي: إحداهنّ فَاطِمَة بنتُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالثَّانيَِة فَاطِمَة بنتُ أَسد ابْن هَاشم، أمُّ عَليّ بن أبي طَالب، وَكَانَت أسلمت، وَهِي أول هاشمية وَلدت لهاشمي.
قَالَ: وَلَا أعرف الثَّالِثَة.
قلت: وَالثَّالِثَة فَاطِمَة بنت عتبَة بن ربيعَة، وَكَانَت هَاجَرت وبايعت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَمن الفواطم: فَاطِمَة بنتُ حَمْزَة بن عبد الْمطلب سيد الشُّهَدَاء، رَضِي الله عَنهُ، ولعلها الثَّالِثَة، لِأَنَّهَا من أهل الْبَيْت عَلَيْهِم السَّلَام.
(13/254)
________________________________________
(بَاب الطَّاء وَالْبَاء مَعَ الْمِيم)
ط ب م
بطم: اللَّيْث: البُطُم: شجرُ الْحبَّة الخضْراء، والواحدة بُطْمة، وَيُقَال بِالتَّشْدِيدِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البُطم والضَّرْو: حَبةُ الخضراء.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: البُطَّم مُثقل: الْحبَّة الخضراء.
أَبْوَاب الثلاثي المعتل من حرف الطَّاء [/ كت]
(13/255)
________________________________________
(بَاب الطَّاء وَالدَّال)
ط د (وايء)
(أطد) ، وطد، تطا، طدي، طود.
وطد طدي أطد: فِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: أَن زيادَ بنَ عَدِي أَتَاهُ فَوَطَده إِلَى الأَرْض، وَكَانَ رجلا مجبولاً، فَقَالَ عبد الله: أعْلُ عَنِّي، فَقَالَ: لَا حَتَّى يُخْبِرنِي مَتى يَهلِكُ الرجلُ وَهُوَ يعلم؟ قَالَ: إِذا كَانَ عَلَيْهِ إمامٌ إِن أطاعه أكفَره، وَإِن عَصَاهُ قَتَله.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: قَالَ أَبُو عَمْرو: الوطْد غَمْزُك الشيءَ إِلَى الأَرْض، وإثباتُك إيّاه، يُقال مِنْهُ: وطَدْتُه أَطِدُه وطداً إِذا وَطِئْتَه وغَمَزْتَه، وأَثْبَتّه، فَهُوَ مَوْطود، وَقَالَ الشَّمَّاخ:
فالْحَق بِبِجْلَة نَاسِبْهم وكُن مَعَهم
حَتَّى يُعيروك مَجداً غيرَ مَوْطودِ
اللَّيْث: المِيطَدَةُ خَشبةٌ يُوطّدُ بهَا المكانُ فيُصلَبُ الأَسَاسُ بِنَاء أَو غَيره.
عَمْرو عَن أَبِيه: الطّادِي: الثابتُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد فِي قَول الْقطَامِي:
وَلَا تَقَضّى بواقِي دَيْنها الطادِي
قَالَ: يُرَاد بِهِ الواطِدُ، فأَخَّر الْوَاو وقَلبَها ألفا، وَيُقَال: وَطّدَ اللَّهُ لِلسلطان مُلكَه وأَطّدَه إِذا ثَبَّته.
سَلمَة عَن الفراءِ: طادَ إِذا ثَبتَ، وطَادَ إِذا حَمُق، وَوَطَد إِذا سارَ.
طود: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: طَوَّدَ إِذا طوَّف فِي الْبِلَاد لِطلب المعاش.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الطّوْدُ الجبلُ الْعَظِيم، وَجمعه أَطوادٌ، وَقَالَ غَيره: طوَّد فلانٌ بفلان تَطْويداً وطَوَّحَ بِهِ تَطويحاً، وطَوَّد بنفْسه فِي المطاودِ، وطوَّح بهَا فِي المطاوِح، وَهِي الْمذَاهب.
وَقَالَ ذُو الرُّمّة:
أَخُو شُقّةٍ جَاب البلادَ بِنَفْسِه
على الهول حَتَّى طَوَّحَتْه المطَاوِدُ
(14/5)
________________________________________
وابنُ الطَّودِ الجُلمودُ الَّذِي يَتَدَهْدَى مِن الطّوْد.
وَقَالَ الشَّاعِر:
دعوتُ خُلَيْداً دَعْوَةً فكأَنَّما
دَعَوْتُ بِهِ ابْن الطّود أوْ هُوَ أَسْرعُ

(بَاب الطَّاء وَالتَّاء)
ط ت (وايء)
أهمله اللَّيْث.
(تطا) : وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تَطَا إِذا ظَلَم، وتَطَا إِذا هَرَب. رَوَاهُ أَبُو الْعَبَّاس عَنهُ.
ط ظ
أهملت وجوهها.

(بَاب الطَّاء والذال)
(ط ذ (وايء))
(ذوط) : قَالَ عَمْرو الشَّيْبَانِيّ: الذَّوَطُ أَن يَطولَ الحَنَك الْأَعْلَى ويَقْصُرَ الأسفلُ.
وَقَالَ أَبُو زيد نَحْوَه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الذَّوَطُ سُقَّاطُ النَّاس، قَالَ: والذَّوَطُ أَيْضا صِغَرُ الذَّقَنِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: ذَاطَه يَذُوطه ذَوْطاً، وَهُوَ الخَنْقُ حَتَّى يَدْلَعَ لِسانهُ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الذَّوْطةُ وَجَمعهَا أذْواط: عَنْكبوتٌ لَهَا قوائِم، وذنبُها مثلُ الحبَّة من العِنَب الأَسْوَد، صَفْراء الظّهْر صَغِيرَة الرَّأْس، تَكَعُ بِذَنبِها فتُجهِدُ من تَكَعُه، حَتَّى يَذُوطَ، وذَوْطهُ أَن يَخْدَرَ مَراتٍ، وَمن كَلَامهم: يَا ذَوْطَةُ ذُوطِيه.
انْتهى وَالله أعلم.
(3 ((ط ث (وايء)
ثطا، ثاط، وطث، طثا: (مستعملة) .
ثطا ثطأ: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: ثَطَا إِذا خَطا، وثَطا إِذا لَعِبَ بالقُلّة، قَالَ: والثُّطى العناكب، والثُّطَى الخشباتُ الصِّغار.
وروى عمرُو عَن أَبِيه: الثُّطَاةُ العَنْكبوتُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الثَّطْأَةُ دُويبة، يُقَال لَهَا: الثُّطَاةُ، وَجَاء فِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مرّ بِامْرَأَة سَوْدَاء تُرَقِّصُ صَبِيّاً لَهَا وَهِي تَقول:
ذُؤَالَ يَا بنِ القَرْمِ يَا ذُؤَالة
يَمشي الثّطَا ويَجْلِسُ الهَبَنقَعهْ
وَقَالَ اللَّيْث: الثّطَا إفراطُ الحُمق، يُقَال: رجل ثَطَ بَيِّنُ الثَّطَا، وأرادت أَنه يَمشي مشي الحَمقَى، كَمَا يُقَال: فلَان يمشي
(14/6)
________________________________________
بالحمق، وَمِنْه قَوْلهم: فلَان من ثطاته لَا يعرف قُطَاته من لَطَاتِهِ، قَالَ: القطاةُ مَوضِع الرديف من الدَّابة، واللّطاة غُرَّة الْفرس، أَرَادَ أَنه لَا يَعْرِف من حُمْقه مُقَدَّم الفرسِ من مُؤْخره.
ثأط: قَالَ وَيُقَال: إِن أصل الثَّطا من الثَّأْطَةِ وَهِي الحَمأَة، وَقيل للَّذي يُفْرِطُ فِي الْحمق: ثَأْطَةٌ مُدَّتْ بمَاءٍ وَكَأَنَّهُ مقلوب.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: أَنه قَالَ: الثَّأْطَةُ والدَّكَلَةُ والعَطَّاءةُ: الحَمأَةُ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة نَحوه فِي الثَّأْطِ. وَأنْشد شمر لتبع:
فَأتى مَغيبَ الشمسِ عِندَ غُروبِها
فِي عينِ ذِي خُلْبٍ وثَأْطٍ حَرْمِدِ
طثا: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: طثا إِذا لعِبَ بالقلة، قَالَ: والطّثا الخشبات الصغار.
وطث: الوَطْثُ والوَطْسُ الكَسْر، يُقَال: وَطَثَه يَطِثُه وَطْثاً فَهُوَ مَوْطوث، ووَطَسَه فَهُوَ مَوْطوس إِذا تَوَطَّأَه حَتَّى يَكْسره) 3) .

(بَاب الطَّاء وَالرَّاء)
ط ر (وايء)
طرا، (طري، طرُو) ، طَرَأَ، طير، رطى، ريط، ورط، وطر، أطر، أرّط، وطر، طور.
طرا طَرَأَ: الحرَّاني عَن ابْن الأعرابيّ: لحمٌ طريٌّ غير مَهْمُوز، وَقد طَرُوَ يَطْرُو طَراوة وطراءة.
وَقَالَ اللَّيْث: طَرِي يَطْري طراوة وطَرَاءَة، وقلما يُستَعْمل لِأَنَّهُ لَيْسَ بحادثٍ.
قَالَ: والمطرَّاةُ ضرب من الطِّيب، قلت: يُقَال لِلألُوَّة: مُطَراةٌ إِذا طُرِّيتْ بِطيب، أَو عَنْبَر أَو غَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّرَى يُكَثّر بِهِ عَدَدَ الشَّيء يقالُ: هم أَكثر من الطّرَى والثّرَى.
وَقَالَ بعضُهم: الطّرَى فِي هَذِه الْكَلِمَة: كلُّ شَيْء من الخَلْق لَا يُحصى عدده وأصنافه، وَفِي أحد الْقَوْلَيْنِ: كل شيءٍ على وَجه الأَرْض مِمَّا لَيْسَ من جِبِلّة الأَرْض من التُّرَاب والحَصْباءِ وَنَحْوه، فَهُوَ الطّرَى.
أَبُو زيد فِي كتاب الْهَمْز: طرأتُ على الْقَوْم أَطْرأَ طَرْأً وطُروءاً، إِذا أتَيتهم من غير أَن يعلمُوا.
وَقَالَ اللَّيْث: طَرَأ فلانٌ علينا إِذا خرج عَلَيْك من مَكَان بعيد فَجْأَة، قَالَ: وَمِنْه اشْتَق الطُرْآني.
وَقَالَ بَعضهم: طَرَآنُ جبل فِيهِ حمام كثير إِلَيْهِ ينْسب الْحمام الطُّرآني.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: حمام طُرْآني، من طَرَأَ علينا فلانٌ أَي طَلَع وَلم نعرفه، قَالَ: والعامة تَقول: حمام طُورانيٌّ، وَهُوَ خطأ، وسُئل عَن قَول ذِي الرمة:
(14/7)
________________________________________
أَعاريبُ طُورِيُّون عَن كُل قريةٍ
يَحيدونَ عَنْهَا مِن حِذَار المقادِر
فَقَالَ: لَا يكون هَذَا من طَرَأَ، وَلَو كَانَ مِنْهُ لقَالَ: طَرْئيَّون، الْهمزَة بعد الرَّاء، فَقيل لَهُ: فَمَا مَعْنَاهُ؟ فَقَالَ: أَرَادَ أَنهم من بِلاد الطَّور يَعْنِي الشَّام فَقَالَ: (طوريون) كَمَا قَالَ العجاج:
دَانَى جَنَاحَيْهِ مِن الطُّور فَمرْ
أَرَادَ أَنه جاءَ من الشَّام، يُقَال: أَطْرَى فلانٌ فلَانا إِذا مَدَحَه بِمَا لَيْسَ فِيهِ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أطرى فلانٌ فلَانا إِذا مدحه بِمَا لَيْسَ فِيهِ، وَمِنْه قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تُطروني كَمَا أَطْرَتْ النَّصَارَى عِيسَى الْمَسِيح ابْن مَرْيَم وَإِنَّمَا أَنا عبد الله. وَلَكِن قُولُوا: عبد الله وَرَسُوله) ، وَذَلِكَ أَنهم مدحوه بِمَا لَيْسَ فِيهِ فَقَالُوا: هُوَ ثَالِث ثَلَاثَة وَإنَّهُ ابْن الله وَمَا أشبهه من شِرْكهم وكفرهم.
عَمْرو عَن أَبِيه: أطْرَى إِذا زَاد فِي الثَّنَاء، وَفُلَان مُطَرًّى من نَفسه أَي مُتَحَيِّر.
قَالَ ابْن السّكيت: هُوَ الطِرِيّان للَّذي يُؤْكَل عَلَيْهِ، جَاءَ بِهِ فِي بَاب حروفٍ شدِّدتْ فِيهَا الْيَاء مثل البارِيّ والسَّرَارِيّ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الطِرِيَّانُ الطَّبقُ والطَّرِيُّ الْغَرِيب، وَطَرى إِذا أَتَى، وطَرَى إِذا مَضَى، وطَرَى إِذا تَجَدَّد، وأَطْرَى إِذا زَادَ فِي الثَّنَاء.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: طَرِيَ يَطْرى إِذا أقبل، وطَرِيَ يَطرَى إِذا مرَّ.
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال: رجلٌ طارِيٌّ وطُوَرانِيٌّ وطورِيٌّ وطُخرور وطُمْرُور وطُحْرُور أَي غَرِيبٌ.
وَيُقَال: لكلِّ شيءٍ أُطْرُوَانِيَّةٌ: يَعْنِي الشبابَ.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: هِيَ الإِطرية بِكَسْر الْهمزَة، وَقَالَ شَمِر: الإطْرِيَّةُ شَيْء يُعمل مثلُ النَّشاستج المتَلَبِّقَة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقال لَهُ: الأُطْرِيةُ، وَهُوَ طَعَام يَتَّخِذُه أهلُ الشَّام لَيْسَ لَهُ وَاحِد، قَالَ: وَبَعْضهمْ يَكْسِر الْألف فَيَقُول: إطرية، مثل زبْنِيَة، قلت: وَالصَّوَاب إِطرية بِالْكَسْرِ، وَفتحهَا لَحْنٌ عِنْدهم، وَيُقَال لِلغرباء: الطُّرَّاء، وهم الَّذين يأْتونَ من مَكَان بعيد، قلت: وَأَصله الْهمزَة من طَرَأَ يطْرَأ.
أَبُو زيد: أَطْرَيْتُ العَسَلَ إطراءً وأعْقَدتُه وأخْثَرتُه سَوَاء.
أطر: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه ذكر الْمَظَالِم الَّتِي وَقعت فِيهَا بَنو إِسْرَائِيل، والمعاصي فَقَالَ: (لَا وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ حَتَّى يَأْخُذُوا على يَدِيَ الظَّالم تَأْطِروه على الْحق أَطْراً) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو وَغَيره: قَوْله: تَأْطِروه يَقُول: تَعْطِفوه عَلَيْهِ، وكل
(14/8)
________________________________________
شَيْء عَطَفْتَه على شيءٍ فقد أَطَرْتَه تأطِرُه أَطْراً.
قَالَ طرفةُ يذكر نَاقَة وضلوعَها:
كأَن كِنَاسَيْ ضَالَةٍ يَكْنُفَانِها
وأَطْرَ قِسِيِّ تَحتَ صُلْبٍ مُؤَيَّدٍ
شبَّه انْحِنَاءَ الأضلاع بِمَا حُنِيَ مِن طَرَفَيْ القَوْس.
وَقَالَ المغيرةُ بن حَبْنَاءَ التَّمِيمِي:
وَأَنْتُم أناسٌ تقمِصونَ مِن القَنا
إِذا مارَفِي أَكْتافِكم وتَأَطَّرا
أَي إِذا انْثَنَى.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: أَطَرْتُ السهْم أَطْراً إِذا لَفَفْتَ على مجمع الفُوقِ عَقبةً، وَاسم تِلْكَ العَقَبةِ أُطْرَةٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: أَطَرْتُ السهمَ أَطْراً. وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: الأَطْرَةُ أَنْ يُؤخذ رَمادٌ ودَمٌ فيُلطَخَ بِهِ كَسْرُ القِدْر، وَأنْشد:
قَدْ أَصْلَحَتْ قِدْراً لَهَا بِأُطْرَةْ
وَقَالَ أَبُو زيد: تَأَطَّرتِ الْمَرْأَة تَأَطُّراً إِذا قَامَت فِي بَيتهَا، وَأنْشد:
تَأَطَّرْنَ حَتى قُلْنَ لَسْنَ بَوارِحاً
وذُبْنَ كَما ذَابَ السَّدِيفُ المسَرْهَدُ
وسُئل عمر بن عبد الْعَزِيز عَن السُّنّة فِي قصّ الشَّارِب، فَقَالَ: أنْ تَقُصَّه حَتَّى يَبْدُوَ الإطار.
قَالَ أَبُو عبيد: الإطار الحَيْدُ الشَّاخِصُ مَا بَين مَقَصِّ الشَّارِبِ والشّفَة الْمُحِيط بالفم، وَكَذَلِكَ كلّ شَيْء أحَاط بِشَيْء فَهُوَ إطار لَهُ، قَالَ بشر بن أبي حَازِم:
وَحَلَّ الحَيُّ حَيُّ بني سُبَيْعٍ
قرَاضِبَة وَنحن لَهُمُ إطارُ
أَي وَنحن محدقون بهم.
وَقَالَ اللَّيْث: الإطار إطار الدُّف وإطار المُنْخُل، وإطار الشَّفة، وإطار الْبَيْت، كالمِنْطقة حول الْبَيْت، وانأَطَرَ الشيءُ انْئِطاراً أَي عَطَفْته، فانْعَطف كالعُود ترَاهُ مُستديراً إِذا جمعتَ بَين طَرفَيْهِ.
أَبُو عبيد عَن الفرَّاء قَالَ: الأطِيرُ الذّنْبُ، وَيُقَال فِي الْمثل: أَخَذَني بأَطِيرِ غَيْري أَي بذَنْب غَيْرِي.
وَقَالَ مِسْكين الدَّارمي: أَبصَّرْتَنِي بِأَطِيرِ الرِّجالْ وكَلّفْتَنِي مَا يقولُ البَشَرْ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: إنَّ بَينهم لأَوَاصِرَ رَحم وأَوَاطِرَ رحم، وعَوَاطِفَ رحم بِمَعْنى وَاحِد، الواحدةُ آصِرةٌ وآطِرةٌ.
أَبُو عُبَيْدَة: فِي كتاب الْخَيل: الأُطْرَةُ طَفْطَفَةٌ غَليظةٌ كَأَنَّهَا عَصَبة مُرَكّبةٌ فِي رَأس الحَجَبَةِ وضِلَع الْخَلف.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: التّأْطيرُ أَنْ تَبْقَى الجاريةُ زَمَانا فِي بَيت أَبَوَيْها لَا تَتَزَوَّج.
وطر: قَالَ اللَّيْث: الوَطَر كل حاجةٍ كَانَ
(14/9)
________________________________________
لصَاحِبهَا فِيهَا هِمَّة، فَهِيَ وَطَرُه، وَلم أسمع لَهُ فِعلاً أَكثر من قَوْلهم: قَضَيتُ مِن أَمر كَذَا وَكَذَا وطَري أَي حَاجَتي، وَجمع الوَطَر أَوْطار. طَار يطور.
طور: قَالَ الله جلّ وَعز: {وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 20) الطُّورُ فِي كَلَام الْعَرَب الجَبلُ وَقيل: إِن سيناء حجارةٌ، وَقيل: إِنَّه اسْم الْمَكَان؛ وَالْعرب تَقول: مَا بِالدَّار طُورِيٌّ وَلَا دُورِيٌّ.
قَالَ اللَّيْث: وَلَا طُورَانِيٌّ مثله، وَقَالَ بعض أهل اللُّغَة فِي قَول ذِي الرمة:
أَعَارِيبُ طُوريُّون عَن كُلِّ قَرْيةٍ
حِذَارَ المنايا أَو حِذَارَ المقادِرِ
وَقَالَ طُورِيُّون: أَي وَحْشِيُّون يَحِيدون عَن القُرَى حِذَار الوَباء والتَّلف، كَأَنَّهُمْ نُسبوا إِلَى الطُّور، وَهُوَ جَبَل بِالشَّام.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: رجلٌ طُورِيٌ أَي غَريبٌ، وحمام طُورِيٌّ إِذا جَاءَ من بَلَد بعيد.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَقَاراً وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً} (نوح: 14) قَالَ: نُطفةً ثمَّ عَلَقةً ثمَّ مُضْغة ثمَّ عظما، وَقَالَ غَيره: أَرَادَ جلّ وعزّ اخْتِلَاف المناظر والأخلاق.
وَقَالَ اللَّيْث: الطّوْرُ التّارةُ يَقُول: طَوْراً بعد طَوْرٍ أَي تَارَة بعد تارةٍ، وَالنَّاس أطوارٌ أَي أَصنافٌ على حالات شَتَّى وَأنْشد:
والمرْءُ يُخْلَق طَوْراً بعد أَطْوَارِ
وَيُقَال: لَا تَطُرْ حَرَانَا وَفُلَان يَطُور بفلان: أَي كَأَنَّهُ يحوم حَوَاليه وَيَدْنُو مِنْهُ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الطَّوْر الحَدُّ، يُقَال: قد تعدَّى فلَان طَوْرَه أَي حدَّه، والطَّوْرَةُ فِناء الدَّار والطَّوْرة الأَتْيَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّوارُ مَا كَانَ حَذْوِ الشيءِ وَمَا كَانَ بِحِذائه، يُقَال: هَذِه الدَّار على طَوارِ هَذِه الدَّار، أَي حائطُها مُتصلٌ بحائطها على نَسَقٍ وَاحِد، وَتقول: رَأَيْت مَعه حَبْلاً بِطَوَار هَذَا الْحَائِط، أَي بِطوله، والطَوار أَيْضا مصدر طَار يطور.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: فِي أمثالهم فِي بُلُوغ الرجل النِّهَايَة فِي الْعلم: بلغ فلَان أَطورَيْه وأطوَرِيه بِكَسْر الرَّاء أَي أقصاه.
طير: قَالَ اللَّيْث: الطَّيْرُ معروفٌ، وَهُوَ إسم جَامع مُؤَنثٌ، وَالْوَاحد طَائِر، وقلما يَقُولُونَ: طائرةٌ للْأُنْثَى، وَقَالَ أَحْمد بن يحيى: النَّاس كلهم يَقُولُونَ للْوَاحِد: طَائِر، وَأَبُو عُبَيْدَة مَعَهم، ثمَّ انْفَرد فَأجَاز أَن يُقَال: طَيْر للْوَاحِد، وجَمَعَه على طُيور، وَقَالَ وَهُوَ ثِقَة.
وَقَالَ الفَراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِى عُنُقِهِ} (الْإِسْرَاء: 13) قَالَ: طائِره فِي عُنُقه عَمَلُه إنْ خيرا فخيراً، وإنْ شرا فشراً.
وَقَالَ أَبُو زيد: شقاؤه، أفادني المنذريّ عَن ابْن اليزيديّ قَالَ: قُرِىءَ طائِره وَطَيْرَه،
(14/10)
________________________________________
وَالْمعْنَى فيهمَا: قيل: عملُه، وخيرُه وشرُه، وَقيل: شَقاؤُه وسعادَتُه.
قلت: وَالْأَصْل فِي هَذَا كلِّه أَن الله تبَارك وَتَعَالَى لما خَلَقَ آدم عَلِم قبل خَلْقِه ذريتَه أَنه يَأْمُرهُم بتوحيده وطاعته وينهاهم عَن مَعْصيته، وَعلم المطيعَ مِنْهُم مِن العاصِين، والظالِم لِنَفْسِهِ من النَّاظر لَهَا، فكتبَ مَا علِمَه مِنْهُم أَجْمَعِينَ، وقَضَى بسعادة مَن عَلِمه مُطِيعاً، وشقاوَة من علمه عَاصِيا، فَصَارَ لكل مَن عَلِمَه مَا هُوَ صَائِرٌ إِلَيْهِ عِنْد إنشائِه. فَذَلِك قَوْله: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِى عُنُقِهِ} أَي مَا طَار لَهُ بَدْءاً فِي عِلْم الله من الشرّ وَالْخَيْر، وعِلْم الشَّهَادَة عِنْد كَونهم، يُوَافق عِلْمَ الغيبِ، وَالْحجّة تَلْزَمُهم بِالَّذِي يَعْمَلُون، وَهُوَ غير مُخالف لما عَلِمه الله مِنْهُم قبل كَوْنهم، وَالْعرب تَقول: أَي صَار لَهُ وَخرج لَدَيه سهْمُه أَطرتُ المالَ وطَيَّرته بَينَ الْقَوْم فَطَارَ لكل مِنْهُم سَهْمُه، وَمِنْه قَول لبيد يَذكرُ ميراثَ أَخِيه أرْبِد بَين ورثته وحيازة كل ذِي سهم مِنْهُم سَهْمَه. فَقَالَ:
تَطِيرُ عَدَائِدُ الأشراك شفْعاً
وَوِتْراً والزعامةُ لِلغُلام
والأشْراك: الأنْصِباءُ، وَأَحَدهمَا شِرْكٌ، وَقَوله: شفْعاً وَوِتْراً أَي قُسِمَ لَهُم للذَّكر مِثلٌ حَظِّ الأنْثيين، وخَلَصَتْ الرياسةُ والسِّلاحُ للذكور من أَوْلَاده.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ فِي قصّة ثَمُود وتشاؤمهم بنبيِّهم الْمَبْعُوث إِلَيْهِم، صَالح عَلَيْهِ السَّلَام: {تُرْحَمُونَ قَالُواْ اطَّيَّرْنَا بِكَ وَبِمَن مَّعَكَ قَالَ طَائِرُكُمْ عِندَ اللَّهِ بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ} (النَّمْل: 47) وَمعنى قَوْلهم: اطَّيّرنا تَشاءَمْنا، وَهِي فِي الأَصْل تَطَيَّرنا، فأجابهم فَقَالَ الله عز وجلّ: {أَلِيمٌ قَالُواْ طَائِرُكُم مَّعَكُمْ أَءِن ذُكِّرْتُم بَلْ أَنتُمْ قَوْمٌ مُّسْرِفُونَ} (يس: 19) أَي شؤْمكم مَعكُمْ، وَهُوَ كفرهم وَقيل للشُّؤم: طَائِر وطَيْر وطِيَرة، لِأَن الْعَرَب كَانَ من شَأْنهَا عِيَافَةُ الطَّير، وزجرُها، والتَّطَيُّر ببارحها وبِنَعِيق غِرْبانها، وَأَخذهَا ذاتَ الْيَسَار إِذا أَثَارُوهَا فَسَمَّوْا الشؤمَ طَيْراً وطائِراً وطِيَرَةً لِتشاؤُمِهم بهَا وبأفعالها، فأعْلَم الله جلّ ثناؤُه على لِسَان رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن طِيرَتَهم بهَا بَاطِلَة وَقَالَ: لَا طِيرَةَ وَلَا هَامة.
وَكَانَ النبيّ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام يتفاءل وَلَا يَتَطَيَّر، وأصل التفاؤُلِ الْكَلِمَة الْحَسَنَة يَسْمَعُها عليل فتُوهِمُه بسلامته من عِلَّته، وَكَذَلِكَ المضِلُّ يسمع رجلا يَقُول يَا واجِدُ فيجد ضالَّته والطِّيَرة مُضادةٌ للفال، على مَا جَاءَ فِي هَذَا الْخَبَر، وَكَانَت العربُ مذهبها فِي الفال والطِّيَرة واحدٌ، فَأثْبت النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الفالَ وَاسْتَحْسنهُ، وأَبْطَل الطِّيرَة وَنهى عَنْهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال طارَ الطائِر يَطير طيرَاناً، قَالَ: والتَّطايُرُ التَّفرُّق والذهاب، والطِّيرَة اسمٌ من اطَّيرتُ وتَطَيَّرت، وَمثل الطِّيرَة الخِيرَةُ.
(14/11)
________________________________________
وَيُقَال: استطارَ الغُبَارُ إِذا انْتَشَر فِي الْهَوَاء، واستطار الفَجْرُ إِذا انْتَشَر فِي الأفُق ضَوْؤُه، فَهُوَ مُسْتَطِيرٌ، وَهُوَ الصُّبْح الصَّادِق البيّن الَّذِي يُحَرِّم على الصَّائِم الْأكل والشربَ والجماعَ، وَبِه تحل صلاةُ الْفجْر، وَهُوَ الْخَيط الأبيضُ الَّذِي ذكره الله تَعَالَى فِي كِتَابه، وَأما الْفجْر المستطيل بِاللَّامِ فَهُوَ المستَدقُّ الَّذِي يُشَبّه بذَنَبِ السِّرحان، وَهُوَ الخيطُ الأسودُ، وَلَا يُحرِّم على الصَّائِم شَيْئا، وَهُوَ الصُّبْح الْكَاذِب عِنْد الْعَرَب.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للفَحْل من الإبِل: هائجٌ، وللكلب مُسْتَطير.
وَقَالَ غَيره: أَجْعَلتْ الكلبةُ واستطارتْ إِذا أَرَادَت الفحلَ، أَخْبرنِي بذلك الْمُنْذِرِيّ عَن الحَرَّاني عَن التَّوْزيّ وثابتُ بن أبي ثَابت فِي كتاب الفروق.
روى ابْن السّكيت عَن أبي صاعد الْكلابِي: يُقَال: استطار فلانٌ سيفَه إِذا انتزعه من غِمده مُسرِعاً.
وَأنْشد فِي صفة سيوف ذكرهَا رؤبة:
إِذا استُطيرتْ من جُفون الأغمادْ
فَقَأنَ بالصَّقَع يَرابيعَ الصَّادْ
واستطار الصَّدْع فِي الْحَائِط إِذا انْتَشَر فِيهِ، واستطار البَرْق إِذا انْتَشَر فِي أُفُقُ السَّمَاء، وَيُقَال: استُطِيرَ فلانٌ يُستطارُ استطارةً فَهُوَ مُسْتَطارٌ إِذا ذُعِرَ.
وَقَالَ عنترة:
مَتى مَا تلْقَنِي فَرْدَيْنِ ترْجُفْ
رَوَانِفُ أَلْيَتَيْكَ وتُسْتطارَا
وَيُقَال للْقَوْم إِذا كَانُوا هادئين ساكنين: كَأَنَّمَا على رؤوسهم الطَّير، وَأَصله أنَّ الطيرَ لَا تقع إِلَّا على شَيْء سَاكن من المَوَات، فَضُرِبَ مثلا للْإنْسَان ووقارِه وسكونِه. وَيُقَال للرجل إِذا ثار غَضَبُه: ثار ثَائِرُه، وطار طَائِره، وفار فائره، وأرضٌ مَطارة كَثِيرَة الطَّيْر.
وَقَالَ ابْن السّكيت: يُقَال طائِر الله لَا طائِرك، وَلَا يُقَال طَيْر الله.
وَرَوى أَبُو العبّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ فِي قَوْله:
ذَكِيُّ الشذَى والمَنْدَلِيُّ المُطَيَّرُ
قَالَ: المنْدَلِيُّ العُود الهِنْدَيُّ، والمُطَيَّرُ المُطَرَّى فَقَلَب، وَقَالَ غَيره: المطيَّرُ المشقّقُ المُكَسَّرُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: بَلَغْتُ من فلَان أطْوَرَيهْ أَي الجُهْدَ والغاية فِي أمره.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: لقيتُ مِنْهُ الأمَرّينَ والأطورِين والأقورِين بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ ابْن الفَرَج: سَمِعت الْكلابِي يَقُول: ركب فلَان الدَّهْر وأَطْوَرَيْه أَي طَرَفَيْه.
ورط: أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْمفضل بن سَلَمة أَنه قَالَ فِي قَول الْعَرَب: وَقع فلَان
(14/12)
________________________________________
فِي وَرْطةٍ.
قَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ الهَلَكَةُ.
وَأنْشد:
إنْ تأْتِ يَوْمًا مثلَ هذِي الخُطَّة
تلاق من ضَرْبِ تُميْرٍ ورْطهْ
قَالَ: وَقَالَ غَيره: الورْطةُ الوَحَلُ والرَّدَعَةُ تقَعُ فِيهَا الْغنم فَلَا تقدر على التَّخلُّص مِنْهَا يُقَال: تَورَّطَتِ الْغنم إِذا وقعتْ فِي ورْطة، ثمَّ صَارَت مَثلاً لِكل شدَّة وَقع فِيهَا الْإِنْسَان.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الوَرْطَةُ أُهْوِيَّةٌ مُتصوِّبةٌ تكون فِي الْجَبَل تَشُقُّ على من وَقع فِيهَا.
وَقَالَ طُفَيل يصف الْإِبِل:
تهابُ طريقَ السَّهْل تحسَبُ أنّه
وعُورُ وِراطٍ وَهُوَ بَيْداء يلْقَعُ
وَقَالَ شمر: يُقَال: تَوَرَّط فلانٌ فِي الْأَمر، واستَوْرَطَ فِيهِ إِذا ارتبك فِيهِ فَلم يَسْهُلْ لَهُ المَخرج مِنْهُ، وَفِي حَدِيث وَائِل بن حُجْر وَكتاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَهُ: (لَا خِلاطَ وَلَا وِرَاطَ) قَالَ أَبُو عبيد: الوِراطُ الخَديعةُ والغِشُّ. قَالَ: وَيُقَال: إِن مَعْنَاهُ كَقَوْلِه: لَا يُجمَع بَين مُتفرِّق وَلَا يُفرَّق بَين مُجتمِع، وَقَالَ شمر الوِراط: أَن يُورِط إِبِلَه فِي إبلٍ أُخْرَى، أَو فِي مَكَان لَا تُرى بِعَيْنها فِيهِ، قَالَ وَقَالَ ابْن هاني: الوِراط مأخوذٌ من إيراطِ الجَرِير فِي عُنُق الْبَعِير إِذا جَعَلْتَ طَرَفة فِي حَلْقَتِه، ثمَّ جذبْتَه حَتَّى تَخْنُقَ البَعيرَ، وَأنْشد لبَعض الْعَرَب:
حَتَّى ترَاهَا فِي الجَرير المُورَطِ
سُرْحَ القِيادِ سَمْحَةَ التَّهبُّط
قَالَ شمر، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الوِراط أَن يَخْبَأها ويُفَرِّقها. يُقَال: قد وَرَطَها وأَوْرَطَها أَي سَتَرها.
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الوِرَاط أَن يُغَيِّب مالَه ويجحد مَكَانهَا.
ريط: قَالَ اللَّيْث وَغَيره: الرَّيْطَةُ مَلاءَةٌ لَيْسَتْ بِلِفْقَين كلهَا نَسْجٌ وَاحِد وَجَمعهَا رِياطٌ، قلت: وَلَا تكون الرَّيْطَةُ إِلَّا بَيْضاءَ، ورَيْطَةُ اسْم الْمَرْأَة وَلَا يُقَال رَائِطَةُ.
أرط: ورطى ابْن السّكيت عَن أبي عَمْرو: الأرِيطُ: العَاقِر من الرِّجَال وَأنْشد:
مَاذَا تُرجِّين من الأرِيط
حَزَنْبَلٍ يَأْتِيكِ بالبَطِيطِ
ليسَ بِذِي حَزْم وَلَا سَفِيطِ
قَالَ الليثُ فِي الأريط مِثْله.
أَبُو عبيد: المأروطُ من الْجُلُود المدبوغُ بالأَرْطَى؛ ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: إهَاب مَأْرُوطٌ ومُؤَرْطِيٌ إِذا دُبغ بالأرْطَى، قلت: والأرْطَاةُ شجرةٌ ورقُها عَبْلٌ مفتولٌ وجمعُها الأراطَى، منبِتها الرمال لَهَا عروق حُمر يُدْبغُ بورقها أَساقِي اللّبن، فيطيبُ طعمُ اللَّبن فِيهَا، وَقَالَ الْمبرد: أَرْطَى على بِنَاء فَعْلى مثل عَلْقَى، إلاَّ أَن الْألف فِي آخرهَا
(14/13)
________________________________________
لَيست للتأنيث لِأَن الْوَاحِدَة أرطاةٌ وعَلْقَاةٌ، قَالَ: وَالْألف الأولى أَصْلِيَّة.
وَقَالَ أَبُو عبيد فِيمَا أَقْرَأَنِي الْإِيَادِي عَن شمر: أَرْطَت الأَرْض إِذا أخرجت الأَرْطَى، وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أرْطَتْ لَحْنٌ وَإِنَّمَا هُوَ آرَطَتْ بِأَلفَيْنِ لِأَن ألف الأرطى أَصْلِيَّة.
قلت: الصَّوَاب مَا قَالَ أَبُو الْهَيْثَم.
(طرا) اطرورى: (أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: إِذا انتفخ بطنُ الرجل قيل: اطْرَوْرَى اطْرِيراءً. قَالَ الْأَصْمَعِي: وحُبِطَ مثلهُ سَوَاء، وَأَخْبرنِي الأياديّ عَن شَمِر قَالَ: أطرورَى بِالطَّاءِ لَا أَدْرِي مَا هُوَ؟ قَالَ: وَهُوَ عِنْدِي بالظاء، قلت: وَقد رَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: ظَرِي بطنُ الرجلِ يَظْرَى إِذا لم يَتَمَالَك لِيناً، قلت: وَالصَّوَاب اظْرَوْرَى بالظَّاء كَمَا قَالَ شَمِر.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الوِرَاط أَن يُغَيِّبَ مالَه ويَجْحَدُ مَكَانهَا. انْتهى وَالله أعلم) .

(بَاب الطَّاء وَاللَّام)
ط ل (وايء)
طول، طلي، أطل، لأط، لطأ، لوط، ليط.
طول: اللَّيْث: طَال فلانٌ فلَانا إِذا فاقَه فِي الطُّول، وَأنْشد:
تَخُطُّ بقَرْنَيْها بَرِيرَ أَراكةٍ
وتَعْطُو بِظِلْفَيْها إِذا الغُصْنُ طالها
أَي طاوَلَهَا فَلم تَنَلْه.
قَالَ: وَيُقَال للشَّيْء الطَّوِيل: طَال يَطُول طُولاً فَهُوَ طَوِيل، قَالَ: والأطوَل نقيضُ الأقصَر، وتأنيثُ الأطوَل الطُّولى، وجمعُها الطُّوَل. قَالَ: ويُقَال لِلرَّجل إِذا كَانَ أهوَجَ الطُّولِ: رجلٌ طُوَالٌ وطُوَّالٌ، وامرأةُ طَوالةٌ وطُوّالة. قَالَ: والطِّوَل هُوَ الحَبْلُ الطويلُ جدّاً، وَقَالَ طَرَفة:
لَعمرُكَ إنّ الموتَ مَا أَخطَأ الفَتَى
لكالطِّوَلِ المُرْخَى وثُنْياهْ باليَدِ
وجمعُ الطَّويل: طِوال وطِيَال، وهما لُغتان، وَيُقَال: قد طالَ طِوَلُك يَا فلَان، إِذا طَال تمادِيه فِي أمرٍ أَو تَراخِيه عَنهُ، وبعضُهم يَقُول: قد طَال طِيَلُه.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الزّجاج يُقَال: طَال طِوَلُك وطِيَلُك: أَي طالتْ مُدَّتُهُ.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السكّيت، يُقَال: قد طَال طِوَلُك وطِيَلُك وطُولُك وطَوالُك. قَالَ: والطِّوَل: الحَبْل الَّذِي يُطوِّل للدابَّة فتَرعَى فِيهِ، وَقَالَ طَرَفة لكالطول المرخى وثنياه بِالْيَدِ.
(14/14)
________________________________________
ثمَّ قَالَ: وَقد شَدّدَ الراجز الطِوَلَ للضَّرُورَة فَقَالَ:
تعرّضتْ لَم تَأْلُ عَن قَتْلٍ لِي
تَعرُّضَ المُهْرَةِ فِي الطِّوَلِّ
وَقَالَ القَطَاميّ:
إِنّا مُحَيُّوكَ فاسَلْم أيُّها الطَّلَلُ
وإنْ بَلِيتَ وَإِن طالَتْ بكَ الطِّيَلُ
وَقَالَ الزّجّاج فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ مِنكُمْ طَوْلاً} (النِّسَاء: 25) الْآيَة، مَعْنَاهُ من لم يَقدِر مِنْكُم على مَهْرِ الحُرّة. قَالَ أَبُو إِسْحَاق: والطول هُنَا القُدْرة على المَهْر، وَقد طالَ الشيءُ طُولاً، وأَطَلْتُه إطَالةً، وقولُ الله جلّ ثَنَاؤُهُ {الْعِقَابِ ذِى الطَّوْلِ لاَ إِلَاهَ إِلاَّ} (غَافِر: 3) أَي ذِي القُدْرة، وَقيل: الطَّوْلُ الغِنَى: والطَّوْلُ الفَضل، يُقَال: لفِلان على فلانٍ طَوْل، أَي فَضْل.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال إنّه لَيتطوَّلُ على النَّاس بفضلِه وخيرِه. قَالَ: واشتقاق الطائل من الطُّولِ، وَيُقَال للشَّيْء الخسيس الدُّون: هَذَا غيرُ طائِل، والتذكير والتأنيث فِيهِ سَوَاء، وَأنْشد:
لقد كلّفوني خُطَّةً غيرَ طائِل
قَالَ: والطَّوَال: مَدَى الدَّهر، يُقَال: لَا آتَيك طَوَالَ الدَّهْر، قَالَ: والطَّوَل: طُولٌ فِي المِشْفَر الْأَعْلَى على الأسْفَل. يُقَال: جَمَل أطوَل، وَبِه طَوَل، والمُطاولة فِي الْأَمر هِيَ التَّطْوِيل، والتطاوُل فِي مَعْنًى: هُوَ الاستطالةُ على النّاس إِذْ هُوَ رَفَع رأسَه ورأَى أنّ لَهُ عَلَيْهِم فَضْلاً فِي القَدْر. قَالَ: وَهُوَ فِي مَعْنًى آخر: أَن يقوم قَائِما، ثمّ يَتطاوَل فِي قِيامه، ثمَّ يَرفَعَ رأسَه، ويَمُدَّ قَوامَه للنَّظر إِلَى الشَّيْء.
قلت: والتَّطَوُّلُ عِنْد العَرَب مَحْمُود، يُوضع مَوْضعَ المحاسن. ويمتدح مِنْهُ فَيُقَال: فلَان يتطول وَلَا يَتَطَاوَل. والتّطاوُل مَذْمُوم، وَكَذَلِكَ الاستطالة يُوضَعان مَوضِع التكبُّر.
وَقَالَ اللَّيْث: الطّويلةُ: اسمُ حَبْل تُشدُّ بِهِ قائمةُ الدَّابةِ، ثمَّ تُرسَل فِي المَرعَى، وَكَانَت العربُ تتكلَّم بِهِ، يُقَال: طَوِّل لِفرسِك يَا فلَان، أَي أَرْخِ لَهُ حَبْلَه فِي مَرْعاه.
قلت: وَلم أسمع الطَّويلة بِهَذَا الْمَعْنى، من الْعَرَب، ورأَيْتهم يسمونه هَذَا الحَبْل الطَّوِيل.
وَفِي الحَدِيث: (لَا حِمًى إلاّ فِي ثَلَاث) طِوَلِ الفَرَس، وثَلَّةِ البِئر، وحَلْقَةِ الْقَوْم.
ورأيتُ بالصَّمَّانِ رَوْضةً وَاسِعَة يُقَال لَهَا الطّويلة، وَكَانَ عَرْضُها قَدْرَ مِيلٍ فِي طولِ ثلاثةِ أَمْيال، وفيهَا مَسَاكٌ لِماءِ السَّمَاء إِذا امْتَلَأَ شَربوا مِنْهُ الشهرَ والشهرين. ومَطاوِلُ الخَيل أَرْسانُها، والسبْعُ الطُّوَلُ من سُوَر الْقُرْآن سَبْعُ سُوَر، وَهِي:
سُورَة الْبَقَرَة، وَسورَة آل عمرَان، وَسورَة
(14/15)
________________________________________
النِّسَاء، وَسورَة الْمَائِدَة، وَسورَة الْأَنْعَام، وَسورَة الْأَعْرَاف، فَهَذِهِ ستُّ سُوَر متواليةٌ.
وَاخْتلفُوا فِي السَّابِعَة، فَمنهمْ من قَالَ: هِيَ الْأَنْفَال وَبَرَاءَة، وعدَّهما سُورَة وَاحِدَة، وعَلى هَذَا قولُ الأكْثرين، وَمِنْهُم من جَعل السابعةَ سورةَ يُونُس، والطُّوَل: جمعُ الطُّولَى، يُقَال: هِيَ السورةَ الطُّوَلى، وهُنَّ الطُّوَل، والطوائل الأوْتارُ والذُّحُول، واحدتُها طائلة، يُقَال: فلانٌ يَطلب بَني فلانٍ بِطَائلةٍ أَي بوتْرٍ، كأَنَّ لَهُ فيهم ثَأْراً فَهُوَ يَطلبُه بِدَمِ قتيلٍ لَهُ.
أطل: أَبُو عُبيد: الإطْل والأيْطَل: الخاصرة، وَجمع الإطْل آطال وَجمع الأيْطَل أياطل، وأيْطلٌ فَيْعَل. والألفُ أصليّة.
طلي: قَالَ اللَّيْث: الطَّلا: هُوَ الْوَلَد الصَّغِير من كلِّ شَيْء، وَحَتَّى قد شُبّه رَمادُ المَوْقِد بيْن الأثافيّ بالطّلا، والأطلاء جِمَاعُه. قَالَ: والطُّلْيان والطِّليان جِماعهُ.
أَبُو عُبيد عَن الفرَّاء: طَلَيْتُ الطلَى وطَلَوْتُه وَهُوَ الطَّلَى مَقْصُور يَعْنِي رَبَطْتُه برِجْله.
سَلمَة عَن الفرّاء: اطْلُ طَلِيَّكَ والجميع الطُّلْيانُ أَي ارْبِطْه برِجلِه. حَكَاهُ عَن ابْن الجرَّاح قَالَ: وَغَيره يَقُول: أَطْلِ طَلِيَّك، وَقَالَ العجّاج:
طَلَي الرَّمَادِ اسْتُرئِمَ الطَّلِيُّ
قَالَ أَبُو الهيْثم: هَذَا مثَلٌ جَعل الرّمادَ كالوَلَدِ لثَلَاثَة أَيْنُق، وَهِي الأثافِيّ عُطِفْنَ عَلَيْهِ، يَقُول: كأنّما الرّمادُ وَلَدٌ صغيرٌ عُطِفْتَ عَلَيْهِ ثَلَاثَة أينُق.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: أوَّل مَا يُولَدُ الظِّبَاءُ فَهُوَ طَلاً. قَالَ: وَقَالَ غيرُ وَاحِد من الْأَعْرَاب: وَهُوَ طَلاً ثمَّ خِشف.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: طَلَّى إذَا شَتَمَ شَتْماً قبيحاً.
وَقَالَ شَمِر: الطَّلَوانُ: الرِّيق الخاثِر. قَالَ: والطُّلاوَة: دُوَايةُ اللبَن.
أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: بِأَسْنَانِهِ طَلِيٌّ وطِلْيَان وَقد طَلِيَ فُوهُ فَهُوَ يَطْلَى طَلًى مقصورٌ وَهُوَ القَلَحُ.
وَقَالَ اللّيث: الطُّلاوة الرِّيق الَّذِي يجِفّ على الْأَسْنَان من الْجُوع، وَهُوَ الطَّلَوَانُ. قَالَ: والطُّلاةُ هِيَ العُنق وَالْجمع طُلًى.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: وَاحِدَة الطلى طلاة وطلية. مِثل: تقاةٍ وتقى، وَقَالَ اللَّيْث: وَبَعْضهمْ يَقُول: طُلْوَةً وطُلّى.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: الطُّلَي: جمعُ الطُّلْيَة، وَهِي صَفْحَةُ العُنُق. قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمرو والفرّاء: واحدتُها طُلاَةٌ، وَقَالَ الْأَعْشَى:
مَتَى تُسْقَ من أَنْيَابِها بَعْد هَجْعَةٍ
من اللّيل شِرْباً حينَ مالَت طُلاتُها
الأصمعيّ يَقُول: طُلْيَة وطُلًى.
أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: الطُلاوَة: البَهجَة
(14/16)
________________________________________
والحُسْن، يُقَال: حديثٌ عَلَيْهِ طُلاوَة، وَكَذَلِكَ غيرُه.
قلتُ: وَأَجَازَ غيرُه. طَلاوَة، يُقَال: مَا على وَجْهِه حَلاوة وَلَا طَلاَوة، والضّمُ اللّغةُ الجيّدة.
عَمرو عَن أَبِيه قَالَ: المُطَلِّي هُوَ المغنِّي، وَهُوَ المُرَبِّي وَالْمُهَنِّي والنَّاخِمُ كلُّه بِمَعْنى المغنِّي.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: طَلَيْتُه فَهُوَ مَطْلِيٌّ وطَلِيٌّ: أَي حَبسته.
الحرّاني عَن ابْن السكّيت: طَلَيْتَ فلَانا تَطْلِيَةً إِذا مَرَّضْتَه وقمتَ عَلَيْهِ فِي مَرَضه. وَقد أطلَى الرجلُ إطْلاءً فَهُوَ مُطْلٍ، وَذَلِكَ إِذا مالتْ عنقُه لموتٍ أَو غيرِه، وَأنْشد:
تَرَكْتُ أَباكِ قد أطلَي ومالَتْ
عَلَيْهِ القَشْعَمَانِ من النُّسُورِ
أَبُو سعيد، الطِّلْوُ الذِّئب، والطِّلْو: القانِص اللّطيف الجِسم، شُبِّه بالذئب؛ وَقَالَ الطِّرِمَّاح:
صادَفَت طِلْواً طَوِيلَ القَرَا
حافظَ العَيْن قَلِيلَ الشَّآم
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ليلٌ طالٍ أَي مُظلِم، كأنَّه طَلى الشُّخُوصَ فَغطَّاها، وَقَالَ ابْن مُقْبِل:
أَلا طَرَقَتْنَا بالمدينةِ بعدَ مَا طَلَى
الليلُ أذنابَ النِّجادِ فأَظْلَما
أَي غَشَّاها كَمَا يُطْلَى البَعيرُ بالقَطِران.
وَيُقَال: فلانٌ مَا يُساوِي طُلْيَةً، وَهِي الصُّوفة الَّتِي يُطْلَى بهَا الجَرْيَى، وَهِي الرِّبْذَة أَيْضا.
قَالَه ابْن الأعرابيّ. قَالَ: والطِّلاءُ: الشَّرَابُ، شبه بِطِلاءِ الْإِبِل، وَهُوَ الهِناء. قَالَ: والطِّلاء: الشَّتْم، وَقد طلَّيْتُه أَي شَتَمْتُه. قَالَ: والطِّلاء: الخَيط، وَقد طَلَيْتُ الطِّلاء: أَي شدَدْتُه. قَالَ: والطُّلاَّء: الدمُ، يُقَال: تركته يتَشَحَّط فِي طُلاّئه، أَي يضطرب فِي دمِه مقتولاً.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الطُّلاّء: شيءٌ يَخرج بعدَ شُؤْبُوب الدَّمِ الَّذِي يُخَالف لَوْنَ الدَّمِ، وَذَلِكَ عِنْد خُروج النَّفْس من الذَّبيحِ وَهُوَ الدَّم الَّذِي يُطلَى.
ابْن نجدة عَن أبي زيد قَالَ: أَطَلى الرجلُ إِذا مالَ إِلَى هوى.
وَفِي الحَدِيث: مَا أَطَلى نَبِيٌّ قطّ أَي مَا مَال إِلَى هَوَاهُ، وَقَالَ غيرُه فِي قَوْلهم: مَا يُسَاوِي طِلْيَة، إنّه الْخَيط الّذي يُشَد فِي رِجْل الجَدْي مَا دَامَ صَغِيرا، وَقَالَ: الطُّلْية خِرْقَةُ العَارِك، وَقيل: هِيَ الثَّمَلَة الّتي يُهْنأ بهَا الجَرَبُ.
وَقَالَ أَبُو سعيد: أمرٌ مَطْلِيٌّ أَي مُشكِل مُظلِم، كأنَّهُ قد طُلِي بِمَا لَبَّسه، وَأنْشد ابْن السكّيت:
شَامِذاً تَتَّقِي المُبِسَّ على المُرْ
يَةِ كَرْهاً بالصِّرفِ ذِي الطُّلاّء
(14/17)
________________________________________
قَالَ: الطُّلاّء الدَّمُ فِي هَذَا الْبَيْت، قَالَ: وَهَؤُلَاء قومٌ يُرِيدُونَ تسكينَ حَرْب، وَهِي تَسْتعصِي عَلَيْهِم وتَزْبِنُهُم لِما هُرِيق فِيهَا من الدِّماء. وَأَرَادَ بالصِّرْف، الدَّمَ الْخَالِص.
أَبُو عبيد: المَطالِي: الأرضُ السَّهْلَةُ اللّيّنة تُنْبِت الغَضَا واحِدتها مِطْلاءٌ على مِفْعال.
عَن أبي عَمْرو وَابْن الأعرابيّ: تَطَلّى فلَان إِذا لَزِمَ اللهوَ والطرب، وَيُقَال: قَضَى فلانٌ طَلاهُ مِن حَاجته أَي هَوَاهُ.
لأط: قَالَ أَبُو زيد فِي كتاب الهَمْزة: لأَطْتُ فلَانا لأْطاً، إِذا أمَرْته بأمرٍ فألَحّ عَلَيْهِ، وتَقَضّاه فألَحّ عَلَيْهِ. وَيُقَال: لأَطتُ الرجلَ لأْطاً إِذا تتبعتَه بِبَصَرِك فَلم تَعْرِفه عَنهُ حَتَّى يَتوارَى.
لطأ: قَالَ أَبُو زيد: لَطِىءَ فلانٌ بِالْأَرْضِ يَلْطَأُ لَطْأً إِذا لَزِق بهَا، وَأَجَازَ غَيره: لَطَأَ يَلْطَأَ، وَقَالَ شَمِر: لَطَا يَلْطَا بِغَيْر همز إِذا لَزق بِالْأَرْضِ وَلم يَكد يَبْرح، وهما لغَتان.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
فأَلْقَى التِّهَامِي مِنْهَا بِلَطَاتِه
وأَحْلَطَ هَذَا لَا أَعُودُ وَرَائِيا
قَالَ أَبُو عبيد فِي قَوْله بلَطَاته: أرضه وموضعه، وَقَالَ شمِر: لم يجد أَبُو عبيد فِي لَطاته قَالَ: وَيُقَال: ألقَى لَطاتَه إِذا أَقَامَ فَلم يَبرَح، كَمَا تَقول: ألْقَى أَرْواقَه وجَرَاميزه. قَالَ: وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: ألقَى لَطاتَه طَرَحَ نفسَه، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: لَطاتُه متاعُه وَمَا مَعَه.
أَبُو العبّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: بيّضَ الله لَطَاتَك، أَي جَبهَتك. قَالَ: واللُّطاةُ أَيْضا اللُّصوص، قومٌ لُطاةٌ، وَيُقَال: فلَان من ثطاته لَا يَعرف قَطاتَه من لَطاتِه، أَي لَا يَعرِف مقدَّمَه من مُؤَخَّرِه، وَقَالَ الليْث: اللَّطْءُ لُزوقُ الشّيء بالشَّيْء، يُقَال: رَأَيْت فلَانا لاطِئاً بِالْأَرْضِ. ورأيتُ الذئبَ لاطئاً للسَّرِقة، وَهَذِه أَكَمة لاطئة، قَالَ: واللاطئة خُرَاج يَخْرج بالإنسان فَلَا يكَاد يَبرأ مِنْهُ ويَزعمون أنّها من لَسْعة الثُّطْأَةِ.
ابْن السّكيت عَن الْأَحْمَر: لَطَأَتُ بِالْأَرْضِ ولَطِئتُ أَي لَزِقْتُ، وَقَالَ الشمّاخ فتَركَ الْهمزَة:
فَوافَقَهُنَّ أطلَسُ عامِرِيٌّ
لَطَا بصَفائحٍ مُتسانِداتِ
أَرَادَ لطأَ، يَعْنِي الصيّاد أَي لَزِقَ بِالْأَرْضِ فتَركَ الْهَمْز.
(لوط ليط) : فِي حَدِيث أبي بكر أَنه قَالَ: إنّ عمَر لأحَبُّ النَّاس إليَّ. ثمَّ قَالَ: اللهمّ أَعَزُّ، والوَلَدُ أَلْوَطُ.
قَالَ أَبُو عبيد: قولُه والوَلَد ألوَط أَي أَلْصَق بالقَلْب، وَكَذَلِكَ كلُّ شَيْء لَصِق بِشَيْء فقد لاطَ بِهِ يَلُوطُ لَوْطاً. قَالَ: وَمِنْه حَدِيث ابْن عبّاس فِي الّذي سأَلَه عَن مالِ يَتِيم وَهُوَ وَاليهِ: أَيُصيبُ من لَبَن إبِلِه؟ فَقَالَ: إِن كنتَ تَلُوطُ حَوْضها، وتَهْنَأْ
(14/18)
________________________________________
جَرْباها، فَأَصِبْ من رِسْلِهَا، قَالَ: قَوْله: تَلوطُ حَوْضَها أَرَادَ باللَّوْطَ تطْيِين الحَوْض، وإصلاحَه، وَهُوَ من اللصوق، وَمِنْه قيل للشَّيْء إِذا لم يكن يُوافِق صاحبَه: مَا يَلْتاطُ هَذَا بِصَفَرِي أَي لَا يَلصَق بقَلْبي، وَهُوَ مُفْتَعِل من اللَّوْط، قَالَ: وَمِنْه حديثُ عليّ بن الحَسَنْ فِي المُستَلاط أَنه لَا يَرِث، يَعْنِي المُلصَق بالرجُل فِي النَّسَب الَّذِي وُلِد لغير رِشْدَة.
وَقَالَ اللّيث: يُقَال: الْتاطَ فلانٌ ولَداً واستَلاطه وَأنْشد:
فَهَلْ كُنتَ إلاّ بُهْثَةً استلاطَها
شَقيٌّ من الأقوام وَغدٌ ومُلْحَقُ
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: إنّي لأجد لَهُ لَوْطاً ولِيطاً بِالْكَسْرِ، وَقد لاطَ حُبَّه يَلُوط ويَلِيط أَي لَصِق.
وَقَالَ أَبُو عبيد: اللِّياط الريَا سُمِّي لِياطاً لأنّه شيءٌ لَا يَحِلّ، أُلْصِق بِشَيْء، وَمِنْه حديثُ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه كَتبَ لثَقِيفَ حِين أَسلَموا كِتاباً فِيهِ: (وَمَا كَانَ لَهُم مِن دَيْن إِلَى أجَلٍ فَبلغ أجلَه فإنّه لِياط مُبرَّأٌ من الله) ، فاللِّياط هَهُنَا الرِّبا الّذي كَانُوا يُرْبُونه فِي الجاهليّة، رَدَّهم اللَّهُ إِلَى أَن يَأْخُذُوا رُؤُوس أَمْوَالهم، ويَدَعُوا الفَضْلَ عَلَيْهَا.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: جمعُ اللّياط وَهُوَ الرِّبا، ليطٌ وَأَصله لُوطٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: لُوطٌ كَانَ نبيّاً بَعَثه الله إِلَى قومه فكذّبوه وأحدَثوا مَا أَحدَثوا، فاشتَقّ الناسُ من اسْمه فِعلاً لمن فَعلَ فِعْلَ قومِه. قَالَ: واللِّيطُ قِشْرُ القَصَب اللاّزق بِهِ، وَكَذَلِكَ لِيطُ القَناة، وكلُّ قِطعة مِنْهُ لِيطةٌ. قَالَ: ويُقال للْإنْسَان اللَّيِّن المجَسَّة: إنّه لَلَيِّنُ اللِّيط، وأنشدَ:
فَصبَّحتْ جابيَةً صُهارِجَا
تَحسَبُها لَيْطَ السماءِ خارِجَا
شَبَّه خُضرة المَاء فِي الصِّهريج بجِلد السَّمَاء، وَكَذَلِكَ لِيطُ القَوْس العربيّة تُمسَح وتُمرَّن حتّى تَصْفَرَّ وَيصير لَهَا لون ولِيط.
قلتُ: ولِيطُ العُودِ: القِشْر الَّتِي تَحت القِشْر الْأَعْلَى، وَقَالَ أَوْس بن حَجَر يصف قوساً:
فَمَن لَك باللِّيطِ الَّذِي تحتَ قِشْرِها
كَغِرقِىء بَيْضٍ كَنَّه القَيْضُ من عَلِ
وَقَالَ أَبُو عبيد: اللِّيط اللَّوْن وَهُوَ اللّياط أَيْضا.
وَمِنْه قولُ الشَّاعِر يصف قوساً:
عاتكةُ اللِّياط
وَقَالَ اللَّيْث: تَلَيَّطْتُ لِيطةً أَي تَشَظَّيتها من قشر الْقصب.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: اللَّوْط الرِّداء، يُقَال: انتُقْ لَوْطَك فِي الغزالة حَتَّى يَجِف، ولَوْطُه رِداءُه ونتقُه بَسطه. قَالَ: وَيُقَال: استلاطَ القومُ وأطلوا إِذا أَذْنبوا ذُنوبا
(14/19)
________________________________________
ً تَكون لِمَنْ عاقَبَهم عذرا، وَكَذَلِكَ أَعذَروا.
وَفِي الحَدِيث: أنّ الْأَقْرَع بنَ حَابِس قَالَ لِعُيَينة بن حِصْن: بمَ استَلطْتُم دمَ هَذَا الرجل؟ قَالَ: أَقْسَمَ منّا خَمْسون أنّ صاحبنا قُتِلَ وَهُوَ مُؤمن، فَقَالَ الْأَقْرَع: فَسألكم رسُولُ الله أَن تَقْبَلُوا الدّيَهْ وتَعْفُوا فَلم تَقْبَلُوا، وليُقْسِمَنَّ مائةٌ من بني تَمِيم أنّه قُتِل وَهُوَ كَافِر، قَوْله: بمَ استلَطتم؟ أَي استوجَبْتم واستَحقَقْتُم، وَذَلِكَ أنّهم لمّا استحقّوا الذَّمَ وَصَارَ لَهُم ألصَقُوه بِأَنْفسِهِم.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي، يُقَال: استلاط القَوْمُ واستَحَقوا وأَوْجَبُوا وأَعْذَروا ودَنُّوا إِذا أَذْنبوا ذُنوباً تكونُ لمن يُعاقِبُهم عذْراً فِي ذَلِك لاستحقاقهم.
أَبُو زيد، يُقَال: فلَان مَا يَليطُ بِهِ النَّعيم وَلَا يَليق بِهِ، مَعْنَاهُ وَاحِد، انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الطَّاء وَالنُّون)
ط ن (وايء)
طين، طنى، وَطن، نوط، نيط، نطا، طون، (نأط) .
طين: قَالَ اللَّيْث: الطِّين مَعْرُوف، يُقَال: طِنْتُ الكتابَ طَيْناً جَعَلْتُ عَلَيْهِ طِيناً لأخْتِمه بِهِ، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {قَالَ أَءَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِينًا} (الْإِسْرَاء: 61) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: نَصَب طيناً على الْحَال، أَي خلقْتهُ فِي حَال طِينيَّتِهِ.
قَالَ اللَّيْث: وَيُقَال طَيَّنْتُ البيتَ والسَّطح، والطِّيانَة حِرْفَة الطَّيَّان، وَأما الطيّان من الطَوَى، وَهُوَ الْجُوع فَلَيْسَ من هَذَا، والطِّينةُ، قِطعة من الطِّين يُختَم بهَا الصَّكّ ونحوُه.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: طانَه اللَّهُ على الخَيْر وطامَه يَعني جَبَلَه، وَهُوَ يطِينُه، وأَنشدَ:
أَلا تِلكَ نفسٌ طِينَ مِنْها حَياؤُها
وَيُقَال: لقد طانَنِي اللَّهُ على غير طِينتك.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: طانَ فلانٌ وطَام إِذا حَسُنَ عَملُه. يُقَال: مَا أحسنَ مَا طَامَه وطَانه. اللّحياني: يَوْم طانٌ ذُو طِين.
طنى: قَالَ اللَّيْث: الطنَى لزُوق الرِّئة بالأضلاع حَتَّى رُبمَا عَفِنتْ واسودّت وأكثرُ مَا يُصيبُ الْإِبِل، وبعيرٌ طَنٍ، وَقَالَ رؤبة:
مِن داءِ نَفْسِي بَعْدَمَا طَنيتُ
مِثلَ طَنَى الإبلِ وَمَا ضَنِيتُ
أَي بَعْدَ مَا ضَنِيت، أَبُو عبيد: الطنَى لُزوق الطِحَال بالجَنْب.
وَقَالَ الْحَارِث بن مُصرف:
(14/20)
________________________________________
أَكْويه إمَّا أَرادَ الكَيَّ مُعْترِضاً
كيَّ المُطَنِّي من النَّحْرِ الطَّنَى الطَّحِلاَ
قَالَ: المُطنِّي: الّذي يُطَنِّي البعيرَ إِذا طَنَى.
قلت: الطنَى يكون فِي الطِّحال كَمَا قَالَ أَبُو عبيد ورَواه عَن الْأَصْمَعِي.
وَقَالَ اللحيانيّ: رجُلٌ طَنٍ، وَهُوَ الّذي يُحَمّ غِبّاً فيعظُمُ طِحَالُه، وَقد طَنِيَ طَنى.
قَالَ: وبعضُهم يهمِز فَيَقُول: طَنِىء يطنأ طَنَأً فَهُوَ طَنيءٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيْ: أطْنَى الرجلُ إِذا مَال إِلَى الطَّنَى وَهُوَ الرِّيبَةُ والتُّهْمَةُ، أَطْنَى إِذا مَال إِلَى الطّنّى وَهُوَ البِساط فَنَامَ عَلَيْهِ كَسَلاً. قَالَ: أَطْنَى إِذا مَال إِلَى الطَّنَى، وَهُوَ الْمنزل، وأَطنَى إِذا مَال إِلَى الطَّنَى فشَرِبه وَهُوَ المَاء يَبْقَى أسفلَ الحَوض، وأَطْنَى إِذا أَخَذَه الطَّنَى وَهُوَ لُزوق الرّئة بالجَنْب.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ أَيْضا: الطَنْءُ الرِّيبة والطِّنْءُ: الأَرْض البَيْضاء، والطِّنءُ الرَّوْضَة، وَهِي بقيّة المَاء فِي الحَوْض.
أَبُو عُبيد عَن الأُمَويّ: الطِّنءُ: المنزِل. وَقَالَ شِمر: الطَّنْءُ الرِّيبة والتهمة. وَأنْشد الفرّاء:
كَانَ على ذِي الطِّنْءِ عَيْناً بَصِيرة
وَفِي النَّوَادِر: الطِّنْءُ شيءٌ يُتَّخَذ لصَيد السِّباع مثل الزُّبْية.
وَقَالَ اللَّيْث: الطّنْء فِي بعض الشعْر اسمٌ للرّماد الهامد، والطِّنْء: الفُجور، قَالَ: وَيُقَال: قوم طُنَاةٌ زُناةٌ. وأخبرَني المنذريُّ عَن أبي الهيْثم أنّه يُقال: لدَغَتْهُ حيّة فأطنَتْهُ إِذا لم تَقتُله، وَهِي حيَّةٌ لَا تُطْنِىءُ أَي لَا تُخطِىء. والإطناء مِثل الإشواء.
سَلمَة عَن الفرّاء: الأطناءُ الأهواءُ، والأطناء: العَطيَّات.
أَبُو تُرَاب عَن شمِر: طَنَأْتُ طُنُوءاً وزَنَأْتُ إِذا استحْيَيْتُ. قَالَ: وَقَالَهُ الأصمعيّ، وَلم يَعْرِفه أَبُو سعيد. أَبُو زيد، يُقَال: رُمِيَ فلانٌ فِي طِنْئِه وَفِي نَيْطِه، وَذَلِكَ إِذا رُمِيَ فِي جَنازَتِه وَمَعْنَاهُ إِذا مَاتَ.
وَطن: قَالَ اللَّيْث: الوَطنُ مَوْطِن الْإِنْسَان ومَحَلُّه قَالَ: وأَوْطانُ الغَنَم مَرابِضُها الَّتِي تأْوِي إِلَيْهَا. وَيُقَال: أَوْطَن فلانٌ أرضَ كَذَا وَكَذَا، أَي اتَّخَذَها مَحَلاًّ ومَسْكناً يُقيم فِيهَا، قَالَ رؤبة:
حَتَّى رأى أهلُ العراقِ أنَّني
أوطنْتُ أَرضًا لم تكن من وَطَني
وأمّا الوَطَن فكلّ مَكَان قَامَ بِهِ الْإِنْسَان لأمرٍ فهوَ مَوْطن لَهُ، كَقَوْلِك: إِذا أتيتَ فوقفتَ فِي تِلْكَ المواطنِ فادْعُ اللَّهَ لي ولإخواني، وَتقول: واطَنْتُ فلَانا على هَذَا الْأَمر إِذا جعلْتُما فِي أَنْفُسِكُما أَن تَفْعَلاه، فَإِذا أردتَ معنَى وافَقْتَهُ قلتَ: وأَطَأْته، وَتقول: وَطَّنْتُ نَفسِي على أمرٍ
(14/21)
________________________________________
فتوطَّنَتْ، أَي حَمْلتُها فذَلَّتْ، وَقَالَ كُثَيّر:
وقلتُ لَهَا يَا عَزُّ كلُّ مصيبَةٍ
إِذا وُطِّنتْ يَوْمًا لَهَا النفسُ ذَلّتِ
أَبُو نصر عَن الأصمعيّ: هُوَ المَيْدَان والمِيطان بِفَتْح الْمِيم من الأوَّل وكسرِها من الثَّانِي: وَرَوَى عَمرو عَن أَبِيه أَنه قَالَ: هِيَ المَياطِين والمَيادِين.
نوط نيط: قَالَ اللَّيْث: النَّوْط مصدرُ ناط يَنُوط نَوْطاً، تَقول: نُطْتُ القِرْبةَ بنِياطها نَوْطاً.
أَبُو عُبيد: النَّوْطُ: الجُلّةُ الصَّغِيرَة فِيهَا التَّمر، رَوَاهُ عَن أبي عَمرو، وسمعتُ البَحْرانِيِّينَ يُسمُّون الجِلالَ الصِّغار المكنوزة بِالتَّمْرِ الَّتِي تُعلَّق بعُراها من أَقْتاب الحَمولة نِياطاً، واحدُها نَوْط.
وَفِي الحَدِيث: (أنّ وَفْدَ عبد الْقَيْس قَدِموا على رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأَهدَوا لَهُ نَوْطاً من تَعْضُوضِ هَجَرَ) ، أَي أهْدَوا لَهُ جُلَّةً صَغِيرَة من تَمْر التَّعْضُوض، وَهُوَ من أسرَى تُمْرَان هَجَرَ أَسْود جَعْدَ لَحيم عَذْب الطَّعم شَدِيد الْحَلَاوَة. وَقَالَ اللَّيْث: النِّياط عِرْقٌ غَلِيظٌ قد عُلِّق بِهِ القَلْب من الوَتِين وجمعُه أَنْوِطَة فَإِذا لم تُرِد العَدَدَ جَازَ أَن تَقول: للْجمع: نوطٌ لأنّ الْيَاء الَّتِي فِي النِّيَاط واوٌ فِي الأَصْل، وَإِنَّمَا قيل لبُعْدِ الفَلاة: نِيَاط لأنّها مَنُوطةٌ بفَلاةٍ أُخْرَى تَتَّصِل بهَا.
وَقَالَ رؤبة:
وبلدةٍ بَعيدةِ النِّياطِ
وَيُقَال: انتاطَتْ الْمَغَازِي أَي بَعُدَتْ، من النَّوط، وانْتَطَتْ جائزٌ على الْقَلْبِ. قَالَ رؤبة:
وبلدةٍ نِياطُها نَطِيُّ
أَرَادَ نَيِّطٌ فَقلب، كَمَا قَالُوا: فِي جمع قَوْسٍ قِسِيّ.
وَقَالَ الْخَلِيل: المدّاتُ الثلاثُ مَنُوطات بِالْهَمْز، وَلذَلِك قَالَ بعضُ الْعَرَب فِي الْوُقُوف: أفْعَلِىءْ وأَفْعَلَأْ وأفْعَلؤْ فهَمَزوا الألفَ وَالْيَاء وَالْوَاو حِينَ وَقفوا.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: التَّنَوُّطُ طَيرٌ واحدتُها تَنَوُّطة، وَيُقَال: تُنَوِّط، واحدتها تُنَوِّطةٌ.
قَالَ الأصمعيّ: وإنَّما سُمِّيَ تنَوّطاً لأنَّه يُدَلِّي خُيوطاً من شجرةٍ ثمَّ يُفرخُ فِيهَا.
وَقَالَ أَبُو زيد: نَحْو ذَلِك.
شَمِر عَن ابنَ الْأَعرَابِي: بِئْر نَيِّط إِذا حُفِرَتْ فأتَى الماءَ من جانبٍ مِنْهَا فَسَالَ إِلَى قَعْرِها، وَلم تَعِنْ من قعرها بِشَيْء، وَأنْشد فَقَالَ:
لَا تَسْتَقِي دِلاؤُها من نَيِّطِ
وَلَا بَعيدٍ قَعْرُها مَخْرَوِّطِ
وَقَالَ أَبُو الهَيْثَم: النَّيِّط: المَوْت، والنَّيِّط: العَيْن فِي الْبِئْر قبل أَن تصلَ إِلَى القَعْر.
وَقَالَ أَبُو عبيد: بعيرٌ مَنُوطٌ، وَقد نِيطَ: لَونه نَوْطةٌ إِذا كَانَ فِي حَلْقِه وَرَم، وَرجل
(14/22)
________________________________________
مَنُوطٌ بالقوم: لَيْسَ من مُصاصِهِمْ وَقَالَ حسّان:
وَأَنت مَنُوط نِيطَ من آلِ هاشمٍ
كَمَا نِيطَ خَلْفَ الراكبِ القَدَح الفَرْدُ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد والأمويّ: النَّيْط الْمَوْت، قَالَ: وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للبعير إِذا وَرِمَ نَحْرُه وأرفاغُه قد نِيطَ: لَهُ نَوْطةٌ، قَالَ ابْن أَحْمَر:
وَلَا عِلْمَ لي مَا نَوْطَةٌ مُستكنَّةٌ
وَلَا أيُّ مَن فَارَقت أَسْقِي سِقائيا
قَالَ: وَيُقَال: رَماه الله بالنَّيْط، وَهُوَ الْمَوْت.
قلت: إِذا خُفِّف فَهُوَ مِثلَ الهَيْن والهَيِّن واللَّيْن واللَّيِّن، ورُوِي عَن عليّ أَنه قَالَ لمعاوية: إِنَّه مَا بَقِيَ من بني هَاشم نافخُ ضَرْمَةٍ إِلَّا طُعِنَ فِي نَيْطه، مَعْنَاهُ مَا بقيَ مِنْهُم أحد وَأَنَّهُمْ مَاتُوا كلهم.
شَمِر عَن ابْن شُمَيل: النَّوْطةُ لَيست بوادٍ ضَخْم وَلَا بتَلْعةٍ هِيَ بَينهمَا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: النَّوْطةُ: الْمَكَان فِيهِ شجرٌ فِي وَسطه وطَرَفَاهُ لَا شجرَ فِيهَا، وَهُوَ مُرتفِع عَن السَّيْل.
وَقَالَ أَعْرَابِي وصف غيثاً: أَصَابَنَا مَطرُ جَوْد، وإنَّا لَبِنَوْطَةٍ فجَاء بِجارِّ الضَّبُع.
نطا: قَالَ اللَّيْث وغيرُه: الإنطاء لغةٌ فِي الْإِعْطَاء.
وَفِي الحَدِيث: إنَّ مالَ اللَّهِ مَسْؤُولٌ ومُنْطًى، أَي مُعْطًى.
ورَوَى سَلمة عَن الفرّاء: الأنطَاء: العَطِيَّات.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: رَوَى الشَّعْبِيُّ أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لرجل: أنِطه كَذَا وَكَذَا، أَي أَعْطِه.
قَالَ: وَقَالَ زيد بن ثَابت: كنتُ مَعَ النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ يُملي عليَّ كِتاباً، وَأَنا أستَفْهِمه، فَاسْتَأْذن رجلٌ عَلَيْهِ، فَقَالَ لي: أنْطُ أَي اسكُت. قَالَ ابْن الأعرابيّ: فقد شَرَّف النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم هَذِه اللُّغة وَهِي حميريَّة.
قَالَ: وَقَالَ المفضَّل: وزَجْرٌ للعَرَب تَقُولُ للبعير تسكيناً لَهُ إِذا نَفَر: أنْطُ، فيسكُن.
قَالَ: وَهُوَ أَيْضا إشْلاء الكَلْب.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّطاةُ حُمَّى تَأْخُذ أَهْلَ خَيْبَر.
قلتُ: هَذَا غَلَط، ونَطاةُ عَيْنُ مَاء بخَيْبَر تَسقِي نَخِيلَ بعضِ قُراها وَهِي فِيمَا زَعَمُوا وَبِيئَةٌ، وَقد ذكَرَها الشَّاعِر فَقَالَ يذكر محموماً:
كأنَّ نَطاةَ خَيبرَ زَوَّدتْهُ
بَكُورَ الوِرْدِ رَيِّثَةَ القُلُوع
فظنّ اللَّيْث، أنّها اسْم للحمَّى، وَإِنَّمَا نَطاةُ اسمُ عَيْن بِخَيْبَر. وَمِنْه قَول كثير:
(14/23)
________________________________________
حُزِيَتْ لي بحَزْم فَيدَةً تُحْدَى
كاليهودي من نطاةَ الرِّقالِ
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: تَناطيْتُ الرِّجال ولاَ تُناطِ الرِّجال، أَي لَا تَمرَّس بهم وَلَا تُشارَّهم.
وَمِنْه قولُ لبيد يَمدَح قومَه:
وهمُ العشيرةُ إنْ تَناطَى حاسِدٌ
أَي همْ عَشيرتي الَّتِي أفتخر بهم إِن تمرّسَ بِي عدوّ يَحسُدني.
عَمرو عَن أَبِيه: النَّطْوَة: الشفْرة الْبَعِيدَة. وَيُقَال: نَطَتِ المرأةُ غَزْلَها أَي شَدَّتْه تَنْطُوه نَطْواً، وَهِي ناطيَةٌ، والغَزْلُ مَنْطُوٌ ونَطِيٌّ، أَي مُسَدًّى، والنّاطِي: الْمُسَدِّي.
قَالَ الراجز:
ذَكَّرْتُ سَلمَى عَهْدَهُ فَشوَّقَا
وهُنَّ يَذْرَعْنَ الرّقاقَ السَّمْلَقا
ذَرْعَ النَّوَاطِي السُّحُل المدَقَّقا
طون: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الطَّونةُ كَثْرَة المَاء.
نأَط: وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: نأَطَ بالحِمْل نأْطاً إِذا زَفَر بِهِ، ونَئِيطاً. انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الطَّاء وَالْفَاء)
ط ف (وايء)
طفا، طفأ، طوف، طيف، وَطف، فطأ، فوط.
(طفا) : رُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه ذكَر الدَّجَّالَ فَقَالَ: كَأَن عينَه عِنَبَةٌ طافِيَة.
قَالَ أَبُو العبَّاس: وسُئل عَن تَفْسِيره فَقَالَ: الطافِية من العِنَب: الحَبَّة الَّتِي قد خَرجتْ عَن حَدِّ نِبْتَةِ أَخواتِها من الحَبّ فنتأتْ وظهرتْ. قَالَ: وَمِنْه الطّافي من السَّمَك لِأَنَّهُ يَعْلُو، ويَظهرُ على رَأس المَاء.
وَقَالَ اللَّيْث: طَفَا الشيءُ فوقَ الماءِ يطفو طَفْواً، وَقد يُقَال للثور الوحشيّ إِذا عَلاَ رَمْلَةً: طَفَا فَوْقها.
قَالَ العجّاج:
إِذا تَلَقَّتْه الدِّهاسُ خَطْرَفا
وَإِن تَلقَّتْه العقاقِيل طَفَا
وَفِي حَدِيث آخر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: اقْتلُوا الجانّ ذَا الطفيَتين والأبتَر.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: الطفْيَةُ: خُوصة المُقْل وَجَمعهَا طُفًى. قَالَ: وأراهُ شَبَّه الخَطَّين اللذَين على ظهرِه بخُوصتَين من خُوص المُقْل، وَأنْشد بيتَ أبي ذُؤَيْب:
عَفَتْ غيرَ نُؤْيِ الدارِ مَا إِن تُبِينُه
وأَقْطاعِ طُفْيٍ قد عَفتْ فِي المَعَاقِلِ
وَأنْشد ابْن الأعرابيّ:
عَبْدٌ إِذا مَا رَسَبَ القومُ طَفَا
قَالَ: طَفَا أَي نزَا بجَهلِه إِذا تَرَزَّنَ الحَليم.
سلمَةُ عَن الفرّاء: الطُّفاوِيُّ مأخوذٌ من الطُّفاوَة، وَهِي الدارة حولَ الشَّمْس.
(14/24)
________________________________________
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: الطفَاوَة الدَّارة الَّتِي حَوْل الْقَمَر، وَكَذَلِكَ طُفَاوَةُ القِدْر مَا طفَا عَلَيْهَا من الدّسَم.
قَالَ العجّاج:
طُفَاوَةُ الأُثْرِ كَحَمِّ الجُمَّلِ
والجُمّل الَّذين يُذيبُون الشّحْمَ.
طفأ: قَالَ الله جلّ وعزّ: {كُلَّمَآ أَوْقَدُواْ نَاراً لِّلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ} (الْمَائِدَة: 64) أَي أَهمَدَها حَتَّى تبْرُدَ، وَقد طَفِئَتْ تطفَأ طُفُوءًا، وَالنَّار سَكَن لهبُها وجَمْرُها يتَّقد فَهِيَ خامدة، فَإِذا سَكَن لهبُها وبرَدَ جمرُها فَهِيَ هامدة طافئة.
طوف طيف: قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ وَالْجَرَادَ} (الْأَعْرَاف: 133) .
قَالَ الفرّاء: أَرسل اللَّهُ عَلَيْهِم السماءَ سَبْتاً فلَم تُقلِع لَيْلاً وَلَا نَهَارا، فضاقَتْ بهم الأرضُ، فسألوا مُوسى أَن يُرْفع عَنْهُم، فرُفع، فَلم يتوبوا.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي بكر الخطّابي، عَن مُحَمَّد بن يزِيد، عَن يحيى بن يمَان عَن الْمنْهَال بن خَليفَة، عَن الحجّاج، عَن الحكم بن حَبْناء عَن عَائِشَة قَالَت: قَالَ رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الطوفان المَوْت.
وَأَخْبرنِي عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ: قَالَ الْأَخْفَش فِي قَوْله: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الطُّوفَانَ} قَالَ: واحدتُه فِي الْقيَاس طُوفَانَةٌ، وَأنْشد فَقَالَ:
غيَّرَ الجِدَّةَ من آياتِها
خُرُقُ الرِّيح وطوفانُ المطَرْ
قَالَ: وَهُوَ من طافَ يطوف.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: الطوفان مصدرٌ مثلُ الرُّجحان والنُّقصان، فَلَا حَاجَة إِلَى أَن نطلبَ لَهُ وَاحِدًا.
وَقَالَ غَيره: يُقَال لِشدّة سوادِ اللَّيْل طُوفان.
وَقَالَ الرّاجز:
وعَمَّ طوفان الظَّلامِ الأثأَبَا
وَقَالَ الزجّاج: الطوفان من كلّ شَيْء، مَا كَانَ كثيرا مُحيطاً مُطيفاً بِالْجَمَاعَة كلهَا كالغَرَق الَّذِي يَشمل المدُن الكثيرَة، يُقَال لَهُ: طُوفَانٌ، وَكَذَلِكَ القَتْل الذَّريع طُوفان، وَالْمَوْت الجارفُ طوفان.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله جلّ وعزّ: {طَوَافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ} (النُّور: 58) هَذَا كَقَوْلِك فِي الْكَلَام: إِنَّمَا هُمْ خَدَمُكم، وطوَّافون عَلَيْكُم، قَالَ: وَلَو كَانَ نَصباً كَانَ صَوَابا تُخْرِجه مِن عَلَيْهِم.
وأخبرَني المنذريُّ عَن أبي الهيْثم قَالَ: الطَّائِف هُوَ الْخَادِم الَّذِي يَخدمُك برفِق وعناية، وَجمعه الطوّافون، وَقَول النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي الهرّة: إِنَّمَا هِيَ من الطوّافات فِي الْبَيْت، أَرَادَ وَالله أعلم أَنَّهَا من خَدَم الْبَيْت.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلَّ وعزَّ: {إِذَا
(14/25)
________________________________________
مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ} (الْأَعْرَاف: 201) وقرىء {إِذَا مَسَّهُمْ طَيّفٌ الطَّائِف والطيْف سَوَاء، وَهُوَ مَا كَانَ كالخَيال، والشيءُ يُلمّ بك.
وَقَالَ الهذَلي:
فَإِذا بهَا وأَبِيكَ طَيْفُ جُنونِ
وروى ابْن أبي نجيح عَن مُجَاهِد، إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ} قَالَ: الغَضَب. رَوَى الحكمُ عَن عكرمةَ فِي قَوْله: إِذا مَسَّهم طَيْفٌ من الشَّيْطَان تَذكرُوا، قَالَ ابْن عَبَّاس: الطيْفُ الغَضَبُ:
قلتُ: الطَّيْفُ فِي كَلَام العَرَب الجُنون، رَوَاهُ أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر، وَقيل: الغضَبُ طيفٌ لِأَن عَقْلَ من استفزّه الغَضَبُ يَعزُبُ حَتَّى يَصيرَ فِي صُورَة الْمَجْنُون الَّذِي زَالَ عقلُه، وَيَنْبَغِي للعاقل إِذا أحسَّ من نَفسه إفراطاً فِي الغَضب أَن يَذكُر غَضَب الله على المُسْرِفين، فَلَا يُقدم على مَا يوبِقُه، ونسألُ الله توفيقَنا للقَصْد فِي جَمِيع الْأَحْوَال إِنَّه الْمُوفق لَهُ.
وَلَا حول وَلَا قُوَّة إِلَّا بِهِ.
وَقَالَ غَيره: طُفْت أطوفُ طَوْفاً وطَوَافاً، وَطَاف الخيالُ يَطيف طَيْفاً.
وَقَالَ اللّيث: كلُّ شيءٍ يَغشى البصَر مِن وَسْواسِ الشَّيْطَان فَهُوَ طَيْف؛ قَالَ: وَيُقَال أَطافَ فلانٌ بِالْأَمر إِذا أَحَاطَ بِهِ، والطائف: العاسُّ باللّيل، قَالَ: والطائفُ الّتي بالغَوْرِ سُمِّيت طَائِفًا لحائِطها المبنيِّ حولَها المحدق بهَا، والطائفة من كل شَيْء قِطْعةٌ، يُقَال: طائفةٌ من النَّاس، وطائفةُ من اللّيل، وَيُقَال: طَاف بِالْبَيْتِ طَوَافاً، واطَّوَّف اطِّوّافاً، وَالْأَصْل تَطَوّفَ تَطَوُّفاً، وطافَ طَوْفاً وطِوافاً.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: يُقَال لأوّل مَا يَخرُج من بطن الصَّبِي: عِقْيٌ، فَإِذا رضِعَ فَمَا كَانَ بعد ذَلِك قيل: طافَ يَطوفُ طَوْفاً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي مِثلَه، وَزَاد فَقَالَ: أطَّاف يَطاف اطِّيافاً، إِذا أَلقَى مَا فِي جَوفِه، وَأنْشد:
عَشَّيْتُ جابَانَ حَتَّى اشْتدَّ مَغْرِضُه
وكادَ يَنْقَدُّ إِلَّا أنهُ أطَّافَا
جَابَان: اسْم جمَل، والمطاف، موضعُ الطّواف حولَ الْكَعْبَة.
وَقَالَ اللَّيْث: الطوف قِرَبٌ ينْفخ فِيهَا ثمَّ يشد بَعْضهَا إِلَى بعض كَهَيئَةِ سطح فوقَ المَاء يُحمل عَلَيْهَا الْميرَة، ويُعبَر عَلَيْهَا.
قلتُ: الطَّوْف الّذي يُعبَر عَلَيْهِ فِي الأنْهار الْكِبَار تُسَوَّى من القَصَب والعِيدان يُشَدّ بعضُها فوقَ بعض، ثمَّ تُقَمَّطُ بالقمُط حتّى يُؤمَنَ انحلالها، ثمَّ تُركَبُ ويُعْبَرُ عَلَيْهَا، وربّما حُمِل عَلَيْهَا الجَمَل على قَدْر قُوّته، وثَخانته، وَهُوَ الرِّمْثُ أَيْضا، وتَسمَّى العَامَة بتَخْفِيف الْمِيم.
(14/26)
________________________________________
وَقَالَ الفرّاء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {يَسْتَثْنُونَ فَطَافَ عَلَيْهَا} (الْقَلَم: 19) لَا يكون الطَّائِف إِلَّا لَيْلاً، وَلَا يكون نَهَارا، وَقد تتكلّم بِهِ الْعَرَب فَيَقُولُونَ: أطفْتُ بِهِ نَهَارا، وَلَيْسَ موضعُه بِالنَّهَارِ، وَلكنه بِمَنْزِلَة قولِك: لَو تُرِك القَطَا لَيْلاً لَنَام، لأنَّ القطا لَا يَسْرِي لَيْلاً، أَنْشدني أَبُو الجرّاح:
أطفْتُ بهَا نَهاراً غيرَ لَيْلٍ
وألْهَى رَبَّها طَلبُ الرِّجالِ
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّيَاف: سوادُ اللّيل، وَأنْشد:
عِقْبَان دَجْنٍ بادَرَتْ طِيافَا
فطأ: أَبُو زيد فِي كتاب الْهَمْز: فَطأْتُ الرجَل أفْطَؤُهُ فَطْأً إِذا ضرَبْتَه بعَصاً، أَو بظهرِ رِجلِك.
قَالَ: وتَفاطَأَ فلانٌ عَن الْقَوْم بَعْدَمَا حَمَل عَلَيْهِم تَفاطُؤاً، وَذَلِكَ إِذا انكَسَر عَنْهُم ورَجَع.
قَالَ: وَيُقَال: تَبازَخ عَنْهُم تَبازُخاً فِي مَعْنَاهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَطَأُ فِي سَنامِ الْبَعِير، بعيرٌ أفطأُ الظَّهْر، وَالْفِعْل فَطِىءَ يَفْطَأ فَطَاءً.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر وَأبي عَمْرو: الأفْطأُ مَهْمُوز: الأفطَس.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أفَطَأ الرجلُ إِذا جامَعَ جماعاً كثيرا، وأَفْطَأ إِذا اتّسعتْ حالُه، وأَفطَأ إِذا ساءَ خُلُقُهُ بعد حُسْن.
وَطف: قَالَ اللَّيْث: الوَطَفُ كثرةُ شَعَرِ الحاجبَين والأشفار واسترخاؤه.
وَيُقَال: سَحَابَة وَطْفَاء، كَأَنَّمَا بوجهها حِمْلٌ كثير، وَيُقَال فِي اللَّيْل: ظلامٌ أوطَفُ.
وَمن صفة رَسولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه كَانَ بأشْفارِه وَطَف، الْمَعْنى أنّه كَانَ فِي هُدْب أشفارِ عَيْنيه طولٌ، يُقَال: رجلٌ أوطَف، وَامْرَأَة وَطْفاء، إِذا كَانَا كثيرَيْ شعرِ أهْداب العَيْن.
وَفِي حَدِيث آخر أنّه كَانَ أهدَبَ الأشفار أَي طويلَها.
أَبُو زيد: الوَطْفاء الدِّيمة السَّحُّ الحَثِيثةُ طَال مطرُها أَو قَصُر إِذا تَدَلَّتْ ذُيولُها، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
دِيمَةٌ هَطْلاءُ فِيهَا وَطَفْ
فوط: قَالَ اللَّيْث: الفُوَطُ: ثيابٌ تُجلَب من السِّند، الْوَاحِدَة فُوطَة، وَهِي غِلاظٌ قصارٌ تكون مآزِرَ.
قلت: لم أسمعْ فِي شَيْء من كَلَام الْعَرَب العاربة الفُوَطَ، ورأيتُ بِالْكُوفَةِ أُزُراً مخطّطةً يَشْتَرِيهَا الجَمّالون والخَدَم فيتَّزرون بهَا، الْوَاحِدَة فوطة، قَالَ: فَلَا أَدْرِي أعربيّ أم لَا. انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم.
(14/27)
________________________________________
(بَاب الطَّاء وَالْبَاء)
ط ب (وايء)
طيب، طوب، طَابَ، طبي، وطب، وبط، أبط، بوط، بطأ.
وبط: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الوابِطُ الضَّعيفُ، وَقد وَبَطَ يَبِط وَبْطاً.
وَقَالَ اللَّيْث: وَبَط رأيُ فلانٍ فِي هَذَا الْأَمر وُبُوطاً، إِذا ضَعُف.
أبط: أَبُو عَمْرو الشيْباني: وَبَطه الله: وأَبَطَه الله وهَبَطَه بِمَعْنى وَاحِد.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أبَطَه الله وهَبَطه بِمَعْنى وَاحِد.
وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
أَذاكَ خيرٌ أيُّها العَضارِطُ
أم مُسْبَلاتٌ شبينُهُنَّ وابِطُ
أَي واضِعُ الشرَف. والإبْطُ إبْطُ الرجُل والدّواب، وجمعُه الآباطِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الإبْط أسفَلُ حَبْلِ الرَّمْل ومَسْقَطُه.
ورُوِي عَن أبي هُريرة: أنّه كَانَت رِدْيَتُه التأبُّط.
وَقَالَ الأصمعيّ: هُوَ أَن يُدخِلَ الثوبَ تحتَ يدهِ اليُمْنَى، فيلقِيَه على منكبِه الأيسَر، حَكَاهُ أَبُو عبيد عَنهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَأَبَّطَ فُلانٌ سَيْفاً أَو شَيْئا، إِذا أخذَه تحتَ إبْطِه، وَلذَلِك قيل لِثَابِت بن العَمَيثل الشَّاعِر تأبَّط شَرّاً.
بوط: قَالَ اللَّيْث: البُوطة الّتي يُذِيب فِيهَا الصَّاغةُ وَنَحْوهم من الصُّنَّاع.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: باطَ الرجلُ يَبُوط إِذا افتَقَر بعد غِنًى وذَلّ بعد عِزّ.
(بطأ) : وَقَالَ أَبُو زيد: تَبَأَّط الرجلُ تَبَؤُّطاً إِذا أَمْسَى رَخِيَّ البال غير مهموم صَالحا.
قَالَ اللَّيْث: البُطْؤُ: الإبطاء، يُقَال: بَطُؤَ فِي مَشيه يَبْطُؤُ بُطْءاً، فَهُوَ بَطِيءٌ، وَمِنْه الإبْطاء والتَّباطُؤُ.
وَيُقَال: مَا أبْطأَ بك يَا فلَان عنّا، وبطَّأَ فلانٌ بفُلان إِذا ثَبَّطه عَن أمرٍ عَزَم عَلَيْهِ.
قَالَ اللَّيْث: بَاطيَةُ: اسمٌ مجهولٌ أصلُه.
قلت: الباطيَة النَّاجودُ الَّذِي يُجعَل فِيهِ الشَّرَاب وَجمعه البَواطِي، وَقد جَاءَ فِي أشعارِهم.
وطب: الوَطْبُ: سِقاءُ اللّبن، وجمعُه وِطاب وأَوْطاب، وامرأَة وَطْباء إِذا كَانَت ضخمَة الثَّدْيَين، كأنّها تَحمِل وَطْباً من اللّبن، وَيُقَال للرّجل إِذا ماتَ أَو قُتِل: صَفِرَتْ وِطابه، أَي فَرغَتْ وخَلَتْ.
وَقيل: إِنَّهُم يَعْنون بذلك خُروجَ دَمِه من جَسَدِه، قَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
وأَفْلَتَهنَّ عِلْباءٌ جَريضاً
وَلَو أدْرَكْتَه صَفِرَ الوِطابُ
وَيُقَال ذَلِك للرّجل يُغار على نَعَمِه ومالِه.
(14/28)
________________________________________
طيب طوب: قَالَ اللَّيْث: الطِّيْبُ على بِناءِ فِعْل: وَالطّيب نَعْت، والفِعلُ طابَ يَطيب طِيباً.
قَالَ: والطابّة: الخَمْر.
قلتُ: كأنَّها بِمَعْنى طَيّبة، والأصْل طَيْبة، وَكَذَلِكَ اسمُ مدينةِ الرَّسول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم طابَه وطَيْبة، وَمِنْه قَوْله:
فأَصْبَحَ مَيْموناً بطَيْبَةَ راضِياً
وَيُقَال: مَا أطيَبَه وأَيطَبَه وأَطيبْ بِهِ وأيْطِبْ بِهِ كلَّه جَائِز.
وَقَالَ الله جلَّ وعزَّ: {طُوبَى لَهُمْ وَحُسْنُ مَئَابٍ} (الرَّعْد: 29) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: طُوبَى فُعْلَى من الطِّيبِ. قَالَ: والمعنَى العيشُ الطيّب لَهُم، قَالَ: وَقيل: إِن طُوبَى اسمُ شجرةٍ فِي الجنَّة، وَقيل: {طُوبَى لَهُمْ} (الرَّعْد: 29) حُسنَى لَهُم، وَقيل: {طُوبَى لَهُمْ} خَيْرٌ لهُمْ، وَقيل: طوبَى اسمْ الجَنَّة بالهِنْدِيَّة. وَقيل: طوبَى لَهُم خِيرَةٌ لَهُم. قَالَ: وَهَذَا التَّفْسِير كلّه يُسَدِّد قَول النحويِّين أَنَّهَا فُعلى من الطِّيب.
وَقَالَ غيرُه العَرَب: تَقول طُوبَى لَك، وَلَا تَقول طوبَاك. وَهَذَا قولُ أَكثر النحويِّين إِلَّا الْأَخْفَش فَإِنَّهُ قَالَ: من الْعَرَب من يُضيفُها فَيَقُول طوبَاك.
ورُوِي عَن سعيد بن جُبَير أَنه قَالَ: طُوبَى اسمُ الجنّة بالحبشية.
قلت: وطُوبَى كَانَت فِي الأَصْل طُيْبَى فقُلِبت الْيَاء واواً لانضمام الطَّاء.
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: سَبْيٌ طِيَبة، أَي سَبْيٌ طَيّبٌ يَحِلّ سَبْيُه، وَلم يُسْبَوْا وَلَهُم عَهدٌ وذِمّةٌ، وَهُوَ بوَزْن خِيرَة وتِوَلَة.
ورُوِي عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نَهَى أَن يَستَطِيبَ الرجلُ بِيمِينه. قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الاستطابةُ الِاسْتِنْجَاء. سُمِّي استطابةً لأنّه يُطيّبُ جَسَده ممّا عَلَيْهِ من الخَبَث بالاستنجاء فَيُقَال مِنْهُ: استطابَ الرجلُ فَهُوَ مُستطِيب، وأطَاب نفسَه فَهُوَ مُطِيب. قَالَ الْأَعْشَى:
يَا رَخَماً قَاظَ على مطلوبِ
يُعجِلُ كفَّ الخارِىء المُطِيبِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أطابَ الرجلُ واستطابَ إِذا استَنْجى وأَزال الأذَى، وأَطابَ إِذا تَكلّم بكلامٍ طيّب، وأطابَ قَدَّم طَعاماً طَيِّباً، وأطابَ: وَلَدَ بنينَ طيّبين، وأطابَ: تَزوَّج حَلالاً، وأنشدَ:
لَما ضُمِّنَ الأحشاءُ مِنكَ عَلاقةٌ
وَلَا زُرتَنا إلاَّ وأنتَ مُطِيبُ
أَي متزوّج، وَهَذَا قالتْه امرأةٌ لِخدْنها. قَالَ: والحرَام عِنْد العشَّاق أطيَب وَلذَلِك قَالَت:
وَلَا زرتنا إِلَّا وَأَنت مُطيب
قَالَ اللَّيْث: مَطايِبُ اللَّحْم، وكلّ شَيْء لَا يُفْرد فإنْ أُفرِد فواحدُه مَطابٌ ومَطَابة. وَهُوَ أطيبه.
(14/29)
________________________________________
ورَوَى اللّحياني عَن الأصمعيّ قَالَ: يُقَال: أَطعِمْنان مَطايبها وأطايِبها وَاذْكُر مَنَاتِنَها وأَناتِنَها، وامرأةٌ حَسنة المَعارِي، والخيلُ تَجرِي على مَساويها، والمَحاسنُ، والمقاليدُ لَا يُعرف لهَذِهِ وَاحِدَة.
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: وَاحِد المطَايِب مَطْيَبٌ، وَوَاحِد المعارِي مَعْرًى وَوَاحِد المَساوِي مَسْوًى.
وَقَالَ اللَّيْث: الطيِّبَاتُ من الكلامِ أفضَلُه وأحسَنُه، وَيُقَال: طابَ القتالُ أَي حَلّ، وَفِي حَدِيث أبي هُرَيْرَة: طابَ المضرب وَالْقَتْل، يُرِيد طابَ الضَّرْبُ والقتلُ أَي حَلّ، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلْطَّيِّبَاتِ أُوْلَائِكَ مُبَرَّءُونَ} (النُّور: 26) .
قَالَ الفرّاء: أَي الطيّبات من الْكَلَام للطيِّبِين من الرِّجَال.
وَقَالَ غَيره: الطَّيِّبَات من النِّسَاء للطيبين من الرِّجَال.
وأمّا قولُه جلّ وَعز: {يَسْأَلُونَكَ مَاذَآ أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} (الْمَائِدَة: 4) .
الْخطاب للنَّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَالْمرَاد بِهِ العَرَب، وَكَانَت العربُ تستقذِر أشياءَ كَثِيرَة فَلَا تأْكُلها، وتستطيب أَشْيَاء تأكلها فأحَلَّ اللَّهُ جلَّ وعزّ لَهُم مَا استطابوه، ممَّا لم يَنزِل بِتَحْرِيمِهِ تِلاوةٌ مِثل لُحومِ الْأَنْعَام وألبانِها، وَمثل الدَّوابّ الّتي كَانُوا يأكلونها من الضِّباب واليرابيع والأرانب والظباء وَغَيرهَا.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة قَالَ: الأطيَبان الفَمُ والفَرْج.
ثَعْلَب عَن ابْن الإعرابيّ: ذهب أطيَبَاه أكلهُ ونِكاحُه.
وَقَالَ ابْن السكّيت: هما النَّوْم والنِّكاح، والطُّوبة: الآجُرَّةُ ذَكَرَها الشافعيّ، قَالَ: والطوبُ الآجُرُّ.
ورَوَى شمر عَن ابْن شُمَيْل قَالَ: فلَان لَا آجُرَّة لَهُ وَلَا طُوبَة. قَالَ: الطُّوب الآجرُّ.
وَيُقَال: فلَان طيّب الْإِزَار، إِن كانَ عَفيفاً. وَقَالَ النَّابِغَة:
رِقاقُ النِّعال طَيِّبٌ حُجُزاتُهُمْ
يُحيَّون بالريحان يَوْم السَّبَاسِبِ
أَرَادَ أنَّهم أعفّاء الْفروج عَن المحارِم، وَمَاء طيّبٌ وطُيّابٌ. قَالَ الراجز:
إِنَّا وَجَدنا ماءَها طُيَّابا
إِذا كَانَ عَذباً، وَطَعَام طَيّب إِذا كَانَ سائغاً فِي الحَلْق، وفلانٌ طيِّب الأخْلاق إِذا كَانَ سَهْلَ المعاشرة. وبَلد طيبٌ لَا سِباخَ فِيهِ، والكلمة الطيّبة: شَهَادَة أَن لَا إلاه إِلَّا الله وَأَن مُحَمَّدًا رَسُول الله؛ وَمَاء طيب: أَي طَاهِر؛ وَيُقَال: طيَّبَ فلانٌ فلَانا بالطِّيب، وطيَّب صَبيَّهُ إِذا قارَبَه وناغَاه بِكَلَام يُوَافقهُ. وماءٌ طيَّاب؛ أَي طيّب، وَقَالَ:
إِنَّا وَجدْنا ماءَهَا طُيّاباً
(14/30)
________________________________________
طبي: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ، يُقَال للسِّباع كلِّها: طُبْيٌ وأَطْباء، وذواتُ الْحَافِر كلُّها مِثلُها، وللخُفّ والظِّلْف خِلْف وأَخْلاف.
أَبُو عبيد عَن الفرّاء: طَبَاني الشَّيْء يَطْبيني ويَطبُوني إِذا دَعاك، وَقَالَ اللَّيْث: طَبى فلانٌ فلَانا يَطْبِيه عَن رَأْيه وأَمرِه. وكل شَيْء صَرَف شَيْئا عَن شَيْء، فقد طَبَاه عَنهُ، وأنشدَ:
لَا يَطَّبيني العَمَلُ المُقَذِّي
أَي لَا يستميلُني. قَالَ: والطُبيْ: الواحدُ من أَطْباء الضَّرْع وكل شَيْء لَا ضرع لَهُ مثل الكلبة فَلها أَطْباء.
وَقَالَ شَمِر: طَبَاهُ وأَطْباهُ واستئعاه دُعَاء لطيفاً.
انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الطَّاء وَالْمِيم)
ط م (وايء)
طيم، طما، أَطَم، مطى، ميط، ومط.
طيم: يُقَال: مَا أحسنَ مَا طامَه الله وطانَه، أَي جَبَلَه، يَطيمُهُ طَيْماً ويَطِينه طيْناً.
أَبُو عُبيد عَن الْأَحْمَر: طانَه الله على الخَيْر وطامَه، أَي جَبَلَه.
طما: قَالَ اللَّيْث: يُقَال طَمَى الماءُ يَطمِي طُمِيّاً ويَطْمُو طُمُوّاً فَهُوَ طامٍ، وَذَلِكَ إِذا امْتَلَأَ البحرُ أَو النَّهر أَو الْبِئْر.
ابْن السكّيت عَن أبي عُبيدة: طَمَا الماءُ يَطْمُو طموّاً ويَطمِي طُمِيّاً إِذا ارْتَفع، وَمِنْه يُقَال: طَمَتْ المرأةُ بزَوجها أَي ارتَفَعت بِهِ.
مطا: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: مَطَى إِذا صاحَبَ صَدِيقاً، وَهُوَ مِطْوِي أَي صَاحِبي.
قَالَ: وَمَطى إِذا فَتَح عَيْنَيْهِ، وأَصلُ المطو المدُّ فِي هَذَا، ومَطَا إِذا تَمَطَّى، وَإِذا تَمطّى على الحُمَّى فَذَلِك المُطَوَاء، وَقد مَرَّ تفسيرُ المَطِيطاء فِي بَاب المضاعَف، وَهُوَ الْخُيَلاَء والتَّبختُر، وَقَوله عز وَجل. {وَتَوَلَّى ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى} (الْقِيَامَة: 33) أَي يتبختر، يكون من المَطّ والمَطْوِ، وهما المدّ.
وَفِي حَدِيث أبي بكر أَنه مَرَّ ببلال وَقد مُطِيَ فِي الشّمس، فَاشْتَرَاهُ وأَعتَقه، معنَى مُطِيَ أَي مُدَّ، وكلّ شَيْء مَدَدْتَه فقد مَطَوْتَه؛ وَمِنْه المَطْو فِي السَّيْر.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: مَطَا الرجُل يَمْطو إِذا سارَ سَيْراً حَسَناً، وَقَالَ رؤبة:
بِهِ تَمَطّتْ غَوْلَ كلِّ رَسيلَة
بِنَا جَراجيحُ المَطِيِّ النُّفّهِ
تمطّت بِنَا، أَي سَارَتْ بِنَا سَيْراً طَويلا ممدوداً، وَقَالَ الآخر:
تمطّت بِهِ أُمُّه فِي النِّفاسِ
فَلَيْسَ بِيَتْنٍ وَلَا تَوأَمِ
أَي نَضّجَتْ بِهِ وجَرَّت حَمْلَه، وَقَالَ الآخر:
(14/31)
________________________________________
تَمطّت بِهِ بيضاءُ فرعٌ نَجِيبَةٌ
هِجانٌ وبعضُ الوَالِداتِ غَرامُ
والمَطّية. الناقةُ الّتي يُركَبَ مَطاها.
أَبُو عبد عَن الأسوى: المَطْوُ الشِّمْراخ بلُغة بَلْحارث بنِ كَعْبٍ، وجمْعه مِطاء، وَهِي الكِناب والعَاسي.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: مَطَأَ الرجلُ إِذا أكَل الرُّطَب من الكُبَاسَة، قَالَ: والأُمْطِيُّ الّذي يُعمَل مِنْهُ العِلْكُ.
قَالَ: واللُّبَايةُ: شجر الأُمْطِيّ، وَقَالَ النَّضر: الْمِطوُ سَبَلُ الذُّرَة. والمَطَا: مقصورٌ. والمطيّة: البعيرُ يُمْتَطَى ظَهْرُه، وَجمعه المَطايا يَقع على الذّكر وَالْأُنْثَى؛ وَقَالَ ابنْ بزرج: سمعتُ الباهليِّين يَقُولُونَ: مَطَا الرجلُ المرأةَ ومَطأَها بِالْهَمْز أَي وَطِئَها.
قلت: وشَطَأَها بالشين بِهَذَا الْمَعْنى لُغةٌ.
أَطَم: عَمْرو عَن أَبِيه، الأطُوم: سمكةٌ فِي الْبَحْر يُقَال لَهَا المَلِصَة، والزالِخة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الأطُوم سَمَكةٌ من الْبَحْر وأَنشد:
وجِلْدُها من أَطُومِ مَا يؤيِّسُه
طِلْحٌ بضاحِيَة البَيْداء مَهْزُولُ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الأُطُوم: القُصور؛ والأطُوم: السُّلَحْفَاة.
أَبُو عبيد: الأطيمةُ مَوْقِدُ النّار، وَجَمعهَا أَطائِم، وَقَالَ الأفْوَه الأوْدِيُّ:
فِي مَوْطِنٍ ذَرِب الشَّبَا فَكأنما
فِيهِ الرجالُ على الأطائِم واللُّظى
وَقَالَ شَمِر: الأطِيمةُ توثق الْحمام بالفارسيّة. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الأتُّون والأطيمةُ الدَّاسْتورن.
ابْن بُزُرْجَ: أَطَمْتُ على الْبَيْت أَطْماً أَي أَرْخَيْتُ سُتُورَه، وأَطَمْتُ أُطُوماً إِذا سَكَتَّ، وتأطّم فلانٌ عليَّ تأطُّماً إِذا غَضِبَ، وأَطَمْتُ البئرَ أَطْماً إِذا ضَيَّقْتَ فَاها. وَيُقَال للرّجل إِذا عسُرَ عَلَيْهِ بُروزُ غائِطه: قد أُطِم أَطْماً وأْتطِمَ ائْتِطاماً.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: هِيَ الْآطَام وَالْآجَام للحصون، وَاحِدهَا أطْمٌ وأُجْمٌ.
اللَّيْث: تأطّم السَّيْلُ: إِذا ارتفَعتْ فِي وَجْهِه طَحَماتٌ كالأمواج، قَالَ رؤبة:
إِذا ارتَمَى فِي وَأْدِه تأَطُّمُهْ
وَأْدُهُ: صَوْتُه.
وَيُقَال: أَصَابَهُ أُطام وإطام إِذا احتَبَس بطنُه.
وَقَالَ أَبُو زيد: بعيرٌ مَأْطوم، وَقد أُطِم إِذا لم يَبُل من داءٍ يكون بِهِ، والتَّأْطِيمُ فِي الهَوْدج: أَن يُسَتَّرَ بِثِيَاب، يُقَال: أَطَّمْتُه تَأْطِيماً، وَأنْشد:
تَدخُل جَوْزَ الهَوْدَجِ المؤطَّمِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التَّأَطُّمُ سُكُوتُ الرجلُ على مَا فِي نفسِه، وتَأَطُّمُ اللّيلِ ظُلْمَتُه،
(14/32)
________________________________________
وَقَالَ خَليفَة: أزَمَ بيَده وأَطَمَ إِذا عَضَّ عَلَيْهَا.
ميط: أَبُو عُبيد عَن الكسائيّ: مِطْتُ عَنهُ وأَمَطْتُ إِذا تَنَحَّيْتَ عَنهُ، وَكَذَلِكَ مِطْتُ غَيْرِي وأَمَطْتُه أَي نَحَّيْتُه.
وَقَالَ الأصمعيّ: مِطْت أَنا، وأَمَطْتُ غَيْرِي، وَمن قَالَ بِخِلَافِهِ فَهُوَ باطلٌ، وَأنْشد:
فَمِيطي تَمِيطي بصُلْبِ الفُؤادِ
وَوَصْلِ كَرِيمٍ وكنَّادِها
شَمِر عَن ابْن الأعرابيّ: مِطْ عَنِّي أَمِطْ وَأَسِط عنِّي بِمَعْنى، وَرَوَى بيتَ الْأَعْشَى:
أَمِيطي تَمِيطي
أَبُو عبيد عَن الفرّاء: تَهايَط القومُ تَهايُطاً إِذا اجتَمَعوا وأَصلَحوا أمرَهم، وتَمايَطوا تمايُطاً إِذا تباعدوا وفَسَد مَا بَينهم.
وأخبَرَني المنذريّ عَن أبي طَالب النَّحوي، عَن مسلمة قَالَ: قولُهم مَا زِلنا بالهياطِ والمِيَاطِ، قَالَ الفرّاء: الهياطُ أشدُّ السَّوْق فِي الوِرد، والمِياط أشدُّ السَّوق فِي الصَّدَرِ، قَالَ: ومَعْنى ذَلِك بالمجيء والذَّهاب.
وَقَالَ اللَّحيانيّ: الهِياط: الإقبال، والمِياط: الإدبار.
وَقَالَ غَيره: الهِياط: اجتماعُ النَّاس للصُّلح، والمِياط التفرُّق عَن ذَلِك.
وَقَالَ اللَّيْث: الهِياط المُزَاوَلة، والمِياط المَيْل، وَيُقَال: أَماطَ اللَّهُ عَنْك الأذَى أَي نَحَّاه. وَيُقَال: أَرَادوا بالهِياط الجَلَبة والصَّخَب، والمِياط التباعُد والتنحّي والمَيْل.
أَبُو زيد: يُقَال: أَمِطْ عنّي أَي اذهَبْ عنّي واعدِل. وَقد أماطَ الرجلُ إمَاطَة.
وَقَالَ أَبُو الصَّقر: ماطَ عنّي مَيْطاً ومِطْ وأَمِطْ عنّي الْأَذَى إمَاطَة. لَا يكون غيرُه.
ومط: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الوَمْطةُ الصَّرعةُ من التَّعب.
انْتهى وَالله أعلم.
(14/33)
________________________________________
بَاب اللفيف من حرف الطَّاء
طاء، طوي، وطأ، طاط، وطوط، طوط، أَطَأ، طأطأ، أطط، طيا.
طاء طوي: قَالَ الْخَلِيل بن أَحْمد: الطاءُ حرْف من حُرُوف الْعَرَبيَّة ألفُها ترجع إِلَى الْيَاء، إِذا هَجَّيْتَه جزمْتَه وَلم تُعْرِبْهُ كَمَا تَقول: طَ. دَ. مرْسَلَة اللّفْظ بِلَا إِعْرَاب، فَإِذا وصَفْتَه وصيّرْتَه اسْما أعربتَه، كَمَا يعرب الِاسْم فَيُقَال: هَذِه طاء طَوِيلَة، لما وَصفته أعربته. وَتقول: طويتُ الصَّحِيفَة أطوِيها طيّاً فالطيُّ المصدرُ، وطوَيْتُها طَيَّة وَاحِدَة، أَي مَرّة وَاحِدَة، وَإِنَّه لَحسَن الطِّيّة بِكَسْر الطَّاء يُرِيدُونَ ضَرْباً من الطَّيّ، مِثل الجِلْسة والمِشْية، وَقَالَ ذُو الرمّة:
كَمَا تُنْشَر بعد الطِّيّةِ الكتُب
فكَسَر الطَّاء لأنّه لم يُرِدْ بِهِ الطَّية الْوَاحِدَة وَيُقَال للحيَّة ومَا يُشْبِهها انْطَوَى يَنْطَوِي انطِواء، فَهُوَ منطوٍ على مُنْفَعِل.
قَالَ: وَيُقَال اطَّوَى يَطَّوِي اطِّوَاءً، إِذا أردتَ بِهِ افْتَعَل فأَدْغِمْ التَّاء فِي الطَّاء، فَتَقول: مُطَّوٍ مُفْتَعِل. قَالَ: والطِّيّة تكون مَنزِلاً، وَتَكون مُنْتَوًى، يُقَال: مَضَى لطيَّته أَي لِنيَّته الَّتِي انْتواها، وبعُدَتْ عنّا طِيَّتُه، وَهُوَ المَوْضع الّذي انْتواه، وَيُقَال: طَوَى اللَّهُ لنا البُعْدَ، أَي قَرَّبه، وفلانٌ يَطوِي البلادَ أَي يَقْطَعُها بَلَداً عَن بلد، وَيُقَال: طِيَّةٌ وطِيَةٌ، وَقَالَ الشَّاعِر:
أصَمّ القَلْب حُوشِيَّ الطِّيَاتِ
وَقَالَ: طوَى فلانٌ كَشحَه إِذا مَضَى لوجهه، وَأنْشد:
وصاحبٍ قد طَوَى كَشحاً فقُلْتُ لَهُ
إنّ انطواءَكَ هَذَا عَنْك يَطوِيني
وأخبَرَني المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم، يُقَال: طَوَى فلانٌ فُؤَاده على عَزِيمَة أمرٍ إِذا أسَرَّها فِي فُؤَاده، وطوَى فلانٌ كَشحَه على عَدَاوَة إِذا لم يُظهِرها.
وَيُقَال: طَوَى فلانٌ حَدِيثا إِلَى حديثٍ، أَي لم يُخْبر بِهِ أسَرَّهُ فِي نَفسه، فجازَه إِلَى آخَر كَمَا يَطوِي المسافرُ منزلا إِلَى منزل فَلَا يَنزِلُ، وَيُقَال: اطْوِ هَذَا الحديثَ أَي اكتُمْه.
وَيُقَال: طوَى فلَان عنّي كَشحه أَي أَعرَض عنْي مُهاجِراً. وطَوَى كَشحَه على أمرٍ إِذا أَخْفاه وَقَالَ زُهير:
وَكَانَ طَوَى كَشحاً على مُستَكنَّةٍ
فَلَا هوَ أَبْداها وَلم يَتَقَدَّمِ
أَرَادَ بالمستكِنّة عَداوةً أكَنّها فِي ضَمِيره.
(14/34)
________________________________________
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: طَوَى إِذا أَبَى، وطَوَى إِذا جازَ.
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الطَّيُّ الْإِتْيَان، والطيُّ الْجَوَاز يُقَال: مَر بِنَا فَطَوانَا أَي جَلَس عندنَا، ومرَّ بِنَا فَطَوَانا أَي جازَنا.
وَقَالَ اللَّيْث: أطْواءُ النَّاقة: طَرائِقُ شَحم جَنْبَيْها وسنَامِهَا طيٌّ فَوق طي، ومَطاوِي الحيّة ومَطاوِي الأَمعاءَ والشحمِ والبَطن والثَّوب أطواؤُها، وَالْوَاحد مَطْوًى وَكَذَلِكَ مطاوي الدِّرْع إِذا ضُمّت غُضُونُها، وأَنشد:
وعِنْدِي حَصْداءُ مَسْرودَةٌ
كأنّ مطاوِيَها مِبْرَدُ
وَقَوله جلّ وعزّ: {إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى} (طه: 12) قَالَ أَبُو إِسْحَاق: طُوَى اسمُ الْوَادي وَهُوَ مذكَّر، سمِّي بمذكَّر على فعل نَحْو حطم وصُرد وَمن لم يُنوِّنه ترك صرفه من جِهَتَيْنِ إِحْدَاهمَا أَن يكون معدولاً عَن طاوٍ، فَيصير مثل عُمَر المعدول عَن عَامر، فَلَا يَنْصَرف، كَمَا لَا ينْصَرف عُمَر، والجهة الْأُخْرَى أَن يكون اسْما للبُقْعة، كَمَا قَالَ: {الْوَادِى الأَيْمَنِ فِى الْبُقْعَةِ الْمُبَارَكَةِ} (الْقَصَص: 30) ، وَإِذا كسِر فنُوِّن طِوًى فَهُوَ مِثل مِعًى وضِلَع مَعْرُوف، وَمن لم ينون جعله اسْما للبقعة.
وَسُئِلَ الْمبرد عَن وادٍ يُقَال لَهُ: طُوًى أَنصرِفه؟ قَالَ: نعم، لِأَن إِحْدَى العلتين قد انخَرَمَتْ عَنهُ. وَقَرَأَ ابْن كثير وَنَافِع وَأَبُو عَمْرو وَيَعْقُوب الْحَضْرَمِيّ طُوَى وَأَنا وطوى اذْهَبْ غيرَ مُجْرًى. وَقَرَأَ الْكسَائي وَعَاصِم وَحَمْزَة وَابْن عَامر: طُوًى منوَّناً فِي السُّورتين.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: رجلٌ طَيّانٌ لم يَأْكُل شَيْئا. وَقد طَوِيَ يَطْوَى طَوًى، فَإِذا تعمَّد ذَلِك، قيل: طَوَى يَطْوِي.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّيَّان الطَّاوي البَطين، وَالْمَرْأَة طَيَّا وطاوِيَة. وَقَالَ: طَوَى نَهارَه جائعاً يَطوِي طَوًى فَهُوَ طاوٍ طَوٍ. قَالَ: طَيِّءٌ قبيلةٌ بِوَزْن فَيْعِل والهمزة فِيهَا أصليّة. قَالَ: وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا طائيٌّ لِأَنَّهُ نُسِب إِلَى فَعِل فَصَارَت الْيَاء ألفا، وَكَذَلِكَ نَسَبوا إِلَى الْحيرَة حارِيّ، لِأَن النِّسْبَة إِلَى فَعِل فَعَلِيّ، كَمَا قَالُوا فِي رَجُل من النَّمِر: نَمَرِيٌ. قَالَ: وتأليف طيِّء من همزَة وطاء وياء، وَلَيْسَت من طَوَيْت، وَهُوَ ميّتُ التصريف.
وَقَالَ بعض النّسابين: سُمِّيت طَيِّءٌ طَيِّئاً لِأَنَّهُ أوّل من طَوَى المنَاهِل، أَي جازَ مَنْهَلاً إِلَى مَنهَلٍ آخَر وَلم يَنزِل.
ابْن السكّيت. مَا بِالدَّار طُوئيٌّ بوَزْن طُوعِيَ وطُؤْوِيٌّ بِوَزْن طُعْوِيّ، وَقَالَ العجّاج:
وبلدة لَيْسَ بهَا طُوئيٌّ
أَي لَيْسَ بهَا أحد. والطَّوِيُّ: البئرُ المَطْوِيّة بالحِجارة، وَجَمعهَا أَطْواء.
(14/35)
________________________________________
وطأ: قَالَ اللَّيْث: الموطِىء: المَوْضع. قَالَ: وكلُّ شَيْء يكون الفعلُ مِنْهُ على فَعِل يَفعَل فالفِعْل مِنْهُ مَفْتُوح الْعين إلاّ مَا كَانَ من بَنات الْوَاو على بِنَاء وَطِىءَ يَطَأُ وَطْأً. قَالَ: وإنّما ذَهَبت الواوُ من يَطأُ فَلم تَثْبُت كَمَا تَثْبُتُ فِي وَجِل يوْجَل، لِأَن وَطِىءَ يَطَأُ مَبْنِيٌّ على تَوَهُّمِ فَعِلَ يَفعِل مِثلَ وَرِم يَرِمُ غيرَ أنَّ الْحَرْف الَّذِي يكون فِي مَوضِع اللَّام مِن يَفعَل من هَذَا الحدّ إِذا كَانَ من حُرُوف الْحلق السِّتَّة، فإنَّ أكثرَ ذَلِك عِنْد الْعَرَب مَفْتُوح، وَمِنْه مَا يُقَرُّ على أصلِ تأسيسه مِثل وَرِمَ يَرِم، وأمّا وَسِع يَسَع فُتِحَت يَسَعَ لِتِلك العلّة.
وَقَالَ اللَّيْث: الوطْءُ بالقَدم والقَوائم، تَقول: وطَّأْتُه بقدمي إِذا أردتَ بِهِ الْكَثْرَة. ووطَّأْتُ لَك الأمرَ إِذا هيأتَه. ووطأْتُ لَك الفِراشَ، وَقد وَطؤَ يَوْطؤُ وَطْأً والوطْءُ بالخَيْل أَيْضا. وَيُقَال: وَطِئْنا العدُوَّ وَطاةً شَدِيدَة. والوَطأَةُ: الأخْذَةُ.
وَجَاء فِي الحَدِيث: (اللَّهُمَّ اشْدُدْ وطأَتَك على مُضَر) ، أَي خُذْهم أخْذاً شَدِيدا، فأَخذَهم الله بالسِّنِين، والوَطَأَةُ هم أبناءُ السَّبيل من النَّاس، سُمُّوا وَطَأَةً لأنّهم يطِئون الأرضَ.
وَيُقَال: أوطأْتُ فلانٌ دابّتي حَتَّى وَطِئَتْهُ.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة، قَالَ أَبُو عَمْرو بنُ الْعَلَاء: الإيطاء لَيْسَ بعَيْب فِي الشِّعر عِنْد الْعَرَب وَهُوَ إِعَادَة القافية مرَّتين وَقد أوطأَ الشَّاعِر.
قَالَ اللَّيْث: إِنَّمَا أُخِذ من المُواطأَة، وَهِي المُوافقة على شَيْء وَاحِد، يُقَال: واطأ الشاعرُ وأَوْطأَ إِذا اتّفقتْ لَهُ قافيتان على كلمة وَاحِدَة مَعْنَاهُمَا وَاحِد. قَالَ: فَإِذا اختَلَفَ الْمَعْنى واتّفق اللَّفْظ فَلَيْسَ بإيطاء.
وَأَخْبرنِي أَبُو مُحَمَّد المُزَني عَن أبي خَليفَة، عَن مُحَمَّد بن سلاّم الجُمحي أَنه قَالَ: إِذا كثُرَ الإيطاء فِي قصيدة مَرّاتٍ فَهُوَ عَيْبٌ عِنْدهم.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول. واطأْتُ فلَانا وتواطأْنا، أَي اتَّفقنا على أمرٍ. ووَطئْتُ الجاريَة، أَي جامعتُها، قَالَ: والوطيءُ من كل شَيْء مَا سَهُل ولانَ حَتَّى إنّهم يَقُولُونَ: رجلٌ وطيءٌ، ودابّته وطيئة، بيّنة الوَطاءةِ، وَيُقَال: ثَبَّت اللَّهُ وطأَتَه.
وَفِي الحَدِيث عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَأَن آخِرَ وطأَةٍ لِلَّهِ بوجَ) ، والوَطأَة كالأخذة الوَقْعَة، ووَجّ هِيَ الطَّائِف، وَكَانَت غَزْوةُ الطَّائِف آخرَ غَزاةٍ غَزاها النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
وَقَالَ النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (اللهمّ اشْدُدْ وَطأَتَك على مُضَر) . وَقد وطِئْتهم وَطْأً ثقيلاً. وَيُقَال: هَذِه أرضٌ مستويةٌ لَا رِباءَ فِيهَا وَلَا وِطاء: لَا صَعودَ فِيهَا وَلَا انخفاض.
قَالَ: ووطَّأْتُ لَهُ المجلسَ توطئَةً. والوَطيئة طعامٌ للعَرَب تُتّخذ من التّمر.
(14/36)
________________________________________
وَقَالَ شَمِر: قَالَ أَبُو أسْلَم لوطيئة التّمر ويُجعَل فِي بُرْمة ويُصَبُّ عَلَيْهِ الماءُ والسَّمن إِن كَانَ، وَلَا يُخلَط بِهِ أَقِط، ثمَّ يُشرَب كَمَا تُشْرَب الحَسِيّةُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: والوطيئة مِثلُ الحيْس تَمرٌ وأَقِطٌ يُعْجنانِ بالسَّمن. قَالَ: الوطيئة الغِرَارةُ أَيْضا، وَرجل مُوَطّأُ الأكناف إِذا كانَ سَهْلاً دَمِثاً كَرِيمًا يَنزل بِهِ الأضيافُ فيَقْرِيهم.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الوَطيئة الحَيْسة، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {ثَقِيلاً إِنَّ نَاشِئَةَ الَّيْلِ هِىَ أَشَدُّ} (المزمل: 6) .
قَرَأَ أَبُو عَمْرو وَابْن عَامر: (وِطاءً) بِكَسْر الْوَاو وَفتح الطَّاء والمدّ والهمزة، من المُواطأَة والموافَقة.
وَقَرَأَ ابنُ كَثير وَنَافِع وَحَمْزَة وَعَاصِم وَالْكسَائِيّ: (وَطْأَى) بِفَتْح الْوَاو سَاكِنة الطَّاء مَهْمُوزَة مَقْصُورَة.
وَقَالَ الفرّاء: معنى هِيَ أشدَّ وَطْأً، يَقُول: هِيَ أثبتُ قِياماً. قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: أشدُّ وَطْأً أَي هِيَ أشدُّ على المصلِّي من صَلَاة النَّهَار، لأنَّ اللّيل للنّوم، فَقَالَ: هِيَ وَإِن كَانَت أشدُّ وَطأً فَهِيَ أقوَم قِيلاً.
قَالَ: وَقَرَأَ بعضُهم هِيَ أشَدُّ وِطاءً على فِعال يُرِيدُونَ أشدَّ عِلاجاً ومُواطأَةً. وَاخْتَارَ أَبُو حَاتِم فِيمَا أخبَرَني أَبُو بكر بنُ عُثْمَان عَنهُ أشدُّ وِطاء بِكَسْر الْوَاو والمدّ.
وأخبَرَني المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم: أَنه اخْتَار هَذِه الْقِرَاءَة. وَقَالَ: مَعْنَاهُ أنَّ سمعَه يُواطىءُ قلبَه وبَصَرَه، ولِسانه يواطِىءُ قلبَه وطاء، يُقَال: واطَأَني فلَان على الْأَمر: إِذا وافَقَك عَلَيْهِ لَا يَشتغل القلبُ بِغَيْر مَا اشتَغَل بِهِ السَّمع، يُقَال: واطأَنِي فلانٌ على الْأَمر وَهَذَا واطأَ ذَاك يُرِيد قيامَ اللَّيْل، والقراءةَ فِيهِ.
وَقَالَ الزّجاج: أَشد وِطاءً لقلَّة السَّمْع، ومَن قَرَأَ (وَطْأً) فَمَعْنَاه هِيَ أبلغ فِي الْقيام وأبينُ فِي القَوْل.
أَبُو زيد: ابْتَطَأَ الشَّهْر وَذَلِكَ قبلَ النِّصف بيَوم وبعدَه بِيَوْم، بوَزن ايَتَطَعَ.
وطوط: روِي عَن عَطاء أنّه قَالَ فِي الوَطواط يَصيدُه المُحْرِم: ثُلُثا دِرْهم. قَالَ أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الوَطواط الخُفّاش. قَالَ أَبُو عبيد يُقَال: إنّه الخُطّاف، وَهَذَا أشْبَهُ القَوْلَين عِنْدِي بالصَّواب، وَقد يُقَال للرجل الضَّعيف: الوَطواطُ وَلَا أرَاهُ يسمَّى بذلك إلاّ تَشْبِيها بالطَّائر، وجمعُ الوَطواط وَطاوط.
وَقَالَ اللِّحياني: يُقَال للرّجل الصَّيّاح وَطواط.
قَالَ: وَزَعَمُوا: أنَّه الّذي يُقارِب كلامَه كأنَّ صوتَه صوتُ الخَطاطيف، وَيُقَال للْمَرْأَة وَطْواطة.
طوط (طاط) : قَالَ اللَّيْث: الطَّاط الفَحْل
(14/37)
________________________________________
الهائجُ يوصَف بِهِ الرجلُ الشّجاع والجميع الطّاطونَ، وفُحولٌ طاطَةٌ.
قَالَ: وَيجوز فِي الشِّعر فُحولٌ طاطاتٌ وأَطْواطٌ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ فِي الطاطِ مثله، قَالَ ذُو الرُّمة:
فربَّ امرىء طاطٍ عَن الحقّ طامِحٍ
بعَيْنيْه عمّا عوَّدَتْه أقارِبُهْ
قَالَ: طاطٍ يَرْفَعُ عَيْنَهُ عَن الحقّ لَا يكَاد يُبصِره، كَذَلِك البعيرُ الهائجُ الّذي يَرفَع أنفَه ممّا بِهِ؛ وَيُقَال: طائطٌ، وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: رجلٌ طاطٌ طَوِيل، قَالَ: وطَوَّطَ الرّجُل إِذا أَتَى بالطَاطةِ من الغِلْمَان، وهم الطِّوال.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: فَحْلٌ طاطٌ، وَقد طاطَ يَطِيط طُوُوطاً وطُيُوطاً.
وَقَالَ غيرُه: يَطَاط، وَهُوَ الّذي يُهَدِّرُ فِي الْإِبِل.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: جمع الوَطْواط، الوُطُطُ الضعيفُ الْعقل والأبدان، من الرّجال، والواحِد وَطْواط.
شمِر عَن الفرّاء: رجل طاطٌ وطوطٌ إِذا كَانَ طَويلا، والطَّاط: الشَّديد الخُصومة. قَالَ اللَّيْث: الطُّوطُ. الحيَّة وَأنْشد:
مَا إنْ يَزالُ لَهَا شَأْوٌ يُقَوِّمُها
مقوِّمٌ مِثلُ طُوط الماءَ مَجدولُ
يَعْنِي الزِّمَام شبَّهه بالحيّة.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الطُوط: الحيّة. أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الطُّوطُ: القُطْنُ. ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الطِّيطانُ: الكُرَّاثُ.
أطط: ابْن الْأَعرَابِي أَيْضا: الأطَطُ الطَّوِيل، والأُنثى طَطَّاءُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الأَطُّ والأَطِيط تَقَبُّضُ صَوت المحامل والرِّحال إِذا أَثقَلَ عَلَيْهَا الرُّكْبان. وأَطِيط الإبلِ صوتُها. يُقَال: لَا أفعلَ ذَلِك مَا أَطَت الْإِبِل.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَطِيطُ البَطْن صوتٌ يُسمَع عِنْد الْجُوع، وأنشدَ:
هَل فِي دَجُوبِ الْحرَّة المخِيطِ
وَذِبْلَةٌ تَشْفِي من الأَطِيطِ
طأطأ: عَمْرو عَن أَبِيه: الطأطاء الْمَكَان المطمئنّ الضّيق، وَيُقَال لَهُ: الصّاعُ والمِعَى. والطّأْطاء: الجَمَل الخَرْبَصِيص، وَهُوَ الْقصير الشِّبْر.
قَالَ اللَّيْث: الطأطأةُ مَصدَرُ طأطأ فلانٌ رأسَه طَأْطَأَةً، وَقد تَطَأْطأَ إِذا خَفَض رأسَه، والفارِسُ إِذا نَهَزَ دابّته بفَخِذَيه ثمَّ حرّكه للحُضْر يُقَال طَأْطَأَ فَرسَه.
وَقَالَ المَرّار:
شُنْدُفٌ أشْدَفُ مَا وَرَّعته
وَإِذا طُؤْطِىءَ طَيَّارٌ طِمِرُّ
(14/38)
________________________________________
وَقَالَ أَبُو عُبَيدة فِي طَأْطَأَةِ الفَرَس نَحوه، وطأَطأَ فلانٌ من فلَان وَضَع من قَدْرِه.
طيا: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الطايَة: السَّطْح الّذي يُنام عَلَيْهِ وبِوَزْنه التَّايَة، وَهُوَ أَن يُجمَع بَين رُؤوسِ ثَلاثِ شَجَرات أَو شجرتين، ثمَّ يُلْقِي عَلَيْهَا ثوبٌ فيُستظلُّ بهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الطَّايَة صخرةٌ عظيمةٌ فِي رَمْلة، وأَرْضٌ لَا حِجَارَة فِيهَا، وَقَالَ غيرُه: جَاءَت الْإِبِل طاياتٍ، أَي قُطْعاناً، واحدتها طايَة.
وَقَالَ عَمرو بنُ لَجأ يصفُ إِبِلاً:
تَرِيعُ طاياتٍ وتَمشِي هَمْساً
والطِّيطوَى: ضَرْبٌ من الطيرِ مَعْرُوف، وعَلى وَزنه نِينَوَى، وكلاهُما دَخِيلان.
وَقَالَ بعض الْمُحدثين:
أَمَا وَالَّذِي أرسى ثَبِيراً مَكَانَهُ
وأنبَتَ زَيْتوناً على نهرِ نينَوَى
لَئِن عابَ أقوامٌ مَقالِي بقَوْلِهمْ
لمَا زِغْتُ عَن قَوْلي مدى فِنْر طيطوَى
وذُكِر عَن بَعضهم أنّه قَالَ: الطِّيطَوى ضَرْبٌ من القَطَا طِوال الأَرْجُل.
قلت: وَلَا أصلَ لهَذَا القَوْل. وَلَا نظيرَ لهَذَا فِي كَلَام الْعَرَب.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ عَن المفضّل قَالَ: الوَطِيءُ والوَطِيئةُ العَصيدةُ الناعمةُ، فَإِذا ثَخُنَتْ فَهِيَ النَّفيتَةُ، فَإِذا زادتْ قَلِيلا فَهِيَ النّفيثة بالثاء، فَإِذا زادَتْ فَهِيَ اللَّفِيتةُ، فَإِذا تعلَّكَت فَهِيَ العَصِيدةُ.
أَبُو تُرَاب عَن الْحصين يُقَال: الحَقْ بطيّتك وبيّتك أَي بحاجَتك.
وَقَالَ الفرّاء وَابْن الْأَعرَابِي: الحَقْ بِطِيتكَ وبِبَيتِكَ مِثلها.
(وطوط) : شمر قَالَ: الوطواط الضَّعِيف، وَيُقَال: الْكثير الْكَلَام وَقد وَطوَطُوا أَي ضَعفوا.
وَيُقَال إِذا كثر كلامُهم. وَقَالَ الفرزدق:
إِذا كره الشَّعْبُ الشِّقَاق وَوَطَوطَ
الضِّعَاف وَكَانَ العِزُّ أمْرَ بَزازِ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الوطواط: الرجلُ الضَّعيف العَقل والرَّأْي. قَالَ: والوَطواط الخُفّاش. وأهلُ اليَمن يسمّونه السَّرْوَع، وَهِي البحرية، وَيُقَال لَهَا: الخفاش. وَالله أعلم.
(أَبْوَاب) الرباعي من حرف الطَّاء

(بَاب الطَّاء والثاء)
ط ث)
(طرمث) : قَالَ اللَّيْث: الطُّرْمُوث الرَّغيف. قَالَ: والطُّرْمُوسَة الظّلمة.
(ثرمط) : أَبُو عُبيد عَن الفرّاء: وَقَع فلَان
(14/39)
________________________________________
ٌ فِي ثُرْمُطةٍ أَي فِي طِينٍ رطْب.
قَالَ شَمِر: واثْرَنْمَطَ السِّقاء إِذا انتَفخ، وأنشدَني ابْن الأعرابيّ:
تأكلُ بَقْلَ الرِّيف حتّى تَحْبَطا
فبطْنُها كالوَطْبِ حِين اثْرَنْمَطَا
وَقَالَ شَمِر: الاثْرِنْمَاطُ اطْمِحْرار السِّقاء إِذا رابَ ورَغا وكَرْثأَ.
قَالَ: وكَرْثَأَ إِذا ثَخُنَ اللبَنُ عَلَتْهُ كَرْثَأَة مثلَ اللِّبَإ الخَثِرِ، حَكَاهُ عَن أبي العَطَّاف الغَنَوِيّ.
(ثنطب) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الثُّنْطُبُ مِجْوَابُ القَفَّاصِ.

(بَاب الطَّاء وَالرَّاء والطاء وَاللَّام)
ط ر ط ل)
(برطل) : شمر، قَالَ أَبُو عَمْرو: والبَراطِيل: المَعَاوِل، وَاحِدهَا بِرْطيل.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: البِرْطيل البَيْرَم، والبِرْطيل: خَطْمُ الفَلْحَس، وَهُوَ الكَلْب، والفَلحَس: الدُّبّ المُسِنّ.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ ابْن شُمَيْل: البِرْطيل الحَجَر الطَّوِيل الرَّقيق وَهُوَ النَّصِيل، قَالَ: وهما ظُرَوَانِ مَمْطولانِ تُنقَر بهما الرَّحَى وهما من أَصْلَب الحِجارة مسلكة محدّدة، وَقَالَ كَعْب بن زُهَيْر:

كأنّ مَا فَاتَ عَيْنَيْها ومَذْبَحها
مِن خَطْمِها ومِن اللَّحْيَيْنِ بِرْطِيلُ
اللَّيْث: البُرْطُلَة هِيَ المِظَلّة الصَّيْفيّة.
وَقَالَ غيرُه: إِنَّمَا هُوَ ابنُ الظُّلَّة.
(طربل) : ورُوِيَ عَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِذا مَرَّ أحدُكم بطِرْبَالٍ مائلٍ فليُسرع المشيَ) . قَالَ أَبُو عبيد: كَانَ أَبُو عُبيدة يَقُول: هُوَ شَبيهٌ بالمنظَرَة من مناظِر العَجَم كهيْئَة الصَّومَعة وَالْبناء المرتفِع، قَالَ جرير:
أَلْوَى بهَا شَذبُ العُروق مُشذَّبٌ
فكأنَّما وَكَنَتْ على طِرْبالِ
ورأيتُ أهل النَّخْل فِي بَيْضَاءَ بَني جَذِيمة يَبْنون خِياماً من سَعَف النّخل فَوق نُقْيان الرِّمال فيتظلَّل بهَا نَوَاطِيرُهم أَيَّام الصرام ويسمونها الطَّرابيل والعَرازيل.
وَقَالَ اللَّيْث: الطِّرْبال عَلَم يُبنى.
وَقَالَ شمر: قَالَ أَبُو عَمْرو: الطرابيل الأَمْيال، وَاحِدهَا طِربال.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الطِّرْبال بناءٌ يُبْنى عَلماً للخَيل يُسْتَبق إِلَيْهِ، وَمِنْه مَا هُوَ مِثلُ المنَارة وبالمنْجَشانية وَاحِد مِنْهَا وَأنْشد بِموضع قريب من الْبَصْرَة قَالَ دُكَيْن:
حَتَّى إِذا كَانَ دُوَيْنَ الطِّرْبالْ
بشِّرْ مِنه بصَهِيلٍ صَلْصَالْ
مُطَهَّمِ الصُّورة مِثل التِّمْثال سلَمة عَن الفرّاء قَالَ: الطِّرْبال الصَّوْمعَة.
(14/40)
________________________________________
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: هُوَ الهَدَف المشرِف.
بلنط: قَالَ اللَّيْث: البَلَنْط شيءٌ يُشبه الرُّخام، إلاّ أَنَّ الرُّخامَ أَهَشُّ مِنْهُ وأرْخَى، وَأنْشد بَيت عَمْرو بن كُلْثوم:
وسَارِيَتَيْ رُخام أَو بَلَنْط
يَرِنُّ خشاشُ حَلْيِهمَا رَنِينا
(طربل) : وأخبَرَني المنذريُّ عَن ابْن حَمُّوَيْه قَالَ: سمعتُ أَبَا تُرَاب يَقُول: كتب أَبُو محكّم إِلَى رجل: اشترِ لنا جَرَّة ولْتكن غيرَ قَعْراء وَلَا دَنّاء وَلَا مُطَرْبَلة الجوانب، قَالَ: ابنُ حَمُّويه: فسألتُ شِمراً عَن الدَّنّاء فَقَالَ: القصيرة، قَالَ: والمطربلة الطَّوِيلَة.
(مرطل) : أَبُو عُبيد عَن الأصمعيّ: مَرْطَلَ الرجلُ ثوبَه بالطين إِذا لَطَخَه، وَأنْشد:
مَمْعُوثةٌ أعراضُهُمْ مُمَرْطَلَهْ
(طلنف) : قَالَ: والْمُطْلَنْفِىءُ اللاطىءُ بِالْأَرْضِ.
وَقَالَ اللحيانيّ: هُوَ المستلقِي على ظهرِه.
قَالَ أَبُو زيد: اطلنفَأت اطلنفاء إِذا لزقت بِالْأَرْضِ.
(طنبر) : وَقَالَ اللَّيْث: الطُّنبورُ الَّذِي يُلعَب بِهِ معرّب. وَقد اسْتعْمل فِي لفظ العربيّة.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: الطُّنبور دخيل وإنّما شبِّه بألْيَة الحَمَل، وَهُوَ بِالْفَارِسِيَّةِ ذُنْبَهِ بَرَهْ فَقيل: طُنْبُور.
(برطم) : أَبُو عبيد عَن الأمويّ: البِرْطام: الرجلُ الضَّخْمُ الشفةِ.
وَقَالَ اللَّيْث: البرطَمة عُبوسٌ فِي انتفاخ وَغَيْظ، تَقول: رأيتُه مُبَرْطِماً، وَلَا أَدْرِي مَا الّذي بَرْطَمَهُ.
وَقَالَ الأصمعيّ: يُقَال للرّجل قد بَرْطَم بَرْطَمةً إِذا غَضِبَ. ومِثلُه اخْرَنطَم، وبَرْطَمَ الليلُ إِذا اسودّ.
(فرطم) : وَقَالَ اللَّيْث: الفُرطومة مِنقار الخُفّ إِذا كَانَ طَويلا محدَّد الرّأس.
وَفِي الحَدِيث: إنَّ شيعَةَ الدَّجال شوارِبُهم طَوِيلَة، وخِفافُهُم مُفَرْطَمَة.
قلتُ: وَقد رَوَى أَبُو عمرَ عَن أحمدَ بنِ يحيى، عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: قَالَ أعرابيّ: جَاءَنَا فلَان فِي نِخافَيْنِ مُقَرْطَمَيْن بِالْقَافِ، أَي لَهما منقاران، والنِّخافُ: الخُفُّ رَوَاهُ بِالْقَافِ، وَهُوَ عِنْدِي أصحّ ممّا رَوَاهُ اللَّيْث بِالْفَاءِ.
(برطم) : عَمْرو عَن أَبِيه، جَاءَ فلَان مُبْرَنْطِما إِذا جَاءَ متغضّباً.
(تفطر) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: التفاطير: البَثْر، قَالَ وأنشدني المفضّل:
تفاطيرُ المِلاَح بِوَجْهِ سَلْمَى
زَمَاناً لَا تَفاطيرُ القِباحِ
وقرأتُ بخطّ أبي الهَيْثَم بَيْتا لِلْحُطَيْئة فِي صفة إبلٍ نَزَعَت إِلَى نبت بلد ذكره فَقَالَ:
طبَاهُنّ حَتَّى أطفَلَ الليلُ دونَها
(14/41)
________________________________________
تفاطيرُ وَسْمِيَ رِوَاءً جُذورُها
أَي رَعاهنّ تفاطير وَسْمِيّ. قَالَ: والتفاطير نَبْذٌ من النبت يَقع فِي مواقعَ من الأَرْض مُخْتَلفَة قَالَ: وَيُقَال: التَّفاطِير أوّل النبت.
قلتُ: من هَذَا أَخذ تَفاطير البَثْر. وأطفَل اللَّيْل، أَي أظلمَ.
وقرأت فِي نَوَادِر اللِّحياني عَن الْإِيَادِي: فِي الأَرْض تَفاطير من عُثْب بالثاء أَي نَبْذٌ متفرّق، وَلَيْسَ لَهُ وَاحِد. وَقَالَ بَعضهم: التفاطير من النَّبَات، وَهُوَ رِوَايَة الأصمعيّ وَالنَّاس، والتفاطير بِالتَّاءِ النوْر.
طرطب: ثَعْلَب، عَن ابْن الأعرابيّ: ثَدْيٌ طُرْطبٌّ أَي طَوِيل.
وَقَالَ أَبُو عمر: امرأةٌ طرْطُبّة مسترخيَة الثَّدْيَين وأنشدَ:
أُفَ لتِلْك الدِّلْقِمِ الهِرْدَبَّةْ
العَنْقَفِير الجَلْبَح الطُّرْطُبَّهْ
قَالَ: والطَّرْطبَه دُعاء الْحمار وأنشدَ:
وَجَالَ فِي جِحاشِه وطَرْطبَا
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: طرْطبَ بالنَّعْجَةِ طرْطَبَةً إِذا دَعَاهَا.
(طمطم) : أَبُو تُرَاب: الطَّواطم والطَّماطمُ العُجْم، وَأنْشد للأَفْوَه الأوْدي:
كالأسوَد الحَبَشِيّ الْحَمْشِ يَتْبَعُه
سُودٌ طماطمُ فِي آذانها النُّطَفُ
(بربط) : اللَّيْث: البَرْبَطُ معرَّب، وَهُوَ من مَلاهِي العَجَم، شَبيه بصَدْر البَطّ والصَّدْر بالفارسيّة بَتْر فقِيلَ: بَرَبَط، والبِرْبيطيَّاءُ موضعٌ يُنْسَبُ إِلَيْهِ الوَشْيُ، ذكَرَه ابنُ مُقبِل فِي شعره، فَقَالَ:
خُزَامَى وسَعْدانٌ كأَنَّ رِياضَها
مُهِدْنَ بِذِي البِرْبيطيَاءِ المهذَّبِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: البِرْبيطياء: ثيابٌ.
(برطم) : ورُوي عَن الْكسَائي أَنه قَالَ: الْبَرْطَمَةُ والبَرْهَمَةُ كهَيْئَةِ التَّخَاوُصِ.
وَقَالَ أَبُو سعيد نَحوا مِنْهُ، وَالله تَعَالَى أعلم. انْتهى.
آخر كتاب الطَّاء وَالْحَمْد لله على نعمه.
(14/42)
________________________________________
كتاب حرف الدَّال
أَبْوَاب المضاعف من حرف الدَّال
د ت: مهمل.

(بَاب الدَّال والظاء)
د ظ)
دظ: قَالَ اللَّيْث: الدَّظّ هُوَ الشَّلّ بلُغَة أهلِ اليَمن، يُقَال: دَظَظْناهم فِي الْحَرْب، وَنحن نَدُظُّهمْ دَظّاً.
قلت: لَا أحفَظُ الدّظّ لغير اللّيث.
د ذ: مهمل.

(بَاب الدَّال والثاء)
د ث)
دث: أهمَلَهُ اللَّيْث، وَهُوَ مُسْتَعْمل عِنْد الثِّقات.
روَى أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ قَالَ: من الأمطار الدّثّ وَهُوَ الضَّعِيف، وَقد دَثَّتْ السَّمَاء تَدِثّ دَثّاً.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الدّثّة والهَدْنةُ للمطر الضَّعِيف.
وَقَالَ أَبُو زيد: أَرض مَدثُوثةٌ وَقد دُثّتْ دثّاً، قَالَ: وَيُقَال: دَثَثْتُه أَدُثُّه دثّاً وَهُوَ الرَّمْيُ المتقارِبُ من وراءِ الثِّيابِ.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الدُّثَّةُ الزُّكام الْقَلِيل. قَالَ: والدُّثَّاثُ صَيَّادُو الطَّيْر بالمِخْذَفَة.
ورَوَى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الدّثّ والدَّفّ الْجَنب، والدّثّ: الضرْب المؤلم، والدّثّ: الرمْيُ بالحِجَارة، والدّث الزُّكام، ودُثّ فلانٌ دثّاً وَهُوَ التواءٌ فِي بعض جسدِه.
انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الدَّال وَالرَّاء)
د ر، ر د: (مستعملة) .
در: قَالَ اللَّيْث: دَرّ اللبنُ يَدِر دَرّاً، وَكَذَلِكَ النَّاقة إِذا حُلِبَتْ فأَقبَل مِنْهَا على الحالب شَيْء، كثير، قيل: دَرّتْ وَإِذا اجْتمع فِي الضَّرْع من العُرُوقِ وَسَائِر الجَسَد قيل: درَّ اللبنُ ودرّت العُرُوق إِذا امتلأتْ دَماً. ودَرّت السماءُ إِذا كثُرَ مطرُها، وسحابةٌ مِدْرار وناقةٌ دَرُرْوٌ.
ورُوي عَن عمر بن الخطّاب أَنه أَوصَى عُمَّاله حِين بَعثهمْ فَقَالَ فِي وصيَّته لَهُم: أُدِرُّوا لِقحة الْمُسلمين.
قَالَ اللَّيْث: أَرَادَ بذلك فَيْئَهم وخراجهم،
(14/43)
________________________________________
قَالَ: وَالِاسْم من ذَلِك الدَّرّة.
وَقَالَ غَيره: يُقَال دَرَّت الناقةُ تَدِر وتَدُرّ إِذا امْتَلَأت لَبَنًا، وأدَرّها فصيلُها وأَدَرَّها مارِيها دُون الفصيل، إِذا مَسَح ضَرْعها، وَيُقَال للسماء إِذا أخالتْ: دُرِّي دُبَسْ بضمّ الدَّال، رَوَى ذَلِك عَن الْعَرَب ابنُ الْأَعرَابِي وَهَذَا من دَرَّ يدُرّ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: دَرّتْ الناقةُ تَدِر دُرُوراً ودرّاً، وتدُرّ أَيْضا، قَالَ: ودرَّ السِّراجُ وسراج درّارٌ ودَرِير، ودَرَّ الفَرَسُ دِرّة فَهُوَ دَرِير إِذا أسْرَعَ فِي عَدْوه، قَالَ: وأصلُ الدّرّ فِي كَلَام الْعَرَب اللّبَن. قَالَ: وَيُقَال: لله دَرُّك.
وَقَالَ اللَّيْث: لله دَرّك مَعْنَاهُ لله خيْرُك وفِعالُكَ، يُقَال هَذَا لمن يُمدح ويتعجب من عمله، وَإِذا شتَموا قَالُوا: لَا درّ درُّهُ أَي لَا كثُر خيْرُه. قَالَ: والدَّرِير من الخيْل السَّريع المكتَنز الخلْق المقتدِر.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي قَوْلهم: لله دَرُّك، أَي لله مَا خرج مِنْك من خير.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الدَّرّ الْعَمَل من خير أَو شرّ، وَمِنْه قولُهم: لله درُّك يكون مدحاً، وَيكون ذمّاً كَقَوْلِهِم: قاتَله الله مَا أكفره، وَمَا أشعَرَه.
قَالَ: والدَّرُّ النّفْس. والدَّرّ اللَّبن، ودَرَّ وجهُ الرجل يَدِرّ إِذا حَسُنَ وجهُه بعد العِلة، ودرَّ الخَراج يدرّ إِذا كثُر، ودرَّ الشَّيْء إِذا جُمِع، ودرّ إِذا عُمِل.
وَقَالَ أَبُو زيد: الدِّرَّة فِي الأمطار أَن يَتبَع بعضُها بَعْضًا، وجمعُها دِرَرٌ.
سَلمَة عَن الفرَّاء قَالَ: الدَّردَرَّى الَّذِي يذهب وَيَجِيء فِي غير حَاجَة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الإدرار فِي الْخَيل أَن يُقلَّ الفرسُ يدَه حينَ يعْتَق فيرفعها وَقد يضعُها فِي الْخَببِ.
وَقَالَ الزجَّاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ} (النُّور: 35) من قَرَأَ بِغَيْر همز، نسبَه إِلَى الدُّر فِي صفائِه وحُسْنه. قَالَ: وقرئت (دِرِّيٌّ) بِالْكَسْرِ.
وَقَالَ الْفراء: من الْعَرَب من يَقُول: كَوْكَب دِرّيّ ينسبُه إِلَى الدُّر، كَمَا قَالُوا: بَحْرٌ لُجّيّ ولِجّيّ، وقرئتْ دِرِّيءٌ بِالْهَمْز وسنذكره فِي مَوْضِعه إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّر العِظام من اللُّؤْلُؤ، الْوَاحِدَة دُرّة، قَالَ: والكوكب الدُّرّيّ: الثاقبُ المضيء وَجمع الْكَوَاكِب دراريّ. قَالُوا: ودَرَّايةُ: من أَسمَاء النِّسَاء. والدُّرْدُورُ: موضعٌ من الْبَحْر يجيشُ مَاؤُهُ وقلَّما تسلم السَّفِينَة مِنْهُ، يُقَال: لجَّجُوا فوقعوا فِي الدُّرْدُور، وَيُقَال: دَرِدَ الرجُل فَهُوَ أَدْرَدُ إِذا سَقطتْ أسنانُه وظهرَتْ دَرادِرُها وجمعُه الدُّرْدُ. وَمن أَمْثَال الْعَرَب السائرة: أَعيَيْتني بأُشُرٍ، فكيفَ أرجوكِ بدُرْدُرٍ.
(14/44)
________________________________________
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: هَذَا يُخاطب امرأتَه يَقُول: لم تقبَلي الأدبَ وَأَنت شَابَّةٌ ذَات أشُرٍ فِي ثغرك، فَكيف الْآن وَقد أسنَنْتِ حَتَّى بدتْ دَرَادرُك وَهِي مَغارِزُ الْأَسْنَان، ودرَّد الرجل إِذا سَقَطت أَسْنَانه وَظَهَرت درادره.
قَالَ: ومثلُه: أعتيتني من شُبَّ إِلَى دُبَّ، أَي من لدن شبَبتَ إِلَى أَن دَببْتَ، والدِّرّة: درَّة السُّلْطَان الَّتِي يضْرب بهَا.
الْأَصْمَعِي، يُقَال: فلَان دَرَرَكَ أَي قُبالتك.
وَقَالَ ابْن أَحْمَر:
كَانَت مَناجعَها الدَّهْنا وجَانِبُها
والقُفُّ ممّا ترَاهُ فوْقَهُ دَرَرَا
وَقَالَ أَبُو سعيد: يُقَال هُوَ على درَر الطَّرِيق، أَي على مَدْرَجته.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: فلَان على دُرَر الطَّرِيق، ودَارِي بِدَرَرِ دَارك أَي بحذائها إِذا تقابلَتا.
وَفِي حَدِيث عَمرو بن الْعَاصِ أَنه قَالَ لمعاوية: أتيتُك وأَمرُك أشدُّ انفِضاحاً من حُقِّ الكهول، فَمَا زلتُ أَرُمُّه حَتَّى تركتُه مثل فلكة المُدِرِّ.
وَذكر القُتيبيّ هَذَا الحَدِيث فأخطأَ فِي لَفظه وَمَعْنَاهُ: وحُقُّ الكهول بَيتُ العنْكبوت وَقد مرَّ تفسيرُه، وَأما المُدِرُّ فَهُوَ الغزّال: وَيُقَال للمغزَل نَفسهَا الدَّرّارَة، وَقد أدرَّت الغزَّالة درّارَتها، إِذا أدارتْها لتستحكم قوَّة مَا تغزله من قطن أَو صُوف، وضرَب فلكةَ المُدرّ مثلا لاستحكام أمرِه بعد استرخائه، واتساقه بعد اضطرابه، وَذَلِكَ أَن الغزَّال يُبالغ فِي إحكام فلكة مِغزَله وتقويمها لِئَلَّا تقلقَ إِذا أدَرَّ الدّرّارَة.
أَبُو عبيد: سمعتُ الأمويّ يَقُول: يُقَال للمِعزَى إِذا أَرَادَت الفحلَ قد استدرّت استدرِاراً، وللضأن قد استوْبلتْ استِبيالاً.
وَفِي حَدِيث ذِي الثُّديّة الْمَقْتُول بالنهْروان، كَانَت لَهُ ثُدَيَّةٌ مثل البَضْعة تدَرْدَرُ أَي تمرْمَرُ وترجرَج.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقَال للْمَرْأَة إِذا كَانَت عظيمَة الألْيَتين، فَإِذا مشتْ رَجفَتا هِيَ تَدَرْدَرُ. وَأنْشد فَقَالَ:
أُقسم إِن لم تأْتنا تَدَرْدَرُ
ليُقطعنَّ من لسانٍ دُرْدُرُ
قَالَ والدُّردُرُ هَاهُنَا طرف اللِّسَان، وَيُقَال: هُوَ أصلُ اللِّسَان، وَهُوَ مَغرز السنّ فِي أَكثر الْكَلَام.
وَأنْشد أَبُو الْهَيْثَم:
لما رأتْ شَيخا لَهَا دَوْدرَّى
فِي مثل خيْط العهْن المُعَرَّى
قَالَ: الدوْدرّى من قَوْلهم فرس درير، والدليلُ عَلَيْهِ قولُه:
فِي مثل خيْط العِهن المُعرى
(14/45)
________________________________________
يُرِيد بِهِ الْخذرُوفَ، والمُعرّى: جُعلتْ لَهُ عُروَة، والدَّرْدارُ ضرب من الشّجر مَعْرُوف.
رد: قَالَ اللَّيْث: الردُّ مصدرُ رددتُ الشيءَ، ورُدُودُ الدَّراهِم واحدُها رَدُّ، وَهُوَ مَا زُيِّفَ، فرُدَّ على ناقِدِه بعدَ مَا أُخذَ مِنْهُ.
قَالَ: والرَّدّ مَا صَار عِماداً للشَّيْء يَدفَعه ويَردّه.
قَالَ: والرَّدّةُ: تَقاعُس فِي الذّقَن.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للْإنْسَان إِذا كَانَ فِيهِ عيب: فِيهِ نَظْرة ورَدَّة وخَيْلة.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: قَالَ أَبُو ليلى: فِي فلَان رَدَّة أَي يَرتدّ البَصَر عَنهُ من قُبحِه.
قَالَ: وفِيه نَظْرة أَي قُبْح.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال للْمَرْأَة إِذا اعتراها شَيْء من جمالٍ وَفِي وجهِها شَيْء من قَباحة: هِيَ جميلَة، وَلَكِن فِي وجهِها بعض الرَّدَّة. ورَدّادٌ: اسْم رجل كَانَ مُجَبِّراً يُنسب إِلَيْهِ المُجَبِّرون، وكلُّ مجبِّر يُقَال لَهُ: رَدَّادٌ.
وَفِي حَدِيث الزُّبير فِي دَار لَهُ وقَفَها فَيكْتب: وللمَرْدُودة من بَنَاتِي أَن تسكُنَها، قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: المردُودة من النِّسَاء المطلَّقة.
ورُوِي عَن النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّه قَالَ لسُراقَة بن مَالك: (أَلا أدُلُّك على أفضل الصّدَقة ابنتُكَ مَرْدُودَةٌ عَلَيْك لَا كاسبَ لَهَا غَيرُك) ، أَرَادَ أنّها مطلَّقة من زَوجِها، فأَنفِق عَلَيْهَا.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الرُّدَّى: الْمَرْأَة الْمَرْدُودَة المطلّقة.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: نَاقَة مُرْمِدٌ على مثالِ مُكرِم، ومُرِدٌّ مِثَال مُقِل إِذا أشرق ضَرْعها ووَقَع فِيهِ اللَّبن.
قَالَ أَبُو عبيد: وأَنشد غيرُه:
تَمشِي من الرِّدّة مَشْيَ الحُفَّلِ
وَقَالَ غَيره: ناقةٌ مُرِدّ إِذا شَربت الماءَ فَورِم ضَرعُها وحياؤها من كثْرة الشّرْب، يُقَال: نُوقٌ مَرادٌّ، وَكَذَلِكَ الجِمال إِذا أَكْثرتْ من الشّرب فثَقُلتْ.
ورَجُلٌ مُرِدّ إِذا طَالَتْ عُزْبَتُه فَتَرَادَّ الماءُ فِي ظَهره.
وَيُقَال: بَحْر مُرِدّ أَي كثيرُ المَاء، وأَنشدَ:
رَكبَ البحرُ إِلَى البحرِ إِلَى
غَمَراتِ الْمَوْت ذِي المَوْجِ المُرِدّ
ورُوِي عَن عمرَ بن عبد الْعَزِيز أنّه قَالَ: لَا رِدِّ يدَي فِي الصَّدَقة. يَقُول: لَا تُردُّ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الرِّدِّيدَى من الرَّدّ فِي الشَّيْء.
أَبُو تُرَاب عَن زَائِدَة: يُقَال: رَدَّه عَن الْأَمر ولَدَّه، أَي صَرَفه عَنهُ بِرِفْق، قَالَ: والرِّدّ الظَّهْر والحَمُولة من الْإِبِل.
قلتُ: سمّيتْ رِدّاً لأنّها تُرَدّ مِن مَرتَعها إِلَى الدَّار إِذا احتَمَلَ أهلُها، قَالَ زُهير:
(14/46)
________________________________________
رَدَّ القِيانُ جِمَالَ الحَيِّ فاحْتَملوا
إِلَى الظَّهيرة وأَمْرٌ بيْنهم لَبِكُ
ابْن الأعرابيّ: الرُّدُدُ: القِباحُ من النَّاس، يُقَال: فِي وَجهه رَدَّة وَهُوَ رَادٌّ، وارتَدَّ الرجُل عَن دِينه رِدّة إِذا كَفَر بعد إِسْلَامه، وأَمرُ الله لَا مَرَدّ لَهُ. انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الدَّال وَاللَّام)
(د ل)
دلَّ، لدَّ: مُسْتَعْمل.
دلّ: فِي الحَدِيث: أَن أصحابَ عبد الله بنِ مَسْعُود كَانُوا يَرحَلُون إِلَى عمرَ بن الْخطاب فينظرُون إِلَى سَمْتِه وهَدْيه ودَلِّهِ فَيَتشَبَّهون بِهِ.
قَالَ أَبُو عبيد: أما السَّمْت فَيكون بمعنيين: أحدُهما حُسْنُ الهيئةِ والمَنظَر فِي الدِّين وهيئة أهلِ الْخَيْر، وَالْمعْنَى الثَّانِي أَن السَّمْتَ الطَّرِيق، يُقَال: الزَمْ هَذَا السَّمْتَ، وَكِلَاهُمَا لَهُ معنى، إمَّا أَرَادوا هَيْئَةَ الْإِسْلَام أَو طَريقَة أهْلِ الْإِسْلَام.
وقولُه: إِلَى هَدْيِه ودَلِّهِ فإنّ أحدَهما قريب من الآخر، وهما من السكينَة والوَقار فِي الْهَيْئَة والمَنظَر وَالشَّمَائِل وغيرِ ذَلِك.
وَقَالَ عدِيّ بن زَيْد يمدح امْرَأَة بحُسن الدَّلّ فَقَالَ:
لمَ تَطَلَّعْ من خِدْرِها تبتغي خِبَّا
وَلَا سَاءَ دَلُّها فِي العِناقِ
ورُوِي عَن سعد أنَّه قَالَ: بَينا أَنا أَطُوف بِالْبَيْتِ إذْ رأيْتُ امْرَأَة أعجبَني دَلُّها، فأردتُ أَن أَسأَل عَنْهَا، فخِفتُ أَن تكون مَشْغُولَة وَلَا يَغُرَّكَ جَمالُ امْرَأَة لَا تَعرِفها.
وَقَالَ شمر: الدَّلاَلُ للْمَرْأَة، والدَّلُّ حُسْن الحَدِيث وحُسْن المَزْح والهيئة، وَأنْشد فَقَالَ:
فَإِن كَانَ الدَّلاَلُ فَلَا تلِحّي
وَإِن كَانَ الوَداعُ فبالسَّلامِ
قَالَ: وَيُقَال هِيَ تَدِلّ عَلَيْهِ، أَي تجترىءُ عَلَيْهِ، يُقَال: مَا دَلَّك عليَّ أَي مَا جَرَّأك عليَّ، وأَنشدَ:
فَإِن تَكُ مَدْلولاً عليّ فإنني
لِعَهْدِكَ لَا غُمْرٌ ولستُ بِفانِي
أَرَادَ، فَإِن جَرَّأَكَ عَلَيَّ حِلْمِي فإنّي لَا أُقِرُّ بالظُّلْم.
وَقَالَ قيس بنُ زُهَيْر:
أظُنُّ الحِلْمَ دَلَّ عليَّ قومِي
وَقد يُسْتَجهَلُ الرجلُ الحَليمُ
قَالَ مُحَمَّد بنُ حبيب: دَلَّ عليّ قومِي، أَي جَرَّأَهم، وفيهَا يَقُول:
وَلَا يُعْيِيكَ عُرْقوب لِلأيٍ
إِذا لم يُعْطِكَ النَّصفَ الخَصِيمُ
وَقَوله: عُرْقوب لِلأْي، يَقُول: إِذا لم يُنْصِفك خَصْمُك فأَدخِل عَلَيْهِ عُرْقوباً يَفْسَخُ حجّته، والمُدِلُّ بالشجاعة: الجَريء.
(14/47)
________________________________________
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المُدَلِّل الّذي يتجنَّى فِي غيرِ موضعِ تَجَنَ. قَالَ: ودَلَّ فلَان إِذا هَدَى، ودَلَّ إِذا افتخرَ.
سَلَمة عَن الفرّاءَ، الدَّلّ: المِنَّةُ، والدَّلَّةُ الإدْلال.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي أَيْضا: دَلَّ يَدُلُّ إِذا هَدَى، ودَلَّ يَدِلّ إِذا مَنَّ بعَطائه، والأدَلُّ المَنّان بعَمَله.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال تدلَّلَتِ المرأةُ على زَوْجِها، وَذَلِكَ أَن تُرِيَه جَراءةً عَلَيْهِ فِي تَغَنُّجِ وشَكْلٍ كأنّها تُخالِفه، وَلَيْسَ بهَا خلاف.
قَالَ: والبازِيُّ يُدِلّ على صَيْده. والدِّلّةُ مِمّن يُدِلّ على من لَهُ عِنْده مَنزِلة شِبهُ جَراءة مِنْهُ.
ابْن السكّيت عَن الفرّاء: دَليلٌ من الدِّلالة والدَّلالة بِالْكَسْرِ وَالْفَتْح.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الدِّلِّيلَى من الدَّلالة.
وَقَالَ شمر: دَلَلْتُ بِهَذَا الطَّرِيق دَلالةً، أَي عرفتُه، ودلَلْتُ بِهِ أَدُلّ دَلالة، وَقَالَ أَبُو زيد: أَدْلَلْتُ بالطّريق إدلالاً.
قَالَ: وقلتُ: وسمعتُ أَعْرَابِيًا يَقُول لآخَر: أما تَندَلّ على الطّريق، وأَنشَد ابْن الْأَعرَابِي:
مَا لَكَ يَا أحمقُ لَا تَنْدَلُّ
وَكَيف يَندَلُّ امرؤٌ عِثْوَلُّ
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّلْدُل شيءٌ عَظِيم أعظمُ من القُنْفُذ ذُو شوك. والتّدلدُل كالتَّهدُّل.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيِّ: من أَسمَاء الْقُنْفُذ، الدُّلْدُل والشَّيْهمَ والأَزْيبُ.
اللّحياني: وَقع القومُ فِي دَلدال وبَلْبالٍ إِذا اضطَرَب أمرُهم وتذَبذَب، وقومٌ دَلْدال إِذا تَدَلْدَلُوا بَين أَمريْن فَلم يستقيموا، وَقَالَ أَوْس:
أمْ مَنْ لِحَيَ أَضاعوا بعضَ أمرِهُم
بَين القُسوطِ وَبَين الدِّين دَلْدال
وَقَالَ ابْن السكّيت: جَاءَ القومُ دُلْدُلا إِذا كَانُوا مُذَبذَبين لَا إِلَى هَؤُلَاءِ وَلَا إِلَى هَؤُلَاءِ، وَقَالَ أَبُو مَعْدان الباهليّ:
جَاءَ الحَزَائمُ والزَّبائنُ دُلْدُلا
لَا سابِقِين وَلَا مَعَ القُطَّانِ
فعَجِبتُ مِن عَمرو وماذا كُلِّفتْ
وتجيءَ عَوْفٌ آخِرَ الرُّكْبانِ
قَالَ: والحَزيمَتان والزَّبينَتانِ من باهلة، وهما حَزيمة وزَبينة، فجمعهما، وَتَدَلْدَلَ الشَّيءُ وَتَدَرْدَرَ إِذا تحرَّك.
وَقَالَ الكسائيَّ: دلدَل فِي الأَرْض وبَلْبَل وقَلْقَل ذهبَ فِيهَا.
لد: فِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (خير مَا تداويتُم بِهِ اللَّدُود والحِجامةُ والمشيُّ) .
قَالَ أَبُو عُبَيْد: قَالَ الْأَصْمَعِي: اللَّدُود: مَا سُقِيَ الإنسانُ فِي أحد شِقَّي الفَمِ، وَإِنَّمَا
(14/48)
________________________________________
أَخذ اللَّدُودُ من لَدِيدَيِ الْوَادي وهما جانِباه، وَمِنْه قيل للرجل: هُوَ يتلدَّد إِذا تلفَّت يَمِينا وشِمالاً، ولَدَدْتُ الرُّجلَ ألُدُّه لَدَّا إِذا سقيتَه، كَذَلِك وجمعُ اللَّدود أَلِدَّة. وَقَالَ ابْن أحمَر:
شَربتُ الشُّكاعَى والْتَدَدْتُ أَلِدَّةً
وأقبَلْتُ أَفْواهَ العُروقِ المكَاوِيَا
والوَجُور فِي وَسَط الفَم.
وَقَالَ الفرَّاء: اللَّد: أَن يُؤخَذ بِلِسَان الصبيّ فيُمَدَّ إِلَى أحَدِ شِقَّيه ويُوجَر فِي الآخر الدواءُ فِي الصَّدَف، بَين اللِّسَان وَبَين الشَّدْق.
قَالَ: والدَّيدَان صَفْحتا العُنُق، وأَنشدَ:
لَدَدْتُهُمُ النَّصِيحة كلَّ لَدِّ
فَمَجُّوا النُّصْحَ ثمَّ ثَنَوْا فقاءُوا
وَقَالَ رؤبة:
على لَدِيديْ مُصْمَئِل صِلْخادْ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: اللَّديد الرَّوْضة الزَّهراء.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} (الْبَقَرَة: 204) معنى الْخصم فِي اللُّغَة الألَدُّ الشديدُ الخصومةِ، واشتقاقُه من لَدِيدَيِ العُنُق، وهما صَفْحتاه، وتأويلُه أنّ خصمَه أيّ وجهٍ أخَذ من وُجُوه الْخُصُومَة غَلَبَهُ فِي ذَلِك، يُقَال رجُلٌ ألَدُّ، وامرأةٌ لَداء، وقومٌ لدٌّ وَقد لَدِدْتَ يَا هَذَا تَلَد لَدّاً، ولَدَدْتُ فلَانا ألُدّه لَدّاً إِذا جادَلْته فغلبْتَه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: رجل أَلَنْدَد ويَلَنْدَد وَهُوَ الشَّديد الخُصومة، وَقَالَ الشَّاعِر يذكر نَاقَة:
بعيدةُ بَينَ العَجْبِ والمتلدَّدِ
أَرَادَ أَنَّهَا بعيدَة مَا بَين الذنَب والعُنُق.
وَقَالَ اللَّيث: هُذَيل تَقول: لَدّهُ عَن كَذَا وَكَذَا أَي حَبَسه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: لَدَّدَ بِهِ وبَدَّدَ بِهِ إِذا سَمَّع بِه.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الدَّلِيلة: المحجة البَيْضاء وَهِي الدُّلى.

(بَاب الدَّال وَالنُّون)
(د ن)
دن، ند، (دوان) ددن: (مستعملة) .
الدَّدَن: اللهْو واللَّعب.
ددن: ورَوَى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: هُوَ اللَّهْو، والديْدَيون، وَهُوَ دَدٌ ودَدَا ودَيْدٌ ودَيدَانٌ وَدَدَنٌ كلُّها لُغَات صَحِيحَة.
وَفِي الحَدِيث: مَا أَنا مِن دَدٍ وَلَا الدَّدُ مِني.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَحْمَر: فِيهِ لُغات، يُقَال: اللَّهْو دَدٌ مثل يَدٍ ودَداً مثل قَفَّا وعَصاً، ودَدَنٌ مِثل حَزَن، وأَنشد:
أيّها القلبُ تَعلّقْ بِدَدَنْ
إِن هَمِّي فِي سَماعٍ وَأَذَنْ
(14/49)
________________________________________
وَقَالَ الْأَعْشَى:
وكنتَ كَمَنْ قَضَى اللُّبَانَةَ من دِدِ
(دنّ) : وَقَالَ: سَيْفٌ دَدَانٌ أَي كَهام.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّنّ مَا عَظُم من الرّواقيد، والجميع الدِّنان، وَهُوَ كَهَيئَةِ الجُبِّ، إلاّ أنَّه طَوِيل مُستوِي الصَّنْعَة، فِي أَسْفَله كَهَيئَةِ قَوْنَس البَيْضة.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: الأَدَنّ من النّاس: المُنحنِي الظَّهر.
وَقَالَ أَبُو الهيْثم: الأدَنُّ من الدوابّ الّذي يَدَاهُ قصيرَتان وعُنْقُه قريبَة من الأَرْض، وأَنشد:
بَرَّحَ بالصِّينيّ طُول المَنّ
وسَيْرُ كلِّ راكبٍ أَدّنِّ
معترِضٍ مثل اعتراضِ الطُّنّ
وَقَالَ الراجز:
وَلَا دَنَنٌ فيهِ وَلَا إخْطاف
والإخطاف صِغَر الجَوف، وَهُوَ شَرّ عُيُوب الْخَيل.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الأَدَنّ الّذي كأنّ صُلْبه دَنّ، وأَنشد:
قد حَطَأت أُمُّ خيْثَمٍ بِأَدَنْ
بناتِىء الْجَبْهَة مَفْسُوء القَطَنْ
قَالَ: والفَسَأُ: دُخُول الصُّلْب، والفَقَأُ: خُروج الصَّدْر.
وَيُقَال: دَنٌ وأَدْنَنٌ ودِنَّانٌ ودِنَنَةٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد: الأدَنّ الْبَعِير المائل قُدُماً، وَفِي يَدَيْه قِصَر، وَهُوَ الدَّثَمُ، والدَّنَن: اسمُ بلدٍ بعَينِه، وَمِنْه قَول ابْن مقبل:
يَثْنِينَ أَعْناق أُدْمٍ يَختَلِينَ بهَا
حَبَّ الأَراك وحَبَّ الضَّال مِن دَنَنْ
وَفِي الحَدِيث: (فأمَّا دَنْدَنَتُكَ ودَنْدَنَةُ مُعاذ فَلَا تُحْسِنها) .
قَالَ أَبُو عبيد: الدَّنْدَنة أَن يتكلّم الرجلُ بالْكلَام تَسمَع نَغْمَته وَلَا تفهمه عَنهُ لأنّه يُخفيه. والهَيْنَمَةُ نحوٌّ مِنْهَا.
وَقَالَ شمر: طَنْطَن طَنْطَنة ودَنْدَن دَنْدَنةً بِمَعْنى وَاحِد، وأَنشد:
تُدَنْدِن مِثلَ دَنْدَنَة الذُّبابِ
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّنين والدَّنْدَنة أصواتُ النَّحْل والزَّنَابير، وأَنشد:
كَدَنْدَنَةِ النَّحْلِ فِي الخَشْرَمِ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي قَالَ: إِذا اسود اليَبِيسُ من القِدَم فَهُوَ الدِّنْدِن، وأَنشدَ. مِثل الدِّنْدِن البَالِي:
وَقَالَ اللَّيْث: الدِّنْدِن أصولُ الشّجر.
قلت: الدِّنْدِن مَا فَسَّرَهُ الأصمعيّ وَهُوَ الدَّرِين.
أَبُو تُرَاب: أَدَنّ الرّجُل بالمَكان إدْنانا وأَبَنَّ ابْناناً إِذا أَقَامَ، ومِثلُه ممَّا يعاقِب فِيهِ الدَّال وَالْبَاء، انْبَرَى وانْدَرَى بِمَعْنى وَاحِد.
ند: قَالَ ابْن المظفَّر: النَّدُّ ضَرْبٌ من
(14/50)
________________________________________
الدُّخْنَةِ.
وروَى أَبُو يَعْلَى عَن الأصمعيِّ عَن أبي عَمْرو بن العَلاء.
وَيُقَال للعنْبرِ: النَّدّ، وللبَقَّم: العَنْدَمُ ولِلْمِسك: العتيقُ.
وَيُقَال: نَدَّ البعيرُ يَنِدّ نُدوداً إِذا شَرَد.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {عَلَيْكُمْ يَوْمَ} {التَّنَادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِّنَ} (غَافِر: 32، 33) القُرَّاء على تَخْفيف الدَّال من التَّنادِ؛ وقرأَ الضّحاك وحدَه: (يومَ التَّنادِّ) بتَشْديد الدَّال.
وأخبَرَني المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: هُوَ من نَدَّ الْبَعِير نِداداً أَي شَرَد. قَالَ: وَقد يكون التَّنادِ بتَخْفِيف الدَّال من نَدَّ فليَّنوا تَشْدِيد الدَّال وجَعلوا إِحْدَى الدالين يَاء، ثمَّ حَذَفوا الْيَاء، كَمَا قَالُوا: دِيوان ودِيباج ودِينار وقِيراط. وَالْأَصْل دِوّان ودِبّاج وقِرّاط ودِنّار. والدليلُ على ذَلِك جمعُهم إيّاها على دَوَاوِين وقَرَارِيط ودَبابِيج ودَنانير، قَالَ: وَالدَّلِيل على صحّة قِرَاءَة من قَرَأَ (التّنادّ) بتَشْديد الدَّال قولُه: {التَّنَادِ يَوْمَ تُوَلُّونَ مُدْبِرِينَ مَا لَكُمْ مِّنَ} .
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: نَدَّدْتُ بالرجلِ تَنْدِيداً، وسمَّعْتُ بِهِ تسميعاً إِذا أسمعتَه القبيحَ وشتمتَه.
شمِر عَن الْأَخْفَش فِي قَول الله جلّ وعزّ: {مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا} (الْبَقَرَة: 165) . قَالَ: النِّدّ الضِّدّ والشِّبْه. قَالَ: وَقَوله: {قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ} (الزمر: 8) أَي أضْداداً وأَشْبَاهاً، وفلانٌ نِدّ فلَان، ونَدِيدُه ونَدِيدَتُه أَي مِثْلُه وشِبهُه، وأنشدَ للَبيد:
كَيْلا يكونُ السَّنْدَرِيّ نَدِيدَتِي
وأجْعَلُ أَقْواماً عُمُوماً عَمَاعِما
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال للرجل إِذا خالفَكَ فأَرَدْتَ وَجْهاً تذهَبُ فِيهِ ونازعك فِي ضدِّه: فلانٌ نِدِّي ونَدِيدِي للّذي يُرِيد خلاف الْوَجْه الَّذِي تُرِيدُ وَهُوَ يستقِلّ من ذَلِك بِمثل مَا تَسْتَقِلُّ بِهِ.
وَقَالَ حسّان:
أتَهْجُوه ولستَ لَهُ بِنِدَ
فَشَرُّكما لخيرِكما الفِداءُ
أَي لستَ لَهُ بمِثْلٍ فِي شَيْء من مَعَانِيه.
وَيُقَال: نادَدْتُ فلَانا أَي خالَفْتُه، والتَّنْدِيدُ: رفْعُ الصَّوتِ، وَقَالَ طرفَة:
لِهجْسٍ خَفِيَ أَو لصَوْتٍ مُنَدَّدِ
والصَّوتُ المندَّد المُبَالِغُ فِي النداء. وَيُقَال: ذهب الْقَوْم ينادِيدَ وأَنادِيدَ إِذا تفَرقُوا فِي كلّ وَجه.
وَقَالَ ابْن شُميل: يُقَال: فُلَانَة نِدُّ فُلَانَة، وخَتَنُ فلانةَ وتِرْبُها، وَلَا يُقَال: فلانةُ نِدُّ فُلانٍ وَلَا خَتَنُ فلَان، فَتُشَبِّهُها بِهِ.
قَالَ: وَأما قولُه:
قَضَى على النَّاس أمرا لَا نِدَادَ لَهُ
عَنْهُم وَقد أَخَذَ الميثاقَ واعْتَقَدَا
(14/51)
________________________________________
فَمَعْنَاه أَنه لَا يَندُّ عَنْهُم وَلَا يَذهب.

(بَاب الدَّال وَالْفَاء)
(د ف)
دف، فد: (مستعملة) .
(دف) : قَالَ اللَّيْث: الدَّفّ والدَّفّة: الجَنْب لكلّ شَيْء، وَأنْشد فِي الدَّفّة:
ووَانِيَةٍ زَجَرْتُ على وَجَاها
قَرِيح الدَّفّتين من البِطانِ
قَالَ: ودَفّتا الطَّبْل. اللّتان على رَأسه، ودَفّتَا المُصْحَفِ ضِمَامَتاه من جانبيه.
وَفِي حَدِيث عمرَ أَنه قَالَ لمَالِك بنِ أوْس: أَنه قد دفّت علينا من قَوْمك دافَّةٌ وَقد أَمَرْنَا لَهُم بِرَضْخ فاقسِمه فيهم.
قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: الدَّافّة: القومُ يَسِيرُونَ جمَاعَة سيراً لَيْسَ بالشَّديد، يُقَال: هم يَدِفُّون دَفيفاً.
وَمِنْه الحَدِيث الآخَر أنّ أَعْرَابِيًا قَالَ: يَا رَسُول الله هَل فِي الجنَّة إِبل؟ فَقَالَ: (نعم إنَّ فِيهَا النَّجائب تَدِفّ بِرُكْبانها) ، قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: خُذْ مَا دَفَّ لَك واسْتَدَفّ، أَي مَا تَهَيَّأ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: دفَّ على وَجه الأَرْض وزَفَّ بِمَعْنى وَاحِد، ونادَى منادِي خَالِد بن الْوَلِيد فِي بعض غَزَوَاته: أَلا مَن كَانَ مَعَه أسيرٌ فليُدافِّه. قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو والأمويّ قَوْله: فيلدافِّه، يَعْنِي ليُجْهِز عَلَيْهِ، يُقَال: دافَفْتُ الرجلَ دِفافاً ومُدافَّةً، وَهُوَ إجهازك عَلَيْهِ، قَالَ رُؤبة:
لمَّا رَآنِي أُرْعِشتْ أَطْرَافي
كَانَ مَعَ الشَّيْبِ من الدِّفافِ
وَكَانَ الأصمعيّ يَقُول: تَدافَّ القومُ إِذا ركبَ بعضُهم بَعْضًا.
قَالَ أَبُو عبيد: وَهُوَ من هَذَا. قَالَ: وَفِيه لُغَة أُخْرَى فليدَافِهِ بتَخْفِيف الْفَاء من دافَيْتُه، وَهِي لغةٌ لجهينَة.
وَمِنْه الحَدِيث الْمَرْفُوع: أَنه أُتِي بأسير فَقَالَ: (أَدْفُوه) ، يُرِيد الدِّفْءَ من البَرْدِ، فَقَتَلُوه فَوَاداه رسولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ أَبُو عبيد: وَفِيه لغةٌ ثَالِثَة بِالذَّالِ فليذافِّه، يُقَال: ذفَفْتُ عَلَيْهِ تَذْفيفاً إِذا أجهزتَ عَلَيْهِ، وَمِنْه حديثُ عَلِيّ: لَا يُذَفَّفُ على جريح، والدُّفّ: الّذي يُضرَبُ بِهِ، يُقَال لَهُ: دَفٌّ أَيْضا، وَأما الدَّف بِمَعْنى الجَنْب فَهُوَ بالفَتْح لَا غير، وَجمعه دُفُوف.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّفيف أَن يَدُفّ الطائرُ على وَجه الأَرْض يحرِّك جناحيه، ورِجلاه بالأَرْض وَهُوَ يطير، ثمَّ يستقلُّ، وَقَالَ رؤبة:
والنسرُ قد يَركُض وَهُوَ دافِ
فخفّف وكسَرَ على كَسرةِ دافِفٍ، وحَذَف إِحْدَى الفاءين.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: دُفوف الأَرْض أسنادُها، وَهِي دَفادِفُها، الْوَاحِدَة دَفْدَفة، وَدَفّ
(14/52)
________________________________________
َ العُقاب يَدُف: إِذا دَنا من الأَرْض فِي طَيَرانه، والدَّفيف: العَدْو أَيْضا.
فد: فِي حَدِيث النّبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إنَّ الجفاءَ والقسوةَ من الفدَّادِين) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: هِيَ مخفّفة وَاحِدهَا فَدَّان مشدّدة، وَهِي الْبَقر الّتي يُحرَث بهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: لَيْسَ الفَدادِين من هَذَا فِي شَيْء، وَلَا كَانَت الْعَرَب تعرفها، إنَّما هَذِه للرُّوم وأهلِ الشَّام، وَإِنَّمَا افتُتحت الشَّام بعد النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَلَكنهُمْ الفَدَّادونَ بتَشْديد الدَّال واحدُهم فَدَّاد.
وَقَالَ الأصمعيّ: وهم الَّذين تَعْلُو أصواتُهم فِي حروثِهم وأموالِهم ومَواشيهم وَمَا يعالجون بهَا. وَكَذَلِكَ قَالَ الْأَحْمَر. يُقَال مِنْهُ: فَدَّ الرجلُ يَفِدُّ فَدِيداً. إِذا اشتَدَّ صوتُه. وَأنْشد:
أُنْبئْتُ أَخْوَالي بَني يَزيدُ
ظُلماً علينا لهمُ فَدِيدُ
وَكَانَ أَبُو عُبَيْدَة يَقُول غير ذَلِك كَأَنَّهُ قَالَ: الفدادون المكثِرون من الْإِبِل الَّذين يملك أحدهم المئتين من الْإِبِل إِلَى الْألف يُقَال لَهُ: فَدَّاد إِذا بلغ ذَلِك. وهم مَعَ هَذَا: جُفاةٌ أهلُ خُيَلاء.
قَالَ أَبُو عبيد: وَقَول أبي عُبَيْدَة هُوَ الصَّوَاب عِنْدِي. وَمِنْه الحَدِيث الآخر إنَّ الأَرْض إِذا دُفن فِيهَا الإنسانُ قَالَت لَهُ: مَشَيْتَ على ظَهرِي فَدَّاداً ذَا مالٍ كثير وذَا خُيَلاء، ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فَدَّدَ الرجلُ: مَشَى على وَجه الأَرْض كِبَراً وبَطَراً. وَفَدَّدَ إِذا صاحَ فِي بَيْعه وشرائه.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَقَوله عَلَيْهِ السَّلَام: (الجَفاء والقسْوة فِي الفَدّادين) ، هم الجَمَّالُونَ والرُّعْيان والبَقّارون والحَمّارون. وفَدْفَدَ: إِذا عَدَا هَارِباً من عَدُوّ أَو سَبُع.
قَالَ اللَّيْث: الفديدُ صوتٌ كالخفيف، وَقد فَدَّ يَفِدّ فَديداً، وَمِنْه الفَدْفَد.
وَقَالَ النَّابِغَة:
أوَابِدُ كالسّلام إِذا استمرَّت
فَلَيْسَ يَرُدُّ فَدْفَدَهَا التَّظَنِّي
وفَلاةٌ فَدْفَد لَا شيءَ فِيهَا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الفَدْفَد الْمَكَان الْمُرْتَفع فِيهِ صَلابةٌ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ ابْن شُمَيْل.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لِلَّبن الثَّخين فُدَفِدٌ.

(بَاب الدَّال وَالْبَاء)
(د ب)
دب (ديدبون) ، بُد: (مستعملة) .
دب ديدبون: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الدَّيْدَبون: اللَّهْو، والدَّيْدَبان: الطَّلِيعة وَهُوَ الشَّيِّفَةُ قلتُ: أَصله ديذَبان، فَغَيَّرُوا
(14/53)
________________________________________
الحركةَ وَقَالُوا دَيْدَبان وَجعلُوا الذَّال دَالا. لمّا أُعرب.
قَالَ ابْن المظفَّر: دَبّ النَّمْل يَدب دَبيباً أَي مَشَى على هِينتيه، وَلم يُسْرع ودب الشَّرَاب فِي شَاربه دبيباً؛ ودب الْقَوْم إِلَى الْعَدو دبيباً، أَي مَشَوْا على هِينتهم لم يسرعوا قَالَ: والدَّبْدَبة العُجْرُوفُ من النَّمْل، وَذَلِكَ أنَّهُ أَوْسَع خَطْواً وأَعجَل نَقْلاً، والدَّبّابة آلَة تُتَّخَذ فِي الحُروب يَدخُل فِيهَا الرِّجَال ثمَّ تدْفَع فِي أصلِ حصْن فينقبونَهُ وهم فِي جَوْف الدّبّابة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الدَّبَّة الكَثيب بِفَتْح الدَّال.
قَالَ: ودُبَّةُ الرجلِ طريقتُه من خيرٍ أَو شرّ بالضمّ.
وَقَالَ ابْن عبّاس: اتَّبِعوا دُبّة قُرَيْش وَلَا تُفارقوا الْجَمَاعَة، والدَّبَّة: الْموضع الكثيرُ الرّمل يُضرَبُ مَثلاً لِلْأَمْرِ الشَّديد، وَقَع فلانٌ فِي دَبّةٍ من الرّمل، لِأَن الجملَ إِذا وَقع فِيهِ تَعِب، ودَبَبْتُ أَدِبُّ دِبَّةً خَفِيَّة والدَّببُ الزّغب على الْوَجْه وَأنْشد:
قَشْر النِّسَاء دَبَبَ الْعَرُوس
والدَّبيب: الزَّحف على الْوَجْه. وَأنْشد:
تِرْعِيبَةٌ فِي دَمٍ أَو بَيْضةٌ جُعِلَتْ
فِي دَبَّةٍ من دِبابِ الرَّمل مِهيار
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: يُقَال: دَبّ إِذا اخْتَبَأَ، ودَبّ إِذا مَشَى من قَوْلهم: أكْذَبُ مَنْ دَبّ ودَرَجَ، فدَبّ مَشَى، ودَرَج ماتَ وانْقَرَض عَقِبُه وَقَالَ رؤبة:
إِذا تَزَابَى مِشيَةً أَزَائِبا
سمعتَ من أَصواتِها دبَادِبا
قَالَ: تَزَابَى مَشَى مشيَةً فِيهَا بُطْءٌ. قَالَ: والدَّبادِب صَوت كأَنَّهُ دُبْ دُبْ، وَهُوَ حكايةُ الصّوت. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ أَيْضا: الدُّبادِب والجُباجِب الكثيرُ الصِّياح والجَلَبَة، وأنشدَ:
إيّاكِ أَنْ تَستَبدِلي قَرِدَ القَفَا
حَزَابِيَةً وَهَيَّبَاناً جُبَاجِبَا
وَمعنى قَوْلهم: فلانٌ أَكَذَب مَنْ دَبَّ ودَرَج، أَي أكذَبُ الْأَحْيَاء والأموات.
وَفِي الحَدِيث: لَا يَدخُل الجنَّة دَيْبُوبٌ وَلَا قَلاّع، الدَّيْبُوب الَّذِي يَدِب بالنميمة بَين الْقَوْم، وَهُوَ كَقَوْلِه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا يَدخُل الْجنَّة قَتاتٌ) .
وَيُقَال: رَجَل دبُوب ودَيْبُوب الَّذِي يجمع بَين الرِّجَال والنساءِ، سُمِّي دَيْبُوباً لأنَّهُ يَدِبُّ بَينهم ويَستخفِي.
قَالَ أَبُو عَمْرو: دَبدَبَ الرجلُ إِذا جَلّب، ودَرْدَب إِذا ضَرَبَ بالطَّبل.
أَبُو عبيد: أَرض مَدَبة كَثِيرَة الدِّبَبَةِ، وَاحِدهَا دُبّ وَالْأُنْثَى دُبَّة.
وَفِي الحَدِيث أَن النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ لنسائه: لَيْتَ شِعْري أيَّتُكن صاحبةُ الْجمل الأدْبَبِ تنبحَها كِلابُ الحَوْأَبِ) قَالُوا: أَرَادَ
(14/54)
________________________________________
بالأدْبب الأدَبِّ فأظهر التَّضْعِيف، وَهُوَ الكثيرُ الوَبَر.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: جملٌ أدَبّ كثير الدَّبَبِ، وَقد دَبَّ يَدِب دَبَباً، قَالَ: والدَّبَبُ: الشَّعْر الّذي على وَجه الْمَرْأَة.
قلتُ: والخَلْصاء: رَمْلٌ يُقَال لَهُ الدَّبَّابُ، وبحِذائه دُحْلانُ كَثِيرَة، وَمِنْه قولُ الشَّاعِر يذكرهُ:
كَأَن هِنْداً ثَناياها وبَهْجَتَها
لمّا التَقَيْنَا على أَدْحَالِ دَبَّابِ
وَقَالَ الزّجّاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {وَاللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَآبَّةٍ مِّن مَّآءٍ} (النُّور: 45) الدَّابةُ اسمٌ لكلّ حَيَوَان مميِّز وغيرِه، فلمّا كَانَ لِما يَعقل ولِما لَا يَعقل قَالَ: فمِنْهم، وَلَو كَانَ لِما لَا يعقِل قِيلَ فَمِنْهَا أَو فمنهنّ، وتَصْغِيرُ الدَّابَّة دُويبَة، الْيَاء سَاكِنة، وفيهَا إشمامٌ من الْكسر، وَكَذَلِكَ كلُّ يَاء التصغير إِذا جَاءَ بعدَها حرفٌ مُثقَّلٌ فِي كل شَيْء، والمِدَبُّ: موضعُ دَبِيب النّمل وغيرِه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المِدْبَبُ الجَملَ الّذي يمشي دَبَادِب، والدَّبُوب: النَّاقة السَّمينة، وجمعُها دُبُبٌ، والدُّباب مَشْيُها.
وَقَالَ سِيبَوَيْهٍ: يُقَال للضَّبُع: دَبابِ، يُرِيدُونَ دِبِّي كَمَا يُقَال: نَزالِ وحَذَارِ، وَدُبّ فِي بني شيْباب، دُبّ بن مُرة بن ذُهْل بن شَيبَان.
بُد: قَالَ اللَّيْث: البُدُّ: بيتٌ فِيهِ صَنَمٌ وتصاويرُ. وَيُقَال: البُدُّ هُوَ الصَّنَم نَفسه، وَهُوَ إِعْرَاب: بُتْ بِالْفَارِسِيَّةِ وَأنْشد:
لقد عَلِمَتْ تَكاكرة ابْن تِيرِي
غَداةَ البُدِّ أنِّي هِبْرِزِيُّ
وَيُقَال: ليسَ لهَذَا الْأَمر بُدٌّ أَي لَا محَالة.
عَمْرو عَن أَبِيه: البُدُّ: الفِراق، يُقَال: لَا بُدَّ الْيَوْم مِنْ قَضَاء حَاجَتي: أَي لَا فِراق، وَمِنْه قَول أم سَلمَة: أيِّديهم تَمْرَةً تَمرة: أَي فَرِّقي فيهم.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: يُقَال: أَبْدَدتُهم العَطَاء إِذا لم تجمعْ بَين اثْنَيْنِ، وَقَالَ أَبُو ذُؤَيْب يصف صيّاداً، فرّق سهامَه فِي حُمر الوَحش:
فأَبَدَّهَن حُتُوفَهن فهاربٌ
بذِمائِه أَو بَارك مُتَجَعْجِعُ
وَقَالَ أَبُو عبيد: الإبْدَادُ فِي الهِبة أَن يُعطي وَاحِدًا وَاحِدًا، والقِرانُ أَن تُعطِيَ اثْنَيْنِ اثْنَيْنِ، وَقَالَ رجل من الْعَرَب: إِن لي صِرْمة أُبِدُّ مِنْهَا وأَقْرُنُ.
ثَعْلَب عَن عَمْرو عَن أَبِيه: البَدُّ التَّعبُ، وَهُوَ بِدُّه وبَدِيداهُ أَي مِثلُه، قَالَ وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: البَدادُ والعِدَادُ: المُناهَدَةُ قَالَ: وبَدَّدَ إِذا تَعِب، وبَدَّد إِذا أخرج نَهْدَه، والبَديدُ التَّطْهِيرُ يُقَال: مَا أَنْت بِبَدِيدٍ لي فتكلمني، والبِدَّان المثْلان.
(14/55)
________________________________________
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ يُقَال: أَبِدَّ هَذَا الجَزوز فِي الحيّ فأعطِ كلَّ إِنْسَان بُدَّتَهُ أَي نَصِيبَه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: البُدَّة: القِسْم. وَأنْشد:
فمَنَحتْ بُدّتَها رَفِيقًا جامِحاً
والنارُ تَلْفَحُ وَجْهَهُ بأُوارِها
أيْ أطَعمتْه بعضَها: أيْ قِطعة مِنْهَا، قَالَ: والبِدَادُ أَن تبِدّ المالَ القومَ فتَقْسِمه بَينهم، وَقد أَبْدَدْتهم المَال وَالطَّعَام، وَالِاسْم البُدّةُ والبِدادُ، والبُدَدُ جمع البُدَّةِ، والبُدُدُ جمع البِدادِ؛ وَقَالَ: جَاءَت الْخَيل بَدَادِ بدادِ إِذا جَاءَت مُتَبَدِّدة، وَقَالَ ذَلِك أَبُو زيد وَأنْشد:
كُنَّا ثَمَانِيَة وَكَانُوا جَحْفلاً
لجباً فشُلُّوا بالرِّماح بَدَادِ
أَي متبددين.
وَقَالَ الأصمعيّ: العربُ تَقول: لَو كَانَ البَدَاد لما أطاقونا. قَالَ: والبَدَاد: البِرازُ تَقول: لَوْ بارَزُونا رجل لرجلٍ. قَالَ: فَإِذا طرحوا الْألف وَاللَّام خَفَضُوا، فَقَالُوا: يَا قوم بَدَادِ بَدَادِ مرَّتَيْنِ أَي، لِيأخذْ كلُّ رجلٍ رَجُلاً، وَقد تبادَّ القومُ إِذا أخذُوا أقرانَهم. وَيُقَال: لَقُوا قَوْماً أبدادَهم، ولَقِيَهم قومٌ أَبْدَادُهم، أَي أعدادُهم لكل رجلٍ رجلٌ.
وَيُقَال: لقَي فلانٌ وفلانٌ فلَانا فابتدَّاه بِالضَّرْبِ، أَي أخَذاه مِن ناحِيَتَيْه، والسَّبُعَانِ يَبْتَدَّان الرجلَ، والرضيعان التَّوْأَمان يبتدَّان أمَّهما، يرضع هَذَا من ثَدْيٍ وَهَذَا من ثَدْيٍ، وَيُقَال: لَو أنَّهُما لَقِياه بخَلاءٍ فابتدَّاه لما أطاقاهُ، وَيُقَال: لما أطاقه أحدُهما، وَهِي المُبادَّة. وَلَا يُقَال: ابتدَّها ابْنهَا وَلَكِن ابتدها ابْناها، وَيُقَال: إِن رَضَاعَها لَا يَقع مِنْهُمَا موقعاً فأَبِدَّهما تِلْكَ النَّعْجةَ الْأُخْرَى، فَيُقَال: قد أبْدَدْتهما.
غَيره: تَبَدَّدَ الْقَوْم: إِذا تفَرقُوا، وَذهب الْقَوْم بَدَادِ بَدَادِ، وَجَاءَت الْخَيل بَدَادِ بَدَادِ أَي وَاحِدًا وَاحِدًا، واستَبَدّ فلَان بِرَأْيهِ إِذا تفرَّدَ بِهِ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: البِدَادان فِي القَتَب بِمَنْزِلَة الكرِّ فِي الرَّحْلِ.
وَقَالَ أَبُو مَالك: البِدَادُ بِطَانَةٌ تُحْشَى وتُجْعَل تَحت القَتَبِ وِقايةً للبعير أَلاَّ يصيبَ ظهرَه القَتَبُ، وَمن الشق الآخر مثله، وهما مُحيطان مَعَ القتب، والجَدَياتُ من الرَّحل شِبْهُ الْصَدَغَةِ يُبطَّن بِهِ أعالي الظَّلِفاتِ إِلَى وَسَط الحِنْوِ.
قلت: البِدَادان فِي القتب شِبْهُ مِخْلاتَيْنِ تُحشيان وتُشدَّان بالخيوط إِلَى ظَلِفات القَتَب وأَحْنَائه. وَيُقَال لَهَا: الأبِدَّة وَاحِدهَا بِدٌّ، وللاثنين بِدَّان فَإِذا شُدَّتْ إِلَى القَتَب فَهي مَعَ القتب حِداجَةٌ حِينَئِذٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: البِدادُ لِبْدٌ يُشدُّ مَبْدُوداً على الدَّابة الدَّبِرَة، تَقول: بُدَّ عَن دَبَرِها أَي
(14/56)
________________________________________
شُقَّ.
قَالَ: وفَلاةٌ بَدْبَدٌ لَا أَحَد فِيهَا.
أَبُو عبيد: رجل أبدّ وامرأةٌ بَدَّاء عَظِيمَة الخَلْق وَأنْشد:
بَدَّاء تَمشي مِشيَةَ الأبَدِّ
وَيُقَال: هُوَ العريض مَا بَين الْمَنْكِبَيْنِ، وَقَالَ اللَّيْث: برذون أبدّ، وَهُوَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ تبَاعد عَن جَنْبَيْهِ، وَهُوَ البدد، قَالَ: والحائِل أبدّ أبدّاً، وَقَالَ أَبُو زيد فِي بعير أبدّ وَهُوَ الَّذِي فِي يَدَيْهِ فَتلَ. وَقَالَ أَبُو مَالك: الأَبدُّ الواسِعُ الصَّدر.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فِي فَخْذَيه بَدَد أَي طول مُفرِط. وَقَالَ ابْن السِّكِّيت: البَدَد تباعدُ مَا بَين الفَخِذين فِي النَّاس من كَثْرة لحمهما، وَفِي ذَوَات الْأَرْبَع فِي الْيَدَيْنِ، وَيُقَال للْمُصَلِّي أَبِدَّ ضَبْعَيْك، وإبدادُهما تفريجُهما فِي السُّجود، وَيُقَال: أَبَدَّ فلانٌ يدَه إِذا مدَّها.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن ثَعْلَب عَن ابْن الأَعرابيّ: قَالَ: قَالَ ابْن الْكَلْبِيّ: كَانَ دُرَيْدُ بن الصّمة قد بَرِص بادَّاهُ مِن كَثرة رُكوب الخَيلِ إِعْرَاء، وبادَّاه مَا يَلِي السَّرْج مِن فَخِذيه.
وَقَالَ القُتَيْبَي: يُقَال لذَلِك الْموضع من الفَرَس: بادٌّ، والبَدَّاء المرأةُ كَثِيرَة لَحْم الفَخِذين.
ورَوَى أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: أَنه قَالَ: قيل لامرأةٍ من الْعَرَب: عَلاَم تمْنَعِين زوجَك القِضَّةَ؟ فَقَالَت: كذَبَ وَالله إِنِّي لأطأْطِىءُ لَهُ الوسادَ، وأُرْخي لَهُ الْبَادَّ، تُرِيدُ أَنَّهَا لَا تضمّ فخذيها، وَقَالَ الراجز:
جاريةٌ يَبُدُّها أَجَمُّها
قد سمَّنتْها بالسَّوِيق أُمُّها
وَالرجل إِذا رأى مَا يَسْتَنْكِره فأَدام النظرَ إِلَيْهِ يُقال: أَبَدَّهُ بَصَرُه.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: مَا لَك بِهَذَا بُدٌّ، وَمَا لَك بِهِ بِدَّةٌ، أَي مَا لَك بِهِ طاقةٌ وَلَا يَدَان.
الْكسَائي: ذهب الْقَوْم عَباديدَ إِذا تفَرقُوا. وَقَالَ الْفراء: يَبَادِيدَ إِذا تفَرقُوا وَأنْشد:
يَرَونَنِي خَارِجا طيرٌ يَبَادِيدُ
وَيُقَال: أَبَدَّ فلانٌ نظرَه إِذا مَدّه، وأبددتُه بَصرِي وأبددتُ يَدي إِلَى الأَرْض فأَخذتُ مِنْهَا شَيْئا، أَي مَدَدْتُها.
عَمْرو عَن أَبيه: البديدة التَّفَرُّقُ.

(بَاب الدَّال وَالْمِيم)
(د م)
مد، دم: (مستعملة) .
دم: قَالَ اللَّيْث: الدَّمُّ الفِعْل من الدِّمامِ وَهُوَ كل دَوَاءٍ يُلْطَخ على ظَاهر العَيْن. وأَنشد:
تَجْلُو بقادمَتيْ حمامةِ أَيْكَةٍ
بَرَداً تُعَلُّ لِثاتُهُ بِدِمامِ
يَعْنِي النَّؤُور قد طُلِيَتْ بِهِ حَتّى رَسَخَ.
(14/57)
________________________________________
وَيُقَال للشَّيْء السمين كَأَنَّمَا دُمَّ بالشحم: دَمّاً، وَقَالَ عَلْقَمَةُ:
كأنَّهُ من دَمِ الأَجْوَافِ مَدْمُوم
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: دَمَّ الرجلُ فلَانا إِذا عَذَّبه عذَابا مَا، ودُمَّ الشيءُ إِذا طُلِيَ. سَلمَة عَن الْفراء فِي قَوْله جلّ وعزّ {فَعَقَرُوهَا فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنبِهِمْ} (الشَّمْس: 14) ، قَالَ: دَمْدَم أَرْجَفَ، وَقَالَ أَبُو بكر بن الْأَنْبَارِي فِي قَوْله: {فَعَقَرُوهَا فَدَمْدمَ عَلَيْهِمْ} أَي غضب، قَالَ: وَتَكون الدَّمْدَمةُ الْكَلَام الَّذِي يُزْعج الرجلَ إِلَّا أَن أكْثر الْمُفَسّرين قَالُوا فِي دَمْدَم عَلَيْهِم أَي أطْبَق عَلَيْهِم العذابَ، يُقَال: دَمْدَمتُ على الشَّيْء أَي أطبقتُ عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ دَمْدَمْتُ عَلَيْهِ القَبْرَ وَمَا أشبهه، لذَلِك يَقُول: ناقةٌ مَدمُومة أَي قد أُلْبِسها الشحمُ فإِذا كَرَّرْتَ الإطباقَ، دَمْدَمت عَلَيْهِ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ عَن عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: الدمدم مَا يبس من الْكلأ قلت: هُوَ الدِّنْدِنُ، قَالَ: والدُّمادِمُ هُوَ شَيْء يشبه القَطِران يسيل من السَلَم والسَّمُرِ أحمرُ الْوَاحِد دُمَدِمٌ وَهُوَ حَيْضَةُ أُمِّ أَسْلَمَ يَعْني شَجَرَة.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الخرقاء: تَقول للشَّيْء يُدفن: قد دَمْدَمْتُ عَلَيْهِ أَي سَوَّيْتُ عَلَيْهِ.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: الدُّوَدِمُ شِبْهُ الدَّم يخرج من السَّمُرة وَهُوَ الحَذَال، يُقَال: قد حَاضَتْ السَّمُرة إِذا خرج ذَلِك مِنْهَا، وَقَالَ أَبُو تُرَاب: قَالَ أَبُو عَمْرو: الدِمْدِم أصُول الصِّلِّبان المُحِيل، فِي لُغَة بني أَسد، وَهُوَ فِي لُغَة بني تَمِيم الدِّنْدِنُ.
اللحياني: ورَجُلٌ دَميم وَقوم دِمام وَامْرَأَة دَمِيمة من نسْوَة دمائِم ودِمام، وَمَا كَانَ دميماً وَلَقَد دمَّ وَهُوَ يَدِمُّ دَمامة.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: دَمَّ يَدِمُّ دَمامةً. قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: دَمَمْتَ بَعْدي تَدِم دَمامة.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال للرجل إِذا طَحَن القومَ فأهلكهم: قد دَمَّهم يَدُمُّهم دَمّاً.
وَيُقَال لليربوع إِذا سَدَّفَا حُجْرِه بِنبيثَتِهِ: قد دَمَّه يَدُمُّه دَمّاً، وَاسم الجُحْر الدَّمَّاءُ مَمْدُود والدُّمَّاءُ والدُّمَّةُ والدُّمَمَةُ.
وَيُقَال للْمَرْأَة إِذا طَلَتْ مَا حول عينهَا بِصَبْرٍ أَو زعفران: قد دَمَّتْ عينهَا تَدُمُّها دَمّا، ودُمَّ البعيرُ دَمّاً إِذا كَثُر شحمُه ولَحمُه حَتَّى لَا يجدِ اللاَّمس مَسَّ حجْم عَظْمٍ فِيهِ.
وَيُقَال لِلْقِدر إِذا طُلِيتْ بالدّم أَو بالطِّحال بعد الجَبْر: قد دُمَّت دَمّاً، وَهِي بُرْمةٌ مَدْمُومة، ودَمِيمٌ ودَمِيمةٌ، وَيُقَال: دَمَمْتُ ظَهْره بآجُرَّة أَدُمُّه دَمّاً، أَي ضربتُ ظَهْره، ودَمَمْتُ الْبَيْت أَدُمُّه دَمّاً أَي طَيّنْتَه، جَصَّصْتَه، ودَمَمْتُ رأسَه إِذا ضَربتَه فَشَجَجتَه.
(14/58)
________________________________________
قَالَ: وَقَالَ الْكسَائي: لم أسمع أحدا يُثَقِّل الدَّمَ، وَيُقَال مِنْهُ: قد دُمِّيَ الرجل وأُدْمِيَ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: الدّميمُ بِالدَّال فِي قَدِّه، والذّميم فِي أخلاقه.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: أَسَاءَ فلَان وأَدَمّ أَي أقبح، الفِعْل اللَّازِم دَمّ يَدِم وَقد قيل: دَمَمْتَ يَا فلَان تَدُمّ وَلَيْسَ فِي المضاعف مثله.
ابْن الأعرابيّ: الدّمّ نَبَات والدُّمُّ القُدورُ المطْلِيَّةِ والدِّم القُوليِّة. وَقَالَ: دَمْدَم إِذا عَذَّب عذَابا تَاما، ومَدْمَدَ إِذا هَرَب.
مد: قَالَ اللَّيْث: المَدُّ كثرةُ الماءِ أَيَّام المُدُودِ، يُقَال: مَدّ النهرُ، وامْتَدّ الحبلُ، وَهَكَذَا تَقول الْعَرَب.
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: المَدُّ مَدُّ النهرِ، والمَد الحَبْلُ، والمَدّ أَن يَمُدّ الرجلُ الرجلَ فِي غَيِّه.
وَيُقَال: وَادِي كَذَا يَمُد فِي نهر كَذَا، أَي يزِيد فِيهِ، وَيُقَال مِنْه: قَلّ مَاء رَكِيّتِنا فمَدّتْها رَكِيّةٌ أُخْرَى، فَهِيَ تَمُدّها مدّاً وَأنْشد:
سَيْلٌ أتِيٌّ مَدّهُ أَتِيُّ
وَقَالَ الأصمعيّ: امْتَد النهرُ، ومَدَّ إِذا امْتلأ، ومَدّه نهرٌ آخر، ومددتُ الحبلَ وامْتَد.
قَالَ: والإمْداد: أَن يُرْسِلَ الرجلُ للرجل بمَدَدٍ، يُقَال: أَمْدَدْنا فلَانا بجيشٍ.
قَالَ جلّ وعزّ: {هَاذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِءَالا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - فٍ} (آل عمرَان: 125) .
وَقَالَ فِي المَال: { ((أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِن مَّالٍ وَبَنِينَ} (الْمُؤْمِنُونَ: 55) . هَكَذَا رُوِيَ نُمِدهم بِضَم النُّون.
وَقَالَ: {وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ} (الْإِسْرَاء: 6) . قَالَ: يكون مِداداً كالمِدَادِ الَّذِي يُكتب بِهِ، والشيءُ إِذا مَد الشيءَ فَكَانَ زِيَادَة فِيهِ فَهُوَ يَمُدُّه، يَقُول: دِجْلةُ تَمُدُّ بِئَارَنا وأنهارَنا، وَالله يَمُدُّنا بهَا، وَتقول: قد أَمْدَدتُك بِأَلف فَمُدّ. وَلَا يُقاسُ على هَذَا كلُّ مَا وَرَدَ.
الأصمعيّ: أَمَد الجُرْحُ يَمُدُّ إمْداداً وأَمْدَدْتُ الدَّوَاة إمْداداً.
وَقَالَ أَبُو زيد: مَدَدْتُ الْإِبِل أَمُدها مَدّاً، وَالِاسْم المَدِيدُ، وَهُوَ أَن يَسقيها الماءَ بالبَزْر أَو الدَّقِيق أَو السِّمسم.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: مَدَدت الدواة، وأمْدَدتُها جعلتُ فِيهَا مَاء.
وَقَالَ أَبُو عبيد: مَد النهرُ جرى فِيهِ، ومَدَدْنا القومَ صِرنا لَهُم مَدَداً، وأَمْدَدْناهم، بغيرنا؛ وأمَد الجُرْحُ، وَأَمْدَدْتُ الرجلَ مُدةً وَأَمْدَدْت الدوَاة إِذا جعلت فِيهَا مِداداً.
وَقَالَ اللَّيْث: المَدَدُ مَا أمْددتَ بِهِ قومَك فِي حَرْب أَو غير ذَلِك من طَعَام أَو أَعوان، والمادةُ كلُّ شَيْء يكون مداداً
(14/59)
________________________________________
لغيره، وَيُقَال: دَعْ فِي الضَّرع مادَّةَ اللّبن، فالمتروكُ فِي الضَّرع هُوَ الدَّاعِيةُ، وَمَا اجْتمع إِلَيْهِ فَهُوَ المادّة، والأعرابُ مادةُ الْإِسْلَام، والمِدَادُ مَا يُكتبُ بِهِ، يُقَال: مُدَّني يَا غلامُ أَي أَعْطِنِي مَدّة من الدَّواة، وَإِن قلت: امْدُدني مُدة كَانَ جَائِزا، وخُرِّج على مجْرى المَدَد بهَا وَالزِّيَادَة، والمديدُ شعير يُجَشُّ ثمَّ يُبلُّ فيضفرُ البعيرَ والمدّة الْغَايَة، يُقَال لهَذِهِ الْأمة مُدَّةٌ أَي غَايَة من بَقَائِهَا، ويُقال: أمدّ الله فِي عمرك، أَي جعل لعمرك مُدةً طَوِيلَة، والمُدُّ مكيال معلومٌ وَهُوَ ربع الصاعِ، ولُعبة للصبيان تسمى مداد قيْس.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: مُدٌّ وثلاثةُ أَمداد ومِددٌ ومدادٌ كَثِيرَة، والتَّمدُّدُ كتهدُّدِ السِّقاء، وَكَذَلِكَ كل شَيْء تبقى فِيهِ سَعةُ المدِّ، وَيُقَال: امتدّ بهم السيْر أَي طَال.
وَقَوله سُبْحَانَ الله: مداد كَلِمَاته أَي عَدَدَها وَكَثْرَتهَا، والأمدَّة المِساكُ فِي حافتي الثَّوْب إِذا ابتُدىء فِي عَمله.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: مدْمد أَي هربَ، قَالَ: والمددُ العَساكر الَّتِي تلْحق بالمغازي فِي سَبِيل الله، ويُقال: جَاءَ هَذَا على مدادٍ وَاحِد أَي على مِثَال وَاحِد.
وَقَالَ جَندل:
لم أقْو فيهنّ وَلم أساند
على مدادٍ ورَوِيٍ وَاحِد
والإمدّان مياهُ السِّباخ.
وَقَالَ أَبُو الطّمحَان:
فأَصبحن قد أقْهيْن عنِّي كَمَا أَبتْ
حِياض الإمدَّان الظِّباءُ القوامحُ
وَقَالَ أَبُو زيد: الأمدان المَاء الْملح الشَّديد الملوحة، وَفُلَان يُمادُّ فلَانا، أَي يُماطله ويجاذبُه وَيُقَال: مددتُ الأَرْض مدّاً إِذا زِدْت فِيهَا تُرَابا أَو سماداً من غَيرهَا، ليَكُون أعمر لَهَا وَأكْثر ريعاً لزرعها.
وَقَالَ شمر: كل شَيْء امْتَلَأَ وارتفع فقد مدّ وأمددتُه أَنا، ومدّ النهارُ: إِذا ارْتَفع.
وَقَالَ يُونُس: مَا كَانَ من الْخَيْر فَإنَّك تَقول: أَمددتُه، وَمَا كَانَ من الشَّرّ، فَهُوَ مددتُهُ، ومدَّ النهرُ النَّهر إِذا جرى فِيهِ.
وَمَدَدْنَا الْقَوْم صرنا لَهُم مدَدا وأمددناهم بغيرنا.
وَقَالَ أَبُو زيد: الإمدَّانُ الماءُ المالح الشديدُ الملوحة.
انْتهى وَالله أعلم.
(14/60)
________________________________________
أَبْوَاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف الدَّال

(أَبْوَاب الدَّال وَالتَّاء)
د ت ظ د ت ذ د ت ث د ت ر:
مهملات الْوُجُوه.
د ر ط د ب د د ت ث د ق ر
مهملات.
د ت ل
اسْتعْمل مِنْهُ: (تَلد، لتد) .
تَلد: قَالَ اللَّيْث: التِّلادُ كل مَال قديم يَرِثهُ الرجلُ عَن آبَائِهِ وَهُوَ التّالِدُ والتَّليدُ والمُتلدُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: تلّد الرجلُ، إِذا جمع وَمنع.
وَقَالَ غَيره: جاريةٌ تليدة إِذا وَرِثها الرجلُ، فَإِذا وُلدتْ عِنْده فَهِيَ وليدةٌ.
الأصمعيّ: تَلد بِالْمَكَانِ تُلوداً: أَي أَقَامَ بِهِ، رَوَاهُ أَبُو عبيد عَنهُ؛ وأتلد، أَي اتَّخَذَ المَال.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَلَد المالُ يتلِد ويتلُد وأتْلدْتُه أَنا.
ورُوي عَن شُريح أَن رجلا اشْترى جَارِيَة وَشرط أَنَّهَا مُولَّدة فَوَجَدَهَا تليدةً فَردهَا شُريح.
قَالَ القتيبي: التليدةُ هِيَ الَّتِي وُلدتْ بِبِلَاد الْعَجم، وحملت فَنَشَأَتْ بِبِلَاد الْعَرَب. والمولدةُ الَّتِي وُلدت فِي بِلَاد الْإِسْلَام، قَالَ: وَذكر الزيَادي عَن الْأَصْمَعِي أَنه قَالَ: التليدُ مَا وُلد عِنْد غَيْرك؛ ثمَّ اشتريتَه صَغِيرا فَشَبَّ عنْدك، والتِّلاد مَا ولدتَ أنتَ.
قلت: وسمعتُ رجلا من أهل مَكَّة يَقُول: تلادي بِمَكَّة: أَي ميلادي.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: التليدُ الَّذِي وُلد عنْدك وَهُوَ المولد؛ والأُنثى المولّدةُ؛ قَالَ: والموَلَّد والمولَّدةُ والتليد وَاحِد عندنَا؛ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد المصاحفي عَنهُ.
لتد: قَالَ: (أَبُو مَالك: لَتَدَه بِيَدِهِ مثل وكزه) فَهُوَ لاتد، (والأتلادُ بطونٌ من بني عبد الْقَيْس) .
(14/61)
________________________________________
د ت ن د ت ف د ت ن: أهملت وجوهها.
د ت م
(متد) : قَالَ ابْن دُرَيْد: متد بِالْمَكَانِ يمتُدُ فَهُوَ ماتدٌ إِذا أَقَامَ بِهِ.
قلت: وَلَا أحفظه لغيره.

(أَبْوَاب الدَّال والظاء)
د ظ)
أهملت الدَّال مَعَ الظَّاء غير (دلظ) : حرف وَاحِد وَهُوَ دَلظ يُقال: دَلَظَه يدلِظُه ويدْلُظُه دلظاً إِذا وَكزه ولَهَزَهُ، ورَجلٌ مِدْلَظٌ أَي مِدْفعٌ.

(أَبْوَاب الدَّال والذال)
د ذ)
أهملا فِي الثلاثي الصَّحِيح إِلَى آخر الْحُرُوف انْتهى.

(أَبْوَاب) الدَّال والثاء)
(فِي الثلاثي الصَّحِيح)
(د ث ر)
دثر، ثرد، رثد: مستعملة.
دثر: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (ذهب أهل الدُّثور بِالْأُجُورِ) .
قَالَ أَبُو عبيد: وَاحِد الدُّثُور دَثْر؛ وَهُوَ المالُ الْكثير، يُقال: هم أهل دثر ودُثور.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: هم أهل دثر؛ وَمَال دثر، وَمَال دَبْر أَيْضا بِمَعْنَاهُ.
ورُوِيَ عَن الْحسن أَنه قَالَ: حادثوا هَذِه الْقُلُوب بِذكر الله فَإِنَّهَا سريعة الدُّثُور.
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله سريعةُ الدُّثُور، يَعْنِي دُروسَ ذِكرِ الله، يُقال للمنزل إِذا عَفا ودرس: قد دَثَر دُثوراً.
قَالَ ذُو الرّمة:
أَشاقَتْكَ أَخْلاقُ الرُّسومِ الدواثِرِ
وَقَالَ شمر: دُثُور القُلوب امِّحاءُ الذِّكْر مِنْهَا ودُروسُها قَالَ: ودُثُورُ النُّفُوس سُرعةُ نسْيانها، ودَثَر الرجلُ إِذا عَلَتْه كَبْرةٌ واسْتِسْنانٌ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الدثَرُ الوَسَخُ، وَقد دَثر دثوراً إِذا اتَّسَخَ، ودَثر السَّيفُ إِذا صَدِىءَ.
وَقَالَ أَبُو زيد: سيفٌ دَاثرٌ وَهُوَ البعيدُ الْعَهْد بالصقال.
قلت: وَهَذَا هُوَ الصَّوَاب، يدل عَلَيْهِ قَوْله: حادثوا هَذِه الْقُلُوب أَي اجلوها واغْسلوا عَنْهَا الرَّيْن والطَّبَع بِذكر الله كَمَا يُحادَثُ السيفُ إِذا صُقِل وجُلِيَ وَمِنْه قَول لَبيد:
كَمِثْلِ السَّيْفِ حُودِثَ بالصِّقالِ
(14/62)
________________________________________
أَي جُلِيَ وصُقِلَ، والدِّثار الثوبُ الَّذِي يُستَدْفَأ بِهِ من فَوق الشِّعار، يُقَال: تَدَثَّرَ فلَان بالدِّثار تَدَثُّراً وادِّثاراً فَهُوَ مُدَّثِّرٌ وَالْأَصْل مُتَدَثِّر فأدْغِمَتْ التاءُ فِي الدَّال وشُدِّدتْ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {} (المدثر: 1) يَعْني المُتَدَثرِّ بثيابه إِذا نَام.
عَمْرو عَن أَبِيه قَالَ: المَتَدَثِّر من الرِّجَال: المأْبُونُ، قَالَ: وَهُوَ المُتدَأَّم، والمُتَدَهَّمْ والمِثْفَر والمِثْفارُ.
ثرد: قَالَ اللَّيْث: الثَّرِيدُ: معروفٌ، قلت: أصل الثَّرْد الهَشْم، وَمِنْه قيل لما يُهْشَمُ مِن الخُبْزِ ويُبَلُّ بِمَاء القِدْر وَغَيره: ثريدٌ.
وَسُئِلَ ابْن عَبَّاس عَن الذَّبِيحَة بالعُود فَقَالَ: كُلّ مَا أَفْرَى الأَوْداجَ غير مُثرِّد.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زِيَاد الْكلابِي: المُثرِّدُ الَّذِي يَقْتلُ بِغَيْر ذَكاةٍ يُقَال: تَثَرَّدتَ ذَبيحتكَ.
وَقَالَ غَيره: التَّثريدُ أَن تَذبحَ الذبيحةَ بشيءٍ لَا يُنْهِرُ الدّمَ وَلَا يُسيله، فَهَذَا المُثَرِّدُ، وَمَا أفرى الأوداجَ من حديدٍ أَو لِيطَةٍ أَو ظُرَرٍ أَو عُودٍ لَهُ حَدٌّ، فَهُوَ ذَكِيٌ غيرُ مُثَرَّدٍ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: ثَرِد الرجلُ حُمِل من المعركة مُرْتثّاً.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ثوب مَثْرودٌ أَي مَغْموس فِي الصِّبْغ، وَيُقَال: أكلنَا ثَرِيدة دَسِمَة بِالْهَاءِ على معنى الِاسْم أَو الْقطعَة من الثَّرِيد.
رثد: أهمله اللَّيْث، وَقَالَ ابْن السّكيت: الرَّثْدُ مَصدرُ رَثَدْتُ المتاعَ إِذا نَضَدْتَ بعضَه فَوق بعض، وَهُوَ طَعَام مَرْثُودٌ ورَثيدٌ، ويُقال: تركتُ فلَانا مُرْتثِداً مَا تَحمَّل بعد: أَي نَاضِداً مَتَاعَه وَمِنْه اشتُق مَرْثَدٌ، وَقَالَ ثعلبةُ بنُ صُعَيْرٍ:
فَتَذَكَّرا ثَقَلاً رثيداً بَعْدَ مَا
أَلْقَتْ ذُكَاءُ يَمينَها فِي كَافِرِ
قَالَ: والرَّثَدُ متاعُ الْبَيْت المنضُود بَعْضُه فَوق بعض.
وَقَالَ غَيره: الرِّثْدَةُ واللِّثْدَةُ الجماعةُ من النَّاس الْكَثِيرَة، وهم المقيمون وسائرهم يَظْعَنُون. 5
د ث ل
دلث، لثد: (مستعملة) .
(دلث) : قَالَ اللَّيْث: الدِّلاثُ من الْإِبِل السريعُ، قَالَ كُثيِّر:
دِلاثُ العَتِيقِ مَا وَضَعت زِمامَه
مُنِيفٌ بِهِ الْهَادِي إِذا احتَثَ ذَامِلُ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ فِي الدِّلاثِ مثله، قَالَ: وَقَالَ الْفراء: الانْدِلاثُ: التَّقَدُّم. وَقَالَ الأصمعيّ: انْدَلَثَ فلَان انْدلاثاً إِذا رَكِب رَأسه فَلم يُنَهْنِهْه شيءٌ فِي قتال: وَيُقَال: هُوَ يَدْلِف ويَدْلِث دليفاً دَلِيثاً إِذا قَارب خَطْوَه مُتَقَدِّماً.
(14/63)
________________________________________
لثد: يُقَال: لَثَدْت القَصْعَةَ بالثَّريد مثل رَثَدْتُ إِذا جمعتَ بعضه على بَعْضٍ وسوَّيتَه، فَهُوَ لَثِيدٌ ورَثِيدٌ، واللِّثدةُ والرِّثدةُ الجماعةُ يُقِيمون وَلَا يَظْعَنون.
د ث ن
ثدن، ثند، دثن: مستعملة.
ثند: قَالَ اللَّيْث: الثُّنْدُوَةُ لحمُ الثَّدَي. وَقَالَ ابْن السّكيت: هِيَ الثَّنْدُوَةُ اللَّحْم الَّذِي حول الثدي للْمَرْأَة.
غير مَهْمُوز. قَالَ: وَمن همزها ضم أَولهَا فَقَالَ: ثندُؤة. وَقَالَ غَيره الثندوة للرجل والثَّدي للْمَرْأَة.
ثدن: يُقَال: رجل مُثَدَّنٌ إِذا كَانَ كَثِير اللَّحْم على الصَّدْر وَقد ثُدِّنَ تَثْدِيناً وَقَالَ:
رِخْوُ العِظام مُثَدَّنٌ عَبْلُ الشوَى
وَفِي حديثِ عليَ: أنهُ ذَكرَ الْخَوَارِج فَقَالَ: فيهم رَجلٌ مَثْدُون اليَدِ وَرَوَاهُ بَعضهم: مُثَدَّنُ الْيَد أَي تُشْبِهُ يدُه ثديَ المرأةِ.
دثن: قَالَ الْفراء: الدّثينَةُ والدّفِينَةُ منزلٌ لبني سُلَيم، وَقَالَ:
ونحنُ تَرَكْنا بالدّثينةِ حاضِراً
لآلِ سُلَيم هَامة غير نائمِ
وَقَالَ ابنُ دريدٍ: دَثّن الطائرُ تَدْثِيناً إِذا طَارَ وأسرع السُّقوط فِي مواضعَ مُتقارِبة.
د ث ف
أهمله اللَّيْث.
(ثفد) : وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الثفافيد سحائبُ بيضٌ بعضُها فَوق بعض، والثفافيدُ بطائِنُ كلِّ شيءٍ من الثِّيَاب وَغَيرهَا، وَقد ثَفَّدَ دِرْعَه بالحديد أَي بَطْنه.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس وَغَيره تَقول: فَثَافِيدُ.
د ث ب: أهمل.
د ث م
دمث، ثَمد، مثد، ثدم: (مستعملة) .
ثدم: أهمل اللَّيْث. ثدم: ورجلٌ فَدْمٌ ثَدْمٌ بِمَعْنى وَاحِد.
مثد: أهمله اللَّيْث. وروى عَمْرو عَن أَبِيه: الماثِد الدّيْدَبَان وَهُوَ اللابدُ والمختَبىءُ الشَّيِّفَةُ والرَّبيئة.
دمث: شمر عَن ابْن شُمَيْل: الدِّماثُ السهول من الأَرْض الْوَاحِدَة دَمِثَةٌ، كلُّ سَهْل دَمِثْ، والوادي الدَّمِث السهل. ويكونُ الدِّماث فِي الرمال وَغير الرمال، وَقَالَ غَيره: الدَّمائثُ مَا سهُل ولان وَاحِدهَا
(14/64)
________________________________________
دَمِيثَةٌ. وَمِنْه قيل للرجل السَّهْل الطَّلق الْكَرِيم: دَميثٌ وَامْرَأَة دَمِيثةٌ شُبِّهَتْ بِدِماثِ الأَرْض لِأَنَّهَا أكْرم الأَرْض، وَيُقَال: دمَّثْتُ لَهُ المكانَ. أَي سهَّلْتُه لَهُ، وَيُقَال: دَمِّثْ لي ذَلِك الحَدِيث حَتَّى أطعَن فِي حوْصِهِ أَي اذْكُر لي أَوَّله حَتَّى أَعرِفَ وجهِه، ومَثَلٌ للْعَرَب: دَمِّثْ لِجَنْبِكَ قَبْلَ اللَّيْلِ مُضْطَجَعاً، أَي خُذ أهْبَتَه واستَعِدَّ لَهُ وتَقَدَّمْ فِيهِ قبل وُقوعه.
ثَمد: قَالَ اللَّيْث: الثَّمْدُ الماءُ القليلُ، والإثمد ضَربٌ من الكُحْل.
وَقَالَ أَبُو مَالك: الثَّمْدُ، أَن تعْمِد إِلَى مَوضعٍ يَلزمُ ماءَ السَّمَاء تجعلُه صَنَعاً، وَهُوَ الْمَكَان يجْتَمع فِيهِ المَاء وَله مَسَايلُ من الماءِ وتحفر فِيهِ من نواحيه ركايا فتملؤها من ذَلِك المَاء، فيشربُ الناسُ الماءَ الظَّاهِرَ حَتَّى يجِف إِذا أصابَهُ بَوارِحُ القَيْظ، وتَبْقَى تِلْكَ الركايا، فَهِيَ الثِّماد وَأنْشد:
لَعَمْرُك إنَّنِي وطِلابَ سَلْمَى
لَكالمُتَبَرِّض الثَّمَدَ الظَّنُونا
والظَّنُون الَّذِي لَا يُوثَق بمائه، وَيُقَال: أصبحَ فلَان مَثْموداً إِذا أُلِحَّ عَلَيْهِ فِي السُّؤَال حَتَّى فَنِيَ مَا عِنْده، وَكَذَلِكَ إِذا ثَمَدَتْه النساءُ فَلم يَبْقَ فِي صُلْبه ماءٌ.
شمر عَن ابْن الأعرابيّ: الثَّمْدُ قَلْتٌ يَجْتَمِعُ فِيهِ ماءُ السَّمَاء، فَيشرب بِهِ النَّاس شَهْرَيْن من الصَّيف، فَإِذا دَخل أولُ القيظ انْقَطع، فَهُوَ ثَمَدٌ وَجمعه ثِمادٌ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: يُقال للرجل يَسهر لَيْلَهُ سارياً أَو عَاملا: فلانٌ يَجْعَل الليلَ إثْمِداً: أَي يسهرُ، فجعلَ سَوادَ اللَّيْل بِعَيْنَيْه كالإثْمد، لِأَنَّهُ يَسْهَر الليلَ كلّه فِي طلب الْمَعَالِي، وَأنْشد أَبُو عَمْرو:
كَمِيشُ الْإِزَار يَجْعَلُ الليلَ إثْمِداً
ويَغْدُو: علينا مُشْرِقاً غيرَ وَاجِم
ثَمودُ حَيٌ من العَرب الأُوَل، يُقَال: إِنَّهُم من بقيَّة عادٍ، بعث الله إِلَيْهِم صَالحا، وَهُوَ نبيّ عَرَبيّ، واخْتَلَفَ القُراء فِي إجرائه فِي كتاب الله فَمنهمْ من صَرَفه، وَمِنْهُم من لم يَصْرِفه، فَمن صَرفَه ذهب بِهِ إِلَى الحيِّ، لِأَنَّهُ اسْم عربيّ مُذكر سُمِّي بمذكر، وَمن لم يصرفهُ ذهب بِهِ إِلَى الْقَبِيلَة وَهِي مُؤَنّثَة.
انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم.

(أَبْوَاب) الدَّال وَالرَّاء)
(من الثلاثي الصَّحِيح)
د ر ل
أهملت وجوهه.
(درل) : (دِرَوْلِيَّة) وَدَرولية. اسْم بلد فِي
(14/65)
________________________________________
أَرض الرّوم.
د ر ن، دنر، ردن، رند، ندر، نرد: (مستعملة) .
(درن) : قَالَ اللَّيْث: الدَّرَنُ تَلَطُّخ الوَسَخ، وثوب دَرِنٌ وأدْرَنُ أَي وسخ.
قَالَ رؤبة يمدح رجلا:
إنِ امرُؤٌ دَغْمَرَ لَوْنَ الأدْرَنِ
سَلِمْتَ عِرْضاً ثَوْبُه لم يَدْكَنِ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: كلُّ حُطام شَجر أَو حَمْضٍ أَو أَحرار بَقْل، فَهُوَ الدَّرين إِذا قَدُم.
وَقَالَ اللَّيْث: اليَبيسُ الحَوْليُّ هُوَ الدَّرين. وَيُقَال: مَا فِي الأَرْض من اليَبيسِ إِلَّا الدُّرَانَةُ. قَالَ: وناس من أهل الْكُوفَة يسمون الأحمق دُرَيْنَة.
وَقَالَ اللَّيْث: دُرَّانةُ اسْم من أَسمَاء الْجَوَارِي وَهُوَ فُعْلانه. قلت: النُّون فِي درَّانة إِن كَانَت أَصْلية فَهِيَ فُعْلالَة من الدَّرَنِ، فَإِن كَانَت غير أَصْلِيَّة فَهِيَ فُعْلانَة من الدُّر أَو الدَّر، كَمَا قَالُوا: قُرَّان من القُرِّ أَو من القَرِين.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فلَان إدْرَوْنُ شَرَ وطِمِرُّ شَرَ إِذا كَانَ نِهَايَة فِي الشَّر.
وَقَالَ شمر: والإدْرَوْنُ الأصْلُ، وَقَالَ القُلاّخُ:
ومِثْلُ عَتَّابِ رَدَدْناه إلَى
إدْرَوْنِهِ ولُؤْمِ أصِّهِ على
الرَّغم مَوْطُوء الْحَصَى مُذَلَّلاَ
قَالَ: وإدْرَوْنُ الدَّابة آرِيُه. قلت: وَمن جعل الْهَمْز فِي إدْرَوْن فاءَ الْمِثَال فَهِيَ رُباعية، مثل فِرْعَون وبِرْذَوْن.
دنر: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: دَنَّرَ وجهُ الرجل إِذا تَلأْلأَ وأشْرَقَ، ودينار مُدَنَّر أَي مَضروبٌ، وبِرْذَوْنٌ مُدَنَّر اللَّوْن أَشْهَبُ على مَتْنَيْهِ وعَجُزِهِ سَوَادٌ مُسْتَدِيرٌ يُخَالِطُهُ شُبْهَة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المدَنَّر من الْخَيل الَّذِي بِهِ نُكَتٌ فَوق البَرَشِ.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أصل دِينَار دِنّارٌ فقلبت إِحْدَى النونين يَاء وَلذَلِك جُمع على دَنَانِير مثل قِيراط أَصله قرّاطٌ وديباج أَصله دِبّاج.
وَيُقَال: دُنِّر الرجلُ فَهُوَ مُدَنّر، إِذا كثرت دنانيره.
ردن: اللَّيْث: الرُّدْنُ مقَدَّم كمِّ الْقَمِيص.
عَمْرو عَن أَبِيه: الرُّدْن الكمّ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الرَّدَنُ الخَزّ. وَقَالَ فِي قَوْله:
كَشَقِّ القَرَارِيِّ ثَوْبَ الرَّدَنْ
قَالَ: الردَنُ الخزّ الْأَصْفَر.
وَقَالَ اللَّيْث: الأُرْدُنّ أَرض بِالشَّام.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الأُرْدُنّ النُّعاسُ
(14/66)
________________________________________
الغالبُ وَأنْشد:
قد أخذَتْنِي نَعْسَةٌ أُرْدُنُّ
قَالَ: وَبِه سميت الأُرْدُنُّ البَلَدُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الرادِنِيُّ مِن الْإِبِل مَا جَعُدَ وَبَرُه، وَهُوَ مِنْهَا كريم جميل يَضْرِبُ إِلَى السَّواد قَلِيلا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: إِذا خالَطَ حُمْرَةَ الْبَعِير صُفْرَةٌ كالْوَرْسِ قيل: جَمَلٌ رادِنِيٌّ وناقة رَادِنيَّةٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: ليلٌ مُرْدِنٌ، أَي مُظْلِمٌ. وعَرَق مَرْدونٌ قد نَمَّسَ الجَسَد كلَّه، وأمَّا قَول أبي دُوَاد الْإِيَادِي:
أَسْأَدَتْ لَيْلَة وَيَوْما فَلَمَّا
دَخَلَتْ فِي مُسَرْبَخٍ مَرْدُونِ
فَإِن بَعضهم قَالَ: أَرَادَ بالمردُون المردوم فأبدل من الْمِيم نوناً. والمسَرْبَخُ الواسعُ، وَقَالَ بَعضهم: المَرْدُومَ الْمَوْصُول.
وَقَالَ شمر: المرْدُون المنْسُوجُ. قَالَ: والرَّدَنُ الغَزْلُ أَرَادَ بقوله: فِي مُسربخٍ مَرْدون الأرضَ الَّتِي فِيهَا السَّراب. وَقيل: الرَّدَنُ الغَزْل الَّذِي لَيْسَ بِمُسْتَقِيم.
رند (نرد) : أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: الرَّنْد شَجَرٌ طَيِّبٌ من شجر الْبَادِيَة، قَالَ: وَرُبمَا سمّوا عودَ الطّيب الَّذِي يُتَبَخَّر بِهِ رَنْداً، وَأنكر أَن يكون الرّنْدُ الآس.
وروى أَبُو عَمْرو عَن أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى أَنه قَالَ: الرَّنْد الآسُ عِنْد جمَاعَة أهل اللُّغَة، إِلَّا أَن عَمْرو الشَّيْبَانِيّ وَابْن الْأَعرَابِي فَإِنَّهُمَا قَالَا: الرَّندَ الْحَنوَة وَهُوَ طيب الرَّائِحَة. قلت: والرند عِنْد أهل الْبَحْرين شبه جُوالِقٍ وَاسع الْأَسْفَل مخروط الأعْلَى يُسَفُّ من خَوصِ النَّخل، ثمَّ يُخَيَّط ويُضْرب بالشُّرْطِ المفتولة من الليف حَتَّى يَتَمَتَّن فَيقوم قَائِما، ويُعَرى بِعُرًى وثيقةٍ ينْقل فِيهِ الرُّطب أيّام الْخِراف، يُحمل مِنْهُ رَنْدان على الْجمل القويّ، ورَأَيت هَجَرياً يَقُول لَهُ: النَّرْد وَكَأَنَّهُ مقلوب، وَيُقَال لَهُ: القَرْنة أَيْضا، وَأما النّرد الَّذِي يتقامر بِهِ فَلَيْسَ بعربيَ وَهُوَ مُعرب.
ندر: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: نَدَر الشَّيْء إِذا سقَط؛ وَإِنَّمَا يُقَال ذَلِك لشيءٍ يَسْقُط من بَين شيءٍ أَو مِن جَوف شَيْء؛ وَكَذَلِكَ نوادرُ الْكَلَام يَنْدِرُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: النَّدْرَةُ الخَصْفَةُ بالعَجَلَة وَفِي الحَدِيث: أَن رجلا نَدَر فِي مجلسِ عمرَ فَأمر القومَ بالتَّطهُّر لِئَلَّا يخجل النادرُ.
وَيُقَال نَدَر الرجلُ: إِذا مَاتَ، وَقَالَ سَاعِدَة الهُذَليّ:
كِلَانَا وإنْ طالَ أيامُه سينْدُر عَن شَزَنٍ مُدْحِضِ.
سينْدُرُ: سيموت، والنَّدْرةُ الْقطعَة من
(14/67)
________________________________________
الذَّهَب أَو الفِضة تُوجد فِي الْمَعْدن.
وَقَالَ اللَّيْث: الأنْدِرِيّ وَيجمع الأندرين، يُقَال: هُمْ الفتيان الَّذين يَجْتَمعُونَ من مَوَاضِع شَتَّى وَأنْشد:
وَلَا تُبقي خُمَور الأنْدَرِينا
عَمْرو عَن أَبِيه: الأنْدَرِيُّ: الحبْلُ الغليظ وَقَالَ لبيد:
مُمَرٍ كَكَرِّ الأنْدَرِيِّ شَتِيم
وَقَالَ اللَّيْث: الأنْدَر: البَيْدَر شَاميَّة، وَيُقَال للرجل إِذا خَضَفَ: نَدَر بهَا، وَقيل: الأنْدرُ قَرْيَة بِالشَّام فِيهَا كروم؛ وَكَأَنَّهُ على هَذَا الْمَعْنى أَرَادَ خمور الأنْدريِّينَ خفِّفَتْ ياءٌ النِّسبة كَمَا تَقول الأشعرِين بِمَعْنى الأشعرِيِّينَ إِنَّمَا يكون ذَلِك فِي النَّدْرة بَعْد النَّدْرَة إِذا كَانَ فِي الْأَحَايِين مرّة، وَكَذَلِكَ الخطيئةُ بعد الخطيئةِ.
(د ر ف)
ر د ف، رفد، فدر، فَرد، دفر: مستعملات.
ردف: قَالَ اللَّيْث: الرِّدْفُ مَا تَبع شَيْئا فَهُوَ رِدْفُه، وَإِذا تَتابَع شيءٌ خلْفَ شَيْء فَهُوَ التَّرادُف، والجميع الرُّدافَى، وَقَالَ لبيد:
عُذَافرةٌ تَقَمَّصُ بالرُّدافَى
تَخَوَّنها نُزولي وارْتِحَالي
وَيُقَال: جَاءَ الْقَوْم رُدَافَى، أَي بَعضهم يَتْبعُ بَعْضًا.
وَيُقَال: للْحُداةِ الرُّدافَى، وَأنْشد أَبُو عبيد قَول الرَّاعِي:
وَخُودٍ من اللائي يسمِّعنَ بالضُّحَى
قَرِيضَ الرُّدافَى بِالْغنَاءِ المُهَوِّدِ
وَقيل: الرُّدافَى: الرَّديفُ؛ وَأَخبرني المنذريّ عَن ابْن فهم عَن مُحَمَّد بن سَلام عَن يُونُس فِي قَول الله تَعَالَى: {يَكُونَ رَدِفَ} .
قَالَ: قَرُب لكم.
وَقَالَ الفرّاء فِي قَوْله: {صَادِقِينَ قُلْ عَسَى أَن يَكُونَ رَدِفَ لَكُم بَعْضُ} (النَّمْل: 72) جَاءَ فِي التَّفْسِير: دَنا لكم فَكَأَن اللَّام دخلت إذْ كَانَ دنا معنى لكم.
قَالَ: وَقد تكون اللَّام دَاخِلَة، وَالْمعْنَى رَدِفَكم كَمَا تَقولُونَ نَقَدْتُ لَهَا مائَة أَي نَقَدْتها مائَة.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: يُقَال: رَدِفْتُ لفلانٍ أَي صرت لَهُ رِدْفاً.
قَالَ: وتزيدُ الْعَرَب اللامَ مَعَ الْفِعْل الْوَاقِع فِي الِاسْم الْمَنْصُوب فَتَقول: سمِع لَهُ، وشكر لَهُ، وَنَصَح لَهُ أَي سمِعه ونصحه وشكَره.
وَقَالَ الزّجّاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} (الْأَنْفَال: 9) قَالَ: ومُردَفين فُعِل بهم ذَلِك.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: رَدِفْتُه وأَرْدَفْتُه بِمَعْنى وَاحِد.
(14/68)
________________________________________
أَبُو عبيد عَن أبي زيد يُقَال: رَدِفْتُ الرجلَ وأَرْدَفْته إِذا ركبتَ خَلفه وَأنْشد:
إِذا الجَوْزَاءُ أَرْدَفتِ الثُّريا
ظَنَنْتُ بآلِ فاطمةَ الظُّنونا
وَقَالَ شمر: رَدِفتُ وأَرْدفت إِذا فعلتَ بِنَفْسِك، فَإِذا فعلتَ بغيرك فأَرْدَفْتَ لَا غير.
وَقَالَ الزجّاج: يُقَال: رَدِفْتُ الرجلَ إِذا ركبتَ خَلْفه، وأَرْدَفْتُه أَركبته خَلْفي؛ وَيُقَال: هَذِه دابةٌ لَا تُرادف، وَلَا يُقَال: لَا تُردِف، وَيُقَال: أَرْدَفتُ الرجلَ إِذا جِئتَ بعده.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: نزل بهم أمرٌ قد رَدِفَ لَهُم أعظمُ مِنْهُ، قَالَ: والرِّدافُ هُوَ مَوضِع مركَبِ الرديف، وَأنْشد:
لِيَ التَّصْدِيرُ فاتْبَعْ فِي الرِّدافِ
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَتَيْنا فلَانا فارْتَدَفْنَاهُ أَي أخذناه أخذا.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: هَذَا البِرْذَونُ لَا يُرْدِفُ، وَلَا يُرادِفُ أَي لَا يَدَع رَديفاً يَرْكَبُه، قلت: كَلَام الْعَرَب: لَا يُرادِف، وَأما لَا يُرْدِفُ فَهُوَ مُولَّد من كَلَام أَهل الْحَضَر.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّديف كوكبٌ قريب من النَّسر الوَاقِع، والرديف فِي قَول أَصْحَاب النُّجُوم، هُوَ النَّجْم النَّاظر إِلَى النّجم الطالع، وَقَالَ رؤبة:
وراكبُ الْمِقْدَارِ والرّديفُ
أَفْنَى خُلُوفاً قَبْلها خُلوفُ
فراكب الْمِقْدَار هُوَ الطَّالع، والرَّديف هُوَ الناظِرُ إِلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَول جرير:
على عِلَّةٍ فِيهِنَّ رَحْلٌ مُرادِف
أَي قد أُرْدِفَ الرَّحلُ رَحْلَ بعير وقَدْ خُلِّفَ، وَقَالَ أَوْس:
أَمُونٍ ومُلْقًى للزَّميل مُرادِفِ
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّدْفُ الكفلُ، وأَرْدافُ النُّجُوم توابعها، وَقَالَ غَيره: أردافُ الْمُلُوك فِي الْجَاهِلِيَّة الَّذين يَخْلُفونهم فِي الْقيام بِأَمْر المملكة بِمَنْزِلَة الوزراء فِي الْإِسْلَام، وَهِي الرِّدافةُ، والروادِف أَتباعُ الْقَوْم المؤَخَّرون، يُقَال: هم رَوَادِف وَلَيْسوا بأردافِ، والرِّدْفانِ الليلُ والنهارُ، لِأَن كل وَاحِد مِنْهُمَا رِدْفٌ لصَاحبه.
شمر عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ أَنه قَالَ فِي بَيت لبيد:
وشَهِدتُ أَنْجِيَة الأفاقَةِ عَالِيا
كَعْبِي وأَرْدافُ الملوكِ شُهودُ
كَانَ الملكُ يَرْدِفُ خَلْفه رجلا شريفاً، وَكَانُوا يركبون الْإِبِل، وَوَجَّه النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُعَاويةَ مَعَ وَائِل بن حُجْر رَسُولا فِي حَاجَة لَهُ، ووائلٌ على نجيب لَهُ، فَقَالَ مُعَاوِيَة: أرْدُفني.
فَقَالَ: لستَ من أرْدافِ الْمُلُوك.
(14/69)
________________________________________
قَالَ شمر: وأنشدني ابْن الْأَعرَابِي:
هُمْ أَهلُ أَلْوَاح السريرِ ويَمْنه
قَرابينَ أَرْدافاً لَهَا وشِمالها
قَالَ الْفراء: الأردافُ هَهُنَا يَتْبَع أوَّلَهم آخِرُهم فِي الشّرف يَقُول: يتبع البنونَ الآباءَ فِي الشّرف.
فَرد: أَبُو زيد عَن الكلابيّين: جئتمونا فُرَادَى وهم فُرادٌ وَأَزْوَاج نَوَّنوا، وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى} (الْأَنْعَام: 94) .
فإنَّ الْفراء قَالَ: فُرادى جمع، قَالَ: وَالْعرب تَقول: قومٌ فُرادَى وفَرادُيا هَذَا فَلَا يَجْرونها شُبِّهتْ بثلاثَ وَربَاع، قَالَ: وفُرَادَى وَاحِدهَا فَرَدٌ وفَريد وفَرِدٌ وفَرْدانُ، وَلَا يجوز فَرْد فِي هَذَا الْمَعْنى، قَالَ وأنشدني بَعضهم:
تَرَى النُّعَراتِ الزُّرْقَ تَحتَ لَبانِه
فُرادَ ومَثْنى أَضْعَفَتْها صَواهِلُه
وَقَالَ اللَّيْث: الفَرْد مَا كَانَ وَحده؛ يُقَال: فَرَد يَفْرُد وأَفْرَدتُه جعلتُه وَاحِدًا، وَيُقَال: جَاءَ الْقَوْم فُرَاداً وعَدَدتُ الجوْز وَالدَّرَاهِم أَفْراداً، أَي وَاحِدًا وَاحِدًا، وَالله هُوَ الفَرْدُ قد تَفَرَّد بِالْأَمر دون خَلْقِه.
وَيُقَال: قد استَطْرَدَ فلانٌ لَهُم، فَكلما استَفْرَدَ رجلا كَرَّ عَلَيْهِ فَجدَّ لَهُ والفَرِيدُ الشَّذْرُ، الْوَاحِدَة فَرِيدة وَيُقَال لَهَا الجاوَرْسَقُ بِلِسَان الْعَجم، وبَيَّاعُهُ الفرَّادُ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ قَالَ: الفريدُ جمعُ الفريدة، وَهِي الشَّذْرُ من فِضَّة كاللّؤلؤة.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الفريدةُ المَحالة الَّتِي تخرج من الصَّهْوَة الَّتِي تلِي المَعاقِم، وَقد تَنْتأُ من بعض الْخَيل، سُمِّيَتْ فريدةً لِأَنَّهَا وَقَعَتْ بَين الفَقَارِ وَبَين مَحالِ الظَّهر ومَعاقِم العَجز، والمعاقم مُلتقى أَطْرَاف العِظام.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفُرودُ كواكبُ زاهرةٌ حول الثريَّا، وَقَالَ: فَرَّد الرجلُ إِذا تفَقهَ، واعتزلَ الناسَ وخَلا بمراعاةِ الْأَمر وَالنَّهْي، وَجَاء فِي الْخَبَر: (طُوبَى للمُفَرِّدين) .
وَذكر القتيبي هَذَا الحَدِيث وَقَالَ: المفرِّدون الَّذين قد هَلكَ لداتُهم من النَّاس، وَذهب القَرْنُ الَّذين كَانُوا فِيهِ وبَقُوا، فهم يذكرُونَ الله، قلت: وَقَول ابْن الْأَعرَابِي فِي التَّفْرِيد عِنْدِي أصوب، مِن قَول القُتَيْبِي.
أَبُو زيد: فَرَدْتُ بِهَذَا الْأَمر أَفْرُدُ بِهِ فروداً إِذا تَفَرَّدتَ بِهِ، وَيُقَال: استَفْرَدتُ الشيءَ إِذا أخذتَه فَرْداً لَا ثَانيَ لَهُ وَلَا مِثلَ.
وَقَالَ الطِّرماح يذكر قِدْحاً من قِداح الميسر:
إِذا انْتَحَتْ بالشَّمَالِ بارِحَةً
جَالَ بَريحاً واسْتَفْردَتْه يَدُه
(14/70)
________________________________________
وَقَالَ ابْن السّكيت: استفردَ فلانٌ فلَانا أَي انْفَرَدَ بِهِ، وَقَالَ اللَّيْث: الفَارِدُ والفَرَدُ الثَّوْر.
وقَالَ ابْن السّكيت فِي قَوْله:
طَاوِي المَصِيرِ كَسَيْفِ الصَّقيلِ الفَرَدِ
قَالَ: الفرَد، والفُرُد بِالْفَتْح وَالضَّم، أَي هُوَ مُنْقَطع القرين لَا مِثْلَ لَهُ فِي جَوْدَتَه.
قَالَ: وَلم أسمع بالفَرَد إِلَّا فِي هَذَا الْبَيْت، وَأما الفَرْدُ فِي صِفَات الله فَهُوَ الْوَاحِد الْأَحَد الَّذِي لَا نظيرَ لَهُ وَلَا مِثلَ وَلَا ثَانِي وَلَا شريك وَلَا وَزِير.
رفد: أَبُو زيد: رَفَدْتُ على الْبَعِير، أَرْفِد عَلَيْهِ رَفْداً، إِذا جعلتَ لَهُ رِفَادة، قلت: هِيَ مثل رِفادة السَّرج.
وَجَاء فِي الحَدِيث: (تروح برِفْدٍ وتغدو برِفْدٍ) .
رُوِيَ عَن ابْن الْمُبَارك أَنه قَالَ فِي قَوْله: تروح برِفْد وتغدو برِفْد، الرِّفْد: القَدَحُ تُحْتَلبُ الناقةُ فِي قَدَح، قَالَ: وَلَيْسَ من المعونة.
قَالَ شمر: وَقَالَ المؤرِّج: هُوَ الرِّفد الْإِنَاء الَّذِي يُحْلَبُ فِيهِ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ الرِّفد، أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الرَّفد بِالْفَتْح.
وَقَالَ شمر: رِفْدٌ ورَفْدٌ للقَدَح، قَالَ والكَسْرُ أَعْرَب.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الرِّفْدُ أكبرُ من العُسِّ، وَقَالَ: وناقَةٌ رَفُسودٌ رَفودٌ تدومُ على إنائها فِي شِتائها لِأَنَّهَا تُجالَحُ الشجرَ.
وَقَالَ الْكسَائي: الرَّفْد والمرْفَد الَّذِي يُحْلبُ فِيهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الرِّفد المعْونةُ بالعطاء، وسَقْي اللّبن، وَالْقَوْل وكُلُّ شيءٍ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الغسّاني عَن سَلمَة عَن أبي عُبَيْدَة فِي قَول الله جلّ وعزّ: {بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ} (هود: 99) مجازُه مَجازُ العَوْن المعان يُقَال: رَفَدْتُه عِنْد الْأَمِير، أَي أَعَنْتُه. قَالَ: وَهُوَ مكسور الأوَّل فَإِذا فتحتَ أوَّلَه فَهُوَ الرَّفْد.
وَقَالَ الزّجاج: كل شيءٍ جعلتَه عَوْناً لِشيء وأسندتَ بِهِ شَيْئا فقد رَفَدْتَه، يُقَال: عَمَدتُ الحائطَ وأَسْنَدْتُه ورَفَدْتُه بِمَعْنى وَاحِد، قَالَ: والمِرْفَد القَدَحُ العظيمُ.
وَقَالَ اللَّيْث: رَفَدْتُ فلَانا مَرْفداً، وَقَالَ: وَمن هَذَا أُخِذَت رِفَادَةُ السَّرج من تَحْتَهُ حَتَّى يرْتَفع.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لخَشَبِ السَّقْف: الرَّوافِد.
وَقَالَ اللَّيْث: ناقةٌ رَفود تملأ مِرْفدها، وَتقول: ارْتفَدْت مَالا إِذا أَصَبْتَه من كَسْبٍ.
وَقَالَ الطرماح:
(14/71)
________________________________________
عَجَباً مَا عَجبْتُ مِن جامِع المَال
يباهي بِهِ ويَرْتَفِدُه
والتّرفيد نَحْوٌ من الهمْلَجَة، وَقَالَ أُمَيّةُ ابْن أبي عَائِذ الْهُذلِيّ:
وَإِن غُضَّ مِن غَرْبِها رَفّدَتْ
وسِيجاً وأَلْوَتْ بِجِلْسٍ طُوال
وَأَرَادَ بالجلْس أَصلَ ذَنبها.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الرِّفادةُ شَيْء كَانَت قُرَيْش تَتَرَافَدُ بِهِ فِي الجاهليَّة، فيُخرجُ كلُّ إنسانٍ على قدر طاقته فَيجْمَعُونَ مَالا عَظِيما أَيَّام الموسِم، ويشترون بِهِ الجُزُر والطعامَ والزبيبَ للنبيذ، فَلَا يزالون يُطعمون الناسَ حَتَّى ينقضيَ الْمَوْسِم، وَكَانَ أوَّل من قَامَ بذلك هَاشم بن عبد منَاف، وَيُسمى هاشِماً لهِشْمِهِ الثريدَ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الرافدان: دِجلةُ والفرات.
وَقَالَ الفرزدق:
بَعَثْتَ على العِراق وَرافِدَيْهِ
فَزَارِياً أَحذَّ يَدِ القَمِيصِ
أَرَادَ أَنه خَفيفُ الْيَد بالخِيانة.
وَفِي الحَدِيث: (من اقتراب السَّاعَة أَن يكون الفيءُ رِفداً) ، أَي يكون الخراجُ الَّذِي لجَماعَة أهل الفَيْء رِفداً أَي صلات لَا يُوضع مَوْضِعَه، وَلَكِن يُخَصُّ بِهِ قومٌ دون قومٍ على قدر الْهوى، لَا بِالِاسْتِحْقَاقِ، وَالرِّفد الصِّلة يُقَال: رَفَدْتُه رَفْداً وَالِاسْم الرِّفْدُ.
دفر: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: دَفَرْتُهُ فِي قَفاهُ دَفْراً أَي دَفَعْتُه، قَالوا وَمِنْه قَول عُمَر: وادَفْراهُ يُريد: واذُلاَّهُ؛ وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: مَعْنَاهُ وَانَتْناهُ.
قَالَ والدَّفَرُ النَّتْنُ، وَمِنْه قيل للدنيا: أمَّ دَفْر، وَيُقَال لِلأَمَة: يَا دَفارِ أَي يَا مُنْتِنةُ؛ وَأما الذَّفَرُ بِالذَّالِ وتحريك الْفَاء فَهُوَ حِدَّةُ رائحةِ الشَّيْء الْخَبيث، أَو الطّيب؛ وَمِنْه قيل: مِسْك أَذْفَرُ، ويُقال للرَّجُلِ إِذا قَبَّحتَ أمْرَه: دَفْراً دَافِراً.
وَرُوِيَ عَن مُجَاهِد فِي قَول الله جلّ وعزّ: {يَلْعَبُونَ يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلَى نَارِ جَهَنَّمَ} (الطّور: 13) قَالَ: دَفْراً فِي أَقْفِيتهم أَي دَفْعاً.
فدر: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال لِلفَحْل إِذا انْقَطع عَن الضِّراب: فَدَرَ وفَدَّر وأَفْدَرَ وَأَصله فِي الْإِبِل.
وَقَالَ اللَّيْث: فَدَر الفحلُ فُدُوراً إِذا فَتَر عَن الضِّراب؛ قَالَ: والفَدُور الوَعِل العَاقِلُ فِي الجِبال، والفادِرةُ الصَّخْرَةُ الضَّخْمةُ، وَهِي الَّتِي ترَاهَا فِي رَأس الْجَبَل، شُبِّهتْ بالوعِل، وَيُقَال للوعِل: فَادِرٌ وَجمعه فُدْرٌ، وَقَالَ الرَّاعِي فِي شعره:
وكأَنَّمَا انْبَطَحَتْ على أثْباجِها
فُدْرٌ بشابَة قَدْ يَمَمْنَ وُعُولاَ
(14/72)
________________________________________
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الفَادِر من الوُعول الَّذِي قد أَسَنَّ بِمَنْزِلَة القارِح من الخَيل، والبازِل من الْإِبِل، والصَّالغِ من الْبَقر وَالْغنم.
قَالَ اللَّيْث: العِذْرَةُ قِطعة من الْخَيل، والفِدْرَة قِطعة من اللَّحم الْمَطْبُوخ الْبَارِدَة.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَعْطيته فِدْرةً من اللَّحْم وهَبْرَةً إِذا أعطَاهُ قِطعةً مجتمعة وَجَمعهَا فِدَرٌ، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَدْفَر الرجلُ إِذا فاح ريح صُنانِه.
(د ر ب)
درب، دبر، ربد، رَدب، برد، بدر: مستعملات.
درب: قَالَ اللَّيْث: الدَّرْبُ بابُ السِّكةِ الواسعةِ، والدَّرْب كلُّ مَدخل من مدَاخِل الرّوم دَرْبٌ من دُوربِها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التَّدْرِيبُ الصَّبر فِي الْحَرب وقتَ الفِرار يُقَال: دَرِبَ فلَان وَعَرِدَ عَمْرو.
وَفِي الحَدِيث عَن أبي بكر: لَا تزالون تَهزِمون الرومَ فَإِذا صَارُوا إِلَى التَّدْرِيبِ وَقَفَتْ الحربُ، أرادَ الصَّبْرَ.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: الدُّرْبَةُ الضَّراوَة؛ وَقد دَرِبَ يَدْرَب.
وَقَالَ أَبُو زيدٍ مِثْلَه، يُقَال: دَرِبَ دَرَباً، ولَهِجَ لَهَجاً، وضَرِيَ ضَرًى، إِذا اعْتَادَ الشيءَ وأُولِعَ بِهِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّارِبُ الحاذِق بصناعته؛ قَالَ: والدَّارِبَةُ العاقِلة، والدَّارِبةُ أَيْضا الطَّبَالَةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّرْبةُ عَادةٌ وجُرْأَةٌ على حَرْبٍ وكلِّ أمرٍ؛ وَرَجُلٌ مُدَرَّبٌ قد دَرَّبَته الشَّدائِد حَتَّى مَرَن عَلَيْهَا، وَيُقَال: مَا زَالَ فلانٌ يعْفُو عَن فلَان حَتَّى اتَّخذها دُرْبة.
وَقَالَ كَعْب بن زُهَيْر:
وَفِي الْحلم إِدْهانٌ وَفِي العَفْوِ دُرْبَةٌ
وَفِي الصدْق مَنجاةٌ مِن الشَّرّ فاصْدُقِ
وتَدْرِيب البازيِّ على الصيْد أَي تَضْرِيَتُه، وَشَيخ مُدَرَّب أَي مُجَرَّب.
ابْن الْأَعرَابِي: أدْرَبَ إِذا صَوَّتَ بِالطَّبْل.
أَبُو عُبَيْدَة عَن أبي عمر: الدَّرْوَابُ صوتُ الطَّبْل، والدَّرْدَبَةُ الخضوع، وَمِنْه الْمثل: دَرْدَبَ لَمَّا عَضَّه الثِّقَافُ، وَفِي كتاب اللَّيْث: داءٌ فِي الْمعدة.
قلت: هَذَا عِنْدِي غلط وَصَوَابه: الذّربُ داءٌ فِي الْمعدة وَقد ذكرته فِي كتاب الذَّال.
ردب: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرّدْب الطَّرِيق الَّذِي لَا يَنْفُذُ، والدربُ الطَّرِيق الَّذِي ينفذ.
وَفِي الحَدِيث: (مَنَعتِ العِراقُ دِرهَمها وقَفِيزَها، ومَنعتْ مصرُ إِرْدَبَّها وعُدْتُمُ من حَيْثُ بَدَأْتمْ) ؛ الإرْدَبُّ مِكْيال معروفٌ
(14/73)
________________________________________
لأهل مصرَ، وَقيل: إنهُ يأخذُ أَرْبَعَة وَعشْرين صَاعا من الطَّعَام بِصَاع النبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم والقَنْقَلُ نِصفُ الإرْدَبِّ، والإرْدَب أربعةٌ وَسِتُّونَ مَنّاً بِمَنِّ بلدنا.
وَيُقَال للبالوعة من الخَزَفِ الواسعة: إِرْدَبَّةٌ شُبّهت بالإردب الْمِكْيَال؛ وَيجمع الإردبُّ أرادِب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: دَرْبَى فلانٌ فلَانا يُدَرْبِيهِ إِذا أَلْقَاهُ وَأنْشد:
اعْلَوَّطَا عَمْراً لِيُشْبِيَاهُ
فِي كل سوءٍ ويُدَرْبِيَاهُ
يُشْبِيَاهُ ويُدَرْبِيَاهُ أَي يُلْقِيانِ بِهِ فِيمَا يكره.
برد: فِي الحَدِيث: (أصلُ كلِّ داءٍ البَرَدَةَ) .
سَلمَة عَن الْفراء قَالَت: الدُّبَيْرِيَة: البَرْدَةُ التُّخْمَة وَكَذَلِكَ الطَّنَى والرَّان.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: البَرَدةُ الثِّقْلَةُ على المعِدَة.
وَقَالَ غَيره: سميت التُّخْمَةُ بَرَدَة لِأَن التُّخْمَة تُبْرِدُ الْمعدة فَلَا تَسْتَمرِىء الطعامَ، وَلَا تُنْضِجُه؛ وَأما البَرَدُ بِغَيْر هَاء فَإِن اللَّيْث زعمَ: أَنه مَطَر جامِدٌ وسَحابٌ بَرِدٌ، ذُو قُرَ وَبَرَدٍ؛ وَقد بُرِدَ القومُ إِذا أَصابهم البَرَد.
وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَآءِ مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَآءُ} (النُّور: 43) .
فَفِيهِ قَولَانِ: أَحدهمَا وَينزل من السَّمَاء من أَمْثال جبال فِيهَا من بَرَدٍ، وَالثَّانِي وَينزل من السَّمَاء من جبال فِيهَا بَرَدٌ.
ومِن صِلَة.
وَقَوله جلّ وعزّ: {) أَحْقَاباً لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا} (النبأ: 24) .
قَالَ الْفراء رِوَايَة عَن الْكَلْبِيّ عَن ابْن عَبَّاس قَالَ: لَا يذوقون فِيهَا بَرْدَ الشَّرَاب وَلَا الشَّرَاب.
قَالَ: وَقَالَ بَعضهم: {أَحْقَاباً لاَّ يَذُوقُونَ فِيهَا} يُرِيد نوماً، وَإِن النّوم لَيُبرِّد صاحبَه وَإِن العطشان لينام فَيَبْرُدُ بالنُّون.
وَقَالَ أَبُو طَالب فِي قَوْلهم: ضُرِب حَتَّى بَرَدَ.
قَالَ: قَالَ الْأَصْمَعِي: مَعْنَاهُ حَتَّى مَات؛ والبَرْد النّوم.
قَالَ أَبُو زُبَيْدٍ:
بارِزٌ ناجِذَاهُ قد بَرَدَ المو
ت على مُصْطَلاه أيَّ بُرُود
قَالَ: وأمَّا قَوْلهم: لم يَبْرُد بيَدي مِنْهُ شَيْء، فَالْمَعْنى: لم يَسْتَقِرَّ وَلم يَثْبُتْ وَأنْشد:
اليومُ يومٌ بارِدٌ سَمُومُه
قَالَ: وَأَصله من النومِ والقَرارِ، يُقَال: بَرد أَي نَام وَأنْشد:
(14/74)
________________________________________
فإنْ شِئتُ حرّمتُ النِّساء سِوَاكم
وَإِن شِئتُ لم أطْعَم نُقَاخاً وَلَا بَرْداً
فالنُّقَاخ الماءُ العَذْب، والبَرْدُ النَّوم وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
أحِبُّ أمّ خَالِدٍ وخَالداً
حُبّاً سَخَاخينَ وحُبّاً بارِداً
قَالَ: سخاخينَ حُب يُؤْذِيني، وحُبّاً بَارِدًا يَسْكن إِلَيْهِ قلبِي.
وَيُقَال: بَرَدَ لي عَلَيْهِ كَذَا كَذَا درهما: أَي ثَبَتَ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: البَرْدُ النَّحْتُ.
يُقَال: بَرَدْتُ الخشبَةَ بالمبرد أبردُها برْداً إِذا نَحتَّها.
قَالَ: والبَرْدُ تَبْرِيدُ الْعين، والبَرُودُ كُحْل يُبَرِّد العَين، والبرود من الشَّرَاب مَا يُبَرِّدُ الغُلّة وَأنْشد:
وَلَا يُبَرِّدُ الغَلِيلَ الماءُ
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: بَرَدْتُ الخُبْزَ بالماءِ إِذا صَبَبْتَ عَلَيْهِ المَاء فبللتَه، وَاسم ذَلِك الْخبز المبْلُول: البَرُود والمَبْرُود؛ وَيُقَال: اسْقِنِي سَويقاً أُبرِّد بِهِ كَبِدي، وبرَّدتُ الماءَ تبريداً جَعَلْتَه بَارِدًا.
وَفِي الحَدِيث: (أَبْرِدوا بالظُّهْرِ فَإِن شِدَّة الْحر من فَيحِ جَهَنَّم) .
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: جئْنَاك مُبْرِدِين، إِذا جَاءُوا وَقد باخَ الحرُّ.
وَقَالَ مُحَمَّد بن كَعْب: الإبْرادُ أَن تَزِيغَ الشمسُ، قَالَ: والركْبُ فِي السّفر يَقُولُونَ: إِذا زاغت الشَّمْس قد أَبْردتم فَرُوحوا، وَقَالَ ابْن أَحْمد:
فِي مَوْكبٍ زَحْلِ الهواجرِ مُبْرد
قلت: لَا أعرف مُحَمَّد بن كَعْب هَذَا، غير أَن الَّذِي قَالَه صَحِيح من كَلَام الْعَرَب، وَذَلِكَ أَنهم يَنْزلُون للتَّغْوِير فِي شدَّة الْحر، ويَقِيلون، فإِذا زَالَت الشمسُ ثَارُوا إِلَى رِكابهم، فَغَيَّرُوا عَلَيْهَا أقتابها ورحالها، ونادى مُناديهم: أَلا قد أَبْرَدْتُمْ فاركبوا.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال أَبْرَدَ القومُ إِذا صَارُوا فِي وقتِ القُرِّ آخِر القيظِ، قَالَ: والبَرُود كُحلٌ يبرَّدُ بِهِ العينُ من الْحر، والإنسانُ يَتَبَرَّدُ بِالْمَاءِ: يغتَسلُ بِهِ، وَيُقَال: سقيته فأَبْرَدْتُ لَهُ إبْراداً إِذا سقيتَه بارِداً.
ويُروى عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ:
(إِذا أَبْرَدْتم إليّ بريداً فَاجْعَلُوهُ حسنَ الْوَجْه حسنَ الِاسْم) .
والبَريدُ: الرسولُ وإبرادُه إرسالُه، وَقَالَ الراجز:
رأَيتُ للموتِ بَرِيداً مُبْرَدَا
وَقَالَ بعض الْعَرَب: الحُمَّى بَريدُ الْمَوْت، أَرَادَ أَنَّهَا رسولُ الْمَوْت تُنْذِر بِهِ. وسكك البَريدِ كُلُّ سِكَّة مِنْهَا بريد اثْنَا عشرَ ميلًا، والسَّفَر الَّذِي يجوز فِيهِ قَصْر الصَّلَاة أَرْبعةُ
(14/75)
________________________________________
بُرُدٍ، وَهِي ثَمَانِيَة وَأَرْبَعُونَ ميلًا بالأميال الهاشمية الَّتِي فِي طَرِيق مَكَّة.
وَقيل لدابَّة الْبَرِيد: بَرِيدٌ لسَيْره فِي البَريد وَقَالَ الشَّاعِر:
إِنِّي أَنُصُّ العِيسَ حَتَّى كأَنَّنِي
عَلَيْهَا بأَجْوَازِ الفَلاة بريدُ
أَبُو عبيد عَن الْفراء: هِيَ لَك بَرْدَةُ نَفْسِها، أَي خَالِصا، وَهُوَ لي بَرْدَةُ يَميني إِذا كَانَ لَك مَعْلوماً.
قَالَ ابْن شُمَيْل: إِذا قَالَ: وابَرْدَهُ على الْفُؤَاد إِذا أصَاب شَيْئا هيناً، وَكَذَلِكَ وابَرْدَاه على الفُؤادِ.
فَأَما قَول الله جلّ وعزّ: {)) يَحْمُومٍ لاَّ بَارِدٍ وَلاَ} (الْوَاقِعَة: 44) فَإِن الْمُنْذِرِيّ أَخْبرنِي عَن الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: أَنه قَالَ: عَيشٌ باردٌ أَي طَيِّب وأنشده:
قَليلَة لَحم الناظِرَيْن يَزِينُها
شبابٌ ومَخْفوضٌ مِن الْعَيْش بارِدُ
أَي طَابَ لَهَا عيشها، وَمثله قَوْلهم: نَسْأَلك الْجَنّة وبَرْدَها أَي طيبَها ونَعِيمها.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: البُرادُ ضَعْفُ القوائم من جوع أَو إعياء.
وَيُقَال: بِهِ بُراد وَقد بَرَد فلَان إِذا ضَعفتْ قوائمه.
وَفِي حَدِيث ابْن عمر: أَنه كَانَ عَلَيْهِ يَوْم الْفَتْح بُرْدَةٌ فَلُوتٌ.
قَالَ شمر: رَأَيْت أَعْرَابِيًا بحزَيْمِيَّة وَعَلِيهِ شِبْهُ مِنديل من صوف قد اتَّزَر بِهِ فَقلت: مَا نُسَميه؟ فَقَالَ: بُرْدةٌ، قُلْتُ: وَجَمعهَا بُرَدٌ وَهِي الشَّملة المُخطَّطةُ.
وَقَالَ اللَّيْث: البُرْدُ مَعروفٌ من بُرُودِ العَصْب، والوَشْيِ، وَأما البُرْدَةُ فَكِساءٌ مُرَبَّعٌ فِيهِ صُفْرة وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابنُ عمر، وَقَالَ ابْن شُمَيْل: ثوب بَرُودٌ لَيْسَ لَهُ زِئْبِرٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: يُقَال بَرَدتُ عينَه بالكُحْل أَبْردُها بَرْداً، وسقَيْتُه شَرْبةً بَرَدْتُ بهَا فُؤَاده وَكِلَاهُمَا من البَرُود. قَالَ: وسحابة بَرَدَة إِذا كَانَت ذَات بَرْد.
وَيُقَال: لَا تُبَرِّدْ عَن فلَان بِقَول: أَي إِن ظلمك فَلَا تَشْتُمه فَتُنقِص من إثمه، وَيُقَال: إِن أصحابَك لَا يُبالون مَا بَرَّدوا عَلَيْك أَي أَثْبَتُوا عَلَيْك.
وَقَالَ شمر: ثوبٌ بَرُودٌ إِذا لم يكن دفِيئاً وَلَا لَيِّناً من الثِّيَاب، وَرجل بِهِ بِرْدةٌ وَهُوَ تَقْطِيرُ الْبَوْل وَلَا يَنْبَسِط إِلَى النِّسَاء، وبَرَدَى اسْم نهر بِدِمَشْق قَالَ حسان:
يَسْقُون مَن وَرَدَ الْبَرِيصَ عليهِمُ
بَرَدَى تُصَفِّق بالرَّحيق السَّلْسَلِ
وبُرْدَا الجَراد جناحاه.
وَقَالَ ذُو الرمة:
إِذا تَجَاوَبَ مِن بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ
وَقَالَ الكُمَيْتُ يَهْجُو بارِقاً فَقَالَ:
(14/76)
________________________________________
تُنَفِّضُ بُرْدَى أمِّ عَوْف وَلم يَطِرْ
لنا بارق بخ للوعيد والرهب
وأمُّ عَوْفٍ كُنْيَةُ الْجَرَاد.
ابْن السّكيت: البرْدَان والأبْرَادن الغَدَاةُ والعَشِيُّ وهما الرِّدفان، والصَّرعان، والقَرَّتان، ابْن الْأَعرَابِي: البارِدَةُ الرَّباحة فِي التِّجَارَة سَاعَة يَشْتَرِيهَا، والبارِدةُ الغنيمةُ الحاصلةُ بِغَيْر تَعب، وَمِنْه قَول النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الصَّوْم فِي الشتَاء الْغَنِيمَة الْبَارِدَة) لتحصيله الْأجر بِلَا ظمأ فِي الهَوَاجر.
قَالَ ابْن الأعرابيّ: وَيُقَال: أَبْردَ طعامَه وبَرَدَه وبرَّدَه، والأبارِدُ: النُّمور وَاحِدهَا أَبْرَدُ، يُقَال للنِّمر الأُنْثى: أَبْرَدُ والخَنَيْثَمةُ، والبُرْدِي ضرب من تَمْرِ الْحجاز جَيِّدٌ مَعْرُوف.
وَقَالَ اللَّيْث: البَرَّادةُ كَوَّارَةٌ يُبرَّدُ عَلَيْهَا المَاء. قلت: وَلَا أَدْرِي أَهِي من كَلَام الْعَرَب أَو من كَلَام المولدين.
ربد: أَبُو عبيد: الرُّبَدُ فِرِنْدُ السَّيْف. وَقَالَ صَخْر الغَيّ:
أَبْيَضَ مَهْوٍ فِي مَتْنِهِ رُبَدْ
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: يُقَال للظَّلِيم: الأرْبَدُ لِلَوْنه، والرُّبْدَةُ: الرُّمْدَة شِبهُ الوُرْقة تَضْرِب إِلَى السوَاد.
وَقَالَ اللَّيْث: الأرْبَد ضَربٌ من الحيَّات خَبِيث. وَإِذا غَضِبَ الْإِنْسَان تَرَبّد وَجهُه كَأَنَّهُ يسودّ مِنْهُ مَوَاضِع. قَالَ: وَإذا أَضْرَعَت الشاةُ قيل: رَبَدَتْ وَتَرَبَّدَ ضَرْعُها إِذا رأيتَ فِيهِ لُمَعاً من سَواد بِبَياض خَفِيّ.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَقول الْعَرَب: ربَّدَتِ الشاةُ تَرْبيداً إِذا أَضْرَعَتْ قَالَه أَبُو زيد، قَالَ: والرّبْداءُ من المَعْزَى السَّوداءُ المنقَّطة الموسومة مَوضِعَ النِّطاق مِنْهَا بحُمْرة.
اللِّحياني: فِي نعَامَة رَبْداء ورَمْداء أَي سَوْدَاء.
وَقَالَ بَعضهم: هِيَ الَّتِي فِي سوادها نُقَطٌ بِيض أَو حمر.
الأصمعيّ: ارْبَدَّ وجههُ وأَرْمَدَّ إِذا تَغَيَّرَ.
وَأنْشد اللَّيْث: فِي تَرَبُّد الضَّرع فَقَالَ فِي بَيت لَهُ:
إِذا وَالِد مِنْهَا تَرَبَّد ضَرعُها
جعلتُ لَهَا السكين إِحْدَى القَلاَئِدِ
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إِن مَسجده كَانَ مِرْبداً لِيَتيمين فِي حِجر معوذ بن عَفْراء فَاشْتَرَاهُ مِنْهُمَا معَاذ بن عفراء فَجعله للْمُسلمين، فبناه رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَسْجداً) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: المِرْبَد كلُّ شَيْء حُبِستْ بِهِ الْإِبِل وَلِهَذَا قيل: مِرْبَدُ النَّعَم الَّذِي بِالْمَدِينَةِ وَبِه سمي مِرْبَدَ الْبَصْرَة، إِنَّمَا كَانَ مَوضِع سُوق الْإِبِل، وَكَذَلِكَ كل مَا كَانَ من غير هَذِه الْمَوَاضِع أَيْضا إِذا حُبِستْ بِهِ الْإِبِل.
وأنشدنا الْأَصْمَعِي فَقَالَ فِي شعره:
(14/77)
________________________________________
عَوَاصِيَ إِلَّا مَا جَعَلْتُ وَرَاءَهَا
عَصَا مِرْبَدٍ تَغْشى نُحُوراً وأَذْرُعا
قَالَ: يَعْنِي بالمِرْبَد هَهُنَا عَصاً جعلهَا مُعْتَرضةً على الْبَاب تمنع الْإِبِل من الْخُرُوج سَمَّاهَا مِرْبداً، لهَذَا.
قلت: وَقد أنكر غَيره مَا قَالَ، وَقَالَ: أَرَادَ عَصاً مُعترضةً على بَاب المِربد، فأضاف الْعَصَا المعترضة إِلَى المِرْبد، لَيْسَ أَن الْعَصَا مِرْبَدٌ.
قَالَ أَبُو عبيد: والمِرْبد أَيْضا مَوضِع التَّمْر مثل الجَرِين، فالمِربد بلغَة أهل الْحجاز، والجرينُ لَهُم أَيْضا، والأنْدَرُ لأهل الشَّام، والبَيْدَرُ لأهل الْعرَاق.
وَقَالَ غَيره: الربْدُ الحبْس.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرَّابِدُ الخازن، والرّابدةُ الخازنة.
وروى عَمْرو عَن أَبِيه: رَبدَ الرجلُ إِذا كنز التمرَ فِي الرَّبَائِد وَهِي الكُراخات.
دبر: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه قَالَ: ثلاثةٌ لَا تُقبل لَهُم صلاةٌ، رجلٌ أَتى الصلاةَ دِباراً، وَرجل اعْتَبَدَ مُحَرَّراً، وَرجل أمَّ قوما هم لَهُ كَارِهُون) .
قَالَ الأفريقيُّ وَهُوَ الَّذِي روى هَذَا الحَدِيث: معنى قَوْله دِباراً بَعْدَمَا يفوت الْوَقْت.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي قَوْله: دِباراً جمع دَبْر ودَبَر: وَهُوَ آخر أوقاتِ الشَّيْء، الصلاةِ وغيرِها. وَمِنْه الحَدِيث الآخر: (وَلَا يَأْتِي الصَّلَاة إِلَّا دَبَرِيّا) .
قَالَ وَالْعرب تَقول: الْعلم قَبْلِيُّ وَلَيْسَ بالدَّبَرِيِّ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: مَعْنَاهُ أَن العالِم المُتْقِنَ يُجِيبُك سَريعاً، والمُتَخَلِّفَ يَقُول: لي فِيهَا نظر.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: شرُّ الرَّأي الدَّبَرِيُّ أَي شرّه إِذا أَدبَر الْأَمر وفاتَ، قَالَ: ودُبُر كل شَيْء خِلاف قُبُله فِي كل شَيْء، مَا خلا قَوْلهم: جَعَل فلانٌ قولَك دَبْر أُذنِه أَي خَلْفَ أُذُنه.
وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {مُّنتَصِرٌ سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} (الْقَمَر: 45) كَانَ هَذَا يومَ بدر، وَقَالَ: الدُّبُر فوحَّد وَلم يقل الأدبار، وكل جائزٌ صوابٌ، يُقَال: ضربنا مِنْهُم الرؤوس وضربنا مِنْهُم الرأْس، كَمَا تَقول: فلَان كثيرُ الدِّينَار وَالدِّرْهَم.
وَقَالَ ابْن مقبل:
الكاسرينَ القَنَا فِي عَوْرةِ الدُّبُرِ
وَقَالَ فِي قَوْله عزّ وجلّ: {فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ} (ق: 40) ، وَمن قَرَأَ بِفتح الْألف جَمع على دبُرٍ وأدبار، وهما الركعتان بعد الْمغرب.
وَرُوِيَ ذَلِك عَن عليّ بن أبي طَالب قَالَ وَأما قَوْله: {فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ} (الطّور: 49) فِي سُورَة الطّور فهما الركعتان قبل الْفجْر
(14/78)
________________________________________
قَالَ: وتكسران جَمِيعًا وتنصبان جائزان.
وَقَول الله جلّ وعزّ {وَالَّيْلِ إِذْ} (المدثر: 33) قَرَأَهَا ابْن عَبَّاس وَمُجاهد (وَاللَّيْل إِذا دَبَر) ، وَقرأَهَا كثير من النَّاس: {وَاللَّيْل إذْ أدبَر.
قَالَ الْفراء: وهما لُغَتَانِ دبَر النهارُ وأَدبر ودبَر الصيفُ وأدبَر، وَكَذَلِكَ قَبَلَ وأَقْبَل، فَإِذا قَالُوا: أَقْبَل الراكبُ أَو أَدبَر، لم يَقُولُوا إلاّ بِالْألف، وإنهما عِنْدِي فِي الْمَعْنى لواحدٌ لَا أُبْعد أَن يَأْتِي فِي الرِّجال مَا أَتَى فِي الْأَزْمِنَة.
وَقَالَ غير الْفراء بمَعنى قَوْله: (وَاللَّيْل إِذا دَبَر) ، جَاءَ بعد النَّهَار كَمَا تَقول خَلَفَ، يُقَال: خَلَفني فلَان، وَدَبرني أَي جَاءَ بعدِي، وَمن قَرَأَ: وَالْقَمَرِ وَالَّيْلِ إِذْ} (المدثر: 33) فَمَعْنَاه وَلَّى ليذْهب.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {فَقُطِعَ دَابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ} (الْأَنْعَام: 45) .
وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {وَقَضَيْنَآ إِلَيْهِ ذَلِكَ الاَْمْرَ أَنَّ دَابِرَ هَاؤُلآْءِ مَقْطُوعٌ} (الْحجر: 66) .
أَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي طَالب ابْن سَلمَة قَالَ: قَوْلهم: قَطَعَ الله دابِرَه.
قَالَ الْأَصْمَعِي وَغَيره: الدابِرُ الأَصْل أَي أذهب الله أَصله.
وَأنْشد:
فِدًى لَكمَا رِجْلَيَّ أُمِّي وخَالَتي
غَداةَ الكلابِ إذْ تُحَزُّ الدَّوابِرُ
أَي يُقتل القومُ فتذهب أصولُهم وَلَا يبْقى لَهُم أَثرٌ.
وَقَالَ ابْن بزرج: دابرُ الْأَمر آخِره، وَهُوَ على هَذَا كَأَنَّهُ يَدْعُو عَلَيْهِ بانْقطاع العَقِب حَتَّى لَا يبْقى لَهُ أحد يَخلُفه، وعَقِبُ الرجل دابرُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي. قَالَ: الدَّابِرةُ الْمشْؤومةُ، والدَّابِرةُ الْهَزِيمَة، والدَّابِرةُ صيصيّةُ الدِّيك. قَالَ: والمَدْبُور: الْكثير المَال، والمدْبور الْمَجْرُوح.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الدَّبْرُ النَّحْل وجَمْعُه دُبُورٌ. قَالَ لبيد:
وأَرْيَ دَبُورٍ شَارَهُ النَّحْلَ عَاسِلُ
قَالَ: والدَّبْر المَال الْكثير. يُقَال: مالٌ دَبْر ومالان دَبْرٌ وأموال دَبْرٌ وَمثله مَال دَثْر.
وَيُقَال: جعل الله عَلَيْهِم الدَّبَرَةَ: أَي الْهَزِيمَة، وَجعل لَهُم الدَّبْرَة عَلَى فلَان أَي الظَّفَرَةَ والنُّصْرَةَ، وَقَالَ أَبُو جهل لِابْنِ مَسْعُود يَوْم بدر وَهُوَ مُثْبَتٌ جَرِيحٌ: لمنْ الدَّبرَةُ؟ فَقَالَ: لله وَلِرَسُولِهِ يَا عدُوَّ الله.
أَبُو عبيد عَن أبي عمر: والدِّبارُ، المَشَارَاتُ واحدتها دَبرَه.
قَالَ اللَّيْث: وَهِي الكُرْدَةُ من المزْرَعة، وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَا تَدابَرُوا وَلَا تَقَاطَعُوا) .
(14/79)
________________________________________
وَقَالَ أَبُو عبيد: التَّدابر: المصارمة والهِجرانُ، مَأْخُوذ من أَن يُولِّي الرجلُ صاحبَه دُبرَه ويُعْرِضَ عَنهُ بِوَجْهِهِ وَأنْشد:
أَأَوْصَى أَبو قَيْس بأَن تَتَوصَّلُوا
وأَوْصَى أَبُوكم وَيحْكُمْ أَن تَدَابروا
وَيُقَال: إِن فلَانا لَو استقبلَ من أمره مَا استدبره لَهُدِيَ لِوجْهة أمره، أَي لَو علم فِي بَدْءِ أمرِه مَا علمه فِي آخِره لاسترشد أمره، وَقَالَ أَكْثَمُ بنُ صَيْفيّ لِبَنِيهِ: يَا بَنيِّ لَا تَتَدَبرُوا أعجازَ أُمور قد ولَّتْ صُدورها. يَقُول: إِذا فاتكم الأمْر لم ينفعكم الرأيُ وَإِن كَانَ مُحْكَماً. والتدْبِيرُ أَن يُعْتِق الرجلُ عبدَه بعد موتِه فَيَقُول لَهُ: أَنْت حرٌ بعد موتِي، وَالتَّدْبِير أَيْضا أَن يُدَبِّرَ الرجلُ أمرَه ويَتَدَبَّرهُ أَي ينظر فِي عواقبه، والدَّبرانُ نجمٌ بَين الثريّا والجوزاء، وَيُقَال لَهُ: التَّابِع والتُّويْبعُ، وَهُوَ من منَازِل الْقَمَر، سُمي دَبراناً لأنَّه يدْبُرُ الثُّريا أَي يَتْبَعُه، والدَّبُور ريحٌ تَهُبّ من نَحْو الْمغرب، والصَّبا تقابلهما من نَاحيَة المشْرِق.
وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (نُصِرتُ بالصَّبا وأُهْلِكَتْ عادٌ بالدَّبور) .
وَقَالَ الأصمعيّ: دَبَرَ السهمُ الهدفَ يَدْبُره دَبْراً إِذا صَار من وراءِ الهَدَفِ، ودَبِرَ البَعيرُ يَدْبِرُ دَبَراً.
وَيُقَال: نَاقَة مُقَابلةٌ مُدابَرة: أَي كَرِيمَة الطَّرفَيْنِ من قبل أَبِيهَا وَأمّهَا، وَغُلَام مُدَابَرُ مُقابلَ كريم الطَّرفَيْنِ، وَيُقَال: ذهب فلَان كَمَا ذهب أمس الدابر، وَهُوَ الْمَاضِي لَا يرجع أبدا، وَيُقَال: جعلت كَلَامه دَبْرَ أُذُنِي أَيْ: أَعْرَضتُ عَنهُ، وَلم أَلْتفِتْ إِلَيْهِ.
وَفِي حَدِيث النَّجَاشِيّ أَنه قَالَ: مَا أحِبّ أَن لي دَبْراً ذَهَباً وَأَنِّي آذيتُ رجلا من الْمُسلمين، وفُسِّر الدَّبْر بالجَبَل فِي الحَدِيث؛ وَلَا أَدْرِي أَعربي هُوَ أم لَا؟
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الدَّبْر: الْمَوْت يُقال: دَابَر الرجلُ إِذا مَاتَ.
وَقَالَ أُميَّة:
زَعَمَ جُدعَانُ ابْنُ عَمْ
رو أنّني يَوْماً مُدَابرْ
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى أَن يُضَحّى بمقَابَلةٍ أَو مُدَابَرة.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ: المقَابلة أَن يُقطعَ من طَرَف أذنها شيءٌ ثمَّ يتركَ مُعَلَّقاً لَا يَبينُ كَأَنَّهُ زَنَمَة، وَيُقَال لمثل ذَلِك من الْإِبِل: المزَنَّمُ، وَيُسمى ذَلِك المعَلقُ الرَّعُل، والمدابرةُ أَن يُفْعَل ذَلِك بمؤَخّر الْأذن من الشَّاة.
قَالَ الأصمعيّ: وَكَذَلِكَ إِن بَانَ ذَلِك من الْأذن فَهِيَ مُقَابَلةٌ ومُدَابَرةٌ، بعد أَنْ كَانَ قَطْعٌ.
قَالَ وَيُقَال: شَاةٌ ذَات إقْبَالةٍ وإدْبَارةٍ إِذا شُقّ مُقَدّمُ أُذُنها ومُؤَخّرها وفُتِلَتْ كَأَنَّهَا زنمة.
(14/80)
________________________________________
وفلانٌ مُقَابَلٌ ومُدَابر إِذا كَانَ مَحْضاً من أَبَوَيْهِ، قَالَ وَيُقَال: دَبَّرتُ الحَدِيث أَي حَدَّثتُ بِهِ عَن غَيْرِي.
قَالَ شمر: دَبَّرتُ الحديثَ لَيْسَ بِمَعْرُوف، قلت: وَقد جَاءَ فِي الحَدِيث: أما سمعته من معَاذ يدَبِّره عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
قلت: وَقد أنكر أَحْمد بن يحيى يُدَبِّره بِمَعْنى يُحَدِّثه، وَقَالَ: إِنَّمَا هُوَ يَذْبُرُهُ بِالذَّالِ وَالْبَاء أَي يُتْقِنُه، وَأما أَبُو عبيد فَإِن أَصْحَابه رووا عَنهُ: يُدَبِّره كَمَا ترى.
وَقَالَ الأصمعيّ: الدَّبار الْهَلَاك، ودَابِرةُ الحافِر مُؤَخّرهُ وَجَمعهَا الدّوابر.
وَقَالَ أَبُو زيد: فلَان لَا يَأْتِي الصَّلَاة إِلَّا دَبَرِيّاً.
قَالَ أَبُو عبيد: والمُحَدِّثون يَقُولُونَ: دُبُريّاً يَعْنِي فِي آخر وَقتهَا.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: دَبْرِياً بِفَتْح الدَّال وَجزم الْبَاء.
الْأَصْمَعِي: فلَان مَا يَدْرِي قَبيلاً من دَبير، الْمَعْنى مَا يدْرِي شَيْئا.
وَقَالَ اللَّيْث: القَبيلُ فَتْلُ القُطْن والدّبيرُ فَتْل الكتَّان والصُّوفِ، ويقالُ: القبيلُ مَا وَليَكَ والدّبيرُ مَا خَلْفَك.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَدْبر الرجلُ إِذا عَرَفَ دَبيرهُ من قَبيله.
قَالَ ثَعْلَب: قَالَ الْأَصْمَعِي: القبيلُ مَا أقبلَ بِهِ الفَاتل إِلَى حَقوه، والدّبيرُ مَا أدبر بِهِ الفاتِل إِلَى ركْبتيه.
وَقَالَ الْمفضل: القبيلُ فَوْزُ القِداح فِي القِمار، وَالدبير خَيْبَة القِدْح.
وقَال الشَّيْبَانِيّ: القَبِيلُ طاعةُ الرب، وَالدَّبيرُ مَعصيتُه.
وقَالَ ابْن الأعرابيّ: أدْبر الرجلُ إِذا سَافر فِي دبار وَهُوَ يَوْم الْأَرْبَعَاء. قَالَ: وَمَثَّل مجاهدٌ عَن يَوْم النحس فَقَالَ: هُوَ أربعاء لَا يَدُور فِي شهر.
وَقَال ابْن الأعرابيّ: أدْبَر الرجلُ إِذا مَاتَ، وَأَدْبَر إِذا تغافل عَن حَاجَة صديقه، وَأَدْبرَ صَار لَهُ دَبْر، وَهُوَ المَال الْكثير.
وَقَالَ الأصمعيّ فِي قَول الْهُذلِيّ:
فَخَضْخَضْتُ صُفْنِيَ فِي جَمِّهِ
خِياضَ المُدابِرِ قِدْحاً عَطُوفَا
قَالَ: المُدابِر المولِّي المعرِض عَن صَاحبه.
وَقَالَ أَبُو عبيد: المُدَابِر الَّذِي يَضرب بالقِداح. وَقيلَ: المُدابِر الَّذِي قُمِر مرّة بعد مرّة فعاوَد لِيَقْمُر.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: دَبَرَ، رد، ودَبَر تَأَخَّر، قَالَ: وَأَدْبَرَ إِذا انْقَلَبتْ فَتْلَةُ أُذنِ النَّاقة إِذا نُحرَتْ إِلَى نَاحيَة القَفَا، وَأَقْبَل إِذا صَارَت هَذِه الفتلة إِلَى نَاحيَة الوَجْه.
أَبُو عبيد: سمعتُ أَبَا عُبَيْدَة يَقُول: رجل أُدابر لَا يقبل قَول أحد وَلا يلوي على
(14/81)
________________________________________
شَيْء. ورَجُلٌ أُباتِرٌ يَبْتُرُ رَحمَه فيقْطَعُها. ورجلٌ أُخايِلٌ وَهُوَ المختال، وأجارِدٌ اسْم مَوضِع، وَكَذَلِكَ أُجامِرٌ.
بدر: قَالَ اللَّيْث: البَدْرُ الْقَمَر لَيْلَة أربَعَ عَشْرَة، وَإِنَّمَا سُمِّي بَدْراً لِأَنَّهُ يُبادِر بالغروب طلوعَ الشَّمس، لِأَنَّهُمَا يتراقبان فِي الْأُفق صُبحاً، قَالَ: والبَدْرَةُ كِيسٌ فِيهِ عَشرةُ آلافِ دِرهمٍ أَو ألفٌ. والجَمْعُ البُدُور، وثَلاثُ بَدراتٍ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: يُقَال لِمَسْك السَّخْلَة مَا دامتْ تَرْضَع: الشَّكْوةُ، فَإِذا فُطِمَ فَمسْكُه: البَدْرَةُ، فَإِذا أَجْذَعَ فمسْكُه السِّقَاءُ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو: والبادِرة من الْإِنْسَان وغيرِه اللحمةُ الَّتِي بَين المنكِبِ والعُنق وأنشدنا:
وجاءَت الخيلُ مُحْمراً بوادرُها
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: البادِرُ القَمَرُ، والبادِرَة الكلمةُ العَوْرَاء، والبادِرَةُ الغَضْبةُ السريعة، يُقَال: احْذَرُوا بادِرَتَه.
وَقَالَ اللَّيْث: البادِرتان جانبا الكِرْكِرَة وَيُقَال: هما عرقان اكتنفاها وَأنْشد:
تَمْرِي بَوادِرَها مِنْهَا فَوَارِقُها
يَعْنِي فَوارقَ الإبلِ وَهِي الَّتِي أَخَذَها المخاضُ فَفَرِقَتْ نَادَّةً فَكلما أَخذها وَجَعٌ فِي بَطنهَا مَرَتْ، أَي ضَرَبَتْ بخُفِّها بادِرَةَ كِرْكِرَتها وَقد تفْعَلُ ذَلِك عِنْد الْعَطش.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَبْدَرَ الرجلُ إِذا سَرَى فِي ليلةِ البدْر، وأَبْدَرَ الوصِيُّ فِي مَال الْيَتِيم بِمَعْنى بادَرَ كِبْرَهُ وبَدَّرَ مثله، وَيُقَال: ابْتَدَرَ القومُ أمرا وتَبَادَرُوه: أَي بَادر بعضُهم بَعْضًا إِلَيْهِ أيُّهم يَسْبِقُ إِلَيْهِ فَيَغْلِبُ عَلَيْهِ، وبادر فلانٌ فلَانا مُولِّياً ذَاهِبًا فِي فِراره.
قَالَ: والبَدْرُ الغلامُ المُبَادِر، وعَيْنٌ حَدْرَةٌ بدْرة. قَالَ الأصمعيّ: حَدْرَة مُكْتَنِزَةٌ صُلبة، وبَدْرَةٌ تَبْدُرُ بالنَّظَرِ، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: حَدْرَةٌ واسعةٌ، وبدْرَةٌ تامَّةٌ، وَقيل: ليلةُ البدرِ لِتمام قَمرِها.
الحَرّاني عَن ابْن السّكيت يُقَال: غُلَام بَدْرٌ إِذا كَانَ مُمتلِئاً، وَقد أَبْدَرْنَا إِذا طلع لنا البَدْرُ وَسمي بَدْراً لامتلائِه.
د ر م
دمر، رمد، مدر، مرد، (درم، ردم) : مستعملات.
درم: قَالَ اللَّيْث: الدَرَم استِوَاءُ الكَعْب وعَظم الْحَاجِب وَنَحْوه إِذا لم يَنْتَبِر فَهُوَ أَدْرَمُ، وَالْفِعْل دَرِمَ يَدْرَمُ فَهُوَ دَرِم، قَالَ: ودَرِمٌ اسْم رجل من بني شَيبَان ذكره الْأَعْشَى فَقَالَ:
وَلم يُودِ مَنْ كُنْتَ تَسْعَى لَهُ
كَمَا قِيلَ فِي الحربِ أَوْدَى دَرِمْ
قَالَ أَبُو عَمرو: هُوَ دَرِمُ بنُ دُبّ بن ذُهْل بن شيبانَ، فُقِد كَمَا فُقِد القارظَ
(14/82)
________________________________________
العَنَزِيّ فَصَارَ مَثَلاً لكلِّ مَن فُقِد، وَقَالَ اللَّيْث: بَنو دَارِم حيٌّ مِنْ بني تَمِيم فِيهِ بيتُها وشَرَفُها، وَقَالَ غَيره: سمي دارماً لِأَنَّهُ حَمَلَ إِلَى أَبِيه شَيْئا يَدْرِمُ بِهِ أَي يُقارِبُ خُطاه فِي مَشْيِه، عَمْرو عَن أَبِيه الدَّرُوم من النوق الحَسَنَةُ المِشية.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الدَّرِيم الغُلام الفُرْهُدُ النَّاعمُ.
اللَّيْث: الدَّرَّامة من أَسمَاء القُنْفُذ والأرانب، والدَّرامة من نَعْتِ المرأةِ القصيرة، قَالَ: والدَّرَمَانُ مِشْيَةُ الأَرنب والفأرةِ والقُنْفُذِ وَمَا أشبهه، والفعْلُ دَرَمَ يَدْرِم.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الدَّرْماءُ من نَبَات السّهل، وَكَذَلِكَ الطَّحْماء والحَرْشَاءُ والصَّفراءُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: إِذا أَثْنَى الفَرَسُ أَلْقَى رَوَاضِعه فَيُقَال: أَثْنَى وَأَدْرَمَ للإثْناء ثمَّ هُوَ ربَاعٌ.
وَيُقَال: أَهْضَم للإِرباع.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الإدرام أَن يَسْقُطَ سِنُّ البعيرِ لسِنَ نَبَتَتْ.
يُقَال: أَدْرَمَ للإثْناء، وأَدرم للإِرْباع، وأَدْرَمَ للإِسداس.
وَلَا يُقَال: أَدْرَمَ لِلْبُزُول لِأَن البازِل لَا ينْبت إِلَّا فِي مَكَان لم تكن فِيهِ سنّ قبله، ومكانٌ أَدْرَمُ مستوٍ.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: دَرَمَتْ الدّابةُ تَدْرِمُ دَرْماً إِذا دَبَّتْ دَبِيباً.
شمر: المُدَرَّمَةُ من الدُّروع اللّينة المستَوية وَأنْشد فَقَالَ:
هَاتِيكَ تَحْمِلُني وتَحملُ شِكَّتِي
ومُفاضَةٌ تَغْشَى البَنانُ مُدَرَّمَهْ
ردم: اللَّيْث: الرَّدْمُ سَدُّك بَابا كُلَّه أَو ثُلْمَةً أَوْ مَدْخلاً وَنَحْو ذَلِك يُقَال: رَدَمتُه رَدْماً وَالِاسْم الرَّدْم وَجمعه رُدُومٌ وثوب مُرَدَّمٌ ومُلَدَّم إِذا رُقِّعَ. وَقَالَ عنترة:
هَل غادر الشُّعراء مِنْ مُتَرَدَّمِ
أَي مُرَقَّع مُسْتَصْلَح، وَقَالَ غَيره: هَل ترك الشُّعَرَاء مقَالا لقَائِل.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: المرَدَّم والملَدَّم والمرقّع، وَقَالَ غَيره: ثوبٌ رَديمٌ خَلْقٌ وثيابٌ رُدُمٌ.
وَقَالَ سَاعِدَة الهذليُّ:
يُذْرِينَ دَمْعاً على الأَشْفَارِ مُبْتَدِراً
يَرْفُلْنَ بَعْدَ ثِيابِ الخالِ فِي الرُّدُمِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الأرْدَمُ الملاَّحُ والجميع الأرْدَمُونَ وَأنْشد فِي صفة نَاقَة فَقَالَ:
وتَهْفُو بهادٍ لَهَا مَيْلَعٍ
كَمَا أَقْحمَ القَادِسَ الأَرْدَمونا
المَيْلَعُ المضطرب هَكَذَا وَهَكَذَا، والمَيْلَعُ الْخَفِيف.
(14/83)
________________________________________
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي وَسَلَمَة عَن الْفراء: أَرْدَمَتْ عَلَيْهِ الحُمَّى إِذا لم تُفارِقْه.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الرُّدَامُ ضُراط الحِمار وَقد رَدَم يَرْدُم إِذا ضَرِط.
مرد: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَرَدُ الثَّرِيدُ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: مَرَد فلَان الخبزَ فِي المَاء ومَرَثَهُ.
شمر يُقال: مَرَدَ الطَّعَام إِذا ماثَه حَتَّى يَلينَ فقد مَردَه، وتَمْرٌ مريدٌ، وَقَالَ النَّابِغَة:
فلَمَّا أَبى أَنْ يَنْزَعَ القَوْدُ لحمَهُ
نَزَعْنَا المرِيذ والمريدَ لِيَضْمَرا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: المرَدُ نَقَاءُ الخدَّين من الشّعْر، ونقاء الغُصْن من الْوَرق، والمَرَد التَّمْلِيسُ، ومَرَدْتُ الشيءَ وَمَرَّدْتُهُ لَيَّنْتُهُ وصَقلْتُه، وَغُلَام أَمْردُ، وَلَا يُقَال: جَارِيَة مَرْداء، وَيُقَال: شَجَرَة مَرْداء، وَلَا يُقَال: غُصْنٌ أَمْردُ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: أَرْضٌ مَرْداءُ وَجَمعهَا مَرَادَى وَهِي رمال مُتَسَطِّحة لَا يُنْبَتُ فِيهَا، وَمِنْهَا قيل للغلام: أَمْرَد، قَالَ: والبَرِيرُ ثَمَر الْأَرَاك، فالغَضُّ مِنْهُ المرْدُ، والنَّضِيجُ الكَباثُ، قَالَ وَقَالَ الْكسَائي: شَجَرَة مَرْداءُ، وغصن أَمْرَدُ لَا ورق عَلَيْهَا.
أَبُو عبيد المُمَرَّد بِنَاء طَوِيل، قلت: وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن} (النَّمْل: 44) .
وَقيل: المُمَرَّدُ: المُمَلَّسُ، وأمّا قَول الله جلّ وعزّ: {وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى النَّفَاقِ} (التَّوْبَة: 101) .
قَالَ الْفراء: يُرِيد مَرَنوا عَلَيْهِ وَجَرَنوا كَقَوْلِك: تمرَّدوا.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: المَرْدُ التَّطاوُل بالكبْر والمعاصي وَمِنْه قَوْله: مَرَدوا على النِّفَاق أَي تطاولوا.
وَقَالَ اللَّيْث: المَرْدُ دَفْعُكَ السَّفينة بالمُرْوِيِّ، وَهِي خشبةٌ يدفعُ بهَا الملاَّحُ، وَالْفِعْل يَمْرُدُ.
قَالَ: ومُرادٌ حَيّ، هم الْيَوْم فِي الْيمن، وَيُقَال: إِن نسبهم فِي الأَصْل من نِزَار.
قَالَ: المرادَةُ مَصدر المارِدِ، والمَرِيدُ من شياطين الْإِنْس وَالْجِنّ وَقد تمرَّدَ علينا أَي عتا واستعصى وَمَرَدَ على الشَّرِّ تَمَرّد أَي عتا وطغى.
قَالَ: والتِّمرادُ بيتٌ صَغِير يَجْعَل فِي بَيت الحمامِ لِمَبيضِه، فَإِذا جُعِلتْ نَسقاً بعضُها فَوق بعض فَهِيَ التَّماريدُ وَقد مرَّدها صَاحبهَا تمْرِيداً وتِمْراداً.
والتِّمْرادُ الِاسْم بِكَسْر التَّاء قَالَ: والتمريدُ: التمليس والتطيين، والأَمْرَدُ الشابُّ الَّذِي بلغ خُرُوج لحيته، وطُرَّ شَاربه ولمَّا تبْدُ لحيتُه، وَقد تمرَّدَ فلَان زَمَانا ثمَّ خرج وَجهه ذَلِك أَن يبْقى أَمْرَدُ، قَالَ: وَامْرَأَة مَرْدَاءُ لم يُخلَق لَهَا إسْبٌ
(14/84)
________________________________________
وَهِي شِعْرَتُها.
وَفِي الحَدِيث: (أهل الْجنَّة جُرْدٌ مُرْدٌ) .
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: سمعتُ الْخُصَيْبي يَقُول: مَرَدَه وَهَرَدَه إِذا قَطَعَه وَهَرَطَ عِرْضَه وَهَدَدَه، وَمن أمثالهم: تمرَّدَ مارِدٌ وعَزَّ الأَبْلَقُ، وهما حِصْنان فِي بِلَاد الْعَرَب غزتهما الزَّبَّاء فامتنعا عَلَيْهَا فَقَالَت هَذِه الْمقَالة وَصَارَت مثلا لِكل عَزِيز مُمتنع، والمَرِّيد الْخَبيث.
التمرد وَكَذَلِكَ المارد والمريد والمُتَمَرِّد الشرير.
رمد: الْحَرَّانِي عَن ابْن السكِّيت: الرَّمْدُ الْهَلَاك، يُقَال: رَمَدَت الغنمُ إِذا هلكتْ من بَرْدٍ أَو صقيعٍ، قَالَ أَبُو وَجْرة السّعدي فِي شعره:
صَبَبتُ عَلَيْكُم حاصِبي فتَركتُكُم
كَأَصْرَامِ عادٍ حِين جَلَّلها الرّمْدُ
قَالَ: والرّمْدُ فِي الْعين، وَقَد رَمِدَت تَرْمَد رَمداً.
وَقَالَ شمر فِي تَفْسِيره عَام الرَّمَادة يُقَال: أَرْمد القومُ إِذا جُهِدوا.
قَالَ: سميت عَام الرَّمادة بذلك قَالَ وَيُقَال: رَمَد عيشهم إِذا هَلَكُوا، وَهُوَ الرَّمْد.
يُقَال: أَصَابَهُم الرَّمد إِذا هَلَكُوا، قَالَ: وَقَالَ: الْقَاسِم: رَمَدَ القومُ وأَرْمَد إِذا هَلَكُوا والرَّمادَةُ الهلكَةُ، قلت: وَقد أَخْبرنِي ابْن هاجك عَن ابْن جَبَلة عَن أبي عبيد أَنه قَالَ: رَمِد الْقَوْم بِكَسْر الْمِيم وارْمَدُّوا بتَشْديد الدَّال وَالصَّحِيح مَا رَوَاهُ شمر: رَمَدُوا، وأَرْمدُوا كَذَلِك.
قَالَ ابْن السّكيت: قَالَ شمر، وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال للشَّيْء الْهَالِك من الثِّيَاب خُلُوقةً: قد رَمَدَ وهَمَد وباد، والرَّامِد الْبَالِي الَّذِي لَيْسَ فِيهِ مَهَاةٌ: أَي خَير وبقِيَّةٌ، وَقد رَمَد يَرمُد رُمودَةً.
وأقرأني الإياديُّ لأبي عبيد عَن أبي زيد: الرَّمْد الْهَلَاك وَقد رَمَدَهم يَرْمِدهم فَجعله متعَدياً.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال عَيْنٌ رَمْداءُ وَرجل أَرْمدُ. وَقد رَمِدتْ عينُه وأَرْمدت، والرَّمادُ دُقاقُ الفحم من حُراقَةِ النَّار، وَصَارَ الرَّمادُ رِمْدِداً، إِذا هَبا، وَصَارَ أدقَّ مَا يكون، والمُرَمَّد من اللَّحْم المشوِيُّ الَّذِي مُلَّ فِي الجَمْر، وَقد رَمَّدت النَّاقة تَرْميداً إِذا أَنْزَلَتْ شَيْئا قَلِيلا من اللَّبن عِنْد النَّتاج.
أَبُو عبيد عَن أَبي زِيَاد: إِذا استبان حملُ الشاةِ من الْمعز والضأن، وَعظُم ضرعُها. قيل: رَمَّدتْ تَرْمِيداً وأضرعتْ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الْعَرَب تَقول: رَمَّدتِ الضَّأْن فَرَبِّقْ رَبِّقْ ورَمّدَت المعزى فَرَنِّقْ رَنِّقْ، وَقد مر تَفْسِير التَّرْنيق والتربيق فِي كتاب الْقَاف.
(14/85)
________________________________________
وَقَالَ الْكسَائي: نَاقَة مُرْمِدٌ ومُرِدٌّ إِذا أَضْرَعَتْ.
وَرُوِيَ عَن قَتَادَة أَنه قَالَ: يتَوَضَّأ الرجلُ بِالْمَاءِ الرَّمِدِ والماءِ الطَّرِدِ، فالطَّرِدُ الَّذِي خاضَتْه الدّوابُ، والرّمِدُ الكَدِر. قلت: وبالشَّواجين ماءٌ يُقَال لَهُ: الرَّمادَةُ، وشرِبْتُ من مَائِهَا فوجدتُه عَذباً فُراتاً.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: ارْقَدّ البعيرُ ارْقِداداً، وارْمَدّ ارْمِدَاداً، وَهُوَ شدَّة العَدْوِ.
وَقَالَ الأصمعيّ: ارْقدَّ وارْمَدّ إِذا مضى على وَجهه وأسرع، وثيابٌ رُمْدٌ وَهِي الغُبْرُ فِيهَا كُدُورَةٌ مأخوذٌ من الرّماد، وَمن هَذَا قيل لِضَرْبٍ من البعوض: رُمْدٌ، وَقَالَ أَبُو وَجْرَة:
تبيتُ جارتَه الأفْعى وسامرُه
رُمْدٌ بِهِ عَاذِرٌ مِنْهُنَّ كالجَربِ
يصف الصَّائِد، وَمن أمثالهم: شَوَى أَخُوكَ حَتَّى إِذا أَنْضَجَ رَمّدَ، يُضْرَبُ مَثَلاً للرجل يَعُود بالفَساد على مَا كَانَ أَصْلَحَهُ.
مدر: قَالَ اللَّيْث: المَدر قِطَعُ الطين اليابِس، الواحدةُ مَدَرةٌ، والمَدْر تطيينُك وَجْهَ الْحَوْض بالطِّين الحُرِّ لِئَلَّا يَنْشَفَ، والمَمْدَرَةُ موضعٌ فِيهِ طِين حُرٌّ، وَقد مَدَرتُ الحوضَ أَمْدُرُه.
وَفِي حَدِيث إِبْرَاهِيم للنَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه يَأْتيهِ أَبوهُ يَوْم الْقِيَامَة فيسأَلُه أَن يشفعَ لَهُ فيَلتفِتُ إِلَيْهِ فَإِذا هُوَ بِضِبعَانٍ أَمْدَرَ، فَيَقُول: مَا أَنْت بأَبي.
قَالَ أَبُو عبيد: الأمْدَرُ المنتفخُ الجَنْبيْنِ الْعَظِيم الْبَطن.
قَالَ الرَّاعِي يصف إبِلا لَهَا قيم فَقَالَ:
وقَيِّمٍ أَمْدَرِ الجَنْبَيْنِ مُنْخَرِقٍ
عَنْهُ العَبَاءَةُ قَوَّامٌ على الهَملِ
قَوْله: أَمْدَرُ الجَنْبَين أَي عِظَمِهما. قَالَ: وَيُقَال: الأمْدَرُ الَّذِي قد تَتَرَبَّ جَنْباهُ من المَدَرِ، يذهب بِهِ إِلَى التُّرَاب أَي أَصاب جَسَدَهُ التُّرَاب.
قَالَ أَبُو عبيد:
وَقَالَ بَعضهم: الأمْدَرُ الكثيرُ الترجيع الَّذِي لَا يَقْدِر عَلَى حَبْسِه. قَالَ: ويستقيم أَن يَكون المعْنَيان جَمِيعًا فِي ذَلِك الضِّبْعَانِ.
شمر عَن ابْن شُمَيْل: المِدْرَاء من الضِّبَاع الَّتِي لَصِقَ بهَا بَوْلها ويَبِسَ خَراؤها، وَيُقَال للرجُل: أَمْدَرُ وَهُوَ الَّذِي لَا يَمْتَسِحُ بِالْمَاءِ وَلَا بِالْحجرِ، وَمَدَرَتْ الضَّبُعُ إِذا سَلَحَتْ.
وَقَالَ شمر: سَمِعت أَحْمد بن هانىء يَقُول: سَمِعت خَالِد بن كُلْثُوم يروِي بيتَ عَمْرو بن كُلْثُوم:
وَلَا تُبْقِي خُمُورَ الأَمْدَرِينَا
بِالْمِيم قَالَ: الأمْدَرُ الأقْلَفُ، والعربُ تسمي الْقرْيَة المبنية بالطين وَاللَّبِن المَدَرَةَ، وَكَذَلِكَ الْمَدِينَة الضخمة يُقَال لَهَا:
(14/86)
________________________________________
المَدَرَةُ.
دمر: فِي الحَدِيث: مَن نَظَرَ من صِيرِ بَاب فقد دَمَر.
قَالَ أَبُو عبيد وَغَيره: دَمَر أَي دَخَل بِغَيْر إذْنٍ، وَهو الدُّمور، وَقد دَمَرَ يَدْمُر دُموراً، ودَمَقَ دَمْقاً ودُمُوقاً.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّمار استئصال الْهَلَاك، يُقَال: دَمَر القومُ يَدْمُرون دَماراً: أَي هَلَكُوا، ودَمَرَهم مَقَتَهم ودَمّرهم الله تَدْميراً. قَالَ الله جلّ وعزّ: {فَدَمَّرْنَاهُمْ تَدْمِيراً} (الْفرْقَان: 36) يَعْنِي بِهِ فِرْعَوْن وَقَومه الَّذين مُسِخُوا قِرَدَةً وخَنازير.
أَبُو عبيد: المُدَمِّر بِالدَّال الصَّائدُ يُدَخِّن فِي قُتْرَته للصَّيْد بأَوْبَار الْإِبِل، لكَيْلا يجدَ الوحشُ ريحَه، وَقَالَ أوسُ بنُ حُجْر:
فلاقى عَلَيْهَا مِن صَباح مُدَمِّراً
لِنا مُوسِهِ مِن الصَّفيحِ سَقَائِفُ
وَقَالَ اللَّيْث: تَدْمرُ اسْم مَدِينَة بِالشَّام. قَالَ: والتُّدْمُرِي من اليرابيع ضربٌ لئيم الخِلقة عَلْبُ اللَّحْم.
يُقَال: هُوَ من مِعْزى اليرابيع وَأما ضَأْنها فَهُوَ شُفَارِيُّها، وعلامةُ الضَّأْن فِيهَا أَن لَهُ فِي وسط سَاقه ظُفْراً فِي مَوضع صِيصَة الدِّيك، ووُصف الرجل اللَّئِيم بالتَّدْمِري.
وَقَالَ اللحياني: يُقَال: فلَان خاسرٌ دامِر دابِرٌ، وخَسِرٌ دَمِرٌ دبِرٌ، وَمَا رَأَيْت من خسارته ودَمارته ودَبارته.
الْفراء عَن الدُّبيريَّة يُقَال: مَا فِي الدَّار عَيْنٌ وَلَا عَيِّنٌ وَلَا تَدْمُرِيٌ وَلَا تامُورِيٌ وَلَا دُبِّيٌ وَلَا دِبِّيٌ بِمَعْنى وَاحِد وَالله أعلم.

(أَبْوَاب) الدَّال وَاللَّام)
د ل ن
اسْتعْمل من وجوهه: لدن، ندل.
لدن: قَالَ اللَّيْث: اللَّدْن مِن كل شَيْء مَا لاَنَ من عُود أَو حَبْل أَو خَلْق فَهُوَ لَدن، وَقد لدُنَ لُدُونة، وفَتَاةٌ لَدْنة لَيِّنة المَهَزة.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {قَدْ بَلَغْتَ مِن لَّدُنِّى عُذْراً} (الْكَهْف: 76) .
قَالَ الزجّاج: وقُرِىء من (لَدُني) بتَخْفِيف النُّون وَيجوز من (لَدْني) بتسكين الدَّال وأجودها بتَشْديد النُّون لِأَن أصل لَدُن الإِسكان فَإِذا أضَفْتها إِلَى نَفسك زِدْت نوناً ليَسْلَم سُكُون النُّون الأولى تَقول: مِن لدُنْ زيد فتُسَكِّن النُّون ثمَّ تُضيف إِلَى نَفسك فَتَقول لَدُنِّي كَمَا تَقول عَن زيد وعَنِّي، ومَن حَذفَ النُّون فَلأَنَّ لَدُنْ اسْم غير مُتمكن، وَالدَّلِيل على أَن الْأَسْمَاء يجوز فِيهَا حذف النُّون قَوْلهم: قَدْني فِي معنى حَسْبي، وَيجوز قَدِي بِحَذْف النُّون لِأَن قَدْ اسْم غير مُتَمَكن.
قَالَ الشَّاعِر:
قَدْني مِن نَصْر الحَبيبَيْن قَدِي
فجَاء باللغتين، قَالَ: وَأما إسْكان دَال لَدْن
(14/87)
________________________________________
فَهُوَ كَقَوْلِهِم: فِي عَضُد عَضْد فَيحذفون الضمة.
وحَكَى أَبُو عُمَر عَن أَحمد بن يحيى والمبرد أَنَّهُمَا قَالَا: الْعَرَب تَقول: لَدُن غُدْوَةٌ ولَدُن غُدْوَةً ولدُن غدوةٍ، فَمن رفع أَرَادَ لدن كَانَت غدوةٌ، وَمن نصب أَرَادَ لَدُن كَانَ الوقتُ غدْوَة، وَمن خَفَض أَرَادَ من عِنْد غدوةٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: لَدُنْ فِي مَعْنى مِن عِنْد تَقول: وقف لَهُ الناسُ مِن لَدُنْ كَذَا إِلَى الْمَسْجِد وَنَحْو ذَلِك إِذا اتَّصل مَا بَين الشَّيْئَيْنِ، وَكَذَلِكَ فِي الزَّمَان مِن لَدُن طُلوع الشَّمس إِلَى غُرُوبهَا أَي من حِين.
أَبُو زيد عَن الكلابيِّين أَجْمَعِينَ: هَذَا من لَدُنِه ضَمُّوا الدَّال وفتحوا اللامَ وكَسروا النُّون.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: فِي لَدُن لُغاتٌ يُقَال: لَدُ، ولَدُن ولَدْن، ولَدَى، ولَدَنْ وَالْمعْنَى وَاحِد، قَالَ: وَهِي لَا تمَكَّن تَمَكُّنِ عِنْدِ لأَنك تَقول: هَذَا القَوْل عِنْدِي صَوَاب وَلَا تَقول: هُوَ لَدُني صَوَاب، وَتقول: عِنْدِي مَال عَظِيم، وَالْمَال غَائِب عَنْك، ولَدُنْ لما يليك لَا غيرُ.
وَفِي الحَدِيث: أَنَّ رجلا مِن الْأَنْصَار أناخَ ناضِحاً لَهُ فَرَكِبَه ثمَّ بَعَثَه فَتَلَدَّنَ عَلَيْهِ بعضَ التَّلَدُّن فَقَالَ: شَأْ لَعَنك الله، فَقَالَ لَهُ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لاَ تَصحَبْنَا بملعون) ، معنى قَوْله: تَلَدَّنَ عَلَيْهِ أَي تمَكَّثَ وَتَلَبَّثَ وَلم يَثُرْ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: تَلَدَّنْتُ تَلَدُّناً وتَلَبَّث تلبثاً وتمكَّث بِمَعْنى وَاحِد.
ندل: قَالَ اللَّيْث: النَّدْلُ كَأَنَّه الوَسَخُ من غير اسْتِعْمَال فِي الْعَرَبيَّة، وَتَنَدَّلْتُ بالمِنْديل: أَي تمَسَّحتُ بِهِ من أثر الوَضُوء أَو الطَّهُور، قَالَ: والمِنديلُ على تَقْدِير مِفْعيل إسمٌ لما يُمْسحُ بِهِ.
وَيُقَال أَيْضا: تَمنْدَلْتُ. عَمْرو عَن أَبِيه: النَّيْدَلانُ الكابوسُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: هُوَ النَّيْدُلانُ والنَّيْدَلانُ، والمنْدَلُ والمندَلِيُّ: العُود الَّذِي يُتَبخَّر بِهِ.
وَأنْشد الفرّاء:
إِذا مَا مَشَتْ نادَى بِما فِي ثِيَابها
ذَكِيُّ الشَّذَى والمنْدَلِيُّ المطيَّرُ
يَعْنِي العودَ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المنْدلُ والمنْقَل الخُفُّ. وَقَالَ الْمبرد: نقلُ الشَّيء واحْتِجَانُه. وَأنْشد:
فَنَذْلاً زُرَيق المالَ نَدْل الثَّعالِبِ
وَيُقَال: انْتدَلْتُ المالَ وانْتبَلْتُه أَي احْتَمَلْتُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النُّدُل خَدَمُ الدَّعوة.
(14/88)
________________________________________
قلت: سُمُّوا نُدُلاً لأَنهم ينقلون الطَّعَام إِلَى من حضر الدعْوَة.
وَقَالَ أَبُو زيد فِي كِتَابه فِي النَّوَادِر يُقَال: نَوْدَلَتْ خُصْيَاهُ نَوْدَلَةً إِذا استرختا يُقَال: جَاءَ مُنَوْدِلاً خُصْيَاهُ.
وَقَالَ الراجز:
كأَنَّ خُصْيَيهِ إِذا مَا نَوْدَلا
أُثْفِيَّتان تَحمِلان مِرْجَلاَ
وَيُقَال للسِّقَاء إِذا تَمَخّض: هُوَ يُهَوْذِلُ ويُنَوْدِلُ الأول بالذّال وَالثَّانِي بِالدَّال.
د ل ف
دلف، دفل: (مستعملة) .
(دلف) : عَمْرو عَن أَبِيه: الدِّلْفُ الشجاعُ والدَّلْفُ التَّقدمُ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: الدَّلْف والزَّلْف التقدّم، وَقد دَلَفْنا لَهُم أَي تقدّمنا.
وَقَالَ الأصمعيّ: دَلَفَ الشيخُ يَدْلِفُ دَلْفاً ودَلِيفاً، وَهُوَ فَوق الدَّبيبِ كَمَا تَدْلِفُ الكتيبةُ نَحْو الكتيبة فِي الْحَرْب.
وَقَالَ طَرَفة:
لَا كبيرٌ دالفٌ مِن هَرَم
أرْهَبُ الناسَ وَلَا أكْبُو لِضُرِّ
قلت: ودُلَفُ من أَسمَاء الرِّجَال، فُعَلُ، ودُلَفُ كأَنَّهُ مصروفٌ من دالفٍ مثل ذُفَر وعُمَر. وَأنْشد ابْن السّكيت لِابْنِ الخطيم فَقَالَ:
لَنَا مَعَ آجامِنا وحَوْزَتِنا
بَين ذَراها مخارِفٌ دُلَفُ
أَرَادَ بالمخارف نخلاتٍ يُخْترف مِنْهَا، والدُّلّفُ الَّتِي تَدْلِفُ بحملها أَي تَنْهضُ بِهِ، والدُّلْفِين سَمَكةٌ بحريّة.
دفل: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: وَمن الشّجر الدِّفْلَى وَهُوَ الآءُ والألاءُ والحَبْن وكُلُّه الدِّفْلَى.
قلت: هِيَ شَجَرَة مُرة وَهِي من السُّمُوم.
د ل ب
دلب، دبل، بدل، بلد، لبد: مستعملة.
دلب: قَالَ اللَّيْث: الدُّلْبُ شَجَرَة العيثَام، وَيُقَال: شجر الصِّنارِ وَهُوَ بالصِّنار أشبه، والواحدة دُلْبَةٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدُّلْبَةُ السّوادُ، والدُّلْبُ جنْسٌ من سُودان السِّند، وَهُوَ مقلوب عَن الدَّيْبُل.
وَقَالَ الشَّاعِر:
كَأَن الذِّرَاع المشكُولَ مِنْهَا
سَلِيبٌ مِن رجال الدّيْبُلانِ
قَالَ: شَبَّهَ سوادَ الزِّقِّ بالأسود المشلَّح من رجال السَّنَد.
دبل: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: التَّدْبيلُ: تَعظيمُ اللُّقمة وازدرادُها، والدّوْبَلُ ذَكَرُ الْخَنَازِير وَهُوَ الرّتُّ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّبْلَةُ كتلة من ناطِفٍ أَو
(14/89)
________________________________________
حَيْسٍ أَو شَيءٍ مَعْجون أَو نَحْو ذَلِك، وَقد دَبَّلْتُ الحَيْسَ تَدْبيلاً أَي جعلتُه دبَلاً.
وَقَالَ النَّضر: الدُّبلُ اللُّقمُ من الثرِيد الْوَاحِدَة دُبْلَةٌ، والدّبيلُ موضعٌ يتاخِم أعراضَ الْيَمَامَة وَأنْشد فَقَالَ:
لَوْلا رَجاؤُك مَا تَخَطَّتْ ناقَتِي
عُرْضَ الدّبِيلِ وَلَا قُرى نَجْران
ويُجمع دُبُلاً. وَقَالَ العجاج:
جَادَلَه بالدُّبُل الوَسْمِيّ
قَالَ: وَدَيْبُلُ مَدِينَة من مَدَائِن السِّند، غَيره: دَبَلْتُ الأرضَ وَدَمَلْتُهَا أَي أصلحتها.
وَقَالَ الْكسَائي: أَرض مَدْبُولة إِذا أصلحتها بالسِّرْجينِ وَنَحْوه حَتَّى تجودَ، وَقد دَبلتُهَا أدبلها دُبولاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الدُّبالُ والذُّبال النُّفاياتُ، يُقَال: دَبَلْته دُبُولاً وذَبَلْته ذبولاً.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: دِبْلٌ دَبيلٌ أَي ثُكْلٌ ثاكلٌ وَمِنْه سميت الْمَرْأَة: دِبْلَةٌ وَقَالَ الراجز:
يَا دِبْلُ مَا بِتُّ بليلٍ ساهِداً
وَلَا خَرَرْتُ الرَّكعتين سَاجِدا
قَالَ: وَيُقَال: دَبْلتُهم دُبَيْلَة: أَي هَلَكُوا وصلَّتهم صالَّةٌ. وروى أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: ذِبْلٌ ذَابِلٌ بِالذَّالِ، وَهُوَ الهوان والخزي.
قَالَ شمر وَغَيره يَقُول: دبل دابل بِالدَّال وَيُقَال: الجداول الدُّبُول وَاحِدهَا دَبْلٌ لِأَنَّهَا تُدْبل أَي تُصْلَح وتُنَقَّى وتُجْهَر، وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما غَدا إِلَى النطَاةِ دلَّه الله على دبول كَانُوا يَتَرَوَّوْنَ مِنْهَا فقطعها عَنْهُم حَتَّى أَعْطوا بأَيديهم.
بلد: قَالَ اللَّيْث: البَلدُ كل مَوضِع مُسْتَحيزٍ من الأَرْض عامِرٍ أَو غير عَامر أَو خالٍ أَو مسكون فَهُوَ بلد، والطائفة مِنْهَا بَلْدَة والجميعُ الْبِلَاد، والبُلْدَان اسْم يَقع على الكُوَر والبَلدُ المقْبَرَة، وَيُقَال: هُوَ نَفْسُ الْقَبْر، وَرُبمَا جَاءَ البَلدُ يَعْنِي بِهِ التُّرَاب، قَالَ: والبَلْدَة بَلْدَةُ النَّحْر وَهِي الثغرةُ وَمَا حولهَا وَأنْشد:
أُنِيخَتْ فأَلْقَتْ بَلْدَةً فوقَ بلدةٍ
قَلِيل بهَا الأصواتُ إِلَّا بغَامُها
والبلدةُ فِي السماءِ موضعٌ لَا نُجُوم فِيهِ بَين النَّعَائم وسَعْدِ الذَّابح، ليستْ فِيهِ كواكب عِظَام تكون عَلَماً، وَهِي من منَازِل الْقَمَر، وَهِي آخر البروج، سُميت بَلْدَةً وَهِي من بُرْج القَوْس خَالِيَة إلاَّ من كواكبَ صغارٍ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: والأَبْلَدُ من الرِّجَال الَّذِي لَيْسَ بمقرونٍ وَهِي البَلْدَة والبُلْدَة. وَقَالَ الْأَحْمَر: المتبلِّدُ الَّذِي يتَرَدَّد مُتحيراً وَأنْشد للبيد فَقَالَ:
عَلِهَتْ تَبَلَّدُ فِي نِهَاءِ صعائِدٍ
سَبْعاً تُواماً كامِلاً أيامُها
(14/90)
________________________________________
وَقَالَ اللَّيْث: التَّبَلُّد نقيض التجلد، وَهُوَ استكانة وخضوع وَأنْشد:
أَلا لَا تَلُمْه الْيَوْم أَن يَتَبَلَّدَا
فقد غُلبَ المحزون أَن يتجلّدَا
قَالَ: وبلَّدَ إِذا نكَّسَ فِي الْعَمَل وضَعُفَ حَتَّى فِي الْجُود، قَالَ الشَّاعِر:
جَرَى طلَقاً حَتَّى إِذا قُلْتُ سابِقٌ
تَدَارُكه أَعْراقُ سوءٍ فبَلّدَا
وَقَالَ غَيره: البَلْدَة رَاحَة الْكَفّ، وَقيل للمُتَحَيِّر: متَبَلِّد لِأَنَّهُ شُبِّه بِالَّذِي يتحير فِي فلاةٍ من الأَرْض، لَا يَهْتَدِي فِيهَا وَهِي البَلْدَة، وكل بَلَدٍ وَاسع بَلْدةٌ وَقَالَ الْأَعْشَى يذكر الفلاة:
وبَلْدَةٍ مثل ظهْرِ التُّرْسِ موحِشَةٍ
لِلْجِنِّ بِاللَّيْلِ فِي حافاتها شُعَلٌ
وَقَالَ اللَّيْث: البَلادة نقيض النّفاذِ والمضاءِ فِي الْأُمُور، وَرجل بليد إِذا لم يكن ذكيّاً، وفرسٌ بليد، إِذا تأخَّر عَن الْخَيل السوابق وَقد بَلُدَ بلادةً.
قَالَ: والمبالدةُ كالمبالَطَة بِالسُّيُوفِ والعِصِيِّ إِذا تجالدوا بهَا، وَيُقَال: اشْتُق من بِلادِ الأَرْض.
أَبُو عبيد: البَلَدُ الأثَرُ بالجسد وَجمعه أَبْلاَدٌ، وَقَالَ ابْن الرّقاع:
من بَعْدِ مَا شَمِل الْبِلَى أَبْلادها
قَالَ وَقَالَ أَبُو زيد: بَلَدْتُ بِالْمَكَانِ أَبلُدُ بلوداً وأَبَدْتُ بِهِ آبُدُ أبُوداً: أَي أقمتُ بِهِ، وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي فَقَالَ:
ومُبْلِدٍ بَيْنَ مَوْمَاةٍ بمهلكةٍ
جاوَزْتُه بعلاةِ الخلْق عِلْيَانِ
قَالَ: المبْلِدُ الحوضُ الْقَدِيم هَهُنَا وَأَرَادَ مُلْبِدٍ فَقلب وَهُوَ اللاصق بِالْأَرْضِ، وَمِنْه قَول عَلِيَ لِرجلَيْنِ جَاءَا يسأَلانِه: أَلْبدا بِالْأَرْضِ حَتَّى تفهما، وَقَالَ غَيره: حوضٌ مُبْلِدٌ تُرك وَلم يُستعمل فَتَدَاعى وَقد أَبْلد إبلاداً.
وَقَالَ الفرزدق يصف إبِلا سَقَاهَا فِي حَوْض داثِرٍ:
قَطَعْتُ لألحيهِنَّ أَعضادَ مُبْلِدٍ
يَنشُّ بِذِي الدَّلْوِ المُحِيلِ جوانِبُهْ
أَرَادَ بِذِي الدَّلْو الْمُحِيل الماءَ الَّذِي قد تَغيّرَ فِي الدَّلْو لِأَنَّهُ نُزِع متغيراً.
لبد: أَبُو عُبَيد عَن أبي عَمْرو: أَلْبَدَ بِالْمَكَانِ فَهُوَ مُلْبِدٌ بِهِ إِذا أَقَامَ بِهِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: اللّبِيدُ من الرِّجَال الَّذِي لَا يبرح منزله وَهُوَ الألْيَسُ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: لَبَدَ ولَبِدَ لُبوداً إِذا أَقَامَ بِالْمَكَانِ، قَالَ: وَإِذا رُقِعَ الثوبُ فَهُوَ مُلَبَّدٌ ومُلْبَدٌ ومَلْبُودٌ. وَفِي الحَدِيث أَن عَائِشَة أخرجت كِسَاءً للنبيّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مُلَبَّداً أَي مُرَقَّعاً، وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {يَقُولُ أَهْلَكْتُ مَالاً} (الْبَلَد: 6) .
قَالَ الْفراء: اللَّبَدُ الْكثير، قَالَ بَعضهم:
(14/91)
________________________________________
واحدتُهُ لُبْدَةٌ، ولُبَدُ جماع، قَالَ: وَجعله بَعضهم على جِهَة قُثَم وحُطَمٍ وَاحِدًا، وَهُوَ من الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا الْكثير. قَالَ: وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَر المدنيّ: (مَالا لُبَّداً) مُشَدَّداً فكأَنه أَرَادَ مالَ لابد، ومالانِ لاَبِدَانِ وأموال لُبَّدٌ، وَالْأَمْوَال وَالْمَال قد يكونَانِ فِي معنى وَاحِد.
وَقَالَ الزّجاج: مالٌ لُبَدٌ: كثيرٌ، وَقد لَبَد بعضه بِبَعْض وَقَوله جلّ وعزّ: {أَحَداً وَأَنَّهُ لَّمَا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُواْ يَكُونُونَ} (الْجِنّ: 19) قَالَ وقرىء (لُبَداً) قَالَ: وَالْمعْنَى أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما صلى الصُّبْح بِبَطن نَخْلَةَ كَادَت الْجِنّ لما سمعُوا الْقُرْآن وتعجبوا مِنْهُ أَن يَسقطوا عَلَيْهِ. قَالَ: وَمعنى لِبَداً يركَبُ بَعضهم بَعْضًا وكلُّ شَيْء أَلصَقْته بِشَيْء إلصاقاً شَدِيدا فقد لَبّدتَه، وَمن هَذَا اشتقاق هَذِه اللُّبُودِ الَّتِي تُفْتَرَش. قَالَ: ولِبَدٌ جمع لبْدَةٍ ولُبَدٌ وَمن قَرَأَ (لُبَّداً) فَهُوَ جمع لابد.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول صبيان الْأَعْرَاب إِذا رَأَوْا السُّمَانَى: سُمَانَى لُبَادَى الْبُدى لَا تُرَى، فَلَا تزَال تَقول ذَلِك وَهِي لابدةٌ بِالْأَرْضِ أَي لاصقةٌ وَهُوَ يُطيف بهَا حَتَّى يَأْخُذَها.
وَقَالَ: كل شَعَرٍ أَو صوف يَتَلَبَّد فَهُوَ لِبْدٌ ولِبْدة، وللأسد شَعَرٌ كثير قد تَلَبَّد على زُبْرَتِهِ قَالَ: وَقد يكون مثلُ ذَلِك على سَنَام الْبَعِير وَأنْشد:
كَأَنَّهُ ذُو لِبَدٍ دَلَهْمسِ
قَالَ: واللُّبَادَةُ لِباسٌ من لُبُود؛ قَالَ: ولُبَدٌ اسْم آخِر نسور لُقمانَ بن عَاد سَمَّاهُ لُبَداً لِأَنَّهُ لَبِدَ فَلَا يَمُوت وَلَا يذهب كاللَّبِد من الرِّجَال اللَّازِم لرِحْلِه لَا يفارِقه. وَالْعرب تَقول: مَا لَهُ سَبَدٌ وَلَا لَبَدٌ.
قَالَ ابْن السّكيت: قَالَ الْأَصْمَعِي: مَعْنَاهُ مَا لَهُ قليلٌ وَلَا كثيرٌ، قَالَ وَقَالَ غَيره: السَّبَدُ من الشَّعَر واللَّبَد من الصُّوف، أَي مَا لَهُ ذُو شَعَر وَلَا ذُو صُوفٍ وَوَبَر، وَكَانَ مالَ الْعَرَب الْخَيل وَالْإِبِل وَالْغنم وَالْبَقر فَدخلت كلهَا فِي هَذَا الْمثل.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المُلْبِدُ الفحلُ من الإِبل يضْرب فَخذيهِ بِذَنبِهِ فَيَلْصَقُ بهما ثَلْطُهُ وبَعَرُه؛ قَالَ والمُلْبد أَيْضا: اللاصق بِالْأَرْضِ.
وَفِي حَدِيث أبي بكر أَنه كَانَ يحلب فَيَقُول: أَأَلْبِدْ أَمْ أَرْغي فَإِن قَالُوا: أَلْبِدْ أَلْصَق العُلبة بالضَّرْع، فَحَلَبَ وَلَا يكون لِذلك الحَلْب رَغْوَة، فَإِن أَبانَ العُلْبَة رغا الشَّخْبُ بشدَّة وُقُوعه فِي العُلْبة.
وَقَالَ أَبُو زيد: المُلَبِّدُ من الْمَطَر: الرَّشُّ، وَقد لَبَّدَ الأرضَ تلبيداً.
وَفِي حَدِيث عُمر أَنه قَالَ: من لَبَّدَ أَو عَقَصَ أَو ضفَرَ فَعَلَيهِ الحَلْق. قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: لَبَّد يَعْنِي أَن يجعلَ فِي رَأسه شَيْئا من صَمْغ أَو غِسْلٍ ليَتَلَبَّدَ شَعْره وَلَا
(14/92)
________________________________________
يَقْمُل، هَكَذَا قَالَ يحيى بن سعيد، وَقَالَ غَيره: إِنَّمَا التَّلْبيدُ بُقْيا على الشَّعَر لِئَلَّا يَشْعَث فِي الْإِحْرَام؛ وَلذَلِك أوجب عَلَيْهِ الْحلق كالعُقوبة لَهُ، قَالَ ذَلِك سُفْيان بن عُيَيْنَة.
وَقَالَ شمر: أَلْبَدْتُ القِرْبَة أَي صَيَّرْتها فِي لَبِد وَهُوَ الجُوالِق الصَّغِير وَأنْشد:
قُلْتُ ضَعِ الأدْسم فِي اللَّبيد
قَالَ: يُرِيد بالأدْسم نِحْيَ سَمَن واللَّبيدُ لِبْدٌ يُخاطُ عَلَيْهِ، وَقَالَ ابْن السّكيت: أَلْبَدَت الْإِبِل إِذا أَخرج الربيعُ أَلْوانها وأوبارها وتهيَّأَتْ لِلسِّمَنِ، وَقَالَ: أَلْبَدْتُ القِربة إِذا صيرتَها فِي لَبيد وَهُوَ الجُوالق الصَّغِير، وَيُقَال: قد أَلْبَدتُ الفرسَ فَهُوَ مُلْبَدٌ، وَقَالَ الْكسَائي: أَلْبدْتُ السَّرج عملت لَهُ لِبْداً.
وَقَالَ ابْن السّكيت: لَبِدَتِ الْإِبِل تَلْبد لَبَداً: إِذا دَغِصَتْ بالصِّلِّيان وَهُوَ الْتِواءٌ فِي حَيازيمها وَفِي غَلاصِمِها إِذا أكثرت مِنْهُ فَتَغَصُّ بِهِ وَلَا تمْضِي، فَيُقَال: هَذِه إبل لَبَادَى ونَاقَةٌ لَبِدَةٌ، شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: لَبَد الرجل بِالْمَكَانِ يَلْبُدُ لُبوداً إِذا أَقَامَ، وَمِنْه قَول حُذَيْفَة حِين ذكر الْفِتْنَة قَالَ: فَإِذا كَانَ ذَلِك، فالْبُدوا لُبُود الرَّاعِي خلف غنمه، أَي اثبتوا والزموا مَنَازِلكُمْ كَمَا يعْتَمد الرَّاعِي على عَصَاهُ ثَابتا لَا يَبْرَحُ، ولَبَد الشيءُ بالشَّيْء يَلْبُد: إِذا ركِبَ بعضُه بَعْضًا.
بدل: أَبُو عبيد عَن الفرّاء: بَدَلٌ وبِدْلٌ ومَثَلٌ ومِثْلٌ وشَبَهٌ وشِبْهٌ.
وَأَخْبرنِي الإياديُّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: يُقَال: هَذَا بِدُلُ هَذَا وبَدَلُه.
قَالَ: وَوَاحِد الأَبدال يُرِيد العُبَّاد أَيْضا: بِدْلٌ وبَدَلٌ. وَقَالَ ابْن شُمَيْل فِي حَدِيث رَوَاهُ بِإِسْنَاد لَهُ عَن عَليّ أَنه قَالَ: الأبدال بِالشَّام والنُّجَبَاء بِمصْر والعَصائِبُ بالعراق، قَالَ ابْن شُمَيْل: الأبدال: خيارٌ بَدَلٌ من خِيَار، والعصائب: عُصْبَةٌ وعصائب يَجْتَمعُونَ فَيكون بَينهم حَرْب، وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن يحيى: قَالَ الْفراء يُقَال: أبدَلْتُ الْخَاتم بالحلْقَة: إِذا نَحَّيْتَ هَذَا وَجعلت هَذَا مَكَانَهُ، وبَدَّلْتُ الْخَاتم بالحلقة: إِذا أَذَبْتَه وسوَّيته حَلقَةً، وبدلتُ الْحلقَة بالخاتم إِذا أَذَبْتَها وجعلتها خَاتمًا، قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وحقيقتُه أنَّ التَّبديلَ تغييرُ الصُّورَة إِلَى صُورَة أُخْرَى، والجوهرةُ بِعَينهَا، والإبدال تَنْحِيَةُ الْجَوْهَرَة واستئنافُ جَوْهَرَة أُخْرَى وَمِنْه قَول أبي النَّجْم:
عَزْلُ الأَمير للأمير المبدَلِ
أَلا ترى أَنه نَحَّى جِسْماً وَجعل مَكَانَهُ جِسماً غيرَه، قَالَ أَبُو عمر: وعرضتُ هَذَا على الْمبرد فَاسْتَحْسَنَهُ، وَزَاد فِيهِ، فَقَالَ: قد جَعَلَتِ الْعَرَب بدَّلتُ بِمَعْنى أَبدلت وَهُوَ قَول الله جلّ وعزّ: {فَأُوْلَائِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ} (الْفرْقَان: 70) أَلا ترى
(14/93)
________________________________________
أَنه قد أَزَال السيئاتِ وَجعل مَكَانهَا حسناتٍ قَالَ: وأمَّا مَا شَرَط أحمدُ بنُ يحيى فَهُوَ معنى قَول الله: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُوداً غَيْرَهَا} (النِّسَاء: 56) . قَالَ: فَهَذِهِ هِيَ الْجَوْهَرَة، وتبديلها: تغييرُ صورتهَا إِلَى غَيرهَا لِأَنَّهَا كَانَت ناعمةً فاسودَّتْ بِالْعَذَابِ، فرُدَّتْ صورةُ جُلُودهمْ الأولى لما نَضِجَتْ تِلْكَ الصُّورَة، فالجوهرة وَاحِدَة وَالصُّورَة تخْتَلف.
وَقَالَ اللَّيْث يُقَال: استبدل ثوبا مَكَان ثوبٍ أَو أَخا مَكَان أخٍ، ونَحو ذَلِك الْمُبَادلَة. أَبُو عبيد عَن الْفراء: البَآدل واحدتها بَأْدَلَة، وَهِي مَا بَين العُنُق إِلَى التَّرْقُوة وأنشدنا:
فَتًى قُدَّ قَدَّ السَّيف لَا مُتَآزفٌ
وَلَا رَهِلٌ لَبَّاتُهُ وبَآدله
قَالَ وَقَالَ أَبُو عَمْرو مثله، وَقَالَ: وَاحِدهَا بَأدلٌ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ قَالَ: البَأْدَلة: لَحْم الصّدْر وَهِي البَادِرَة والبَهْدَلَةُ وَهِي الفَهْدَةُ.
وَقَالَ غَيره: الْعَرَب تَقول للَّذي يَبِيع كل شَيْء من المأكولات: بَدّال. قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: والعامة تَقول: بَقَّال.
د ل م
دلم، دمل، لدم، ملد، مدل، لمد: مستعملة.
مدل: أهمله اللَّيْث وروى أَبُو عبيد عَن الْفراء: رجل مِدْلٌ ومِذْلٌ بِكَسْر المِيم فيهمَا وَهُوَ الخفِيُّ الشَّخْص القليلُ الْجِسْم، وَقَالَ أَبُو عَمْرو: هُوَ المَدْل بِفَتْح الْمِيم للخسيس من الرِّجَال.
لمد: أهمله اللَّيْث وروى عَمْرو عَن أَبِيه: اللّمذ: التَّوَاضُع بالذَّال.
ملد، (أملود) : أهمله اللَّيْث المَلد مصدر؛ الشَّاب الأملد وَهُوَ الناعم وأَنشد فَقَالَ:
بعد التَّصابي والشباب الأَمْلَدِ
يُقَال: امرأَة مَلْدَاءُ وأُمْلُدَانِيّةٌ وشابٌّ أُملود وأُمْلدَانيُّ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الأُمْلودُ من النِّسَاء الناعمةُ المستويةُ الْقَامَة، وَقَالَ غَيره: غُصْنُ أُملود وَقد مَلَّدَه الرّي تمليداً، وروى إِسْحَاق بن الْفرج عَن شَبَابةَ الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: غُلامٌ أُمْلودٌ وَأُفْلوذٌ إذَا كَانَ تَاما مُحْتَلماً شَطْباً.
دلم: قَالَ اللَّيْث: الأَدْلَمُ من الرِّجَال الطويلُ الْأسود، وَمن الْخَيل كَذَلِك فِي مُلُوسة الصخر غير جِدَ شديدِ السوَاد وَقَالَ رؤبة:
كَأَن دَمْخاً ذَا الهِضَابِ الأدْلَمَا
يصف جبلا. وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الأَدْلَمُ من الأَلْوانِ هُوَ الأَدْغَم؛ وَقَالَ شمر: رجلٌ أَدْلَمُ وجبل أَدْلَمُ، وَقد دَلِمَ دَلَماً، وَقَالَ عنترة:
(14/94)
________________________________________
وَلَقَد هَمَمْتُ بغارةٍ فِي ليلةٍ
سوْدَاء حالِكَةٍ كَلَوْن الأَدْلَمِ
قَالُوا: الأَدلَم هُنا الأَرَنْدَجُ، وَيُقَال للحية الأَسْود: أَدْلَمُ، وَيُقَال: للأَدْلامِ: أَوْلادُ الحيَّاتِ وَاحِدهَا دُلْمٌ.
أَبُو العبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: الدَّيْلَمُ النَّمْل، والدَّيْلَم السُّودَان، والدَّيْلَم الأعْدَاءُ، والدَّيْلَم مَاء لبني عَبْس.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّيْلَم جِيلٌ من النَّاس، وَقَالَ غيْرُه: من ولد ضَبَّة بن أُدَ وَكَانَ بعض مُلوك الْعَجم وَضَعَهم فِي تِلْكَ الْجبَال فربلوا بهَا، وَأما قَول رؤبة:
فِي ذِي قُدَامَى مُرْجَحِن دَيْلَمُهْ
فَإِن أَبَا عَمْرو قَالَ: كَثْرتُه كَكَثْرةِ النَّمل، وَهُوَ الدَّيْلَم، قَالَ: وَيُقَال للجيش الْكثير: دَيْلَم، أَرَادَ فِي جيشٍ ذِي قُدَامى والمُرْجَحِنُّ الْقَدِيم الثقيلُ الْكثير، وَأما قَول عنترة:
زَوْرَاءُ تَنْفِرُ عَن حِياض الدَّيْلَمِ
فَإِن بَعضهم قَالَ: عَن حِيَاض الأَعداء، وَقيل: عَن حِيَاض مَاءٍ لبني عبس، وَقيل: أرادَ بالدَّيلم بني ضَبَّة سُمُّوا دَيْلماً لدُغْمَةٍ فِي ألوانهم، وَقَالَ ابْن شُمَيْل: السَّلامُ شَجَرَة تَنْبتُ فِي الْجبَال نُسَمِّيها الدَّيْلَمَ.
لدم: قَالَ اللَّيْث: اللَّدْمُ ضربُ الْمَرْأَة صَدْرَها، والْتَدَم النِّساء إِذا ضَربْنَ وجوههن فِي المآتم وَأنْشد الأصمعيّ:
ولِلفؤاد وَجِيبٌ تَحتَ أَبْهَرِهِ
لَدْمَ الغُلام وراءَ الغَيْب بالحَجرِ
قَالَ: اللَّدْم الضربُ والْتِدَامُ النِّسَاء من هَذَا.
وَقَالَ اللَّيْث أَيْضا: اللَّدْمُ ضربُك خبْزَ الملَّة إِذا أَخْرجْتَه مِنْهَا.
وَقَالَ غَيره: اللَّدم واللَّطم وَاحِد، ورُوي عَن عليّ رَضِي الله عَنهُ أَن الْحسن قَالَ لَهُ فِي مَخْرَجه إِلَى الْعرَاق: إنَّه غير صَوَاب، فَقَالَ: وَالله لَا أكون مثل الضَّبُع تسمعُ اللَّدمَ فَتُصَادَ، ذَلِك أَن الصياد يَجِيء إِلَى جُحْرها فَيُصَوِّتُ بحجرٍ فتخرجُ الضَّبُعُ فيأخذُها وَهِي من أَحمَق الدَّوَابّ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المُلَدَّم والمُرَدَّمُ من الثِّيَاب المرقع، وَهُوَ اللَّدِيم، قَالَ أَبُو عَمْرو وَقَالَ الْفراء: المِلْدم الرجلُ الأحمقُ الضخم الثقيل، وَقَالَ اللَّيْث: أمُّ مِلْدَمٍ كُنْيَةُ الحمَّى، والعربُ تَقول: قَالَت الحُمَّى: أَنا أُمُّ مِلْدَم، آكلُ اللحمَ وأمُصُّ الدمَ، وَيُقَال لَهَا: أمُّ الهِبْرِزِيِّ، وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَن الْأَنْصَار لما أَرَادوا أَن يبايعوه فِي شِعْبِ العَقَبة بِمَكَّة، قَالَ أَبُو الْهَيْثَم بن التَّيْهان: يَا رَسُول الله: إنَّ بَيْننَا وَبَين الْقَوْم حِبالاً وَنحن قَاطِعُوهَا فَنَخْشَى إنْ الله أَعزَّك وأظهركَ أَنْ ترجعَ إِلَى قَوْمك، فَتَبَسَّمَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَقَالَ: بل الدَّمُ الدَّمُ والهَدَمُ الهَدَمُ أُحَارب من حَارَبْتُمْ
(14/95)
________________________________________
وأسالمُ مَن سَالَمْتُمْ) . وَرَوَاهُ بَعضهم اللَّدَمُ اللَّدَمُ والهَدَمُ الهَدَمُ، فَمن رَوَاهُ: بل الدَّمُ الدَّمُ والهَدَمُ الهَدَمُ فَإِن المنذريّ أَخْبرنِي عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الْعَرَب تَقول: دَمِي دَمُك وهَدَمِي هَدَمُك فِي النُّصْرة أَي إِن ظُلِمْتَ فقد ظُلِمتُ، قَالَ وأنشدني العُقَيْليّ:
دَمًا طَيِّباً يَا حَبَّذا أنْتَ من دَمِ
قلت: وَقَالَ الْفراء: العربُ تُدخل الْألف وَاللَّام اللَّتَيْنِ للتعريف على الِاسْم فيقومان مقَام الْإِضَافَة كَقَوْل الله جلّ وعزّ: {يَرَى فَأَمَّا مَن طَغَى وَءاثَرَ الْحَيَواةَ الدُّنْيَا فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِىَ الْمَأْوَى} (النازعات: 37 39) أَي الْجَحِيم مَأْوَاه وَكَذَلِكَ قَوْله: {لله)) الْمَأْوَى وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِىَ الْمَأْوَى} (النازعات: 40، 41) . فَإِن الْجنَّة مَأْوَاه، وَقَالَ الزّجاج: مَعْنَاهُ أَن الْجنَّة هِيَ المأوى لَهُ، وَكَذَلِكَ هَذَا فِي كل اسْم يدل على مِثْلِ هَذَا الْإِضْمَار، فعلى قَول الْفراء قَوْله: الدَّمُ الدمُ أَي دمُكم دمِي وهَدَمُكم هَدَمِي، وَأما من رَوَاهُ: بل اللَّدَمُ اللَّدَمُ والهَدمُ الهَدَمُ فَإِن أَبَا الْعَبَّاس روى عَن ابْن الْأَعرَابِي أَيْضا أَنه قَالَ: اللَّدَمُ: الحُرَمُ، قَالَ: والهَدَمُ القَبْر فَالْمَعْنى حُرَمُكم حُرَمي وأُقْبَر حيثُ تُقْبَرُون، وَهَذَا كَقَوْلِه: الْمَحيا مَحْياكم والمماتُ مماتُكم لَا أفارقكم، وَذكر القتيبي: أَن أَبَا عُبيدة قَالَ فِي معنى هَذَا الْكَلَام: حُرْمَتِي مَعَ حُرْمَتكم وبَيْتي مَعَ بيتِكم وأَنشد:
ثمَّ الحقي بِهَدمي ولَدَمِي
أَي بأصْلِي وموْضِعِي قَالَ: وأصل الهَدَمِ مَا انْهَدَمَ تَقول: هَدَمْتُ هَدْماً وَالْمَهْدُومُ هَدَمٌ وبِهِ سُمِّي منزلُ الرجل هَدَمَا لانهدامه قَالَ: وَيجوز أَن الهَدمَ القبرُ سمي بذلك لِأَنَّهُ يُحْفَرُ ثمَّ يُرْدم ترابه فِيهِ، فَهُوَ هَدَمهُ قَالَ: واللَّدَم الحُرَمُ جمع لاَدِم سُمِّي نسَاء الرجل وحرمُه: لَدَما لِأَنَّهُنَّ يَلْتَدِمْنَ عَلَيْهِ إِذا مَاتَ.
ابْن هانىء عَن ابْن زيد يُقَال: فلَان فَدْمٌ ثَدم لَدْم بِمَعْنى وَاحِد.
دمل: قَالَ اللَّيْث: الدَّمَال السِّرْقينُ وَنَحْوه، وَمَا رَمى بِهِ البحرُ من خُشَارَة مَا فِيهِ من الْخلق مَيتا، نَحْو الأصداف والمناقِيفِ والنَّبَّاح فَهُوَ دَمال وَأنْشد:
دَمالُ البحُور وحِيتانها
وَفِي حَدِيث سَعْد بنِ أبي وقَّاص: أَنه كَانَ يَدْمُل أرضَه بالعُرةِ، قَالَ أَبو عبيد قَالَ الْأَحْمَر فِي قَوْله: يَدْمُل أرضَه، أَي يُصْلِحها ويُحسِن معالجتها، وَمِنْه قيل للجُرح: قد انْدَمَل إِذا تَماثَل وصَلَح، وَمِنْه قيل: دَامَلْتُ الرجلَ إِذا داريته لتُصلح مَا بَيْنك وَبَينه وَأنْشد:
شَنِئْتُ من الإخوان من لستُ زَائِلاً
أُدامِله دَمْلَ السِّقاء المُخرَّقِ
قَالَ: وَيُقَال للسِّرجين: الدَّمال لِأَن
(14/96)
________________________________________
الأَرْض تُصْلَح بِهِ، أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: يُقَال للتَّمرِ العَفِنِ: الدَّمال، وَقَالَ اللَّيْث: الاندِمال التماثُلُ من الْمَرَض وَالْجرْح، وَقد دَمَلَه الدواءُ فاندمل، قَالَ: والدُّمَّل مُسْتَعْمل بِالْعَرَبِيَّةِ يجمع دَمَامِيل وَأنْشد:
وامْتَهَدَ الغارِبُ فِعْلَ الدُّمَّلِ
وَقَالَ غَيره: قيل لهَذِهِ القُرحَةِ: دُمَّلٌ لِأَنَّهَا إِلَى الْبُرْء، والاندمال مَاضِيَة انْتهى، وَالله أعلم بذلك.

(أَبْوَاب) الدَّال وَالنُّون)
د ن ف
دنف، دفن، نفد، ندف، فند، فدن: مستعملات.
دنف: قَالَ اللَّيْث: الدَّنَفُ الْمَرَض المخامِر اللاَّزِمُ، وَصَاحبه دَنِفٌ ومُدْنِفٌ وَقد دَنِفَ يَدْنف وَقد أدْنَفَ فهُو مُدنَفٌ وَامْرَأَة دَنَفَةٌ، فَإِذا قلت: رجل دَنَفٌ لم تُثنِّ وَلم تجمع وَلم تؤنِّثْ قَالَ العجاج:
والشَّمْسُ قد كادتْ تكون دَنَفَا
أَي حِين اصفَرَّت.
سَلمَة عَن الْفراء: رجل دَنَفٌ وضَنًى، وقومٌ دَنَفٌ وَضَنًى وَيجوز أَن يُثَنَّى الدنف وَيجمع فَيُقَال: أَخَوَاك دَنَفان وإخوتك أدْنافٌ، وَإِذا قلتَ: رجلٌ دَنِفٌ بِكَسْر النُّون ثَنَّيْتَ وجمعت لَا محَالة، فقلتَ: رجل دَنِفٌ ورجلان دَنِفان وَامْرَأَة دَنِفةٌ ونسوة دَنِفاتٌ.
ندف: قَالَ اللَّيْث: النَّدْفُ طَرْق القَطن بالمِنْدَفِ والفِعل: يَنْدِف، وَالدَّابَّة تَنْدِفُ وَهُوَ مسيرها نَدْفاً، وَهُوَ سرعَة رَجَعَ الْيَدَيْنِ، والنَّدِيفُ القُطن الَّذِي يُبَاع فِي السُّوق مَنْدوفاً، والنَّدفُ شُرْبَ السبَاع الماءَ بألسنتها، وَقَالَ غَيره: النَّدَّاف الضَّراب بالعُود وَقَالَ الْأَعْشَى:
وصَدُوحٍ إِذا يُهَيِّجُها الشُّرْ
بُ تَرَقَّتْ فِي مِزْهَرٍ مَنْدُوف
أَرَادَ بالصَّدُوح جَارِيَة تُغنّي؛ وَقَالَ الأصمعيّ: رجل نَدَّافٌ كثير الْأكل والنَّدْفُ الْأكل.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَنْدَفَ الرجلُ إِذا مَال إِلَى النَّدف وَهُوَ صَوْتُ الْعود فِي حِجْر الكَرِينَةِ.
فند: قَالَ اللَّيْث: الفَنَدُ إِنْكَار الْعقل من الهَرَم يُقَال: شيخ مُفْنِدٌ وَلَا يُقَال: عَجُوز مُفْنِدَةٌ لِأَنَّهَا لم تكن فِي شَبِيبَتها ذَات رَأْي فَتُفَنَّد فِي كِبَرِها، وَقَالَ الله جلّ وعزّ حِكَايَة عَن يَعْقُوب: {لَوْلاَ أَن تُفَنِّدُونِ} (يُوسُف: 94) .
قَالَ الْفراء يَقُول: لَوْلَا أَن تكذِبون وتُعجزون وتضعفون.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ قَالَ: إِذا كثر كَلَام الرجل من خَرَف فَهُوَ المفْنِدُ أَو المفنَّدُ، ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فَنَّدَ رأيَهُ إِذا
(14/97)
________________________________________
ضَعَّفَه، وفَنَّدَ الرجلُ إِذا جَلَس على فِنْدٍ وَهُوَ الشِّمْراخُ الْعَظِيم من الجَبَل، وَبِه سُمِّيَ الفِنْد الزِّمَّانِيُّ فِنْداً واسْمه شَهْلُ بن شَيْبَانَ وَكَانَ يُقال لَهُ عَدِيدُ الْألف، وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما تُوفي غُسِّل وصلَّى عَلَيْهِ النَّاس أَفْناداً قَالَ أَبُو الْعَبَّاس ثَعْلَب: أَي فُرادَى فُرَادَى بِلَا إِمَام، وحُزِرَ المصلون ثَلَاثِينَ ألفا وَمن الْمَلَائِكَة سِتِّينَ ألفا لِأَن مَعَ كل مُؤمن مَلَكين.
وَقَالَ قُطْرب: الفِنْد فِنْدُ الجَبل، والفِنْدُ الغُصْن مِن الشّجر، والفِنْدُ أَرضٌ لم يُصبْها الْمَطَر، وَهِي الفِنْدِيَّةُ وَيُقَال: لَقِينا بهَا فِنْداً من النَّاس، أَي قوما مُجْتَمعين، وأَفْنَادُ اللَّيْل أركانُه وبأَحَد هَذِه الْوُجُوه سُمِّي الزِّمَّانِيُّ فِنْداً.
قلت: وَتَفْسِير أبي الْعَبَّاس فِي قَوْله: صلوا عَلَيْهِ أَفْناداً، أَي فُرادَى لَا أعلمهُ إِلَّا من الفِنْد من أَفْناد الْجَبَل، والفِنْد من أَغْصان الشّجر، شُبّه كلُّ رجل مِنْهُم بِفِنْدٍ من أَفْناد الجَبل، وَهِي شَماريخُه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الفِنْدَأْيةُ الفأسُ وَجمعه فَنادِيدُ على غير قِيَاس.
وَقَالَ الْفراء: المُفَنَّدُ الضعيفُ الرَّأْي، وَإِن كَانَ قويَ الْجِسْم، وَإِن كَانَ رأيهُ سديداً قَالَ: والمِفَنَّد الضَّعِيف الرَّأْي والجسم مَعًا.
وروى شمر فِي حَدِيث وائلة بنِ الأسْقَع أَنه قَالَ: خرج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: (أتزعمون أَنِّي من آخركم وَفَاة أَلا إنِّي من أوَّلكم وَفَاة تَتْبعونَنِي أفناداً يهْلك بعضُكم بَعْضًا) . قلت: مَعْنَاهُ أَنهم يَصِيرون فِرَقاً، وحَدثني الشّعبِيّ السَّعْدِيّ عَن ابْن أَبي شَيْبة عَن جَعْفَر بن عَوْن عَن عِيسَى بنِ المُسَيّب عَن مُحَمَّد بن يحيى عَن يحيى بن حبَّان عَن عَائِشَة: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (أَسْرَعُ النَّاس بِي لُحوقاً قَوْمي تَسْتَجْلبُهم المنايا وتَتَنافَسُ عَلَيْهِم أُمَّتهُم وَيعيش النَّاس بعدهمْ أَفْناداً يَقْتُل بعضُهم بَعْضًا) .
قلت: مَعْنَاهُ أَنهم يصيرون فِرَقاً مُختلفين، يقتل بعضُهم بَعْضًا. يُقَال: هم فِنْدٌ على حِدَةٍ أَي فِرْقةٌ على حِدَة.
وروى شمر فِي حَدِيث آخر: (أَن رجلا قَالَ للنَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام: إِنِّي أُرِيد أَن أفَنِّد فَرَساً فَقَالَ: عَلَيْك بِهِ كُمَيْتاً أَو أَدْهَمَ أَقْرَحَ أَرْثَمَ مُحَجَّلاً طَلْقَ اليُمْنَى) .
قَالَ شمر: قَالَ هَارُون بن عبد الله، وَمِنْه كَانَ سُمِع هَذَا الحَدِيث: أُفَنِّد، أَي أَقْتَنِي، وَرَوَاهُ ابْن الْمُبَارك عَن مُوسَى بن عَليّ بن رَبَاح عَن أَبِيه قَالَ: جَاءَ رجل إِلَى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ ذكر الحَدِيث، قلت: قَوْله: أُفَنِّد فرسا أَي أتَّخِذُه وأَرتبطه كَأَنَّهُ حِصْنٌ ألْجأ إِلَيْهِ كَمَا ألجأ إِلَى الفِنْد من الْجَبَل، وَهَذَا أحسن من قَوْله أفند أَي أقتني مَأْخُوذ من فِنْدِ الجَبَل وَهُوَ الشِّمْراخ الْعَظِيم مِنْهُ، وَلست أَعْرِف أُفَنِّد بِمَعْنى
(14/98)
________________________________________
أَقْتَنِي.
نفد: قَالَ اللَّيْث: أنفد الْقَوْم إِذا نَفِدَ زادُهم، ونَفِدَ الشَّيْء يَنْفَدُ نَفَاداً واستنْفَدَ القومُ مَا عِنْدهم وأنْفَدُوه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: نَافَدْتَ الخصمَ مُنافَدةً أَي حَاججتَه حَتَّى تَقْطَع حُجته وَأنْشد فَقَالَ:
وَهُوَ إِذا مَا قِيل هَل من وافِدٍ
أَو رَجُلٍ عَن حَقِّكُم مُنَافِدِ
يكون للْغَائِب مِثلَ الشَّاهِدِ
وَقَالَ ابْن السّكيت: رجل مُنَافِدٌ جَيِّدُ الاستفراغِ لحجج خَصمه حَتَّى يُنْفِدَها فَيَغْلِبَه.
وَقَالَ أَبُو سعيد: فِي فلانٍ مُنْتَفَدٌ عَن غَيره كَقَوْلِك مَنْدُوحَةٌ، وَقَالَ الأخطل فِي شعره:
لقد نَزلتُ بِعَبْد الله مَنزلةً
فِيهَا عَن العَقْبِ مَنْجاةٌ ومُنْتَفَدُ
أَبُو زيد يُقَال: إنّ فِي مَاله لَمُنْتَفَداً أَي لَسعةً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: جلس فلَان مُنْتَفَداً ومُعْتنِزاً مُتَنَحِّياً.
دفن: قَالَ اللَّيْث: دَفَنَه يَدْفِنُه دَفْناً، والدَّفين بِئْر أَو حَوْض، أَو مَنْهل، سَفَتْ الريحُ فِيهِ الترابَ حَتَّى ادَّفَن، وَأنْشد:
دِفْنٌ وَطَامٍ مَاؤُهُ كالجِرْيال
قَالَ: والمِدْفَان السِّقاء البَالي والمنْهَلُ الدَّفينُ أَيضاً وَهُوَ مِدْفانٌ بِمَنْزِلَة المَدْفُون، قَالَ: والمِدْفَانُ أَيْضا مِن النَّاس وَالْإِبِل هُوَ الَّذِي يَأْبَقُ ويذهبُ على وَجهه من غير حَاجَةٍ، وإنّ فِيهِ لَدفْناً، والداءُ الدَّفينُ الَّذِي لَا يُعلم بِهِ حَتَّى يَظهرَ مِنْهُ شَرٌّ وعَرٌّ.
وَفِي حَدِيث شُرَيْح: أَنه كَانَ لَا يَرُدّ العبدَ من الادِّفان، ويَردّه من الْإِبَاق الباتّ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو زيد: الادِّفان أَن يزُوغَ العَبْد من موَالِيه اليومَ واليومين، يُقَال مِنْهُ: عبد دَفُونٌ إِذا كَانَ فَعولاً لِذلك.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الادِّفان أَن لَا يَغيب من الْمصر فِي غَيْبته.
قَالَ أَبُو عبيد: وروى يزِيد بن هَارُون هَذَا عَن هِشَام بن مُحَمَّد عَن شُريح: قَالَ يزِيد: الادِّفَان أَن يَأبَق العَبد قبل أَن يَنْتَهِي بِهِ إِلَى الْمصر الَّذِي يُباعُ فِيهِ، فَإِن أبَق من المِصْر فَهو الْإِبَاق الَّذِي يُرَدُّ بِهِ قَالَ أَبُو عبيد: أما كلامُ الْعَرَب فعلى مَا قَالَ أَبُو زيد وَأَبُو عُبَيْدَة، وَأما الحُكْم فعلى مَا قَالَ يزِيد، أَنه إِذا سُبِيَ فأَبق قبل أَن يَنْتَهِي بِهِ إِلَى الْمصر، فَوُجِدَ فَلَيْسَ ذَلِك بإِبَاقٍ يُرَدُّ مِنْهُ، فَإِذا صَار إِلَى الْمصر فأَبق فَهَذَا يُرَد مِنْهُ فِي الحكم، وَإِن لَمْ يَغِبْ عَن الْمصر، قلت: وَالْقَوْل على مَا قَالَه أَبُو زيد وَأَبُو عُبَيْدَة، وَالْحكم على مَا فَسَّرَاه أَيْضا لِأَنَّهُ
(14/99)
________________________________________
إِذا غَابَ عَن موَالِيه فِي الْمصر اليومَ واليومين فَلَيْسَ بإِبَاقٍ باتَ، وَلست أَدْرِي مَا الَّذِي أَوْحشَ أَبَا عُبيد من هَذَا، وَهُوَ الصَّوَاب فِي اللُّغَة وَالْحكم عَلَيْهِ أقاويل الْفُقَهَاء. وَقَالَ ابْن شُمَيْل: نَاقةٌ دَفُونٌ إِذا كَانَت تَغيبُ عَن الْإِبِل وتركبُ رأسَها وحْدَها، وَقد ادَّفَنَتْ ناقتُكم.
وَقَالَ أَبُو زيد: حَسَبٌ دَفونٌ إِذا لم يكن مَشْهُورا، وَرجل دَفُونٌ كَذَلِك.
وَقَالَ الأصمعيّ: رجلٌ دَفْنُ الْمُرُوءَة ودفينُ الْمُرُوءَة إِذا لم تكن لَهُ مُروءَة.
قَالَ لبيد:
يُبارِي الريحَ لَيْسَ بجانِبِيَ
وَلَا دَفْنٍ مُروءتُه لَئِيم
أَبُو عبيد: الدَّفَنِيُّ ضَرْب من الثِّيَاب، والدَّفينةُ والدَّثينةُ منزلٌ لبني سُليم.
فدن: قَالَ اللَّيْث: الفَدَنُ القَصْرُ المَشِيدُ، وَجمعه أَفْدانٌ.
وَأنْشد:
كَمَا تَرَاطَنَ فِي أَفْدانِها الرُّومُ
قَالَ: والفَدَانُ يَجمعُ أَدَاةَ ثَوْرين فِي القِرَان بتَخْفِيف الدَّال.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الفَدّان وَاحِد الفَدَادِين، وَهِي البَقَر الَّتِي يُحرث بهَا.
وَقَالَ أَبُو تُرَاب: أَنْشدني أَبُو خَليفة الحُصيني لرجل يصف الجُعُلَ:
أسْوَدُ كالليل ولَيسَ باللَّيْلِ
لَه جَناحَان وَلَيْسَ بالطَّيْرِ
يَجُرُّ فَدَّاناً وليْس بالثَّوْرِ
فَجَمع بَين الرَّاء وَاللَّام فِي القَافِية وشدَّد الفدَّان.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: هُوَ الفَدَانُ بتَخْفِيف الدَّال.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: تَقول العامةُ: الفَدَّانُ، وَالصَّوَاب الفَدَانُ بِالتَّخْفِيفِ.
د ن ب
دنب، ندب، بند، بدن، دبن: مستعملة.
دبن: أهمله اللَّيْث وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: الدُّبْنَةُ اللُّقْمَةُ الكبيرةُ وَهِي الدُّبلة أَيْضا.
دنب: أَبُو عبيد عَن الْفراء: رجل دِنَّبَةٌ ودنَّابَةٌ ودِنّمةٌ ودِنَّامَةٌ وَهُوَ الْقصير.
وَأنْشد أَبُو الهيْثم:
والمرءُ دِنَّبَةٌ فِي أنْفِه كَزمُ
البند: قَالَ اللَّيْث: البَنْدُ: حِيَلٌ مستعملةٌ، يُقَال: فلَان كثير البُنُود: أَي كثير الحِيَل.
قَالَ: والبَنْدُ أَيْضا كلُّ عَلَم من الْأَعْلَام يكون لِلقائد، والجَمْع بُنُود يكون مَعَ كل بَنْدٍ عشرةُ آلَاف رجل، أَو أقلّ أَو أَكثر.
وَقَالَ شمر: قَالَ: الهُجَيْمِي: البَنْدُ عَلَمُ الفُرْسان.
(14/100)
________________________________________
وَأنْشد الْمفضل:
جَاؤُوا يَجُرُّونَ البُنُود جَرّاً
ندب: أَبُو عبيد: النّدَبُ الْأَثر.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ أثر جُرح قد أجْلَبَ. وَقَالَ ذُو الرمة:
ملساء لَيْسَ بهَا خالٌ وَلَا ندَب
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: النَّدْبُ الغلامُ الحارُّ الرَّأس الخفيفُ الرّوح.
قَالَ: والنَّدَبُ الْأَثر، وَمِنْه قَول عمر: إيَّاكُمْ ورَضاعَ السَّوْءِ فَإِنَّهُ لَا بدَّ مِن أَن يَنْتَدِبَ أَي يظهرَ يَوْمًا مَّا.
وَقَالَ ابْن السّكيت: هَذَا رجل نَدْبٌ فِي الْحَاجة، إِذا كَانَ خَفِيفا فِيهَا.
قَالَ: والندَبُ أثرُ الجُرح إِذا لم يرْتَفِع عَن الجِلد، والجميعُ نُدوبٌ وأَنْدَابٌ، والنّدَبُ الخَطَر أَيْضا.
وَقَالَ عُرْوَة بن الْورْد:
أَيَهْلِكُ مُعْتَمٌّ وَزَيدٌ وَلم أَقُمْ
على نَدبٍ يَوْمًا ولي نَفْسُ مُخْطِر
مُعْتَمٌّ وزَيدٌ: بَطْنَان مِن بطونِ الْعَرَب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: السّبَقُ والخَطَرُ والنّدَبُ والقَرَعُ والوَجْب كلُّه الَّذِي يُوضع فِي النِّضال والرهان، فَمن سَبَق أخَذَه، يُقَال فِيهِ كلُّه: فَعَّلَ مُشَدداً إِذا أَخذه.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّدْبُ الْفرس الْمَاضِي نَقِيضُ البَليد والفِعْل نَدُبَ ندَابَةً والنَّدْبُ أَن تَدْعُو النادبةُ بالميتِ بِحُسْنِ الثَّنَاء فِي قَوْلهَا وافُلانَاه، واهَناه وَاسم ذَلِك الْفِعْل النُّدْبَةُ، والنّدْبُ أَن يَنْدُب إنسانٌ قوما إِلَى أَمر أَو حَرْبٍ أَو مَعُونة أَي يَدعُوهُم إِلَيْهِ، فيَنْتدبون لَهُ أَي يُجيبون ويسارعون. وانتَدب الْقَوْم من ذَات أنفسهم أَيْضا دونَ أَن يُنْدَبوا لَهُ، وجُرْحٌ ندِيبٌ أَي ذُو نَدبٍ.
وَقَالَ ابْن أم خَزْنَةَ يَصف طَعنَةً:
فَإِن قَتَلَتْهُ فَلَمْ آله
وَإِن يَنْجُ مِنها فَجُرحٌ نَدِيب
عَمْرو عَن أَبِيه: خُذْ مَا اسْتَبَضَّ واسْتَضَبَّ وانْتَدَمَ وانْتَدَبَ ودمَعَ ودَمَغَ وأَرْهَفَ وأَرْخَفَ وتَسَنَّى وفَصَّ وَإِن كانَ يَسِيرا.
بدن: قَالَ اللَّيْث: البَدَن مِن الْجَسَد مَا سِوَى الشّوَى والرأْس، والبَدن شِبْهُ دِرْع إِلَّا أَنه قصير قَدر مَا يكون على الجَسَد فَقَط قَصير الكُمَّيْن والجميعُ الْأَبدَان.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ} (يُونُس: 92) .
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: نُنَجِّيك بدِرْعِك، وَذَلِكَ أَنهم شكُّوا فِي غَرَقِه فَأمر الله الْبَحْر أَن يقذفه على دَكَّةٍ فِي الْبَحْر بِبَدنِه أَي بدرْعِه، فاستَيْقَنوا حِينَئِذٍ أَنه قد غَرِقَ.
وَفي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: (لَا تُبَادروني بِالرُّكُوعِ وَلا السُّجُود فإنَّه مهما أسبقْكم بِهِ إِذا ركعتُ تدْركوني إِذا رَفَعْتُ، ومَهما
(14/101)
________________________________________
أسبقْكم بِهِ إِذا سَجَدتُ تدركوني بِهِ إِذا رفعت إنِّي قد بَدُنْت) هَكَذَا رُوِيَ هَذَا الحَدِيث: بدُنْتُ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأمَوِي: إِنَّمَا هُوَ قد بَدَّنْتُ يَعْنِي كبرْتُ وَأسْنَنْتُ، يُقَال: بدَّن الرجل تَبْدينا إذَا أَسَنَّ.
وَأنْشد:
وكنْتُ خِلْتُ الشَّيْبَ والتبْدِينَا
والهَمَّ مِمَّا يُذْهِلُ القَرِينَا
قَالَ وَأَمَّا قَوْله: قد بَدُنْتُ فَلَيْسَ لَهُ معنى إِلَّا كثرةُ اللَّحْم.
وَقَالَ ابْن السكِّيت يُقَال: بَدَنَ الرجل يَبْدُن بَدْناً وبَدَانَة فَهُوَ بَادنٌ إِذا ضخُم، وَهُوَ رجل بَدَنٌ إِذا كَانَ كَبِيرا.
قَالَ الْأسود:
هَلْ لِشبابٍ فاتَ من مَطْلَبِ
أم مَا بَقَاء البَدنِ الأشْيَبِ
وَقَالَ اللَّيْث: رَجلٌ بادنٌ ومُبَدن وَامْرَأَة مُبدنةٌ وهما السمينان، والمُبدَّنُ المُسِنُّ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه أُتِيَ بِبدَنَاتٍ خَمْسٍ فَطَفِقْنَ يزْدَلِفْنَ بِأَيَّتِهنَّ يَبْدأُ) .
قَالَ اللَّيْث وَغَيره: البدَنةُ بِالْهَاءِ تقع على النَّاقة وَالْبَقَرَة وَالْبَعِير الذّكر مِمَّا يجوز فِي الهَدْيِ، وَالْأَضَاحِي، وَلَا تقع على الشَّاة، سميت بَدَنةً لِعِظَمها، وَجمع البَدنة البُدْن.
قَالَ الله تَعَالَى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ} (الْحَج: 36) قَالَ الزَّجاج: بَدنَةٌ وبُدْنٌ، وَإِنَّمَا سميت بَدَنةً لِأَنَّهَا تَبْدُنُ أَي تَسْمَن.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: بَدَنَتْ الْمَرْأَة وبَدُنَتْ بَدْناً قلت: وَغَيره يَقُول: بُدْناً وبدَانة على فَعالة أَي سَمِنَتْ.
د ن م
دنم، دمن، مدن، نَدم، مند: مستعملة.
دنم: أَبُو عُبيد عَن الْفراء: رجل دِنَّمةٌ ودِنَّامَةٌ إِذا كَانَ قَصِيرا نَدم.
(نَدم) : وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: النَّدَبُ والنَّدَمُ الأَثر.
وَقَالَ أَبو عَمرو يُقَال: خُذْ مَا انْتَدَمَ وانْتَدَب وأَوْهَفَ أَي خُذْ مَا تَيَسَّر.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّدَمُ النَّدامةُ تَقول: نَدِمَ فَهُوَ نادِمٌ سادمٌ وَهُوَ نَدْمانُ سَدْمانُ أَي نادِمٌ مُهْتَمٌّ، والجميع نَدامَى سَدامَى، ونَدِيمٌ سَدِيمٌ، والنديم شَرِيبُ الرجل الَّذِي ينادمه، وَهُوَ نَدْمانُه أَيْضا، والجميع النَّدَامَى والنُّدَماء، والتَّنَدُّمُ أَنْ يُتْبِعَ الإنسانُ أمرا نَدَماً. يُقَال: التَّقَدُّمُ قبْل التَّنَدُّم، وَهَذَا يرْوى عَن أَكْثَمَ بنِ صَيْفِيَ أَنه قَالَ: إِن أردتَ المحاجَزَة فَقَبْلَ المناجَزَة والتَّقدُّم قبل التَّنَدُّم.
قَالَ أَبُو عُبيد: مَعْنَاهُ انْجُ بِنَفْسِك قبل لِقَاء من لَا قِوَامَ لَك بِهِ.
(14/102)
________________________________________
قَالَ: وَقَالَ الَّذِي قتَل مُحَمَّد بنَ طلحةَ بن عبيد الله يَوْم الْجمل:
يُذَكِّرُنِي حاميمَ والرَّمحُ شاجِرٌ
فهلاَّ تَلا حامِيمَ قبل التقدُّم
مدن: قَالَ اللَّيْث: المدينةُ فَعِيلَة تُهْمَز فِي الفعائل لِأَن الْيَاء زَائِدَة وَلَا تهمز يَاء المعايش، لِأَن الْيَاء أَصْلِيَّة، وَنَحْو ذَلِك قَالَ الفرّاء وَغَيره.
وَقَالَ اللَّيْث: المدينةُ اسمُ مَدِينَة الرَّسُول عَلَيْهِ السَّلَام خاصّة، وَالنِّسْبَة للْإنْسَان مَدَنِيٌّ، فأَمَّا الطَّير وَنَحْوه فَلَا يُقَال إِلَّا مَدِينِيٌّ وحمامةٌ مَدِينيَّةٌ وَجَارِيَة مَدينيَّة وكلُّ أرضٍ يُبنَى بهَا حِصْنٌ فِي أُصْطُمَّتِها فَهِيَ مَدِينَة، وَالنِّسْبَة إِلَيْهَا مَدَني، وَيُقَال للرجل الْعَالم بِالْأَمر: هُوَ ابْن بَجْدَتها، وابنَ مَدينتِها، وَقَالَ الأخطل:
رَبَتْ وَرَبا فِي كَرْمِها ابنُ مَدِينةٍ
يَظَلُّ عَلَى مِسْحَاتِهِ يَتَوَكَّلُ
ابْن مدينةٍ أَي الْعَالم بأمرها، وَيُقَال لِلأَمَةِ: مَدينةٌ أَي مَمْلُوكَة وَالْمِيم مِيم مفعول، ومَدَن الرجلُ إِذا أَتَى الْمَدِينَة.
دمن: قَالَ أَبُو عُبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الدِّمْن مَا سَوَّدُوا من آثَار البَقَر وَغَيره قَالَ: والدِّمْن اسْم للْجِنْس مثل السِّدر اسْم للْجِنْس والدِّمَن جمع دِمْنَة ودَمِن مثل: سِدْرَةٍ وسِدَرٍ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (إيَّاكُمْ وخَضْرَاءُ الدِّمَنِ، قيل: وَمَا ذَاك؟ قَالَ: المرأةُ الحسناءُ فِي مَنْبِتِ السوء) .
وَقَالَ أَبُو عُبيد: أرادَ فَسَاد النّسَب إِذا خِيف أَن تكونَ لغيرِ رِشْدَةٍ، وَإِنَّمَا جعلهَا خَضْراء الدِّمَن تَشْبِيها بالبقلة الناضرة فِي دِمْنَة البَعَر، وأصلُ الدِّمْن مَا تُدَمِّنُه الْإِبِل وَالْغنم من أبعارها وَأَبْوَالهَا، فَلَمَّا نبتَ فِيهَا النباتُ الحسنُ وَأَصله فِي دِمْنَةٍ، يَقُول: فمنظرها أنيقٌ حسنٌ.
وَقَالَ زُفر بن الْحَارِث:
قَدْ يَنْبُتُ المَرْعَى على دِمَنِ الثَّرَى
وتَبْقَى حَزازاتُ النفوسِ كَمَا هِيَا
وَقَالَ اللَّيْث: الدِّمْنَةُ أَيْضا مَا انْدَمَن من الحِقد فِي الصَّدْر وَجَمعهَا دِمَنٌ.
أَبُو عُبيد عَن الْكسَائي: الدِّمْنَةُ الذَّحْلُ وَجَمعهَا دِمَنٌ وَقد دَمِنْتُ عَلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدِّمْنُ مَا تَلَبَّدَ من السِّرْقِين وَصَارَ كِرْساً على وَجه الأَرْض وَكَذَلِكَ مَا اختلطَ من البَعَر والطِّين عِنْد الحَوْض فَتَلَبَّد وَقَالَ لبيد:
راسِخُ الدِّمْنِ على أَعْضَادِه
ثَلَمَته كلُّ ريح وَسَبَل
قلت: وتَجْمعُ الدِّمْنَة دِمَناً قَالَ لبيد:
دِمَنٌ تحرَّمَ بعد عَهْد أَنِيسها
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: قَالَ: إِذا أنْسَغَتْ النخلةُ عَن عَفَنٍ وسَوَادٍ قيل: قد أَصَابَهَا الدَّمانُ. قَالَ: وَقَالَ ابْن أبي الزِّناد: هُوَ
(14/103)
________________________________________
الأدَمانُ.
وَقَالَ شمر: الصَّحِيح إِذا انْشَقَّتِ النخلةُ عَن عَفَن لَا أَنْسَغَتْ.
قَالَ: والإنْسَاغُ أَنْ تُقْطَع الشَّجَرةُ ثمَّ تَنْبُتُ بعد ذَلِك.
وَيُقَال: دَمَّنَ فلانٌ فِنَاءَ فلَان تَدْمِيناً إِذا غَشِيَه ولَزِمه.
وَقَالَ كعْب بن زُهَيْر:
أَرْعَى الأمانةَ لَا أَخونُ وَلَا أُرَى
أَبداً أُدَمِّنُ عَرْصَةَ الإخوانِ
وَيُقَال: فلانٌ يُدْمِنُ الشُّرْبَ والخمرَ إِذا لزم شُرْبها، ومُدْمِنُ الْخمر: الَّذِي لَا يُقْلِع عَن شربهَا واشتقاقه من دَمْنِ البَعَر.
مند: مَنْدَدُ اسْم مَوضِع ذكره تَمِيم بنُ أبي مُقْبِل فَقَالَ:
عَفَا الدَّارَ مِن دَهْمَاءَ بعد إِقامةٍ
عَجَاجٌ بِخَلْفَيْ مَنْدَدٍ مُتَناوِحُ
خَلْفَاهَا نَاحِيتَاهَا، من قَوْلهم: فَأْسٌ لَهَا خَلْفَانِ، ومَنْددٌ مَوْضِع.
د ف ب
أهمل. د ف م. فدم.
قَالَ اللَّيْث: الفَدْمُ من النَّاس العَيِيُّ عَن الحُجَّة وَالْكَلَام، وَالْفِعْل فَدُم فَدامة والجميع فُدمٌ. قَالَ: والفِدام شيءٌ تَشُده العَجمُ على أَفواهها عِنْد السَّقْيِ، الواحدةُ فِدامة، وَأما الفِدام فإنَّه مِصْفاةُ الْكوز والإبريق وَنَحْوه، إبريق مُفَدَّم ومَفْدوم وَأنْشد:
مُفَدمةٌ قَزّاً كأَنَّ رِقَابَها
وَفِي الحَدِيث: إِنَّكُم مَدْعُوُّون يَوْم الْقِيَامَة مُفَدَّمةً أفواهُكم بِالفِدام.
قَالَ أَبُو عبيد: يَعْنِي أَنهم مُنِعوا الْكَلَام حَتَّى تَكلمَ أفخاذُهم فَشَبَّه ذَلِك بالفِدام الَّذِي يُجْعل على فَم الإبريق.
قَالَ أَبُو عبيد: وَبَعْضهمْ يَقُول: الفَدَّام، وَوجه الْكَلَام الجَيّد: الفِدَام.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفَدْمُ: الدَّمُ وَمِنْه قيل للثقيل: فَدْمٌ تَشْبِيها بِهِ.
وَقَالَ شمر: المُفَدَّمَةُ من الثِّيَاب: المشْبَعةُ حُمرةً.
وَقَالَ أَبُو خِرَاش الهُذَلِيّ:
وَلَا بَطَلاً إِذا الكُمَاةُ تَزَيَّنوا
لَدَى غَمَراتِ الموتِ بالحالكِ الفَدْمِ
يَقُول: كَأَنَّمَا ترقنوا فِي الْحَرْب بالدَّم الحالك والفَدْمُ الثقيلُ من الدَّم والمفَدَّم مَأْخُوذ مِنْهُ، وثوب مُفَدَّم إِذا أُشبع صَبْغُه، وسُقَاةُ الْأَعَاجِم الْمَجُوس إِذا سَقَوْا الشَّرْبَ فَدَّموا أَفْوَاههم، فالساقي مُفدّم والإبريق الَّذِي يسقى مِنْهُ الشَّرْبُ مُفَدَّم.
انْتهى وَالله أعلم.
(14/104)
________________________________________
أَبْوَاب الثلاثي المعتل من حرف الدَّال

(بَاب الدَّال وَالتَّاء)
د ت (وايء)
اسْتعْمل من وجوهه: وتد، تيد، تود، تؤدة.
وتد: يجمع الوَتِدُ أوتاداً. قَالَ الله جلّ وعزّ: {مِهَاداً وَالْجِبَالَ أَوْتَاداً} (النبأ: 7) وَيُقَال: تِدِ الوَتِد يَا واتِدُ والوَتِدُ مَوْتودٌ.
وَيُقَال للوَتِد: وَدٌّ كَأَنَّهُمْ أَرَادوا أَن يَقُولُوا: وَدِدٌ فقَلبوا إِحْدَى الدالين تَاء لِقرب مخرجيهما وَفِيه لُغَتَانِ وَتِدٌ ووتَد.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: وَتدُ الْأذن هنَيَّةٌ ناشِزَةٌ فِي مُقَدَّمِها. وَيُقَال: وَتِدٌ واتِدٌ: أَي رأسٌ مُنْتَصِبٌ. وَقَالَ الراجز:
لاقَتْ على المَاء جُذَيلا واتِدَا
وَيُقَال: وَتَّد فلَان رِجْلَه فِي الأَرْض إِذا ثبَّتها. وَقَالَ بشار:
وَلَقَد قلتُ حينَ وتَّدَ فِي الأر
ض ثَبِيرٌ أَرْبَى على ثَهْلانِ
(تود) تؤدة: وَأما التُّؤَدة بِمَعْنى التأنّي فِي الْأَمر فأصلها وُؤَدة فقُلِبتْ الْوَاو تَاء وَمِنْه يُقَال: اتَّئِدْ يَا فَتى وَقد اتَّأَدُ يتَّئدُ اتآداً، إِذا تَأَنَّى فِي الْأَمر.
(تيد) : أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: التَّيدُ: الرِّفق. يُقَال: تَيْدَكَ يَا هَذَا أَي اتَّئِدِ. وَأما التَّوادِي فواحدتها تَوْدِيةٌ وَهِي الخَشَبَاتُ الَّتِي تُشَدُّ على أَخْلاف النَّاقةِ إِذا صُرَّتْ لِئَلَّا يَرْضَعها الفصيلُ، وَلم أسمع لَهَا بِفعل، والخيوطُ الَّتِي تُصَرُّ بهَا هِيَ الأصِرَّة واحدُها صِرارٌ، وَلَيْسَت التَّاء بأصلية فِي شَيْء من هَذِه الْحُرُوف.

(بَاب الدَّال والظاء)
د ظ (وايء)
أهمل اللَّيْث بن المظفر وجوهها.
(دأظ) : وَقَالَ أَبُو زيد فِي كتاب الْهَمْز: دَأَظْهُ الوِعاءَ وكل مَا ملأْتُه أَدْأظُهُ دَأَظْاً. وَأنْشد:
وقَدْ فَدى أَعْناقَهن المحضُ
والدَّأْظُ حَتَّى مَا لهنَّ غَرْض
وَقَالَ ابْن السّكيت وَأَبُو الْهَيْثَم: الدَّأظ السِّمَن والامتلاء يَقُول: لَا يُنحَرْنَ نَفَاسَةً بهِنَّ لسمنهن وحُسْنهن.
قلت: وروى الْبَاهِلِيّ عَن الْأَصْمَعِي أَنه رَوَاهُ: والدَّأْض حَتَّى لَا يكون غَرْض بالضاد قَالَ: وَهُوَ لَا يكون فِي جلودها نُقصان، وَقَالَ أَيْضا يجوزَ فِي الْحَرْف الضَّاد والظاء مَعًا.
(14/105)
________________________________________
وَقَالَ أَبُو زيد: الغَرْض هُوَ مَوضِع مَاءٍ تَرَكَتْه فَلم تجْعَل فِيهِ شَيْئا.

(بَاب الدَّال والذال)
د ذ (وايء)
اسْتعْمل من وجوهه.
ذود: قَالَ اللَّيْث: الذَّوْدُ لَا يكون إِلَّا إِنَاثًا، وَهُوَ القَطيعُ من الْإِبِل مَا بَين الثّلاثِ إِلَى العَشْر.
قلت: وَنَحْو ذَلِك حفظتُه عَن الْعَرَب، وَقَالَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (لَيْسَ مِمَّا دون خمس ذود من الْإِبِل صَدَقَة) فأنَّثَها فِي قَوْله خمس ذود.
أَبُو عُبَيْدَة عَن أبي زيد: الذود من الْإِبِل بعد الثَّلَاثَة إِلَى الْعشْرَة.
شمِر قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: الذَّوْد: مَا بَين الثِّنْتَيْنِ إِلَى التِّسع من الْإِنَاث دون الذُّكُور، وَأنْشد:
ذَوْدُ صَفَايَا بَينَها وبَيْني
مَا بينَ تِسْعٍ وَإِلَى اثْنَتَيْن
يُفْنِينَنَا مِنْ عَيْلةٍ وديْن
قَالَ: وَقَوْلهمْ: الذود إِلَى الذود إبل يَدُل على أَنَّهَا فِي مَوضِع اثْنَتَيْنِ لأَنَّ الثِّنْتَيْنِ إِلَى الثِّنْتَينِ جمْع.
قَالَ: والأذْوادُ جمع ذَوْدِ وَهي أَكثر من الذّوْدِ ثَلَاث مَرَّات.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: قد جعل النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي قَوْله: (لَيْسَ فِي أقل من خمْسِ ذَوْدٍ من الْإِبِل صدقةٌ) ، النَّاقة الْوَاحِدَة ذوداً، ثمَّ قَالَ: والذود لَا يكون أقل من ناقتين.
قَالَ: وَكَانَ حَدُّ خمسِ ذَوْدٍ عشرا من النوق، وَلَكِن هَذَا مِثْلُ ثَلَاثَة فِئة يَعْنون بِهِ ثَلَاثَة، وَكَانَ حَدُّ ثلاثةِ فئةٍ أَن يكون جمعا، لِأَن الفئة جمع.
قلت: هُوَ مِثْلُ قَوْلهم: رَأَيْت ثلاثةَ نَفَرٍ وتسعةَ رَهْط وَمَا أشبهه.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الذّوْد ثَلَاثَة أَبْعرة إِلَى خمسَ عَشْرَة. قَالَ: وَالنَّاس يَقُولُونَ إِلَى الْعشْرَة وَيُقَال: ذُدتُ فلَانا عَن كَذَا وَكَذَا أذْودُه إِذا طَرَدْتَه فَأَنا ذائد وَهُوَ مَذودٌ، ومِذْوَد الثور قَرْنُه.
وَقَالَ زُهَيْر يذكر بقرة:
ويَذُبها عَنْهَا بأَسْحَم مِذْوَدِ
ومِذْوَدُ الرجلِ لِسانُه. وَقَالَ عنترة:
سَيأْتيكُم مِنِّي وإنْ كنتُ نائِياً
دُخانُ العَلنْدَى دُون بَيْتي ومِذوَدِي
قَالَ الْأَصْمَعِي: أَرَادَ بمِذودِه لسانَه، وبَيْته شرَفَه. ومَعْلَفُ الدَّابَّة مِذْوَدُه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المَذَاد: والمرَادُ المرتَع.
وَأنْشد فَقَالَ:
لَا تَحْبِسَا الحَوْساءَ فِي المذَادِ
وَيُقَال: ذُدْتُ الإبلَ أَذودها ذوْداً إِذا طَردتَها، قَالَ: والمذيدُ المُعين لَك على مَا تذود. وَهَذَا كَقَوْلِك: أطْلَبتُ الرجل
(14/106)
________________________________________
َ إِذا أعنتَه على طَلِبتِه وأحْلَبْتَه أَعَنْتَه على حَلْب نَاقَته وَقَالَ الراجز:
ناديتُ فِي الْقَوْم أَلاَ مُذِيداً

(بَاب الدَّال والثاء)
د ث (وايء)
ديث، داث، ثدى، ثأد: (مستعملة) .
(دأث) : أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدِّئْثُ: الحِقْدُ الَّذِي لَا يَنْحَلُّ وَكَذَلِكَ الدِّعْثُ.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: دَأَثْتُ الطَّعَام دَأْثاً إِذا أَكلته.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: والأدآث: الأثقال وَاحِدهَا دَأْث.
وَقَالَ رؤبة:
وإنْ فَشَتْ فِي قَوْمِكَ المشاعِثُ
من إصْر أدْآث لَهَا دَآئِث
بِوَزْن دَعَاعِث من دَعَثه إِذا أَثْقَلَه، والإصْرُ الثِّقل.
ديث: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّيُّوثُ والدَّيْبُوثُ القَوَّادُ على أَهله، وَالَّذِي لَا يغار على أَهله دَيُّوث، والتَّدْييثُ القِيادة، وجَمَلٌ مُدَيَّثٌ ومُنَوَّق إِذا ذُلِّل حَتَّى ذَهَبَتْ صُعُوبته، وطَريق مُدَيَّث إِذا سُلِكَ حَتَّى وضحَ واستبان.
ثدي: الثَّدْيُ ثَدْيُ الْمَرْأَة، وَامْرَأَة ثَدْياء ضخمة الثَّديين، وأمَّا حَدِيث عَلِيَ فِي ذِي الثُّدَيَّة المقْتول بالنَهْرَوان، فَإِن أَبَا عبيد حكى عَن الْفراء أَنه قَالَ: إِنَّمَا قَالَ: ذُو الثُّدَيَّة بِالْهَاءِ، وَإِنَّمَا هِيَ تَصْغِير ثَدْي، والثَّديُ مُذكَّر لِأَنَّهَا كَأَنَّهَا بَقيَّة ثَدْي، قد ذهب أَكْثَره فَقلَّلها، كَمَا يُقَال: لُحَيْمَة وشُحَيْمَة فأَنَّثَ على هَذَا التَّأْوِيل وَيُقَال: ثَدِيَ يَثْدَى إِذا ابْتَلَّ، وَقد ثَدَاه يَثْدُوه ويَثْدِيه إِذا بَلَّه، وثَدَّاهُ إِذا غَدَّاهُ، والثُّدَّاءُ نَبْتٌ فِي الْبَادِيَة. وَيُقَال لَهُ: المُصَاص والمُصَّاخُ وعَلى أَصله قشور كَثِيرَة، تَتَّقِدُ بهَا النَّار الْوَاحِدَة ثُدَّاءَةٌ.
قلت: وَيُقَال لَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ: بهراة دليزاد.
ثأد: أَبُو عُبيد: الثَّأَدُ النَّدَى نَفسه، والثَّئِيدُ الْمَكَان النَّدِيُّ.
وَقَالَ شمر: قَالَ الأصمعيّ: قيل لبَعض الْأَعْرَاب: أَصِبْ لنا مَوْضعاً أَي اطلبه. فَقَالَ رائدهم: وجدت مَكَانا ثَئِداً مَئِداً.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: الثَّأَدُ النَّدَى والقَذَر، والأمرُ القبيحُ.
وَقَالَ غَيره: الأثْآدُ العُيوب، وَأَصله البَلَلُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: قَالَ زيد بن كُثْوَة: بَعَثوا رَائداً فجَاء وَقَالَ: عُشْبٌ ثَأْدٌ مَأْدٌ كأنَّه أَسْوُقُ نِساءِ بني سَعْدٍ.
وَقَالَ رائد آخر: سَيْلٌ وبَقْلٌ وبُقَيل فوجدوا الآخر أعقلهما.
أَبُو عُبَيد عَن الْفراء: الثَّأَدَاءُ والدَّأثاءُ الأمَة.
(14/107)
________________________________________
قَالَ أَبُو عبيد: وَلم أسمع أحدا يَقُول هذَيْن بِالْفَتْح غير الْفراء، وَالْمَعْرُوف ثَأْدَاءُ ودَأْثَاءُ. قَالَ الْكُمَيْت:
وَمَا كُنَّا بني ثَأْدَاءَ لمَّا
شَفَيْنَا بالأَسِنَّةِ كلُّ وَتْرِ
شمر عَن ابْن شُمَيْل: يُقَال للْمَرْأَة إِنَّهَا لَثَأْدَةُ الخَلْق أَي كثيرةُ اللَّحم، وفيهَا ثَآدةٌ مِثال سَعَادَةٍ.
وَقَالَ ابْن زيد: مَا كنتُ فِيهَا ابْن ثأْداء أَي لم أكن عَاجِزا.
وَقَالَ غَيره: لم أكن بَخيلاً لَئيماً، وَهَذَا الْمَعْنى أرادَهُ الَّذِي قَالَ لعمر بن الْخطاب عَام الرَّمادة: لقد انْكَشَفتْ وَمَا كنتَ فِيهَا ابْن ثأداء، أَي لم تَكُنْ فِيهَا كَابْن الْأمة لئيماً، فَقَالَ: ذَاك لَو كنتُ أنْفق عَلَيْهِم من مَال الْخطاب. انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الدَّال وَالرَّاء مَعَ حرف الْعلَّة)
د ر (وايء)
دور، دير، درى، أدر، دَرأ، ردى، ورد، ودر، ردأ، رَود، ريد، رأد: (مستعملة) .
(دور دير) : قَالَ اللَّيْث: الدَوَّارِيُّ: الدَّهر الدَّوَّارُ بالإنسان.
قَالَ العجاج: والدهرُ بالإنسان دَوّارِيُّ.
وَيُقَال: دَارَ دَوْرَةً وَاحِدَة، وَهِي المرَّة الواحدةُ يَدُورها، والدَّوْرُ قد يكون مَصدراً فِي الشّعْر، وَيكون دَوْراً وَاحِدًا من دَوْرِ الْعِمَامَة. ودَوْرِ الخَيْل وَغَيره، عامٌ فِي الْأَشْيَاء كلهَا، والدُّوَارُ أَن يَأْخُذ الإنسانَ فِي رَأسه كَهَيئَةِ الدَّوَران، تَقول: دِيرَ بِهِ، والدَّوَار صَنَم كَانَت الْعَرَب تنْصِبُه، يَجعلون موضعا حوله يَدورون بِهِ، وَاسم ذَلِك الصَّنَم والموضع الدَّوَار، وَمِنْه قَول امْرُؤ الْقَيْس:
عَذَارَى دوَارٍ فِي مُلاء مُذَيَّلِ
وَيُقَال: دُوَارٌ، وَقد يثقّل فَيُقَال: دُوَّار.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَول الله جلّ وعزّ: {نَخْشَى أَن تُصِيبَنَا دَآئِرَةٌ} (الْمَائِدَة: 52) أَي دَوْلَة، والدَّوائِرُ تَدور والدوائلُ تدول.
سَلمَة عَن الْفراء يُقَال: دَارٌ، وَدِيَارٌ، ودُورٌ. وَفِي الْجمع الْقَلِيل أَدْوُر وأدْؤُر ودِيرانٌ. وَيُقَال: آدرُ على الْقلب. وَيُقَال: دَيَرٌ ودِيَرةٌ، وأَدْيارٌ، ودِيْرانٌ، وَدَارَاتٌ وَدِيرَةٌ، ودورٌ، ودُورانٌ، وأَدْوَارٌ، وَدِوَارٌ، وأَدْوِرَةٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّيْر الدارات فِي الرمل.
وَقَالَ اللَّيْث: الْمدَار مَفْعَلٌ يكون موضعا، وَيكون مَصدراً كالدَّوَران، وَيجْعَل اسْما نَحْو مَدارِ الفَلك فِي مَداره. قَالَ: والدائرة كالحلْقة أَو الشَّيْء المستدير، والدَّارةُ دارةُ الْقَمَر، وكلُّ موضعُ يدارُ بِهِ شيءٌ يَحْجُرُه فاسمه دَارةٌ، نَحْو الدارات الَّتِي تُتَّخَذ فِي
(14/108)
________________________________________
المباطح وَنحوها يَجْعَل فِيهَا الخْمرُ وَأنْشد:
تَرى الإوَزِّينَ فِي أَكْنافِ دَارَتِها
فَوْضَى وبَيْنَ يَدَيْها التِّبْنُ مَنْثُورُ
وَقَالَ: ومَعنى الْبَيْت أَنه رأى حَصَّاداً أَلْقَى سُنْبُلَهُ بَين يَدي تِلْكَ الإِوَزّ فَقَلَعت حَبّاً من سنابله فأكلتْ الحَبَّ وافْتَحَصَتْ التِّبنَ.
قَالَ: وَأَمَّا الدَّار فاسم جامعٌ للعَرْصَة وَالبِناء والمَحلَّة، وكلُّ مَوضِع حَلَّ بِهِ قوم فَهُوَ دَارهم. وَالدُّنْيَا دارُ الفناءِ والآخرةُ دارُ القَرارِ، وَدَار السَّلَام الْجنَّة، وَقُلْنَا: ثَلَاث أَدْؤُرٍ همزت لِأَن الْألف الَّتِي كَانَت فِي الدَّار صَارَت فِي أفْعُل فِي مَوضِع تحرُّك قَالَ: فأُلقِيَ عَلَيْهَا الصَّرف، وَلم تُردَّ إِلَى أَصلها، والدَّيْر دَيْرُ النَّصَارَى، وَصَاحبه الَّذِي يَسْكُنه ويعمره دَيْرَانِيٌّ وَدَيَّار، وَيُقَال: مَا بِالدَّار دَيَّارٌ، أَي مَا بهَا أحدٌ وَهُوَ فَيْعَال من دَارَ يَدُور، وَمُدَاوَرَة الشؤون مُعالجتها، وَالدَّوَّارةُ مِن أدَوات النّقاش والنَّجار لَهَا شُعْبتانِ فَتَنْضَمَّان وتَنْفَرِجَان لتقدير الدَّارات.
الْأَصْمَعِي: الدَّارَةُ رملٌ مُسْتَدِير وَسطهَا فَجْوةٌ وَهِي الدُّورَةُ.
وَقَالَ غَيره: هِيَ الدُّورَةَ والدَّوارَةُ والدَّيِّرةُ وَرُبمَا قَعَدوا فِيهَا وَشَرِبُوا.
وَقَالَ ابْن مقبل:
بِتْنَا بدَيِّرة يَضيءُ وُجُوهَنا
دَسَمُ السَّلِيطِ على فتيل ذبال
وَيُقَال للدّارِ: دَارةٌ.
وَقَالَ ابْن الزِّبَعْرَى:
وآخرُ فوقَ دارتِه يُنادي
والمُدَاراتُ أُزُرٌ فِيهَا دَاراتُ وَشْيٍ.
وَقَالَ الراجز:
وذُو مُداراتٍ على خُصْرِ
والدَّارِيُّ العَطَّار. يُقَال: إِنَّه نُسب إِلَى دارِينَ. وَقَالَ الجعديّ:
أُلْقِيَ فِيهَا فِلْجَانِ مِن مِسْكِ دا
رين وفِلْجٌ مِن فُلْفُلٍ ضَرِمِ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الدَّارِيُّ الَّذِي لَا يَبْرح وَلَا يطْلب معاشاً. وَأنْشد:
لَيِّثْ قَلِيلا يُدْرك الدَّارِيُّون
ذَووُ الجِبَابِ البُدَّنُ المكْفِيُّون
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: يُقَال: دَوَّارةٌ وقَوَّارةٌ لكل مَا لم يَتَحَرَّك وَلم يَدُرْ، فَإِذا تحرّك ودَارَ، فَهُوَ دُوَّارةٌ ونُوارة، والدائِرةُ الَّتِي تَحت الْأنف يُقَال لَهَا دَوَّاةٌ ودَائرةٌ ودِيَّرةٌ.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: دِيرَ بِالرجلِ وأُدير بِهِ.
من دُوار الرَّأْس، وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: دوائر الْخَيل ثَمَانِي عشرَة دَائِرَة.
يُكْرَهُ مِنْهَا الهقعَةُ وَهِي الَّتِي تكون فِي
(14/109)
________________________________________
عُرْض زَوْرِه، ودائرة القالِعِ هِيَ الَّتِي تكون تَحت اللِّبْدِ، ودائرة النَّاخِس هِيَ الَّتِي تكون تَحت الجاعِرتيْن إِلَى الفَائلَتَيْن، ودائرة اللَّطاةِ فِي وسط الْجَبْهَة، وَلَيْسَت تُكْرَه إِذا كَانَت وَاحِدَة، فَإِن كَانَ هُنَاكَ دائرتان، قَالُوا: فرس نطيحٌ وَهِي مَكْرُوهَة، وَمَا سوى هَذِه الدَّوَائِر غير مَكْرُوهَة، ودائرة رَأس الْإِنْسَان، الشّعْر الَّذِي يستدير على القرْن.
يُقَال: اقشعرَّت دائِرتُه، ودائرة الْحَافِر مَا أحَاط بِهِ من الثُّنَن.
وَيُقَال: أدرتُ فلَانا على الْأَمر، وألْصَتُه عَلَيْهِ إِذا حاولَتَ إلزامهُ إِيَّاه، وأَدَرْتُه عَن الْأَمر، إِذا طلبتَ مِنْهُ تَرْكَه، وَمِنْه قَوْله:
يُديرُونني عَن سالمٍ وأُديرهم
وجِلْدَةُ بَين العَيْن والأنْفِ سالمُ
وَفِي الحَدِيث: (أَلا أُنبئكم بِخَير دورِ الْأَنْصَار: دُورِ بني النجار، ثمَّ دورِ بني عبد الْأَشْهَل، وَفِي كل دور الْأَنْصَار خَيْرٌ) ، والدُّور هَهُنَا قبائل اجْتمعت كلُّ قبيلةٍ فِي محلّةٍ، فسميت المحلَّة دَارا. وَفِي حَدِيث آخر: (مَا بقيت دارٌ إِلَّا بُنِيَ فِيهَا مسجِد) أَي مَا بقيت قَبيلَة.
أدر: قَالَ اللَّيْث: الأدَرَةُ والأَدَرُ مصدران، والأُدْرةُ اسْم تِلْكَ المُنْتقخَة والآدَرُ نَعْتٌ، وَقد أَدِرَ يأْدَرُ فَهُوَ آدَرُ.
دري: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: دَرَى يَدْرِي دَرْياً ودِرَايَةً ودِرْياً.
وَيُقَال: أَتى فلانٌ الأمْرَ من غير دِرْيَةٍ، أَي من غير عِلم، وَالْعرب رُبمَا حذفوا الياءَ من قَوْلهم: لَا أَدْرِ فِي مَوضِع لَا أَدْرِي، يكتفون بالكسرة فِيهَا كَقَوْل الله جلّ وعزّ: {) وَالْوَتْرِ وَالَّيْلِ إِذَا} (الْفجْر: 4) وَالْأَصْل يَسْرِي.
ابْن السّكيت: دَرَيْتُ فُلاناً أَدْريه دَرْياً إِذا خَتَلْتَه وَأنْشد:
فَإِن كنتِ قَدْ أَقْصَدْتني إذْ رَمَيْتِنِي
بسهمك فالرامي يصيدُ وَلَا يَدْرِي
أَي لَا يَخْتِلُ وَقد دَارَيتُه إِذا خَاتَلْتَه.
وَقَالَ الشَّاعِر:
فإنْ كنتُ لَا أَدْرِي الظِّبَاء فإنني
أَدُسُّ لَهَا تَحت التُّراب الدَّواهيا
وَقَالَ الراجز:
وَكَيْفَ تراني أَذَّرِي أَو أَدَّرِي
غِرَّاتِ جُمْلٍ وتَدَّرَى غِرَري
اذَّرَى افْتَعَل من ذَرْيتُ، وكأَنَّهُ بُذرِّي ترابَ المعدِن، ويختل هَذِه الْمَرْأَة بِالنّظرِ إِلَيْهَا إِذا اغْتَرَّتْ أَي غَفَلتْ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الدَّرِيَّةُ، غير مَهْمُوز دَابَّة يَسْتَتِرُ بهَا الَّذِي يَرْمي الصَّيْد ليصيدَه.
يُقَال: من الدَّرِيَّة أدَّرَيْتُ ودرَيْتُ.
قَالَ وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الدّرِيئَةُ مَهْمُوزَة
(14/110)
________________________________________
الْحلقَة الَّتِي يَتَعلم الرَّامِي عَلَيْهَا.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الدَرِيَّة البعيرُ يَسْتَتِرُ بِهِ من الْوَحْش، يُختل حَتَّى إِذا أمكن رَمْيُه رَمَى.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: هِيَ مَهْمُوزَة لِأَنَّهَا تُدْرَأُ نَحْو الصَّيْد، وَأنْشد قَول عَمْرو:
ظَلِلْتُ كأَني للرِّمَاحِ دَرِيئَةٌ
أُقاتِل عَن أَبناء جَرْم وفَرَّتِ
وأَنشد غَيره فِي همزه:
إِذا ادَّرَأُوا مِنْهُم بِقرْدٍ رَمَيْتُهُ
بِمُوهِيَةٍ تُوهِي عَظامَ الحوَاجِبِ
وَقَالَ أَبو زيد فِي كتاب الْهَمْز: دارَأْتُ الرجلَ مُدارَأَة إِذا اتَّقَيْتَه.
وَفِي حَدِيث قيس بن السَّائِب قَالَ: كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم شَرِيكي فَكَانَ خير شريك، لَا يُدَارِىءُ وَلَا يُماري.
قَالَ أَبو عبيد: المدارأَةُ: هَهُنَا مَهْمُوزَة من دَارأْتُ، وَهِي المشاغبةُ والمخالفةُ على صَاحبك، وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {فَادَارَأْتُمْ فِيهَا} يَعْنِي اخْتلَافهمْ فِي الْقَتِيل، وَمن ذَلِك حَدِيث الشَّعبي فِي المختَلعة إِذا كَانَ الدَّرْءُ من قبلهَا فَلَا بَأْس أَن يَأْخُذ مِنْهَا يَعْنِي بالدَّرْءِ النشوزَ والاعوجاج وَالِاخْتِلَاف، وكل من دَفعته عَنْك فقد درأته.
وَقَالَ أَبُو زيد: كَانَ عَنِّي يَرُد درْؤُك بعد الله شَغْبَ المسْتَصْعِبِ المِرِّيدِ، يَعْني كَانَ دَفْعُكَ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَأما المداراة فِي حُسن الخُلق والمعاشرة مَعَ النَّاس فَلَيْسَ من هَذَا غير مَهْمُوز وَذَاكَ مَهْمُوز.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَحْمَر: المداراةُ من حُسن الْخلق مهموزاً وَغير مَهْمُوز، قلت: مَن هَمَزه فَمَعْنَاه الاتّقاء لِشرِّه كَمَا قَالَ أَبُو زيد: دارأت الرجل إِذا اتَّقَيْتَهُ، وَمن لم يهمزه جَعَله من دَرَيْتُ بِمَعْنى خَتَلْتُ.
(دَرأ) : وَقَالَ أَبُو زيد: درأْتُ عَنهُ الحدَّ وَغَيره أَدرؤه درْأ إِذا أخّرْتَه عَنهُ. قلت: وأَدرأتِ الناقةُ بِضَرْعها إِذا أَنزلتْ اللبنَ فَهِيَ مُدْرِىءٌ إدراء.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدَّارِىءُ العدُوُّ المبادِىء والدَّارِيُّ القَريبُ.
يُقَال: نَحن فُقَراء دُرآءُ.
وَقَالَ ابْن السّكيت: دَرَأْتُه عنّي أَدْرَؤه دَرْأً إِذا دَفَعْتَه وَمِنْه قَوْله: (إدْرَأوا الْحُدُود بِالشُّبُهَاتِ) .
وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَادَارَأْتُمْ فِيهَا} (الْبَقَرَة: 72) .
معنى فادَّارَأْتم فتدارأْتم أَي تَدافعتم أَي أَلقَى بعضُكم على بعض.
يُقَال: دَرَأْتُ فلَانا، أَي دافعتُه، ودَارَيْتُه أَي لايَنْتُه.
وَقَالَ ابْن السّكيت يُقَال: اندرأَت عَلَيْهِ
(14/111)
________________________________________
اندراء، والعامة تَقول: اندريت.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّرْءُ بِالْفَتْح: العَوَج فِي العَصا والقَناةِ وَفِي كل شَيْء يَصْعُبُ إِقَامَته وأَنشد:
إنَّ قناتي مِن صَلِيبَاتِ القَنَا
على العُدَاةِ أَن يُقيموا دَرْأَنَا
وَطَرِيق ذُو دُرُوءٍ، إِذا كَانَ فِيهِ كُسورٌ وحَدَب وَنَحْو ذَلِك.
وَيُقَال: إِن فلَانا لذُو تُدْرَاءٍ فِي الْحَرْب، أَي ذُو سَعَة وَقُوَّة على أَعدائه، وَهَذَا اسمٌ وُضِع للدَّفع، وَيُقَال: دَرَأَ علينا فلَان دُرُوءاً إِذا خرج مُفاجأة.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّىٌّ} (النُّور: 35) عَن عَاصِم أَنه قَرَأَهَا (دُرِّيءٌ) بِضَم الدَّال والهمزة، وَأنْكرهُ النحويون أَجْمَعُونَ، وَقَالُوا: دِرِّيءٌ بالكسرة والهمز جَيِّد على بِنَاء فِعِّيلٍ، يكون من الدَّرارِيء، الَّتِي تَدْرَأُ أَي تَنْحَطُّ وَتسيرُ.
وَقَالَ الْفراء: الدِّرِّيء من الْكَوَاكِب النَّاصِعةُ من قَوْلك: دَرَأَ الكوكبُ كَأَنَّهُ رُجِمَ من الشَّيْطَان فَدَفَعه.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: دَرَأَ فلَان أَي هَجَم، قَالَ: والدِّرِّيءُ الكوكبُ المنْقضُّ يُدْرَأُ على الشَّيْطَان، وَأنْشد لأَوْسِ بن حُجْر يصف ثوراً وَحْشيّاً:
فانْقَضَّ كالدِّرِّيءِ يَتْبَعُهُ
نَقع يَثوبُ تَخَالَهُ طُنُباً
قَالَ وَقَوله: تخاله طُنُباً: يُرِيد تخالُه فُسطاطاً مَضْرُوبا. يُقَال: دَرَأتِ النارُ إِذا أضاءتْ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن خَالِد بن يزِيد: قَالَ: وَيُقَال: دَرَأَ علينا فلَان وَطَرَأَ إِذا طلعَ فَجْأَةً ودَرَأَ الكوكبُ دُرؤاً، من ذَلِك، قَالَ وَقَالَ نُصَيْرُ الرَّازِيّ: دُرُء الكوكبِ طُلُوعُه، يُقَال: دَرَأَ علينا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: جَاءَنَا السيلُ دَرْءاً وَهُوَ الَّذِي يدْرَأ عَلَيْك من مَكَان لَا يُعْلَم بِهِ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ، عَن أبي الْعَبَّاس: جَاءَ السَّيْل دَرْءاً وظَهْراً، ودَرَأَ فلانٌ علينا، وطَرَأَ: إِذا طلع من حَيْثُ لَا تَدْرِي.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي، قَالَ: إِذا كَانَ مَعَ الغُدَّةِ وَهِي طاعون الْإِبِل وَرَمٌ فِي ضَرْعها فَهُوَ دَارِىءٌ وَقد دَرَأَ البعيرُ يَدْرَأُ دروءاً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو وَالْكسَائِيّ فِي الدَّارِىء مثله، شمر عَن ابْن الأعرابيّ: إِذا دَرأ الْبَعِير من غُدَّتِه رَجَوْا أَن يَسْلَم، قَالَ: ودَرَأَ إِذا وَرِمَ نَحْرُه.
وَقَالَ غَيره: بعيرٌ دارىء وناقة دَارِىء مثله.
وَقَالَ ابْن السكّيت: ناقةٌ دارِىءٌ إِذا أخذتْها الغُدَّةُ فِي مَراقها واستبان حَجْمُها وَيُسمى الحَجْمُ دَرْءاً وحجمها نُتوؤها، والمَرَاقُ بتَخْفِيف الْقَاف مَجْرَى الماءِ من حَلْقها،
(14/112)
________________________________________
وَأنْشد غَيره:
يَا أَيهَا الدَّارِىءُ كالمنْكُوفِ
والمتشكِّي مَغْلَةَ المجحوفِ
والمنْكوف الَّذِي يَشْتكي نَكفَتَه، وَهِي أصلُ اللِّهْزِمَةِ وَيُقَال: دَرَأْت لَهُ وَسَادَةً إِذا بَسَطْتَها لَهُ، ودرأتُ وَضِينَ الْبَعِير إِذا بسطته على الأَرْض ثمَّ تركته عَلَيْهِ لتشده بِهِ وَقد دَرَأت فلَانا الْوَضِين على الْبَعِير وداريته، وَمِنْه قَول المثَقَّب العَبدِي:
تَقولُ إِذا دَرَأتُ لَهَا وَضِيني
أَهَذا دِينُه أبدا ودِيني
وَيُقَال: اللهُم إِنِّي أدْرَأُ بك فِي نَحْر عَدُوِّي لِتَكْفِيَني شرَّه، وَقَالَ اللَّيْث: المِدْرَاةُ حَدِيدة يُحَكُّ بهَا الرأسُ، يُقَال لَهَا: سَرخَارَه.
وَيُقَال: مِدْرًى بِغَيْر هاءٍ ويُشَبَّه بِهِ قَرْنُ الثور وَمِنْه قَول النَّابِغَة:
شَكَّ الفَرِيصَةَ بالمِدْرَى فأَنْفَذَها
طَعْنَ المُبَيْطِرِ إذْ يَشْفي من العَضَدِ
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (أَنه كَانَ فِي يَده مِدْرًى يَحُك بِهِ رأْسَه فَنظرَ إِلَيْهِ رجلٌ من شَقِّ بابِه فَقَالَ لَهُ: لَو علمتُ أَنَّك تنظرُ لَطَعَنْتُ فِي عَيْنك) ، وَجمع المِدْرَى مَدَارَى، وَرُبمَا قَالُوا لِلْمِدْراة مَدْريةٌ وَهِي الَّتِي حُدِّدتْ حَتَّى صَارَت مِدْرَاةً.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الحَرَّانيَّ أَنه أنْشدهُ:
وَلَا صُوَار مُدَرَّاة مناسِجُها
مِثْلُ الفريدِ الَّذِي يَجْري من النَّظْم
قَالَ: وَقَوله: مُدرَّاةٌ كَأَنَّهَا هُيِّئَتْ المِدرَى من طُول شَعرها قَالَ: والفَريدُ جمع الفريدة، وَهِي شَذْرة مِن فِضة كَاللُّؤْلُؤِ، شَبَّه بياضَ أجسادِها بهَا كَأَنَّهَا الْفضة.
سَلمَة عَن الْفراء قَالَ: الدَّارىءُ العَدوُ المُبادِي الْقَرِيب وَنحن فُقَرَاء دُرآءُ.
(رَود ريد رأد) : قَالَ اللَّيْث: الرَّوْد مصدرُ فِعل الرائِد، يُقَال: بَعَثْنا رائداً يَرُود لنا الْكلأ والمنزلَ ويرتاده، وَالْمعْنَى وَاحِد، أَي ينْظُرُ ويَطْلُبُ ويختار أفضلَه.
قَالَ: وَجَاء فِي الشّعْر: بعثوا رادَهم أَي رائدهم، وَمن أَمثالهم: الرائدُ لَا يَكْذِبُ أهلَه، يُضربُ مَثَلاً لِلَّذي لَا يَكْذِب إِذا حَدَّث.
وَيُقَال: رَادَ أَهله يَرُودهم مَرْعًى أَو منزلا رِياداً، وارْتادَ لَهُمْ ارْتياداً.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا أَرَادَ أحدكُم أَن يَبُولَ فَلْيَرتَدْ لبوله) أَي يرتاد مَكَانا دَمِثاً لَيِّناً مُنحَدِراً لِئلا يَرْتَدَّ عَلَيْهِ بَوْله.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: الرَّائد العُود الَّذِي يَقْبِض عَلَيْهِ الطَّاحِن.
قَالَ اللَّيْث: والرائد الَّذِي لَا منزل لَهُ، والرِّيدةُ اسْم يُوضَعُ مَوضع الارْتِياد والإرادة.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الرَّيدَانةُ: الريحُ
(14/113)
________________________________________
الطَّيِّبَةُ.
وَقَالَ غَيره: ريح رَيْدةٌ لَيِّنة الهبوب وَأنْشد:
جَرَتْ عَلَيْهَا كُلُّ ريح رَيْدَةٍ
وَأنْشد اللَّيْث:
إِذا رِيدَةٌ مِن حيثُ مَا نَفَحَتْ لَهُ
أتاهُ بِريَّاها خَلِيلٌ يُوَاصِلُه
قَالَ وَيُقَال: ريح رُود أَيْضاً.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الرَّادَةُ من النِّسَاء غير مَهْمُوز الَّتِي ترود وتَطُوف، وَقد رَادت ترود رَوَدَاناً، قَالَ: والرَّأدة بِالْهَمْزَةِ والرُّؤُودَةُ على وزن فُعُولة كل هَذَا السرِيعةُ الشَّبَاب فِي حسن غِذَاء، وَقَالَ غَيره: تَرأَدَتِ الجاريةُ تَرَؤداً وَهُوَ تَثَنِّيها من النَّعْمة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الرَّأْدُ: رَأْدُ اللَّحْيِ وَهُوَ أَصله النَّاتِىءُ تَحت الْأذن وَالْجمع أرْآد، وَالْمَرْأَة الرُّؤْدُ وَهِي الشَّابَّة الْحَسَنَة الشَّبَاب، وتُجمع أرآدٌ أَيْضا، وَامْرَأَة رَادَةٌ فِي معنى رُؤْدٌ، وَقد تَرَأَّدَ إِذا تَفَيَّأ وتثنَّى، قَالَ: وَرَادَتْ الريحُ تَرودُ رَوَداناً إِذا تحركتْ وجالتْ وَنَسَمتْ تَنْسِمُ نَسَماناً إِذا تحركتْ تحرُّكاً خَفِيفا.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: الرَّيْدُ حَرْفٌ من حُرُوف الجَبَل وَجمعه رُيُود.
قَالَ: والرِّئْدُ التِّرب يُقَال: هُوَ رِئْدها أَي تِرْبها والجميع أرْآدٌ.
وَقَالَ كثير فَلم يُهْمِزْ:
وَقد درَّعوها وَهِي ذاتُ مُؤَصَّدٍ
مَجُوبٍ لَمَّا يَلْبَسِ الدِّرعُ رِيدُها
وَقَالَ أَبُو زيد: تَرَأَّدْتُ فِي قيامي تَرَؤُّداً، وَذَلِكَ إِذا قُمتَ فأخذتك رِعْدةٌ فِي قيامك حَتَّى تَقومَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الرَّأْدُ: رَأْدُ الضُّحى وَهُوَ ارتفاعها.
يُقَال: ترحَّلَ رأْدَ الضُّحَى وَتَرَأَّد كَذَلِك، وتَرَأَّدَتِ الحَيَّةُ إِذا اهْتَزَّتْ فِي انْسيابها وَأنْشد:
كأَن زِمَامها أَيِمٌ شُجاع
تَرَأَّدَ فِي غُصونٍ مُغْطئلَّه
قَالَ: وَالْجَارِيَة الممشوقة تَرَأَّدُ فِي مِشْيَتِها، وَيُقَال للغُصن الَّذِي نَبَتَ من سَنَته أَرْطَب مَا يكون وأَرْخصه: رُؤْدٌ، والواحدة رُؤْدَةٌ، وسمِّيت الجاريةُ الشابةُ تَشْبِيها بِهِ، قَالَ: والرِّيد بِلَا همزَة الْأَمر الَّذِي تريده وتزاولُه، والرّئْدُ التِّرب مَهْمُوز.
أَبُو عبيد عَن أَصْحَابه: تكبيرُ رُوَيْدُ: رَوْدٌ وَأنْشد:
يَمْشِي وَلَا تَكْلِمُ البَطْحَاءَ مِشيتُه
كأَنه فاتر يَمْشِي عَلَى رُودِ
وأفادني الْمُنْذِرِيّ لسيبويه من كِتَابه فِي تَفْسِير قَوْلهم: رُوَيْدَ الشّعْر يَغِبُّ قَالَ: سمعنَا من يَقُول: وَالله لَو أردتَ الدَّرَاهِم لأعطيتك رُوَيْد مَا الشّعْر، يُرِيد أرْوِد
(14/114)
________________________________________
الشّعْر، كَقَوْل الْقَائِل: لَو أَرَدْت الدَّرَاهِم لأعطيتك فَدعْ الشعرَ، فقد تبين أَن رُوَيْدَ فِي مَوضِع الْفِعْل ومُتَصَرّفةٌ تَقول: رُوَيْدَ زَيْداً كَأَنَّمَا تَقول: أَرْوِدْ زيدا وَأنْشد:
رُوَيْدَ عَلِيّاً جُدَّ مَا ثَدْيُ أُمَّهم
إِلَيْنَا ولكنْ وُدُّهُم متمَايِنُ
وَتَكون رُوَيداً أَيْضا صفة لِقَوْلِك سَارُوا سيراً رويداً، وَيَقُولُونَ أَيْضا: سَارُوا رُويداً فتحذف السّير وتجعله حَالا بِهِ، وصف كَلَامه واجتزأ بِمَا فِي صدر حَدِيثه من قَوْلك: سَار عَن ذكر السِّير، وَمن ذَلِك قَول الْعَرَب: ضَعه رويداً أَي وَضْعاً رويداً.
قَالَ: وَتَكون رُوَيداً للرجل يُعالج الشيءَ رُوَيداً إِنَّمَا يُرِيد أَن تَقول عِلاجاً رويداً فَهَذَا على وَجه الْحَال إِلَّا أَنْ يَظْهَر الموصوفُ بِهِ فَيكون على الْحَال وعَلى غير الْحَال.
قَالَ: وَاعْلَم أَن روَيداً يَلْحَقها الكافُ وَهِي فِي مَوضِع افْعَلْ وَذَلِكَ قَوْلك: رُوَيدك زيدا، ورُويدكم زيدا، فَهَذِهِ الْكَاف الَّتِي أُلْحِقت لِيَتَبَيَّنَ المخاطَبُ فِي رُوَيداً؛ إِنَّمَا أُلحقت المخصوصَ لِأَن رويداً قد يَقع للْوَاحِد والجميع والمذكر وَالْأُنْثَى؛ فَإِنَّمَا أَدخل الْكَاف حَيْثُ خِيفَ التباسُ مَن يُعْنَى مِمَّن لَا يُعْنَى؛ وَإِنَّمَا حُذِفتْ من الأول اسْتغْنَاء بِعلم الْمُخَاطب، أنهُ لَا يَعْني غَيره؛ وَقد يُقَال: رُوَيدك لمن لَا يخَاف أَن يلتبس بِمن سواهُ توكيداً، وَهَذَا كَقَوْلِك: النَّجاءَك والوَحَاكَ، تكون هَذِه الْكَاف عَلَماً لِلمأمورين والمنهيِّين.
وَقَالَ اللَّيْث: إِذا أردْت برويداً الْوَعيد نصبتها بِلَا تَنْوِين وَأنْشد:
رُوَيْدَ تُصاهِلْ بالعراق جِيادنا
كَأَنَّكَ بالضَّحاكِ قد قَامَ نادِبُه
وَإِذا أَردتَ برويدَ المُهلة والإروادَ فِي المَشْي فانصبْ ونَوِّنْ تَقول: امشِ رُوَيداً. قَالَ: وَتقول الْعَرَب: أرْوِدْ فِي معنى رويداً المنصوبة قَالَ: والإرادةُ أصلُها الْوَاو، أَلا ترى أَنَّك تَقول: رَاوَدْتُه أَي أَردتُه على أَن يفعل كَذَا؛ وَتقول: رَاوَدَ فلانٌ جاريتَه عَن نَفسهَا وراودَتْه هِيَ عَن نفسِه إِذا حاول كل وَاحِد مِنْهُمَا من صَاحبه الْوَطْء وَالْجِمَاع؛ وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {تُرَاوِدُ فَتَاهَا عَن نَّفْسِهِ} (يُوسُف: 30) فَجعل الفِعل لَهَا، والرَّوائدُ من الدَّواب الَّتِي ترتع وَمِنْه قَول الشَّاعِر:
كَأَنَّ رَوَائدَ المُهْراتِ مِنْها
وَيُقَال: رَادَ يَرود إِذا جاءَ وذَهب، وَلم يَطمئن، ورجلٌ رائد الوِساد إِذا لم يَطْمَئن عَلَيْهِ، لِهَمَ أَقْلَقَه، وَبَات رائدَ الوساد وَأنْشد:
تَقُولُ لَهُ لما رَأَتْ جَمْعَ رَحْلِه
أَهذا رئيسُ الْقَوْم رَادَ وِسَادُها
(14/115)
________________________________________
دَعَا عَلَيْهَا بألاَّ تَنام فَيَطْمئن وِسادُها.
وَفِي الحَدِيث: (الحمَّى رَائِدُ الْمَوْت) أَي رَسولُ الْمَوْت كالرَّائِدِ الَّذِي يُبْعث لِيرْتادَ مَنزِلاً.
ورد: قَالَ اللَّيْث: الوَرْدُ اسْم نَوْر.
يُقَال لَهُ: وَرَّدَت الشجرَةُ إِذا خَرجَ نَوْرُها.
قَالَ: والوَرْدُ من أَلْوان الدَّواب، لَونٌ يَضْرِبُ إِلَى الصُّفرة الحَسَنة، وَالْأُنْثَى وَرْدَة وَقد وَرُد ورْدة، وَقيل أَيْضا: ايرَادَّ يَوْرَادُّ على قِيَاس ادْهَامَّ، وَقَالَ الزّجاج فِي قَوْله: {السَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً} (الرحمان: 37) أَي صارتْ كلون الوَرْد؛ وَقيل: فَكَانَت وَرْدة كلون فَرَسٍ وَرْدةٍ، وَالكُميت: الوَرد يَتَلون فِي الشتَاء فَيكون فِي الشتَاء لَوْنُه خِلافَ لونِه فِي الصَّيف، وَأَرَادَ أَنها تتلون من الفَزَع الْأَكْبَر، كَمَا تَتَلَوَّنُ الدِّهانُ المختلفةُ.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْداً} (مَرْيَم: 86) يَعْنِي مُشاةً عِطاشاً.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: الوِرْدُ وِرْدُ القومِ الماءَ والوِردُ: الماءُ الَّذِي يُورَد، والوِرد: الإبلُ الواردةُ قَالَ رؤبة:
لَوْ دَقَّ وِرْدِي حوضَهُ لم يَنْدَهِ
وَقَالَ الآخر:
يَا عَمْرُو عَمْرَ الماءِ وِرْدٌ يَدْهَمُه
وَأنْشد قَول جرير:
لَا وِرْدَ للْقَوْم إِن لم يَعْرفوا بَرَدَى
إِذا تَكَشَّفَ عَن أعناقِها السَّدَفُ
بَردَى نهرُ دِمَشق.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الوِردُ يومُ الحمَّى وَقد وردتْهُ الحمّى، فَهُوَ مَورودٌ، وَقَول الله جلّ وعزّ: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا} (مَرْيَم: 71) الْآيَة.
قَالَ الزّجاج: هَذِه آيةٌ كَثُر اخْتِلَاف الْمُفَسّرين فِيهَا؛ فَقَالَ جمَاعَة: إِن الْخلق جَمِيعًا يَرِدون النارَ فينجو المتّقِي، ويُتْرَكُ الظَّالِم، وَكلهمْ يدخلُها، وَقَالَ بَعضهم: قد عَلِمنا الوُرُودَ وَلم نعلم الصُّدُورَ، وَدَلِيل من قَالَ هَذَا قَوْله: {ثُمَّ نُنَجِّى الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً} (مَرْيَم: 72) ، وَقَالَ قوم: إِن الْخلق يَرِدونها فَتكون على الْمُؤمن بَرْداً وَسلَامًا.
وَقَالَ ابْن مَسْعُود وَالْحسن وقتادَةُ: إنّ ورُودَها لَيْسَ دُخُولهَا وحُجَّتهُم فِي ذَلِك قويَّة جدا لِأَن الْعَرَب تَقول: وَرَدْنا ماءَ كَذَا وَلم يدخلوه، قَالَ الله تَعَالَى: {سَوَآءَ السَّبِيلِ وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ} (الْقَصَص: 23) ، وَيُقَال إِذا بلغتَ إِلَى الْبَلَد وَلم تدخله: قد وردتَ بَلَدَ كَذَا وَكَذَا، قَالَ أَبُو إِسْحَاق: والحجةُ عِنْدِي فِي هَذَا مَا قَالَ الله جلّ وعزّ: {للهإِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِّنَّا الْحُسْنَى أُوْلَائِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ} {لاَ يَسْمَعُونَ حَسِيَسَهَا}
(14/116)
________________________________________
(الْأَنْبِيَاء: 101، 102) فَهَذَا وَالله أعلم دَلِيل على أَن أهل الْحسنى لَا يدْخلُونَ النَّار، وَفِي اللُّغَة: وَرَدْتُ بَلَدَ كَذَا وماءَ كَذَا إِذا أشرفَ عَلَيْهِ دخله، أَو لم يدْخلهُ قَالَ زُهَيْر:
فلمَّا وَرَدْن المَاء زُرْقاً جِمامُهُ
وَضَعْنَ عِصِيَّ الحاضِر المُتَخَيِّم
الْمَعْنى لما بلغن المَاء أَقَمْنَ عَلَيْهِ، فالوُرودُ بِإِجْمَاع لَيْسَ بدخولٍ، فَهَذِهِ الرِّوَايَات فِي هَذِه الْآيَة وَالله أعلم، وَقَوله جلّ وعزّ: {نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ} (ق: 16) عِرْقٌ تَحت اللِّسَان، وَهُوَ فِي الَعضُد فَلِيقٌ، وَفِي الذِّرَاع، الأكْحَلُ، وهما فِيما تَفَرَّق من ظَهْر الكَفِّ الأَشَاجِعُ، وَفِي بطن الذِّرَاع الرَّواهِشُ، وَيُقَال: إِنَّهَا أربعةُ عُروق فِي الرَّأْس، فَمِنْهَا اثْنَان يَنْحَدِران قُدام الأُذنين، وَمِنْهَا الوريدان فِي العُنق، قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الوَرِيدانِ بِجَنْبِ الوَدَجَيْن، والوَدَجَانِ عِرْقان غَلِيظان عَن يمينِ ثُغْرَةِ النَّحر ويَسارِها، قَالَ: والوريدان يَنْبِضَان أبدا من الْإِنْسَان، وكل عِرْق يَنْبِض فَهُوَ من الأوْرِدة الَّتِي فِيهَا مَجْرى الحياةِ، والوَرِيدُ من الْعُرُوق مَا جرى فِيهِ النَّفَس وَلم يَجرِ فِيهِ الدَّم، والجداول الَّتِي فِيهَا الدِّمَاء كالأكحل والأبْجل والصَّافِن، وَهِي الْعُرُوق الَّتِي تُفْصَدُ، وَقَالَ اللَّيْث: الوِرْدُ من أَسمَاء الحُمَّى والوِرْد وَقْتُ يومِ الوِرْدِ بَيْنَ الظِّمْأَيْنِ، والمصدرُ الْوُرُود، والوِرْد اسمٌ مِنْ وَرْدَ يَوْمِ الوِرد، وَمَا وَرَدَ من جمَاعَة الطير وَالْإِبِل، وَمَا كَانَ فَهُوَ وِرْدٌ، تَقول: وَرَدَتْ الإبلُ وَالطير هَذَا المَاء وِرْداً وَوَرَدَتْه أَوْرَاداً وَأنْشد:
كَأَوْرَادِ القطا سَهْلَ البِطاحِ
وَإِنَّمَا سُمِّيَ النَّصِيب من قِرَاءَة الْقُرْآن وِرْداً من هَذَا، وَيُقَال: أَرْنَبَةٌ وَاردةٌ إِذا كَانَت مُقْبِلةً على السَّبَلَة، وَقَالَ غَيره: فلَان وارِدُ الأَرْنَبَةِ إِذا كَانَ طويلَ الأنْفِ، وكلُّ طويلٍ وَارِدٌ، وشَعَرٌ وارِدٌ، وطَويل وَالْأَصْل فِي ذَلِك: أنّ الأنفَ إِذا طَال يصل إِلَى المَاء إِذا شَرِب بفيهِ لِطوله، والشَّعَرُ من الْمَرْأَة يَرِدُ كَفَلها، وشجرة واردةُ الأغصان إِذا تَدَلَّتْ أَغْصانُها، وَقَالَ الرَّاعِي يصف نخلا أَو كَرْماً فَقَالَ:
تُلْفَي نَواطِيرَهُ فِي كلِّ مَرْقَبَةٍ
يَرْمُون عَن واردِ الأفنان مُنْهَصِر
أَي يرْمونَ الطيرَ عَنهُ، وَيُقَال: ورّدت المرأةُ خَدَّها إِذا عالجتْه بِصِبْغ القطْنَةِ المصبُوغَةِ، وَقَالَ أَبُو سعيد يُقَال: مَا لَك تَوَرَّدَنِي أَي تَقَدَّمُ عليّ، وَفِي قَول طرفَة:
كَسِيدِ الغَضَى نَبَّهْتَهُ المُتَوَرِّدِ
هُوَ المُتَقَدِّم على قِرْنه الَّذِي لَا يَدْفَعه شَيْء.
وعَشِيَّة وَرَدةٌ، إِذا احمر أُفُقُها عِند غرُوب الشَّمْس، وَكَذَلِكَ عِنْد طُلُوع الشَّمْس،
(14/117)
________________________________________
وَذَلِكَ عَلامَة الجدْب.
أَبُو زيد: فِي العُنق الوريدان وهما عرقان بَين الْأَوْدَاج وَبَين اللَّبَّتَيْن، وهما من الْبَعِير الوَدَجَان؛ وَفِيه الأَوْدَاجُ وَهُوَ مَا أحَاط بالحُلْقُوم من العُروق.
قلت: وَالْقَوْل فِي الوريدين مَا قَالَ الْهَيْثَم، والموارد المناهل، واحدهما مَوْرِدٌ، والموْرد الطريقُ إِلَى المَاء.
وَالورد مصدر وردْتُ مَوْرداً وَوَرْداً.
ودر: ابْن شُمَيْل تَقول: ورَّدتُ رَسُولي قِبَلَ بَلْخٍ إِذا بَعَثْتَه؛ وسمعتُ غير وَاحِد من الْعَرَب، يَقُول للرجل إِذا تجهَّم لَهُ ورَده رَداً قبيحاً: وَدِّرْ وجْهَك عني أَي نَحِّه وبَعِّدْه.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: تَهَوَّل فِي الْأَمر وتَوَرَّط وتَوَدَّرَ بِمَعْنى مَال.
وَقَالَ أَبُو زيد: وَدَّرْتُ فلَانا تَوْديراً إِذا أَغْوَيتَه حَتَّى يَتَكَلَّف مَا يَقع مِنْهُ فِي هَلَكَةٍ، وَقد يكون التودُّر فِي الصدْق وَالْكذب، وَقيل: إِنَّمَا هُوَ إيرادك صاحبَك الهَلَكَةُ.
ردأ: ابْن شُمَيْل: رَدَأْتُ الْحَائِط أَرْدَؤُه إِذا دَعَمْتَه بخشَبٍ أَو كَبْسٍ يَدْفَعُه أَن يَسْقَط.
وَقَالَ يُونُس: أردَأْتُ الْحَائِط بِهَذَا الْمَعْنى.
قَالَ: والأَرْداءُ الأعدالُ الثَّقيلةُ كل عِدْل مِنْهَا رِدْءٌ وَقد اعْتَكَمْنَا أرداء لنا ثقالاً أَي أَعْدالاً.
وَفُلَان رِدْءٌ لِفلان أَي يَنْصُرُه ويشدُّ ظَهْرَه.
وَقَالَ اللَّيْث: تَقول: رَدَأْتُ فلَانا بِكَذَا أَو كَذَا أَي جعلته قُوَّة لَهُ وعِماداً كالحائطِ تَرْدَؤُه بِرِدْءٍ من بِناءٍ تُلْزِقه بِهِ.
وَتقول: أَرْدَأْتُ فلَانا أَي رَدأْتَهُ، وصرت لَهُ ردْءًا أَي مُعيناً، الرَّدء المُعينُ وتَرَادأُوا أَي تَعاوَنوا.
وَقَالَ ابْن السّكيت: أردأت الرجلَ إِذا أعنتَه قَالَ الله جلّ وعزّ: {مِنِّى لِسَاناً فَأَرْسِلْهِ} (الْقَصَص: 34) وَقد أرديته أَي أهلكته، قَالَ: وَهَذَا شَيْء رَدِيء بَيِّن الرَّداءة، وَلَا تقلْ الرَّداوَةِ والرِّدءُ الْمعِين.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: أَرْديتُ على الْخمسين أَي زِدْتُ عَلَيْهَا، وَقَالَ أوْس بن حجر:
وأَسْمَرَ خَطِّياً كَانَ كُعُوبَهُ
نَوَى القَسْبِ قَد أَرْدَى ذِرَاعاً على العَشْرِ
وَقَالَ اللَّيْث: لُغَة للْعَرَب: أَرْدَأَ على الْخمسين إِذا زَاد، قلتُ: لم أسمع الْهَمْز فِي أرْدى لغير اللَّيْث، وَهُوَ غلط مِنْهُ.
قَالَ اللَّيْث: رَدُأَ الشَّيءُ يَرْدُؤ رَداءَةً وَإِذا أصَاب الإنسانُ شَيْئا رَديئاً فَهُوَ مُرْدِىءٌ وَكَذَلِكَ إِذا فعل شَيْئا رَديئاً.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {قَالَ تَاللَّهِ إِن} (الصافات: 56) مَعنا، لتُهْلِكُنِي وَقَوله: {لِلْعُسْرَى وَمَا يُغْنِى}
(14/118)
________________________________________
(اللَّيْل: 11) قيل: إِذا ماتَ، وَقيل: إِذا تَرَدَّى فِي النَّار من قَوْله جلّ وعزّ: {وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ} (الْمَائِدَة: 3) وَهِي الَّتِي تَقَع مِن جبل أَو تَطَيحُ فِي بِئْر أَو تسْقط من مَوضِع مُشْرِفٍ فتموت.
(ردي) : وَقَالَ اللَّيْث: التَّرَدِّي هُوَ التَّهَوُّرُ فِي مَهْواةٍ.
وَقَالَ أَبُو زيد: رَدِيَ فِي القلِيب يَرْدَى وتَرَدَّى من الْجَبَل تَرَدِّياً.
وَقَالَ غَيره: رَديْتُ فلَانا بِحجر أَرْديتُه رَدياً إِذا رَمَيْتَه بِهِ.
وَقَالَ ابْن حِلِّزَة:
وَكَأن المَنُونَ تَرْدى بِنَا أَعْ
صَمَ يَنْجاب عَنهُ العَماءُ
والمِرْداةُ الحَجَر الَّذِي يُرْمَى بِهِ، وَجَمعهَا المرادِي وَمِنْه قَوْلهم: عِنْد جُحْر كل ضبٍ مِرْداتُه.
يضْرَبُ مَثَلاً للشَّيْء العَتِيد لَيْسَ دونَه شيءٌ وَذَلِكَ أنَّ الضبَّ ليسَ يَنْدَلُّ على جُحْرِهِ إِذا خرج مِنْهُ فَعَاد إِلَيْهِ إِلَّا بحَجر يَجْعَلُه عَلامَة لجُحْرِهِ.
وَقَالَ الْفراء: الصَّخْرَةُ يُقَال لَهَا رَداةٌ وَجَمعهَا رَدَيَاتٌ وَقَالَ ابْن مقبل:
وقَافِيةٍ مِثلِ حدِّ الرِّداةِ
لم تتْرك لمُجيبٍ مَقَالاَ
وَقَالَ طُفَيل:
رَداةٌ تَدَلَّتْ مِنْ صُخُور يَلمْلم
ويَلملمُ جَبَلٌ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ قَالَ: إِذا عَدَا الْفرس فَرَجَمَ الأَرْض رَجْماً قيل: رَدِي يَرْدِي رَدْياً ورَدْياناً.
وَقَالَ أَبُو زيد: هُوَ التَّقْريب. قَالَ: والجَوارِي يَرْدين إِذا رَفعْت إِحْدَاهُنَّ رجْلَها ومشتْ على رِجْلٍ تَلْعبُ، والغرابُ يَرْدِي إِذا حَجَلَ.
وَقَالَ المنْتَجِع بن نَبْهان: الرديانُ عَدْوُ الْفرس بَين آرِيِّه ومُتَنمَّعكِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: تسمى قَوَائِم الْإِبِل مَرادِيَ لِثَقلِهِا وشدةِ وَطْأَتها، نَعْتٌ لَهَا خَاصَّة وَكَذَلِكَ مَرادي الْفِيل.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: راديت الرجل وداجَيتُه ودَاليْتُه وفَانيتُه بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ أَبُو عبيد. وَيُقَال: رَاودْتُه على الْأَمر وَرادَيْتُه.
وَقَالَ طفيل ينعَت فرسه:
يُرادَى على فَأْسِ اللِّجامِ كأَنَّما
يُرادَى بِهِ مِرْقاةُ جِذْعٍ مُشَذَّبِ
يَعْنِي يُرَاوَدُ، ابْن السّكيت: فلَان غَمْرُ الرِّداءِ إِذا كَانَ كثير الْمَعْرُوف واسِعَهُ وإنْ كَانَ رِداؤه صَغِيرا، وَقَالَ كثير:
غَمْرُ الرِّداءِ إِذا تَبَسَّمَ ضَاحكاً
غَلِقَتْ لِضحْكَتِه رِقابُ المَال
(14/119)
________________________________________
وَرُوِيَ عَن عَليّ أَنه قَالَ: من أَرَادَ البَقَاء وَلَا بقاءَ فلْيُباكِرْ الغَداءَ وليخفِّف الرِّداء.
قَالُوا لَهُ: وَمَا تَخْفيف الرِّداء فِي البقَاءِ؟
فَقَالَ: قِلةُ الدّيْن.
قلت: ويُسَمَّى الدَّيْن رِداءً لِأَن الرِّداء يَقَعُ على المَنكِبَيْن ومُجْتمع العُنُق والدَّيْن أَمانَةٌ، وَالْعرب تَقول فِي ضمَان الدَّيْن: هَذَا لَك فِي عُنقِي ولازمُ رَقَبَتِي، فقيلَ للدَّين: رِداءً لِأَنَّهُ لَزِم عُنُق الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ، كالرِّداء الَّذِي يَلْزَمُ المَنكِبَيْن إِذا تُرُدِّيَ بِهِ، وَمِنْه قيل للسيف: رِدَاءٌ لأنَّ مُتَقَلِّدَهُ بحمائِله مُتَردَ بِهِ.
وقالتْ خنساء ترثي أخاها:
ودَاهِيةٍ جَرَّها جَارمٌ
جَعَلْتَ رِدَاءك فِيهَا خِمَاراً
أَي عَلَوْتَ بِسيْفِك فِيهَا رقابَ أعدائك كالخمار الَّذِي يَتَجَلَّلُ الرأْسَ.
وَيُقَال للوِشاحِ: رِدَاء، وَقد تَرَدَّتِ الْجَارِيَة إِذا تَوَشَّحَتْ.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
وتَبْرُدُ بَرْدَ رِدَاء العرُو
سِ بالصَّيْفِ رَقْرَقَت فِيهِ العَبِيرَا
يَعْني بِهِ وِشَاحها المُخَلَّق بالخَلُوقِ، وَامْرَأَة هَيْفَاء المُرَدَّى أَي ضَامِرة موضِعِ الوِشاحِ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: أَبوك رِداؤك ودَارُك رِدَاؤك، وكلُّ مَا زَيَّنَكَ فَهُوَ رِدَاؤك وَأنْشد:
رَفَعْتُ رِدَاء الجهلِ عَنِّي وَلم يكن
يُقَصِّرُ عَنِّي قَبْلَ ذَاك رِدَاءُ
ورِدَاءُ الشَّباب حُسْنُهُ وغَضَارتُه ونَعْمَتُه وَقَالَ رؤبة:
حَتَّى إِذا الدَّهرُ استَجَدَّ سِيما
مِن البِلى يَسْتَوْهِبُ الوَسِيما
رِداءَه والبِشْرَ والنعيما
يستوهبُ الدهرُ الوسيمَ أَي الوجْهَ الوَسيمَ رِدَاءَه، وَهُوَ نَعْمَتُه، واستَجَدَّه سِيما أَي أَثراً من البِلى وَكَذَلِكَ قَول طرفَة:
وَوَجْهٍ كأَنَّ الشمسَ حَلَّتْ رداءها
عَلَيْه ... ... ... ...
أَي أَلْقَتْ حُسْنَها ونُورها على هَذَا الْوَجْه، من التّحلِيَةِ فَصَارَ نورها زِينَة لَهُ كالحَلْيِ؛ والرَّدَى الزِّيَادَة.
يُقَال: مَا بلغتْ رَدَى عَطائِك أَي زيادتُك فِي العَطِيّة، ويُعجِبُني رَدَى قولِك، أَي زيادةُ قَوْلك، قَالَ كُثير فِي بَيت لَهُ:
لهُ عَهْدُ وُدٍ لم يُكَدَّر يَزِينُه
رَدَى قولِ مَعْروفٍ حديثٍ ومُزْمِنِ
أَي يَزِينُ عهدَ وُدِّه زيادةُ قولِ معروفٍ مِنْهُ؛ وَقَالَ آخر:
تَضَمَّنَها بَنَاتُ الفَحْلِ عَنهم
فَأَعْطَوْها وقَد بَلَغوا رَدَاها
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الرَّدَى الْهَلَاك
(14/120)
________________________________________
والرَّدَى الْمُنكر الْمَكْرُوه.
ابْن شُمَيْل: المِرْدَاةُ الْحجر الَّذِي لَا يكادُ الرجل الضَّابِط يَرْفَعُه بيدَيْهِ؛ يُرْدَى بِهِ الحَجرُ، والمكانُ الغليظُ يَحْفِرونَ فَيَضْرِبُونه بِه فَيُلَيِّنُونَهُ ويُرْدَى بِهِ جُحْر الضَّب إِذا كَانَ فِي قَلْعَةٍ فَيُليِّنُ القَلْعَة ويُهَدِّئها، والرَّدْيُ إِنَّمَا هُوَ رَفْعٌ بهَا ورَمْيٌ بِها.
انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم.

(بَاب الدَّال وَاللَّام)
د ل (وايء)
دلا، دأل، لدي، ولد، لود، أدل، دوَل.
دلا: قَالَ اللَّيْث: الدَّلْوُ معروفةٌ، وَقد أَدْلَيْتُها أَي أرسلتُها فِي الْبِئْر لأستَقِيَ بهَا؛ وَمِنْهُم من يَقُول: دَلَوْتها وَأَنا أَدْلُوها وأَدْلُو بهَا والجميع الدِّلاّء، والعَدَدُ أَدْلٍ ودُلِيٌ، وَيُقَال للدَّلْو دَلاةٌ، وَقَول الله جلّ وعزّ فِي قصَّة يُوسُف: {فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يابُشْرَى} (يُوسُف: 19) يُقَال: أدليت الدَّلْو إِذا أرسلتَها فِي الْبِئْر لتملأها أُدليها إدلاء، قَالَ: ودلوتها أدلوها دلْواً إِذا أخرجتها وجذبتها من الْبِئْر ملأى. قَالَ الراجز:
يَنْزَع من جَمَّاتها دَلْو الدَّالْ
أَي نَزْعَ النَّازِع.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: فِي قَول الله جلّ ثَنَاؤُهُ: {وَلاَ تَأْكُلُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُواْ بِهَآ إِلَى الْحُكَّامِ} (الْبَقَرَة: 188) قَالَ: معنى تُدْلُوا فِي الأَصْل، من أَدْلَيْتُ الدَّلْوَ، إِذا أرسلتَها لِتملأَها، قَالَ: وَمعنى أَدْلَى فلانٌ بحجته إِذا أَرْسَلَها وأَتَى بهَا على صِحةٍ، قَالَ: فَمَعْنَى قَوْله: تُدْلوا بهَا إِلَى الْحُكَّام، أَي تَعْمَلُونَ على مَا يُوجِبُهُ الإدلاء بِالْحجَّةِ وتَخُونُون فِي الْأَمَانَة لتأكلوا فريقاً من أَمْوَال النَّاس بالإثم كَأَنَّهُ قَالَ: تَعْمَلُونَ على مَا يُوجِبُه ظَاهر الحُكْمِ، وتتركون مَا قد علمْتُم أنّه الحقُ.
وَقَالَ الْفراء: مَعْنَاهُ لَا تَأْكُلُوا أموالَكم بينَكم بِالْبَاطِلِ وَلَا تُدْلوا بهَا إِلَى الْحُكَّام، وإنْ شِئتَ جعلتَ نصبَ وتُدْلُوا بهَا إِذا أَلْقَيْتَ مِنْهَا لَا على الصَّرْفِ، وَالْمعْنَى لَا تصانعوا بأموالكم الْحُكَّام لِيَقْتطِعوا لكم حَقًا لِغيركم، وَأَنْتُم تعلمُونَ أَنه لَا يحلّ لكم.
قلت: وَهَذَا عِنْدِي أصحّ الْقَوْلَيْنِ لِأَن الْهَاء من قَوْله وتدلوا بهَا للأموال، وَهِي على قَول الزجّاج للحجة، وَلَا ذكر لَهَا فِي أول الْكَلَام، وَلَا فِي آخِره وَقَول الله جلّ وعزّ: {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} (الْأَعْرَاف: 22) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَي دلاهما فِي الْمعْصِيَة، بِأَن غَرَّهما، وَقَالَ غَيره: فدلاهما فأطمعهما وَمِنْه قَول أَبُو جُنْدُب الْهُذلِيّ:
أَحُصُّ فَلَا أُجِيرُ وَمَن أُجِرْهُ
فليسَ كَمَن يُدَلَّى بالغُرُورِ
(14/121)
________________________________________
أَحُصُّ أمنع، وَقيل: أَحُص أَقْطَعُ ذَلِك، وَقَوله: كمن يُدَلَّى أَي يُطْمَع قلت: وأصلُه الرجلُ العطشانُ يُدَلَّى فِي الْبِئْر لِيَرْوَى من مَائِهَا فَلَا يَجِد فِيهَا مَاء فَيكون مُدَلَّى فِيهَا بالغُرُور فَوُضِعتْ التَّدْليةُ موضعَ الإطْمَاعِ فِيمَا لَا يُجدِي نَفْعاً. وَفِيه قَول ثَالِث: {فَدَلَّاهُمَا بِغُرُورٍ} أَي جرَّأَهما إبليسُ على أكلِ الشجرةِ بغُرَرِهِ وَالْأَصْل فِيهِ دَلَّلَهما. والدَّالُّ والدَّالَّةُ الجُرْأَةُ، وَأما قَوْله: {الاَْعْلَى ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} (النَّجْم: 8) .
قَالَ الْفراء: ثمَّ دَنا جِبْرِيل من مُحَمَّد فَتَدلَّى كَأَن الْمَعْنى ثمَّ تدلى فَدَنَا، وَهَذَا جَائِز إِذا كَانَ الْمَعْنى فِي الْفِعْلَيْنِ وَاحِدًا.
وَقَالَ الزّجاج: معنى دنا فَتَدَلَّى وَاحِد، لِأَن الْمَعْنى أَنه قَرُبَ فَتَدَلَّى أَي زادَ فِي القُرْب كَمَا تقولُ: قد دَنَا فلانٌ مِنِّي وقَرُب.
وَفِي حَدِيث أمّ الْمُنْذر العَدَوية قَالَت: دخَل عليَّ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَمَعَهُ عليّ بن أبي طالبِ ناقهٌ قَالَت: وَلنَا دَوالٍ مُعَلَّقة قَالَت: فقامَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأَكل، وَقَامَ عليّ فأكلَ، فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَهْلاً فَإنَّك نَاقِهٌ) فَجَلَسَ عليّ وَأكل مِنْهَا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ جَعَلْتُ لَهُم سِلْقاً وشَعِيراً فَقَالَ لَهُ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (من هَذَا أَصِبْ فَإِنَّهُ أَوْفَقُ لَك) ، والدَّوَالي: بُسْرٌ يُعلَّق فَإِذا أَرطَبَ أُكِلَ.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: دَلَوْتُ الْإِبِل دَلْواً إِذا سُقْتَها سوْقاً رُوَيداً وَأنْشد غَيره:
لَا تَعْجَلا بالسَّيْرِ وَادْلُوَاهَا
لَبِئْسَما بُطْءٌ وَلَا نَرْعَاها
وَنَحْو ذَلِك قَالَ الْفراء، وَقَالَ اللَّيْث: الدَّالِيَةُ شَيْء يُتَّخذ من خوص وخَشَب يُسْتَقى بِهِ بحبال تُشَد فِي رَأس جِذْعٍ طَوِيل، وَقَالَ: وَالْإِنْسَان يُدْلي شَيْئا فِي مَهْواةٍ ويتدلَّى هُوَ نَفسه، وأدْلى فلانٌ بِحقِّه وحُجَّتِه، إِذا هُوَ احْتَج بهَا وأحضرها، وأَدلَى بِمَال فلَان إِلَى الْحَاكِم: إِذا دَفعه إِلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: دَلِيَ إِذا سَاق، ودَلِيَ إِذا تَحَيَّر، وَقَالَ: تدلَّى إِذا قَرُب بعد عُلُوَ، وتدلَّى تواضع، ودَالَيْتُه أَي دَارَيْتُه.
لدي: قَالَ اللَّيْث: لَدَى مَعْنَاهَا مَعْنى عِنْد يُقال: رأيتُه لَدَى بابِ الْأَمِير، وَجَاءَنِي أمرٌ من لَدَيك أَي مِن عِندك، وَقد يَحْسُن من لَدُنْك بِهَذَا الْمَعْنى، وَيُقَال فِي الإغْرَاء: لَدَيْكَ فلَانا كَقَوْلِك عَلَيْك فلَانا وَأنْشد:
لَدَيْك لَدَيْك ضَاقَ بِها ذِراعاً
ويروى إلَيْكَ إِلَيْكَ، على الإغْرَاء.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَلْدَى فلَان إِذا كَثُرَتْ لِدَاتُه وَقَوله جلّ وعزّ: {قَرِينُهُ هَاذَا مَا لَدَىَّ} (ق: 23) يَقُوله المَلك يَعْنِي مَا كُتِبَ من عَمَل العَبْد حاضرٌ عِنْدِي، وَقَالَ تَدَلَّى فلانٌ علينا من أَرض كَذَا وَكَذَا: أَي
(14/122)
________________________________________
أَتَانَا يُقَال: من أَيْنَ تَدَلَّيْتَ علينا؟ وَقَالَ أسامةُ الهُذَلي:
تَدَلَّى عَلَيْه وهْوَ زُرْقُ حَمَامَةٍ
لَهُ طِحْلِبٌ فِي مُنْتَهَى القَيْضِ هَامِدُ
وَقَالَ لبيد يصف فرسا:
فَتَدَلَّيْتُ عَلَيْها قَافِلاً
وَعلى الأَرْض غَيَايَاتُ الطَّفَلْ
أَرَادَ أنَّه تَدَلَّى مِن مِرْبائه وهُو عَلى فَرسِه رَاكِبٌ. إِلَى الحضيض وَهُوَ لَهَا أَمْتَن.
أدل: ابْن الْأَعرَابِي: الأدْلُ وَجَعُ الْعُنق من تَعَادى الوِسادِ.
ابْن السّكيت عَن الْفراء: هُوَ الإجْلِ والإدل لِوَجَع العُنُق، والإدْلُ اللَّبَنُ الخائِرُ الحامِضُ من ألبان الْإِبِل.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الإعرابي: هُوَ الإدْل والإجْل لِوَجَع الْعُنُق، يُقَال: بِي إِجْلٌ فَأَجِّلُوني هَكَذَا سمعتُه من الْمُنْذِرِيّ.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: جَاءَنَا بإِدْلَةٍ مَا تُطاق حَمَضاً.
دأل: أَبُو عُبَيد عَن الْأَصْمَعِي: الدَّألانُ بالدَّال مَشْيُ الَّذِي كَأَنَّهُ يَبْغِي فِي مِشْيتِه من النشاط يُقَال: دَأَلتُ أَدْأَل.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: قَالَ: الدَّألانُ عَدْوٌ مقاربٌ.
قَالَ الْأَصْمَعِي: وَأما الذالان بِالذَّالِ فَهُوَ مِنَ المشْيِ الخفيفِ، وَبِه سمِّيَ الذِّئْبُ ذُؤالة.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: وقفُوا من أَمرهم فِي ذُوَلُولٍ أَي فِي شدَّة وَأمر عَظِيم.
قلت: جَاءَ بِهِ غير مَهْمُوز، وَقَالَ أَبُو زيد فِي الْهَمْز: دَأَلْتُ للشَّيْء أَدْأَلُ دَأَلاً ودَأَلاناً وَهُوَ مِشيةٌ شبيهةٌ بالخَتْل، يُقَال: الذِّئبُ يَدأَلُ للغزال ليأكلَه، يَقُول لِيخْتِله.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: والمُدَاءَلَةُ بِوَزْن المَداعَلَة الخَتْلُ، وَقد دَأَلْتُ لَهُ ودَأَلْتُه، وَقد تكون فِي سرعَة الْمَشْي.
ابْن السّكيت: هُوَ أَبُو الْأسود الدؤَلِي مَفْتُوحَة الْوَاو مَهْمُوز وَهُوَ مَنْسُوب إِلَى الدُّئِل من كِنَانةَ والدُّولُ فِي حَنِيفَةَ يُنْسَبُ إِلَيْهِم الدُّولِيُّ قَالَ والدِّيل: فِي عبْد الْقَيْس يُنْسَبُ إِلَيْهِم الدِّيلِيُّ، قَالَ: والدُّئِلُ: على وزن الوُعِل دُويبةٌ شبيهٌ بِابْن عِرْسٍ وَأنْشد الْأَصْمَعِي:
جَاءُوا بجَيْشٍ لَو قيسَ مُعْرَسَه
مَا كَانَ إِلَّا كَمُعْرِسِ الدُّئِل
دوَل: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: والدَّويلُ النَّبت العَامِيُّ اليَابِسُ، قَالَ الرَّاعِي فِي شعر لَهُ:
شَهْرَيْ ربيعٍ لَا تذوق لَبُونُهم
إِلَّا حُموضاً وَخْمةً ودَوِيلاً
أَبُو زيد: الكَلأُ الدَّويلُ الَّذِي أتتْ عَلَيْهِ سنتَانِ فَهُوَ لَا خير فِيهِ.
(14/123)
________________________________________
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدالَةُ الشهرةُ وَيجمع الدَّالَ، يُقَال: تركناهم دَالةً أَي شهرةً، وَقد دَالَ يَدُول دَالةً ودَوْلاً إِذا صَار شهرةً. وَقَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {السَّبِيلِ كَى لاَ يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الاَْغْنِيَآءِ} (الْحَشْر: 7) . قَرَأَهَا النَّاس بِرَفْع الدَّال إِلَّا السّلمِيّ فِيمَا أعلم فَإِنَّهُ قَرَأَ دَوْلة بِنصب. قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا للدَّولة بِموضع، إِنَّمَا الدَّوْلة للجيشين يهْزم هَذَا هَذَا ثمَّ يُهْزَم الهَازِمُ.
فَتقول: قد رَجَعَتْ الدَّوْلَة على هَؤُلَاءِ كَأَنَّهَا الْمرة، قَالَ: والدُّولَةُ بِرَفْع الدَّال فِي المِلْكِ والسُّنَن الَّتِي تُغَيَّر وتُبَدَّل عَن الدَّهْر، فَتلك الدُّولَة والدُّوَل.
وَقَالَ الزّجاج: الدُّولَة اسْم الشَّيْء الَّذِي يُتَدَاول؛ والدَّوْلَةُ الفِعل والانتقال من حَال، فَمن قَرَأَ {السَّبِيلِ كَى لاَ يَكُونَ} (الْحَشْر: 7) فعلى أَن يكون على مَذْهَب المَال كَأَنَّهُ كي لَا يكون الفَيْءُ دُولةً أَي مُتداولاً.
وَقَالَ ابْن السِّكيت: أَخْبرنِي ابْن سَلام عَن يُونُس فِي قَول الله جلّ وعزّ: {السَّبِيلِ كَى لاَ يَكُونَ} فَقَالَ: قَالَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء: الدُّولة فِي المَال والدَّوْلة فِي الحَرْب. قَالَ: وَقَالَ عِيسَى بن عمر: كلتاهما فِي الْحَرْب سَوَاء، وَقَالَ: واللَّهِ مَا أَدْرِي مَا بَينهمَا.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّولَةُ والدَّوْلة لُغتان، وَمِنْه الإدالة قَالَ: وَقَالَ الْحجَّاج: إِن الأرضَ ستُدال منا كَمَا أدلنا مِنْهَا. قلت: مَعْنَاهُ أَنَّهَا ستأكُلَنا كَمَا نَأْكُلها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: حَجازَيْكَ ودَوَالَيْكَ وهَذَاذَيْكَ. قَالَ: وَهَذِه حُرُوف خِلْقَتُها على هَذَا لَا تُغَيَّر قَالَ: وحَجازيك أَمَرَه أَن يَحْجُزَ بَينهم؛ ويَحْتملُ أَن يكون مَعْنَاهُ: كُفَّ نَفْسَك، وأمَّا هَذَاذَيْك، فَإِنَّهُ يَأْمُرهُ أَن يقطع أَمْرَ الْقَوْم، ودواليك من تَداولوا الْأَمر بَينهم، يَأْخُذ هَذَا دَوْلة وَهَذَا دَوْلَة وَأنْشد ابْن بُزُرْجَ:
دَوَالَيْك حَتَّى مَا لِذا الثَّوبِ لابسُ
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
إِذا شُقَّ بُرْدٌ شُقَّ بالبُرْدِ مِثْلُه
دَوَالَيْك حَتَّى مَا لذَا الثَّوْب لابسُ
قَالَ: هَذَا رجلٌ شقَّ ثِيَابَ امرأةٍ حَتَّى يَنْظُرَ جَسَدها فَشَقتْ هِيَ أَيْضا عَلَيْهِ ثَوْبه.
وَقَالَ ابْن بُزُرْج: رُبمَا أدخلُوا الْألف وَاللَّام على دَوَالَيْك فجُعِلَ كالاسم مَعَ الْكَاف وَأنْشد فِي ذَلِك:
وصاحبٍ صاحَبْتُه ذِي مَأْفَكَهْ
يَمْشي الدَّوَالَيك ويعدو البُنَّكَهْ
قَالَ: والدَّواليك أنْ يَتَحَفَّزَ فِي مِشْيته إِذا حَاكَ والبُنَّكَةُ يَعْنِي ثِقْلَه إِذا عَدا.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: جَاءَ بالدُّوَلَة والتُّوَلَة، وهما من الدَّوَاهِي، وَيُقَال: تَدَاوَلْنا الأمرَ
(14/124)
________________________________________
والعَمل بَيْننَا بِمَعْنى تَعاوَرْناه فَعمل هَذَا مرّة وَهَذَا مرّة.
ولد: قَالَ اللَّيْث: الوَليدُ الصَّبيُّ والوليدةُ الأَمَةُ. قَالَ: وأمَّا التَّلِيدَة من الْجَوَارِي فَهِيَ الَّتِي تُولَدُ فِي مِلْك قومٍ وَعِنْدهم أبواها. وَقَالَ ابْن شُمَيل: المولَّدة الَّتِي وُلِدت بأرضٍ وَلَيْسَ بهَا إِلَّا أَبَواها أَو أُمها، والتَّلِيدةُ الَّتِي أَبوهَا وأهلُ بَيتهَا وَجَمِيع من هُوَ بسبيل مِنْهَا بِأَرْض، وَهِي بِأَرْض أُخْرَى. قَالَ: والقِنُّ من العبيد التَّليد الَّذِي وُلد عنْدك وَقد مرّ مَا قيل فِي المولَّدة والتَّلِيدَة فِي بَاب تَلَد، وَقَول ابْن السّكيت فِي قَول مُزَرِّدٍ الثَّعْلَبي:
تَبَرَّأْتُ من شَتْمِ الرجالِ بِتَوْبةٍ
إِلَى الله مِني لَا يُنادَى وَليدُها
وَقَالَ: هَذَا مثلٌ ضربَهُ: مَعْنَاهُ إِنِّي لَا أُراجَعُ وَلَا أُكَلَّم فِيهَا كَمَا لَا يُكلَّم الوليدُ فِي الشَّيْء الَّذِي يُضربُ لَهُ فِيهِ المَثَل.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي وَأَبُو عبيد فِي قَوْلهم: هُوَ أمرٌ لَا ينادَى وليدُه، قَالَ أَحدهمَا: هُوَ أَمر جليل شَدِيد لَا يُنادى فِيهِ الوليدُ، وَلَكِن تُنادَى فِيهِ الجِلَّةُ.
وَقَالَ آخر: أصلُه فِي الْغَارة: أَنْ تَذْهَل الأمُ عَن ابْنهَا أَن تنادِيَه وتضُمَّه وَلكنهَا تهرُب عَنهُ.
قَالَ ابْن السّكيت: وَيُقَال: جَاءُوا بِطَعَام لَا ينادَى وَليدهُ، وَفِي الأَرْض عُشْب لَا يُنَادى وَليده: أَي إِذا كَانَ الْوَلِيد فِي مَاشِيَة لم يَضِرْهُ أَيْن صَرَفها لِأَنَّهَا فِي عُشْب، فَلَا يُقَال لَهُ: اصْرفها إِلَى مَوضِع كَذَا لِأَن الأرضَ كلَّها مُخْصِبة، وَإِن كَانَ طعامٌ أَو لَبَن فَمَعْنَاه، أَنه لَا يُبالي كَيفَ أَفْسَد فِيهِ؟ وَلَا مَتَى أكل؟ وَلَا مَتى شربَ؟ وَفِي أيّ نواحيه أَهْوَى؟
وَقَالَ اللَّيْث: الوَلَد اسْم يجمع الواحِد وَالْكثير وَالذكر والأُنثى. قَالَ: وَوَلَدُ الرجل ووُلْدُهُ فِي معنى، وَوَلَدُه ورَهْطُه فِي مَعْنى، وَيُقَال فِي تَفْسِير قَوْله: {يَزِدْهُ مَالُهُ وَوَلَدُهُ إِلاَّ} (نوح: 21) مالُه وولدُه أَي رَهْطُه، وَيُقَال: وُلْدُه، قَالَ: والوِلْدَةُ جمعُ الْأَوْلَاد قَالَ رؤبة:
شَمْطاً يُرَبِّي وِلْدَةً زَعابِلاَ
وَقَالَ الْفراء: قَرَأَ إِبْرَاهِيم: (مالُه ووُلْدُه) وَهُوَ اخْتِيَار أبي عَمْرو وَكَذَلِكَ قَرَأَ ابْن كثير وَحَمْزَة، وروى خَارِجَة عَن نَافِع: (وَوُلْدُه) أَيْضا وَقَرَأَ الْبَاقُونَ (ووَلَدَه) .
وَقَرَأَ ابْن أبي إِسْحَاق: (مَاله ووِلده) ، قَالَ: وهما لُغَتَانِ: وِلده، ووُلده.
قَالَ الزّجاج: الوَلَد والوُلْدُ وَاحِد مثل العَرَب والعُرْب والعَجم والعُجْم وَنَحْو ذَلِك. قَالَ الْفراء وَأنْشد:
وَلَقَد رأَيتُ معاشِرا
قد ثَمَّروا مَالا وَوُلْداً
قَالَ: وَمن أَمْثَال الْعَرَب: وُلْدُكِ مَن دَمَّىّ
(14/125)
________________________________________
عَقِبَيْكِ وَأنْشد:
فَليتَ فُلاناً كَانَ فِي بَطْن أُمِّه
ولَيْتَ فلَانا كانَ وُلْدَ حِمارِ
فَهَذَا وَاحِد، قَالَ: وَقيس يَجْعل الوُلْد جمعا والوَلد وَاحِدًا.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: قَالَ يُقَال فِي الوَلَدِ: الوِلْدُ والوُلْدُ قَالَ وَيكون الوُلْدُ وَاحِدًا وجمعاً.
اللَّيْث: شاةٌ وَالِدٌ وَهِي الحَامِل، والجميع: وُلْدٌ وَإِنَّهَا لَبَيِّنَة الوِلادِ، وَأما الوِلادةُ فَهُوَ وَضْعُ الوالدة ولدَها، وَجَارِيَة مُولّدة تُولدُ بَين الْعَرَب، وتَنْشأُ مَعَ أَوْلَادهم ويَغْذونها غِذاءَ الوَلَد ويُعَلِّمونها من الْأَدَب مثل مَا يعلّمون أَوْلَادهم، وَكَذَلِكَ المولَّدُ مِن العَبيدِ، وَإِنَّمَا سُمِّي المولَّدُ من الْكَلَام مُولَّداً إِذا استحدثوه، وَلم يكن من كَلَامهم فِيمَا مَضى.
ابْن السّكيت: شاةٌ والِدٌ أَي حَامِل وَيُقَال لأم الرجل هَذِه: والدةٌ.
وَقَالَ أَبُو زيد قَالُوا: الوَلِيدُ الصَّبِيُّ حِين يُولد.
قَالَ بَعضهم: نَدْعُو الصبية أَيْضا وليداً.
وَقَالَ بَعضهم: بل هُوَ الذّكر دون الْأُنْثَى.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يُقَال: غُلامٌ مَوْلُود، وَجَارِيَة مَولودة أَي حِين وَلَدَتْه أُمُّه، والولِيدُ الغُلام حِين يُسْتَوصَفُ قبل أَن يَحْتَلم، وجاريةٌ وَليدةٌ، وَيُقَال للأمَة: وليدةٌ وَإِن كَانَت مُسِنَّة، قَالَ: وَجَاء بِبَيِّنَةٍ مُوَلَّدَةٍ، وَلَيْسَت بمَحَقَّقة، وجاءنا بِكِتَاب مُوَلَّدٍ أَي مُفْتَعَل.
وَحكى أَبُو عُمَر عَن ثَعْلَب قَالَ: وَمِمَّا حرَّفَته النصارَى أَنَّ فِي الْإِنْجِيل يَقُول الله مُخَاطبا لعيسى: أَنْت نبِيِّي وَأَنا وَلَّدْتُك أَي رَبَّيْتُكَ، فَقَالَت النَّصَارَى: أَنْتَ بُنَيِّي وَأَنا وَلَدْتُك وَأنْشد:
إِذا مَا وَلَّدوا شَاة تنادوْا
أَجَدْيٌ تحتَ شاتِك أَمْ غُلامُ
قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: قَوْله: ولَّدوا شَاة رماهم بِأَنَّهُم يَأْتون الْبَهَائِم. قلت: وَالْعرب تَقول: نَتَجَ فلانٌ ناقَتَه إِذا وَلَدتْ وَلَدهَا وَهُوَ يَلِي ذَلِك مِنْهَا فَهِيَ مَنْتُوجَةٌ، والناتجُ لِلْإِبِلِ بِمَنْزِلَة القَابِلَة للْمَرْأَة إِذا وَلَدَتْ، يُقَال فِي الشَّاة: ولَّدناها أَي وَلِينا وِلادَتها.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: إِذا وَلَدَت الغنمُ بعضُها بعد بعض قيل: قد وَلَّدْتُها الرُّجْيَلاء مَمْدُود ووَلَّدْتها طَبقاً وطَبَقَةً، ومَوْلِدُ الرجل وقْتُ وِلادِه، ومولِدُه الموضعُ الَّذِي وُلد فِيهِ، وَوَلَدَتْه الأمُ تَلِد مولِداً كل ذَلِك بِكَسْر اللَّام يَعْنِي المولد.
لود: قَالَ اللَّيْث: الأَلْوَدُ الَّذِي لَا يكَاد يَميل إِلَى عَدْل وَلَا ينقاد لأمرٍ، وفِعْلُه لَوِدَ يَلْوَدُ لَوَداً، وَقوم أَلْوَاد، وَهَذِه كلمة نادرة، وَقَالَ رؤبة:
أُمْسِكتُ أَجْراسَ القرومِ الأَلْودِ
(14/126)
________________________________________
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأَلْوَد الشَّديدُ الَّذِي لَا يُعطى طَاعَة وَجمعه أَلْوَاد وَأنْشد:
أَغْلَبَ غَلاَّباً أَلَدَّ أَلْوَدا
انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب الدَّال وَالنُّون)
د ن (وايء)
دين، دنأ، دنا، دنؤ، وَدَن، نود، نأد، ندا، ندأ، دون: (مستعملة) .
دون: شمر قَالَ ابْن الأعرابيّ: يُقَال: أدنُ دونَك أَي اقتربْ، قَالَ لَبِيد:
مِثْلُ الَّذِي بالغِيلِ يَغْزُو مُخْمَدَا
يَزْداد قُرباً دونَه أنْ يُوعَدا
مُخْمَدٌ: ساكنٌ قد وطّن نَفسه على الْأَمر، يَقُول: لَا يَرُده الوَعِيدُ فَهُوَ يَتَقَدَّمُ أمامَهُ يَغْشَى الزَّجْرَ، وَقَالَ زُهَير بن خَبَّابٍ:
وإنْ عِفْتَ هَذَا فادنُ دونَك إنّني
قليلُ الغِرار والشَّرِيجُ شِعارِي
الغِرارُ النَّوم، والشّريجُ القَوْس وَأنْشد:
تُرِيك القَذَى مِن دونهَا وَهِي دُونَه
إِذا ذاقَها مَن ذاقها يَتَمَطَّقُ
وفَسَّره فَقَالَ: تُريك هَذِه الخَمْرُ من دونِها أَي من ورائِها، وَالْخمر دُون القَذَى إِلَيْك، وَلَيْسَ ثَمَّ قذًى، وَهَذَا تَشْبِيه يَقُول: لَو كَانَ أسفلَها قَذًى لرأَيتَه.
وَقَالَ بعض النَّحْوِيين: لِدُونَ تسعةُ معانٍ: تكون بِمعنى قبْلُ، وَبِمَعْنى أمامَ، وَبِمَعْنى وَرَاءَ، وَبِمَعْنى تحتَ، وَبِمَعْنى فوقَ، وَبِمَعْنى السَّاقِط من النَّاس وغيرِهم، وَبِمَعْنى الشريفِ، وَتَكون بِمَعْنى الْأَمر، وَبِمَعْنى الوَعيد، وَبِمَعْنى الإغراء.
فَأَما دون بِمَعْنى قبل، فكقولك: دُونَ النَّهرِ قِتَالٌ، ودُون قَتْلِ الْأسد أَهْوَالٌ: أَي قبل أَن تصل إِلَى ذَلِك، وَدون بِمَعْنى وَرَاء كَقَوْلِك: هَذَا أَمِير على مَا دون جَيْحُونَ أَي على مَا وراءَه، والوعيدُ كَقَوْلِك: دُونَك صِراعي ودونك فَتَمْرَسْ بِي، وَفِي الْأَمر: دُونك الدِّرهَم أَي خُذْهُ، وَفِي الإغراء: دُونك زيدا أَي الْزَمْ زيدا فِي حفظه، وَدون بِمَعْنى تَحت كَقَوْلِك دون قَدَمِكَ خَدُّ عَدُوِّكَ أَي تَحت قدمك، وَدون بِمَعْنى فَوق كَقَوْلِك: إنَّ فلَانا لَشَرِيفٌ فيجيبُ آخرُ فيقولُ: ودونَ ذَلِك أَي فَوق ذَلِك.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال زيد دُونك، أَي هُوَ أحسن مِنْك فِي الحسَب، وَكَذَلِكَ الدون يكون صفة وَيكون نعتاً على هَذَا الْمَعْنى وَلَا يُشْتَقُّ مِنْهُ فعل، وَيُقَال هَذَا دون ذَلِك فِي التَّقْرِيب والتحقير، فالتحقيرُ مِنْهُ مَرْفُوع، والتقريب مَنْصُوب لِأَنَّهُ صفته، وَيُقَال: دونُك زَيدٌ فِي الْمنزلَة والقرب والبعد.
سَلمَة عَن الْفراء: دُونَ يكون بِمَعْنى على، وَتَكون بِمَعْنى بعد، وَتَكون بِمَعْنى عِنْد، وَتَكون إغراء، وَيكون بِمَعْنى أقَلَّ من ذَا
(14/127)
________________________________________
وأنقص من ذَا، ودُونَ يكون خسيساً. وَقَالَ فِي قَوْله: {وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذالِكَ} (الْأَنْبِيَاء: 82) .
ودونَ ذَلِك الغَوْصِ يُرِيد سوى الغَوْصِ، من البِنَاء، وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَوْله:
يَزِيدُ يَغُضُّ الطَّرْفَ دُوني
أَي يُنَكِّسُه فِيما بيني وبينَه من الْمَكَان.
يُقال: ادْنُ دُونك أَي اقْتَرِب، مني فِيمَا بيني وَبَيْنك، والطَّرْف تَحْرِيك جفون الْعَينَيْنِ بِالنّظرِ، يُقَال: أَسْرَعُ من الطَّرْف واللَّمْح.
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ يُقَال: يَكْفِينِي دُونُ هَذَا لِأَنَّهُ اسْم.
وَيُقَال: هَذَا رجل من دونٍ، وَلَا يُقَال: رجلٌ دُونٌ لم يتكلَّموا بِهِ وَلم يَقُولُوا فِيهِ: مَا أَدْوَنَه وَلم يُصَرَّفْ فِعْلُه كَمَا يُقَال: رجلٌ نَذْلٌ بَيِّن النَّذَالةِ.
وَفِي الْقُرْآن: {وَمِنْهُمْ دُونَ ذاَلِكَ} (الْأَعْرَاف: 168) بِالنّصب، والموضع مَوْضعُ رفع، وَذَلِكَ أَن الْعَادة فِي دون أَن يكون ظرفا، ولذلِك نصبوه.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: التَّدَوُّنُ الغِنَى التامُ.
دين: أَبُو عبيد: الدِّين الْحساب وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: {) مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} (الْفَاتِحَة: 4) وَقَالَ غَيره: مالكِ يَوْم الْجَزَاء، وَمِنْه قَوْلهم: كَمَا تَدِينُ تُدان، الْمَعْنى كَمَا تعْمل تُعْطَى وتُجَازَى، وَقَالَ الشَّاعِر:
وَاعْلَمْ يَقيناً أَنَّ مُلْكَكَ زائِلٌ
واعْلم بأَنَّ كَمَا تدينُ تُدان
أَي تُجْزَى بِمَا تفعل، والدِّين أَيْضا الْعَادة، تَقول الْعَرَب: مَا زَال ذَلِك دِيني ودَيْدَنِي أَي عادتي.
وَفِي الحَدِيث: (الْكَيِّسُ من دَانَ نَفْسَه وعَمِلَ لما بعد الْمَوْت، والأحمقُ من أَتْبَعَ نَفْسَه هَواها وتمنّى على الله) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَوْله: دَانَ نَفْسَه أَي أَذَلَّها واستعبدها، يُقَال: دِنْتُ الْقَوْم أَدِينُهم إِذا فعلت ذَلِك بهم.
قَالَ الْأَعْشَى يمدح رجلا:
هُوَ دانَ الرَّباب إذْ كَرِهُوا الدَّيْ
نَ دِرَاكاً بِغَزْوَةٍ وصِيالِ
ثُمَّ دَانتْ بَعْدُ الربابُ وكانتْ
كعذابٍ عُقوبةُ الأقوالِ
فَقَالَ: هُوَ دَانَ الربابَ يَعْنِي أذَلَّها، ثمَّ قَالَ: دَانَتْ بعدُ الربابُ أَي ذَلَّتْ لَهُ وأطاعَتْه، والدِّين لِلَّهِ من هَذَا إِنَّمَا هُوَ طاعتُه والتَّعَبُّدُ لَهُ.
وَقد قيل فِي قَوْله: الكَيِّسُ من دَان نَفْسَه أَي حاسَبها.
وَقَول الله جلّ وعزّ: {الدِّينُ الْقَيِّمُ} (التَّوْبَة: 36) أَي ذَلِك الْحساب الصَّحِيح والعَددُ الْمُسْتَوِي، وَقَوله جلّ وعزّ: {تُبْصِرُونَ فَلَوْلاَ إِن كُنتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ} {مَدِينِينَ} (الْوَاقِعَة:
(14/128)
________________________________________
86 -، 87) .
قَالَ الْفراء: غير مدينين غير مَمْلوكِين.
قَالَ: وسمِعْتُ غَيرَ مَجْزِيِّينَ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: مَعْنَاهُ: هَلاَّ تَرْجِعُونَ الرُّوحَ إِن كُنْتُم غيرَ مَمْلُوكين مُدَبَّرِين، وَقَوله: {إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (الْوَاقِعَة: 87) أنَّ لكم فِي الْحَيَاة وَالْمَوْت قُدرة وَهَذَا كَقَوْلِه: {قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} (آل عمرَان: 168) .
وَقَالَ اللَّيْث: المَدِينَةُ الأَمَةُ الْمَمْلُوكَة والعَبْد مَدين. وَقَالَ الأخطل:
رَبَتْ ورَبَا فِي كَرْمِها ابْنُ مَدينةٍ
يَظَلُّ عَلَى مِسْحَاتِهِ يَتَرَكَّلُ
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ فِي بَيت الأخطل: هَذَا ابنَ مَدِينة عَالم بهَا كَقَوْلِهِم: هُوَ ابنُ بَجْدَتِها.
وَقَالَ أَبُو عبيد: دِنتُ الرجل أَقْرَضْتُهُ، وَمِنْه قَالُوا: رجلٌ مَدِين ومَدْيون، قَالَ: ودِنْتُه استقرضتُ مِنْهُ وَأنْشد فَقَالَ:
نَدِينُ ويَقْضِي اللَّهُ (عَنَّا) وقدْ نَرَى
مَصارِعَ قومٍ لَا يَدِينون ضُيَّعا
قَالَ: أنشدنَاه الْأَحْمَر، قَالَ: وأَدَنْتُ الرجلَ إِذا أَقْرضتَه، وَقد ادَّانَ إِذا صَار عَلَيْهِ دَيْن.
وَقَالَ شِمر: ادَّان الرجلُ إِذا كَثُر عَلَيْهِ الدَّيْن وَأنْشد:
أَنَدَّانُ أَمْ نَعْتَانُ أم يَنْبَرِي لنا
فَتًى مثلُ نَصْلِ السَّيْف هُزَّتْ مَضَارِبهُ
قَالَ: نَعْتَانُ نَأْخُذ العِينَة.
قَالَ وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: دِنْتُ وَأَنا أدين إِذا أخذت دَيْناً وَأنْشد:
أَدِينُ وَمَا دَيْني عَلَيْكُم بِمَغْرَم
وَلَكِن على الشُّمِّ الجِلادِ القَراوِحِ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: القِرْوَاحُ من النخيل الَّتِي لَا تُبالي الزَّمَانَ، وَكَذَلِكَ من الْإِبِل، قَالَ: وَهِي الَّتِي لَا كَرَب لَهَا من النخيل.
وَقَالَ شَمِر: قَالَ غَيره: المُدَّانُ الَّذِي لَا يزَال عَلَيْهِ دَيْن، قَالَ: والمِدْيَانُ إِذا شِئْت جعلتَه الَّذِي يُقْرِضُ كثيرا، وَإِذا شئتَ جَعَلتَه الَّذِي يَسْتقرِض كثيرا، قَالَ: والدائنُ الَّذِي يَستدين، والدائن الَّذِي يُجْرِي الدَّينَ.
قَالَ شمر: وَقَالَ أَبُو زيد: جِئْت لأطلب الدِّيَنَة قَالَ: هُوَ اسْم الدَّين وَمَا أَكثر دِينَته أَي دَيْنَه، وَقَالَ: دِنْتُ الرجلَ حَمَلْتُه على مَا يكره وَأنْشد:
يَا دِينَ قَلبك من سَلْمى وَقد دِينَا
قَالَ: يَا دِين قَلْبك يَا عادةَ قَلْبك وَقد دِينَ أَي حُمِل على مَا يَكْره.
(14/129)
________________________________________
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: دَانَ الرجلُ إِذا عَزَّ، ودان إِذا ذَلَّ، ودَانَ إِذا أطاعَ، ودَانَ إِذا عَصَى، ودَانَ إِذا اعتادَ خَيْراً أَو شرّاً، ودَانَ إِذا أصابَه الدِّينُ، وَهُوَ دَاء، قَالَ: وَمِنْه قَوْله:
يَا دِينَ قَلْبِك من سَلْمى
قَالَ: قَالَ الْمفضل: مَعْنَاهُ يَا داءَ قَلْبك الْقَدِيم.
وَقَالَ قَتَادَة فِي قَوْله جلَّ وعزّ: {مَا كَانَ لِيَأْخُذَ أَخَاهُ فِى دِينِ الْمَلِكِ} (يُوسُف: 76) قَالَ فِي قَضَاء الْملك.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: دِنْتُه مَلَكْتُه. قَالَ الحطيئة:
لَقَدْ دُيِّنْتِ أَمْرَ بَنِيك حَتَّى
تَرَكتِهم أدقَّ من الطَّحِينِ
يَعْنِي مُلِّكْتِ ويُرْوَى شُوِّسْتِ يُخَاطب أُمَّه.
قَالَ شمر فِي قَوْلهم: يَدَّيَنُ الرجل أَمْره من هَذَا أَي يَمْلك.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: أَدْنتُ الرجلَ بِعْتَه بِدَيْن وَأنْشد فَقَالَ:
أَدانَ وأَنْبأَهُ الأوَّلونْ
بأنَّ المُدانَ مَلِيءٌ وَفى
وَقَالَ شَمِر: رجل مَدِينٌ ومُدانٌ وَمَدْيونٌ ودائنٌ كُله الَّذِي عَلَيْهِ الدّين، وَكَذَلِكَ المُدان، فَأَما المُدِينُ فَالَّذِي يَبِيعُ بِدَيْن.
وَقَالَ الشَّيْبَانِيّ: أَدان الرجلُ أَي صَار لَهُ ديْن على النَّاس.
وَقَالَ ابْن المظفر: أَدَانَ الرجلُ فَهُوَ مُدِين أَي مُستَدِين.
قلت: وَهَذَا خطأ عِنْدِي وَقد حَكَاهُ شمر لبَعْضهِم وَأَظنهُ أَخذه عِنْده، وأَدَانَ مَعْنَاهُ أَنه باعَ يَديْن أَو صَار لَهُ على النَّاس ديْن.
وَقَالَ اللَّيْث: الدِّينُ مِن الأمطار مَا تعاهد موضعا لَا يزَال يُرِبُّ بِهِ ويُصِيبُه وَأنْشد:
مَعْهُودٌ ودينُ
قلت: هَذَا خطأ وَالْبَيْت للطرماح:
عَقَائِل رَمْلَةٍ نَازَعْنَ مِنها
دُفوف أَقَاحِ مَعْهُودٍ وَدِينِ
أَرَادَ دُفوفَ رَمْل أَوْ كُثُبَ أقاحٍ مَعْهود أَي مَمْطور أَصَابَهُ عهد من الْمَطَر بعد مطر تقدَّمه وَقَوله: ودِينٌ أَي مَوْدون مَبْلُول من وَدَنْتُه أَدنُه وَدْناً إِذا بَلَلتَه وَالْوَاو فَاء الْفِعْل، وَهِي أَصْلِية وليستْ بواو الْعَطف، وَلَا يُعْرف الدِّين فِي بَاب الأمطار وَهَذَا تَصْحِيف قَبِيح من اللَّيْث أَو مِمَّن زَاده فِي كِتَابه، وَيُقَال: دايَنْتُ الرجلَ إِذا أقرضتَه وَمِنْه قَول رؤبة:
داينْتُ أَرْوَى والدُّيون تُقْضَى
والدَّيانُ من أَسمَاء الله جلّ وعزّ، مَعْنَاهُ الحَكَمْ القَاضِي.
وَسُئِلَ بعضُ السَّلف عَن عَليّ بن أبي طَالب فَقَالَ: كَانَ ديَّان هَذِه الْأمة بعد نَبِيِّها، أَي كَانَ قاضِيهَا وحَاكمهَا، والدَّيان
(14/130)
________________________________________
القهَّار وَمِنْه قَوْله:
لاَه ابْن عَمِّك لَا أُفْضَلْتَ فِي حَسَبِ
يَوْمًا وَلَا أَنْت ديَّاني فَتَخْزوني
أَي لستَ بِقاهرٍ فتسوسَ أَمْرِي، وتَدَيَّن الرجل إِذا اسْتَدَانَ وَأنْشد:
يُعَيِّرني بالدَّين قومِي وَإِنَّمَا
تَدَيَّنْتُ فِي أشياءَ تُكْسِبُهم حَمْداً
وَقَالَ اللحياني: دَيَّنْتُ الرجلَ فِي الْقَضَاء وَفِيمَا بَينه وَبَين الله أَي صَدَّقْتُه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: دَيَّنْتُ الْحَالِف: أَي نَوَّيتُه فِيمَا حلف وَهُوَ التديين. وَيُقَال: رأيتُ بفلانٍ دَينَةً إِذا رأى بِهِ سَبَبَ الموتِ.
وَدَن: سَمِعت الْعَرَب تَقول: وَدَنْتُ الجِلد إِذا دفَنْته تحتَ الثَّرى لَيْلَيْن فَهُوَ مَوْدون، وكل شيءَ بَلَلْته فقد وَدنْتَه.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: ودنْتُ الثوبَ أَدِنُه وَدْناً إِذا بَلَلْتَه وَأنْشد للكميت:
كَمُتَّدِن الصَّفا كَيْما يَلينا
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أخذُوا فِي وِدان العَروسِ إِذا عَلَّلُوها بالسَّويق والتُّرَفِ، لِتَسْمنَ.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَدْنُ حُسن الْقيام على العَرُوس.
يُقَال: وَدنُوه وأَخَذُوا فِي وِدانه وَأنْشد فَقَالَ:
بِئسَ الوِدانُ لِلفَتَى العَروسِ
ضَرْبُكَ بالمِنقارِ والفُؤُوس
وَفِي حَدِيث ذِي الثُّدَية: إنهُ لَمُودَنُ اليَدِ.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي وَغَيره: المودَنُ اليَد. القَصيرُ اليَد يُقَال: أَوْدنتُ الشيءَ قَصَّرتُه.
قَالَ أَبُو عبيد: وَفِيه لُغَة أُخْرَى ودَنْتُه فَهُوَ مَوْدون. وَقَالَ حسَّان:
وأُمُّك سَوْداء مَوْدونَةٌ
كَأَن أَنامِلَها الحُنظُبُ
وَقَالَ آخر فِي بَيت لَهُ:
لقد طُلِقَتْ لَيْلَة كلَّها
فَجَاءَتْ بِهِ مُودَناً خَنْفَقِيقا
أَي لئيماً.
وَقَالَ اللَّيْث: المُودَنُ من النَّاس القَصيرُ العُنق الضيّقُ المنْكِبَيْنِ مَعَ قِصر الألواح وَالْيَدَيْنِ، قَالَ: وودَنْتُ الشَّيءَ أَي دَقَقْتُه فَهُوَ مَوْدُون أَي مَدْقُوق.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَن رجلا من الْأَعْرَاب دخل أبياتَ قومٍ فَأَخَذُوهُ وَودَنوهُ بالعصَا، كأَن مَعْنَاهُ: دَقُّوه بالعَصَا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: التَّوَدُّنُ لِينُ الْجلد إِذا دُبغ، قَالَ: والوَدْنَةُ: العَرْكَةُ بِكلام أَو ضَرْبٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: المودُونَةَ دُخَّلَةٌ مِن
(14/131)
________________________________________
الدَّخَاخِيل قصيرةُ العُنُق دَخْناء وَرْقَاء.
دنا دنأ و (دَنُؤ) : مهموزاً وَغير مَهْمُوز.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: رجل أَحْنَأُ وأَدْنَأُ وأَقْعَسُ بِمَعْنى وَاحِد.
الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت يُقَال: دَنَوْتُ مِن فلَان أدْنو دُنُوّاً، وَيُقَال: مَا كنتَ يَا فلانُ دَنِيّاً وَلَقَد دَنُؤْتَ تَدْنُؤُ دَنَاءَةً مصدره مَهْمُوز، ويُقَالُ: مَا تَزْدَادُ مِنا إِلَّا قُرْباً ودَنَاءة، فُرِقَ بَين مَصْدر دَنَا وَبَين مصدر دَنُؤ فجُعل مصدر دَنأَ دَنَاوَةً، ومصدر دَنُؤ دَنَاءةً كَمَا ترى.
قَالَ ابْن السّكيت: وَيُقَال: لقد دَنَأْتَ تَدْنأَ، مَهْمُوز. أَي سَفَلْت فِي فِعْلِك ومَجُنْتُ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِى هُوَ أَدْنَى بِالَّذِى هُوَ خَيْرٌ} (الْبَقَرَة: 61) .
قَالَ الْفراء: هُوَ من الدنَاءَة، وَالْعرب تَقول: إِنَّه لَدَنِيٌّ يُدنِّي فِي الْأُمُور غير مَهْمُوز يَتَّبِعُ خَسِيسَها وأصاغِرَها، قَالَ: وَكَانَ زُهَيْر الفُرْقبيّ يهمز (أتستبدلون الَّذِي هُوَ أَدْنأ بِالَّذِي هُوَ خير) .
قَالَ الْفراء: وَلم نَرَ الْعَرَب تهمز أدنأ إِذا كَانَ مِن الخسَّة، وهم فِي ذَلِك يَقُولُونَ: إنَّهُ لدانِىءٌ خبيثٌ فهمزوه. وأنشدني بعضُ بني كلاب:
باسلة الوَقْعِ سَرَابِيلُها
بيضٌ إِلَى دانِئها الطَّاهر
وَقَالَ فِي كتاب المصادر: دنُؤَ الرجلُ يَدْنُؤ دنُوءاً ودناءَة إِذا كَانَ ماجِناً.
وَقَالَ الزجَّاج فِي معنى قَوْله: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِى هُوَ أَدْنَى} غير مَهْمُوز أَي أقْرب، وَمعنى أَقْرَبُ أقلُّ قيمَة، كَمَا يُقَال: ثوبٌ مُقارِبٌ، فأمَّا الخسيسُ فاللغةُ فِيهِ: دنُؤَ دناءَةً وَهُوَ دَنِيءٌ بِالْهَمْز وَهُوَ أَدنَأُ مِنْهُ.
قلت: أهل اللُّغَة لَا يهمزون دنُوَ فِي بَاب الخِسَّة وَإِنَّمَا يهمزونه فِي بَاب المجُون والخُبْث.
قَالَ أَبُو زيد فِي النَّوَادِر: رجل دنيء من قوم أدنِياء، وَقد دنُؤَ دناءة، وَهُوَ الْخَبيث الْبَطن والفرج، وَرجل دنِيٌّ من قوم أدنياء وَقد دَنِيَ يَدْنَى ودنُوَ يدْنُوُ دنُوّاً، وَهُوَ الضَّعِيف الخسيس الَّذِي لَا غَناء عِنْده، المُقَصِّر فِي كل مَا أخذَ فِيهِ، وَأنْشد فَقَالَ:
فَلاَ وَأَبِيكَ مَا خُلُقِي بِوَعْرٍ
وَلَا أَنا بالدَّنِيِّ وَلَا المُدَنيِّ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: المُدَنِّي: المقَصِّرُ عَمَّا يَنْبَغِي أَن يَفْعَلَه، وَأنْشد:
يَا مَنْ لِقومٍ رأْيُهُم خَلْفٌ مُدَنّ
أَرَادَ مُدَنِّي فَقَيَّد القافية.
إِن يَسْمعوا عَوْراءَ أصغَوا فِي أَذَنْ
وَقَالَ أَبُو زيد فِي كتاب الْهَمْز: دنَأَ الرجل يَدْنأُ دنَاءَةً ودنُؤ يَدْنُؤ إِذا كَانَ دنِيئاً لَا خَيْرَ فِيهِ.
وَقَالَ أَبُو الْحسن اللحياني: رجل دنِيءٌ،
(14/132)
________________________________________
ودَانِيءٌ هُوَ الْخَبيث الْبَطن والفرج الماجن من قَومٍ أدنياء اللَّام مَهْمُوزَة، وَقد دَنَأَ يدنأ دناءة ودنُؤ يَدْنُؤ دنَاءَة.
قَالَ: وَيُقَال للخسيس: إِنَّه لَدَنِيُّ من قوم أدنِياء بِغَيْر همز، وَمَا كَانَ دنِيّاً وَلَقَد دَنِيَ يَدْنَى دنًى ودنَايَةً.
وَيُقَال للرجل إِذا طلب أمرا خسيساً: قد دنَّى يُدَنِّي تَدْنِيَةً.
قلت: وَالَّذِي قَالَه أَبُو زيد واللحياني وَابْن السّكيت هُوَ الصَّحِيح، وَالَّذِي قَالَه الزّجاج غير مَحْفُوظ.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّنُوّ غير مَهْمُوز مصدر دنَا يَدْنو فَهُوَ دانٍ وسمِّيت الدُّنْيَا لِأَنَّهَا دَنَتْ وتأخَّرَت الآخرةُ، وَكَذَلِكَ السَّمَاء الدُّنْيَا هِيَ القُرْبى إِلَيْنَا، وَالنِّسْبَة إِلَى الدُّنْيَا دُنْيَاوِيٌ وَكَذَلِكَ النِّسْبَة إِلَى كل يَاء مُؤَنَّثة نَحْو حُبْلَى ودهْنَا وَأَشْبَاه ذَلِك. وَأنْشد:
بِوَعْسَاءَ دهْناوِيُّة التُّرب طَيَّبِ
قَالَ: والمُدَنِّي من النَّاس الضعيفُ الَّذِي إِذا آواه اللَّيْل لم يبرحْ ضَعْفاً وَقد دنَّى فِي مَبِيتِه.
وَقَالَ لبيد:
فَيُدَنِّي فِي مَبِيتٍ ومحَلّ
ودانَيْتُ بَين الشَّيْئَيْنِ قرَّبتُ بَينهمَا.
وَقَالَ ذُو الرمة:
دانَى لَهُ القَيْدُ فِي ديْمومَةٍ قُذُفٍ
قَيْنَيْهِ وانْحَسَرَتْ عَنهُ الأناعيمُ
قَالَ: ودَانِيَا نبيٌ من بني إِسْرَائِيل يُقَال لَهُ: دانْيَال.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: هُوَ ابْن عمِّه دُنْيَا مَقْصُور ودِنْيَةً ودِنْيا منون وَغير منون كل هَذَا إِذا كَانَ ابْن عَمه لَحّاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدُّنَى مَا قَرُبَ من خير أَو شَرّ.
وَفِي الحَدِيث: (إِذا طَعِمْتُمْ فَسَمُّوا ودَنُّوا) معنى قَوْله دنُّوا أَي كلوا مِمَّا يليكم، وَيُقَال: دَنا وأَدنَى ودنَّى: إِذا قَرُبَ، قَالَ: وأَدنَى إِذا عَاشَ عَيْشاً ضَيقاً بعد سَعَةٍ، والأدْنَى: السَّفِلَ.
أَبُو زيد: من أمثالهم: كلّ دَنِيَ دُونَه دنِيٌ يَقُول: كلُّ قريب دونَهُ قريبٌ وكل خُلْصَانٍ دونَهُ خُلْصَانٌ.
ندأ: أَبُو عبيد عَن الأُمويّ: نَدَأْتُ الشيءَ إِذا كَرِهْتَه.
وَقَالَ أَبُو زيد: نَدَأْتُ اللحمَ أَنْدُؤهُ نَدْءاً وَذَلِكَ إِذا مَلَلْتَه فِي الملَّة والجَمْر، والندِيء الِاسْم وَهُوَ الطَّبِيخ؛ وَيُقَال لِلحُمْرَةِ الَّتِي تكون فِي الغَيْمِ: النَّدْأَةُ إِلَى جَانب مَغْرِب الشَّمْس أَو مَطْلعِها.
وَقَالَ اللَّيْث: النَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ لُغَتَانِ وهِيَ الَّتِي يُقال لَهَا قَوْسُ قُزَح، قَالَ: والنُّدْأَةُ فِي لحم الْجَزُور طَرِيقَةٌ مُخالِفَةٌ لِلَونِ اللَّحم، ونَدَأَتُ اللَّحْم فِي المَلَّة إِذا دَفَنْتَهُ حَتَّى يَنْضَج.
(14/133)
________________________________________
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النُّدَأَة الدُّرْجَةُ الَّتِي يُحشِي بهَا خَوْرَانُ النَّاقَةِ ثمَّ تُخَلَّل إِذا عُطِفَتْ على وَلَد غَيْرها أَو على بَوَ أُعِدَّ لَهَا، وَقَالَ ذَلِك أَبُو عُبَيْدَة فِي كتاب الْخَيل، وَقَالَ اللَّيْث: النَّادِي المجلسُ يَنْدُو إِلَيْهِ مَنْ حَوَاليه، وَلَا يُسمَّى نَادِياً حَتَّى يكون فِيهِ أهلُه، وَإِذا تفرَّقوا لم يكن نَادِيًا، وَهُوَ النَّدِيُّ والجميع الأَنْدِيةُ قَالَ: وَإِنَّمَا سُمِّي نَادِيًا لِأَن الْقَوْم يَنْدُونَ إِلَيْهِ نَدْواً ونَدْوَة وَلذَلِك سمِّيت دارَ النَّدوة بِمَكَّة، كَانُوا إِذا حَزَبَهُم أَمر نَدَوْا إِلَيْهَا فَاجْتمعُوا للتشاور، قَالَ: وأُناديك: أُشاورك وأجالِسك من النادي.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّدْوَةُ السَّخَاء والنَّدْوة الْمُشَاورَة، والنَّدْوَةُ الأَكلة بَين السَّقْيَتيْن، وأَنْدَى الرجل كَثُر نَدَاه أَي عطاؤه، وأَنْدَى إِذا حَسُن صوتُه، قَالَ: والأنْداء بُعْدُ مَدَى الصَّوْت، قَالَ: والنَّدَى الْأكلَة بَين الشَّربتين والنَّدَى المجالسة وأَنْدَى إِذا تَسَخَّى وَقَالَ فِي قَوْله:
كالْكَرْمِ إذْ نَادَى مِن الكافورِ
قَالَ: نَادَى ظَهَرَ، قَالَ: ونَادَيْتُه عَلِمْتُه، قَالَ: وَهَذَا الطَّرِيق يناديك.
أَبُو عُبَيْدَة عَن الأصمعيّ قَالَ: إِذا أَوْرَدَ الرَّجُل الْإِبِل الماءَ حَتَّى تَشْربَ قَلِيلا ثمَّ يَجِيءُ بهَا حَتَّى ترعى سَاعةً ثمَّ يردَّها إِلَى المَاء فَذَلِك التَّنْديَة فِي الْإِبِل وَالْخَيْل أَيْضا، قَالَ: واختصم حيَّان من الْعَرَب فِي مَوضِع فَقَالَ أحدُ الحَيَّيْن: مَرْكَزُ رِمَاحِنا ومَخْرجُ نِسائِنَا، ومُنَدَّى خَيْلِنا وَأنْشد فَقَالَ:
قَرِيبَةٌ نَدْوَتُه مِن مَحْمَضِهْ
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عَمْرو فِي التَّنْدِيَة مثله، وزَاد: نَدَتْ الْإِبِل أَنْفها تَنْدُو فَهِيَ نَادِية.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: قَالَ الأصمعيّ وَأَبُو عَمْرو: التَّنْدِيةُ أَن يُورِدَ الرجلُ فَرَسَه الماءَ حَتَّى يَشربَ ثمَّ يَرُدَّه إِلَى المرعى سَاعَة ثمَّ يُعيدَه، وَقد نَدَا الفرسُ يَنْدو، إِذا فعل ذَلِك.
وَأنْشد شمر:
أَكَلْنَ حَمْضاً ونَصِيّاً يابِساً
ثمَّ نَدَوْنَ فأَكَلْنَ وَارِسا
أَي حَمْضًا مُثْمِراً قلت:
وَذكر أَبُو عبيد فِي حَدِيث طَلْحَة بن عبيد: خرجت بفرس لي لأندَّيه، فسَّرَ قَوْله لأندِّيه على مَا قَالَه الْأَصْمَعِي فَاعْترضَ عَلَيْهِ القُتَيْبِي.
أَن قَوْله: لأنَدِّيه تَصْحِيف، وَصَوَابه لأُبديه أَي لأخرجَه إِلَى البَدْوِ، وَزعم أنَّ التَّنْدِيَةَ تكون لِلْإِبِلِ دون الْخَيل، وَأَن الْإِبِل تُنَدَّى لطول ظَمَئِها، فأمَّا الْخَيل فَإِنَّهَا تُسْقَى فِي القيظ شَرْبتين كلَّ يَوْم.
وَطَلْحَة كَانَ أنْبَلَ من أَن يندِّي فرسه، وَقد غَلِط القُتَيبِيّ فِيما قَال، والتَّنْدِيَة تكون للخيل وللإبل، سَمِعت الْعَرَب تَقول
(14/134)
________________________________________
ذَلِك، وَقد قَالَه الأصمعيّ وَأَبُو عَمْرو وهما إمامان ثقتان.
وَفِي الحَدِيث أَن سَلَمَة بن الأكْوَع قَالَ: كنت تبيعاً لِطَلْحة بن عُبَيْد الله أَسْقِي فرسَه وأَحُسُّه وأَخْدُمُه، قَالَ: وَبعث رَسُول الله بِظَهْرِه مَعَ رَباحٍ مَوْلَاهُ، وخَرَجْتُ بِفَرسِ طَلْحة أُنَدِّيه، ثمَّ ذَكَر إغارة بَنِي فَزَارة على ظَهْر رَسُول الله وَأَنه دَفَع فَرسه إِلَى رَبَاح ليبلغه طَلْحَة.
رَوَاهُ عِكرمة بن عَمَّار عَن إِيَاس بن سَلَمة ابْن الْأَكْوَع عَن أَبِيه قلت: ولِلتَّنْدِية معنى آخر وَهُوَ تضمير الْخَيل وإجراؤها البَرْدين حَتَّى تعْرق ويَذْهَبَ رَهَلُها؛ وَيُقَال للعرق الَّذِي يسيل مِنْهَا: النَّدَى.
وَمِنْه قَول طُفَيل:
نَدَى المَاء من أَعْطَافِها المُتَحَلِّب
قَالَ الْأَزْهَرِي: سَمِعت عريفاً من عُرَفاء القَرامِطَة يَقُول لأَصْحَابه وَقد نُدِبُوا للنهوض فِي سَرِيَّة استُنْهِضَتْ الأَوَنَدُّوا خَيْلَكُم، الْمَعْنى ضمروها وشُدُّوا عَلَيْهَا السُّروج وأَجْرُوها حَتَّى تَعْرَق.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: إِن هَذِه النَّاقة تَنْدو إِلَى نُوق كرام أَي تنْزِع إِلَيْهَا فِي النَّسبِ وَأنْشد:
تَندُو نؤادِيها إِلَى صَلاَخِدا
قَالَ: والنَّدَى على وُجُوه: ندَى الماءِ، ونَدَى الْخَيْر، ونَدَى الشَّر، ونَدَى الصَّوْتِ، ونَدى الحُضْرِ ونَدَى الدُّخْنَة، فأمَّا نَدَى المَاء فَمِنْهُ الْمَطَر. يُقَال: أَصَابَهُ نَدًى من طَلَ، ويومٌ نَدِيٌ وليلةٌ نَدِيَّةٌ، ومَصْدره النُّدُوَّةُ، والنَّدَى مَا أَصَابَك مِن البلل، ونَدَى الْخَيْر هُوَ الْمَعْرُوف، يُقَال: أَنْدَى فلانٌ علينا نَدًى كثيرا وَإِن يَدَه لَنَدِيَّةٌ بِالْمَعْرُوفِ، وَيُقَال: مَا نَدِيَنِي من فلَان شيءٌ أكرهه، مَا بَلّني وَلَا أصابني وَمَا نَدِيَتْ كَفِّي بِشَرٍ، وَمَا نَدِيتُ بِشَيْء تكرههُ، قَالَ النَّابِغَة:
مَا إنْ نَدِيتُ بشيءٍ أنتَ تَكْرَهُهُ
إذَنْ فَلَا رَفَعَتْ سَوْطي إليّ يَدِي
وَفِي الحَدِيث: (مَنْ لَقِيَ اللَّهَ وَلم يَتَنَدَّ من الدَّم الْحَرَام بِشَيْء دَخَل الْجنَّة) ، وندَى الصَّوت بُعْدُ مَذهَبِه والنِّداء ممدودٌ والدُّعاءُ أرْفَعِ الصّوْتِ وَقد ناديْتُه نِداءً، ونَدَى الخُحْرِ بَقَاؤُه.
وَقَالَ الْجَعْدِي أَو غَيره:
كَيْفَ تَرَى الكامِلَ يُقْضِي فَرَقاً
إِلَى نَدَى العَقْبِ وشَدّاً سَحْقاً
وَفُلَان أَنْدى صوْتاً من فلَان، أَي أَبْعَدُ مَذْهباً وأَرْفَعُ صَوتا.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَنْدَى الرجلُ إِذا كثُر نَداه على إخوانِه، وَكَذَلِكَ انْتَدى وتَنَدَّى، وَفُلَان لَا يُنْدِي الوَتَر إِذا كَانَ ضعيفَ الْبدن.
وَقَالَ ابْن السّكيت: فلانٌ يَتَنَدَّى على
(14/135)
________________________________________
أَصْحَابه كَمَا تَقول: هُوَ يَتَسَخَّى على أَصْحَابه، وَلَا يُقَال: فلانٌ يُنَدِّي، وَفُلَان نَدِيُّ الْكَفّ إِذا كَانَ سَخِياً.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: المُنْدِيَاتُ المُخْزِيَاتُ. وَيُقَال: إنهُ لَيَأْتِيني نَوادِي كلامِك، أَيْ مَا يَخْرج مِنْك وَقْتاً بعد وَقت، قَالَ طَرَفة:
وبَرْكٍ هُجُود قد أَثَارَتْ مَخافَتِي
نَوادِيَه أمْشي بِعَضْبٍ مُجرّدِ
قَالَ أَبُو عَمْرو: النَّوادِي النَّواحِي أَرَادَ أَثَارَتْ مخافتي إبِلا فِي ناحِيَةٍ مِن الْإِبِل مُتَفَرِّقة، والهاءُ فِي قَوْله نَوادِيه راجعةٌ على البَرْك قَالَ: ونَدَا فلانٌ يَنْدُو نُدُوّاً إِذا اعْتَزَلَ وتَنَحَّى وَقَالَ: أَرادَ بِنَوادِيَه قَوَاصِيَه.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: النَّادِياتُ مِن النخيل البعيدةُ مِن المَاء.
وَقَالَ القُتَيْبِيّ: النَّدَى المَطَرُ. وَقيل للنبت: نَدًى لِأَنَّهُ عَنْ نَدَى المطَر نبَت ثمَّ يُقَال للشَّحْم: نَدًى لِأَنَّهُ عَن نَدَى النَّبْت يَكون واحتجّ بقول الشَّاعِر:
كَثَوْرِ العَدَابِ الفَرْدِ يَضْرِبه النَّدَى
تَعَلَّى النَّدَي فِي مَتْنِه وَتَحَدَّرا
أَرَادَ بالنّدَى الثَّانِي: الشحْمَ، وبالأول الغَيْثَ.
وَفِي النَّوادر يُقَال: مَا نَدِيتُ هَذَا الأمرَ وَلَا طَنَّفْتُه أَي مَا قَرِبْتُه أَنْداه. وَيُقَال: لم يَنْدَ مِنْهُم نَادٍ، لم يَبْقَ مِنهم أحدٌ، وَيُقَال: نَدَأْتُهُ أَنْدَؤُه نَدْءاً إِذا ذَعَرْتَه.
نود: يُقَال: نَادَ الإنسانُ يَنُودُ نَوْداً ونَوَداناً مثل: نَاسَ يَنُوسُ ونَاعَ يَنُوعُ وَقد تَنَوَّدَ الغُصْنُ وتَنَوَّع إِذا تحرَّكَ وَنَوَدانُ اليهودِ فِي مدارسهم مأخوذٌ من هَذَا.
نأد: أَبُو عُبيد: يُقَال للداهية: النَّآدَى على فَعَالى.
وَأنْشد قَول الْكُمَيْت:
فإيَّاكُمْ وداهيةً نَآدَى
أَظَلَّتْكُمْ بِعارِضها المُخِيلِ
قَالَ اللَّيْث: هِيَ النَّآدُ والنَّؤُود، النُّؤود، وَقد نَأَدَتْه الدَّواهي وَأنْشد:
أَتَانِي أَنَّ دَاهِيةً نَآداً
أَتاكَ بهَا على شَحَطٍ مَيُونُ
قلت: وَرَوَاهَا غير اللَّيْث: أَن دَاهِيَةً نآدَى على فَعَالى كَمَا رَوَاهُ أَبُو عبيد للكميت.
انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم.

(بَاب الدَّال وَالْفَاء)
د ف (وايء)
دفأ، دفى، دوف، ديف، فدى، ودف، وَفد، أفد، فود، فيد، فأد.
دفأ دفا: قَالَ الله جلّ وَعز: {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ} (النَّحْل: 5) قَالَ الْفراء: الدِّفْءُ كُتِب فِي الْمَصَاحِف بالدَّال والفَاء، وَإِن كتبت بواو فِي الرّفْع وياء فِي
(14/136)
________________________________________
الْخَفْض، وَألف فِي النصب كَانَ صَوَابا، وَذَلِكَ على ترك الْهَمْز ونَقْلِ إِعْرَاب الْهَمْز إِلَى الْحَرْف الَّذِي قبلهَا.
قَالَ: والدِّفء مَا انْتفع بِهِ من أوبارها وَأَشْعَارهَا وأصوافها، أَرَادَ مَا يَلْبَسون مِنْهَا ويبْتَنون.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: يُقَال: هَذَا رجل دَفْآنُ وَامْرَأَة دَفْأَى وَيَوْم دَفِيءٌ وَلَيْلَة دفيئة، وَكَذَلِكَ بَيت دَفِيء، وغرفة دفِيئةٌ على فَعيل وفعيلة.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: الدّفء عِنْد العربِ نِتاجُ الْإِبِل وأَلبانها والإنتفاع بهَا من قَول الله عزّ وجلّ: {لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ} (النَّحْل: 5) ، قَالَ وَقَالَ الْأَصْمَعِي: الْإِبِل المدْفآت: الْكَثِيرَة الأوبار.
وَقَالَ ابْن السّكيت: إبلٌ مُدْفَأَة بِهَذَا الْمَعْنى.
قلت: المُدْفَآتُ جَمْعَ المُدْفَأَةِ.
قَالَ الشماخ:
وكَيْفَ يَضِيعُ صَاحِبُ مدْفَآتٍ
على أَثْباجِهِنَّ مِن الصَّقِيعِ
فأمَّا الْإِبِل المُدْفِئة فَهِيَ الْكَثِيرَة، لِأَن بعضَها يُدْفِىءُ بَعْضًا بأنفاسها.
وَقَالَ ابْن السكّيت. يُقَال: مَا كانَ الرَّجُلُ دَفْآنَ وَلَقَدْ دَفِىء، وَمَا كَانَ البيتُ دَفِئاً وَلَقَد دَفُؤَ.
ابْن الأعرابيّ: الدَّفَئيُّ والدَّثَئيُّ من الأمطار: وقتُه إِذا قاءت الأرضُ الكَمْأَةَ، وكلُّ مِيرَةٍ حُمِلَتْ فِي قُبُل الصَّيفِ فَهِيَ دَفيئيَّةٌ.
الأصمعيّ: ثوب ذُو دِفْءٍ، وَذُو دفاءة، وَيُقَال: مَا عَلَيْهِ دِفْءٌ، وَلَا يُقَال: مَا عَلَيْهِ دَفَاءةٌ وَيكون الدّفء السخونةَ، وَيُقَال: اقْعُد فِي دِفءِ هَذَا الْحَائِط أَي فِي كِنِّه.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال ادَّفَيْتُ واستدفيت أَي لبست مَا يُدْفِئُني، قَالَ: وَهَذَا على لُغَة من يتْرك الْهَمْز.
قَالَ: والدَّفَاءُ مهموزٌ مَقْصورٌ هُوَ الدِّفْء نَفسه إلاَّ أَن الدِّفْء كَأَنَّهُ اسمٌ شِبْهُ الظَّمْء والدَّفَأُ شِبْهُ الظَّمَأ، ومِمَّا لَا همز فِيهِ من هَذَا الْبَاب.
قَالَ الأصمعيّ: كَبْشٌ أَدْفى وَهُوَ الَّذِي يَذْهب قَرْنُه قِبلَ ذَنَبِه، ورَجل أَدْفَى إِذا كَانَ فِي صلبه احْدِيدَابٌ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أَدْفَى الظَّبْيُ إِذا طَال قَرْناه حَتَّى كادا يَبْلُغان مُؤَخَّرَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الأدْفَى من الطَّير مَا طالَ جَناحاهُ من أُصول قَوادِمه، وطَرَفُ ذَنَبِه، وطالتْ قَادِمة ذَنبِه، وَقَالَ الطرماح يصف الْغُرَاب فَقَالَ:
شَيْخُ النسا أَدْفَى الجَنَاح كأنَّه
فِي الدَّار إثْرَ الظَّاعِنِينَ مُقَيَّدُ
قَالَ: والدَّفْو من النجائب الطويلةُ العُنُقِ
(14/137)
________________________________________
إِذا سارتْ كادَتْ تضع هامَتَها على ظَهْر سَنَامِها وَتَكون مَعَ ذَلِك طَويلةَ الظّهْر.
أَبُو عبيد عَن ابْن زيد: الدَّفْواءُ من المِعزَى الَّتِي انْصَبَّ قَرناها إِلَى طَرَفيّ عِلْبَاويْها.
وَفِي الحَدِيث أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي بعض أَسْفَاره أبْصر شَجَرَة دَفْواء تسمى ذَاتَ أنْواطٍ لِأَنَّهُ كَانَ يُناطُ بهَا السلاحُ وتُعْبَدُ، والدفواء الْعَظِيمَة الظليلة وَتَكون المائلة.
وَفُلَان فِيهِ دَفَأٌ أَي انْحِنَاءٌ، والدجال فِيهِ دَفَأٌ.
فأد: أَبُو زيد: فَأَدْتُ الصيدَ أَفْأَدُه فَأْداً إِذا أصبتَ فُؤاده، قَالَ: وفَأَدتُ الخُبْزةَ أَفْأَدُها فَأْداً إِذا خَبْزتَها فِي المَلَّةِ، والفئيد مَا شُوِي وخُبِزَ على النَّار، والمِفْأدُ مَا يخبَزُ ويُشْوَى بِهِ.
أَبُو عبيد: فأَدْتُ اللحمَ إِذا سوَّيتَه والمِفْأَدُ السَّفُّودُ وَأنْشد:
يَظَلُّ الغرابُ الأعورُ العَيْنِ وَاقعا
مَعَ الذئبِ يَعْتَسَّان نَارِي ومِفْأَدِي
قلت: وَيُقَال لَهُ: المِفآدُ على مِفْعالٍ أَيْضا.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الْمفْؤُودُ الضعيفُ الفُؤاد الجَبان مثل: المنْخُوب، والفَئيدُ النَّار نَفسهَا قَالَ لبيد:
وَجدْتُ أبي رَبيعاً لِليَتَامَى
وللضِّيفان إذْ حُبَّ الفَئِيدُ
وَقَالَ اللَّيْث: سمى الفُؤاد فؤاداً لِتَفَؤّدِه، وافْتَأد القومُ، إِذا أوْقدوا نَاراً، والمُفْتَأَدُ مَوضِع الوَقودِ.
قَالَ النَّابِغَة:
سَفُودُ شَرْبٍ نَسُوهُ عِنْدَ مُفْتَأَدِ
وفئد الرجلُ أَصَابَهُ داءٌ فِي فُؤَاده.
فيد: قَالَ اللَّيْث: الفائدةُ مَا أَفَادَ اللَّهُ العبدَ من خير يستفيده ويَسْتحدِثُه، وَقد فادتْ لَهُ من عندنَا فَائِدَة وَجَمعهَا الفوائِد.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل يُقَال: إنَّهُمَا ليتفايدانِ بِالْمَالِ بَينهمَا أَي يُفيدُ كلُّ واحدٍ مِنْهُمَا صاحبَه وَالنَّاس يَقُولُونَ: هما يَتَفَاوَدان العلمَ أَي يفيدُ كل مِنْهُمَا صاحبَه.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: أفدتُ المالَ أعطيتُه غَيْرِي وأفدتُه استفدته، وَقَالَ أَبُو زيد مثله، وَأنْشد لِلْقِتَالِ:
نَاقَتُهُ تَرمُلُ فِي النِّقالِ
مُهْلكُ مالٍ ومُفيدُ مالِ
أَي مستفيدُ مالٍ، وفاد المالُ نفسُه يَفيد: إِذا ثَبَتَ لَهُ مالٌ وَالِاسْم الْفَائِدَة.
وَقَالَ أَبُو زيد: والتَّفَيُّد: التَّبَخْتُر، وَقد تفَيَّد، وَهُوَ رجل فَيَّادٌ ومُتَفَيِّد.
وَقَالَ اللَّيْث: الفَيّادُ من الرِّجَال هُوَ الَّذِي يَلُفُّ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ من شَيْء وَأنْشد:
ولَيْسَ بالفَيَّادَة المُقَصْمِل
وَقَالَ غَيره: الفَيَّادَة الَّذِي يَفيدُ فِي مِشيته،
(14/138)
________________________________________
وَالْهَاء دخلت فِي نعت الْمُذكر مُبَالغَة فِي الصّفة. وَقَالَ عَمْرو بن شَاس: فِي الإفادة بِمَعْنى الإهلال فَقَالَ:
وقِتيان صِدْقٍ قد أَفدتُ جَزُورهم
بِذِي أَوَدٍ جَيْشِ المناقِدِ مُسْبِلِ
أفدتها: نحرتها وأهلكتُها من قَوْلك: فَادَ الرجلُ إِذا ماتَ، وأفدتُه أَنا، وَأَرَادَ بقوله: بِذي أَوَدٍ: قِدْحاً مِن قِداح الميْسر يُقَال لَهُ: مُسْبِلٌ، جَيش المناقِدِ، خَفِيف التَّوَقَان إِلَى الفَوْزِ.
(فود فيد) : أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: والفَوْدُ: الْمَوْت وَقد فاد يفيدُ، وَمِنْه قَول لبيد:
رَعَى خَرَزَاتِ الْملك عشْرين حِجَّةً
وعِشرينَ حَتَّى فادَ والشّيْبُ شَامِلُ
وَقَالَ ابْن السّكيت: فادَ يَفُود إِذا ماتَ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفَوْد الموتُ، والفَيد الشّعرات فَوق جَحْفلة الفَرَسِ؛ وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ابْن الْأَعرَابِي عَن ابْن أَحْمد البَرْبَريّ عَن عبيد الله بن مُحَمَّد اليزيدي قَالَ: قلت: للمؤَرّجِ لم اكْتَنَيْتَ بِأبي فَيْد؟ فَقَالَ: الفيدُ مَنزلٌ بطرِيق مَكة، والفيد وَرْدُ الزّعفران.
أَبُو عبيد: الفَيَّادُ الذّكر من البُوم.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: فَيَّدَ الرجلُ: إِذا تَطَيَّرَ من صَوْتِ الفَيَّاد.
وَقَالَ الْأَعْشَى:
وَيَهْمَاءَ بِاللَّيْلِ عطشَى الفلا
ةِ يؤْنِسُني صوتُ فَيّادِها
وَقَالَ اللَّيْث: الفَوْدان واحدهما فَوْد، وَهُوَ مُعظم شعر اللِّمّة مِمَّا يَلِي الأُذَن، قَالَ: وَكَذَلِكَ فود جَناحَيْ العُقَاب.
وَقَالَ خُفَاف:
مَتَى تُلْقِ فَوْدَيْها على ظَهْر ناهضٍ
أَبُو مَالك: الفَوْد والحيْدُ نَاحيَة الرَّأْس.
قَالَ الْأَغْلَب:
فانْطَحْ بِفَوْدَيْ رَأسه الأركانا
قلت: الفَوْدان قَرْنا الرَّأس وناحِيَتاه، والفودان العِدْلان، وَقَالَ مُعَاوِيَة للبيد: كم عطاؤُك؟ قَالَ: أَلفَانِ وَخَمْسمِائة، فَقَالَ: مَا بالُ العِلاوةِ بَين الفَوْدَيْن؟ وفَوْد الخِباءِ ناحيتاه، وَيُقَال: تَفَوّدت الأَوْعَالُ فَوق الْجبَال أَي أَشْرَفَتْ.
دوف ديف: يُقَال: دَافَ الطَّيبَ فِي المَاء يَدُوفه دَوْفاً فَهُوَ دَائِفٌ، والطِّيبُ مَدُوف.
قَالَ الأصمعيّ: وفادهُ يَفودُه مثله، وَقَالَ كثير:
يُباشِرْنَ فَأْرَ المِسك فِي كلِّ مَهْجَعٍ
وَيشرق جاديٌ بِهن مَفودِ
أَي مُدوف، يصف الْجَوَارِي، وَدِيافُ: قريةٌ بِالشَّام تنْسب إِلَيْهَا النجائب، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
(14/139)
________________________________________
إِذا سَاقَه العَوْد الدِّيافيُّ جَرْجَرا
ودف: أَبُو عبيد عَن الْفراء: وَدَفَ الشَّحمُ وَنَحْوه يَدِفُ إِذا سالَ، وَقد استَوْدَفْتُ الشّحْمة إِذا استقطرتها.
وَيُقَال للْأَرْض كلهَا: وَدَفَةٌ وَاحِدَة خِصْباً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للروضة: وَدَفَةٌ وَوَدِيفة، قَالَ: والأُدافُ والأُذاف بِالدَّال والذال فَرْج الرجل، وَأنْشد غَيره:
أَوْلَجَ فِي كَعْثَبِها الأُدافا
قلت قيل: لَهُ أَدَافٌ لما يَدِف مِنْهُ، أَي يَقْطُر من المَنِيِّ والمَذْيِ والبَوْل وَكَانَ فِي الأَصْل وُدَافاً فَقُلِبَتِ الْوَاو همزَة لانضمامها كَمَا قَالَ الله تَعَالَى:
{نُسِفَتْ وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ} (المرسلات: 11) وَهُوَ فِي الأَصْل وُقِّتَتْ.
(ودف) : وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي يُقَال لِبُظَارة الْمَرْأَة: الوَدَفَة والوَذَفَة والوَزَرَةُ.
وَفد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {يَوْم نحْشر الْمُتَّقِينَ إِلَى الرحمان وَفْدًا} (مَرْيَم: 85) .
قيل: الوَفْدُ الركبانُ المكَرَّمون.
وَقَالَ الأصمعيّ: وَفَد فلانٌ يَفِدُ وِفادةً إِذا خرجَ إِلَى مَلِكِ أَو أَمير؛ والوَفْد جمعُ الوَافِد.
وَيُقَال: وَفَّدَه الأميرُ إِلَى الْأَمِير الَّذِي فَوْقه، وأوْفَد فلانٌ إيفاداً إِذا أشرَف.
وَيُقَال للْفرس: مَا أَحْسَن مَا أَوْفَدَ حارِكهُ أيْ أشْرفَ، وَأنْشد فِي شعره فَقَالَ:
تَرَى العِلاَفِيَّ عَلَيْهَا مُوفدَا
كأَن بُرْجاً فوقَها مُشَيَّدَا
وَيُقَال: رأيتُ فلَانا مُسْتَوفِداً فِي قِعْدَتِه ومُستَوْفِزَا إِذا قَعَدَ قُعوداً مُنْتَصِباً غيرَ مُطمئنّ، وأَمْسَيْنا على أوْفَادٍ أَي على سَفَرٍ، قد أَشْخَصَنا أَي أَقْلَقَنَا.
أفد: يُقَال: أفِد الأمرُ يَأَفَدُ أَفَداً إِذا دَنَا وأَسْرع، والأَفَدُ العَجَلةُ وَقد أَفِدَ تَرَحُّلنا واسْتَأْفد أَي دَنا وعَجِل.
وَقَالَ النَّضر: أَسْرِعوا فَقَدْ أَفِدْتم أَي أَبْطَأْتُم.
والأفْدَةُ التَّأْخِيرُ.
ابْن السّكيت عَن الْأَصْمَعِي: امرأةٌ أَفِدَةٌ أَي عَجِلةٌ.
فدى: أَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس: قَالَ: المُفَاداةُ أنْ تَدْفعَ رجُلاً وتأخذَ رَجُلاً، والفِداءِ أَن تَشْتَرِيه، فديتُه بِمَالي فِداء وفديتُه بنفسي.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ:
{وَإِن يَأْتُوكُمْ أُسَارَى تُفَادُوهُمْ} (الْبَقَرَة: 85) .
قَرَأَ ابْن كثير وَأَبُو عَمْرو وَابْن عَامر: (أُسَارَى) بأَلفٍ (تَفْدُوهم) بِغَيْر أَلِفٍ، وَقَرَأَ نَافِع وَعَاصِم وَالْكسَائِيّ وَيَعْقُوب
(14/140)
________________________________________
الحَضْرمي: (أُسارى تفادوهم) بأَلِفٍ فيهمَا، وقَرَأَ حَمْزَة (أَسْرَى تَفْدوهم) بِغَيْر أَلِفٍ، وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم عَن نصير بالرازي.
يُقَال: فَادَيْتُ الأسيرَ وفادَيْت الأُسارى هَكَذَا تَقول الْعَرَب.
وَيَقُولُونَ: فَدَيْتُه بِأبي وَأمي وفَدَيْتُه بِمَالي كأنّه اشتريتَه بِه وخلصته بِه إِذا لم يكن أَسِيرًا؛ وَإِذا كَانَ أَسِيرًا مَمْلُوكا قلتَ: فاديتُه وَكَانَ أخي أَسِيرًا ففادَيْتُه، كَذَا تَقوله العربُ.
وَقَالَ نُصَيْبٌ:
وَلكِنَّني فَادَيْتُ أُمِّي بَعْد مَا
عَلاَ الرأسَ مِنْها كَبْرةٌ ومَشِيبُ
قَالَ وَإِذا قلت: فدَيْتُ الأسيرَ فَهُوَ أَيْضا جَائِز بِمَعْنى فَدَيْتُه مِمَّا كَانَ فِيهِ أَي خلَّصتُه مِنْهُ، وفَاديْتُ أحسنُ فِي هَذَا الْمَعْنى.
وَقَالَ الله جَلّ وعَزّ: {للهالْبَلاَءُ الْمُبِينُ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ} (الصافات: 107) أَي جعلنَا الذّبْح فِداء لَهُ خلَّصْناهُ بِهِ من الذَّبْح.
وَقَالَ أَبُو مُعَاذ: مَن قَرَأَ تفدوهم فَمَعْنَاه تشتروهم من العدوّ وتنقذوهم، وأمّا تفادوهم فَيكون مَعْنَاهُ تماكسون مَن هم فِي أَيْديهم فِي الثّمن ويماكِسُونكم.
وَقَالَ الْفراء: العربُ تَقْصر الفِدا وتمدُّه يُقَال: هَذَا فِداؤك وفِداك، وَرُبمَا فتحُوا الْفَاء، إِذا قَصَرُوا فَقَالُوا: فَداك وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: من الْعَرَب من يَقُول: فَدًىَ لَك: فَيفتح الْفَاء، وَأكْثر الْكَلَام كَسْرُ أَوَّلها وقصرها.
وَقَالَ النَّابِغَة:
فِدًى لَك مِن ربَ طَرِيفي وتالِدي
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: والفَداء مَمْدُود جمَاعَة الطَّعَام من الشّعير وَالتَّمْر وَنَحْوه وَأنْشد:
كَأَنَّ فَداءَها إذْ حَرَّدوه
وطافوا حَوْلَه سُلَكٌ يَتِيمُ
وَقَالَ شمر: الفَداءُ والجُوخان واحدٌ، وَهُوَ مَوْضِعُ التَّمرِ الَّذِي يُبَسَّرُ فِيهِ قَالَ وَقَالَ بعض بني مُجاشِع: الفَداء التَّمْر مَا لم يُكْنَزْ. وَأنْشد:
مَنَحْتَنِي مِن أَخْبَث الفَداءِ
عُجْرَ النَّوى قَليلةَ اللِّحاءِ
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَفْدَى الرجلُ إِذا بَاعَ التَّمر وأَفْدَى إِذا عَظُم بَدنُه.

(بَاب الدّال والبَاء)
(د ب (وايء))
دبا، دَاب، وبد، أدب، أَبَد، بدا، بيد.
دبا: قَالَ اللَّيْث: الدُّبَّاءُ القَرْعُ الْوَاحِدَة دُبّاءَةٌ.
وَفِي الحَدِيث عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه نهى عَن الدُّبَّاء والحنْتَم والنّقِير وَهِي أوعية كَانُوا ينتبذون فِيهَا وضرِيَتْ فَكَانَ النبيذُ يغلى فِيهَا سَرِيعا ويُسْكِر فنهاهم عَن الانتِبَاذِ
(14/141)
________________________________________
فِيهَا، ثمَّ رَخَّصَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام فِي الانتبَاذ فِيهَا بِشَرْط أَن يشْربُوا مَا فِيهَا وَهُوَ غيرُ مُسكر. وَقَالَ:
إِذا أقْبَلتْ قُلْتَ دُباءَةٌ
من الخُضْر مَغمُوسَةٌ فِي الغُدَرْ
أَبُو زيد قَالَ: دبَّأت الشيءَ ودبّأْتُ عَلَيْهِ أُدَبِّي تدبيئاً إِذا غَطّيتَ عَلَيْهِ وواريته.
أَبُو عبيد عَن أبي عُبَيْدَة: الْجَرَاد أوَّلُ مَا يكون سَرْواً وَهُوَ أَبيض فَإِذا تَحَرَّكَ واسْوَد فَهُوَ دَبًى، قبلَ أَن تنْبت أجنحته.
عَمْرو عَن أَبِيه: جَاءَنَا فلَان بدَبى دبى إِذا جَاءَ بِالْمَالِ كالدّبى.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: إِنَّمَا يُقَال فِي هَذَا: جَاءَنَا دبيّ ودبى دُبَيَّيْن فالدبَى مَعْرُوف ودُبَيٌّ موضعٌ وَاسع فَكَأَنَّهُ قَالَ: جَاءَنَا بِمَال كدَبى ذَلِك الْموضع الْوَاسِع.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاس: وَهَذَا هُوَ القَوْل، وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: الدَّبَى المالُ الْكثير.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أَرض مُدْبِيَةٌ ومُدبِّيَة كلتاهما من الدبَى، قَالَ وَقَالَ الْكسَائي: أَرض مُدبِّيَةٌ بتَشْديد الْبَاء.
دأب: قَالَ اللَّيْث: الدُّؤوبُ المبالَغةُ فِي السّير، وأَدأَبَ الرجل الدَّابَّة إدآباً إِذا أتعبها، وَالْفِعْل اللَّازِم دأَبَتِ الناقةُ تدأَبُ دؤُوباً.
وَقَالَ الزّجاج فِي قَول الله جلّ وعزّ: {كَدَأْبِءَالِ فِرْعَوْنَ} (آل عمرَان: 11) أَي كشأن آل فِرْعَوْن، وكأمر آل فِرْعَوْن، كَذَا قَالَ أهل اللُّغَة.
قَالَ: وَالْقَوْل عِنْدِي فِيهِ وَالله أعلم إنَّ دَأْبَ هَهُنَا اجتهادهم فِي كفرهم وتظاهرُهم على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كتظاهر آل فِرْعَوْن على مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ: دأبتُ أدأبُ دأْباً ودأَباً ودؤوباً: إِذا اجتهدتَ فِي الشَّيْء.
أَبُو عبيد يُقَال: مَا زَالَ دِينك ودأبَك ودَيْدَنَكَ وديْدَيُونَك كُله فِي الْعَادة.
بدا: قَالَ اللَّيْث: بدا الشيءُ يَبدو بدُوّاً إِذا ظهر وبدا لَهُ فِي هَذَا الْأَمر بَدَاءٌ.
قلت: وَمن هَذَا أَخذ مَا يَكْتُبهُ الْكتاب فِي أعقاب الْكتب: وَبَدَاءات عَوارضتك على فَعَالات واحدتها بداءة بِوَزْن فَعالة تَأْنِيث بَدَاءٍ أَي مَا يَبْدُو بُدُوّاً من عوارضك وَهَذَا مِثل السَّمَاء: لما سَما وعَلاك من سَقْفٍ أَو غَيره.
وَبَعْضهمْ يَقُول: سَماوَةٌ، وَلَو قيل: بَدوَات فِي بَدَاءاتِ الْحَوَائِج كَانَ جَائِزا، وَقَالَ اللَّيْث: الباديةُ اسمٌ للْأَرْض الَّتِي لَا حَضَر فِيهَا وَإِذا خرج النَّاس من الْحَضَر إِلَى المراعي فِي الصحارى قيل: قد بَدَوْا، وَالِاسْم: البَدْوُ.
قلت: الباديةُ خِلاف الْحَاضِرَة والحاضرةُ القومُ الَّذين يحْضرُون الْمِيَاه وينزلون عَلَيْهَا فِي حَمْراء القَيظ فَإِذا بَرَد الزمانُ ظَعَنُوا
(14/142)
________________________________________
عَن أَعْدَادِ الْمِيَاه، وبَدَوْا طَلباً لِلْقُرْبِ من الكَلإِ فالقوم حينئذٍ باديةٌ، بَعْدَمَا كَانُوا حاضِرةً وبادُون بَعْدَمَا كَانُوا حاضرين: وَهِي مَباديهم جمع مَبْدًى، وَهِي المناجِعُ ضِد المحاضر، وَيُقَال لهَذِهِ الْمَوَاضِع الَّتِي يَتَبَدَّى إِلَيْهَا، البَادون: باديةٌ أَيْضا وَهِي البوادِي وَالْقَوْم أَيْضا بَوَادٍ، جمع باديةٍ، وَيُقَال للرجل إِذا تَغَوَّطَ وأحدثَ: قد أبدى فَهُوَ مُبْدٍ، وَقيل لَهُ: مبدٍ لِأَنَّهُ إِذا أحدث بَرَزَ من الْبيُوت وَهُوَ مُتَبَرِّزٌ أَيْضا.
ابْن السّكيت عَن الْأَصْمَعِي: هِيَ البِداوة والحَضارة بِكَسْر الْبَاء وَفتح الْحَاء.
وَأنْشد:
فَمَنْ تكُنْ الحضَارَةُ أَعْجَبتْه
فأَيَّ رجالِ باديةٍ تَرانا
قَالَ وَقَالَ أَبُو زيد: البَداوة والحِضارة بِفَتْح الْبَاء وَكسر الْحَاء.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِىَ الرَّأْى} (هود: 27) قَرَأَ أَبُو عَمْرو وَحده: (بادىءَ الرَّأْي) بِالْهَمْز وَسَائِر الْقُرَّاء قرءُوا (باديَ) بِغَيْر همز.
وَقَالَ الْفراء: لَا يهمز باديَ الرَّأْي لِأَن الْمَعْنى: فِيمَا يظْهر لنا ويبدو، وَقَالَ: وَلَو أَرَادَ ابْتَداء الرَّأْي فَهَمَز كَانَ صَوَابا.
وَأنْشد فَقَالَ:
أَضْحَى لِخَالِي شَبَهي بَادي بَدِي
أَرَادَ بهِ ظاهرِي فِي الشَّبَهِ لخَالي.
وَقَالَ الزّجاج: نصب باديَ، على اتَّبعوك فِي ظاهرِ الرَّأْي وَبَاطِنهمْ على خلاف ذَلِك، وَيجوز أَن يكون اتبعوك فِي ظَاهر الرَّأْي وَلم يتدبّروا مَا قلتَ، وَلم يفكروا فِيهِ، وَقيل للبَرِّية: باديَةٌ لِأَنَّهَا ظاهرةٌ بارزةٌ، وَقد بَدَوْتُ أَنا، وأبْدَيْتُ غَيْرِي، وكلُّ شَيْء أظهرتَه فقد أبْدَيتَه، وَأما قِراءةُ أبي عَمْرو: بادىء الرَّأْي فَمَعْنَاه أوّلَ الرَّأْي، أَي اتَّبعوك ابتداءَ الرَّأْي حينَ ابتدأوا ينظرُونَ، وَإِذا فَكَّروا لم يتَّبعوك.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: بادىءَ من بَدَأَ إِذا ابْتَدَأَ.
قَالَ: وانتصابُ مَن هَمز وَمن لم يهمز بالاتباع على مَذْهَب الْمصدر، أَي اتبعوك اتبَاعا ظَاهرا واتباعاً مُبتدَأ.
قَالَ: وَيجوز أَن يكون الْمَعْنى، مَا نرَاك اتَّبَعَك إِلَّا الَّذين هم أراذِلنا فِي ظَاهِر مَا ترى مِنْهُم، وطَوِيّاتُهم على خِلافِك وعَلى مُوافَقَتِنَا وَهُوَ مِن بَدا يَبْدُو إِذا ظهر.
وَقَالَ فِي تَفْسِير قَوْله:
أَضْحَى لخَالي شَبَهِي بَادِي بَدي
وصَارَ الفحلُ لِساني وَيَدِي
قَالَ: مَعْنَاهُ: خرجتُ عَن شَرْخ الشَّبَاب إِلَى حَدِّ الكهولة الَّتِي مَعهَا الرأْيُ والحِجَى، فَصرتُ كالفحُولة الَّتِي بهَا يَقع الأخيَارُ وَلها بِالْفَضْلِ تكْثُر الْأَوْصَاف.
(14/143)
________________________________________
وَقَالَ أَبُو عبيد: يُقَال: أفعل ذَلِك بادىءَ بَدْءٍ مثل فاعلَ فَعْلٍ وبَادىءَ بَدِىءٍ على فعيل وبادي بَدِيَ غير مَهْمُوز.
وَقَالَ الْفراء: يُقَال: أفْعَل هَذَا باديَ بَدْءٍ كَقَوْلِك: أولُ شَيْء وَكَذَلِكَ بَدْأة ذِي بَدْءٍ كَقَوْلِك أول شَيْء.
قَالَ: وَمن كَلَام الْعَرَب، بَادِي بَدِيَ بِهَذَا الْمَعْنى إِلَّا أَنه لَا يهمز.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: البَدْءُ السَّيِّدُ.
وَأنْشد:
ترى ثنْياناً إِذْ مَا جَاءَ بَدْؤُهم
وبَدأَهُمْ إِن أَتَانَا كَانَ ثِنْيَانَا
وبَدَأَ اللَّهُ الْخلق وأَبدأَهم.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {لَّهُ قَانِتُونَ وَهُوَ الَّذِى يَبْدَأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ} (الرّوم: 27) .
وَقَالَ: {لَشَدِيدٌ إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىءُ وَيُعِيدُ} (البروج: 13) فَالْأول مِن المبادىء وَالثَّانِي من المُبدىء وَكِلَاهُمَا صفةٌ لله عزّ وجلّ جليلة.
أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: جَاءَ بِأَمْر بديءٍ على فَعيل أَي عَجيب، قَالَ: وبديءٍ من بدأنَهُ.
قَالَ وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الأَبداءُ المفاصل وَاحِدهَا بَدْءٌ مَقْصُور وَهُوَ أَيْضا بدءٌ مَهْمُوز تَقْدِيره بدْعٌ وَجمعه بدوء على وزن بُدُوعٍ.
وَقَالَ غَيره: البدءُ: البئْرُ البديء الَّتِي ابتُدىء حَفْرُها فحفِرتْ حَدِيثَة وَلَيْسَت بِعاديَّةٍ وتُرك فِيهَا الْهَمْز فِي أَكثر كَلَامهم.
وَيُقَال: فعلتُ ذَلِك عَوْداً وبدءَا.
وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نَفَّلَ فِي البدأَة الرُّبْعَ، وَفِي الرَّجعة الثُّلُثَ، أَرَادَ بالبدأة ابْتِدَاء سفر الغَزْو، إِذا نَهضتْ سَرِيَّةٌ من جُملة الْعَسْكَر فَأَوْقَعتْ بطَائفَة من العدوّ فَمَا غنموا كَانَ لَهُم الرّبع، ويَشْرَكُهم سائرُ الْعَسْكَر فِي ثَلَاثَة أَربَاع مَا غَنِموا، فَإِن قَفَلوا من الغَزاةِ، ثمَّ نهضتْ سَرِيَّة كَانَ لَهُم من جَمِيع مَا غنموا الثُّلُثُ، لِأَن نهوضَهم سَرِيةً بعد القَفْل أشقُّ والخطرُ فِيهِ أعظم.
الْأَصْمَعِي: بُدِىءَ الرجلُ فَهُوَ مَبدوءٌ إِذا جُدرَ فَهُوَ مَجْدور، والبدءُ خير نصيب فِي الْجَزُور وَجمعه أَبداءٍ، وَمِنْه قَول طرفَة:
وهُمْ أَيْسارُ لُقمانَ إِذا
أَغْلَتِ الشَّتْوَةُ أَبداء الجُزُرْ
وَيُقَال: أَهْدَاهُ بدأَةَ الجزُورِ أَي خَيْرَ الأنْصِبَاءِ.
وَأنْشد ابْن السّكيت:
على أَيِّ بَدْءٍ مَقْسمُ اللَّحْمِ يُجْعَلُ
وَقَالَ أَبُو زيد: أبدأتُ من أرضٍ إِلَى أرضٍ أُخْرَى، إِذا خرجتَ مِنْهَا إِلَى غَيرهَا إِبداء، وبدىء فلانٌ فَهُوَ مَبدوء إِذا أَخذه الجُدَرِيُّ أَو الحَصْبةُ، وبدأتُ بِالْأَمر بَدْءاً.
وَفِي الحَدِيث: (حَرِيمُ الْبِئْر البديءِ خَمْسٌ
(14/144)
________________________________________
وعِشرون ذِرَاعا) .
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال للرَّكِيَّةِ: بَدِيءٌ وبَديعٌ إِذا حَفَرْتَها أَنْتَ، فَإِن أَصَبْتَها قد حُفِرت قَبْلك فَهِيَ خَفِيَّةٌ، قَالَ: وَزَمْزَم خَفِيَّةٌ لِأَنَّهَا كَانَت لإسمَاعيلَ فانْدَفَنَتْ وَأنْشد:
فَصَبَّحَتْ قبلَ أَذَانِ الفُرْقَانْ
تَعْصِبُ أَعْقارَ حياضِ البُودانْ
قَالَ: البُودانُ القُلْبانُ، وَهِي الرّكابا وَاحِدهَا بَدِيءٌ قلت: هَذَا مَقْلوبٌ، وَالْأَصْل البُدْيَانُ فَقَدَّمَ الْيَاء وَجعلهَا وَاواً، والفُرْقَانُ الصُّبْحُ.
بيد: قَالَ اللَّيْث: يُقَال: بَادَ يَبِيدُ بَيْداً، وأباده الله، والبَيْدَاءُ مفازةٌ لَا شيءَ فِيهَا، وَبَين المسجدين أَرضٌ مَلْساءُ اسمُها البَيْداء.
وَفِي الحَدِيث: (أنَّ قوما يَغْزونَ البيتَ فَإِذا نزلُوا بِالْبَيْدَاءِ بعثَ اللَّهُ جِبريلَ فَيَقُول: يَا بَيْدَاءُ أَبِيديهم فَتُخسف بهم) ، وأتانٌ بَيْدَانَةُ تَسْكُنُ البَيْداء.
وَقَالَ شمر: البَيْدانَة الأتَانُ الوَحْشِيَّة أُضِيفَتْ إِلَى البَيْداء، والجميع البَيْدانَات.
ورُوِيَ عَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (أَنا أَفْصحُ الْعَرَب بَيْدَ أَنِّي من قُرَيش، ونشأت فِي بني سَعْد بن بكر) .
وَفِي الحَدِيث الآخر: (نَحن الآخِرون السابِقون يَوْم الْقِيَامَة بَيْد أَنهم أُوتوا الْكتاب من قَبْلِنا وأُوِتيناهُ من بَعْدهم) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي: قَوْله بَيْدَ مَعْنَاهُ غَيْرَ.
وَقَالَ الأُمَوِيّ: بَيْدَ مَعْنَاهَا عَلَى، وأنشدنا لِرجل يُخاطِبُ امْرَأَة فَقَالَ:
عَمْداً فَعَلْتُ ذاكِ بَيْد أَنِّي
إخالُ إنْ هَلكتُ لم تُرِنِّي
يَقُول: على أَنِّي أخاكُ ذاكِ.
قَالَ أَبُو عبيد: وَفِيه لُغَة أُخْرَى مَيْد بِالْمِيم كَمَا قَالُوا أغْمَطَتْ عَلَيْهِ الحُمَّى واغْبَطت وسَبَّد رأْسَه وسَمَّده.
وَقَالَ ابْن السّكيت: بَيْد بِمَعْنى غير يُقَال: رجل كثير المَال بَيْد أَنَّه بخيلٌ مَعْنَاهُ غيرَ أنَّهُ بخيل قَالَ: والبِيدُ جمع للبيداء وَهِي الفلاة.
ابْن شُمَيْل: البيداءُ المكانُ المُسْتَوِي المُشْرِفُ، قَليلَة الشّجر جَرْدَاءٌ تَقودُ اليومَ ونِصْفَ يومٍ فأقلَّ، وأشرافها شَيْء قَلِيل لَا ترَاهَا إِلَّا غَلِيظةً صُلْبةً لَا تكون إِلَّا فِي أَرض طين، وبَاد يبِيد بَيْداً إِذا هلك. وَقد أبادهم الله.
وبد: قَالَ اللَّيْث: الوَبَد سُوء الحالِ، يُقَال: وَبِدَتْ حالُه تَوْبَد وَبَداً وَأنْشد:
وَلَوْ عالَجْنَ مِن وَبَدٍ كِبالاَ
وَقَالَ اللحياني: الوَبِدُ الشديدُ العَيْنِ وَإنَّهُ لَيَتَوَبَّد أموالَ النَّاس أَي يُصِيبُها بِعَيْنِه فيُسقطها.
(14/145)
________________________________________
وَأَخْبرنِي ابْن هاجَك عَن ابْن جَبَلة أَنه قَالَ: الوَبَد الفَقْرُ والبُؤْسُ، وَرجل وَبِدٌ وَقوم أوْباء، قَالَ: وأنشدني أَبُو عبيد لعَمْرو بن العَدَّاء الْكَلْبِيّ:
لأصْبَحَ الحيُّ أَوْباداً وَلم يَجِدُوا
عِنْد التَّفرُّق فِي الهيجا جِمَالَيْن
أَبَد: أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أَبَدْتُ بِالْمَكَانِ آبُدُ بِهِ أَبُوداً، إِذا أقمتَ بِهِ وَلم تبرَحْهُ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه سُئِلَ عَن بَعِيرٍ شَرَدَ فَرماه رجلٌ بِسَهْم فَأَصَابَهُ فَقَالَ: (إِن لهَذِهِ الْبَهَائِم أَوَابد كأَوَابِد الوَحْش، فَمَا غَلَبَكم مِنْهَا فاصْنَعُوا بِهِ هَكَذَا) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي وَأَبُو عَمْرو: الأوابِد الَّتِي قد تَوَحَّشتْ ونَفَرت من الإنْس يُقَال: قد أَبَدَت تَأْبُد وتَأْبِد أُبُوداً وتَأَبَّدَتْ تَأَبُّداً.
وَمِنْه قيل لِلدَّار إِذا خَلا مِنْهَا أهلُها خَلَفَتْهم الوَحْشُ بهَا: قد تَأَبَّدَت. وَقَالَ لَبيد:
بِمِنًى تَأَبَّد غَوْلُها فَرِجامُها
وَيُقَال للكلمة الوحشية: آبِدةٌ، وَجمعه الأوَابِدُ، وَيُقَال للطير المقيمة بأرضٍ شتاءَها وصَيْفَها: أَوَابِد.
أَبُو عبيد عَن الفرَّاء يُقَال: عَبِد عَلَيْهِ وأَبِدَ وأَمِدَ وَوَبِد وَوَمِد إِذا غَضِبَ عَلَيْهِ أَبداً ووَبداً وومَدَاً وعَبَداً.
وَقَالَ اللَّيْث: أتانٌ إبِدٌ فِي كل عَام تَلد.
قَالَ: وَلَيْسَ فِي كَلَام الْعَرَب فِعِلٌ إِلَّا إِبِدٌ وإِبِلٌ ونِكِحٌ وخِطِبٌ إِلَّا أَن يَتَكَلَّف مُتَكَلِّفٌ فَيَبْنِيَ على هَذِه الأحرف مَا لم يُسْمع عَن الْعَرَب.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الأبِدُ الأتَانُ تَلِدُ كلَّ عامٍ، قلت: أما إبلٌ وإبِدٌ فمسموعان وَأما نِكِحٌ وخِطِبٌ فَمَا حَفظتهَا عَن ثِقَة وَلَكِن يُقَال نِكْحٌ وخِطْبٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: لَا أَفعلهُ أبدا الأيبد وأَبَداً الآباد وَلَا آتيه أَبَدَ الدَّهْر، ويَدَ المُسْنَدِ أَي لَا آتيه طولَ الدَّهْر.
وَقَالَ اللحياني: لَا أَفْعَلُ ذَلِك أَبَدَ الآبديْن وأبد الأبَدِيَّةِ أَي أَبَدَ الدَّهْر، وَيُقَال: وقف فلَان أرضَه وَقفا مُؤبَّداً إِذا جَعَلها حَبِيساً لَا تُباع وَلَا تُورَثُ. وَقد أبّد وقْفَها تأبيداً.
أدب: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: جَاءَ فلانٌ بأمرٍ أَدْبٍ مجزوم الدّال أَي بِأَمْر عَجِيبٍ وَأنْشد:
سمِعْتِ من صَلاصلِ الأشْكالِ
أَدْباً على لَبَّاتها الحَوالِي
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: إِن هَذَا الْقُرْآن مأدُبة الله فتعلموا من مأدُبته.
وَقَالَ أَبُو عبيد: يُقَال: مأدُبته ومأدَبته، فَمن قَالَ: مأْدُبته أَرَادَ بِهِ الصنيعَ يَصنعُه الرجلُ فيدعو إِلَيْهِ الناسَ، يُقَال مِنْهُ: أَدَبْتُ على الْقَوْم آدِبُ أَدْباً وَرجل آدِبٌ، وَقَالَ
(14/146)
________________________________________
طرفَة:
نحنُ فِي المَشْتَاةِ نَدْعُو الجَفَلَى
لَا تَرَى الآدِبَ فِينَا يَنْتَقِرْ
وَقَالَ عديّ بنُ زيد:
زَجِل وبلُه يُجاوِبه دفأٌ
لخون مأدوبَة وزمير
فالمأْدُوبَة الَّتِي قد صُنِع لَهَا الصَّنِيع.
قَالَ أَبُو عبيد: وَتَأْويل الحَدِيث أَنه شبَّه الْقُرْآن بِصَنِيعٍ صَنَعه اللَّهُ للنَّاس لَهُم فِيهِ خيرٌ ومنافعُ ثمَّ دعاهم إِلَيْهِ، قَالَ: وَمن قَالَ: مأْدَبَةً جَعَله مَفْعَلَةً من الأدَب وَكَانَ الْأَحْمَر يجعلهما لُغَتَيْن: مأدُبة ومأدَبة بِمَعْنى وَاحِد.
قَالَ أَبُو عبيد: وَلم أسمع أحدا يَقُول هَذَا غَيره، والتفسيرُ الأوّل أعجبُ إليّ.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: آدَبْتُ أُودبُ إيداباً، وأَدبْتُ آدبُ أَدْباً.
قلت: والأدَبُ الَّذِي يَتَأَدبُ بِهِ الأديبُ من النَّاس، سمي أَدَباً لِأَنَّهُ يأْدِب الناسَ الَّذين يتعلمونه إِلَى المحامِد وينهاهم عَن المقابح يَأْدبهم أَي يَدعُوهُم، وأصل الأدْب الدّعاء، وَقيل للصَّنيع يُدْعَى إِلَيْهِ النَّاس: مَدعاةٌ ومأْدَبة، وَيُقَال للبعير إِذا رِيض وذُلِّلَ: أديبٌ مُؤَدب. وَقَالَ مُزَاحم الْعقيلِيّ:
وهُنَّ يُصَرِّفْن النَّوَى بَين عالِجٍ
ونَجْرَانَ تَصْرِيفَ الأدِيبِ المُذَلَّلِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو يُقَال: جَاشَ أَدَبُ الْبَحْر، وَهُوَ كَثْرَة مَائه وَأنْشد:
عَن ثَبَجِ الْبَحْر يَجِيشُ أَدَبُه
وَقَالَ أَبُو زيد: أَدُبَ الرجل يَأْدُبُ أَدَباً فَهُوَ أَديب وأَدِبٌ، وأَرُبَ يَأْرُبُ إِرْبةً وأَرَباً فِي العَقْلِ فَهُوَ أَرِيبٌ.
انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم.

(بَاب الدّال وَالْمِيم)
د م (وايء)
أَدَم، دوم، ديم، دمى، أمد، وَمد، مأد، دأَم.
دوم ديم: قَالَ اللَّيْث: دَامَ الشيءُ يَدُوم دَوْماً، والدِّيمةُ مَطَرٌ يَدُوم يَوْمًا وَلَيْلَة أَو أَكثر.
وَفِي حَدِيث عَائِشَة: أَنَّهَا سُئِلتْ هَل كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يُفَضِّلُ بعض الْأَيَّام على بعض فَقَالَت: كَانَ عَمَلهُ دِيمَةً.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الأصمعيّ وَغَيره: أصل الدِّيمَةِ المطرُ الدَّائمُ مَعَ سُكُون.
قَالَ أَبُو عبيدُ: فَشَبَّهَتْ عائشةُ عملَه فِي دوامِه مَعَ الاقتصاد بِدِيمةِ الْمَطَر.
قَالَ: ويُرْوَى عَن حُذيفة أَنه ذكر الفِتَن فَقَالَ: إِنَّهَا لَتَأْتِيَنَّكُم دَيماً ديماً يعْنِي أَنَّهَا تَملأ الأَرْض مَعَ دوَام وَأنْشد:
ديمةٌ هَطْلاَءُ فِيهَا وَطَف
طَبَّق الأرضَ تَحَرَّى وتَدُر
وَجمع الدِّيمة دِيَم.
(14/147)
________________________________________
وَقَالَ شمر يُقَال: ديمةٌ وديْمٌ.
وَقَالَ الْأَغْلَب:
فَوَارِسٌ وَحَرْشَفٌ كالدِّيْمِ
لَا تَتَأَنَّى حَذرَ الكُلُومِ
وَرُوِيَ عَن أَبي العَمَيْثَل أَنه قَالَ: ديْمَةٌ وَجَمعهَا ديُومٌ بِمَعْنى الدِّيمة.
وَقَالَ خَالِد بن جَنْبَة: الدِّيمةُ من الْمَطَر الَّذِي لَا رَعْد فِيهِ وَلَا بَرْقَ وتَدوم يومَها.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: من أَسمَاء الْخمر المُدام والمُدَامَةُ.
قَالَ اللَّيْث: سميت مُدامة لِأَنَّهُ لَيْسَ شَيْء من الشَّرَاب يُستطاع إدامَةُ شُرْبِه غيرَها.
وَقَالَ غَيره: سمّيَتْ مُدامة لِأَنَّهَا أُديمَتْ فِي الدِّنِّ زَمَانا حَتَّى سَكَنَتْ بَعْدَمَا فارَتْ، وكل شَيْء يسكن فقد دَامَ، وَمِنْه قيل للْمَاء الَّذِي سَكَنَ فَلَا يجْرِي: دائمٌ.
وَنهى النبيُّ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنْ يُبَالَ فِي المَاء الدَّائم ثمَّ يُتوضأ مِنْهُ، وَهُوَ المَاء الراكد السَّاكِن، وكل شيءٍ سَكَّنْتَه فقد أَدمْتَه، وَقَالَ الشَّاعِر:
تَجِيشُ عَلَيْنا قِدْرُهُم فَنُدِيمُها
ونَفْثَؤُهَا عنَّا إِذا حَمْيُها غَلاَ
قَوْله: نُديمها نُسَكِّنُها، ونَفْثَؤها نَكْسِرُها بالماءِ.
وَيُقَال للطائر إِذا صَفَّ جناحيه فِي الْهَوَاء وسكنَّهما وَلم يحركهما كَمَا تفعل الحِدأ والرَّخم: قد دَوَّمَ الطَّائِر تَدْويماً لِسكونه وتركِهِ الخَفَقَانَ بجناحين.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّدْوِيمُ تحلِيقُ الطائرِ فِي الْهَوَاء ودَوَرَانُه، وَالشَّمْس لَهَا تدويمٌ كَأَنَّهَا تَدُور بدورانها وَقَالَ ذُو الرُّمَّة:
والشَّمْسُ حَيْرَى لَهَا فِي الجوِّ تَدْوِيمُ
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم فِي قَوْله: وَالشَّمْس حَيْرَى: تَقِفُ الشمسُ بالهاجِرَةِ عَن الْمسير مِقْدَارَ مَا تسير سِتِّينَ فرسخاً تَدور على مَكَانهَا، وَيُقَال: تَحَيَّرَ الماءُ فِي الرَّوْضَة إِذا لم تكن لَهُ جِهَة يَمْضِي فِيهَا فَيَقُول: كَأَنَّهَا مُتَحَيِّرَةٌ لدورانها قَالَ: والتَّدويم الدَّوَرَان يُقَال: دوَّمَتْ الشمسُ إِذا دارتْ.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: أَخذه دُوَامٌ فِي رَأسه مثل الدُّوَار، ودُوَّامةُ الغُلام بِرفع الدَّال وَتَشْديد الْوَاو، ودوَّمْتُ القِدْرَ وأَدمْتُهَا إِذا كَسَرْتَ غَلَيانها قَالَ: ودوَّم الطائرُ فِي السَّمَاء إِذا جَعل يَدُور، ودوَّى فِي الأَرْض وَهُوَ مِثْل التَّدويم فِي السَّمَاء، قَالَ وَقَول ذِي الرمة:
حَتَّى إِذا دوّمَتْ فِي الأَرْض راجعهُ
كِبْرٌ وَلَو شَاءَ نَجَّى نفسَه الْهَرَب
استكراه.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: ذكر الأصمعيّ أَن التَّدويمَ لَا يكون إِلَّا من الطَّائِر فِي السَّمَاء، وَعَابَ على ذِي الرُّمَّة قولَه، وَقد
(14/148)
________________________________________
قَالَ رؤبة:
تَيْماء لَا يَنْجُو بهَا مَنْ دوَّما
إِذا علاها ذُو انْقِبَاضٍ أجْذَمَا
أَي أسْرع.
وَقَالَ شمر: دوَّامَةُ الصَّبِي بِالْفَارِسِيَّةِ دوَابَهْ وَهِي الَّتِي يَلْعَبُ بهَا الصّبيان، تُلَفُ بِسَيْرٍ أَو خَيْط ثمَّ تُرْمَى على الأَرْض فتدور.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: دوَّمْتُ الشيءَ بَلَلْتَه، قَالَ ابْن أَحْمَر:
وَقد يُدَوِّمُ ريقَ الطامِعِ الأملُ
أَي يَبُلُّه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: دامَ الشيءُ إِذا دارَ، وَدَامَ إِذا وقف، ودامَ إِذا تَعِبَ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَدْوِيمُ الزَّعْفَرَان: دوْفُه وإدارَتُه فِي دوْفِه وَأنْشد:
وَهُنَّ يَدُفْنَ الزَّعْفَرَانَ المُدَوَّفَا
والدَّوْمُ شَجَر الْمُقْل الْوَاحِدَة دوْمَةٌ، وقرأت بِخَط شَمِر.
وَقَالَ أَبُو سعيد: الضَّرِير: دوْمَةُ الجندل فِي غَائِط من الأَرْض، خَمْسَة فراسخ.
قَالَ: وَمن قِبَلِ مَغْرِبِهِ عَيْنٌ تَثُجُّ فتَسْقِي مَا بِه من النَّخِيل وَالزَّرْع قَالَ: ودوْمَةُ ضاحيةٌ بَين غَائطها، هَذَا واسمُ حصنها مارِدٌ، وَسميت دوْمَةَ الجندل.
فِي حَدِيث رَوَاهُ أَبُو عبيد لأنَّ حِصْنَها مَبنيٌّ بالجندل.
قَالَ: والضَّاحِيَةُ من الضَّحْل مَا كَانَ بارزاً من هَذَا الغَوْط، وَالْعين الَّتِي فِيهِ، وَهَذِه الْعين لَا تَسْقِي الضاحية.
قَالَ وَغَيره يَقُول: دُومَة بِضَم الدَّال، وَسمعت دَومَة الجندل فِي حَدِيث رَوَاهُ أَبُو عبيد قلت: وَرَأَيْت أَعْرَابِيًا بِالْكُوفَةِ سُئِلَ عَن بَلَدِه فَقَالَ: دوْمَة الجندل.
وَقَالَ شمر: سمِّيت الخمرُ مُدامةً إِذْ كَانَت لَا تَنْزَفُ مِنْ كثرتها فَهِيَ مُدامة ومُدام.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَة: يُقَال لَهَا: مدامة لِعِتْقِهَا.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: استدَامَ الرجل غَرِيمَه واسْتَدماه إِذا رَفِقَ بِهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: استدامةُ الْأَمر الأناةُ فِيهِ، وَأنْشد:
فَلَا تَعْجَلْ بأَمْركَ واسْتَدمْه
فَمَا صَلَّى عَصاك كَمُسْتَديمِ
وَتَصْلِيةُ العَصا إدارتُها على النَّار لتستقيم، واستدامتُها التأنِي فِيهَا، أَي مَا أحْكَمَ أَمْرَها كالتَّأَنِّي.
وَقَالَ شَمِر: المستديمُ المُبَالِغُ فِي الْأَمر واسْتَدِمْ مَا عِنْد فلَان: أَي انْتظِرْهُ وارْقُبْه.
قَالَ: وَمعنى الْبَيْت: مَا قَامَ بحاجتك مثلُ مَن يُعْنَى بهَا ويُحبُّ قَضاءَها.
وَقَالَ شَمِر: فِيمَا قَرَأت بِخَطِّهِ: الدَّيمُومَة الأرضُ المُسْتَوِيَةُ الَّتِي لَا أَعلامَ بهَا وَلَا طريقَ وَلَا ماءَ وَلَا أنيسَ، وَإِن كانتْ
(14/149)
________________________________________
مُكْلِئَةً. وهُنَّ الدَّيامِيمُ. يُقَال: عَلَوْنا دَيمُومةً بعيدَة الغَوْر، وعلونا أَرضًا دَيمُومةً مُنكرةً.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: الدَّيامِيمُ: الصحارى.
وَقَالَ المؤرج: هِيَ الصحارى المُلْسُ المتباعدةُ الْأَطْرَاف.
قَالَ شَمِر وَقَالَ الأصمعيّ: الإيدَامةُ أَرض مستوية صلبة ليستْ بالغليظة وَجَمعهَا الأَيادِيمُ، قَالَ وَيُقَال: أُخِذتْ الإيدَامةُ من الأَديم، قَالَ ذُو الرمة:
كأنهن ذُرَى هَدْي محوَّبة عَنْهَا
الجِلال إِذا ابْيَضَّ الأيادِيم
وابيضاض الأياديم لِلسَّرابِ.
وَقَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْأَصْمَعِي: الإيدامَةُ الصُّلبة من غَيْرِ حِجارة وَيُقَال: دِيمَ وأُديم إِذا أَخَذه دُوَار، والإدامَةُ تَنْقِيرُ السَّهْم على الْإِبْهَام. وَأنْشد أَبُو الْهَيْثَم:
فاسْتَلَّ أَهْزَعَ حنَّانا يُعَلِّلُهُ
عِنْد الإدامةِ حَتَّى يَرْنُوَ الطَّرِبُ
ودوَّمَتْ عَيناهُ تدويماً إِذا دارَت حَدَقَتُها.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الإيدَامةُ من الأَرْض السَّنَد الَّذِي لَيْسَ بشَديد الإشرافِ، وَلَا يكون إِلَّا فِي سُهولِ الأَرْض، وَهِي تَنْبُتُ وَلَكِن فِي نبتها زَمَرٌ لِغِلَظِ مَكانها وقِلَّة استقرارِ المَاء فِيهَا.
أَدَم: فِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ للْمُغِيرَة بن شُعْبَة، وخَطبَ امْرَأَة: (لَو نظرتَ إِلَيْهَا فَإِنَّهُ أَجْدَى أَن يُؤْدَم بَيْنكُمَا) .
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ الْكسَائي: قَوْله: يُؤْدم يَعْنِي أَن تكون بَينهمَا الْمحبَّة والإتفاق يُقَال مِنْهُ: أَدمَ الله بَينهمَا يَأْدِم أَدْماً.
وَقَالَ أَبُو الْجراح مثله. قَالَ أَبُو عبيد: وَلَا أَدْرِي الأَصْل فِيهِ إِلَّا من أَدْمِ الطَّعامِ لِأَن صلاحَه وطيبه إِنَّمَا يكون بالإدام، وَلذَلِك يُقَال: طَعَام مَأدُومٌ، وقَالتْ امْرَأَة دُرَيد بن الصمَّة لَه وأَراد أَنْ يُطَلّقها: أَبَا فلَان أَتُطَلِّقُني فوَاللَّه لقد أَطْعَمتُكَ مَأْدُومي وأبثَثْتُكَ مَكْتُومي وَأَتَيْتُك باهِلاً غيرَ ذَات صِرار.
قَالَ أَبُو عبيد: وَيُقَال: آدم الله بَينهمَا يُؤْدِمُ إيداماً أَيْضا، وَأنْشد فَقَالَ:
والبِيضُ لَا يُؤْدِمن إِلَّا مُؤْدَما
أَي لَا يحببن إِلَّا مُحَبَّباً مَوْضِعاً لذَلِك.
أَبُو عُبَيد عَن الْفراء أَنه قَالَ: الأُدْمَةُ: الوَسِيلةُ إِلَى الشَّيْء، يُقال: فُلانٌ أُدْمَتِي إِلَيْك أَي وَسِيلَتِي.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: بَينهمَا أُدْمَةٌ ومُلْحة أَي خُلْطةٌ، قَالُوا: الأُدْمَةُ فِي النَّاس شربةٌ من سَواد، وَفِي الْإِبِل والظباء، بَيَاض، يُقَال: ظبيةٌ أَدمَاءُ، وَلم أسمع أحدا يَقُول للذّكر من الظباء: آدم وَإِن كَانَ قِيَاسا.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الآدمُ من الْإِبِل الْأَبْيَض فَإِن خَالَتْه حُمرةٌ فَهُوَ أصْهَبُ فَإِن
(14/150)
________________________________________
خالَطْت الحمرةُ صَغاهُ فَهُوَ مُدمَّى، قَالَ: والأُدمُ من الظباء بيضٌ تعلوهن جُدَدٌ فِيهِنَّ غُبرةٌ، فَإِن كَانَت خالصةَ الْبيَاض فهيَ الآرَامُ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن الْقَاسِم بن مُحَمَّد الْأَنْبَارِي عَن أَحْمد بن عبيد بن نَاصح قَالَ: كُنَّا نَأْلَفُ مَجْلسَ أبي أَيُّوب ابْن أُخْت أبي الْوَزير، فَقَالَ لنا يَوْمًا، وَكَانَ ابْن السِّكِّيتِ حَاضرا: مَا تقولُ فِي الأُدمِ من الظبا؟ فَقَالَ: هِيَ البيضُ البُطونِ السُّمْر الظُّهُور يَفصِلُ بَين لَوْن ظُهُورهَا وبُطونها جُدَّتان مِسْكيَّتان، قَالَ: فالتَفَتَ إليّ فَقَالَ: مَا تَقول يَا أَبَا جَعْفَر؟ فَقلت: الأُدْمُ على ضَرْبين، أما الَّتِي مَساكِنُها الجبالُ فِي بِلَاد قيسٍ فَهِيَ على مَا وَصَف، وأمَّا الَّتِي مَساكنُها الرَّملُ فِي بِلَاد تَميم فَهِيَ الخوالِص البَيَاضِ، فَأنْكر يعقوبُ، وَاسْتَأْذَنَ ابنُ الْأَعرَابِي على تَفيئَة ذَلِك، فَقَالَ أَبُو أَيُّوب: قد جَاءَكُم من يَفْصِلُ بَيْنكُم، فَدخل فَقَالَ لَهُ أَبُو أَيُّوب: يَا أَبَا عبد الله مَا تَقول فِي الأُدم من الظِّباء؟ فَتكلم كَأَنَّمَا يَنْطِق عَن لِسَان ابْن السِّكِّيت؛ فَقلت: يَا أَبَا عبد الله مَا تَقول فِي ذِي الرُّمة؟ قَالَ: شَاعِر، قلتُ: مَا تَقول فِي قَصيدته صَيْدَح؟ قَالَ: هُوَ بهَا أعرف مِنها فَأَنْشَدته:
مِن المُؤْلِفاتِ الرملَ أدماءُ حُرَّةٌ
شُعَاعُ الضُّحَى فِي مَتْنِها يَتَوَضَّحُ
فَسَكَتَ ابْن الْأَعرَابِي، وَقَالَ: هِيَ الْعَرَب تَقول مَا شَاءَتْ.
وَقَالَ الزّجاج: يَقُول أهل اللُّغَة: آدَم: اشتقاقه من أَدِيم الأَرْض لِأَنَّهُ خُلِق من تُراب، وَكَذَلِكَ الأُدْمَةُ إِنَّمَا هِيَ مُشَبَّهة بلون التُّراب، وَنَحْو ذَلِك قَالَ اللَّيْث، قَالَ: والأَدَمُ جمع الأَدِيم، قَالَ: وأَدِيمُ كلِّ شيءٍ ظاهرُ جِلْدِه وأَدَمَةُ الأرضِ وجهُها والإدام والأَدْم مَا يُؤْتَدم بِهِ مَعَ الْخبز.
وَفِي الحَدِيث: (نعم الإدامُ الخَلُّ وطَعَامٌ مأْدُومٌ) .
أَبُو حَاتِم عَن الأصمعيّ: يُقَال للجلد إهَاب وَالْجمع أُهُب وأَهَبٌ مُؤَنّثَة. قَالَ: فَأَما الأَديمُ والأفقُ فمذكر، إِلَّا أَن يقْصد قصد الْجُلُود، والأدمة. فَتَقول: هِيَ الْأدم والأفق، يُقَال: أَدِيم وآدمة فِي الْجمع الْأَقَل على أَفعلهُ يُقَال: ثَلَاثَة آدمةٌ وأربعةُ آدمةٍ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: رجلٌ مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ وَهُوَ الَّذِي قد جَمَع لينًا وشِدَّة مَعَ الْمعرفَة بالأمور. قَالَ: وأصلهُ من أَدمةِ الْجلد وبَشَرَتهِ فالبَشَرة ظاهِرهُ وَهِي مَنْبِت الشَّعْر والأَدمةُ باطِنُهُ وَهُوَ الَّذِي يَلِي اللَّحْم، قَالَ: فَالَّذِي يُراد مِنْهُ أَنه قد جمع لِينَ الأدَمَةِ وخُشونَة البَشَرة وجَرَّبَ الْأُمُور وَنَحْو ذَلِك. قَالَ أَبُو زيد.
(14/151)
________________________________________
وَقد يُقَال: إِنَّمَا يُعَاتَبُ الأَديمُ ذُو البَشَرة أَي يُعاد فِي الدِّباغ، وَمَعْنَاهُ إِنَّمَا يُعاتَبُ مَن يُرجى، وَمن بِهِ مُسْكَةٌ وقوةٌ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن إِبْرَاهِيم الْحَرْبِيّ: أَن أَبَا عدنان أخبرهُ عَن الأصمعيّ قَالَ: يُقَال: فلانٌ مَأْدُومُ مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ أَي هُوَ جامعٌ يصلح للشدة والرَّخاء. وفلانٌ أَدَمَةُ بني فلَان، وَقد أَدَمَهم يَأْدُمُهم، وَهُوَ الَّذِي عَرَّفهم النَّاس.
قَالَ: وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: فلَان مُؤْدَمٌ مُبْشَرٌ كريمُ الْجلد غليظه جَيِّده، وَمن أمثالهم: سَمْنُكم هُريق فِي أَدِيمكم أَي فِي مأدومكم. وَيُقَال: فِي سِقائكم، وأَتَيْتُه أَدِيمَ الضُّحَى أَي عِنْد ارْتِفَاع الضُّحَى.
سَلمَة عَن الْفراء: يُقَال: بَشَرْتُه وأَدَمْتُه ومَشَنْتُه أَي قَشَرتُه وَيجمع آدَمُ أَوَادِم، والإيدَامَةُ الأَرْض الصُّلْبةُ مَأْخُوذ من أَدِيمِ الأَرْض وَهُوَ وَجْهُها.
دمى: قَالَ اللَّيْث: الدَّمُ معروفٌ والقطعة مِنْهَا دَمَةٌ واحدةٌ، وكأَنَّ أَصله دَمَيٌ لِأَنَّك تَقول دَمِيَتْ يدُه.
وَقَالَ غَيره: الأَصْل: دَمًا.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: الدَّمُ اسْم على حَرْفين فَقَالَ بَعضهم فِي تثنيته الدَمَيَان وَفِي جمعه الدِّماء.
وَقَالَ بَعضهم: الدَّمان. وَأنْشد:
فَلَوْ أَنَّا على حَجَرٍ ذُبِحْنا
جَرَى الدَّمَيَانِ بالخَير اليَقِينِ
فَثَنَّاه بِالْيَاءِ، وَيُقَال فِي تصريفه: دَمِيَتْ يَدِي تَدْمى دَماً فَيُظْهِرُون فِي دَمِيَتْ وتَدْمى الْيَاء، وَالْألف اللَّتَيْنِ لم يجدوهما فِي دَمٍ. قَالَ: ومِثله يَدٌ أصلُها يَدْيٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: الدَّامِيَةُ من الشِّجَاجِ هِيَ الَّتِي تَدْمَى مِن غير أَن يسيلَ مِنْهَا دَمٌ وَمِنْهَا دَمٌ، وَمِنْهَا الدَّامِعةُ وَهِي الَّتِي يسيلُ مِنْهَا الدَّم.
وَقَالَ اللَّيْث: الدُّمْيَةُ الصَنَم وَالصُّورَة المنَقَّشة.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للْمَرْأَة الدُّمْيةُ يكْنى عَن الْمَرْأَة بهَا.
وَقَالَ اللَّيْث: وبَقْلَةٌ لَهَا زهرَة يُقَال لَهَا: دُمْية الغِزلان.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: المُدَمَّى من الثِّيَاب: الأَحْمَرُ.
وَقَالَ اللَّيْث: المدَمَّى من الْخَيل: الأَشْقَرُ الشديدُ الحُمرة. شِبه لون الدَّم، وكل شَيْء فِي لَونه سَواد وَحُمرَة فَهُوَ مُدمًى.
وَقَالَ أَبُو عُبيد: كُمَيْتٌ مُدمًى إِذا كَانَت سراتُه شَدِيدَة الحُمْرة إِلَى مَرَاقِّه، والأَشقر المدَمَّى الَّذِي لون أَعلَى شَعْرَتِه تعلوها صُفرة كلون الكُمَيت الْأَصْفَر.
وَقَالَ طُفَيْلٌ:
(14/152)
________________________________________
وكُمْتاً مُدَمَّاةً كأَنَّ مُتُونَها
جَرَى فَوْقَها واسْتَشْعَرتْ لَوْنَ مَذْهَب
يَقُول: تَضْربُ حمْرتها إِلَى الكُلفَةِ لَيست بشديدة الحُمرة.
وَفِي حَدِيث سَعْدٍ أَنه رَمَى بسهمٍ مُدَمًى ثَلَاث مَرَّات فَقَتَلَ بِهِ رجلا من الْكفَّار.
وَقَالَ شمر: المُدَمَّى الَّذِي يَرْمِيه الرجلُ العدوَ ثمَّ يَرْمِيه العَدُوُّ بذلك السهْم بِعَيْنِه كَأَنَّهُ دمِّيَ بِالدَّمِ حَتَّى وَقَع بالمرْمِيِّ.
وَيُقَال: سُمِّي مُدَمًّى لِأَنَّهُ أحْمَر من الدَّم، وسَهْمٌ مُدمَّى قد دمِّيَ بِهِ مرّة، وَقد جاءَ فِي بعض الْأَحَادِيث، وَجمع الدُّمْية دُمًى.
وَمد: أَبُو عُبيد عَن الكسائيّ: إِذا سَكَنَتْ الريحُ مَعَ شِدّة الْحر فَذَلِك الوَمَدُ. يُقَال: لَيْلَة وَمِدَةٌ وَقد وَمِدَتْ تَوْمَد وَمداً.
وَقَالَ اللَّيْث: الوَمَدَة تَجِيء فِي صميم الحرّ من قِبل الْبَحْر، حَتَّى تَقَع على النَّاس لَيْلًا.
قلت: وَقد يَقع الوَمَد أَيَّام الخريف أَيْضا وَيُقَال: لَيْلَة وَمِدٌ بِغَيْر هَاء وَمِنْه قَول الرَّاعِي يصف امْرَأَة:
كأَنَّ بَيضَ نعامٍ فِي مَلاحِفِها
إِذا اجْتلاهن قَيْظاً ليلةٌ وَمِدٌ
قلت: والوَمَد لَثَقٌ ونَدًى يَجِيء من جِهَة الْبَحْر إِذا ثار بخارُه، وهَبَّتْ بِهِ الرِّيحُ الصَّبا، فَيَقَع على الْبِلَاد المتاخمة لَهُ مثل نَدَى السَّماءِ وَهُوَ مؤذٍ للنَّاس جِداً لِنَتْن رائحتِه، وكُنا بِنَاحِيَة الْبَحْرين إِذا حَلَلنا بالأسياف، وهَبَّتْ الصَّبا بَحْرِيةً لم نَنْفَك مِن أَذَى الوَمَد، فَإِذا أَصْعَدْنا فِي بِلاد الدَّهناء لم يُصِبنَا الوَمَدُ.
(مأد) : أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: مَأْد الشَّباب نَعْمتُه.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي عَن الْكسَائي: ومَدَ عَلَيْهِ ووبَدَ ومْداً، إِذا غضب عَلَيْهِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: مَأَد الْعود يَمْأَدُ مَأْداً إِذا امْتَلأ من الرِّيِّ فِي أول مَا يجْرِي المَاء فِي العُود فَلَا يزَال مائداً مَا كانَ رَطْباً.
وَقَالَ اللَّيْث: المأدُ من النَّبَات مَا قد ارتوى، يُقَال: نباتٌ مَأْدٌ وَقد مَأَدَ يَمأَدُ فَهُوَ مَأْد، وأَمْأَدَ الرِّيُّ والربيعُ وَنَحْوه وَذَلِكَ، إِذا خرج فِيهِ المَاء أَيَّام الرّبيع، وَيُقَال لِلْجَارِيَةِ التارَّة: إِنَّهَا لَمأدَةُ الشَّبابِ وَهِي تَمْؤودَةٌ ويَمْؤُودةٌ.
قَالَ: والمأد فِي لُغَة أهل الشَّام: النَّزُّ الَّذِي يظْهر بِالْأَرْضِ قبل أَن يَنْبع.
وَأنْشد أَبُو عبيد:
مَادُ الشبابِ عَيْشَها المُخرْفَجَا
مَاء غَيْر مهموزٍ.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة فِي قَوْله تَعَالَى: {أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَآءِ} (الْمَائِدَة: 114) الْمَائِدَة فِي الْمَعْنى مَفْعوله ولفظها فَاعِله، قَالَ: وَهِي مثل عِيشة راضية، وَقَالَ: إِن الْمَائِدَة مِن العَطاء والممْتاد الْمَطْلُوب مِنْهُ العَطاء
(14/153)
________________________________________
مُفْتَعَلٌ وَأنْشد:
إِلَى أَميرِ الْمُؤمنِينَ المُمْتاد
قَالَ: وَماد زيدٌ إِذا أعطَاهُ.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: الأَصْل عِنْدِي فِي مائدة، أَنَّهَا فاعلة من ماد يَمِيد إِذا تحرّك وَكَأَنَّهَا تميد بِمَا عَلَيْهَا.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أَحْمد بن يحيى قَالَ: مادَهُم يَميدُهم إِذا زَادَهم وَأنْشد:
إِلَى أَمِيرِ الْمُؤمنِينَ المُمْتَاد
قَالَ: وَإِنَّمَا سمِّيت المائدةُ مائِدةً لِأَنَّهُ يُزَاد عَلَيْهَا.
قَالَ أَبُو بكر: قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: سُمِّيتْ المائدةُ مائِدةً لِأَنَّهَا مِيدَ بهَا صَاحبُها أَي أُعطِيها وتُفُضِّل عَلَيْهِ بهَا.
والعربُ تَقول: مَادنِي فلَان يَميدُني إِذا أَحْسن إليّ. قَالَ: وَقَوله إِلَى أَمِير الْمُؤمنِينَ الممتاد.
أَي المتَفَضِّل على النَّاس.
وَقَالَ الجَرْمِي: يُقال: مائِدةٌ ومَيْدَةٌ، وَأنْشد:
ومَيْدَةٌ كَثيرةُ الألوان
تُصْنَعُ للاخوانِ والجِيرانِ
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: المائِدُ الَّذِي يَركَبُ البحرَ فَتَغْثَى نَفْسُه من نَتْنِ ماءِ الْبَحْر حَتَّى يُدَارَ بِهِ، ويَكاد يُغْشَى عَلَيْهِ فَيُقَال: مادَ بِهِ البحرُ يَمِيد بِهِ مَيْداً، ورجلٌ مائدٌ، وَقوم مَيْدى.
قَالَ: وسمِعْتُ أَبَا العبَّاس وَسُئِلَ عَن قَول الله جلّ وعزّ: {أَن تَمِيدَ بِكُمْ} (النَّحْل: 15) فَقَالَ: تحَرَّكَ بكم وتَزَلْزَلَ، ومَاد يَمِيدُ إِذا تَثَنَّى وتَبَخْتَر.
وَقَالَ الْفراء: سَمِعت الْعَرَب تَقول: الميْدَى الَّذين أَصابَهم المَيْدُ من الدُّوَار، قَالَ وَيُقَال: مَاد أهلَه إِذا غَارَهم ومادهم.
قَالَ وَيُقَال: ابْن الْأَعرَابِي: مَاد إِذا تَجِرَ وماد إِذا أَفْضَلَ.
دَامَ: قَالَ اللَّيْث: الدَّأْمُ إِذا رفعتَ حائِطاً فَدَأَمْتَه بمَرَّةٍ وَاحِدَة على شَيْء فِي وَهْدَةٍ تَقول: دَأَمته عَلَيْهِ، قَالَ: وتَدَأَّمَتْ عَلَيْهِ الأمواج والأهوالُ والهموم وَأنْشد:
تَحتَ ظِلال الموْج إِذْ تَدَأَّمَا
أَبُو عُبَيد قَالَ الأصمعيّ: تَدَاءَمه الأمرُ مثل تَدَاعَمَه إِذا تراكَمَ عَلَيْهِ وَتكَسَّر بعضُه فَوق بعض.
وَقَالَ أَبُو زيد: تَدَأَّمْتُ الرجلَ تَدَوُّماً إِذا وَثَبْتَ عَلَيْهِ فركبتَه.
قَالَ أَبُو عبيد: والدَّأْماءُ البحرُ.
وَقَالَ الأفوه الأوْديّ:
والليلُ كالدَّأْماءِ مُسْتَشْعِرٌ
من دونِه لَوْناً كَلَونِ السَّدُوس
مدى: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَمْدَى الرجلُ إِذا أَسَنَّ.
(14/154)
________________________________________
قلت: هُوَ من مَدَى الْغَايَة، ومدَى الأجَل منتهاه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: أمدى الرجل إِذا سُقِي لَبَناً فأَكْثر.
وَقَالَ رؤبة:
مُشَبّههٌ مُتيّةٌ تَيهاؤُه
إِذا المَدَى لم يُدْرَ مَا مَيدَاؤه
قَالَ: المِيداءُ مِفْعالٌ من المَدَى، وَهُوَ الْغَايَة والقَدْر يُقَال: مَا أَدْرِي مَا مِيداءُ هَذَا الْأَمر؟ يَعْنِي قَدْرَهُ وغايَتَه، وَهُوَ بمِيداءِ أرضِ كَذَا إِذا كَانَ بِحِذَائِها يَقُول: إِذا سَار لم يَدْرِ أَمَا مَضَى أكثَرُ أمْ مَا بَقِيَ؟ قلت: قَوْله: المِيدَاءُ مِفعال فِي المَدَى غَلَط لِأَن المِيمَ أصليةٌ وَهُوَ فِيْعالٌ من المَدَى كأَنه مصدر مادى مِيدَاءً على لُغَة من يَقُول: فاعلتُ فِيْعالاً.
وَفِي الحَدِيث: أَن النَّبي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَتَب ليهود تَيْمَاء أنَّ لَهُم الذِّمةَ وَعَلَيْهِم الجِزْيَة بِلَا عَدَاءٍ، النهارُ مَدَى والليلُ سُدًى.
وَكتب خَالِد بن سعيد: المَدَى الغايةُ أَي ذَلِك لَهُم أبدا، مَا كَانَ النهارُ، والليلُ سُدًى أَي مُخَلَّى، أَرَادَ مَا تُرك اللَّيْلُ والنهارُ على حَالهمَا، وَذَلِكَ أَبَداً إِلَى يَوْم الْقِيَامَة.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: والمَدِيُّ الحَوْضُ الَّذِي لَيْسَتْ لَهُ نَصَائِبُ، وَأنْشد غَيره قَول الرَّاعِي يذْكر مَاء وَرَدهُ:
أَثَرْتُ مَدِيَّهُ وأَثَرْتُ عَنهُ
سَوَاكِنَ قَدْ تَبَوَّأْنَ الحُصونَا
والْمُدْيُ مِكْيالٌ يأْخُذ جَرِيياً.
وَفِي الحَدِيث: أَن عليا أجْرى للنَّاس المُدْيَيْنِ والقِسْطَيْن، فالمُدْيانِ الجريبان، والقسطان قِسطانِ من زَيْتٍ كَانَ يُرْزُقُها الناسَ.
وَيُقَال: تَمادَى فلَان فِي غَيِّه إِذا لَحَّ فِيهِ وأَطال مَدَى غَيِّه أَي غَايَته.
أنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
أَرْمي وإِحدى سِيَتَها مَدْيَهْ
إِن لم تصب قلباً أَصَابَت كُلية
قَالَ سَمِعت أَبَا عرْعرة الْكَلْبِيّ يَقُول: هِيَ المدية وَهِي كَبِدُ الْقوس وَأنْشد هَذَا الْبَيْت.
أمد: قَالَ الله جلَّ وعزّ: {الْحَقِّ وَلاَ يَكُونُواْ كَالَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الاَْمَدُ فَقَسَتْ} (الْحَدِيد: 16) قَالَ شَمِر: الأمَدُ مُنْتَهى الْأَجَل، قَالَ: وللإنسان أمَدَان أَحدهمَا ابتداءُ خَلْقِه الَّذِي يظْهر عِنْدَ مولده وإياه عَنَى الحجاجُ حِين سَأَل الحسنَ فَقَالَ لَهُ: مَا أَمَدكَ؟ فَقَالَ: سنتَانِ من خلَافَة عَمر، أَرَادَ أَنه وُلِد لِسنتَيْنِ بَقِيَتَا من خِلافة عمر، والأمَدُ الثَّانِي الموتَ، قَالَ: وأَمَدُ الخيلِ فِي الرِّهان مَدَافِعُها فِي السباق، ومنتهى غايتها الَّتِي تستبق إِلَيْهِ، وَمِنْه قَول النَّابِغَة:
(14/155)
________________________________________
سَبْقَ الجوادِ إِذا استولى على الأمَدِ
أَي غَلَبَ على مُنتهاه حِين سَبَق رَسيله إِلَيْهِ.
عَمْرو عَن أَبِيه: يُقَال للسفينة إِذا كَانَت مشحونة: عامدٌ وآمِدٌ وعامِدةٌ وآمِدَةٌ وَقَالَ: السَّامِدُ العاقِلُ، والآمِدُ المملوء من خيرٍ أَو شرَ، وآمِدُ بلد مَعْرُوف.
أَبُو عبيد عَن الْفراء: أمدَ عَلَيْهِ وأَبِدَ إِذا غَضَبَ.
وَالله أعلم انْتهى.
(14/156)
________________________________________
بَاب اللفيف من حرف الدّال
دَد، دود، دو، دوى، دا، داى، آد، أدا، وَاد، ودا، أيد، أيادى، أديى، أَدَّاهُ، ودى، دوى، تودية، وَادي، ود، دودي، أد، يَدي، در.
ددّ: رُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (مَا أَنَا مِن دَدٍ وَلَا الدَّدُ منّي) ، وَقد مرَّ تَفْسِيره، وَقَالَ أَبُو عبيد: الدَّد اللَّهْو واللَّعب: قَالَ وَقَالَ الْأَحْمَر: فِي الدَّد ثلاثُ لُغاتٍ، يُقَال: هَذَا دَدٌ على مثالي يَدٍ ودمٍ، وَهَذَا دداً على مِثَال قفاً وعَصاً، وَهَذَا دَدَنٌ على مِثال حزنٍ. ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: دَدٌ، ودَدا وديدٌ وديدانٌ وَدَدَنٌ ودَيْدَبون: اللَّهْو، الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت: مَا أَنا من ددي وَلَا ددي مِنِّيَهْ، يُرِيد مَا أَنا من الْبَاطِل وَلَا الباطلُ مني، قَالَ: وَمن الْعَرَب من يَحذِفُ الْيَاء فَيَقُول: مَا أَنا من دَدٍ وَلَا دَدٌ مني، وَقَالَ اللَّيْث: دَدٌ حِكَايَة الاستنان للطَّرب، وضَرْبِ الْأَصَابِع فِي ذَلِك، وَإِن لم تضرب بعد الجري فِي بِطالةٍ فَهُوَ دَدٌ.
وَقَالَ الطِّرِمَّاح:
واسْتَطْرَبت ظُعْنُهمْ لمَّا احْزَأَل بهم
آل الضُّحى ناشِطاً من داعِبات دَدِ
أَرَادَ بالنَّاشط: شَوْقاً نازِعاً.
قَالَ اللَّيْث: وأنشده بَعضهم: من دَاعبٍ دَدِدِ.
قَالَ: لمَّا جعله نَعْتاً للدَّاعبِ كَسَعةُ بدال ثَالِثَة لِأَن النَّعتَ لَا يتمكَّن حَتَّى يتم ثَلَاثَة أحرف فَمَا فَوق ذَلِك فَصَارَ دَدِدٍ نَعْتاً للداعب.
قَالَ: فَإِذا أَرَادوا اشتقاق الْفِعْل مِنْهُ لم ينقَدْ لكثرةِ الدَّالاتِ، فيفصلون بَين حرفي الصَّدرِ بِهَمْزَة فَيَقُولُونَ: دَأَد يُدَأْدِدُ دَأْدَدةً، وَإِنَّمَا اخْتَارُوا الْهمزَة لِأَنَّهَا أقوى الْحُرُوف وَنَحْو ذَلِك كَذَلِك.
دود ديد: أَبُو عبيد عَن الكسائيّ: دَادَ الطعامَ يَدَادُ وأَدَادَ يُدِيدُ.
وَقَالَ غَيره: دَوَّد يُدَوِّد مثله إِذا صَار فِيهِ الدُّود وَأنْشد:
قَدْ أَطْعَمَتْنِي دَقَلاً حَوْليا
مُسَوَّساً مُدَوَّداً حَجَرياً
وروى أَبُو زيد: ديد فَهُوَ مَدُود بِهَذَا الْمَعْنى.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الدُّوَّادِي مَأْخُوذ من الدُّوَّاد وَهُوَ الخَضْفُ يخرج من الْإِنْسَان.
(14/157)
________________________________________
وَقَالَ غَيره: دودةٌ واحدةٌ ودود كثيرٌ ثمَّ ديدان جمع الْجمع، ودودانُ قبيلةٌ من بني أَسَدٍ.
دوا: قَالَ شمر فِيمَا قَرَأت بِخَطِّهِ: قَالَ الْأَصْمَعِي: الدَّوُّ المستوية من الأَرْض المنسوبة إِلَى الدَّوّ.
وَقَالَ ذُو الرمَّة:
ودوّ ككف المشترِي غيرَانه
بِساطٌ لأخماسِ المراسيلِ واسعُ
أَي هِيَ مُستوية ككف الَّذِي يصافِق عِنْد صَفْقَةِ البيع.
وَقَالَ غَيره: دَوِّيّة وداوِيَّة إِذا كَانَت بعيدَة الْأَطْرَاف مُستوية وَاسِعَة.
وَقَالَ العَجَّاج:
دَوِّيَّةٌ لِهَوْلِها دَوِيٌّ
للريح فِي أَقْرابها هَوِيُّ
وَيُقَال: إِنَّمَا سُمِّيت دَوِيَّةً لِدَوِيّ الصّوتِ الَّذِي يُسمع فِيهَا، وَقيل: سمِّيت دَوِيَّة لِأَنَّهَا تُدَوِّي بِمَن صَار فِيهَا، أَي تذْهب بهم، وَيُقَال: قد دَوَّى فِي الأَرْض وَهُوَ ذهابُه، وَقَالَ رؤبة:
دَوّى بهَا لَا يَعْذر العَلائلا
وَهُوَ يُصادي شزَّنا مَثَائِلا
دَوَّى بهَا مَرَّ بهَا يَعْنِي العَيْر وأنثه، قَالَ: وَقَالَ بعض الْعلمَاء: الدَّو أرضٌ مَسيرةُ أربعِ ليالٍ شِبْه تُرْسٍ خَاوِيَةٌ يُسار فِيهَا بالنجوم، ويُخاف فِيهَا الضَّلالُ، وَهِي على طَرِيق البَصرة مُتَياسِرةً إِذا أَصْعدت إِلَى مَكَّة، وَإِنَّمَا سمِّيت الدَّوَّ، لأنَّ الفُرس كَانَت لَطَائمهم تجوز فِيهَا فَكَانُوا إِذا سلكوها تَحَاضُّوا فِيهَا بالجِدّ فَقَالُوا بِالْفَارِسِيَّةِ: دَوْدَوْ، قلت: وَقد قطعتُ الدَّوَّ مَعَ القرامِطة أبادهم الله وَكَانَت مَطْرَقَهم قافلين مِن الهبير فَسَقَوْا ظهْرهمْ، واستقوا بحَفَر أبي مُوسَى الَّذِي على طَرِيق الْبَصْرَة وفَوَّزُوا فِي الدَّوِّ وَوَرَدُوا صَبِيحَة خامسةٍ مَاء يقالُ لَهُ ثبرة، وعَطَبت فِيهَا بُخْتٌ كَثِيرَة من إبِل الحاجّ لبلوغ الْعَطش مِنْهَا والكلال وَأنْشد شمر:
بالدَّوِّ أَوْ صَحْرائِه القَمُوصِ
قَالَ: وَيُقَال: داويَّة وداوَيةٌ بِالتَّخْفِيفِ وَأنْشد لكثير:
أَجْواز داويَةٍ خِلال دِماثِها
جُدَدٌ صحاصحُ بَينهُنَّ هُزُومُ
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: دوّى الفَحْل إِذا سمعتَ لهديره دَويّاً، ودَوَّى اللبنُ والمَرَقُ إِذا صَارَت عَلَيْهِ دوَاية.
وَقَالَ اللَّيْث: دوَّى الصوتُ يُدَوِّي تَدْوِيَةً.
الْأَصْمَعِي: صَدْر فلَان دوٍ على فلَان مَقصور، وَمثله أَرض دوِيَةٌ أَي ذَات أدواء.
قَالَ: وَرجل دَوًى ودوٍ أَي مَرِيض. وَجمع الداءِ أَدواء، وَجمع الدَّوَاء أدوية، وَجمع
(14/158)
________________________________________
الدَّواة دُوِيٌّ.
قَالَ الْأَزْهَرِي: الدَّوَى جمع دَوَاةٍ مَقْصُور يكْتب بِالْيَاءِ، والدّوَى الدَّاء مصدر يكْتب بِالْيَاءِ وَأنْشد:
إلاَّ المقيمَ على الدّوَى المتأفِّنِ
والدّوَى الضَّنَى مَقصور يكْتب بِالْيَاءِ وَقَالَ:
يُغْضِي كإغضَاءِ الدَّوَى الزَّمِينِ
والدَّوى الرجل الأحمق تكْتب بِالْيَاءِ.
والدَّواءُ الَّذِي يُتدَاوى بِهِ مَمدُود، وَأنْشد:
وأَهْلك مُهْرَ أَبيك الدواءُ
فَلَيْسَ لَهُ مِنْ طعامٍ نصيبْ
أَي أهلكه ترك الدَّوَاء.
وأَمْرٌ مُدَوَ إِذا كَانَ مُغَطًى، وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
وَلاَ أَرْكَبُ الأمْرَ المُدَوِّي سادراً
بِعَمْياء حَتَّى أَسْتَبِينَ وأُبصرا
ابْن شُمَيْل عَن أبي خَيْرة قَالَ: الدَّويّة الأرْضُ الوَافِرَةُ الْكلأ الَّتِي لم يُؤْكل مِنْهَا شَيْء.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: ماءٌ مُدَوَ وداوٍ إِذا عَلَتْه قُشَيرةٌ، وَكَذَلِكَ دوَّى اللَّبن إِذا عَلَتْه قُشَيْرة، وَيُقَال للَّذي يَأْخُذ تِلْكَ القُشَيْرَة: مُدَّوٍ بتَشْديد الدَّال وَهُوَ مفتعل وَالْأول مُفَعِّل.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: دَاء الرجلُ فَهُوَ يَدَاءُ على مِثال شَاءَ يَشَاء إِذا صَار فِي جَوْفِه الدَّاء وَإِذا أَدْوَى.
وَقَالَ شمر: رجلٌ داءٌ ورجلان داءان وَرِجَال أدواء.
قَالَ: ورجلٌ دوًى مَقْصُور مثل ضَنًى قَالَ: دَاءَ الرجل إِذا أَصَابَهُ الدَّاء، وأَداء يُدِيءُ إداءةً إِذا اتهمته، وأَدْوَى بِمَعْنَاهُ.
وَقَالَ أَبُو زيد: دَاء يَدَاء، وأداءَ يُديء إِذا صَار ذَا دَاء وَيُقَال: فلَان مَيِّتُ الدّاء: إِذا كَانَ لَا يَحْقِد على من يسيء إِلَيْهِ، والدَّوَي الرجل الأحمق مقصورٌ وَأنْشد شمر:
وَقد أَقُود بالدّوَي المزَمَّلِ
أَخْرسَ فِي السَّفْرِ بَقَاق المنزلِ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: خَلاَ بَطني من الطَّعَام حَتَّى سمِعْت دوِيّاً لمسامعي، وَسمعت دوِيَّ الْمَطَر والرَّعْد إِذا سمعتَ صوتهما من بعيد.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّوَى داءٌ باطنٌ فِي الصَّدر وَإنَّهُ لَدَوِي الصَّدْر وَأنْشد:
وَعَيْنُك تُبْدِي أَن صدرَك لِي دوِي
قَالَ: والدِّواءُ مَمْدُود هُوَ الشِّفَاء، يُقَال: دَاوَيته مُداواةً، وَلَو قلتَ: دِواء كَانَ جَائِزا، وَيُقَال: دُووِيَ فلانٌ يُداوَى فَتُظهر الواوين وَلَا تُدْغَم إِحْدَاهمَا فِي الْأُخْرَى، لِأَن الأولى هِيَ مَدَّة الْألف الَّتِي فِي دَاوَاه فكرِهوا أَن يُدْغموا المدَّةَ فِي الْوَاو، فيلتبس فُوَعَلِ يفُعِّل.
قَالَ: والدَّاءُ اسْم جامعٌ لكل مَرض وعَيبٍ
(14/159)
________________________________________
ظاهرٍ وباطن حَتَّى يُقَال: داءُ الشُّحِ أشدّ الأدواء وَمِنْه قَول المرأَةِ: كلُّ داءٍ لَهُ داءٌ، أَرادتْ كلَّ عَيْبٍ فِي الرِّجَال فَهُوَ فِيهِ، وَرجلٌ داءٌ وَامْرَأَة داءة، وَفِي لُغَة أُخْرَى: رجلٌ دَيِّيءٌ وامرأةٌ ديِّئة على فَيْعَلٍ وفَيْعِلَة، وَقد داءَ يَدَاءُ دوْءاً كل ذَلِك يُقَال، قَالَ: ودَوْءاً أصوب لِأَنَّهُ يُحْمَل على الْمصدر.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال للرجل إِذا اتهمتَه: قد أَدْوأتَ إدْواءً وَأَدَأتَ إداءَةً، سمعتُها من الْعَرَب.
وَيُقَال: داوَى فلَان فرسَه دِواء بِكَسْر الدَّال إِذا سمَّنه وعَلَفه عَلَفاً ناجِعاً فِيهِ، وَقَالَ الشَّاعِر:
وَدَاوَيْتُها حَتَّى شَتَتْ حَبَشِيَّةً
كأَن عَلَيْهَا سُنْدُساً وسُدُوساً
دأي: قَالَ أَبُو زيد: دَأيتُ لَهُ دَأْياً إِذا خَتَلْتَه، والذِّئْبُ يَدْأى لِلغَزَال وَيَدأَلُ، وَهِي مِشْيَةٌ شَبيهةٌ بالختْل.
وَقَالَ اللَّيْث: دأى يَدْأَى دَأْياً ودأواً إِذا خَتَل.
دأو: أَبُو زيد وغيْره: دَأَوت، أدْؤُو، إِذا خَتَلتَه وَأنْشد:
دَأَوتُ لَهُ لآخُذه فهيهات الفَتَى حَذِرَا
وَهُوَ مثل دأى يَدْأَى سَوَاء بِمَعْنَاهُ وَيُقَال: الذِّئب يدْأَى للغزال أَي يخْتل.
أود أيد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا} (الْبَقَرَة: 255) قَالَ أهل التَّفْسِير وَأهل اللُّغَة مَعًا: مَعْنَاهُ لَا يَكْرِثُهُ وَلَا يُثْقِلُه وَلَا يَشُقُّ عَلَيْهِ، من آدَهُ يَؤُوده أَوْداً، وَأنْشد:
إِذا مَا تَنُوءُ بِهِ آدها
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الحرَّانيّ أَن ابْن السّكيت أنْشدهُ:
إِلَى ماجِدَ لَا يَنْبَحُ الكلبُ ضَيْفَهُ
وَلَا يَتَآداهُ احْتِمَال المغارم
قَالَ: لَا يتآداه، لَا يُثقِلُه أَرَادَ، يتآوَده فَقَلَبَه.
أَبُو عبيد: المؤْيِد بِوَزْن مُعْيِد الأمْرُ الْعَظِيم، وَقَالَ طَرَفَة:
أَلَسْتَ تَرَى أَنْ قَدْ أَتَيْتَ بمُؤْيِد
وجَمَعه غيرُه على مآوِد جَعَله من آدهُ يَؤُوده أَوْداً إِذا أَثْقَلَهُ، وتَأَوَّدَ إِذا تَثَنَّى، وَقَالَ الشَّاعِر:
تَأَوَّد عُسْلُوجٍ على شَطِّ جَعْفَرٍ
وَقَالَ أَبُو زيد: تأيَّدَ أَيْداً إِذا اشْتَدَّ وقَوِيَ؛ وَقَالَ الْأَصْمَعِي: آد الْعود يَؤُوده أَوْداً إِذا حَناه، وَقد انآد الْعود يَنآد انئياداً فَهُوَ مُنْآد، إِذا تَثَنَّى واعْوَجَّ.
وَقَالَ العَجَّاج: لم يَكُ يَنْآد فأَمسى انآداً.
وَيُقَال: آدَ النهارُ فَهُوَ يَؤُود أَوداً إِذا رَجَع فِي العَشِيَّ، وَأنْشد ابنُ السّكيت:
ثمَّ يَنُوشُ إِذا آدَ النهارُ لَهُ
على التَّرقُّبِ من هَمَ وَمن كَتْمِ
(14/160)
________________________________________
وَقَالَ ابْن السّكيت: آدَ العشيُ إِذا مَال وَأنْشد أَيْضا:
أَقَمتَ بهَا نَهَارَ الصَّيْف حَتَّى
رأيتَ ظِلالَ آمِرِه تَؤُود
وَقَالَ آخرُ يَنْعَتُ امْرَأَة مَالتْ عَلَيْهَا الميَرةُ بالتَّمْر:
خُذَامِيَّةٌ آدتْ لَهَا عَجْوَةٌ العُرْي
فتأكل بِالمأقُوط حيْساً مُجَعَّداً
وَيُقَال: أَوِدَ الشيءُ يأوَد أَوَداً إِذا اعْوج فَهُوَ أَوِد، وأوْدُ قبيلةٌ وأَدُدُ مَوْضِعٌ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: هُوَ الأيْدُ والآدُ لِلقُوه والتأييد مصدر أيَّدْته، أَي قَوَّيتُه، قَالَ الله جلّ وعزّ: {إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ} (الْمَائِدَة: 110) وقرىء: إِذا آيَدْتُك أَي قَوَّيتك.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {) فَاسِقِينَ وَالسَّمَآءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} (الذاريات: 47) .
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: آد يئيدُ إِذا قوي، وآيدَ يُؤْيِدُ إياداً إِذا صَار ذَا أيْدٍ، وَقد تَأَيّدَ وَقد إدتُ أيْداً أَي قَوِيتُ.
وَقَالَ اللَّيْث: وإياد كلِّ شَيْء مَا يُقوَّى بِهِ من جانبيه، وهما إياداه، قَالَ: وإياد الْعَسْكَر الميمنة والميسرة، وَقَالَ العجّاج:
عَن ذِي إياديْنِ لُهَامٍ لَو دَسَرْ
وَقَالَ يصف الثور: مُتخِذاً مِنها إياداً هَدَفاً وكل شَيْء كَانَ واقياً لشَيْء فَهُوَ إياده.
أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الإياد الترابُ يُجعل حول الْحَوْض أَو الْخِباءِ. قَالَ ذُو الرمة يصف الظليم:
دفَعْناه عَن بَيضٍ حِسان بأجْرَع
حَوَى حَوْلها مِن تربها بإِياد
يَعْني طَرَدْناهُ عَن بَيْضِه.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الإياد الجبلُ المنيعُ، وَمِنْه قولُهم: أيّدَهم الله، قَالَ: الإياد: اللِّحاء والستر والكَنَف وكلُّ شَيْء كنفك وسَتَرك فَهُوَ إياد، وكلُّ مَا يُحرَزُ بِهِ فَهُوَ إياد، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس يصف نخلا:
فأَثَّتْ أَعَاليه وآدَتْ أُصُوله
وَمَال بِقِنيان من البُسر أَحْمَرا
وآدت أُصُوله قَوِيت تَئِيد أَيْداً، وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال: رَمَاه الله بِإِحْدَى الموائد والمآود أَي الدَّوَاهِي.
أدّى: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: أَدَى السِّقاء يأدِي أُدِيّاً إِذا أمكن أَن يُمخض، وَقَالَ ابْن بُزُرْج: أَدَا اللَّبنُ أُدُوّاً مُثقلٌ، يأدُو وَهُوَ اللبنُ بَين اللَّبَنين لَيْسَ بالحامضِ وَلَا بالحلو، وَقد أدَتْ التمرة تأدو أُدُوًا وَهُوَ اليُنوع والنُّضْج، قَالَ: وأَدوْتُ اللَّبن أدْواً إِذا مَخَضتَه، وأَدْوتُ فِي مشيي أَدْوًا وَهُوَ مَشيٌ بَين المشيين، لَيْسَ بالسريع وَلَا بالبطيء، وأَدَوْتُ أَدْواً إِذا اختَلْتَ. وَيُقَال: تَأَديْتُ إِلَى فلَان مِن حقِّه إِذا أَدَّيْتَه
(14/161)
________________________________________
وقَضيتَه، وَتقول: لَا يَتأَدى عبدٌ إِلَى الله من حُقُوقه كَمَا يجب، وَيَقُول الرجل: مَا أَدرِي كَيفَ أَتَأَدَّى إليكَ من حَق مَا أوليتني، أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: آدى الرجلَ فَهُوَ مُؤْد إِذا كَانَ شاكَّ السِّلَاح، وَهُوَ من الأداة. وَقَالَ الْأسود بن يعفر:
مَا بَعْدَ زْيدٍ فِي فتاةٍ فُرّقوا
قَتْلاً وَسَبياً بَعد حُسْن تآدي
أَي بعد قوةٍ وأخذٍ للدهر أَداتَه من العُدة، وَقد تآدى الْقَوْم إِذا أخذُوا العُدة الَّتِي تُقوّيهم على الدَّهر، وَغَيره، وَأهل الْحجاز يَقُولُونَ: استَأدَيْتُ السّلطان على فلَان، أَي استَعْدَيْتُ فآداني عَلَيْهِ أَي أَعْداني وأعاننِي، وَيُقَال: تآدَى الْقَوْم تآدِياً وتَعَادَوْا تعادِياً إِذا تتابعوا مَوتاً، وغَنَمٌ أَدِيّةٌ أَي قَليلَة.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الأديّة تَقْدِير عِدَّةٍ من الْإِبِل القليلة الْعدَد.
ابْن بزرج: هَل تآديتم لذَلِك الْأَمر؟ أَي هَل تأهبتم لَهُ؟
قلت: مَأْخُوذ من الأداة.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال أدَّى فلانٌ مَا عَلَيْهِ أدَاءً وتأْدِيةً.
قَالَ وَتقول: فلَان آدَى للأمانة من فلَان، والعامةُ قد لَهِجُوا بالْخَطَأ فَقَالُوا: فلَان أدَّى للأمانة، وَهُوَ لَحْن غير جَائِز.
قلت أَنا: وَمَا علمت أحدا من النَّحْوِيين أَجَازُوا آدى لأنّ أَفْعَلَ فِي بَاب التَّعَجُّب لَا يكون إِلَّا فِي الثلاثيّ، وَلَا يُقَال: آدَى بِالتَّخْفِيفِ بِمَعْنى أدَّى بِالتَّشْدِيدِ، وَوجه الْكَلَام أَن يُقَال: فلانٌ أحسنُ أَداء.
وَأما قَول الله جلّ وعزّ: {كَرِيمٌ أَنْ أَدُّو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ إِلَىَّ عِبَادَ اللَّهِ إِنِّى لَكُمْ رَسُولٌ} (الدُّخان: 18) فَهُوَ من قَول مُوسَى لِذَوي فِرْعَوْن، مَعْنَاهُ: سلِّموا إليّ بني إِسْرَائِيل كَمَا قَالَ: {فَأَرْسِلْ مَعِىَ بَنِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - إِسْرَاءِيلَ} (الْأَعْرَاف: 105) أَي أطلِقهم من عذابك، وَقيل نُصِبَ عباد الله، لِأَنَّهُ نِداء مُضَاف، وَمَعْنَاهُ أَدّوا إِلَى مَا أَمركُم الله بِهِ يَا عباد الله فَإِنِّي نَذِير لكم.
قلت: وَفِيه وَجه آخر، وَهُوَ أَن يكون: أَدّوا إِلَيّ بِمَعْنى اسْتَمعُوا إِلَيّ كَأَنَّهُ يَقُول: أَدّوا إليَّ سمعكم أبلغكم رِسَالَة ربكُم، يدل على هَذَا الْمَعْنى من كَلَام الْعَرَب قَول أبي المُثَلَّم العُذَلي يفاجىء رجلا:
سَبَعْتَ رِجالاً فأهلكتَهم
فأَدِّ إِلَى بَعْضِهِمْ واقْرِضِ
أَرَادَ بقوله: أدِّ إِلَى بَعضهم أَي اسْتمع إِلَى بعض من سَبَعْتَ لتسمعَ مِنْهُ كَأَنَّهُ قَالَ: آدِّ سَمْعَك إِلَيْهِ لتسمع مِنْهُ، كَأَنَّهُ قَالَ: أدِّ سَمْعَكَ إِلَيْهِ.
وَقَالَ اللَّيْث: ألف الأداة وَاو، لِأَن جمعهَا أَدوات، وَلكُل ذِي حِرْفَة أداةٌ وَهِي آلَته الَّتِي تُقيم حرفته، وأداة الْحَرْب
(14/162)
________________________________________
سلاحها، ورَجل مُؤْدٍ كَامِل أداةِ السِّلَاح. والإداوَةُ للْمَاء وَجَمعهَا أَداوَى.
وَقَالَ ابْن السّكيت: آديْتُ للسَّفر فَأَنا مُؤْدٍ لَهُ إِذا كنت متهيأً لَهُ.
ودى: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: وَدَى الفرسُ وَدْياً إِذا أدْلَى، قَالَ وَقَالَ الكسائيّ: وَدَأ يَدَأُ بِوَزْن وَدعَ يَدَعُ إِذا أَدْلَى.
وَأَخْبرنِي الإياديّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: هَذَا وَهْمٌ لَيْسَ فِي وَدى الْفرس إِذا أدلى همز.
قَالَ وَقَالَ شمر: وَدَى الفرسُ إِذا أَخْرج جُرْدانَه.
وَيُقَال: وَدَى يَدِي إِذا انْتَشَرَ.
وروى أَبُو عبيد عَن اليزيدي: وَدى الفرسُ ليبولَ وأدلى ليَضْرِب.
قَالَ: وَقَالَ الْأمَوِي: هُوَ المَذِيُّ والمَنِيُّ والودِيُّ مشدودات.
قَالَ: وَغَيره يُخَفف.
قَالَ: وَقَالَ أَبُو عبيد: المَنِيُّ وَحده مُشَدّد، والآخران مُخَفَّفَان، وَلَا أَعْلَمُني سَمِعْتُ التَّخْفِيف فِي الْمَنِيّ:
قَالَ أَبو عبيد وَسمعت الْأَصْمَعِي يَقُول: هُوَ الوَديُّ لِصغار النَّخْلِ واحدتها وَديَّة.
وَقَالَ غَيره: تجمع الوَديَّة وَدايا.
قَالَ شَمِر قَالَ ابْن شُمَيْل: سَمِعت أَعْرَابِيًا يَقُول: إِنِّي أَخَاف أَن يَدِي، قَالَ: يُريد أَن يَنْتَشِرَ مَا عِنْدك قَالَ: يُرِيد بِهِ ذَكَرَه، قَالَ: سمعتُ من أَحْمد بن الْحَرِيش.
قَالَ شمر: وَدى أَي سَالَ، قَالَ وَمِنْه: الوَديُّ فِيمَا أَرَى لِخُرُوجِهِ وسَيَلانِه، وَمِنْه الوَادي.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي طَالب عَن أَبِيه عَن الْفراء: قَالَ: أَمْنى الرجل وأَوْدى وأَمْذَى ومَذَى وأدلَى الْحمار، وَقَالَ: وَدى يَدِي مِن الوَديِّ وَدْياً، وَيُقَال: أَوْدى الحمارُ فِي معنى أدْلَى، وَقَالَ: وَدَى أَكثر من أوْدى. ورأيتُ لِبَعْضهم استوْدَى فلَان بِحقِّي أَي أَقَرَّ بِهِ وعَرَفَه.
وَقَالَ أَبُو خَيْرَة:
ومُمَدَّحٍ بالمكرُماتِ مَدَحْتُهُ
فاهْتَزَّ واسْتَوْدَى بهَا فحَباني
وَلَا أَعْرِفُه إِلَّا أَن يَكونَ من الدِّيَةَ كَأَنَّهُ جَعَلَ حِبَاءَه لَهُ على مَدْحِه دِيَةً لَهَا، قَالَ أَبُو عُبيد: وَسمعت الْأَصْمَعِي يَقُول: هُوَ الوَديُّ لصغار النَّحْل واحدتها وَدِيَّة.
وَقَالَ غَيره: يُجمعُ الوَدِيَّةُ وَداياً.
وَقَالَ اللَّيْث: وَدى الحِمار فَهُوَ وَادٍ إِذا أَنْعَظ.
قَالَ: وَيُقَال: وَدَى بِمَعْنى قَطَرَ مِنْهُ الماءُ عِنْد الإنعاظ.
وَقَالَ الْأَغْلَب:
كأَنّ عِرْقَ أَيْرِه إِذا وَدى
حَبْلُ عَجُوز ضَفَرتْ سَبْع قُوَى
(14/163)
________________________________________
قَالَ: والوَدْيُ الماءُ الَّذِي يخرج أبيضَ رَقيقاً على أَثرِ الْبَوْل من الْإِنْسَان، وَقَالَ: وَدَى فلَانا إِذا أدَّى ديتَه إِلَى وَلِيِّه وأصل الدِّية وِدْيَة فحذفتْ الواوُ كَمَا قَالُوا: شِيَةٌ من الوَشْي.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: أوْدى الرجلُ إِذا هَلَكَ.
وَقَالَ اللَّيْث: أَوْدى بِهِ المَنُونُ أَي أَهْلَكه، قَالَ: وَاسم الْهَلَاك من ذَلِك الوَدَى قَالَ: وقلما يسْتَعْمل؛ والمصدر الْحَقِيقِيّ الإيدَاءُ، والتَّوادي الخشبات الَّتِي تُصَرُّ بِها أَطْبَاءُ النَّاقة لِئَلَّا يَرْضَعَها الفَصِيلُ وَقد وَدَيْتُ الناقَة بِتَوْدِيتَيْنِ أَي صَرَرْتُ أخلافَها بهما، والوَادي كل مَفْرَجٍ بَيْن جِبال وآكامٍ، وتِلال يكون مَسْلَكاً للسَّيْل أَو مَنْفَذاً والجميع الأوْدية، ومِثْلُه نادٍ وأَندية للمجلس.
دأي: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الْوَادي تجمع أوداء على أَفعَال مثل صَاحب وَأَصْحَاب.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: ابنُ دأيَة هُوَ الغُراب، سمي بذلك لِأَنَّهُ يَقع على دَأْيَة الْبَعِير فَيَنقُرها، والدَّأيةُ هُوَ الْموضع الَّذِي يَقَع عَلَيْهِ ظَلِفَة الْبَعِير فَتَعْقِرُه.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّأْيُ جمع الدَّأْيَة، وَهِي فَقَارُ الْكَاهِل فِي مُجتمع مَا بَين الكَتِفَيْن مِن كَاهِل البَعير خاصَّة والجميع الدَّأَيَاتُ وَهِي عِظامُ مَا هُنالك، كلّ عَظْمٍ مِنْهَا دَأْيَة.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة: الدَّأَيَاتُ خَرَزُ الْعُنُقِ، ويُقالُ خَرَزُ القَفَا.
وَقَالَ ابْن شُمَيل: يُقَال للضِّلعين اللَّتين تَلِيَان الواهنتين: الدَّأْيَتَانِ، قَالَ: والدَّئِيُّ فِي الشَّرَاسِيفِ هِي الثوانِي الحواني المستأخِرات الأوساطُ من الضلوع، وَهِي أرْبَعٌ وأَرْبَعٌ، وهُنَّ الْعُوجُ، وَهن المسَقّفَاتُ، وهُنَّ أطولُ الضُّلُوع كلِّها وأَتَمُّها، وإليها يَنْتَفِخُ الجَوف.
وَقَالَ أَبُو زيد: لم يَعْرِفُوا، يَعْنِي الْعَربَ، الدَّأَيَاتِ فِي الْعُنُق، وعرفوهن فِي الأضْلاع وَهِي سِتٌّ يَلِينَ المَنْحَر من كل جَانب ثَلَاث، وَيُقَال لمقاديمهن جوانح، وَيُقَال للَّتين تليان المنحر: ناحرتان، قلت: وَهَذَا صَوَاب، وَمِنْه قَول طرفَة:
كأَنَّ مَجَرَّ النَّسْعِ فِي دَأَيَاتِها
مواردُ مِن خَلْقَاءِ فِي ظَهْرِ قَرْدَدِ
ودأ: وَقَالَ أَبُو زيد: وَدَّأْتُ عَلَيْهِ الأَرْض تَوْديئاً إِذا سَوَّيتَها عَلَيْهِ.
أَبُو عُبيد عَن أبي عَمْرو: الأرضُ المُوَدَّأَة المُهْلكَةُ، وَهِي فِي لفظ الْمَفْعُول بِهِ، وَأنْشد شمر لِلرَّاعِي:
كائِن قَطَعْنا إليْكم مِن مُوَدَّأَةٍ
كأَنَّ أَعْلاَمَها فِي آلِها القَزَعُ
قَالَ وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: المُودَّأَةُ حُفْرَةُ الْمَيِّت، والتَّوْدِئَةُ الدَّفْنُ وَأنْشد:
(14/164)
________________________________________
لَوْ قَدْ ثَوَيْتَ مَوَدَّأً لِرَهِينَةٍ
زُلْجِ الجَوانِبِ راكِدِ الأَحْجَارِ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل يُقَال: تودَّأَتْ على فلَان الأرضُ وَهُوَ ذهَاب الرجل فِي أباعِد الأَرْض حَتَّى لَا يُدْرَى مَا صَنَع، وَقد تَوَدّأَتْ عَلَيْهِ إِذا ماتَ أَيضاً، وَإِن مَاتَ فِي أَهله، وَأنْشد:
فَمَا أَنَا إلاَّ مِثْلُ مَنْ قد تَوَدَّأَتْ
عَلَيْهِ البلادُ غيرَ أَنْ لَمْ أَمُتْ بَعْدُ
وَيُقَال: تَوَدأَتْ عَلَيْهِ الأرضُ، أَي اسْتَوَتْ عَلَيْهِ مثل مَا تستوي على الْمَيِّت، وتودأَتْ عَلَيْهِ الْأَخْبَار أَي انْقَطَعَتْ دونه، وَأنْشد:
وللأَرْضِ كَمْ مِنْ صَالحٍ قَدْ تَوَدأَتْ
عَلَيْهِ فَوَارَتْهُ بِلَمَّاعَةٍ قَفْرِ
وَقَالَ الْكُمَيْت:
إِذا وَدَّأَتْنا الأرضُ إنْ هِيَ وَدَّأَتْ
وَأَفْرَخَ مِنْ بَيْضِ الأُمُورِ مَقُوبُها
وَدَّأَتْنا الأَرْض غَيَّبَتْنا، وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْهَيْثَم يُقَال: تَوَدَّأَتْ عَلَيْهِ الأَرْض فَهِيَ مُوَدَّأَةٌ، قَالَ: وَهَذَا كَمَا قيل: أَحْصَنَ فَهُوَ مُحْصَنٌ وأَسْهَبَ فَهُو مُسْهَبٌ وأَلْفَج فَهُوَ مُلْفَجٌ، وَلَيْسَ فِي الْكَلَام مثلهَا.
وَقَالَ أَبُو مَالك: تَوَدَّأْتُ على مَالِي أَي أَخَذْتُه وأَحْرَزْتُه.
ودد: قَالَ اللَّيْث: الوُد مَصدر للمودة، وَكَذَلِكَ الوِداد قَالَ: والودَادة مصدر وَدِدْتُ أَوَدُّ وَهُوَ مِن الأُمْنِيَّة، وفلانٌ وِدُّكَ وَوَديدُك كَمَا تَقول حِبُّك وحَبِيبُك.
وَقَالَ الْفراء يُقَال: ودِدْتُ أَوَد، هَذَا أفضل الْكَلَام.
وَقَالَ بَعضهم: وَدَدْتُ، ويَفْعَل مِنْهُ: يَودُّ لَا غيرُ والمصدر الوَد، والوِد، والوِداد، والوَدادة، ذكر هَذَا فِي قَوْلهم: {يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ} (الْبَقَرَة: 96) أَي يتَمَنَّى.
قَالَ الْفراء: وَيُقَال فِي الحُب: الوُد والوَد والمَوَدَّة والْمَوددَةُ وَأنْشد:
إنَّ بنيّ لَلِئامٌ زَهَدَة
مَا لِي فِي صُدُورهمْ مِنْ مَوْدِدهْ
وَأنْشد فِي التمنّي:
وَدِدتُ وَدادةً لَو أَنَّ حَظِّي
من الخُلاَّنِ ألاّ يَصْرِمُونِي
قَالَ: وأختارُ فِي مَعْنَى التَّمَنِّي: وَدِدتُ، وَسمعت وَدِدتُ بِالْفَتْح وَهِي قَليلَة، قَالَ: وَسَوَاء قلت: وَددت أَو وَدَدتُ المستقبَل مِنْهُمَا أَوَد يَوَد ونَوَد لَا غيرُ قلت: وَأنكر البصريون وَدَدتُ وَهُوَ لحن عِنْدهم.
وَقَالَ الزّجاج: قد علمنَا أَن الكسائيّ لم يَحْكِ وَدَدتُ إِلَّا وَقد سَمعه، وَلكنه سَمعه ممّن لَا يكون قَوْله حجَّة.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَوَدَّةُ: الكِتاب، قَالَ الله جلّ وعزّ: {أَوْلِيَآءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِمْ} (الممتحنة: 1) أَي بالكُتُبِ.
اللَّيْث: الوَدّ بلغَة تَمِيم الوَتِد، فَإِذا زادوا
(14/165)
________________________________________
الْيَاء قَالُوا: وَتِيدٌ، قَالَ: والوَدُّ صَنَم كَانَ لقوم نوح، وَكَانَ لِقريش صنم يَدعونَهُ وُداً، وَمِنْهُم من يهمز فَيَقُول: أُدُّ، وَمِنْه سُمِّي عَبْدُ وُدٍ، وَمِنْه سمي أُدُّ بن طابخة، وأُدَدُ جَدُّ مَعْد بن عدنان.
قَالَ الْفراء: قَرَأَ أهلُ الْمَدِينَة: (وَلاَ تَذَرُنَّ وُدّاً) (نوح: 23) بِرَفْع الْوَاو، وَقَرَأَ عَاصِم (وَداً) بِفَتْح الْوَاو.
قلت: أَكثر الْقُرَّاء قرءوا (وَداً) مِنْهُم أَبُو عَمرو بن كثير، وَابْن عَامر، وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ، وَعَاصِم، وَيَعْقُوب الْحَضْرَمِيّ، وَقَرَأَ نَافِع (وُداً) بِضَم الْوَاو.
وَقَالَ الْفراء فِي قَوْله: {سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَانُ وُدّاً} (مَرْيَم: 96) فِي صُدُور الْمُؤمنِينَ. قَالَه بعض الْمُفَسّرين.
وَقَالَ ابْن الْأَنْبَارِي: الوَدُودُ من أَسمَاء الله تَعَالَى جلّ وَعز المحبّ لِعِبَادِهِ من قَوْلك: ودِدتُ الرجل أَوَدُّه وِدَّا، ووِدَاداً، قَالَ: والوَدَّ بِالْفَتْح الصَّنم وَأنْشد:
بِوَدِّكِ مَا قوْمي على مَا تَركْتِهِمْ
سُلَيْمَى إِذا هَبَّتْ شَمالٌ وَرِيحُها
ويروى بِودُكِ لمَنْ رَوَاه بِوَدِك أرَادَ بحقِ صَنَمِكَ عَلَيْك، وَمن ضَمَّ أَرَادَ بِالْمَوَدَّة بيني وبينِك، وَمعنى الْبَيْت:
أيّ شيءٍ وجَدْتِ من قَوْمِي يَا سَلْمَى على تَرْكِكِ إيَّاهُمْ. إنِّي قَدْ رَضيتُ بقوْلكِ وإنْ كُنْتِ تارِكَةً لَهُمْ فاصْدُقِي وقُولي الحقَّ. قَالَ النَّابِغَة:
إِنِّي كأَنِّي أَرَى النُّعْمانَ خَبَّرَهُ
بَعْضُ الأوَدِّ حَدِيثا غيرَ مَكْذُوبِ
قَالَ: الأوَدُّ بِفَتْح الْوَاو يُريدُ الَّذِي هُوَ أَشَدُّ وُدَّا، وأرادَ الأوَدِّين: الْجَمَاعَة.
أدد: قَالَ الله جلّ وعزّ: {لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدّاً} (مَرْيَم: 89) .
قَالَ الْفراء: قراءةُ القُراء (إدَّا) بِكَسْر الألِف إلاّ مَا رُوِيَ عَن أبي عبد الرحمان أَنه قَرَأَ (أَدَّا) ، قَالَ وَمن الْعَرَب من يَقُول: لقد جِئْت بشيءٍ آدٍ مثل ماد، وَهُوَ من الْوُجُوه كلهَا: بشيءٍ عَظِيم.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: أَدَّتْ فلَانا داهيةٌ تؤُدُّه أدًّا.
قَالَ رؤبة:
والإدَدَ والإدَادَ والعَضَائِلا
قَالَ: ووَاحدُ الإدَد إدَّة، وَوَاحِد الإدَدَ والأداد أدٌّ.
وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: أَدَدتُ الحبْل أَدَّا وإدَّا أَي مَدَدتُه، قَالَ: والإدَّة الشدَّة بِكَسْر الْهمزَة. وَقَالَ غَيره: الأَدُّ صَوت الوَطْء وَأنْشد:
يَتْبَع أَرْضاً جِنُّها يُهَوِّل
أَدٌّ وسَجْعٌ ونَهِيمٌ هَتْمَلُ
وأَدَّ البعيرُ يؤدُّ أَدًّا، وإداً وَهُوَ تَرْجِيع الحنين.
وَيُقَال: تَأَدَّد يتأدَّد إِذا تَشَدَّد فَهُوَ مُتَأَدِّد.
(14/166)
________________________________________
دأدأ: عَمْرو عَن أَبِيه، الدَّأْدَاءُ النَّخُّ من السّير، وَهُوَ السَّرِيع، قَالَ: والدَّأْداء عَجَلَة جَوابِ الأحمق.
وَقَالَ اللَّيْث: الدَّأْدأةُ صَوْتُ وقْعِ الْحِجَارَة فِي المَسِيلِ.
وَقَالَ أَبُو زيد: دأْدأْتُ دأْدأَةً وَهُوَ العَدْو الشَّديد وَهُوَ الدِّئْداء مَمْدُود، وَقَالَ الشَّاعِر:
واعْرَوْرَتِ العُلطَ العُرْضِيَّ تَرْكُضُه
أُمُّ الفَوارِسِ بالدِّئْداءِ والرَّبَعَة
العُلُطُ الْبَعِير الَّذِي لَا خِطَامَ عَلَيْهِ.
وَيُقَال: بعير عُلُطُ مُلُطْ إِذا لم يكن عَلَيْهِ وسْمٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: تَدَأْدأَ الرجل إِذا مَالَ عَن شيءٍ فترجَّحَ، وَتقول: تَدَأْدَأَ يَتَدأْدأُ دَأْدَأَةً.
وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: الدَّأْداء آخر أَيَّام الشَّهْر قَالَ: والليالي الثَّلَاث الَّتِي بَعْد المُحاق سُمِّين دآدىء، لِأَن الْقَمَر فِيهَا يُدَأْدِىء إِلَى الغُيُوبِ، أَي يُسْرِعُ من دأدأَةِ الْبَعِير.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الْمبرد، قَالَ: حَدثنِي الرياشي عَن الْأَصْمَعِي فِي ليَالِي الشَّهْر إِلَى قَوْله: وَثَلَاث مُحاق، وثَلاثٌ دآدىء، قَالَ: والدَّآدىء الأواخرُ، وَأنْشد:
أَبْدَى لنا غُرَّةَ وجْهٍ بادِي
كَزُهْرَةِ النُّجُومِ فِي الدَّآدِي
وَأَخْبرنِي عَن أبي الْهَيْثَم بِنَحْوِ مِنْهُ، وَأما أَبُو عبيد فَإِنَّهُ روى عَن غير وَاحِد من أَصْحَابه فِي الدَّآدىء: أَنَّهَا الثلاثُ الَّتِي قبل المُحاق، وَجعل المُحاقَ آخِرَها، وَكَذَلِكَ قَالَ ابْن الْأَعرَابِي، وَأما قَول الْأَعْشَى:
تَدارَكَهُ فِي مُنْصِلِ الْآل بَعْدما
مضى غَيْرَ دأْداءٍ وَقد كَاد يَعْطَبُ
فَإِنَّهُ أَرَادَ أَنه تَدَارُكه فِي آخر لَيْلَة من ليَالِي رَجَب، وَهَذَا يدل على أَن القَوْل قَول الْأَصْمَعِي، وَمن قَالَ بقوله، عَمْرو عَن أَبِيه: الدَّاديُّ المولَع باللهو الَّذِي لَا يكَاد يبرحه.
أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن سَلمَة عَن الْفراء، يُقَال: سَمِعت دُوْدَأَةً أَي جلبة، وَإِنِّي لأسْمع لَهُ دودأة من الْيَوْم، أَي جلبة.
دودى: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الدَّوَادِيُّ أثار أراجيح الصّبيان واحدتها دوْداةٌ، وَقَالَ: كأنني فَوق دوْداةٍ تُقَلِّبُني.
وَفِي النَّوَادِر: دوْدأ فلَان دوْدأَةً، وتَوْدأ، تَوْدأة، ولَوْدَأ، لوْدَأةً إِذا عدا.
يدى: أَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم أَنه قَالَ: اليَدُ اسمٌ على حرفين.
قَالَ: وَمَا كَانَ من الْأَسَامِي على حَرْفين فقد حُذِفَ مِنه حرفٌ فَلَا يُردُّ إِلَّا فِي التصغير والتثنية وَالْجمع، وَرُبمَا لم يُرَدَّ فِي التَّثْنِيَة وثُنِّي على لَفظِ الْوَاحِد، فَقَالَ
(14/167)
________________________________________
بَعضهم: وَاحِد الْأَيْدِي يدًى، كَمَا ترى مثل عَصاً ورَحًى ومَناً، ثمَّ ثنّوْا فَقَالُوا: يديانِ ورَحيان ومَنَوان، وَأنْشد:
يَدَيان بيضاوانِ عقد مُحَلِّم
قد تَمْنَعَانِكَ بَينهم أَن تُهْضَمَا
وَقَالَ:
يَا ربَّ سارٍ سارَ مَا تَوَسَّدا
إِلَّا ذِراعُ العَنْسِ أَوْ كَفَّ اليَدَا
قَالَ أَبُو الْهَيْثَم: وَتجمع اليَدُ يَدِيّاً مثل عَبْدٍ وعَبيدٍ قَالَ: وَتجمع أَيْدِيَا ثمَّ تجمع الأَيْدِي على أَيْدِينَ ثمَّ تجمع الأَيدي أَيَادِيَ وَأنْشد:
يَبْحَثْنَ بالأَرْجُلِ والأيْدِينا
بحْثَ المُضِلاَّت لِمَا يَبْغِينَا
وَقَالَ فِي قَوْله جلّ وعزّ: {وَيَعْقُوبَ أُوْلِى الاَْيْدِى} (ص: 45) أَي أُولي الْقُوَّة والعقول.
قَالَ: وَالْعرب تَقول: مَا لي يَدٌ أَي مَا لي بِهِ قوَّة وَمَا لي بِهِ يدان وَمَا لَهُم بذلك أيْدٍ أَي قوَّة، وَلَهُم أيدٍ وأبصار وهم أولو الْأَيْدِي والأبصار، أَي أولو الْقُوَّة والعقول.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: اليَدُ النِّعْمَة، واليَدُ القُوّة، وَالْيَد القُدرة، واليدُ المِلْك، واليَدُ السُّلْطَان، واليَدُ الطاعةُ، وَالْيَد المجاعة، وَالْيَد الْأكل، يُقَال: ضع يَدَك أَي كُلْ، واليدُ النَّدَم، وَيُقَال مِنْهُ: سُقِط فِي يَده إِذا ندِمَ، واليَدُ الغِياثُ، واليَدُ مَنْعُ الظُّلْم، واليَد الاستِسْلامُ، وَيُقَال للمُعاتِب: هَذِه يَدِي لَك.
وَقَالَ ابْن هانىء: من أمثالهم: أطَاع يَداً بالقَوْدِ فَهوَ ذَلول، إِذا انْقَادَ واستسلم، وَمن أمثالهم: ليدٍ مَا أَخَذَتْ، الْمَعْنى من أَخَذَ شَيْئا فَهُوَ لَهُ.
وَقَوْلهمْ: يَدي لَك رهْنٌ بِكَذَا أَي ضَمنت لَك وكَفَلْتُ بِهِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: لَهُ عليّ يَدٌ لَا يَقُولُونَ لَهُ عِنْدِي يَدٌ وَأنْشد:
لَه عليَّ أَيادٍ لستُ أكْفُرها
وَإِنَّمَا الكُفْر أَلاَّ تُشْكرَ النِّعَمُ
وَقَالَ ابْن بُزُرْجَ: العَرب تُشَدِّدُ القوافي، وَإِن كَانَت من غير المضاعف، مَا كانَ مِن الياءِ وَغَيره وَأنْشد:
فجازوهم بِمَا فَعلوا إلَيْكُمْ
مُجَازَاةَ القُرُوم يَدَا بِيَدِّ
تَعالَوْا يَا حَنِيفَ بَنِي لُجَيْمٍ
إِلَى مَن فَلَّ حَدَّكم وَحَدِّي
وأمَّا قَول الله جلّ وعزّ: {حَتَّى يُعْطُواْ الْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} (التَّوْبَة: 29) .
روى يَحيى بنُ أدمَ عَن عثمانَ البزِّي فِي قَوْله عَن يدٍ قَالَ: نَقْداً عَن ظَهْر يَدٍ لَيْسَ بِنَسِيئَةٍ.
ورَوَى أَبُو عبيد عَن أبي عُبيدة أَنه قَالَ:
(14/168)
________________________________________
كل من أطاعَ لمن قَهره فَأَعْطَاهَا عَن غير طيبَة نفس فقد أَعْطَاهَا عَن يدٍ.
وَقَالَ الكلبيّ فِي قَوْله: عَن يدٍ: قَالَ يَمْشُون بهَا.
وَقَالَ أَبُو عبيد: لَا يجيئون بهَا رُكْبَاناً وَلَا يُرْسلُون بهَا.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: قيل معنى عَن يَد، أَي عَن ذُل وَعَن اعترافٍ للْمُسلمين بِأَن أَيْديهم فَوق أَيْديهم.
وَقيل: عَن يدٍ أَي عَن قَهْر وذُلّ كَمَا تَقول: اليدُ فِي هَذَا لِفلان أَي الْأَمر النَّافِذ لفُلَان، وَقيل عَن يَد أَي عَن إنْعامٍ عَلَيْهِم بذلك، لِأَن قبُول الجِزْيَة مِنْهُم وَترك أنفسهم عَلَيْهِم إنعام عَلَيْهِم، ويَد من الْمَعْرُوف جزيلة.
وَقَالَ اللَّيْث: يَدُ النِّعْمَة: النعمةُ السَّابِغَة، ويدُ الفأسِ ونحوِها مَقْبِضُها، ويدُ الْقوس سِيَتُها، ويدُ الدَّهْر مَدُّ زَمانِه، وَيَد الرّيح سُلطانُها.
وَقَالَ لبيد:
نِطافٌ أمْرُها بِيَدِ الشَّمال
لَمَّا مُلِّكَت الريحُ تَصْرِيفَ السَّحابِ
جُعِل لَهَا سلطانٌ عَلَيْهِ، وَيُقَال: هَذِه الضَّيْعَةُ فِي يدِ فلانٍ أَي مِلكه، وَلَا يُقَال: فِي يَدَيْ فلَان وَيُقَال: بيْن يَديْك كَذَا، لكلّ شَيْء أمامك. قَالَ الله: {مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ} (الْأَعْرَاف: 17) ، وَيُقَال: يثُورُ الرَّهَجُ بَيْن يَدَي الْمَطَر ويَهِيجُ السِّبابُ بَين يَدَيِ القِتال.
وَيُقَال: يدِيَ فلانٌ من يَده إِذا شَلَّتْ، وَرجل مَيْدِيٌ أَي مَقطوع اليَدِ من أَصْلهَا، يَدَيْتُ يدَه أَي ضَربتُ يَدَه، واليُداء وَجَعُ اليَدِ، وأَيديتُ عِنْده يَداً، أيْ أنْعَمْتُ عَلَيْهِ.
وَيُقَال: إِن فلَانا لذُو مالٍ يَيْدِي بِهِ ويبوعُ أَي يَبْسُط بِهِ يَدَه وَبَاعه، وَذهب الْقَوْم أيدِي سبا أَي مُتَفَرِّقين فِي كل وجهٍ، وذهبوا أيَادي سبا.
وَقَالَ غَيره: اليَدُ الطَّرِيق، هَهُنَا يُقَال: أَخذ فلانٌ يَدَ بَحر إِذا أَخذ طَرِيق الْبَحْر، وأهلُ سَبأ لما مُزّقوا فِي الأَرض كلَّ ممزّق، أخذُوا طُرُقاً شَتَّى فصاروا أَمْثالاً لمن يَتَفَرَّقون آخذين طُرُقاً مُخْتَلفَة.
وَقَالَ اللَّيْث: النسبةُ إِلَى يَدٍ يَدِيّ على النُّقْصَان.
وَقَالَ: وَتجمع يَدُ النِّعْمَة أياديَ ويدِيّا، وتُجْمَعُ اليَدُ الَّتِي فِي الجَسد الأيدِي، وثَوْبٌ يدِيٌّ وَاسع وَأنْشد:
بالدَّارِ إذْ ثوْبُ الصِّبا يَدِيُّ
وَقَالَ ابْن عَرَفة فِي قَوْله جلّ وعزّ: {أَوْلْادَهُنَّ وَلاَ يَأْتِينَ بِبُهُتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ} (الممتحنة: 12) أَي مِن جَمِيع الْجِهَات، قَالَ: والأَفعالُ تنسَب إِلَى الْجَوَارِح، وسُمِّيت جَوارحَ لِأَنَّهَا تَكْتَسِبُ.
(14/169)
________________________________________
وَالْعرب تَقول لمن عمل شَيْئا يُوَبَّخُ بِهِ: يدَاك أَوْكَتا وفُوكَ نَفَخَ.
وَقَالَ الزّجّاج: يُقَال للرجل إِذا وُبِّخَ: ذَلك بِمَا كَسَبَتْ يدَاك، وَإِن كانتْ اليَدان لم تجنيا شَيْئاً لِأَنَّهُ يُقَال: لكل مَن عَمِل عملا كَسَبَتْ يَدَاه، لِأَن الْيَدَيْنِ الأصلُ فِي التصرُّف.
قَالَ الله تَعَالَى: {مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ} (الشورى: 30) ، وَلذَلِك قَالَ {} إِلَى قَوْله: {مَالُهُ وَمَا} (المسد: 1، 2) .
قَالَ الْأَزْهَرِي: قَوْله وَلَا يأَتين بِبُهتان يفترينَه الْآيَة: أَرَادَ بالبُهتَان: وَلَداً تحْمِله مِن غير زَوْجها فتقولُ: هُو مِن زَوجهَا، وكَنى بِمَا بَين يَديهَا ورجليها عَن الْوَلَد لِأَن فرجهَا بَيْنَ الرِّجْلَين، وبَطنَها الَّذِي تحمل فِيهِ بَين الْيَدَيْنِ.
وَفِي حَدِيث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (المسلمونَ يدٌ على مَن سِواهم) .
قَالَ أَبُو عبيد: مَعْنَاهُ أَنَّ كلمتَهم ونُصْرَتَهم واحدةٌ على جَمِيع المِلَلِ الْمُحَاربَة لَهُم يتعاوَنُون على جَمِيعهم، وَلَا يَخْذل بعضُهم بَعْضًا.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال: ثوبٌ قصير اليَدِ إِذا كَانَ يَقْصُر عَن أَن يُلْتحَفَ بِهِ، وقميصٌ قصيرُ اليَدين أَي قَصير الكُمَّين، وَيُقَال: أعطَاهُ مَالاً عَن ظَهْر يَدٍ يَعْنِي تَفَضُّلاً لَيْسَ مِن قَرْض وَلَا مُكافأة وَيُقَال: خَلعَ فلَان يَدَه عَن الطَّاعة، ونَزَع يَدَه مِثله، وَأنْشد:
وَلَا نَازِعٌ مِن كلِّ مَا رابَنِي يَداً
وَيُقَال: هَذِه يَدِي لَك أَي انقَدْتُ لَك فاحْتَكِمْ عليَّ بِمَا شئتَ.
قَالَ: وَقَالَ اليزيدي: أيْدَيْتُ عَنهُ يَداً مِن الْإِحْسَان ويدَيته فَهُوَ مَيْدِيُّ إِذا ضربت يَده، قَالَ: وَجمع الْيَد من الْإِحْسَان أَيادِي ويَدِيٌّ، وتصغيرُ اليَدِ يُدَيَّةٌ.
وَقَالَ أَبُو عُبيدة فِي قَول الله: {فَرَدُّو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَيْدِيَهُمْ فِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَفْوَاهِهِمْ} (إِبْرَاهِيم: 9) ، قَالَ: تركُوا مَا أُمِرُوا بِهِ وَلم يُسْلِموا.
وَقَالَ الفرّاء: كَانُوا يُكذبونهم ويَرُدَّون القولَ بِأَيْدِيهِم إِلَى أَفْوَاه الرُّسُل، وَهَذَا يُرْوى عَن مُجَاهِد.
وَرُوِيَ عَن ابْن مَسْعُود أَنه قَالَ فِي قَوْله: {فَرَدُّو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَيْدِيَهُمْ فِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَفْوَاهِهِمْ} عَضُّوا أَطْرَاف أَصَابِعهم.
قلت: وَهَذَا من أحسن مَا قيل فِيهِ، أَرَادَ أَنهم عَضّوا أيديَهم حنَقاً وغَيْظاً، وَهَذَا كَمَا قَالَ الشَّاعِر:
يَرُدُّون فِي فِيهِ عَشْرَ الحَسُود
يَعْنِي أَنهم يَغيظُون الحسودَ حَتَّى يَعَضّ على أصابِعه، وَنَحْو ذَلِك قَول الْهُذلِيّ:
قد أَفْنَى أنامِلَه أَزْمُه
فأَمْسَى يَعَضُّ عليَّ الوَظِيفَا
(14/170)
________________________________________
يَقُول: أكل أصابعَه حَتَّى أَفْنَاها بالعَضِّ فَصَارَ يَعَض وظَيفَ الذِّرَاع.
قلت: وَاعْتِبَار هَذَا بقول الله جلّ وعزّ: {وَإِذَا خَلَوْاْ عَضُّواْ عَلَيْكُمُ الاَْنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ} (آل عمرَان: 119) .
يُقَال للرجل يدعى عَلَيْهِ بالسوء: للْيَدَيْن ولِلفم أَي يَسْقُطُ على يَدَيْه وفَمِه.
شَمِر: يَدَيْتُ اتَّخَذْتُ عِنْده يَداً. وَأنْشد:
يَدٌ مَا قَدْ يَدَيْتُ على سُكَينٍ
قَالَ: يَديتُ اتَّخذْتُ عِنده يَداً.
وَيُقَال: إِن قوما من الشُّراة مَرَّوا بقومٍ من أَصْحَاب عليّ، وهم يَدْعُونَ عَلَيْهم، فَقَالُوا: بِكم اليَدان أَي حَاق بكُم مَا تَدْعُون بِهِ.
وَالْعرب تَقول: كانَتْ بِه اليَدان أَي فَعَل اللَّهُ بِه مَا يَقُولُهُ لِي، وَكَذَلِكَ قَوْله: رَمَاني مِنْ جول الطَّوِيِّ وأَحاقَ اللَّهُ بِهِ مَكْرَه.
ابْن السّكيت: ابْتَعتُ الغَنْم الْيَدَيْنِ أَي بثمنين، بعضَها بِثمن، وبعضَها بِثمن آخر.
وَقَالَ الْفراء: بَاعَ فلَان غنمه الْيَدَيْنِ، وَهُوَ أَن يُسْلِمها بِيَدٍ ويأخذَ ثمنهَا بيد.
وَيُقَال: جَاءَ فلَان بِمَا أَدَّتْ يدٌ إِلَى يدٍ، عِنْد تَأْكِيد الإخْفاق، وَهُوَ الخَيْبَةُ.
وأد: أَبُو عبيد عَن الأصمعيّ: الوَأْدُ والوَئِيدُ جَمِيعًا الصوتُ الشدِيدُ.
وَقَالَ الله جلّ وعزّ: {زُوِّجَتْ وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ} (التكوير: 8) قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: كَانَ الرجلُ مِن أهل الْجَاهِلِيَّة: إِذا وُلِدَتْ لَهُ بِنْتٌ دَفنها حِين تضعُها والدتُها حَيةً مَخَافَةَ العَار والحَاجَةِ، فَأنْزل الله جلّ وعزّ: {وَلاَ تَقْتُلُو صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - اْ أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُم} (الْإِسْرَاء: 31) الْآيَة. وَقَالَ فِي مَوضِع آخر: {وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالاُْنْثَى} إِلَى قَوْله: {أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِى التُّرَابِ} (النَّحْل: 58، 59) الْآيَة. وَيُقَال: وأدها الوائد يئدها وأْداً فَهُوَ وَائِدٌ، وَهِي مَوْءودة وَوَئيد.
وَقَالَ الفرزدق:
وَعَمّي الَّذِي مَنَع الوائِداتْ
وَأَحْيَا الوَئيدَ فَلم يُؤأَدِ
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: مَن خَفَّفَ همزَة الموءودة قَالَ: مَوْدةٌ كَمَا ترى لِئَلَّا يجمع بَين ساكنين.
وَيُقَال: تَوَأَدتْ عَلَيْهِ الأَرْض وتَكَمَّأَت وتَلَمَّعَتْ إِذا غَيَّبَتْهُ، وذهبتْ بِهِ.
قلت: هما لُغَتَانِ تودَّأَتْ عَلَيْهِ وتَوَأَّدتْ على الْقلب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الموائد والمآود للدواهي وَهُوَ أَيْضا على الْقلب، والتُّؤدَةُ التَّأنِّي والتَّمَهُّلُ وَأَصلهَا وُؤدة مثل التُّكأة أَصْلهَا وُكَأَة.
وَيُقَال: اتَّأدَ يَتَّئد اتِّئاداً، وثُلاثِيُّه غير مُسْتَعْمل، لَا يَقُولُونَ: وَأَدَ يئدُ بِمَعْنى
(14/171)
________________________________________
اتَّأد.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال اتَّأد وتَوَاَّد فاتَّأد على افتَعَلْ وتَوَاَّد على تَفَعَّلَ، وَالْأَصْل فيهمَا: الوَأْد إِلَّا أَن يكونَ مَقلوباً من الأوْد، وَهُوَ الإثقال.
فَيُقَال: آدني يَؤُودني أَي أثقلني والتَّأَوُّد مِنْهُ، وَيُقَال: تأوَّدت المرأةُ فِي قِيَامهَا إِذا تَثَنَّتْ لتثاقلها، ثمَّ قَالُوا: تَوَأَّد واتَّأد، إِذا تَرَزَّن وتَمَهَّلَ، والمقلوبات فِي كَلَام الْعَرَب كَثِيرَة وَنحن ننتهي إِلَى مَا ثَبَتَ لنا عِندهم وَلَا نُحْدِثُ فِي كَلَامهم مَا لم ينطقوا بِهِ وَلَا نَقِيسُ على كلمة نادرةٍ جَاءَت مَقْلُوبَة.
دوى: وَقَالَ اللَّيْث وَغَيره: الدَّواةُ مَعْرُوفَة إِذا عَددتَ قلتَ: ثلاثُ دَوَيَات كَمَا يُقَال: نَوَاةٌ وثلاثُ نَوَيَات، وَإِذا جَمَعْتَ مِن غير عَدد فَهِيَ الدَّوَى كَمَا يُقَال نواةٌ ونَوَى، قَالَ: ويَجوز أَن يجمع دُوِيَّا.
قَالَ أَبُو ذُؤَيْب:
عَرفْتُ الدِّيار كَخَطِّ الدُّويِّ
يَذْبُرُهُ الكاتِبُ الحِمْيَرِيّ
والدّوى تَصْنيعُ الدَّوَابَّةِ وتسمينهُ وصَقْله بِسَقْي اللَّبن والمواظَبَة على الْإِحْسَان إِلَيْهِ، وإجْرائِه مَعَ ذَلِك البَرْدين، قَدْرَ مَا يَسِيلُ عَرَقُه ويَشْتَدَّ لَحْمه وَيذْهب رَهَله، وَيُقَال: داوَيْتُ الْفرس دِوَاء ومُداواة، وَيُقَال: داوَيتُ العَلِيلَ دَوًى بِفَتْح الدَّال إِذا عالجته بالأَشْفِيَةِ الَّتِي تُوافِقه. وَأنْشد الأصمعيّ فَقَالَ:
وأَهْلَكَ مُهْرَ أَبيك الدَّوى
ولَيْسَ لَهُ من طعامٍ نَصِيبْ
خَلا أَنَّهُم كُلَّما أَوْرَدُوا
يُصَبِّحُ قَعْباً عَلَيْهِ ذَنُوبْ
قَالَ مَعْنَاهُ: أَنه يُسْقى قَعْياً مِن لَبَن عَلَيْهِ دلوٌ مِن ماءٍ، وصفهُ بأَنَّه لَا يُحْسِن دِواء فَرَسِه وَلَا يُؤثرُه بِلَبَنِه كَمَا يَفْعَلُ الفُرْسان.
أَبُو عبيد عَن الْفراء قَالَ: الإدَاوَة المَطْهَرَةُ وَجَمعهَا الأداوَى، وَأنْشد:
يَحْمِلْنَ قُدامَ الجَآ
جِىء فِي أَداوَى كالمَطَاهِر
يَصِفُ القَطا واستقاءها لِفِراخِها فِي حَواصِلها.
(14/172)
________________________________________
{بَاب الرباعي من حرف الدَّال
(فندر) : قَالَ اللَّيْث: الفِنْديرةُ وَجَمعهَا فَناديرُ قِطعةٌ ضخمةٌ من تَمْرٍ مُكْتَنِزٍ، أَو صَخْرةٍ تَنْقَلِع مِن عُرْضِ الجَبل، وَأنْشد فِي صفة الْإِبِل:
كأَنها مِن ذُرَى هَضْبٍ فَنَادِيرُ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: الفَنْدُورَةُ هِيَ أُمُّ عِزْم وأمُّ سُوَيْد يَعْنِي السَّوْأَةَ.
(فرند) : وَقَالَ اللَّيْث: فرند دخِيلٌ مُعرَّب، اسْم ثوب، وَفِرِنْدُ السَّيْف وَشْيُه، قلت: فرنْد السَّيف جَوْهَرُه وماؤُه الَّذِي يَجْري فِيهِ، وطرائِقُه يُقَال لَهَا: الفِرِنْدُ وَهِي سَفاسِقه.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: الفِرْنِد الأبْزَارُ وَجمعه الفَرَانِدُ.
(بندر) : وَقَالَ اللَّيْث: البَنَادرَةُ دَخيلٌ وهم التُّجار الَّذين يلزمون الْمَدَائِن واحدهم بُنْدَارٌ.
(بلدام) : قلت: وقرأتُ فِي هَذَا الْبَاب لِابْنِ المظفر: البَلَنْدمُ الرَّجل الثَّقِيلُ فِي المَنْظَر البَلِيدُ فِي المخْبرِ، قَالَ: ومُقَدَّمُ الصَّدْر بَلْدَمٌ، قلت: وَهَذَانِ الحرفان عِنْد الْأَئِمَّة الثِّقَات بِالذَّالِ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: البَلْذَمُ المَرىءُ والحُلقوم والأوْداج يُقَال لَهَا: بَلذم، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ الأصمعيّ: قَالَ البَلْذَمُ من الْفرس مَا اضْطربَ من حُلْقُومه ومَرِيئِهِ، وجَرانِهِ، قَالَ: المريء مَجْرى الطَّعَام وَالشرَاب، والجران الجِلْدُ الَّذِي فِي بَاطِن الحَلْقِ مُتَّصِل بالعُنُق، والحُلْقُوم مخرج النَّفْس وَالصَّوْت.
وروى أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: البَلْذَم البَلِيدُ من الرِّجال.
(دلظم) : اللَّيْث: الدِّلْظَم والدَّلْظَم النَّاقة الهرِمة الفانية، قلت: وَقَالَ غَيره: الدَّلْظَم الْجمل القويّ، ورجلٌ دِلْظَم شَدِيد قويّ.
(دلنظ) : أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الدَّلَنْظَى السمين من كل شَيْء.
وَقَالَ شمر: دَلَنْظَى وبَلَنْزَى إِذا كَانَ ضَخْماً غليظ المنكِبَيْن، وَأَصله من الدَّلْظِ وَهُوَ الدَّفْعُ.
(ثرند) : وَقَالَ اللحياني: اثْرَنْدَى الرجلُ إِذا كَبُر لحم صَدْره، وابلندى إِذا كَبُر لحم جَنْبَيْه وعَظُما، وادلَنْظَى إِذا سَمِن وغَلُظَ.
(14/173)
________________________________________
(رجل مُثَرْنَد مُخصِب)
دربل: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: دربل إِذا ضرب الطَّبل.
(دردب) : سَلَمة عَن الْفراء: الدَّرْدبيُّ: الضَّرْبُ بالكُوبة.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: الدَّرْدابُ صَوْت الطَّبل.
أَبُو عَمْرو: الدّرْدبَةُ الخُضوع، يُقَال: درْدبَ لما عَضَّهُ الثِّقاف أَي ذَلَّ وخَضَع.
(فرند) : فِرِندَادُ، جَبَلٌ بِنَاحِيَة الدّهْناء وبِحِذَائِه جَبلٌ آخر وَيُقَال لَهما مَعًا: الفِرِندَادانِ. وَقَالَ ذُو الرمة:
وَيافِعٌ مِن فِرِندَاديْن مَلْمُومُ
(دمثر) : أرضٌ دمَاثرُ إِذا كَانَ دمِثاً.
وَأنْشد الأصمعيّ فِي صفة إبل:
ضَارِبة بِعَطَنٍ دُمَاثِرِ
أَي شَرِبَتْ فَضَربَتْ بِعَطَن، ودَمْثَرٌ دَمِثٌ، والدَّمْثَرَةُ الدَّماثة، وبَعِيرٌ دُمَثِرٌ ودُمَاثِرٌ إِذا كَانَ كَثِير اللَّحْم.
بلدم: اللحياني: يُقَال للرجل إِذا فُرق فَسَكت: بَلْسَمَ وَبَلْدَمَ وطَرْسَم وأَسْبَط وأَرَمَّ.
(تمرد) : ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال لِبُرْج الْحمام: التِّمرادُ وَجمعه التَّماريدُ وَقيل: التَّماريد محاضِنُ الحَمَام فِي بُرْج الحَمَامِ، وَهِي بيوتٌ صِغار يُبْنَى بَعْضهَا فَوق بعض.
(دردب) : عَمْرو عَن أَبِيه: الدَّرْدَبة تحرُّك الثَّدْي الطَّرْطُبِّ وَهُوَ الطَّويلُ.
وَقَالَت أمُّ الدّرْداء: زارنا سَلْمان من الْمَدَائِن إِلَى الشَّام مَاشِيا وَعَلِيهِ كسَاء وأَنْدَرْوَرْد يَعْنِي سَرَاوِيل مُشَمَّرة، قلت: وَهِي كلمة عَجَميَّة وَلَيْسَت بعربيَّة، وَفِي النَّوَادِر رجل بَنْدَرِيٌّ وَمُبَنْدِرٌ ومُتَبَنْدِرٌ وَهُوَ الْكثير المَال.
(بيدر) : وَيُقَال: بَيْدَرٌ من حِنطِةٍ وصُولَةٌ من حِنْطة، وَجَمعهَا صُولٌ وَهُوَ مثل الصَّوبَة.
(دربى) : ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: دَرْبَى فلانٌ فلَانا يُدَرْبيه إِذا أَلْقَاهُ وَأنْشد:
(اعلَوّطا عَمْراً ليُشْبياهُ
فِي كلِّ سوءٍ ويُدَرْبياهَ)
(حَوْجَلُة الخُبَعْثَنِ الدِّمَثْرا
وَقَول العجاج: بعير دِمَثْر ودُمَاثِرٌ إِذا كَانَ كثير اللَّحم وثيراً) .
(14/174)
________________________________________
(درنف) : وَقَالَ (الشَّاعِر) :
أَكْلَفَ دُرْنُوفاً هجاناً هَيْكَلا
قَالَ الْأَزْهَرِي: لَا أعرف الدُّرْنُوفَ وَقَالَ: هُوَ العظيمُ من الْإِبِل.
(دربن) : وَقَالَ (المثقب الْعَبْدي) (3) :
كدُكَّان الدَّرابِنَةِ المطِين
قيل: الدَرابِنَةُ التُّجَّار، وَقيل: جمع الدَّرْبان.
(ثرمد) : وَقَالَ ابْن دُرَيْد: القاقُلي الثّرْمَدُ من الحَمْضِ وَكَذَلِكَ القُلاّم والباقِلاء.
قَالَ أَبُو مَنْصُور: ورأَيْتُ فِي مَاء لبني سعد يُقَال لَهُ ثرمداء وَرَأَيْت حَواليه القاَقلِّي وَهُوَ من الحمض مَعْرُوف وَفِي الحَدِيث: كَانَ أبي يلْبس أنْدَرُوزْديَّة يَعْنِي التُّبان.
قَالَ الْأَزْهَرِي: وَلَيْسَ بعربي وَلكنه مُعَرَّب.
تمّ كتاب الدَّال وَالْحَمْد لله على نعمه وَنعم الوَكيل.
آخر كتاب الدَّال
(14/175)
________________________________________
كتاب حرف التَّاء من (تَهْذِيب اللُّغَة)
أَبْوَاب المضاعف من حرف التَّاء
(ت ظ ت ذ: مهمل) .

(بَاب التَّاء والثاء)
ت ث
اسْتعْمل مِنْهُ: (ثتّ) .
ثت: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الْأَعرَابِي: الثَّتُ الشَّق فِي الصَّخرة وَجمعه ثُتوتٌ قَالَ: والثَّتُّ أَيْضا العِذْيَوْطُ، وَهُوَ الثَّمُوتُ والذَّوذَخ والْوَخْوَاخُ والنَّعْجَة الزُّمَّلِق.
عَمْرو عَن أَبِيه: فِي الصَّخْرَة ثَتٌّ وفَتٌّ وشَرْمٌ وشرْن وخَقٌّ ولَقٌّ وشِيقٌ وشِرْيان.

(بَاب التَّاء وَالرَّاء من المضاعف)
(ت ر)
تَرَ، رت: (مستعملان) .
تَرَ: قَالَ اللَّيْث: التَّرَارَةُ امتلاءُ الجِسم من اللَّحْم وَرِيُّ العَظْمِ، رجل تَارٌّ وَقَصَرَةٌ تَارَّةٌ والفِعْل تَرَّ يَتِرُّ قَالَ: والتُّرُورُ وَثْبَةُ النَّوَاةِ من الحَيْس، يُقَال: تَرَّتْ تَتِرُّ تُرُورا، يُقَال: ضرب فلَان يَدَ فلَان بِالسَّيْفِ فأَتَرَّها وأَطَرَّها وأَطَنَّها، والغلام يُتِرُّ الْقُلة بمقلاته.
وَقَالَ طَرَفة يصف بَعِيرًا عقره:
تَقُول وَقد تُرَّ الوظِيفُ وساقُها
أَلَسْتَ تَرَى أَنْ قَدْ أَتَيْتَ بِمُؤْيِدِ
ترَّ الوَظِيفُ، أَي انْقَطَع فَبان وسَقَط.
وَقَالَ أَبُو زيد: تُرَّ الرَّجُلُ عَن بَلَده، وأَتَرَّهُ القضاءُ إتْراراً إِذا أَبْعَدَه.
وَقَالَ اللَّيْث: الترْتَرَةُ أَن تَقْبِضَ عَلَى يَدَيْ رَجُل تُتَرْتِرُهُ أَي تحرّكه.
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: أنَّه أُتِيَ بسكران فَقَالَ: تَرْتِرُوه، وَمَزْمِزُوه.
قَالَ أَبُو عبيد: قَالَ أَبُو عَمْرو: وَهُوَ أَن يُحَرَّك ويُزَعْزَع ويُسْتَنْكَه حَتَّى يُوجَدَ مِنْهُ الرِّيح لِيُعْلَمَ مَا شرب، وَهِي الترترة والتَّلْتَلَةُ وَالمَزْمَزَةُ.
وَقَالَ ذُو الرمة يصف جملا:
بَعِيدُ مَسافِ الخَطْوِ غَوْجٌ شَمَرْدَلٌ
يُقَطِّع أَنْفاسَ المَهارِي تَلاَتِلُه
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التُّرَّى اليَدُ المقطوعةُ، والترَّةُ الجَارِيةُ الحَسْنَاءُ الرَّعْناء.
(14/176)
________________________________________
قَالَ: والتُّرُّ الأصلُ، يُقَال: لأَضْطَرَّنَّكَ إِلَى تُرِّكَ وقَحاحِك.
وَقَالَ اللَّيْث: التُّرُّ كلمة تَتَكلم بهَا الْعَرَب إِذا غضب أحدهم على الآخر، قَالَ: وَالله لأقَيمنَّك على التُّرِّ.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: المِطَمرُ هُوَ الْخَيط الَّذِي يُقَدِّر بِهِ الْبناء، يُقَال لَهُ بالفارسيَّة: التُّر.
وَفِي (النَّوَادِر) : بِرْذَوْنٌ تَرٌّ، ومُنْتَرٌّ وغَرْبٌ وقَزَعٌ ودُقاقٌ إِذا كَانَ سريعَ الرَّكْض، وَقَالَ: التَّرُّ من الخَيلِ المعتَدِلُ الْأَعْضَاء الخفيفُ الدَّرِير، وَأنْشد:
وقدْ أَعْذُو مَعَ الفِتْيا
ن بالمنْجَرِد التّرِّ
وذِي الْبركَةِ كالتَّابو
ت وَالمِحْزَم كالقَرِّ
معي قاضبة كالمل
ح فِي فِي متنيه كالذرّ
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: التارُّ الْمُنْفَرد عَن قومه، تَرَّ عَنْهُم إِذا انْفَرد، وَقد أَتَرُّوه إتْراراً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: تَرْتَرَ، إِذا استَرْخَى فِي بدنه وَكَلَامه قَالَ: وَتَرّ بسلحه وهَدَّ بِهِ، وهَرَّ بِهِ إِذا رمَى بِهِ.
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ترَّ بسَلْحِهِ، يتِرّ ويَتُرّ إِذا قذف بِهِ.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: التَّارُّ المسترخِي من جوع أَو غَيره وتَرَّ يَتِرُّ ويَتُر.
وَأنْشد:
ونُصْبِحُ بالغدَاةِ أَتَرَّ شيءٍ
ونُمْسِي بالعَشِيِّ طَلنفَحينَا
قَالَ: أَتَرَّ شيءٍ أَرْخَى شيءٍ من التَّعَب، يُقَال: تِرَّ يَا رجل.
وَيُقَال للغلام الشّابّ الممتلىء: تَارٌّ وَقد تَرَّ يتِرُّ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التّراتِيرُ الْجَوَارِي الرُّعْنُ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الأترُورُ الغلامُ الصَّغِير.
وَقَالَ اللَّيْث: الأُتْرُورُ: الشُّرَطِيُّ.
وَأنْشد:
أعوذُ بِاللَّه وبالأمير
مِن صاحبِ الشُّرْطة والأُترُورِ
رت: قَالَ اللَّيْث: الرُّتَّة عَجَلَةٌ فِي الْكَلَام، ورجلٌ أَرتُّ.
وَقَالَ مُحَمَّد بن يزِيد المبرّد: الغَمْغَمة أَن تَسَمعَ الصوتَ وَلَا يَبينُ لَك تَقطيعُ الكلامِ، وَأَن يكونَ الْكَلَام مُشْبِهاً لكَلَام الْعَجم، والرُّتَّة كَالرِّيحِ تمنع مِنْهُ أولَ الْكَلَام، فَإِذا جَاءَ مِنْهُ شَيْء اتَّصل بِهِ، قَالَ: والرُّتَّة غريزة وَهِي تَكثر فِي الْأَشْرَاف.
عَمْرو عَن أَبِيه: الرَّتَّاءُ: المرأةُ اللَّثْغَاءُ.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: رَتْرَتَ الرجلُ إِذا
(14/177)
________________________________________
تَعتع فِي التَّاء وغيرِها قَالَ: والرَّتُّ: الرئيسُ من الرِّجَال فِي الشَّرف وَالعطَاء وَجمعه رُتوتٌ قَالَ: والرّتُّ أَيْضا الخِنزير المُجَلِّحُ وَجمعه رِتَتَةٌ، وَنَحْو ذَلِك.
قَالَه اللَّيْث.

(بَاب التَّاء وَاللَّام)
(ت ل)
تل، لت: (مستعملان) .
تل: سَلمَة عَن الْفراء: تَلّ إِذا صَبّ، والتَّلّةُ الصَّبَّةُ، والتَّلّةُ الضَّجْعةُ والكسل، قَالَ: والتَّلّة بقيّة الدّيْن.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: تَلّ يَتُلُّ إِذا صَبّ، وتَلّ يَتِلّ إِذا سقط.
وَحدثنَا عبد الله بن هَاجَك، قَالَ: حَدثنَا عَليّ بن حجر عَن إِسْمَاعِيل بن جَعْفَر عَن مُحَمَّد بن عَمْرو عَن أبي سَلمَة عَن أبي هُرَيْرَة: أَن النَّبِي قَالَ: (نُصِرْتُ بالرُّعب وأُوتِيتُ جوامعَ الْكَلم، وَبينا أَنا نائِم أُتِيتُ بمفاتيح خَزَائِن الأَرْض فَتُلَّتُ فِي يدِي) .
قلت: مَعْنَاهُ فصُبَّتْ فِي يَدي.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: المُتَلَّلُ الصّرِيعُ وَهُوَ المشَغْزَبُ.
قلت: وَتَأْويل قَوْله: وأُتِيتُ بمفاتيح خَزَائِن الأَرْض فتُلَّتْ فِي يَدي: مَا فَتَحهُ الله جلّ ثَنَاؤُهُ لأُمَّتِه بعد وَفَاته من خَزَائِن مُلُوك الفُرْس، وملوك الشَّام، وَمَا استولى عَلَيْهِ الْمُسلمُونَ من الْبِلَاد، حقّق الله تَعَالَى رُؤْيَاهُ الَّتِي رَآهَا بعد وَفَاته من لَدُنْ خِلافة عمرَ بن الْخطاب إِلَى يَوْمنَا هَذَا.
وَقَالَ اللَّيْث يُقَال: تَلَلْتُ فِي يَدَيْهِ أَي دفَعْتُ إِلَيْهِ سَلْماً، قَالَ: والتَّلُّ الرابيةُ من التُّرَاب مَكْبُوساً لَيْسَ خِلْقَة.
قلت: هَذَا غَلَطٌ، التِّلال عِنْد الْعَرَب الرَّوابي المخلوقة.
وروى شمر عَن ابْن شُمَيْل أَنه قَالَ: التَّل من أَصاغر الآكام، والتَّل طولُه فِي السَّمَاء مثلُ الْبَيْت عَرْضُ ظهرهِ نَحْو عَشرة أَذْرع، وَهُوَ أصْغر من الأَكَمة، وأقلُّ حِجَارَة من الأكمة، وَلَا يُنْبِتُ التل خيرا، وحِجارةُ التَّل عَاضٌّ بعضُها بِبَعْض مثلُ حِجارة الأَكمة سَوَاء.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق فِي قَول الله جلّ وعزّ: للهمِنَ الصَّابِرِينَ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ} (الصافات: 103) ، معنى تَلّه صَرَعه.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: التّلِيلُ والمتْلُول: الصّريع، وَقَالَ فِي قَول لبيد:
أَعْطِفُ الجَوْنَ بمَرْيوع مِتَلِّ
أَي يصرعَ بِهِ.
وروى شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: مِتلٌّ شديدٌ والجون فرسه.
وَقَالَ شمر: أَرَادَ بالجون جَمله والْمربوع
(14/178)
________________________________________
جَرير ضُفِرَ على أَربع قوى.
وروى سعيد عَن قَتَادَة فِي قَوْله تَعَالَى: {فَلَمَّا أَسْلَمَا} ، قَالَ: كَبَّه لفيه وأَخَذَ الشَّفْرة.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن ثَعْلَب عَن الْفراء: رجل مِتلٌ إِذا كَانَ غليظاً شَدِيدا.
قَالَ: المِتلُّ الَّذِي يُتَل بِهِ، ورمح مِتلٌ غليظ شَدِيد وَهُوَ العُرُدُّ أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث وَغَيره: التَّلِيلُ: العُنُق قَالَ لَبيد:
يَتَّقيني بتليلٍ ذِي خُصَل
أَي بِعُنُق ذِي خُصَل من الشّعْر، وَقَالَ اللَّيْث: التّليلةُ الإقلاقُ والحَرَكةُ، ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التّلْتَلَةُ قِشْرُ الطّلْعة يُشْرَبُ فِيهِ النَّبِيذ، وَقَالَ: تُلَّ: إِذا صُرِعَ، وَكَذَلِكَ قَالَ الْفراء: رجل مِتَلٌّ أَي مُنتصبٌ فِي الصّلاة وَأنْشد:
رجال يتلُّون الصَّلَاة قيام
قلت: هَذَا خطأ، وَإِنَّمَا هُوَ رجال يُتلَّون الصَّلَاة قيام، من تَلَّى يُتَلَّى: إِذا أتبع الصلاةَ الصَّلَاة.
قَالَ شمر: تَلَّى فلَان صلاتَه الْمَكْتُوبَة بالتطوّع أَي أتْبع، قَالَ البعيث:
على ظَهْرِ عَادِيَ كأَنَّ أُرُومَه
رجالٌ يُتَلَّونَ الصلاةَ قيامُ
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: هُوَ ضالٌّ تَالٌّ آلٌّ وَجَاء بالضَّلالة، والتَّلالة والألالة؛ وَقَالَ أَبُو تُرَاب: البلابل والتّلاتل الشدائد.
وَقَالَ أَبُو الْحسن: يُقَال: إِن جَبينه لَيَتِلُّ أَشَدَّ التَّل، وَمَا هَذِه التَّلة بفيك أَي البِلّة، قَالَ: وسألتُ عَن ذَلِك أَبَا السميدع فَقَالَ: التّلَلُ والبَلَلُ والتِّلَّة والبِلَّة شَيْء وَاحِد، قلت: وَهَذَا عِنْدِي من قَوْلهم: تَلّ أَي صَبّ، وَمِنْه قيل لِلْمشْرِبة: تَلْتَلَة، لِأَنَّهُ يُصب مَا فِيهَا فِي الحَلْق.
لت: قَالَ اللَّيْث: اللّتُّ الفِعل من اللُّتات، وكل شَيْء يُلَتُّ بِهِ سَويقٌ أَو غَيره نَحْو السّمن وَمَا إِلَيْهِ.
وَقَالَ الْفراء: حَدثنِي الْقَاسِم بن معن عَن مَنْصُور بن الْمُعْتَمِر عَن مُجَاهِد قَالَ: كَانَ رجل يَلُتُّ السويق لَهُم، وَقرأَهَا: {الْكُبْرَى أَفَرَءَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى} (النَّجْم: 19) بِالتَّشْدِيدِ.
قَالَ الْفراء: الْقِرَاءَة اللات، بتَخْفِيف التَّاء الأَصْل اللاتّ بِالتَّشْدِيدِ لِأَن الصَّنَم إِنَّمَا سمِّي باسم اللاّت الَّذِي كَانَ يَلُتَّ عِنْد هَذِه الْأَصْنَام لَهَا السويقَ، فَخفف وجُعل اسْما للصنم.
وَكَانَ الْكسَائي يقف على اللات بِالْهَاءِ وَيَقُول: اللاه، قَالَ أَبُو إِسْحَاق: وَهَذَا قِيَاس، والأجود اتِّباعُ المصحفِ، وَالْوُقُوف عَلَيْهَا بِالتَّاءِ، قلت: وَقَول الْكسَائي يُوقف عَلَيْهَا بالهاءِ، يَدُل على أَنه لم يجعَلْهما من اللَّت؛ وكأنَّ الْمُشْركين الَّذين عبدوها عارضوا باسمها اسمَ الله،
(14/179)
________________________________________
تَعَالَى الله علوا كَبِيرا عَن إفكهم ومعارضتهم وإلحادهم، لعنهم الله فِي اسْم الله الْعَظِيم، وَقَالَ ابْن السّكيت: اللَّت بَلُّ السوِيق والْبَسُّ أشدُّ من اللَّتّ.
أَبُو الْعَبَّاس، عَن ابْن الأعرابيّ: اللّتّ الفَتُّ.
قلت: وَهَذَا حرف صَحِيح أخبرنَا عبد الْملك عَن الرّبيع عَن الشَّافِعِي أَنه قَالَ فِي بَاب التَّيَمُّم: وَلَا يجوز التَّيَمُّم بِلُتَاتِ الشّجر وَهُوَ مَا فُتّ من قِشْره الْيَابِس الْأَعْلَى.
قَالَ الْأَزْهَرِي: لَا أَدْرِي لُتات أم لِتات، وَفِي بعض الحَدِيث: فَمَا أبقى الْمَرَض مني إِلَّا لُتاتاً. قَالَ: اللُّتات مَا فُتَّ من قِشر الشّجر كَأَنَّهُ يَقُول: مَا أبقى مني إِلَّا جِلداً يَابسا. قَالَ امْرُؤ الْقَيْس فِي اللَّت بِمَعْنى الفتّ:
تَلُتُّ الْحَصَى لَتّاً بسُمْرٍ رزينة
موارِد لَا كُزْمٍ وَلَا مَعِراتِ
يصف الْخمر وَكسرهَا الْحَصَى.

(بَاب التّاء وَالنُّون)
(ت ت)
تن، نت (نَتن) : (مستعملان) .
(تن) : قَالَ اللَّيْث: التِّنُّ التِّرْبُ، يُقَال: صِبْوَة أتْنَانٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ سِنه وتِنه وحِنته، وهم أسنانٌ وأتنانٌ إِذا كَانَ سِنُّهم وَاحِدًا.
وَقَالَ اللَّيْث: التِّنُّ الصَّبيُّ الَّذِي يقْصعه الْمَرَض، يَشِبُّ، وَقد أَتَنَّه المرضُ، وَقَالَ أَبُو زيد: أتَنّه الْمَرَض إِذا قَصَعَه فَلم يلْحق بأتنانه أَي بأقرانه، قَالَ: والتِّنُّ الشَّخْصُ والمِثالُ.
وَقَالَ اللَّيْث: التِّنِّينُ: ضربٌ من الحيّات من أعظمها وَرُبمَا بعث الله سَحَابَة فاحتملته، وَذَلِكَ فِيمَا يُقَال وَالله أعلم: أَن دَوَابَّ الْبَحْر تَشْكُو إِلَى الله تَعَالَى فيرفعه عَنْهَا، قلت: وَأَخْبرنِي شيخ من ثِقَاتِ الْغُزَاة أَنه كَانَ نازلاً على سيفِ بحْرِ الشَّام، فَنظر هُوَ وَجَمَاعَة أهل الْعَسْكَر إِلَى سَحَابَة انْقَسَمت فِي الْبَحْر ثمَّ ارْتَفَعت ونظرنا إِلَى ذَنَبِ التِّنِّين يضطرب فِي هَيْدب السحابة، وهبَّت بهَا الريحُ وَنحن نَنْظُر إِلَيْهَا إِلَى أَن غَابَتْ السّحابة عَن أبصارنا، وَجَاء فِي بعض الْأَخْبَار أَن السحابة تحمل التنين إِلَى بِلَاد يَأْجُوج وَمَأْجُوج فَتطرحُه بهَا، وَإِنَّهُم يَجْتَمعُونَ على لَحْمه فيأكلونه.
وَقَالَ اللَّيْث: التِّنِّين أَيْضا نَجْمٌ من نُجُوم السماءِ وَلَيْسَ بكوكب وَلكنه بياضٌ خَفِيٌّ يكون جَسَدُه فِي سِتَّة بروج من السماءِ وذَنَبُه دَقيقٌ أسود فِيهِ التواءٌ يكون فِي البرج السَّابع، وَهُوَ يَتنقّلُ كتنقل الْكَوَاكِب الْجَوَارِي، واسْمه بِالْفَارِسِيَّةِ هُشْتُنْبُر فِي حِسَاب النُّجُوم وَهُوَ من النحوس، ثَعْلَب
(14/180)
________________________________________
عَن ابْن الْأَعرَابِي: تَنْتَنَ الرّجل: إِذا ترَكَ أصدقاءَهُ وصَاحبَ غَيرهم.
نت: أَبُو تُرَاب عَن عَرَّام: ظَلَّ لِبطنه نَتيتٌ ونَفيت بِمَعْنى وَاحِد.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: نَتْنَتَ الرجلُ إِذا تَقَذَّرَ بعد نَظافة.
نَتن: أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ: يُقَال: نَتَنَ اللحمُ وَغَيره يَنْتِنُ وأَنْتَن يُنْتِنُ، فَمن قَالَ: نَتَنَ قَالَ مِنْتِنٌ، وَمن قَالَ: أَنتن قَالَ مُنْتِنٌ بِضَم الْمِيم، وَقَالَ غَيره: مِنْتِنٌ كَانَ فِي الأَصْل مِنْتِينٌ فحذفوا الْمَدّ، وَمثله مِنْخِرٌ أَصله مِنْخِيرٌ وَالْقِيَاس أَن يُقَال نَتَنَ فَهُوَ نَاتِنٌ فتركوا طَرِيق الْفَاعِل وبنَوْا مِنْهُ نعتاً على مِفعيل ثمَّ حذفوا الْمدَّة، وَقَالَ أَبُو الْهَيْثَم: سيف كهام، ودانٌ ومُنْتنٌ أَي كليل، سيف كهيم مثله وكل مُنْتِنٌ مَذْمُوم.

(بَاب التَّاء والفَاء)
(ت ف)
تف، فت: (مستعملان) .
(تف) : قَالَ اللَّيْث: التُّفُّ: وَسَخُ الْأَظْفَار، والأُفُّ وَسَخُ الْأذن، قَالَ:
التَّتْفيفُ من التُّفِّ كالتأفيف من الأُفِّ.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي طَالب أَنه قَالَ قَوْلهم أُفٌّ وأُفَّةٌ وتُفٌّ وتفَّة، قَالَ الأصمعيّ: الأُفّ وَسَخ الأُذن، والتّفّ وسخ الْأَظْفَار، فَكَانَ ذَلِك يُقَال عِنْد الشيءِ يستقذر ثمَّ كثر حَتَّى صَارُوا يستعملونه عِنْد كل مَا يتأذوْن بِهِ، قَالَ: وَقَالَ غَيره: أُفّ لَهُ: مَعْنَاهُ قِلَّة لَهُ، وتُفٌّ اتِّبَاع مَأْخُوذ من الأَفف وَهُوَ الشيءُ الْقَلِيل؛ أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: أَنه يُقَال: تَفْتفَ الرجلُ إِذا تَقَذَّرَ بعد تنَظفٍ.
فت: قَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الفَتُّ والثَّتُّ: الشَّقُّ فِي الصَّخْرَة، وَهِي الفُنُوت والثُّتُوتُ، قَالَ وَيُقَال: فلَان يَفُتّ فِي عَضُدِ فلَان، وعَضُدُه أهلُ بَيته إِذا رَامَ إِضْرَارهُ بتخَوُّنه إيَّاهُم.
عَمْرو عَن أَبِيه: الفُتَّة الكُتْلَة من التَّمْر.
سَلمَة عَن الْفراء: أُولَئِكَ أهل بيتٍ فَتَ وفَتَ وفَتَ، إِذا كَانُوا مُنْتشرين غيرَ مُجْتَمعين.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: فَتْفَتَ الرَّاعِي إبِله إِذا ردَّها عَن المَاء وَلم يَقْصَعْ صوَّارَها وَهُوَ التَّفَهُّرُ.
وَقَالَ اللَّيْث: الْفَتُّ أَن تأخذَ الشيءَ بأصبعك فتُصَيِّرهُ فتَاتاً أَي دُقاقاً، قَالَ: والفَتِتُ كلُّ شيءٍ مَفْتوتٍ إِلَّا أَنهم خصوا الخبزَ المفتوتَ بالفتيت قَالَ: والفَتِيتُ أَيْضا الشيءُ الَّذِي يَقع فَيَتَفَتَّت، قَالَ: والفُتَّة بَعْرة أَو رَوْثَة مَفْتوتة تُوضع تحتَ الزَّنْدَة.
قلت: وفُتاتُ العِهن وَالصُّوف مَا تساقط مِنْهُ، وَقَالَ زُهَيْر فِي شعر لَهُ:
(14/181)
________________________________________
كأَن فُتَاتَ العِهن فِي كلِّ مَنْزِلٍ
نَزَلْنَ بِهِ حَبُّ الفَنا لم يُحَطَّمِ
انْتهى وَالله أعلم.

(بَاب التَّاء والبَاء)
(ت ب)
تب، بت: (مستعملان) .
(تب) : قَالَ اللَّيْث: التَّبُّ الخَسار؛ يُقَال: تَبّاً لفِلان على الدُّعاء، نُصِب لِأَنَّهُ مَصدرٌ مَحْمُول على فِعله؛ قَالَ: وتَبَّبْتُ فلَانا أَي قلتُ لَهُ: تَبّاً. قَالَ: والتَّبَابُ الهلاكُ؛ وَرجل تابٌّ ضَعِيف والجميع الإتْبابُ وَقَول الله جلّ وعزّ: {وَمَا زَادُوهُمْ غَيْرَ تَتْبِيبٍ} (هود: 101) قَالَ أهل التَّفْسِير: مَا زادوهم غير تخْسير؛ وَمِنْه قَول الله جلّ وعزّ: {} (المسد: 1) أَي خَسِرتْ، قَالَ: {السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلاَّ فِى} (غَافِر: 37) أَي مَا كَيده إلاَّ فِي خُسران.
وَقَالَ أَبُو زيد: إِن من النِّسَاء التَّابَّةُ وَهِي الْكَبِيرَة، وَرجل تَابٌّ أَي كَبِير، وَقَالَ غَيره: حِمار تَابُّ الظَّهر إِذا دَبِرَ، وجَمَلٌ تابٌّ كَذَلِك، وَيُقَال: استَتَبَّ أمرُ فلَان إِذا اطَّردَ واستقام وتَبَيَّن؛ وأصلُ هَذَا من الطَّرِيق المسْتَتِبِّ، وَهُوَ الَّذِي خَدَّ فِيهِ السيارةُ خُدوداً وشَرَكاً فوضحَ واستبانَ لمن سَلَكه، كأَنَّهُ ثُبِّتَ بِكَثْرَة الْوَطْء وقُشِرَ وجهُه فَصَارَ مَلْحُوناً بَيِّناً من جمَاعَة مَا حَوَالَيْه من الْأَرْضين، فَشُبِّه الأمرُ الواضحُ البيِّن المستقيمُ بِهِ، وَأنْشد المازنيُّ فِي المَعانِي:
ومَطِيَّةٍ مَلَثَ الظَّلام بَعَثْتُه
يَشكو الكلالَ إليَّ دامَى الأَظْلَلِ
أَوْدَى السُّرَى بِقَتَالِه ومراحه
شهْراً نواصِيَ مُسْتَتِبٍ مُعْمَلِ
نصب نواصِيَ لِأَنَّهُ جعله ظرفا، أَرَادَ فِي نواصِي طريقٍ مُسْتَتِبَ.
نَهْجٍ كَأَنْ حُرُثَ النَّبِيطِ عَلَوْنَهُ
ضَاحِي المَوَارِدِ كالحَصِيرِ المُرْمَلِ
شبه مَا فِي هَذَا الطَّرِيق المستتبّ من الشَّرَكِ والطُّرُقاتِ بآثار السِّن، وَهُوَ الْحَدِيد الَّذِي يُحرَثُ بِهِ الأرضُ، وَقَالَ آخر فِي مثله:
أَنْضَيْتُها مِن ضُحاها أَوْ عَشِيَّتِها
فِي مُسْتَتِبَ يَشُقّ البِيدَ والأكُما
أَي فِي طَرِيق ذِي خُدودٍ أَي شُقوقٍ مَوْطوءٍ بَيِّن، والتَّبِّيُّ ضربٌ من تمر الْبَحْرين رديءٌ يَأْكُلهُ سُقَّاطُ النَّاس.
وَقَالَ الْجَعْدِي:
وأَعْظَمَ بَطْناً تَحْتَ دِرْعٍ تَخَالُه
إِذا حُشِيَ التَّبِّيَّ زِقّاً مُقَيَّراً
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: تَبَّ إِذا قَطَع وتَبَّ إِذا خسر، وَمن أمثالهم: مَلَك عبدٌ عبدا فأَوْلاه تَبّاً، يَقول: لم يكن لَهُ مِلكٌ فَلَمَّا ملك هَانَ عَلَيْهِ مَا مَلك، وتَبْتَبَ إِذا
(14/182)
________________________________________
شاخَ.
بت: قَالَ اللَّيْث: البَتُّ ضَربٌ من الطَّيالسة يُسمى السَّاجَ مُربَّع غليظ لونُه أَخضر، والجميع البُتُوتُ.
أَبُو عُبَيْد عَن الْأَصْمَعِي: البَتُّ ثوبٌ من صوف غليظ شِبْهُ الطَّيْلَسان وَجمعه بُتوت.
وَفِي الحَدِيث: أدركتُ الناسَ وَمَا بالكُوفَةِ أحدٌ يَلْبَسُ طَيْلَساناً إِلَّا شَهْرَ بنَ حَوْشَبَ، مَا النَّاسُ إِلَّا فِي البُتُوت.
قَالَ عَليّ بن خَشْرم: وسمعتَ وكِيعاً يَقُول: لَا يكون البَتُّ إِلَّا مِن وَبَرِ الْإِبِل وَأنْشد:
من كَانَ ذَا بَتَ فَهَذَا بَتِّي
مُقَيِّظٌ مُصَيِّفٌ مُشَتِّي
وَهَذَا الرجز يَدُل على أَن القَوْلَ فِي البَتِّ مَا قَالَه الْأَصْمَعِي.
وَقَالَ اللَّيْث: البَتُّ القَطْع المستَأْصِلُ يُقَال: بَتَتْتُ الحبلَ فانْبَتَّ، وَيُقَال: أعطيتُه هَذِه الْقطعَة بَتّاً بَتْلاً، والبَتَّةُ اشتقاقُها من الْقطع غير أَنه يُسْتَعملُ فِي أَمر يمْضِي لَا رَجْعَة فِيهِ وَلَا التواء، وأَبَتَّ فُلانٌ طلاقَ امْرَأَته أَي طلَّقها باتاً، والمجاوز مِنْهُ الإِبْتاتُ قلت: وَهَمَ اللَّيث فِي الإبتات والبَت لِأَنَّهُ جعل الإبتاتَ مجاوزاً وَجعل البَتَّ لَازِما وَكِلَاهُمَا متعدَ.
يُقَال: بَتّ فلَان طَلَاق امْرَأَته بِغَيْر ألف وأَبَتَّهُ بِالْألف، وَقد طلَّقها البَتَّةَ، وَيُقَال: الطلقةُ الواحدةُ تَبُتَّ وتَبِت أَي تَقْطع عِصْمة النِّكاح إِذا انْقَضَتْ العِدَّةُ.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: سكرانُ باتٌ، وسكران مَا يَبُتُّ، وَمَا يَبِتُّ كلَاما، أَي مَا يُبَيِّنه، وصدقةٌ بَتَّةٌ بَتْلَةٌ إِذا قَطَعَها المتصدِّق بهَا مِن مَاله وأدَّاها.
وَكَانَ الأصمعيّ يَقُول: سكرانُ مَا يَبُتُّ أَي مَا يقطع أمرا وَكَانَ يُنكر يُبِتُّ.
وَقَالَ الْفراء: هما لُغتان، يُقَال: بَتَتُّ عَلَيْهِ القَضَاءَ وأَبْتَتْهُ عَلَيْهِ، أَي قَطَعْتُه عَلَيْهِ.
وَقَالَ الأصمعيّ: وَيُقَال: طَلقهَا ثَلَاثًا بتةً.
وَقَالَ اللَّيْث: أحمقُ بَاتٌ شديدُ الحُمْق.
قلت: وَالَّذِي حفظناه عَن الثِّقات أَحمَق تابٌ من التَّبابِ، وَهُوَ الخَسارُ كَمَا يُقَال: أحمقُ خَاسِرٌ دَابِرٌ دَامِرٌ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال انْقَطع فلَان عَن فلَان وانْبَتَّ حبلُه عَنهُ أَي انْقَطع وِصَالِه وانقبض وَأنْشد:
فَحَلّ فِي جُشَمٍ وانْبَتَّ مُنْقَبِضاً
بِحَبْله مِن ذَوِي العزّ الغطارِيفِ
وَفِي الحَدِيث أَنه عَلَيْهِ السَّلَام كَتَبَ لحارثة بن قَطَنٍ وَمن بِدُومَةِ الجَنْدل مِن كَلْبٍ: إنَّ لَنا الضاحية من البَعْل وَلكم الضَّامِنة من النَّخْل، وَلَا يُؤْخَدُ مِنْكُم عُشْر البَتَاتِ يَعْنِي الْمَتَاع لَيْسَ عَلَيْهِ زَكَاة مَال. قَالَ: والبَتَاتُ مَتَاع الْبَيْت.
(14/183)
________________________________________
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: البَتَاتُ الزادُ، وَيُقَال: مَا لَهُ بتاتٌ أَي مَا لَهُ زَاد وَأنْشد:
ويَأْتِيكَ بالأَنْباءِ مَن لم تَبِعْ لَهُ
بتاتاً وَلم تَضْرِبْ لَهُ وَقْتَ مَوْعِدِ
وَهُوَ كَقَوْلِه:
ويأتيكَ بالأنْبَاءِ من لم تُزَوِّدِ
أَبُو عبيد عَن أبي زيد يُقَال: طحنتُ بالرَّحَى شَزْراً وَهُوَ الَّذِي يَذْهَب بالرحَى عَن يَمِينه، وبتًّا عَن يسَاره وأنشدنا:
ونَطْحَنُ بالرحى شَزْراً وبَتّاً
وَلَو نُعْطَى المغازِلَ مَا عَيِينَا
وَيُقَال للرجل إِذا انْقُطِع بِهِ فِي سَفَره وعَطِبتْ راحلتُه: صَار مُنبتاً، وَمِنْه قَول مطرف:
إنَّ المنْبَتَّ لَا أَرْضاً قَطَع وَلَا ظَهْراً أَبْقَى
وَقَالَ الْكسَائي: انْبَتَّ الرجلُ انْبِتاتاً إِذا انْقَطع ماءُ ظَهره، وَأنْشد:
لَقَدْ وَجَدْتُ رَثْيَةً من الكِبَرْ
عندَ القِيام وانْبِتَاتاً فِي السَّحَرْ
وَفِي الحَدِيث: (لَا صِيَام لمن لم يُبِتَّ الصَّوْم) ، مَعْنَاهُ لَا صِيَام لمن لم يَنْوِه قَبْل الْفجْر، فَيَقْطعْه من الْوَقْت الَّذِي لَا صومَ فِيهِ، وَأَصله من البَتِّ وَهُوَ القطعُ، ويقالَ: بَتَّ الحاكمُ القَضاء على فلَان إِذا قَطَعَه وفَصَلَه، وسُمِّيت النيةُ بَتّاً، لِأَنَّهَا تَفْصِل بَين الفِطر وَالصَّوْم وَبَين النَّفْل وَالْفَرْض.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: سمعتُ الْخَلِيل بن أَحْمد يَقُول: الْأُمُور على ثَلَاثَة أنحاء، يَعْنِي على ثَلَاثَة أوجهٍ، شيءٌ يكونُ البَتَّةَ، وشيءٌ لَا يكون الْبَتَّة، وشيءٌ قد يكون وَقد لَا يكون، فَأَما مَا لَا يكون فَمَا مضى من الدَّهْر لَا يرجع، وَمَا يكون الْبَتَّة فالقيامة تقوم لَا محَالة، وأمّا شيءٌ قد يكون وَقد لَا يكون فمِثلُ قد يَمْرضُ وَقد يَصِحُّ.
انْتهى وَالله تَعَالَى أعلم.

(بَاب التَّاء وَالْمِيم)
(ت م)
تمّ، مت: (مستعملان) .
(تمّ) : قَالَ اللَّيْث: تَمَّ الشَّيْء يَتِمَّ تَماماً وتَمَّمَهُ الله تَتْمِيماً وتَتِمَّةً قَالَ: وتَتِمَّةُ كلِّ شَيْء مَا يكون تَمام غَايَته كَقَوْلِك: هَذِه الدَّرَاهِم تَمامُ هَذِه الْمِائَة، وتَتِمَّة هَذِه الْمِائَة، والتِّم الشيءُ التَّام يُقَال: جعلتُه لكِ تِمَّا أَي: بتمامهِ قَالَ: والتَّميمةُ قِلادة من سيور، وَرُبمَا جعلت العُوذَة الَّتِي تُعَلَّق فِي أَعْنَاق الصّبيان.
وَفِي حَدِيث ابْن مَسْعُود: إنَّ التَّمائمَ والرُّقى والتِّوَلةَ من الشّرك.
قلت: التَّمائم واحدتها تميمةٌ وَهِي خَرَزَات كَانَت الْأَعْرَاب يُعلقونها على أَوْلَادهم يَتَّقون بهَا النَّفْس والعَيْن بزعمهم، وَهُوَ بَاطِل، وَإِيَّاهَا أَرَادَ أَبُو ذُؤَيْب الهذليّ بقوله:
(14/184)
________________________________________
وَإِذا المنيةُ أَنْشَبَتْ أَظْفَارها
أَلْفَيْتَ كلَّ تميمةٍ لَا تنفعُ
وَقَالَ آخر:
إِذا ماتَ لم تُفْلِحْ مُزَيْنَةُ بعدَه
فَتُوطى عَلَيْهِ يَا مُزينُ التَّمائما
وَجعلهَا ابْن مَسْعُود: من الشّرك لأَنهم جعلوها وَاقية من الْمَقَادِير وَالْمَوْت، فكأنهم جعلُوا لِلَّهِ شَرِيكا فِيمَا قَدَّر وَكتب من آجال الْعباد والأعراض الَّتِي تصيبهم، وَلَا دَافع لما قَضى، وَلَا شريك لَهُ عزّ وجلّ فِيمَا قدَّرَ، قلتُ: وَمن جَعل التمائم سيوراً فغَيْرُ مُصيبٍ، وَأما قَول الفرزدق:
وكيْفَ يضلُّ العنْبَرِيُّ ببلدةٍ
بهَا قُطِعَتْ عَنهُ سُيُورُ التَّمائم
فَإِنَّهُ أضَاف السيور إِلَى التمائم لِأَن التمائم خَرَزٌ يُثْقَبُ ويُجعل فِيهَا سيورٌ وخيوطٌ تُعلَّق بهَا، وَلم أرَ بَين الْأَعْرَاب خلافًا، أَنّ التميمة هِيَ الخرزةُ نفسُها، وعَلى هَذَا قَول الْأَئِمَّة، ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي:
تمَّ إِذا كُسِرَ وتَمَّ إِذا بَلَّغَ
وَقَالَ رؤبة:
فِي بطْنِهِ غَاشيةٌ تُتَمّمُهُ
قَالَ شمر: الغاشيةُ وَرَمٌ فِي البَطنِ.
وَقَالَ تُتَمّمُهُ أَي تُهلكهُ وتُبَلِّغُهُ أَجَلَه.
وَقَالَ ذُو الرمة:
إِذا نَالَ مِنها نظرةً هِيضَ قَلْبُه
بهَا كانْهِياض المُعْنَتِ المُتَمِّمِ
يُقَال: ظلعَ فلانٌ ثُمَّ تَتَمَّمَ تَتَمُّمَا أَي تمَّ عَرَجُه كَسْراً من قَوْله تُمَّ إِذا كُسر.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّمْتَمَةُ من الْكَلَام ألاَّ يُبَيِّن اللسانُ، يُخطىء مَوضع الحرفِ فيرجِع إِلَى لفظٍ كَأَنَّهُ التَّاء أَو الْمِيم وَإِن لم يكن بَيِّنا، وَرجل تَمتامٌ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن مُحَمَّد بن يزِيد أَنه قَالَ: التَّمْتَمَةُ التّردِيدُ فِي التَّاء والفأفأة الترديد فِي الْفَاء.
وَقَالَ أَبُو زيد: التّمتامُ هُوَ الَّذِي يَعْجَلُ فِي الْكَلَام وَلَا يكَاد يُفْهِمُك.
قَالَ: والفأفاءُ الَّذِي يَعْسرُ عَلَيْهِ خروجُ الْكَلَام.
وَقَالَ أَبُو عبيد: التَّمِيمُ الصُّلْب وأَنشد:
وصُلبِ تَمِيم يبهر اللِّبْد جَوْرُه

أَي يضيق مِنْهُ اللبد لتمامه. أَبُو عبيد: ولد فلَان لتَمامٍ، وتِمامٍ وليلُ التِّمام بِالْكَسْرِ لَا غير.
وَأَخْبرنِي المنذريّ عَن الصَيْداويّ عَن الرياشي قَالَ: نهارٌ نحْبٌ مِثْلُ ليلٍ تِمام أطول مَا يكون.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: ليلُ التِّمام فِي الشتَاء أطولُ مَا يكون من اللَّيْل.
(14/185)
________________________________________
قَالَ: وَيطول ليلُ التِّمام حِين تَطلعُ فِيهِ النُّجُوم كلُّها، وَهِي ليلةُ ميلادِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام، وَالنَّصَارَى تُعَظِّمُها وَتقوم فِيهَا.
وَحكى ثَابت بن أبي ثَابت عَن أبي عَمْرو الشَّيْبَانِيّ أَنه قَالَ: ليلُ تِمام إِذا كَانَ الليلُ ثَلَاث عشرَة سَاعَة إِلَى خمسَ عشرةَ سَاعَة.
وَقَالَ الليثُ: ليلُ التِّمام أطولُ ليلةٍ فِي السّنة.
وَيُقَال: هِيَ ثلاثُ ليالٍ لَا يُسْتَبان فِيهَا نُقْصانها مِن زيادتها.
قَالَ وَقَالَ بعضُهم: يُقَال: لِليلة أَربع عشرةَ، وَهِي اللَّيْلَة الَّتِي يَتم فِيهَا القمرُ: ليلةُ التَّمام بِفَتْح التَّاء.
وَرُوِيَ عَن عَائِشَة أَنَّهَا قَالَت: كَانَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقوم اللَّيلَةَ التِّمام فَيقْرَأ سُورَة الْبَقَرَة وَآل عمرَان، وَسورَة النِّسَاء وَلَا يمر بِآيَة إِلَّا دَعَا الله فِيهَا.
وَقَالَ شمر: قَالَ ابْن شُمَيْل: ليلُ التِّمام فِي الشِّتاء أطولُ مَا يكون الليلُ، وَيكون لكل نجمٍ هَوِيٌّ من اللَّيْل يَطْلُع فِيهِ حَتَّى تَطْلُعَ كلهَا فِيهِ فَهَذَا ليل التِّمام.
وَيُقَال: سافرنا شهرَنا ليلَ التِّمام لَا نُعَرِّسُه.
وَهَذِه ليَالِي التِّمامِ أَي شهرا فِي ذَلِك الزَّمَان.
قَالَ وَقَالَ أَبُو عَمْرو: ليلُ التِّمام ستةُ أشهر، ثلاثةُ أشهر حِين تزيد على ثِنْتَيْ عشرةَ سَاعَة، وثلاثَةُ أشهر حِين ترْجع.
قَالَ: وَسمعت ابْن الأعرابيّ يَقُول: كلُّ ليلةٍ طَالَتْ عَلَيْك فَلم تَنمْ فَهِيَ ليلةُ التِّمامِ أَو هِيَ كليلةِ التِّمامِ.
وَيُقَال: ليلُ التِّمام وليلٌ تِمامِيٌ أَيْضا.
قَالَ الفرزدق:
تِماميّاً كأنَ شآمِياتٍ
رَجَجْنَ بجانِبَيْه مِن الغُؤُورِ
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: يَعْنِي نَحْوهَا شآمية. ليلةُ السَّواءِ ليلةُ ثلاثَ عشرةَ، وفيهَا يَسْتَوِي الْقَمَر وَهِي ليلةُ التِّمام وليلةُ تَمامِ الْقَمَر هَذَا بِفَتْح التَّاء وَالْأول بِالْكَسْرِ.
وَقَالَ أَبُو خيرةَ: أَبى قَائِلهَا إلاَّ تُمَّا.
وَقَالَ: رئي الهلالُ لِتِمِّ الشَّهْر.
وَقَوله تَعَالَى: {ثُمَّ ءاتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ تَمَامًا عَلَى الَّذِى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
1764 - أَحْسَنَ} (الْأَنْعَام: 154) .
قَالَ الزّجاج:
يجوز أَنه يَعْنِي تَمامًا على المُحسن، أَرَادَ تَماماً من الله على الْمُحْسِنِينَ، وَيكون تَماماً على الَّذِي أَحْسَنَه مُوسى من طاعةِ الله واتِّباع أمره، ويجوزُ تَمَاماً على الَّذِي هُوَ أحسن الْأَشْيَاء، وتماماً مَنْصُوب مفعول بِهِ، وَكَذَلِكَ: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ} (الْأَنْعَام: 115) أَي حَقّت وَوَجبت {وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَىْءٍ} (الْأَنْعَام: 154) ،
(14/186)
________________________________________
الْمَعْنى آتيناه لهَذِهِ الْعلَّة أَي للتَّمام والتَّفْصِيلِ.
قَالَ: وَالقِراءة على الَّذِي أحسنَ بِفَتْح النُّون، وَيجوز أحسنُ، على إِضْمَار على الَّذِي هُوَ أحسنُ وأَجاز الْفراء: أَن تكون أحسنُ فِي مَوضِع خَفْضٍ وَأَن يكون مِن صفة الَّذِي، وَهُوَ خَطَأ عِنْد الْبَصرِيين لأَنهم لَا يَعْرِفُون الَّذي إلاَّ مَوْصُولَة، وَلَا تُوصَف إِلَّا بعد تَمام صِلتها.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التِّمُ الناسُ وَجمعه تِمَمَة قَالَ: والتميمُ الطويلُ، والتَّمِيمُ العُوذُ واحدتها تَمِيمَة، قلت: أَرَادَ الخرزَ الَّتِي تُتَّخذُ عُوَذاً.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: إِذا فَازَ قَدْح الرجلِ مرّة بعد مرّة فأَطْعَمَ لحمَه المساكينَ، سمي مُتَمِّماً، وَمِنْه قَول النَّابِغَة:
إِنِّي أُتَمِّم أَيْسارِي وأمْنَحُهُمْ
مَثْنى الأَيَادِي وأَكْسُو الجفْنَة الأُدُما
وَقَالَ غَيره: التَّمِيمُ فِي الأيسار أَن ينقص الأيْسَارُ فِي الْجَزُور، فَيَأْخُذ رجلٌ مَا بَقِي حَتَّى يُتَمِّمَ الأَنصباء، وَهُوَ قَول اللحياني.
وَقَالَ اللَّيْث: تَمَّمَ الرجُل إِذا صَار تَمِيمِيَّ الرَّأْي والهَوَى والمَحَلَّةِ قلت: وَقِيَاس مَا جَاءَ فِي هَذَا الْبَاب: تَتَمَّمَ بتاءين كَمَا يُقَال تَمَضَّر وتَنزَّر وَكَأَنَّهُم حذفوا إِحْدَى التَّاءَيْنِ استثقالاً للْجمع بَينهمَا.
مت: قَالَ اللَّيْث: مَتّ اسْم أعجمي.
قَالَ: والمَتُّ كالمَدِّ إِلَّا أَن المَتَّ توصُّل بِقرَابَة ودَالَّةٍ يُمَتُّ بهَا. وَأنْشد فَقَالَ:
إنْ كُنْتَ فِي بكر يُمَتُّ خُؤولَةً
فَأَنا المُقاتِلُ فِي ذُرَى الأعْمامِ
قَالَ: ويُونُس بن مَتَّى نَبِيٌّ كَانَ أَبوهُ يُسمَّى مَتّى على فَعْلَى فُعلِ ذَلِك أَنهم لَمّا لم يكن لَهُم فِي كَلَامهم فِي آخر الِاسْم بعد فَتْحة على بناءِ مَتّى حملُوا الْيَاء على الفتحة الَّتِي قبلهَا فجعلوها ألفا كَمَا يَقولون: مِن غَنّيْتُ غَنّى وَمن تَفَنَّيْتُ تَفَنَّى، وَهِي بِلغة السريانية مَتّى.
وَأنْشد أَبُو حَاتِم قَول مُزَاحِمٍ العُقَبْلِي:
أَلَمْ تَسْأَلِ الأطْلاَلَ مَتّى عُهودُها
وَهل تَنْطِقَنْ بَيْدَاءُ قَفْرٌ صَعِيدُها
قَالَ أَبُو حَاتِم: سَأَلت الْأَصْمَعِي عَن مَتَّى فِي هَذَا الْبَيْت فَقَالَ: لَا أَدْرِي.
وَقَالَ أَبُو حَاتِم: ثَقَّلَها كَمَا تُثَقّلُ ربّ وتُخَفَّفُ وَهِي مَتَى خَفِيفَةً فَثَقَّلَها.
قَالَ أَبُو حَاتِم: وَإِن كَانَ يريدُ مصدرَ مَتَتُّ مَتّاً أَي طَويلا أَو بَعيداً عهودُها بِالنَّاسِ فَلَا أَدْرِي.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: مَتْمَتَ الرجلُ إِذا تقرّب بمودَّة أَو قَرابة.
(14/187)
________________________________________
قَالَ: والمَتُّ مَدُّ الْحَبل وَغَيره، يُقَال: مَتَّ ومَطَّ ومَطَلَ ومَغَطَ وشَبَحَ بِمَعْنى وَاحِد.
وَقَالَ النَّضر: مَتَتُّ إِلَيْهِ بِرَحمٍ أَي مَدَدت إِلَيْهِ وتَقَرَّبتُ إِلَيْهِ، قَالَ: وبَيْنَنَا رحم ماتَّة أَي قريبةٌ.
(14/188)
________________________________________
أَبْوَاب الثلاثي الصَّحِيح من حرف التَّاء
ت ظ: أهملتا مَعَ سَائِر الْحُرُوف إِلَى آخرهَا وَكَذَلِكَ التَّاء مَعَ الذَّال.

(أَبْوَاب التَّاء والثاء)
ت ث ر
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التَّواثِيرُ الجَلاَوِزَةُ.
ت ث ل
اسْتعْمل من وجوهها: (ثتل) .
(ثتل) : الثَّيْتَلُ قَالَ شمر: الثَّيْتَل الذَّكَرُ من الأرْوَى.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: الثَّياتِلُ تكون صِغار الْقُرُون.
وَقَالَ أَبُو خَيْرَة: الثَّيْتَلُ من الوعول لَا يَبْرَحُ الجَبل ولقرنيه شُعَبٌ.
قَالَ: والوُعُول على حِدَةٍ، والوعولُ كُدْرُ الألوان فِي أسافِلها بياضٌ، والثَّياتِل مثلُها فِي ألوانها وَإِنَّمَا فَرَّقَ بَينهمَا القرونُ، والوَعِلُ قرناه طويلان عَدا قَراهُ حَتَّى يُتجاوِزَا صَلَوَيْهِ يَلْتَقِيَانِ مِن حَوْل ذَنَبِهِ مِن أَعْلَاهُ.
وَأنْشد شَمِر لأُمَية بن أبي الصَّلْت:
والتّماسيحُ والثَّياتِل والإيّلُ
شَتَّى والرِّيم والْيَعْفُور
قَالَ ابْن السّكيت: أَنْشدني ابْن الْأَعرَابِي لخداش:
فَإِنِّي امْرُؤ من بني عامرٍ
وإنكِ دَارِية ثيتلِ
قَالَ: وَسمعت أَبَا عَمْرو يَقُول: الثيْتل الضخم من الرِّجَال الَّذِي يُظَن فِيهِ خير وَلَيْسَ فِيهِ خير.
وَرَوَاهُ الْأَصْمَعِي: تِنْيل.
وَقَالَ الْفراء: رجل تِنْتَلٌ وتَنْبُلٌ قصير.
ت ث ن
اسْتعْمل من وجوهها: (ثنت) .
ثنت: أَبُو عبيد عَن الْأمَوِي: الثنيت: المُنْتِنُ وَقد ثَنِت ثَنَتاً.
وَقَالَ غَيره: ثَتِن ثَتَناً إِذا أنتن.
وَأنْشد:
وثَتِنٌ لِثَاتُهُ تِئبَاية
ت ث ف
اسْتعْمل من وجوهه: (تفث) .
تفث: قَالَ الله جلّ وعزّ: {ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُواْ نُذُورَهُمْ} (الْحَج: 29) .
(14/189)
________________________________________
وحدَّثنا مُحَمَّد بن إِسْحَاق السِّنْدي قَالَ: حَدثنَا عَلِي بن خَشْرَم عَن عِيسَى عَن عبد الْملك عَن عَطاءِ عَن ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ} (الْحَج: 29) .
قَالَ: التَّفَثُ الحَلْق والتّقصير والأخذُ من اللّحية والشّارب والإبط، والذّبْح وَالرَّمْي.
وَقَالَ الْفراء: التّفَثُ نَحْرُ البُدْنِ وَغَيرهَا من الْبَقر وَالْغنم وحَلْق الرَّأْس، وتَقْليم الأظْفار وأشباهه.
وَقَالَ الزّجاج:
التفَث أهل اللُّغَة لَا يعرفونه إِلَّا من التَّفْسِير.
قَالَ: التّفَثُ الأخْذُ من الشّارِب وتَقليمُ الْأَظْفَار، ونَتْفُ الْإِبِط وحَلْقُ العَانَة والأخذُ من الشّعْر كَأَنَّهُ الخُروجُ من الإِحرام إِلَى الإِحلال، وَقَالَ أَعْرَابِي لآخر: مَا أتفثك وأدْرَنكَ.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: التّفَثُ النُّسُكُ مِن مَنَاسِك الْحَج، رجل تَفِثٌ أَي مُغْبَرٌ شَعِثٌ لم يَدَّهِنْ وَلم يستحدّ.
قلت: لم يُفَسر أحد من اللغويين التَّفَثَ كَمَا فَسَّره ابْن شُمَيْل: جعل التفَثَ التّشَعُّثَ، وَجعل قَضَاءَه إذْهَابَ الشّعَثِ بالحَلْقِ والتَّقْليم وَمَا أشبهه.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي فِي قَوْله: {ثُمَّ لْيَقْضُواْ تَفَثَهُمْ} . قَالَ: قَضَاء حوائجهم من الحَلْق والتّنْظِيف وَمَا أشبهه، وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي.
ت ث ب
اسْتعْمل من وجوهه: (ثَبت) .
ثَبت: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال للجراد إِذا رَزّ أَذْنَابَه لِيبيضَ: ثَبَتَ وأَثْبَتَ وتَثَبَّتَ.
وَقَالَ اللَّيْث: يُقَال: ثَبَتَ فلانٌ بِالْمَكَانِ يَثْبُتُ ثُبُوتاً فَهُوَ ثَابِتٌ إِذا أَقَامَ بِهِ، وتَثَبَّت فِي رَأْيه وأَمْرِه إِذا لم يَعْجَل وتَأَنَّى فِيهِ، واسْتَثبَتَ فِي أمره إِذا شاوَرَ وفحص عَنهُ، وأُثْبِتَ فلانٌ فَهُوَ مُثْبَتٌ إِذا اشتَدَّتْ بِهِ عِلَّتُهُ وأَثْبَتَتْهُ جِراحهُ فَلم يَتَحَرَّكْ، وَرجل ثَبْتٌ وثَبِيتٌ إِذا كَانَ شجاعاً وَقُوراً، وأُثْيِيتٌ اسْم مَوضِع، أَو جبل، ويُصَغّر ثابِتٌ من الْأَسْمَاء ثُبَيتاً، وَأما الثابِتُ إِذا أردتَ بِهِ نَعْتَ شَيْء فتصغيره ثُوَيْبِيتٌ.
وَقَول الله تَعَالَى: {وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ} (الْبَقَرَة: 265) .
قَالَ الزجاجُ: أَي يُنفقونها مُقِرِّين بِأَنَّهَا مِمَّا يُثيبُ اللَّهُ عَلَيْهَا.
وَقَالَ فِي قَوْله تَعَالَى: {وَكُلاًّ نَّقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} (هود: 120) قَالَ: معْنى تَثبيتُ الْفُؤَاد تسكين الْقلب، هَهُنَا ليْسَ لِلشكّ، وَلَكِن كلّما كَانَ الدلالةُ والبرهانُ أكثرَ كَانَ القلبُ أَسْكن وأثبتَ أبدا.
(14/190)
________________________________________
قَالَ إِبْرَاهِيم: {لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِى} (الْبَقَرَة: 260) وَقَوله: {وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا} (الْبَقَرَة: 250) . يُقَال: رجل ثَابت فِي الْحَرْب وثبيتٌ وثبتٌ، وَيُقَال للراوي: إِنَّه لَثبتٌ، وهم الْأَثْبَات أَي الثِّقات.
وَقَوله: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ} (الْأَنْفَال: 30) أَي ليحبسوك.
رَماهُ فأَثْبَته إِذا حبَسه مَكَانَهُ وَأصْبح الْمَرِيض مُثبَتاً أَي لَا حَراك بِهِ.
ت ث م
أهمله اللَّيْث.
(ثمت) : وروى ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي أَنه قَالَ: الثّمُوت العِذْيَوْطُ وَهُوَ الَّذِي إِذا غَشِيَ الْمَرْأَة أَحدَثَ وَهُوَ الثّتُّ أَيْضا.
انْتهى، وَالله أعلم.

(أَبْوَاب) التَّاء وَالرَّاء)
ت ر ل
اسْتعْمل من وجوهه: (رتل) .
رتل: أَخْبرنِي المنذريّ عَن أبي الْعَبَّاس أَنه قَالَ فِي قَوْله عزّ وجلّ: {عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ} (المزمل: 4) مَا أعلمُ الترتِيلَ إِلَّا التَّحْقِيقَ والتمكينَ أَراد فِي قِرَاءَة الْقُرْآن.
وَقَالَ اللَّيْث: الرّتَلُ تنْسِيقُ الشَّيْء، وثَغْر رَتِلٌ حَسَنُ التّنضيدِ، ورتّلْتُ الكلامَ ترتيلاً أَي تمهَّلتُ فِيهِ وأَحْسنْتُ تأليفَه، وَهُوَ يترتّل فِي كَلَامه ويَترسّل.
ورُوي عَن مُجَاهِد أَنه قَالَ: الترتيل الترسُّلُ.
وَقَالَ ابْن عَبَّاس فِي قَوْله: {عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ} (المزمل: 4) .
قَالَ: بَيِّنْهُ تَبْيِيناً.
وَقَالَ الضَّحَّاك: انبذْهُ حَرْفاً حَرْفاً.
وروى سُفْيَان عَن مَنْصُور عَن مُجَاهِد فِي قَوْله: {عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ} .
قَالَ: بعضه على أثرِ بَعْض.
قلت: ذهب بِهِ إِلَى قَوْلهم: ثَغْرٌ رَتَلٌ إِذا كَانَ حَسَن التَّنْضيد.
وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق: {عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْءَانَ} بَيِّنه تبييناً، والتبيين لَا يتم بِأَن تَعْجل فِي الْقِرَاءَة، وَإِنَّمَا يتم التَّبْيِين بِأَن تُبَيِّن جَمِيع الْحُرُوف وتُوفِّيها حَقّهَا من الإشباعِ، ورتلناه ترتيلاً أَي أَنزَلْنَاهُ تَنْزِيلا، وَهُوَ ضد الْمُعَجل وَيُقَال: ثَغر رَتِل، ورتَلَ إِذا كَانَ مُفَلّجاً لَا لَصَصَ فِيهِ.
ت ر ن
رتن، تنر، نتر، ترن.
(رتن) : قَالَ اللَّيْث: المُرَتَّنَة الخُبْزَةُ المشَحَّمَةُ والرَّتْم والرَّتنُ خَلطُ الشّحْمِ بالعجين.
قلت: حَرَصْتُ على أَن أجد هَذَا الْحَرْف لغير اللَّيْث فَلم أجد لَهُ أصلا وَلَا آمن أَن يكون الصَّوَاب المُرَثّنةُ بالثاء مِن الرّثَان وَهِي الأمطارُ الخَفِيفَةُ فَكأَن تَرْثينَها ترويتُها
(14/191)
________________________________________
بالدسم.
تنر: قَالَ الله جلّ وعزّ: {إِذَا جَآءَ أَمْرُنَا وَفَارَ التَّنُّورُ} (هود: 40) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: أَعْلَمَ اللَّهُ جلّ وعزّ أَن وَقت هلاككم فَوْرُ التَّنُّور.
وَقيل فِي التَّنور أَقْوَال قيل التَّنورُ وجهُ الأَرْض، وَيُقَال: أَرَادَ أَن المَاء إِذا فار من نَاحيَة مَسْجِدِ الْكُوفَة، وَقيل: أَيْضا أَن التَّنُّور تَنْوِير الصُّبْح.
ورُويَ عَن ابْن عَبَّاس أَنه قَالَ: فار التَّنُّور قَالَ: التَّنُّور الَّذِي بالجزيرة وَهِي عَيْنُ الْوَرْدِ واللَّهُ أعلم بِمَا أَرَادَ.
وَعَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ: التَّنُّورُ تَنْوِيرُ الصُّبْح.
وَعَن عِكْرِمَة: التَّنُّورُ وجْهُ الأَرْض، وَيُقَال: أَرَادَ أَن الماءَ إِذا فار من نَاحيَة مَسْجِد الْكُوفَة.
وَعَن مُجَاهِد: التَّنور حَيْثُ يَنْبَجِسُ المَاء فِيهِ، أَمر نوح أَن يركب وَمن مَعَه السَّفِينَة.
وَقَالَ اللَّيْث: التنُّورُ عَمَّتْ بِكُل لِسَان وصَاحِبُه تَنَّارٌ.
قَول من قَالَ: إِن التنّور عَمت بِكُل لِسَان يدل على أَن الأَصْل فِي الِاسْم عجميّ فعَرَّبَتْها العَرَبُ فَصَارَ عَرَبيا على بِنَاء فَعُّول، وَالدَّلِيل على ذَلِك أَن أصل بنائِهِ تَنَرَ، وَلَا يُعْرَفُ فِي كَلَام الْعَرَب لأنَّه مُهْمَلٌ وَهُوَ نظيرُ مَا دخل فِي كَلَام الْعَرَب من كَلَام الْعَجم مثل الدّيباج والدِّينار والسُّنْدُس والإستبرق وَمَا أَشْبَهها، وَلما تكلَّمت بهَا الْعَرَب صَارَت عربيَّة.
قلت: ذَاتُ التَّنانِير عَقَبَةٌ بِحِذَاءِ زُبالَة مِمَّا يَلِي المَغْرِب مِنها.
نتر: قَالَ اللّيث: النَّتْرُ جَذْبٌ فِيهِ جَفْوَة، والإنسانُ يَنْتُر فِي مَشيِه نَتْراً كَأَنَّهُ ينجذبُ جَذْباً.
ابْن السّكيت: يُقَال: رَمْيٌ سَعْرٌ وضَرْبٌ هَبْرٌ وَطَعْنٌ نَتْرٌ، قَالَ: وَهُوَ مثل الخَلْس يختلسها الطاعن اختلاساً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّتْرَةُ الطَّعْنَةُ النافذة.
وَقَالَ الشَّافِعِي فِي الرجل يَسْتَبِرىءُ ذَكرَه إِذا بَال أَن يَنْتُرَهُ نَتْراً مرّة بعد أُخْرَى كَأَنَّهُ يجتذبه اجتذاباً.
وَفِي الحَدِيث: (إِن أحدهم لَيُعَذَّبُ فِي قَبره فَيُقَال: إِنَّه لم يكن يستَنتِر عِنْد بَوْله) . الاستنتار: الاجتذاب مرّة بعد مرّة يَعْنِي الِاسْتِبْرَاء.
وَفِي حَدِيث عليّ: اطعنوا النَّتر أَي الخلْس، وَهُوَ من فعل الحذّاق.
ترن: ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الْعَرَب تَقول للأَمة: تُرْنَى وفَرْتَنَى، وَتقول لِوَلد البَغِيّ: ابْن تُرْنى وَابْن فَرْتَنَى.
(14/192)
________________________________________
وَقَالَ صَخْر الغيّ:
فإنَّ ابنَ تُرْنَى إِذا جِئْتُكم
أَراه يُدَافِعُ قَوْلاً عَنِيفاً
قلت: وَيحْتَمل أَن يكون تُرْنَى مَأْخُوذَة من رُنِيَتْ تُرْنَى إِذا أَدِيم النّظر إِلَيْهَا.
(ت ر ف)
ترف، تَفِر، رفت، فتر، فرت: (مستعملة) .
(ترف) : قَالَ اللَّيْث: التُّرْفَةُ والطُّرْمَةُ من وَسط الشّفة خِلْقَةً وصاحبها أَتْرَفُ.
وَقَالَ غَيره: التُّرفةُ النَّعْمَةُ، وصبيٌّ مَتَرَّف إِذا كَانَ مُنَعَّمَ البَدَنِ مُدَلَّلاً، والمُتْرَفُ الَّذِي أَبْطَرَتْهُ النِّعْمة، وسَعَةُ العَيْشِ.
وَقَالَ ابْن عَرَفَة: المترف الْمَتْرُوك يصنع مَا يَشَاء لَا يمْنَع مِنْهُ، وَقيل للمتنعِّم: مُترف لِأَنَّهُ مُطلق لَهُ لَا يمْنَع من تنعم، أَمَرْنَا مُتْرفيها، قَالَ قَتَادَة جبابرتها.
تَفِر: أَبُو عُبيد عَن الْأَصْمَعِي: التِّفْرَةُ من الْإِنْسَان الدائرة الَّتِي عِنْد الْأنف وسط الشّفة الْعليا.
وَقَالَ ابْن الأعرابيّ: يُقَال لهَذِهِ الدائرة: تَفِرَة وتُفْرَة وتُفَرَة وتِفْرَة.
وَقَالَ الطِّرمّاح:
لَهَا تَفِرَاتٌ تحتَها وقُصَارها
إِلَى مَشْرَةٍ لم تَعْتَلِقْ بالمحاجِنِ
وَقَالَ أَبُو عَمْرو: التَّفِرَاتُ من النَّبَات مَا لَا تَسْتَمْكِنُ مِنْهُ الرَّاعِيةُ لِصِغَرِها وَأَرْض مُتْفِرَةٌ فِيهَا تَفِرَاتٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: التَّافِرُ الوَسِخُ من النَّاس، وَرجل تَفِرٌ وتَفْرَانُ.
قَالَ: وأَتْفَرَ الرَّجُلُ إِذا خَرَج شَعْر أَنْفِه إِلَى تِفْرَتِه وَهُوَ عيب.
رفت: يُقَال: رَفَتُّ الشيءَ وحطَمتُه وكَسْرتُه، والرُّفاتُ الحطامُ من كل شَيْء تَكسَّر، يُقَال: رَفَتَ عِظامَ الجَزُور رَفْتاً إِذا كَسَرَها ليَطبُخها ويستخرجَ إهالَتها.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: الرُّفَتُ التِّبْنُ.
وَيُقَال فِي مَثَلٍ: أَنا أَغْنَى عَنْك من التُّفَهِ عَن الرُّفَتِ، والتُّفَهُ عَنَاقُ الأَرْض وَهُوَ ذُو نابٍ لَا يَرْزأُ التِّبْنَ والكَلأَ والتُّفَهُ تكْتب بِالْهَاءِ والرُّفَتُ بِالتَّاءِ.
فرت: الفُرَاتُ: أعذَبُ المِياه قَالَ الله جلّ وعزّ: {هَاذَا عَذْبٌ فُرَاتٌ وَهَاذَا مِلْحٌ أُجَاجٌ} (الْفرْقَان: 53) وَقد فَرُتَ الماءُ يَفْرُتُ فُروتَةً إِذا عَذُبَ فَهُوَ فُرَاتٌ.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: فَرِتَ الرجلُ بِكَسْر الرَّاء إِذا ضَعُفَ عقله بعد مُسْكَةٍ.
فتر: قَالَ اللَّيْث: فَتَرَ فلَان يَفْتُرُ فُتوراً إِذا سكن عَن حِدَّتِه ولانَ بَعْدَ شِدَّتِه، وطَرْفٌ فاتِرٌ فِيهِ فُتورٌ وسُجُوٌّ لَيْسَ بِحادِّ النّظر.
وَيُقَال: أَجِدُ فِي نَفسِي فَتْرَةً وَهِي كالضَّعْفَةِ، وَيُقَال للشَّيْخ قد عَلَتْهُ كَبْرَةٌ
(14/193)
________________________________________
وعَرَتْهُ فَتْرَةٌ، والفِترُ قَدْرُ مَا بَين طَرَفِ الْإِبْهَام وطَرَفِ الْمُسَبِّحَة، وَقد فَتَرْتُ الشيءَ إِذا قَدَّرْتَهُ بِفِتْرِك، كَمَا تَقول: شَبَرْتُهُ بِشِبْرِي.
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: أَفْتَرَ الرجُلُ إِذا ضَعُفَتْ جُفُونه فانكسر طَرْفُه.
وَفِي الحَدِيث أَنه عَلَيْهِ السَّلَام: نهَى عَن كل مُسْكِرٍ ومُفَتِّر؛ فالمسْكر الَّذِي يُزيل الْعقل إِذا شُرِبَ والْمُفَتِّر الَّذِي يُفَتِّرُ الجسدَ إِذا شُرِبَ، وماءٌ فاتِرٌ بيْن الحارّ والبارد.
وَقَالَ ابْن مُقبل يصف غَيْثاً:
تَأَمَّلْ خَلِيليِ هَلْ تَرَى ضَوْءَ بارقٍ
يَمانٍ مَرَتْه رِيحُ نَجْدٍ فَفَتّرَا
قَالَ حمّاد الراوية: فتَّرَ أَي أقامَ وسَكَن.
وَقَالَ الأصمعيّ: فتَّرَ مَطَرَ فَرَّغَ ماءَه وكَفَّ وتَحيَّر.
أَبُو زيد: الفُتْرُ النَّبِيةُ وَهُوَ الَّذِي يُعْمَلُ من خُوصٍ يُنْخَل عَلَيْهِ الدقيقُ كالسُّفْرة.
ت ر ب
ترب، تبر، برت، بتر، رتب، ربت: مستعملات.
ترب: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: التُّرْتُبُ الأمرُ الثَّابتُ.
أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ أَنه قَالَ: التُّرْتُبُ بِضَم التاءَين العَبْدُ السوء، وَقَالَ: والتُّرْتُبُ التُّراب أَيْضا.
أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: التَّيْرَبُ التُّرَاب وَقَالَ غَيره يُقَال: بِفيهِ التَّيْرَبُ والتِّرْيَبُ والتَّرْباء والتَّوْراب.
شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: بفية التَّيْرَبُ والتِّرْيَبُ. وَيُقَال: بَعِيرٌ تَرَبُوتٌ إِذا كَانَ ذَلُولاً، وناقةَ تَرْبُوتٌ كَذَلِك، فَهَذِهِ الْحُرُوف الَّتِي جَاءَت فِي هَذَا الْبَاب مَعَ زِيَادَة التَّاء وَالْيَاء وَالْوَاو.
وَرُوِيَ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (تُنكَحُ الْمَرْأَة لِمِيسَمِهَا ولِمالِها ولحَسبِها، عَلَيْك بذاتِ الدِّين تَرِبَتْ يَداك) .
قَالَ أَبُو عبيد قَوْله: تربَتْ يداك، يُقَال للرجل إِذا قلّ مَاله: قد تَرِبَ أَي افْتَقَر حَتَّى لَصِقَ بالتُّراب.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذَا} (الْبَلَد: 16) ، قَالَ: ويروى وَالله أعلم أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يَتَعَمَّد الدعاءَ عَلَيْهِ بالفَقْرِ وَلكنهَا كلمةٌ جَارِيَة على أَلْسِنة الْعَرَب يَقُولُونَهَا وهم لَا يُرِيدُونَ وُقُوع الْأَمر، قَالَ وَقَالَ بعض النَّاس: إنَّ قَوْله: تَرِبَتْ يداك يُرِيدُونَ استغْنت يداك، وَهَذَا خطأ لَا يجوز فِي الْكَلَام، وَلَو كَانَ كَمَا قَالَ لقَالَ: أتْرَبَتْ يداك، يُقَال: أَتْرَبَ الرجلُ فَهُوَ مُتْرِبٌ إِذا كَثُرَ مَاله، فَإِذا أَرَادوا الْفقر قَالُوا تَرِبَ يَتْرَبُ.
وَقَالَ ابْن عَرَفَة: أَرَادَ بقوله: تَرِبَتْ يداك، إِن لم تَفْعَل مَا أمرتُك بِهِ.
(14/194)
________________________________________
قَالَ أَبُو بكر: مَعْنَاهُ: لِلَّهِ دَرُّك إِذا استعملتَ مَا أمرتُك بِهِ، واتَّعظت بِعظتي.
وَذهب بعض أهل العِلْم إِلَى أَنه دُعَاء على الْحَقِيقَة.
وَقَوله فِي حَدِيث خُزَيْمَةَ: (أَنَعِمْ صباحاً تَرِبتْ يداك) ، يدلّ على أَنه لَيْسَ بِدُعَاء عَلَيْهِ، بل هُوَ دُعَاء لَهُ وترْغيبٌ فِي اسْتِعْمَال مَا تقدّمت الوَصاةُ بِهِ، أَلا تراهُ قَالَ: أنعم صباحاً ثمَّ عَقبَه، تربَتْ يداك، والعربُ تقولُ: لَا أمَّ لَك وَلَا أبَ لَك، يُرِيدُونَ لِلَّه دَرُّك، قَالَ:
هَوَتْ أُمُّه مَا يَبْعَثُ الصبحُ غادِياً
وماذا يؤَدِّي الليلُ حِينَ يَؤُوبُ
فَظَاهره: أَهْلَكه الله، وباطِنه: لِلَّه درّه، قَالَ: وَهَذَا الْمَعْنى أَرَادَهُ جميل بقوله:
رَمَى اللَّهُ فِي عَيْنَيْ بُثَيْنَة بِالقَذَى
وبالغُرّ من أبنائِها بالفَوادِحِ
أَرَادَ لِلَّه درّها مَا أحسن عَيْنَيْها، وَأَرَادَ بالغُر من أبنائها ساداتِ أهل بَيتهَا، قَالَ: وَقَالَ بَعضهم:
لَا أُمَّ لَك وَلَا أَرْضَ لَك، ذَمٌ
وَلَا أبَ لَك وَلَا أَبَا لَك، مدح
وَهَذَا خطأ، أَلا ترى أَن الفصيح من الشُّعَرَاء قَالَ:
وهَوَتْ أمُّه، فِي مَوضِع الْمَدْح.
ورَوَى شمر عَن ابْن الْأَعرَابِي: رجل تَرِب فَقير، وَرجل تَرِبٌ لازِقٌ بِالتُّرَابِ من الْحَاجة لَيْسَ بَينه وَبَين الأَرْض شَيْء.
وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاس: التَّتْرِيْبُ كَثْرَةُ المَال، قَالَ: والتَّتْرِيبُ قلَّة المَال أَيْضا، قَالَ: وأَتْرَبَ الرجلُ إِذا مَلَك عَبْداً مُلِكَ ثلاثَ مرَّاتٍ.
وَقَالَ اللَّيْث: التُّرْبُ والتُّرابُ وَاحِد إِلَّا أَنهم أَنَّثوا قَالُوا: التُّرْبةُ، يُقَال: أَرض طيّبة التربة، أَي خِلْقَةُ ترابها، فَإِذا عَنَيْتَ طَاقَة وَاحِدَة من التُّرَاب قلت: تُرَابَةٌ، وَتلك لَا تدْرك بالبصر دِقَّةً إِلَّا بالتوهّم، وطعامٌ تَرِبٌ إِذا تَلَوَّث بالتُّراب. وَمِنْه حَدِيث عَليّ: (لَئِن وَلِيتُ بَني أُمَيَّةَ لانْفُضَنَّهم نَفْضَ القَصَّابِ الوِزَامَ التَّرِبَةَ) .
وَقَالَ غَيره: تَتَرَّبَ فُلاناً تَتَرُّباً إِذا تَلَوَّث فِي التُّراب، وتَرَّبَ الْكتاب تتريباً، ورِيحٌ تَرِبٌ وتَرِبَةٌ قد حَمَلَت تُراباً.
قَالَ ذُو الرمة:
مرَّا سَحَابٌ ومَرَّ بارِحٌ تَرِبُ
وَقيل: تَرِبٌ أَي كثير التُّرَاب.
وَقَالَ اللَّيْث: التَّرْبَاءُ نَفْسُ التُّراب، يُقَال: والتُّرباء، لأضربنه حَتَّى يَعَضَّ بالتَّرْباءِ.
وَفِي الحَدِيث: (خَلَقَ الله التُّرْبَةَ يَوْم السبت، وَخلق فِيهَا الجبالَ يَوْم الْأَحَد، والشجرَ يومَ الِاثْنَيْنِ، والتِّرْبُ اللِّدَةُ، وَيُقَال: هَذِه تِرْب هَذِه، وَقَوله: {أَبْكَاراً عُرُباً أَتْرَاباً} (الْوَاقِعَة: 37) أَي أَمْثَالاً وهما تِرْبان.
(14/195)
________________________________________
وَقَالَ ابْن السّكيت: تُرَبَةُ وَاد من أَوديَة الْيمن.
ابْن بزرج: قَالُوا تَرَبتُ القرطاس فَأَنا أتْرُبة تَرْباً وتَرَبت فلَان الإهاب لتصلحه، وتَرَبت السِّقاء وكل مَا يصلح فَهُوَ متروب، وكل مَا يفْسد فَهُوَ مترَّب مشدد.
قَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ ثَنَاؤُهُ: {خُلِقَ مِن مَّآءٍ} {دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ} (الطارق: 6، 7) .
قَالَ: الترائب مَا اكتنف لَبّاتِ الْمَرْأَة مِمَّا يَقع عَلَيْهِ القِلادة، وَقَوله من الصلب والترائب يَعْنِي صُلْبَ الرجلِ وتَرائبَ الْمَرْأَة يُقَال للشيئين ليخرجن من بَني هذَيْن خيرٌ كثير وَمن هذَيْن خيرٌ كثير.
وَقَالَ الزّجاج: جَاءَ فِي التَّفْسِير: أَن الترائب أَربع أضلاع من مَيْمَنَةِ الصَّدر وَأَرْبع أضلاع من يَسْرَةِ الصَّدْر.
وَجَاء أَيْضا فِي التَّفْسِير: أَن الترائب اليدان وَالرجلَانِ والعيْنَان.
وَقَالَ أهل اللُّغَة أَجْمَعُونَ: التَّرائِب مَوضِع القِلادة من الصَّدر وأنشدوا فَقَالُوا:
مُهَفْهَفَةٌ بيضاءُ غيرُ مُفاضَةٍ
تَرائبُها مَصْقُولة كالسَّجَنْجَلِ
قَالَ الْمُنْذِرِيّ: أَخْبرنِي أَبُو الْحسن الشيخي عَن الرياشي قَالَ: التَّرِيبَتانِ الضِّلعان اللَّتان تَلِيَان التَّرْقُوَتَيْن، وَأنْشد:
ومِنْ ذَهَبٍ يَلُوح على تَرِيبٍ
كَلَوْنِ العَاجِ لَيْسَ لَهُ غُضُونُ
أَبُو عبيد: الصَّدْر فِيهِ النَّحْر، وَهُوَ مَوضِع القِلادة، واللَّبّةُ مَوضِعُ النَّحْر، والثُّغْرةُ ثُغْرَةُ النَّحْر، وَهِي الهَزْمَةُ بَين التَّرْقُوَتَيْن، وَقَالَ:
والزَّعْفَرَانُ على تَرائِبها
شَرِقٍ بِهِ اللَّبّاتُ والنَّحْرُ
والتَّرْقُوَتَان العَظْمَان المُشْرِفان فِي أَعلَى الصَّدر من رأْسَ المَنكِبَيْن إِلَى طَرَفِ ثُغْرَةِ النَّحْر، وباطِن التَّرقُوَتَين الهواءُ الَّذِي يهوي فِي الْجوف لَو خُرِق، وَيُقَال لَهُ القَلْتَانُ. وهما الحافِنَتَانِ أَيْضا، والزَّاقِنَةُ طَرفُ الحُلْقُوم.
تبر: قَالَ اللَّيْث: التِّبْر الذَّهبُ والفِضَّة قبل أَن يُصاغا.
قَالَ: وَبَعْضهمْ يَقُول: كلُّ جوهرٍ قبل أَن يستعملَ تِبْرٌ، من النّحاس والصُّفْر، وَأنْشد:
كلُّ قومٍ صِيغَةٌ مِن تِبْرِهِمْ
وبَنُو عَبْدِ مَنافٍ من ذَهَبْ
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: التِّبْرُ الفُتَاتُ من الذَّهب والفِضَّة قبل أَن يُصاغا، قلت: التبر يَقع على جَمِيع جَوَاهِر الأَرْض قبل أَن تُصاغ، مِنْهَا النّحاس والصُّفر والشَّبة والزجاج وَغَيره، فَإِذا صيغَا فهما ذهب وفضّة، وَقَول الله جلّ وعزّ: {وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلاَ تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلاَّ} (نوح: 28) .
قَالَ الزّجاج: مَعْنَاهُ إِلَّا هَلَاكًا وَلذَلِك
(14/196)
________________________________________
سمي كل مُكَسَّر تِبْراً، وَقَالَ فِي قَوْله: {وَكُلاًّ تَبَّرْنَا تَتْبِيراً} (الْفرْقَان: 39) ، قَالَ: والتَّتْبِيرُ التَّدْميرُ، وكل شَيْء كَسَرته وفتّتَّهُ فقد تَبَّرْتَهُ، وَمن هَذَا قيل لِمُكَسَّر الزّجاج: التِّبْرُ وَكَذَلِكَ تِبْرُ الذَّهَب.
وَقَالَ اللَّيْث: تَبِرَ الشيءُ يَتْبِرُ تَباراً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: المَتْبُورُ الهالكُ، والمتبورُ النَّاقِص، قَالَ: والتَّبْراء الحسنةُ اللَّونِ من النُّوق.
بتر: قَالَ اللَّيْث: البَتْرُ قَطْعُ الذَّنَبِ ونحوِه إِذا استأصلْتَه.
وَقَالَ غَيره: يُقَال: بَتَرْتُه فانْبَتَر، وأبتَرْته فَبُتِر، وصاحِبُه أَبتر وذَنَبٌ أَبتَرُ.
قَالَ الله جلّ وعزّ: {وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ} (الْكَوْثَر: 3) .
قَالَ أَبُو إِسْحَاق: نَزَلتْ فِي العَاصِي ابْن وَائِل، دخل على النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَهُوَ جَالس، فَقَالَ: هَذَا الأبتَرُ أَي هَذَا الَّذِي لَا عَقِبَ لَهُ، فَقَالَ الله جلّ وعزّ: {وَانْحَرْ إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ} ، فَجَائِز أَن يكون هَذَا المنْقَطِعَ العَقِبِ وَجَائِز أَن تكون هُوَ الْمُنْقَطع عَنهُ كل خير.
قَالَ: والبَتْرُ استئصالُ القَطْع.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أَبتر الرجلُ إِذا أعْطى وَمنع، وأَبتَر إِذا صَلَّى الضُّحَى حِين تُقَضِّبُ الشَّمْس، وَيُقَال: تُقَضِّبُ أَي يَخْرِج شُعاعها كالقُضبانِ.
وَفِي حَدِيث عليّ: أَنه سُئِلَ عَن صَلَاة الضُّحَى، فَقَالَ: حِين تَبْهَرُ البُتَيْراءُ الأرضَ.
عَمْرو عَن أَبِيه: البُتَيْرَاءُ الشمسُ، وَسيف باترٌ وبَتَّارٌ قَطَّاع.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: البُتَيْرَةُ تصغيرُ البَتْرَة وَهِي الأَتَان.
برت: أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: قَالَ البُرْتُ: الرجلُ الدَّليلُ وَجمعه أَبْراتٌ.
قَالَ شمر: رَوَاهُ المسدى: البِرت بِالْكَسْرِ وَلَا بَأْس.
أَبُو نصر عَن الْأَصْمَعِي: يُقَال للدَّليل الحاذق: البُرتُ والبِرتُ، وَقَالَهُ ابْن الْأَعرَابِي رَوَاهُ عَنْهُمَا أَبُو الْعَبَّاس.
وَقَالَ شمر: هُوَ البِرِّيتُ والخِرِّيتُ أَيْضا قَالَ: والبُرتُ الفأس أَيْضا.
وَقَالَ اللَّيْث: هُوَ البُرت بلغَة أهل الْيمن قَالَ: والبُرت بلغتهم السُّكر الطَّيْرزَد.
وَقَالَ شمر: يُقَال للسكر الطَّبَرْزَد: مِبْرَتٌ ومِبَرَّت.
وَقَالَ أَبُو عبيد: البرِّيتُ المستوِي من الأَرْض.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي عَن أبي عون: البِرِّيتُ مكانٌ مَعْرُوف كثير الرمل.
وَقَالَ شمر يُقَال: الحَزْنُ والبِرِّيتُ أرضان بِنَاحِيَة الْبَصْرَة، وَيُقَال: البريتُ الجَدْبَةُ
(14/197)
________________________________________
المسْتَوِيَةِ وَأنْشد:
بِرِّيتُ أَرْضٍ بَعْدها بِرِّيتُ
وَقَالَ اللَّيْث: البِرِّيت اسْم اشتق من البَرِّية: كَأَنَّمَا سَكَنت الْيَاء فَصَارَت الهاءُ يَاء لَازِمَة كَأَنَّهَا أَصْلِيَّة كَمَا قَالُوا: عِفْريتٌ وَالْأَصْل عِفْرِيَةٌ.
ثَعْلَب عَن ابْن أبي عَمْرو عَن أَبِيه: بَرِتَ الرجلُ إِذا تحيَّر وبَرَتَ بِالتَّاءِ إِذا تَنَعَّمَ تَنعُّماً وَاسِعًا، قَالَ: والبُرْتَةُ الحذاقَةُ بِالْأَمر، وأَبْرَتَ إِذا حَذِق صِناعةً مَا.
ربت: قَالَ: رَبَّتُّ الصبيَّ ورَبَّيتُه تَرْبِيتاً وتَرْبِيَة.
وَقَالَ الراجز:
لَيْس لمن ضُمِّنَهُ تَرْبِيتُ
رتب: ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: أرْتَبَ الرجلُ إِذا سَأَلَ بعد غِنًى، وأرْتَبَ الرجلُ إِذا دَعا النقري إِلَى طَعَامه، قَالَ: ورَتَبَ الشيءُ رُتوباً إِذا انتصب فَإِنَّمَا هُوَ راتبٌ وَأنْشد:
وَإِذا يَهُب مِن الْمَنَام رأيتَه
كَرُتُوبِ كَعْبِ السَّاق لَيْسَ بزُمَّلِ
وَقَالَ اللَّيْث: الصَّبِي يُرْتِبُ الكَعْبَ إرتاباً قَالَ: والرَّتَبَةُ الواحدةُ من رَتَبَاتِ الدَّرَج، والمرْتَبَةُ المنزلةُ عِنْد الْمُلُوك وَنَحْوهَا، والمراتب فِي الْجبَال والصحارى من الْأَعْلَام الَّتِي يُرَتَّبُ فِيهَا الْعُيُون والرُّقَباء، وَيُقَال: مَا فِي عيشة رَتَبٌ، وَمَا فِي هَذَا الْأَمر رَتَبٌ وَلَا عَتَبٌ أَي هُوَ سهل مُستقيم، قلت: هُوَ بِمَعْنى النَّصَب والتَّعب.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرَّتْباءُ النَّاقَةُ المنْتَصِبةُ فِي سَيرهَا، والرّقْبَاءُ الناقةُ المُندَفِعَةُ.
ت ر م
رتم، متر، تمر، مرت، ترم: مستعملة.
رتم: الْحَرَّانِي عَن ابْن السّكيت قَالَ: الرّتْمُ الدَّقُ والكَسْرُ يُقَال: قد رَتَمَّ أَنفَهُ رَتْماً، وَقَالَ أَوْسُ بنُ حجر:
لأَصْبَحَ رَتْماً دُقَاق الحَصَى
مَكان النّبيِّ مِن الكَاثِبِ
والرّتْمُ والرَّثْمُ بالتّاء والثَّاء واحدٌ، وَقد رَتَمَ أَنْفَه ورَثمه، ورُوِي الْبَيْت بالتّاء والثَّاء، ومعناهما وَاحِد.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي يُقَال: مَا رَتم فلانٌ بِكَلِمَة وَمَا نَبَس بهَا بِمَعْنى وَاحِد، والمصدر الرَّتْمُ أَيْضا.
وَقَالَ ابْن السّكيت: الرَّتَمُ بِفَتْح التّاء شَجَرٌ.
وَقَالَ الراجز:
نَظَرتُ والعَيْنُ مُبِينة النَّهَمْ
إِلَى سَنَا نَارٍ وَقُودُها الرَّتَمْ
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرَّتمُ المَزَادةُ الممْلُوءَة مَاء، قَالَ: والرَّتْمَاء النّاقة الَّتِي تحمل الرّتَمَ، والرَّتَمُ المحجَّة، والرّتَمُ الكلامُ الخَفِيُّ.
(14/198)
________________________________________
قَالَ: والرّتَمُ الحَيَاءُ التّام، والرَّتَمُ ضَرْبٌ مِن النَّبَات.
وَقَالَ اللَّيْث: الرّتَمُ: خَيط يُعْقد على الإصبع أَو الخَاتَم للعلامة، والرّتيمةُ والرّتَمةُ نباتٌ من دِقِّ الشّجر كأَنه من دِقَّته يُشَبَّه بالرّتَم، والفِعْل أَرْتَمَ إرتاماً.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: أرْتَمْتُ الرجلَ إرْتَاماً إِذا عَقَدْتَ فِي إصبَعه خيطاً يَسْتَذكِرُ بِهِ حَاجَته، وَاسم ذَلِك الْخَيط الرّتمَةَ والرّتيمةُ، وأنشدنا:
هَلْ يَنْفَعَنكَ الْيَوْمَ إنْ هَمّت بِهِمْ
كَثْرةُ مَا توصِي وتعْقَاد الرّتَمْ
وَقَالَ شمر: قَالَ سَلَمة عَن عَاصِم قَالَ الأصمعيّ فِي قَوْله: تَعْقَاد الرّتم كَانَ الرجل يَخْرُج فِي سَفْرةٍ فَيَعْمِدُ إِلَى غُصنين أَو شجرتين فَيعْقِدُ غُصناً إِلَى غُصْن، وَيَقُول: إِن كَانَت المرْأَةُ على العَهْد بَقِيَ هَذَا على حَاله مَعْقُوداً، وإلاَّ فقد نَقَضَتِ الْعَهْد وَنَحْو ذَلِك.
قَالَ ابْن السّكيت: فِي تَفْسِير هَذَا الْبَيْت: وَيُقَال: مَا زلتُ رَاتِماً على هَذَا الْأَمر ورَاتباً أَي مُقيماً.
وَقَالَ ابْن الْأَعرَابِي: الرّتِيمُ خيطُ التذْكِرة، وغَيْره يقُولُ: الرّتيمة.
مرت: شمر قَالَ الأصمعيّ وَغَيره: المرْتُ الأَرْض الَّتِي لَا نَباتَ فِيهَا.
وَقَالَ ابْن شُمَيْل: المرْتُ الَّذِي لَيْسَ بِهِ شيءٌ قليلٌ وَلَا كثيرٌ، وَأَرْض مَرْتٌ ومَرُوتٌ. قَالَ: فَإِن مُطِرتْ فِي الشّتاء فَإِنَّهَا لَا يُقَال لَهَا مَرْتٌ لِأَن بهَا حينئذٍ رَصَدا، والرَّصَدُ الرَّجاءُ لَهَا كَمَا تُرجَى الحاملَة، وَيُقَال: أَرض مُرْصِدةٌ وَهِي الَّتِي قد مُطِرتْ، وَهِي تُرْجَى لِأَن تُنْبِتَ.
وَقَالَ رؤبة:
مَرْتٌ يُنَاصِي خَرْقَها مَرُوتُ
وَقَالَ ذُو الرمة:
يَطْرَحْنَ بالمهارِقِ الأغْفال
كلَّ جَنِينٍ لَثِقِ السِّرْبالِ
حَيِّ الشَّهِيقِ مَيِّتِ الأوْصالِ
مَرْتِ الحَجَاجَيْنِ مِن الإِعجالِ
يصف إبِلا أَجْهَضَت أولادَها قبل نَباتِ الوَبَر عَلَيْهَا، يَقُول: لم يَنْبُتْ شَعْر حَجاجَيْه.
قلت: كَأَن التَّاء مُبْدَلةٌ من الطَّاء فِي المرتِ.
متر: قَالَ اللَّيْث: المَتَرُ: السَّلْحُ إِذا رُمِيَ بِهِ.
قَالَ: والنَّارُ إِذا قُدِحَتْ رَأَيْتهَا تَتَماتَرُ.
قلت: هَذَا حرف لم أسمع بِهِ لغير اللَّيْث.
ترم: أَبُو الْعَبَّاس عَن ابْن الأعرابيّ: التَّرِيمُ مِن الرِّجَال المُلَوَّث بالمعايبِ والدَّرَن.
قَالَ: والتَّرِيمُ المتواضِع لِلَّهِ، والتَّرَمُ وَجَعُ الخَوْرَانِ.
تمر: اللَّيْث: التَّمْرُ: حَمْل النَّخْلِ وأَثْمرتْ
(14/199)
________________________________________
النَّخلُ وأَثْمَرَ الرُّطَب، وَجمع التَّمْر تُمورٌ وتمْرانٌ، وَرجل تَامِرٌ ذُو تَمْرٍ، وتَمَرني فلانٌ، أَي أَطْعَمَنِي تَمْراً، وتَمْرتُه أَنا وأَتْمَرتُه.
وَقَالَ الْأَصْمَعِي: التُّمَّرةُ طائرٌ أَصْغَرُ من العُصفور وَيُقَال لَهَا التُّمَّرَةُ، وَنَحْو ذَلِك قَالَ اللَّيْث.
شمر عَن أبي نصير عَن الْأَصْمَعِي: التامور الدَّم وَالْخمر والزعفران.
أَبُو عُبيد عَن أبي زيد: التامُورةُ الإبريق، وَقَالَ الْأَعْشَى:
وإذَا لهَا تَامُورَةٌ
مَرفُوعَةٌ لِشَرابِها
ثَعْلَب عَن ابْن الأعرابيّ: تَامُورُ الرجل قَلْبُه، يُقَال: حَرْفٌ فِي تامورك خيرٌ مِن عَشرةٍ فِي وِعَائِك.
وَيُقَال: احذر الْأسد فِي تَامُورتِه ومِحْرَابه وغِيلهِ وعِرْزَالِه.
قَالَ: وَيُقَال: مَا بِالدَّار تُومُور، أَي لَيْسَ بهَا أحد.
وَقَالَ ابْن السّكيت: مَا بهَا تُومُرِيٌّ، وَمَا بهَا تُومُرِيٌّ أَحْسَن مِنْهَا، للْمَرْأَة الجميلة، أَي خَلْقاً، وَمَا رَأَيْت تُومُرِياً أحسن مِنْهُ.
قَالَ: وَيُقَال: أَكَلَ الذِّئْبُ الشَّاة فَمَا ترك مِنْهَا تامُوراً، وأكلنا جَزَرَةً فَمَا تركنَا مِنْهَا تامُوراً أَي شَيْئا.
وَقَالَ أَوْس بن حجر:
أُنْبِئْتُ أَنَّ بني سُحَيْمٍ أَوْلَجُوا
أَبْيَاتَهُم تَامُورَ نَفْسِ المُنْذِرِ
قَالَ الأصمعيّ: أَي مُهجةَ نَفْسِه وَكَانُوا قَتَلُوهُ.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: مَا بهَا تأمُورٌ، مَهْمُوز، أَي مَا بهَا أحد.
قَالَ: وَيُقَال: مَا فِي الرّكِيَّة تأمُورٌ، يَعْنِي الماءَ، وَهُوَ قِيَاس على الأول.
وَقَالَ أَبُو زيد: يُقَال: لقد تامُورُكَ ذَاك أَي قَدْ عَلِمتَ نَفسك ذَاك.
وَسَأَلَ عمر بن الْخطاب عَمْرو بنَ مَعدي كَرِبَ عَن سَعْدٍ، فَقَالَ: أسَدٌ فِي تامُورَتِه.
والتَّامُورُ أَيْضا: صَوْمَعَةُ الراهب.
وَقَالَ ربيعَة بن مَقْرومٍ الضَّبيُّ:
لَرنا لِبَهجَتِهَا وحُسْنِ حَدِيثها
وَلَهَمَّ مِن تَامُورِهِ يَتَنَزَّلُ
والتَّتْمِيرُ: التَّقْدِيدُ، يُقَال: تَمَّرْتُ القَديد فَهُوَ مُتَمَّرٌ.
وَأنْشد اللحياني فَقَالَ:
لَهَا أَشَاريرُ مِن لَحْمٍ تُتَمِّرُهُ
مِن الثَّعَالِي وَوَخْرٌ مِن أَرَانِيهَا
أَي مُقَدّدَةً.
أَبُو زيد: اتْمأَرَّ الرّمحُ اتمِئراراً فَهُوَ مُتْمَئِرٌ، إِذا كَانَ غَليظاً مُسْتقيماً، وَالله تَعَالَى أعلم.
(14/200)
________________________________________
(أَبْوَاب) التَّاء وَاللَّام)
(ت ل ن)
تلن، نتل، تنبل، تنتل: (مستعملة) .
(تنبل) : رُوِيَ عَن الأصمعيّ أَنه قَالَ: رجل تِنْبَلٌ وتنْتَل، وتِنْبَالة وتِنْتَالة، وَهُوَ القصيرُ، رَوَى هَذَا أَبُو تُرَاب فِي بَاب الْبَاء وَالتَّاء من الاعتقاب.
تلن: أَبُو عبيد: لنا فِيهِ تَلُونَةٌ، أَي حاجةٌ.
شمر قَالَ الفرّاء: لَهُم فِيهِ تُلُنَّةٌ وتَلُتَّةٌ وتَلُونَةٌ على فَعُولَة، أَي مُكْثٌ.
وَأنْشد ابْن الْأَعرَابِي:
فَإِنَّكُم لَسْتُم بِدَار تُلُنَّة
وَلَكِنَّما أَنْتُم بِهِنْد الأحَامِسِ
ابْن بُزُرْجَ: قَالَ أَبُو حَيَّان: التَّلانَةُ: الحاجةُ وَهِي التَّلُونةُ والتَّلُون، وَأنْشد:
فَقُلتُ لَهَا لَا تَجْزَعِي إنَّ حَاجَتي
بِجِزْغ الغَضَى قد كَانَ يُقْضَى تَلُونُها
قَالَ: وَقَالَ أَبُو الرغيبة: هِيَ التُّلُنَّةُ.
أَبُو عبيد عَن الْأَحْمَر: تَلانَ فِي معنى الآنَ وَأنْشد:
وصليه كَمَا زَعَمْتِ تَلانَا
وَنَحْوه قَالَ الْأمَوِي.
نتل (تنتل) : أَبُو عبيد عَن أبي عَمْرو: تَنَاتَل النَّبْتُ إِذا صَار بعضه أطولَ من بعض.
شمر: اسْتَنْتَلَ القومُ على المَاء إِذا تَقَدَّموا، قَالَ: والنَّتْلُ هُوَ التَّهَيُّؤُ فِي الْقدوم.
وَرُوِيَ عَن أبي بكر الصّديق: أَنه سُقِيَ لَبَنًا ارتاب بِهِ أَنه لم يَحِلَّ لَهُ شُرْبُه فاستَنْتَل يَتَقَيَّأُ أَي تَقَدَّم.
أَبُو عبيد عَن أبي زيد: استَنْتلت لِلْأَمْرِ استنتالاً وابْرنْتَيْتُ ابرِنْتاء وابرنذعت ابرنذاعاً كل هَذَا إِذا استعددت لَهُ.
عَمْرو عَن أَبِيه: النَّتْلة البَيْضَة وَهِي الدَّوْمَصَةُ، وأمّ الْعَبَّاس بن عبد الْمطلب هِيَ نُتَيْلةُ ابنةُ خَبَّاب بنِ كلَيب بن مَالك ابْن عَمْرو بن عَامر بن زيد مَنَاة بن عَامر، وَهُوَ الضَّحْيانُ بن النَّمِر بن قاسِطِ بن رَبيعة.
وَقَالَ اللَّيْث فِي قَول الْأَعْشَى:
لَا يَتَمَنَّى لَهَا فِي القَيْظ يَهْبِطُها
إِلَّا الَّذين لَهُم فِيمَا أَتَوْا نَتَلُ
(14/201)
________________________________________
قَالَ: زَعَمُوا أَن الْعَرَب كَانُوا يملأون بَيْضَ النَّعام مَاء فِي الشتَاء، ويَدْفِنونها فِي الفَلَوات الْبَعِيدَة من المَاء، فَإِذا سلكوها فِي القيظ اسْتَثارُوا البيضَ، وَشَرِبُوا مَا فِيهَا من المَاء فَذَلِك النَّتَلُ.
قلت: أصل النَّتْلِ التَّقَدُّم والتَّهيؤ للقدوم، فَلَمَّا تَقَدَّموا فِي أَمر المَاء بِأَن جَعَلُوهُ فِي البَيْضِ ودَفَنوه سمّوْا البيضَ نَتَلاً.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: النَّتْلُ التَّقدم فِي الْخَيْر وَالشَّر وانْتَتَل إِذا سَبق.
وَفِي الحَدِيث: أَنه رأى الْحُسَيْن يلْعَب وَمَعَهُ صبية فِي السِّكَّة، فاستنتل صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَمَام الْقَوْم، أَي تقدم، قَالَ أَبُو بكر: وَبِه سُمِّي الرجلُ ناتلاً.
ت ل ف
تلف، تفل، لفت، فَلت، فتل: مستعملة.
تلف: قَالَ اللَّيْث: التَّلَفُ عَطَبٌ وهَلاك فِي كل شَيْء والفِعل تَلِفَ يَتْلَفُ تَلَفاً.
وَالْعرب تَقول: إِن من القَرَفِ التَّلَفُ والقَرَفُ مَدَاناةُ الوَباء، المَتْلَفَةُ مَهْوَاةٌ مُشْرِفة على تَلَفٍ، والمتَالِفُ المَهالِك، وأتلَفَ فلَان مالَه إتْلافاً إِذا أَفْنَاه إسرافاً.
وَقَالَ الفرزدق:
وقومٍ كرامٍ قد نقلنا إليهمُ
قِراهم فأَتْلَفْنا المنايا وأَتْلَفُوا
أتلفنا المنايا وَجَدْناها ذاتَ تَلَفٍ أَي ذَات إِتْلَاف ووجدوها كَذَلِك.
وَقَالَ ابْن السّكيت فِي قَوْله: أتلفنا المنايا وأتلفوا أَي صَيَّرنا المنايا تلفاً لَهُم وصيروها لنا تلفاً قَالَ: وَيُقَال: مَعْنَاهُ صادفناها تُتْلِفُنا وصادفوها تُتْلِفُهُمْ.
تفل: رُوِي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَنه قَالَ: (لِتَخْرُجِ النساءُ إِلَى المساجدِ تَفِلاَتٍ) .
وَقَالَ أَبُو عبيد: التَّفِلَةُ الَّتِي لَيست بِمُتَطَيِّبَةٍ، وَهِي المُنْتِنَةُ الرِّيح.
يُقَال لَهَا: تَفِلَةٌ ومِتفالٌ، وَقَالَ امْرُؤ الْقَيْس:
إِذا مَا الضَّجِيعُ ابْتَزَّها مِن ثِيَابها
تميل عَلَيْهِ هَوْنةً غَيرَ مِتْفَالِ
قَالَ: والتَّفْل بالفَمِ لَا يكون إِلَّا وَمَعَهُ شَيْء مِن الرِّيق، فَإِذا كَانَ نفخاً بِلَا ريق فَهُوَ النَّفْثُ.
قَالَ أَبُو عبيد وَقَالَ اليزيدي يُقَال للثعلب: تَتْفُلُ وتُتْفِلِ وتِتْفِلُ، قلت: وَسمعتُ غيرَ وَاحِد من الْأَعْرَاب يَقُولُونَ: تُفَّل على فُعَّل للثعلب، وَأَنشدوني بَيت امرىء الْقَيْس:
وَإِرْخاءُ سِرْحَانٍ وَتَقْرِيبُ تُفَّلٍ
وقَال ابْن شُمَيْل يُقَال: مَا أصَاب فلَان من فلَان إِلَّا تِفْلاً طفيفاً أَي قَلِيلا.
وَفِي بعض الحَدِيث: قُم من الشَّمْس فَإِنَّهَا تُتْفِلُ الريحَ أَي تُنْتِنُها.
(14/202)
________________________________________
وَقَالَ أَبُو النجر:
حَتَّى إِذا مَا ابيض جرو التُّتْفُلِ
قيل: التُّتْفُل شجيرة يسميها أهل الْحجاز شط الذِّئْب لَهَا جِراء مثل جراء القِتَّاء وَهي آخر مَا يَيْبَس من الْعُشب، فَإِذا جاءَ الصيفُ ابيضَّ.
لفت: قَالَ الْفراء فِي قَول الله جلّ وعزّ: {أَجِئْتَنَا لِتَلْفِتَنَا عَمَّا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءابَاءَنَا} (يُونُس: 78) ، قَالَ: اللَّفْتُ الصَّرفُ.
يُقَال: مَا لَفَتَكَ عَن فلَان أَي مَا صَرَفَك عَنهُ.
وَقَالَ اللَّيْث: اللَّفْتُ لَيُّ الشيءِ عَن جِهَته كَمَا تَقْبِض على عُنق إِنْسَان فَتَلْفِتَه، وَأنْشد:
ولَفْتنَ لَفْتاتٍ لَهُن خَضَادُ
ولَفَتُّ فلَانا عَن رأْيه أَي صَرَفْته عَنهُ، وَمِنْه الِالْتِفَات وَيُقَال: لِفْتُ فلانٍ مَعَ فلَان، كَقَوْلِك صَغْوهُ مَعه، ولِفْتاهُ شِقَّاه، وَفِي حَدِيث حُذَيفَةَ: مِن أَقرأ النَّاس لِلْقُرْآنِ مُنَافِق لَا يَدَعُ مِنْهُ واواً وَلَا ألفا، يَلْفتُه بِلِسانه كَمَا تَلْفِتُ البَقَرةُ الخَلاَ بلسانها، اللَّفْت اللَّيُّ، يُقَال: لَفَتَ الشيءَ وفَتَله إِذا لَواه وَهَذَا مَقْلُوب، والسَّلْجَم يُقَال لَهُ اللِّفْتُ، وَلَا أَدْرِي أَعَرَبِيٌ هُوَ أم لَا.
أَبُو عبيد عَن الْأَصْمَعِي: الألْفَتُ فِي كَلَام قيس الأحمق، والألْفَتُ فِي كَلَام تَمِيم الأعْسَرُ.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: هُوَ الألْفَتُ والألْفَكُ للأعسر، سُمِّي أَلْفَتَ لِأَنَّهُ يَعْمَل بجانبه الأمْيَل.
وَفِي صفته صلى الله عَلَيْهِ وَسلم إِذا الْتفت الْتفت جَمِيعًا، يَقُول كَانَ لَا يَلْوي عُنقه يمنةً وَلَا يسرةً نَاظرا إِلَى الشَّيْء وَإِنَّمَا يفعل ذَلِك الخفيفُ الطائش، وَلَكِن كَانَ يُقْبِل جَمِيعًا ويُدبِرُ جَمِيعًا.
اللَّيْث: الألْفَتُ من التُّيُوس الَّذِي اعوجَّ قرناه والْتَويا، قَالَ: واللَّفوت العَسِر الْخلق.
أَبُو عبيد عَن الْكسَائي: اللَّفُوتُ من النِّسَاء الَّتِي لَهَا زوج وَلها ولد مِن غَيره، فَهِيَ تَلَفَّتُ إِلَى وَلَدهَا.
وَفِي حَدِيث عمرَ حينَ وَصَفَ نفْسَه بالسياسة فَقَالَ: إِنِّي لأُرتعُ وأُشبِع وأَنْهَزُ اللَّفُوت وأَضُمُّ العَنودَ وألحِقَ العَطوفَ وأَرْجُزُ العَروضَ.
قَالَ شمر: قَالَ أَبُو جميل الْكلابِي:
اللّفُوتُ الناقةُ الضَّجور عِنْد الحَلْب تَلْتَفت إِلَى الحالب فَتَعَضُّه فَيَنْهزُهَا بِيَدِهِ فَتَدُرّ، تفْتَدِي بِاللَّبنِ من النَّهزِ.
وَأَخْبرنِي المنذريُّ عَن ثعلبٍ عَن ابْن الْأَعرَابِي قَالَ: قَالَ رجل لِابْنِهِ: إياك الرَّقوبَ الغَضُوبَ اللَّفتوتَ.
قَالَ: واللَّفوتُ الَّتِي عَيْنُها لَا تَثبتُ فِي موضعٍ وَاحِد، وَإِنَّمَا هَمُّها أَن تَغْفُلَ عَنْهَا
(14/203)
________________________________________
فتغْمِزَ غيرَك، والرَّقُوبُ الَّتِي تراقبه أَن يَمُوت فَترثَه.
ابْن السكِّيت: اللَّفِيتةُ: العَصِيدةُ المُغَلَّظَة.
وَفِي حَدِيث عمر: أَنه ذكرَ أمَّه فِي الْجَاهِلِيَّة واتخاذَها لَهُ ولأُختٍ لَهُ لَفِيتَةً من الهَبيد.
قَالَ أَبُو عُبَيْدَة: اللَّفيتَةُ: ضَربٌ من الطبيخ لَا أَقِفُ على حَدِّه وَقَالَ: أرَاهُ الحَسَاءَ وَنَحْوه.
وَقَالَ ابْن السّكيت: اللَّفيتةُ هِيَ العَصيدةُ المغلَّظة.
قَالَ وَيُقَال: لَا تَلْتَفِتْ لِفتْ فلَان.
فَلت: قلت: رُوي عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَن رجلا أَتَاهُ فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن أُمِّي افْتُلِتَتْ نَفْسُها فماتتْ وَلم تُوصِ أَفَأَتصدَّقُ عَنْهَا؟ فَقَالَ: نعم.
قَالَ أَبُو عبيد قَوْله: افتُلِتَتْ نَفْسُها يَعْني ماتَتْ فَجْأَة لم تمْرضْ فتُوصِيَ، وَلكنهَا أُخِذَتْ فَلْتَةً، وكل أَمْرٍ فُعل على غير تَمَكُّثٍ وتَلَبُّثٍ فقد افْتُلِتَ، وَالِاسْم الفلْتةُ.
وَمِنْه قَول عمر فِي بَيْعَة أَبي بكر أَنَّهَا كَانَت فلتَةً، فَوَقَى الله شَرَّها، إِنَّمَا مَعْنَاهُ البَغْتةُ، وَإِنَّمَا عُوجِل بهَا مُبادَرةً لانتشار الْأَمر حَتَّى لَا يَطْمَع فِيهَا من لَيْسَ لَهَا بِموضع.
وَقَالَ حُصَيب الْهُذلِيّ:
كَانُوا خبيئة نَفْسي فافتُلِتَّهم
وكلُّ زادٍ خَبيءٍ قَصْرُه النّفَدُ
قَالَ: افتلتهم: أُخذوا منِّي فلتَة، زادٌ خَبيءٌ يُضَنُّ بِهِ.
وَأَخْبرنِي الْمُنْذِرِيّ عَن أبي الْهَيْثَم. قَالَ: كَانَ لِلعَرب فِي الْجَاهِلِيَّة ساعةٌ يُقَال لَهَا: الفَلْتةُ يُغيرون فِيهَا، وهِي آخرُ ساعةٍ من آخر يَوْم من أَيَّام جُمادى الْآخِرَة، فَإِذا رأى الشُّجعانُ والفُرسانُ هلالَ رجبٍ قد طلعَ فَجْأَة فِي آخر سَاعَة من أَيَّام جُمَادَى الْآخِرَة، أَغَارُوا تِلْكَ السَّاعَة، وَإِن كَانَ هلالُ رَجَب قد طَلَعَ تِلْكَ السَّاعَة لِأَن تِلْكَ السَّاعَة من آخر نَهَار جُمَادَى الْآخِرَة مَا لم تغب الشَّمْس وَأنْشد:
والخَيلُ ساهِمةُ الْوُجُوه
كأنَّما يَقْضِمنَ مِلحاً
صَادَفْنَ مُنْصُلَ ألّةٍ
فِي فَلتةٍ فَحَوَيْن سَرْحَا
حَدثنَا عبد الله بن عُرْوَة قَالَ: حَدثنَا يحيى بن حَكِيم عَن سعيد القداح عَن إِسْرَائِيل بن يُونُس عَن إِبْرَاهِيم عَن إِسْحَاق عَن أبي هُرَيْرَة قَالَ: مر النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تَحت جِدارٍ مائلٍ فأسرع الْمَشْي. فَقيل لرَسُول الله: أسرعتَ الْمَشْي فَقَالَ: (إِنِّي أكره موت الفَوات) يَعْنِي موت الفُجاءة.
ثَعْلَب عَن ابْن الْأَعرَابِي: يُقَال للموتِ الفُجَاءةِ: الموتُ الْأَبْيَض والجارف واللاَّفِت والفَاتِل، يُقَال: لَفَته الموتُ وفَتلَه وافْتلته وَهُوَ الْمَوْت الفَواتُ والفُواتُ
(14/204)
________________________________________