المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : الكتاب: الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي3


AshganMohamed
10-17-2019, 09:42 AM
http://www.shamela.ws
تم إعداد هذا الملف آليا بواسطة المكتبة الشاملة



الكتاب: الدر النقي في شرح ألفاظ الخرقي
المؤلف: جمال الدين أبو المحاسن يوسف بن حسن بن عبد الهادي الحنبلي الدمشقي الصالحي المعروف بـ «ابن المبرد» (المتوفى: 909 هـ)
المحقق: رضوان مختار بن غربية
الناشر: دار المجتمع للنشر والتوزيع، جدة - المملكة العربية السعودية
الطبعة: الأولى، 1411 هـ - 1991 م
عدد الأجزاء: 3
أعده للشاملة: رابطة النساخ، تنفيذ (مركز النخب العلمية)، وبرعاية (أوقاف عبد الله بن تركي الضحيان الخيرية)
[ترقيم الكتاب موافق للمطبوع]
وكانت لها آثار في الأرض نسب إِليها كُلُّ بئر قديمة. (1)
1116 - قوله: (فحريمها)، حَرِيم البِئْر وغيرها: ما حولها من مرافقها وحقوقها. (2)
__________
(1) انظر: (المغني: 6/ 180).
(2) قال في "المغني: 6/ 181 ": "وحريم البئر من جانبيه ما يحتاج إليه لطرح كرايته بِحُكم العُرف في ذلك، لأن هذا إنما ثبت للحاجة فينبغي أن تراعى فيه الحاجة دون غيرها".
(3/547)
________________________________________
كتاب: الوَقْف والعَطَايا
ورُوِي: " الوُقُوف والعَطَايا". (1)
و(الوُقُوف)، جمع وَقْفٍ، والوقْفُ: مصدر وقَفَ يَقِفُ وَقْفًا. يقال: وقَفَ الشَيْءَ، وأوقَفة، (2) وحَبَسَهُ، وَأحْبَسَهُ، وسَبَّلَهُ. كُلُه بمعنىً واحد، وهو مِمَّا اخْتُصَّ به المسلمون.
قال الشافعي: "لَمْ يَحْبِس أهْل الجاهلية فيما عَلِمْتُه ... وإِنَّما حبَس أهل الإسلام". (3)
قال صاحب "المطلع": "وسُمِّيَ وقْفًا، لأَن العيْنَ موقوفة، وحَبْسًا، لأَنَّ العَيْنَ محبوسةٌ". (4)
وكل محْبُوس على شَيْءٍ، مَوْقُوفٍ عليه.
وقال ذو الرِّمة: (5)
وقَفْتُ على رَبْعٍ لميَّةَ نَاقَتِي ... فما زِلْتُ أبكِي به وأُخَاطِبُهْ
__________
(1) كذا في: (المختصر: ص 107، والمغني: 6/ 185).
(2) قال في "الصحاح: 4/ 1440 مادة وقف ": و "أوقفتها بالألف لغة رديئة".
(3) انظر: (الأم للشافعي: 4/ 52 بتصرف).
(4) انظر: (المطلع: ص 285).
(5) انظر: (ديوانه: 2/ 821)، وفيه ... فما زِلتُ أبكي عنده وأخاطبه.
(3/548)
________________________________________
ووقَفَ مِنْ هذا الباب: أي غيره، (1) وفي غيره: وقَفَ بِنَفْسه كقَولْهم: وقَفَ البعيرُ ونحوه.
وقال أبو الشِّيص الخُزاعي: (2)
وقَف الهَوى بي حيثُ أنْتِ ... فلَيْس لي متأخَّرٌ عنه ولا متَقَدَّمُ (3)
ورُبَّما أُرِيد به: القيام، كقولهم: وقَفَ الرَّجل، إِذا قَام.
ورُبَّما يُرادُ به: التَعَرض لغيره، كقولهم: وقفَ فُلاَن لفلانٍ في الطريق.
وقال عباس بن طريف: (4)
وقفتُ لليلى بالَملاَ بعْدَ حِقْبَةٍ ... بمنزلةٍ فانْهَلَّتِ العيْنُ تدمعُ (5)
وربَّما أُريد به: عَدمُ الَمشْيِ من الإعياء، كقولهم: وقفتْ دَابَتُه ونحو ذلك.
__________
(1) أي: وقف على غيره، وهي ناقته كما ذكر.
(2) هو محمد بن عبد الله بن رزين، أبو جعفر، الملقب بـ"أبي الشيص"، أحد الشعراء البارزين في عصره عاش زمن الرشيد الخليفة العباسي، وعمي أبو الشيص في آخر عمره ومات مقتولًا. أخباره في: (الأغاني: 16/ 400، الشعر والشعراء: 2/ 843، تاريخ بغداد: 5/ 401)
(3) البيت في: (الشعر والشعراء: 2/ 843، الأغاني: 16/ 402).
(4) لم أقف له على ترجمة.
(5) البيت منسوب لـ "مجنون ليلى" انظر: (ديوانه: ص 186)، وكذلك: (الحماسة لأبي تمام: 2/ 90).
(3/549)
________________________________________
والوقف في الشرع: قال في "المقنع " وغيره: "تحبيسُ الأَصل وتَسْبِيل الَمنفَعَة". (1)
قال صاحب "المطلع ": "وهذا الحدُّ لَمْ يجمع شروط الوقف.
وقال غيره: تَحْبِيس مالكٍ مُطْلَق التَصَرف مالَة المنتَفعُ به مع بَقاء عَيْنِه، بِقَطْع تَصَرُّف الواقف وغيره في رَقَبته، يُصْرَف رِبْحُة إِلى جِهَة بِرٍّ تَقَرَّبًا إِلى الله تعالى". (2)
ولا يخفى ما فيه من الطول، والأَحْسَن: حبْس مالكٍ أصْل مَالِه المنتفع به مع بقَائِه زمانًا على بِرٍّ. (3)
1117 - و (العطايا)، جمع عَطِيَّةٍ وعطاءٍ، والمراد بها: الهّبة وما في معناها قال الجوهري: "والعَطِيَّة: الشَّيْءُ المُعْطَى، والجمعْ: العَطَايا". (4)
1118 - قوله: (في صِحَّةٍ)، الصِحَّة: صِحّةَ، ضِد السَّقَم، وقد صَحَّ يَصِحُّ صحَّةً فهو صحيحٌ: إِذا لم يكن به مَرَضٌ.
__________
(1) انظر: (المقنع: 2/ 307)، وكذلك: (المغني: 6/ 185، الإنصاف: 7/ 3، المذهب الأحمد: ص 118، الكافي: 2/ 448)، ونسب المرداوي في "الانصاف: 7/ 3" مثل هذا: للهداية، والمستوعب، والتلخيص، والرعايتين وغيرها.
(2) انظر: (المطلع: ص 285 بتصرف)، وبهذا عرفه صاحب "غاية المنتهى" انظر: (مطالب أولي النهى: 4/ 271)، وكذلك صاحب "التنقيح: ص 185، و"المنتهى: 2/ 3 "، و" كشاف القناع: 4/ 240" وبمثله عرفه صاحب "المبدع: 5/ 313".
(3) هذا تعريف حسن للمصنف رحمه الله، لولا تقييده بالزمن، مع أن الوقف يكون على سبيل الدوام والاستمرار.
(4) انظر: (الصحاح: 6/ 2430 مادة عطا).
(3/550)
________________________________________
1119 - قوله: (من عَقْلِه)، أي: ليس بمَجْنُونٍ، ولا نَائِم، ولا سَكْرَانٍ، ولا مُغْمَى عليه، فإِنَّ الَمجْنُون: ذاهبُ العَقْل، والنَائم: مُغَطَى على عقْله، وكذلك المغمى عليه، والسكرانُ: مغلوبٌ على عقله.
1125 - قوله: (وبَدَنه)، أي: ليس بِمَريض.
1121 - قوله: (على قَوْمٍ)، القَوْمُ: تارةً يُرَاد به الرِّجال فقط، وهو الأكثر فيه. (1) وإِنْ دَخل فيه النساء في بعض الأماكن فَتبَعٌ للرجال. (2) قال الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ} (3) وفي الحديث: مَنْ القومُ؟ أو مَن الوفدُ؟ ". (4)
وقال قتادة بن مسلمة الحنفي: (5)
قومٌ إِذا لَبِسُوا الحديدَ كانَّهُم في ... البَيْضِ والحَلَقِ الدِّلاَصِ نُجُومُ
وقال كعب بن زهير:
__________
(1) قاله صاحب (المصباح: 2/ 180، والصحاح: 5/ 2016 مادة قوم)، ونسبه القاضي عياض للأكثر. انظر: (المشارق: 2/ 194 - 195)، واستدل هؤلاء بقوله تعالى في سورة الحجرات: 11، {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ}، ففصل بين القومِ والنساء.
(2) وعلل الجوهري ذلك بقوله: "لأن قوم كل نَبِيٍّ رجال ونساء"، (الصحاح: 5/ 2016 مادة قوم) وهذا قول الصغاني. قاله في: (المصباح: 2/ 180).
وجمع القوم: أقوام، سُموا بذلك، لقيامهم بالعظائم والمهمات. (المصباح: 2/ 180).
(3) سورة الرعد: 11.
(4) جزء من حديث أخرجه البخاري في الإيمان: 1/ 129، باب أداء الخمس من الإيمان، حديث (53)، كما أخرجه في العلم: 1/ 183، باب تحريض النبي - صلى الله عليه وسلم - وفد عبد القيس على أن يحفظوا الإيمان والعلم، حديث (87)، ومسلم في الإيمان: 1/ 47، باب الأمر بالإيمان بالله تعالى ورسوله - صلى الله عليه وسلم - وشرائع الدين، حديث (24)، وأحمد في المسند: 1/ 228.
(5) انظر: (شرح ديوان الحماسة للمرزوقي: 2/ 770).
(3/551)
________________________________________
قَومٌ إِذا حارَبُوا شدُّوا مأزَرَهُم ... ولَيْسُوا مجَازيعًا إذا نِيلُوا (1)
وربما أُطْلِق القوم على: القَبِيلة، كقوله مُجَّاعَة بن مُرارة (2) لِخالد بن الوليد حين احتال عليه في خَلاصِ النساء من الاسْتِرْقَاق: "قَوْمِي ولم يُمْكن أنْ أفْعَل معهم إلاَّ هذا". (3)
1122 - قوله: (وأولادهم)، الأولاد: معروفون، وهم جَمْع ولدٌ، قال الله عز وجل: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}، (4) وقال: {فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ} (5)
1123 - قوله: (وَعقِبَهُم)، العَقِبُ - بكسر " القاف " وسكونها - قال القاضي عياض: "هو ولَدُ الرجل الذي يأْتِي بعده". (6)
1124 - قوله: (وإِذا خَرِب الوَقْفُ)، خربَ الشَّيْءُ يُخْرَبُ، فهو خَارِب، وخَرَابٌ، وخِرب، وفي الحديث: "أنه - صلى الله عليه وسلم - بينما هو يَمْشي في
__________
(1) لم أعثر على البيت هكذا في الديوان، وإنما فيه:
لا يفرحون إِذا نالتْ رِمَاحُهُم ... قومًا وليسوا مَجَازِيعًا إذا نِيلُوا
انظر: (ديوانه: ص 25).
(2) هو مجاعة بن مرارة بن سلمى الحنفي من بني حنيفة، اليمامي، أسلم ووفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - في قومه كان حكيمًا بليغًا من رؤساء قومه، أقطعه النبي - صلى الله عليه وسلم - أرضًا، وتزوج خالد بن الوليد ابنته، له شعر فيه حِكْمَة، توفي 45 هـ. أخباره في: (الإصابة: 6/ 42، أسد الغابة: 5/ 261، معجم الشعراء: ص 472، الاعلام: 5/ 277، طبقات ابن سعد: 5/ 549).
(3) جزء من حديث طويل دار بين مجاعة وخالد في فتح حصون بني حنيفة، ذكره (ابن الأثير في كامله: 2/ 364 - 365)، والطبري في: (تاريخه: 3/ 298) وفيه بعض التصرف.
(4) و (5) سورة النساء: 11.
(6) انظر: (المشارق: 2/ 98) بتصرف).
(3/552)
________________________________________
بعض حرث الَمدِينَة"، (1) وروى: "خِرْب" (2) بكسر "الخاء" وفتح "الراء"،
وروي: بفتح "الخاء" - وسكون "الراء". (3)
والخَرابُ: ضِدُّ العَامِر، وهو ما انْهَدَم من البِنَاء، وعُطِّل من الأرض ونحو ذلك. (4)
1125 - قوله: (الفَرسُ)، هو الُمفْرَد من الخيل، ذكرًا كان أوْ انْثَى، وفي الحديث: "فتلَقَّاهُم النبي - صلى الله عليه وسلم - على فرسٍ عُرْيٍ، فقال: لَمْ تُرَاعُو، ثم قال: وجدنَاهُ بَحْرًا". (5)
1126 - (والحَبِيسُ)، فَعِيل بمعنى مفعول، يقال: حَبَس الفَرَس، وأحْبَسَها، وحبَّسَها مُثَقَلا، واحْتَبَسها، فهو مُحْبَس وحَبِيسٌ، وحُبْسٌ بضم "الحاء". (6)
وقال ابن مالك في "مثلثه": "الحَبسُ: السِّجْن، ومصدرُ حَبَس الشَّيْءَ.
قال: والَحِبْسُ -بالفتح والكسر- الجبَل الأَسْود، وبالكسر وحدَهُ:
__________
(1) أخرجه البخاري في الاعتصام: 13/ 265، باب ما يكره من كثرة السؤال ومَن تكلَّف ما لا يعنيه حديث (7297)، ومسلم في صفات المنافقين: 4/ 2153، باب سؤال اليهود النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الروح حديث (32)، وأحمد في المسند: 1/ 389 - 410.
(2) هذه رواية البخاري في العلم: 1/ 223، باب قول الله تعالى: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} حديث (125).
(3) قال الحافظ ابن حجر في: (الفتح: 8/ 401): "والأول أصوب: أي: بفتح المهملة وإسكان الراء بعدها مثلثه "حرث".
(4) وفي "النهاية لابن الأثير: 2/ 17 ": " والمراد ما تخربه الملوك من العمران وتعمره من الخَراب شهوةً لا إِصلاحًا".
(5) أخرجه الترمذي بلفظه في الجهاد: 4/ 199، باب ما جاء في الخروج عد الفزع، حديث (1687)، والبخاري مختصرًا في الجهاد: 6/ 122، باب مبادرة الإمام عند الفزع، حديث (2968)، ومسلم في الفضائل: 4/ 1802، باب في شجاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقدمه للحرب، حديث (48)، وابن ماجة في الجهاد: 2/ 2926 باب الخروج في النفير، حديث (2772)،
وأحمد في المسند: 3/ 636 - 147 - 163.
(6) انظر: (الصحاح: 3/ 915 مادة حبس، المطلع: ص 290).
(3/553)
________________________________________
حجارةٌ يُحبَسُ بها ماء النَّهْر. والحبسُ، جمع أحْبَس: لغةٍ في الأَحْمَس: وهو الشُجَاع.
والحبس أيضًا: المُحْبَس في سبيل الله عز وجل" (1).
1127 - قوله: (وما لا يُنْتَفع به إِلأَ بالإِتْلاَف)، الإِتلاَفُ، مصدر أتْلَفَ يُتْلِفُ إِتلافًا: إِذا أعْدَم الشيءَ، ثم فسر ذلك هو فقال: "مثل: الذهَب، والوَرِق، والمأكول، والَمشْرُوب". (2) فدَّل كلاَمة على أَنَّ الإِتْلاَف قِسميْن منه ما يتْلِفهُ بالكُلِيَّة، ومنه ما يتْلِفه بِإِخْرَاجِه عنه.
فالأول: مثل الطعام والشراب.
والثاني: مثل الذَّهَب والفِضَّة. (3)
1128 - (والمأكول)، اسْم مفعول، مِنْ يأكل أكْلاً، فهو آكِلٌ، وذلك مأْكولُ: وهو الطعام ونحوه.
1129 - (والمشْروب)، كذلك اسْمُ مفعولٍ، من شَرِبَ يَشْرَبُ شَرْبًا، فهو شَارِبٌ، والمفعول: مَشْرُوبُ.
1130 - قوله: (المُشَاعُ)، قال الجوهري: "مُشَاعٌ ... وشَائِعٌ: أي غير مقْسُومٍ" (4).
__________
(1) انظر: (اكمال إلاعلام: 1/ 131 - 132).
(2) انظر: (المختصر: ص 108).
(3) قال في "المغني: 6/ 235": "والمراد بالذهب والفضة ها هنا: الدراهمِ والدنانير، وما ليس بِحُليٍّ، لأن ذلك هو الذي يتلف بالانتفاع به، أما الحُلَي فيصح وقفه للَّبْس والعَارِية".
(4) انظر: (الصحاح: 1240 مادة شيع).
قال الأزهري: "وقول الشافعي: لا شُفْعَة إِلَّا في مُشاع ": أي في مختلط غير مُتَمَيز، وإِنَّما قيل =
(3/554)
________________________________________
1131 - قوله: (ولا تصحُّ الهِبَة والصَدَقة)، (1) قال أهل اللُّغة: يقال:
وهَبْت لَهُ شيئًا وَهْبًا ووَهَبًا - بإسكان "الهاء" وفتحها - وَهِبَةً، والاسم: الَموْهِبُ والَموهِبَة، بكسر "الهاء" فيهما.
والاتِّهابُ: قَبُول "الهِبَة". والاسْتِيهَاب: سُؤَال الهِبَة. وتواهَبَ القَوْم: وَهَبَ بعْضهم بَعْضًا، ووهَبْتَه كذا، لغةٌ قَلِيلَة. (2)
قال النووي: "الهِبَة، والهَدِيةُ، والصَدَقةُ، والتَطَوعُ: أنواع من البِرِّ متقاربة يجْمَعُها تَمْلِيكُ عيْنٍ بلا عِوَضٍ، فإِنْ تَمَحَّض فيها طلَب التَقرب إِلى اللَّه بإِعطاء محتاجٍ فهي صدقة، وإِنْ حُمِلت إِلى مكان الُمهْدَى إِليه إعظامًا له وإكرامًا وتودُّدًا، فهي هديةٌ، وإِلا فَهِبةٌ". (3)
وقال الشيخ في "المقنع": "الهبة: تمليك في حياته بغير عِوَضٍ". (4)
و(الصدقة)، بفتح "الصاد" و"الدال"، المراد بها: صَدقة التَّطَوع.
__________
= لَهُ: مُشَاعٌ، لأن سَهْم كلُّ من الشريكين أشِيع - أي أذِيعَ وفرق - في أجزَاء سَهْم الأخر حتى لا يَتَمَيَّز منه، ومنه يقال: شاع اللَّبن الماء، إِذا تفرق أجزاؤه في أجزائِه حتى لا يتَمَيَّز (الزاهر: ص 244).
(1) الثابت في (المختصر: ص 109، والمغني: 6/ 246) كتاب الهبة والصدقة، تحت عُنْوَان مستقل.
(2) انظر: (الصحاح: 1/ 235 وهب، المصباح المنير: 2/ 351، المغرب: 2/ 373، المطلع: ص 291، لغات التنبيه: ص 85، أنيس الفقهاء: ص 255).
(3) انظر: (لغات التنبيه للنووي: ص 85 بتصرف).
(4) انظر: (المقنع: 2/ 331)، وبمثله عرَّفها صاحب (المذهب الأحمد: ص 120).
قال في (الإنصاف: 7/ 116): "هذا المذهب وعليه الأصحاب".
وقال القاضي: "وإِنما الهبة تارةً تكون تَبَرُّعًا، وتارةً تكون بِعِوَض (الإِنصاف: 7/ 116) وفي "الفروع: 4/ 638": "وهي تَبَرُّع الحيِّ بما يُعدُّ هبةً عُرفًا". فعلى هذا سواء كانت بعوض أوْ بغير عِوَضٍ، فالعُرْف عنده هو الحاكم.
(3/555)
________________________________________
1132 - قوله: (ويقْبِض للطفْل)، هو مَنْ دُون البلوغ.
1133 - قوله: (أوْ وصيهُ بَعْدَه)، أي: مَنْ كان مُوصَى إِليه بحفظه بعد أبيه.
1134 - قوله: (أو الحَاكِم)، وهو الإِمامُ، أو نَائِبهُ.
1135 - قوله: (أوْ أمينُه بأمْرِه)، أي: أمِينَ الصَّبِي بأمر الصَّبِي، ويُحْتَمل أنْ يُرَاد: أمين الحَاكِم بأمْر الحاكم. (1)
1136 - قوله: (ولا لِمُهْدٍ أنْ يَرْجِع في هَدِيَّته)، (2) الُمهْدِي: من حصلتْ منه الهَدِية والهديًة: اسمٌ للمُهْدَى، من قولك: أهْدَى يُهْدِي هَدِيَّةً. وتقدّم في كلام النووي ما هي؟ .
1137 - قوله: (وإِنْ لَمْ يُثَبْ)، أي: يُعْطَى ثوابًا. والثَّوابُ: العِوَض، وأصْلُه مِنْ ثَاب: إِذا رجَعَ، فكأن المُثيبَ يَرْجع إِلى المُثَابِ بِمِثْل ما دفَعَ.
1138 - قوله: (عُمْركَ)، أي: حياتك. (3)
1139 - قوله: (لأَنَ السُّكْنى)، السُّكْنَى: أن يُسْكِنَه الدَّارَ.
__________
(1) قال هذا صاحب (المغني: 6/ 259، والإنصاف: 7/ 125)
والذي أراه أن هذا هو الصحيح، ذلك أن الصَّبي في الحالة الأولى. وهي اختياره لنفسه أمين - لا يمكنه ذلك بحكم كونه صغيرًا، والصغير في عرف الشرع لا تَصرُّف لَهُ، فالحاكم في هذه الحالة يَقوم مَقامَه في اختيار أمين على ممْتلكاته. والله أعلم.
(2) في المختصر: ص 109: "ولا لِمُهدٍ في هَديَّته".
(3) ثم فسّر الخرقي ذلك بقوله: "فهي لَه ولورثته من بعده" (المختصر: ص 109).
(3/556)
________________________________________
1140 - قوله: (كالعُمْرَى)، العُمْرَى - بضم "العين " (1) -: نوعٌ من الهِبَة، ماخُوذةٌ من العُمْرِ. (2)
قال أبو السعادات: "يقال: أعْمَرْته الدَّار عُمْرى: أي جَعَلْتُها لَه يسْكُنُها مدة عُمْرِه، فإِذا مات عادتْ إِليَّ، وكذا كانوا يفعلون في الجاهلية فأبْطَل ذلك، (3) واعْلَمَهم أنَّ مَنْ أُعْمِر شيئًا، أوْ أرْقِبَهُ في حياته فهو لِوَرَثَتهِ من بَعْدِه". (4)
1141 - قوله: (والرُقْبى)، قال ابن القطاع: "أرْقَبْتُك: أعطَيْتك الرُقْبَى، وهي هبَة تَرْجِع إِلى الُمرْقِب، إنْ مات الُمرْقَب، وقد نُهِيَ عنه"، (5) والفاعل منهما: مُعْمِرٌ ومُرْقِب، بكسر "الميم" الثانية، و"القاف"، والمفعول بفتحهما.
__________
(1) قال الحافظ ابن حجر في "الفتح: 5/ 238 ": "وحكى ضم "الميم" مع ضم أوله، وحكى فتح أوله مع السكون".
(2) قال في "المغني: 6/ 302 ": "وصورة العُمْرَى، أنْ يقول الرجل: أعمرتك دَارِي هذه، أو هي لك عُمْرِي أو ما عِشْتَ، أو مدةَ حَياتِك، أو ما حَيِيْتَ أو نحو ذلك، ثم قال: سُميت عُمْرَى: لتقييدها بالعُمْر".
(3) أي: الإسلام.
(4) انظر: (النهاية في غريب الحديث: 3/ 298).
وقد أخرج أبو داود وغيره في هذا الباب حديثًا عن جابر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تُرْقِبُوا ولا تُعْمِرُوا فمن أرْقِبَ شيئًا أو أعْمِرَه فهو لورثته كتاب البيوع: 3/ 295، باب من قال فيه ولعقبه، حديث (3556).
(5) انظر: (كتاب الأفعال: 2/ 23)، قال الأزهري: ص 262: "والرُقْبىَ ماخودة من المراقبة كان كل واحد منهما يراقب موت صَاحِبه".
ينظر في تعريف العمرى والرقبى: (المغني: 6/ 302 - 303، الصحاح: 1/ 138 رقب، المغرب: 1/ 341، 2/ 82، المصباح المنير: 1/ 360، 2/ 80، أنيس الفقهاء: ص 256 - 257، الزاهر: ص 261 - 262، حلية الفقهاء: ص 153، المطلع: ص: 291، تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 2 / 124، 2/ 2/ 42).
(3/557)
________________________________________
كتاب: اللُّقطَة
1142 - (اللُّقطة)، اسْمٌ لِمَا يُلْقَطُ، وفيها أربع لغاتٍ نظَمها أبو عبد الله بن مالك فقال:
لُقَاطَةٌ، ولُقْطَةٌ، ولُقَطَهْ ... ولَقَطٌ ما لاقِطٌ قد لَقَطَهْ (1)
فالثلاث الأُوَل: بضم "اللام"، والرابعة: بفتح "اللام" و"القاف".
وَرُوِي عن الخليل: "واللُّقَطَة - بضم "اللام " وفتح "القاف" -: الكثير الالتقاط، وبسكون "القاف": ما يُلْتَقَط". (2)
قال أبو منصور: (3) "وهو قياس اللّغة، لأن فُعَلَة - بفتح "العين " - أكثر ما جاء فاعِل وبسكونها مَفْعول"، كـ "ضُحَكَة"، (4) للكثير الضَّحِك،
__________
(1) انظر: (بيان ما فيه لغات ثلاث فأكثر لابن مالك لوحة 2 ب).
كما ذكر معظم هذه اللغات صاحب (اللسان: 7/ 393 مادة لقط).
(2) انظر: (كتاب العين للخليل: 5/ 100 بتصرف).
(3) هو الأزهري صاحب "الزاهر".
(4) انظر: (الزاهر: ص 264 بتصَرف).
أما اللُّقَطة في عرف الشرع: فهي المال الضائع من ربِّه يلتَقِطُه غيره كذا في: (المغني: 6/ 318، المقنع: 2/ 294، المذهب الأحمد: ص 109، الإنصاف: 6/ 399).
وفي "المنتهى: 1/ 553 هـ، والتنقيح: ص 182": فهي مالٌ أوْ مخْتَصُّ "ضائعٌ - أو فيِ معناه - =
(3/558)
________________________________________
وضُحْكَه، لمن يُضْحَكُ منه.
1143 - قوله: (عرَّفها)، أي: نَشَدها، هل يعْرِفَها أحدٌ؟
1144 - قوله: (في الأسواق)، (1) جَمْع سُوقٍ، وقد تَقدَّم. (2)
1145 - (وأبوابُ المساجد)، البابُ: تَقَدَّم، ما يُدْخَل منه إِلى الشيء.
و(المساجد)، جمع مَسْجِدٍ، قال الله عز وجل: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ}، (3) وقال: {أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ} (4) وقُرِئَ: (مسْجِدَ الله). (5) سُمِّي مَسْجِدًا، لأنه يَقع فيه السجُود.
1146 - قوله: (وِكَاءَها)، بكسر "الواو": وهو الخيط الذي تشدُّ به الصُرَّة والكيس ونحوهما، وفي حديث ابن عباس: "فَحَلَّ وِكَاءها". (6)
1147 - قوله: (وعِفَاصِها)، بكسر "العين" وفتح "الصاد"، وفي
__________
= لغير حَرْبِيٍّ" وقد احتُرِز فيه عن ضوائع الحَرْبِيين من أن يتناولها اسم "اللقطة" وتشملها أحكامها.
(1) كذا في (المغني: 6/ 319)، وفي المختصر: ص 101: "في أبواب المساجد".
(2) انظر في ذلك: ص 204.
(3) سورة الجن: 18.
(4) سورة التوبة: 17.
(5) هذه قراءة ابن كثير وأبو عمرو، وقرأ الباقون على الجمع. انظر: (السبعة لابن مجاهد: 313، النشر لابن الجزري: 2/ 278).
(6) لم أقف له على تخريج. والله أعلم.
(3/559)
________________________________________
الحديث: "أعْرِف وِكَاءَها وَعِفَاصَها"، (1) وهو وِعَاءَها، من كيس ونحْوِه. (2)
1148 - قوله: (وحَفِظَ عَدَدَها)، العدَدُ - بفتح "العين" و"الدالين" -: معروف.
1149 - قوله: (وصِفَتَها)، أي هَيْئَتَها.
1150 - قوله: (اسْتهْلِكَتْ)، أي: هلكَتْ. واسْتُهْلِكَ اسْتِهْلاكاً: إذا ذَهب في غيره.
1151 - قوله: (الجُعْلُ)، بضم "الجيم": ما يُجعَلُ على الشيء.
قال في "المجمل": "الجُعْلُ والجِعَالة والجَعِيلَة: ما يُعْطَاهُ الإِنسان على الأَمْر يفْعَله". (3)
وقال صاحب "المطلع": "الجِعَالة - بفتح "الجيم " وكسرها وضمها -: ما يُجْعَل على العمل. قال: ذكَرهُ شيخنا في "مثلثه". (4) وقال عنه أنه قال:
__________
(1) أخرجه البخاري في اللقطة: 5/ 91، باب إذا جاء صاحب اللقطة بعد سنة ردّها عليه، حديث (2436)، ومسلم في اللقطة: 3/ 1350، باب حدثنا يحيى بن يحيى التميمي، حديث (8)، وأبو داود في اللقطة: 2/ 135، باب الأول، حديث (1704)، (1706)، والترمذي في الأحكام: 3/ 655، باب ما جاء في اللقطة وضالة الإبل والغنم، حديث (1372)، (1373)، وابن ماجة في اللقطة: 2/ 837، باب اللقطة، حديث (2506)، (2507)، وأحمد في المسند: 4/ 115.
(2) قال في "الزاهر: ص 264": "إِنْ كان من جِلْد أوْ خِرْقَة أو غير ذلك، ولهذا سُمِّي الجلد الذي يلبس رأس القرورة: عفاصًا، لأنه كالوعاء لها".
وفي "المغرب: 2/ 70 ": "وقيل: هي الصمام"، وأنكر ذلك الأزهري فقال: "إنما الصمام الذي يسد به فم القرورة من خشبة كانت أو من خرقة مجموعة"، (الزاهر: ص 264).
وقيل: "هو الغلاف، حكاه المطرزي عن الغوري"، (المغرب: 2/ 70).
(3) انظر: (المجمل: 1/ 191 مادة جعل).
(4) والمراد بشيخه ابن مالك.
(3/560)
________________________________________
يقال: جَعَلْتُ له جَعْلاً، وأجْعَلْتُ أوْجَبْتُ "، (1) ولم أر ذلك في "مثلثه"، (2)
إِلا أنه قال: "الجَعْلُ: النخل القِصار، ومصدر جَعَل: بمعنى: صَنَع، وبمعنى: وضَع، وبمعنى: اعْتَقَد، وبمعنى: صَيَّر، قال: والجِعْلُ: لغةٌ في [الماء] (3) الجَعِل. قال: والجُعْل: ما يُجْعَل لمن عَمِل شيئًا على عَمَلِه". (4)
1152 - قوله: (بِمصْرٍ)، مصروف لأنه نكرة، وليس المراد به مِصْرٌ بعينه، وإِنَّما المراد به بَلَدٌ من أيِّ البلاد كانت.
1153 - قوله: (أو بِمَهْلَكَةٍ)، بفتح "الميم" و"اللام"، ويجوز"بمُهلِكة" بضم "الميم" وكسر "اللام": وهي ما فيها الهلاك.
1154 - قوله: (البَعِير)، البعيرُ: الذكرُ من الإِبل، وجمعه أبعِرَةٌ، وفي الحديث: "بأرْبَعةِ أبْعِرَةٍ"، (5) وَربما قيل في جَمْعِه: أبَاعِر وبُعْرَان (6)
__________
(1) انظر: (المطلع: ص 281).
(2) وهو صحيح، فهذا الكلام غير موجود في المثلث.
(3) زيادة من المثلث.
(4) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 113).
أما الجِعَالة في اصطلاح الفقهاء، فقد قال في "المقنع: 2/ 292 ": (وهي أنْ يقول منْ رَدَّ عبدي، أو لقَطَهُ، أو بنى لي هذا الحائط فله كذا".
كما ينظر في تعريف الجعالة كذلك: (المغرب: 1/ 148، المصباح المنير: 1/ 161، النهاية لابن الأثير: 1/ 276، التعريفات للجرجاني: ص 76، أنيس الفقهاء: ص 169، المذهب الأحمد: ص 109"
(5) أخرجه البخاري في البيوع: 4/ 419 في الترجمة، باب بيع العبد والحيوان بالحيوان نسيئة. ومالك في البيوع: 2/ 652، باب ما يجوز من بيع الحيوان بعضه ببعض والسلف فيه، حديث (60).
(6) انظر: (الصحاح: 2/ 593 مادة بعر).
(3/561)
________________________________________
كتاب: (1) اللَّقيط
وهو فعيل بمعنى مفعول كـ "جَريجٍ" وقَتِيلٍ وطَرِيحٍ.
قال أبو السعادات: "هو الذي يُوجَد مرميًّا على الطريق، (2) ولا يُعْرَف أبُوه ولا أمُه، فعيل بمعنى مفعول". (3)
وقال الشيخ في "المقنع": "وهو الطِّفْل المنْبُوذ": (4) أي المرميُّ في الطريق. وفي الصحيح: "وجدتُ منبوذًا، فقال عمر: عسى الغُوَيْر أبؤْسًا كأَنَّه يتَّهِمُنِي. فقال: عريفي لا بأس به. فقال: خُذْه وعلينا نفَقَتُه". (5)
__________
(1) كذا في (المغني: 6/ 374)، وفي المختصر: ص 111: باب
(2) في النهاية: على الطرق.
(3) انظر: (النهاية في غريب الحديث: 4/ 264 بتصرف).
(4) انظر: (المقنع: 2/ 303).
قال في "الإنصاف: 6/ 432": "قال الحارثي: تعريف "اللقيط بالمنبوذ" يحتاج إِلى إضمار، لتَضَادٍّ ما بينْ اللَقْط والنَبْذ ... قال: ومع هذا فليس جامعًا، لأن الطفل قد يكون ضائعًا، لا منبوذًا.
(5) سبق تخريج هذا الحديث في: ص 471.
وقوله: "عسى الغوَير أُبؤْسًا"، الغوَيرْ. تصْغير غارٍ، وقيل: هو موضع، وقيل: ماء لكَلْبٍ (النهاية لابن الأثير: 3/ 394).
وقوله: "أبؤْسًا": جَمْع بُؤْس: وهو الشدَّة، (فتح الباري: 5/ 274).
قال أبو السعادات: "هذا مثلٌ قديم يقال عند التُّهمَة ... ومعنى المثل: ربَّما جاء الشر من معدن الخير". (النهاية: 3/ 394 - 395).
(3/562)
________________________________________
1155 - قوله: (منْ بَيْتِ المال)، بَيْتُ المال: هو بَيْتُ مال الُمسْلمين، وهو الذي يضَع الإِمامُ فيه أمْوَالَهُم التي تَحْصُل لهم، ويُفرقُها علَيْهِم.
وأوَّل مَن اتَّخذَهُ عمر بن الخطاب رضي الله عنه. (1)
1156 - قوله: (أُرِيَ القَافَة)، القافةُ - بتخفيف "القاف " -: جمع قائفٍ، قاله الجوهري وغيره. (2)
قال القاضي عياض: "هو الذي يَتْبَع الأَشْبَاه والآثار، ويقْفوها": (3) أي يتْبَعُها فكأنه مقلُوبٌ من القَافي، وهو الُمتَتَبع للشَّيء.
وقال الأصمعي: "هو الذي يَقوفُ الأثر وَيقْتَافه". (4)
وقال الشيخ في "المغني": "القافةُ: قومٌ يعرفون الأنساب بالشَبَه، ولا يختصُ ذلك بقبيلةٍ معينةٍ، بل مَنْ عُرِفَ منه المعرفة بذلك، وتكرَّرت منه الإصابة فهو قائِف، وقيل: أكثر ما يكون هذا في بني مُدْلِجٍ"، (5) وفي الصحيح: "ألم تَر، أنَ مُجَزِّزًا الُمدْلِجِي دخل مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فرآى زيدًا وأسامة نائِمَيْن، وقد تغطيا وبدت أقدامُهُما فقال: إِنَّ بعض هذه الأقدام من
__________
(1) حكاه أبو هلال العسكري عن قتادة. انظر: (كتاب الأوائل له لوحة 79 أ)، وقيل: أول من اتخذه أبو بكر الصديق رضي الله عنه. حكاه أبو هلال في كتابه (الأوائل لوحة 1198).
(2) انظر: (الصحاح: 4/ 1419 مادة قوف) وكذلك (المصباح: 2/ 179).
(3) انظر: (المشارق: 2/ 197 بتصرف).
(4) حكاه عنه صاحب (المطلع: ص 284).
(5) انظر: (المغني: 6/ 398).
أما بنو مُدْلِج، فهم قبيلة كبيرة منسوبة إلى مُدْلِج بن مُرَّة بن عبد مناة بن كنانة، بطن من كنانة، منهم سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي له صحبة، ومنهم القافة الذين يلحقون الأولاد بالآباء.
انظر: (الأنساب: 12/ 148، اللباب: 3/ 183).
(3/563)
________________________________________
بَعْضٍ"، (1) وفي حديث آخر: "دخل ومعه قَائِفٌ من بني مُدْلج"، (2) وكان إِيَاس بن معاوية (3) قائفًا، وكذلك شُرَيْح. (4)
وظاهر كلام أحمد، أنه لا يُقْبَل إِلَّا قول اثنين - (5) وقال القاضي: "يقبل قول واحد".
__________
(1) أخرجه البخاري في الفرائض: 12/ 56، باب القاف، حديث (6770)، (6771)، ومسلم في الرضاع: 82/ 102، باب العمل بالحاق الولد، حديث (38)، (39).
أما مجَزِّر المدلجي، فهو بضم "الميم" وكسر "الزاي " الثقيلة، وحكى فتحها، وبعدها "زاي " أخرى هذا هو المشهور، ومنهم من قال: بسكون "الحاء" المهملة، وكسر "الراء"، ثم "الزاي "، وهو ابن الأعور بن جعدة المدلجي، نسبة إلى مدلج بن مرة، وهو والد علقمة بن محزر، وإنما قيل له "مجزز" لأنه كان كلما أسر أسيرًا جز ناصيتيه. أخباره في: (الاصابة: 6/ 45، أصد الغابة: 5/ 66، فتح الباري: 12/ 57).
أما أسامة فهو، الأمير الكبير، أسامة بن زيد بن حارثة، حب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومولاه استعمله النبي على جيش في غزو الشام، حدث عنه خلق كثير من الصحابة والتابعين فضائله جمة، توفي في آخر خلافة معاوية. أخباره في: (طبقات ابن سعد: 4/ 61 - 72 التاريخ الكبير: 2/ 20، المعارف: ص 144، الجرح والتحديل: 2/ 283، سير الذهي: 2/ 496، مجمع الزوائد: 9/ 286).
(2) جزء من حديث أخرجه البخاري في فضائل الصحابة: 7/ 87 بلفظ قريب منه، باب مناقب زيد بن حارثة حديث (3731)، ومسلم في الرضاع: 2/ 1082، باب العمل بإلحاق القائف الولد، حديث (40).
(3) هو القاضي إياس بن معاوية بن قرة المزني - أبو وائلة، أحد أعاجيب الدهر في الفطنة والذكاء يضرب به المثل في الذكاء والفراسة، كانت وفاته 122 هـ. أخباره في: (الوفيات لابن خلكان: 1/ 247، حلية الأولياء: 3/ 123، ميزان الاعتدال: 1/ 283، شرح المقامات للشربيني: 1/ 289).
(4) هو القاضي شريح بن الحارث، أحد الفقهاء المشهورين في صدر الإسلام تأتي ترجمته في: ص 862
(5) روى الأثرم عنه أنه قيل له: إذا قال أحد القافة هو لهذا، وقال الآخر هو لهذا. قال: لا يقبل قول واحد حتى يجتمع اثنان فيكونان شاهدين، فإذا شهد اثنان من القافة أنه لهذا، لأنه قول يثبت به النسب فأشبه الشهادة" (المغني: 6/ 399).
(3/564)
________________________________________
كتاب: الوصايا
1157 - (الوصايا)، جمْع وَصيَّة، قال ابن القطاع: "يقال: وَصَيْتُ إليهِ وصَايةً ووصيَّة (1) ووصَّيْتُه، [ووصيْت إِلَيْه] (2)، ووصيْتُ الشَّيء بالشيء وصيا: وصلته". (3)
قال الأزهري: "وسُمِّيَت الوصيَّةُ وصيَّةً، لأن الميت لما وَصَّى بها، وصَلَ ما كان فيه من أيَّام حياته بما بعدَه من أيَّام مماته. يقال: وَصَى وَأوصى [واحد] (4) ويقال: أوصَى الرجل أيضًا، والاسْمُ: الوصيَّة والوَصَاة". (5)
قلت: إنَّما أصل الوصيَّة من التوصيَّة، لأنه يُوصِي بِوَلَدِه، ويُوصِي أقَارِبَه بدَفْع مال ونحوه إلى صديقه، فقد وصَّاهم بذلك.
وقال الصَّلَتان العبدي: (6)
__________
(1) ليست في كتاب الأفعال.
(2) في الأفعال: واليه الأعم.
(3) انظر: (كتاب الآفعال: 3/ 333).
(4) زيادة من الزاهر.
(5) انظر: (الزاهر: ص 271 بتصرف).
(6) هو قثم بضم "القاف" وفتح "المثلثة" ابن خبيَّة المعروف بالصلتان العبدي، أحد الشعراء المشهورين من بني مُحَارب بن عمرو بن وديعة. هو الذي قضى بين جرير والفرزدق. أخباره في: (المؤتلف: ص 145، الخزانة للبغدادي: 2/ 181، الشعر والشعراء: 1/ 500، المرزباني: ص 229).
(3/565)
________________________________________
ألمْ تر لُقْمَان أوْصَى بَنِيه ... وأوصيتُ عَمْرًا ونعْم الوَصِي (1)
ومنه قوله عز وجل: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} (2) وقال: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا} (3)
وقال النَّمْرِيُ: (4)
بذلك أوْصَاني أبِي وبِمِثْلِه ... كذلك أوصاهُ قديمًا أوَائِلُه (5)
1158 - قوله: (لوارثٍ)، الوارثُ: هو من يَرثُ الميِّت، وجمْعُه وُرَّاث وَوَرثَة، وسُمَي وارثًا، لأَنَّه يأخُذ الميراث، وهو المال الُمخَلِّف عن الَميت.
1159 - قوله: (لعَمْرٍو)، عَمْرٌو: اسْمُ علَم على رَجُل، وهو منصرف. وأما قول الشاعر:
__________
(1) البيت في (الشعر والشعراء: 1/ 502، والخزانة: 2/ 183).
(2) و (3) سورة النساء: 11.
(4) هو منصور بن سلمة بن الزِّبرقان بن النمر بن قاسط، عاش زمن الرشيد الخليفة العباسي كان يمت إليه بأم العباس بن عبد المطلب وهي نمرية، فاجزل له الرشيد لهذا العطاء وقربه. أخباره في: (الأغاني: 13/ 140، الشعر والشعراء: 2/ 859، تاريخ بغداد: 13/ 65).
(5) البيت في (الحماسة لأبي تمام: 2/ 335).
أما الوصية في عرف الشرع "فهي الأمر بالتصرف بعد الموت، والوصية بالمال هي التبرع به بعد الموت". قالَهُ صاحب (المقنع: 2/ 354)، قال في (الإنصاف: 7/ 183): "هذا الحد هو الصحيح، جزم به في الوجيز وغيره"، وصححه في (الشرح الكبير: 6/ 414).
وقال أبو الخطاب: "هي التبرع بما يقف نفوذه على خروجه من الثلث" ولا يخفى ما فيه من قصور. (الإنصاف: 7/ 183).
وانظر في تعريف الوصية كذلك: (التعريفات: ص 252، أنيس الفقهاء: ص 297، المغرب: 2/ 358، غريب المهذب: 1/ 449).
(3/566)
________________________________________
ألا يا عَمْرُو الضَّحَاك سيرا ... فقد جَاوَزْتُما خَمَر الطريق (1)
فهو منادى مفرد فليس بمُعْرب، وإِنما هو مبْني. ومثله:
ألا يا حُجر بني عَديٍّ (2) ...... ........
وقول الآخر: (3)
ألا يا سَعْدُ سَعْدَ الأوْس .........................
وقول الآخر: (4)
ألا يا سعدُ سَعْدَ اليَعْمُلات الذُّبَّل ..................
__________
(1) البيت في: (الجمل للزجاجي: ص 153) من غير نسبة، وفيه: ألا يا زيدُ والضحاك ... ومعنى: "خمر الطريق": الشجر الملتف حول الطريق، وسمي بذلك لأنه يخمر من دخل فيه ويغطيه. والبيت من شواهد (شرح المفصل: 1/ 129) ومنه: ألا يا قيس ...
(2) هذا الشطر الأول من بيت أنشدته هند بنت زيد بن مخرمه تُرثي به حُجر بن عدي. وشطره الثاني: ... تَلَقتْك السَّلاَمة والسُرور. انظر: (الأغاني: 17/ 154).
أما حُجْر بن عَدِيٍّ، فهو ابن جبلة الكندي، ويسمى حجر الخير، صحابي شجاع، وفد على النبي - صلى الله عليه وسلم - وشهد القادسية، كان من أصحاب علي رضي الله عنه وشهد معه الجمل وصفين. أخباره طويلة. انظر: (الأغاني: 17/ 133، الكامل لابن الأثير: 3/ 231 - 292، البداية والنهاية: 6/ 249، الأعلام: 2/ 169).
(3) هذا جزء من الشطر الأول من بيت شعر، لم يعرف له نسب، تتمته: ... كن أنتَ ناصرًا ... ، والشطر الثاني: ... ويا سعد سعد الخزرجين الغَطَارفِ.
أما سعد الأوس، فهو الصحابي الجليل، سعد بن معاذ بن النعمان بن امرئ القيس، واسمه عمرو بن مالك بن الأوس الأنصاري الأوسي، أبو عمرو، فضائله كثيرة. توفي 5 هـ، أخباره في: (سير الذهبي: 1/ 279، طبقات ابن سعد: 3/ 2 - 13، الجرح والتعديل: 4/ 93، الاستيعاب: 4/ 163، مجمع الزوائد: 9/ 308، الشذرات: 1/ 11، أسد الغابة: 2/ 373).
(4) هو شاعر الرسول - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن رواحة. انظر: (ديوانه: ص 64) وفيه: يا زيدُ زيدَ ... والشطر الثاني منه: ... تطاول الليل هُديْت فانزل.
(3/567)
________________________________________
1160 - قوله: (ولزَيْدٍ)، زيدٌ علَمٌ على رجل أيضًا، وهو كـ "عمرو" في الحكْم.
1161 - قوله: (لبِشْر)، علَثم على رجل مثل: زَيْدِ وعمرو، وكذلك بكر.
1162 - قوله: (لأَهْلِ القَرْيَة)، إحْدَى القُرَى، قال الله عز وجل: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} (1) وقال: {وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ}، (2) وقال: {وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى}. (3)
1163 - قوله: (قَرَع)، وروي: "أقرع"، (4) وهما بمعنى: يقال: أقْرَع يُقرعُ قُرْعَةً وإِقْرَاعًا: إذا أسْهَم ليَخْرُج الُمبْهَم.
وقد وَرد بالقرعة الكتاب والسنة. قال الله عز وجل: {فَسَاهَمَ} (5) أي أَقْرَع، (6) وفي الحديث: "لو يعلمون ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلَّا أنْ يسْتَهِموا عليه لاستهموا"، (7) والقرعة: هي الإِسهام. (8)
__________
(1) سورة يوسف: 82.
(2) سورة الحج: 48.
(3) سورة القصص: 59.
(4) هذا هو المثبت في المختصر: ص 114.
(5) سورة الصافات: 141، وتتمتها: {فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ}.
(6) قاله ابن عباس والسدي. انظر: (النكت والعيون: 3/ 426).
(7) أخرجه البخاري في الأذان: 2/ 96، باب الإِسْتِهَام في الأذان، حديث (615)، والترمذي في الصلاة: 1/ 437، باب ما جاء في فضل الصف الأول، حديث (225)، وابن ماجة في الاقامة: 1/ 319، فضل الصف المقدّم حديث (998)، وأحمد في المسند: 2/ 236.
(8) قال الحافظ ابن حجر في (الفتح: 2/ 92): "باب الاستهام في الأذان: أي الاقتراح ... قال الخطابي وغيره، قيل له الاستهام، لأنهم كانوا يكتبون أسماءهم على سِهَامٍ إذا اختلفوا في الشيء فمن خرج اسمه غلب".
(3/568)
________________________________________
قال ابن سيدة: "والقرْعَة: السُّهْمَة، وقد أقْرَعَ القَوْم وتَقَارَعُوا، وقَارَع بَيْنَهم. وأقْرَع [أعْلَى]، - (1) وقَارَعة فَقرعَه يقْرَعه: أي أصابته القرْعَة دونه". (2)
وقال الجوهري: "والقُرْعَة -بالضم-: معروفةٌ، ويقال: كانت لَهُ القُرْعَة، إذا قَرَع أصحابه". (3) وحكى أبو منصور الجواليقي: "قَرَع بيْن نسائه وأقْرع". (4)
قال صاحب "المطلع": "فالظاهر أنَ اللغتين في كل شيءٍ منهما، لعدم الفرق بيْن النساء وغيرهن". (5)
وقال ابن مالك في "مثلثه": "القَرْعَةُ: الدُّباءَة. والقِرْعَة: الهيئة من قَرعَ.
قال: والقرعَةُ: معروفةٌ. قال: وهي أيضًا خِيَارُ الشيْء، والجِراب الصَّغِير". (6)
1164 - قوله: (لَقَرابَتِه)، قال الجوهري: "والقَرابةُ: القُرْبَى فِى الرحم، وهو في الأصل مصدرٌ، تقول: بَيْنِي وبَيْنَه قرابةٌ وقرْبٌ وقُرْبَى ومَقْرَبَةٌ ومَقْرُبَةٌ
__________
(1) زيادة من المحكم.
(2) انظر: (المحكم: 1/ 116 مادة قرع).
(3) انظر: (الصحاح: 3/ 1262 مادة قرع).
(4) حكاه عنه صاحب (المطلع: ص 48).
(5) انظر: (المطلع: ص 48).
(6) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 507).
(3/569)
________________________________________
وقُرْبَةٌ. [وقُرُبَةٌ]، (1) بضم "القاف" (2)، وهو قَرِيبِي، وذُو قَرَابَتِي، [وهُمُ أقْرِبَائِي وأقَارِبي]، (3) والعامة تقول: "هو قُرَابَتِي، وهم قَرَابَاتِي" (4) آخر كلام الجوهري.
وكلام "الشيخ هنا يُحْمَل على حَذْفِ مُضَافٍ تقديره: الذي قرابته" أو "لذوي قرابته" وليس هو من كلام العامة، بل من كلام العرب. قال الله عز وجل: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ} (5).
قال البخاري وغيره: "الجَارُ ذِي القُرْبَى: القريب"، (6) وفي الحديث: "إِلَّا أنْ تَصِلُوا قرابةً ما بَيْنِي وبينكم"، (7) وقال الله عز وجل: {وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى}. (8)
1165 - قوله: (لأَهل بَيْتِي)، أهل بيْته بمنزلةِ قرابَتِه، قاله الأصحاب. (9)
__________
(1) زيادة من الصحاح.
(2) لعلها: "الراء" كما في الصحاح.
(3) زيادة من الصحاح.
(4) انظر: (الصحاح: 1/ 199 - 200 مادة قرب).
(5) سورة النساء: 36.
(6) لم أقف على هذا الكلام في صحيح البخاري. والله أعلم. ونسبه ابن حجر إلى الأكثر. وقيل: الجار القريب المسلم، وقيل الجار القريب المرأة. (فتح الباري: 10/ 441).
(7) أخرجه البخاري في المناقب: 6/ 526، باب قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} حديث (3497).
(8) سورة البقرة: 177.
(9) قال في: (المغنى: 6/ 553): " يعني يعطي أمه وأقاربها الأخوال والخالات وآباء أمه وأولادهم وكل من يعرف بقرابته، والمنصوص عن أحمد فيما وقفنا عليه التسوية بين هذا اللفظ ولفظ القرابة".
وقال أحمد في رواية أبنه عبد الله: "إذا أوصى بثلثه لأهل بيته فهم - أي القرابة - مثل هؤلاء". انظر: "مسائل أحمد لابنه عبد الله: ص 385).
(3/570)
________________________________________
وقال الشيخ هنا: "أعْطِيَ من قِبَل أبِيه وأمه"، (1) وفي الحديث: "أنه عليه السلام وضع رداءَهُ على عليٍّ وفاطمة وحَسَن وحُسَيْن. قال: هؤلاء أهل بيتي". (2)
* مسألة: - أصح الروايتين دُخُول الدية في التركة. (3)
1166 - قوله: (وإذا كان الوصيُّ خائنًا جُعِل معه أمينٌ)، الخائن: من ائْتُمِنَ فَخان.
__________
(1) انظر: (المختصر: ص 115).
(2) أخرجه الزمذي في التفسير: 5/ 225 بلفظ قريب منه باب (4)، حديث (2999) كما أخرجه في المناقب: 5/ 638، باب (21) حديث (3724)، قال أبو عيسى: هذا الحديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه وهو عند أحمد في المسند: 6/ 298 - 304، والحاكم في المستدرك: 3/ 146 وغيرهم، وللحديث طرق وشواهد جعلته يرتقي إلى مرتبة الصحة.
أما فاطمة، فهي بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، سيدة نساء العالمين رضي الله عنها، كان النبي يحبها ويكرمها ويُسِرُّ إليها، تزوجها علي رضي الله عنه. فأنجبت له الحسن والحسين. فضائلها كثيرة توفيت 11 هـ. أخبارها في: (ابن سعد: 8/ 19، حلبة الأولياء: 2/ 39، سير الذهبي: 2/ 118، أسد الغابة: 7/ 220، مجمع الزوائد: 9/ 201).
والحسن، هو ابن علي بن أبي طالب، سبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وريحانته، أبو محمد القرشي الهاشمي المدني، فضائله كثيرة توفي 49 هـ. أخباره في: (تاريخ بغداد: 1/ 138، سير الذهبي: 3/ 245، الحلية: 2/ 35، تهذيب التهذيب: 2/ 295، وفيات الأعيان: 2/ 65، تهذيب ابن عساكر: 4/ 202، الذرات: 1/ 55).
والحسين، هو أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب الشهيد، أخو الحسن رضي الله عنهما، سبط رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومحبوبه، له الفضائل العديدة، استشهد 61 هـ. أخباره في: (الجرح والتعديل: 3/ 55، سير الذهيي: 3/ 280، تاريخ بغداد: 1/ 141، الوافي بالوفيات: 1/ 423، البداية والنهاية: 8/ 149).
(3) وهذه الرواية نقلها مهنا عن أحمد رحمه الله وإليها مال القاضي وغيره، قال في الإنصاف: 7/ 261 "وهو المذهب".
ونقل ابن منصور أنه لا تدخل الدية في التركة وليس للموصَى لَهُ منها شيء. انظر: (الروايتين والوجهين: 2/ 25 - 26، المغني: 6/ 566، الإنصاف: 7/ 261).
(3/571)
________________________________________
والمخَانَةُ: مصدرٌ كالخِيَانة، (1) وتَخَوَّنَهم: طلب خِيَانَتهم. قال الله عز وجل: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً} (2) وفي حديث حاطبٍ: (3) قد خان اللِّه ورَسولَه والمؤمنين" (4).
و(الأمينُ)، ضِد الخَائِن: وهو مَن أدى الأمانة كما هي، قال الله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا} (5) وفي الحديث: "أدِّ الأمانةَ إِلى مَن ائتمنك ولا تَخُن مَن خانك"، (6) وفي الحديث: "المؤَذِّن مؤْتَمَن"، (7) وقال - صلى الله عليه وسلم - لأهل نجران: (8) "لأَبْعَثَنَ إِليكم رجُلاً أمينًا حقَّ
__________
(1) وزاد في "القاموس: 4/ 222 مادة خون": "وخَانة".
(2) سورة الأنفال: 58.
(3) هو عمرو بن عمير بن سلمة اللخمي المكي، الشهير بحاطب بن أبي بلتعة، حليف بني أسد ابن عبد العزى، أحد الصحابة الكبار شهد بدرًا والمشاهد، وكان رسول النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى المقوقس توفي 30 هـ. أخباره في: (سير الذهبي: 2/ 43، ابن سعد: 3/ 114، الجرح والتعديل: 3/ 303، مجمع الزوائد: 9/ 303، الاستيعاب: 1/ 312، أسد الغابة: 1/ 431).
(4) جزء من حديث أخرجه البخاري في المغازي: 7/ 304، باب فضل من شهد بدرا، حديث (3983) كما أخرجه في الإستئذان: 11/ 46، باب من نظر في كتاب مَنْ يُحْذَر على المسلمين ليستبين أمره حديث (6259)، وأحمد في المسند: 1/ 105.
(5) سورة النساء: 58.
(6) أخرجه أبو داود في البيوع: 3/ 290، باب في الرجل يأخذ حقه من تحت يده، حديث (3534)، والترمذي في البيوع: 3/ 564، باب (38) حدثنا أبو كريب، حديث (1264) قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب، كما أخرجه الدارمي في البيوع: 2/ 264، باب في أداء الأمانة واجتناب الخيانة، وأحمد في المسند: 3/ 414.
(7) جزء من حديث أخرجه أبو داود في الصلاة: 1/ 143، باب ما يجب على المؤذن من تعاهد الوقت حديث (517)، والترمذي في الصلاة: 1/ 402، باب ما جاء أن الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن حديث (207)، وأحمد في المسند: 2/ 232.
(8) نجران: بفتح أوله، واسكان ثانيه، قال البكري: "مدينة بالحجاز من شق اليمن معروفة سُمِّيت بنجران بن زيد بن يشجب بن يعرب، وهو أول من نزلها" (معجم ما استعجم: 2/ 1298).
(3/572)
________________________________________
أمِينٍ، فبعثَ أبا عبيدة، وقال: هذا أمين هذه الأمة"، (1) وفي الحديث: "الخازن الأمين الذي يُؤَدِّي مَا أمِر به كاملًا مُوفَّرًا طيبَة به نفسه أحدُ المتَصدِّقين". (2)
1167 - قوله: (تَحاصُّوا)، التَّحاصِّ: اقتسامُ الشِّيْء بالحِصَص، فيأخذ كلُّ واحدٍ حِصَّةً، والحصَّةُ: هي الجُزْءُ من الشيء.
__________
(1) أخرجه البخاري في الآحاد: 13/ 232، باب ما جاء في إجازة خبر الواحد الصدوق ... حديث (7254)، والترمذي في المناقب: 5/ 665 بلفظه، باب مناقب معاذ بن جبل، وزيد ابن ثابت، وأبي، وأبو عبيدة رضي الله عنهم، حديث (3791)، وابن ماجة في المقدمة: 1/ 48، باب فضل أبي عبيدة، حديث (135)، وأحمد في المسند: 1/ 414.
أما أبو عبيدة، فهو عامر بن عبد الله بن الجراح الفهري، أحد الصحابة السابقين، غزا غزوات مشهورة، فضائله جمة، توفي 18 هـ. أخباره في: (سير الذهبي: 1/ 5، حلية الأولياء: 1/ 100، الاستيعاب: 5/ 293، صفة الصفوة: 1/ 142، ابن سعد: 3/ 297، التاريخ الكبير: 6/ 444، تهذيب ابن عساكر: 7/ 160، الإصابة: 5/ 285).
(2) سبق تخريج هذا الحديث في: ص 489
(3/573)
________________________________________
كتاب: الفرائض
1168 - (الفرائض)، جمْع فَرِيضةٍ، وهي في الأصل: اسم مصدر منْ فَرض وافْتَرض، ويُسَمَّى البعيرُ المأخوذ في الزكاة وفي الدية: فريضةً، (1) فعيلةٌ بمعنى مفعولةٌ.
قال الجوهري: "والفرضُ: ما أوجبه الله عز وجل، (2) وسُمِّي بذلك، لأن له مَعَالم وحدودًا ... والفَرْضُ: العَطِيَّة الموسومَةُ، وفَرضْت الرَّجل وأفْرَضَتة: إِذا أعْطَيته ... والفَارِضُ والفَرَضِيُّ: الذي يَعْرِف الفَرائِض، وفرَض الله [علينا]، (3) وافْتَرَض: [أي أوجب]، (4) والاسْمُ: الفريضة، ويُسَمَّى العِلْمُ بقسمةِ المواريث فَرائِض"، (5) وفي الحديث: "أفرَضُكُم زَيْد"، (6) وفيه: تعلَّموا الفرائض". (7)
__________
(1) قال في "الصحاح: 3/ 1098 مادة فرض": "أفرضتُ الماشية: أي وجبت فيها الفريضة، وذلك إذا بلَغَتْ نصابًا".
(2) في الصحاح: تعالى.
(3) و (4) زيادة من الصحاح.
(5) انظر: (الصحاح: 3/ 1097 - 1098 مادة فرض. بتصرف).
(6) أخرجه الترمذي في المناقب: 5/ 664 بلفظ قريب منه، باب مناقب معاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبي، وأبي عبيدة بن الجراح، حديث (3790)، وابن ماجة في المقدمة: 1/ 55، باب فضائل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حديث (154)، وأحمد في المسند: 3/ 281.
(7) أخرجه الترمذي في الفرائض: 4/ 413، باب ما جاء في تعليم الفرائض بلفظ قريب منه، حديث (2091). قال أبو عيسى: هذا حديث فيه اضطراب. كما أخرجه ابن ماجة بلفظه: =
(3/574)
________________________________________
قال ابن مالك في "مثلثه": "الفَرضَة: المرةُ عن فَرضَ الشَّيء: أوجَبهُ، وأيضاً بَيَّنَهُ، وفُلاَنٌ فلاناً أو لِفُلاَنٍ: أعطاهُ، وفي الغودِ وغيره: حَزَّ، والسِّواك: شَقَتَ طَرفَه بأسنانه.
والفِرْضَة: الهَيئة من الجميع، والفُرْضَة: الحَزُّ في الشَّيْء، وموضع استِقَاء الماء من النهر والخشَبَةُ التي يَدُور عليها البَاب". (1)
قال في "الكافي": "وهي أي: الفرائض: (2) العِلْم بقسمة المواريث" (3) كما قال الجوهري. (4)
وقال في "المقنع": "وهي قِسْمَة المواريث"، (5) قال صاحب "المطلع": "ويحتمل أنْ يكون على حذف مضاف: أي وهي علم قسمة المواريث". (6)
قلتُ: بل هي من الفَرْض: وهو التقدير: (7) والفرائضُ: التقديرات، لأنه يُجْعَل فيها لِكُلِّ شَخْص قَدْراً معلوماً من مَال الَميِّت.
والمواريثُ: جمع مِيرَاث، وهو المال الُمخَلَّف عن الميت. (8) أصله "مِوْرَاث"، انقلبت "الواو" "ياءً"، لانكسار ما قَبْلَها، ويقال لَهُ: التُراث أيضاً،
__________
= 8/ 902، باب الحث على تعليم الفرائض، حديث (2719)، والدارمي في الفرائض: 2/ 341، باب في تعليم الفرائض.
(1) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 480).
(2) في الكافي: وهو علم المواريث.
(3) انظر: (الكافي: 2/ 525).
(4) انظر: (الصحاح: 3/ 1098 مادة فرض).
(5) انظر: (المقنع: 2/ 399).
(6) انظر: (المطلع: ص 299)، قال هذا صاحب: (الإنصاف: 7/ 303).
(7) قال هذا صاحب (أنيس الفقهاء: ص 300، والمغرب: 2/ 133، والمصباح المنير: 2/ 123، لغات التنبيه: ص 91، غريب المهذب: 2/ 23).
(8) قال هذا صاحب (المطلع: ص 299).
(3/575)
________________________________________
أصل "التاء" فيه "واو"، (1) وفي الجَمعْ رجَعَتْ إلى أَصْلِهَا.
1169 - قوله: (وإِنْ سَفَل)، أي: وإِنْ نَزَلَتْ درجَتُه، مثل: ابن الابْنِ، وابنه، وابن ابنه (2) ونحو ذلك.
1170 - قوله: (عَصَبَة)، العَصَبَةُ: أَحدُ العَصَبَات، قال الجوهري: "وعصبةُ الرجل: بنَوهُ وقرابَتُه لأبيه، وإِنَّما سُمُّوا عصبةً، لأَنَّهم عَصَبُوا به: أي أحَاطُوا به، فالأب طرفٌ [والابن طَرَف]، (3) والعَمُّ جَانِبٌ، [والأَخُ جانِبٌ]، (4) والجمعُ: عَصباتٍ". (5)
وقال الأزهري: "وأَحدُ العَصَبة: عاصِبٌ - على القياس - مثل: طالبٍ وطَلَبةٍ، وظالمٍ وظَلَمةٍ. وقيل: للعِمَامَةِ عِصَابةٌ، لأنها استقلَّت (6) برأس الُمعْتَمِّ". (7)
وقال ابن قتيبة: "العصَبةُ: جمعٌ لم أسمع له بواحدٍ، والقياس أنه عَاصِب. (8)
وقال ابن مالك في "مثلثه": "العَصْبَة: المرَّةُ من عَصَب الشَّيْءَ: شَدَّه
__________
(1) يقال ورثْتُ أبي، وورثتُ الشيء من أبي، أَرِثُه بالكسر فيهما وِرْثاً وَوِرَاثةً وإِرْثاً. (الصحاح: 1/ 295، مادة ورث).
(2) أي: لا يرث أخ ولا أختٌ لأبٍ وأمٍ، أو لابٍ مع الابن وإنْ سفل.
قال في "المغني: 7/ 3": "أجْمَع أهل العلم هذا بحمد الله، وذكر ذلك ابن المنذر وغيره".
(3) و (4) زيادة من الصحاح.
(5) انظر: (الصحاح: 1/ 182 مادة عصب).
(6) في الزاهر: استكفت.
(7) انظر: (الزاهر: ص 268 بتصرف).
(8) انظر: (غريب الحديث: 1/ 226 بتصرف).
(3/576)
________________________________________
بعِصَابة، والشَّجرة: ضَمَّ أَغْصَانَها، وضربَها ليَسْقُط ورقُها، والكَبْشَ: شَدَّ خُصْيَيْه لتَسْقُطا من غير نَزْعٍ، والقومُ بِفُلاَنٍ: أَحْدَقُوا حَوْلَهُ، والإِبل بالماء كذلك، والرِّيق فَاهُ أوْ بِفِيهِ: يَبِسَ علَيْه.
والعِصْبَةُ: العِمَّةُ، والعُصْبَةُ: الجماعةُ، واللَّحْمُ الَمعْصُوب بالَمصَارِين". (1)
قال الله عز وجل: {بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ}: (2) أي الجماعة.
والعصَبةُ شرعاً: كلُّ وَارِث إِنْ انْفَرد أَخذَ المال، وإِنْ كان معه ذُو فَرْضٍ أَخذَ الباقي بعْدَهُ، ولا شَيْءَ لَهُ إِن اسْتَوْعَب ذو الفرض المال.
وقال في "الكافي": "هم كُلُّ ذكر ليْس بَيْنَه وبَين الَميِّت أنثى"، (3) فتخرج الأَخَوات مع البنات لفَقْدِهم الذكُورية.
وقال غيىه: "العصبةُ: كلُّ وارث بغير تَقْدِير"، (4) فلم يَخُصَّه بالذكر، فتدخل البنت وبنت الابن مع أخيهما، والأُخْتُ للأب، والأم مع أخيهما، والأخوات (5) مع البنات، والمعتقة وغير ذلك.
__________
(1) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 430 - 431).
(2) سورة القصص: 76.
(3) انظر: (الكافي: 2/ 544)، فهم على هذا التعريف: الأب والابن ومن أدلى بهما من الذكور فقط والأسبقية للأقرب ويسقط من بعده، فالابن وابنه وإن نزل، لأن الله تعالى بدأ بهم في قوله عز وجل في النساء: 11 {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ}، ثم الأب، لأن سائر العصبات يدلون به. انظر: (المصدر السابق: 2/ 544).
(4) قال هذا صاحب "المغنى: 7/ 6".
(5) المراد بالأخوات ها هنا: الأخوات من الأبوين، أو من الأب فقط: لا ولد الأم إِذ لا ميراث لهم مع الولد. =
(3/577)
________________________________________
1171 - قوله: (مثل حَظِّ)، الحَظُّ: النصيبُ، وفي الصحيح: "مَنْ أخذ به فقد أخذ بحَظٍّ وَافِرٍ". (1)
والحَضُّ أيضاً: الترغيب بالشَّيْء، قال الله عز وجل: {وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ} (2) وفي الحديث: "فحضَّهم على الصلاة". (3)
1172 - قوله: (الصُلْبِ)، المراد بالصُلْبِ هنا: النَّفْس، لأن بنْت البِنْت من صُلْبِه.
وصُلْب الانسان: ظَهْرُهُ، ومنه الحديث: "فلما رفَعَ صُلْبه" (4) ولعلَّه
__________
= وعموماً فالعصبات عشرة عند جمهور أهل العلم، نذكرهم للفائدة، وأحقهم بالميراث أقربهم، ويسقط به من بعده.
قال في "المذهب الأحمد: ص 235": "وأقربهم الابن ثم ابنه وإن نزل، ثم الأب، ثم الجد لأن علا، ثم الأخ من الأبوين، ثم الأخ من الأب، ثم ابن الأخ من الأبوين، ثم ابن الأخ من الأب، ثم أبناؤهم لأن نزلوا، ثم الأعمام ثم أبناؤهم، ثم أعمام الأب، ثم أبناؤهم، ثم أعمام الجد ثم أبناؤهم، فإن استووا في الدرجة، فالأولى من كان لأبوين، وإذا عدم العصبة من النسب ورث المولى المعتق والمولاة المعتقة".
(1) جزء من حديث أخرجه البخاري في العلم: 1/ 159 في الزجمة، باب العلم قبل القول والعمل، أبو داود في العلم: 3/ 317، باب الحث على طلب العلم، حديث (3641)، والترمذي في العلم: 5/ 48، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، حديث (2682)، وابن ماجة في المقدمة: 1/ 81، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، حديث (223)، وأحمد في المسند: 5/ 196.
(2) سورة الماعون: 3.
(3) جزء من حديث أخرجه أبو داود في الصلاة: 1/ 169، باب فيمن ينصرف قبل الإمام، حديث (624)، وأحمد في المسند: 3/ 126 - 240.
(4) جزء من حديث أخرجه البخاري في الأذان: 2/ 272 بلفظ. "حين يرفع صلبه" باب التكبير إذا قام بن السجود، حديث (789)، ومسلم في الصلاة: 1/ 293، باب إثبات التكبير في كل خفض ورفع في الصلاة، إلاَّ رَفعَه من الركلرع فيقول فيه: سمع الله لمن حمده حديث (28).
(3/578)
________________________________________
عظم الظهر. (1)
والصُلْب أيضاً: ضِدُّ الرَخْوِ، يقال: حَجَرٌ صُلْبٌ، وعُودٌ صُلْبٌ، يقال فيه: صَلُبَ وصلاَبةً، وجمعه: صِلَبَةٌ. (2)
والصَلْبُ - بفتح "الصاد" -: معروفٌ، من صلَبَهُ يَصْلِبَهُ صَلْباً.
__________
(1) قال في "الصحاح: 1/ 163 مادة صلب": "والصُلْب من الظهر، وكلُّ شَيْء من الظهر فيه فقارٌ فذلك الصلب"، ومنه قوله تعالى في سورة الطارق: 7، {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ}. (المفردات للراغب: ص 284).
(2) وذلك كَقُلْبٍ وقِلَبَةٌ. (الصحاح: 1/ 163 مادة صلب).
(3/579)
________________________________________
باب (أَصْل سِهَام الفرائض التي لا تَعُول) (1)
جمْعُ الأصل: أُصُول، وقد تقدم. (2)
و(السِّهام)، واحدها: سَهْمٌ، وهو الجُزْءُ من الشَيْء، وفي الحديث: "اقْسِمُوا واضْرِبُوا لي معكم بِسَهْمٍ". (3)
والسَّهْمُ أيضاً: ما يُرْمَى به، ومنه الحديث: "مَنْ مَرَّ بِسِهَامٍ في شيءٍ من مساجدنا فلْيَمْسِك بِنِصَالِها لا يُخْدَش بها أحد". (4). ويقال له: النَبْلُ والنّشَابُ.
والسهْم أيضاً: أحد أَجْزَاءِ القُرْعَة.
__________
(1) في المختصر: ص 119، والمغني: 7/ 31: "باب: أصول سهام الفرائض التي تعول".
(2) انظر في ذلك: ص 80.
(3) جزء من حديث أخرجه البخاري في فضاثل القرآن: 9/ 54، باب فضل فاتحة الكتاب، حديث (5007)، ومسلم في السلام: 4/ 1728، باب جواز أخذ الأجرة على الرقية بالقرآن والأذكار، حديث (66)، وأبو داود في البيوع: 4/ 265، باب في كسب الأطباء، حديث (3418)، والترمذي من الطب: 4/ 398، باب ما جاء في أخذ الأجر على التعويد، حديث (2063)، (2064).
(4) أخرجه البخاري في الصلاة: 1/ 547، باب المرور في المسجد بلفظ قريب منه، حديث (452)، ومسلم في البر والصلة: 4/ 1019، باب أمر من مر بسلاح في مسجد أو سوق أو غيرها من المواضع، حديث (121 - 122 - 123 - 124)، والنسائي في المساجد: 2/ 38، باب اظهار السلاح في المسجد، وابن ماجة في الأدب: 2/ 1241، باب من كان معه سهام فيأخذ بنصالها، حديث (3778)، والدارمي في المقدمة: 2/ 152، باب في العرض.
(3/580)
________________________________________
قال ابن مالك في "مثلثه": (السُّهامُ - بالفتح والضم -: ما يَظْهَر في عَيْن الشَّمس عند شِدَّة الحَرِّ، وُيسَمَّى لُعَابُ الشمس ورِيقَتَها، وَلُعَاب (1) الشيْطان.
قال: والسِّهامُ: جمع سَهْمٍ، ومصدر سَاهَم: أي قَارع. والسُّهَام: الضُّمْرُ والتَّغَيُّر". (2)
1173 - قوله: (التي لا تَعُول)، قال الجوهري: (العَوْلُ: عَوْلُ الفريضة، وقد عالت: أي ارتَفَعَتْ، وهو أنْ تَزِيد سِهَامَها، فيدخُل النَقْص (3) على أهْل الفرائض". (4)
قال أبو عبيد: "وأَظُنُّه مأخوذاً من الميْل". (5)
ويقال أيضًا: عال زيدٌ الفرائضَ، وأَعالَها بمعنَى، يتَعَدَّى ولاَ يَتَعَدَّى، وعالت هي بنفسها: إذا دخل النَّقْص على أَهْلِها.
قلت: والعَوْلُ أيضاً: كثْرة العِيَال، قال الله عز وجل: {ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا}. (6) وقد يكون العَوْلُ مأخوذاً من هنا.
والعَوْلُ أيضاً: الإِطْعَامُ، ومنه: عَال فلانٌ فلاناً: إِذا أَطْعَمَة.
__________
(1) في المثلث: مُخَاط.
(2) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 319).
(3) في الصحاح: النقصان.
(4) انظر: (الصحاح: 5/ 1778 مادة عول).
(5) انظر: (غريب الحديث: 4/ 384)، وعلل رأيه فقال: (وذلك أَنَّ الفريضة إذا عالت فهي تميل على أهل الفريضة جميعاً فتنقصهم".
(6) سورة النساء: 3.
(3/581)
________________________________________
باب: الجَدَّات
أحد الجدَّات: جَدَّة. والجَدَّةُ - بفتح "الجيم" -: أمُّ الأب، وأمُّ الأُم وإِنْ عَلَوْن، والجَدَّةُ أيضاً: المرة من جَدَّ الشيء يَجِدُّ جَدّاً.
قال ابن مالك في "مثلثه": "الجَدَّةُ: من النَّسب معروفةٌ. قال: والجِدَّةُ: ضِدُّ البِلَى، وشَاطِئُ النَّهْر. والجُدَّةُ: شَاطِئُ النَّهْر، والطرِيقَةُ في الجَبل وغيره.
وجُدَّة - بالضم أيضاً -: قرية (1) " (2) آخر كلامه.
1174 - قوله: (والجَدَّة تَرِث وابْنُها حيٌّ)، المراد بها: أم الأب ترث مع وجود العم. (3)
__________
(1) قال البكري: "ساحل مكة معروفة، سُمِّيت بذلك، لأنها حاضرةُ البحر. (معجم ما استعجم: 1/ 371) وهي المدينة المعروفة والتي تبعد عن مكة حوالي 73 كلم، وتُعْتَبر ميناءٌ مُهِمٌ للمنطقة الغربية من المملكة العربية السعودية.
(2) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 101 - 102).
(3) قال في "المغني: 7/ 59: "وهو ظاهر مذهب أحمد بن حنبل رضي الله عنه" وعند زيد بن ثابت لا ترث، وهو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والمالكية والشافعية، ولكل وِجهة نظره. انظر في ذلك (اللباب: 4/ 200، شرح الصغير: 5/ 214، المهذب: 2/ 26، المغني: 7/ 59).
(3/582)
________________________________________
1175 - قوله: (المتحاذِياتَ)، أي: كأن بَعْضَهنَّ حَذَاءَ بعض.
قال الجوهري: "وحَذَاهُ: إِذا (1) صار بحِذَائه". (2)
__________
(1) في الصحاح: أي.
(2) انظر: (الصحاح: 6/ 2311 مادة حذا).
قال الشيخ في "المغني: 7/ 60": "يعني بالمتحاذيات: المتساويات في الدرجة، بحيث لا تكون واحدة أعلى من الأخرى، ولا أنزل منها، لأن الجدات انما يرثن كلهن في درجة واحدة، ومتى كان بعضهن أقرب من بعض فالميراث لأقربهن.
(3/583)
________________________________________
باب: مَنْ يَرِث من الرجال والنساء
الرجال جمع رجل: وهو الذكر من بني آدم لا غير.
والنساء: جمْع المُؤَنَّث، ولا واحِدَ لَهُ من لَفْظِه، قال الله عز وجل: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}، (1) ويقال فيهن أيضاً: نِسْوة في القِلَّة، قال الله عز وجل: {وَقَالَ نِسْوَةٌ فِي الْمَدِينَةِ}. (2)
1176 - قوله: (ومَوْلى النِعمة، (3) ومولاة النِعْمة)، هما: المُعْتِق والمعتِقَة، لأنهما وَليَا الإِنْعَام بالإِعتاق، وفي الحديث: "إِنَّما الولاء لمن أَعْتَق" (4)؛ ووليُّ النِّعمة.
وجَمْع النِّعمة: نِعَمٌ وأَنْعَامٌ.
__________
(1) سورة النساء) 34.
(2) سورة يوسف: 30.
(3) الثابت في المختصر: ص 121، والمغني: 7/ 62: "ومولاة النعمة".
(4) أخرجه البخاري في الفرائض: 12/ 40، باب ميراث السائبة، حديث (6754)، ومسلم في العتق: 2/ 1141، باب إنما الولاء لمن أعتق، حديث (5)، (6)، (8) والترمذي في الفرائض: 4/ 427، باب ما جاء في ميراث الذي يسلم على يدي الرجل، حديث (20)، وأبو داود في الفرائض: 3/ 126، باب في الولاء، حديث (2915)، وابن ماجة في العتق: 2/ 842، باب المكاتب، حديث (2521)، والدارمي في الطلاق: 2/ 169، باب في تخيير الأمة تكون تحت العبد فتعتق، ومالك في العتق: 2/ 780، باب مصير الولاء لمن أعتق، حديث (17)، (18)، (19).
(3/584)
________________________________________
قال ابن مالك في "مثلثه": "النَّعْمَة: الرَّفَاهِيَة، والنِّعمة: ما أُنْعِم به قال: والنُّعْمَة: قزة العَيْن، وقال: النَّعَم - بفتح "النون" و"العين" -: الإبل، والبقر والغنم، والنِّعِم: لغة في النَّعِم، وهو المُتَنعِّمُ. والنُّعمُ: جَمْع نَعَامٍ ونَعِيمٍ.
قال أيضًا: نَعَم البَيْتَ: كَنَسَهُ، ونَعِمَ الرَّجُل: تَنَعَّمَ، ونَعِمُ - بالكسر والضم -: لاَنَ". (1)
__________
(1) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 716 - 717).
(3/585)
________________________________________
باب: ميراثُ الجَدِّ
1177 - (الجَدُّ)، بفتح "الجيم": أبُو الأَب، وأبُ الأُمِّ وإنْ علا.
قال ابن مالك في "مثلثه": "الجَدُّ: من النَسب معروفٌ. قال: وهو أيضاً: العَظَمةُ، والحَظُّ، والقَطْعُ، والوكْفُ، والرَّجُل العَظيمُ. والجِدُّ: الاجتهادُ، ونَقِيضُ الهَزْل، وشَاطئُ النهر، وقولُهُم: أَجِدَّك تفعل كذا؟ - بالكسر والفتح - بمعنى أَبِجِدٍّ تَفْعَل أمْ بِهَزْلٍ؟ والجُدُّ: الرجُلُ العظيمُ، والبِئْرُ عند الكَلأ، وجانب الشَّيْءِ، وجمع أَجَدَّ: وهو الضَّرْع اليَابِسُ، وجمعُ جَدَّاءَ: وهي الشَّاةُ اليابِسَةُ الضَّرْع، أو الَمقْطُوعَتُهُ، والسَّنَة الجَدْبَة، والناقةُ المقطُوعة الأُذُن، والمرأةُ بلا ثَدْيٍ، والفلاةُ بلا مَاءٍ" (1) آخر كلامه.
1178 - قوله: (تُسَمَّى الأكدريَة)، اختلفوا لِمَ سُمِّيت الأَكْدَرِيَةُ.
فقيل: لأَنَّها كَدَّرت علي زَيْدٍ (2) أُصُولَهُ، فإِنَّه أَعَالَها، ولاَ عَوْلَ عِنْدَهُ في
__________
(1) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 101).
وللجد في الميراث أحوال ثلاثة يقوم فيها مقام الأب في الاستحقاق عند فقده، وحالة رابعة، وهي عند اجتماعه في مسألة واحدة مع الإخوة والأخوات للأبوين أو لأب. انظر تفصيل ذلك في: (المغني: 7/ 64 - 65، المبدع: 6/ 118).
(2) المقصود بـ "زيد" الصحابي الجليل، زيد بن لْابت الأنصاري تأتي ترجمته في ص: 859.
(3/586)
________________________________________
مسائل الجَدِّ، وفرضَ للأُخْتِ مع الجَدِّ، ولا يُفْرض لأُخْتٍ مع جَدٍّ، وجَمَع سِهَامَها، ولا يَجْمَع في غَيْرِها.
وقيل: لأن رجُلاً اسمه "أَكْدَر" سئل عنها (1) فأفتى على مذهب زيد فأخطأ فيها.
وقيل: أَصَاب فنُسِبَتْ إليه.
وقيل: بَلْ هو الذي سأل عنها فنسبت إليه. (2)
1179 - قوله: (تُسَمَّى الخَرْقاء)، الخرقاء - بفتح "الخاء" والمد -: الحمقاء، والريحُ الشديدةُ. وقد خُرِقَ - بضم "الخاء" وفتحها وكسرها -: حَمَق.
__________
(1) قال في "الإنصاف: 7/ 306": ، قيل: أن عبد الملك بن مروان سأل عنها رجلا اسمه "أكدر" فنسبت إليه".
(2) وقيل: لأن الميتة كان اسمها أكدرة.
وقيل: لأن زيدا رضي الله عنه كدَّر على الأخت ميراثها.
وقيل: لتكدّر أقوال الصحابة رضي الله عنهم فيها وكثرة اختلافهم.
انظر: (الإنصاف: 7/ 306، المبدع: 6/ 121 - 122، المطلع: ص 300).
وصورة "الأكدرية"، توفيت امرأة عن "زوج، وأم، وجد، وأخت شقيقه أو لأب" ففي هذه الحالة لا يكون للأخت شيء بمقتضى كونها عصبة، والعاصب إذا استغرقت الفروض التركة لا شيء له، ولما لم يكن هنا مبرر لسقوط الأخت إِذْ لا حاجب يحجبها، ولم يمكن تَعْصِيبُها بالجَدِّ هنا، لأنه أصبح ذا فرض، فلو عصبها لنقص عن السدس ولا سبيل إلى ذلك فمن ثم صح عن زيد رضي الله عنه أنه استثنى هذه الصورة المتقدمة من أصله في ميراث الجد مع الإخوة، فوَرَّث الأختَ مع الجد بالفرض لها النصف، وبعد أن كان أصل المسألة من ستة عالت بفرض الأخت إلى التسعة، أعطى الزوج منها ثلاثة من تسعة والأم اثنين من تسعة، فبقي أربعة يستحق الجد في الأصل منها واحداً، والأخت ثلاثة، ولما كان الجد له ضعف الأخت إذا اجتمعا، وجب أن يجمع نصيب الأخت والجد ثم يقتسماه للذكر ضعف الأنثى.
(3/587)
________________________________________
وسُمَّيت هذه المسألة بـ"الخَرْقاء"، لكثرة اخْتِلاَف الصحابة فيها، (1) فإِنَّ فيها سبعة أقوال وردَتْ عنهم، (2) ولذلك تُسَمَّى "الَمسْبَعَة" و"الَمسْدَسَة" لأن معاني الأقوال السبعة ترجع إِلى ستة.
وقيل: لأن أقوالَهُم خَرقَتْها، وهو معنى الأَول. (3)
وأَظُنُ أَنِّي رأيت فيها أَنَّها إِنَّما سُمِّيت بذلك، لأن "أَخْرَق" سُئِل عنها فأخطأ فيها.
وقيل: هو الذي سأَل.
وقيل: بل كانت امرأة "خرقاء". والله أعلم.
__________
(1) وصورتها، توفي عن "أم، وأخت، وجد". انظر: (المغني: 7/ 78).
(2) أ - مذهب الصديق رضي الله عنه: للأم الثلث، والباقي للجد.
ب - ومذهب زيد رضي الله عنه: للأم الثلث وما بقي فبين الجد والأخت على ثلاثة أسهم للجد سهمان، وللأخت سهم واحد.
جـ - ومذهب علي رضي الله عنه: للأخت النصف وللأم الثلث وللجد السدس.
د - ومذهب عمر وابنه عبد الله رضي الله عنهما: للأخت النصف وللأم ثلث ما بقي، وما بقي للجد.
هـ - ومذهب ابن مسعود رضي الله عنه: للأم السدس والباقي للجد.
و- وعنه أيضًا: للأخت النصف، والباقي بين الجد والأم نصفين فتكون من أربعة، وهي إحدى مربعات ابن مسعود.
ي - ومذهب عثمان رضي الله عنه: المال بينهم أثلاث لكل واحد منهم الثلث. انظر: (المغني: 7/ 79، المطلع: ص 301، الفروع: 5/ 6 وما بعدها).
(3) وورد في اسمها أقوال أخرى ذكرها صاحب (الفروع: 5/ 6، والمغني: 7/ 79، المبدع: 6/ 123).
(3/588)
________________________________________
باب: ذَوِي الأرحام (1)
1180 - (الأرحامُ)، جمْع رِحِم بوزن كَتِفٍ، وفيه اللُّغات الأَربع في الفخذ. (2)
قال ابن عباد: "والرَحِمُ: بيت مَنْبَتِ الوَلَد، ووعاؤُه في البَطْن". (3)
وقال الجوهري: "الرحِمُ: رَحِمُ الأُنْثَى"، ((4) وهو معنًى من المعاني.
وهو النَّسب والاتِّصال الذي يجْمَع وَالِدَه، فَسُمِّيَ المعنى باسْمِ ذلك الَمحَلِّ تقريباً للأفهام، واستعارةً جارية في فصيح الكلام. (5)
قال صاحب "المطلع": "يطلق ذُو الرحم على كلِّ قرابةٍ، قال: وهو المراد بِقَوْل صاحب (6) "المقنع" في أول كتاب "الفرائض": "رَحِمٌ، ونِكَاحٌ،
__________
(1) كذا في (المغني: 7/ 82)، وفي (المختصر: ص 124)، باب: ميراث ذوي الأرحام.
(2) وهي: رَحِمٌ، وَرَحْمٌ، وَرِحْمٌ، ورَحَمٌ.
(3) انظر: (المحيط في اللغة له: 3/ 313)، وبه قال صاحب (المغرب: 1/ 325، والمبدع: 6/ 192).
(4) انظر: (الصحاح: 5/ 1929 مادة رحم).
(5) نسب صاحب (المبدع: 6/ 192) هذا الكلام لـ"صاحب المطالع" كما نسبه إليه صاحب (المطلع: ص 305).
(6) في المطلع: المصنف رحمه الله تعالى.
(3/589)
________________________________________
وَوَلاءٌ"، (1) قال: وُيطلق ويُرادُ به: كلُّ مَن ليس بذي فَرْض ولا عَصَبةٍ. قال: وهو المراد (بِقَوْلِ صاحب "المقنع) (2) في آخر كتاب "الفرائض": "ذُو فَرْضٍ، وَعَصَباتٍ، وذُو رَحم، [وهو المرادَ] (3) بقوله هنا: باب ذوي الأرحام"، (4) وقال الله عز وجل {وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ}. (5)
1181 - قوله: (الخالُ)، هو أَخُو الأم، والخَال أيضاً: الشَّامة، والخال: الخَالِي، وخَالَ: بمعنى ظَنَّ. (6)
* مسألة - أصح الروايتين أَنَّ العمة تُجْعَل بمنزلة الأَبِ. (7)
__________
(1) انظر: (المقنع: 2/ 399).
(2) في المطلع: وهو المراد بقوله.
(3) زيادة من المطلع.
(4) انظر: (المطلع: 305).
(5) سورة الأنفال: 75.
قال في "المغني: 7/ 82": "وهم الأقارب الذين لا فرض لهم ولا تعصيب، وهم أحد عشر حيزا، ولد البنات، وولد الأخوات، وبنات الإخوة، وولد الإخوة، من الأم، والعمات من جميع الجهات والعم من الأم، والأخوال، والخالات، وبنات الأعمام، والجد أبو الأم، وكل جدة أدلت باب بين أُمَّيْن، أو بأب أعلى من الجد، فهؤلاء ومن أدلى بهم يسمون ذوي الأرحام".
(6) والخال: لواءُ الجَيْش، والخَال: نوعٌ من البرود، قاله صاحب (الصحاح: 4/ 1690 مادة خول).
(7) نقل هذه الرواية المروذي وإسحاق بن إبراهيم وابن منصور. ودليل هذه الرواية فيما أخرجه الدارقطني: 4/ 94 عن عمر موقوفا، والدارمي في الفرائض، باب ميراث ذوي الأحكام: 2/ 367، وعبد الرزاق في المصنف: 10/ 282، حديث (19112 - 19113) عن عمر رضي الله عنه، وحديث (19115) عن ابن مسعود رضي الله عنه، والبيهقي في الفرائض: 6/ 216، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: العمة بمنزلة الأب إذا لم يكن بينهما أبي، والخالة بمنزلة الأم إذا لم يكن بينهما أم".
أما الرواية الثانية، وهي جعل العمة بمنزلة العم فقد نقلها الأثرم، وإبراهيم بن الحارث =
(3/590)
________________________________________
1182 - قوله: (إِذا كان أَبُوهم واحداً وأُمُّهم واحدةً)، بِنَصْبِ "واحداً" و"واحدةً" خَبَرُ "كانَ".
1183 - قوله: (عُمُومةٍ) (1)، العمومةُ: جَمْع عَمٍّ، كـ "بَعْل" وبُعُولَةٍ".
والعمومة أيضًا مصدريقال: ما كنت عما، ولقد عممت عمومة.
والعمومة: كالأبوة، والأخوة، والخؤولة، والأمومة. والله أعلم.
__________
= وحنبل. ودليلهم: أنا إذا نزلناها بمنزلة الأب، أَسقطت مَن هو أقرب منها، وهو ولد الأخوات وبنات الإخوة، لأنهم ولد الأب، وهي من ولد الجد، وهذا لا يجوز. انظر: (الروايتين والوجهين: 2/ 52 - 53).
(1) انظر: (الصحاح: 5/ 1992 مادة عمم).
(3/591)
________________________________________
باب: مسائل شَتَّى في الفرائض (1)
وروي: "مسائل شَتَّى في الفرائض" من غير "باب"
والمسائلُ: جمع مسألة، سُمِّيت مسألةً، لأَنَّه يَسْأَل عنها.
والشَتَّى: الُمتَفرِّقة. قال الله عز وجل: {تَحْسَبُهُمْ جَمِيعًا وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى}، (2) وفي الحديث: "الأنبياء إخوة لِعَلاَّتٍ أُمَّهَاتُهُم شَتَّى ودِينُهُم واحِدٌ". (3) والشَّتَات والأشْتَاتُ: الخروجُ عن أَهْلِه ومَالِه، وقد تَشَتَّتَ شَمْلُه: أي تَفَرَّق. والشَتَّان: البَعِيد. (4)
قال الشاعر: (5)
__________
(1) كذاي المختصر: ص 126.
(2) سورة الحشر: 14.
(3) أخرجه البخاري في الأنبياء: 6/ 478، باب قول الله: "واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت من أهلها" حديث (3443)، ومسلم في الفضائل: 4/ 1837، باب فضائل عيسى عليه السلام، حديث (145)، وأحمد في المسند: 2/ 319.
العَلاَّت: بفتح "العين" المهملة. قال في (الفتح الباري: 6/ 489): "الضرائر، وأصله أن من تزوج امرأة ثم تزوج أخرى كأنه عَلَّ منها، والعَلل: الشُرْبُ بعد الشرب، وأولاد العلاَّت: الإِخوة من الأب وأمهاتهم شَتَّى ودينُهم واحد".
(4) انظر: (الصحاح: 1/ 254 - 255 مادة شتت).
(5) لم أقف للبيت على تخريج. والله أعلم.
(3/592)
________________________________________
سارتْ مًشَرِقَةً وسِرْت مُغَرِّباً ... فَشَتَّان بيْن مُشَرِّقٍ وَمُغَرِّبٍ
1184 - قوله: (والخُنْثَى)، قال الجوهري: "والخنثى: الذي له ما للرجال والنساء جميعاً والجمع خَنَاثَى كَحَبَالى". (1)
والمُشْكِلُ: مَن أُشْكِلَ أَمْرُه، وكلُّ ذِي إِشْكَالٍ، فهو فشْكِلٌ.
والإِشْكَالُ: هو اللَّبْس، فلَمَّا التْبَسَ أمره سُمِّيَ مُشْكِلاً.
1185 - قوله: (المُلاَعَنَة)، مفاعلةٌ، ويجوز بكسر "العين": اسم فاعِلة، لأنها أَوْقَعَت اللِّعان، ويجوز بفتح "العين": مَفْعولةٌ، لأَن الرجل لاَعَنَها، فهي مَلاَعَنةٌ. (2)
1186 - قوله: (ويَحْجُب)، الحَجْبُ: المنع، ومنه سمي البَوَّابُ: حاجباً، (3) لأنه يَمْنَع الداخل والخارج، وسُمِّي السِتْرُ حِجَاباً، لأنه يمْنَع الرُؤْيَة، وقد حَجَبَهُ: مَنَعَهُ، يحْجُبُه حِجَاباً، فهو حَاجِبٌ، وذاك مَحْجُوبٌ.
والحَجْب في الفرائض: المنْع من الميراث، وهو قسمان:
حَجْبً حِرْمان: (4) كـ "حجب" الابن لِوَلَدِه ونحو ذلك.
__________
(1) انظر: (الصحاح: 1/ 281 مادة خنث بتصرف).
(2) يأتي معنى اللعان في عرف الشرع في بابه: ص 691
(3) في الأصل حجاباً وهو تصحيف.
(4) وهو منع وارث من كل ميراثه، لوُجُود الآخر كالجَدَّ، فإِنّه لا ميراث له مع الأب. والورثة بالنسبة لحجب الحرمان نوعان:
أ - من لا يتناولهم، وهم ستة: الأب، والأم، والابن، والبنت، والزوج، والزوجة.
ب - من يتناولهم وهم غير هؤلاء الستة. انظر: (نظام المواريث لعبد العظيم فياض: ص 116).
(3/593)
________________________________________
وَحجْبُ نُقصان: (1) كـ "حَجْب" الولد الزَّوج من النصف إلى الربع ونحو ذلك.
1187 - قوله: (غَرَق)، الغَرِقُ: الموتُ في الماء، وقد غَرِقَ يَغْرَقُ غَرْقاً، فهو غَرِيقٌ، وفي الحديث: "اللَّهم إِنِّي أَعوذُ بك من الغَرْقِ". (2)
1188 - قوله: (تحت هَدْم)، الهَدْمُ: البناءُ إِذا انْهَدَم، وفي الحديث: "والهَدْمِ". (3)
قال ابن مالك في "مثلثه": "الهَدْمُ: مصدر هدَم البِنَاءَ: نَقَضَه، والدَّمَ: تركَ المطالَبة به عَفْواً، ومصدرُ هُدِمَتِ الأرضُ: مُطِرَت. قال: والهِدْمُ: الثَّوْبُ الخَلَق، والشَيْخ الهَرِم، والهُدْمُ: جَمْعُ هِدَامٍ، والهِدَامُ جَمْعُ هَدِمَةٍ: وهي النَّاقةُ الضَّبِعَة، قال: والهُدْمُ أيضاً: جمع هَدُوم: وهو الكثير الهَدْمِ للدِّماء" (4) والله أعلم.
__________
(1) وهو نقل وارث من فرضه الأعلى إلى فرضه الأدنى، لوجود شخص آخر. (المصدر السابق: ص 116).
(2) أخرجه النسائي في الاستعاذة: 8/ 250، باب الاستعاذة من التردي والهدم. وأحمد في المسند: 2/ 171، 3/ 427، 4/ 204.
(3) جزء من حديث أخرجه أبو داود في الصلاة: 2/ 92، باب في الاستعاذة، حديث (1552)، والنسائي في الاستعاذة: 8/ 249، باب الاستعاذة من التردي والهدم.
(4) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 735 - 736).
(3/594)
________________________________________
كتاب: الوَلاَءِ
الولاءُ - بفتح "الواو" ممدوداً -: ولاَءُ العِتْقِ، ومعناه: أَنَّه إذا أَعْتَق عَبْداً، أوْ أَمةً، صار لَهُ عصبةً في جميع أحكام التَّعْصِيب، عند عدم العصبة من النسب كالميراث، وولاية النكاح والعَقْد وغير ذلك، وفي الحديث: "إنَّما الولاء لِمَنْ أعتق". (1)
1189 - قوله: (ومَنْ أَعْتَق سَائِبةً)، الظاهر والله أعلم أنَّ في ذلك تقدير: أي أعتق أَمةً أو عَبْداً، أو رقبة سَائِبةً: أيْ يَعْتِق ولا وَلاَءَ عليه، كفعل الجاهلية، (2) قال الله عز وجل: {مَا جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلَا سَائِبَةٍ}، (3) وجمع السائبةِ: سَوائِب، وفي الحديث: لأَنَّه أَوَّل مَنْ سَيَّبَ السَّوَائِبَ". (4)
__________
(1) سبق تخريح هذا الحديث في: ص 584.
(2) قال في "المغني: 7/ 245": "قال أحمد في رواية عبد الله: الرجل يعتق عبده سائبة، هو الرجل يقول لعبده: قد أَعتقتك سائبة، كأنه يجعله لله، ولا يكون ولاؤه لمولاه قد جعله لله وسلَّمَهُ".
فعلى هذا، فإِنْ مات وخلَّف مالاً ولم يدع وارثاً اشترى بماله رقاب فأُعْتِقوا في المنصوص عن أحمد استحباباً لما فعله ابن عمر رضي الله عنهما، حيث أعتق عبدا سائبة فمات فاشترى ابن عمر بماله رقابا فأعتقهم. انظر: (المغني: 7/ 245).
(3) سورة المائدة: 103.
(4) أخرجه البخاري في التفسير: 8/ 283، باب (ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ... ) حديث (4623)، (4624)، ومسلم في الجنة وصفة نعيمها: 4/ 2192، باب النار يدخلها الجبارون والجنة يدخلها الضعفاء، حديث (51)، وأحمد في المسند: 1/ 446.
(3/595)
________________________________________
باب: ميراث الولاء
* مسألة: - أَصَحُّ الروايتين عن أحمد رحمه الله: لا تَرِثُ بِنْت المعتق من الولاء. (1)
1190 - قوله: (للكُبْر)، الكُبْرُ - بضم "الكاف" وسكون "الباء" -: أكْبَر الجماعة، وفي الحديث: "الكُبْرُ الكبْرُ"، (2) يُرِيدُ الكَبِيرَ، قال الله عز وجل: {وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ} (3).
وقال ابن مالك في "مثلثه":
__________
(1) نقل هذه الرواية أبو طالب، وأبو الحارث، وحنبل عن الإمام أحمد رحمه الله. انظر: (الروايتين والوجهين: 2/ 58).
قال في "المغني: 7/ 264 ": "وهو ظاهر المذهبـ". وقال في "الإنصاف: 7/ 384": (وهذا المذهب بلا ريب نُصَّ عليه، حتى قال أبو بكر: هذا المذهب رواية واحدة. وقال: وهو أبو طالب في نقله الرواية الثانية".
أما الرواية الثانية: أنها ترث نقلها أبو طالب. قال القاضي: "وهو اختيار الخرقي" لأنه قال: وقد روى عن أبي عبد الله رواية في بنت المعتق خاصة أنها ترث واحتي يا ذلك بما روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: أنه ورث ابنة حمزة من الذي أعتقه حمزة" الحديث أخرجه الدارقطني في الفرائض: 4/ 83، حديث (51)، والبيهقي في السنن كتاب الفرائض، باب الميراث بالولاء: 6/ 241. انظر: (الروايتين والوجهين: 2/ 58، مختصر الخرقي: ص 128).
(2) أخرجه البخاري في الديات: 12/ 229، باب القسامة، حديث (6898)، وأبو داود في الديات: 4/ 177، باب القتل في القسامة، حديث (4520) , والنسائي في القسامة: 8/ 6 باب تبدئة أهل الدم في القسامة، وأحمد في المسند: 4/ 2 - 3.
(3) سورة النور: 11.
وهي بضم "الكاف" على قراءة يعقوب، وأبي الرجاء، وحميد بن قيس وسفيان الثوري، ويزيد ابن قطيب، وعمرة بنت عبد الرحمن. انظر: (النشر لابن الجزري: 2/ 331).
(3/596)
________________________________________
"الكَبْرُ مصدر كَبَرَ - المفتوح "الباء" - قال: والكِبْر: التَّكَبُر، ومُعْظَم الشيء.
قال: والكُبْرُ: أَكْبَرُ الجَماعة". (1)
قال أبو السعادات: "يقال [فُلاَنٌ] (2) كُبْرُ قومِه بـ"الضم": إِذا أقعَدهم في النَسب، وهو أنْ يَنْتَسِب إِلى جَدِّه الأَكْبَر بآباءٍ أَقلَّ عدداً من باقي عَشِيرته"، (3) وليس المراد بذلك أَكْبَر السِّنِ.
__________
(1) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 540).
(2) زيادة من النهاية.
(3) انظر: (النهاية لابن الأثير: 4/ 141).
(3/597)
________________________________________
كتاب: الوديعة
الودِيعَةُ: فعيلةٌ بمعنى مفعولة، من الوَدْعِ: وهو التَرْك. (1)
قال ابن القَطَّاع: "ودَعْتُ الشَّيء وَدْعاً: تركته". (2)
وابن السكيت وجماعة غيرَه ينْكُرُون المصدر والماضي من "يَدَع"، (3) وفي صحيح مسلم: "ليَنْتَهِينَّ أقوامٌ عن وَدْعِهِم الجُمُعَات"، (4) وفي سنن النسائي: (5) "اتْرُكُوا التُّرْكَ ما تَرَكُوكُم، ودَعُوا الحبَشَة ما وَدَّعُوكُم". (6)
__________
(1) قال في "الصحاح: 3/ 1296 مادة ودع": "دَعْ ذَا: أي اتركْه، وأصله: وَدَعَ يَدَعُ، وقد أُمِيتَ مَاضِيه، لا يقال: وَدَعَهُ، وإنّما يقال: تَركَه، ولا وادِعٌ، ولكن تاركٌ، وربّما جاء في ضرورة الشعر ودعَهُ فهو مَوْدُوعٌ، على أَصْلِه".
(2) انظر: (كتاب الأفعال له: 3/ 306).
(3) انظر: (اصلاح المنطق: ص 173).
(4) انظر: (صحيح مسلم في الجمعة: 2/ 591، باب التغليظ في ترك الجمعة، حديث (40) كما أخرجه النسائي في الجمعة: 3/ 73، باب التشديد في التخلف عن الجمعة، وابن ماجة في المساجد: 1/ 260، باب التغليظ في التخلف عن الجماعة، حديث (794)، والدارمي في الصلاة: 1/ 368، باب فيمن يترك الجمعة من غير عذر.
(5) هو الإمام الحافظ الثبت، أبو عبد الرحمن، أحمد بن شعيب بن علي بن سنان النسائي، شيخ الحديث وناقده، صنف "السنن"، و"مسند علي" وكتاب "في التفسير" وغيرها، توفي 303 هـ. أخباره في: (سير الذهبي: 14/ 125، المنتظم: 6/ 131، وفيات الأعيان: 1/ 77, تذكرة الحفاظ: 2/ 698، العبر: 2/ 123، مرآة الجنان: 2/ 240، طبقات القراء: 1/ 61، الرسالة المستطرفة: ص 11 - 12، طبقات الاسنوي: 2/ 480).
(6) انظر: (سنن النسائي في الجهاد: 6/ 36، باب غزوة الترك والحبشة) كما أخرج الحديث أبو داود في الملاحم: 4/ 112، باب في النهي عن تهييج الترك والحبشة، حديث (4302).
(3/598)
________________________________________
قال صاحب "المطلع ": "فكأَنَّها سُمِّيت وديعةً: أي متروكةً عند المُودِع.
وأوْدَعْتك الشَّيْءَ: جَعَلْتُه عندك وَدِيعَةً، وقبلتُه منك وديعةً، فهو من الأضداد". (1)
وقال ابن مالك في "مثلثه": "الوَداعُ: اسْمٌ للَّتوْدِيع، والوَدِيعُ: الرَّجل السَّاكِن الحَلِيمُ، والفَرسُ الَمصُون، والمقبرة، والعَهْدُ بيْن الفريقين. (2) والوَدُوعُ: فعولٌ من ودَعَ الشَّيءَ: صانَه، أيضاً تَركَه". (3)
1191 - قوله: (وهي لا تَتَمَيَّز أوْ يَحْفَظْها)، (4) وروي: "وهي لا تتَمَيَّز من مَالِه".
والتَّمَيُّز: أنْ يُمْكِن إِخْرَاج أحدهما عن الآخر، وقد مَيَّزَه: إِذا أَظْهَره، ومنه سُمِّيت المُمَيِّزة في الحَيْض، لأَنَّها تُمَيِّز بَيْن دَمِ الحَيْض والاسْتِحَاضة.
1192 - قوله: (فإِنْ كانت صحاحاً فخَلطها في غَلَّةٍ)، الصِحَاحٌ: ضِدُّ الُمكَسَّرةِ.
قال الزركشي: "الغَلَّةُ: هي المكسَّرة، فإِذا خلَطها في الصِحاح، أو
__________
(1) انظر: (المطلع: ص 279).
(2) أي: بعدم الغزو. انظر: (التهذيب: 3/ 141).
(3) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 750 - 751).
أما الوديعة في عرف الرع: فهي عبارة عن توكُّل لحفظ مال غيره تبرعاً بغير تصرف، وقيل: هي عقد تبرع بحفظ مال غيره بلا تصرف فيه. انظر: (الإنصاف: 6/ 316)، وقال في "المغني: 7/ 280 ": "وهي عقد جائز من الطرفين متى أراد الُمودِعُ أخْذَ وديعَته لزم المستودع ردها لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا}، فإن أراد المستودع ردها على صاحبها لزمه قبوله، لأن المستودع متبرع بإمساكها فلا يلزمه التبرع في المستقبل".
(4) في المختصر: ص 129: "وهي لا تُمَيِّز إِنْ لم يحفظها".
(3/599)
________________________________________
بالكَسْرِ فلا ضَمَان"، وكذلك قال غيره: "أنَّ الغَلَّة: الُمكَسَّرة". (1)
والظاهر والله أعلم أَنَّ المراد بالغَلَّةِ: الدراهم المضروبة، والصحاحُ: الفِضَّة التي لم تضْرَب بعد. (2)
1193 - قوله: (الغَشَيَان)، الغشَيانُ: مصدر غَشِيَ الشَّيْءَ غشَيَاناً: (3) نزل به ومنه قول حسان: (4)
يُغْشَونْ حَتَّى مَا تَهِرُّ كلاَبُهُم ... لا يَسْأَلُون عن السَّوَاد المُقْبِل
وقد غَشِيَني فُلاَنٌ: نَزَل بي، وقال عز وجل: {فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ}. (5)
والغَشَيَان بـ"الفتح"، مِنْ غُشِيَ عليه غَشْياً وغشَيَاناً، والغَاشِيَة لها تُقال لمِا نَزَل غاشيةً، ومنه قول الله عز وجل: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ}، (6) وفي الحديث: "فوجَدَهُ في غَاشِيَة أَهْلِه". (7) وكل مَا لُبِس على غيره، فهو غِشَاءٌ وغَاشِيَةٌ.
__________
(1) انظر: (المغني: 7/ 284).
(2) يؤيد هذا ما قاله صاحب "المغرب: 2/ 110": "الغَلَّة: من الدراهم، فهي الُمقطَّعة التي في القطعة منها قيراط، أو طسُّوج، أو حبَّة عن أو يوسف في رسالته قال: ويشهد لهذا ما في "الإيضاح": يكره أنْ يُقْرِضه غَلَّة ليَرُدَّ عليه صحاحاً.
(3) وكذلك غَشْياً، وغَشِيةً، فهو مَغْشِيِّ عليه. (انظر: الصحاح: 6/ 2447، مادة غشا).
(4) انظر: (ديوانه: 1/ 74).
(5) سورة طه: 78.
(6) سورة الغاشية: 1.
(7) جزء من حديث أخرجه البض ري في الجنائز: 3/ 175، باب البكاء عند المريض، حديث (1304).
(3/600)
________________________________________
وقيل: لما يُلْبَس على السَّرج: غَاشيةٌ. (1) والغَشِيَّةُ: الَمرَّةُ من غُشِيَ عليه: إِذا أُغْمِيَ عليه.
1194 - قوله: (أَوْ سَيْلٍ)، السَّيْلُ: سَيْلُ الرَادِي ونحوه: يقال: سَال الوَادِي استعارةً، وإِنَّما سَال مَاؤُه، قال الله عز وجل: {فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ}، (2) وقال: {فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ}، (3) وفي الحديث: "جَاءَ سَيْلٌ فَكَسَا ما بَيْن الجَبَلَيْن"، (4) وقال الله عز وجل: {فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ}. (5)
سُمِّي سَيْلاً، لأن الماء يَسِيلُ فيه: والسائلُ: الجَارِي، وقد سأل يَسِيلُ سَيْلاً وسَيَلاَناً.
1195 - قوله: (الغَالِبُ منه التَوَى)، الغالبُ: تقدم، (6) وهو الأكثر في أَحْوَالِه، و (التَوَى)، مَقْصُورٌ: هلاَكُ المالَ، يقال: تَوِيَ المال - بالكسر - يَتْوِي تَوىً، وأَتْوَاهُ غَيْرُه، وهذا مالٌ تَوٍ. (7)
1196 - قوله: (في وقت أَمْكَنه فلم يَفْعَل)، بغير تنوينٍ، وروي: "في وقتٍ" بالتنوين، وروى: "أمكنه ذلك"، (8) وكلُّه بمعنًى وَاحِدٍ.
__________
(1) انظر: (الصحاح: 6/ 2446 مادة غشى).
(2) سورة سبأ: 16.
(3) سورة الرعد: 17.
(4) جزء من حديث أخرجه البخاري في مناقب الأنصار: 7/ 147، باب أيام الجاهلية بلفظ مماثل، حديث (3833).
(5) سورة الرعد: 17.
(6) انظر في ذلك: ص 535.
(7) انظر: (الصحاح: 6/ 2290 مادة توا).
(8) هذا المثبت في المختصر: ص 129.
(3/601)
________________________________________
والإِمْكَان: التَّمَكُن من الفعل: وهو القُدْرَةُ عليه.
1197 - قوله: (ضاعَت)، ضَاع الشَّيْءُ يَضِيعُ ضياعاً: إذا ذَهَب منه.
وأَمَّا الضِّيَاعُ: فجمع ضَيْعَة. (1)
وقال بعض الأدباء:
فَدِيوَانُ الضِّيَاع بفتح ضادٍ ... وديوانُ الخَرَاجِ بغَيْرِ جِيمٍ (2)
والضَيْعَةُ: إحدى الضِّيَاع - وهي القرية - وبمعنى الضَيَاع، وفي حديث هاجر: (3) "أنَّ الملك قال لها لا تخَافُوا الضَيْعَة"، (4) وفي الصحيح: أَنَّ امرأةً قالتْ لعُمَر وقد خَفت عليهم الضَّيْعَة"، (5) كلُّ ذلك بمعنى الضَّيَاع.
1198 - قوله: (من حِرْزٍ)، بكسر "الحاء": المكان الحصين كما تَقَدَّم. (6)
1199 - قوله: (قَرع بينهما)، وروى: "أقرع بينهما"، (7) وقد تقدَّم ذلك. (8)
__________
(1) وكذلكـ "ضِيَعٌ" أيضاً، مثل: بَدْرةٍ وبَدَرٍ. (الصحاح: 3/ 1252 مادة ضيع).
(2) هو محمد بن يزيد المراعي، قاله لما ولي الفضل بن مروان ديوان الخراج، وموسى بن عبد المك ديوان الضياع.
انظر: (محاضرات الأدباء للراغب الأصبهاني: 1/ 98).
(3) هي أم إسماعيل عليهما السلام، وزوج النبي الخليل إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.
(4) جزء من حديث طويل أخرجه البخاري في الأنبياء: 6/ 396 باب: يزفُّون النَّسَلان في المشي، حديث (3364).
(5) لم أقف له على تخريج. والله أعلم.
(6) انظر ذلك في: ص 539.
(7) كذا في المختصر: ص 130، والمغني: 7/ 294.
(8) انظر ذلك في: ص 481.
(3/602)
________________________________________
كتاب: قَسْم (1) الفَيْء والغَنِيمة والصَدَقة
الفَيْءُ في الأَصْل، مصدر فاءَ يَفِيءُ فَيْئَةً وفُيُوءًا: (2) إِذا رَجَع، ((3) قال الله عز وجل: {فَإِنْ فَاءُوا}: (4) أي رَجَعُوا، وقال: {حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ}، (5) هذا معناه اللُّغَوِي.
وفي الاصطلاح: قال الشيخ: "هو ما أُخِذ من مَال مُشْرِكٍ بحالٍ، ولم نوجِف عليه بخَيْلٍ ولا رِكَاب". (6)
و(الغَنِيمَة)، إِحدى الغنائم، يقال: غَنِمَ فُلاَنٌ الغنيمةَ يَغْنَمُها.
وأصل الغَنِيمةَ: الربحُ والفَضْل، (7) وفي حديث عبد الله بن جبير: (8)
__________
(1) كذا في "المختصر: ص 131"، وفي "المغني: 7/ 297 ": "باب: قسمة الفيء والغنيمة والصدقة".
(2) يقال: فاء يفيء فَيْئاً وإفَاءةٌ، والجَمْع كذلك: أَفْيَاءٌ. (الصحاح: 1/ 63 - 64، مادة فيا).
(3) ومنه سُمِّي الظل فَيْئاً لرجوعه من جانب إلى جانب. قال ابن السكيت: الظِلُّ: ما نَسَخَتْه الشمس، والفَيْءُ: ما نَسخ الشمس. (الصحاح: 1/ 64 مادة فيأ).
(4) سورة البقرة: 226.
(5) سورة الحجرات: 9.
(6) انظر: (المختصر للخرقي: ص 131)، وهو كالجزية، والخراج، والعشر، وما تركوه فزعاً وخمس خمس الغنيمة، ومال مَنْ مات لا وارث له فيصرف في المصالح، ونصف عشر تجارات أهل الذمة وغيرها. انظر: (المقنع: 1/ 514، المغني: 7/ 297).
(7) انظر: (الزاهر: ص 280، المطلع: ص 216، لغات التنبيه: ص 136).
(8) في الأصل: عبد الله بن عباس، ولم أقف على الحديث بهذا اللفظ له، والله أعلم. =
(3/603)
________________________________________
"أنَّهم قالوا: الغنيمة، أي قوم الغَنِيمة". (1) وفي الحديث عن الشتاء: "فهو الغنيمةُ البَارِدَة"، (2) قال الله عز وجل: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ}. (3) وللغنيمة عند العرب أَسماءٌ منها: الخُبَاسة، والهبَالَة، والغُنَامَى. (4)
وفي الاصطلاح: فسَّرها الشيخ: "بأَنَّها ما أُوجِفَ عليه". (5)
و(الصدَقة)، بفتح "الصاد" و" الدال"، وقد تَقَدَّمَت وفي الحديث: "أنه عليه السلام كَان إِذا أَتاهُ أحدٌ بِصَدَقة"، (6) وجَمْعُها: صَدقَاتٍ، قال الله عز
__________
= أما ابن جبير، فهو الصحابي عبد الله بن جبير بن النعمان بن أمية بن امرئ القيس، الأنصاري الأوسي، شهد العقبة وبدرا وأحدا واصتشهد فيها قتله عكرمة بن أبي جهل ومثل به. أخباره في: (سير الذهبي: 2/ 331، ابن سعد 3/ 475، التاريخ الكبير: 5/ 60، الاستيعاب: 3/ 877، أسد الغابة: 3/ 194، الجرح والتعديل: 5/ 27).
(1) أخرجه أبو داود في الجهاد: 3/ 51، باب في الكمناء، حديث (2662)، وأحمد في المسند: 4/ 293، كما أخرجه البخاري بنحوه في المغازي: 7/ 349، باب غزوة أحد، حديث (443)، وابن سعد في الطبقات: 3/ 475.
(2) أخرجه الترمذي في الصوم: 3/ 162، باب ما جاء في الصوم في الشتاء بلفظ قريب منه حديث (797)، قال أبو عيسى: هذا حديث مرسل: عامر بن مسعود راوي الحديث لم يدرك النبي - صلى الله عليه وسلم -. كما أخرجه أحمد في المسند: 4/ 235.
(3) سورة الأنفال: 41.
(4) انظر: (المطلع: ص 216)، وزاد الأزهري في: (الزاهر: ص 280): "والجدافاة، يقال: اختبست خباسة، واهتبلت هبالة، واغتنمت غنيمة".
(5) انظر: (المختصر: ص 131).
وقال في "المغني: 7/ 297 ": "والغنيمة: ما أخذ بالقهر والقتال من الكفار" وحكى صاحب "المغربـ" عن أبي عبيد أنه قال: "الغنيمة: ما نيل من أهل الشرك عنوة والحرب قائمة، والفيء: ما نيل منهم بعدما تضع الحرب أوزارها وتصير الدار دار الإسلام". انظر: (المغرب: 2/ 114 - 115).
كما يرجع في تعريف الغنيمة والفيء إلى: (الزاهر: ص 280، المطلع: ص 216، التعريفات: ص 162 - 170، النهاية لابن الأثير: 3/ 389، المصباح: 2/ 108 - 143، أنيس الفقهاء: ص 183، لغات التنبيه: ص 36، الصحاح: 1/ 64 مادة فيأ).
(6) أخرجه البخاري في المغازي: 7/ 448، باب غزوة الحديبية، حديث (4166)، ومسلم في =
(3/604)
________________________________________
وجل: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ}، (1) وفي الحديث: "هذه صدَقاتُ قَوْمِنَا". (2)
1200 - قوله: (مشرك)، المشرك: يطلق على كل كافر، وأصله من أشرك مع الله غيره، وجمعه مشركون.
1201 - قوله: (نوجف)، الإيجاف: التخويف، وقد أوجف يوجف: إذا خاف، (3) قال الله عز وجل: {فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلَا رِكَابٍ}. (4) و (الخيل)، معروفة، ولا واحد لها من لفظها، وواحدها: فرس.
و(الركاب)، هي الإيل. (5)
1202 - قوله: (في الكراع)، قال الزركشي: "الكراع: الخيل"، (6) وفي
__________
= الزكاة: 2/ 756، باب الدعاء لمن أتى بصدقة، حديث (176) وأبو داود في الزكاة: 2/ 106، باب دعاء المصدق لأهل الصدقة، حديث (1590) وابن ماجة في الزكاة: 1/ 572، باب ما يقال عند اخراج الزكاة، حديث (1796).
(1) سورة التوبة: 60.
(2) جزء من حديث أخرجه البخاري في العتق: 5/ 170، باب من ملك من العرب رقيقاً فوهب وباع وجامع، حديث (2543)، ومسلم في فضائل الصحابة: 4/ 1957، باب من فضائل غفار وأسلم وجهينة وأشجع ومزينة وتميم وطيء، حديث (198).
(3) ومنه قوله تعالى في سورة النازعات: 8 {قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَة} قاله ابن عباس رضي الله عنهما وابن الكلبي. (النكت والعيون: 4/ 393، اللسان: 9/ 352، مادة وجف).
والإيجاف كذلك: الأعمال، وقيل: الإسراع. والوجيف: ضرب من الخيل والإبل. يقال: وَجَف يجفُ وَجْفاً ووَجِيفاً. انظر: (لغات التنبيه: ص 136، الزاهر: ص 280، اللسان: 9/ 352 مادة وجف، المغرب: 2/ 343).
(4) سورة الحشر. 6.
(5) وقال الأزهري: "هي الرواحل التي تعد للركوبـ" (الزاهر: ص 182).
(6) وأصل: الكراع: ما دون الكب من الدواب، وما دون الركبة من الإنسان، ثم سمي به الخيل خاصة، وجمعه: أَكْرعُ، وأَكَارعُ، وعن محمد بن الحسن: "الكراع: الخيل والبغال والحمير" كله عن (المغرب: 2/ 215).
(3/605)
________________________________________
الحديث) "ثم يجعل ما بقي في الكراع والسلاح"، (1) وقد نص أحمد على أنه يصرف في الكراع والسلاح، فتبعه الشيخ في لفظه.
والكُراع أيضاً: كُراع الشاة، (2) وفي الحديث: "لو دعيت إلى كراع لأجبت"، (3) وفي حديث المرأة التي وقفت لعمر: "ولا تنضجون كراعاً". (4)
1203 - قوله: (والسِّلاح)، السلاحُ: ما يُتَسَلَّح به من العَدُوِّ، وفي حديث سراقة: (5) "فكان أَوَّل النهار جاهداً على نبي الله - صلى الله عليه وسلم -، وكان آخر النَّهار مَسْلَحةً لَهُ". (6)
والسلاحُ: عُدَّة الحرب، مثل: السيف والقَوْس ونحو ذلك.
1204 - قوله: (ومَصَالِح)، الَمصَالِحُ: جمع مَصْلحةٍ، وهي مفْعَلة من الصَّلاَح ضِدّ الفساد: أي تُصْرَف في مَصَالِح المسلمين العامة، كـ "سَدِّ
__________
(1) أخرجه البخاري في الجهاد: 6/ 93، باب الِمجَنَّ ومَن يترَّس بتُرس صاحبه، حديث (2904)، والترمذي في الجهاد: 4/ 216، باب ما جاء في الفيء، حديث (1719)، وأبو داود في الإمارة: 3/ 141، باب في صفايا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأموال، حديث (2965)، والنسائي في الفيء: 7/ 119، باب قسم الفيء، وأحمد في المسند: 1/ 25 - 48، 6/ 53.
(2) وهو مُسَتَدَّق الساق، يَذكَّر ومُؤَنَّث قاله الجوهري في: (الصحاح: 3/ 1275 مادة كرع).
(3) يأتي تخريجه في ص: 843
(4) لم أقف له على تخريج. والله أعلم.
(5) هو سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي الكناني، أبو سفيان، صحابي كان في الجاهلية قائفاً، أخرجه أبو سفيان ليقتاف أثر الرسول - صلى الله عليه وسلم - حين خرج إلى الغار مع أبي بكر أسلم بعد غزوة الطائف، توفي 24 هـ. أخباره في: (أسد الغابة: 2/ 331، الاستيعاب: 2/ 119، الإصابة: 3/ 69، الاعلام: 3/ 80).
(6) جزء من حديث أخرجه البخاري في مناقب الأنصار: 7/ 249، باب هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه إلى المدينة، حديث (3911)، وأحمد في المسند: 3/ 211، 5/ 420.
(3/606)
________________________________________
الثغور، (1) والبُثُوق، (2) وعمل القناطر" ونحو ذلك. والله أعلم.
1205 - قوله: (في صلبية بني هاشم)، الصلبية: ما كان من ولده لصُلْبِه.
وقال الزركشي: "صلبية بني هاشم: يعني أولاَدُه خاصةً، دون مَنْ يُعَدُّ معَهُم من مَوالِيهم وحُلَفَائِهم"، (3) وهو مُتَّفَق كلاَم غيره من أصحابنا وغيرهم من أهْل اللُّغة. (4) والله أعلم.
1206 - قوله: (غَنِيُّهم وفَقِيرهُم)، الغَنُّي: صاحب الغِنَى، وهو كثرة المال، والسعة في الرزف. والفقيز: ضِدُّه، قال الله عز وجل: {إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا}، (5) وقال: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ}، (6) وتقدم معنى الفقير. (7)
__________
(1) الثغور: جمع ثَغْر، وهو موضع المخافة من فروج البلدان. قاله الجوهري في: (الصحاح: 2/ 605، مادة ثغر).
وقال الأزهري: "الموضع المُخَوّف بينك وبيْن العدو، لأنه كالثُلْمَة بينك وبينه، ومنه يهجم عليك العدو". (الزاهر: ص 366).
(2) أما البُثوق، جمع بَثْق: وهو المكانْ المنفتح في أحد جانبي النهر، يقال: بثق السيل الموضع يَبْثق بَثْقاً بـ"الفتح والكسر": أي خرقه. قاله صاحب (المطلع: ص 219).
(3) قال القاضي: "وقد قال أحمد في رواية حنبل وابن منصور: إذا وصَّى لبني هاشم لا يكون لمواليهم شيء، وهذا من كلامه يدل على أنه لاحق لهم في خمس الخمس"، (الأحكام السلطانية: ص 137).
(4) انظر: (المغني: 7/ 403، الأحكام السلطانية: ص 137، الإنصاف: 4/ 199 - 200).
(5) سورة النساء: 135.
(6) سورة فاطر: 15.
(7) بل ويأتي معنى الفقير في ص 609.
(3/607)
________________________________________
1207 - قوله: (في ابن السبيل)، (1) هو المُسافر المنقطع به، والسبيل: الطريق، سُمِّي هذا المسافر بذلك، للزُومِه الطَريق.
1208 - قوله: (بالسَّوِية، غنيهم وفقيرُهُم إلّا العبيد)، (2) وفي بعض النسخ: "غنيهم وفقيرهم فيه سواءٌ إِلَّا العبيد"، (3) ولا حاجةَ إلى ذلك لتعدية أول اللفظ.
1209 - قوله: (الفارس)، الفارس: هو صاحب الفَرس، وجمعُه: فُرسان، مثل: راهِبٌ وَرُهْبَانٌ.
1210 - قوله: (إِلَّا أنْ يكون الفَارِس على هَجِين)، الهجينُ: الذي أُمُّه غير عربية. (4)
1211 - قوله: (للفُقَراء)، ثم فسَّرهم فقال: "وهم الزَمْنَى" (5) واحدهم زَمِنُ، وهو الذي لا يستطيع القيام. (6)
و"الَمكافِيف" (7) واحِدُهم مكْفُوفٌ، وهو الأَعْمَى، ثم قال: "الذين
__________
(1) في المختصر: ص 131: "في أبناء السبيل" وفي "المغني: 7/ 307": لابن السبيل.
(2) كذا في المختصر: ص 131.
(3) كذا هو ثابت في "المغني: 7/ 307".
(4) كما يطلق الهجن في الناس والخيل على الذي ولدته أمه، فإذا كان الأب عتيقاً والأم ليست كذلك كان الولد هجيناً. قال هذا الجوهري في: (الصحاح: 6/ 2217 مادة هجن) والأزهري في: (الزاهر: ص 320)، والمطرزي في: (المغرب: 2/ 379).
وخلاف الهجين: المُقْرِف: أي الذي أمه عربية وأبوه غير ذلك.
والصرِيحُ: هو ابن عربيين. انظر: (المغرب: 2/ 379، الزاهر: ص 320).
(5) انظر: (المختصر: ص 132).
(6) قال في "الصحاح: 5/ 2131 مادة زمن": "أي مُبْتَلْى بَيِّن الزمانة".
وقال الفيومي: "وهو مرض يدوم زماناً طويلاً". (المصباح: 1/ 275).
(7) انظر: (المختصر: ص 132).
(3/608)
________________________________________
لاَ حِرْفَةَ لَهُم"، (1) ثم فَسَّر الحرفة بـ"الصَّنْعَة". (2)
وقد قال ابن مالك في "مثلثه": "الحَرْفَةُ: المرة من حَرف الكلمة بمعنى حَرَّفها" والحِرْفَة: مما يُحَاوِلُه الُمحْتَرِف. والحُرْفَةُ: الحَبَّة من الحُرْف، وهو شِبْه الخَرْدَل، قال: والحُرْفَةُ أيضاً: اسم للمُحَارَفَة، مصدر حُورِفَ الرَّجُلُ: إِذا قُتِّر عليه الرزق". (3)
ثم قال: "ولا يَمْلِكون خَمسين دِرهماً، أو قيمتها من الذهب"، (4) وهذا يحتمل أن يكون صفة للزَمْنَى والمكافيف، ويحتمل أن تكون "الواو" بمعنى "أو"، كما هو في بعض النسخ.
فعلى الأول: (5) الفقر مختص بالزمنى والمكافيف، بشرط أن لا يملكوا خمسين درهما، ولا قيمتها من الذهب، وعلى هذا مَنْ هو قَادِر على العمل ليس بفَقِيرٍ.
وعلى الثاني: (6) الفقراء هم: الزمنى والمكافيف، ومن لا يملك خمسين دِرهماً أو قيمتها من الذهب، وعلى هذا يدفع إلى الزمنى والمكافيف ولو ملكوا خمسين درهماً، أو قيمتها من الذهب.
__________
(1) و (2) انظر: (مختصر الخرقي: ص 132).
(3) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 144).
(4) انظر: (المختصر: ص 132).
(5) أي: إذا حمل قوله: "ولا يملكون خمسين درهما أو قيمتها من الذهب" على الصفة للزمنى والمكافيف.
(6) أي: إذا حمل "الواو" بمعنى "أو".
(3/609)
________________________________________
1212 - قوله: (والمساكينُ)، ثم فسَّرهم بأَنَّهم (السُؤَّال، وغير السُؤَّال، ومن لَهُم الحِرفة إِلَّا أَنَّهم لا يملكون خمسين درهماً، أو قيمتها من الذهب"، (1) وهذا ليس هو المذهب في القسمين.
والمذهب: أن الفقير، هو مَنْ لاَ يجد ما يقع موقعاً من كفايته.
والمسكين: هو الذي يجد معظم الكفاية، (2) ولو ملك خمسين أو قيمتها من الذهب والله أعلم.
1213 - قوله: (والعاملين عليها)، (3) ثم فسَّرهم بأَنَّهم الجُباة لها، واحِدُهُم: جابي: لأَنه يُجِبِيها. (4) والحافظون لها، واحدهم: حَافِظ، وهو النَاظِر ونحوه.
1214 - قوله: (المؤلفة قُلُويهم)، واحدهم: مَؤَلَّفٌ، ثم قال: "وهم المشركون المتَأَلَّفُون على الإسلام)، (5) مِمَّن يُرْجَى إسلاَمه، (6) أو يُخْشَى
__________
(1) انظر: (المختصر: ص 132).
(2) أو نصف الكفاية، ومثل له صاحب "المغني: 7/ 314 " فقال: "مثل من يكفيه عشرة فيحصل له من مكسبه أو غيره خمسة فما زاد". فالمسألة إذاً نسبية، وليست محددة بقيمة معينة. أما الفقير: فهو الذي لا يحصل له إلَّا ما لا يقع موقعاً من كفايته كالذي يحصل له إلَّا ثلاثة أو دُونَها. انظر: (المصدر السابق: 7/ 314).
(3) كذا في "المختصر: ص 132"، وفي "المغني: 7/ 317": "والعاملين على الزكاة".
(4) والجباة: هم السعاة الذين يبعثهم الإمام لأخذها من أربابها وجمعها وحفظها ونقلها، ومَنْ يُعينهم مِمَّن يَسُوقها وَيرْعَاها ويحْملها، وكذلك الحاسب والكاتب والكيّال والوَزّان والعَدَّاد وكلُّ مَن يحتاج إليه فيها انظر: "المغني: 7/ 317".
(5) انظر: (المختصر: ص 132).
(6) فيعطى هذا لتقوى نيته في الإسلام، وتميل نفسه إليه فيسلم، وهذا ما فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - مع صفوان بن أمية يوم خرج معه إلى حنين وهو كافر.
أخرج مسلم في الفضائل: 4/ 1806، باب ما سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شيئاً قط فقال: لا وكثرة =
(3/610)
________________________________________
شره، (1) قال غيره: "أو مسلم يرجى قوة إيمانه، أو إسلام نظيره، أو أنه يأخذ لنا الزكاة ممن لا يعطها. (2)
وعن أحمد رحمه الله: انقطع حكم المؤلفة. ((3)
1215 - قوله: (وفي الرِّقاب)، واحِدُهم: رَقَبةٌ، وفي الحديث: "أي الرقاب أفضل" (4) ثم فَسَّر الرقاب بأنهم المكاتبون، (5) ولا خلاف في ذلك.
__________
= عطائه، حديث (59) عن ابن الشهاب قال: غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزوة الفتح فتح مكة، ثم خرج رسول الله بمن معه من المسلمين فاقتتلوا بحنين، فنصر دينه والمسلمين، وأعطى رسول الله يومئذ صفوان بن أمية مائة من النعم، ثم مائة، ثم مائة. قال سعيد بن المسيب: أنَّ صفوان قال: والله لقد أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أعطاني، وإنه لأبغض الناس إليَّ، فما برح يعطيني حتى أنَّه لأحب الناس إليَّ.
(1) روي عن اين عباس رضي الله عنهما: "أن قوما كانوا يأتون النبي - صلى الله عليه وسلم - فإن أعطاهم مدحوا الإسلام وقالوا هذا دين حسن، وإن منعهم ذموا وعابوا. انظر: (المغني: 7/ 320).
(2) قال في "المغني: 7/ 320": "لأن أبا بكر أعطى عدي بن حاتم، والزبرقان بن بدر مع حسن نياتهما وإسلامهما".
(3) نقل هذه الرواية حنبل عن الإِمام أحمد رحمه الله. ووجه المنع: أن عمر وعثمان وعليا ما كانوا يعطون المؤلفة شيئاً، ولأن الله تعالى قد أعز الإسلام عن أن تألف له من يكف شره من المشركين، أو يرجى إسلامه منهم.
أما الرواية الثانية: وهي الجواز، نقلها أبو طالب وابن الحارث، وهو اختيار الخرقي وأبي بكر وغيرهما ووجه هذه الرواية: أن حكمهم حكم الفقراء، والمساكين والعاملين ولأن المعنى الذي كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعطيهم من أجله ما زال قائماً بعد وفاته فيجب أن يعطيهم. انظر: (الراويتين والوجهين للقاضي أبي يعلى: 2/ 43).
(4) أخرجه البخاري في العتق: 5/ 148، باب أي الرقاب أفضل، حديث (2518) ومسلم في الإيمان: 1/ 89، باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، حديث (136) وابن ماجة في العتق: 2/ 843، باب العتق، حديث (2522)، ومالك في العتق والولاء: 2/ 779، باب فضل عتق الرقاب وعتق الزانية وابن الزاني، حديث (15)، وأحمد في المسند: 2/ 388.
(5) انظر: (المختصر: ص 132).
(3/611)
________________________________________
* مسألة: - أصح الروايتين، أنه لا يشتري منها رقبة يعتقها. (1)
1216 - قوله: (والغارِمُون)، واحد هم: غَارِم، ثم فَسَّرهم: "بأَنَّهم المدينون" (2) واحِدُهُم: مَدين: أي عليه دَيْن، قال: "العاجزون عن وفاء دَيْنِهم"، (3) وليس الأمر على ما أُطْلِق، بل المدينون ثلاثة أقسام:
الأول: مَن غَرم لإصلاخ ذات البَيْن، وهو أن تُقْتَتَل فِئَتَان من المسلمين، فيَتحَمَّل حمالة، ليصلح بينهم، فيجوز أَنْ يُعْطَى. (4)
الثاني: مَنْ غَرم لإِصلاح نفسه، أو لإِصْلاَح غيره في مُحَرَّمٍ، (5) فلا يجوز أن يدفع إِليه.
الثالث: من غرم لإصلاخ نفسه في مباح، في جواز الدفع إِليه وجهان. (6) فإِن غرم لإصلاح نفسه في نُزْهَةٍ لم يدفع إِليه في الأصح. (7)
__________
(1) وهي رواية المروذي وصالح، قال القاضي: "وهو أصح، لأنهم صنف من أهل الصدقات، فوجب أن يكونوا على صفة يصح صرف الصدقة اليهم كسائر الأصناف" (الروايتين والوجهين: 2/ 44). أما الرواية الثانية، وهي جواز أن يعتق من زكاته رقبة كاملة، نقلها الميموني وابن منصور. والقول القديم لأحمد ثم تراجع عنه. قال القاضي: "وهو اختيار الخرقي" ولم يظهر ذلك منه، وخصوصاً أنه ذكر الرواية بصيغة التضعيف. انظر: (الروايتين والوجهين: 2/ 44، مختصر الخرقي: ص 132، المغني: 7/ 322 - 323).
(2) و (3) انظر: (المختصر: ص 132).
(4) قال في "المغني: 7/ 324": "وكانت العرب تحرف ذلك، وكان الرجل منهم يتحمل الحمالة، ثم يخرج في القبائل فيسأل حتى يؤديها، فورد الشرع بإباحة المسألة فيها، وجعل له نصيباً من الصدقة".
(5) وكذلك كمن غرم في معصية مثل أن يشتري خمراً، أو يصرفه في زنا، أو قمار، أو غناء، أو نحوه ممَّا نهى عنه الشارع.
(6) ذكر الوجهان، صاحب "الفروع: 2/ 618" ولم يُبَيِّنَ مَا هُمَا.
(7) ولم أر من ذكر هذا من فقهاء المذهب، فكلهم على الجواز ما دام في مباح من غير قيد. انظر: =
(3/612)
________________________________________
1217 - قوله: (وفي سبيل الله)، ثم فسرهم بأنهم "الغزاة"، (1) وهو كذلك، إلَّا أنه أخل بقيده، فإنهم الغزاة الذين لا ديوان لهم. (2)
1218 - قوله: (فَيُعْطَون ما يَشْتَرُون به الدواب)، جمع: دابة.
والسِّلاح: تقدم، (3) [وهو] ما يتقوون به على العدو من القوة. والدواب، والسلاح من جُملة القُوَّة.
1219 - قوله: (وُيعْطَى أيضاً في الحج، وهو من سبيل الله)، اختلف الأصحاب في الحج: هل هو من سبيل الله؟ على وجهين.
أختار الأكثر: أنه من سبيل الله، (4) واختار جماعة: لا، (5) والله أعلم.
__________
= (المنتهى: 1/ 209، الإنصاف: 3/ 233، المغني: 7/ 324، مطالب أُولي النهي: 2/ 144، كشاف القناع: 2/ 282).
(1) انظر: (المختصر: ص 132).
(2) قال هذا صاحب "المغني: 7/ 326"، وقيده في (الفروع: 2/ 621) و (الإنصاف: 3/ 235): "بشرط أن يكون فيه ما يكفيه، فإن لم يكن فيه ما يكفيه فله أخذ تمام ما يكفيه ولو كان غنياً".
(3) انظر ذلك في: ص 606.
(4) وهي رواية الميموني وعبد الله والمروذي، واختيار الخرقي، والقاضى، وصاحب الإنصاف وغيرهم. انظر: (الروايتين والوجهين: 2/ 45، مختصر الخرقي: ص 132، الإنصاف: 3/ 235). قال في "الفروع: 2/ 624": "والحج من السبيل، نُصَّ عليه، وهو المذهب عند الأصحاب".
(5) وهي الرواية الثانية عن أحمد رحمه الله، نقلها حنبل وصالح وإسحاق بن إبراهيم، وهو اختيار صاحبى "المغنى والشرح" وبه جزم صاحب "الوجيز". انظر: (الروايتين والوجهين: 2/ 45, المغني: 7/ 327، الشرح الكبير: 2/ 701، الإنصاف: 3/ 235، الفروع: 2/ 624).
(3/613)
________________________________________
كتاب: النِّكاح
النِّكاحُ في كلاَم العرب: الوطْءُ، قاله الأزهري (1).
وقيل للتَّزويج: نكاحٌ، لأَنَّه سبَبُ الوَطْءِ، (2) ويقال: نكَح المطرُ الأَرض، ونكَح النُّعَاسُ عَيْنَه.
وعن الزَجاجي: (3) "النكاح في كلام العرب بمعنى الوطء والعقد جميعاً.
وموضوع نكح في كلامهم: لِلُزوم الشَّيْءِ، راكباً عليه.
قال ابن جني: (4) سألت أبا علي الفارسي عن قولهم: نكَحها؟ فقال:
__________
(1) انظر: (تهذيب اللغة: 4/ 103 مادة نكح)، وبه قال صاحب (المغرب: 2/ 326).
(2) انظر: (الحلية لابن فارس: ص 165، المصباح: 2/ 295، لغات التنبيه: ص 94، طلبة الطلبة: ص 38).
(3) في الأصل: الزجاج، ولعله سبقه قلم من المصنف.
أما الزجاجي، فهو أبو القاسم عبد الرحمن بن إسحاق الزجاجي البغدادي، شيخ العربية وعالم النحو. صنف الكثير، ولقب بـ"الزجاجي" نسبة إلى شيخه الزجاج، توفي 340 هـ. أخباره في: (طبقات النحويين واللغويين: ص 129، نزهة الألباء: ص 211، الأنساب: 6/ 256، إنباه الرواة: 2/ 160، وفيات الأعيان: 3/ 136، سير الذهبي: 15/ 475، بغية الوعاة: 2/ 77).
(4) هو أبو الفتح عثمان بن جني الموصلي، العلّامة النحوي اللغوي صاحب التصانيف وعلى رأسها "الخصائص" جلس لأبي الفرج الإصبهاني، وأبي علي الفارسي وغيرهما. توفي 392 هـ أخباره في (تاريخ بغداد: 11/ 311، نزهة الألباء: ص 332، المنتظم: 7/ 220، معجم الأدباء: 12/ 81، انباه الرواة: 2/ 335، اللباب: 1/ 299، سير الذهبي: 17/ 17).
(3/614)
________________________________________
فَرَّقَت العرب تفريقاً لفظياً ئعرف به موضع العَقْد من الوطء، فإِذا قالوا: نكح فُلاَنَةً، أو بنْت فلانٍ، أَرادُوا: تَزَوَّجها وعَقَد عليها. وإذا قَالُوا: [نكَح امْرَأَتَه أو زَوْجَه، لم يريدُوا إلَّا المُجامعة، لأَن بِذكْرِ امرأته] (1) وزوجه يستغنى عن العَقْد". (2)
وقال الجوهري: "النكاح: الوطءُ, وقد يكون: العَقْدُ، تقول: نكحْتها ونكَحَت هي: أي تَزَوَّجت". (3)
وهو شَرْعاً: العَقْدُ. قال القاضي وجماعة: "هو حقيقةٌ في العَقْد والوطء جميعاً" (4).
وقيل: "بل هو حقيقة في الوَطْء، مجازٌ في العَقْد، اختاره جماعة، ولعلَّه أَظْهر. (5)
وقيل: هو حقيقة في العقد مجازٌ في الوطء. (6)
__________
(1) زيادة من لغات التنيه يقتضيها السياق.
(2) حكاه النووي عن الزجاجي في (لغات التنيه: ص 94).
(3) انظر: (الصحاح: 1/ 413 مادة نكح).
(4) انظر: (شرح الخرقي للقاضي أبي يعلي: 1/ 1). وانظر: (المغني: 7/ 333، الإنصاف: 8/ 5)، وحكى هذا القول ابن هبيرة عن مالك وأحمد رحمهما الله. انظر: (الإفصاح: 2/ 114)، وعلى هذا يكون من الألفاظ المتواطئة، حيث لا يكون حقيقة إلَّا عليهما مجتمعين لا غير.
وقيل: هو من قبيل المشترك، فهو حقيقة في كل واحد منهما بانفراده. قال في: (الإنصاف: 8/ 5): وعليه الأكثر.
(5) ومستند هذا ما حكى عن جماعة من أهل اللغة: أنه بمعنى الوطء. قال في: (الإنصاف: 8/ 4): "اختاره القاضي في أحكام القرآن"، واختياره كذلك في: (شرح الخرقي: 1/ 2).
(6) اختار هذا صاحب (المغني: 7/ 333، والشرح: 7/ 333، والإنصاف: 8/ 4 وغيرهم). =
(3/615)
________________________________________
1220 - قوله: (إلَّا بِوَليٍّ)، الوليُّ: مَن لَهُ الولاية على المرأة، وفي الحديث: "لا نِكَاح إلَّا بولي". (1)
1221 - قوله: (ثم السُّلطان)، السلطانُ: هو الإِمام، أو نائِبُه، وقد تقدَّم. (2)
1222 - قوله: (ولمْ يَعْضُلْها)، العَضْلُ: المنْعُ. يقال: عَضل المرأة يَعْضُلُها، ويعْضِلُها. بضم "الضاد" وكسرها، قال الله عز وجل: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ}. (3)
1223 - قوله: (من غير كُفْ)، الكُفْءُ - بوزن فُعْلٌ، وعُنْقٌ -: الِمثْل، والنَّظِير.
قال ابن القطاع في: "الأفعال": "كَفُوءَ الخاطب كفاءَةً [وكفَاءً]: (4) صار كفِيئاً لَمِنْ خُطِبَ إليه، وكذلك في غير النكاح". (5)
__________
= ويرجع في تعريف النكاح إلى: طلبة الطلبة: ص 38، التعريفات: ص 246، المطلع: ص 318، أنيس الفقهاء: ص 145، حلية الفقهاء: ص 165، المصباح
2/ 295 - 296).
(1) أخرْجه البخاري في النكاح: 9/ 182 في الترجمة، باب من قال: لا نكاح إِلَّا بولي، والترمذي في النكاح: 3/ 407، باب ما جاء لا نكاح إلَّا بولي، حديث (1101)، أبو داود في النكاح: 2/ 229، باب. في المولى، حديث (2085)، وابن ماجة في النكاح: 1/ 605، باب لا نكاح إلَّا بولي، حديث (1880)، والدارمي في النكاح: 2/ 137، باب النهي عن النكاح بغير ولي.
(2) انظر في ذلك: ص 257.
(3) سورة البقرة: 232.
(4) زيادة من كتاب الأفعال.
(5) انظر: كتاب الأفعال: 3/ 102).
(3/616)
________________________________________
وقال أبو السعادات: الكُفْءُ: النظِير، والمساوي، ومنه الكفاءَةُ في النكاح، وهو أنْ يكون الزوج مساوياً للمرأة في حَسَبِها، ودِيِنها ونَسَبِها، وبيتِها وغير ذلك". (1)
وجَمْع الكُفْء: أَكِفَّاءُ، ثم فسَّر الشيخ الكُفْءُ بأَنَّه: والدِّين والَمنْصِب". (2)
فالدِّين: معروفٌ، والَمنْصِب - بفتح "الميم" وسكون "النون"، وفتح "الصاد" وكسرها -: مَا هُو مُنْتَصَبٌ فيه من الدنيا، من صناعة، وَرِزْقٍ ونحو ذلك.
1224 - قوله: (البِكر)، الجارية ما لَمْ تُفْتَضَّ، وجَمْعُها: أَبكارٌ، قال الله عز وجل: {فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا}، (3) وفي الحديث: "لَمْ يتَزَوّج بِكْراً غيرها"، (4) وفي حديث آخر: "البِكْرَان يُجْلَدَان". (5)
وقال ابن مالك في "مثلثه": "البَكْرُ من الإبل: ما لَمْ يُثْنِ، والبِكْر: الشابُ الذي لم يَنْكِح، والشابة التي لَم تنْكَح، والبقرة التي لم تَحْمِل، وأوَّلُ ولَدِ الوالِدَيْن من الناس والإبل، وكلاَ والِدَيْ أؤَل ولدٍ، والنار التي لَمْ تُقْبَس من نارٍ، والحاجة التي لم تُسْبَق بغيرها، وأَوَّلُ كلِّ أَمْرٍ.
__________
(1) انظر: (النهاية في غريب الحديث: 4/ 180).
(2) انظر: (المختصر: ص 135).
(3). سورة الواقعة: 36.
(4) جزء من حديث أخرجه البخاري في النكاح: 9/ 120، باب نكاح الأبكار، حديث (5077).
(5) لم أقف له على تخريج. والله أعلم.
(3/617)
________________________________________
قال: والبُكْرُ [جَمْع بَكُورٍ]: (1) وهو الغَيْثُ الُمبَكِّر أَوَّل الوَسْمِيِّ، أَوْ السَّاري آخر اللَّيْل النازل أَوَّل النَّهَار، والناقة الُمبَكِّرة بالنِّتاج، والنَّخلة الُمبَكِّرة بالإِدْرَاك". (2)
قُلْتُ: وأَوَّل النَّهار بُكْرَة، وجَمْعُها: بكُورٌ، وفي الحديث: "بورك لأُمَتِي في بُكُورِها" (3) وروي: "في بُكْرَتِها". (4)
1225 - قوله: (وإِنْ كَرِهَت)، الكراهةُ: عدمُ الرضا.
1226 - قوله: (الثَّيِّب)، الثَّيبُ: من تَزوَّج من الرجال والنساء، وقد ثَاب الشيءُ، رجَعَ، وفي الحديث: "الثَّيِّبُ تُسْتَأْمَر"، (5) وفي الحديث جابر: "بِكْراً أمْ ثَيباً"، (6) وجمعُها: ثَيْبٌ على وزن عَيْبٌ.
1227 - قوله: (الكلام)، أي: النُطقُ بِلِسَانِها.
__________
(1) زيادة من المثلث.
(2) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 72).
(3) سبق تخريج هذا الحديث في: ص 276
(4) لم أقف على تخريج لهذه الرواية. والله أعلم.
(5) أخرجه البخاري في الحيل: 12/ 339، باب في النكاح بلفظ قريب منه، حديث (6968)، وأبو داود في النكاح: 2/ 231، باب في الاستئمار، حديث (2092)، والترمذي في النكاح: 3/ 415، باب ما جاء في استئمار البكر والثيب، حديث (1107)، وابن ماجة في النكاح: 1/ 601، باب استئمار البكر والثيب، حديث (1871).
(6) جزء من حديث أخرجه البخاري في النكاح: 9/ 121، باب تزويج الثيبات، حديث (5079)، ومسلم في الرضاع: 2/ 1087، باب استحباب نكاح ذات الدين، حديث (554)، وباب استحباب نكاح البكر حديث (55)، وأبو داود في النكاح: 2/ 220، باب في تزويج الأبكار، حديث (2048)، والترمذي في النكاح: 3/ 406، باب ما جاء في تزويج الأبكار، حديث (1100)، وابن ماجة في النكاح: 1/ 598، باب تزويج الأبكار، حديث (1860).
(3/618)
________________________________________
1228 - قوله: (وإِذْن البِكْرِ الصُّمَات)، بضم "الصاد": أي السُّكُوت، يقال: صَمَتَ يَصْمُتُ صَمْتاً وصُمُوتاً وصُمَاتاً: أي سكت، وفي الحديث: "إِذْنُها صُمَاتُها"، (1) وفي الحديث: "مَنْ كان حَالفاً فلْيَحْلِف بالله أو لِيَصْمُت". (2)
1229 - قوله: (ومَنْ زَوَّج غُلاماً غيرَ بالغٍ، أو معتوهاً)، بالنصب في "المعتوه" لا غير، لأنه معطوفٌ على الغُلاَم، و"غير بالغ": صفة للغلام، و"المعتُوه": معطوفٌ عليه، لا على صِفَتِه.
والمعتُوهُ: زَائِلُ العَقْل.
1230 - قوله: (ناظِرٌ لَهُ في التزويج)، الناظر: هو الذي يَنْظُر في أموره كـ "ناظر الوَقْف ونحوه".
* تنبيه: - ناظِرُ البساتين ونحوها، يجوز فيه: ناظِرٌ بـ"الظاء" المعجمة، وناطِرٌ بـ"الطاء" المهملة، (3) ويجوز فيه: نَاظُورٌ، ونَاطُورٌ، وورد بهما في الصحيح في قوله: "وكان ابن الناظور". (4)
1231 - قوله: (على مَنْ غَرَّه)، يقال: غَرَّهُ يَغُرُّه غُرراً وغُرُوراً: أي خَدَعَة،
__________
(1) سبق تخريج هذا الحديث في ص 465.
(2) سبق تخريج هذا الحديث في ص 225.
(3) انظر: (الصحاح: 2/ 830 - 831 مادة نطر، ونظر).
وقال الفيومي في "المصباح: 2/ 280": "يقال: بـ"الطاء أو"الظاء" عند قوم. وقال ابن دريد هو بالمعجمة، والطاء المهملة: كلام النبط".
وحكى الأزهري عن الليث: أن "الناطر" بـ"الطاء" المهملة: من كلام أهل السواد وليس بعربي محض. انظر: (تهذيب اللغة: 13/ 318 - مادة نطر).
(4) لم أقف له على تخريج. والله أعلم.
(3/619)
________________________________________
وفي حديث عمر: "فلا يَغْتَرَنَّ امْرُؤٌ"، (1) وفي حديثٍ آخر: "لا تَغْتَرُّوا". (2)
1232 - قوله: (فَرَضِيَ بالمُقَامِ)، يجوز فيه فتح "الميم" كما تَقَدَّم. (3)
1233 - قوله: (بعد الرضا)، مَقْصُورٌ، وفي الحديث: "الرِّضا بعد القضاء"، (4) يقال: رَضِيَ يَرْضَى رِضا. (5)
1234 - قوله: (فهو رَقيقٌ)، الرقيقُ، من هو في الرِّق: أي في حَيِّز العُبُودِية، وسُمُّوا رقيقاً، قيل: لكَوْنهم في الرِّق، وهو العبودية.
وقيل: لِكَتْبِ شرَاهُم في الرِّق. (6)
وقيل: لِرِقَّتِهم غالباً.
قال ابن مالك في "مثلثه": "الرَّقَاقُ: الأرض اللَّيِّنَة التُّراب، والسَّيْر السَّهْل.
قال: والرِّقَاق: جمْع رقيقٍ: ضِدِّ غَلِيظِ، وجمع رقَّةٍ: وهي كُلُّ أَرضٍ يُنْبَسِطً عليها ماء الَمدِّ فَيُطَيِّبُها للنبات.
__________
(1) جزء من حديث أخرجه البخاري في الحدود: 12/ 144، باب رجم الحبلى من الزنا إذا حصنت، حديث (6830).
(2) جزء من حديث أخرجه البخاري في الرقاق: 11/ 250، باب قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا}، حديث (6433)، وابن ماجة في الطهارة: 1/ 105، باب. ثواب الطهور، حديث (285)، وأحمد في المسند: 1/ 66.
(3) انظر في ذلك ص 418.
(4) أخرجه النسائي في السهو: 3/ 46، باب نوع آخر، وأحمد في المسند: 5/ 191.
(5) هذا المصدر، والاسم: الرضاء ممدود عن الأخفش. (الصحاح: 6/ 2357 مادة رضي".
(6) فـ"الرَّقُ" هنا: الجِلْدُ الذي يكتب فيه، ومنه قوله تعالى في سورة الطور: 3 {فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ} وقيل: الرَّقَ: الصحيفة البيضاء. انظر: (المصباح: 1/ 252، المغرب: 1/ 342).
(3/620)
________________________________________
قال: والرُّقَاق: مبالغةٌ في الرقيق، وأكثر استعماله في الخُبْز المُسَمَّى جَرْذَقا، (1) ثم قال: الرَّقُّ: العظيم من السَّلاَحِف، والصحيفة جِلْداً كانت، أو غيره.
قال: والرِّقُ: العبودية، وضِدُّ الغَلِيظ أيضاً.
قال: والرُّقُ: "ما رَقَّ مِنْ ماء البحر أوْ النَّهر". (2)
1235 - قوله: (إِذا لم يَكُن بَيْنَهما فَصْلٌ)، هو الحاجز بين الشيئين، ومنه فصل الربيع، لأنه حاجز بيْن الشتاء والصيف.
1236 - قوله: (الخاطبُ)، الخاطبُ: اسم فاعل من خَطَب: بمعنى طَلَب، وبمعنى قَرَأ الخُطْبَة، ويحتمل هنا الأمْرَين، (3) ولا يَخْتَصُّ بالخَاطِب.
وذكر صاحب "المُحَرر": (4) "أن قول الخرقي فيهما منصوص الإِمام أحمد". (5)
__________
(1) الجرذق - بـ"الذال" المعجمة و"الدال" المهملة وهو أجود عند أبي منصور الجواليقي -: هو الغليظ من الخبز، وأصله "كِرْدَة" فارسي معرب. انظر: (المعرب للجواليقي: ص 143 - 163).
(2) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 258 - 259).
(3) والذي يبدو لي أن المقصود بالخاطب: هو قارئ الخطبة، لا الخاطب الذي هو المتزوج، لأن القرينة دلت على ذلك - وهي أن المقام مقام عقد والكلام فيه للماأذون الشرعي. والله أعلم.
(4) هو شيخ الحنابلة، مجد الدين أبو البركات، عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحراني، جد شيخ الإسلام تقي الدين بن تيمية. صنف "المحرر في الفقه على مذهب أحمد" وغيره، توفي 652 هـ. أخباره في: (سير الذهبي: 23/ 291، العبر: 5/ 212، معرفة القراء الكبار: 2/ 520، فوات الوفيات: 2/ 323، ذيل طبقات الحنابلة: 2/ 212، طبقات القراء: 1/ 385، الشذرات: 5/ 257).
(5) انظر: (المحرر للمجد بن تيمية: 2/ 15).
(3/621)
________________________________________
1237 - قوله: (يتَسَرَّى)، يقال: تَسَرَّى يتَسَرَّى: إِذا اشترى الأَمة للوَطْء دون الخِدْمَة، وهو مُتَسَرٍّ، والأمة: سَرِيَّةٌ، وجمعُها: سَرَارِي، وفي معنى قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أنْ تلِد الأمة ربَّتَها"، (1) قال جماعة: تكْثُر السَّرارِي. (2)
1238 - قوله: (مُدَّة مقامها)، بفتح "الميم" وضمها، كما تقدم.
__________
(1) أخرجه البخاري في العتق: 5/ 163 في الترجمة، باب أم الولد، ومسلم في الإيمان: 1/ 36، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان، حديث (1)، والترمذي في الإيمان: 5/ 6، باب ما جاء في وصف جبريل للنبي - صلى الله عليه وسلم - الإيمان والإسلام، حديث (2610)، وأبو داود في السنة: 4/ 223، باب في القدر، حديث (4695)، وابن ماجة في المقدمة: 1/ 24، باب في الإيمان، حديث (63).
(2) وهو قول الأكثر من العلماء، قاله النووي في (شرح مسلم: 1/ 158)، وابن العربي في (عارضة الأحوذي: 10/ 78).
(3/622)
________________________________________
باب: ما يَحْرُم نِكَاحُه والجَمْعُ بيْنَه وغير ذلك
الجَمْع: مرفوعٌ معطوفاً على "ما يَحْرُم نكاحه": أي وما يحرم الجَمْع بَيْنَه.
1239 - وقوله: (وغير ذلك)، يجوز بجَرِّ "غير" عطفاً على "ما يحرم". فإِنَّ "ما" موضوعةٌ لَة، مَحَلُّها الجَرُّ، ويجوز "وغير ذلك" بِرَفْع "غَير" على القَطْع، أَوْ عَطْفاً على لفظ "والجَمْع".
1240 - قوله: (بالأَنْسَاب)، جمع نسبٍ: وهو القرابة. (1)
1241 - قوله: (والمحَرَّمات بالأَسْبَابِ)، جَمْع سَبَب: وهو الوَصْلَةُ من غير نَسَبٍ كالرَّضَاع، (2) ومَنْ يَحْرُم بالنِّكاح مثل: بنت الزَّوجة، وزوجة الأَبِ، وأُخْت الزوجة، (3) ونحو ذلك. (4)
والسَّبَبُ في الأصل: ما يُتَوصَّل به إلى الغَرض، كالحَبْل المُوصِّل إلى ماء
__________
(1) ثم فسر الشيخ بعد ذلك الأنساب فقال: "الأمهات، والبنات، والأخوات، والعمات، والخالات، وبنات الأخ، وبنات الأخت". انظر: (المختصر: ص 138).
(2) وذلك كالأمهات المرضعات، والأخوات من الرضاعة. (المختصر: ص 138).
(3) بشرط كون أختها زوجة له، وإلاَّ فهي حلال عليه، فالمنهي عنه هو الجمع فقط.
(4) وقد جمع الله سبحانه وتعالى المحرمات في الآية (23) من سورة النساء فليتأمل ذلك.
(3/623)
________________________________________
البِئْر، وفي الحديث: "كلُّ سَببٍ مُنْقَطِع يوم القيامة إِلَّا سَبَبِي ونَسَبِي"، (1) وقال الله عز وجل: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّمَاءِ}، (2) وقال: {وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ}. (3)
قال غير واحد من المفسرين: الوَصْلاَتُ التي كانت في الدنيا. (4)
1242 - قوله: (وحلائِلُ الأَبْنَاءِ)، جَمْع حليلةٍ، قال الله عز وجل: {وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ} (5) وفي الحديث: ورَجُلٌ زَنى بِحَليلة جَارِه". (6)
والحليلةُ - فَعِيلةٌ بمعنى مَفْعُولَة -: وهي الزوجة التي تَحِلُّ.
قال صاحب "المطلع": "الحلائِلُ: جمع حليلة: وهي الزوجة، والرَّجُل: حَلِيلُها، لأَنَّها تحِلُّ معه ويَحِلُّ مَعَها.
وقيل: لأَنَّ كُلُّ واحدٍ منهما يَحِلُّ للآخر". (7)
1243 - (ولَبَنُ الفَحْلِ مُحَرِّمٌ)، الفَحْلُ، أحد الفحول: وهو الذكر كما
__________
(1) أخرجه أحمد في المسند: 4/ 323 بلفظ قريب منه، كما أخرجه كذلك: 4/ 332 بمثله.
(2) سورة الحج: 15.
(3) سورة البقرة: 166.
(4) حكاه الماوردي عن مجاهد وقتاده. انظر: (النكت والعيون: 1/ 182).
(5) سورة النساء: 23.
(6) أخرجه البخاري في الأدب: 10/ 433 بلفظ قريب منه، باب قتل الولد خشية أن يأكل معه، حديث (6001)، ومسلم في الإيمان: 1/ 90، باب كون الشرك أقبح الذنوب وبيان أعظمها بعده، حديث (141)، (142)، وأبو داود في الطلاق: 2/ 294، باب في تعظيم الزنا، حديث (2310)، والترمذي في التفسير: 5/ 336، باب ومن سورة الفرقان، حديث (3182)، و (3183)، وأحمد في المسند: 1/ 380 - 431 - 434 - 462، 6/ 8.
(7) انظر: (المطلع: ص 322).
(3/624)
________________________________________
تقدم في بَيْع عَسَب الفحل. (1)
1244 - قوله: (وَطْءَ الحَرام)، كالزنا.
1245 - قوله: (الشُبْهَة)، الشُبْهَةُ، مأخوذةٌ من الاشْتِبَاه.
ومعنى الوطء بِشُبْهَةٍ: أن يُنَادِي الضريرُ امرأتَه، فتَأْتِيه امرأةٌ فيظُنُّها امرأته فيطأها، أوْ يأتي الرجل فراشَه بالليل، فَيَرى عليه امرأةً يظُنُّها امرأتَه فيطأها، ونحو ذلك.
1246 - قوله: (وأجْنَبِيةٌ)، الأجنبيةُ: هي البعيدةُ منه: يعني ليست من أقاربه، قال الله عز وجل: {وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ}: (2) أي البعيدُ، يقال للمُذَكَر: أجْنَبِي، وللأنثى: أجنبية، والجمع: أجانب، في المذكر والمؤنث.
1247 - قوله: (وحرائر)، جَمْع حُرةٍ: وهي ضِدُّ الأمة.
قال ابن مالك في "مثلثه": "الحَرةُ: أرضٌ ذاتُ حجارةٍ مُحرقةٍ، (3) والظُلْمة الكَثِيرةُ، وبَثْرةٌ صغيرةٌ. قال: والحِرةُ: حرارةُ العَطَش. قال: والحُرةُ: خِلاَف الأمة، والسحابةُ الكثيرةُ الَمطَر، والرمْلَة لا طينَ فيها، ومجالُ القُرْطِ،
__________
(1) انظر في ذلك ص 472.
ومعنى: لبن الفحل محرم: أي هنا في النكاح، أن المرأة إذا أرضعت طفلاً بلبن ثاب من وطء رجل حرم الطفل على الرجل وأقاربه، كما يحرم ولده من النسب، لأن اللبن من الرجل، كما هو من المرأة فيصير الطفل ولد الرجل، والرجل أباه، وأولاد الرجل إخوة. سواء كانوا من تلك المرأة أو من غيرها وهكذا .... انظر: (المغني: 7/ 476).
(2) سورة النساء: 36.
(3) وفي (التهذيب للأزهري: 3/ 430): "الحَرَّةُ: أرض ذات حجارة سُودٍ نَخِرَة، كأنَّما أحرِقَت بالنار".
(3/625)
________________________________________
وباتَتْ فلانةٌ بليلةٍ حُرَّةٍ: (1) إذا لَم تُفْتَض، وبليلةٍ شَيْبَاء: إِذا افْتُضَّت". (2)
1248 - قوله: (أهْل الكتاب)، المرادُ بهم: اليَهُود والنَّصارى، ومن يُوافِقُهم في التَّدَيُّن بالتوراة والإنجيل.
1249 - قوله: (وَثَنِيّاً)، هو الذي يَعْبُد الأَوْثَان، واحِدُهُم وثَنٌ: وهو الصَّنَم من كلام الجوهري ... وزاد: "كأَسَدٍ ... وآسادٌ". (3)
وقال غيره: الوثَنُ: ما كان غير مُصَوَّرٍ.
وقيل: ما كان لَهُ جُثَّةٌ. (4)
وقيل: من خَشَب، أوْ حَجَرٍ، أوْ قَصَبٍ، أوْ فِضةٍ، أوْ جَوْهَرٍ، سواء كان مُصَوَّراً، وغيى مصوَّر، (5) والصَّنَم: صورة بلا جُثَّةٍ. (6)
وقال ابن فارس في "الُمجْمَل": "الوثَنُ: واحدُ الأَوْثَان، وهي الحجارة، كانَتْ تُعْبَد" (7) يقال في النسبة إِلى عبادَتِهم: وَثَني [للذكر]، (8) والأُنْثَى: وثَنِيةْ، وفي الجَمْع: وثَنِيُون، ووثنيات، وعَبَدَةُ الأَوْثَان.
__________
(1) هذا مثل عربي يُضرَب عندما لا يقدر الزوج على افْتِضَاض زوجته في ليلتها، فَتُسَمى: ليلة حُرة وإذا غلَبها الزوج فافْتَضَّها سُمِّيت: ليلة شَيْبَاء. انظر: (الأمثال للميداني: 1/ 177).
(2) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 143).
(3) انظر: (الصحاح: 6/ 2212 مادة وثن).
(4) قال هذا أبو السعادات في (النهاية: 5/ 151).
(5) قال هذا كل من صاحب (المغرب: 2/ 342)، (والمصباح: 2/ 322)، (المشارق: 2/ 279).
(6) قاله عياض في (المشارق: 2/ 279).
(7) انظر: (المجمل: 4/ 916 مادة وثن).
(8) زيادة يقتضيها السياق.
(3/626)
________________________________________
1250 - قوله: (الَمجُوسيَّة)، مَن كانت من الَمجُوس. والذكر: مَجُوسيٌّ، والجَمْع: مَجُوسٌ (1) على وزن: عَبُوسٍ، نِسْبَة إلى المجوسية، وهي نِحْلَةٌ.
قال أبو علي: (2) المجُوس، واليَهُود: إنما عُرفَ على حَد مَجُوسِيٍّ ومَجُوسٍ، ويَهُودِيَّ ويَهُودٍ، فجُمِع على حَد شَعِيرَةٍ وشَعِير، ثم عُرِّف الجَمْع بـ"الألف و "اللام"، ولولا ذلك لم يجز دخول "الألف واللام" عليهما، لأنهما مَعْرفتان مُؤنّثتان، مُجْرَتَا في كلاَمِهم مَجْرَى القبيلتين". (3)
ومن الَمجُوس، من يعبد الشمس، ومنهم من يعْبُد النار.
1251 - قوله: (المؤمناتِ)، جمْع مؤمنةٍ، نسبةً إلى الإيمان.
1252 - قوله: (مسلمةً)، نسبةً إِلى الإسلام.
1253 - قوله: (طَوْلاً)، لطَوْلُ - بالفتح -: الفَضْل: (4) أي لا يَجِدْ فَضْلاً ينكح به حُرَّةً. (5)
__________
(1) وهم قوم يعبدون النور والنار، والظلمة، والشمس والقمر، ويزعمون أن للكون إلَهَيْن، وهم: في بلاد فارس وما حولها، وقد قضى الإسلام على هذه النحلة ظاهراً، لكن بقيت لها آثار في بعض الطوائف كالشيعة، والبهائية، والنضرية الباطنية، والقدرية وغيرها. انظر: (اقتضاء الصراط المستقيم: 1/ 143، الملل والنحل للشهرستاني: 1/ 233).
(2) هو الفارسي اللغوي، سبقت ترجمته.
(3) (المطلع: ص 222).
(4) يقال: لفلانٍ في طَوْل: أي زيادة وفَضْلٌ، ومنه قوله تعالى في سورة النساء: 25، {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ ... }، ومنه الطُول في الجسم، لأنه زيادة فيه. انظر: (المغرب: 2/ 28 بتصرف).
(5) أي: ما لا يصدق به حُرَّةً، قاله: (الأزهري في الزاهر: ص 311)، ومنه قول الزجاج: "إِن الطول القُدْرَة على المهر" حكاه عه صاحب (المغرب: 2/ 28).
(3/627)
________________________________________
1254 - قوله: (ويَخَافُ العَنتَ)، هو الزنا، كما تقدم. (1)
1255 - قوله: (خَطَب الرجل)، أي: طَلب، يقال فيه: خَطبَ يخْطُب خِطْبَةً، بكسر "الخاء"، ويجوز فتحها مرجوحا.
وخُطْبَةُ الصلاة ونحوها من الكلام: خُطْبَةٌ، بضم "الخاء" وفتحها. (2)
قال الشيخ بعد ذلك: "فلغيره خِطْبَتِها" (3) بكسر "الخاء".
قال ابن مالك في "مثلثه": "الخَطْبَة: المرةُ من خَطَب القَومَ، والخِطْبَة: الَمخْطُوبَة، ومصدر خَطَب المرأة، والخُطْبَة: ما يَخْطُب به الخَطِيب، ومصدر الأَخْطَب أيضاً". (4)
1256 - قوله: (ولو عَرَّضَ)، التعريضُ: ضِدُّ التَّصْرِيح، قال الله عز وجل: {وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاءِ}. (5)
وقال صاحب "المطلع": "التَعْرِيض: خلاف التصريح من القول. قال: ومنه قول: "إن في الَمعَارِيض كندُوحَة عن الكَذِب": (6) أي سِعَةٌ وفُسْحَةٌ عن الكَذِب". (7)
__________
(1) انظر في ذلك: ص 149.
(2) الخُطبة - بـ"الضم" -: من خطب القوم، وبـ"الفتح" المرة منها. (المطلع: ص 319).
(3) انظر: (المختصر: ص 140).
(4) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 189).
(5) سورة البقرة: 235.
(6) هذا من كلام الصحاب الجليل عمران بن حصين رضي الكه عنه، وهو مثل يضرب لمن يحسب أنه مضطر إلى الكذب.
والمعاريض: جمع الِمعْرَاض، يقال: عرفت ذلك في مِعْرَاض كلامه: أي في فحواه. انظر: (مجمع الأمثال للميدان: 1/ 20)، وقد أخرج البخاري مثله في الأدب: 10/ 593 في الترجمة قال: "المعارض مندوحة عن الكذب".
(7) انظر: (المطلع: ص 319 - 320).
(3/628)
________________________________________
ثم فسر الشيخ التعريض: "بأنْ يقول: إني في مِثْلِك لَراغِب وإنْ قضِيَ شَيْء كان، وما أشْبَهَهُ من الكلام مما يَدل على رغبته فيها ... إذا لم يُصَرِّح". (1)
1257 - قوله: (رَغْبَته)، الرَغْبَةُ: الَميْل إلى الشَّيْء والمحَبة لَهُ. رغَبَهُ: فَاقَهُ في الرغابة، وَرَغِبَ الشَّيْءَ وفي الشَّيْءِ: أحَبَّهُ، وطلَبَهُ، وعنه: (2) كَرِهَهُ، ورَغُبَ رَغَابةً: اتَّسَع رأيهُ وخُلُقه وأيضاً: اشْتَدَّ أكْلُهُ ... والأرْضُ: دَمِثَتْ بعد صلابةٍ. (3)
1258 - قوله: (إذا لَمْ يُصَرِّح)، التَّصْرِيحُ: أن يَفْصَح عن الشَّيْء بلفظٍ نَصٍّ فيه، لا يحتمل غَيْرَه، يقال: صَرَّح يُصَرِّحُ تَصْرِيحاً، ومنه قولهم: "في التلويح ما يُغْنِي عن التَّصْرِيح".
__________
(1) انظر: (المختصر: ص 140).
(2) أي: ورغب عنه: كرهه
(3) كل هذا عن ابن مالك في (مثلثه: 1/ 255).
(3/629)
________________________________________
باب: نِكَاح أهْلِ الشِّرْك وغيره (1)
1259 - قوله: (بِن مِنْهُ)، أي: حصَلَتْ الفُرْقَة لَهُنَ منه، وبَيِّن الُمفَارَقة.
وقد بَانَت المرأةُ: فارقتْ، تَبِينُ. (2)
وقال كعب بن زهير: (3)
بانَتْ سُعَاد فَقَلْبِي اليَوْم مَتْبُولُ ........
أي: فارقَتْ.
1260 - قوله: (وَلَوْ أسْلَم النساء قَبْلَه)، (4) ورُوِي: "ولو أسْلَمْنَ النساء قَبْلَهُ".
1261 - قوله: (الُمتْعة)، المتعةُ من التَّمَتع بالشَّيء: وهو الانتفاع به.
__________
(1) في المختصر: ص 140، وغير ذلك، وفي المغني: 7/ 531: باب نكاح أهل الشرك.
(2) فهي بائنٌ بغير "هاء"، ومنه: بانت المرأة بالطلاق. (المصباح: 1/ 78).
(3) انظر: (ديوانه: ص 6)، وهو الشطر الأول من البيت، وشطره الثاني:
.... ... مُتَيثم إثرها لم يُجْزَ مكْبُول
(4) كذا في المختصر: ص 141، والمغني: 7/ 532.
(3/630)
________________________________________
يقال: تَمَتَّعْتُ أَتَمَتَّعُ تَمتُّعاً، والاسم: الُمتْعة، كأنه يَنْتَفِع إلى مُدَّةٍ مَعْلُومَة، قال الكه عز وجل: {ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا}، (1) وقال: {وَمَتِّعُوهُنَّ}. (2) قال جماعة من أصْحَابِنا: "معنى الُمتْعَة: أنْ يُزَوِّجَها إلى مُدَّة"، (3) وفي الحديث: "أنَّه نَهى عن الُمتْعَة". (4)
1262 - قوله: (أنْ يُحِلَّها لِزَوْجَ كان قَبْلَهُ)، أحَلَّها يُحِلُّها، فهو مُحِلُّ ومُحَلِّلٌ، (5) وفي الحديث: "لَعَن اللهُ الُمحَلِّل والُمحَلَّلَ لَهُ"، (6) وقد لُعِنَ الُمحَلِّلُ عموماً، وهل يجوز لعنه خُصوصاً؟ فيه وجهان: (7)
__________
(1) سورة الحجر: 3.
(2) سورة البقرة: 236.
(3) قال في "المغني: 7/ 571 ": "مثل أن يقول: زَوجْتُك ابنتي شهراً أو سنة أو إلى انقضاء الموسم، أو قدوم الحاج وشبهه، سواء كانت المدة معلومة أو مجهولة، فهذا نكاح باطل نَص عليه أحمد فقال: "نكاح المتعة حرام" ينظر في تعريف نكاح المتعة الى: (المذهب الأحمد: ص 127، المنتهى: 2/ 181، التنقيح: ص 221، الفروع: 5/ 215).
(4) أخرجه البخاري في النكاح: 9/ 166 في الترجمة، باب نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نكاح المتعة أخيراً، ومسلم في النكاح: 12/ 1026، باب بيان نكاح المتعة، حديث (24)، والترمذي في النكاح: 3/ 429، باب ما جاء في تحريم نكاح المتعة، حديث (1121)، ومالك في النكاح: 2/ 542، باب نكاح المتعة حديث (41).
(5) ومنه: الحليل: الزَوْج، والحَلِيلة: الزوجة. (الصحاح: 4/ 1673 مادة حلل).
(6) أخرجه الترمذي في النكاح: 3/ 428، باب ما جاء في الُمحِل والُمحَلل لَهُ، حديث (1120)، قال أبو عيسي: هذا حديث حسن صحيح، كما أخرجه ابن ماجة في النكاح: 1/ 622، باب الُمحَلل والمحلل له، حديث (1934)، والدَارمي في النكاح: 2/ 158، باب في النهي عن التحليل، وأحمد في المسند: 1/ 448، وأبو داود في النكاح: 2/ 227، باب في التحليل، حديث (2076)، والنسائي في الطلاق: 6/ 121، باب إحلال المطلقة ثلاثا وما فيه من التَغْليط.
(7) قال الشوكاني في "نيل الأوطار: 6/ 158 - 159": "وأما لَعْنه - صلى الله عليه وسلم - للمحلل فلا ريب أنه لم يُرِد كُلّ مُحَلِّل، ومحلَّل لَهُ، فإن الولي مُحَلَّل لما كان حراماً قبل العَقْد، والحَاكِم المزوج مُحَلِّلٌ بهذا الاعتبار، والبائع أمتَهُ محلِّلٌ للمُشتَرِي وطأها"، فلا يمكن إذاً حمل الحديث على العموم. فالمحلل المراد هنا هو من أحَلَّ الحَرَام بِفِعْله أو عَقْدِه، وكُلَّ مسلم لا يشك في أنَّه أهلٌ للَّعْنَة، ولا ريب أن الُمحَلِّل الوارد ذكره في الحديث من هذا الصنف لفعلته الشنيعة".
(3/631)
________________________________________
1263 - قوله: (جُنوناً)، الجنون: مِنْ جُن يُجَن جُنُوناً، إذا أصِيبَ من الجِن. والاسم: مَجْنُون، والجَمْع: مَجَانِينَ، قال الله عز وجل: {وَقَالُوا مُعَلَّمٌ مَجْنُونٌ}، (1) وقد مَسهُ الجِنةُ والجِن: إذا أصِيبَ، قال الله عز وجل: {مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ}. (2)
وقال عروة بن حزام: (3)
فَما بي مِنْ خُمى ولامَس جِنةٍ ... ولكن عَمي الحِمْيَرِي كَذُوبُ
1264 - قوله: (أوْ جُذَاماً)، هو داة عَسيرٌ، من الأمراض الخطيرة. قال صاحب "المطلع": "داءٌ مَعْرُوف"، (4) كأنه من جُذِم فَهُو مَجْذُوم. قال الجوهري: ، ولا يقال: أجْذَم". (5)
قال ابن مالك في "مثلثه": "الجَذْمُ: القَطْعُ، والجِذْمُ: الأصل، (6) والجُذْم: جمْع أجْذَم، وهو المقطوع اليد، وذو الجُذَام أيضاً، والذي لا حُجَّة لَهُ"، (7) وفي الحديث: "كلُّ أمر ذِىِ بال لا يُبْدَأ فيه بذكر الله، أو بحمد الله فهو أجْذَم"، (8) قيل: مقطوع الخير والبركة. وفي الحديث: "وَفِرَّ من الَمجْذُوم
__________
(1) سورة الدخان: 14.
(2) سورة الناس: 6.
(3) انظر: (الشعر والشعراء لابن قتيبة: 2/ 624) وفيه ... من سَقَمٍ ولا طَيْفُ جِنة ... ولكن عبد الأعْرَجيِّ كَذُوبُ).
(4) انظر: (المطلع: ص 324).
(5) انظر: (الصحاح: 5/ 1884 مادة جذم).
(6) وفي "تهذيب اللغة للأزهري: 11/ 16 ": "قال الأصمعي: جِذْم الشجرة، وجذيها - بالياء -: أصلها".
(7) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 105).
(8) أخرجه ابن ماجة في النكاح: 1/ 610، باب خِطْبة النكاح، حديث (1894)، وأبو داود في الأدب: 4/ 261، باب الهدي في الكلام، حديث (4840). قال أبو داود: "رواه يونس وعقيل وشعيب وسعيد بن عبد العزيز عن الزهري عن النيي - صلى الله عليه وسلم - مرسلاً، هذا ما - جزم به =
(3/632)
________________________________________
كما تَفِرُّ من الأَسَد". (1)
وهذا الَمرض يقَال لَهُ: داء السَّبُع، وهو نوعان: منه ما يَحْدُث من الخَلْط السَوْدَاوِي، ومن ما يَحْدُث من الِمرَّة الصَّفراء، ويستدل على حدوث هذه العِلة، بكُمُودَةِ (2) بياض العَيْن واستِدَارَتها، ووجود الدمْعَة فيها، ولذلك سميت هذه العِلة: داء الأَسَد، وداء السَّبُع.
وقيل: لأَجْل النيوات الصُّلبة الموجُودَة في الجِسْمِ.
وقيل: لأجل عِظَم الَمرَض، والمخافة منه.
وقيل: لأنَّ الاحْتِراف مُلاَزِمٌ لا يفَارِقة، فإِذا احْتَرق الآدميُّ مِثْله، سُمِّيت هذه العِلَّة بذلك.
ومما يسَتدل به عليه أيضاً كمُودَة اللَّوْن. (3)
__________
= الدارقطني في سننه".
كما رواه ابن السبكي في "طبقات الشافعية: 6/ 1"، بلفظا "فهو أقْطَع"، والحديث فيه أحمد ابن محمد بن عمران، قال الخطيب في "تاريخه: 5/ 77 ": "كان يضعف في روايته ويطعن عليه في مذهبه (يعني التشيع). قال الأزهري: ليس بشيء".
كما أخرجه ابن السبكي كذلك بلفظ "بحمد الله"، وفيه خارجة بن مصعب وهو متروك، وكان يدلّس على الكذابين، زيادة على هذا كله، فالحديث فيه اضطراب فهو تارة يقول: "أقطع" وتارة "أبتر" وأخرى "أجذم"، وتارة "بذكر الحمد" وأخرى يقول: "بذكر الله" فجملة القول أنه ضعيف - لضعف سنده. والصحيح أنه مرسل كما تقدم عن الدارقطني".
انظر: "ارواء الغليل لمزيد من التفصيل: 1/ 29 وما بعدها، فيض القدير: 5/ 13 - 14).
(1) أخرجه البخاري في الطب: 10/ 158، باب الجذام، حديث (5707)، وأحمد في المسند: 10/ 443.
(2) الكمودة: تَغَير اللون، قاله في: (الصحاح. 2/ 531 مادة كمد).
(3) كما أن هناك أعراضاً أخرى يستدل بها على وجود هذا المرض، منها: ظهور بقع حمراء أو بُنِيَّة الفَون على الجلد، كما يُقْتَرن بظهور هذه البقع فقدان الإِحساس في بعض أجزاء الجسم، كما تظهر على الجسم عُجَيْرات أو عقد تُصْطَحب غالباً بالحُمَّى، ويجْتَح شعر الجسم إلى السقوط، =
(3/633)
________________________________________
1265 - قوله: (أوْ بَرَصاً)، بفتح "الباء" و"الراء": مصدر بَرَصَ يَبْرِصُ - بكسر "الراء" -: إذا ابْيَض جِلْدهُ، أوْ اسْوَدَّ بِعِلَّةٍ. قال الجوهري: البَرصُ: داءٌ، وهو بياض". (1) قال الأَطِبَاء: يُولَد البَرص من خَلْطٍ غلِيظٍ بَلْغَمِي غالب على الدَمِ، لأَجل ضَعْف القُوة الُمغَيَرة للغِذَاء لغلبه سواء مزاج بارد.
والفرق بينه وبيْن البَهَق (2) الأبيض: أن البَهَق، يحدُث من رطُوبَةٍ دقيقةٍ، والبَرَص: بياضُ اللون، يحدُث في عُمْق البَدَن، والبَهَق: يَحْدُث في ظَاهِر الجِلْد.
1266 - قوله: (رَتْقَاء)، بفتح الراء"، وسكون "التاء" مَمْدُوداً: إذا وُجِد فيها الرَتْق، بفتح "الراء"، وقد رَتِقَتْ - بكسر "التاء" تَرْتَق رَتْقاً -: إذا الْتَحَم فَرْجُها.
قال الشيخ في "المقنع": "وهو كون الفَرجْ مسْدُوداً لا مَسْلَك للذكر فيه". (3)
__________
= وإذا زاد المرض تظهر فيما بعد قُرُوح متفتحةٌ على الوجه وشحْمَي الأذن والجبهة، وإذا تَطور المرض تدخل مرحلة تتساقط فيها أصابع اليدين والقدمين، وقد تحدث الوفاة في الحالات الشديدة من هذا النمط. والله أعلم.
انظر: (الموسوعة الطبية الحديثة: 5/ 638 - 639).
(1) انظر: (الصحاح: 3/ 1029 مادة برص).
(2) البَهَق: بياضْ يعْتَري الجلد يُخَالِف لَوْنُه، ليس من البَرَص. (الصحاح: 4/ 1453 مادة بهق).
(3) انظر: (المقنع: 3/ 57).
(3/634)
________________________________________
وقال في "المغني": "أنَّه لَحْمٌ يَنْبُت في الفَرج، وأنَّه حُكِيَ [ذلك] (1) عن أهل الأدب، وحكي نحوه عن أبي بكر، (2) وذكره أصحاب الشافعي". (3)
وقال أبو الخطاب: (4) "الرَّتْق: أنْ يكون الفَرجْ مسدوداً يعني مُلْتصقاً لا يدخل الذكر فيه" (5).
وقال الأطباء: "الرَّتْقُ: كَوْنَ الفرج غير مَثْقُوبٍ، وذكروا أنَ الرَّتْق: إمَّا من جِبِلة نُشُوئِها، أو مِنْ بعد الجِبِلة تابعاً لأَثَر قُرْحَة، ويكون غائراً، أو غير غَائِر، وأنَّه يستدل عليه بالانْسدَاد، وأنَّ هذه العِلة تمنع من الجماع والحَمْل والوِلادة، ورُبما منعت من مجيء الدم".
1267 - قوله: (أوْ قَرْنَاء)، بفتح "القاف" وسكون "الراء" ممدوداً: أي بها قَرَنٌ، بفتح "القاف" و، "الراء" وقد قَرِنَت المرأة - بكسر "الراء" تَقْرَن قَرَناً بفتحها فيهما -: إِذا كان في فَرْجها قَرْن بالسكون.
قال صاحب "المطلع": "هو عَظْمٌ، أو غُدَّةٌ مانعةٌ من وُلُوج الذكر، وأنه
__________
(1) زيادة من المغني.
(2) هو عبد العزيز بن جعفر بن أحمد بن يزداد البغدادي، أبو بكر، المعروف بغلام الخلال، فقيه الحنابلة وشيخهم، له تصانيف حسان منها "المقنع" و"الخلاف مع الشافعي" توفي 363 هـ. أخباره في: (تاريخ بغداد: 10/ 459، سير أعلام النبلاء: 16/ 143، طبقات الحنابلة: 2/ 119، المنتظم: 7/ 71، الشذرات: 3/ 45).
(3) انظر: (المغني: 7/ 580).
(4) هو العلّامة الحنبلي محفوظ بن أحمد الكلوذاني البغدادي، الفقيه الأصولي صاحب التصانيف وعلى رأسها" الهداية في الفقه، و"التمهيد" في الأصول، توفي سنة 510 هـ، أخباره في: (طبقات الحنابلة: 2/ 258، البداية والنهاية: 12/ 180، الذيل على طبقات الحنابلة: 1/ 116، المنتظم: 9: 19، مرآة الجنان: 3/ 200).
(5) انظر: (الهداية لأبي الخطاب: 1/ 256).
(3/635)
________________________________________
يجوزُ (1) أنْ يُقْرأ ما في المقنع" (2) في قوله: (3) "والقَرَن" بفتح "الراء" على المصدر، وسُكُونِها على أنَّه العَظْم أو الغُدَّة". (4)
وقال في "المقنع": "القَرَن: لَحْمٌ يحدث فيه يَسُدُّه، وقيل: عَظْمٌ". (5)
وقال الشافعي: "القَرَنْ: عَظْمٌ في الفرج يمنع الوطء"، (6) وقال غيره: "لا يكُون في الفرج عَظْمٌ إِنَّما هو لحمٌ ينبت فيه"، (7) وكذلك قَال أبو الخَطاب: "هو لَحْمٌ". (8)
وقال ابن مالك في "مثلثه": "هو عَظْمٌ في الرحِم، أو غُدةٌ مانِعَةٌ من ولوج الذكر". (9)
1268 - قوله: (أو عَفْلاَء)، بفتح "العين" وسكون "الفاء" ممدوداً أصابها عَفَلٌ بوزن: فَرَسٌ، وقد عَفِلَتْ تَعْفَلُ، وهو قيل: لَحْمٌ يَحدُثُ فيه فَيَسُدُّه.
__________
(1) في المطلع: فيجوز.
(2) في المطلع: الكتاب.
(3) انظر: (المقنع: 3/ 57)، وهي زيادة ليست في المطلع.
(4) انظر: (المطلع. ص 323).
(5) انظر: (المقنع: 3/ 57).
(6) معناه في (الأم: 5/ 84).
(7) انظر: (المغني: 7/ 580).
(8) انظر: (الهداية: 1/ 256).
(9) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 508).
(3/636)
________________________________________
وقيل: هو القَرَن، (1) وقيل: غيره، وقيل: رَغْوَةٌ تمنع لَذَّةَ الوَطْءِ. (2)
قال في "المقنع": "وكذلك القَرَن والعَفَل: وهو لَحْمٌ يحدث فيه يَسُدُّه، وقيل: القَرَن: عَظْمٌ، والعَفَل: رَغْوةٌ فيه (3) تمنع لَذَّة الوَطْء". (4)
وقال صاحب "المطلع": "نَتْأةٌ تَخْرجُ في فَرْج الَمرأة، وحياءُ النَّاقَة، شبيه بالأَدِرَة التي للرجل في الخِصية، قال: والمرأة عَفْلاً، والتعْفِيلُ: إصلاح ذلك". (5)
وجعل القاضي: العَفَل والقَرَن شيئاً واحداً، وأنَّه هو الرَّتْقِ أيضاً، وأنَّه لَحمُ يَنْبُتُ في الفَرْج، وحكاه عن أهْل الأَدب، (6) وحُكِي نحوه عن أبي بكر، وأنْ ذَكره أصحاب الشافعي. (7)
وقال أبو حفص: (8) "العفَل كالرغوةِ في الفرج تَمْنع لَذَّة الوطء". (9)
وقال أبو الخطاب: "الرَّتْق: أنْ يكون الفَرج مسدوداً لا يدخل الذكر
__________
(1) قال هذا القاضي، وحكى عن أهل الأدب، قاله صاحب (المغني: 7/ 580)، ونسبه صاحب (الإنصاف: 8/ 193) إلى أبي الخطاب وابن عقيل وغيرهما.
(2) قال هذا أبو حفص، ذكر ذلك صاحب (الإنصاف: 8/ 193) و (كشاف القناع: 5/ 109).
(3) ليست في المقنع.
(4) انظر: (المقنع: 3/ 57).
(5) انظر: (المطلع: ص 323 - 324).
(6) انظر: (شرح الخرقي للقاضي: 1/ 89 - 90).
(7) كل هذا عن (المغني: 7/ 580، الإنصات: 8/ 193، والمبدع: 7/ 101).
(8) هو عمرو بن إبراهيم بن عبد الله، أبو حفص العكبري، المعروف بابن المسلم، صنف "المقنع" و"شرح الخرقي" وغيرها توفي 387 هـ. أخباره في: (طبقات الحنابلة: 2/ 163، مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي: ص 518، معجم المؤلفين: 7/ 271).
(9) انظر: (المغني: 7/ 580، الإنصاف: 8/ 193).
(3/637)
________________________________________
فيه، والقَرَن والعَفَل: لحْمٌ ينْبُت في الفرج فيَسُدُّه فهما في معنى الرتق، إلَّا أنهما نوع آخر". (1)
قلتُ: لاَ شَكَّ في اختلاف العِلَل ولَوْ قُلْنا الثلاثة لَحْمٌ، فكأنَّ القاضي نظر إِلى أنَّ المعنى في الكُلِّ واحد، وهو ثبوت الخيار بهذا اللَّحْم فَجُعِل ذلك كالعِلَّة الواحدةِ.
وأما مَنْ فَرَق بينهما، فنظر إلى أنَّ العِلَل مختلفة، ولو اتَّخَد معناها، كما أن الحُمَّى في الشرع واحدة، وعند الأطباء مختلفة، فمنها: الصفراوية، (2) والبَلْغَمِية، والسَودَاوِيَة، والرِبْعُ، (3) والغِب، (4) وشطر غِبٍّ إِلى غير ذلك. وكذلك الصُّداع، هو في الشرع واحد، وعند الأطباء مُخْتَلِفٌ.
1269 - قوله: (أوْ فَتْقَاءُ)، بفتح "الفاء" وسكون "التاء" ممدوداً، أصابها فَتْقٌ.
قال الجوهري: "والفَتَق بالتحريك: مصدر من قولك: المرأةُ فَتْقَاء،
__________
(1) انظر: (الهداية لأبي الخطاب: 1/ 256 بتصرف).
(2) وتسمى حُمى الصفراء، وهو مرض مُعْدٍ حاد في المناطق الحارة، سببه فيروس تحمله أنثى نوع معين من البعوض، يعوق المرض عمل الكبد، فيتراكم خضاب الصفراء في الدم ويحدث البَرقان وبذلك يصفر الجلد. (الموسوعة الطبية الحديثة: 6/ 801).
(3) قال الجوهري في: (الصحاح: 3/ 1212 مادة ربع): "الرِبع في الحُمَّى: أن تأخذ يوما وتدع يومين ثم تجيء في اليوم الرابع، تقول مه: ربَعَتْ عليه الحُمَّى، وقد رُبع الرجل فهو مَرْبُوع".
(4) الغب في الحمَى: أنْ تَرِد الشخص يوماً وتدعه يوماً، وأغَبَّت وغَبَّت بمعنًى. (الصحاح: 1/ 190 - 191 مادة غبب).
(3/638)
________________________________________
وهي الُمنْفَتِقَة الفَرْج، خلاف الرَتْقَاء، والفَتَق: الصُبْح، والفَتَق أيضاً: الخِصْبُ". (1)
قال الشيخ في "المقنع": "وهو انْخِراقٌ ما بين السبِيلَيْن، وقيل: انخراقٌ ما بيْن مخْرج البَوْل والَمنيِّ". (2)
وقال في "المغني": "هو انْخِراقُ ما بيْن مجرى البول ومجرى المني، وقيل: وما بَيْن القُبل والدبُر". (3)
وفي كلام الشيخ: ما يَدُل على أنه ما بَيْن القُبل والدُبر، لأَنَّه قال: "وإنْ وَطِئ امرأته وهي صغيرةً ففَتقها". (4)
1270 - قوله: (أوْ الرجل مَجْبُوباً)، الَمحبوب، مِنْ جَبَّ، والجَبُّ: القَطْع.
قال الشيخ في "المغنِى": "الجَبُّ: أن يكون جميع ذكَره مقطوعاً، أو لم يَبْقَ منه إلا ما لا يمكن الجماع به". (5)
وقال ابن مالك في "مثلثه": "الجبَّةُ: الَمرة من جَبَّت المرأةُ النساءَ: غلَبَتْهُنَ عند المفَاخَرة في الحُسْن، والرجل الشَّيْء: استَأصَلَه بالقَطْع. قال: والجبة: الهَيْئة من هذا، قال: والجبة: الثَوْب الَمعْلوم، ومدْخَل الرُّمْح في
__________
(1) انظر: (الصحاح: 4/ 1539 مادة فتق).
(2) انظر: (المقنع: 3/ 57).
(3) انظر: (المغني: 7/ 581).
(4) لم أقف على هذا الكلام في مختصر الخرقي.
(5) انظر: (المغني: 7/ 581).
(3/639)
________________________________________
السنَان، ووسط الدار، وحجاجُ العَيْن، ودِرْعُ الحَدِيد، وموضعُ الُمشَاشَةِ من القَرْن، وملتقى كل عظمين من الفَرس إلَّا عظْم ظَهْرِه". (1)
1271 - قوله: (قَبْل الَمسِيس)، من مَسَّ يَمُسُّ مَسّاً ومَسِيساً، والمراد بالَمسِيس: الجِماع. (2)
1272 - قوله: (اختارت الُمقَام)، يجوز بالوجهين (3) كما تَقَدَّم. والله أعلم.
__________
(1) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 96).
(2) ومنه قوله تعالى في سورة الأحزاب 49: {إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا}.
(3) أي فتح "الميم" وضمها.
(3/640)
________________________________________
باب: أجلُ العِنِّين والخَصيِّ غير المجبوب
الأَجلُ من التأْجيل: وهو التَأْخِير.
والعِنَين: قال الشيخ في "المغني": "هو العاجزُ عن الجماع. (1) قال: وهو مأخوذٌ من عَنَّ: (2) أي اعْتَرضَ، لأَنَّ ذكَرهُ - يَعِنُ، إِذا أراد إيلاَجَهُ: أي يَعْتَرِض. والعَنَنُ: الاعتراض.
وقيل: لأَنَّه يَعِن لقُبُل الَمرأة، مِنْ عَنْ يَمِينِه وشِمَالِه ولا يقصِده". (3)
وقال ابن مالك في "مثلثه": "العَنَّةُ: الَمرَّةُ من عُنَّ الرَّجُلُ، فهو معْنُونٌ: إِذا صار مجنوناً أوْ عِنِّيناً، والعَنَة أيضاً: الَمرةُ من عَنَ الفرَس: بمعنى أعنَّهُ: أي جعل لَهُ عِنَاناً، والكتابَ: كتَب عُنْوَانَه، والشَّيْءَ: عرَض، والرَّجُل: اعترض بالفُضُول. قال: والعِنَّةُ: الهَيْئَةُ من جميع ذلك. (4) قال: والعُنَّة - بالفتح والضم -: الاعِتراضُ بالفضُول، وبالضم وحده: العجْز عن الجِماع، وخَيْمَةٌ أو حَظِيرَة تُتَّخَذُ من أغْصَانِ الشَّجَر". (5)
__________
(1) في المغني: الإيلاج.
(2) كذا في الأصل، وهي ساقطة من المغني.
(3) انظر: (المغني: 7/ 602 - 603)، كما حكاه الأزهري عن أبي الهيثم عن المنذري. (الزاهر: ص 317).
(4) في المثلث: من الجميع.
(5) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 454).
(3/641)
________________________________________
1273 - (والخَصي)، هو مَنْ سُلَّتْ خِصْيَتَاهُ. قال صاحب "المطلع": "خَصَيْتُ العِجْل خِصَاءً: إِذا سَلَلْتُ أُنْثَيَيْه، أو قطعتُهما، أو قطعتُ ذَكَرهُ". (1)
قال ابن مالك في "مثلثه": "الخَصْيَةُ: الَمرة من خَصَيْت الفَحْل، والخِصْيَة: جَمْع خَصيٍّ، والخصْيَة: بيضَة الإِنسان، وقد تُكْسَر". (2)
ويقال للمفْرد: خصْيَةٌ بضم "الخاء" وفي التَثْنِيَة: خصْيَتَان، وفي الجَمْع: خصى. والخصْيَة مؤَنَّثَه، (3) وربما ذكَروا في التثنية، فقالوا: رأيتُ خصْيَيْه. (4)
قال أعرابيٌّ:
كأنً خصْيَيْه من التَدَلْدلِ ... ظَرْف عَجوزٍ فيه ثِنْتَا حَنْظَلِ (5)
وقال آخر:
كأنَّ خصْيَيْه إذا مَا جُبَّا ... دجَاجَتَان تلْقُطَان حَبَّا (6)
__________
راجع في تعريف العنِّين والعنة: (الزاهر: ص 317، المغرب: 2/ 86، أنيس الفقهاء: ص 165، لغات التنبيه: ص 97، النظم المستعذب: ص 49، المصباح: 2/ 84).
(1) انظر: (المطلع: ص 324).
وقد فَرق النووي بيْن السَلِّ والخصْي. فقال: "قيل الخصيِّ: من قطِعَت أُنثْيَاهُ مع جِلْدَتِهما، والَمسْلُول: من أخْرِجَتا منه دون جِلْدَتِهما. وقيل: الخصيُ: من قُلِبَتْ أنْثَياهُ، والَمسْلُول: مَنْ أخِذَتا منه". (لغات التنبيه: ص 97).
(2) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 186).
(3) فإذا ثنيت قلت: خُصْيَان ولم تلحقها "تاء". انظر: (الصحاح: 6/ 1328 مادة خصى).
(4) قال الجوهري: "وخَصَيْتُ الفحْلَ خِصَاءً ممدُود، إِذا سلَلْتَ خُصْيَيْه" (المصدر السابق: 6/ 2328 مادة خصى).
(5) أنشده صاحب "اللسان: 14/ 230 مادة خصا) ولم يُنْسبه، وفي "فصيح ثعلب: ص 84 - 85" قاله: جَنْدَل، أو ذكَين.
(6) أنشده صاحب "اللسان: 14/ 230 مادة خصا) ولم ينسبه.
(3/642)
________________________________________
وقالت امرأةٌ من العرب لامرأةٍ أخذها الطَّلْق: (1)
أيَا سحابُ طَرِّقِي بِخَيْرِ
وطَرقِي بِخُصْيَةٍ وَأَيْرِ
ولاَ تُرِينِي طرَفَ البُظَيْرِ
1274 - قوله: (مُنْذُ تَرافُعِه)، أي: تَنَازُعِه، وأصلها من الرِفْعِة، لأنها تَرْتَفِع عليه بكَوْبه مَعِيباً، ولا عَيْبَ فِيهَا.
وقيل: لارْتِفَاعِهِما في هذا النِّزاع إلى الحَاكِم، وفي الأثر: "فارْتَفَعُوا إِلى عليّ". (2)
1275 - قوله: (في المقام)، يَجُوز بالوجهين كما تَقَدَّم.
1276 - قوله: (إِنَّها عَذْرَاء)، بفتح "العين" ممدوداً: هي بِكْرٌ، يقال للبكر: عذراءُ، وجمعها: عَذَارَى. (3)
قال ابن مالك في "مثلثه": "العَذْرَةُ: الَمرةُ من عذَر الصَّبِيَّ: خَتَنَهُ،
__________
(1) ذكر الجاحظ في (الحيوان: 5/ 581)، أن هذا الرجز لقابلة البادية، قالَتْهُ لجاريه تُسمى "سَحابة" وقد ضربها الَمخَاضُ، وهي تطلق على يدها، والأبيات كذلك في (البيان والتبيين: 1/ 185، الحماسة لأبي تمام: 2/ 439).
(2) جزء من حديث أخرجه الدارمي في الفرائض: 2/ 385، باب ميراث القاتل، وأحمد في المسند: 5/ 230 بلفظ: "فارتفعوا إليه" أي إلى معاذ بَدَل علي رضي الله عنهما.
(3) وعَذارِى، وعذْرَاوَات، كما في صَحَارى، قاله في: (الصحاح: 2/ 738 مادة عذر).
(3/643)
________________________________________
وأيضاً: دَواهُ من العذْرَة، والفَرَس: جعل عليه العِذَار، وأيضاً: كَواة في مَوْضِعِه.
والعِذْرَة: الَمعْذِرَة، والعُذْرَة: الخصْلَةُ من الشعْرِ، وبكارةُ الجَارِية، وكوكَبٌ في آخر الَمجَرة، ووجعٌ يأخذ الصبي في حَلْقِه، وموضِغه من الحَلْق، وأحد أسماء الكعبة قال: وعُذْرَةٌ أيضاً: قبيلة" (1) آخر كلامه.
قلت: إِنما يقال للقَبِيلة: بَنو غذْرَة، (2) وإليهم ينْسَب العِشْق الشديد.
قيل لأَعْرَابيٍّ منهم: مِمنْ أنت. فقال: مِن قَوْم إِذا عَشِقوا ماتُوا" (3) ومن عِشْقِهِم يقال: الهَوَى العذْرِيُّ، نِسْبَة إلَيْهم، (4) ومنهم: عُروة (5) صاحب عَفْرَاء الذي قال فيه قيس بن ذُرَيح. (6)
وفي عُرْوَة العذْري إنْ مِتُّ أسْوَة ... وعَمْرِو بن عَجْلاَن (7) الذي قَتَلَتْ هِنْدُ
ويقال لمريم عليها السلام: العَذْرَاء البَتول، لأَنَّه لم يَمَسها ذَكر.
__________
(1) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 415 - 416).
(2) هي قبيلة من اليمن تنسب الى عذرة بن سعد هُذَيم بن يزيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحافي قُضاعة بن عدنان، وقيل: ابن مالك بن حمير" (جمهرة أنساب العرب لابن حزم: ص 448، صبح الأعشي للقَلْقَشَنْدِي: 1/ 316 - 317، نهاية الأرب للنويري: 2/ 297).
(3) انظر: (عيون الأخبار لابن قتيبة: 4/ 131).
(4) ومن أحسن ما يحكى عنهم أنه قيل لرجل منهم: ما بال العِشْق يقتلكم في بَني عُذْرة؟ قال: لأن فينا جمالاً وعِفة. انظر: (صُبح الأعشي للقلقشندي: 1/ 317، معجم قبائل العرب لكحالة: 2/ 768).
(5) أي عروة بن حزام صاحب عفراء بنت مالك ابنة عمه، ومنهم جميل بن معمر صاحب بثينة.
(6) انظر: (الأغاني: 9/ 195).
(7) هو عبد الله بن العجلان بن عبد الأحب، شاعر جاهلي أحد المتيمين من الشعراء، ومن قتله الحُب منهم، وكان له زوجة يقال لها هِنْد، فطلَّقها ثم ندم عليها، ولما تزوجت زوجاً غيره مات أسفاً. انظر ترجمته في: (الأغاني: 22/ 237، الشعر والشعراء: 2/ 716).
(3/644)
________________________________________
وقال الدمياطي (1) في الكَعْبة:
عذراءَ مُخْدِرَةٌ تَجلّي مَحَاسِنُها ... على الرجال كما تَجلّى على الحَرَم (2)
1277 - قوله: (الثِّقَاتِ)، جمع ثقةٍ: وهي المرأة الأَمِينَة، الثِّقةُ في دينها وصدقها.
* مسألة: - إِذا ادعَى أنه وصل إليها وأنْكَرت، فالمذهب أنْ القَوْلَ قَوْلَه. (3)
وعنه: القَوْلُ قَوْلُها، (4) ولم يذكر الخرقي هذه الرواية، وما قَدَّمهُ من أنه يَخْلُو بها - فليس هو الَمذْهَب. (5)
1278 - قوله: (وإذا أصاب الرجل)، يعني المرأة، والُمتَعَلَّق به قوله:
__________
(1) هو عبد الله بن خلف بن أبي الحسن الدمياطي، شرف الدين، أبو محمد، أحد حفاظ الحديث البارزين واللغويين المتقنين، له مشاركات في الأدب والشعر والحديث، توفي 705 هـ، أخباره في: (الدرر الكامنة: 3/ 230، البدر الطالع: 1/ 403، فوات الوفيات: 2/ 409، الشذرات: 6/ 12، طبقات القراء: 1/ 472).
(2) لم أقف للبيت على تخريج. والله أعلم.
(3) نقل هذا ابن منصور عن أحمد رحمه الله، وصححه القاضي وابن قدامة، وإليه ذهب الخرقي. انظر: (الروايتين والوجهين: 2/ 111، مختصر الخرقي: ص 144). ووجه الاستدلال لهذه الرواية، أن المرأة تَدَّعي على الزوج العُنّة وتريد أن تفسخ النكاح وتَرْفَعُه، والزوج ينكر ذلك ويقول: لَسْتُ بِعِنين، ليبقى النكاح على حالته، والأصل بقاء النكاح، فكان القول قول الزوج لموافقته لذلك الأصل، والأصل عدم العيب. انظر: (الروايتين والوجهين: 2/ 112).
(4) نقلها ابن منصور كذلك، ووجه هذه الرواية، أن الأصل عدم الإصابة فكان القول قولها، لأن قولها موافق للأصل واليقين معها. انظر: (المغني: 7/ 617، الروايتين والوجهين: 2/ 111 - 112).
(5) قال في "المغني: 7/ 1616": "وهذا مذهب عطاء" أي: القول بالخلوة مع إخراج الماء على شيء.
(3/645)
________________________________________
"بِنِكاحٍ صحيح" (1) وكذلك إِذا أصِيبَت المرأةُ بهذا النكاح الصحيح، وكان ذلك بعد الحرية والبلوغ، وليس أحدهما بمَجْنُون فَقد تَمَّ إِحْصَانهما، فإِذا زَنَيا رُجِما.
والرجْم: هو الرَّمْيُ بالحجارة وغيرها، ومنه قوله عز وجل: {رَجْمًا بِالْغَيْبِ}. (2) والله أعلم.
__________
(1) انظر: (المختصر: ص 145).
(2) سورة الكهف: 22.
(3/646)
________________________________________
كتاب: الصَّداق
الصَّدَاق: فيه خَمْسُ لُغَاتٍ. صداق بفتح "الصاد"، وصِدَاق بكسرها، وصَدُقَة بفتح "الصاد" وضم "الدال"، (1) وصُدْقَةٌ وصَدْقَةٌ بسكون "الدال" فيهما، مع ضم "الصاد" (2) وفتحها. (3)
وهو: "العِوَض الُمسَمَّى في العَقْد وما قام مَقَامه"، (4) ولَهُ ثمانية أسْمَاءٍ. (5)
الصَداقُ، والَمهْرُ، والنِّحْلَةُ، والفَرِيضةُ، والأَجْر، والعُقْرُ، (6)
__________
(1) وهي لغة أهل الحجاز، حكى ذلك الفيومي في: (المصباح: 1/ 360)، ومنه قوله تعالى في سورة النساء: 4، {وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً}.
(2) وهي لغة تميم، مثل: غرْفة وغرُفَات، قاله في (المصباح: 1/ 360).
(3) انظر: (الصحاح: 4/ 1506 مادة صدق).
(4) قال هذا صاحب (المطلع: ص 326).
(5) وزاد في "الانصاف: 8/ 227 ": "الطَوْل" ومنه قوله تعالى في سورة النساء: 25 {وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا}: أي مهر حرة. و"النكاح "، ومنه قوله تعالى في سورة النور: 33، {وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا}.
(6) قال في "المغرب: 2/ 74": "والعقْر: صداق المرأة إذا أتِيَتْ بشبْهَةٍ"، وفي المصباح: 2/ 172: "والعُقْر بالضم: دِيَة فَرْج المرأة إذا غُصِبَت على نفسها، ثم كُسِر ذلك حتى استعمل في المهر".
(3/647)
________________________________________
والحِبَاءُ، (1) والعلاَئِق، (2) وقد نظَمها بعضهم (3) في بيْت وهو:
صَدَاقٌ ومَهْر ونحلَةٌ فَرِيضة ... حِبَاءٌ وأجْر ثم عُقْرٌ عَلاَئِقُ
يقال: أصدقتُ المرأةَ، ومَهَرْتُها وأمْهَرْتُها، نقلَهُما الزجاج وغيره. (4)
وأنشد الجوهري (5) مستشهداً على ذلك:
أخِذْنَ اغتِصَاباً خِطْبَةً عَجْرَفِيَّةً ... وأمْهِرْنَ أرْماحاً من الخَطِّ ذُبَّلا (6)
وجمْع الصَّداق: صُدُقٌ، وصَدُقَاتٌ. قال الله عز وجل: {صَدُقَاتِهِنَّ}. (7)
1279 - قوله: (رشيدةٌ)، الرشيدةُ: هي مَنْ وُجِدَ فيها الرُّشْد، وهو الصَّلاَح في المال.
1280 - قوله: (إذا كان شَيْئاً لَهُ نصف يَحْصُلُ)، لأَنَّه ربَّما طلقها قبل الدخول فأرادتْ أخْذَ نِصْفهِ.
__________
(1) هو العطاءُ، قال الجوهري: "وحَباهُ يحْبُوه: أي أعْطَاه" (الصحاح: 6/ 2308 مادة حبا).
(2) العلاَئِق جمْع عَلاَقة، وهي المهور، وعلاقة الَمهْرِ: ما يتَعَلَّقُون به على المتَزَوِّج، ومنه قوله عليه السلامْ: "أدوا العلاَئِق، قالوا: في رسول الله، وما العلاَئِق؟ قال: ما تَراضَى عليه أهْلُوهُم"، انظر: (النهاية لابن الأثير: 3/ 289)، والحديث إسناده ضعيف جداً. انظر: (التلخيص
لابن حجر: 3/ 190، نصب الراية: 3/ 200).
(3) هو ابن أبي الفتح في (المطلع: ص 326).
(4) انظر: (فعلت وأفعلت: ص 87) وكذلك (الأفعال للرقسطي: 4/ 139، والأفعال لابن القطاع: 3/ 162)، كما حكاه الجوهري عن أبي زيد. (الصحاح: 2/ 821 مادة مهر).
(5) انظر: (الصحاح: 2/ 821 مادة مهر).
(6) البيت لِقُحَيْف العُقَيْلِي، انظر: (الصحاح: 2/ 821 مادة مهر).
(7) سورة النساء: 4.
(3/648)
________________________________________
1281 - قوله: (أوْ استُحِقَّ)، أي: خَرج مَسْتَحَقاً للغير، إِمَّا لكونه غصَبَهُ منه، أو راعه إيَّاه، أو وَهَبَهُ ونحو ذلك. (1)
1282 - قوله: (في قَدْرِه)، أي: مِقْدَاره من عَددٍ، أو وزنٍ.
1283 - قوله: (على مبْلَغِه)، أي: ما يبلغ من عددٍ، أو وَزْنٍ كَيْ ينْتَهي إِلَيْه.
1284 - قوله: (إِلَّا الُمتْعَة)، يقال: يُمَتِّعه تَمْتِيعاً، وتَمتَّع هو تَمتُّعاً.
والاسم: المتعة، (2) ثم يقال للخَادِم، والكِسْوَة، وسائر ما يتَمَتَع به: مُتْعَةٌ، تَسْمِيَةً للمَفْعول بالَمصْدَر، كالخَلْق بمعنى الَمخْلُوق، قال الله عز وجل: {وَمَتِّعُوهُنَّ}، (3) وقال: {فمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ}. (4)
1285 - قوله: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ}، الُموسِع: الغَنيُّ، يقال: أوْسَع الرجل فهو مُوسِعٌ، إِذا اسْتَغْنَى.
و(قَدَرُهُ)، أي مِقْدَارُهُ، يقال: علا قَدْرُهُ، وقال الله عز وجل: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}. (5)
__________
(1) قال في "المغني: 8/ 15 ": "وجملة ذلك أنَّه إذا تزوجها على عَبْد بعينه تظُنُّه عَبْداً مملوكاً فَخَرج حُراً أو مَغْصُوباً فلها قيمته، ، وبِهَذا قال أبو يوسف من الحنفية، ومالك رحمه الله، والشافعي في القديم، وقال في الجديد لها مهر المثل، وقال أبو حنيفة ومحمد في المغصوب تجب القيمة، وفي الحرة مهر المثل. انظر: (البناية: 4/ 237 - 238، الأم: 5/ 76، المدونة: 2/ 220).
(2) وهي من المتاع، وهو كل ما انتفع به، وأصْلُه النفع الحاضر، ومنه: مُتْعَة الطَّلاَق، ومتعة الحج، ومُتعة النكاح وغيرها لما فيها من النَّفع أو الانتفاع. (المغرب: 2/ 256).
(3) سورة البقرة: 236.
(4) سورة الأحزاب: 49.
(5) سورة الأنعام: 91.
(3/649)
________________________________________
1286 - قوله: (وعلى الُمقْتِرُ قَدَرُه)، الُمقتر: الفَقير، يقال: أقْتَرَ الرجل فهو مُقْتِرٌ: إذا افْتَقَر، (1) قال الله عز وجل: {عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ}. (2)
1287 - قوله: (خادمٌ)، هو الذي يخْدُمُ، وأكثر ما يُطلق على العَبْد والأمة، وفي حديث عبد الرحمن (3) بن أبي بكر: (وخَادِم بَيْنَنَا وبيْن أبي بكر"، (4) وأصلُه من الخِدْمَة، ومنه قوله عليه السلام: "غلاماً كيِّساً يخدمني"، (5) وقول أنس: "خدمْتُه تِسع سِنين". (6) وجَمْعُه: خُدَّام وخَدَم، وقد خَدَم يخْدُمُ خِدْمَةً.
1288 - قوله: (وأدْنَاها)، الأدني: هو ضِدُّ الأَعْلى، وهو الدون. (7)
__________
(1) وقتر على عياله يقْتُر ويقْتِر قَتْراً وقَتُوراً، أي ضَيق عليهم في النفقة، وكذلك التَقْتِير والإقْتَار. (الصحاح: 2/ 786 مادة قتر).
(2) سورة البقرة: 236.
(3) هو عد الرحمن بن أبي بكر بن أبي قحافة، شقيق أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، حضر بدرا مع المشركين، وأسلم وهاجر قبيل الفتح، كان أسن أبناء أبي بكر رضي الله عنه، وهو الذي أمره الرسول - صلى الله عليه وسلم - في حجة الوداع أن يُعْمر أخته عائشة من التنعيم، توفي 53 هـ. أخباره في (سير الذهبي: 2/ 471، الاستيعاب: 2/ 825، أسد الغابة: 3/ 466، الشذرات: 1/ 59، الإصابة: 6/ 295).
(4) أخرجه البخاري في المناقب: 6/ 587، باب علامات النبوة في الإسلام بلفظ قريب منه،
حديث (3581)، كما أخرجه في المواقيت: 2/ 75، باب السمر مع الضيف والأهل، حديث
(5) أخرجه النسائي في الاستعاذة: 7/ 241، باب الاستعاذة من غلبة الرجال، بلفظ قريب منه.
(6) أخرجه مسلم في الفضائل: 4/ 1805، باب كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - أحسن، لناس خُلُقاً بلفظ قريب مه، حديث (54)، وابن عساكر في تهذيب تاريخ دمشق: 3/ 151، والحاكم ملخصاً في المستدرك. كتاب معرفة الصحابة: 3/ 574.
(7) قال في "المصباح: 1/ 1219": "وشيء من دونٍ بالتنوين: أي حقير وساقط. قال: والدُّون: نَعتٌ ولا يُشتَقُ منه فِعْلٌ".
(3/650)
________________________________________
يقال: أدْني من فلانٍ: أي أقل منه قدراً ورِفْعَةً، وقال بعضهم في معنى قوله عز وجل: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى هُوَ خَيْرٌ}: (1) ألم يطلبوا الأدني دعاءً، ورغبة؟ أجيبوا إلي الأدني، (2) فقال: {اهْبِطُوا مِصْرًا}. (3)
1289 - (والكُسْوَة)، (4) من كسَا يَكْسُو كُسْوَة: وهي اسْمٌ لما يُلْبَس من الثِّيَاب.
والكِسْوة -بالكسر-: قريةٌ قَرِيبةٌ من دِمَشق. (5) والكَسْوةَ: المرَّةُ من كَسَاهُ كِسْوةً.
1290 - قوله: (أجْبِرَ على ذلك)، أي: ألْزِم به، وأكْرِه عليه. جَبَرهُ وأجْبَرَهُ. وجَبَرهُ أيضاً: إِذا مَنَحَهُ وَأعْطَاهُ، ومنه: جبر قَلْبَهُ.
والجَبْر أيضاً: جَبْر العَظْمِ الُمنْكَسِر، (6) وكلُّ مَن دَاوَى مكْسُوراً فقد جَبَرهُ، ويقال: في جابِر الُمنْكَسِرَة قُلُوبُهم لله عز وجل، والجِبَارة: ما يُجْبَر به، والجبارُ: الُمتَكَبر المتَجَبَز، وهو اسمٌ من أسْمَاء الله عز وجل، والجَبِيَرةُ: ما على جُرْحٍ، أو كَسْر من عَصائِب.
1291 - قوله: (مهْرُ نِسَائِها)، يعني أقَارِبِها.
__________
(1) سورة البقرة: 61.
(2) حكى الطبري في "تفسيره: 1/ 309 " عن بعضهم قال: كان القوم في البرية قد ظلل عليهم الغمام وأنزل عليهم الَمن والسلْوَى فملوا ذلك، وذكروا عيشاً كان لهم بمصر فسألوه، فقال تعالى مجيباً لهم للأدني الذي طلبوه (اهْبِطوا مِصْراً فإن لكن ما سألتم).
(3) سورة البقرة: 61.
(4) وهي بضم "الكاف" وكسرها، قاله الجوهري في: (الصحاح: 6/ 474، مادة كسا).
(5) وقد ضبطها ياقوت بضم "الكاف" وهي أول منزل تنزله القوافل إذا خرجت من دمشق إلى مصر. (معجم البلدان: 4/ 461).
(6) انظر هذه المعاني في: (الصحاح: 2/ 607 مادة جبر).
(3/651)
________________________________________
1292 - قوله: (خِلاَلَها)، معنى الخَلْوَة: أنْ يدخل عليها بِمَوْضِعٍ ليس فيه أحد يعلم حقيقة الوَطْء من مكلَّفٍ ونحوه مِمَّن في معناه. (1)
1293 - قوله: (عُقْدَة النكاح)، العُقْدَةُ: هي العَقْدُ، يقال في كُلِّ مَرْبُوطٍ: عَقْدٌ وعقْدَةٌ، فلذلك قيل في النكاح: عَقْدٌ وعُقْدَةٌ. (2)
1294 - قوله: (عفَا)، مَقْصور من العَفْو، وقد عَفَا يَعْفُو عَفْواً، فهو عافٍ، قال الله عز وجل: {وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}، (3) وفي الحديث: "وطلَبُوا العَفْوَ". (4)
1295 - قوله: (سِرّاً وعلانيةً)، السِرُّ: هو الخُفْيَة، قال الله عز وجل: {فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى}، (5) وفي الحديث: (أوَ لَيْس فيكم صاحَب السِرِّ الذي لاَ يَعْلَمُه غيره"، (6) وفي حديث فاطمة: "ما كُنْت لأُخْبِر بسِرِّ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -" (7) ومنه: "كاتِمُ السِرِّ".
__________
(1) سبق بيان معنى "الخلوة" وحقيقتها في) ص 106.
(2) لأن فيه ربطاً بيْن الزوج وزوجته لمجرد العقْد، وإن كان ذلك في المعنى.
(3) سورة البقرة: 237.
(4) جزء من حديث أخرجه البخاري في الصلح: 5/ 306، باب الصلح في الدية، حديث (2703)، والنسائي في القسامة: 8/ 25، باب القصاص في الثنية، وابن ماجة في الديات: 2/ 884، باب القصاص في السن، حديث (2649)، وأحمد في المسند: 3/ 128.
(5) سورة طه: 7.
(6) أخرجه البخاري في فضائل الصحابة: 7/ 90، باب مناقب عمار وحذيفة رضي الله عنهما، حديث (3742)، وأحمد في المسند: 6/ 449.
(7) أخرجه البخاري في الاستئذان: 11/ 79، بلفظ قريب منه، باب من ناجى بين يدي الناس ولم يخبر بسر صاحبه، فإذا مات أخبر به، حديث (6285)، (6286)، ومسلم في فضائل الصحابة: 4/ 1904، باب فضائل فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديث (98)، وأحمد في المسند: 6/ 282).
(3/652)
________________________________________
قال ابن مالك في "مثلثه": السَّرُّ: الذي يَسُرُّ بِفِعْلِه، ومصدر سَرَّه: فَرَّحَهُ، أو حيَّاهُ بالَمسَرَّة: وهي الريَّاحين، أوْ طَعَنَهُ في سُرته، والصَّبِيَّ: قطع سُرَّتَه، والزَّنْد: أدخل في جَوفه - إِذا كان أجْوَف - عُوداً. قال: والسِّرُ -يعني بالكسر -: ما يُكْتَم، والنكاح، وذكرُ الإِنسَان، وخَالِصُ كُلِّ شَيْءٍ، وأخْصَبُ مَوْضِع في الوادي، وأوْسَط الحَسَب، والحَظُّ في الكَف والجبهَة وغيرهما من الجسد، ومَوْضِعٌ في بلاد تميم. (1)
قال: والسُّرُ -يعني بالضم-: خِلاَف الضُّرِّ، وما تَقْطَع القَابِلة من الَموْلُود، وجمْع أسَرَّ: وهو الرجل الذي لا أصْلَ لَهُ، والوَجِعُ السُّرَّةِ، والبعيرُ الُمشْتكي كِرْكِرَتِه، والزَند الأجْوَفُ، قال: والسُّرُّ أيضاً، جمع سَرَّاءَ: وهي القناةُ الجوفاءُ، والأرضُ الطَيِّبة". (2)
1296 - قوله: (وعلانية)، هو من الإعلان: وهو الإِظْهَار. قال الله عز وجل: {ما تُخْفُون وما تُعْلِنُون}، (3) وفي الحديث: أعْلِنُوا النكاح"، (4) وفي الحديث: "تلك امرأة أعْلَنت"، (5) وفي الحديث: "ما أسْرَرْتُ وما أعْلَنْتُ"، (6) كلُّه من الإِظهار.
__________
(1) قاله البكري في "معجمة: 2/ 732"، وقال ياقوت: "اسم واد لين هجر وذات العُشر من طريق حاجْ البَصْرة، وقيل: واد في بطن الحلة" وقيل غير ذلك (معجم البلدان: 3/ 211)، وفي كتاب "في شمال غرب الجزيرة، لحامد الجاسر: ص 611": "أنه وادٍ يقع شرق مدينة الدوادمي وهو وادٍ شهير معروف بهذا الاسم قديماً وحديثا.
(2) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 301 - 302).
(3) سورة النمل: 25.
(4) سبق تخريج هذا الحديث في ص 254.
(5) سبق تخريج هذا الحديث في ص 254
(6) أخرجه البخاري في التهجد: 3/ 3، باب التهجد بالليل، حديث (1120)، ومسلم في =
(3/653)
________________________________________
ْ 1297 قوله: (الأمهات)، جمع أُمٍّ، يقال في الآدمي والحيوان:
أمهَات، ويجوز في الكُلُّ أُمَّاتٌ، وقيل: الأفصح في الآدمي: أمَّهَاتٌ، وفي الحيوان: أُمَّاتٌ.
1298 - قوله: (والصِّبْغُ)، هو ما يُصْبَغُ به، بكسر "الصاد".
قال ابن مالك في "مثلثه": مصدر صبَغَ الثوب وغيره: لَونَهُ، والشَّيْءَ في الشيْءِ: غَمَسَهُ. قال: والصبْغُ -يعني بالكسر-: ما يُغْمَسُ فيه الخبزُ من الأُدْمِ، وما يُصْبَغُ به الشيْءُ. قال: والصُّبْغُ -يعني بالضم-: جمع أصْبَغَ: وهي الفرسُ في ناصيته، أوْ ذَنَبِه، أوْ ثُنَّتِه بياضٌ عامٌ، والأبيض الذَّنَب من الغنم والطيْر". (1)
__________
= صلاة المسافرين: 1/ 532، باب الدعاء في صلاة الليل وقيامه، حديث (199)، والترمذي في الدعوات: 5/ 485، باب منه، حديث (3421)، والنسائي في قيام الليل: 3/ 170، باب ذكر ما يستفتح به القيام. ومالك في القرآن: 1/ 215، باب ما جاء في الدعاء، حديث (34).
(1) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 357).
(3/654)
________________________________________
كتاب: الوليمة
الوليمةُ: اسمٌ لِدعْوة العُرس، وفي الحديث: "فكانت تِلكَ وَليمة"، (1) وفي حديث آخر: "ما أوْلَم على امْرأَةٍ من نِسَائه، ما أوْلم على زَيْنَب، لقد أشْبَع النَاس خُبزاً ولحماً ولقد دعوت النَاس إلى وَليمة". (2) وفي حديث جابر: (3) "أوْلم وَلَوْ بِشَاةٍ"، (4) وفي حديث آخر: (مَنْ تَزَوَّج لِيُولِم". (5)
__________
(1) جزء من حديث أخرجه البخاري في البيوع: 4/ 423 بلفظ قريب منه، باب هل يسافر بالجارية قبل أن يستبرئها، حديث (2235)، ومسلم في النكاح: 2/ 1043، باب فضيلة إعتاقه أمته ثم يتزوجها حديث (84)، (88)، وأحمد في المسند: 2/ 103 - 195.
(2) أخرجه البخاري في النكاح: 9/ 232 بلفظ قريب منه مختصراً، باب الوليمة ولو بشاة، حديث (5168)، ومسلم في النكاح: 2/ 1049، باب زواج زينب بنت جحش ونزول الحجاب، حديث (90)، (91)، وأبو داود في الأطعمة: 3/ 341، باب في استحباب الوليمة عند النكاح، حديث (3743)، وابن ماجة في النكاح: 1/ 615، باب الوليمة، حديث (1908)، وأحمد في المسند: 3/ 172 أما زينب الواردة في الحديث، فهي أم المؤمنين زينب بنت جحش بن رياب، وابنة عَمَة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من المهاجرات الأوائل، فضائلها كثيرة، توفيت 20 هـ أخبارها في: (سير الذهبي: 2/ 211، المستدرك: 4/ 23، الاسيعاب: 4/ 1849 أسد الغابة: 7/ 125، مجمع الزوائد: 9/ 246).
(3) لم أقف على الحديث لجابر رضي الله عنه، ولعله عبد الرحمن بن عوف كما في كتب الحديث.
(4) أخرجه البخاري في النكاح: 1/ 239، باب الوليمة ولو بشاة، حديث (5167) ومسلم في النكاح: 2/ 1043، باب الصداق وجواز كونه. تعليم قرآن وخاتم حديد، حديث (79)، (80)، (81)، وابن ماجة في النكاح: 1/ 615، باب الوليمة، حديث (1907)، وأحمد في المسند: 3/ 165 - 190 - 205 - 271.
(5) لم أقف له على تخريج. والله أعلم.
(3/655)
________________________________________
حكى ابن عبد البر عن ثعلب وغيره من أهل اللغة: "أنَّ الوليمة: اسمٌ لِطَعام العرس خاصةً، لا تَقَع على غَيْرِه". (1)
قلت: لم تَرِد في الحديث في غيره.
وقال بعض الفقهاء من أصحابنا وغيرهم: "الوليمةُ: تَقع على كُلِّ طعام لسُرورٍ حادث، إِلا أنَّ اسْتِعَمَالها في طعام العرس أكثر". (2)
قلتُ: وَردَ: "مَنْ سُرَّ فلْيُولم" (3) فهو حُجَّةٌ لَهُم.
قال صاحب "المطلع": "وقول أهل اللغة أوْلى، لأَنهم أهل اللسان، وأعرف بموضوعات اللغة". (4)
وقال صاحب "المستَوْعِب": "وليمةُ الشيْء: كمالهُ وجَمْعُه، وسُمِّيت دعوةُ العُرْس وليمةً، لاجْتِمَاع الزوْجَيْن". (5) ويقال: أوْلَم، إذا صنَع وليمةً. والله أعلم.
__________
(1) انظر: (التمهيد لابن عبد البر: 10/ 182). كما حكى هذا الحربي عن أبي زيد، وبه قال أبو السعادات، والمطرزي، وجموع أهل اللغة وغيرهم. انظر: (غريب الحديث للحربي: 1/ 324، النهاية لابن الأثير: 5/ 226، المغرب: 2/ 370).
(2) حكى هذا القول كذلك صاحب (الإنصاف: 8/ 315، والمغني: 8/ 104، الشرح الكبير: 8/ 104) وهو قول المزني من الشافعية، حكاه عنه الأزهري. (الزاهر: ص 322).
وقيل: الوليمة تُطلَق على كُل طعام لِسُرور حَادِث إطلاقاً متساوياً. قاله صاحب الإِنصاف: 8/ 315).
(3) أخرجه السخاوي في"المقاصد: ص 414" وقال: "هو كلام صحيح"، وقال العجلوني في "الكشف: 2/ 351 ": "ليس بحديث" وهو قول علي القاري في "المصنوع: ص 150 وقال الزرقاني في "مختصر المقاصد ص: 193: "لا يعرف".
وقوله: "مَنْ سُرَّ ... " من السّرُور، وليس من السِّر، وهو النكاح، كما ذهب بعضهم، لأنه لم يأتِ مِن (الَسِّر) بمعنى النكاح فِعْل، كما هو معروف عند أهل اللغة. انظر تعليق الشيخ الفاضل أبو غدة على الحديث في (المصنوع: ص 150).
(4) انظر: (المطلع: ص 328)، وهو قول صاحب (المغني: 8/ 104).
(5) انظر: (المستوعب: 2/ لوحة 254 ب).
(3/656)
________________________________________
* تنبيه: - الأطعمة التي يُدْعَى إِليها الناس عشرة: (1)
الوليمةً: على وزن غَنِيمة.
والعَذِيرَةُ، والإِعْذَارُ على وزن ذَرِيرَةُ -: وهي دعوة الخِتَانُ.
والخُرْس - على وزن قُفْلُ، ويقال لها: الخُرْسة -: (2) وهي طعام الوِلاَدَة.
والوكِيرَة - على ورْن حَضيرة -: وهي دعوة البناء.
والنًقِيعَة - على وزن رَبيعَة -: وهي الطعام لِقُدُوم الغَائب.
والعَقِيقَةُ - على وزن رَقِيقَةُ -: وهي الذبْح لأَجْل الوَلَد.
والحِذَاق: وهو الطعامُ عند حِذَاق الصَّبِيِّ، (3) فعَلَه أحمد كما يأتي. (4)
والمأدُبَه: كلُّ دعوة لسَبَبٍ كانت أو لِغَيْره.
والوَضِيمَة: وهي طعامُ المأتم، نقله الجوهريُّ عن الفَراء. (5)
__________
اكتفى صاحب "المستوعب": 2 لوحة 254 ب) بستة وهي: "الوليمة، والجرْس، والإعْذَار، والوكيرة، والنقيعة، والمأدبة".
(2) وفي "الصحاح: 3/ 922 مادة خرس": "أنَ الخُرْسَة: طعام النُفَسَاء نَفْسِها.
(3) أي: معرفته، وتمييزه، وإتقانه. قال في "الصحاح: 4/ 1456 مادة حذَق": "حذَق الصبي القرآن ... إذا مهَر فيه".
(4) انظر في ذلك: ص 397، وكذلك المختصر للخرقي: ص 149.
(5) انظر: (الصحاح: 5/ 2053 مادة وضم).
(3/657)
________________________________________
التُّحْفَة: وهي طعام القَادِم، ذكره أبو بكر بن العربي (1) في"شرح الترمذي". (2)
1299 - قوله: (ولو بِشَاةٍ)، تَبِعَ في ذلك الحديث، (3) واختلف في ذلك. هل هو للتكثير؟ أو للتقليل. على وجهين. (4)
1300 - قوله: (دَعا وانْصَرفَ)، أي: دعا لَهُم، من الدعاء المعروف، وهو يسأل الله عز وجل.
1301 - قوله: (ودعوةُ الخِتَان)، الدَعوةُ: هي الوليمة. وقال قطرب: (5)
دَعَوْتُ ربِّي دعوةً لما أتي بالدعْوَةِ
__________
(1) هو الحافظ، القاضي، أبو بكر عمد بن عبد الله بن عمد بن العربي الأندلسي الأشبيلي المالكي، فقيه عصره ومحدثه، صنف "أحكام القرآن"، "وعارضة الأحوذي في شرح جامع الترمذي" وغيرها. توفي 543 هـ. أخباره في: (الصلة: 2/ 590، سير الذهبي: 20/ 197، وفيات الأعيان: 4/ 296، جذوة المقتبس: ص 160، الديباج المذهب: 2/ 252، أزهار الرياض: 3/ 62 - 86 - 95).
(2) انظر: (عارضة الأحوذي: 5/ 5)، وفيه: النجعة: وهو تصحيف. أما الترمذي، فهو محمد ابن عيسي بن سورة بن موسى بن الضحاك، الحافظ الضرير، قال الذهبي: "اختلف فيه، فقيل: ولد أعمى، والصحيح أنه أضر في كِبَرِه بعد رحلته وكتابته العلم، صنف "الجامع الصحيح" و"العلل" توفي 279 هـ. أخباره في: (سير الذهبي: 13/ 270، وفيات الأعيان: 4/ 278، تذكرة الحفاظ: 2/ 633، ميزان الاعتدال: 3/ 678، الشذرات: 2/ 174).
(3) وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - في حديث عبد الرحمن بن عوف: "أولم ولو بشاة" سبق تخريجه.
(4) قال الزركشي: "قوله عليه الصلاة والسلام: "ولو بشاة": "الشاة هنا - والله أعلم - للتقليل: أي ولو بشيء قليل كـ "شاة"، فيستفاد من هذا أنه تجوز الوليمة بدون شاة، كما يستفاد من الحديث، أن الأولى الزيادة على الشاة، لأنه جعل ذلك قليلاً" انظر: (شرح الخرقي للزركشي لوحة 43 ب) وبهذا قال صاحب (المذهب الأحمد ص: 134، والفروع: 5/ 297، والمبدع: 7/ 180).
(5) انظر: (المثلث: ص 114).
(3/658)
________________________________________
وقال عنْدِي دُعْوَة إنْ زُرْتم في رَجبَ
وقال ابن مالك في "مثلثه": (الدَّعْوة: الَمرةُ من دَعَا: بمعنى: سَأَل، وبمعنى: نَادَى وبمعنى: بعَث، وبمعنى: عَبد، وبمعنى: ذَكر، وبمعنى: نَسَب، وبمعنى: ندَب إلى أمْرٍ، ومن دَعَتِ الثَاكِلَةً: نَدَبَتْ، والحمامةُ: صَوِّتَت، والثوْبُ: أخْلَق وأحْوَج إلى غَيْره، ولفُلاَنٍ الدَّعْوَة على فلانٍ - بالفتح أيضاً -: أي التَّقَدم في العطاء.
قال: والدَّعوة -بالكسر-: انْتِسَاب الإِنسان إلى غير نَسَبِه، وقد يفتح، ولِي في بَنِي فُلاَنٍ دِعْوَة - بالكسر أيضاً -: أي قَرابة. (1)
قال: والدُّعوةُ: الطعام الَمدْعُو عليه -بالضم- عن قطرب، (2) وبالفتح عن غيره، وقد يقال بالكسر (3) ". (4)
1302 - قوله: (السُّنَّة)، لغة: الطريقة، وقد سَنَّ سُنَّةً: أي طريقةً.
وهي اصطلاحاً: "ما ثَبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قَوْلاً، أوْ فِعْلاً، أو إِقْراراً".
1303 - قوله: (والنِّثار)، بكسر "النون": (5) اسمُ مصدر من نَثَرتُ الشيْءَ أنْثرُة نَثْراً، فهو اسْم مَصْدَر يُطْلَق على الَمنْثُور.
1304 - قوله: (النُّهْبَة)، النّهْبَةُ، من نَهَب يَنْهَبُ نُهْبَةً، وفي الحديث:
__________
(1) قال هذا الكسائي. انظر: (التهذيب: 3/ 124 مادة دعا).
(2) انظر: (المثلث له: ص 114).
(3) أي: بكسر "الدال"، حكاه الجوهري عن عدي الرباب. (الصحاح: 6/ 2336، مادة دعا)،
(4) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 217).
(5) قال في "المصباح: 2/ 260 ": "والضم لغة تشبيها بالفضلة التي ترمى".
(3/659)
________________________________________
"ولا يَنْتَهب نهْبَة"، (1) وهي بضم"النون"، وهي بفتحها: الَمرة من نَهَب نهْبَةً.
1305 - قوله: (حَذَق)، بفتح "الحاء" المهملة، و"الذال" المعجمة، و"قاف".
قال جماعة من أهل اللغة، منهم الجوهري: "حذَق الصبِي القرآن والعَمل - من باب ضرَب - حِذْقاً، (2) وحَذاقَةً - ويقال لليوم الذي يُخْتَم فيه القرآن: يوم الحَذَاقة - وحِذَاقاً: إذا مهَر فيه.
وحَذِقَ -بالكسر- لغة فيه". (3)
وقال غيرهم: التَحْذِيقُ من الحِذْقِ قياسٌ لاَ سَماعٌ، (4) والحَذْقُ: القَطْعُ، والحُذُوقُ: الحُمُوضَةُ، كِلاَهما من باب ضَرَب. (5) والحُذِاقِي: الفصيح البَيِّن اللَّهْجَة، وحَذْلَق وتَحَذْلَق أظهر الحذَق، وادَّعَى أكثر مِمَّا عِنْدَه.
__________
(1) أخرجه البخاري في المظالم: 5/ 119، باب النُّهْبَى بغير إذن صاحبه، حديث (2475)، ومسلم في الإيمان: 1/ 76، باب بيان نقصان الإيمان بالمعاصي، حديث (100)، والنسائي في قطع السارق 8/ 57، باب تعظيم السرقة، وابن ماجة في الفتن: 2/ 1298، باب النهي عن النُّهْبَى، حديث (3936)، والدارمي في الأضاحي: 2/ 87، باب النهي عن، وأحمد في المسند: 2/ 7 - 11.
والنَهْبُ: أخذ الشيء على وجه العلاَنية والقَهْر، قال الحافظ في"الفتح: 5/ 120": "وهو أخذ ما ليس له جهاراً"، ومنه النهْبى: وهي اسم ما أنْهِبَ، تقول: أنْهَبَ الرجل مالَة فانْتَهَبُوه ونهَبُوه وناهَبُوه كل ذلك بمعنى. قاله الجوهري في: (الصحاح: 1/ 229 مادة نهب).
(2) حَذْقاً، بفتح "الحاء"وكسرها. (الصحاح: 4/ 1456 مادة حنق).
(3) انظر: (الصحاح: 4/ 1456 مادة حذق، مقاييس اللغة: 2/ 37، تهذيب اللغة: 4/ 35).
(4) انظر: (المغرب: 1/ 189).
(5) قال في"اللسان: 10/ 41 مادة حذق": "وانْحَذَق الشيء: انقطع ... وحذق الخَلُّ يَحْذِق حُذُوقاً حَمُضَ".
(3/660)
________________________________________
1306 - قوله: (على الصِّبْيَان)، جَمْع صَبِيٍّ، وفي الحديث: "وأنا ألْعَب مع الصبيان" (1) وفي حديث جريج: (2) (فأتي الصَّبِيَّ"، (3) وفي حديث: "أنه أتي بِصَبِيٍّ صغيرٍ لم يأكل الطعام". (4) والصَّبِيُّ: دون البلوغ.
1307 - قوله: (الجَوْزُ)، المرادُ به: الجَوزُ الشَّامِي، (5) وقَد تقدم. (6)
__________
(1) جزء من حديث أخرجه مسلم في البر والصلة: 4/ 2010، باب من لعنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو دعا عليه، حديث (96)، (97)، كما أخرجه في فضائل الصحابة: 4/ 1929 بلفظ قريب منه، حديث (145)، وأحمد في المسند: 1/ 240.
(2) خرَيج بِجِيمَيْن مصغر، أحد الرهبان من كان قبل الإسلام من أتباع عيسي عليه السلام، وممن عرِفوا بعبادتهم وانقطاعهم لذلك في صوامعهم. انظر: (فتح الباري: 6/ 477 - 478).
(3) جزء من حديث أخرجه البخاري في الأنبياء: 6/ 476 بلفظ قريب منه، باب قول الله تعالى: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا}، حديث (3436)، ومسلم في البر والصلة: 4/ 1976، باب تقديم بر الوالدين على التطوع بالصلاة وغيرها، حديث (8)، وأحمد في المسند: 2/ 307 - 308.
(4) أخرجه البخاري في الوضوء: 1/ 326 بلفظ قريب منه، باب بول الصيي، حديث (223)، ومسلم في الطهارة: 1/ 238، بمثله، باب حكم بول الطفل الرضيع وكيفية غسله، حديث (103)، (104)، وأبو داود في الطهارة: 1/ 102، باب بول الصبي يصيب الثوب، حديث (374)، وابن ماجة في الطهارة: 1/ 174، باب ما جاء في بول الصبي الذي لم يطعم، حديث (523)، (524)، ومالك في الطهارة: 1/ 64، باب ما جاء في بول الصيي، حديث (110).
(5) وهو فارسي معرب، قاله في (المعرب: ص 147).
(6) انظر في ذلك: ص: 467.
(3/661)
________________________________________
كتاب: عِشْرة النِّساء والخُلْع
1308 - (العِشْرة، والُمعَاشَرة): المخَالَطَة، وقد عاشَرة فعَاشرةً. قال الله عز وجل: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}، (1) وأما العَشَرة - بالفتح -: فهو عِقْدٌ من العَدَدَ معروف، وأما العشْرَة -بالضم-: فهي أحدُ العُشَرِ: وهو نَبْتٌ معروف. (2)
1309 - (والخلْع)، أنْ يفَارِق امْرأتَه على عِوَض تَبْذُلُهُ لَه. (3) وفائِدَته تَخَلصَها من الزَّوْج على وَجْهٍ لا رجعَة لَه عليها إلا بِرِضَاها، وعقْدٌ جَدِيد.
وهل هو فَسْخٌ، أو طَلاق؟ على ما يأتي. (4)
يقال: خَلَع امرأتَهُ خلْعاً، وخالَعَها مُخَالَعَةً، واخْتَلَعَت هي منه فهي خَالِع، (5) وأصله من خَلْع الثَّوْب.
__________
(1) سورة النساء: 19.
(2) قال في "الصحاح: 2/ 747 مادة عشر": "شَجَر له صَمَغٌ، وهو من العِضاه، وثمرته نُفَّاخَة القتاد الأصفر، الواحدة: عُشرَة".
(3) قال في "المغني: 8/ 173 مُبَيِّناً الداعي لذلك: ": "وجملة الأمر أن المرأة إذ كرهت زوجها لخلُقُه، أو خَلْقِه، أو دينه، أو كِبَره، أو ضَعْفِه، أو نحو ذلك، وخشيت أن لا تؤدى حق اللْه في طاعته جاز لها أن تخالعه بعوض تفتدي به نفسها منه، لقوله تعالى في سورة البقرة: 229 {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ}.
(4) انظر في ذلك: ص 671.
(5) ومختلعة كذلك، والاسم: الخلعة. (الصحاح: 3/ 1205 مادة خلع).
(3/662)
________________________________________
قال ابن مالك في "مثلثه": "الخَلْعَةُ: الَمرَّة من خلَع الشيء: نزعهُ عن موضعه، والثوب: جَردَة، والمرأة: طَلَّقَها مُفْتَدِيةً منه، وأهل الرَّجُلِ الرَّجُلَ: تَبرؤوا منه لكَثرة جِنَاياته، والشَّجَر: أوْرَق، والزَّرعُ: أسْفَى.
قال: والخِلْعَة: ما خَلَعْتَه من الثياب، كَسَوْتَه شَخْصاً أو لم تكْسُه.
قال: والخُلْعَة: خيارُ المال، ولغة في الخُلْع، وهو مصدر خَلَع المرأة". (1)
1310 - قوله: " (في القَسْمِ)، بفتح "القاف": (2) من قَسَم يَقْسِم قَسْماً.
قال ابن مالك: "القَسْمُ: الرأيُ، ومصدر قَسَم الشيءَ. قال: والقِسْم: الجزءُ الَمقْسوم. قال: والقسْم: جمع قَسِيم: وهو الجَميل الوجهِ". (3)
قلت: في حديث أمَ مَعْبد في صِفَتِها النبي - صلى الله عليه وسلم - لِزَوْجِها: "قسيم ونَسِيمُ" (4).
1311 - قوله: (وعِمَادُ القَسْمِ اللَّيل)، (5) عماد الشيْءِ: ما يقوم
__________
(1) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 194 - 195).
(2) مصدر: قَسَمْتُ الشَّيْءَ فانْقَسَم.
(3) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 512).
(4) جزء من حديث طويل ومشهور في هجرة النبي - صلى الله عليه وسلم -، أخرجه ابن الأثير في "الطوال الغرائب: ص 172"، والبيهقي في "الدلائل: 1/ 228"، وابن سعد في "طبقاته: 1/ 230"، والحاكم في "المستدرك: 3/ 9 - 11"، والهيثمي في"المجمع: 6/ 55"، والزمخشري في "الفائق: 1/ 94"، والكلاعي في "الاكتفا: 1/ 446"، وابن كثير في "السيرة: 2/ 257 "، والسيوطي في "الخصائص: 1/ 466"، وابن الأثير في "أسد الغابة: 1/ 431"، والسهيلي في "الروض الأنف: 2/ 7 - 9"، وابن سيد الناص في "عيون الأثر: 1/ 87".
(5) قال في "المصباح: 2/ 80": أأي: فعْتَمَمهُ ومقْصُودُهُ الأَعظم".
(3/663)
________________________________________
عليه، قال الله عز وجل: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6) إِرَمَ ذَاتِ الْعِمَادِ} (1) وسُمِّي عِمَاداً، لأنَّ الشَّيء يعْتَمِدُ عليه، قال الله عز وجل: {خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ}. (2) وقال أميَّة بن أبي الصَّلت: (3)
بَنَاها وابْتَنَى سَبْعاً شِدَاداً ... بِلاَ عَمَدٍ يُرَيْن ولا رِجَالِ
وكذلك القَسْمُ: إنَّما يُعْتَمد فيه على اللَّيل، فعِمَادُه الذي يَقُوم عليه هو اللَّيْل. (4)
1312 - قوله: (أشْخَصَها)، يقال: شَخصَ من بَلدٍ إلى بَلدٍ: ذَهَب، وأشْخَصَهُ غيره (5) سَفَّرَهُ.
1313 - قوله: (وإذا عَرَّس)، أي: صار عَريساً عندها، (6) والعَرِيسُ: الُمتزوج. ويقال: عَروسٌ في المذكر والمؤنَّث، وفي الحديث: "فكانت هي العَرُوس"، (7) وفي حديث آخر: "فأصْبَح النبي - صلى الله عليه وسلم - عَرُوساً"، (8) وقال النبي
__________
(1) سورة الفجر: 7.
(2) سورة لقمان: 10.
(3) انظر: (ديوانه: ص 447 تحقيق: عبد الحفيظ السطلي).
(4) قال الشيخ في "المغني: 8/ 144": "لا خلاف في هذا، وذلك أن الليل للسكن والإيواء، يأوي فيه الإتسان إلى منزله، ويسكن إلى أهله، وينام في فراشه مع زوجته عادة، والنهار للخروج والتكسب والاشتغال ... ".
(5) والمصدر: شخُوصاً، وقولهم: نحن علي سَفَر قد أشْخَصْنا: أي حان شخوصنا". (الصحاح: 3/ 1043 مادة شخص).
(6) أي: عند البكر، كما في (المختصر: ص 149).
(7) أخرجه البخاري في النكاح: 9/ 240، باب حق إجابة الدعوة والوليمة، حديث (5176)، كما أخرجه في الأشربة: 10/ 56، باب الانتباذ في الأوعية والتَّوْر.
(8) سبق تخريج هذا الحديث في ص: 301.
(3/664)
________________________________________
- صلى الله عليه وسلم -: هلْ أعْرَسْتُم الليْلة؟ " (1) فكناية عن الوَطْء، ويقال للمرأة: عِرْسٌ.
وقال إسْمَاعِيل بن عمار الأسدي: (2)
وهل هي إلَّا مِثلُ عِرْس تَبذلَتْ ... على رَغْمِها من هاشِم في مُحَارِبِ (3)
وعَرس (4) الرجلُ، وأعْرَس: إذا دَخَل بزَوْجَتِه. وعَرسَ بمعنى: أقَام به، وفي الحديث: "فعَرَّسْنا ساعةً"، (5) ويقال للمكان الذي يُنْزل فيه: مُعَرَّسٌ، وكذلك يقال للفعل: مُعَرَّسٌ.
وقال الشاعر: (6)
وإنْ لم يكُن إلَّا مُعَرسُ ساعةٍ ... قليلاً فإنِّي نافِع لي قَلِيلُها
وفي الحديث: "أنَّه أوتِيَ وهو في مُعَرَّسِه". (7)
__________
(1) سبق تخريج هذا الحديث في ص 302.
(2) هو إسماعيل بن عمار بن عيينة بن الطفيل بن جذيمة، ينتهي نسبة الى أسد بن خزيمة، شاعر مقل من مخضرمي الدولتين الأموية والعباسية، أخباره في: (الأغاني: 11/ 364، شرح الحماسة للتبريزي: 4/ 83، الحماسة لأبي تمام: 1/ 527، الاعلام: 1/ 320).
(3) البيت في: (الحماسة لأبي تمام: 2/ 210) للشاعر المذكور، وذكر التبريزي في: (شرح الحماصة: 4/ 83) نقلا عن دعبل بن علي أن البيت للوليد بن كعب.
(4) نسبه الجوهري الى العامة. (الصحاح: 3/ 948 مادة عرس).
(5) أخرجه مسلم في الجهاد: 3/ 1375 بلفظ قريب منه، باب التنفيل وفداء المسلمين بالأسارى، حديث (46)، وابن ماجة في الجهاد: 2/ 947، باب الغارة والبيات وقتل النساء والصبيان، حديث (2840)، وأحمد في المسند: 4/ 46 - 51.
(6) هو ذو الرمة. انظر: (ديوانه: 2/ 913)، وفيه ... إلَّا تَعلُّلَ ساعة ... والبيت بروايته هذه في كتاب (الزهرة للأصفهاني: 1/ 97).
(7) أخرجه البخاري في الاعتصام بالسنة: 13/ 306، باب ما ذكر النبي وحض على اتفاق أهل العلم. حديث (7345)، ومسلم في الحج: 2/ 981، ياب التعريس بذي الحليفة، حديث (433)، (434)، وأحمد في المسند: 2/ 87 - 90 - 104.
(3/665)
________________________________________
قال ابن مالك في "مثلثه": "العَرْسُ: حَائِظ بيْن حَائِطَي البيْت يُستعان به على تَوَقِّي البَرْد، ومصدر عرَس البعيرَ: شَدَّ في عُنُقِه العِرَاسَ: وهو حَبْلٌ.
قال: والعِرْسُ: كُل واحدٍ من الزَوْجَيْن. قال: والعُرْسُ: طعامُ النِّكَاح، والنكاحُ نفسُهُ، وجمْع عِرَاس، وجَمْع عَرُوس: وهو نَعْت الُمتزوِّج. والُمتزوَّج بِها". (1)
قلتُ: وفي الحديث: "أنه عليه السلام رأى النِّساء والصبيان مُقْبِلين مِنْ عُرْسٍ". (2)
1314 - قوله: (ثم دَارَ)، أي: على نِسَالْه، وقد دَارَ يَدُورُ دَوَراناً ودَوْراً: إذا رجع من حيث جَاء، ويقال: دَارت الرحى، ودارت رحَى الحَرْب: أي عادَتْ كما كانَتْ واشْتَدَّت، وفي الحديث: "أنَّه عليه السلام كان يَدُور على نسائه بِغُسْل وَاحِدٍ"، (3) وفي حديث حفصة: (4) "فلمَّا دَار إليها". (5)
__________
(1) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 418 - 419).
(2) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار: 7/ 113، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للأنصار: أنتم أحبْ الناس إلي حديث (3785)، ومسلم في فضائل الصحابة: 4/ 1948، باب من فضائل الأنصار رضي الله عنهم، حديث (174)، وأحمد في المسند: 3/ 150 - 175.
(3) أخرجه البخاري في الغسل: 1/ 377، باب إذا جامع ثم عاد، ومن دار على نسائه في غسل واحد بلفظ قريب منه، حديث (268)، وابن ماجة في الجنائز: 1/ 517، باب مما جاء في ذكر مرض رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حديث (1618)، كما أخرجه مسلم في الحيض: 1/ 249، باب جواز نوم الجنب حديث (28)، وبمثله أخرجه النسائي في الطهارة: 1/ 118، باب إتيان النساء قبْل إحداث الغُسْل، وأحمد في المسند: 3/ 189 - 225.
(4) هي أم المؤمنين، حفصة بنت أمير المؤمنين أبي حفض عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، نزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم -بعد انقضاء عدتها من خُتيس بن حذافة السهمي رضي الله عنه، فضائلها كثيرة، توفيت 41 هـ. أخبارها في: (سير الذهبي: 2/ 227، طبقات ابن سعد: 8/ 81، المعارف لابن قتيبة: ص 135، أسد الغابة: 7/ 65، مجمع الزوائد: 9/ 244).
(5) أخرجه البخاري في الطلاق: 9/ 374، باب لم تحرم ما أحل الله لك، حديث (5268).
(3/666)
________________________________________
والدار أيضاً: المنزل الذي يسكنه الإِنْسَان كما تقدم. (1)
1315 - قوله: (نُشُوزَها)، النُّشُوزُ: كراهيةُ كُلِّ واحدٍ من الزوجين صاحِبَه لِسُوء عِشْوَته.
يقال: نَشَزَتْ المرأةُ على زوجها، فهي ناشِزُ وناشِزةُ، ونشَز عليها زَوْجُها: إذا جَفَاها: أي ضربها، قال الله عز وجل: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ}، (2) وفي الحديث: "كَذَبَتْ ولكِنَّها نَاشِزُ". (3)
1316 - قوله: (وَعَظَها)، الوَعْظُ، والعِظَةً: تَذْكِيرُكَ الإِنسانً بما يُلِينُ قَلْبَه من ثَوابٍ وعِقَابٍ، وقد وَعظَ وعْظاً، واتعَظَ هو: قَبِلَ الَموْعِظَة، (4) قال الله عز وجل: {فَعِظُوهُنَّ}. (5)
1317 - قوله: (هَجَرها)، الهَجْرُ: تَرْكُ الكلام والُمخَالَطَةِ، يقال: هَجَرهُ يَهْجُرُهُ هَجْراً. قال الله عز وجل: {وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ}، (6) وفي
__________
(1) انظر في ذلك: ص 484.
(2) سورة النساء: 34.
(3) أخرجه البخاري في اللباس: 10/ 281، باب الثياب الخضر، بلفظ قريب منه، حديث (5825).
(4) ومنه قولهم: "السعيدُ مَن وُعِظَ بِغَيْره، والشقي من اتعظَ به غيره" (الصحاح: 3/ 1181 مادة وعظ).
(5) سورة النساء: 34.
(6) سورة النساء: 34.
قال الأزهري: "أي في النوم مَعَهنَّ، فإنَّهُنَّ إن كنَّ يُحْبِبْنَ أزْوَاجُهن شَقَّ عليهن الهجران في الَمضاجِع، وان كُنَّ مُبغِضَاتِ لأزواجهن وافَقَهُنَّ ذلك، فكان ذلك دليلاً على نُشُوزِهِنَّ". (الزاهر: ص، 323).
(3/667)
________________________________________
الحديث: "نهى أنْ يَهْجر الرجل أخاه فوق ثلاث". (1)
والهِجْرَةُ أيضاً: النَقْلَةُ من دارِ الكُفر إلى دار الإِسلام كما تقدم. (2)
1318 - قوله: (فإنْ رَدَعَها)، الردْعُ: الزَجْرُ: أي فَإن انْزَجَرَتْ وكَفتْ. ويقال: عاقَبَه بِما يَرْدَعُه، وعاقَبَه عُقاباً ردَعَهُ عن مَا كان عليه.
والعجَب من ابن مالك، كيف لمْ يُعَرج على هذا المعنى في "مثلثه" وإنما قال: "الرَّدَاع والرَّدْعُ: أثرُ الزَعْفَران ونحوه، وقد يُطْلَق على أثر الدم.
قال: والرِّدَاع: موضع، (3) قال: والرُّدَاعُ: وجَعُ الَمفَاصِل، والتَّكَسرُ في الَمرَضِ أيضاً". (4)
1319 - قوله: (لا يكونُ مُبَرِّحاً)، قال البخاري في قوله عز وجل: {وَاضْرِبُوهُنَّ}: (5) "أي: ضَرباً غير مُبَرِّح"، (6) والُمبَرِّحُ: الشديدُ، قالَهُ ثعلب.
__________
(1) أخرجه البخاري في الأدب: 10/ 481، باب ما ينهي عن التحاسد والتدابر، حديث (6065)، ومسلم في البر والصلة: 4/ 1983، باب تحريم التحاسد والتباغض والتدابر، حديث (23)، وأبو داود في الأدب: 4/ 278، باب فيمن يهجر أخاه المسلم، حديث (4910)، والترمذي في البر والصلة: 4/ 327، باب ما جاء في كراهية الهجر للمسلم، حديث (1932).
(2) انظر في ذلك: ص 253.
ومنه كذلك هجران الشهوات والأخلاق الذميمة، والخطايا وتركها ورفضها، قاله الراغب في مفرداته: ص 537).
(3) حكى ياقوت عن أني عبيدة: أنَّ رِدَاع ثلاثة مواضع.
وَاد ينْدَفِع في ذات الرِئال، وصخرة ذكرها عنترة في بيْت شِعْر، وقرية باليمن، وقال ياقوت: "ورواه لي بعضهم بالضم" انظر: (المشترك وضعاً والمفترق صقعا: ص 204).
(4) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 248).
(5) سورة النساء: 34.
(6) انظر: (صحيح البخاري مع فتح الباري: 9/ 302).
(3/668)
________________________________________
ومنه: بَرحَ فيه الأَمْر تَبْرِيحاً: أي جَهَدَهً، وتَبَارِيحً الشَّوْق: تَوَهُّجُه. (1)
قال الشاعر:
إذا اجْتَمَع الجُوعُ المبرِّحُ والهَوى ... على العاشِقِ المسْكين كادَ يَمُوتُ (2)
وقال آخر: (3)
إذا اجْتَمع الجُوع الُمبَرح والهَوى ... نَسيْت وِصَالَ الغَانِيَاتِ الكَوَاعِبِ
والتبارِيح: شِدةُ الأَلَم من عِشْقِ أوْ غيره.
1320 - قوله: (إلى العِصْيَان)، العِصْيَانُ: من عَصَى يَعْصِي عِصْيَاناً ومَعْصِيةً: إذا أتي بالُمحَرَّم، (4) وعَصَى عليه، واسْتَعْصى: إذا لَمْ يُعْطِه.
1321 - قوله: (مأمُونِينَ)، يقال: مَأمُونٌ بمعنى: أمِينَ.
1322 - قوله: (مُبْغِضَةً)، الُمبْغِضَةُ: مَنْ حَصلتْ منها البَغْضَاءُ: وهي العداوةُ، وقد أبغَضَ يَبْغَضُ بُغْضاً، وفي الصحيح: "الحُب في الله والبُغْضُ في الله من الإِيمان". (5)
__________
(1) انظر: (الصحاح: 1/ 355 مادة برح).
(2) البيت في (شرح الحاسة للمرزقي: 4/ 1855 غير منسوب).
(3) البيت في: (عيون الأخبار: 4/ 84، والحاسة لأبي تمام: 2/ 441) بدون عَزْو.
(4) هذا معنى العصيان الذي قصده الشيخ في مختصره: ص 150.
أما العصيان في حقيقته: فهو خلاف الطاعة سواء أدى هذا العصيان الى ارتكاب مُحَرم، أو مكرُوه، أو غير ذلك. (الصحاح: 6/ 2429 مادة عصا).
(5) أخرجه البخاري في الإيمان: 1/ 45 في الترجمة، باب قول النيي - صلى الله عليه وسلم -: "بني الإسلام على خمس".
(3/669)
________________________________________
*مسألة: - أصَحُّ الروايتين عن أحْمد رحمه الله: أن الخُلْعَ فَسْخٌ. (1)
والله أعلم.
__________
(1) نقل هذه الرواية ابن منصور وغيره، وصححها القاضي وقدمها الخرقي، وقال أبو بكر: في الخلع روايتان: إحداهما: أنه طَلاَق، وما أقل مَنْ رواه، والثاني: فسخ، وما أكثر مَنْ روِيَ عنه.
أما رواية الطلاق، فقد نقلها ابنه عبد الله. قال: "إذا خالعها فَتَزَوَّج بها تكون عنده على اثْنَيْن فظَاهِر هذا أنَّه طلاَق. انظر: (الروايتين والوجهين: 2/ 136، مختصر الخرقي: ص 151، المغني: 8/ 180).
(3/670)
________________________________________
كتاب: الطَّلاَق
الطَّلاَق: مصدر طَلَقَتْ المرأةُ، بانَتْ من زَوْجِهَا.
وأصل الطَّلاق في اللُّغة: التخْلِية. (1) يقال: طلَقَتْ النَاقَةُ، إِذا سَرَحَتْ حيثُ شَاءَتْ. وحُبِسَ فُلاَن في السجْن طَلَقاً بغَيْر قَيْدٍ، وفَرس طُلُقُ إحدى القَوَائِم: إذا كانت إحدى قوائِمِها غيرُ مُحَجلَةٍ، والإِطْلاَق: الإِرْسَالُ، وانْطَلَقَ بَطْنُه، واسْتَطْلَق، وأطْلَق الفَرَس: أرْسَلَ، وأطْلَق الطَائِرَ. (2)
والطَّلاَقُ في الشرع: "حَل قيْد النَكاح"، (3) وهو راجِع إلى معناه لُغةً، لأن مَنْ حُلَّ قَيْدُ نِكَاحِها، فقد خُلِّيَتْ. ويقال: طَلَقت المرأةُ، و "طَلَقتْ" بفتح "اللام" لا غير، (4) فهي طَالِق، وطَلَّقَها زَوْجُها فهي مُطَلَّقةٌ، قال الله عز - وجل: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ}. (5)
__________
(1) وهو رفْع القَيْدِ فطْلَقاْ انظر (أنيس الفقهاء: ص 155، المغرب: 2/ 25، المصباح: 2/ 573، المطلع، ص 333)، وهو كذلك الإِرسال والترك، ومنه قولهم: طَلَقت البِلاد: أي تركتها. انظر: (لغات التنبيه للنووي: ص 103).
(2) انظر: (الصحاح: 4/ 1518 - 1519 مادة طلَق).
(3) قاله الموفق في (المغنى: 8/ 233)، والبعلي في: (المطلع: 332).
وفي (المنتهى: 2/ 247، والإنصاف: 8/ 429): "حلّ قيدِ النكاح أوْ بعضِه".
(4) قال هذا الأخفش من اللغويين (الصحاح: - 4/ 1519 مادة طلق).
وذكر صاحب (المطلع: ص 333) أنها بفتح "اللام" وضمها، وهو قول ثعلب من اللغويين وذهب إلى أن "الضم" أكثر. (اللسان: 10/ 226 مادة طلق).
(5) سورة البقرة: 229.
(3/671)
________________________________________
وفي الحديث: أنَّ ابن عمر طلَّق امْرَأتَه"، (1) والمرأةُ مطَلَّقَة، وجَمْعها مطَلَّقاتٌ.
والطَّلاَق خمسة أقْسَام:
واجِب: وهو طلاَقُ الُمولِي بعد الُمدَّة، والامْتِناع من الفَيْئَة. (2)
ومكروهٌ: إذا كان لِغَيْر حاجةٍ على الصحيح. (3)
ومُباحٌ: وذلك عند الضَّرُورة. (4)
ومستَحب: وذلك عند تَضَرُّر المرأة بالمقام، لبغْض أوْ غيره، أو كوْنِها مُفرِّطَةً في حقوق الله تعالى، أو غير عفيفةٍ. وعنه: يَجِب فيهما. (5)
__________
(1) أخرجه مسلم في الطلاق: 2/ 1098، باب تحريم طلاق الحائض بغير رضاها، حديث (14)، والبخاري في الطلاق: 9/ 351، باب اذا طلقت الحائض تعتد بذلك الطلاق، وأبو داود في الطلاق: 2/ 255، باب في طلاق السنة، حديث (2179)، والترمذي فى الطلاق: 3/ 478، باب ما جاء في طلاق السنة، حديث (1175)، والنسائي في الطلاق: 6/ 115، باب الطلاق لغير العدة، وابن ماجة في الطلاق: 1/ 651، باب طلاق السنة، حديث (2022) والدارمي في الطلاق: 2/ 160، باب السنة في الظلاق، وأحمد في المسند: 2/ 626.
(2) قال في "الإنصاف: 8/ 430": "وطلاق الحكمَيْن إذا رأيا ذلك"، وذكره في" المغنى: 8/ 1234".
(3) قال في "الإِنصاف: 8/ 429": "وعليه الأصحاب" وجزم به في "الفروع: 5/ 363 "، وقال القاضي فيه روايتان: إحداهما: أنه عُزم، لأنه ضرر بنفسه وزوجته وإعدام للمصلحة الخاصة لهما من غير حاجة إليه فكان حراماً كإتلاف المال ... والثانية: أنه مباح ... " انظر: (المغني: 8/ 234).
(4) مثل سوء خُلُق المرأة، وسوء عِشرتها، والتضرر بها من غير حصول الغرض بها، قاله الموفق في: (المغنى: 8/ 234).
وقال في (الإنصاف: 8/ 429): "فيباح الطلاق في هذه الحالة من غير خلاف أعْلَمُه".
(5) وذلك لكونها غير عفيفة، ولتَفْريطها في حقوق الله تعالى. قال المرداوي في "الإنصاف: 8/ 430: "وهو الصواب".
(3/672)
________________________________________
وحرامٌ: وهو طلاق الَمدْخُول بها حائِضاً. (1)
1323 - قوله: (لم يُجَامِعْها فيه)، وَرُوي: "لم يُصِبْها فيه"، (2) وكِلاَهُما المراد به الوطْءُ.
1324 - قوله: (أو طاهراً لَمْ يُجَامِعْها فيه)، وروي: (طاهراً طُهْراً لم يُجَامِعْها فيه" (3) وهو أكثر.
1325 - قوله: (للبِدْعَة)، (4) البِدْعَةُ: ما عُمِلَ غير مِثَال سَبقَ.
والبِدْعَةُ، بِدْعَتَان، بدعةُ هُدَى، وبِدْعَةُ ضَلاَلة. (5)
والبِدْعَةُ منقسمةٌ إلى أقسام، التكالِيف الخَمْسة. (6)
__________
قال أحمد رحمه الله: "لا ينْبغي لَهُ إمْسَاكَها، وذلك لأن فيه نقصاً لدينه، ولا يأمن إفسادها لِفِرَاشه وإلحَاقها به ولداً ليس هو منه، ولا بأس بعضلها في هذه الحال، والتضييق عليها لتفتدي منه" انظر: (المغني: 8/ 234).
(1) أو في طُهْرٍ جامعها فيه، وقد أجمع العلماء في كل الأمصار والأعصار على تحريمه، ويسمى طلاق البدعة، لأن المطَلق خالَف السنة، وترك أمر الله تعالى ورسوله، قال الله تعالى في سورة الطلاق: {فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ}، ولحديث ابن عمر الذي مر معنا. انظر: (المغني: 8/ 235، المدونة: 2/ 422، الأم: 5/ 181، البناية: 4/ 382).
(2) كذا في (المختصر: ص 152).
(3) كذا هو نابت في (المختصر: ص 152).
(4) في المختصر: ص 152: لبدعة.
(5) قال ابن الأثير في (النهاية: 1/ 106): "فما كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله - صلى الله عليه وسلم - فهو في حَيز الدم والإنكار، وما كان واقعا تحت عموم ما ندب الله إليه وحَضَّ عليه، أو رسوله فهو في حَيز المدْح، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسَّخَاء وفِعل المعروف فهو من الأفعال المحمودة، ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به ... ومن هذا النوع قول عمر رضي الله عنه: "نعمت البِدْعة هذه".
(6) فمن البدع ما هو واجِب ومثاله: كالاشْتِغَال بالعُلُوم العَربية المتوقف عليها فهم الكتاب والسنة كالنحو والصرف والمعاني وغيرها. =
(3/673)
________________________________________
1326 - قوله: (السَكْرَانَ)، غير مُنْصَرف: مَنْ وُجِد منه السُكْر، وهو التَخْلِيطُ مِن شُرْب الُمسْكِر، والسكران الذي الخلاَف فيه.
قيل: من يَخْلِطُ في كلامه الَمنْظُوم، وُيبِيحُ نَشْرَهُ الَمكْتُوم.
وقيل: من لايَعْرِفُ نَعْلَهُ مِن نَعْلِ غيره، ولا ثَوْبَهُ من ثَوْب غيره.
وقيل: مَنْ لا يَعْرِف السَّماء من الأرْض، ولا الطَّول من العَرْض. (1)
وجَمْع السَّكْرَان: سُكَارى، قال الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى}. (2)
__________
= قال العز بن عبد السلام: "وذلك واجب، لأن حِفْظ الشريعة واجبَ، ولا يأتي حفظها إلَّا بمعرفة ذلك، وما لا يتم الواجب إلَّا به فهو واجب" (قواعد الأحكام: 2/ 204).
ومن البدع المحَرَّمة: مذاهب سائر أهل البِدع المخالفة لما عليه أهل السنة والجماعة والرد على هؤلاء من البِدع الواجبة. انظر: (قواعد الأحكام: 2/ 204، كشاف اصطلاحات الفنون: 1/ 191).
ومن البدع المندوب إليها: إحداث الربط، والمدارس، وِبنَاء القناطر، ومنها صلاة التراويح. ومن البدع المكروهة: زخرفة المساجِد، وتزويق الَمصاحِف وغير ذلك مما هو علي هذا النحو. ومن البدع المباحة: التوسع في اللذيذ من المآكل والمارب والملاَبس والمساكن، قال العز رحمه الله: "وقد يختلف في بعض ذلك، فيجعله بعض العلماء من البدع المكروهة ويجعله آخرون من السنن الَمفْعولة علي عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما بعده، وذلك كالاستعاذة في الصلاة والبسملة" (قواعد الأحكام: 2/ 205).
وللشاطبي وجهة نظر حول هذه التقسيمات المذكورة. انظر: رده عليها في كتابه (الاعتصام: 1/ 197).
ولمزيد من المعلومات حول البدعة يراجع: (قواعد الأحكام: 2/ 204، كشاف اصطلاحات الفنون: 1/ 191، الاعتصام: 1/ 197، النهاية لابن الأثير: 1/ 106، الإبداع في مضار الابتداع: ص 22، البدعة لعزت عطية: ص 195).
(1) انظر: (المغني: 8/ 257، كشاف اصطلاحاث الفنون: 3/ 161، المبدع: 7/ 253، الشرح الكبير: 8/ 240).
(2) سورة النساء: 43.
(3/674)
________________________________________
* مسألة: - الصحيحُ، وقوع طلاَق السكْران. (1)
1327 - قوله: (أكْرِه)، يقال: أكْرِهَ يُكرَهُ إكْرَاهًا: إذا غُصِبَ على فِعْل شَيْءٍ. قال الله عز وجل: {لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا}، (2) قال البخاري: كَرْهًا وكُرْهًا واحدٌ". (3).
1328 - قوله: (أوْ الخَنِق)، الخَنقِ - بفتح "الخاء" وكسر (النون) مصدر خَنَقَهُ -: إذا عَصَر حَلْقَهُ، وسكون "النون" لغة. (4)
1329 - قوله: (أوْ عَصْرِ الساق)، العَصْرُ: مِنْ عَصَرهُ يَعْصِرُهُ عَصْرًا: إذا ضيَّق على أعْضَائِه بالخَنقِ ونحوه، ومنه: عَصْرَ الَمنُون. وعَصَرَهُ: ضيَّق عليه.
قال ابن مالك: "العَصْرُ: اللَّيلُ، والنَّهَارُ". (5)
__________
(1) نقل هذه الرواية صالح بن الإمام، وابن بدينا، وأبو طالب، وابن منصور وغيرهم.
قال القاضي: "وهو الصحيح عندي"، قال المرداوي: "وهو الَمذْهَب".
انظر: (الروايتين والوجهين: 2/ 156 - 157، الإنصاف: 8/ 433، المبدع: 7/ 252، الإفصاح لابن هبيرة: 2/ 153 - 154).
أما رواية عدم الوقوع، فقد نقلها حنبل وابن إبراهيم، وهو اختيار أبو بكر عبد العزيز، والموفق، وشمس الدين في الشرح. انظر: (الروايتين والوجهين: 2/ 157، الإنصاف: 8/ 433، المغنى: 8/ 256، الشرح الكبير: 8/ 239).
وذكر الخرقي في (مختصره: ص 153) رواية ثالثة، وهي التوقف عن الجواب، ويقول: قد اختلف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنكر صاحب "المغني" أن يكون التوقف قولًا في المسألة، إنما هو ترك لِلْقَوْلِ فيها لتعارض الأدلة، فيبقى في المسألة قولان. (المغني: 8/ 255).
(2) سورة النساء: 19.
(3) انظر: (صحيح البخاري مع فتح الباري: 12/ 320).
(4) قال في "المغرب: 1/ 273 ": "قال الغرابي: ولا يقال بـ "السكون".
(5) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 431).
(3/675)
________________________________________
قلت: ومنه قوله عز وجل: {وَالْعَصْرِ (1) إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ}. (1)
قال: " والغَدَاةُ، والعَشيُّ". (2)
قلت: والصَلاَة الوُسْطَى. (3)
قال: "والإِعْطَاءُ، والنَّجَاةُ، والمنْعُ، واسْتِرْجَاعُ الُمعْطَى، واستِخْرَاجُ رُطُوبة الشَّيء قال: والعُصْر - بالكسر والفتح والضم -: الدَّهْر. قال: والعَصْر: جمع عَصُورٍ، وهو الكَثِيرُ الاسْتِرْجاع لما يُعْطِي، والكثيرُ الَمنْع أيضًا. قال: والعُصْرُ أيضًا: جمع عِصَارٍ ". (4)
1330 - (والسَّاقُ)، أحد السُّوق، قال الله عز وجل: {يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ} (5) وقال عز وجل: {فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ} (6) قال البخاري: (السَّاقُ: حامِلَةُ الزَّرْع" (7).
قلتُ: وغيره، وفي الحديث: "ما في الجَنَّة شجرة إلَّا وساقها من الذهب". (8)
وساقُ الآدمي معروف: وهو قائِمةٌ رِجْلِه. قال الله عز وجل:
__________
(1) سورة العصر: 1.
(2) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 431).
(3) وذلك لقوله تعالى في سورة البقرة: 238: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى}.
(4) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 431).
(5) سورة القلم: 42.
(6) سورة الفتح: 29.
(7) انظر: (صحيح البخاري مع فتح الباري: 8/ 581) وفيه: "الساق: حاملة الشجرة".
(8) أخرجه الترمذي في صفة الجنة: 4/ 671، باب ما جاء في صفة شجر الجنة، حديث (2525).
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من حديث أبي سعيد.
(3/676)
________________________________________
{وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ} (1) وسَاقَ البَعِيرَ ونَحْوَهُ سَوْقًا: صَحِبَهُ مَعَهُ، ومنه: "لولا أني سُقْتُ الهَدْيَ"، (2) وساقَ الفَرسَ ونحوه سَوْقًا: أجْرَاهُ، أو حَثَّهُ على ذلك، وساقَ الصَدَاق ونحوه: حَمَلَهُ إلى العَرُوس، ومنه الحديث: "كَم سُقْتَ إلَيْها". (3)
1331 - قوله: (ولا يكونُ التَّواعد)، تَوعَّدَهُ وَوَعدَهُ واتَّعَدَهُ كلٌّ من الوَعْد وهو الإِخبار بأنْ يَقَع به نَفْعًا أو ضُرًّا، إلَّا أنَّ الغَالِب على الوعد في الخير، والتَّوَعُد، والاتِّعَاد في الشَّرِّ.
وقال سَعْد بن نَاشِب: (4)
لا تُوعِدَنَّا في بِلالُ فَإنَّنَا ... وإنْ نَحْن لَمْ نَشْقُقْ عصا الدِّين أحْرارُ (5)
__________
(1) سورة القيامة: 29.
(2) أخرجه البخاري في الحج: 3/ 422، باب التمتع والقران والإفراد بالحج، حديث (1568)، ومسلم في الحج: 2/ 884، باب بيان وجوه الإحرام وأنه يجوز إفراد الحج والتمتع والقران، حديث (143).
(3) أخرجه البخاري في النكاح: 9/ 221، باب الصُّفْرة للمتزوج، حديث (5153)، كما أخرجه في البيوع: 4/ 288، باب قول الله عز وجل: {قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ ... } حديث (2048)، وهو عنده في مناقب الأنصار: 7/ 112، باب إخاء النبي - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والأنصار، حديث (3780)، والنسائي في النكاح: 6/ 97، باب التزويج على نواة من ذهب ومالك في النكاح: 2/ 545، باب ما جاء في الوليمة، حديث (47).
(4) هو سعد بن ناشب بن معاذ بن جعدة بن ثابت من بني العنبر، كان من فتاك بني تميم في البصرة، ومن شياطين العرب، وله شعر يوم الوقيط، وهو يوم كان في الإسلام بين تميم وبكر ابن وائل، ومن هنا يبدو أنه شاعر اسلامي. أخباره في: (الشعر والشعراء: 2/ 696، العقد الفريد: 5/ 182، شرح الحماسة للتبريزي: 1/ 69، الخزانة: 8/ 145، جمهرة أنساب العرب: ص 212).
(5) انظر: (الحماسة لأبي تمام: 1/ 334).
(3/677)
________________________________________
باب: تَصْريح (1) الطَّلاق وغيره
التَّصريح والصَّريحُ في الطلاق، والعِتْقِ، والقَذْفِ ونحو ذلك: هو اللَّفظ الموضوعُ لَهُ لا يُفْهَم منه غَيْره.
والصَّريحُ: الخالِصُ من كل شَيْءٍ، ولذلك يقال: نَسبٌ صَرِيحٌ: أي خالِصٌ، لا خَلَل فيه، وهذا اللفظ خالِص لهذا الَمعْنى: أي لا مُشارِكَ لَه فيه. (2)
1332 - قوله: (أوْ قَد فارَقْتكَ)، من الفِراق.
(أوْ قَدْ سَرَّحْتُكَ)، من السَّراحِ، والسراح - بفتح "السين " -: الإرسال - يقال: سَرَّحْت الماشيَة: إذا أطلقْتُها فذهَبَتْ.
وتَسْريحُ المرأة: تَطْليقها، والاسم: السَّراح، كالتَبْليغ والبَلاغ، (3) قال
__________
(1) كذا في (المغني: 8/ 163)، وفي (المختصر: ص 153): "صريحُ".
(2) وصريح الطلاق، هو لفظ "الطلاق "، وما تصرف منه لا غير.
قال في (الإنصاف: 8/ 462): "وهذا المذهب وعليه أكثر الأصحاب"، وهو مذهب أبي حنيفة ومالك، إلَّا أنَّ مالكا يوقع الطلاق به بغير نية، لأن الكنايات الظاهرية لا تفتقر عنده إلى نية. انظر: (البناية: 4/ 398 - 399، الشرح الصغير: 2/ 277).
وقال الخرقي: "صَرِيحهُ ثلاثة الفَاظ "الطَّلاق"، و "الفِرَاق" و "السراح"، وما تصرف منهما" (المختصر: ص 153)، وهو مذهب الشافعي رحمه الله. (الأم: 5/ 197).
(3) قال في: (الزاهر: ص 325): "والسِّراح: اسْمٌ وُضِعَ مَوْضِع المصدر".
(3/678)
________________________________________
الله عز وجل: {وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا}، (1) وقال: {أَوْ سَرِّحُوهُنَّ}. (2)
1333 - قوله: (الغَضِب)، من غَضِبَ يَغْضَبُ غَضَبًا: إذا حَمَقَ، واشْتَدَّ غَيْظُه، وفي الحديث: "في الغَضَبِ والرضا"، (3) وفيه: "أنَّ رَبِّي غَضِبَ اليوم غَضَبًا". (4)
1334 - قوله: (اوْ لطَمَها)، اللَّطْمُ: الضرب على الوجه [ببَاطِن الراحة] (5) وقد لَطَمَهُ يَلْطِمُه لَطْمًا.
1335 - قوله: (خَلِيَّةٌ)، الخَلِيَّة في الأصل: الناقة تُطْلق من عِقالها، ويُخْلى عَنْها، ويقال للمرأة خَلِيَّة، كنايةٌ عن الطلاق. (6) قاله الجوهري (7).
1336 - قوله: (وأنْتِ بَرِيَّةٌ)، والبَرِيَّة أصْلُه: بَريئَة بـ "الهمز"، لأنه صفة من بَرأ من الشَّيء براءَة، فهو بَريء، والأنثى: بَريئَةٌ، ثم خُفِّف "همزه"
__________
(1) سورة الأحزاب: 49.
(2) سورة البقرة: 231.
(3) أخرجه أبو داود في العلم: 3/ 318، باب في كتاب العلم، حديث (3646)، والنسائي في السهو: 3/ 46، باب نوع آخر، والدارمي في المقدمة: 1/ 125، باب من رخص في كتابة العلم.
(4) جزء من حديث أخرجه البخاري في الأنبياء: 6/ 371، باب قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا ... }، حديث (3340)، وفي التفسير: 8/ 395، باب: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا}، حديث (4712)، ومسلم في الإيمان: 1/ 184، باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها، حديث (327)، والترمذي في القيامة: 4/ 622، باب ما جاء في الشفاعة، حديث (2434)، وأحمد في المسند: 2/ 435 - 436.
(5) زيادة من الصحاح: 5/ 2030 مادة لطم يقتضيها السياق.
(6) ومعناها: أنها خلت منه، وخلا منها، فهي خَلِيَّة - فعيلة بمعنى مفعولة - قاله الأزهري في (الزاهر: ص 325).
(7) انظر: (الصحاح: 6/ 2330 مادة خلا).
(3/679)
________________________________________
كما خُفف بَرِيَّة في (خَيْرُ البَرِيَّة)، (1) فعلى هذا يجوز: رأيت بَريئَةً بـ "الهمز"، وبريَّةً بغير، همز"، (2) ويُكَنَى بهذه اللفظة عن الطلاق، كأن المرأة بَرِئَتْ من حُقوق الزَّوْج بالطَّلاق.
والبَريَّةُ أيضًا. الخَلْقُ، وأما البَرْيَة، فهي بَرْيَةُ القَلَم ونحوه، (3) وفيْ الحديث: "وهو يُبْرِي نَبْلاً لَهُ" (4) وهي أيضًا: المرَّةُ من أبرَاه بُرْيَةً.
1337 - قوله: (بائن)، (5) أي: منفصلة، من بانت بين، ويقال: طلقة بائن، فاعلة بمعنى مفعولَةٌ، وبانَتْ بمعنى فارَقَتْ، ومنه قولُ كَعْبٍ المتقدم. (6)
1338 - قوله: (أوْ حَبْلُكَ على غارِبِك)، الحَبْلُ معروفٌ: وهو الزِّمام والخِطَامُ.
قال أبو تمام: (7)
__________
(1) سورة البينة: 7.
(2) قاله صاحب (المطلع: ص 335).
(3) قال في (المصباح: 1/ 53): "بَرَيْتُ القلَم بَرْيًا - من باب رَمَى - فهو مَبْرِي، وبَرَوْتُه لغة، واسم الفعل: البرَاية بالكسر.
(4) أخرجه البخاري في الأنبياء: 6/ 397، باب يَزفون: النسلان في الَمشيِ، حديث (3364).
(5) قال الأزهري: "بغير "هاء"، كما قالوا: طالِقٌ - أي: بنْتِ مِنِّي وفارقتني، والبَيْنُ الفِرَاقُ" (الزاهر: ص 326).
(6) هو كعب بن زهير الشاعر الإسلامي القائل:
بانت سعَاد فَقَلبي اليوم مَتْبول ... مُتَيَّم إِثرها لم يُجزَ مكبول
فقوله: بانت: أي فارقت. انظر: (شرح ديوانه: ص 6).
(7) هو حبيب بن أوس الطائي، أبو تمام - الشاعر الأديب، أحد أمراء البيان، استقدمه المعتصم إلى بغداد من مصر، فأجازه وقَدَّمه على شعراء وقته فأقام في العراق، له تصانيف منها "فحول الشعراء" و"ديوان الحماسة" وغيرها، توفي 231 هـ. أخباره في (الأغاني: 16/ 383، تاريخ =
(3/680)
________________________________________
لقد بكَرتْ أمُّ الوليد تَلومُنِي ... ولم أجْتَرِم جُرْمًا فقلتُ لها مَهْلا
ولا تَعْذُلِيني في العطاءِ وَيسِّري ... لِكُلً بَعيرٍ جاءَ طالِبُهُ حَبْلا (1)
فأجابَتْه (2) بما في آخره:
فأعْطِ ولا تَبْخَل لَمِن جاء طالِبًا ... فَعِنْدي لها خَطْمٌ وقد زالتِ العِلَلُ (3)
(والغارِبُ)، مُقدَّمُ السِّنامَ، فمعنى: حَبْلُك على غارِبك: أنْت مُرْسَلةٌ مُطَلَّقَة غير مشدودةٍ، ولا ممسَكَةٍ بعَقْد النِّكَاح.
1339 - قوله: (أوْ الحَقِي بأهْلِك)، لَحِقَ بالشَّيءِ: أي صار إِليه، ولَحِقَ بِبَني فُلاَن: انْضَاف إليهم، ولَحِقَ الرَّكْبَ: أدْرَكَهُم.
والأَهْلُ: معروفُون، تَقدَّم ذكرهم. (4)
وفي الحديث: "أنه - صلى الله عليه وسلم - قال لتلك المرأة: أِلْحَقِي بأهْلِك"، (5)
__________
= بغداد: 8/ 248، وفيات الأعيان: 2/ 11، البداية والنهاية: 10/ 299، سير الذهبي: 11/ 63، تهذيب ابن عساكر: 4/ 18، الشذرات: 2/ 72).
(1) البيتان لسالم بن قحفان العنبري. انظر: (الحماسة لأبي تمام: 2/ 257 - 352) وانظر كذلك (سمط اللآلي: 2/ 631).
والبيت الثاني في (شرح الحماسة للمرزوقي: 4/ 1581).
كما أنشد أبو تمام البيت الثاني برواية أخرى. وهي:
فلا تَحْرِقيِني بالَملاَمَة واجْعَلِي ... لكلِّ بَعِيرٍ جاء سائله حَبْلًا
انظر: (الحماسة لأبى تمام: 2/ 352).
(2) أي امرأته، وهي أم الوليد، ولم أقف على اسمها.
(3) انظر: (الحماسة لأبي تمام: 2/ 258، وسمط اللآلي: 2/ 631).
ولهذه الأبيات قصة طريفة كانت سببا في ورودها، ذكرها أبو تمام في: (الحماسة: 2/ 257).
(4) انظر في ذلك: ص 16.
(5) جزء من حديث أخرجه البخاري في الطلاق: 9/ 356، باب من طلق وهو يواجه الرجل امرأته بالطلاق، حديث (5254)، وابن ماجة في الطلاق: 1/ 661، باب ما يقع به الطلاق من الكلام حديث (2050).
(3/681)
________________________________________
وفي حديث آخر: قال لأَبِي أُسَيْد: (1) "ألْحِقْها بأهلها". (2)
فإنْ قيل: أليس كعب بن مالك (3) قال لامرأته: "أِلْحَقِي بِأهْلِك"، (4) ولم يُعَدّ عليه طلاقًا.
قيل: ذلك كنايةً، ولم يُرِدْ هناك الطَّلاق، وإنَّما يكون طلاقًا بالنيَّة.
1340 - قوله: (لأنه نَسَقٌ)، العطفُ: منه عطفُ بَيَانٍ (5)، وعَطْفُ نَسقٍ، (6) وهذا عطفُ نَسَقٍ.
__________
(1) هو مالك بن ربيعة بن البدن، أبو أسيد الساعدي، صحابي جليل من براء الأنصار، شهد بدرا والمشاهد، وقد ذهب بصره في أواخر حياته، فضائله كثيرة، توفي 40 هـ على الراجح. أخباره في: (سير الذهبي: 2/ 538، طبقات ابن سعد: 7/ 553، التاريخ الكبير: 7/ 299، المستدرك: 3/ 515، أسد الغابة: 5/ 23، الاستيعاب: 3/ 1531).
(2) جزء من حديث أخرجه البخاري في الطلاق: 9/ 356، باب من طلق وهل يواجه الرجل امرأته بالطلاق، حديث (5255).
(3) هو الصحابي الجليل، كعب بن أبي كعب الأنصاري الخزرجي، شاعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأحد الثلاثة الذين خُلِّفوا فتاب عليهم، وهو أحد السبعين الذين شهدوا العقبة، فضائله كثيرة، توفي 50 هـ. أخباره في: (سير الذهبي: 2/ 523، الجرح والتعديل: 7/ 160، الأغاني: 16/ 226، وأسد الغابة: 4/ 487، تهذب التهذيب: 8/ 440، الشذرات: 1/ 56).
(4) أخرجه البخاري في المغازي: 8/ 115، باب حديث كعب بن مالك، حديث (4418) ومسلم في التوبة: 4/ 2125، باب حديث توبة كعب بن مالك، حديث (53)، وأبو داود في الطلاق: 2/ 262، باب فيما عني به الطلاق والنيات، حديث (2202) والنسائي في الطلاق: 6/ 124، باب الحْقي بأهلك.
(5) وهو التابع، الجامِد، الُمشْبِه للصفة في إيضاح مَتْبُوعِه، وعدم استقلاله نحو "أقسم بالله أبو حفص عمر"، فـ "عُمر" عطف بَيان، لأنه موضح لأبي حفص.
(6) وهو التابع، المتوسط بينه وبيْن متبوعه أحد الحروف التالية "الواو"، "ثم"، "فاء"، "حتى"، "أم"، "أو"، "بل"، "لا"، "لكن". انظر: (شذور الذهب لابن هشام: ص 434 - 445، شرح ابن عقيل على ألفية ابن مالك: 2/ 218 - 224).
(3/682)
________________________________________
باب: الطَّلاق بالحِسَاب
الحساب، من حَسَبَ يَحْسِب حِسَابًا: إِذا عَدَّ، قال الله عزوجل: {لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ}. (1)
قال ابن مالك: "حَسَب حِسَابًا وحُسْبَانًا: عدَّ، وحَسَب الرَّجل حِسْبَانًا: ظَنَ، وأيضًا صار أحْسَب: أي ذَا شَعَر أحْمَر، وجِلْدٍ أبْيَض، كالبَرَص، وهو من الإبل كذلك، وقيل: هو الأَسْوَذ الَمائِل إِلى الحُمْرَة، وقيل: هو الذي يقال: أحْسِبُ لَوْنَهُ كذا لِعَدَم خُلُوصِه، وحَسبُ الرَّجلُ حَسَابةً: صار حَسِيبًا". (2)
والحِسَابُ أيضًا: الُمحاسبَةُ، قال الله عز وجل: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} (3) وفي الحديث: "من نُوقش الحِسَاب عُذِّب". (4)
__________
(1) سورة يونس: 5.
(2) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 148).
(3) سورة الانشقاق: 8.
(4) أخرجه البخاري في العلم: 1/ 197، باب من سمع شيئًا فراجع حتى يعرفه بلفظ "من نوقش الحساب يهلك"، حديث (103)، ومسلم في الجنة: 4/ 2204، باب إثبات الحساب، حديث (79)، والترمذي في القيامة: 4/ 617، باب منه، حديث (2426)، وأحمد في المسند: 6/ 47 - 48.
(3/683)
________________________________________
1341 - قوله: (كالأعضاءِ الثابتة)، الثابتُ: هو الذي لا يزُول.
1342 - قوله: (طُلِّقَت ثَلاثًا)، (1) وَرُوِي: طُلِّقَت بثلاثٍ" (2) والله أعلم.
__________
(1) كذا فى المختصر: ص 157.
(2) وهو الثابت في المغني: 8/ 446.
(3/684)
________________________________________
باب: الرَّجْعَة
الرَّجْعَة - بفتح "الراء" وكسرها -: مصدر رُجْعَة المرأة، وهي ارْتِجَاعُها، (1) وَرُجُوع المطلَّقة غير البائن إلى النكاح من غير اسْتِئْنَافٍ. والله أعلم.
* مسألة: - أصح الروايتين عن أحمد رحمه الله، اشْتِراط الإِشهاد في الرجْعة. (2)
1343 - قوله: (بلا شهادة)، (3) وروي: "بلا شَاهدٍ"، وَرُوِي: "بلا إِشْهَادٍ".
__________
(1) وفي (الزاهر: ص 330): "جاءتني رجعَة الكتاب، ورُجْعَانه: أي جوابه". والرُّجْعَة كذلك: اسم مَن رجعَ رُجوعًا ورَجعةً، وله على امرأته رَجعة ورِجْعَة. انظر: (المغرب: 1/ 322، أنيس الفقهاء: ص 159، المصباح: 1/ 377، طلبة الطلبة: ص 54، المطلع: ص 342، لغات التنبيه: ص 108، حلية الفقهاء: ص 173).
(2) نقل هذه الرواية منها ووجهها، أنه استباحة بضْع مقصودٍ في عينه فوجَب أنْ يكون من شرطه الشهادة كالنكاح، وهذا اختيار الخرقي. انظر: (الروايتين الوجهين: 2/ 168، مختصر الخرقي: ص 158).
قال في (الإنصاف: 9/ 152): "فعلى هذه الرواية، إِنْ أشهد وأوْصَى الشهود بكِتْمَانِها، فالرجْعة باطلة. نُصَّ عليه".
ونقل ابن منصور: إذا راجع ولم يشهد حتى انقضت العدَّة فهي رجعة، ووجهها أنه عقدٌ ليس من شرطه الولي فلم يكنْ من شَرْطه الشهادة كالبيع، ولأن الوطء رجعة رواية واحدة فلو كان الإِشهاد شرطًا لم يَثْبُت حكم الرجعة بغير ذلك، وصحح هذه الرواية القاضي، وهي اختيار أبي بكر. انظر: (الروايتين والوجهين: 2/ 168) قال في (الإنصاف: 9/ 152): "وهو المذهب ... عليه جماهير الأصحاب".
(3) كذا في المختصر: ص 2158، والمغني: 8/ 481.
(3/685)
________________________________________
* مسألة: - أصح الروايتين: أنَّه إذا راجَعَها وهي لا تَعْلَم, ثم نكَحَتْ غَيْرَه أنَّها تُرَدُّ إليه. (1)
1344 - قوله: (الصِدْق)، الصِدْق، من صَدَق يَصْدُق صِدْقًا: إِذا لم يكذب في حديثه، وفي الحديث: "إِنَّ الصِدْقَ يهدي إِلى البِرِّ"، (2) وقال الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} (3) وفي حديث كعب بن مالك: "إِنَّ من توبتي أنْ لاَ أحدِّث إِلَّا صِدقًا ... وقال: ما أعلم أحدًا أبلاه الله في صِدْقِ الحديث ... ". (4)
1345 - قوله: (والصَّلاحُ)، هو ضِدّ الفساد، وقد صَلُحَ صَلاحًا، فهو صالحٌ: إِذا حَسُنَ حالَهُ فيما بينه وبين رَبِّه.
__________
(1) نقل هذه الرواية الخرقي وقَدّمها، وصححها القاضي ونسبها إلى علي رضي الله عنه. أما الرواية الثانية: يبطل نكاح الأول، ويصح الثاني، وبه قال عمر رضي الله عنه قاله القاضي. انظر: (الروايتين والوجهين: 2/ 167، مختصر الخرقي: ص 158).
(2) أخرجه البخاري في الأدب: 10/ 507، باب قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ}، حديث (6094)، ومسلم في البر: 4/ 2012 باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله، حديث (103)، والترمذي في البر: 4/ 357، باب ما جاء في الصدق والكذب حديث (197)، وابن ماجة في المقدمة: 1/ 18، باب اجتناب البدع، والجدل، حديث (46)، ومالك في الكلام: 2/ 989، باب ما جاء في الصدق والكذب، حديث (16).
(3) سورة التوبة: 119.
(4) أخرجه البخاري من حديث طويل في المغازي: 8/ 116، باب حديث كعب بن مالك، حديث (4418)، كما أخرجه في التفسير مختصرًا: 8/ 343، باب {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ} حديث (4678)، ومسلم في التوبة: 4/ 2120، باب حديث توبة كعب بن مالك، حديث (53)، والترمذي في التفسير: 5/ 281، باب عن سعيد بن المسيب عن أبيه، حديث (3102)، وأحمد في المسند: 3/ 459، 6/ 390.
(3/686)
________________________________________
كتاب: الإيلاَءِ
الإيلاءُ - بالمدِّ: الحَلِفُ، وهو مصدر، يقال: آلَى بمدَّةٍ بعد "الهمزة" يؤْلي إيلاءً، وتألَّى وائْتَلى، والأَلِية بوزن فعيلة: اليمين، وجمعُها ألاَيَا بوزن خطايا (1).
قال الشاعر:
قليل الأَلاَيَا حافظ ليَمِينه ... وإِنْ سبَقَتْ منه الأَلِيةً بَرّتْ (2)
والأُلْوَةُ - بسكون " اللام "، وتثليث " الهمزة" -: اليمين أيضًا، وفي الحديث: "أنه - صلى الله عليه وسلم - اَلَى من نسائه شهرًا"، (3) وقال عز وجل: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (4)
__________
(1) انظر: (الصحاح: 6/ 2271 مادة ألا، الزاهر: ص 331، المصباح: 1/ 25، المغرب: 1/ 44).
(2) أنشده الجوهري ولم ينسبه. انظر: (الصحاح: 6/ 2271 مادة ألا).
(3) أخرجه البخاري في الصوم: 4/ 120، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فافطروا، حديث (1910)، كما أخرجه في النكاح: 9/ 300، باب قول الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ ... الآية}، حديث (5201)، وفي الطلاق: 9/ 425، باب قول الله تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ}، حديث (5289)، وابن ماجة في الطلاق: 1/ 664، باب الإيلاء، حديث (2061)، وأحمد في المسند: 3/ 200.
(4) سورة البقرة: 226.
(3/687)
________________________________________
وقالت عاتكة: (1)
فآلَيْتُ لا تَنْفَك نَفْسِي حزينةً ... علَيْكَ ولا يَنْفَك جِلْدِي أغْبَرا (2)
والإِيلاءُ شرعًا: حَلفُ الزوج - القادر على النكاح - بالله تعالى، أو صفةٍ من صفاته - على تَرْكِ وَطْءِ امرأته في قُبُلها مُدَّةً زائدةً على أربعة أشْهُرٍ. (3)
1346 - قوله: (والُمولِي)، هو الذي أوْقَع الإِيلاء، وأما الَموْلَى: فهو العَبْد، والسَّيد كما تقدَّم. (4)
1347 - قوله: (أمِرَ بالفَيْئَة)، الفَيْئَةُ: الرجوع عن الشيء الذي يكون قد لابسَهُ الإنسان وباشَرهُ، قال الله عز وجل: {فَإِنْ فَاءُوا} (5) أي: رجَعُوا، والمراد بها هنا: الرُّجُوع إلى جِمَاعها، (6) وما يقوم مقامُهُ، ثم قال الشيخ: أن الفَيْئَة بالوطءِ، أو بِلسَانِه عند عجزه عنه. (7)
1348 - قوله: (في ثلاثٍ)، أي: الطَّلاق، وَرُوِي: (فهي تبقى الثلاث".
__________
(1) هي الصحابية الجليلة، عاتكة بنت زيد بن عمرو بن نفيل العدوية، أخت سعيد بن زيد رضي الله عنه قالت هذا البيت ترثي زوجها عبد الله بن أبي بكر بعدما أصابه سهم في حصار الطائف مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أخبارها في: (الإصابة: 8/ 136، الأغاني: 18/ 58، شرح الحماسة للتبريزي: 3/ 117).
(2) البيت في: (الحماسة لأبي تمام: 1/ 548، الأغاني: 18/ 60).
(3) انظر: (المطلع: ص 343، المغني: 8/ 502).
(4) انظر في ذلك ص: 584.
(5) سورة البقرة: 226.
(6) انظر: (الزاهر: ص 332، المطلع: ص 344).
(7) انظر: (المختصر: ص 159).
(3/688)
________________________________________
كتاب: الظِّهَار
الظِّهَار، والتَّظَهُر، والتَّظَاهُر: عِبارةٌ عن قول الرجل لامرأته: "أنت عليَّ كظَهْرِ أمِّي" (1) مُشْتَقٌّ من الظهْر، وخَصُوا الظَّهْر دون غيره - (2) لأَنَّه مَوْضِع الركُوب، والمرأة مركوبة: إِذا غُشِيَتْ، فكأنَّه إذا قال: أنت عليَّ كَظَهْر أُمِّي، أراد في ركُوب النِّكَاح، حرام علي كركُوبِ أمِّي للنكاح. فأقام الظَّهْر مقام الرُّكُوب، لأنه مركوبٌ، وأقام الرُّكُوب مقامَ النِّكَاح، لأن النَاكِحَ راكبٌ، وهذا من استعارات العرب في كلامها. (3) قال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ... } (4).
قال ابن مالك في "مثلثه": "الظَّهَار: ظَاهِرٌ الحَرَّة، والظِّهَارُ: الُمعَاونَة، ومُظَاهَرةُ الرجل زوجَتَهُ، والظُّهَار: ما ظَهَر من ريشِ النَّعَام، (5) وقيل: هو جَمْع ظَهرٍ". (6)
__________
(1) انظر: (الصحاح: 2/ 732 مادة ظهر).
(2) كـ "البطن"، و "الفخذ"، و"الفرج"، وهي أولى بالتحريم، قاله الأزهري في: (الزاهر: ص 332).
(3) كل هذا عن (الزاهر: للأزهري: ص 332).
(4) سورة المجادلة: 3.
(5) في المثلث: الجناح.
(6) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 402).
(3/689)
________________________________________
1349 - قوله: (من حِنْطةٍ)، هي البُرُّ، وهو أسمر، أو هو القمح. (1)
1350 - قوله: (أو دقيقٍ)، الدقيق، المراد به طحينُ الحِنْطَة، والشعير ونحوهما، ويقال لصانعه دَقَّاق، وجمعه: دقَّاقُون. وكَرِه أحمد كَسْب الدَقَّاقِينَ.
وقال: ، إن أمْوالاً جُمِعَت من عُموم الناس (2) لأَموال سُوءٍ ". (3)
قال ابن مفلح في "آدابه": "والظاهر والله أعلم، أنَّ مراده، بالدقاقين من يَبِيع الدقيق". (4)
1351 - قوله: (أتتْ بالُمنْكِر من القَوْل والزُّورِ)، قال الله عز وجل: {وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَرًا مِنَ الْقَوْلِ وَزُورًا}، (5) والُمنْكَر: إما لأنَّه مُنكرٌ في نفسه، أو لأن الغير يَنْكُرُه.
والزُّورُ: ما ليس بِحَقٍّ، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: " ألاَ وقوْل الزُّور". (6)
__________
(1) قاله الفيومي في: (المصباح: 1/ 166).
(2) في الأداب الشرعية: المسلمين.
(3) انظر: (الأداب الشرعية لابن مفلح: 3/ 308).
(4) انظر: (الآداب الشرعية: 3/ 308 بتصرف).
(5) سورة المجادلة: 2.
(6) أخرجه البخاري في العلم: 1/ 188 في الترجمة، باب من أعاد الحديث ثلاثا ليفهم عنه، كما أخرجه في الشهادات: 5/ 261، باب ما قيل في شهادة الزور، حديث (2654)، وأحمد في المسند: 3/ 453 - 505.
(3/690)
________________________________________
كتاب: اللِّعَان
اللِّعان: مصدر لاَعَن لِعَانًا، (1) إذا فَعل ما ذُكِر، أو لَعَن كُلُّ واحدٍ من الاثنين الآخر، قال الأزهري: "وأصلُ اللعْن: الطردُ والإِبْعَادُ، يقال: لعَنَهُ الله: أي أبعَدَهُ [الله] " (2) قال الشّماخ: (3)
دَعَرتُ به القَطَا ونَفَيْتُ عنه ... مقامَ الذِّئْب كالرَّجل اللَّعِينِ
أي: الطريد [المُبْعَد]. (4)
والْتَعَنَ الرجل: إذا لَعَن نفسه من قِبَل نَفْسِه ... والتَّلاَعُن واللَّعَان لايكونان إلَّا اثْنَيْن، يقال: لاَعَن امرأتهُ لِعَانًا، ومُلاعنةً، وقد تلاَعَنا والْتَعَنا بمعنًى واحدٍ وقد لاَعَن الإِمامُ بيْنهُما [فَتَلاَعنا]، (5) ورجل لُعَنَة - بوزن هُمَزَة -: إذا كان يَلْعَن الناس كثيرًا، ولُعْنَة - بسكون "العين" -: يَلْعَنُه الناس". (6) وفي
__________
(1) وملاعَنَة كذلك، كما في (الزاهر: ص 336).
(2) زيادة من الزاهر.
(3) انظر: (ديوانه: ص 321).
(4) زيادة من الزاهر.
(5) زيادة من الزاهر.
(6) انظر: (الزاهر: ص 335 - 336 بتصرف).
(3/691)
________________________________________
الحديث: "اتقُوا اللعَانَيْن"، (1) وفي الحديث: "لعَن الله من انْتَسَب إلى غير أبِيه". (2)
وفي حديث آخر: "أنَّ من أعْظَم الذنب أنْ يلْعَن الرجل والديه". (3)
وتقول العرب: "أبَيْت اللَّعْن"، لمن كَثُر لَعْنُه.
قال رجلٌ من بني تميم (4) وطلب منه بعض الملوك فرسًا يقال لها: سَكَابٍ، فمنعه إيَّاها.
أربيْتَ اللَّعن إنَّ سَكَابَ عِلْق ... نَفيسٌ لا تُعَار ولا تُبَاعُ
فلا تَطْمَع أبيْتَ اللَّعْن فيها ... ومَنْعُكَها بِشَيءٍ يُسْتَطَاعُ (5)
__________
(1) أخرجه مسلم في الطهارة: 1/ 226، باب النهي عن التخلي في الطريق والظلال، حديث (68)، وأبو داود في الطهارة: 1/ 7، باب المواضع التي نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن البول فيها، حديث (25)، وأحمد في المسند: 2/ 372.
قال الخطابي: "قوله: "اتقوا اللاعنين": "يريد الأمرين الجالبين للعن الحاملين الناس عليه والداعيين إليه، وذلك أن فعلهما لعن وشتم، فلما صار سببا لذلك أضيف اليهما الفعل فكانا كأنهما اللاعنان ". انظر: (معالم السنن: 1/ 30).
(2) أخرجه ابن ماجة في الحدود: 2/ 870، بلفظ قريب منه، باب من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه، حديث (2609).
(3) أخرجه البخاري في الأدب: 10/ 403، باب لا يسب الرجل والديه، حديث (5973)، ومسلم في الإيمان: 1/ 92، باب بيان الكبائر وأكبرها، حديث (146)، والترمذي في البر: 4/ 312، باب ما جاء في عقوق الوالدين، حديث (1902)، وأحمد في المسند 2/ 164 - 195.
(4) هو عبيدة بن ربيعة بن قحفان بن ناشرة بن سيار بن رزام بن مازن، كما في كتاب (الخيل لابن الأعرابي: ص 62).
(5) انظر: (شرح ديوان الحماسة للمرزوقي: 1/ 209 - 211)، وفيه: ... بِوَجْهٍ يسْتَطَاعُ، وانظر كذلك: (كتاب الخيل لابن الأعرابي: ص 62).
(3/692)
________________________________________
1352 - قوله: (في الحكْم)، أي المحكوم به في الظاهر أنَّه ولَدهُ، ولا يُلْتَفَتُ إلى قوله. (1)
1353 - قوله: (وُيشِيرُ إلَيْها)، يعني: بِيَده: والإشارةُ: هي الإيحَاءُ بيَدِه ونحوها، قال الله عز وجل: {فَأَشَارَتْ إِلَيْهِ}. (2)
1354 - قوله: (فإنَّها الُموجِبَة)، يعني: التي تُوجِبُ الغَضَب، أو اللَّعْنَة، أوْ تُوجِب العذاب في الأخِرة.
1355 - قوله: (وعَذاب الدنيا)، العَذابُ: ما يُعَذِّب به، والدنيا: هي هذه الدَّار، سُمِّيَت دنيا لِدُنُوِّهَا، وسُمِّيَتْ الآخِرةُ آخرةً، لتَأخُّرِها.
1356 - قوله: (من الكاذبين)، جَمْع كاذبٍ: وهو ضدّ الصَادِق، الذي يكذب في حديثه.
1357 - قوله: (وتُخَوَّف)، يقال: خوف يخوف تخويفًا: إذا كُلِّم بما يخاف منه، والخوف: الفَزع، وضِدّ الأَمنْ.
__________
(1) وهو أن يقول لامرأته - إذَا جاءت بولدٍ - لم تَزْنِ، ولكن ليس هذا الولد مِني، فيكون ولده في الحكم، ولا حد عليه لها، لأن هذا ليس يقذف بظاهره، لاحتمال أنه يريد أنه من زوج آخر، أو من وطء شبهه، أو غير ذلك ... "، انظر: (المغني: 9/ 51، المختصر للخرقي: ص 162).
(2) سورة مريم: 29.
(3/693)
________________________________________
كتاب العِدَّة
وَرُوِي: " كتاب: العِدَد" (1)
العِدَد - جمع عِدَّة، بكسر "العين" فيهما -: وهي ما تَعُدُّه المرأةُ من أيام أقْرائها، وأيّام حَمْلِها، أو أربعة أشْهُر وعَشْرُ ليال للمتوفَّى عَنْها.
قال ابن فارس والجوهري: "عِدَّة المرأةِ أيَّام أقْرَائِها"، (2) والمرأةُ مُعْتَدَّة. (3)
قال ابن مالك: "العدَّة في قولهم: لا يَأتِينا إلَّا العدة: أي مَرَّةً في شَهْرٍ أوْ شَهْرَيْن. قال: والعدَّةُ: الجماعة، والأَجَل، والمفروضةُ على المطلَّقة والمتوفى عنها زوجها، ومصدر عَدَّ بمعنى حَسَبَ.
قال: والعُدَّةُ: الاستعداد، والشَّيْءُ الَمعْدُود، وواحِدَةُ العُدّ.
ثم قال: والعَدَدُ: الحِسَابُ، والَمحْسُوب أيضًا. قال: والعِدَدُ: جمع عِدَّة.
__________
(1) كذا في (المختصر: ص 164، والمغني: 9/ 76).
(2) انظر: (المجمل: 3/ 612 مادة عدد، الصحاح: 2/ 506 مادة عدد).
(3) وأصل العدة: من عددت الشيء، إذا أحصيته، فَسمِّيت العدِّةُ عِدةً من أنها محصاة لأَنها ثلاثة قروء، وثلانة أشهر، وأربعة أشهر وعشرًا، قال هذا ابن فارس، في (الحلية: ص 183).
(3/694)
________________________________________
قال: والعُدَدُ: الأشياءُ الُمعَدَّة". (1)
1358 - قوله: (للأزواج)، جَمْع زَوْجٍ، وقد تقدم. (2)
1359 - قوله: (الأيساتِ)، الأيساتُ: جمع آيِسَةٍ، يقال: يَئسَتْ تَيْأسُ يَأسًا، (3) وآيِسَة من الشيْء إيَاسًا، فالآيسةُ، قد آيسَها الله تعالى من الحيض. قال الله تعالى: {وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ}. (4)
1360 - قوله: (ولو ماتَ عنها وهو حُرٌّ)، (5) وروي: ولو مات عنها زَوْجُها وهو حُرٌّ".
1361 - قوله: (ما يَتَبَيَّن فيه شيْءٌ)، (6) أي: ظَهر، وروي: "ما يَبِينُ فيه شيء"، وروي: "تُبُين" بضم "التاء" و"الباء" وكسر "الياء".
1362 - قوله: (وكانت مُؤيّسَةً)، كذا روى في عِدة من النسخ، وفي النُسخة التي بخط القاضي أبي الحسين: "فإنْ كانَت آيسةً"، (7) وهو أحْسَن، لأن جَمْعُها: آيِسَاتٌ، والمفرد: آيِسَة.
1363 - قوله: (اسْتَبْرَأها)، الاسْتِبْرَاءُ: استفعالٌ من بَرأ، ومعناه:
__________
(1) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 413)
(2) انظر في ذلك: ص 22
(3) ويقال: أيِسَتْ وآيِسَت يَأسًا، فالمصدر واحد. انظر: (الصحاح: 3/ 906 مادة أيس).
(4) سورة الطلاق: 4.
(5) كذا في المختصر: ص 165.
(6) كذا في المختصر: ص 165.
(7) وهو الثابت في المختصر: ص 166، والثابت في نسخة القاضي "وإن كانت من الآيسات". انظر (شرح الخرقي للقاضي: 1/ 259).
(3/695)
________________________________________
قَصْدُ عِلْم بَرَاءةِ رَحِمِها من الحَمْل بأخْذِ ما يُسْتَبْرأ به. (1)
1364 - قوله: (الطِّيبَ)، الطِّيبُ: كل مَا لَهُ رَائحة طيبة، كالطِّيبِ المعروف، والِمسْك، والعَنْبر ونحو ذلك.
1365 - قوله: (والزِّينة)، هي التَّزين بالثياب الحَسنةِ ونحوها، قال الله عز وجل: {فَخَرَجَ عَلَى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ} (2) وأما الزَيْنَة - بفتح "الزاي" -: فهي الحَسْنَاءُ.
1366 - قوله: (والبَيْتُوتة)، يَعْنِي به: الَمبِيتَ، وقد باتتْ المرأة تَبِيتُ مَبِيتًا وبيتُوتةً.
1367 - قوله: (والنِّقَاب)، النِقابُ، بالكسر، قال أبو عبيد: "النِّقاب عند العرب: الذي يَبْدُو منه مَحْجَر العَيْن "ويقال: انتَقَبَتْ المرأة، وإنَّها لحَسَنةُ النَّقْبَة بالكسر.
قال ابن مالك في "مثلثه": "النَّقْبَةُ: المرة من نَقَبَ، المفتوح "القاف". والنِّقْبَة: هيْئَةُ الُمنْتَقَبَةِ، والنقْبَةُ أوَّل الجَربَ، أو القِطْعَةُ منه، وصدأ السَّيْف، وثَقبُ البُرقُع، ودائرةُ الوَجْه، واللَّوْن، والهُزالُ، والضَّعْفُ، وثَوبٌ بِحُجْزَةٍ
__________
(1) قال الأزهري: "فإذا حاضت علم أنها برئت من الحمل إلا أن يقع ارتياب بالحمل لعلامة تظهر من حركة في البطن مع الحيض، فحينئذ تؤمر بالاحتياط، وألا تزوج حتى تستيقن البراءة من الحمل". (الزاهر: ص 347).
(2) سورة القصص: 79.
(3/696)
________________________________________
كالسراويل بلا نَيْقَق (1) ولا سَاقَيْن". (2)
1368 - قوله: (سدَلَتْ على وَجْهِهَا)، السدْلُ: معروف، وهو إرْخَاءُ الثَوْب على الشَّيء، وقد سدَل يَسْدِل سَدْلًا.
1369 - قوله: (وهو نَاءٍ عنها)، النائِي: البعيدُ، وقد نَاءَ يَنَاءُ نَأيًا: إِذا بَعُدَ.
__________
(1) وهو القميص، والسراويل، الموضع المتَّسع منها، وهو فارسي معرب، قاله الجواليقي في: (المعرّب: ص 381).
(2) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 720)
(3/697)
________________________________________
كتاب: الرَّضَاع
الرَّضاع، والرِّضاعُ: مَص الثَّدْي - بفتح "الراء" وكسرها: مصدر رَضَعَ الصَّبِي الثَدْيَ بكسر "الضاد" وفتحها - حكاهما ابن الأعرابي - وقال: "الكسر أفصح" - وأبو عبيد في "الُمصنَّف"، (1) ويعقوب في "الإصلاح" - (2) يَرْضَع وَيرْضِعُ - بالفتح مع الكسر، والكسر مع الفتح - رضْعًا، كـ "فَرس"، ورِضَاعًا ورَضَاعا، ورِضَاعة، ورَضَاعة، ورضِعًا - بفتح "الراء" وكسر "الضاد" - حكى السبعة ابن سيدة، (3) والفراء في "المصادر" وغيرهما (4).
قال الُمطرِّز في "شرحه": "امرأةٌ مُرْضِعٌ إذا كانت تُرْضِعُ ولَدَها ساعةً بعد ساعةٍ، وامرأةٌ مُرْضِعة: إذا كان ثَدْيُها في فَم [وَلَدِها (5)] ". (6)
قال ثعلب: "فمن ها هنا جاء القرآن: {تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا
__________
(1) انظر: (الغريب المصنف لوحة 136 أ).
(2) انظر: (إصلاح المنطق لابن السكيت: ص 213).
(3) انظر: (المحكم: 1/ 250 مادة رضع).
(4) انظر: (تهذيب اللغة للأزهري: 1/ 472، المصباح: 1/ 245، اللسان: 8/ 125 مادة رضع).
(5) زيادة من المطلع: ص 350 يقتضيها السياق.
(6) حكاه عنه صاحب (المطلع: ص 350).
(3/698)
________________________________________
أَرْضَعَتْ} (1)، (2) وقلَ الجَرْمي (3) عن الفراء: "الُمرْضِعَة: الأُمُّ، والمُرْضِع: التي معها صَبِيٌّ تُرْضِعُه" (4) والولد رَضيعٌ، ورَاضِعٌ ورَضِعٌ، ومرْضِعٌ: إِذا أرْضَعَتْهُ أُمُّه، وقال الله عز وجل: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} (5)
وقال الشاعر: (6)
فَمِثْلُكِ حُبْلَى قد طَرقْتُ ومُرْضِعًا ... فألْهَيْتُها عن ذي تَمائِم مُغْيَلِ
وقال ابن مالك في "مثلثه": (رضَع الصّبِيَّ: أصابَه في رَاضِعَته: وهي السنُ النَابِتَة في زمان الرّضَاع، وَرَضِعَ الصبيّ وغيره - بالفتح والكسر - وَرَضع الرجل: فهو راضِعٌ، ورَضِيعٌ: أي لَئيم". (7)
1370 - قوله: (خَمْسُ رضَعاتٍ)، جمْع رَضْعَةٍ: وهي الَمرَّة من رضَع الصبيُّ.
__________
(1) سورة الحج: 2.
(2) حكاه عنه صاحب (المطلع: 350).
(3) هو صالح بن اسحاق الجرمي البصري، أبو عمر، إمام العربية والنحو، قدم بغداد وأخذ عن الأخفش، وأبي عبيدة، والأصمعي، صنف "المختصر في النحو"، "التثنية والجمع" وغيرها، توفي 225 هـ، أخباره في: (الجرح والتعديل: 4/ 394، سير الذهبي: 10/ 561، تاريخ بغداد: 9/ 313، الأنساب: 3/ 234، إنباه الرواة: 2/ 80، طبقات القراء: 1/ 332، بغية الوعاة: 2/ 8).
(4) انظر ما قاله الفراء في: (تهذيب اللغة: 1/ 472 مادة رضع).
(5) سورة البقرة: 233.
(6) هو امرؤ القيس. انظر: (ديوانه: ص 12).
(7) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 251).
(3/699)
________________________________________
1371 - قوله: (والسّعُوط)، السّعُوطُ - بفتح "السين " -: ما يجعل في الأنف من الأدوية، ويجوز فيه ضم "السين" مرفوعًا كالفعل على الأصح فيه، وحكى أبو زيد: "سعطه، وأسْعَطه بمعنًى". (1)
1372 - قوله: (الوَجُورُ)، الوَجُورُ - بفتح "الواو" -: الدَّواءُ يُوضَع في الفَم.
قال الجوهري: "في وسَط الفم، تقول: وجَرْتُ الصَّبيَّ، وأوْجَرْتُه". (2)
قلت: ويجوز فيه وُجُورٌ بالضم ضعيفًا، كالفعل على الأصح فيه. مثل: طَهُورٌ، وطُهُورٌ، وسَحُور، وسُحُورٌ، ويقال لكل واحدٍ من السَّعُوط والوَجُور: النَشُوع بـ "العين" المهملة، و"الغين " المعجمة، حكاهما أبو عثمان، (3)، ابن مالك في كتاب "وفاق المفهوم (4) ". (5)
1373 - قوله: (الَمشُوبُ)، الَمشُوبُ: الُمخْتَلِط بغيره، وكُلُّ مُخْتَلِطٍ بغيره فهو مَشُوبٌ، وقد شَابَ اللَّبن يَشُوبُه: إذا خلَطَهُ بالماء أوْ غَيْره، وشاب العَمل بالرِّيَاء: إذا خلَطَهُ فيه.
__________
(1) قال هذا ابن سيدة في: (المحكم: 1/ 288 مادة سعط)، كما حكاه الأزهري عن ابن السكيت عن أبي عمرو. انظر: (تهذيب اللغة: 2/ 67 مادة سعط).
(2) انظر: (الصحاح: 2/ 844 مادة وجر).
(3) أي السرقسطي في كتابه (الأفعال: 3/ 117).
(4) في الأصل: وفاق الاستعمال، ولعله سبقه كلم من المصنف رحمه الله. ذلك أن الوارد والمثبت على عنوان المخطوط هو "وفاق المفهوم في اختلاف المقول والمرسوم".
(5) انظر: (وفاق المفهوم لوحة 21 ب).
يقال: نشع المريض وأنشع، ونشغ وأنشغ: " إذا جعل في فيه وجور، أو في أنفه سعوط" قاله ابن مالك في: (وفاق المفهوم لوحة 21 ب).
(3/700)
________________________________________
قال صاحب "المطلع": "هو اللَّبَن الَمشُوب: [أي] (1) الَمخْلُوط، شابَ الشَّيْءَ شَوْبًا، خلَطه، فهو مَشُوبٌ كـ "مَقُولٍ" (2)
1374 - قوله: (كالَمحْضِ)، الَمحْضُ: الخَالِص الذي لا يُخَالِطُه غيره، ومنه قولهم: (مَحْضُ البَياضِ"، وقد تَمَحّض الشيءُ يتَمَحّضُ تَمَخُضًا: إذا خَلَص من غيره. (3)
1375 - قوله: (فثَابَ لَها لَبَنٌ)، أي: وُجِدَ، وثابَ: رجَعَ.
1376 - قوله: (صَبِيَّةً)، هي الأنثى الصغيرة، كما أنَّ الصَبيّ للطفل الصغير.
1377 - قوله: (بصبِيٍّ مُرْضَع)، بفتح "الصاد".
1378 - (الأصاغر)، جمع صغير.
قال الشاعر:
قَهَرْنَاكُم حَتَى الكُمَاةَ وإِنكُم ... لتَخْشَوْنَنا حتَى بَنِينا الأَصَاغِرَا (4)
__________
(1) زيادة من المطلع.
(2) انظر: (المطلع: ص 351).
(3) والمقصود بـ "المحض" عند المصنف: هو اللبن الخالص، وهو الذي لم يخالطه الماء حلوًا كان أو حامضًا، ولا يسمى اللبن إلا إذا كان كذلك، قاله الجوهري في: (الصحاح: 3/ 1104 مادة محض).
(4) أنشده الشنقيطي في (الدرر: 2/ 188) ولم يُنسبه، وفيه ... وأنتم تخافوننا ... وهو في (همع الهوامع للسيوطي: 5/ 258)، وفيه: ... فأنتم تهابوننا ...
(3/701)
________________________________________
1379 - قوله: (مَرْضِيَّةً)، أي: يُرْتَضى دِينُها، بحيثُ تُقْبَل شهادَتُها، وقد يقال: مَرْضُوةً، على الأَصْل. (1)
1380 - قوله: (ثَدْيَاها)، تَثْنِيَة ثَدْي، وجمعه: ثُدِيّ، (2) وهو ثَدْي الأنْثَى من سائر الحيوان، وُيقال لَه: ضَرْعٌ وبِزٌ. (3) واللُه أعلم.
__________
(1) ومنه شيْءٌ مرضيٌّ، ومَرْضُو، والأول أكثر، قاله الفيومي في: (المصباح: 1/ 246).
(2) وأثدٍ، وثديِّ بكسر "الثاء" إتباعًا لما بعدها من الكسر. (الصحاح: 6/ 2291 مادة ثدا).
(3) وهو الثدْي فارسي مُعزب، وهو البَزُّولَة كذلك. انظر: (معجم الألفاظ الفارسية المعربة: ص 22، والمعجم الوسيط: 1/ 54).
(3/702)
________________________________________
كتاب: النَّفقَة على الأقَارب
النَّفَقةُ: الدَّراهمُ ونحوها من الأموال، وتُجْمَع على نفقاتٍ ونفَاقٍ، كـ "ثَمَرة"، وثَمَرَاتٍ، وثمَارٍ، سُمِّيت بذلك، إِمَّا لِشِبْهِهَا في ذَهَابِها بالموت، (1) وإِمَّا لرَواجِها، من نَفَقة السوق، (2) وإِمَّا نفقة المبيع: كثرُ طُلاَّبِه.
قلتُ: بل هي من الذهاب، يقال: نفق فرسه: إذا ذَهب.
والأَقارِب - جمع قَريب كـ "كَرِيم " وأكارِم -: وهم النُّسَباء المنْتَسِبُون بالرحم.
1381 - قوله: (ما لاَ غِنَاءَ بها عنه)، (3) وروي: "ما لا غِنَى لَها عنه " (4) ومعناهما واحدٌ، وهو أَده يجب عليه أنْ يُنْفِق عليها ما تحتاجُ إِليه من الطعام والشَراب، (5) لأَنَّ الضمير عائد على "الزوج" إذْ يلزم منه أنَها إِذا
__________
(1) ومنه: نَفَقت الدابة تنفق نُفُوقاً: أي ماتت (الصحاح: 4/ 1560 مادة نفق، المغرب: 2/ 319).
(2) ومنه: نَفَق البيْع نَفاقًا: أي راج: (الصحاح: 4/ 1560 مادة نفق).
(3) كذا هو في (المغني: 9/ 230).
(4) وهي عبارة (المقنع: 3/ 307)، وفي "المختصر: ص 170": "ما لا غناء لها عنه".
(5) قال في "المغني: 9/ 230 ": "قال أصحابنا: ونفقتها مُعْتَبَرة بحال الزوجين جميعًا فإن كانا موسرين فلها عليه نفقة الموسِرَيْن، وإن كان معسرين فعليه نفقة الُمعْسِرَيْن، وإن كانا متوسطين فلها عليه نفقة المتوسطين، وإن كان أحدهما موسرا والآخر معسرا فعليه نفقة المتوسطين أيهما كان الموسر.
(3/703)
________________________________________
اسْتَغْنَت عن الزوج لا يَجِب عليه النفقة، ولا قائل به، بل تَجِب عليه غنيةً كانت أوْ فَقِيرةً. (1)
1382 - قوله: (فإِنْ منعها)، يعني: النفقة.
1383 - قوله: (وعلى المعْتِق نَفقة مُعْتَقِه)، المعتِق - بكسر "التاء" -: المراد به الذي أعتق، وهو السيد، لأنه يرث مُعْتَقِه، فوجبت نفقته عليه. (2)
وأما المعتَق - بفتح "التاء" -: فهو الذي أُعْتِق، وهو العَبْد، فلا تجب نفقة للسَيِّد عليه، لأَنه لا يَرِثُه. والله أعلم.
1384 - قوله: (مقامها)، يجوز فيه الوجهين كما تقدم. (3)
__________
(1) وذلك لعموم قوله تعالى في سورة الطلاق: 7 {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آتَاهَا}.
وقوله تعالى في سورة الأحزاب: 50 {قَدْ عَلِمْنَا مَا فَرَضْنَا عَلَيْهِمْ فِي أَزْوَاجِهِمْ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}
وللحديث الذي أخرجه مسلم وغيره في الحج: 2/ 889، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث (47) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن النبى قال: " ... فاتقوا الله في النساء فإنكم أخَذْتُموهُن بأمان الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله .... ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف ... ".
(2) وذلك إذا كان المعْتَق فقيرًا، كذا قيده الشيخ في (المختصر: ص 170).
(3) أي بضم "الميم" وفتحها.
(3/704)
________________________________________
باب: الحالُ التي يجب فيها النَّفَقة على الزوج
الحالُ: جَمْعه أحْوَالٌ.
1385 - وقوله: (التي)، الحالى: مُذَكَّر، فكان يَنْبَغي أنْ يَقُول "الذي"، لكنّ معناه التأنيث، ولأن كِلَيْهما ليس بمذَكَرٍ حقيقةً، ولا مؤَنَّثٍ حقيقة، يجوز فيه التذكير والتأنيث.
1386 - قوله: (وأبرَأتْهُ)، الإِبْراء من الحُقُوق: جَعْلُه منها بريئًا بإسقاطها عنه، وقد أبرأته بَراءةً، وأُبْرِئَ، فهو مبْرَأٌ.
قال ابن مالك: "والبِرَاءُ: مصدر بَارَأه: أي تَاركهُ" (1) والله أعلم.
__________
(1) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 61).
(3/705)
________________________________________
باب: مَنْ أحَقُّ بكفالة الطِفْل
الكَفَالةُ: تقَدَّمت، (1) وكذلك الطِّفل: تَقَدَّم.
1387 - قوله: (والمعتُوهُ)، هو المجنون، وقد تَقَدَّم في الطلاق. (2)
1388 - قوله: (التَّلف)، هو الهَلاكُ، وقد تَلِفَ يَتْلَف تَلَفًا، وإتلافًا إذا هَلَكَ.
1389 - قوله: (في حِبَال الزوج)، هي الوَصْلاَت التي بيْن الزوج وبين زوجته. سمي ذلك به لِشِبْهِه بما رُبِط بِحَبْل. وكل مُتصِل بِشَيْءٍ، وقيل: هو في حِبَاله. قال الله عز وجل: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ} (3) يقال للمرأة الُمزَوَّجة بِرَجُل: فلانةٌ في حِبَال فُلان: أي وَصْلَتِه، وفُلاَن أطْلق حَبْل امرأته: طَلَّقَها.
__________
(1) انظر في ذلك ص: 481
(2) انظر في ذلك ص: 619
(3) سورة آل عمران: 103.
(3/706)
________________________________________
باب: نفقة الَممَالِيك
المماليك: جَمْع مَمْلُوكٍ، وهو اسْم مفعول من مَلَكْتَ الشيء: إذا دَخَل في مِلْكِكَ، والمراد بهم: الأَرِقَّاء.
1390 - توله: (وعلى مُلاَّكِ)، المُلاّكُ: واحِدهم مَالِك.
1391 - قوله: (المملُوكِينَ)، جَمْع مَمْلوكٍ فَتجْمَع على مَمْلُوكِينَ وممالِيكٍ.
1392 - قوله: (رَيَّهِ)، الرِّيُّ: من رَوِيَ يَرْوَى رَيًّا: إِذا رَوِيَ من الماء (1) ونحوه، ومنه قول حسَّان: (2)
إذا مِتُّ فادْفِنوني إلى جَنْبِ كَرْمَةٍ ... تَرْوِي عِظَامِي في الممات عرُوقها
ومنه الحديث: "حَتَّى أنِّي لأَرى الرّيَّ يجْري تحت أظفاري". (3)
1393 - قوله: (أبِقَ العَبْد)، أبِقَ العَبد -: هَرَب من مَوالِيه - إباقًا، فهو آبق.
__________
(1) ومنه: الرَيَّان: ضد العطشان. (الصحاح: 6/ 2363 مادة روى).
(2) سبق تخريج البيت في: ص 456.
(3) جزء من حديث أخرجه البخاري في فضائل الصحابة: 7/ 40، باب مناقب عمر بن الخطاب أبي حفص القرشي، حديث (3681)، كما أخرجه في العلم: 1/ 180، باب فضل العلم، حديث (82)، ومسلم في فضائل الصحابة: 4/ 1859، باب من فضائل عمر رضي الله تعالى عنه، حديث (16)، والدارمي في الرؤيا: 2/ 128، باب في القمص والبير واللبن والعسل والسمن والتمر وغير ذلك في النوم.
(3/707)
________________________________________
كتاب: الجِرَاح
الجِراحُ: جمع جُرْح، يقال: جَرحَهُ جِرَاحًا، وجُرُوحًا، (1) قال الله عز وجل: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (2) ورُوِي: "كتابُ الجِنَايات"، جمع جِنَاية: وهي مصدر جَنَى - على نفسه وأهله - جِنَايةً: إِذا فعل مكْروهًا، عن السَّعْدِي. (3)
وقال أبو السعادات: "الجِنايةُ: الجُرْمُ والذَنْبُ، ما يفعله الإِنسان مِمَّا يُوجِب عليه القِصاص والعِقَاب في الدنيا والآخرة" (4)
1394 - قوله: (عَمَدٌ)، من التَّعَمد: وهو التقَصُد، وقَد تعمَّدَة يتعمَّدُه، تَعمُّدًا: إذا تَقصَّدَه، ثم فَسَّره الشيخ. (5)
__________
(1) وكذلك: الجِرَاح جمع جِرَاحة بكسر "الجيم"، والجرُوح: جمع جُرْح، قاله في: (الصحاح: 1/ 358 مادة جرح).
(2) سورة المائدة: 45.
(3) هو ابن القطاع، وقد سبقت ترجمته. وانظر: (كتابه الأفعال: 1/ 192).
(4) انظر: (النهاية في غريب الحديث: 1/ 309 بتصرف).
(5) قال في (المختصر: ص 174): "فالعَمْدُ: أنْ يضْربَه بحديدةٍ، أو خشبةٍ كبيرة فوق عَمُود الفُسْطَاط أو بِحَجَر كبيرٍ الغالب أنْ يَقْتلَ مثله، أو أعاد الضّرب بخَشبةٍ صغيرة، أو فعل به فِعلاً الغالب من ذلك الفعل أنه يُتْلِف".
(3/708)
________________________________________
1395 - قوله: (وشِبْهُ العَمْدِ)، الشِبْهُ؛ الِمثْلُ، وفُلاَنٌ شِبْهَ فُلاَنٍ وشَبِيهَهُ: أي مشابِهٌ لَهُ. (1)
1396 - قوله: (والخَطَأ)، الخَطَأ: ما وقع عن غَيْر قَصْدِ الإِنسان، ولم يُرِدْهُ، بَل أرادَ غيره فَوقَع ذلك. (2)
1397 - قوله: (فوق عَمُود الفُسْطَاط)، الفُسْطَاطُ: بَيْتٌ من شَعَرٍ، وهو فارسي مُعرّب، عن أبي منصور. (3)
وفيه سِتُّ لُغَاتٍ: فُسْتَاطٌ، وفسطاط. وفُسَاطٌ (4) بضم "الفاء" وكسرها فيهن فصارت ستًا. (5)
والفُسْطَاط: المدينة التي فيها الناس، وكل مدينة فُسْطَاط.
وعَمُودُهُ: الخشَبَةُ يَقُوم عليها. (6)
1398 - قوله: (أو لَكَزَهُ)، لكَزَهُ، ووَكَزَهُ: كَعَنَهُ بأصْبُعه، أو يَدِه، أو
__________
(1) ومثْل الشيخ لشبه العمد فقال: "إذا ضربه بخشبة صغيرة، أو حَجَرٍ صغير، أو لكزه، أو فعل به فعلا الأغلب من ذلك الفعل أن لا يقتل مثله" (المختصر: ص 174).
(2) وذلك كان يرمي الصيد، أو يفعل ما يجوز له فعله، فيؤول إلى إتلاف حُرٍّ مسلمًا كان أو كافرًا. انظر: (المختصر: ص 174).
(3) انظر: (المُعَرّب: ص 297).
(4) فسّاط: سَقَطَتْ من الأَصل: وهي مزيدة من (المعرب: ص 297).
(5) ذكرت هذه اللغات في: (اللسان: 7/ 371 مادة فسط)، (معجم البلدان: 4/ 263)، و (الصحاح: 3/ 1150 مادة فسط).
وفي (القاموس: 2/ 391): لغتان أخريان: "فُسْتَات " بتاءين مع ضم "الفاء" وكسرها.
(6) قال الشيخ أحمد شاكر رحمه الله تعليقًا على "فسطاط": "فالكلمة عربية خالصة، ولم أجد من ادعَى تعريبها إلَّا هذا المؤلف"، وهو يقصد الجواليقي. انظر: (تعليق أحمد شاكر على كلمة فسطاط في المعرب: ص 297).
(3/709)
________________________________________
غيرهما، قال الله عز وجل: {فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ}. (1)
قال في "المطلع": "واللّكْزُ: الضربُ بِجَميع الكَفّ في أي مَوْضِعٍ من جَسَدِهِ". (2)
قال الجوهري: "لكَمْتَهُ: (3) إِذا ضَرَبْتَه بجميع كَفّك". (4)
1399 - قوله: (في بِلاَد الرُّوم)، البِلادُ: جمع بَلَد. والرّوم: اسْمٌ لأَهْلِ البَلَد، واحِدُهم: رُومي. قال الله عز وجل: {الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ} (5). وفي الحديث: "خمس قد مَضَيْن ... إِلى أنْ قال: والروم"، (6) ثم سُمِّيت البلاد باسم أهْلها، فقيل للبلاد: الروم. (7)
1400 - قوله: (مَنْ عِنْدَهُ)، يعني: وَقَع في نفسه أنَّه كافِر، وكلُّ ما وقع في نَفْس الإِنسان، قيل فيه: عِنْدَهُ، كما قال - صلى الله عليه وسلم -: "ما عِنْدَك في ثُمَامة؟ فقال: عندي خيْر". (8) ويقال: عِنْدِي أنَّك مُنْعِم عليَّ: إِذا وقع في نفسه ذلك.
__________
(1) سورة القصص: 15.
(2) انظر: (المطلع: ص 358).
(3) كذا في الصحاح، وفي الأصل: لكزته، ولعلها تصحيف.
(4) انظر: (الصحاح: 5/ 2031 مادة حكم).
(5) سورة الروم: 1 - 2.
(6) أخرجه البخاري في التفسير: 8/ 496 في الترجمة، باب (فسوف يكون لِزامًا). كما أخرجه في باب (فارتقب يوم تأتي السماء بدخان مبين)، حديث (4820)، ومسلم في صفات المنافقين: 7/ 2154، باب الدخان، حديث (41)، والترمذي في التفسير: 5/ 379، باب ومن سورة الدخان، حديث (3254)، وأحمد في المسند: 5/ 128.
(7) وأصل كلمة "الروم": جبل معروف في بلاد واسعة تضاف إليهم، فيقال: بلاد الروم. قال هذا ياقوت في: (معجم البلدان: 3/ 97).
(8) أخرجه البخاري في الخصومات: 5/ 75، باب التوثق ممن تخشى معرته، حديث (2422)، =
(3/710)
________________________________________
1401 - قوله: (وكَتَم)، يَعْني إِسْلاَمَهُ، والكَتْمُ: الإِخْفَاء، وكتَم الجرح: إِذا أخْفَى بَاطِنَه، وكَتَم هواهُ: أخْفَاة. قال الله عز وجل: {وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ} (1).
1402 - قوله: (على التَخَلُّص)، التَخَلُص: الخَلاصُ، وقد تَخَلَص يتَخَلَّص تَخَلصًا، وخَلَص يَخْلصُ خَلاصًا: إِذا خَلَص من غيره، وتَخَلَّص منه.
1403 - قوله: (نَظِيرتها)، (2) النَظيرُ: المثيلُ، فإذا قطَعوا يدَه اليمنى، قُطِعَت اليمنى من كل وَاحِدٍ، وكذلك إنْ قَطَعوا اليُسْرى، قطعت اليُسْرَى.
1404 - قوله: (قِصَاص)، القِصاصُ: (3) استيفاء الحَقِّ لصاحِبِه مِمَّن هو عليه، وإنَّما استعمل غالبًا في الجنايات، قال الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} (4) وقال عز وجل: {وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ} (5) وفي الحديث: "كتاب الله القِصَاص". (6)
__________
= وأبو داود في الجهاد: 3/ 57، باب في الأسير يوثق حديث (2679).
أما ثمامة، فهو ابن أثال بن النعمان بن مسلمة اليمامي. صحابي، ثبت على الإسلام يوم ارتد أهل اليمامة، وكان ينهاهم عن اتباع مسيلمة وتصديقه. له فضائل كثيرة، توفي 12 هـ. أخباره في: (الإصابة: 1/ 211، أسد الغابة: 1/ 294، الاستيعاب: 1/ 203).
(1) سورة غافر: 28.
(2) الثابت في (المختصر: ص 175): نظيرها.
(3) وهو مأخوذ من القَصّ: وهو القطع، ويقال: أقصَّ الحاكم فلانًا من قاتل وليه فاقتَص منه. انظر: (الزاهر: ص 365).
وفي (المغرب: 2/ 182): (والقصاص: أن يُفْعَلَ بالفاعل مثل ما فَعل".
وقال الجوهري: "القصاص: القود" (الصحاح: 3/ 1052 مادة قصص).
وكل هذه التعبيرات متحدة المعنى، وإن اختلفت ألفاظها.
(4) سورة البقرة: 178.
(5) سورة المائدة: 45.
(6) جزء من حديث أخرجه البخاري في الصلح: 5/ 306، باب الصلح في الدية، حديث
(3/711)
________________________________________
وأمّا القَصَاص: فهو قَصَاص الشَعَر، (1) أما القُصَاصُ: فهو ما يرْمَى من قَصَاصةٍ.
والقصّاص: جمع قاصٍّ: وهو مَنْ يَقصُّ الحديث ونحوه، قال الله عز وجل: {نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ} (2)
__________
= (2703)، ومسلم في القسامة: 2/ 1303، باب إثبات القصاص في الأسنان وما في معناها، حديث (24)، وأبو داود في الديات: 4/ 197، باب القصاص في السن، حديث (4595)، والنسائي في القسامة: 8/ 23، باب القصاص في السن، وابن ماجة في الديات: 2/ 884، باب القصاص في السن، حديث (2649)، وأحمد في المسند: 3/ 128 - 167.
(1) قال في (الصحاح: 3/ 1052 مادة قصص): "وفيه ثلاث لغات: قُصَاص، وقَصَاصٌ، وقِصَاصٌ والضم أعلى".
(2) سورة يوسف: 3.
(3/712)
________________________________________
باب: القَوَد (1)
وَرُوِي: " باب: الجِرَاح "، ورُوِيَ: "بابُ: في الجِراح"، من غير تنوين وزيادة "في"، وروي: "بابٌ: في الجِرَاج" بالتنوين.
والقَوَدُ: هو القِصَاصُ، (2) وقَتْلُ القَاتِل بدل القَتِيل، وقَطْعُ العُضْو بدَل العضْو. وقد أقَدْتَه أقِيدُه إِقَادَةً، وفي الحديث: "حتى يُقاد للشاة الجَلْحاء من الشاة القَرناء". (3)
1405 - قوله: (حُشْوَته)، بكسر "الحاء" وضمها: أمْعَاؤُه.
1406 - قوله: (عُنْقُهُ)، العنق - بسكون "النون" وضمها -: مُوَفَر الرقبة.
1407 - قوله: (تَنْدَمِل)، انْدَمَل الجُرْحُ يَنْدَمِل انْدِمَالًا: إِذا كَتَم وختم.
__________
(1) كذا في (المختصر: ص 176)، وفي (المغني: 9/ 383).
(2) قال في (المغني: 9/ 383): "ولعلْه إنما سُمِّي بذلك، لأن المقْتَصَّ منه في الغالب يُقَاد بشَيْءٍ يُرْبَط فيه أو بيده إلى القتل، فَسُمِّي القتل قودًا لذلك".
(3) أخرجه مسلم في البرّ والصلة: 4/ 1997، باب تحريم الظلم، حديث (2420)، وأحمد في المسند: 2/ 235 - 301.
(3/713)
________________________________________
* مسألة: - أصح الروايتين فيمَن قَطع الأَطْرَاف ثم قتل، أنَّه يُقْتَل مِن غير تمثيل به. (1)
1408 - قوله: (السَّهْمُ)، هو أحَدُ السِّهَام، وقد تَقَدَّم. (2)
1409 - قوله: (بلا حَيْفٍ)، بفتح "الحاء" على وزن الخيف والسَيْف: هو الجَوْرُ والظُلْمُ - يقال: حَافَ يَحِيف، (3) وذكر صاحب "المطلع": "يَحَافُ"، وذكر غيره يَحُوفُ حَيْفًا وحَوْفًا.
1410 - قوله: (مِن مَفْصِل)، الَمفْصِل - بفتح "الميم " وكسر "الصاد" -: واحد الَمفَاصِل: وهي ما بيْن الأَعْضَاء، كما بيْن الأَنَامل، وما بيْن الكَفِّ والساعد، وما بيْن الساعد والعَضُد. (4)
والِمفْصَل - بكسر "الميم" وفتح "الصاد" -: "اللِّسان. (5)
1411 - قوله: (وليس في المأمومة)، هي التي تَصل إِلى جِلْدَة الدِّماغ، ولهذا تُسَمَّى: أُمُّ الدماغ، وتُسَمَّى: آمّة، (6) وأصْلُ الأَمِّ: القَصْدُ. قال الله
__________
(1) نقل هذه الرواية الخرقي، وقد نصّ عليها أحمد رحمه الله في رواية الميموني.
أما الرواية الثانية: لا يدخل ويجب القصاص في ذلك، يعني أن للمستوفي أن يقطع أطرافه ثم يقتله، نقل هذه الرواية الخرقي كذلك. انظر: (المختصر: ص 177، الروايتين والوجهين: 2/ 256، المغني: 9/ 386).
(2) انظر: (في ذلك ص: 580)
(3) أي: جار وظلم.
(4) انظر: (المطلع: ص 361).
(5) سبق الكلام على معنى "المفصل" في ص: 81.
(6) قال القونوي في (أنيس الفقهاء: ص 294): "الآمّةُ: التي تبلغ الدماغ حتى يبقى بينها وبين الدماغ جلد رقيق، يقال: رجل أمِيمٌ ومأمومٌ".
(3/714)
________________________________________
عز وجل: {وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ} (1)
1412 - قوله: (ولا فى الجَائِفَة)، (2) الجائِفَةُ: الطَعْنَةُ التي تَبلغ الجَوْفَ.
قال أبو عبيد: "وقد تَكُون التي تُخَالِط الجَوْف، والتي تَنْفُذُ بالطَعْنَة، وجَافَهُ وأجَافَهُ بَلَغ جَوْفَة" (3)
قال في "المقنع" وغيره: "الجَائِفَة: التي تصل إِلى [بَاطن] (4) الجَوْف، من بَطْنٍ، أَوْ ظَهْرٍ، أوْ صَدرٍ، أوْ نَحْرٍ". (5)
1413 - قوله: (الأُذُن)، الأُذُن: معروفة، بضم "الذال" المعجمة، ويجوز إسكانها.
1414 - قوله: (والأنفُ)، الأَنْفُ: هو العُضْو الَمعْرُوف للشَّم، بفتح "الهمزة" الثانية.
1415 - قوله: (والذِّكر)، الذّكَر - بفتح "الذال" المعجمة -: هو عُضْو الرَّجُل المعروف.
__________
(1) سورة المائدة: 2.
(2) أي: لا قصاص في الأمومة، ولا في الجائفة. انظر: (المختصر: ص 177).
قال في (المغني: 9/ 419): "وليس فيهما قصاص عند أحد من أهل العلم نعلمه، إلاّ ما روي عن ابن الزبير أنه قص من المأمومة فأنكر الناس عليه، وقالوا ما سمعنا أحدا قص منها قبل ابن الزبير ... ".
(3) حكاه عنه صاحب (الطلع: ص 367).
(4) زيادة من المقنع.
(5) انظر: (المقنع: 3/ 418) وكذلك (كشاف القناع: 6/ 54، والفروع: 6/ 36، ومطالب أولي النهى: 6/ 132).
(3/715)
________________________________________
وأمّا الذِكْرُ - بكسر "الذال " -: فهو ذِكْرُ الله، أو غيره باللِّسان. (1)
وأما الذُّكْر: فهو بالقَلْب.
1416 - قوله: (والأُنْثَيَان)، هما الُخِصيتان، (2) ويقال لهما: الأذنان أيضا. (3)
1417 - قوله: (العَيْنُ)، هي حاسَّةُ النظر - بفتح "العين" - قال ابن مالك في "مثلثه": "العين: حاسَّةُ النَظَر، ومَنْبَع الماء، والجَاسُوسُ، والسَّحَابة القِبْلِيّة، ومطرٌ لا يُقْلِع أيامًا، وعِوَج في الِميزَان، والإِصَابةُ بالعَيْن، وإصَابةُ العَيْن أيضًا، والمعاينةُ، والدينارُ، والشيء الحاضِرُ، وخيارُ الشيْءِ، وذاتُه، وسيِّدُ القَوْم، ونُقْرَةٌ في جَانِب الركبة أو مُقَدِّمَها، ولُغَةٌ في العَيَن: وهم أهْل الدار، وأحدُ الأَعْيَان: وهم الإِخْوَةُ لِأَب وأمٍّ، وعيْن الشَّمْس، وعيْن القِبْلَة معروفتان.
قال: والعَوْنُ - بالفتح أيضًا مع "الواو" -: الُمعِين، والإِعَانَة.
قال: والعِيْنُ: جمع عَيْنَاءُ: وهي العَظِيمَةُ العَيْنَيْن من النساء، والبَقَر. والعونُ: جمَاعَاتُ حُمُر الوَحْش، واحِدَتُها عانة. وجَمْع عَوانٍ: وهي المرأة الثَيِّب، والحَرْبُ، المسبوقةُ بحَرْبٍ، والتي بيْن الصغيرة والُمسِنَّة من البقر وغيرها". (4)
__________
(1) وهناك لغة ثانية فيه، حكاها مالك في الأمثله: 1/ 230" وهي: الذُّكر.
(2) والخصيان كذلك بضم "الخاء" وكسرها عن ابن سيدة، وعن أبي عبيدة: بضم "الخاء" لا غير. انظر: (المخصص: 2/ 35).
(3) قاله ابن خالويه في (شرح الفصيح لوحة 72 ب).
(4) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 458 - 459).
(3/716)
________________________________________
1418 - قوله: (والسِّنُ)، هي أحدُ الأَسْنَان: معروفة، والسِّن أيضًا: عُمر الشيْءِ، وأما السَّنُّ - بالفتح - فهو مصدر سَنَّ يَسِنُّ سَنًّا.
1419 - قوله: (بُرِدَ)، البَرْدُ: هو حَكُّها بالِمبْرَدِ: وهو شَيْءٌ من الحديد يُبْرَدُ به الخَشَب والعِظَام ونحو ذلك، يقال فيه: بَردَ يَبْرِدُ بَرْدًا، والبَرْدُ أيضًا: ضِد الحرّ، وأما البُرْدُ -بالضم-: فهو ثَوبٌ (1).
قال ابن مالك في "مثلثه": (بَرَد الماءُ وغَيرُهُ: معلومٌ. وعلى الرجل شيء: وَجَب والمضْرُوبُ: ماتَ بالضَّرْب، والخبزَ بالمَاء: بَلَّهُ، والشَّيْءَ بالِمبْرَدِ: حَكَّهُ، وحرُّ العطش، والماءَ بالثلْج، والعَيْن بالكُحْل، والشَّيْءُ: سكَن، والرجل: نامَ، وبَرَدتِ السحَابةُ: كانت ذاتَ بَرَدٍ، والثَّوْبُ: صار ذَا لُمَع بِيض وَسُودٍ. قال: وبَرُدَ الماء: لغةٌ في بَرَد". (2)
1420 - قوله: (يَمينٌ)، اليمينُ: هي اليَدُ اليُمْنَى، وكلُّ ما كان على جهتها فهو يَمِين. واليسارُ: اليدُ اليُسْرَى، وكلُّ ما كان من جهتها فهو يَسَارٌ.
قال مجنون بني عامر: (3)
يمينًا إذا كانتْ يَمينًا وإنْ تَكُن ... شِمَالاً يُنَازِعْنِي الهَوَى عن شِمَالِيَا
1421 - قوله: (الطَرَف)، الطَّرفُ: أحدُ الأَطْرَاف، وهي: يدَيه ورِجْلَيْه، وأطرافُ الشَّجَرة: أعالِيها.
__________
(1) يُجمع على: بُرودَ، وأبْرَادٌ، قاله الجوهري في: (الصحاح: 2/ 447 مادة برد).
(2) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 61 - 62).
(3) انظر: (ديوانه: ص 295).
(3/717)
________________________________________
1422 - قوله: (شَلاَّءُ)، الشَّلَلُ: بُطْلاَنُ اليَدِ أو الرجْلِ من آفَةٍ تعتريها. (1) وقال كُراعٌ في (2) "المُجَرد": "الشَلَلُ: تَقَبُّض الكفّ"، وقيل: الشَّلَل: قَطْعُها، وليس بصحيح. يقال: شَلَّت يَده تُشَل شَلَلاً، فهي شَلَّاءُ، وماضيه مكسورٌ، ولا يجوز شُلَّت بضم "الشين" إلاَّ في لُغةٍ قليلةٍ، حكاها اللحياني (3) في "نوادره" والمطرز في "شرحه" عن ثعلب (4) عن ابن الأعرابي.
1423 - قوله: (المظلومُ)، المظلومُ: مَن وقَع عليه الظلْم. يقال: ظُلِمَ يُظْلَمُ ظُلْمًا فهو مَظْلُومٌ.
1424 - قوله: ألم يَكُن إِلى القِصَاص سبيلٌ)، يعني: طريقًا، والسبيل: الطريقُ يقال: "ليس لَك إليه سبيلٌ"، ولا سبيل لَك عَلَيْه"، وفي خبر عاتكة بنت عبد الرحمن: (5) "ليس لك على بَناتِ الُمتَقِين سَبيلٌ". (6)
1425 - قوله: (وحُبِسَ)، أي: سُجِنَ. قال ابن مالك في "مثلثه":
__________
(1) وذلك فسدت عروقها فبطلت حركها، وتقول: رجل - أشَلُّ، وامرأةٌ شَلَّاءُ. (المصباح: 1/ 345).
(2) هو علي بن الحسن الهنائي الأزدي، أبو الحسن، المعروف بـ "الدّوسي" أحد اللغويين، البارزين لقب بـ "كراع النمل" لقصره، أو لدمامته، صنف "المنضد" و "المنتخب المجرد" وغيرها توفي 309 هـ على الراجح، أخباره في: (إنباه الرواة: 2/ 240، بغية الوعاة: 2/ 158، الأعلام: 4/ 272).
(3) هو علي بن حازم، وقيل: ابن المبارك، أبو الحسن اللحياني، أحد اللغوين المشهورين، صنف "النوادر"، كان حيًا قبل 207 هـ. أخباره في: (إنباه الرواة: 2/ 255، بغية الوعاة: 2/ 185، طبقات الزبيدي: ص 195، نزهة الألباء: ص 176، مراتب النحويين: ص 142).
(4) و (الفصيح لثعلب: ص 8): "شَلَّت تُشَلُّ بفتح الشين لا غير.
(5) لم أقف لها على ترجمة. والله أعلم.
(6) لم أقف له على تخريج فيما وقع تحت يدي من مصادر. والله أعلم.
(3/718)
________________________________________
"الحَبسُ: السجْنُ، ومصدر حَبَس الشَّيْءَ، قال: والَحِبْس - بالفتح والكسر - الجبل الأَسود، وبالكسر وحده: حجارةٌ يُحبَس بها ماءُ النهر. قال: والحُبْس: جمع أحْبَس: لغةٌ في الأَحْمَس: وهو الشُجَاع، والحبس أيضًا: الُمحْبَس في سبيل الله عز وجل". (1)
1426 - قوله: (الماسِكُ)، - هو مَن أمسك غيره، وقد أمْسَك يُمْسِكُ مَسْكاً وإِمْسَاكًا، فهو ماسِكٌ. قال الزركشي: "أمْسَك ومَسك: لغتان". (2)
1427 - قوله: (أعجميًا)، الأعجمي: ضِدّ العَرَبي، قال الله عز وجل: {وَلَوْ جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا أَعْجَمِيًّا لَقَالُوا لَوْلَا فُصِّلَتْ آيَاتُهُ أَأَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ}. (3)
والأعْجَميُّ: نِسْبَةٌ إلى العَجَم. قال الزركشي: "الأعْجَمِيُّ الذي لا يَفْصَح"، (4) وفي الحديث: "بُعثت إِلى العَرب والعَجَم". (5)
وأما العَجْم - بسكون "الجيم" -: (6) فَحَبُّ الثَمر، واحِدها: عَجْمَة.
1428 - قوله: (وأُدِّب السيد)، التأدِيب: مصدر أدَّب يُؤَدِّب تَأديبًا،
__________
(1) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 131 - 132).
(2) انظر: (شرح الزركشي على الخرقي: 2/ 102 ب).
(3) سورة فصلت: 44.
(4) انظر: (شرح الزركشي على الخرقي: 2/ 102 ب).
(5) لم أقف له على تخريج. والله أعلم.
(6) وقيل: بفتح "الجيم" قاله الجوهري في: (الصحاح: 5/ 1980 مادة عجم) قال: "والعَجَم بالتحريك: النوى، وكل ما كان في جوف مأكول، كالزبيب، وما أشبهه ..
ثم قال: قال يعقوب: والعامة تقول: عَجْمٌ بالتسكين" ولست أدري كيف فات هذا المصنف رحمه الله.
(3/719)
________________________________________
وفي الحديث: "لِأَن يُؤَدِّب الرجلُ وَلَدَه" (1) و"أدَّبَنِي رَبِّي". (2)
والأَدَب: هو رَدْعُ الُمؤَدَّب بضَرْبٍ دون الحَدِّ، أو بكلام يردَعُهُ.
__________
(1) أخرجه الترمذي في البر والصلة: 4/ 337، باب ما جاء في أدب الولد، حديث (1951)، قال أبو عيسى: هذا حديث غريب، كما أخرجه أحمد في المسند: 5/ 96 - 102.
(2) أخرجه العسكري في الأمثال من جهة السدي، وسنده ضعيف جدًا، وقال ابن تيمية: "معناه صحيح، ولكن لا يعرف له إسناد ثابت" وأيده الزركشي وغيره، وإن كان ابن حجر اقتصر على الحكم عليه بالغرابة في بعض فتاويه، كما ذكر الحديث ابن الجوزي في (الأحاديث الواهية" والسيوطي في "اللالئ" وضعفاه لما في سنده من مجاهيل وضعفاء.
انظر: (المقاصد الحسنة: ص 29، مجموعة الرسائل الكبرى لابن تيمية: 2/ 336، كشف الخفاء: 1/ 72، فيض القدير: 1/ 225، أسنى المطالب: ص 24، الأحاديث الضعيفة للألباني: 1/ 101 - 102).
(3/720)
________________________________________
كتاب: دِيَاتُ النَّفْس
الدياتُ: واحِدُها دِيَة، مُخَفّفَة، وأصْلها: وِدْيَة، و"الهاء" بدل من "الواو" تقول: وَدَيْتُ القتيل، أوْدِيه دِيَة: إِذا أعْطَيْتُ ديَتَهُ، واتّدَيْتُ: إِذا أخَذْتُ الدِيَة. وتقول: دِ القتِيلَ: (1) إِذا أمَرْت.
فالدِيَة فيْ الأصل مصدرٌ، ثُمّ سُمِّي بها المالُ الُمؤَدَّى إِلى الَمجْنيِّ عليه، وإلى أوليائِه، كالخَلْق بمعنى الَمخْلُوق. (2)
1429 - قوله: (على العاقِلة)، العاقِلَةُ: صفةُ مَوصوفٍ محذُوف: أي الجماعة العاقِلة. يقال: عَقل القتيلُ فهو عاقِلٌ: إِذا غَرِمَ دِيَتَهُ. والجماعةُ: عَاقِلة، (3) وسُمِّيَت بذلك، لأَن الإِبل تُجْمَع فَتُعْقَل بِفِنَاء أولياء الَمقْتُول: أي تُشَدُّ في عَقْلِها لتُسَلّم إِليهم، ولذَلك سُمِّيت الديةُ عَقْلًا. (4)
__________
(1) هذا في المفرد، وفي التثنية تقول: دِيَا فلانًا، وفي الجمع: دُوا فلانًا. انظر: الصحاح: 6/ 2521 مادة ودى).
(2) والدِيَة تسَمى عقلاً كذلك، قال ابن فارس في (الحلية: ص 196): " لأنَّها تَعْقِل الدماء عن أنْ تُسْفَك. وقال قوم: كان أصل الدية الإبل، فكانت تجمع وتُعْقَل بفناء ولي المقْتول، فسُمِّيت الدية عقلاً، وإن كانت دراهم أو دنانير".
(3) وجَمْع الجَمْع: عَواقِل، قاله الأزهري في: (الزاهر: ص 371).
(4) قاله الزركشي حكاه عنه صاحب (الإِنصاف: 10/ 119).
(3/721)
________________________________________
وقيل: سميت بذلك، لإِعطَائِها العَقْل الذي هو الدية. (1)
وقيل: سُمُّوا بذلك، لكَوْنِهم يُمنعُون عن القاتل. (2) وقيل: غير ذلك.
والعَاقِلَة أيضًا: المرأةُ ذاتُ العَقْل.
1430 - قوله: (ولا الاعْتِراف)، إذا اعْتَرف الخَصْمُ بالقَتْل، (3) وقد اعترف يعْتَرِف اعترافًا، فهو مُعْتَرف: إذا أقَر به.
* مسألة: - أصَحُّ الروايتين: [العاقِلَةُ]: (4) العصَبةُ كلُّهم إِلَّا الآباء والأبناء. (5)
1431 - قوله: (غُرَّة)، الغُرَّةُ: العَبْدُ نَفْسهُ، أوْ الأَمَة.
__________
(1) قاله ابن فارس في: (الحلية: ص 196).
(2) قاله الموفق في: (المغني: 9/ 514).
(3) معنى ذلك: أن العاقلة لا تَحْمِل الاعتراف، وهو أنْ يقر الإنسان على نفسه بقتل خطأ أو شبه عمد فتجب الدية عليه، ولا تَحْمِله العاقلة.
كما أن العاقلة لا تَحْمِل العَبْدَ إذا قتِل، فالقيمة على القَاتِل، ولا شيْء على العاقلة، ولا تحمل العَمْد سواء كان مما يُوجب القِصاص فيه أولا يجب، كما أنها لا تحمل الصلح، ومعناه: أن يدعى عليه القتل فينكره ويصالح المدعي على مَالٍ فلاَ تَحْمِله العاقلة، لأنه مال ثبت بمصالحته واختياره كالذي باعترافه، كما لا تحمل العاقلة الدية إذا كانت ما دون الثلث. انظر: (المختصر للخرقي: ص 179، المغني: 9/ 502، وما بعدها).
(4) زيادة يقتضيها السياق.
(5) نقل هذه الرواية حرب عن أحمد رحمه الله، قال القاضي، وصاحب الفروع: "وهو اختيار الخرقي" وهو ليس كما قالا، فإنه قال: العاقلة العمومة. وأولادهم وإنْ سَفَلُوا في إحدى الروايتين" وهذا لَيْس تصريح بالاختيار. انظر: (المختصر: ص 180، الروايتين والوجهين: 2/ 287، الفروع: 6/ 39).
أما الرواية الثانية نقلها أبو طالب، والفضل بن عبد الصمد، وهي أن الأب والابن والإخوة، وكل العصبة من العاقلة، اختاره القاضي، وأبو بكر عبد العزيز، وابن عقيل، وأبو الخطاب وغيرهم. انظر: (الروايتين - والوجهين: 2/ 287، الإنصاف: 10/ 119، الفروع: 6/ 39، المغنى: 9/ 514 - 515).
(3/722)
________________________________________
وأصل الغُرَّة: البَياض في وَجْه الفَرس، وفي الحديث: (تُحشَرون غُرًّا محجَّلِين من آثار الوضوء". (1)
قال أبو عمرو بن العلاَء: (الغُرَّةُ: عَبدٌ أبيَض، أو أمةٌ بَيْضَاء، وليس البياضُ شرطًا عند الفقهاء"، (2) والأَجْوَد تنوينُ "غرّة"، و"عبدٌ" (3) بدَل مِن "غُرّة" وتَجُوز الإِضافة على تاويل [إضَافة] (4) الجِنْس إلى النوع، فإن الغُرّة: أوَّل الشيء وخِيَارُه، والعَبْدُ، والأَمةُ، وبياضٌ في وجه الفَرَس، فإذا قال في الجَنِين غُرّةٌ: احتمل كُلُّ واحدٍ مِنْها، فإذا قال: غُرّة عَبْدٍ، تَخَصَّصْت الغُرَّةَ بالعَبْدِ. (5)
* تنبيه: - قال ابن مالك في "مثلثه": الغَرَّةُ: الَمرّةُ من غَرَّ، وهو النَهر الصغير، والتَّكَسُر في الثوب ونحوه، (6) وأطعم إبَلِهُ، ومنْ غَرَّهُ: خَدَعَهُ.
قال: والغِرَّةُ: الغَفْلةُ، وأنثى الغِرّ. والغُرّةُ: أوّل الشَّيْء، وخيَارهُ، والعَبْدُ والأَمة، وبياض في جَبْهَة الفرس". (7)
__________
(1) أخرجه البخاري في الوضوء: 1/ 235، باب فضل الوضوء والغُرّ المحجلين، حديث (136)، ومسلم في الطهارة: 1/ 216، باب استحباب إطالة الغرة والتحجيل في الوضوء حديث (34)، وابن ماجة في الطهارة: 1/ 104، باب ثواب الطهور، حديث (284)، ومالك في الطهارة: 1/ 28، باب جامع الوضوء حديث (28)، وأحمد في المسند: 1/ 282 - 296
(2) حكاه البَعْلي عنه. انظر: (المطلع: ص 364).
(3) أي قول الخرقي في: (المختصر: ص 180): "عبد".
(4) زيادة يقتضيها السياق، انظر: (المطلع: ص 364).
(5) قاله صاحب (المطلع: ص 364).
(6) في المثلث: وغيره.
(7) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 463 - 464 بتصرف).
وقد قيد ابن مالك البياض في جبهة الفرس بأنه "فوق الدرهم".
(3/723)
________________________________________
* فائدة: - اعترض بعضُهم على الفقهاء قولهم: (غُرَّةَ عَبْدٍ أو أمةٍ"، ولا شك أنَّ الغُرَّة هي العَبْد، أو الأمة، فلا حاجة إذًا إلى ذِكْرِهِما.
والجواب: أنَّ الغُرَّة لما كانت تُطلَق على العبد والأمة وغيرهما، بَيَّنُوا أنَّ المراد بالغُرَّة: العبدُ والأَمة لا غير.
وقال بعضهم: في ذلك إشْعَارٌ إلى بياض لَوْنِهما.
1432 - قوله: (دواءً)، الدَّواءُ: (ما يُتَدَاوى به، وفي الحديث: "الذي أنْزَل الداء أنزل الدّواء"، (1) وفيه: "ما أَنْزل اللهُ داءً إلَّا أنزل دوَاءَ"، (2) وفيه: "خَيْر ما تَدَاويتُم به"، (3) وفي حديث أُمِّ زرع: (4) "كُلُّ دَاءٍ لَهُ دَوَاءٌ ... " (5)
__________
(1) أخرجه مالك في العين: 2/ 944، باب تعالج المريض، حديث (12)، وأحمد في المسند: 1/ 413، 3/ 156، كما أخرجه أبو داود في الطب: 4/ 7 بلفظ قريب منه، باب في الأدوية المكروهة حديث (3874).
(2) أخرجه البخاري في الطب: 10/ 134 بلفظ: "إلَّا أنزل له شفاء"، باب ما نزل الله داء إلَّا أنزل له شفاء، حديث (5678)، وابن ماجة في الطب: 2/ 1137، باب ما أنزل الله داء إلا أنزل له شفاء، حديث (3438)، (3439) والترمذي في الطب: 4/ 383، باب ما جاء في الدواء والحث عليه، حديث (2038)، وأحمد في المسند: 1/ 377 - 443.
(3) جزء من حديث أخرجه الترمذي في الطب: 4/ 388، باب ما جاء في السعوط وغيره، حديث (2047)، (2048)، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب، كما أخرجه فى الطب كذلك، باب ما جاء في الحجامة، حديث (2053).
(4) هي المرأة التي ورد ذكرها في الحديث المشهور، وكانت قبل الإسلام.
(5) جزء من حديث طويل ومشهور أخرجه البخاري في النكاح: 9/ 254، باب حسن المعاشرة مع الأهل، حديث (5189)، ومسلم في فضائل الصحابة: 4/ 1898، باب ذكر حديث أم زرع حديث (92)، كما أخرج الحديث أبو عبيد في غريبه: 2/ 286 - 309، والزمخشري في الفائق: 3/ 48، والمنذري في مجمع الزوائد: 4/ 317، باب حديث أم زرع، وكذلك أبو نعيم في الحلية: 8/ 356) ترجمة بشر بن الحارث الحافي)، والبغدادي في تاريخه: 8/ 246، (ترجمة حاتم بن الليث)، وابن الأثير في شرح الطوال الغرائب: ص 535 - 537.
(3/724)
________________________________________
فالدَّوَاءُ: نَفْسُ الُمتَدَاوى به، والتَّدَاوي: الفِعْلُ، والدَّاءُ: الَمرضَ.
1433 - قوله: (بالِمنْجَنِيق)، يقال: بفتح "الميم" وكسرها، وقيل: "الميم" و"النون" في أَوَّله زائِدَتان، وقيل: أَصْلِيتان.
وهو أَعْجَمُيٌّ مُعَرَّب، (1) وهو الآلة المعروفة للحَرب.
قال أبو منصور في كتاب "الُمعَرَّب": "اختلف فيه أَهْل العربية. فقال قوم: "ميمُهُ" زائدة، وقيل: أصلية، وحكى الفراء فيه: مَنْجَنُوق بـ "الواو"، وحكى غيره: مَنْجَلِيق بـ "الياء" وقد جنق الَمنْجَنِيق، ويقال: جَنَّق". (2)
وجمعه: مَنَاجِنِيق، (3) وفي حديث سعد في نهر شير: "فَنَصَبْتُ الَمناجِنِيق". (4)
قلتُ: لعلّه يجوز فيه فتح "الجيم" وكسرها. والله أعلم.
__________
(1) انظر: (المعرب للجواليقي: ص 353).
(2) انظر: (المعرب: ص 353 بتصرف).
(3) وكذلك مَنْجَنِيقات، قاله في: (الصحاح: 4/ 1455 مادة جنق).
(4) لم أقف للحديث على تخريج. والله أعلم.
(3/725)
________________________________________
باب: دياتُ الجِرَاح
1434 - قوله: (ما في الإِنسان منه شيءٌ واحدٌ)، مثل: الذَكَر واللِّسان.
1435 - قوله: (وما فيه منه شَيْئَان)، مثل: اليَدَيْن، والرِجْلَيْن، والعَيْنَيْن ونحو ذلك. (1)
1436 - قوله: (الأَشْفَار)، جَمْع شُفْرٍ بوزن قُفْلٍ: شُفْرُ العَيْن. وهو مَنْبَتُ الهُدْبِ، وحُكِي فيه "الفتح": شَفْرٌ على وزن حَفْر.
وأَمَّا أحدُ شُفْرَيْ المرأة - وهما إسْكَتَيْ الفرج المعروف - فواحدهما: شُفْرٌ على وزن قُفْلٌ لا غير.
1437 - قوله: (السَّمْع)، السَّمْعُ: حاسَّةُ الأُذُن التي نَسْمَع بها، وأَمَّا السَّمْع - بكسر "السين" -: فهو وَلَدُ الذِئْبَة من الصَّبغ.
__________
(1) قال في (المغني: 9/ 584): "وجملة ذلك أنّ كل عضو لم يَخْلُق الله تعالى في الإنسان منه إِلَّا واحدًا كاللِّسان، والأنف، والذكر، والصلب، ففيه الدية كاملة، لأن إتلافه إذهاب منفعة الجنس، وإذهابها كإتلاف النفس.
وما فيه منه شيئان كاليدين، والرجلبن، والعينين، والأذنين، والمنخرين، والشفتين، والخصيتين، والثدين، والَأليين ففيها الدية كاملة ... ".
(3/726)
________________________________________
وقال ابن مالك في "مثلثه": "السَّمْع: الأُذُن، ومصدر سَمِع. قال: والسَّمْع: الصِّيتُ، وسَبُعٌ يتولَّدُ بيْن الذِئب والضَّبعُ. قال: والسُّمْعُ: جَمْع سَمَاعٍ: (1) وهو كلُّ ما اسْتَلَذَّت الآذانُ من صَوْتٍ حَسَن، (2) وما تُكُلِّم به فَشَاعَ". (3)
1438 - قوله: (قَرَع الرأْسِ)، القَرَعُ - بفتح "القاف". يقال: قَرعَ يَقْرَعُ قَرَعًا، فهو أقْرَعٌ: وهو مَن ذَهَبَ شَعْرُ رأْسِه، وبه سُميَ الأَقْرَع بن حَابس، (4) وفي الحديث: "أَنَّ ثلاثةً من بني إِسرائيل: أَبْرص، وأَقْرَع، وأَعْمَى، بدا الله عز وجل أَنْ يَبْتَلِيهم ... إِلى أنْ قال: ثُمَّ أتي الأَقْرَع، فقال: ما تُرِيدُ، فقال: شَعْرًا حَسنًا". (5)
1439 - قوله: (وفي الحاجِبَيْن)، وإحداهما: حَاجِبٌ - بكسر "الجيم" -: وهما الشَعْر الُمسْتَطِيل فَوْق العَيْنَيْن. والحاجِبُ أيضًا: كُلُّ من حَجَب غيره عن
أَمْرٍ.
1440 - قوله: (وفي اللِّحْيَة)، اللِّحْيَة -بالكسر-: الشَعْر الذي على اللَّحْيَينْ، وجمعُها: لُحِىً. (6)
1441 - قوله: (وفي المَشَام)، بفتح "الميم" و"الشين" المعجمة: جمع
__________
(1) في الأصل: سامع، وهو تصحيف.
(2) في الأصل: جنين.
(3) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 313)
(4)
(5) جزء من حديث أخرجه البخاري في الأنبياء: 6/ 501، باب حديث أبرص وأعمى وأقرع في بني إسرائل، حديث (3464)، ومسلم في الزهد: 4/ 2275, باب حدثنا شيبان بن فروخ, حديث (10).
(6) بكسر "اللام"، وضمها كذلك عن يعقوب. قاله في: (الصحاح: 6/ 2480، مادة لحى).
(3/727)
________________________________________
مَشَمٍّ: وهو ما يُشَمُّ به. وقال الشيخ في "المغني": "أَرادَ بالَمشَام: الشَمِّ". (1)
وقال الزركشيُّ: "يجوز أَنْ يَكُون أَرادَ الِمنْخَريْن" (2)
وأَمَّا الَمسَامُّ: فَجَمْعُ سَمٍ: وهو الثُّقْبُ الداخل في الإِنْسَان (3) وغيره.
1442 - قوله: (وفي الشَفَتَيْن الدِيَة)، تَثْنِيَةُ: شَفَة، وجَمْعُها: شِفَاةٌ: وهي الجِلْدَةُ التىِ تَنْطَبِق على الأَسْنَان، إِمَّا من الفوق، أوْ مِنْ تَحْتٍ، فلهذا يقال: الشفة العليا، والشفة السفلى، وفي صفته عليه السلام: "أَنَّه رقيق الشفَتَيْن". (4)
1443 - قوله: (وفي اللِّسان)، هو هذا العضو الذي يُتَكَلَّم به، قال الله عز وجل: حكاية عن موسى: {وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي}، (5) وجمعُه: أَلْسُنٌ.
1444 - قوله: (مِمَّن قد ثُغِر، قال في "المطلع": "ثُغِرَ بضم "الثاء": إذا سقطت رَواضِعُه". (6) وثُغِرَ، وأُثغِرَ عن ابن سيدة. (7)
قلتُ: الذي نَعْرِفُه، ورأيته في النسخة التي نُقِلت من خط الشيخ أبي عمر بضبط ثَغَر بفتح "الثاء".
__________
(1) انظر: (المغني: 9/ 599 بتصرف).
(2) انظر: (الزركشي على الخبرقي: 2 لوحة 107 ب).
(3) ومنه: سَمُ الخِيَاط، وسُمُوم الإِنسان، وسُمُومُه: فَمّة، ومِنْخَرُه، وأُذُنَه. والواحد: سَمٌ وسُمٌ بالضم والفتح. قاله في: (الصحاح: 5/ 1953 مادة سمم).
(4) لم أقف لَهُ على تخريج. والله أعلم.
(5) سورة الشعراء: 13.
(6) انظر: (المطلع: ص 365).
(7) انظر: (المحكم: 5/ 285 مادة ثغر).
(3/728)
________________________________________
1445 - قوله: (والأَضْرَاسُ)، جَمْع ضِرْسٍ: (1) وهي الأَسْنَانُ الدَّواخل التي يقع بها الَمضْغُ.
قال ابن مالك في "مثلثه": "الضَّرْسُ: سوءُ الخُلُق، وصَمْتُ يَومٍ كَامِلٍ، والحَزُّ الُمعَلَّمُ به في سهْمٍ أو سَيْرٍ، أوْ تَخْشِين جَرِيرَ البَعِير الصَّعْبِ لِيَسْهُل، وطىُّ البئر بالحِجَارة، ونباتٌ مُتَفَرِّقٌ، والعَضُّ، والامْتِحان، والتَّكَلُم بما يَشُقُّ على الُمتَكَلِّم، ومصدر ضُرِستْ الأَرْضُ: مُطِرَتْ مَطَرًا مُتَفَرقًا.
قال: والضِّرْسُ: معروفٌ، وهو أيضًا ما خَشُنَ من الحجارة والآكَامِ، وضِرْسٌ - بالكسر أيضًا -: مَوْضِعٌ. (2)
قال: والضُّرْسُ: جمع ضَرُوسٍ: وهي النَّاقة التي تَعَضُّ حَالِبَها، وجَمْع ضَرِيس: وهي البئر المطويَّةُ بالحِجَارة". (3)
1446 - قوله: (والأَنْيَابُ)، جمع: نَابٍ: وهو ما بيْن الأَضْرَاس والأَسْنَان، الحديث: "نَهَى عن ذِي نَابٍ من السِّبَاع". (4)
__________
(1) وهو بكسر "الضاد"، وأما بفتحها: فهو العَضُّ الشديد بالأضراس، ويجمع الضِرْس كذلك على ضُرُوس. (الصحاح: 3/ 941 - 942 مادة ضرس).
(2) لم أعثر على موضع بهذا الاسم، ولعله: ضِرَاسٌ جمع ضِرْسٍ، وهي قرية في جبال اليمن. قاله ياقوت في (معجمه: 3/ 455).
(3) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 376 - 377).
(4) أخرجه البخاري في الذبائح والصيد: 9/ 657، باب أكل كل ذي ناب من السباع، حديث (5530)، ومسلم في الصيد والذبائح: 3/ 1533، باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع، وكل ذي مخلب من الطير، حديث (12)، والترمذي في الأطعمة: 4/ 73، باب ما جاء في كراهية كُلِّ ذي ناب وذي مخلب، حديث (1477)، وأبو داود في الأطعمة: 3/ 355، باب النهي عن أكل السباع، حديث (3802)، والنسائي في البيوع: 7/ 265، باب بيع المغانم قبل أن تقسم، وابن ماجة في الصيد: 2/ 1077، باب أكل ذي ناب من =
(3/729)
________________________________________
1447 - قوله: (وفي الأَلْيَتَيْن)، واحدتهما أَلْيَةٌ: وهما إِسْكَتَيْ الدُبُر، وأَلْيَةُ الشاةِ معروفةٌ. (1)
1448 - قوله: (وفي كُلُّ أُصْبُعِ)، فيها عَشْر لغاتٍ تَقَدَّمَت. (2)
1449 - قوله: (وفي كُلُّ أُنْمُلَةٍ)، الأُنْمُلَةُ: إِحْدَى الأَنَامِل: وهي عُقَد الأَصَابِع.
1450 - قوله: (إلَّا الإبْهَام)، الإِبْهَامُ: الأُصْبُع الغَلِيظَةُ التي في طرف الأَصَابِع، (3) والإِبْهَام أيضًا: مصدر أَبْهَم الشَّيْءُ إِبْهَامًا.
1451 - قوله: (الغَائِط)، هو الخارج من دُبُر الآدمي خاصةً، وأصلُ وَضْعِه للمكَان الُمطْمَئِن من الأرض كان يُقْصَد للحاجة، ثُمَّ سُمِّي به الخارج نفسه.
ويقال للخارج: خُرُوءٌ, وذكرهُ بَعْضُهم لما خَرج من الطَيْر خَاصةً. (4)
1452 - قوله: (الصَّعِر)، يقال: صَعَّر يُصَعِّرُ صَعَرًا، (5) ثم فسَّر الشيخ
__________
= السباع، حديث (3232)، ومالك في الصيد: 2/ 496، باب تحريم أكل كل ذي ناب من السباع حديث (13).
(1) قال الجوهري: "أَلْيَةُ الشاة، ولا تقل: إلْيَة، ولا ليَّةً، فإذا ثَنَّيْتَ قلت: أَلْيَان فلا تلحقه "التاء". (الصحاح: 6/ 2271 مادة ألا).
(2) انظر في ذلك: ص 75.
(3) وجمعها: الأباهم، وهي مؤنثة. قاله الجوهري في: (الصحاح: 5/ 1875 مادة بهم).
(4) ومنه قول الشاعر وهو: حواس بن نعيم الضبي:
كأَنَّ خُروءُ الطيْر فوق رؤُوسِهِم ... إذا اجتمعتْ قَيسٌ معًا وتَمِيمُ
(الصحاح: 1/ 47 مادة خرأ).
(5) ومنه قول الله تعالى في سورة لقمان: 18 {وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ}.
(3/730)
________________________________________
الصَعَر: "بأَنَّ يَضْرِبَه فيصيرَ الوجْهُ في جَانِبٍ". (1)
والصَعَر: بفتح "الصاد" المهملة، و"العين" المهملة.
وقال الجوهريُّ: "هو الَميْلُ في الخَدِّ خَاصةً". (2)
1453 - قوله: (وفي الَمثانَة)، بفتح "الميم": المكان الذي يجتمع فيه البَوْلُ. وجمعها: مُثُنٌ.
1454 - قوله: (العيْن القَائِمة)، هي البَاقِيةُ في موضعها صحيحةً، وإِنَّما ذهَب نظرها وإبْصَارُها. (3)
1455 - قوله: (حَشَفَة الذكر)، الحَشَفَة: رأس الذكر يقال لها: حَشَفَةٌ، كـ "ثَمَرٍ"، وثَمْرَةٍ.
والحَشَفَةُ أيضًا: الواحدةُ من التمر الحَشَف، (4) إِلَّا أَنَّ حَشَفَةَ الذكر بفتح "الشين"، وواحدةُ هذا التَمْر بالسكون.
1456 - قوله: (وفي إِسْكَتَي المرأة)، الإِسكتان - بكسر "الهمزة" -: (5) شُفْر الرَّحم، وقيل: جانباه ممَّا يلي شُفْرَيْهِ، والجَمْع: إِسْكٌ وإِسَكٌ، بسكون "السين"
__________
(1) انظر: (المختصر: ص 183).
(2) انظر: (الصحاح: 2/ 712 مادة صعر).
(3) قال الأزهري في (الزاهر له: ص 369): "التي بياضها وسوادها صافيان، غير أن صاحبها لا يبصر بها".
(4) وحَشَف التمر: سَرَادُه الذي يَبِس على الشجر قبل إدْرَاكه، فلا يكون فيه لَحْمٌ ولا لَهُ طَعْمٌ. انظر: (الزاهر للأزهري: ص 369).
(5) وكذلك بفتحها. حكاه صاحب (اللسان: 10/ 390 مادة أسك).
(3/731)
________________________________________
وفتحها كلُّه عن ابن سيدة. (1)
1457 - قوله: (وفي الُموضِحَة)، (2) الُموضِحَةُ: التي تُوضِحُ العَظْم: أي تُبْرِزُه، (3) وفَسَّر الشيخ هنا الُموضِحَة: "بِأَنَّها التي تُبْرِز العَظْم"، (4) وهو معنى
كلامهم.
1458 - قوله: (وفي الهَاشِمَة)، ) قال الأزهريُّ: "الهَاشِمَةُ: التي تَهْشِمُ العَظْم، تُصِيبُه وتَكْسِرُه". (5)
وقال الشيخ في "المقنع": "الهاشِمَةُ: التي تُوضِحُ العَظْمَ وتَهْشِمُه"، (6) وكذلك فَسَّرها الشيخ هنا. (7)
1459 - قوله: (وفي الُمنَقِّلَة)، قال الشيخ في "المقنع": "وهي التي تُوضِح [العَظْم] (8) وتَهْشِم وتُنقِّل عِظَامها". (9) وقال الشيخ هنا: "هي التي تُوضِحُ وتَهْشِم وتَسْطُو حتَّى تَنْقل عِظَامها". (10)
__________
(1) وكذلكـ "أسك" بفتح "الهمزة" وإسكان "السين" حكاه عنه صاحب (اللسان: 10/ 390 مادة أسك).
(2) الثابت في (المختصر: ص 183): "وفي مُوضِحَهَ الحُرِّ".
(3) انظر: (الصحاح: 1/ 416 مادة وضح، طلبة الطلبة: ص 165، المطلع: ص 367، أنيس الفقهاء: ص 294، المغرب: 2/ 359، غريب المدونة: ص 113).
(4) انظر: (مختصر الخرقي: ص 183).
(5) انظر: (الزاهر: ص 363 بتصرف).
(6) انظر: (المقنع: 3/ 416).
(7) قال في (المختصر: ص 183): "وهي التي تُوضِحُ وتَهْشِم".
(8) زيادة من المقنع يقتضيها السياق.
(9) انظر: (المقنع: 3/ 417).
(10) انظر: (المختصر للخرقي: ص 183).
(3/732)
________________________________________
1460 - قوله: (وفي المأْمُومَة)، تقدَّمت، (1) فَسَّرها الشيخ هنا: "بأَنَّها التي تصل إِلى جِلدة الدماغ"، (2) والآمةً مِثْلُها.
1461 - قوله: (وفي الضِّلَع)، الضِّلَعْ - بكسر "الضاد" وفتح، "اللام" وتسكينها لغة -: أحد ضُلُوعِ العظام التي على الجَنْب، وفي الحديث: "فإِنَّ المرأة خُلِقت من ضِلَع، وإِنَّ أَعْوَج شَيْءٍ في الضِلع ... ". (3)
قال ابن مالك في "مثلثه": "الضَّلَع: العِوَج، والضِّلَع: واحد الأَضْلاَع، والضُّلْع: جمْع الضُّلْعَى، أنثى الأَضْلَع بمعنى الأَقْوَى". (4)
1462 - قوله: (وفي التَرْقُوة)، هي العَظْم الذي بيْن ثَغرةِ النحر والعاتِق، وزْنُها: فَعْلُوَةٍ بالفتح. قال الجوهري: "ولا تَقُل: تُرْقُوَة بالضم"، (5) وجَمْعُها: تَراقِي، قال الله عز وجل: {إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ}. (6)
1463 - قوله: (وفي الزَنْدِ)، الزَنْدُ: بفتح "الزاى" -: ما انْحَسر عنه اللَّحم من الساعد. قال الجوهري: "الزَنْدُ: مَوْصِلَ طَرَف الذِرَاع بالكَفِّ، وهما: الزَنْدَان، الكُوعُ، والكُرْسُوع"، (7) وهو طَرَفُ الزَنْدِ الذي يلي الخَنْصَر، وهي النَاتيِءُ عند الكُرسُوع.
__________
(1) انظر في ذلك: ص 714.
(2) انظر: (المختصر: ص 183 - 184).
(3) أخرجه البخاري في الأنبياء: 6/ 363، باب خلق آدم وذريته، حديث (333) ومسلم في الرضاع: 2/ 1091، باب الوصية بالنساء، حديث (60)، والدارمي في النكاح: 2/ 148، باب مداراة الرجل أهله.
(4) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 379).
(5) انظر: (الصحاح: 4/ 1453 مادة ترق).
(6) سورة القيامة: 26.
(7) (الصحاح: 2/ 481 مادة زند بتصرف).
(3/733)
________________________________________
قال ابن مالك في "مثلثه": "الزَنْد: ما انحسر عنه اللَّحْم من السَّاعد، والأعلى من عُودَيْ القَدْحِ، والأَسْفَل زَنْدَةٌ.
قال: (والزِّنْدُ -بالكسر-: اسمُ فَرَسٍ. قال: والزُّنْد: جمع زِنَادِ، والزِّنَادُ: جمع رنْدٍ". (1)
1464 - قوله: (الشُّجَاج)، جمْع: شَجَّةٍ، وهو الَمرَّةُ، إِذا جَرَحَهُ في رأسه، أو وَجْهِه. (2)
قال الشيخ في "المقنع": "الشَجَّةُ: إِسْمٌ لِجُرْحِ الرَأْس، والوَجْه خَاصةً". (3)
قال الزركشي: "وقد تُسْتَعْمَل في غَيْرِهِما". (4)
1465 - قوله: (الحَارِصَة)، بـ "الحاء"، و"الصاد" الُمهْمَلَتَيْن، قال الأزهري: "وهي التي تَحْرِص الجِلْد - أي: تَشُقُه قليلًا - ومنه [قيل]: (5) حَرصَ القَصَّار الثَوْبَ"، (6) أي خَرقَهُ بالدَقِّ. قال في "المقنع": "الحارِصةُ: التي تَحْرِص الجِلْد: أي تَشُقُّه قليلًا ولا تُدْمِيه". (7)
وقال الشيخ: "الحارصةُ: هي التي تَحْرِص الجِلْدَ - بمعنى: تَشُقُّه قَلِيلًا -
__________
(1) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 283).
(2) وهي خاصة بهما، وفي غيرهما يُسَمَّى جِرَاحة. انظر: (أنيس الفقهاء: ص 293، طلبة الطلبة: ص 165، المصباح المنير: 1/ 465).
(3) انظر: (المقنع: 3/ 414).
(4) انظر: (شرح الزركشي على الخرقي: 2/ 113 ب).
(5) زيادة من الزاهر.
(6) انظر: (الزاهر: ص 362).
(7) انظر: (المقنع: 3/ 414).
(3/734)
________________________________________
قال: وقال بعضهم: هى الحَرْصَة" - (1) بفتح "الحاء"، وسكون "الراء" -: المرة من حَرَصَ.
1466 - قوله: (ثُمَّ البَاضِعَةُ)، قال الجوهري: "البَاضِعَةُ: الشَجَّةُ التي تَقْطَع الجِلْد وتَشُقُّ اللَّحْم وتُدْمِي، إلا أنه لا يسيل الدم". (2) وكذلك قال الأزهري. (3)
وقال في "المقنع": "هي التي تَبْضِع اللَّحم". (4) ويقال: بضَعَهُ يَبْضِعهُ بَضْعًا.
وقال الشيخ: "البَاضِعة: هي التي تَشُقُّ اللَّحم بعد الجِلد". (5)
1467 - قوله: (ثم البَازِلَةُ)، البَازِلةُ: فاعلةٌ من بَزَلَتْ الشَجَّة الجِلد فَجَرى الدَمُ - ويقال: بَزَلْتُ الخَمْرَ: نَقَّيْتُ إِناءها فاسْتَخْرَجْتُها - فالدَمُ محبوسٌ في مَحَلِّه، كالمائع في وِعَائِه، والشَجَّة بازلة. (6)
قال في: "المقنع": "البازلةُ: التي يَسيلُ منها الدم"، (7) وكذلك فَسَّرها الشيخ هنا. (8)
__________
(1) انظر: (المختصر للخرقي: ص 184 بتصرف).
(2) انظر: (الصحاح: 3/ 1186 مادة بضع).
(3) انظر: (الزاهر: ص 363)، وكذلك (أنيس الفقهاء: ص 294، المغرب: 1/ 76، طلبة الطلبة: ص 165، المطلع: ص 367).
(4) انظر: (المقنع: 3/ 414).
(5) (المختصر: ص 184).
(6) أي: سَال دَمُها، وتَبَزَّل بمعنى تشقق قاله الجوهري في: (الصحاح: 4/ 1633 مادة بزل).
(7) انظر: (المقنع: 3/ 414 بتصرف).
(8) قال في (المختصر: ص 184): "ثم البازلة: وهي التي يسيل منها الدم".
(3/735)
________________________________________
1468 - قوله: (ثُمَّ المُتَلَاحِمَة)، تلَاحُمُ الحَرْب: اتَّصَل والْتَحَم، وهي وصلتْ إِلى اللَّحْم. قال في "المقنع" وغيره: "وهي التي أَخَذْت في اللَّحم"، (1) وكذلك فَسَّرها الشيخ هنا. (2)
1469 - قوله: (ثُمَّ السِمْحَاق)، قال الأزهري: "السِّمْحَاقُ: قِشْرَةٌ رَقِيقةٌ فوق العظم"، (3) وبها سُمِّيت الشَجَّة إذا وصَلَت إِليها سِمْحَاقًا، و"ميمُه" زائدة. قال في "المقنع" وغيره: "وهي التي بَيْنَها وبَيْن العَظْم قِشْرَةٌ رقيقة"، (4) وكذلك فسَّرها الشيخ هنا. (5)
1470 - قوله: (حكومةٌ)، أصْلُها من الحُكْم، يقال: تَحَاكَم القَوْمُ حكومةً. وحَكَم الحَاكِم حكومةً، ثم فَسَّر الشيخ الحكومةَ: "بأَنْ يُقَوَّم الَمجْنيُّ عليه كأَنَّه عَبْدٌ جنايةَ به، ثم يُقَوَّم وهي به قد بَرئَت، فما نقص من القيمة فَلَهُ مثلُهُ من الدية. ثمَّ مثَّل لذلك فقال: "كأَنَّ قيمته وهو عَبْدٌ صحيح" "عَشَرةٌ"، وقيمتُه وهو عَبْدٌ به الجناية "تسعةٌ"، فيكون فيه "عُشْرُ" ديته، قال: "وعلى هذا ما زاد من الحُكُومةِ أوْ نَقَص"، (6) وهو معنى ما ذكره غيره.
__________
(1) انظر: (المقنع: 3/ 414).
(2) انظر: (المختصر: ص 184).
وقيل: هي التي أخذت في اللحم ولم تبلغ السمحاق. انظر: (أنيس الفقهاء: ص 294، المغرب: 2/ 244، المصباح: 2/ 849).
(3) انظر: (الزاهر: ص 363 يتصرف).
(4) انظر: (المقنع: 3/ 414)، وكذلك (المغني: 9/ 657، أنيس الفقهاء: ص 295، طلبة الطلبة: ص 165، غريب المدونة: ص 113، حلية الفقهاء: ص 196).
(5) انظر: (المختصر للخرقي: ص 184).
(6) انظر: (المختصر: ص 184 - 185)، وكذلك: (المقنع: 3/ 420، أنيس الفقهاء: ص 295).
(3/736)
________________________________________
وقَيَّد الشيخ ذلك، بأَنَّه لا بد أن يكون في غير مُؤَقَّتٍ، وإِنْ كان في مُؤَقَّتٍ، فلا يُجَاوَز به أَرْشَ الُمؤَقَّتِ. (1)
ومعناه: أَنَّ الحكومةَ، إِذا كانت في شَيْءٍ فيه مُقدَّر فلا يبلغ بها أَرْشَ الُمقَدَّر، فإذا كانت في الشجاع التي دون اُلموضِحَة، لم يَبْلُغ بها أرش الُموضِحَة، وإِن كانت في أُصْبُع لم يَبْلُغ بها دِيَة الأَصَابع.
1471 - قوله: (بعْدَ الْتِئَامِ الجُرْح)، الالْتِئَام: هو الانْدِمَال، والانْضِمَام، وقد الْتَئَم الجُرْحُ وغيرة يَلْتَئِمُ الْتِئَامًا: إِذا بَرَأَ.
وقال عبيد الله بن عبد الله بن عُتْبَه بن مسعود. (2)
شَقَقْتِ القَلْبَ ثُمَّ ذَرَرْتِ فيه ... هَوَاكِ فَلِيمَ فالتَأَم الفطُور (3)
1472 - قوله: (فإنْ كان المقتُول خُنْثَى مُشْكلًا)، "المقتُول" اسم "كان"، و"خُنثى" خَبرهُ، فهو منصوبٌ، لكِنَّه اسْمٌ مقصورٌ يظهر عليه الإِعراب، و"مشكلًا" صفة لـ "الخنثى" فهو منصوبٌ كَذَلِك.
__________
(1) انطر: (المختصر: ص 185).
(2) هو التابعي الجليل عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود بن غافل بن حبيب، ينتهي نسبه إلى مضر بن نزار، أحد الاعلام، وفقيه من الفقهاء السبعة من أهل المدينة الذين تدور عيهم الفتوى، ومع ذلك كله كان شاعرًا رقيقًا، له غزل في زوجته "عثمة"، ومنه هذا البيت الذي معنا، توفي 98 هـ. أخباره في: (الأغاني: 9/ 139، صفة الصفوة: 2/ 104، سير الذهبي: 4/ 475، تاريخ البخاري: 5/ 385، الحلية: 2/ 188، وفيات الأعيان: 3/ 115، الشذرات: 1/ 114).
(3) انظر: (الحماسة لأبى تمام: 2/ 105).
(3/737)
________________________________________
كتاب: القسامةِ
القسامةُ - بالفتح -: اليمين. كـ "القَسَمِ"، (1) وإِنَّما سُمِّي القَسَمُ قَسَمًا، لأَنها تُقَسَّم على أولياءِ الدم، ويقال: قَسَم الرَّجل: إذا حلَف.
قال في "المقنع": "هي الأَيْمان المكرَّرةِ في دَعْوَى القَتْل"، (2) وفي الحديث: "أوَّل قسامةٍ كانت في الجَاهِلية". (3)
1473 - قوله: (عَداوةً)، العَداوةُ: الُمعَادَاةُ.
1474 - قوله: (ولا لَوْثٍ)، قيل: هو العَدَاوةُ. قال ابن مالك في "مثلثه": "اللَّوثُ: القُوَّةُ، والطَّيُّ، واللَّيُّ، والجِرَاحاتُ، والُمطَالَبَاتُ بالأَحْقَادِ، وتَمْريغُ اللُّقمة في الإِهَالة، وجَمْجَمَةُ الكلام، وإِمَالَةُ الَمطَر النبات بعضَهُ على بعض، والْتِفَافُ النبات بعضَه على بعضٍ أيضًا.
__________
(1) وأصله: أَقْسَم، إِقْسَامًا، وقَسَمًا، وقَسَامَةً. (الزاهر للأزهري: ص 372).
قال الأزهري: "فهؤلاء الذين يقسمون على دَعْوَاهُم هم: القَسَّامة، سُمُّوا: قَسَّامةً بالاسم الذي أُقِيتم مَقام الَمصْدَر ... " (المصدر السابق: ص 372).
(2) انظر: (المقنع: 3/ 430).
(3) جزء من حديث أخرجه البخاري في مناقب الأنصار: 7/ 155، باب القسامة في الجاهلية، حديث (3845)، والنسائي في القسامة: 8/ 3، باب ذكر القسامة التي كانت في الجاهلية.
(3/738)
________________________________________
قال: واللَّيْثُ: اسْمُ وَادٍ، (1) وجمع أَلْيَث: وهو الرجلُ الشَّدِيدُ العاقِل.
قال: واللُّوثُ: جمع ألْوَث: وهو اُلمضْطَرِب العقل، وأيضًا البَطئُ الحركة والكلاَمِ واللُّوثُ أيضًا، جمع لَوْثَاءَ: وهي السَّحَابةُ البطيئَةُ الإِقْلاَع، وجَمْعُ لِوَاثٍ: وهو الدقيقُ الَمذْرُور على الخِوَانِ لئَلَّا يلْصَق العجينُ". (2)
واختلف أصحابنا في اللَّوْث:
فقيل: هو العداوة الظَاهِرة، نحو ما كان بيْن الأَنْصار وأهل خَيْبَر، كما بين القبائل التي يَطْلُب بعضها بَعْضًا بثَأْرٍ، وهذا ظاهر المذهب الذي عليه أكثر الأصحاب. (3)
وعن أحمد رحمه الله ما يدلُّ على أنه ما يَغْلُب على الظَّن صحة الدَّعْوى، كتَفَرُّق جماعة عن قَتِيلٍ، وَوُجُود قَتِيلٍ عند مَنْ معه سَيْفٌ مُلَطَّخٌ بدمٍ ونحوه [وشهادة عَدْلٍ وَاحدٍ] (4) كما وقع ذلك في زمن عليٍّ، وشهادة جماعةٍ ممَّن لا يَثْبُت القتل بشَهَادَتِهم كالنِّساء، والصبيان ونحو ذلك. (5)
__________
(1) وهو بأسفل السراة، يدفع في البحر أو موضع بالحجاز، وقد أصبح هذا الوادي الآن عبارة عن قرى كثيرة، وإمارة من إمارات منطقة مكة المكرمة على طريق اليمن. انظر: (معجم البلدان: 5/ 28، المعجم الجغرافي للبلاد السعودية: 2/ 1073).
(2) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 569).
(3) انظر: (المقنع: 3/ 433)، قال في (الإنصاف: 10/ 139): "وهو المذهب، وعليه جماهير الأصحابـ"، وانظر: (المحرر: 2/ 150، الفروع: 6/ 46، المبدع: 9/ 32 - 33، المغني: 10/ 8).
(4) زيادة من المحرر يقتضيها السياق.
(5) انظر: (المحرر: 2/ 150، المغني: 10/ 9، الإنصاف: 10/ 140). قال المرداوي: "وهو الصواب".
(3/739)
________________________________________
وقَوْلُ القَتِيل: "فُلَانٌ قَتَلَنِي": ليس بلَوْثٍ، (1) وهو ظاهر كلام الشيخ فيما بعد بل صَرِيحُه. (2)
* مسألة: - أَصحٌ الروايتين: لا كَفَّارة في قتل العَمْد. (3)
__________
(1) قال في (الإنصاف: 10/ 140): "وهو المذهب وعليه الأصحاب".
(2) انظر: (المختصر: ص 186).
(3) نقل هذه الرواية صالح عن أبيه، قال القاضي: "وهي اختيار أبي بكر وشيخنا ... " أما الرواية الثانية نقلها ابن منصور عن أحمد رحمه الله، وهي أن قاتل العمد عليه الكفارة، وهي اختيار الخرقي.
انظر: (الروايتين والوجهين: 2/ 298 - 299، مختصر الخرقي: ص 187).
(3/740)
________________________________________
كتاب: قِتَال أَهْل البَغْيِ
البَغْيُ: مصدر بَغَى يَبْغِي بَغْيًا: إذا تَعَدَّى. (1)
وأهل البَغْي هنا: هم الظَلَمة الخارجون عن طاعة الإمام، المعْتَدُون عليه، قال الله عز وجل: {ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ}. (2)
1475 - قوله: (حُورِبُوا)، من المحاربة: وهي الُمقَاتَلة في الحَرْب.
1476 - قوله: (بأسْهَل)، الأَسْهَل: الأَخَفُّ.
1477 - قوله: (مُدْبِر)، الُمدْبِر: مَن وَلَّي دُبُرَهُ وهَرَب، قال الله عز وجل: {فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ (15) وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ}. (3)
1478 - قوله: (ولم يُجْهِزُوا على جَريحٍ)، ورُوِي: "ولم يُجِيزُوا على جريحٍ" (4) والمعنى: أَنَّه لا يُقْتَل جَرِيحٌ، قال السَعْديُّ: "أجاز عليه:
__________
(1) ومنه: الطائفة الباغية، وهي التي تعدل عن الحق وما عليه أئمة المسلمين وجماعتهم. (الزاهر: ص 374).
(2) سورة الحج، 60، ومنه قوله تعالى في سورة الححرات: 9 {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي ... } قال الأزهري: "أي: اعتدت وجارت ... " (الزاهر: ص 374).
(3) سورة الأنفال: 15 - 16.
(4) كذا في المختصر: ص 188.
(3/741)
________________________________________
قَتله"، (1) وجَهَّز على الجريح وأَجْهَزَهُ: أسْرَع قَتْلَه، فكلاهما بمعنًى صحيحٍ مُنَاسب، ورُوِي في غير الخرقي: "ولا يُجَازُ على جريح" (2) وهو صحيح، وَرُوِي: "ولا يُدْفَق (3) على جَريحٍ"، وكلُّه بمعنى القتل، والجريحُ: هو الَمجْرُوح.
1479 - قوله: (أَسيرٌ)، هو مَنْ أُخِذَ من الأعداء سالمًا، قال الله عز وجل: {وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا}، (4) ولعلَّ أصله من قَوْلِهِم لَهُ: "سِرْ"، أو من قوله هُوَ لَهُم: "أَسِيرُ مَعَكُم"، وجمعُه: أَسْرَى، وأُسَارَى. قال الله عز وجل: {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرَى}، (5) وقال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرَى} (6).
1480 - قوله: (ولَمْ تُسْبَ لهم ذُرِيَّة)، السَّبْيُ: أخْذُ النساء والصبيان يقال: سَبَى يَسْبِي سَبْيًا، (7) وفي الحديث: "في سَبْيِ بَني المُصْطَلَق"، (8) وفي حديث آخر: "وفي السَّبْي امرأة إِذا رأَت صَبِيًّا". (9)
__________
(1) انظر: (كتاب الأفعال له: 1/ 186).
(2) انظر: (المقنع: 3/ 511)، وفي (المحرر: 2/ 166): "ولا يجهز على جريحهم".
(3) أي: لا يُدْعَى عليه بالَموْت، ومنه: دفَقَ اللهُ روحه: إذا دُعِي عليه بالموت. قاله الجوهري في (الصحاح: 4/ 1475 مادة دفق).
(4) سورة الإنسان: 8.
(5) سورة الأنفال: 67.
(6) سورة الأنفال: 70.
(7) وكذلك: سِبَاءٌ، إذا أَسَرْتَه، قاله في: (الصحاح: 6/ 2371 مادة سبى).
(8) أخرجه أحمد في المسند: 6/ 276 بلفظ: " ... سبايا بنى المصطلق".
(9) أخرجه البخاري في الأدب: 10/ 426، باب رحمة الولد وتَقْبِيلهُ ومعانقته، حديث (5999)، ومسلم في التوبة: 4/ 2109، باب في سعة رحمة الله تعالى وأنها سبقت غضبه، حديث (22).
(3/742)
________________________________________
فالسَّبْيُ؛ يُطْلَق على الفعل، وعلى الَمسْبِي.
والذُرِيَّة: النِّساء، والصِّبيان. قال الله عز وجل: {ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ} (1) وجمعها: ذَرَارِي.
__________
(1) سورة الإسراء: 3.
(3/743)
________________________________________
كتاب: الُمرْتَد
الُمرْتَدُ في اللُّغة: الراجِعُ، يقال: ارْتَد فُلَانٌ، فهو مُرْتَدٌ: إِذا رَجَع. (1)
وهو في الشرع: الراجِع عن دين الإسلام إلى الكُفْر. (2)
1481 - قوله: (وضُيِّق عليه)، الضَيْقُ: ضِدُّ التَّوَسُع.
1482 - قوله: (بدَارِ الحَرْب)، يعني: بدَار الُمحَارِبين من الكُفَّار: ضد السِّلْم.
1483 - قوله: (لمْ يُكْشَف عن شَيْءٍ)، الكَشْفُ: هو إِزَالَةُ ما على الشَّيْء من الغِطاء، ومنه: كَشْفُ الوَجْهِ ونحوه.
__________
(1) والإسمُ منها: الرِدَّة. (الصحاح: 2/ 473 مادة ردد).
(2) قاله في (المطلع: ص 378)، وفي (المغني: 10/ 74).
وقال شمس الدين في (الشرح: 10/ 74): "المرتد هو الذي يكفر بعد إِسلامه" والمعنى واحد.
(3/744)
________________________________________
كتاب: الحُدُود
الحُدُودُ: جَمْع حَدٍّ، وهو في الأَصْل: الَمنْع، والفصل بين شَيْئَيْن.
وحدودَ الله تعالى، مَحَارِمُه. قال الله عز وجل: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} (1).
وحدودُهُ أيضًا: ما حَدَّهُ وقَدَّرَهُ، فلا يجوز أنْ تتعَدَّى، كالمواريث المعيَّنَة، وتزويج الأَرْبَع، ونحو ذلك مِمَّا حَدَّهُ الشرع، فلا تجوز فيه الزيادة ولا النقصان، (2) قال الله عز وجل: {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا}. (3)
والحدودُ: العُقُوبَات الُمقَدَّرة، (4) يجوز أنْ تكون سُمِّيت بذلك من الحُدُود التي هي الَمحَارِم، لكونها زواجرَ عنها، وواقعةً على فِعْلِها.
__________
(1) سورة البقرة: 187.
(2) لأن الزيادة فيها والنقصان يعتبران انتهاكا لحدود الله ومحارمه، فالمعنى متقارب
(3) سورة البقرة: 229.
(4) كان ينبغي أنْ يُقَيَّد التعريف بقوله: "تَجِبُ حقًّا لله تعالى" حتى يكون مانعًا من دخول القصاص، لكونه حقا للعبد، هذا على المشهور. انظر: (كشاف اصطلاحات الفنون: 2/ 23).
وفي: (الإنصاف: 10/ 150): "الحَدُّ: عقوبة تمنع من الوقوع في مثله"، ولا يخفى ما يرد عليه من اعتراض.
(3/745)
________________________________________
أو بالحُدُود التي هي المقدَّرات، لكونها مُقَدَّرةً، لا يجوز فيها الزيادة ولا النقصان.
1484 - قوله: (وإِذا زَني)، زَني: فِعْل ماضٍ، ومُضَارِعه: يَزْني، زِنًا.
قال الجوهري: "الزِنَي: يُمَدُّ وُيقْصَر، فالقَصْر، لأَهل الحِجاز ... والَمدُّ لأَهْل نجد". (1) وأنشد ابن سيدة: (2)
أَمَّا الزِّنَاءُ فإنِّي لست قَارِبَه ... والمالُ بَيْنِي وبَيْن الخَمْر نِصْفَان
قال صاحب "المغني": "لا خِلاَف بيْن أهل العِلْم في أَنَّ وَطْء المرأة في قبُلِها حرامًا لا شبهةَ لَهُ في وَطْئِها، أَنَّه زَانٍ، فعليه حَدُّ الزنا إِذا اكْتَمَلَت شُرُوطه.
قال: والوَطْءُ في الدُّبُر مِثْله في كَوْنه زنا"، (3) وقال الشيخ فيما بعد: "والزَّانِي: مَنْ أَتَي الفاحشة في قُبُل أَوْ دُبُر". (4)
1485 - قوله: (الحُرُّ)، احترز من العَبْد.
1486 - قوله: (الُمحْصَن)، المُحْصَن - بفتح "الصاد" - قال صاحب "المطلع": "المُحْصِن - بكسر "الصاد" -: (5) اسم فاعل من أَحْصَن، يقال:
__________
(1) انظر: (الصحاح: 6/ 2369 مادة زني).
(2) كذا في: (المطلع: ص 370)، وفي (اللسان: 14/ 359 مادة زنا: "أنشده اللحياني".
(3) انظر: (المغني: 10/ 151 بتصرف).
(4) انظر: (مختصر الخرقي: ص 191).
(5) كذا في الطلع، وفي الأصل بفتح "الصاد".
(3/746)
________________________________________
حَصُنَتْ المرأة - بفتح "الصاد" وضمها وكسرها -: تَمَنَّعت عَمَّا لَا يَحِلُّ، وأَحْصَنَت فهي مُحْصِنَةٌ بكسر "الصاد"، (1) ومُحْصَنَةٌ بفتحها، (2) وهو أَحدُ ما جاء بالفتح بمعنى فاعِل. يقال: أَحْصَنَ الرجل فهو مُحْصِنٌ، وأَفْلَج فهو مُفْلِجٌ، وأَسْهَبَ فهو مُسْهِبٌ: أكثر الكلام وأَحْصَنَت المرأة زوْجَها، فهو مُحْصَنٌ، وأَحْصَنها زَوْجُها، فهي مُحْصَنَةٌ. (3) والاسْم: الإِحْصَان.
وقد جاء الإِحْصَانُ بمعنى الإسلام، والحرّية، والعفاف، والتزويج، (4) والُمحْصَن في حد الزنا، غير الُمحْصَن في باب القَذْف". (5)
ويقال للمرأة الُمحْصَنَة: حَصَانٌ.
قال حسان لـ "عائشة": (6)
حَصَانٌ رزَانٌ ما تُزَن بِرِيبَةٍ ... وتُصْبحُ غَرْثَى من لُحُوم الغَوَافِل
وقال ابن مالك في "مثلثه": "الَمحْصَن مَفْعَلٌ من حَصُنَتِ المرأةُ: امْتَنَعَتْ بالعفاف، قال: والِمحْصَن: القُفْلُ، وأيضًا: الزَّبِيلُ. قال: والُمحْصَن: الشَّيْءُ الُمحْرَزُ، والفَرجُ الُمعَفُّ، والرَّجُلُ الذي أحْصَنَتْهُ امْرَأَتُهُ". (7)
__________
(1) انظر: (المطلع: ص 371).
(2) قال الراغب: "فاُلمحْصِن: يقال إِذا تُصُوِّر حصنها من نفسها، والمُحْصَن: يقال إذا تُصُوِّر حصنها من غَيْرها". انظر: (المفردات في غريب القرآن: ص 121).
(3) ليست في المطلع.
(4) ومنه: قوله تعالى في سورة النور: {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً}.
(5) انظر: (المطلع: ص 371 بتصرف).
(6) انظر: (ديوانه: 1/ 292).
(7) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 593).
(3/747)
________________________________________
1487 - (جُلِدَا)، الجَلْدُ: الضَرْبُ.
1488 - (وَرُجِمَا)، وهو الرميُ بحجارةٍ أَوْ غيرها.
* مسألة: - أصحّ الروايتين: أنه لَا بُد مِن الرَّجم من الجَلْدِ (1) والله أعلم.
1489 - قوله: (وغُرِّب)، غُرِّب: أي نُفِيَ من البلد الذي وَقَعتْ فيه الفاحشة، يقال: غَرَب الرجل - بفتح "الراء" -: بَعُدَ، وغَرَّبْتُه، وأَغْرَبْتُه: أَبْعَدْتُه ونَحَّيْتُه. وقيل له: مُغَرَّبًا، لأن مَن فُعِل به ذلك يَصيرُ غريبًا.
والغَريبُ: البَعيدُ عن أهْلِه وبَلَدِه.
وقال امرؤ القيس: (2)
أَجَارتَنا إنَّا غَرِيبَان هاهُنَا ... وكُلُّ غريبٍ للغَرِيبِ نَسِيبُ
قال ابن مالك في "مثلثه": "غَرَب الرَّجُل: بَعُدَ، والنَّجْمُ وغيرُه: غابَ، وغَرَبَتِ العَيْن: وَرِمَ مَأْقُها، والشاةُ: تَمَعَّط خُرْطُومُها، وسقَط شَعْرُ عَيْنَيْها، وغَرُبَتْ الكَلِمَةُ: غَمُضَ معناها، والرَّجُلُ: صار غَريبًا". (3)
__________
(1) نقل هذه الرواية عن أحمد رحمه الله ابنه عبد الله، وإسحاق بن ابراهيم، وهي اختيار أبي بكو غلام الخلال والقاضي، قال في (الإنصاف: 10/ 170): "اختاره الخرقي"، ولم يختاره، وإنما قدمه في الترتيب فقط.
أما الرواية الثانية، وهي أَنَّ الُمحْصَن يُرجَم ولا يُجْلَد، نقلها الأثرم، وأبو النضر، وابن منصور، وصالح. قال القاضي: "وهي اختيار شيخنا أبي عبد الله. يعني ابن حامد" قال في (الإنصاف: 10/ 170): "وهو المذهب نُصَّ عليه".
انظر: (الروايتين والوجهين: 2/ 313، مختصر الخرقي: ص 190، الفروع: 6/ 67).
(2) انظر: (ديوانه: ص 357).
(3) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 463).
(3/748)
________________________________________
1490 - قوله: (الفَاحِشَة)، الفَاحِشَةُ: يُعَبَّر بها عن الزنا، قال الله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ}، (1) وُيعَبَّر بها عن كُلِّ مُسْتَقْبَحٍ.
يقال: كلمةٌ فاحِشَةٌ.
وأصلُ الفُحْشِ: الشَّيْءُ السَّيءُ، ومنه الحديث: "ليس بِفَاحِش ولا مُتَفَحِّش". (2) يعني: ليْس بِسَيِّءِ الأَخْلاَق.
1491 - قوله: (من قُبُلٍ)، كنايةً عن الذَكَر والفَرْج.
1492 - (أوْ دُبُر)، كنايةً عن جَمْر الآدَمِيِّ.
1493 - قوله: (ومَنْ تَلَوَّطَ)، يقال: تَلَوَّطَ، ولَاطَ -: (3) عَمِل عَمل قَوْم لُوطٍ - فهو لُوطِيٌّ، ولَهُم أَفْعَالٌ مُذْمُومةٌ أشهَرُها وأَقْبَحُها: إِتْيان الذكور في الدُبُر.
قال بعض الأدباء: (4)
وإِنْ لَمْ تَكُونُوا قَوْم لُوطٍ بِعَيْنِهم ... فمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُم بِبَعِيدِ
وقال آخر: (5)
__________
(1) سورة النور: 19.
(2) أخرجه البخاري في المناقب: 6/ 566، باب صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديث (3559)، ومسلم في الفضائل: 4/ 1810، باب كثرة حيائه - صلى الله عليه وسلم -، حديث (68)، والترمذي في البر: 4/ 349، باب ما جاء في الفحش والتفحش، حديث (1975)، وأحمد في المسند: 2/ 161 - 189، 193.
(3) وكذلك: لَاوَطَ، كما في: (الصحاح: 3/ 1158 مادة لوط).
(4) انظر: (روضة المحبين لابن القيم: ص 193).
(5) لم أقف له على تخريج. والله أعلم.
(3/749)
________________________________________
كُلُوا واشْرَبُوا وازْنُوا وَلُوطُوا ... وأَبشِرُوا فأَنْتُم جميعًا إِلى الجَنَّةِ الحَمْرَاءِ
ويقال لمن لَاط حَوْضَهُ: لَاطَ يَلُوطُ وَيلِيطُ، (1) وفي الحديث: "ولتَقُومَنَّ والرَّجُل يُلِيطُ حَوْضَه"، (2) ويُلْغِزُ معنى هذا، فيقال: "رَجُلٌ لَاطَ، ولَا حَدَّ عليه"، والمعنى: لَاطَ حَوْضَه.
* مسألة: - أصَحَ الروايتين عن أحمد رحمه الله: حَدَّ اللُّوطي حَدَّ الزَّانِي. (3)
1494 - قوله: (مَنْ أَقَرَّ بالزنا أربع مراتٍ وهو بالغٌ عَاقِلٌ)، كذا في عدة نسخ، وفي نُسَخ كَثِيرَةٍ: "بالغٌ صَحِيحٌ عَاقِل"، (4) وعلى ذلك شَرْح القإضي والشيخ، وفسَّر القاضي ذلك بحقيقته: "وهو الصِّحة من المرض،
__________
(1) أي: مَلَّطَةُ وطَيَّنَهُ بالطين، قال الجوهري في: (الصحاح: 3/ 1158 مادة لوط).
(2) أخرجه البخاري في الرقاق: 11/ 352، باب طلوع الشمس من مغربها، حديث (6506)، كما أخرجه في الفتن: 13/ 82، باب حدثنا مسدد، حديث (7121)، ومسلم في الفتن: 4/ 2259، باب في خروج الدجال ومكثه في الأرض، حديث (116)، وأحمد في المسند: 2/ 166 - 369.
(3) نقل هذه الرواية المروذي، وحنبل، وأبو الحارث، ويعقوب بن بختان، إن كان بكرا جلد وإن كان محصنا رجم، اختاره ابن مفلح، ويوسف بن الجوزي. قال المرداوي: "وهو المذهب".
وأما الرواية الثانية: فحده الرجم بكل حال، أي قتل الفاعل والمفعول به، نقلها أبو طالب، وإسحاق بن إبراهيم، واختاره الريف أبو جعفر، وابن القيم، وقدمه الخرقي، وهو مروي عن أبي بكر الصديق وجماعة من الصحابة رضي الله عنهم.
انظر: (الروايتين والوجهين: 2/ 316، مختصر الخرقي: ص 191، الإنصاف: 10/ 176 - 177، الفروع: 6/ 70 - 71، المذهب الأحمد: ص 183، المغني: 10/ 160).
(4) كذا هو في (المختصر: ص 191، المغني: 10/ 169، شرح الخرقي للقاضي: 2/ 472).
(3/750)
________________________________________
وأنه لا يَجب على المريض في حال مَرَضِه، وإنْ وَجبَ أُقِيمَ عليه بما يُؤْمَن به تلفه. (1)
قال الزركشيُّ: "وهذا فيه نَظَر، فإِنَّ الحَدَّ، إِمَّا أَنْ يَجِب ؤيؤَخَّر اسْتِيفَاؤُه إلى حين صحتِه، أو يجب، وُيسْتَوْفَى منه على حسب حَالِه، فعَلى كُلِّ حال ليست الصِحَّة شرطًا للوجوب، قاله الشيخ. (2) قال: ويُحْتَمل أَنْ يراد بالصحيح: الذي يُتَصَوَّر منه الوطء، فلو أقَرَّ بالزنا مَنْ لَا يُتَصوَّر منه الوَطْء كالمجبوب، فلا حَدَّ عليه.
قال الزركشيُّ: وهو كالذي قَبْلَه، لَأنَّ هذا فهِمَ من قَوْله: "عاقلٌ"، قال الزركشي: ويحتمل أَنْ يُرَإد بالصِحَّة: الاختيار، وإِنْ أَرَاد الصِحَّة المعنوية، فلا يَصِحُّ إقْرَارُه ولا نزاع في ذلك". (3)
قُلْتُ: وما قاله الزركشيُّ أيضًا من نحو تقَدَّم، وإِنَّما المرادُ والله أعلم بـ "الصِحَّة" هو أنْ يكون مَنْ أقَرَّ مِمَّن يُمْكِن الزنا منه بذَكَرِه احترازًا من الَمجْبُوب، والعنين ونحوهما.
1495 - قوله: (ولا ينْزَع عن إقراره)، أي: لا يرجع.
1496 - قوله: (وإِذا قذف)، يقال: قذف يَقْذِفُ قَذْفًا: إِذا رَمَى.
قال مجنون بني عامر: (4) ويقال لغيره:
وَيبْدُو الحَصَى منها إِذا قَذَفَتْ به ... عن البُرْدِ أطراف البَنَانِ الُمخَضَّبِ
__________
(1) انظر: (شرح الخرقي للقاضى 2/ 474).
(2) في شرح الخرقي للزركشي: قاله أبو محمد.
(3) انظر: (شرج الخرقي للزركشي: 2/ 131 ب بتصرف).
(4) انظر: (ديوانه: ص 38)، وقد سبق تخريج هذا البيت فى ص 137
(3/751)
________________________________________
قال صاحب "المطلع": "أصل القَذْف: رَمْيُ الشَّيْءِ بِقُوَّةٍ، ثم اسْتُعْمِل في الرميِّ بالزنا ونحوه من المكْرُوهَات"، (1) وفاعِله: قَاذِفٌ، والَمرْمِيُّ: مقذوفٌ، وجَمْع القاذِفِ: قُذَّافٌ، وقَذَفَةٌ، كـ "فُسَّاقٍ"، وفَسَقَةٍ، وكُفَّارٍ، وكَفَرَةٍ.
وقال ابن مالك: "القَذْفَةُ: الَمرَّةُ من قَذَفَهُ: رَمَاهُ بالحجارة، أَوْ نَسَبَهُ إلي قَبِيحٍ، وبالشَّيْء: رَمَى به، والإنسان: قَاءَ.
قال: والقِذْفَةُ: الهيئةُ من الجميع، والقُذْفَةُ: الشُّرْفَةُ، ورأْسُ الجبَلِ الُمشْرِف". (2)
1497 - قوله: (بأَدْوَن)، على وزن: أهْوَن: وهو غير مصروفٍ، جَرُّهُ بـ "الفتحة" والمراد: "بِدُون سَوْطِ الحُرِّ". (3)
1498 - قوله: (من السَوْط)، السَّوْطُ: أحدُ الأَسْوَاط التي يُضْرَبُ بها، وفي الحديث: "فقال لَهُم: نَاوِلُونِي سَوْطِي"، (4) وهو شَيْءٌ يُصْنَع من الجُلُود.
والسَّوْطُ أيضًا: القِطْعَةُ من العَذَاب، قال الله عز وجل: {فَصَبَّ
__________
(1) انظر: (المطلع: ص 371 - 372).
(2) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 501).
(3) إن كان القَاذِف عَبْدًا أو أمةً جُلِدَ أربعين بأَدْوَنَ من السوط الذي يُجْلَد به الحُرُّ انظر: (المختصر: ص 191).
(4) أخرجه البخاري في الجهاد: 6/ 58، باب اسم الفرس والحمار، بلفظ قريب منه، حديث (2854)، ومسلم في الحج: 2/ 852، باب تحريم الصيد للمحرم، حديث (56)، وأبو داود في المناسك: 2/ 171، باب لحم الصيد للمحرم، حديث (1852)، والترمذي في الحج: 4/ 203، باب ما جاء في أكل الصيد للمحرم، حديث (847)، والنسائي في المناسك: 5/ 143، باب ما يجوز للمحرم أكله من الصيد، ومالك في الحج: 1/ 350، باب ما يجوز للمحرم أكله من الصيد حديث (76)، وأحمد في المسند: 5/ 301 - 306.
(3/752)
________________________________________
عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ}. (1)
1499 - قوله: (في مَعْفُوجٌ)، الَمعْفُوجُ: مفعولٌ من عَفَجَ (2) بمعنى: نَكَحَ، فكأَنَّه بمعنى: مَنْكُوحُ، أو مَوْطُوءٌ. ونَصَّ الإمام أحمد على وجوب الحَدِّ بذلك، (3) وعلى هامش النسخة التي نقلت من خط الشيخ: المعْفُوج: المَنْكُوح.
1500 - قوله: (لجأَ)، أي: الْتَجَأَ به، ولَجأَ إِليه: صَارَ إِلَيْه.
__________
(1) سورة الفجر: 13.
(2) وأصل العَفَج: الضرب بالعصا، ثم كُنِّي به عن الجماع. (الصحاح: 1/ 329 مادة عفج).
(3) قال في: (الإنصاف: 10/ 211): "وهو صَرِيحٌ على الصحيح من المذهب وعليه الأصحاب". وقيل: إِنه كناية، يدُلّ عليه كلام الخرقي في: (المختصر: ص 192).
(3/753)
________________________________________
كتاب: القَطْع في السَّرِقة
القَطْع: مصدر قَطَع يَقْطَع قَطْعًا.
والسَّرِقةُ: من سَرقَ يسْرِقُ سَرْقًا، وسَرِقَةً، فهو سَارِقٌ، والشَّئُ" مَسْرُوقٌ وصاحِبُه: مسروقٌ منه، وفي الحديث: "لَعَن الله السارِقَ يَسْرِق البَيْضَةَ فتُقْطَع يَدُه، وَيسْرِق الحَبْل فَتُقْطَع يَدُهُ". (1) وقال الله عز وجل: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}. (2)
1501 - قوله: (مِن العَيْن)، أي: الذهب.
1502 - قوله: (الحِرْزِ)، المكان الحَرِيز، كما تَقَدَّم. (3)
1503 - (ثَمرًا)، الثَّمَرُ: مَعْروفٌ، وجَمْعُه: ثِمَارٌ: وهو حَمْلُ الأَشْجَار، مثل: التُّفَاح، والرُّمان ونحو ذلك، وقد أَثْمَرَت تُثْمِرُ ثَمَارًا. (4)
__________
(1) أخرجه مسلم في الحدود: 3/ 13104، باب حد السرقة ونصابها، حديث (7)، وابن ماجة في الحدود: 2/ 862، باب حد السرقة، حديث (2583)، والنسائي في قطع السارق: 8/ 58، باب تعظيم السرقة، وأحمد في المسند: 2/ 253.
(2) سورة المائدة: 38.
(3) انظر في ذلك: ص 539.
(4) وثمَارٌ: جمع ثَمَرٍ، وجمع الثِمَار: ثُمُرٌ، وذلك كَجَبَل وجِبَالٍ، وكتابٍ وكُتُبٌ. انظر: (الصحاح: 2/ 605 مادة ثمر).
(3/754)
________________________________________
1504 - قوله: (أَوْ كَثَرًا)، الكَثَرُ: طلْع النخل، قال الجوهري: "الكَثَرُ: الجُمَّارُ، وقيل: الطَلْعُ. قال: وفي الحديث: "لا قَطْع في ثَمَرٍ ولَا كَثَرٍ"، (1) وكذا ذكر غيره. (2)
1505 - قوله: (وتُحْسَم)، أصْلُه: القَطْع، وقد حَسَم الشَّيْءُ يَحْسِمُه حَسْمًا: وهو أَنْ يُغْلَى الزيت عند قَطْع اليَد، وتُوضَع اليدُ فيه، ليُقْطَع الدَمُ.
1506 - قوله: (النَّباش)، اسْمٌ لَمِن يَنْبِش القُبُور، ويأْخُذ أَكْفَان الَموْتَي. يقال: نَبَش يَنْبِشْ نَبْشًا، فهو نَبَّاشُ، وما يَنْبِشُه: مَنْبُوشٌ.
1507 - قوله: (في مُحَرَّمٍ)، مثل: الخَمْرِ، والخَنْزِيرِ، والَميْتَةِ ونحو ذلك.
1508 - قوله: (ولا في آلةِ لَهوٍ)، الآلَةُ: إِحدى الآلات، وآلة الشَّيْء: ما يُصْنَع به.
اللَّهْوُ: كلُّ مَا أَلْهَى، ثم اسْتُعْمِل فيما يُلْهِي عن الله، وعن عبادته،
__________
(1) انظر: (الصحاح: 2/ 803 مادة كثر بتصرف).
والحديث أخرجه أبو داود في الحدود: 4/ 137، باب ما لا قطع فيه، حديث (4388)، والترمذي في الحدود: 3/ 52، باب ما جاء لا قطع في ثمر ولا كثر، حديث (1449)، والنسائي في قطع السارق: 8/ 79، باب ما لا قطع فيه، وابن ماجة في الحدود: 2/ 865 باب لا قطع فيه، حديث (32)، وأحمد في المسند: 3/ 463, 4/ 140.
(2) انظر: (المصباح: 1/ 118، المغرب: 1/ 119، النهاية لابن الأثير: 4/ 152، غريب الحديث لأبي عبيد: 1/ 287.
(3/755)
________________________________________
ومنه محَرَّمٌ كـ "الغِنَاء"، (1) والزَّمْر، وشَبَّابَة الراعي، (2) والدُّفُ للرجال، (3) وذفُ الصُّنُوج (4) للنساء ونحو ذلك.
__________
(1) وليس ذلك على الإطلاق، بل إذا اقترن بالفُحْش والفُجُور، أو آلَات الطرب، وذكر الُمحَرَّم. أما إذا خلى من كلّ ذلك، فلا بأس بالغناء في المواصم مثل: الأعياد، والأعراس، والختان، وقدوم الغائب ونحو ذلك، وهذا ما يحمل عليه ما ورد من آثار في إباحته، وما ورد من الغناء عن بعض الصحابة والتابعين. ولهذا قال ابن عبد ربه: "أعدل الوجوه في هذا أن يكون سبيله سبيل الشعر، فحسنه حسن، وقبيحه قبح" انظر: (العقد الفريد: 6/ 9، ومقدمة محقق كتاب تحريم النرد والشطرنج والملاهي للآجري: ص 81، وكف الرعاع للهيثمي: ص 59 وما بعدها، وإغاثة اللهفان لابن القيم: 1/ 245).
(2) الشَبَّابةُ: هي اليراع، وقيل: هي الزمارة. واختلف الفقهاء في تحريمها، والصحيح الذي عليه الجمهور أنها مُحَرَّمة، إلَّا ما نقل عن بعض الشافعية أنها جائزة. انظر: (إغاثة اللهفان: 1/ 246، كف الرعاع للهيثمي: ص 112 - 113).
(3) فإِنَّ ضَرْب الرجال لَهُ اعتبره السلف تَخَنُّثًا، وقد جاء الوعيد لمن يفعل ذلك. قال شيخ الإسلام ابن تمية: "لما كان الغناء والضرب بالدف من عمل النساء كان السلف يسمون من يفعل ذلك مخنثًا، وشمون الرجال مخانيث، (مجموع الرسائل المنيرية: 2/ 171)، وقال ابن قدامة: "ففي ضرب الرجال به تشبه بالنساء، وقد لعن النبي - صلى الله عليه وسلم - المتشبهين من الرجال بالنساء" (المغني: 12/ 41).
وذهب بعض أهل العلم إلى جوازه بالإطلاق، واستدلوا بعموم قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث "أعلنوا النكاح واضربوا عليه بالدفوف" سبق تخريجه في ص 253. قال الحافظ ابن حجر في رد هذه الشبهة: "واسْتُدِلَّ بقوله: " ... واضْرِبُوا ... " على أن ذلك لا يخْتَصُّ بالنساء، لكنه ضعيف، والأحاديث القوية فيها الإذن في ذلك للنساء فلا يلْتَحِق بهِنَّ الرجال لعموم النهي عن التشبه بهن. (فتح الباري: 9/ 226).
(4) الصّنُوج: جمع صَنْجٍ، وهو عبارةٌ عن آلةٍ ذات أَوْتَارٍ يُضرَب عليها، وذكر الزبيدي أنَّ الصَنْج العرب هو الذي يكون في الدُّفوف ونحوه، وأما الصَّنج ذو الأوتار، فهو دخيل معرَّب يخْتصُّ به العَجَم. (تاج العروس: 2/ 67 مادة صنج).
(3/756)
________________________________________
كتاب: (1) قُطّاع الطريق
القُطَّاع: واحِدُهُم قَاطِع، وهو الذي يَقْطَع الطريق: الذي هو أَحدُ الطُرُق: الذي هو السبيل، فلا يدعُ أَحدًا يَمُرُّ فيه إِلَّا أخَذ مَالَهُ، أو قَتَلَهُ وأَخَذ مَالَهُ، فينْفَطِع الطريق بهذه العِلَّة.
1509 - قوله: (والُمحَارِبُون)، واحِدُهُم مُحَاربٌ: وهو اسْمُ فاعل من حَاربَ.
قال ابن فارس: "واشْتِقَاقُها من الحَرَب -يعني: بفتح "الراء" -: وهو السَّلْب، وهو مصدر حُرِبَ مَالَهُ: أي سُلِبَهُ. والحَرِيبُ: الَمحْرُوبُ، ورَجُلٌ مِحْرَابٌ: أي شُجَاع" (2) وقد قال الله عز وجل: {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}، (3) وفي الحديث: "وحَارَبُوا الله وَرَسُوله". (4)
1510 - قوله: (يعْرِضُون)، أي: يقفُون لَهُم في طريقهم، وعرضَ لَهُ،
__________
(1) كذا في (المغني: 10/ 30)، وفي (المختصر: ص 195): باب
(2) انظر: (مقاييس اللغة: 2/ 48 مادة بتصرف).
(3) سورة المائدة: 33.
(4) جزء من حديث أخرجه البخاري في الوضوء: 1/ 335، باب أبوال الإبل والدواب والغنم ومرابضها حديث (233)، كما أخرجه في التفسير: 8/ 273، باب "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ... ) حديث (4610)، وفي الحدود كذلك: 12/ 111، باب لم يُسْقَ المرتدون المحاربون حتى ماتوا حديث (6804).
(3/757)
________________________________________
وَيعْرِضُ لَهُ: إِذا وَقَف لَهُ.
1511 - قوله: (في الصَّحراء)، هي البَرِيةُ.
1512 - قوله: (فَيَغْصِبُونَهم المال)، يُقَال: غَصَب الَمالَ، فَيَتعدَّى إلى مَفْعُولٍ واحدٍ فالضمير المنصوب في "يَغْصِبُونَهم": مفعولٌ، و "المال" بَدَلٌ منه، والتقدير: "فيَغْصِبُون مالَهُم".
1513 - قوله: (مُجَاهَرةً)، أي: جِهَارًا غيْرَ خُفْيَةٍ.
1514 - قوله: (وصُلِبَ)، أي: رُفِعَ على جِذْعٍ ونحوه، وقد صُلِبَ يُصْلَبُ صَلْبًا، قال الله عز وجل: {أَوْ يُصَلَّبُوا}. (1)
1515 - قوله: (حَتّى يُشْتَهر)، أي: يَظْهَر أَمْرُة، وَيفْشُو بيْن النَّاس. واشْتُهِر الأَمْرُ يُشْتَهَرُ اشْتِهَارًا، فهو مُشْتَهَرٌ.
1516 - قوله: (أنْ يُشَرَّدُوا)، أي: يُطْرَدُوا. قال الجوهري: "التَّشْرِيدُ: الطَرْدُ"، (2) واسْمُ رجل: الشَّرِيد، (3) وهو الذي أسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - شِعْر أمية بن أبي الصلت. (4) والله أعلم.
__________
(1) سورة المائدة: 33.
(2) انظر: (الصحاح: 2/ 494 مادة شرد).
(3) هو الشريد بن سويد الثقفي، ويقال: كان اسمه مالكا، له صحبة، وعدّة أحاديث، وسمي بالشريد، لأنه شَردَ من المغيرة بن شعبة لما قتل رفقته الثقفيين، وهو زوج ريحانة بنت أبي العاص بن أمية، أخباره في: (الإصابة: 3/ 204، أسد الغابة: 2/ 520، التاريخ الكبير: 4/ 259).
(4) أخرج مسلم في الشعر: 4/ 1767، حديث (1)، عن عمرو بن الشريد، عن أبيه، قال: ردفت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوما فقال: "هل معك من شعر أمية بن أبي الصلت شعرًا؟ قلت: نعم. قال: "هيه" فأنشدته بيتا. فقال: "هيه" ثم أنشدته بيتا. فقال: "هيه" حتى أنشدته مائة بيت.
(3/758)
________________________________________
كتاب: الأَشْرِبة (1)
الأَشْرِبَة: جمع شَرابٍ: وهو كل ما يُشْرَب من حلاَلٍ وحَرَامٍ، ومن غيره.
1517 - قوله: (مُسْكِرًا)، المُسْكِر: اسْمُ فاعلٍ من أَسْكَر الشَّرَابُ فهو مُسْكِرٌ: إِذا جعل شَارِبَه سَكْران، أو كانت فيه قُوَّةٌ تَفْعَل ذلك.
قال الجوهري: "السكْرَان: خِلاَف الصَّاحِي، والجَمْع سَكْرَى، وسُكَارَى - بضم "السين" وفتحها - والمرأة سَكْرَى، ولُغَةُ بني أسد: سَكْرَانة. وقد سَكِرَ يَسْكَرُ سَكَرًا. مثل: بَطَر يَبْطَرُ بَطَرًا، والاسم: السُّكْرُ". (2)
1518 - قوله: (لَا خَلَقٍ)، بفتح "اللَّام": البَالي، وهو مَصْدَرٌ في الأَصل. (3)
1519 - قوله: (ولا جَدِيدٍ)، وهو ضِدُّ العَتِيق، وضِدُّ القَدِيم وَرُوِيْ: "ولا جَرِيد"، وهو جَمْع: جريدةٍ: وهي السَعَفَة. (4)
__________
(1) كذا في (المغني: 10/ 325)، وفي (المختصر: ص 196): باب: الأشربة وغيرها.
(2) انظر: (الصحاح: 2/ 687 مادة سكر بتصرف).
(3) أي: مصدر الأَخْلَق: وهو الأَمْلَس، والجمع: خُلْقَانٌ، قاله الجوهري في: (الصحاح: 4/ 1472 مادة خلق).
(4) هي غُصْن النخل، والجمع: سَعفٌ. انظر: الصحاح: 4/ 1374 مادة سعف). (1/ 142)
(3/759)
________________________________________
1520 - قوله: (ولا يُمَدُّ)، يعني: الَمضْرُوب.
1521 - قوله: (ولا يُرْبَط)، من رُبِطَ: وهو رَبْطُه بِحَبْلٍ أو نحوه.
1522 - قوله: (والعَصِيرُ)، هو عصيرُ العِنَب وغيره مِمَّا يُمكن تَخْمِيرُه، وهو فَعِيلٌ بمعنى مَفْعُول: أي الَمعْصُور.
1523 - قوله: (إِلَّا أَنْ يَغْلِي)، يقال: غَلَت القِدْرُ، تَغْلِي: إِذا ارتفع مَاؤُها من شِدَّة التَّسْخِين، فَغَلْيُ العَصِير: تَحَرُّكُه في وِعَائِه، واضْطِرَابه، كما يَغْلِي القِدْرُ على النار.
1524 - قوله: (وكذلك الَنَبِيذُ)، النبيذُ: اسْمٌ لِكُلِّ ما يُنْتَبَذُ من تَمْرٍ أو غيره، وأَصلُه فَعِيلٌ من الَمنْبُوذ: وهو الَمرْمِيُ كَأَنَّه رمَاهُ في الماء، وفي الحديث: "أَنبَذْتُ لَهُم تَمرًا" (1) وفي الحديث: "أَنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يُنْبَذُ لَهُ الزبيب"، (2) وفي الحديث: "لا تَنْتَبِذُوا في الدَبَّاء، والحَنْتَم، والنَقِير". (3)
__________
(1) لم أقف له على تخريج فيما وقع تحت يدي من مصادر. والله أعلم.
(2) أخرجه أبو داود في الأشربة: 3/ 333، باب في الخليطين، حديث (3707)، والنسائي في الأشربة: 8/ 299، باب ذكر ما يجوز شَرْبُه من الأَنْبِذَة وما لا يجوز.
(3) أخرجه الترمذي في الأشربة: 4/ 294 في الترجمة، والنسائي في الأشربة: 8/ 274، باب ذكر النهي عن نبيذ الدباء والنقير والمقير والحنتم، والدارمي في الأشربة: 2/ 117، باب النهي عن نبيذ الجَرِّ.
والدَّبَاء: وهي القَرعة، واحدها: دبَّاة، وهي هنا: اليابسة المجعولة وعاءً. (النهاية لابن الأثير: 2/ 96).
والحنتم: واحدتها حَنْتَمة: وهى جِرَارٌ جمع جَرَّة مدهونة خُضْرٌ كانت تُحْمل الخمر فيها إلى المدينة، ثم اتسع فيها فقيل للخَزف كُلُّه حَنْتَم. قال هذا أبو السعادات في: (النهاية: 1/ 448).
والنقِير: أصل النَخْلةُ يُنْقَر وَسَطة ثم يُنْبَذ فيه التمر، ويُلْقَى عليه الماء ليصير نبيذًا مُسْكَرًا. انظر: (جامع الترمذي: 4/ 294، النهاية لابن الأثير: 5/ 104).
(3/760)
________________________________________
1525 - قوله: (والخَمْرَة)، الخَمْرُ، يُذكَّر وُيؤَنَّث: وهو كلُّ ما خامَر العَقْل.
1526 - قوله: (قَدحٌ)، هو أَحدُ الأَقْدَاحِ: وهو إِناءٌ من خَشَبٍ معروف، وفي الحديث: "أن قدح النبي - صلى الله عليه وسلم - انكسر" (1).
1527 - قوله: (ضَبَّة)، قال الجوهريُّ: "هي حديدةٌ عريضَةٌ يُضَبَّب بها الباب". (2)
قال صاحب "المطلع": "يُريدُ أَنَّها في الأَصْل كذلك، ثم تُسْتَعْمَل في غير الحديد وفي غير الباب". (3)
1528 - قوله: (بالتَّعْزِير)، التَّعْزِير في اللُّغة: المَنْع، (4) يقال: عَزَرْتُه، وعَزَّرْتُه: إِذا مَنَعْته. قال الله عز وجل: {وتُعَزِّزوه}، (5) ومن ذلك سُمِّيَ التأديب الذي دون الحَدِّ تعزيزًا، لأَنَّه يَمْنَع الجاني من مُعَاوَدَة الذنب. (6)
قال السَّعْدِي: "يقال: عَزَّرْتُه، وقَّرْته: إِذا أَدَّبْتُه". (7)
__________
(1) جزء من حديث أخرجه البخاري في الخمس: 6/ 212، باب ما ذكر من درع النبي - صلى الله عليه وسلم - وعصاه وسيفه وقدحه وخاتمه، حديث (3109).
(2) انظر: (الصحاح: 1/ 168 مادة ضبب).
(3) انظر: (المطلع: ص 9).
(4) قال في (المغرب: 2/ 59): "وأصله من العَزْر بمعنى الرَدِّ والرَدْع".
(5) سورة الفتح: 9.
(6) انظر: (التعريفات: ص 62، المطلع: ص 374، أنيس الفقهاء: ص 174، النهاية في غرب الحديث: 3/ 228، الصحاح: 2/ 744 مادة عزر).
(7) انظر: (كتاب الأفعال له: 2/ 364 بتصرف).
(3/761)
________________________________________
1529 - قوله: (صائِل)، الصائلُ: القَاصِدُ الوثُوبُ عليه. قال الجوهري: "يقال: صال عليه: وثَبَ، صَوْلًا، وصَوْلَةً. والُمصَاوَلةُ: الُموَاثَبَةُ، وكذلك الصِيَالُ، والصِيَالَة". (1)
1530 - قوله: (عَصَى)، مقصورة: إِحدى العصِييِّ. قال الله عز وجل: {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى (17) قَالَ هِيَ عَصَايَ}، (2) وقال: {أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ}. (3)
وفي العَصَى منافعٌ عديدة. قال موسى: {قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} (4) منها: أنها عَوْنٌ على العِدَا، كالحيَّة، والعَقْرَب، وغيرهما من السِّباع والحيوانات.
1531 - قوله: (السفينةُ)، السفينة: إِحدى السُفُن، قال الله عز وجل: {وأَصْحَاب السفينةِ}، (5) وفي الحديث: "فأَلْقَتْنَا سَفِينَتُنا إلى النَجاشِيِّ فوافَقْنا جعْفَر وأَصْحَابَه حتى قَدِمْنا مَعَهُم، وقال لَهُم النبي - صلى الله عليه وسلم -: لكُم أَنْتُم في أصحاب السفينة هِجْرتَان". (6)
__________
(1) انظر: (الصحاح: 5/ 1746 مادة صول).
(2) سورة طه: 18.
(3) سورة الأعراف: 117.
(4) سورة طه: 18.
(5) سورة العنكبوت: 15.
(6) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار: 7/ 188، باب هجرة الحبشة، حديث (3876)، ومسلم في فضائل الصحابة: 4/ 1946، باب من فضائل جعفر بن أبي طالب، وأسماء بنت عميس وأهل يسفينتهم رضي الله عنهم، حديث (169).
أما النجاشي، فهو أصحمة ملك الحبثة، معدود من الصحابة رضي الله عنهم. أسلم ولم يهاجر توفي في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -. فصلى عليه بالناس صلاة الغائب، أخباره في: (سير الذهبي: =
(3/762)
________________________________________
1532 - قوله: (الُمنْحَدِرَة)، هي الآخِذَةُ في الخدُور: وهو الهُبُوط.
1533 - قوله: (على الُمصَاعِدَةِ)، أي: الُمرْتَقِية، يقال: صَعِدَ المكان، وفيه بكسر "العين"، وأصْعَد: أي ارْتَقَى. عن ابن سيدة. (1)
قال صاحب "المطلع": "فعَلَى هذا يقال: صَاعِدة". (2)
1534 - قوله: (الريح)، (3) هي إحْدَى الرِّياح.
قال نصَيْب: (4) ويروى: لـ"مجنون بني عامر". (5)
لَهَا فَرْخَانِ قَدْ تُرِكَا بِوَكْرٍ ... على فَنَنٍ تُصَفِّقُهُ الرِّياحُ
وذلك في القرآن كثير، كقوله تعالى: {وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ} (6) في غير مَوْضِع.
وقال في المفرد: {وَلَئِنْ أَرْسَلْنَا رِيحًا}، (7) وفي الحديث: "اللَّهُم اجْعَلْهَا
__________
= 1/ 428، الإصابة: 1/ 112، أسد الغابة: 1/ 119، مجمع الزوائد: 9/ 419، كنز العمال: 14/ 33).
أما جعفر، فهو ابن أبي طالب، الصحابي الجليل، سيد المجاهدين، ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأخو علي رضي الله عنهما، هجر الهجرتين، وغزا في سبيل الله حتى استشهد في غزوة مؤتة رضي الله عنه وأرضاه. أخباره في: (سير الذهى: 6/ 201، الجرح والتعديل: 2/ 482، حلية الأولياء: 1/ 114، أسد الغابة: 1/ 341، طبقات ابن خياط: ص 4، تهذيب التهذيب: 2/ 98، الشذرات: 1/ 12).
(1) انظر: (المحكم: 1/ 260 مادة صعد).
(2) انظر: (المطلع: ص 277).
(3) الثابت في (المختصر: ص 198): ريحٌ من غير "أل".
(4) انظر: (الحماسة لأبي تمام: 2/ 68)، وفيه: فَعُشُّهما تصفقه الرياح.
(5) انظر: (ديوانه: ص 74)، وفيه: لها فرخان في بَلَدٍ قِقَارٍ وعُشُّهما تمزقه الرِّياح.
(6) سورة الأعراف: 57.
(7) سورة الروم: 51.
(3/763)
________________________________________
رياحًا، ولا تَجْعَلها ريحًا"، (1) فإِنَّ الريحَ المُفْرَدةَ لم تَرِدْ في القرآن إِلَّا للعَذَاب، (2) وما وردتْ الرِّياح إِلَّا رَحْمَةً. (3)
1535 - قوله: (على ضَبْطِها)، أي: على إِمْسَاكِها. والله أعلم.
__________
(1) أخرجه الهيثمي في (المجمع: 10/ 135) وعزاه للطبراني، قال "وفيه حسين ابي قيس الملقب بحنش وهو متروك، وقد وثقه حصين بن نمير، وبقية رجاله رجال الصحيح".
كما أخرجه ابن حجر في (المطالب العالية: 3/ 238) وعزاه لمسدد وأبي يعلى، كما أخرجه الخطابي في: (غريبه: 1/ 679)، وفي (شأن الدعاء له: ص 190)، وابن الأثير في (النهاية: 2/ 272).
(2) ومنه قوله تعالى في سورة الذاريات: {وَفِي عَادٍ إِذْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ (41)} وقوله عز وجل في سورة آل عمران: 117 "كمثل ريحٍ فيها صِرٌّ أصابت حَرْثَ قَوْمٍ ... "
(3) ومنه قوله تعالى في سورة الحِجْر: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ}، وقوله في سورة الفرقان: 48 {وَهُوَ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ}.
(3/764)
________________________________________
كتاب: الجِهَاد
مصدر جاهَدَ يُجَاهِدُ جِهَادًا، ومُجَاهَدَةً. وجاهَدَ: فاعِلٌ من جَهَد: إِذا بالغَ في قَتْل عَدُوِّه وغيره. ويقال: جَهدَهُ المرضُ، وأَجْهَدَهُ: إِذا بلَغ به الَمشَقَّةَ، وجَهدتُ الفرسَ، وأَجْهَدْتُه: إِذا اسْتَخْرَجْتُ جُهْدَة، نقلها أبو عثمان، (1) والجَهْدُ - بالفتح -: الَمشَقَّةُ، وبالضَّم: الطَاقَةُ.
وقيل: يُقَال بالضَّم والفتح في كُلِّ واحدٍ منهما. (2)
فمادة (جَ هـ دَ) حيث وُجِدَت فيها معنى الُمبَالَغة، قال الله عز وجل: {وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ}، (3) وقال: ي {وَمَنْ جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ}. (4) وفي الحديث: "والجِهَاد"، (5) وفيه: "جهَادَكُنَّ الحَجَّ". (6)
__________
(1) انظر: (الأفعال له: 2/ 246).
(2) قال هذا الجوهري في: (الصحاح: 2/ 460 مادة جهد).
(3) سورة الحج: 78.
(4) سورة العنكبوت: 6.
(5) أخرجه البخاري في الإيمان: 1/ 77، باب من قال ان الإيمان هو العمل، حديث (26)، ومسلم في الإيمان: 1/ 88، باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، حديث (135)، والترمذي في البر: 4/ 310، باب منه، حديث (1898)، والدارمي في الجهاد: 2/ 201، باب أي الأعمال أفضل، وأحمد في المسند: 11/ 41 - 418.
(6) أخرجه البخاري في الجهاد: 6/ 75، باب جهاد النساء، حديث (2875)، وابن ماجة في الحج: 2/ 968، بلفظ آخر، باب الحج جهاد النساء، حديث (2901)، وأحمد في المسند: 6/ 67 - 68 - 71.
(3/765)
________________________________________
والجهادُ شرعًا: عبارة عن قِتَال الكُفّار خَاصةً. (1)
1536 - قوله: (فَرْضٌ على الكِفَاية)، معنى فَرضُ الكِفَاية: ما فَسَّرَهُ به: "إذا قام به قوم سقَط عن البَاقِين". (2)
1537 - قوله: (وغَزْوُ البَحْر)، الغَزْوُ: مصدر غَزَا يَغْزُو غَزْوًا.
والبَحْر: ضِدُّ البَرِّ، وجَمْعُه: بُحُورٌ وأَبحُرٌ، قال الله عز وجل: {وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ}، (3) وقال: {قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ} (4) وفي الحديث: "إِنَّا نَرْكَب البحر". (5)
1538 - قوله: (من غَزْوِ البَرِّ)، البَرُّ: ضِدُّ البَحْر، قال الله عز وجل: {هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}، (6) وقال: {ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ}. (7)
__________
(1) وهذا الإطلاق باعتبار الغالب. قاله في: (المغرب: 1/ 171، وأنيس الفقهاء: ص (18)، قال الحافظ ابن حجر في (الفتح: 6/ 3): "ويطلق أيضا على مجاهدة النفس، والشيطان والفساق".
(2) انظر: (المختصر: ص 198).
(3) سورة لقمان: 27.
(4) سورة الكهف: 109.
(5) أخرجه أبو داود في الطهارة: 1/ 21، باب الوضوء بماء البحر، حديث (83)، والترمذي في الطهارة: 1/ 101، باب ما جاء في ماء البحر أنه طهور، حديث (69)، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.
كما أخرجه النسائي في الطهارة: 1/ 44، باب ماء البحر، وابن ماجة في الطهارة: 1/ 136، باب الوضوء بماء البحر، حديث (386)، ومالك في الطهارة: 1/ 22 الطهور للوضوء حديث (12)، والدارمي في الطهارة: 1/ 186، باب الوضوء من ماء البحر.
(6) سورة يونس: 22.
(7) سورة الروم: 41.
(3/766)
________________________________________
1539 - قوله: (مع كُلِّ بَرٍّ وفَاجِرٍ، قال صاحب "المطالع": "يقال: رَجُلٌ بَارٌّ وبَرٌّ: إِذا كان ذَا نَفْعٍ وخَيْر ومعْروفٍ، ومن أسمائه تعالى: البَرُّ". (1)
وأما الفَاجِر: فالرَّجُلُ الُمنْبَعِث في المعاصي والَمحَارِم.
1540 - قوله: (وتمامُ الرِّبَاط)، مصدر رَابَط يُرَابِطُ رِبَاطًا، ومُرَابَطَةً: إِذا لَزِم الثَّغْرَ مُخِيفًا للعَدُوِّ. وأصله مِنْ رَبْط الخَيْل، لأن كُلًّا من الفَرِيقَيْن يَرْبِطُون خُيُولَهُم مستَعِدِّين لعَدُوِّهم، (2) قال الله عز وجل: {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ}. (3)
قال الشاعر: (4)
قَوْمٌ رِبَاطُ الخَيْل بيْن بُيُوتِهم ... وأَسِنَّةٌ زُرْقٌ يُخَلنْ نُجُومَا
1541 - (وإذا خُوطِبَ بالجهاد)، أي: وجَبَ عليه، لأَن الوجُوبَ من جملة خِطَاب الشرع.
1542 - قوله: (لأن الدَعوةَ)، بفتح "الدال" مِثل الدَّعوة من دَعَا الله عز وجل بخلاف دُعْوَة الوليمة، فانها بالضم. والادِّعَاءُ: فإنه بالكسر كما تقَدَّم ذلك.
1543 - قوله: (عبدَةُ الأَوْثَان)، يعني: الأَصْنَام كما تَقَدَّم.
__________
(1) انظر: (المطالع: 1/ 56 أ).
(2) انظر: (المطلع: ص 210).
(3) سورة الأنفال: 60.
(4) هي ليلى الأَخْيَلِية صاحبَه توبة. انظر: (شرح الحماسة للمرزوقي: 4/ 1609). وفيه: ... وَسْطَ بُيُوتهم.
(3/767)
________________________________________
1544 - قوله: (وهم صَاغِرُونَ)، أي: أذِلَّاءُ من الصَّغَار، وفُلاَنٌ أَصْغَر من فلانٍ: أَذَلَّ منه.
1545 - قوله: (أَنْ يَنْفِرُوا الُمقِلُّ مِنْهُم والُمكْثِر)، النَفْرُ: الخُروجُ إِلى العَدُوِّ، والمُقِلُّ يَعْنِي به: قَلِيلُ المال، والمُكْثِرُ: كثيرُ المال، قال الله عز وجل: {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا}. (1)
1546 - قوله: (يَفْجَأُهُم)، يَفْجَأ: أيُ: يَطْلَع عليهم بَعْتَةً، وقد فَجَأَهُ: إِذا أَتاهُ بَغْتَةً من غير استعدادٍ لَهُ، ومنه: مَوْتُ الفَجْأَة.
1547 - قوله: (غَالِبٌ)، أي: يَغْلِبُهم عن كَثْرةٍ، أوْ شَجاعةٍ، احترازًا مِمَّا إِذا فجأه عَدُوٌّ، لا ينالون منه مِن قِلَّةٍ ونحوها.
1548 - قوله: (كَلَبَهُ)، بفتح "الكاف" و"اللام": أي شَرَّهُ وأَذَاهُ.
1549 - قوله: (طاعِنَةٌ في السِّن)، أي: كبيرةٌ في العُمْر، والطَعْنُ في الشَّيْء: هو التَقَدُّم فيه. يقال: طعَنَ فُلاَنٌ في العُمْر: إِذا كَبُر.
1550 - قوله: (ومُعالجة الجَرْحى)، المعالجةُ: مفاعلةٌ، والمراد بها: العِلَاج، وهي المداواةُ ونحوه، وعالَج الطَبيبُ المريضَ: إِذا دَاوَاهُ بالدَّواء، فكأَنَّ المرأَة فعلت بالجريح كما يفعل الطبيب بالمريض، - من إِحْرَاق شَيْءٍ وَوَضْعِه على الجُرْح وعَصْب الجُرْح ونحو ذلك.
والجَرْحى: جمع جَرِيحٍ، كـ "طَرْحَى" وطَرِيحٍ.
__________
(1) سورة التوبة: 41.
(3/768)
________________________________________
1551 - قوله: (يَتَعلَّف)، يَعني: يَخْرُج للاحْتِشَاش والإِتيان بالعَلَف: وهو ما يُعَلَّف به الدَّواب، وفي الحديث: "أن أبا بكر علف راحِلتَين"، (1) وفي الحديث: ولا يَمُروا برَوْثٍ إِلَّا وجدوه علفًا لِدَوَابِهم". (2)
1552 - قوله: (ولا يَحْتَطِب)، يَعني: يَخْرُج للإتْيان بالحَطَب، وفي الحديث: "لَأنْ يذْهَب الرجل فيَحْتَطِب"، (3) وقد احْتَطَب يحْتَطِب احتطابًا: إِذا ذَهَب ابتغاء الحَطَب.
1553 - قوله: (ولا يُبَارِز عِلْجًا)، يقال: بَارزَ يُبَارِز بِرَازًا ومُبَارَزَةً والبِرَازُ، والبَرَازُ - بالفتح والكسر - اسْمٌ للفضاء الواسع.
والعِلْجُ: أحَدُ العُلُوج: (4) وهو الكَافِر.
قال ابن مالك: "العَلْجُ: مصدر أَعْلَجَتِ الإِبل، أَكَلت نَباتًا يقال لَهُ: العَلْجَان والرَّجُلُ الرَّجُلَ: غلَبَهُ في الُمعَالَجة: وهي الُمصَارَعة والُمقَاتَلة. قال: والعِلْجُ: الكَافر والضَّخْم من الرجال، والجِمال، وحُمُر الوَحْشِ، والرُّغْفَان، والعُلْجُ: جمع عَلُوج: وهو ما يُؤْكَل". (5)
__________
(1) سبق تخريجه في ص 487.
(2) أخرجه الترمذي في التفسير: 5/ 382 بلفظ قريب منه، باب ومن سورة الأحقاف، حديث (3258)، وأحمد في المسند: 1/ 436، 457.
(3) أخرجه البخاري في الزكاة: 3/ 335، باب الاستعفاف عن المسألة، حديث (1469)، (1470)، كما أخرجه في البيوع: 4/ 304، باب كسب الرجل وعمله بيده، حديث (2074)، (2075)، والترمذي في الزكاة: 3/ 64، باب ما جاء في النهي عن المسألة، حديث (680)، والنسائي في الزكاة: 5/ 71، باب الاستعفاف عن المسألة، وأحمد في المسند: 1/ 124، 2/ 243.
(4) وكذلك: أَعْلَاجٌ، ومَعْلُوجَاءُ، وعِلَجَةٌ. قاله في: (الصحاح: 1/ 330 مادة علج).
(5) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 446).
(3/769)
________________________________________
1554 - قوله: (من العَسْكَر)، العَسْكَر: القَوْم الذين هو مَعَهُم، وجَمْعُه: عَسَاكِر، وفي الحديث: "فلَمَّا مال هو لا إلى عسكرهم وهو لَا إلى عسْكَرِهم". (1)
1555 - (وإِذا سَبَى الإمامُ)، السَّبْيُ؟ هو الأَسْرُ كَما تَقدّم.
1556 - قوله: (مَنَ علَيهم)، هو مِن الَمنِّ: وهو الإِطْلاَق من غير عِوَضِ، قال الله عز وجل: {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} (2)
1557 - قوله: (فَادَى بِهم)، أي: أَطْلَقَهُم بِفِدَاءٍ: وهو أَنْ يأخذ بَدل الأَسير أسيرًا ممَّن قد أَسَرُوه مِنَّا ونحو ذلك.
1558 - قوله: (وإِنْ شَاءَ (3) اسْتَرَقَّهُم)، أي: جعَلَهُم رقيقًا.
1559 - قوله: (نكايةً)، مصدر: أَنْكَى نكايةً: إِذا فعل ما يكيدُ به للعَدُوِّ.
1560 - قوله: (في بَدْأَتِه)، أي: ابتداءِ حَرْبِه. ضِدّ رجْعَتِه.
1561 - قوله: (سَلَبَه)، يقال: سلَبَهُ، وأسْلَبَه سَلَبًا: إذا أخذَ ما عَلَيْه.
__________
(1) لم أعثر على الحديث بهذا اللفظ، ولكن أخرجه البخاري في الجهاد: 6/ 89 بلفظ "فلما مال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى عسكره، ومال الأخرون إلى عسكرهم باب لا يقول فلان شهيد حديث (2898)، كما أخرجه في المغازي: 7/ 471، باب غزوة خيبر، حديث (4202)، ومسلم في الإيمان: 1/ 106، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، حديث (179).
(2) سورة محمد: 4.
(3) في (المختصر: ص 200): وإنْ رَأَى.
(3/770)
________________________________________
والسَّلَب: قد فَسَّره الشيخ بَعْدَ ذلك. (1)
* مسألة: - أصَحُّ الروايتين: أَنَّ الدَّابة وَآلَتُها من السَّلَب. (2)
1562 - قوله: (الأَمَان)، الأَمَانُ: ضِدُّ الخَوْف، وهو مَصْدر أَمِنَ أَمْنًا وأَمَانًا، وهو من الأَمْن، قال الله عز وجل: {آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ}، (3) وفي الحديث: "أمنًا بني أرْفَدَة"، (4) عَنَى من الأَمْن.
1563 - قوله: (الحِصْنَ)، الحِصْنُ: هو المكان الذي يُتَحَصَّن فيه، وقد تَحَصَّن يتَحَصَّنُ تَحَصُّنًا، فهو مُتَحَصِّن، وما هو مُتَحَصَّنٌ: حِصْنٌ، وفي الحديث "حِصْنُ خَيْبَر". (5)
1564 - قوله: (فَنَفَق فَرَسُهُ)، نَفَق الشَّيءُ: ذَهَب، أَوْ مَات ومِنْ ذلك سُمِّيت النَفَقَة نفقةً. وقال صَاحب "الُمطْلِع": "نَفَقَتْ الدَّابَة - بفتح "الفاء" -: أي ماتَت. قال: ولا يُقال لِغَيْرها". (6)
__________
(1) قال في (المختصر: ص 201): "والدابة وما عليها من آلَتها من السَّلَب إذا قُتِل وهو عليها، وكذلك جميع ما عليه من الثياب والسلاح والحلي وإنْ كنزًا".
(2) قال في (الإنصاف: 4/ 151): "هذا المذهب وعليه جماهير الأصحاب" وهو اختيار الخرقي والخلال. انظر: (المختصر: ص 201، المغني: 10/ 429 - 430، المحرر: 2/ 175).
أما الرواية الثانية: أنَّ الدابة وآلتها ليستْ من السَّلب، وقيل: هي غنيمة.
قال في (الإنصاف: 4/ 151): "اختاره أبو بكر"، وزاد في (الكافي: 4/ 295): "واختارها الخلال" قال الزركشي: "ولا يَغُرَنَّك قول أبي محمد في الكافي أنه اختيار الخلال، فإِنّه وهم" (الإنصاف: 4/ 151).
(3) سورة قريش: 4.
(4) سبق تخريج هذا الحديث في: ص 181
(5) لم أقف للحديث على تخريج. والله أعلم.
(6) انظر: (المطلع: ص 217).
(3/771)
________________________________________
قال ابن درستويه: "إِلا أَنْ يُسْتَعَار لإِنْسَان مَحَلُّه في الإنسانية مَحَلَّ الدَّابة"، (1) وفي كتاب "مَنْ عاش بعد الموت": قِصَّة الذي نَفَق حِمَارُه فقال: "اللَّهُم لَا تَجْعَلْنِي من دُونِهِم يَنْفُق حِمَارِي، فقام يَنْفُض آذانَهُ". (2)
1565 - قوله: (هجينًا)، الهَجِينُ: هو الفرس الذي أُمُّه غَيْر عربية كما تَقَدَّم. (3)
1566 - قوله: (وَيرْضَخ)، بفتح "الضاد" - قال أبو السعادات: "الرَّضْخُ: العَطِيَّة القَلِيلة"، (4) وقال الجوهري: "الرَّضْخُ: العَطَاءُ ليس بالكَثِير" - (5) رَضَخْتُ لَهُ أَرْضَخُ رَضْخًا.
1567 - قوله: (مددًا)، قال ابن عباد في كتابه "المحيط": "المدد: ما أَمْدَدت به قومًا في الحرب". (6) وقال أبُو زَيد: "مَدَدْنا القَوْمَ: صِرنا مددًا لهم، وأمددناهم بِغَيْرِنا".
* مسألة: أَصَحُّ الروايتين: أَنَّ مَن أَدْرَك مالَهُ مَقْسُومًا أَنَّه أَحَقُّ به بِثَمَنِه. (7)
__________
(1) انظر: (تصحيح الفصيح لوحة 255 ب).
(2) انظر (كتاب من عاش بعد الموت لابن أبي الدنيا: ص 48 بتصرف).
(3) انظر في ذلك ص: 608.
(4) انظر: (النهاية في غريب الحديث: 2/ 228).
(5) انظر: (الصحاح: 1/ 422 مادة رضخ بتصرف).
(6) ومنه قوله تعالى في سورة الإسراء: {وَأَمْدَدْنَاكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ}.
(7) نقل هذه الرواية إسحاق بن إبراهيم، وهي اختيار القاضي، وقدَّمها الخرقي. انظر: (الروايتين والوجهين: 2/ 361، مختصر الخرقي: ص 203)، ومستند هذه الرواية ما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما فيما أخرجه الدارقطني في كتاب السير: 4/ 114، حديث (39) "قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: في رسول الله إني وجَدْتُ بعيرًا لي في الَمغْنَم =
(3/772)
________________________________________
1568 - قوله: (عُودًا)، هو أَحدُ الأَعْوَادِ، وفي الحديث: "وليَسْألَنَ العُودُ لم خُدِشَ العُود"، (1) وفي المثل: "زَوْجٌ مِن عُودٍ خَيْرٌ من قُعُودٍ". (2)
1569 - قوله: (حُوتًا)، هو أَحدُ الحِيتَان: وهو الواحد من السَّمَك، وفي الحديث: "حَتَّى الحوتُ في البحر"، (3) وقال الله عز وجل: {فَالْتَقَمَهُ الحُوتُ}. (4) يقال لَهُ: حُوتٌ، ونُونٌ، (5) وسَمَكة.
1570 - قوله: (أَوْ ظَبْيًا)، هو أَحدُ الظِّبَاء: وهي الغِزْلَان، ومقال في المؤنث ظَبَيَاتٌ.
قال الشاعر، (6) ورُبّما نُسِبَ إِلى المجنون:
__________
= فقال: إِذْهَب فإن وجدته فَخُذْه، وإِن وجَدتَهُ وقَدْ قسِّم أنت أَحَقُّ به بالثمن إذا أردت". أما الرواية الثانية - وهي أنه لا ثيء لمن أدرك مالَهُ مقسومًا - فقد نقلها أبو طالب وأحمد بن القاسم وسندي.
ومستند هذه الرواية ما أخرجه الدارقطني في السير: 4/ 113 - 114، عن عمر بن الخطاب أَن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: "من أدرك ماله قبل أن يُقْسَم فهو أحق به، وإن أدركه بعد أن قسم فليس لَهُ شَيْءٌ.
(1) لم أقف له على تخريج.
(2) هذا المثل لبنت ذي الاصبع العَدْوَاني، والمقصود بـ "القُعُود": هو القعود عن التزوج من المرأة القاعد. انظر: (المستقصى في الأمثال للزمخشري: 2/ 111، الجمهرة لأبي هلال: 1/ 503.
(3) أخرجه الترمذي في العلم: 5/ 48، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة بلفظ قريب منه حديث (2682)، وابن ماجة في المقدمة: 1/ 87، باب ثواب معلم الناس الخير، حديث (239)، والدارمي في المقدمة: 1/ 98، باب فضل العلم والعالم، وأحمد في المسند: 5/ 196.
(4) سورة الصافات: 142.
(5) والجمْع: أَنْوَانٌ ونِينَانٌ، ومنه ذُو النون، وهو لقب يونس بن متى عليه السلام. (الصحاح: 6/ 2210 مادة نون).
(6) اختلف في نسبة هذا البيت: فقيل: هو لمجنون ليلي، وهو في (ديوانه: ص 168) ونسبه قوم لذي الرمة وهو غير موجود في ديوانه، كما نسب إلى العرجي كذلك انظر: (الإنصاف في مسائل الخلاف لابن الأنباري: 2/ 482، أوضح المسالك لابن هشام: 3/ 303) وفيهما: بالله في ظَبِيَات القاع ...
(3/773)
________________________________________
أَيَا ظَبِياتِ القاعِ قُلْنَ لَنَا ... لَيْلاَي مِنْكُنَّ أم لَيْلَى من البَشَرِ
1571 - قوله: (سَرايَاهُ)، جمع سَرِيَّةٍ: وهي قِطْعَةٌ من الجَيْشِ، يَبْلُغ أَصْحَابُها: أربعمائة، تُبْعَثُ إِلى العَدُوِّ. سُمُّوا بذلك لأَنَّهم خُلاصة العَسْكَر وخيارُهم، من السَّرِيِّ النفيس.
وقيل: سُمّوا بذلك، لأَنَّهم يَنْفُذُون سِرًّا وخُفْية. (1)
قال صاحب "المطلع" وليس بالوجيه، لأن "لام" السِّرِ (2) "راء" (3) و"لام" السَّرِيّة "ياء"، قال: ويُحْتَمل أنَهم سُمّوا بذلك، لأَنَّهم يَسِيرُونَ". (4)
* مسألة: أصح الروايتين: أَنّ مَنْ فَضَل معه فَضْلٌ من طعامٍ، فأَدْخَلُه البلد، أَنَّه يطرحَه في الغَنِيمة. (5)
__________
(1) انظر: (النهاية في غريب الحديث: 2/ 363، الزاهر للأزهري: ص 284).
(2) في الأصل: السَرار.
(3) في الأصل: السَّرار، ولعلَّهُ سبقة قلَم من المصنف رحمه الله.
(4) انظر: (المطلع: ص 215)، وهذا كلام في معظمه لصاحب "النهاية: 2/ 363" كما صرح بذلك البعلي في المطلع. تأمل ذلك.
(5) الخلاف في هذه المسألة فيما إذا كان فضل الطعام قليلا، أما إِذا كان كثيرًا.
فقد قال القاضي: "لا تختلف الرواية أنه إذا كان كثيرًا لزمه رده" (الروايتين والوجهين: 2/ 355).
نقل ابن إبراهيم عن أحمد رحمه الله أنه إذا بلغ الطعام المأمن عليه طرحه في المقسم فظاهر هذا أن عليه رده كثيرًا أو قليلًا.
قال القاضي: "وهو اختيار أبي بكر الخلال"، وقدمه الخرقي في: (مختصره: ص 203). أما الرواية الثانية، وهي أنه لا يلزمه رده، نقلها أبو طالب.
انظر: (الروايتين والوجهين: 2/ 355).
(3/774)
________________________________________
1572 - قوله: (تغلَّبَ عليه العَدُوُّ)، يعني: غَلَبُوا عليه وأخَذُوه من أيْدِي الُمسْلِمين.
1573 - قوله: (النَّحْل)، (1) هو هذا الطائر الذي يُوجَد منه العَسَل، الواحدةُ: نَحْلَةٌ. قال الله عز وجل: {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} (2)
1574 - قوله: (يُحْرَق)، يقال: أُحْرِقَ يُحْرَقُ حَرْقًا، وحريقًا. ويقال: أَحْرَقَهُ، وحَرَّقَهُ تَحْرِيقًا.
وقال حسَّان: (3)
وهان على سَراةِ بَني لُؤَيٍّ ... حَرِيقٌ بالبُويرَةِ مُسْتَطيرُ
فأجابه أبو سفيان: (4)
أدامَ اللهُ ذلك من صَنِيعٍ ... وحَرَّق في نَواحِيَها السَّعِيرُ
1575 - قوله: (وتَعْزِل)، العَزْلُ عن المرأةِ: أن لاَ يُرِيقَ الماء في فَرْجِها، وقد عَزَل يَعْزِلُ عَزْلًا، وفي الحديث: "أنه عليه السلام سُئِلَ عن العَزْلِ". (5)
__________
(1) في المختصر: ص 204، النخل بـ"الخاء" المعجمة، وهو تصحيف.
(2) سورة النحل: 68.
(3) انظر: (ديوانه: 1/ 210).
(4) انظر: (السيرة لابن هشام: 2/ 272)، وفيه: وحرق في طرائقها السعير.
(5) جزء من حديث أخرجه البخاري في التوحيد: 13/ 391، باب قول الله تعالى: {هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ}، حديث (7409)، ومسلم في النكاح: 2/ 1062، باب حكم العزل، حديث (130)، وأبو داود في النكاح: 2/ 252، باب ما جاء في العزل، حديث (2172)، وابن ماجة في النكاح: 1/ 620، باب العزل، حديث (1926)، وباب الغيل، حديث (2011)، وأحمد في المسند: 3/ 22 - 47.
(3/775)
________________________________________
1576 - قوله: (ومَنْ غَلَّ)، الغَالُّ: هو الذي يَسْرِق من الغنيمة كما تَقَدَّم. (1)
1577 - قوله: (إِلَّا (2) النساء والمشَايخ)، ورُوِي: "إِلَّا النساء والرُهْبَان والمشايخ". (3)
1578 - (الرُهْبَان)، جَمْعُ رَاهِبٍ، قال الله عز وجل: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ}. (4)
والرَّاهِبُ: اسْمُ فَاعِل من رهَبَ: إِذا خَافَ - وهو مُخَتَصٌّ بالنَّصَارى، كانوا يترهَّبُون بالتَّخَلي عن أشْغَال الدنيا، وتَرْكِ ملاَذِّها، والزُهْد فيها، والعُزْلَة عن أهلها، وتَعَمُّدِ مشَاقِها - ويُجْمَع أيضًا على: رهَابِينَ، ورهَابِنَة، والرَّهْبَنَة: فَعْلَنَة، والرَهبانِية من التَّرَهُب أيضًا، وفي الحديث: "لا رهبانيةَ في الإِسلام". (5)
__________
(1) انظر في ذلك: ص 316
(2) الثابت في المختصر: ص 205، أو، وهو خطأ.
(3) انظر: (المختصر: ص 205).
(4) سورة التوبة: 34.
(5) قال ابن حجر: لم أره بهذا اللفظ، لكن في حديث سعد بن أبي وقاص عند البيهقي: أن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة (كشف الخفاء: 2/ 528). كما أخرج أحمد في المسند: 6/ 226 عن عائشة رضي الله عنها: أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لعثمان بن مظعون: "إنَّ الرهبانية لم تكتب علينا أفمَالَك فيَّ أُسوةً، فوالله إنْي أخْشاكُم لله وأحفَظُكُم لحُدُودِه".
وفي رواية أخرى عند الدارمي في النكاح: 2/ 133، باب النهي عن التبتل.
قال عليه السلام "في عثمان إِنْي لَم أُومَر بالرهبانية ... " كما أنَّ هناك أحاديث كثيرة في النهي عن التبتل، وهو في معنى الرهبانية.
(3/776)
________________________________________
كتاب: الجِزْيَة
الجِزْيةُ: ما يُؤْخَذ من الكُفَّار على إِقَامَتِهم تحت أيْدِي المسلمين. (1) قال الله عز وجل: {حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ}، (2) وفي الحديث: "وَيضَعُ الجِزْية". (3)
وأمَّا الجَزْيَة: فهي المرة من الإِجزاء، يقال: أجْزَأهُ جَزْيةً.
والجُزْيَةُ: الشيءُ الَمجْزِيُّ.
1579 - قوله: (ثلاَثُ طبقات)، جمع طبَقةٌ: وهي الدرجَة والرُّتْبَة.
1580 - قوله: (فانٍ)، الفَانِي: من قاربَ أن يُفْنَى: أي يَمُوت.
1581 - (ولا زَمِنٍ)، وهو مَن لاَ يقْدِر على القيام كما تقدم. (4)
__________
(1) وسَمَّاها صاحب (المغني: 10/ 567): "الوظيفة" قال: "وهي فَعلة من جَزَى يَجْزِي، إذا قَضَى ... تقول العرب: جَزَيْتُ ديني إِذا قضَيْته".
(2) سورة التوبة: 29.
(3) أخرجه البخاري في البيع: 4/ 414، باب قتل الخنزير، حديث (2222)، ومسلم في الإيمان: 1/ 135، باب نزول عيسى بن مريم حاكمًا بشريعة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، حديث (242)، وأبو داود في الملاحم: 4/ 118، باب خروج الدجال، حديث (4324)، والترمذي في الفتن: 4/ 506، باب ما جاء في نزول عيسى بن مريم عليه السلام، حديث (2334)، وأحمد في المسند: 2/ 240 - 272.
(4) انظر في ذلك ص: 609.
(3/777)
________________________________________
* مسألة: أصحّ الروايتين: لا تؤْكل ذَبَائِح بني تَغلب، ولا تُنْكح نِسَاؤُهم. (1)
1582 - قوله: (ومَن تَجَرَ)، يقال: تَجَرَ وَاتَّجَر: إذا تعَاطى التجارة، وهي التَّكَسُب بالبيع والشِّراء.
__________
(1) نقل الخرقي هذه الرواية، ووجه المنع: أنهم كانوا عبدة الأوثان، فانتقلوا إلى دين أهل الكتاب، ولم يعلم هل انتقلوا إلى دين المبدلين أو غيرهم، والأصل الحظر فغلب الحظر، على هذه الرواية، حكمهم حكم المجوس. (الروايتين والوجهبن: 2/ 387، مختصر الخرقي: ص 206).
أما رواية الإباحة فقد نقلها ابن منصور، وإبراهيم بن الحارث والأثرم.
ووجه الإباحة عندهم: أنهم دخلوا في دين أهل الكتاب يُقرُون عليه بالجزية فكانت ذبائحهم ومناكحتهم مباحة فهو كما لو دخلوا في دينهم قبل النسخ وقبل التبديل، وقد روي عن ابن عباس أنه رخص في ذبائحهم. (الروايتين والوجهين: 2/ 387).
(3/778)
________________________________________
كتاب: الصَّيْد والذَّبَائِح
الصَيْدُ في الأصل: مصدر صَادَ يَصِيدُ صَيْدًا، فهو صائِدٌ، ثم أُطْلِقَ الصَيْد على الَمصِيد، تَسميةٌ للمَفْعُول باسم الَمصْدَر، لقوله تعالى: {لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ}. (1)
والصَّيْدُ: ما كان مُمتَنِعًا حلالاً، لا مالك لَهُ. (2)
والذَبَائِح: جَمْع ذَبِيحة، والمراد هنا: الَمذْبُوح.
والذَّبْح: معروفٌ، وهو قَطْع الحُلْقُوم (3) والَمرِيءِ بِمُحَدَّدٍ مِمَّن هو أهْلٌ لِذلك.
1583 - قوله: (أو فَهْدَهُ)، الفَهْدُ: حيوان مفترس معروفٌ.
1584 - قوله: (البَازِي)، طائرٌ معروفٌ، وفيه ثلاث لغات:
__________
(1) سورة المائدة: 95.
(2) وفي (المغرب: 1/ 488): "الصيد: هو كُلُّ ممتنع متوحّش طَبْعًا لا يمكن أخذه إلا بحيلة" ولا بخفى ما عليه من اعتراض. تأمل ذلك.
(3) وقيل: قطع الأوداج، وهي جمع الوَدَج: وهو عرقٌ في العُنُق، وهما وَدَجَان. أما الحلقوم: فهو الحَلْق، وهو منفذ النَفَسِ من البطن. انظر: (المغرب: 1/ 303، أنيس الفقهاء: ص 277).
(3/779)
________________________________________
البَازِي: بوزن القَاضِي، وهي الفُصْحَى. والبَازُ: بوزن النَارُ، حكاهما الجوهري (1) والبَازِيُّ - بتشديد "الياء" حكاها أبو حفص الحميدي. (2)
1585 - قوله: (بَهيمًا)، تقدم (3) أنه الذي لا يُخَالِطُه غيره.
1586 - قوله: (أشْلَى الصائِدُ لَهُ عليه)، وُيرْوى: "أَشْلَى الصَائِدُ عليه" وقد أشْلاَهُ إِشْلاَء: (4) أي أرْسَلَهُ عليه حَتَّى يَقْتُلَه. (5)
1587 - قوله: (أَوْ تَردَّى)، تَردَّى: سقط في بِئْرٍ، أو تهوَّر من جَبلٍ. (6)
والترَّدِّي: الهلاَكُ أيضًا، وفي حديث بدءِ الوحي: "فذهَب مرارًا كي يتَرَدَّى من رُؤُوس شَواهِق الجِبَال"، (7) وفي حديث آخر: "ومَن تَردَّى من جَبلٍ فهو يَتَردَّى في نار جَهَنَّم". (8)
__________
(1) انظر: (الصحاح: 3/ 866 مادة بوز)، ومجمع الأول "البازي" على بزاةٌ مثل قضاة، والباز على أبوَازٌ مثل: بابٌ وأبواب، وبِيزَانٌ أيضًا مثل: نِيرَان.
(الصحاح: 3/ 866، الصباح: 1/ 54).
(2) كذا في (المطلع: ص 381) ولم أقف على ترجمة، ولعله: أبو نصر الحميدي، والله أعلم.
(3) انظر في ذلك: ص 260.
(4) أصل الإشلاء: الدُعَاء، تقول: أشلَيْت الشاةَ والناقَة، إِذا دَعَوْتَهُما بأسمائِهِما لتحلبَهُما وأنكر ثعلب قول الناس: أشليت الكلب على الصيد، وقال أبو زيد: أشليت الكلب: دعوته. انظر: (الصحاح: 6/ 2395 مادة شلا).
(5) قال في (المغني: 11/ 13): "ويحتمل أن الخرقي أراد دعاءه ثم أرْسَلَهُ، لأَن إِرسالَهُ على الصيد يتضمن دُعَاءَهُ إِليه".
(6) انظر: (الصحاح: 6/ 2355 مادة ردى).
(7) أخرجه البخاري في التعبير: 12/ 352، باب أول ما بدئ به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الوحي الرؤيا الصالحة، حديث (6982)، وأحمد في المسند: 6/ 233.
(8) أخرجه مسلم في الإيمان: 1/ 104، باب غلظ تحريم قتل الإنسان نفسه، حديث (175)، =
(3/780)
________________________________________
1588 - قوله: (فأبان منه عضوًا)، أي: فَصلَهُ منه.
* مسألة: أصحّ الروايتين: أنه إِذا ضَرب حيوانًا، فأبَان منه عضوًا يُؤْكَل الصيْد دُونَه. (1)
1589 - قوله: (الَمناجِلَ)، جمع مِنْجَلٌ. قال ابن مالك في "مثلثه": "الَمنْجَلُ: مَفْعَلٌ من نَجَل الشَّيْءَ: رمَاهُ، والولدُ: جاءَ به نَجِيبًا، والأَمْر: بَيَّنَهُ، وبالرُّمْح: طَعَنَ، والأَدِيمَ: سلَخَهُ من الرجْلَيْن، والصَّبِيُّ اللَّوحَ: مَحَاهُ، والأَكَّار (2) الأَرْضَ: شَقّهَا للزراعة.
والِمنْجَلُ: ما يُقْطَع به الزرع ونَحوه، والسِّنان الُموَسِّعُ خَرْقَ الطَّعْنَةِ.
والسائِقُ الحَاذِق، ومَاحِي ألْوَاح الصِبْيان، والرَّجل الوَلُودُ، والبعيرُ الذي يَنْجُل الكَمأَة بِخُفِّهِ.
والُمنْجَل: البعيرُ الذي أنْجَلْتَهُ: أي جَعَلْته يرعى نَجيلًا: وهو ضَرْبٌ من الحَمْضِ". (3)
__________
= والترمذي في الطب: 4/ 386، باب ما جاء فيمن قتل نفسه بسُمٍ أو غيره، حديث (2044)، والنسائي في الجنائز: 4/ 54، باب ترك الصلاة على من قتل نفسه.
(1) أي: دون العضو البائن. قال في (الإنصاف: 10/ 426): "وهو المذهب وعليه الأصحاب" وبه جزم صاحب (المذهب الأحمد: ص 193، والمحرر: 2/ 194) وإن بقيت في الصيد حياة مستقرة وذكي حل العضو كبقيته قاله في (الإنصاف: 10/ 426).
وإن أبانه ومات الصيد في الحال: حل الصيد كله. قال الزركشي: "وهو المشهور والمختار لعامة الأصحاب" (الإنصاف: 10/ 427).
أما الرواية الثانية يأكله وما أبان منه، حكاها الخرقي في (مختصره: ص 208).
(2) الأَكَّارُ: اسم فاعل للمبالغة من الأَكْر، وهو الشَقّ والحَرْثِ. والجمع منه: أكَرَةٌ. قاله في (المصباح: 1/ 22).
(3) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 684 - 685).
(3/781)
________________________________________
1590 - قوله: (بالِمعْرَاض)، قال القاضي عياض في "مشارقه": "الِمعْرَاضُ: خَشَبَةٌ مَحْدُودَةُ الطرف، وقيل: فيه حَدِيدَةٌ، وقيل: سَهْمٌ بلا ريشٍ". (1)
قلتُ: هو شَيْءٌ كالعَصا يُفْقَس به الصَيْد، فإنْ قَتلهُ بعَرضِه، لم يُؤْكَل، (2) وإِن كان بحدِّه أَكِل.
وجمعُه: مَعَارِيض، والمعاريضُ أيضًا: ما يُعَرَّضُ بِها من غير تصريح. (3)
1591 - قوله: (نَدَّ بَعِيرُهُ)، نَدَّ: أي شَرَد، يقال: نَدَّ البعيرُ - بفتح "النون" - يَنِدُّ - بكسرها - نَدًا، ونِدَادًا: نَفَر وذهَبَ على وجهه شَارِدًا. (4)
وفي الحديث: "فَنَدَّ بَعيرٌ، وفي القوم خَيْلٌ يسيرةٌ فرَماهُ رَجُلٌ بِسَهْمٍ فأثبَتُه فقال عليه السلام: إِنَّ لهذه الإِبل أوَابِدَ كأوَابِد الوَحْشِ، فما نَدَّ منها فافعلوا به هكذا". (5)
1592 - قوله: (يُسِيلُ دَمُه)، بضم "الياء" الأولى، ورُوِي: "يَسيلُ
__________
(1) انظر: (المشارق: 2/ 73 بتصرف).
(2) قال أحمد رحمه الله: "فيكون موقوذًا فلا يباح" انظر: (المغني: 11/ 25)
(3) ومنه قوله تعالى في سورة البقرة: 235: "ولا جناح عليكم فيما عرضتم به من خِطْبة النساء"
(4) انظر: (الصحاح: 2/ 543 مادة ندد).
(5) أخرجه البخاري في الجهاد: 6/ 188، باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم حديث (3075)، ومسلم في الأضاحي: 3/ 1558، باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم، إِلاّ السن والظفر وسائر العظام، حديث (20)، وأبو داود في الأضاحي: 3/ 102، باب في الذبيحة بالمروة، حديث (2821)، والترمذي في الأحكام والفوائد: 4/ 82، باب ما جاء في البعير والبقر والغنم إِذا نَدَّ، حديث (1492)، وابن ماجة في الذبائح: 2/ 1062، باب ذكاة الناد من البهائم، حديث (3183)، وأحمد في المسند: 3/ 413 - 464.
(3/782)
________________________________________
بفتحها - به دَمُه" (1) بزيادة "به".
1593 - قوله: (البُنْدُق)، واحِدُهُ بُنْدُقَةٌ، ويُجْمَع أيضًا على بَنادِق، وهو طينٌ يُبَنْدَقُ وُيرْمَى به على قوسٍ كَقَوْسِ النَشَّاب.
1594 - قوله: (لأنه مَوْقوذٌ)، (2) يقال: مَوْقُوذٌ، وَوَقيذٌ، ومَوْقُوذَةٌ. والموقوذُ: اسْمُ مَفْعُول، والوقيذُ: فَعيلٌ بمعنى مَفْعُولٌ.
والَموْقُوذَةُ: المقتولَةُ بالخَشَب.
قال قتادة: (3) "كانوا في الجاهلية يَضْرِبُونَها بالعصا، فإِذا ماتت أكَلُوها". (4)
قلتُ: بل الموقوذةُ: كُلُّ ما قُتِل بغَيْرِ مُحَدَّدٍ - قال الله عز وجل: {وَالْمَوْقُوذَةُ} (5).
1595 - قوله: (وإنْ طَفا)، يقال: طَفا الشَيْءُ يَطْفُو، فهو طافٍ: إِذا مات في الماء. (6)
__________
(1) كذا في المختصر: ص 209.
(2) كذا في المغني: 11/ 37، وفي المختصر: ص 209: "لأنه موقوذة".
(3) هو قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز، وقيل: ابن دعامة بن عكاية المفسر، الحافظ القدوة، أبو الخطاب السَّدُوسي البصري الضرير، روى عن أنس بن مالك، وابن المسيب، وأبي العالية، والحسن البصري وغيرهم توفي 118 هـ. أخباره في: (سير الذهبي: 5/ 269؛ التاريخ الكبير: 7/ 185، معجم الأدباء: 9/ 17 - 10، وفيات الأعيان: 4/ 85، طبقات القراء: 2/ 25، طبقات المفسرين للداودي: 2/ 43، الشذرات: 1/ 153).
(4) هذا الأثر أخرجه الطبري في (تفسيره: 6/ 69)، وابن عطية في (المحرر الوجيز: 4/ 336)، وابن كثير في (تفسيره: 3/ 15)، والقرطبي في (جامعه: 6/ 48).
(5) سورة المائدة: 3.
(6) وكذلك: عَلا ولم يَرسُب، قاله الجوهري في (الصحاح: 6/ 2413 مادة طفا)
(3/783)
________________________________________
1596 - قوله: (وذَكاةُ)، الذَّبحُ، يقال: ذَكَّى الشاة ونحوها تذكيةً: ذبَحها والاسم: الذكاةُ، والمذْبُوح: ذكِيٌّ فَعِيل بمعنى مَفْعُولٌ.
1597 - قوله: (في الحَلْق)، هو الحُلْقُوم: وهو ما تحت الحَنْك من الرقبة.
1598 - قوله: (واللَّبَة)، قال الجوهري: "اللَّبَةُ: الَمنْحَرُ، والجمع: اللَّبَات". (1)
قُلتُ: لعلَّها حُفْرَةُ الحَلْق. (2) والله أعلم.
1599 - وقوله: (يُنْحَر البَعيرُ)، النَّحر: هو أنْ يَطْعَنَها وهي قائمةٌ في الوَهْدَة التي بين أصل العُنق والصَّدر - (3) وقد نَحَر يَنْحَر نَحْرًا، وربَّما أُطْلِق النَّحْرُ على الذبح، كما قال الشاعر: (4)
ألاَ في ليت حُجْرًا ماتَ موتًا ... ولم يُنْحَر كما نُحِر البَعيرُ
وكان قد نُحِر.
1600 - قوله: (ويذْبَح ما سِوَاه)، يقال: ذَبَح يَذْبَح ذَبْحًا. إِذا ذكَّاه، أو قطع حُلْقُومَه بسكِّين ونحوها.
1601 - قوله: (السَكِّين)، هي الُمدْيَة، (5) وجمْعُها: سكَاكِين، ومُدًى،
__________
(1) انظر: (الصحاح: 1/ 217. مادة لبب).
(2) قال في (المغني: 11/ 44): "وهي الوهدة التي بين أصل العنق والصدر، ولا يجوز الذبح في غير هذا بالإجماع".
(3) قال الجوهري: "والنحر في اللَّبَة: مثل الذبح في الحلق" (الصحاح: 2/ 824 مادة نحر).
(4) هي هند بنت زيد بن مخرمة الأنصارية ترثي حُجر بن عدي. (الأغاني: 17/ 154)،
(5) الُمدْية: بضم "الميم"، وقد تكسر، كذا قال الجوهري في: (الصحاح: 6/ 2490 مادة مدى).
(3/784)
________________________________________
وفي الحديث: "أنَّ سُلَيمان قال: ائتُونِي بالسكِّين أشقُهُ بينهما. قال أبو هريرة: إِنْ سَمِعْتُ بالسكين إِلَّا يومئذٍ، وما كُنَّا نقول إِلَّا الُمدْيَة". (1)
وفي الحديث: "وليس لنا مُدًى" (2).
1602 - قوله: (حَتًى تُزْهَق نَفْسُه)، يقال: زَهَقتْ نَفْسُه تُزْهَقُ زُهُوقًا: إِذا فارَقَتْهُ، وكادت نَفْسُه تُزْهَق. (3)
وقال ابن مالك: "الزَّهَقُ - بفتح "الزاى" و"الهاء" -: الُمطْمَئن من الأَرض، ومصدر زَهِقَ: بمعنى نَزِقَ، فهو زَاهِقٌ، والزِّهِقُ لُغَةٌ فيه. قال: والزُّهُقُ: جمع زَهُوقٌ: وهي البئْر البَعِيدَة القَعْر، وفَجُّ الجَبل الُمشْرِف، وفَعُول من زَهِقَ بمعنى سبق وتَقَدَّم وبمعنى: بطل". (4)
1603 - قوله: (فإِنْ كَان أخْرَس)، الأَخْرَسُ: الذي لا يَقْدِر على الكلام، وقد خَرِسَ يَخْرَسُ خَرَسًا، فهو أخْرَسُ.
__________
(1) أخرجه البخاري في الأنبياء: 6/ 458، باب: "ووهبنا لداود سليمان نعم العبد إِنّه أواب"، حديث (3427)، كما أخرجه في الفرائض: 12/ 55، باب إِذا ادَّعت المرأة ابْنًا، حديث (6769)، ومسلم في الأقضية: 3/ 1345، باب بيان اختلاف المجتهدين، حديث (20)، والنسائي في أدب القضاء: 8/ 206، باب حكم الحاكم يَعْلَمُه، وأحمد في المسند: 2/ 340.
(2) جزء من حديث أخرجه البخاري في الجهاد: 6/ 188، باب ما يكره من ذبح الإبل والغنم في المغانم بلفظ قرب منه، حديث (3075)، كما أخرجه في الشركة: 5/ 131، باب قسمة الغنائم، حديث (في 248)، ومسلم في الأضاحي: 3/ 1558، باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم حديث (20)، وأبو داود في الأضاحي: 3/ 102، باب في الذبيحة بالمروة، حديث (2821)، والترمذي في الأحكام: 4/ 81، باب ما جاء في الزكاة بالقصب وغيره، حديث (1491)، وأحمد في المسند: 3/ 463 - 464.
(3) أي تخرج وتفارقه، ومنه قوله تعالى في سورة التوبة: {وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ}.
(4) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 285).
(3/785)
________________________________________
1604 - قوله: (أَوْمَأَ إِلى السَّماء)، أي: أَشَار، والإِيماء: الإِشارةُ بيَدٍ، أوْ رَأْسٍ، أو غيرهما.
1605 - قوله: (الحُمُر)، واحدها حِمَارٌ.
1606 - (والأهليةُ)، إحْتَرز من الوَحْشِية، وفي الحديث: "أنَّه نهى عن لُحُوم الحُمُر الأَهْلِية"، (1) وفي رواية: "الأَنْسِية" (2) بفتح "الهمزة" ويجوز كسرها.
1607 - قوله: (تَفْرِس)، بكسر "الراء": أي تُكْسَر به الفَرِيسَة، وهي (3) ما يقْتُلُها ليَأْكُلَها، وفي التوراة: "ولَحْمُ فَرِيسَةٍ في الصحراء لا تَقْرَبُوه". (4)
قال ابن مالك: "الفَرْسُ: ريحُ الحَدَبِ، ومصدر فُرِسَ، فهو مَفْرُوسٌ بَيِّن الفِرْسَة: أيْ أحْدَب، والفَرْسُ أيضًا: مصدر فَرسَهُ: أطْعَمَهُ فَرَاسًا: وهو تَمْرٌ أسْوَدٌ، ومصدر فَرسَ السَّبُعُ الفَرِيسَةَ: كَسَّرها، والذَّابحُ الذبيحَة: كَسر عُنُقَها في الذَبْح، والرَّجُلُ الشَّيْءَ: قَتَلَهُ.
__________
(1) و (2) أخرجه البخاري في الذبائح والصيد: 9/ 653، باب لحوم الحمر الانسية، حديث (5521)، (5522)، (5523)، ومسلم في النكاح: 3/ 1027، باب نكاح المتعة وبيان أنه أبيح ثم نسخ حديث (30)، (31)، (32)، والترمذي في النكاح: 3/ 429)، باب ما جاء في تحريم نكاح المتعة، حديث (1121)، وابن ماجة في الذبائح: 2/ 1065، باب لحوم الحمر الوحشية، حديث (3193)، (3196)، والدارمي في الأضاحي: 2/ 86، باب في لحوم الحمر الأهلية.
(3) قال الجوهري: "وقد نهِي عن الفَرْس في الذبح، وهو كسر عَظْم الرقبة قبل أنْ تبرد. . وأصل الفَرْس دقُّ العُنق، ثم كثر واستعمل حتى صُيِّر كلُّ قتل فَرْسًا" (الصحاح: 3/ 958 مادة فرس).
(4) انظر: (سفر اللاويين: 7/ 203 بتصرف).
(3/786)
________________________________________
والفِرْسُ: ضَرْبٌ من النَبْت. والفُرْس: قَوْمٌ، وجمع فَرِيسٍ: وهي حَلْقَةٌ من خَشَبٍ تُشَدُّ في طَرَفِ الحَبْل، ولُغةٌ في الفَرِيص: وهي عُرُوق الرقَبة". (1)
1608 - قوله: (وذي مِخْلَبٍ)، هو الظُّفْر الذي يعْلَق الشيء، يقال: خَلَبهُ يَخْلُبُه خَلْبًا: إذا أخَذَه بِمِخْلاَبِه.
قال ابن مالك: الَمخْلَبُ: مَفْعَلٌ من خَلَب: إذا خَدَع. قال: والِمخْلَبُ من السَّبعُ، والطائِر: معروفٌ (2) وقال: وهو أيضًا: مِنْجَلٌ بلا أسْنَانٍ. قال: والُمخْلَبُ: مفعول من أخْلَبَهُ: إذا وجَدَهُ خَالبًا: أي خَادِعًا: وهو أيضًا مُفْعَلٌ من أخْلَبَ [الماءُ]: (3) إذا صَارَ ذَا خُلْبٍ". (4)
1609 - قوله: (الضَّبُعُ)، هو أحدُ الضِّباع: وهو حيوانٌ معروفٌ. ويقال للأنثى: ضَبُعَةٌ، (5) ويقال لها: أُمُّ عَامِرٍ.
قال الشاعر: (6)
ومَنْ يَصْنَع المعروفَ مع غير أهْلِه ... يُلاَقِ الذي لاَقَى مُجِيرُ أُمِّ عَامِر
__________
(1) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 478 - 479).
(2) وهو كالظفر من الإنسان.
(3) زيادة من المثلث يقتضيها السياق.
(4) انظر: (إكمال الأعلام: 2/ 603).
(5) وأنكرها الجوهري. قال: "لأن الذكر ضِبْعَانٌ، والجمع ضَبَاعينُ، مثل: سِرْحَانٌ، وسَراحِينُ، والأنثى: ضِبْعَانة، والجمع ضِبْعَانَات وضِبَاعٌ، وهذا الجمع للذكر والأنثى مثل: سَبْعٌ وسِبَاعٌ. (الصحاح: 3/ 1247 - 1248 مادة ضبع).
(6) هو أعرابي كما في (البيان والتبيين: 2/ 109، والمستقصى للزمخشري: 2/ 232، والأمثال للميداني: 3/ 26).
والبيت أصبح مثلا يضرب لمُصْطَنِع المعروف في غَيْر أهْلِه "كمُجِير أُمِّ عَامِر".
(3/787)
________________________________________
وذلك أنَّ قومًا طَردُوا ضَبُعًا ضعيفًا، فدخَل على رَجُلٍ خَيْمَتَهُ، فقام إِليهم وردَّهُم عنه، وأجَارَهُ منهم، وجَعَل يَسْقِيه اللَّبَن حتى سَمِنَ وصَحَّ، فلَمَّا قَوِيَ تركَهُ نائمًا وقتلَهُ، فقال بعْض عَمِّه فيه هذه القَصِيدَة، وقد رويناها في غير ما مَوْضِعٍ.
1610 - قوله: (والضَّبِ)، هو حيوانٌ معروف يكون بِنَجْدٍ - وفي الحديث: "أنه عليه السلام أُتِيَ بَضَبٍّ مَحْنُوذٍ". (1)
وورد في حديث: "أضبٌ" - (2) جَمع ضَبٍّ.
1611 - قوله: (التُّريَاق)، بضم "التاء"، (3) ويجوز فيه دُرْيَاقٌ، ومنه كبير، فيه لُحُوم الحيَّات، ومنه صَغيرٌ ليس فيه ذلك. (4)
1612 - قوله: (أنَّ السُّمَ)، السُّمُ - بضم "السين" وفتحها وكسرها -: كلُّ ما يَقْتُل إِذا شُرِبَ، أوْ أُكِلَ.
__________
(1) جزء من حديث أخرجه البخاري في الذبائح والصيد: 9/ 663، باب الضب، حديث (5536)، ومسلم في الصيد والذبائح: 3/ 1543، باب إباحة الضب، حديث (43)، وأبو داود في الأطعمة: 3/ 353، باب في أكل الضب، حديث (3794)، ومالك في الاستئذان: 2/ 968، باب ما جاء في أكل الضب، حديث (10)، وأحمد في المسند: 4/ 65 - 89.
المحْنُوذُ: المَشْوِيُّ، وقيل: مَشْوِيُّ بالحجارة المحماة، يقال: حَنِيذٌ ومَحْنُوذٌ، كقتيلٍ ومقْتُولٍ. (النهاية لابن الأثير: 1/ 450، غريب الحديث للحربي: 2/ 471 - 472).
(2) جزء من حديث أخرجه البخاري في الهبة: 5/ 203، باب قبول الهدية، حديث (2575)، ومسلم في الصيد: 3/ 1545، باب إباحة الضب، حديث (46)، وأبو داود في الأطعمة: 3/ 353، باب في أكل الضب، حديث (3793).
(3) وكسرها كذلك، حكاه الجوهري في: (الصحاح: 4/ 1453 مادة ترق).
(4) قال في (المغني: 11/ 82): "الترياق: دواءٌ يتعالج به من السُّم ويجعل فيه من لحوم الحيات، فلا يباح أكله ولا شربه، لأن لحم الحية حرام".
(3/788)
________________________________________
1613 - قوله: (كالدُّهْن)، هو أحدُ الدِّهَان: وهو كلُّ ما يُدْهَنُ به من زَيْتٍ وسَمْنٍ ونحو ذلك.
1614 - قوله: - (واسْتَصْبَح به)، الاسْتِصْبَاحُ: الإِسْرَاجُ، وقد اسْتَصْبَح يَسْتَصْبحُ استصباحًا. وما يُسْرَجُ فيه: مِصْبَاحٌ، وجَمْعُه: مَصَابيحٌ. قال الله عز وجل: {وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ}، (1) وقي الحديث: "والبُيوتُ يَوْمَئذٍ ليس فيها مصابيح". (2)
__________
(1) سورة الملك: 5.
(2) أخرجه البخاري في الصلاة: 1/ 491، باب الصلاة على الفراش، حديث (382) ومسلم في الصلاة: 1/ 367، باب الاعتراض بين يدي المصلي، حديث (272)، والنسائي في الطهارة: 1/ 85، باب ترك الوضوء من مس الرجل امرأته من غير شهوة.
(3/789)
________________________________________
كتاب: الأَضَاحي
الأَضَاحي: جمع أُضْحِيَّةٌ - بضم "الهمزة" وكسرها، وتشديد "الياء" - وضَحِيَّةٌ بوزن هَدِيَّة، وتُجْمَع أيضًا على ضَحَايا - بوزن هَدَايا - وأضْحَاةٌ. (1)
سُمِّيت بذلك، لأَنَّها تُذْبَح في ضُحَى يوم النَّحْر.
1615 - قوله: (ولا بَشَرَتِه)، البَشَرَةُ: المرادُ بها هنا: الأَظْفَار وغيرها من الجِلْد ونحوه. وذكر غير واحدٍ من أهل اللُّغة: أنَّ البَشَرَة: الجِلْد. (2)
1616 - قوله: (الصُّوفةُ)، والصُّوفةُ: إِحْدَى الصُّوف، وليس المرادُ صوفَةٌ مُفردةٌ، وإِنَّما المرادُ الجِنْس. وتُجْمَع الصُّوفُ أيضًا على أصْوَافٍ. قال الله عز وجل: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا}. (3)
1617 - قوله: (العَوْرَاءُ البَيِّنُ عَوَرُها)، العَوْرَاءُ: ذاهِبَةُ العَيْن، والمرادُ: الظاهِر عَوَرُها.
__________
(1) وتجمع هذه أيضًا على أضْحىً، كما يقال: أرْطاةٌ وأرْطىً، وبها سُمِّي يوم الأضحى قاله في: (الصحاح: 6/ 2407 مادة ضحا).
(2) انظر: (الصحاح: 2/ 590 مادة بشر، المصباح: 1/ 56، مقاييس اللغة: 1/ 251، القاموس المحيط: 1/ 386، مادة بشر، المغرب: 1/ 74).
(3) سورة النحل: 80.
(3/790)
________________________________________
1618 - قوله: (والعَرْجَاءُ البَيِّنُ عَرجُها)، أي: الظاهِر عَرَجُها. (1)
1619 - قوله: (والمريضةُ)، هي مَن أصابَها المرض. (2)
1620 - . قوله: (والعَجْفَاء التي لا تُنْقِي)، العَجْفاءُ: الضَعِيفةُ. وقوله: "لا تُنْقِي" - بضم "التاء" وكسر "القاف" -: من أَنْقَت الإِبل، إذا سَمِنَت - وصار فيها نِقْيٌ: وهو الُمخُّ، وشَحْمُ (3) العَيْن - من السِمَن.
1621 - (والعَضْبَاءُ)، العَضَبُ: القَطْع، ثم فَسَّره الشيخ: "بأنَّه ذهابُ أكْثَر من نِصْف الأُذُن، أوْ القَرَن". (4)
1622 - قوله: (الجَازِر)، (5) هو القصَّاب الذي يَذْبَح، يقال لَهُ: جَازِرٌ، وجَزَّارٌ. وفي الحديث: "ولا تُعْطِى الجَازِر"، (6) وفي رواية منه: "الجَزَّارُ منها شيئًا". (7)
1623 - قوله: (والعقيقةُ)، العقيقةُ في الأَصل: صُوف الجذَع، وشَعَرُ
__________
(1) العَرَج - بفتح "الراء" -: إِذا أصَابَهُ شَيْءٌ في رجله فَخَمع ومَشى مَشْيَةَ العُرْجَان، وليس بِخِلْقَةٍ، فإذا كان ذلك خِلْقَةً، قلت: عَرِجَ بكسر "الراء". (المصباح: 1/ 328).
(2) قيَّدها الشيخ "بأنَّها التي لا يرجى برؤها". (المختصر: ص 212).
(3) أي: مُخُ العظم، ومنه نَقَوْت العظم ونقَيْتُه إذا اسْتَخْرَجْتَ نَقْيَهُ، ومنه النِقْوُ بالكسر في قول الفراء: "كل عظم ذي مُخٍّ، والجمع: أَنْقَاءُ" (الصحاح: 6/ 2515 مادة نقا).
(4) انظر: (المختصر: ص 213).
(5) كذا في المغني: 11/ 110، وفي المختصر: ص 213: الجزار.
(6) و (7) أخرجه مسلم في الحج: 2/ 954، باب في الصدقة بلحوم الهدي وجلودها وجلالها حديث (348)، وابن ماجة في المناسك: 2/ 1035، باب من جلل البدنة، حديث (3099)، وأحمد في المسند: 1/ 79 - 112 - 132 - 154.
(3/791)
________________________________________
كلِّ مُوْلُود من الناس والبهائم الذي يُولَد وهو عليه. (1) قاله الجوهري. (2)
وقال غيره: العقيقةُ: "الذَبِيحَة التي تُذْبَح عن المولود يوم سَابِعه". (3)
وأصل العَقِّ: الشِّقُ، فقيل: سُمِّيت هذه الشاة عقيقةً، لأَنَّها يُشَقُّ حَلْقُها. وقيل: سُمِّيت عقيقةً، باسْمِ الشَعَر الذي على رأْس الغلام. (4)
قال صاحب "المطلع": "وهو أنْسَب من الأول". (5)
1624 - قوله: (أجْدَالًا)، (6) أي: قَطْعًا من الَمفاصِل، من غير كَسْرِ عَظْمٍ.
__________
(1) في الصحاح: عليه عقيقة.
(2) انظر: (الصحاح: 4/ 1527 مادة عقق).
(3) قاله أبو السعادات في: (النهاية: 3/ 276).
(4) قاله أبو عبيد، وحكاه عن الأصمعي. (غريب الحديث: 2/ 284، تحفة المودود لابن القيم: ص 34).
(5) انظر: (المطلع: ص 208)، وهناك أقوال أخرى في معنى العقيقة ذكرها العلّامة ابن القيم في كتابه (تحفة المودود بأحكام المولود: ص 34 وما بعدها).
(6) قال أبو عبيد الهروي في العقيقة تقطع جُدُولًا، ولا يكسر لها عظم: أي عضوًا عضوًا، وهو الجَدْل - بفتح "الجيم" وكسرها، والإِرْب، والشِّلْوُ، والعُضْوُ، والوُصْلُ. انظر: (الغريبين: 1/ 331).
وعلل صاحب (المغني: 11/ 124) هذا الفعل بالعقيقة بقوله: "لأنها أوَّل ذَبِيحةٍ ذبحت عن المولود فاستحب فيها ذلك تفاؤلا بالسلامة".
(3/792)
________________________________________
كتاب: السَّبْقِ والرَّمْيِ
قال الأَزهريُّ: "السَّبْقُ: مصدر سَبَقَ يسْبِقُ سَبْقًا. والسَّبَق محركة "الباء" -: الشَّيْءُ الذي يُسَابَقُ عليه، حكى ثعلب عن ابن الأعرابي قال: السَّبَقُ، والخَطَر، والنَّدَبُ، والقَرعُ، والوَجَبُ، (1) كلُّهُ الذي يُوضَع في النِضال والرِّهان فمن سَبق أخذَه"، (2) الخمسة بوزن فَرسٌ.
وقال الأزهريّ أيضًا: "النِضَال في الرمْي، والرهان في الخيْل، والسِّباق يكون في الخَيْل والرَّمْي". (3)
والرَّمْيُ: المراد به رَمْيُ النَّشاب، وفي الحديث: "أنه عليه السلام مَرَّ على قوم يتناضَلُون، فقال: ارْمُوا بني أرْفَده، فإِن أَباكم كَان راميًا"، (4) وفي رواية: "ارْمُوا وأنا مع بني فُلاَنٍ، فأَمسك أحدُ الفريقين، فقال: مَالَكُم، فقالوا: كيف نَرْمِي وأَنْتَ معهم؟ قال: ارموا وأنا مَعَكُم كُلُّكُم". (5) يقال:
__________
(1) في الأصل: والوجوب وهو تصحيف.
(2) انظر: (الزاهر له: ص 409).
(3) المصدر السابق: ص 409).
(4) و (5) أخرجه البخاري في المناقب: 6/ 537، باب نسبة اليمن إلى إسماعيل، بلفظ قريب منه، حديث (3507)، كما أخرجه في الأنبياء: 6/ 413، باب "واذكر في الكتاب اسماعيل ... " حديث (3373)، وابن ماجة في الجهاد: 2/ 941 مختصرا، باب الرمي في سبيل الله، حديث (2815)، وأحمد في المسند: 1/ 364، 4/ 50.
(3/793)
________________________________________
رَمَى يَرْمِي رَمْيًا، فهو رَامٍ.
1625 - قوله: (الحَافِر)، المرادُ بها: الخيل، فَسَمَّاها باسم حَافِرِها: وهو أسْفَل رِجْلها، وهو من باب تسمية الكُلِّ باسمِ البَعْض.
1626 - قوله: (النَّصْل)، المراد به النَّشاب، وهو في الأصل: الحديدةُ الموضوعةُ في رأس سَهْمٍ، أوْ رُمْحٍ، وجَمْعُه: نِصَالٌ، ونُصُولٌ. (1)
1627 - قوله: (والخُفِّ)، المراد به: الإِبل، (2) يقال لأَسْفل رِجْلِه: خُفٍّ ويقال: مثل خُفِّ البَعِير.
1628 - قوله: (أحْرزَ سَبَقَهُ)، بفتح "الباء" الَمجْعُولُ على المسابَقَةِ.
1629 - قوله: (مُحَلِّلاً)، الُمحَلِّلُ: اسمُ فَاعِل من حَلَّل، جعلَهُ حلاَلًا، لأَنَّه حَلَّل الجَعْل بِدُخُوله، وفيه ثلاث لغات: مُحِلٍّ، ومُحَلِّلٌ، وحَالٌّ، لأن في فعله ثلاث لغاتٍ: حَلَّل: كـ "سَلَّم"، وأحلَّ: كـ "أعَدَّ"، وحَلَّ: كـ "مَدَّ"، فاسم الفَاعل في الثلاثِ على ما ذكرنا. حكى اللغات الثلاث أبو السعادات (3) وغيره.
__________
(1) وأنْصُلٌ كذلك: (القاموس: 4/ 58 مادة نصل).
(2) والجمع: أخفاف، وأما الخِفَافُ، جمع خُفٍّ، فهي التي تُلْبَس، كذا في (الصحاح: 4/ 1353 مادة خفف).
(3) انظر (النهاية في غريب الحديث: 1/ 431)، وكذلك: (المصباح: 1/ 159، المغرب والمقصود بـ"المحلَّل" في السَّبَق: هو الفرس الثالث من خَيْل الرِّهَان، وذلك أنْ يضَع الرجلان رهْنين بيْنَهما، ثم يأْتي رَجُلٌ سِوَاهُما فيرسل معَها فرسَه، ولا يضع رَهْنًا، فإن سَبَق أحد الأوَّلَيْن أخذ رهنه ورَهْن صَاحبه، وكان حلالًا لَهُ من أجل الثالث وهو الُمحَلِّل، وإِنْ سَبَق المحلِّل ولم يَسْبِق واحدٌ منهما أخذ الرهنَيْن جميعًا، وإنْ سُبِق هو لم يكن عليه شيء، وهذا لا يكون إلاَّ في =
(3/794)
________________________________________
1630 - قوله: (يُكَافِئ)، مهموزٌ: أي يساوي. قال الجوهري: "كلُّ شيء سَاوَى شيئًا فهو مُكَافِئٌ له". (1)
1631 - قوله: (لا جَنَب)، قال ابن سيدة: "جَنب الفَرسُ والبعيرُ يَجْنُبُه جَنْبًا، فهو مَجْنُوبٌ، وجَنِيبٌ". (2).
1632 - قوله: (ولا جَلَب). قال أبو السعادات: "الجلَب - بفتح "اللام" -: في الزكاة بأن يَقعدَ المصدِّق في موضعٍ، ويَجْلب الأموال إليه ليأخُذَ صَدَقَتَها، أو يكون في السِّباق بالزَّجْر للفرس فيصيحُ عليه (3) حثًا لَهُ على الجَرْي". (4)
__________
= الذي لا يُؤْمَن أنْ يَسْبِق، وأما إذا كان بليدًا بطيئًا قد أمِن أنْ يسبِقَهُما فذلك القمار المنهي عنه ". (اللسان: 11/ 169 مادة حلل).
(1) انظر: (الصحاح: 1/ 68 مادة كفأ).
(2) والجَنَبُ - بفتح "النون" -: المنهي ككنه في السباق، وهو أن يجْنُب الرجل مع فرسه عند الرهان فرسًا آخر لكي يتحَوَّل عليه إن خاف أنْ يُسْبَق على الأول. قاله الجوهري في: (الصحاح: 1/ 103 مادة جنب).
(3) في الأصل: فالصياح، وهو خطأ.
(4) انظر: (النهاية في غريب الحديث: 1/ 281 بتصرف).
وقوله: "لا جنب ولا جَلَب" حديث أخرجه أبو داود في الزكاة: 2/ 107، باب أين تصدق الأموال، حديث (1591)، والترمذي في النكاح: 3/ 107، باب ما جاء في النهي عن نكاح الشغار، حديث (1123)، والنسائي في النكاح: 6/ 91، باب الشغار، وأحمد في المسند: 2/ 95 - 180.
(3/795)
________________________________________
كتاب: الأيْمَان والنُّذُور
الأَيمَان - بفتح "الهمزة" -: جمع يَمِينٍ، واليمين: القَسَمُ، والجَمْع: أيْمُنٌ وأيْمَانٌ. قيل: سُمّيت بذلك، لأَنهم كانوا [إِذا تحالَفُوا] (1) ضرَب كلُّ امرئٍ مِنْهم يَمِينَه على يَمِين صَاحِبه. (2)
واليَمين: توكيدُ الحكْم بِذِكْر مُعَظَّمٍ على وَجْهِ مَخْصُوصٍ، فاليَمين وجَوَابُها: جُملتان تَرْتَبط إحدَاهما بالأُخْرى ارْتباطَ جُمْلَتَي الشَّرْط والجَزاء، كقولك: أقسمت بالله لأَفْعَلَنَّ. ولها حروفٌ يُجَرُّ بها الَمقْسومُ به، وحروفٌ يُجَابُ بها القَسَم، وأحْكَامٌ غير ذلك مَوْضِعها كُتُب النحو. (3)
وأمَّا الإِيمان -بالكسر-: فهو اسْمٌ لَمِا يصير به مُؤْمنًا من الطاعة والعبادة، وَيزِيدُ وَينْقص. قال الله عز وجل: {لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ}. (4)
__________
(1) زيادة من الصحاح يقتضيها السياق.
(2) انظر: (الصحاح: 6/ 2221 مادة يمن).
(3) انظر في ذلك: (كشف المشكل في النحو لليمني: 1/ 574 وما بعدها، التبصرة والتذكرة للصيمرى: 1/ 445).
(4) سورة الفتح: 4.
(3/796)
________________________________________
والنَّذور: جمع نَذْرٍ، (1) يقال: نَذَرْتُ أَنْذِر وأَنْذُر - بكسر "الذال" وضمها - نَذْرًا، فأنَا ناذِرٌ: إذا أوْجَبْتَ على نفسك شيئًا تَبرُّعًا. قال الله عز وجل: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ}، (2) وفي الحديث: "والنَّذْرُ لا يأتي ابن آدم بشَيْءٍ"، (3) وفيه: "مَنْ نَذَر أنْ نطِيعَ الله فَلْيُطِعْه، ومَن نَذَر أنْ يَعْصِيه فلا يَعْصِيه"، (4) و"اسْتَفْتَى عُمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عن نَذْرٍ كان نَذَرَهُ في الجاهلية"، (5) وقالت عائشة: "إنِّي نذَرْت، والنَّذْز شَدِيد". (6)
1633 - قوله: (مِن لَغْوِ اليَمِين)، اللَّغْوُ: هو الباطِل الذي لاَ يَعْبَأُ به. لَغَا يَلْغو لَغْوًا، فهو لاَغٍ، قال الله عز وجل: {لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي
__________
(1) مثل: رَهْنٌ ورُهْنٌ، ويقال: إنّه جَمْع نذير بمعنى مَنْذُورٌ، ومثل: قَتِيل، وجَدِيدٍ حكَاهُ الجَوْهَرِي. (الصحاح: 2/ 826 مادة نذر).
(2) سورة الإنسان: 7.
(3) أخرجه البخاري في القدر: 11/ 499، باب إلقاء النذر إلى القدر، حديث (6609).
كما أخرجه في الأيمان والنذور: 11/ 576، باب الوفاء بالنذر، حديث (6694) والنسائي في الايمان: 7/ 16، باب النذر لا يقدم شيئًا ولا يؤخره. وأحمد في المسند: 2/ 242 - 314.
(4) أخرجه البخاري في الإيمان: 11/ 581، باب النذر في الطاعة، حديث (6696)، كما أخرجه في باب النذر فيما لا يملك وفي معصيته، حديث (6700) وأبو داود في الايمان: 3/ 232، باب ما جاء في النذر في المعصية، حديث (3289)، والترمذي في النذور: 4/ 104، باب من نذر أن يطيع الله، حديث (1526)، والنسائي في الأيمان: 7/ 16، باب النذر في المعصية، ومالك في النذور: 2/ 476، باب ما لا يجوز من النذور في معصية الله، حديث (8).
(5) أخرجه البخاري في الأيمان: 11/ 582، باب إذا نذر أو حلف أن لا يكلم إنسانًا في الجاهلية نم أسلم، حديث (6697)، "والنسائي في الأيمان: 7/ 20، باب إذا نذر ثم أسلم قبل أن يفي، وابن ماجة في الصوم: 1/ 563، باب في اعتكاف يوم ليلة، حديث (1772).
(6) أخرجه البخاري في الأدب: 10/ 492، باب الهجرة وقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا يَحِلُّ لرجل أنْ يهْجُر أخاه فوق ثلاث"، حديث (6073) - (6074) - (6075)، وأحمد في المسند: 4/ 227.
(3/797)
________________________________________
أَيْمَانِكُمْ}، (1) قالت عائشة: "وهو قَوْل الرَّجُل: لاَ والله، بلَى وَالله"، (2)
يَعْني: مِن غير أنْ يَقْصِد اليمين بِقَلْبِه.
1634 - قوله: (الحِنْث)، هو عدَمُ البرِّ، (3) وقال ابن الأعرابي: "الحِنْثُ: الرجُوع في اليَمين [وهو]: (4) أنْ يَفْعَل غير ما حلَف عليه"، (5) والحِنْث في الأصل: الإِثْمُ، ولذلك شُرِعَت فيه الكفارة.
1635 - قوله: (أوْ باسمٍ من أَسْمَاء الله)، (6) لله عز وجل تِسْعَة وتسْعُون اسْمًا معروفة. (7)
1636 - قوله: (أوْ بآيةٍ من القرآن)، هي إِحدى الآي: (8) وهي مَحَطُّ الكَلاَم. (9)
__________
(1) سورة البقرة: 225.
(2) أخرج الحديث مالك في النذور: 2/ 477، باب اللغو في اليمين، حديث (9) ومعناه عند البخاري: 11/ 547، باب: "لايؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم" قالت عائشة رضي الله عنها أنزلت في قوله (لا والله)، و (بلى والله)، حديث (6663).
(3) تقول: أحْنثتُ الرجل في يَمِينه فَحَنث: أي لم يَبَر فيها. (الصحاح: 1/ 280، مادة حنث).
(4) زيادة من الزاهر يقتضيها السياق.
(5) انظر كلام ابن الأعرابي في: (الزاهر للأزهري: ص 415).
(6) الثابت في المختصر: ص 216: أسمائه.
(7) وهي التي تعرف بـ"أسماء الله الحسنى" وقد سردها الخطابي مع الشرح والبيان في كتابه (شأن الدعاء: ص 30 وما بعدها)، والحليمي في كتابه: (المنهاج في شعب الإيمان: 1/ 187 وما بعدها)، والرازي في كتابه (لوامع البينات) وغيرهم.
(8) وزاد الجوهري: آياتٌ وآيايّ، وصوّب الأخيرة ابن بَرِّي فقال: آياءُ بالهمز. انظر: (الصحاح: 6/ 2275 مادة أيا).
(9) وقيل: هي العلاَمة، وفي القرآن: كلامٌ تامٌ مُركْبُ من جُمل وطَائِفَة من حروفه، وقيل: ما تَبَيَّن أوّله وآخره توقيفًا، من طائفة من كلامه تعالى بلاَ اسمٍ - انظر: (كشاف اصطلاحات الفنون: 1/ 149). =
(3/798)
________________________________________
1637 - قوله: (أو بالعَهْد)، المرادُ بالعَهْدِ: الحَلِفُ بِعَهْدِ الله، وفي الصحيح: "وكَانُوا يَنْهُونَنا أنْ نُحْلِفَ بالشَهادة والعَهْدِ". (1)
1638 - قوله: (أوْ أعْزَمُ بِالله)، عَزَم معناها: حَلَفَ، وعَزَمْت علَيْك: أي حلَفْتُ، وأصل العَزْم: القَصْدُ والنِيَّة.
1639 - قوله: (أوْ بأمَانَة اللَّه)، الأَمَانَة: معروفةٌ، قال الله عز وجل: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ}. (2)
* مسألة: - أصحّ الروايتين فيَمن حلَف بنَحْر ولَدِه يلْزَمه كفارةَ يمينه. (3)
1640 - قوله: (وشِقْصٌ)، الشِقْصُ - بكسر "الشين" -: قال أهل
__________
= وذكر الزركشي جملة من التعريفات لمعنى "الآية" في اللغة والاصطلاح. انظرها: في (البرهان في علوم القرآن: 1/ 266 - 267).
(1) أخرجه البخاري في الشهادات: 5/ 259 بلفظ قريب منه، باب لا يشهد على شهادة جور إذا أشهد، حديث (2652)، كما أخرجه في فضائل أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -: 7/ 3، باب فضائل أصحاب النبي ومن صحب النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديث (3651)، ومسلم في فضائل الصحابة: 4/ 1963، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم، حديث (211)، وأحمد في المسند: 1/ 434.
(2) سورة الأحزاب: 72.
(3) قال في (المغني: 11/ 215): "وهذا قياس المذهب، لأن هذا نذر معصية، أو نذر لجاج وكلاهما يوجب الكفارة، وهو قول ابن عباس، فإنه روي عنه أنه قال لامرأة نذرت أن تذبح ابنها: لا تنحري ابنك وكفري عن يمينك.
أما الرواية الثانية: كفارته ذبح كبش ويطعمه المساكين، لأن نذر ذبح الولد جعل في الشرع كنذر ذبح شاة، وفي قصة أمر إبراهيم عليه السلام بذبح ابنه دليل على ذلك وشَرْع من قبلنا شرع لنا ما لم يثبت نسخه. (المغني: 1/ 215 - 216).
(3/799)
________________________________________
اللغة: "هو القِطْعَةُ من الأَرض، والطائِفة من الشَّيء". (1) والشَقِيصُ: الشَرِيكُ.
* مسألة: - أصح الروايات: أن قوله لامْرأتِه: أنْت طالق إنْ شَاء الله، ولأمته أنت حُرَّة إن شَاء الله: لا يَنْفَعُه. (2)
__________
(1) انظر: (الصحاح: 3/ 1043 مادة شقص، تهذيب اللغة: 8/ 308، مقاييس اللغة: 3/ 204).
(2) هذه رواية إسحاق بن منصور، وحنبل عن أحمد رحمه الله. قال في المغني: 11/ 231): "أوقع الطلاق والعتاق في محل قابل فوقع كما لو لم يستثن".
وفي أكثر الروايات عنه رحمه الله أنه توقف في الجواب لاختلاف الناس فيها وتعارض الأدلة. انظر: (المغني: 11/ 232، مختصر الخرقي: ص 217).
(3/800)
________________________________________
كتاب: الكَفَّارات
الكَفَّاراتُ: جمع كَفَّارةٌ، وهو فِدَاءُ الأَيْمَان وغيرها من جماعٍ في رمضان وغيىه. سُمِّيت كفارةٌ، لأَنَّها تُكَفِّر الإثم الذي حَصل بالشيء. (1)
1641 - قوله: (قَوْلٌ وعَمَلٌ)، القَوْلُ: باللَّسان، والعملُ: بالأركان.
* تنبيه: - القولُ: هَل يدْخْل في العَمل، فَيُطْلَق على القول أنه عَمل؟ على وجهين: فمِنْهُم مَن قال: . هو من جملة الأَفعال والأعمال، ومنهم مَنْ منَع. ويترتب على ذلك، لو حَلَف لا يَفْعل فِعلًا، أو لا يعْمَل عملًا، فهل يحنث بالقول؟ على وجهين.
__________
(1) أي: تستره وتغطيه، ومن هذا قيل للأكار: كافر، لأنه يكفر البذر: أي يغطيه بالتراب، وقيل للَّيل: كافر، لأنه يكفر الأشياء بظلمته. (الزاهر للأزهري ص: 417).
والكَفارات الواجبة بالجنايات في الكتاب والسنة أربع كفارات: كفارة القتل، كفارة الظهار، وكفارة اليمين، وكفارة المسيس في صيام رمضان، وقد ذكرها الحليمي بالتفصيل في كتابه (المنهاج في شعب الإيمان: 2/ 508 وما بعدها).
(3/801)
________________________________________
باب: جامِعُ الأَيْمَان
الجامِعُ: الذي يَجْمَع غيره، وقد جَمَع يَجْمَع جَمْعًا، فهو جَامِعٌ، ومنه سُمِّي مسجِدُ الجُمُعَه: جامِعًا.
1642 - قوله: (سببُ اليمين)، أي: الأَمْر الذي أثَارها وهَيَّجَها.
قال الجوهري: "هاجَ الشيء [يهيج] (1) هَيْجًا، وهِيَاجًا (2) وهَيَجَانا.
واهْتَاجَ وتَهَيَّج: أي ثَار، وهَاجَهُ غَيْرهُ، وهَيَّجَهُ، يتعَدَّى ولاَ يتَعَدَّى" (3) قال في "المغني": "سبَبُ اليَمين وما أثَارَها". (4)
1643 - قوله: (ولا يَزُورَهُما)، من الزيارة، وقد زارَ يَزُور زَوْرًا، فهو زائرٌ، وفي الحديث: "أَنَّ سَلْمان زار أبا الدرداء"، (5) وفيه: "وإنَّ لِزَوْرِكَ
__________
(1) زيادة من الصحاح.
(2) غير موجودة في الصحاح.
(3) انظر: (الصحاح: 1/ 352 مادة هيج).
(4) انظر: (المغني: 11/ 284).
(5) أخرجه البخاري في الأدب: 10/ 499 في الترجمة، باب الزيارة ومن زار قوما فطعم عندهم، كما أخرجه في الصوم: 4/ 209، باب من أقسم على أخيه ليفطر في التطوع، حديث (1968)، والترمذي في الزهد: 4/ 609، باب حدثنا محمد بن بشار، حديث (2413).
أما سليمان، فهو الصحابي الجليل سلمان بن الإسلام، أبو عبد الله الفارسي، لزم النبي - صلى الله عليه وسلم - وخدمه، وحدث عنه، أخرج له البخاري ومسلم أحاديث كثيرة، فضائله كثيرة، توفي =
(3/802)
________________________________________
علَيْكَ حقًّا، (1) والاسم: الزيارة.
1644 - قوله: (جَفَاء)، الجَفاءُ: هو ضِدُّ البِرِّ، وقد جفَاهُ يَجْفُوه جَفَاءً وجَفْوةً، وفي الحديث: "ألاَ إنَّ الجَفَاء وغِلْظَ القُلوب في الفَدَّادِينَ". (2)
قال ابن مالك: "الجفَاءُ: ضِدُّ الِبرِّ، ومصدر جَفَا الشَّيْءُ عن الشَّيْءِ: بَعُدَ، والجِفَاءُ: مصدر جَافَاهُ: عَامَلَهُ بالجَفَاء، والشَّيْءَ عن الشَّيْءِ أبْعَدَهُ، والجُفَاءُ: ما يَرْمِي به الوادي والقِدْر من الزَّبَد"، (3) قال الله عز وجل: {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً}. (4)
1645 - قوله: (حِينًا). الحينُ: الوقتُ والُمدَّةُ، قليلًا كان أو كثيرًا.
__________
= 36 هـ. أخباره في: (سير الذهبي: 1/ 505، المعارف: ص 270، الجرح والتعديل: 4/ 296، حلية الأولياء: 1/ 185، تاريخ بغداد: 1/ 163، أسد الغابة: 2/ 417). أما أبو الدرداء، فهو عويمر بن زيد بن قيس الأنصاري الخزرجي قاضي دمشق الصحابي الجليل روى عن النبي - صلى الله عليه وسلم - عدة أحاديث، فضائله كثيرة. توفي قبل عثمان رضي الله عنه بثلاث صنين. أخباره في: (التاريخ الكبير: 7/ 76، سير الذهبي: 2/ 335، أسد الغابة: 6/ 97، مجمع الزوائد: 9/ 367، الشذرات: 1/ 39 - 44).
(1) أخرجه البخاري في الصوم: 4/ 217، باب حق الضيف في الصوم، حديث (1974)، وباب حق الجسم في الصوم، حديث (1975)، ومسلم في الصوم: 2/ 813، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به، حديث (182).
(2) أخرجه البخاري في المناقب: 6/ 526، باب قول الله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى}، حديث (3498)، كما أخرجه في المغازي: 8/ 98، باب قدوم الأشعريين وأهل اليمن، حديث (4387)، ومسلم في الايمان: 1/ 73، بلفظ قريب منه، باب تفاضل أهل الإيمان، حديث (81)، وأحمد في المسند: 2/ 258، 3/ 332.
والفدَّادين: جمع فَدّاد، وهم الذين تَعْلُو أصواتهم في حروثهم ومواشيهم، يقال: فَدّ الرجل يَفِدُّ فَدِيدًا: إذا اشتد صوته، وقيل: هم المكثرون من الإِبل، انظر: (النهاية في غريب الحديث: 3/ 419).
(3) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 114).
(4) سورة الرعد: 17.
(3/803)
________________________________________
وقال الفراء: "الحينُ: حِينَان، حين الوقت على حَدِّه، والحينُ الذي ذكره الله تعالى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} (1) سِتَّةُ أشْهُرٍ"، وكذلك فسَّر الشيخ الحينَ أنه: سِتَّةُ أشْهُرٍ. (2)
1646 - قوله: (الشَّحْم)، هو أحدُ الشُّحُوم: وهو الدُّهْنُ الذي في بَطْن الحيوان، قال الله عز وجل: {حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا}. (3)
1647 - قوله: (أوْ الُمخّ)، هو ما في دِماغ الحيوان، وُيطْلق على كُلِّ ما في داخِل العِظَام أيضًا غير الدماغ: مُخٌّ، والمراد به هنا ما في داخل العِظام غير الدماغ لأنه صَرَّح بالدماغ بعد ذلك. (4)
1648 - قوله: (الدَّسِمْ)، هو ما يَنْدَسِم به الطعام من دُهْنٍ، ولَحْمٍ وشَحْمٍ وغير ذلك. والله أعلم.
__________
(1) سورة إبراهيم: 25.
(2) انظر: (المختصر: ص 221).
(3) سورة الأنعام: 146.
(4) انظر: (المختصر: ص 222).
(3/804)
________________________________________
كتاب: النُّذُور
1649 - قوله: (الوفَاءَ)، هو أدَاءُ ما وعدَ به، أو ائْتُمِن عليه ونَحْو ذلك.
1650 - قوله: (إِنْ شَفَانِي الله مِن عِلَّتي)، الشَفَاء: البُرْءُ من السَّقَم، يقال: شَفاهُ الله، وأشْفَاهُ: إذا عُوفِيَ من سَقَمِه، قال الله عز وجل: {فِيهِ شِفَاءٌ لِلنَّاسِ} (1) وقال: {فَهُوَ يَشْفِينِ}، (2) وقال: {وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ}، (3) وأصل الشِّفاء: من اسْتِشْفَاءِ القَلْب: وهو سكونُهُ بالشَّيْءِ، وفي الحديث: "ما أَنْزَل الله داءً إلاَّ أَنْزَل لَهُ شِفاءً"، (4) وهذا "الشِّفاء" بكسر "الشين"، وأما "الشِّفَاء" بفتح "الشين" فهو ما يُحْرَزُ به، وفي الحديث: "ففي قصة الَمرْأتين، فَأُنْفِذَت بالشَّفَاء". (5)
__________
(1) سورة النحل: 69.
(2) سورة الشعراء: 80.
(3) سورة التوية: 14.
(4) سبق تخريج هذا الحديث في ص: 724.
(5) أخرجه البخاري في التفسير: 8/ 213 بلفظ قريب منه، باب "إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ئمنا قليلا أولثك لا خلاق لهم"، حديث (4552)، وهو عند النسائي في أدب القضاة: 8/ 218 بلفظ آخر، باب عظة الحاكم على اليمين.
(3/805)
________________________________________
والعِلَّة: إحدى العِلَل: وهي ما يَصيرُ به الإِنسان عليلًا من مَرَض ونَحْوه.
* مسألة: - أصح الروايتين: أن صيام أيام التشريق يجزئ من النذر مع التحريم. (1)
__________
(1) نقل هذه الرواية عبد الله عن أبيه رحمه الله، والفطر والتكفير أحسن.
والرواية الثانية نقلها الفضل بن زياد. قال رحمه الله: "كنت أذهب إلى هذا يعني صوم المتمتع لأيام التشريق إلا أني رأيت الأحاديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنهها أيام أكل وشرب. انظر: (الروايتين والوجهين: 1/ 264، المغني: 11/ 361 - 362).
(3/806)
________________________________________
كتاب: أَدَب القَاضِي
الأَدَبُ: بفتح "الهمزة" و"الدال" -: [من] (1) أدِبَ الرجل - بكسر "الدال" وضمها لغة -: إِذا صار أدِيبًا في خُلُقٍ، أو عِلْمٍ. وقال ابن فارس: "الأَدَب: دُعَاءُ النَّاس إِلى الطعام، والَمأْدَبَةُ، [والَمأْدُبَة]: (2) الطعام، والآدِب - بالمدِّ -: الدَّاعِي [إِلَيْها] , (3) واشْتِقَاقُ الأَدب من ذلك، كأنَّه أمرٌ قد أُجْمِع عليه، وعلى اسْتِحْسَانِه". (4)
فأدَبُ القاضي: أخْلاَقُه التي يَنْبَغي له أنْ يتَخلَّق بها.
والقاضِي: أحدُ القُضَاة: وهو مَن ولي القَضَاء، ليَحْكُم بيْن الناس بعِلْمِه.
وفي الحديث: "قاضِ في الجَنَّة، وقاضِيان في النار"، (5) وفيه: "مَنْ وَلِيَ
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2) و (3) زيادة من المجمل يقتضيها النقل.
(4) انظر: (المجمل: 1/ 90 - 91 مادة أدب بتصرف).
(5) أخرجه أبو داود في الأقضية: 3/ 299 بلفظ قريب منه، باب في القاضي يخطئ، حديث (3573)، وابن ماجة في الأحكام: 2/ 776، باب الحاكم يجتهد فيصيب الحق، حديث (2315)، والترمذي في الأحكام: 3/ 613، باب ما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القاضي، حديث (1322).
(3/807)
________________________________________
القَضَاء فكأَنَّما ذُبجَ بِغَيْر سكين". (1)
والقاضِي: اسْمٌ منقُوصٌ. لا تَظْهر عليه حركَة الإِعْراب إِلاَّ في حالة النَّصْب.
1651 - قوله: (بَالغًا)، احْتَرز من الصَّبِيِّ.
1652 - (عاقِلًا)، احْتَرز من الَمجْنون.
1653 - (حرًّا)، احْتَرز من العَبْد.
1654 - (عَدْلًا)، احْتَرزَ من الفَاسِق.
1655 - (عالمًا)، احْتَرَز من الجَاهِل.
1656 - (فقيها)، احْتَرَز من غير الفقيه.
والفقية: العالِمُ بالأَحْكَام الشرعية العملية، (2) كالحِلِّ، والحَرَام، (3) والصِحَّة، والفَسَاد. (4)
__________
(1) أخرجه الترمذي في الأحكام: 3/ 614، باب ما جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في القاضي، حديث (1325)، قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه.
كما أخرجه أبو داود في الأقضية: 3/ 299، باب في طلب القضاء، حديث (3572)، وابن ماجة في الأحكام: 2/ 774، باب ذكر القضاة، حديث (2308).
(2) في الأصل: العلمية، وهو تصحيف.
(3) في الأصل: الحُرْم وهو خطأ.
(4) وهذا التعريف مُسَتَمدٌ من تعريف الفقه نفسه، "وهو العِلْم بالأحكام الشرعية العملية". انظر: (الروضة وشرحها لبدران: 1/ 19، التمهيد للأسنوي: ص 5، إرشاد الفحول: ص 3، التعريفات: ص 175).
قال صاحب "الروضة": "فلا يطلق اسم الفقيه على متكلِّمٍ ولا محدِّثٍ ولا مُفَسِّرٍ ولا نَحْوِيٍّ" انظر: (الروضة مع شرحها لبدران: 1/ 19 - 20).
(3/808)
________________________________________
وقيل: مَنْ عَرَف جُملةً غالبةً.
وقيل: كثيرةً عن أدِلَّتها التَفْصِيلية. (1)
وقيل: أَلْفَ مَسْألةٍ.
وقيل: خمسمائة. والله أعلم
1657 - قوله: (وَرِعًا)، الورعُ: مَن اسْتَعْمل الوَرَع، والوَرَعُ: مصدر وَرعَ يَرعُ - بكسر "الراء" فيهما - وَرَعًا وَرِعَةً: كَفٌّ عن المعاصي، فهو وَرعٌ.
وقال صاحب "المطالع": الوَرَعُ: الكَفُّ عن الشُّبُهات تَحَرُّجًا وتَخَوُّفًا من الله تعالى"، (2) ثُمَّ اسْتُعِير في الكَفِّ عن الحلال أيضًا - وقال حسان بن أبِي سنان: (3) "ما رأيْتُ أهْوَن من الوَرَع، دَعْ ما يَرِيبُك إِلى مَا لاَ يَرِيبُك". (4)
وسَمِعْتُ شَيْخَنَا مَرَّةً يقول: صَدق: هذا حلالٌ فكُلْهُ، وهذا حرامٌ فلاَ
__________
(1) قاله ابن النجار في: (شرح الكوكب المنير: 1/ 42).
(2) انظر: (المطالع لابن قرقول: 3 لوحة 171 أ).
(3) هو حسان بن أبي سنان بن أبي أوفى بن عوف التنوخي، أبو العلاء مترجم، كان يكتب بالعربية والفارسية والسريانية سمع من مالك بن أنس رحمه الله، وأدرك الدولتين الأموية والعباسية من نسله قضاة ورؤساء توفي 180 هـ. أخباره في: (البداية والنهاية: 10/ 175، الوفيات لابن خلكان: 2/ 194، الأعلام للزركلي: 2/ 176، فتح الباري: 4/ 292).
(4) أخرجه البخاري في البيوع: 4/ 291 في الترجمة، باب تفسير المشبِّهات والترمذي في القيامة: 4/ 668 عن الحسن بن علي رضي الله عنه، باب حدثنا عمرو بن علي، حديث (2518)، وأحمد في المسند: 3/ 153، كما أخرجه الحاكم في المستدرك: 2/ 13، 4/ 99، والهيثمي في المجمع: 1/ 238، 10/ 152 - 294، وللحديث طرق متعددة، فقد أخرجه الطبراني في المعجم الصغير: ص 56، والخطيب في تاريخه: 6/ 386، وأبو نعيم في الحلية: 6/ 352.
(3/809)
________________________________________
تَأْكُلْ. وما أدْرِي ما هذا القول من شَيْخِنا. فإنِّي آخذ كَلِمة حَسّان قاصمةً الظَّهْر تَمْنَع من أكْل كُلِّ ما يَرِيبُ منه الإِنسان، وفي زَمننا قَل أنْ يصْفُو لَهُ ذلك. (1)
1658 - قوله: (وهو غَضْبان)، غضبانُ: غير مصروف، مَنْ حَصل لَهُ الغَضَب.
1659 - قوله: (الُمشْكِل)، الُمشْكِلُ: مِنْ أشْكَل يُشْكِلُ إشْكَالًا: إِذا الْتَبَس.
1660 - قوله: (شَاوَر)، مِن الاسْتِشَارَة، والَمشُورَةِ، وقال الله عز وجل: {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}، (2) وقال في حديث الإِفك: "أشِيرُوا عليَّ". (3)
1661 - قوله: (أوْ إِجماعًا)، الإِجْماعُ: لُغَةً الاتِفَاق، (4) وقد يُطْلَق على تصميم العَزْم، ويقال، أَجْمَع فُلانٌ رأْيَه على كذا. (5).
__________
(1) قال الحافظ ابن حجر في (الفتح: 4/ 293): (قال بعض العلماء: تكلم حسان على قَدْر مَقَامِه، والترك الذي أشار إليه أشَدُّ على كثير من الناس من تَحَمْل كثير من المشاق الفعلية".
(2) سورة آل عمران: 159.
(3) أخرجه البخاري في التفسير: 8/ 487، باب "أن الذين يحبون أن نشيع الفاحشة في الذين آمنوا ... " حديث (4757)، ومسلم في التوبة: 4/ 2137، باب في حديث الإفك وقبول توبة القاذف، حديث (58)، والترمذي في التفسير: 5/ 332، باب ومن سورة النور، حديث (3180)، وأحمد في المسند: 4/ 328، 6/ 59.
(4) انظر: (المصباح المنير: 1/ 119، القاموس المحيط: 3/ 15)، ومنه أجمع القوم على كذا أي: اتفقوا عليه.
(5) أي: عزم عليه، ومنه قوله تعالى في سورة يونس: 71 "فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكَاءَكُمْ" أي أعزموا أمركم وادعوا شركاءكم.
وذهب الغزالي والرازي إِلى أنَّ الإجماع مشترك لفظي يُعْنى وُضِع ليدل على معنى العزم. كما وضع أيضًا ليدل على معنى الاتفاق. انظر: (المستصفى: 1/ 173، المحصول: 2/ 19).
(3/810)
________________________________________
وهو شرعًا: اتفاق علماء العَمْر من أُمَّة محمد - صلى الله عليه وسلم - على أمْرٍ من أُمُور الدِّين. (1) وَوُجُودهُ فتَصَوَّرٌ، وهو حُجَّةٌ، لم يُخَالِف فيه إلاَّ النظام، (2) ولا اعتبار بمخالفته.
1662 - قوله: (الجَرْحُ)، هو غير الجَرح في الأَبْدان: وهو الطَعْن في الشُهُود بما يَمْنَع قَبُول الشَّهَادة. وقال الجوهري وغيره: "الاسْتِجْرَاحُ: العَيْبُ والفَسَاد". (3)
1663 - قولى: (كَاتِبَهُ)، هو الذي يَكْتُب لَة.
1664 - قوله: (وقاسِمَهُ)، هو الذي يَقْسِم الأَشْيَاء لَهُ ولغَيْرِه.
1665 - قوله: (ويَعْدِل بيْن الخصمين)، واحدُهما: خَصْمٌ، وهو الُمخَاصِم، قال الله عز وجل: {قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ}. (4)
1666 - قوله: (في الدُخُول)، وهو العُبُور عليه.
__________
(1) كذا عرفه الغزالي في (المستصفى: 1/ 173).
وقد أورد الأمدي على هذا التعريف إشكالات ثلاث ولم يجب عنها. انظر: (الاحكام: 1/ 147، كما أوردها ابن الحاجب ولم يجب عنها. انظر: (مختصره مع حاشية التفتازاني: 2/ 29).
وللإجماع تعاريف متعددة أوردها علماء الأصول في كتبهم. انظر: (التلويح على التوضيح: 2/ 326، الأسنوي مع البدخشي: 2/ 273، تنقيح الفصول للقرافي ص: 322، التقرير والتحبير: 3/ 80، التمهيد لأبي الخطاب: 3/ 224، المعتمد: 2/ 457، الحدود للباجي: ص 63، المحصول: 2/ 20).
(2) هو إبراهيم بن سيار، أبو إسحاق المعروف بالنظام، أحد شيوخ المعتزلة، كان أديبًا شاعرًا تفرد بآراء وبها كفره أكثر المعتزلة وأهل السنة تجرأ في النبي - صلى الله عليه وسلم - من الصحابة وطعن في فتاواهم، توفي 223 هـ. أخباره في: (سير الذهبي: 10/ 541، تاريخ بغداد: 6/ 97، اللباب: 3/ 316، الوافي بالوفيات: 6/ 14، النجوم الزاهرة: 2/ 232).
(3) انظر: (الصحاح: 1/ 358 مادة جرح).
(4) سورة ص: 22.
(3/811)
________________________________________
1667 - والمجْلِس)، وهو مكان جُلُوسِهِما. فلا يَرْفَع أحدَهُما على الآخر.
1668 - (والخِطاب)، وهو مخاطبتُه لهما فلا يُكَلِّم أحدَهُما أكثر من الآخر، أو أطْيَب منه.
1669 - قوله: (في رَبْعٍ)، الرَبْعُ - بفتح "الراء" وجمعه رِبَاعٌ (1) بكسرها -: وهو المنزل، ودار الإِقامة، ورَبْعُ القوم: مَحَلَّتهم.
وقال ذو الرمة: (2)
وقَفْتُ على رَبْعٍ لمِية نَاقَتِي ... فما زِلْتُ أبْكِي به وأُخَاطِبُه
1670 - قوله: (وأَثْبَت في القَضِيَّة بذلك)، المراد بها هنا: مكتوبُ القِسْمة التي قضى القَاضِي فيها بالقِسْمَة وصورة الوَاقِعَة.
والقضيَّةُ في اللّغة: الحكْم. يقال: قَفَى القَاضِي بكذا: أي حَكَم به، وقَفَى قَضيَّةً: حكَم حُكْمًا. قال بعضهم: (3)
قَضى اللهُ رَبُّ العَالمِين قَضِيَّةً ... أنَّ الهَوَى يعْمِي القُلُوب ويُبْكِمُ
وقال عز وجل: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ}، (4) وجَمْعُها:
__________
(1) وَرُبوعُ كذلك، وأرْبَاعٌ، وأرْبُعٌ، قاله الجوهري في (الصحاح: 3/ 1211، مادة ربع).
(2) انظر: (ديوانه: 2/ 821)، وفيه: فما زِلْتُ أبكي عنده ...
(3) سبق تخريج هذا البيت في ص 155.
(4) سورة الإسراء: 23.
(3/812)
________________________________________
قَضَايا، وأصْلُها: قَضِييَة، فعيلة بـ "ياءين"، الأولى: زائدةٌ، والثانية: لاَمُ الكَلِمة، فلَما اجْتَمَعت "ياءان"، والسابقة ساكِنَة، أُدْغِمَت الأولى في الثانية.
وأصل قَضَايا قَضَايِي بـ "ياءين"، الأولى مكسورة، فقُلِبَت الأولى "همزة" مكسورة، ثم فتحت "الهمزة" للتخفيف، فصار قَضَائَيَ، ثم قلبت "الياء" الأخيرة "ألفا" لتحركها وانْفِتَاح ما قَبْلها، فصار قضاءا، ثم قلبت "الهمزة" ياء، فصار قَضَايا، وإنما سُمِّيت قضيةً لتَضَمُّنِها معنى الحُكْم. (1)
وعند المنطقيين: القَضِيَّة: "القَوْلُ الُمؤَلَّفُ الُمحْتَمل لذاته الصِدْقُ والكَذِب". (2)
__________
(1) انظر: (حاشية الباجوري على متن السلم: ص 45.
(2) انظر: (تجديد علم المنطق في شرح الخبيص على التهذيب: ص 56).
وقيل: القضية: هو اللفظ المفرد لا يُفيد فائدةً تامةً، ولا يمكن أنْ يحكم عليه بالصِدق أو الكَذب. انظر: (علم المنطق لأحمد عبده خير الدين: ص 62) وكذلك (حاشية الباجوري على متن السلم: ص 45 - 46).
وللقضية عند علماء المنطق والكلام تقسيمانٌ وتجزيئات ذكرها الآمدي في كتابه (المبين في شرح ألفاظ الحكماء والمتكلمين: ص 76 - 77).
(3/813)
________________________________________
كتاب: الشَّهادات
الشَهاداتُ: جمْع شَهادةٍ: وهي مصدر شَهِدَ يَشْهَدُ شَهَادَةً، فهو شَاهِدٌ.
قال الجوهري: "الشَّهادةُ: خَبرٌ قَاطِعٌ، والُمشَاهَدَةُ: الُمعَايَنة". (1)
والمرادُ بالشَّهادة هنا: تَحَمُّلُ الشهادة وأدَاؤُها، (2) بمعنى الَمشْهُود بِه، فهو مصدر بمعنى الَمفْعُول، فالشَّهَادةُ تُطْلَق على "التَّحَمل"، تَقُول: شَهِدْتُ على فُلاَنٍ. بمعنى: تَحَمَّلْت. وعلى "الأَدَاء"، تَقُول: شَهِدْت عند الحَاكِم شهادةً: أي أدَّيْتها. وعلى "الَمشْهُود به"، تقول: تَحَمَّلْتُ الشهادةَ بمعنى: الَمشْهُود به فأَمَّا "شَهِدَ" ففيه وفيما جَرَى مَجْرَاة مِن كلِّ ثُلاَثِيٍّ عَيْنه حَرْفُ حَلْقِ مكسورٍ أربعةُ أوْجُهٍ، فتح أوَّله، وكَسْر ثَانِيه، وكَسْرُهما، والإِسكان فيهما. (3)
قال الشاعر: (4)
إذا غَابَ عَنَّا غَابَ عَنَّا رَبِيعُنا ... وإِنْ شَهِدَ أغْنَى فَضْلُه ونَوَافِلُه
__________
(1) انظر: (الصحاح: 2/ 494 مادة شهد بتصرف).
(2) قاله صاحب (المقنع: 3/ 676).
(3) وهي: شَهِدَ بفتح "الشين" وكسر "الهاء"، وشِهِد بكسر "الشين" و"الهاء"، وشَهْد بفتح "الشين" وسكون "الهاء"، وشِهْد بكسر "الشين" وسكون "الهاء".
(4) أنشده الزبيدي في: (تاج العروس: 2/ 391 مادة شهد ولم ينسبه) وفيه: وإن شَهِد أجْدَى خَيْرهُ ونَوافِلُه.
(3/814)
________________________________________
1671 - قوله: (على القَرِيب والبَعيد)، أي: على القريبِ منه: كأخِيه وابْنِه، والبعيدِ منه: كأجْنَبِيٍّ. (1)
1672 - قوله: (لا يَسَعُه التَّخَلُّف)، أي: لا يَجُوز لَهُ التَّخَلُّف، فهو مُضَيَّقٌ عليه في تَرْك إِقَامتها، لأن الشَّيْء إِذا لَمْ يسَع صَاحِبَه كان ضيِّقًا عليه وأصل "يَسَعُ": يَوسَعُ بـ"الواو"، لأن ما فَاؤُه "واوٌ" إِذا كان مكسورًا في الماضي لا تحْذَف "الواو" في مُضَارِعه. نحو: وَلهَ، (2) يَوْلَهُ، ووَغِرَ صَدْرُهُ يَوْغَر، (3) وَوَدِدْت أوَدُّ، ولم يُسْمَع حذف "الواو" إِلَّا في يَسَعُ وَيطَأُ. . (4)
قال الجوهري: "وإِنَّما سَقَطَتْ "الواو" منهما، (5) لتَعْدِيهما، [لأَنَّ فَعِلَ يَفْعَل مِمَّا اعْتُلَّ فَاؤُه، لا يكون إِلاّ لاَزِمًا، فلَمَّا جاءا من بيْن إِخَواتِهِما متعدِّيَيْن خُولفَ بهما] (6) نَظَائِرَهُما". (7)
1673 - . قوله: (وما تَظَاهَرتْ به الأَخْبَار)، يَعْنِي: ظَهَرتْ واستَفَاضَتْ، والأَخْبَارُ - بفتح "الهمزة" -: جَمْع خَبَرٌ.
1674 - (واستَقَرَّت)، يعني: سكَنَتْ.
__________
(1) وذلك لعُمُوم الأدِلَّة الواردة في ذلك، ومنه قوله تعالى في سورة البقرة: 283، {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ}، وقوله تعالى في سورة المائدة: {وَلَا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الْآثِمِينَ}.
(2) والوَلَهُ: ذهابُ العَقْل، قاله في: (الصحاح: 6/ 2256 مادة وَله).
(3) والوَغْرَةُ: شِدةُ توقُّد الحَرِّ، ومنه قِيل: في صَدْرِه عليَّ وَغْرٌ بالتسكين: أي ضِغْنٌ وعَدَاوةٌ وتوقُدّ من الغَيْظ. (الصحاح: 2/ 846 مادة وَغِرَ).
(4) في الأصل: يشطأ وهو تصحيف.
(5) في الصحاح: من يطأ كما سقَطَت من يَسَعُ.
(6) زيادة من الصحاح يقتضيها السياق.
(7) انظر: (الصحاح: 1/ 81 مادة وَطَأ).
(3/815)
________________________________________
1675 - قوله: (رِيبَةٌ)، هو كلُّ ما يُتَريَّب منه، قال ابن مالك: "الرِّيبة: التُهْمَة". (1)
1676 - قوله: (جَارٍّ)، بالمدِّ من الجَرِّ: أي مَنْ يَجُرُّ إلى نفسه نَفْعًا. (2)
1677 - قوله: (الغَلَط)، يقال: غلِطَ يَغْلَطُ غَلَطًا: إذا أَتَى بغير الَمقْصُود، قال صاحب "المطلع": "الغَلَط: مصدر غَلِط: إذا أخْطَأ الصوابَ في كَلاَمِه"، (3) عن السَعْدِيِّ: "والعَربُ تقول: غَلِطَ في مَنْطقه، وغَلِتَ في الحِسَاب"، (4) وحكى الجوهريُّ عن بعضهم: أنَّهما لُغَتان بمعنًى. (5)
1678 - قوله: (والغفْلَة)، الذُهُول عن الشَّيْء، يقال: غَفَل يَغْفَلُ غَفْلَةً فهو مُغْفَلُ. قال صاحب "المطلع": "الُمغْفَلُ - بفتح "الفاء": اسم مفعول من غَفل، يقال: غَفل عن الشيء، وأغْفَلَهُ غيره، وغَفَلَهُ: جَعَلَه غافلًا، فهو مُغَفَّلٌ، ومُغْفَلٌ بتشديد "الفاء" وتخفيفها مفتوحة فيهما". (6)
1679 - قوله: (الُمسْتَخْفِي)، المستخفي: الُمتَوَارِي. قال الجوهري: "ولا تَقُل اخْتَفَيْتُ". (7)
__________
(1) انظر: (إكمال الأعلام: 1/ 269).
(2) قال الشيخ في (المغني: 12/ 57): "فإنَّ الجارّ إلى نفسه: هو الذي ينْتَفِع بشهادَتِه ويَجُرُّ إليه بها نَفْعًا كشهادة الغرَماء للمُفْلِس بدَيْنٍ أو عينٍ، وشهادَتِهم للمَيِّت بدَيْن أو مالٍ، فإنّه لو ثَبت للمُفلس أوْ الميت دَيْنٌ أو مالٌ تعلَّقت حُقُوقُهُم به".
(3) انظر: (المطلع: ص 408).
(4) انظر: (كتاب الأفعال: 2/ 428).
(5) انظر: (الصحاح: 3/ 1147 مادة غلط).
(6) انظر: (المطلع: ص 408).
(7) أي: الصحيح، استخفيتُ منك. انظر: (الصحاح: 6/ 2330 مادة خفي).
(3/816)
________________________________________
كتاب: الأقْضِيَة
الأَقْضِيَةُ: جمع قَضَاءٍ، وهو مصدر قَضَى يَقْضِي قضاءً، فهو قاضٍ: إِذا حكَم، (1) وإذا فصَلَ، وإذا أحْكَم.، وإذا أمْضَى، وإذا فَرغَ من الشَّيْء، وإذا خَلَق. وقَضَى فلانٌ واسْتَقْضَى: صار قاضيًا، وفي القاضي ثلاثُ لُغَاتٍ. قاضي على وزن عَاصِي، وقَاضِيٌ على وزن عَالِمٌ، وقَاضٍ رَاضٍ. (2)
وممَّا كتَبَ بعض الأدباء إلى وَالِدي:
شُهُودٌ وُدَّيْ تُؤَدَّى وهي صادِقَةٌ ... وحَاكِمُ البَيْن بالأَسْجَال قَد حَكَما
هَبْ أنَّنِي مَدْمَعِي قد غَابَ شَاهِدُهُ ... أَليْسَ قَلْبُكَ قاضٍ بالذي عَلِمَا (3)
1680 - قوله: (ما يسْتَغْرِق)، أي: يَسْتَوْعِب مَا لَهُ.
__________
(1) سبق الحديث عن القضاء بمعنى الحكم. انظر ص 807.
(2) انظر معاني القضاء في: (الصحاح: 6/ 2463 - 2464 مادة قض، الزاهر للأزهري: ص 419، النهاية لابن الأثير: 4/ 78 - 79، اللسان: 15/ 186 - 187، الأفعال للسرقسطي: 2/ 128).
والقضاء في الشرع: "تَبيّن الحكم الشرعي والإلزام به".
انظر: (منتهى الإرادات: 2/ 571، كشاف القناع: 6/ 285).
(3) أنشد المصنف رحمه الله هذيْن البَيْتَيْن في كتابه (الجوهر المنضد في طبقات متأخري أصحاب أحمد أثناء ترجمته لوالده، حسن بن أحمد بن حسن بن عبد الهادي: ص 31).
(3/817)
________________________________________
1681 - قوله: (التوراة)، هي الكتاب الذي أنْزَل الله على موسى عليه السلام.
1682 - قوله: (على البَتِّ)، أي: على القَطْع، وبَتَّهُ وبَتَّتَهُ: قطَعَهُ.
1683 - (ونَفْيُ العِلْمِ)، أنْ تقول: ما أعْلَم كَذَا وكذا.
1684 - قوله: (فأوْمَأ بِرَأْسِه: أي نَعَم)، إيماءُ "نَعم" إلى تحتِ، وإيماء "لاَ" إلى فَوْق.
1685 - قوله: (البَيْطَار في داء الدَابَّة)، البَيْطَار - بفتح "الباء" وكسرها -: (1) هُو مَنْ يَحْذِي الدَّواب، وعِنْدَه عِلْم - أمْرَاضِهَا كالطبيب، وجمعه: بَيَاطِرَة. والدَّاءُ: العِلَّة والَمرَض.
__________
(1) وهو مأخوذُ من بَطَرْتُ الشيءَ أبْطُرُه بَطْرًا: شقَقْتُه، والبَيْطَار: هو المُبَيْطِر، قال هذا في: (الصحاح: 2/ 593 مادة بطر).
(3/818)
________________________________________
كتاب: (1) الدَعْوى والبَيِّنَات وَرُوِي: "الدَّعاوِي والبيِّنات" (2)
الدَّعَاوِي - بكسر "الواو" وفتحها -: جَمْع دَعْوَى: وهي طلبُ الشَّيْءَ زاعِمًا مُلْكَه، (3) وهي مِن الادِّعاء، وفي الحديث: "لَوْ يُعْطَى الناس بدَعْوَاهُم لادَّعى قَومٌ دِمَاءَ قَوْم وأمْوَالَهُم". (4)
والبَيِّناتُ: جمع بَيِّنَةٍ، صِفَةً لَمِحْذُوفٍ: أي الدَّلاَلة البَيِّنَة، أو العلّامة، فإذا قيل لَه بَيِّنَة: أي علاَمَةٌ واضحةٌ على صِدْقِه، وهي الشَّاهِدَان، والثَّلاَثة، والأربعة ونحوها من البيِّنات. (5)
__________
(1) كذا في المغني: 12/ 162، وفي المختصر: ص 235: باب
(2) وهو الثابت في المختصر: ص 235، والمغني: 12/ 162.
(3) وفي (المغني: 12/ 162): "الدعوى في اللغة: إضافة الإنسان إلى نفسه شيئًا ملْكًا أو اسْتِحْقَاقًا أو صفقة أو نحو ذلك.
قال وهي في الشرع: إضَافَتُه إلى نَفْسِه استحقاق شيءٍ في يد غيره، أو في ذمته".
(4) أخرجه البخاري في التفسير: 8/ 213، باب: "إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا"، حديث (4552)، والنسائي في أدب القضاة: 8/ 218، باب عظة الحاكم على اليمين.
(5) والبينة: هي الحجة فيْعِلَةٌ من البَيْنُونَة: وهي الانقطاع والانفصال، أو من البيان. قال هذا صاحب (المغرب: 1/ 98، وأنيس الفقهاء: ص 231).
وقيل هي العلّامة الواضحة كالشاهد فأكثر. (كشاف القناع: 6/ 384، منتهى الإرادات (2/ 628). =
(3/819)
________________________________________
1686 - قوله: (الُمدَّعِي)، المدعي قيل: الُمبْتَدِي، وقيل: مَنْ إذا سكت تُرِكَ (1) والُمدَّعَى عليه: هو مَن إذا سكت لَمْ يُتْرَك (2).
1687 - قوله: (قَرَع)، ويجوز "أقْرَع" كما تقدّم ذلك. (3)
1688 - قوله: (يُؤَرِّخ)، يقال: أرِّخَ يُؤَرِّخُ تَأْريخًا: (4) إذا ضَبَط وقت شَيْءٍ. والتاريخ: معروفٌ، وفي الحديث: "ما أُرِّخَ من مولد النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا مِن مَبْعَثِه، إنَّما أُرِّخَ من مَقْدَمِه المدينة". (5)
__________
وعرفها ابن القيم بقوله: "هي اسْمٌ لَمِا يُبَيِّن الحق ويُظْهِرُه" وهذا أشْمَل وأوْضَح فهي على هذا تعم كل ما يُظْهِرُ الحَق ويُبْرِزُه. (الطرق الحكمية: ص 28).
وفي (غريب المهذب لابن بطال: 2/ 310): "وسُمِّيت البّيِّنةُ بَيِّنَةٌ، وهي الشهود، لأنها تُبَيِّنُ الحَقَّ وتوضحه بعد خفائه، من بأن الشيء، إذا ظهر ... ".
(1) أي: لا يُجْبَر عليها، لأن حق الطلب لَهُ، فإذا تركه لا سبيل عليه.
انظر: (منتهي الإرادات: 2/ 628، الكشاف: 6/ 384).
(2) أي: يُجْبَر على الخصومة إذا تركها. (كشاف القناع: 6/ 384، البناية لليني: 7/ 387).
(3) انظر في ذلك ص: 568.
(4) وتَوْرِيخًا كذلك، أرَخْتُ الكتاب وَوَرَّخْته بمعنًى قاله في (الصحاح: 1/ 418، مادة أرخ).
قال ابن حجر: "وقيل: اشتقاقه من الأرْخ: وهو أنْثَى بقَر الوحش، كأنه شيءٌ حَدث كما يحدث الوَلد، وتيل: هو مُعَرَّبـ" (فتح الباري: 7/ 268)، وكذلك (المعرّب للجواليقي: ص 137).
(5) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار: 7/ 267 بلفظ: "ما عدُّوا ... " بدل "ما أُرِّخ ... " باب التاريخ من أين أرخوا التاريخ، حديث (3934).
(3/820)
________________________________________
كتاب: العِتْق
قال أهْل اللغة: . العِتْق: الحرية، يقال منه: عَتَق يعْتِقُ عِتْقًا وعَتْقًا - بكسر "العين" وفتحها، عن صاحب "المحكم" (1) وغيره - وعِتاقًا وعَتَاقةً، فهو عَتِيقٌ وعاتِقٌ - حكاهما الجوهري - (2) وهم عُتَقَاءُ وأمةٌ عَتِيقٌ وعَتيقةٌ، وخلَف بالعَتَاق - بفتح "العين": أي بالإِعْتَاق (3).
قال الأزهري: "هو مُشْتَقٌ من قولهم: عَتَق الفَرسُ: إذا سَبَق ونَجَا، وعتَقَ الفَرْخُ: إذا طَارَ واسْتَقل، لأن العَبْد يتَخلَّص بالعِتْق، ويذهب حيث شَاء". (4)
قال الأزهري وغيره: "إنَّما قيل لمن أعْتَق نَسمةً: أنّه أعْتَق رقبةً، وفَكَّ رقبةً، فَخُصَّت الرَّقَبَة دون سائر الأَعْضَاء، مع أنَّ العِتْق تناول الجمِيع، لأن حُكْم السيِّد عليه، ومِلْكَه لَهُ كحَبْلٍ في رَقَبَتِه، وكالغُلِّ المانِع لَهُ من الخُرُوج، فإذا أُعْتِقَ، فكَأَنَّ رقبَتَه أُطْلِقت من ذلك" (5).
__________
(1) انظر: (المحكم: 1/ 100 مادة عتق) وكذلك: (القاموس: 3/ 269 مادة عتق).
(2) انظر: (الصحاح: 4/ 1520 مادة عتق).
(3) قاله ابن. سيدة في: (المحكم: 1/ 100 مادة عتق).
(4) انظر: (الزاهر للأزهري: ص 427 بتصرف).
(5) (المصدر السابق: ص 428 بتصرف)، وكذلك: (حلية الفقهاء: ص 208).
أما العتق في الشرع: "فهو تحرير رقبة وتخليصها من الرق. قاله في (المغني: 12/ 233).
(3/821)
________________________________________
قُلْتُ: إِنما ذلك اوالله أعلم، لِكَوْن الرقبة فيها مُعْظَم الحياة، بل جميعُها فإِذا قُطِعَت زالت حياته بخِلاَف غيرها من اليَدَيْن والرِّجْلَيْن وغير ذلك.
1689 - قوله: (قرعَ)، ويجوز أُقْرعَ (1) كما تقدم. (2)
1690 - قوله: (يَفِيَ بِقِيمَة النصف)، على وزن خَفِيَ، أيُقَوَم بقيمة النصف.
* مسألة: - أصحُّ الروايتين: أنه إِذا أعْتَق نصف عَبْده بموته، وثُلثُه يَحْتمِل بَاقِيه، عُتِقَ كلُّه (3).
1691 - قوله: (من غِشْيَانِها)، بكسر "الغين": أي مِنْ جِمَاعها، يقال: غَشِيَ المرأة غِشْيَانًا: إِذا جامعها.
1692 - قوله: (والتَّلَذذ بها)، أي: بالجماع ودواعيه والله أعلم.
__________
(1) كذا هو في المختصر: 240.
(2) انظر: ص 586.
(3) نقل هذه الرواية الخرقي وقدَّمها. انظر: المختصر: ص 241).
والرواية الثانية: لا يعْتِق إِلَّا حصته، ولا يُقَوِّم عليه تمام الثلث.
نص على ذلك أحمد في رواية ابن منصور وبكر بن محمد. قاله القاضي.
انظر: (الروايتين والوجهين: 3/ 109).
قال في: (المغني: 12/ 285)، "وبهذا قال الأوزاعي".
(3/822)
________________________________________
كتاب: الُمدَبَّر
المُدَبَّر: مَن وَقع عليه التَّدْبِير، (1) والتَّدْبِيرُ: مصدر دَبَّر العَبْدُ والأَمةُ تدبيرًا: إِذا عَلَّق عتْقَه بِمَوْته، لأَنَّه يُعْتَق بعدما يُدْبَر سَيِّدهُ، والمماتُ دُبُر الحياة، يقال: أعْتَقَهُ عن دُبُرٍ: أي بعد الموت، ولا تسْتَعْمَل في كلِّ شَيْءٍ بعد الموت، من وصيةٍ، ووقْفٍ وغيره، فهو لَفْظٌ خُصَّ به العِتْقُ بعد الموت، (2) وفي الحديث: أعْتَق رجُلٌ مِنَّا عَبْدًا لَهُ عن دُبُرٍ". (3)
والتَّدْبِير أيضًا: مِن دَبَّر يُدبِّرُ: إِذا أحْسَن النَظَر والتَرْتِيب في الشيء، (4) ومنه قيل لله عز وجل: "مُدَبِّر الخَلْق"، وسمعتُ شيخَنا أبا الفرج (5)
__________
(1) قال في (الزاهر: ص 428): "وهو من العبيد والإماء".
(2) انظر هذه المعاني في (الزاهر للأزهري: ص 428).
(3) أخرجه البخاري في الأحكام: 13/ 179، باب بيع الإمام على الناس أموالهم وضيّاعهم، حديث (7186)، وفي العتق كذلك: 5/ 165، باب بيع المدبر، حديث (2534)، ومسلم في الزكاة: 2/ 692، باب الابتداء في النفقة بالنفس ثم أهله ثم القرابة حديث (41)، وأبو داود في العتق: 4/ 27، باب في بيع المدبَّر، حديث (3955)، وابن ماجة في العتق: 2/ 840، باب المدبَّر، حديث (2513).
(4) ومنه قوله تعالى في سورة يونس: "ثم استوى على العرش يُدَبِّرُ الأمرَ" وقوله عز وجل من السورة نفسها: 31 "ومَن يُدَبِّر الأَمر فسيقولون الله".
(5) هو الشيخ عبد الرحمن بن إبراهيم بن الخبَّال، زين الدين أبو الفرج، العلّامة الحنبلي الفقيه المقرئ. قال المصنف "لم ير في التواضع مثله" توفي 866 هـ.
أخباره. في: (الضوء اللامع: 4/ 43، السحب الوابلة: ص 116، الشذرات: 7/ 318، المنهج الأحمد: 2/ 149، الجوهر المنضد: ص 64).
(3/823)
________________________________________
يقول: "إنَّما سُمِّيَ الُمدَبِّرُ مُدَبِّرًا، لأن سَيِّدَه دَبَّر فيه أمْرَ دُنْياهُ، بأَنْ استخدمَهُ حَياتَه جميعَها، وأَمْرَ آخِرَته بِعِتْقِهِ بعد مَوْتِه، فقد دَبَّر أمْر الدنيا والأخرة.
والُمدَبَّر - بفتح "الباء": الذي وَقع عليه التَّدْبِير، وبكسر "الباء": الذي وقَع منه التَّدْبِير. وأمَّا الُمدْبَر - بسكون "الدال" وفتح "الباء" -: فهو ما فيه دَبْرٌ". و"مَّا الُمدْبِر - بكسر "الباء" -: فهو ضِدُّ الُمقْبِل.
* مسألة: - أصحُّ الروايتين: أنَّ المُدبَّرة كالُمدَبَّر في البيع (1).
* مسألة: - أصحُّ الروايتين: أَنَّه إذا رجَع في التدبير، أوْ أبْطَلَهُ، لا يَبْطُل (2).
__________
(1) صرح أحمد رحمه الله بهذا في رواية ابن منصور فقال: "ببيع المدَبَّرة من حاجة وغيرها"، كما نقل أبو طالب ذلك. انظر: (الروايتين والوجهين: 3/ 116)، وبهذا قال صاحب (المغني: 12/ 318).
ونقل أبو الحارث، وعبد الله: ما اجترئ على بيْع المُدبَّرة، لأنه فرجٌ يوطأ فظاهر هذا المنع. (الروايتين والوجهين: 3/ 116)، وقيد الخرقي جواز البيع في الدَيْن فقط (المختصر: ص 243).
قال صاحب (المغني: 12/ 318): "والظاهر أنَّ هذا المنع منه كان على سبيل الوَرَع، لا على التحريم البات، فإنه إنّما قال: لا يُعْجِبُي بيعها، والصحيح جواز بيعها ... ".
(2) اختار هذا القاضي والخرقي، فعلى هذا يكون التدبير عِتْقًا بصفة. انظر: (المختصر: ص 243، الروايتين والوجهين: 3/ 117)، وبهذا صرح الموفق في (المغني: 12/ 319). والرواية الثانية، له ذلك: أي الرجوع والإبطال.
قال القاضي: "فعلى هذا يكون وصية، وقد أومأ إليه في رواية ابن منصور. (الروايتين والوجهين: 3/ 117).
(3/824)
________________________________________
كتاب: المُكاتَب
المُكَاتَب: العَبْدُ الذي حَصَلتْ منه الكِتَابة، والكِتَابَةُ: اسْمُ مصدر بمعنى الُمكَاتَبة. قال الأزهري: "المكاتَبةُ: لَفْظةٌ وُضِعَت لِعِتْقٍ على مالٍ مُنَجَّمٍ إلى أوقاتٍ معلومةٍ يَحلُّ كلُّ نَجْمٍ لوَقْتِه الَمعْلُوم"، (1) وأصْلُها من الكَتْبِ الذي هو الجمع، لأنَّها تُجْمَع نُجُومًا. (2)
قلتُ: بل أصْلُها من الكتابة، لأَنَّه يُكَاتِب سيِّدَه على ذلك. (3)
والمكاتَب -بفتح "التاء"-: العَبْدُ. والمكاتِب بكسرها: "السَيِّد، وقال الله عز وجل: {وَالَّذِينَ يَبْتَغُونَ الْكِتَابَ مِمَّا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ فَكَاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْرًا} (4) وفي الحديث: "كاتِبْ في سَلْمان"، (5) وفي حديث
__________
(1) انظر: (الزاهر: ص 429).
(2) سبق بيان معنى المكاتبة. انظره ص 329، وانظر ما قاله الأزهري حول هذا المعنى في (الزاهر: ص 430).
(3) قال هذا صاحب (المغني: 12/ 338)، وشمس الدين في (الشرح: 12/ 338).
(4) سورة النور: 33.
(5) أخرجه البخاري في البيوع: 4/ 410 في الترجمة، باب شراء المملوك من الحربي وهبته وعتقه، وأحمد في المسند: 5/ 443.
(3/825)
________________________________________
بريرة: (1) "كاتبتُ أهْلِي على تِسْع أواقٍ". (2)
قال الشيخ في "المقنع" وغيره: "الكِتَابَةُ: بَيْعُ العَبْدِ نَفْسَهُ بِمَالٍ". (3)
1693 - قوله: (على أنْجُمٍ)، واحِدُها نَجْمٌ - بفتح "النون" -: اسْمٌ لكُلِّ واحدٍ من نُجُوم السَّماء، وهو بالثُّرَيا أخَصُّ، ثم جَعَلت العَرب مطالع مَنَازِل القَمر ومساقِطَها مواقيتَ الحَوْل [دنويها] (4)، ثُمَّ غَلَب حتى صار عبارةً عن الوقت، فمعنى مُنَجَّمٌ: مُوَقَّتٌ. (5)
قلتُ: بل النُّجُوم: القِطَعُ المتفرقةُ، ومنه سُمِّيت نُجُوم السماء، فهذا كذلك قِطَعٌ متفرقة.
__________
(1) هي بريرة مولاة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، كانت مولاة لبعض بني هلال وقيل: كانت مولاة أناس من الأنصار فكاتبوها ثم باعوها من عائشة فأعتقتها، وكان اسم زوجها "مغيثا" وكان مولى فخيرها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاختارت فراقه. لها حديث عند النسائي، كما روى عنها عبد الملك بن مروان. أخبارها في: (سير الذهبي: 2/ 297، المستدرك: 4/ 71، أسد الغابة: 7/ 39، تهذيب التهذيب: 12/ 403، الإصابة: 8/ 29).
(2) أخرجه البخاري في البيوع: 4/ 376، باب اذا اشترط شروطا في البيع لا تحل حديث (2168)، وفي الشروط: 5/ 326، باب الشروط في الولاء حديث (2729)، وفي المكاتب كذلك: 5/ 190، باب استعانة المكاتب وسؤاله الناس، حديث (2563)، ومسلم في العتق: 2/ 1142)، باب إنما الولاء لمن أعتق، حديث (7)، وأبو داود في العتق: 4/ 21، باب في بيع المكاتب إذا فسخت الكتابة، حديث (3930)، والنسائي في البيوع: 7/ 269، باب المكاتب يباع قبل أن يقضي من كتابته شيئا، ومالك في العتق: 2/ 780، باب مصير الولاء لمن أعتق، حديث (17).
(3) انظر: (المقنع: 2/ 498).
قال في: (الإنصاف: 7/ 446): "زاد غيره: بعوضٍ مباحٍ معلومٍ مؤَجَّل" وانظر هذا التعريف في: "المذهب الأحمد: ص 214).
وفي (المغني: 12/ 338): "الكتابة: إعتاقُ السّيد عَبْدَه على مالٍ في ذِمَّتِه يُؤدِّى مُؤَجَّلًا".
(4) لم أقف على فهم معنى هذه العبارة.
(5) ومنها: النَجْم: الوقت المضْروب، يقال: نَجَّمت المال، إذا أديته نجوما. (الصحاح: 5/ 2039 مادة نجم).
(3/826)
________________________________________
1694 - قوله: (قَبْلَ مَحِلِّها)، بكسر "الحاء". (1)
* مسألة: - أصحّ الروايتين: أنه لا يُعْتَقْ حتى يُؤَدِّي ولَوْ مَلَكَه. (2)
* مسألة: - أصحّ الروايتين: أَنَّه أدَّى بعض الكتابة، ومات عن مَالٍ أنَّ جميعه لسيِّده. (3)
__________
(1) أي: قبل حلول وقتها المحدد لها.
(2) نص أحمد على هذا في رواية الميموني فقال: "المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، قيل: دان. كان موسرا، قال: إن كان موسرا" قال القاضي: "وهي الصحيحة" وقدمها الخرقي، وبها قال صاحب "المغني". انظر: (الروايتين والوجهين: 3/ 121، مختصر الخرقي: ص 244، المغني: 12/ 362).
أما الرواية الثانية: يُعْتَق بملك الوفاء، قال في (المغني: 12/ 362): "فمتى امتنع منه أجبره الحاكم عليه".
(3) نص أحمد على هذا في رواية أبي الحارث، وبكر بن محمد، وابن منصور. قال القاضي: "وهي الصحيحة أنه عتق مُعَلَّقٌ بشرط مُطْلَق، فوجب أنْ يَنْقَطِع بالموت" (الروايتين والوجهين: 3/ 123).
أما الرواية الثانية نقلها الخرقي، وهي أنَّ لسيِّده بقية كتابته، والباقي لورثته، ويعتق بآخِر جُزءٍ من آخر حياته. انظر: (مختصر الخرقي: ص 245، الروايتين والوجهين: 3/ 123). وهذا الخلاف إذا خلف وفاءَ، أَما إذا لم يَخْلُف وفاء، فالكتابة تبطل رواية واحدة ويكون المال للسيد، وكذلك لا تختلف الرواية، أنه إذا مات السيد لم تبطل الكتابة ويكون العبد على كتابته. (الروايتين والوجهين: 3/ 123).
(3/827)
________________________________________
كتاب: عتق أمهات الأولاد
[أُمَّهَاتَ]: (1) واحِدَتُها أُمٌّ، وأصْلُها: أُمَهَةٌ، ولذلك جُمِعَتْ على أمَّاتٍ باعتبار اللَّفْظ، وأُمَّهاتٍ باعتبار الأَصْل، وقال بعضهم: الأُمَّهات للناس، والأُمات للبهائم. (2)
قال الواحدي: "الهاءُ في أمهة زائدةٌ عند الجمهور، وقيل: أصلية". (3) والأَوْلاَدُ: جَمْع ولَد، وسُمِّي ولدًا، لِقُرْبه من الوِلادة، وهي الوضْع.
1695 - قوله: (أحكام الإِماء)، الأحكامُ: جَمْع حُكْمٍ، وهو في اللغة: القَضَاءُ والحِكْمَة. (4)
وفي الشرع: خِطَاب الله الُمتَعَلِّق بأفعال المكلَّفين بالاقتضاء أَوْ التَّخْيِير" (5).
__________
(1) زيادة يقتضيها السياق.
(2) سبق الحديث عن معنى الأم وأصلها وإطلاقتها في ص 471، ص 654.
(3) انظر: (البسيط للواحدي 1/لوحة 337 أ).
(4) لأنها تمنع صاحبها عن أخلاق الأراذل والفساد. (المصباح: 1/ 157).
(5) هذا تعريف الأصوليين للحكم الشرعي. انظر: (شرح تنقيح الفصول: ص 67، فواتح الرحموت: 1/ 54، نهاية السول: 1/ 38، إرشاد الفحول: ص 6، شرح العضد على ابن الحاجب: 1/ 222، التعريفات: ص 92).
أما الحكم الشرعي عند الفقهاء: "فهو مدلول خطاب الشرع" (شرح الكوكب المنير: 1/ 333). =
(3/828)
________________________________________
والإِماءُ: جَمْع أمةٍ: وهي الرقيقةُ.
1696 - قوله: (وإذا عَلِقَتْ)، عَلِقَتْ الأُنْثَى - بكسر "اللّام" -: حَمَلَتْ.
__________
= والسبب في "اختلاف التعريفين: أن الأصوليين نظروا إليه من ناحية مصدره، وهو الله سبحانه وتعالى، فالحكم صفةٌ لَهُ، فقالوا: إن الحُكم: خطاب.
الفقهاء نظروا اليه من ناحية متعَلِّقِهِ، وهو فِعْل المكَلَّف، فقالوا: إنَّ الحُكم: مدلول الخِطَاب وأثَرُه. انظر: (الأحكام للآمدي: 1/ 95، فواتح الرحموت: 1/ 54، شرح الكوكب المنير: 1/ 333).
(3/829)
________________________________________
كتاب: ما في الكتاب من الأَسْمَاء
وقد رتَّبْتُهم على حُرُوف الُمعْجَم: -
1 - أحمد بن عبد الله بن عبد المطلب، النّبي المصطفى - صلى الله عليه وسلم -.
نَسبُه: - محمد بن عبد الله بن عبد المطّلب بن هاشم بن عَبْدِ مَنَاف بن قُصَيٍّ بن كلاب بن مُرَّة بن كَعْب بن لُؤَيٍّ بن غالِب بن فِهْر (1) بن مالك بن النضر بن كنانة بن خُزَيمة بن مُدْرِكة بن إِلياس بن مُضَر بن نِزَار بن مَعَدِّ بن عَدْنَان.
إلى هنا مُتفقٌ عليه في الصحيحين. (2)
وذكر بعض أصْحابِنا، عليه الإجماع. (3)
ومن هنا: مُختلفٌ فيه. والأَشْهَر فيه: ابن أُدٍّ [ويقال] (4): ابن أُدَّدٍ بن
__________
(1) وإلى فِهْر جِمَاع قريش، وما كان فَوق فِهْر، فلا يقال لَهُ قُرَشيٌّ، ويقال له كِنَانِيٌّ انظر: (طبقات ابن سعد: 1/ 55، وجمهرة أنساب العرب: ص 12).
(2) انظر: (البخاري في مناقب الأنصار: 7/ 162 في الترجمة، باب مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم -، ومسلم في الفضائل: 4/ 1782، باب في فضل نسب النيي - صلى الله عليه وسلم -، حديث (1).
(3) انظر: (المطلع: ص 417)، قال النووي: "إلى هنا مجمع عليه وما بعده إِلى آدم مختلفُ فيه، ولا يثْبُت فيه شَيْءٌ". انظر (المجموع: 1/ 13)، وبمثل هذا قال ابن حجر في (فتح الباري: 6/ 538).
(4) زيادة من المطلع: ص 417 يقتضيها السياق. وفي (فتح الباري: 6/ 538) في سلسلة أخرى" ابن أُدٍّ بن أُدُّد ... ".
(3/830)
________________________________________
مُقَوَّم بن نَاحُور - بـ "النون" و"الحاء" - بن تَيْرَح بن يَعْرُب بن يَشْجُب بن نَابتٍ بن إِسماعيل بن إِبراهيم بن تَارخ (1) - وهو آزر - (2) بن نَاحُور بن شَارُوخ (3) بن أرغُوا (4) بن عَيبر (5) بن سَالِخ (6) بن أَرْفَخْشَد بن سَام بن نُوح ابن لاَمِكٍ بن متُوشَّلَخ - (7) وهو إدريس عليه السلام فيما يزعمون - بن أخْنُوخ (8) بن يَرْدٍ (9) بن مهْلاَئِيل بن قَيْنَنِ - ويقال: قَيْنَان - (10) بن يَانِش -
__________
(1) قال هذا ابن إسحاق. انظر: (سيرة ابن هشام: 1/ 2، وتاريخ الطبري: 2/ 272)، وإليه مال ابن حجر في (الفتح: 6/ 538).
وهناك آراء أخرى ذُكِرَتْ في سلسلة نَسَبِه - صلى الله عليه وسلم - بين عدنان وإبراهيم انظرها في: (تاريخ الطبري: 1/ 271 - 272، فتح الباري: 6/ 538).
قال ابن سعد في (طبقاته: 1/ 57 - 58): "وهذا الاختلاف في نسبته يدل على أنه لمْ يُحْفَظ، وإنّما أخذ ذلك من أهل الكتاب وترجموه لهم فاختلفوا فيه ولو صحّ ذلك لكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعلم الناس به. فالأمر عندنا على الانتهاء إلى معدِّ بن عدنان، ثم الإمساك عما وراء ذلك إلى إسماعيل بن إبراهيم".
(2) وبعضهم يقول: آزر بن تارخ، قاله ابن سعد في: (طبقاته: 1/ 59).
(3) كذا هو عند ابن الجوزي بـ "الخاء" المعجمة، وعند ابن سعد (شاروغ)، بـ"الشين" المعجمة مع "ألف" و"غين" معجمة. قال: ويقال: شروغ بدون "ألف".
انظر: (تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 9، طبقات ابن سعد: 1/ 59).
(4) ويقال: أرغوا بن فالغ بـ"الغين" المعجمة، أو "الخاء" المعجمة كذا ذكره ابن سعد وبالأولى قيَّده ابن الجوزي. (طبقات ابن سعد: 1/ 59، تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 9).
(5) كذا في (المطلع: ص 417)، وفي (طبقات ابن سعد: 1/ 59): "عابر".
(6) ويقال: شالح بـ "الشين" المعجمة و"الحاء" المهملة. قاله اليعقوبي في (تاريخه: 1/ 19)، وكذل: شالخ بـ"الشين" و "الخاء" المعجمة. قاله ابن قتيبة في (المعارف: ص 30).
(7) ويقال: متوسلخ بـ "السين" المهملة. قاله ابن سعد في (طبقاته: 1/ 59).
(8) وذكر ابن سعد، والمسعودي أن "أخنوخ" هو إدريس عليه السلام. انظر: (الطبقات: 1/ 59، مروج الذهب: 1/ 39).
(9) كذا في (تاريخ اليعقوبي: 1/ 11)، وفي (طبقات ابن سعد: 1/ 59): "ابن يرذ، وهو يارذ" بـ "الذال" المعجمة. وفي (تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 9): "ابن بره" بـ "الباء" و"الهاء".
(10) كذا هو في: (طبقات ابن سعد: 1/ 59).
(3/831)
________________________________________
ويقال: أنَش، ويقال: أَنُوش - (1) بن شيث بن آدم عليه السلام.
كُنْيَتُه: أبو القاسم (2)، وأبُو إبراهيم (3).
وله أسماءٌ كثيرة منها: محمد، وأحمد، والحاشِر، والعَاقِب (4)، والُمقَفِّي، والخَاتَم، ونبيُّ الرحمة، ونبيُّ الَملْحَمَة، ونبيُّ التوبة، والفَاتِح، وطَهَ، ويس، والمزمل، والمدثر (5).
وذكر ابن العربي المالكي: أنَّ لَهُ أَلْفَ اسْمٍ (6).
__________
(1) كذا هو في: (طبقات ابن سعد: 1/ 59، وتاريخ اليعقوب: 1/ 9)، وفي (تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 9)، أنوس بـ"السين" المهملة.
(2) القاسم: أمه خديجة رضي الله عنها، وبه كان يكنى - صلى الله عليه وسلم -، وهو أول من مات من أولاده، وعاش ستين، واختلف، هل مات قبل البعثة أو بعدها؟ انظر: (تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 30، فتح الباري: 6/ 560، طبقات ابن سعد: 1/ 106 - 107).
وزيادة للفائدة، لقد نهى - صلى الله عليه وسلم - عن التكني بكنينه. أخرج البخاري في المناقب: 6/ 560، باب كنية النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديث (3537) عن أنس رضي الله عنه قال: "كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في السوق فقال رجل: في أبا القاسم. فالتفت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: سَمُّوا باسمي، ولا تكتنوا بِكُنيتي".
(3) إبراهيم: أمه مارية القبطية، ولد في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة، توفي ابن ستة عشر شهرًا، وقيل: ثمانية عشر، وهو أصح، ودفن بالبقيع، قاله ابن الجوزي في (تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 31).
(4) الحاشر: الذي يُحْشَر الناسُ على قدمَيْه، والعاقب الذي ليس بعده نبي. انظر: (فتح الباري: 6/ 554).
(5) انظر بعض هذه الأسماء عند البخاري في المناقب: 6/ 554، باب ما جاء في أسماء رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حديث (3532)، وكذلك مسلم في الفضائل: 4/ 1828، باب في أسمائه - صلى الله عليه وسلم -، حديث (124)، (125)، (126).
كما ذكر هذه الأسماء وزاد عليها القاضي عياض في (الشفا: 1/ 144)، وحكاها العاقولي عن الطيبي في كتابه "الكاشف". انظر: (الرصف للعاقولي: 1/ 11 - 12).
(6) وهو قول حكاه ابن العرب عن بعض الصوفية. انظر: (عارضة الأحوذي: 10/ 281).
(3/832)
________________________________________
وأُمُّهُ: آمنة، وأَبُوه: عبد الله (1)، وَوُلدَ: عام الفيل (2).
وقيل: بعدَهُ بثلاثين سنة (3)، وقيل: أربعين (4)، وقيل: بعَشرٍ (5).
وكان يوم الاثنين من شهر ربيع الأول. وقيل: ثاني عشر (6)، وقيل: الثاني (7)، وقيل: الثَامِن (8)، وقيل: العَاشِرُ من شهر رجب، وقيل: رمضان (9).
وتُوُفيَّ يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول سنة إحدى عشرة من
__________
(1) هو عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، والد النبي - صلى الله عليه وسلم -، توفي والرسول - صلى الله عليه وسلم - يومئذ حمل، وهو في سن الخامسة والعشرين. أخباره في (طبقات ابن سعد: 1/ 88 وما بعدها، الروض الأنف: 2/ 131 وما بعدها الرصف للعاقولي: 1/ 17 وما بعدها.
(2) وهو قَدْرٌ متفق عليه بين جمهور العلماء، قاله ابن الجوزي في (تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 7)، وابن كثير في (سيرته: 1/ 199 وما بعدها)، وابن خياط في (تاريخه: 1/ 10).
(3) حكاه ابن كثير عن موسى بن عقبة عن الزهري رحمه الله. انظر: (سيرة ابن كثير: 1/ 203).
(4) حكاه ابن كثير كذلك عن أبي زكريا العجلاني. قال: رواه ابن عساكر، وهذا غريب جدًا. انظر: (المصدر السابق: 1/ 203).
(5) قاله ابن أبْزَى. حكاه ابن كثير في (سيرته: 1/ 203).
وهناك آراء أخرى أوردها ابن كثير في (سيرته: 1/ 202 - 203) وابن خياط في (تاريخه: 1/ 10 - 11).
(6) نصَّ على هذا ابن إسحاق. وسيرة ابن هشام: 1/ 158).
(7) قاله ابن عبد البر في (الاستيعاب: 1/ 18) ورواه الواقدي عن أبي معشر نجيح بن عبد الرحمن المدني. حكاه عنه ابن كثير. انظر (السيرة له: 1/ 199).
(8) حكاه الحميدي عن ابن حزم، ورواه مالك وجماعة عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم. انظر: (سيرة ابن كثير: 1/ 199).
(9) قاله الزبير بن بكار، حكاه عنه ابن عبد البر في (الاستيعاب (1/ 18) قال ابن كثير: "وهو قول غريبٌ جدًا" (السيرة: 1/ 200).
(3/833)
________________________________________
الهِجْرة (1)، وقيل: في شهر رجب، وقيل: غير ذلك (2).
ودُفِنَ يوم الثلاثاء حينَ زالت الشّمس (3)، وقيل: لَيْلَةَ الأَرْبعَاء (4)، وله ثلاَث وسِتُّون سنة (5)، وقيل: اثْنَتَان وستّون (6)، وقيل: خمسٌ وستون (7) وكان ليس بالطويل البائن، ولا القصير، ولا الأَبْيَض الأَمْهَق، ولا الآدم، ولا الجَعْد القَطَط، ولا السَّبْطَ، تُوُفي وليس في رأسه ولِحْيَتهِ عشرون شعرةً بيضاء (8).
__________
(1) هذا المشهور عند أهل العلم. أخرج ابن سعد في (طبقاته: 2/ 272): (عن علي رضي الله عنه قال: اشتكى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم الأربعاء لليلة بقيت من صفر سنة احدى عرة، وتوفي يوم الاثنين لاثنتي عشرة مضت من ربيع الأول".
(2) وقيل: تُوُفيَ يوم الاثنين لليلتين مضتا من شهر ربيع الأول. حكاه ابن سعد في (طبقاته: 2/ 272. وابن خياط في (تاريخه: 1/ 68).
(3) حكاه ابن سعد عن علي رضي الله عنه. (الطبقات: 2/ 273).
(4) حكاه ابن سعد، والطبري. انظر: (الطبقات: 2/ 273، تاريخ الطبري: 3/ 217).
(5) حكاه الطبري عن ابن عباس، وابن المسيب، وعائشة رضي الله عنهم. انظر: (تاريخه: 3/ 215 - 216).
كما حكاه ابن خياط عن معاوية بن أبي سنان، وعبد الله بن عتبة، والشعبي وغيرهم. انظر: (تاريخه: 1/ 68 - 69).
(6) قاله قتادة. حكاه خليفة بن خياط في (تاريخه: 1/ 70).
(7) قاله ابن عباس وغيره. انظر: (تاريخ ابن خياط: 1/ 69، تاريخ الطبري: 3/ 216).
وهناك آراء أخرى ذُكِرَتْ في سنه عليه الصلاة والسلام يوم وفاته. انظر: (المصدرين السابقين).
(8) وردت هذه الصفات في حديث أخرجه البخاري في اللباس: 10/ 356، باب الجعد، حديث (5900)، ومسلم في الفضائل: 4/ 1824، باب في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم - ومبعثه وسنِّه، حديث (113).
الأمهق: الكَرِيه البياض، كلون الجص، يريد أنه كان نَيِّر البياض. انظر: (النهاية لابن الأثير: 4/ 374).
الجعد القطط: شديد الجعودة، يريد أنه كان وسطًا بينهما. (النهاية: 2/ 334).
ولا السَّبْط: أي الُمنْبَسِط المسترسل، فلا يتكسر منه شَيءٌ كشُعُور الهنود. انظر: (فتح الباري: 10/ 357، النهاية: 2/ 334).
(3/834)
________________________________________
وكان حسنَ الجِسْم، بعيد ما بيْن المنكبين، كثَّ اللِّحْيَة، شَثْنَ (1) الكفَّيْن، ضَخْمَ الرأس والكرادِيس (2)، أدْعَج (3) العيْنَيْن، طويل أهْدابِها، دقيقَ الَمسْرُبَة (4)، إِذا مشى كَأَنَّما ينْحَط من صَبَبٍ (5)، أشْعَر الَمنْكِبَيْن، والذِرَاعَيْن، وأعالي الصدر، طويل الزندين، رحْبَ الراحة، بيْن كتِفَيْه خاتَمُ النبوة كزِرِّ الحَجَلَةِ (6).
وكان أَزَجَّ (7) الحَاجِبَيْن، واسِعَ الجبين، لم يُرَ قَبْلَه ولا بَعْدَه أحسنَ منه، ولا أحْيى، ولا أبشَّ منه، ولا أهْيَب، ضَحِكُه تَبَسُّمًا، كثير البِشْر، كثير البُكَاء (8).
وكان لَهُ من الولد: إبراهيم، والقاسِم، وعبد الله (9)، وقيل:
__________
(1) شثن الكفين: أي أنهما يميلان إلى الغِلَظ والقِصَر، وقيل: هو الذي في أنامله غلظً بلا قِصَر، ويُحْمَد ذلك في الرجال ويُذمُ في النساء، قال أبو السعادات في: (النهاية: 2/ 444).
(2) الكراديس: واحدها: كُرْدُوس، وهي رؤوس العِظَام، وقيل: هي مُلْتَقَى كُلُّ عظمين ضخمين، كالركْبَتَيْن، والِمرْفَقَيْن، يريد أنه ضخم الأعْضَاء. (النهاية: 4/ 162).
(3) الدَّعَج: شدَّة سواد العَيْن في شدة بَياضِها. قاله في ابن الأثير في (النهاية: 2/ 119).
وقال الجوهري: الدّعج: شِدّة سواد العين مع سِعَتها. (الصحاح: 1/ 314 مادة دعج).
(4) المسرُبة: بضم "الراء": ما دقَّ من شعر الصدر سائلًا إِلى الجوف. (النهاية: 2/ 356).
وفي رواية: "طويل المسربة". انظر: (شمائل الرسول لابن كثير: ص 16).
(5) الصبب: ما انحدر من الأرض، وجمعه أصباب. قاله الجوهري في (الصحاح: 1/ 161 مادة صبب).
(6) زِزِّ الحَجَلة: الزرُّ: واحد الأَزْرَار التي تُشَدّ بِها الكِلَلُ والستُور على ما يكون في حَجلة العَرُوس. (النهاية: 2/ 300).
(7) أَزج: من الزَّجَج: وهو تقوسٌ في الحاجب مع طولٍ في طرفِه وامْتِدَادِه.
(النهاية: 2/ 296).
(8) ذكر هذه الصفات وزاد عليها: الترمذي في كتابه (الشمائل المحمدية)، وابن كثير في كتابه (شمائل الرسول)، والنبهاني في كتابه (وسائل الوصول إلى شمائل الرسول)
(9) واختلف فيه. هل ولد قبل النبوة، أو بعدها؟ وصحح بعضهم أنه ولد بعد النبوة. انظر: (زاد المعاد لابن القيم: 1/ 40).
(3/835)
________________________________________
والطيِّب، والطَّاهِر، والُمطَهِّر، والُمطَيِّب (1).
ومن الإناث: زَينب، وفَاطِمة، ورُقيَّة، وأُمُّ كلثوم (2).
وأصهارُه: علي (3)، وأبو العاص (4)، وعثمان (5).
وكان له أحدَ عشر عمًّا: الحارث (6)، وقُثَم (7)، والزبير (8)، وحمزة،
__________
(1) اختلف في هذه الأسماء الأربعة، هل هي ألقاب لـ"عبد الله"؟ أو أسماء لأبناء آخرين له - صلى الله عليه وسلم - الصحيح الذي عليه غالب المحققين أنهم ألقاب لـ"عبد الله" سُمِّي بهم، لأنه ولى بعد النبوة.
انظر: (الروض الأنف: 2/ 243، زاد المعاد: 1/ 40، المعارف: ص 141، تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 30).
(2) وكل أولاد النبي - صلى الله عليه وسلم - من خديجة رضي الله عنها إلَّا إبراهيم فإنه من مارية القبطية. كما أن كل أولاده توفوا قبله إلّا فاطمة، فإنها تأخرت عنه بستة أشهر. (المعارف: ص 132، زاد المعاد: 1/ 40، الروض الأنف: 2/ 230 - 241، تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 31).
(3) علي بن أبي طالب، وتزوج فاطمة بعد سنة من مقدمه المدينة، وأنجبت له الحسن والحسين ومحسنا، وأم كلثوم، وزينب. انظر: المعارف: ص 142 - 143 تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 31).
(4) أبو العاص، وهر القاسم، ويقال: مقسّم ابن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس، تزوج زينب، وهي ابنة خالته - مشركا، وقدم المدينة، وأسلم وحسن إسلامه، مكث مع زينب وأنجبت له أمامة. انظر أخباره في: (سير الذهبي: 1/ 330، المعارف: ص 141 - 142، أسد الغابة: 6/ 185، مجمع الزوائد: 9/ 379).
(5) أما عثمان بن عفان رضي الله عنه، فقد تزوج رقية بعدما طلقها عتبة بن أبي لهب، قبل أن يدخل بها، وأنجبت لعثمان: عبد الله، وهلك صبيا لم يجاوز ست سنين. وماتت رقية بمكة بعد مقدم عثمان المدينة بسنة وعشرة أشهر وعشرين يوما وتزوج بعدها أختها أم كلثوم، وتوفيت لثمان سنين وشهرين وعشرة أيام بعد مقدمه المدينة. انظر: (المعارف: ص 142، تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 33).
(6) قال ابن قتيبة: "فهو أكبر ولد عبد المطلب، وشهد معه حفر زمزم، وبه كان يكنى". (المعارف: ص 126).
(7) ذكره ابن القيم في: (زاد المعاد: 1/ 40)، وابن الجوزي في (تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 16)، وجعله ابن قتيبة من ضمن ولد العباس بن عبد المطلب. (المعارف: ص 121).
(8) قال ابن قتيبة: "كان من رجالات قريش، وكان يقول الشعر. كنيته "أبو طاهر" (المعارف: ص 120).
(3/836)
________________________________________
والعبَّاس، وأبو طالب، وأبو لهب (1)، وعبد الكعبة (2)، وحَجْل (3) - بـ "حاء" مهملة مفتوحة، ثم "جيم" ساكنة - وضِرَار (4)، والغَيْدَاق (5). أسلم منهم حمزة، والعباس.
وعماته ستٌّ: صفية (6) - أم الزبير، أسلمت وهاجرت - وعاتكة: وقيل أنها أَسْلَمت (7)، وبَرَّة (8)، وأرْوَى (9)، وأُمَيْمَة (10)، وأم حكيم (11): وهي البيضاء.
__________
(1) واسمه: عبد العزى، ويكنى: أبا عتبة، وكان أحول، وقيل له أبو لهب لجماله، مات بمكة مشركا. وله من الولد: عتبة، وعتيبة، ومعتّب، وبنات. وأمهم أم جميل بنت حرب، حمالة الحطب. أخت أبي سفيان. انظر: (المعارف: ص 125، تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 16).
(2) ذكره ابن القيم في: (زاد المعاد: 1/ 40).
(3) واسمه: المغيرة: وقيل: هو الغيداق، وقيل: حَجْل ولد الزبير بن عبد المطلب انظر: (تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 17، المعارف: ص 128، زاد المعاد: 1/ 40).
(4) قال ابن قتيبة: "مات قبل الاسلام، ولا عقب له، وكان يقول الشعر". (المعارف: ص 124).
(5) قيل: هو حجل بن عبد المطلب. ومعنى الغيداق: الرجل الكريم. انظر: (سيرة ابن هشام: 1/ 109، المعارف: ص 128، تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 16).
(6) هي صفية بنت عبد المطلب، أم الزبير بن العوام رضي الله عنه، كانت تحت الحارث بن حرب بن أمية. شقيقة حمزة. فضائلها كثيرة. أخبارها في: سير الذهبي: 2/ 269، المعارف: ص 128 - 219، أسد الغابة: 7/ 173).
(7) قال ابن قتيبة: "كانت عند أبي أمية بن المغيرة المخزومي" وهي صاحبة تلك الرؤيا في مهلك أهل بدر. أخبارها في: (المعارف: ص 128، سير الذهبي: 2/ 272، أسد الغابة: 7/ 185، مجمع الزوائد: 9/ 255).
(8) لم تُدرك المبْعَث، وهي والدة أبي سلمة بن عبد الأسد المخزومي البدري. الذي كانت أم سلمة عنده قبل أن تكون عند النبي - صلى الله عليه وسلم -. أخبارها في (المعارف: ص 128، طبقات ابن سعد: 8/ 45، سير الذهبي: 2/ 273).
(9) أسلمت، وهاجرت، وكانت زوجة لعمير بن وهب، فولدت له طليبا، وأسلم كذلك في دار الأرقم. أخبارها في: (طبقات ابن سعد: 8/ 42 - 43، سير الذهبي: 2/ 272، المعارف: ص 129، أسد الغابة: 7/ 7، المستدرك: 4/ 52).
(10) والدة أم المؤمنين زينب بنت جحش، أسلمت وهاجرت، وقيل: لم تدرك الاسلام. والله أعلم. أخبارها في: (طبقات ابن سعد: 8/ 45 - 46، المعارف: ص 118 - 128 - 136، سير الذهبي: 2/ 273).
(11) قال الذهبي: "ما أظنها أدركت نبوة المصطفى، كانت تحت كُرَيز بن ربيعة العَبْشَميُّ. أخبارها =
(3/837)
________________________________________
ومراضِعُه: أُمُّه، وثُوَيبَة (1)، وحليمة (2).
وأزْوَاجُه: خديجة، ثم سَوْدة (3)، وعائشة، وحفصة، وأُمُّ حبيبة، وأمُّ سَلَمة (4)، وزينب، وميْمونة (5)، وجُوَيْرية (6)، وصفية (7) وطلَّق زوجَتَيْن قَبْل
__________
= في: (طبقات ابن سعد: 8/ 45، المعارف: ص 128 - 191 - 320، سير الذهبي: 2/ 273).
(1) مولاة أبي لهب، اختلف في إسلامها. قال أبو نعيم: "لا أعلم أحدًا أثبت إسلامها غير المتأخر يعني ابن منده " أرْضَعَت النبي - صلى الله عليه وسلم - قبل أن تقدم حليمة، وكانت قد أرضعت قبله حمزة رضي الله عنه، وأرضعت بعده أبا سلمة ابن عبد الأسد. أخبارها في: (تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 13، الإصابة: 8/ 36، أسد الغابة: 7/ 46، السيرة لابن كثير: 1/ 224).
(2) هي حليمة بنت أو ذؤيب السعدية، أرضعت النبي - صلى الله عليه وسلم - وردته إلى أمه بعد سنتين وشهرين، وقيل: بعد خمس سنين قاله ابن قتيبة، وفضائلها كثيرة رضي الله عنها، هاجرت وماتت بالمدينة. أخبارها في: (أسد الغابة: 7/ 67، السيرة لابن كثير: 1/ 225، الإصابة: 8/ 52، المعارف: ص 131 - 132، تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 13، طبقات ابن سعد: 1/ 109 - 110).
(3) هي سودة بنت زمعة بن قيس القرشية العامرية، أم المؤمنين، أول من تزوج بها النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد خديجة. فضائلها كثيرة. توفيت في آخر خلافة عمر بالمدينة. أخبارها في: (طبقات ابن سعد: 8/ 52 - 58، سير الذهبي: 2/ 265، المعارف: ص 133 - 284، أسد الغابة: 7/ 157، جامع الأصول: 9/ 145، الشذرات: 1/ 34).
(4) هي السيدة الطاهرة، هند بنت أبي أمية بن المغيرة بن عبد الله المخزومية بنت عم خالد بن الوليد، من المهاجرات الأول، كانت من أجمل النساء وأشرفهن نسبا، توفيت بعد مقتل الحسين رضي الله عنه. أخبارها في: (الجرح والتعديل: 9/ 464، مجمع الزوائد: 9/ 245).
(5) هي أم المؤمنين بنت الحارث الهلالية، أخت أم الفضل زوجة العباس، تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد عمرة القضاء بسَرفٍ، فضائلها جمة توفيت سنة 51 هـ، أخبارها في: (سير الذهبي: 2/ 238، طبقات ابن سعد: 8/ 1320).
(6) هي بنت الحارث بن أبي ضرار المصطلقية، سُبِيَت يوم غزوة المريسيع، وكانت من أجمل النساء. فضائلها كثيرة، توفيت سنة 50 هـ، وقيل: 56 هـ. أخبارها في (طبقات ابن سعد: 6/ 118، المعارف: ص 138، أسد الغابة: 6/ 57).
(7) صفية بنت حيي بن أخطب الشريفة الطاهرة، صاحبة النسب والجمال والدين رضي الله عنها تزوجها النبي - صلى الله عليه وسلم - وجعل عتقها صداقها، توفيت سنة 36 هـ، وقيل: 50 هـ. أخبارها في:
(3/838)
________________________________________
الدخول (1).
وكان له سريَّتان: مارية (2)، ورَيْحَانة (3)
ومواليه: نحو الخمسين من الرجال، والعشرين من النساء (4).
وكُتَّابُه: معاوية، وزيد بن ثابت، وعلي بن أبي طالب (5).
وخدَّامُه كثيرون جدًا، من أجلِّهم: أنس، والصّديق.
__________
= (مجمع الزوائد: 9/ 250، أسد الغابة: 7/ 169، طبقات ابن سعد: 8/ 120، سير الذهبي: 2/ 231).
كما تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت خزيمة من بني عبد مناف، وكان زواجه منها بعد حفصة رضي الله عنهما. وماتت قبله - صلى الله عليه وسلم -. أخبارها في: (طبقات ابن سعد: 8/ 115، المعارف: ص 135، المستدرك: 4/ 33، أسد الغابة: 7/ 129).
(1) وهما: عمرة من بني قرظات، وهم من بني بكر بن كلاب. وأميمة بنت النعمان بن شراحيل الجوينة. وقيل: هي فاطمة بنت الضحاك؛ انظر: (المعارف: ص 139 - 140، تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 24).
(2) هي مارية القبطية هدية المقوقس ملك الإسكندرية إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكانت قد أهديت له مع أختها سيرين، فوهب الأخيرة إلى حسان بن ثابت، وأنجبت له عبد الرحمن بن حسان، توفيت مارية بعد وفاة إبراهيم بخمس سنين. قاله ابن قتيبة. انظر: (المعارف: ص 143، زاد المعاد: 1/ 44، طبقات ابن سعد: 8/ 212).
(3) هي ريحانة بنت زيد بن عمرو بن خناقة من بني النضير، وقيل: من بني قريظة سُبيت يوم بني قريظة، اختلف فيها أهل العلم، قيل: أعتقها عليه السلام وتزوجها ومنهم من قال بل كانت أمته، وكان يطأها بملك اليمين حتى توفي عنها فهي معدودة في السراري لا في الزوجات. انظر: (زاد المعاد: 1/ 43، تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 28، طبقات ابن سعد: 8/ 129 - 130).
وقيل: من سراريه، جارية أخرى أصابها في بعض السبي، وجارية وهبتها له زينب بنت جحش. قاله ابن القيم في (زاد المعاد: 1/ 44)، وابن الجوزي في: (تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 28).
(4) ذُكِرُوا بالتفصيل في: (زاد المعاد: 1/ 44، تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 34، المعارف: ص 144).
(5) بل هؤلاء أول مَنْ كَتَب لَهُ عليه السلام، أما كتابه فكثيرون. ذكرهم ابن القيم فى: (زاد المعاد: 1/ 45).
(3/839)
________________________________________
ومؤذِّنُوه: بلال، وابن أم مكتوم (1)، وأبو محذورة (2).
وغَزَواتُه تِسعة عشر (3)، واعْتَمَر أربعًا (4)، وحَجَّ مرة (5)، وقيل: مرتيْن (6)، ولم يُصَلِّ به أحدٌ قط إلَّا عبد الرحمن بن عوف (7)، وأخا الصديق وعليًا، ودُفِن معه
__________
(1) هو عبد الله بن قيس بن زائدة القرشي العامري، الصحابي الجليل، الضرير مؤذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هاجر بعد وقعة بدر بيسير، فضائله جمة، استشهد يوم القادسية، وقيل: مات بالمدينة، أخباره في: (المعارف: ص 290، سير الذهبي: 1/ 360، أسد الغابة: 4/ 263، الشذرات: 1/ 28، حلية الأولياء: 2/ 4).
(2) هو أوس بن مِعْيَر بن لوذان بن ربيعة بن سعد الجمحى، مؤذن المسجد الحرام كان من أندى الناس صوتًا وأطيبه توفي 59 هـ. أخباره في: (سير الذهبي: 3/ 117، طبقات ابن سعد: 5/ 450، أسد الغابة: 1/ 150).
وذكر ابن القيم مؤذنا رابعا كان بقباء، وهو سَعْد القرظ مولى عمَّار بن ياسر، انظر: (زاد المعاد: 1/ 47).
(3) وقيل: سبع وعشرون، وقيل: خمس وعرون، وقيل: تسع وعشرون، وقيل: غبر ذلك. قال ابن القيم: "قاتل منها في تسع: بدر، وأحد، والخندق، وقريظة، والمصطلق، وخيبر، والفتح، وحنين، والطائف"، وقيل: في غير ذلك. انظر: (زاد المعاد: 1/ 48، تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 48).
(4) قال ابن القيم: "وهذا بلا ريب"، العمرة الأولى في ذي القعدة عام الحديبية، والثانية من العام القابل عمرة القضية في ذي القعدة، وعمرة رمضان، وفي فتح مكة، والرابعة بعد غزوة حنين وكان ذلك في ذي القعدة كذلك. انظر: (زاد المعاد: 1/ 211).
(5) وهي حجة الوداع، وهي الوحيدة التي كانت بعد الهجرة بلا خلاف، ولا خلاف أنها كانت سنة عشر. انظر: (زاد المعاد: 1/ 213).
(6) وذلك قبل الهجرة، واعتمد من قال بهذا على الحديث الذي أخرجه الترمذي في الحج: 3/ 178، باب ما جاءكم حج النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديث (815) عن جابر بن عبد الله: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حج ثلاث حجج، حجتين قبل أن يهاجر، وحجة بعدما هاجر ومعها عمرة .. "قال أبو عيسى: هذا حديث غريب وقال: سألت محمدا -يعني البخاري - عن هذا فلم يعرفه من حديث الثوري، وقال: ورأيته لم يعد هذا الحديث محفوظا.
(7) أخرج مسلم في الطهارة: 1/ 230، باب المسح على الناصية والعمامة، حديث (81)، وأحمد في المسند: 4/ 249 - 250 - 251، والنسائي في الطهارة: 1/ 77، باب كيف المسح على العمامة وغيرهم. =
(3/840)
________________________________________
أبو بكر، وعمر، وأقام في الوحي: عِشْرين سنة، عشرًا بمكة، وعشرًا بالمدينة، وسَمَّى خَلْقًا، وغَيِّر أسماء آخرين، وقد أفردنا لذلك جزءا (1).
وكان لَهُ ناقةٌ تُسَمَّى العَضْباء (2)، وبَغْلَةٌ بيضاء (3)، وحمارٌ (4)، وقَدَحٌ، ورمح (5)، وسيف (6)، وخاتم (7)، وكان يحب الحلوى، والعسل (8)، وكان يقول: "لا تُطْرُوني كما أطْرَت النصارى ابن مريم، فإنَّما أَنَا عَبْدُهُ، فقولوا: عبد الله وَرَسُوله" (9).
__________
= في شعبة أنه ذكر أن النيي - صلى الله عليه وسلم - توضأ ومسح على خفيه وعمامته. قال: ثم ركب وركبت فانْتَهَيْنَا إلى القوم، وقد قاموا في الصلاة يصلي بهم عبد الرحمن بن عوف، وقد، ركع بهم ركعة. فلما أحس بالنبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب يتأخر فأومأ إليه فصلى بهم فلما سلم قام النبي - صلى الله عليه وسلم - وقمت فركعنا الركعة التي سبقتنا".
(1) ينظر في ذلك ما كتب حول مصنفات ابن عبد الهادي في المقدمة.
(2) وهي القصواء، التي اشتراها من أبي بكر رضي الله عنه بأربعمائة درهم، فكانت عنده حتى نفقت وهي التى هاجر عليها. وهي الجدعاء كذلك، وقيل غير ذلك. انظر: (تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 39، السيرة لابن كثير: 4/ 713، المعارف: ص 149).
(3) وأخرى: الشَهْبَاء، وثالثة: الدُلْدُل. حكاه ابن كثير في (السيرة: 4/ 713)، وابن الجوزي في (تلقيح فهومِ أهل الأثر: ص 39)، وابن قتيبة في (المعارف: ص 149).
(4) يقال له: عُفَيْر، وقيل: يَعْفُور. انظر: (سيرة ابن كثير: 4/ 713، تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 39، المعارف: ص 149).
(5) قيل: بل كان له رماح، وهي الَمثْوَى، والُمثنى، ورمحان أخران. حكاه ابن الجوزي في (تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 42).
(6) وقيل: سيوف - وعدّدها ابن الجوزي وسماها. انظر: (تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 41).
(7) وقد أفرد له أبو داود في كتابه السنن كتابًا خاصًا تحدث فيه عن أوصافه وخصائصه انظر: (السنن له: 4/ 88).
(8) أخرج البخاري في الأطعمة: 9/ 557، باب الحلوى والعسل، حديث (5431) عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحب الحلوى والعسل".
(9) أخرجه البخاري في الأنبياء: 6/ 478، باب قول الله: {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انْتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا}، حديث (3445)، والدرامي في الرقائق: 2/ 230، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: لا تطروني، وأحمد في المسند: 1/ 23 - 24 - 47.
(3/841)
________________________________________
وكان لا يَأْكُل مُتّكِئًا (1)، ولم يَر شاةً سَمِيطًا، ولا رغِيفًا مُرفّقًا (2)، ويجْلِس الهِلاَل ثم الهِلال، ثم الهِلاَل ما يُوقَد في بَيْتِه نَار (3).
وكان أجْود الناس، وألينَهُمْ كفًّا، وأطْيَبَهُم ريحًا، وأحسنَهُم عِشْرةً، وأشجَعَهُم، وأعْلَمَهُم بالله، وأشدَّهُم لَهُ خِشْيةً، لا ينْتَقِم لنَفْسِه، ولا يغْضَب لها، وإنما يفعل ذلك لَمحارِم الله. وكان خُلُقه القرآن، أكثر الناس تواضعًا، يقضي حاجة أَهْله، ويَخْفض جناحَه للضَعفة، ويخْصِف (4) نَعْلَهُ، ويُرَقِّع ثَوْبَهُ (5). ما سُئِل
__________
(1) أخرج أبو داود في الأطعمة: 3/ 348، باب ما جاء في الأكل متكلئا، حديث (3770) وابن ماجة في المقدمة: 1/ 89، باب من كره أن يوطأ عقباه، حديث (244) عن عمرو بن العاص، قال: ما رُئِيَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل متكئا قط"، وفي رواية عن أبي جُحَيفة. قال عليه السلام: "لا آكل متكئا".
(2) ورد ذلك في الحديث الذي أخرجه البخاري في الأطعمة: 9/ 552، باب شاة مسموطة والكتف والجنب، حديث (5421)، وابن ماجة في الأطعمة: 2/ 1100، باب الشواء، حديث (3309)، وفي باب الرقاق، حديث (3339)، وأحمد في المسند: 3/ 128 - 134 - 250.
سميطُ: مَشْوِيٌ، فعيلٌ بمعنى مفعول، وأصل السمْط: أي يُنْزَع صوف الشاة المذبوحة بالماء الحار، وإنما يفعل بها ذلك في الغالب لتشوى. (النهاية لابن الأثير: 2/ 400 - 401).
مُرقَّقًا: هو الأرغفة الواسعة الرقيقة، يقال: رَقيقٌ ورُقَاقٌ. قاله أبو السعادات في (النهاية: 2/ 252).
(3) أخرج ذلك الإمام أحمد في المسند: 5/ 402، 6/ 71 - 86.
والحديث ورد بلفظ آخر عند البخاري في الرقاق: 11/ 282، باب كيف كان عيش النبي - صلى الله عليه وسلم - حديث (6458) (6459)، كما أخرجه في الهبة: 5/ 197، باب 51، حديث (2567)، وعند مسلم في الزهد: 4/ 2282، حديث (26)، (28)، والترمذي في القيامة: 4/ 645، باب 34، حديث (2471)، وابن ماجة في الزهد: 2/ 1388، باب معيشة آل محمد - صلى الله عليه وسلم -، حديث (4144).
(4) يَخْصِف: من الخَصْف، وهو الضم والجمع، وهو هنا بمعنى الخَرْزُ، أي كان عليه السلام يَخْرِزُ نعله بيده. (النهاية لابن الأثير: 2/ 38).
(5) ذكرت هذه الخصال وزيادة عليها في (دلائل النبوة للبيهقي: 1/ 230 وما بعدها الشفا للقاضي عياض: 1/ 77، الرصف للعاقولي: 2/ 239، حدائق الأنوار لابن الديبع: 2/ 822).
(3/842)
________________________________________
شيئًا قطٌ فقال: "لا" (1).
القريبُ: والبَعيدُ، والقويُّ، والضعيف عنده في الحق سواءٌ.
"ما عابَ طعامًا قطُّ، إنْ اشْتَهَاهُ أكلَه، وإلَّا تركه (2)، يأكُل الهدية، ولا يأكل الصدَقة وكان يَعُود المرضى، ويجيب الدعوة. وقال: "لو دعيتُ إلى كُراع لأجَبْت، ولو أُهْدِيَ إلىَّ ذِرَاعٌ لقَبِلْت" (3)، لا يحْقِر أحدًا.
يأْكُل بأصَابِعه الثلاث ويَلْعَقُهُنَّ، ويتنفَّس في الإناء ثلاثًا خارج الإناء ويتكلم بجوامع الكلم، ويعيد الكلمة ثلاثًا، ولا يتكلم في غير حاجة، ولا يقعد ولا يقوم إلا على ذكر الله، وكان يَرْدِفْ خَلْفَهُ حتى النساء، ولا يدع أحدًا يمشى خَلْفَهُ، ويُعَصِّب على بطنه الحجَر من الجُوع (4)، وفِرَاشُه من أَدَمٍ، حَشْوُهُ لِيُفِ (5)، متقلِّلًا من أمْتِعَة الدنيا، وقد أعطاهُ اللهَ مفاتيح خَزَائن
__________
(1) انظر: (صحيح مسلم في الفضائل: 4/ 1805، باب ما سئل رسول الله شيئا قط فقال: لا، حديث (56).
(2) أخرجه البخاري في الأطعمة: 9/ 547، باب ما عاب النبي - صلى الله عليه وسلم - طعاما، حديث (5409)، ومسلم في الأشربة: 3/ 1639، باب لا يعيب الطعام، حديث (187)، والترمذي في البر والصلة: 4/ 377، باب ما جاء في ترك العيب للنعمة، حديث (2031)، وأبو داود في الأطعمة: 3/ 346، باب في كراهية ذم الطعام، حديث (3763).
(3) سبق تخريج هذا الحديث في: ص 606.
(4) انظر هذا المعنى في الحديث الذي أخرجه البخاري في الرقاق: 11/ 281، باب كيف كان عيش النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، حديث (6452)، والترمذي في القيامة: 4/ 648، باب 36، حديث (2477) وأحمد في المسند 3/ 44 - 300.
(5) أخرج البخاري في الرقاق: 11/ 282، باب كيف كان عيش النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه، حديث (6456)، وأبو داود في اللباس: 4/ 71، باب في الفرش، حديث (4146) وغيرهما عن عائشة رضي الله عنها قالت. "كان فراش رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من آدم وحشوه ليف".
(3/843)
________________________________________
الأَرض فأبَى وعَرض عليه أن يجعل لَهُ بطحاء مكة ذهبًا، فقال: (لاَ في رب، ولكن أشْبَع تارةً، فإذا جُعْتُ: تَضَرَّعت إليك وذكرتك، وإذا شَبِعْت: حمدتك وشكَرْتُك" (1).
وكان كثير الذكر، دائم الفِكْر، ويحب الطِّيب والنساء، ويكره المُنْتِن والخَبِيث، ويمزح، لا يقُول إلَّا حقًا، ويقْبَل عُذْر المُعْتَذر، عِتَابه تَعْرِيضًا، ويأمر بالرفق وينهى عن العنف، ويحث على العفو، والصفح، ومكارم الأخلاق (2) وكان مجلسه مجلس حلم، وحياء، وأمانة، وصيانة، وصبر، وسكينة، لا ترفع فيه الأصوات، ولا تُؤْبَن فيه الحُرُم (3)، ولا يذكر فيه اللَّغَط (4)، يتعاطفون فيه بالتقوى، ويتواضعون، ويوقَّر الكبار، وَيرحْم الصغار، وُيؤَثِر المحتاج، ويُكّرِم كَرِيمَ القوم، ويتفقد أصحابه. "لم يكن فاحشًا ولا متفحشًا، ولا صَخّابًا في الأسواق، ولا يجزي بالسيئة، ولكن يعفو ويصفح" (5).
__________
(1) أخرجه الترمذي في الزهد: 4/ 575، باب ما جاء في الكفاف والصبر عليه، حديث (2347)، وأحمد في المسند: 5/ 254.
(2) جاء ذلك في قوله تعالى سورة التوية: 128 {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ}. وقوله تعالى في سورة الأعراف: 199: {خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ}، وقوله تعالى في سورة المائدة: 13 {فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ}، وقوله عز وجل في سورة القلم: 4 {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ}.
(3) أي: لا يُذْكَر فيه النساء بقبيح، فقد كان مَجْلِسُه يُصَان عن رفَث القَوْل.
يقال: أَبَنْتُ الرجل وأَبِنُه: إذا رميته بخلِّةِ سوءٍ، فهو مأبُونٌ. انظر: (النهاية لابن الأثير: 1/ 17، الغريبين للهروي: 1/ 10).
(4) اللَّغط: هو الكلام الذي فيه اختلاط ولا يتبيَّن. (المصباح: 2/ 218).
(5) جاء هذا في الحديث الذي أخرجه الترمذي في البر والصلة: 4/ 369، باب ما جاء في خلق النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديث (2016)، وأحمد في المسند: 2/ 174 - 328، 6/ 174.
(3/844)
________________________________________
ولم يضرب قط أحدًا إلَّا أنْ يجاهد في سبيل الله. "وما خير بين أمرين إلَّا اختار أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان فيه إثم كان أبعد الناس منه" (1).
وبَشَّر عشرةً من أصحابه بالجنّة، وكان خَصِيصًا بهم فَسُمُّوا بالعشرة (2)، وقد أفردنا مناقبهم في عشر مصنفات (3)، ومات عن مائة وبِضْعَة عَشَر [ألفا] (4) من أصحابه (5)، ونُصِر بالرعب مسيرَة شهْر (6)، وكتب قبل وفاتِه إلى
__________
(1) جاء هذا في الحديث الذي أخرجه البخاري في الأدب: 10/ 524 - باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "يسروا ولا تعسروا"، حديث (6126)، ومسلم في الفضائل: 4/ 1813، باب مباعدته - صلى الله عليه وسلم - للآثام، حديث (77) (78)، وأبو داود في الأدب: 4/ 250، باب في التجاوز في الأمر، حديث (4785)، ومالك حسن الخلق: 2/ 902، باب ما جاء في حسن الخلق، حديث (2)، وأحمد في المسند: 6/ 85 - 113 - 114.
(2) وهم بالاضافة للخلفاء الراشدين الأربعة، طلحة بن عبيد الله، الزبير بن العوام، عبد الرحمن بن عوف، سعد بن أبي وقاص، سعيد بن زيد، أبو عبيدة عامر بن الجراح رضي الله عنهم وقد أفردت لهم مصنفات كثيرة، أبرزها كتاب "الرياض النضيرة في مناقب العشرة " لأبي جعفر، المحب الطبري - وهو مطبوع -.
(3) ينظر في ذلك ما كتب حول مصنفات ابن عبد الهادي في المقدمة.
(4) زيادة تقتضيها السياق.
(5) انظر: (المواهب اللدنية وشرحها للزرقاني: 7/ 36)، وهناك آراء أخرى ذكرت في هذه المسألة. انظرها في: (الفتح المغيث: 3/ 113 - 114، إحياء علوم الدين: 1/ 374، مقدمة ابن الصلاح: ص 148، التقييد والإيضاح: ص 305 - 306).
(6) ورد هذا في الحديث الذي أخرجه. البخاري في الجهاد: 6/ 128 في الترجمة، باب قول النبي - صلى الله عليه وسلم - "نصرت بالرعب مسيرة شهر"، ومسلم في المساجد: 1/ 371، باب حدثنا يحيى بن يحيى، حديث (3)، والترمذي في السير: 4/ 123، باب ما جاء في الغنيمة، حديث (1553)، والنسائي في الغسل: 1/ 172، - باب التيمم بالصعيد. وأحمد في المسند: 1/ 98 - 301.
(3/845)
________________________________________
ملوك الأرض، فانْقَادَ النَجَاشِيُّ (1)، وخَافَهُ الَمقُوقَس (2) وغيره، فأرْسَلُوا لَهُ الهدايا، وتكَبَّر عليه كسرى (3) فدعا عليه فنفَذَت فيه دعوته.
وكان يُعْجِبُه التَّيَمنُ في كلِّ أُمُورِه، وينام على جَنْبِه الأَيْمَن، ويُحِبَ الوتر في الأشياء، ويأْكُل القِثَّاء بالرُطَب، ويحب الخروج يوم الخميس (4)، ويكره القدوم بالليل.
__________
(1) جرى معظم المؤرخين على أن النجاشي الذي بعث إليه النبي - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أمية الضمري بكتابه في محرم سنة سبع، هو الذي صلى عليه بالناس صلاة الغائب حين وفاته. انظر: (طبقات ابن سعد: 1/ 258، المغازي للواقدي: 2/ 743، إمتاع الأسماع للمقريزي: 1/ 309، تاريخ الطبري: 2/ 653، سير الذهبي: 1/ 428، الكامل لابن الأثير: 2/ 213).
وقال بعضهم أن النجاشي الذي بعث إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن أمية الضمري لم يسلم وليس هو النجاشي الذي يطلق عليه "أصحمة"، والذي صلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الغائب. ذهب الى هذا ابن القيم في: (زاد المعاد: 1/ 45)، ومال إليه ابن كثير في (سيرته: 3/ 524). وجزم به ابن حزم حكاه عنه ابن القيم في (زاد المعاد: 1/ 45).
واستند أصحاب هذا الرأي لما أخرجه مسلم في الجهاد: 3/ 1397، باب كتب النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ملوك الكفار يدعوهم إلى الله عز وجل، حديث (75) عن أنس رضي الله عنه "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب إلى كسرى، وإلى قيصر، وإلى النجاشي، وإلى كل جبار يدعوهم إلى الله تعالى
وليس بالنجاشي الذي صلى عليه النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(2) المقوقس، ملك الإسكندرية، عظيم القبط، واسمه جريج بن مينا، وهو صاحب الهدايا الكثيرة التي أرسلها للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وقد بعث إليه عليه السلام حاطب بن أبي بلتعة. انظر: (زاد المعاد: 1/ 46).
(3) كسرى، ملك الفرس، واسمه أبرويز بن هرمز بن أنوشروان، أرسل له النبي - صلى الله عليه وسلم - عبد الله ابن حذافة السهمي رضي الله عنه فمزق الكتاب. فقال النبي عليه الصلاة والسلام: "اللهم مزق ملكه" فمزق الله ملكه وملك قومه. انظر: (زاد المعاد: 1/ 46، طبقات ابن سعد: 1/ 260).
(4) أي: للجهاد والسفر.
ورد ذلك في الحديث الذي أخرجه البخاري وغيره في الجهاد: 6/ 113، باب مَنْ أراد غزوة فَورَّى بغيرها، ومن أحب الخروج يوم الخميس، حديث (2949)، عن كعب بن مالك رضي الله عنه أنه كان يقول: "لقّلما كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يخرج إذا خرج في سفر إلا يوم الخميس،
(3/846)
________________________________________
وكان إِذا أتاه طالبَ حاجةٍ يقول: "اشفعوا تؤجروا، ويقض الله على لسان نبيه ما شاء" (1)، ولم يخلق الله أحق منه، ولا أفضل، ولا أزهد، ولا أعلم، ولا أحلم، ولا أجمل، ولا أكمل.
ولو أردنا اسْتِقْصاء محاسِنِه ومكارِمِه وصِفَاتِه الحميدة، لطال الأمر ولعجزنا عن استقصائِها.
وقيل: فلو مُدَّت الأقلامُ بماءِ البحر لَمْ تُحِطْ بما قيل من مَدْحٍ، فما الحِبْرُ يَفْعل، وإِنَّما ذكرنا نُبْذَةً من فضائِله، وشَذْرَةً من شمائِله، تَبَرُكًا بذكره، واستِشْفَاءً بِنَشْرِه (2)، والتِذَاذًا بِعِطْره. صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا.
2 - أحمد بن محمد بن حنبل (*) إمام السنّة: -
نسبُه: -
فهو أحمد بن محمد بن حَنْبل بن هِلال بن أسَد بن إِدريس بن عبد الله
__________
= وفي حديث آخر في نفس الباب برقم (2950) عن كعب كذلك: "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خرج يوم الخميس في غزوة تبوك، وكان يحب أن يخرج يوم الخميس".
(1) سبق تخريج هذا الحديث في ص: 527.
(2) النشر: الريح الطيبة، قاله في (الصحاح: 5/ 827 مادة نشر).
(*) أخباره في: (طبقات ابن سعد: 7/ 354 - 355، التاريخ الكبير للبخاري: 2/ 5، الجرح والتعديل: 1/ 292، حلية الأولياء: 9/ 161، سير الذهبي: 11/ 177، تاريخ بغداد: 4/ 412، طبقات الحنابلة: 1/ 4 - 20، وفيات الأعيان: 1/ 63، تذكرة الحفاظ: 2/ 431، العبر: 1/ 435، الوافي بالوفيات: 6/ 363، مرآة الجنان: 2/ 132، طبقات ابن السبكي: 2/ 27، البداية والنهاية: 10/ 325، طبقات القراء: 1/ 112، النجوم الزاهرة: 2/ 302، طبقات المفسرين للداودي: 1/ 70، الشذرات: 2/ 92، تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 110 - 112، مناقب أحمد بن حنبل لابن الجوزي، المنهج الأحمد: 1/ 51، النعت الأكمل: ص 31 وما بعدها).
(3/847)
________________________________________
ابن حيان - بالمثناة - بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذُهْل بن ثعلبة بن عُكَابَة بن صَعْبِ بن علي بن بكر بن وائل (1) بن قاسط بن هِنب - بكسر "الهاء" وإسكان "النون" وبعدها "باء" مُوَحَّدَة - بن أفْضَى - "بالفاء" و"الصاد" المهملة - بن دُعْمِيِّ بن جَدِيلَة [بن أسد] (2) بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان (3)، الشيباني المروزي البغدادي.
حملت به أمه بمَرْو (4)، وولدته ببَغْدَاد ونَشأَ بِهَا، وأقام إلى أَنْ توفي بها، ودخل مكة، والمدينة، والشام، واليمن، والكوفة، والبصرة، والجزيرة وغير ذلك (5).
كان أَسْمَر طويلًا مخضوبًا بالحَنَّاء، أخذَ عن نحو أَلْفَ شيخ، وأَخذَ عنه أكثر من ألف تلميذ (6).
__________
(1) كذا نسبه ابنه عبد الله، واعتمده الخطيب البغدادي. انظر: (تاريخ بغداد: 4/ 413، سير الذهبي: 11/ 178، النعت الأكمل: ص 31).
(2) زيادة من طبقات الحنابلة: 1/ 4 وغيره، لعلها سقطت من الأصل.
(3) وزاد بعضهم على هذا "ابن أُدِّ بن أدُّد بن الهُمَيْسَع بن حَمَل بن النَّبْت بن قَيْدَار بن إسماعيل ابن إبراهيم صلوات الله عليه وعلى جميع النبيين. انظر: (طبقات الحنابلة: 1/ 4، المنهج الأحمد: 1/ 53).
(4) مَرْو - بفتح أوله، واسكان ثانيه، بعده "واو" -: مدينة بفارس معروفة، وتَعْنِى بالفارسية الَمرْجُ. انظر: (معجم ما استعجم للبكري: 2/ 1216).
(5) خرج إلى الكوفة سنة مات هشيم 183 هـ، وهو أول سفر، وخرج إلى البصرة سنة 186 هـ، وخرج إلى سفيان بن عيينة في مكة سنة 187 هـ، وهي أول سنة حج فيها، وخرج إلى عبد الرزاق بصنعاء اليمن سنة 197 هـ، ورافق فيها يحيى بن معين. كما سافر رحمه الله إلى كل من المغرب، والجزائر، وأرض فارس، وبلاد خرسان وغيرها. انظر: (المنهج الأحمد: 1/ 54 - 55).
(6) ذكر أبرزهم الذهبي في: (سير أعلام النبلاء: 11/ 180 - 181).
(3/848)
________________________________________
كان له من الولد: عبد الله، وصالح (1)، ومُحْسِن (2) - مات صغيرًا - وأُنْثَى اسمها: زَيْنَب - أمُ علي، ماتت صغيرة - ولم يَرْوِ ولدٌ عن أبيه قط ما رَوَى عنه عبد الله.
وَتَزَوَّج باثْنَتَيْن، وتَسَرَّى بجاريةٍ، وحَجَّ خَمسًا (3)، وحصل لهُ بالِمحْنَة ما لم يحصل لأحد قبْلَه ولا بَعْدَه (4)، حتى أنها لتُرجَّحُ على مِحْنَة أبي بكر في الرِدّة فإن أبَا بكر كان لَهُ أوَانٌ، وهذا لم يوافقه أحدٌ على ذلك (5).
وحصل له من دقيق العِلْم ما لَمْ يحصل لِغَيْره.
__________
(1) أما عبد الله، فأمه ريحانه، وصالح أمه عباسة، وهي عائشة بنت الفضل من العرب، قال هذا أبو بكر الخلال في كتابه "أخلاق أحمد" حكاه عنه الذهبي. انظر: (سير الذهبي: 11/ 185).
(2) لم أعثر على من قال بهذا، والذي ذكر أن له لا الحسن والحسين" ماتا صغيرين، وولد ثالث سماه بالحسن أيضا، ومحمدا ويعيدا، وأم علي وهي زينب، وأم هؤلاء "حُسْنَ" سَرِيَّتُه. انظر: (مناقب أحمد لابن الجوزي: ص 303، سير الذهبي: 11/ 185).
(3) أخرج ابن الجوزي عن عبد الله بن أحمد بن حنبل أنه قال: "حج أبي خمس حجات، ثلاث حجج ماشيًا، واثنتين راكبًا، وأنفق في بعض حجاته عشرين درهمًا" انظر: (مناقب أحمد: ص 290).
(4) ومحنته رحمه الله جاءت مبسوطة في كتب التراجم بما يغني عن ذكرها.
وسببها: دعوة المأمون للفقهاء والمحدثين أن يقولوا مقالته في خلق القرآن، فكان للإمام أحمد رحمه الله الموقف الرافض لهذه المقالة المخالفة لاعتقاد أهل السنة والجماعة. انظر: (مناقب أحمد لابن الجوزي: ص 308 وما بعدها، النعت الأكمل: ص 38، سير الذهبي: 11/ 236، المنهج الأحمد: 1/ 81، أحمد ابن حنبل لأبي زهرة: ص 46 وما بعدها).
(5) قال هذا على بن المديني رحمه الله. حكاه عنه ابن أبي يعلى في (طبقات الحنابلة 1/ 17).
وقال المزني: "أبو بكر يوم الردة، وعمر يوم السقيفة، وعثمان يوم الدار، وعلي يوم صفين، وأحمد بن حنبل يوم المحنة" (مناقب أحمد لابن الجوزي: ص 123، النعت الأكمل: ص 32).
(3/849)
________________________________________
قال الشافعي: (خَرجتُ من بغدادَ، وما خَلَّفْتُ بها أحدًا أرْوَعَ، ولا أَنْقى، ولا أفْقَه، ولا أعلم من أحمد بن حنبل (1) ".
قال أيضًا: "أحمد إمام في ثمان خِصال: إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمامٌ في اللّغة، إمامٌ في القرآن، إمامٌ في الفقرِ، إمامٌ في الزهد إمام في الورع، إمام في السنة (2) ".
وقال مَرّة: "ما خلَّفْتُ بالعراق واحدًا يُشْبِه أحمد بن حنبل" (3).
وفضائِلُه كثيرةٌ، ومناقِبه غزيرةٌ، ليس هذا مَحَلّ بَسْطِها، ونَعْجِز نحن وغَيْرنا عن اسْتِقْصائها (4).
ولد في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة (5)، وتوفي ببغداد يوم الجمعة، لنحو من ساعتين من النهار لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول، سنة إحدى وأربعين ومائتين (6).
له "المسند" ثلاثون ألف حديث (7)، و"التفسير" مائة ألف وعشرون ألفًا،
__________
(1) انطر: "مناقب أحمد لابن الجوزي: ص 107، النعت الأكمل: ص 32، المنهج الأحمد: 1/ 55).
(2) قال القاضي ابن أبي يعلى: "صدق الشافعي في هذا الحصر" (طبقات الحنابلة: 1/ 5).
(3) انظر: (مناقب أحمد لابن الجوزي: ص 107).
(4) وللحافظ ابن الجوزي رحمه الله سفر ضخم في مناقبه وشمائله، وهو مطبوع.
(5) وفي رواية عن عبد الله بن أحمد، وأحمد بن أبي خيثمة، "ولد في ربيع الآخر" (سير الذهبي 11/ 179).
(6) انظر: (مناقب أحمد لابن الجوزي: ص 410 - 411).
(7) وقيل: أربعون ألف حديث، كما في (الفهرست لابن النديم: ص 320). وهو مطبوع عدة طبعات:
(3/850)
________________________________________
و"الناسخ والمنسوخ"، و"التاريخ"، و"حديث شعبة"، و"المقدّم والمؤخّر في القرآن"، و"جوابات القرآن"، و"المناسك الكبير والصغير" وغير ذلك (1).

3 - إبْراهيم الخليل عليه السلام.
ذكر في "التَّشَهد" (2).
هو إبراهيم بن تارخ - وهو آزر - (3) وهو خليل الرحمن عز وجل (4)، وهو أوَّل من أضاف الضَّيف، وأوَّل من ثرد الثَّريدَ، وأوَّل من قَصَّ الشَارِب، واسْتَحدَّ، واخْتَتَن، وقَلَّم أظْفاره، واسْتَاكَ، وفَرَّق شَعْرَه، وتَمَضْمَضَ، واسْتَنْشَق، واسْتَنْجَى بالماء، وأول من شابَ (5)، واختتن - خَتَّن نَفسه
__________
= إحداهما: في المطبعة الميمنية بمصر سنة 1313 هـ، والأخرى في المطبعة الحيدرية بالهند سنة 1308. ذكر هذا أحمد شاكر في مقدمة (المسند: 1/ 11 - 12).
وقد بذل المحقق الكبير أحمد محمد شاكر جهدًا عظيمًا في شرحه وتحقيقه، ولكن المنية وافته فلم يكمله، فأصدر منه 16 جزءًا.
وللكتاب فهارس وضعت حديثًا للطبعة الميمنية بمصر، سهلت على طلاب العلم الاستفادة منه.
(1) انظر: (تاريخ بغداد: 9/ 375، مناقب أحمد لابن الجوزي: ص 191، ومقدمة كتاب فضائل الصحابة: 1/ 25).
كما أن للإمام أحمد رحمه الله كتبًا ومؤلفات كثيرة منها المخطوط والمطبوع ليس هذا مجال ذكرها واستقصائها.
(2) انظر: (مختصر الخرقي: ص 22).
(3) ذكر نسبه عليه السلام كاملًا عند ذكر نسب النبي - صلى الله عليه وسلم -.
(4) قال تعالى في سورة النساء: 125: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا}.
(5) قال ابن قتيبة في (المعارف: ص 30): "وهو ابن مائة وخمسين سنة".
كما أخرج مالك عن ابن المسيب في صفة النبي - صلى الله عليه وسلم -: 2/ 922، باب ما جاء في السنة في الفطرة حديث (4) أنه قال: "كان إبراهيم - صلى الله عليه وسلم - أول الناس ضيف الضيف، وأول الناس اختتن، وأول الناس قص الشارب، وأول الناس رأى الشب، فقال: في رب ما هذا؟ فقال الله تبارك وتعالى وقار في إبراهيم، فقال: ربِّ زدني وقارًا".
(3/851)
________________________________________
بالقَدُوم، وهو ابن ثمانين سنة (1) - وأول من سَنَّ الأضحية، وكان أشبه الخَلْق بالنبي - صلى الله عليه وسلم -.
عاشَ: مائة وخمسًا وسبعين سنة، وقيل: مائتي سنة (2)، وكان بينه وبين نوح ألْفا سنة ومائتا سنة وأربعون سنة (3). ودفن بالأرض المقدسة على الصحيح (4). وكان له من الولد: إسماعيل، وإسحاق (5).
وابْتُلِيَ بذَبْح وَلَدِه، ثم فَداه الله عز وجل (6)، وكان من الكُرَماء الأجْوادِ، وابْتُلِيَ أيضًا بتشتيت ولده، وأم ولده هاجَر، ويقال أيضًا: آجَر.
وإبراهيم، لا ينصرف للعلمية والعجمة، وفيه ست لغات: إبراهيم، وإِبْراهَام، وِإبْراهُوم، وإِبْرَاهَم - بغير "ياء" - بفتح "الهاء" وكسرها، وضمها (7).
__________
(1) أخرج البخاري في الأنبياء: 6/ 388، باب قود الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} حديث (3356) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "اختتن إبراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة".
واختلف العلماء في معنى "قدوم " قيل: هو اسم قرية بالشام، وقيل: اسم آلة النجار فعلى الثاني يكون "قَدُوم" بالتخفيف: وعلى الأول يكون "قَدّوم" بالتشديد والتخفيف كذلك، وقيل عكس ذلك.
قال الحافظ ابن حجر: "والراجح أن المراد في الحديث الآلة". انظر: (فتح الباري: 6/ 390، النهاية لابن الأثير: 4/ 27).
(2) قاله ابن قتيبة في (المعارف: ص 33)، والطبري في (تاريخه: 1/ 312). وفي (مروج الذهب: 1/ 46): "مائة سنة وخمسا وتسعين سنة".
(3) انظر: (المعارف: ص 33).
(4) انظر: (مروج الذهب: 1/ 46). قال ابن قتيبة: "وقُبر في مزرعة حَبْرون، وكان اشتراها، وفيها قُبِرَتْ سارة" (المعارف: ص 33)، وكذلك (تاريخ الطبري: 1/ 312).
(5) أما إسماعيل، فأمه هاجر "عليها السلام، وإسحاق أمه "سارة".
وحكى ابن قتيبة أن له أكثر من ذلك .. انظر: (المعارف: ص 33).
(6) قال تعالى في سورة الصافات: 107 {وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}.
(7) انظر: (الصحاح: 5/ 1871 مادة برهم).
وذكر الجواليقي في (المعرّب: ص 61) إبراهم بدد إبراهوم.
(3/852)
________________________________________
4 - بلال (1) بن رباح (*).
وأُمُّه حَمامة (2)، أعتقه أبو بكر الصديق، وقال له: "إنْ كنت إنَّما اشْتَرَيْتَني لله فَدَعْنِي وَعَمَل الله، وإنْ كنتَ إنَّما اشْتَرَيْتَني لنفسك، فأمْسِكْني لِنَفْسِك" (3).
وكان يَخْدُمُ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وُيؤَذِّن له حَضَرًا وسفَرًا، ولم يُؤَذِّن بعده لأحد (4) وخرج في الغزو والجهاد إلى الشام حتى مات بها بطاعون عمواس (5).
وكان حَسَن الصوت، من أفصح الخلق، وما روي: أنه كان يبدل "الشين" "سينًا" لا أصْل لهُ.
وشهد المشاهد مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهاجر معه، وكان مِمَّنْ أُوذِيَ في ابتداء الإسلام إيذاءً شديدًا، بحيث توضعُ الصخرة على بطْنِه في شِدَّة الحَرِّ ويقال
__________
(1) ذكره الخرقي في "الآذان". انظر: (المختصر: ص 17).
(*) أخبراه في: (مسند أحمد: 6/ 12 - 15)، التاريخ الكبير: 2/ 106، سير الذهبي: 1/ 347، الجرح والتعديل: 2/ 395، الأغاني: 3/ 120، حلية الأولياء: 1/ 147، أسد الغابة: 1/ 243، تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 136، العبر: 1/ 24، مجمع الزوائد: 9/ 299، تهذيب التهذيب: 1/ 502، الإصابة: 1/ 170، كنز العمال: 13/ 305، الشذرات: 1/ 31، طبقات ابن سعد: 3/ 232، المعارف ص: 176).
(2) كانت لبعض بني جمح، وقد عذبت كثيرًا في الله فاشتراها أبو بكر رضي الله عنه وأعتقها انظر: (الإصابة: 8/ 53، أسد الغابة: 7/ 69).
(3) أخرجه البخاري في فضائل الصحابة: 7/ 99، باب مناقب بلال بن رباح، حديث (3155).
(4) لكنه أذن لعمر رضي الله عنه، لما قدم عمر الشام. ذكره الذهبي في (السير: 1/ 357)، وابن قتيبة في (المعارف: ص 176).
(5) وكان ذلك سنة 20 هـ، وهو ابن بضع وستين سنة. انظر: (المعارف: ص 176، سير الذهبي: 1/ 359، طبقات ابن سعد: 3/ 238).
(3/853)
________________________________________
لَهُ: لا نرفعها عنك حتى تكفر بمحمدٍ، وهو مع ذلك يقول: "أحدٌ أحد" (1). وقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أخْبِرْني بأرْجَى عَمَلٍ عَمِلْتَه في الإسلام، فإنَي سَمِعْتُ دَفَّ نَعْلَيْك بيْن يدي في الجَنَّة. فقال: لَمْ أعْمل عَمَلًا أرْجَى عِنْدي من أَنِّي لم أتطهر في ساعة من ليل، ولا نهار إلَّا صَلَّيت ما كتَب الله لي" (2).
ودفن بدمشق، وأما تعيين قَبْرِه في موضع فَمَحَلُّ احتمال (3). وكان عُمَر يقول: "أبو بكر سيدنا، وأعتق سَيدَنا، يعني بلالًا رضي الله عنهم" (4).
5 - تَغْلِب (5):
هو عَلمٌ منقولٌ من "تَغْلِبُ" مضارع "غَلَبَتْ"، لا ينصرف للعلمية ووزن الفعل وهي تَغْلِب بن وائِل (*)، من العَرَب، من ربيعة بن نِزار وبَنُوه،
__________
(1) أخرجه أبو نعيم في (الحلية: 1/ 149)، وابن سعد في (طبقاته: 3/ 232 - 233) وابن حجر في (الإصابة: 1/ 171)، وابن الأثير في (أسد الغابة: 1/ 243). وقد أورد الحاكم قصة تعذيب بلال وصححها، ووافقه الذهبي على ذلك: (المستدرك 3/ 184).
(2) أخرجه البخاري في التهجد: 3/ 34، باب فضل الطهور بالليل والنهار، فضل الصلاة بعد الوضوء بالليل والنهار، حديث (1149)، ومسلم في الفضائل: 4/ 1910، باب من فضائل بلال رضي الله عنه، حديث (108).
دَفَّ نعليك: قال أبو عبد الله البخاري: "يعني تحريك نعيك" انظر: صحيح البخاري مع فتح الباري: 3/ 34).
(3) قال الواقدي: "دفن بباب الصغير"، وقال علي بن عبد الله التميمي: "دفن بباب كيسان، وقيل: دفن بداريّا بمقبرة "خُولان"، وقيل: مات بحلب، ودفن بباب الأربعين. انظر: (طبقات ابن سعد: 3/ 238، سير الذهبي: 1/ 359).
(4) أخرجه البخاري في فضائل الصحابة: 7/ 99، باب مناقب بلال بن رباح، حديث (3754).
(5) ذكره الخرقي في "الجزية". انظر: (المختصر: ص 206).
(*) انظر أخباره في: (معجم قبائل العرب لكحالة: 1/ 120، الأعلام للزركلي: 2/ 85، صبح الأعشى للقَلْقَشَنْدي: 1/ 338، نهاية الأرب للنويري: 1/ 330، دائرة المعارف الإسلامية: 5/ 325، اللسان: 1/ 652، مادة غلب، تاج العروس: 1/ 414).
(3/854)
________________________________________
وقبيلتهم. انتقلوا في الجاهلية إلى النصرانية، فدعاهم عُمَر رضي الله عنه إلى بَذْل الجزية فأبَوْا، وأنِفُوا، وقالُوا: نحن من العَرَب، خذْ مِنا كما يَأخذ بَعْضُكُم من بَعْضٍ باسم الصَدَقة. فقال عمر: لا آخذ من مُشْرِكٍ صَدَقة، فلحق بعضهم بالرُّوم، فقال النُّعمان بن زرْعة (1): في أمير المؤمنين: إنّ القوم لهم بأْسٌ وشِدَّةٌ، وهم عَرب يأْنَفُون من الجِزْية، فلا تعِنْ عليك عَدُوَّك بهم، وخذْ منهم الجزية باسم الصَدَقة، فبعَث عمر في طلبهم فردَّهم، وأضعف عليهم الصَدَقة" (2).
6 - ثابت (3)، أبو زَيْد بن ثَابت (*):
هو ثَابت بن الضَّحاك بن زيد بن لُوذَان (4) بن عمرو بن عبد عَوْف بن غَنْم بن مالك بن النجار الأنصاري.
__________
(1) وقيل: زرعة بن النعمان التغلبي، قاله ابن قتيبة في (المعارف: ص 574)، وأبو عبيد في كتاب (الأموال: ص 40)، والبخاري في (التاريخ الكبر: 4/ 212). ولم أعثر له على ترجمةٍ كاملةٍ. والله أعلم.
(2) أخرج هذا الأثر البخاري في (التاريخ الكبير: 4/ 212) مختصرًا، وأي عبيد في (الأموال: ص 40)، وابن زنجويه في كتابه (الأموال: 1/ 131)، والبلاذري في (فتوح البلدان: 1/ 217)، تحت رقم 484)، وابن حزم في (المحلى: 6/ 151 في الزكاة)، وابن قدامة في (المغني: 10/ 590)، وابن أبي شيبة في (المصنف: 3/ 198 في الزكاة)، والبيهقي في (السنن: 9/ 216 - 217، كتاب الجزية)، وأبو يوسف في (الخراج: ص 129)، وابن قتيبة في (المعارف: ص 574).
(3) ذكره الخرقي في "الفرائض" مع ابنه زيد رضي الله عنه. (المختصر: ص 121).
(*) أخباره في (ترجمة ابنه زيد بن ثابت) انظر: ص 859.
(4) في الأصل: ذكوان، وهو تصحيف.
(3/855)
________________________________________
7 - حمزة بن عبد المطلب (**):
عم النبي - صلى الله عليه وسلم - (1)، وأسد الله، وأسد رسوله، وسيد الشهداء، أسلم قديمًا، وكان ممَّن عز رسُوله، وله مهابة ورعب في قلوب أعداء الدين، وهاجر مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، وشهد بدرًا، وأحدًا واستشهد فيها، فوجد النبي - صلى الله عليه وسلم - وَجْدًا (2) شديدًا، ولما قُتِل، مَثل به المشركون، وشقَّتْ هِنْدُ بَطْنَه، واستخرجت كَبِدَهُ فَمَضَغَتْه، فلذلك كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أهْدَر دمها (3)، وكان قَتَلَهُ وَحْشِي (4)، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أسْلَم: "إنِّي رأيتُ أنْ تُغَيِّبَ وَجْهَكَ عَنِّي فافعل" (5).
ومناقبه كثيرةٌ مشهورةٌ، وفضائِلُهُ لا تُحْصَر رضي الله عنه وأرضاه.
8 - حصين (*):
والِدُ عِمْران بن حُصَيْن (6) بن عبيد بن خَلَف بن عَبد نُهْم بن سالِم (7)
__________
(**) أخباره في (طبقات ابن سعد: 3/ 8، الجرح والتعديل: 3/ 212، سير الذهبي: 1/ 171، أسد الغابة: 2/ 51، تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 168، العبر: 1/ 5، مجمع الزوائد: 9/ 266، العقد الثمين: 4/ 227، الإصابة: 2/ 37، الشذرات: 1/ 10، تاريخ ابن خياط: 1/ 32).
(1) ذكره الخرقي في باب "ميراث الولاء" مع ابنته. (المختصر: ص 128).
(2) الوَجْد: الحُزْن. (الصحاح: 2/ 547 مادة وجد).
(3) أخرج الحاكم في (المستدرك 3/ 199) عن جابر رضي الله عنه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما رأى حمزة فتيلًا، بكى، فلما رأى ما مثل به شهق".
(4) هو وحشي بن حرب الحبشي مولى بني نوفل، قيل: كان مولى طعيمة بن عدي، وقيل: مولى أخيه مطعم، وهو قاتل حمزة يوم أحد، أسلم يوم قدومه مع وفْد أهل الطائف. أخباره في: (الإصابة: 6/ 315، أسد الغابة: 5/ 438).
(5) هذا بعض حديث أخرجه البخاري في المغازي. 7/ 367، باب قتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عه، حديث (4072).
(*) أخباره مع ابنه عمران بن حصين. انظر في ذلك ص: 870.
(6) ذكر مع ابنه عمران بن حصين. انظر (المختصر: ص 27).
(7) في (أسد الغابة: 2/ 26): ابن جهمة.
(3/856)
________________________________________
ابن غاضِرَة [بن حُبشيَّة بن كعب بن عمرو، (1)، الخُزاعي. اخْتُلِف في إسلامه، وصُحْبَتِه، والصحيح أنه أسْلم، ورَوى عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهُم ألْهِمْني رُشدي وقِني شَرَّ نَفْسي " (2).
9 - الحُسَين الخِرَقي (**):
ذكر في "الخطبة" (3)، وفي "الأَضاحي" (4)
وهو الحسين بن عبد الله بن أحمد الخِرَقي، قيل: كان يَلْتَقِط الخِرَق وَيبيعُها، فَنُسِبَ إلى ذلك - وهو الُمرَجَّح، لأنه بكسر "الخاء" - وقيل: نسبة إلى خَرْق، قرية كبيرة تُقارب مَرْو - وهو مَرْجوحٌ، لأن النِسْبة إليها بفتح "الخاء" (5) - وقيل: نِسْبَةٌ إلى اسْتِخْراج خِرَق الرافِضة التي كانوا يكتُبُون فيها اسْمَ أبي بكر وعُمَر، ويَضَعُونها في نِعَالِهِم تَحْتَ أرْجُلهم، وأنه أوَّل مَن استخرجها، وقيل: نِسْبَة إلى بيع القِطَع والفضلات، وكان بِبَغداد سوقٌ به ذلك، وكان لَهُ دكان به. وكان من الأعيان الأفاضل رحمه الله ورضي عنه.
قال بعض أصحابنا: كان فقيهًا، صحب جماعةً من أصحاب أحمد منهم
__________
(1) زيادة من (أسد الغابة: 2/ 26، جمهرة أنساب العرب: ص 227).
(2) جزء من حديث أخرجه أحمد في المسند: 4/ 444 عن عمران بن حصين بلفظ "قريب منه" قال الحافظ ابن حجر في (نصب الراية: 2/ 20) وسنده صحيح.
(**) أخباره في: (طبقات الحنابلة: 2/ 45 - 46، المنهج الأحمد: 2/ 5 - 6، اللباب: 1/ 356، تاريخ بغداد: 8/ 59).
(3) أي: خطبة الكتاب. انظر: (المختصر: ص 3).
(4) انظر: (المختصر: ص 212).
(5) انظر: (اللباب: 1/ 356 - 357)، وسبق أن بينّا ذلك في أول الكتاب.
(3/857)
________________________________________
حرب وأكثر صحبته للمروذي (1)، وكان يُدْعى "خليفة المروذي".
قال أحمد (2) بن كامل (3): "توفي أبو علي الحسين بن عبد الله الخرقي الحنبلي، خليفة المروذي يوم الخميس يوم الفطر من سنة تَسْعٍ وتسعين ومائتين" (4)، وذكر الحافظ أبو بكر الخطيب (5) في "تاريخه " فقال: "كان رجلًا صالحًا من أصحاب أبي بكر المروذي، وكتب الناس عنه وكان قد صلى عيد الفطر، فانصرف إلى أهْلِه، فتَغدَّى ونام، فوجده أهله ميتًا، ودُفِنَ بالقُرب من قبر أحمد بن حنبل، وتبعه خلق عظيم من الناس سنة تسع وتسعين ومائتين (6) ".
__________
(1) هو أحمد بن محمد بن الحجاج بن عبد العزيز، أبو بكر المروذي، أحد البارزين المكثرين من الرواية عن أحمد بن حنبل، كان خصيصًا بخدمته، وصف بأنه كثير التصانيف، توفي ببغداد 257 هـ. أخباره في: (طبقات الحنابلة: 1/ 56، المنهج الأحمد: 1/ 252، تاريخ بغداد: 4/ 423، مناقب أحمد لابن الجوزي: ص 506، الشذرات: 2/ 166، مرآة الجنان: 2/ 189، المنتظم: 5/ 94).
(2) في طبقات الحنابلة: 2/ 46: علي بن كامل.
(3) هو القاضي أحمد بن كامل بن خلف بن شجرة بن منصور البغدادي الخري، أحد الأعلام بالأحكام والقرآن والأدب والتاريخ له عدة مصنفات، كان تلميذًا لمحمد بن جرير الطبري، توفي 350 هـ. أخباره في (الفهرست لابن النديم: ص 48، تاريخ بغداد: 4/ 357، معجم - الأدباء: 4/ 102، سير الذهبي: 15/ 544، إنباه الرواة: 1/ 67، الجواهر المضية: 1/ 90، غاية النهاية لابن الجزري: 1/ 98).
(4) انظر: (طبقات الحنابلة: 2/ 46، المنهج الأحمد: 2/ 6، تاريخ بغداد 8/ 60).
(5) هو أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد بن مهدي البغدادي، أبو بكر الخطيب، الحافظ الناقد صاحب التصانيف ومن أبرزها "تاريخ بغداد"، حدث عن خلق كثيرين كما حدث عنه جمع من العلماء الأفاضل، توفي 463 هـ. أخباره في (الأنساب: 5/ 151، تهذيب تاريخ دمشق: 1/ 399، فهرست ابن الخير: ص 181، المنتظم 8/ 265، سير الذهبي: 18/ 270، معجم الأدباء: 4/ 13، وفيات الأعيان: 1/ 92، الوافي بالوفيات: 7/ 190).
(6) لم أقف على هذا الكلام في "تاريخ بغداد" سواء في ترجمة الحسين الخرقي 8/ 59، أو ترجمة المروذي: 4/ 423، وقد حكاه عن الخطيب كذلك صاحب (طبقات الحنابلة 2/ 46، والمنهج الأحمد: 2/ 6).
(3/858)
________________________________________
10 - زيد بن ثابت (*):
ذكره في "الفرائض" (1).
الأنصارِيّ، يُكَنَّى أبا سعيدٍ، وقيل: أبا خارِجة (2) - أخو يَزيد بن ثابت (3) لأبيه وأمه، كان يكتب الوحي للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وهو الذي جمع الُمصْحَف، روى عن أبي بكر وعُمَر وعُثْمان، ورَوى عنه خلق من الصحابة، عبد الله بن عُمَر، وأنس بن مالك، وأبو هريرة، وعبد الله بن يزيد الخطيمي (4)، وسهل بن أبي حثمة (5)، وسهل بن سعد الساعدي (6)، وسهل
__________
(*) أخباره في: (طبقات ابن سعد: 2/ 358، التاريخ الكبير: 3/ 380، المعارف: ص 260 - 355، سير الذهبي: 2/ 426، مسند أحمد: 5/ 181، الجرح والتعديل 3/ 558، أخبار القضاة لوكيع: 1/ 107، المستدرك: 3/ 421، أسد الغابة: 2/ 278، العبر: 1/ 53، مجمع الزوائد: 9/ 345، طبقات القراء: 1/ 296، تهذيب التهذيب: 3/ 399، خلاصة تهذيب الكمال للخزرجي: ص 127، كنز العمال: 13/ 393، الشذرات: 1/ 54، معرفة القراء الكبار: 1/ 36).
(1) انظر: (مختصر الخرقي: ص 121).
(2) انظر: (سير الذهبي: 2/ 428).
(3) هو أسن من زيد، شهد بدرًا وأحدًا، وقتل يوم اليمامة شهيدًا، أخباره في: (الإصابة: 6/ 337، أسد الغابة: 5/ 480).
(4) هو الصحابي الجليل، عبد الله بن يزيد بن زيد بن حصين، وقيل: حصن، أبو موسى الأنصاري الأوسي الخطمي المدفي ثم الكوفي، أحد من بايع بيعة الرضوان، له عدة أحاديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، كانت وفاته قبل 70 هـ، أخباره في (طبقات ابن سعد: 6/ 18، الجرح والتعديل: 5/ 197، سير الذهبي: 3/ 197، أسد الغابة: 3/ 274، خلاصة تهذيب الكمال: ص 185).
(5) هو سهل بن أو حَثْمة بن ساعدة بن عامر الأوسي الأنصاري، صحابي، كان سنه عند موت النبي - صلى الله عليه وسلم - سبع سنين أو ثمان سنين، وقد حدث عنه بأحاديث، فضائله كثيرة، توفي في أول خلافة معاوية. أخباره في: (الإصابة: 3/ 138، أسد الغابة: 2/ 468).
(6) هو الصحابي الُمعمَّر، سهل بن سعد بن مالك بن خالد بن ثعلبة، أبو العباس الخزرجي الأنصاري الساعدي بقية أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وهو آخر من مات بالمدينة من الصحابة. =
(3/859)
________________________________________
ابن حنيف (1)، وأبو سعيد الخدري (2).
ومن التابعين خلق كثير (3)، وكان كاتبًا لعمر بن الخطاب، وكان يستخلفه إذا حج. وكان معه لما قدم الشام، وخطب بالجابية عند خروجه لفتح بيت المقدس، وتولى قسمة غنائم اليرموك. وقال عليه السلام: "أَفْرضكم زيد" (4)، وقال له الصديق: "إنك شاب عاقل لا نتهمك، كنت تكتب الوحي للنبي - صلى الله عليه وسلم - " (5).
ومات بالمدينة سنة أَرْبَع وخمسين، وقيل: سنة أربعين، وقيل: سنة خمس وأربعين، وقيل: غير ذلك (6) رضي الله عنه.
__________
= فضائله كثيرة. أخباره في: (سير الذهبي: 3/ 422، الجرح والتعديل: 4/ 198، أسد الغابة: 2/ 472، البداية والنهاية 9/ 83. خلاصة تهذيب الكمال: ص 133).
(1) هو الصحابي، أبو ثابت سهل بن حنيف الأنصاري الأوسي العوفي، والد أبي أمامة بن سهل، شهد بدرًا والمشاهد، كان من أمراء علي رضي الله عنه، مات بالكوفة 38 هـ. أخباره في: (طبقات ابن سعد: 6/ 15، 3/ 471، التاريخ الكبير: 4/ 97، سير الذهبي: 2/ 325، أسد الغابة: 2/ 470، كنز العمال: 13/ 430 الشذرات: 1/ 48).
(2) هو الصحابي، سعد بن مالك بن سنان بن ثعلبة بن عبيد الخزرجي، أبو سعيد الخدري هذا لقبه، حدث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - فأكثر وأطاب، توفي 74 هـ قاله غير واحد. أخباره في (المعارف: ص 268، المستدرك: 3/ 563، سير الذهبي: 3/ 168، أسد الغابة: 2/ 289، تذكرة الحفاظ: 1/ 41، الوافي بالوفيات: 15/ 148، تهذيب ابن عساكر: 6/ 110).
(3) ذكر جملة منهم الذهبي في: (سير أعلام النبلاء: 2/ 427).
(4) سبق تخريج هذا الحديث في ص: 574.
(5) أخرجه البخاري في فضائل القرآن: 9/ 10، باب جمع القرآن، حديث (4986)، وفي التفسير: 8/ 344، باب (لقد جَاءَكُم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم .. الآية) حديث (4679)، وهو عند أحمد في المسند: 5/ 188، والطبراني في المعجم الكبير 5/ 162، حديث (4901)، (4902)، والبيهقي في الصلاة: 2/ 40 - 41).
(6) حكى الذهبي معظم هذه الروايات وزاد عليها. انظر: (السير: 2/ 441).
(3/860)
________________________________________
11 - شَيْبة (*):
ذكره في باب: "ذِكْر الحَجِّ ودُخُول مكة" (1).
وهو عثمان (2) بن طلحة بن أبي طلحة، عبد الله بن عبد العزّى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي هاجر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الهدنة (3)، ودفع إليه مفتاح الكعبة، وقال: - صلى الله عليه وسلم -: "خذوها في بني أبي طَلْحة خالدةً تالِدةً (4) " كذا ذكره ابن منده (5).
__________
(*) أخباره في: (طبقات ابن سعد: 5/ 448، الجرح والتعديل: 6/ 155، معجم الطبراني الكبير: 9/ 53 - 55، أسد الغابة: 3/ 578، البداية والنهاية: 8/ 23، سير الذهبي: 3/ 10، الإصابة: 4/ 220، تهذيب التهذيب: 7/ 124، الخلاصة للخزرجي: ص 220).
(1) انظر: (المختصر: ص 72).
(2) الصحيح، شيبة بن عثمان بن أبي طلحة بن عبد العزّى، فهو غير عثمان بن طلحة بن أبي طلحة، فهما ابنا العمومة، أسلم شيبة يوم الفتح، وقيل: يوم حنين، كما أسلم عثمان يوم الهدنة عندما هاجر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودفع إليه مفتاح الكعبة، ووهم المصنف رحمه الله عندما جعلهما واحدًا. انظر: (أسد الغابة: 3/ 448، الإصابة: 4/ 220).
(3) أي: بعد الحديبية مع خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص رضي الله عنهم. انظر: (سير الذهبي: 3/ 10، أسد الغابة: 3/ 578 - 579).
(4) أخرجه الهيثمي في المجمع: 3/ 285، ونسبه إلى الطبراني في "الكبير" و"الأوسط" وأعلّه بعبد الله بن المؤمل، كما أخرجه الذهبي في (السير: 3/ 12) وسكت عنه.
(5) هو الحافظ، أبو عبد الله محمد بن إسحاق بن محمد بن يحيى بن منده، عالم الحديث، قال الذهبي: "لم أعلم أحدًا كان أوسع رحلة منه، ولا أكثر حديثًا منه مع الحفظ والثقة. صنف "الإيمان" وكتاب "التاريخ الكبير" و "معرفة الصحابة" وغيرها توفي 395 هـ. أخباره في: (طبقات الحنابلة: 2/ 167، المنتظم: 7/ 232 تذكرة الحفاظ: 3/ 1031، الوافي بالوفيات: 2/ 190، طبقات القراء: 2/ 98، سير الذهبي: 17/ 28، لسان الميزان: 5/ 70).
(3/861)
________________________________________
وذكر الأزرقي (1): "أنَّ باب بني شيبة، هو باب بني عبد شمس بن عبد مناف، وبهم كان يُعْرَف في الجاهلية والإسلام عند أهل مكة، فيه أُسطوانتان، وعليه ثلاث طاقاتٍ" (2).
12 - شُرَيْح القاضي (*):
ذكرَهُ في "الإحرام" (3).
وهو شُرَيْح بن الحارث بن قيس بن الجَهْم بن معاوية، أبو أميَّة الكندي (4) كان في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يسمع منه (5)، استقضاهُ عُمَر على
__________
(1) هو محمد بن عبد الله بن أحمد بن الوليد بن عقبة بن الأزرق، أبو الوليد الأزرقي، المؤرخ اليماني من أهل مكة من أبرز تصانيفه (أخبار مكة، في جزأين مطبوع، توفي سنة 244 هـ على الراجح. أخباره في: (اللباب: 1/ 37، الأعلام: 6/ 222، هدية العارفين: 2/ 11، مقدمة أخبار مكة).
(2) انظر: (أخبار مكة للازرقي: 2/ 87).
(*) أخباره في: (طبقات ابن سعد: 6/ 131، تاريخ البخاري: 4/ 228، المعارف ص 433، أخبار القضاة لوكيع: 2/ 189 - 402، الحلية: 4/ 132، أسد الغابة: 2/ 517، وفيات الأعيان: 2/ 460، تذكرة الحفاظ: 1/ 55، سير الذهبي: 4/ 100، البداية والنهاية: 9/ 22، تهذيب التهذيب: 4/ 328، النجوم الزاهرة: 1/ 194، الخلاصة للخزرجي: ص 165، الشذرات: 1/ 85، طبقات الفقهاء للشيرازي: ص 80).
(3) انظر: (مختصر الخرقي: ص 68).
(4) وقيل: شريح بن الحارث بن المُنْتَجِع بن معاوية بن ثور بن عُفَير بن عَديّ بن الحارث بن مرة ابن أدد الكندي.
ويقال: شريح بن شراحيل، أو ابن شرحبيل، وقيل: غير ذلك. انظر: (أسد الغابة: 2/ 517، سير الذهبي: 4/ 100).
(5) قال الذهبي: "بل هو ممن أسلم في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وانتقل من اليمن زمن الصديق"، انظر: (السير: 4/ 100).
(3/862)
________________________________________
الكوفة، وأقرَّه على ذلك، فقضى بها ستين سنة، وقضى بالبصرة سنة (1)،
ويقال: قضى بالبصرة سبع سنين، وبالكوفة ثلاثًا وخمسين سنة (2).
ومناقِبُه، وأخْبارُه كثيرة جدًا، مات سنة ثمانين (3)، وقيل: سنة ثمان وسبعين (4)، وقيل: سنة اثنتين وثمانين (5)، وقيل: سنة سبع وثمانين، وقيل: ثلاث وتسعين (6).
13 - صَخْر بن حرب (*):
[ابن أُميَّة] (7) بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصَيٍّ القرَشي الأموي المكي، يكنّى: أبا سفيان (8)، أسلم زمن الفتح، ولقي النبي - صلى الله عليه وسلم - بالطريق قبل دخول مكة، وشهد حنينًا: أعطاه النبي - صلى الله عليه وسلم - من غنائمها مائة بعير، وأربعين
__________
(1) انظر: (سير الذهبي: 4/ 101).
(2) وفي "الوفيات لابن خلكان: 2/ 460): "فأقام قاضيًا خمسًا وسبعين سنة لم يتعطل فيها إلا ثلاث سنين امتنع فيها من القضاء في فتنة ابن الزبير، واسْتَعْفَى الحجاج بن يوسف من القضاء فأعفاه ولم يقضِ بين اثنين حتى مات".
(3) قاله ابن خياط في (طبقاته: ص 145).
(4) حكاه ابن سعد في: (طبقاته: 6/ 145).
(5) حكاه ابن خلكان في: (الوفيات: 2/ 463).
(6) وقيل: غير هذه الأقوال. انظر: (الوفيات لابن خلكان: 2/ 463، أسد الغابة: 2/ 518، طبقات ابن سعد: 6/ 145).
(*) أخباره في: (طبقات خليفة بن خياط: ص 10، التاريخ الكبير: 4/ 310، المعارف: ص 73 - 74، 125 - 345، الجرح والتعديل: 4/ 426، جامع الأصول: 9/ 106، أسد الغابة: 3/ 10، 6/ 148 - 149، مجمع الزوائد: 9/ 274، تهذيب التهذيب: 4/ 411، سير الذهبي: 2/ 105، الإصابة: 3/ 237، كنز العمال: 13/ 612، الشذرات: 1/ 30، تهذيب ابن عساكر: 6/ 390).
(7) زيادة يقتضيها السياق.
(8) ذكره الخرقي في أول كتاب "النفقة على الأقارب". (المختصر: ص 170).
(3/863)
________________________________________
أوقية (1)، وشهد الطائف، وكان من أكابر قريش، وهو الذي قدم على هرقل، وأخبره خبر النبي - صلى الله عليه وسلم -، وشَهِدَ اليرموك في خِلافة الصديق، وكانت له ولوَلَدَيْه (2) بها اليد العليا، وكان قبل الإسلام كثير التَّألب على النبي - صلى الله عليه وسلم -.
نزل المدينة، ومات بها سنة إحدى وثلاثين، وقيل: أربع وثلاثين، وهو ابن ثمان وثمانين سنة (3).
14 - عثمان بن عفَّان (*):
ابن أبي العاص (4) بن عبد شمس بن عبد مناف، أسلم قديمًا، وهاجر الهجرتين (5)، وتزوج بنتي النبي - صلى الله عليه وسلم - (6)، ولم تقع هذه المنقبة في الدنيا لغيره،
__________
(1) انظر: حديث رافع بن خديج في صحيح مسلم في الزكاة: 2/ 737 باب إعطاء المؤلفة قلوبهم حديث (137).
(2) هما: يزيد بن أبي سفيان، وكان أميرًا للجيش في أحداث اليرموك. ومعاوية الذي أمره أبو بكر رضي الله عه على مجموعة من الناس، وأرسله لكي يلحق بيزيد في الشام. انظر: (تاريخ الطبري: 3/ 391 - 394 - 395).
(3) انظر: (سير الذهبي: 2/ 107، أسد الغابة: 3/ 10).
(*) أخباره في: (أسد الغابة: 3/ 584، الإصابة: 4/ 223، طبقات ابن سعد: 3/ 53، المعارف: ص 191، غاية النهاية لابن الجزري: 1/ 507، البدء والتاريخ: 5/ 79 - 194، حلية الأولياء: 1/ 55، صفة الصفوة: 1/ 113، الرياض النضرة: 2/ 82 - 152، الأعلام: 4/ 210).
(4) ذكره الخرقي في أول كتاب "ديات النفس" وفي "الزكاة" و "النكاح" انظر: (المختصر: 57، 136، 180).
(5) هاجر برقية بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد زواجه بها إلى أرض الحبشة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "إنها لأوَّل مَن هاجَر إلى الله - عز وجل - بعد إبراهيم، ولوط عليهما السلام " ثم هاجر رضي الله عنه إلى
المدينة " انظر: (المعارف: ص 192).
(6) وهما "رقية" و"زينب" وسبق الكلام على هذا.
(3/864)
________________________________________
وجهز جيش العسرة (1)، وحفر بئر رومة (2).
ومناقبه يضيقُ عنها هذا الموضع، ولكن أفردنا له مصنفًا (3).
قُتِل سنة خمس وثلاثين، وهو ابن تسعين سنة رضي الله عنه وأرضاه.
15 - عيسى عليه السلام (*):
في " الدعاوى" (4):
هو عيسى بن مريم بنت عمران، ذهبت تغتسل من الحيض، فبَيْنَا هي متجرِّدةً عرض لها جبريل فنفخ في جيب دِرْعها فَحَمَلَتْ حين لَبِسَتْه (5)، وقيل: لَمَّ جيبَ دِرْعِها بأُصْبُعه، ثم نفَخ في الجيب، وقيل: نفخ في كُمِّ قميصها، وقيل: في فيها، وقيل: نَفَخَ من بَعيد فوصل الريح إليها فحملتْ بعيسى.
قال ابن عباس: "كان الحمل والولادة في ساعة واحدة" (6).
__________
(1) وذلك بـ "تسعمائة وخمسين بعيرًا" وأتمها ألفًا بخمسين فرسًا.
(2) أخرج البخاري في فضائل الصحابة: 7/ 52 في الترجمة، باب مناقب عثمان بن عفان عن أبي عمرو القرشي رضي الله عنه عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "من حفر بئر رومة فله الجنة فحفرها عثمان. وقال: من جهز جيش العسرة فله الجنة. فجهزه عثمان".
(3) ينظر إلى ما كتب حول مصنفات ابن عبد الهادي في المقدمة.
(*) أخباره في: (المختصر في أخبار البشر: 1/ 89، تاريخ اليعقوبي: 1/ 68، المعارف ص 53، مروج الذهب: 1/ 63، البداية والنهاية: 2/ 63، تاريخ الطبري: 1/ 585، الكامل لابن الأثير: 1/ 307).
(4) وهو كتاب "الأقضية" انظر: (المختصر للخرقي: ص 232).
(5) قاله ابن جريج، حكاه عنه الماوردي في (النكت والعيون: 2/ 520).
(6) انظر: (تفسير الطبري: 16/ 65، تفسير ابن كثير: 5/ 216).
قال ابن كثير: "وهذا غريب، وكأنه أخذه من ظاهر قوله تعالى: {فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكَانًا قَصِيًّا (22) فَأَجَاءَهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ}.
(3/865)
________________________________________
وقيل: مُدَّة الحَمْل ثمانية أشْهُرٍ (1)، وقيل: سنة (2).
وعيسى عليه السلام من أُولي العَزْم، وردَ له من المناقب والمواعِظ ما لَمْ يرد لغيره من الأنبياء، وقد نطق القرآن ببعض فضائله ومناقبه، من إبرائه الأكمه، والأبرص، وغير ذلك (3)، ورفعه الله إليه، ولا بد أن ينزل كما أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم - فيَقْتُل الخنزير، ويكْسِرُ الصَّليب، ويَضَع الجزية (4). صلوات الله وسلامه عليه.
16 - عبد الله بن مسعود (*):
أبو عبد الرحمن الهُذَليّ (5)، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، أحد السابقين
__________
(1) حكاه ابن كثير عن عكرمة رحمه الله. انظر: (تفسيره: 5/ 216).
قال الماوردي: "وكان هذا آية عيسى فإنه لم يعش مولود لثمانية أشهر سواه. (النكت والعيون: 2/ 521).
(2) قال الحافظ ابن كثير: "تفسيره: 5/ 216": "فالمشهور عن الجمهور أنها حملت به تسعة أشهر".
قال ابن الأثير: "وهو قول النصارى" (الكامل: 1/ 309).
(3) ورد ذلك في سورتي آل عمران: 49، والمائدة: 110.
(4) ورد ذلك في الحديث الذي أخرجه البخاري في المظالم: 5/ 121، باب كسر الصليب وقتل الخنزير، حديث (2476)، ومسلم في الإيمان: 1/ 135، باب نزول عيى بن مريم حاكمًا بشريعة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم -، حديث (242). كما ألف العلّامة أبو الحسنات اللكنوي كتابًا في ذلك سماه "التَصْريح بما تواتر في نزول المسيح"، وقد حققه ونشره بصورة علمية. الأستاذ الشيخ عبد الفتاح أبو غدة. وهو مطبوع في حلب، دار المطبوعات الإسلامية.
(*) أخباره في: (المسند الأحمد: 1/ 374، طبقات ابن سعد: 3/ 150، المعارف: ص 249، الجرح والتعديل: 5/ 149، حلية الأولياء: 1/ 124، تاريخ بغداد: 1/ 147، طبقات الفقهاء للشيرازي: ص 43، أسد الغابة: 3/ 384، تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 288، تذكرة الحفاظ: 1/ 31، طبقات القراء الكبار: 1/ 33، مجمع الزوائد: 9/ 286، طبقات القراء لابن الجزري: 1/ 458، تهذيب التهذيب: 6/ 27، طبقات خليفة بن خياط: ص 16، النجوم الزاهرة: 1/ 89، خلاصة تهذيب الكمال: ص 214، كنز العمال: 13/ 460، سير الذهبي: 1/ 461، الشذرات: 1/ 38).
(5) ذكره الخرقي في باب: "سجدتي السهو" (المختصر: ص 27).
(3/866)
________________________________________
الأوَّلين (1)، حليف الزَّهْرَنيين، شهد بدرًا، والمشاهد كلها، وكان يلي نعل النبي - صلى الله عليه وسلم - يلبسه إياه، فإذا جلس أدخلها في ذراعيه (2)، وكان يلزم النبي - صلى الله عليه وسلم - ويَخْدُمُه، ويدخُل عليه، وتلقَّن عليه سبعين سورة (3)، وكان لطيفًا قصيرًا أسمر نحيفًا، - نظيف الثوب، طيب الرائحة، وافر العقل، سديد الرأي، كثير العِلم، فقيه النفس، كبير القدر.
ومناقبه كثيرة جدًا، ليس هذا موضعها. مات بالمدينة سنة اثنتين وثلاثين، وهو ابن بضع وستين سنة.
17 - عباس (*):
عم النبي - صلى الله عليه وسلم - (4)، ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أبو
__________
(1) أخرج أبو نعيم في (الحلية: 1/ 126)، والحاكم في (المستدرك: 3/ 313)، وصححه، ووافقه الذهبي، عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه قال: "قال عبد الله: لقد رأيتني سادس ستة وما على ظهر الأرض مسلم غيرنا".
وعن يزيد بن رومان قال: "أسلم عبد الله قبل دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - دارالأرقم" أخرجه ابن سعد في (طبقاته: 3/ 151).
(2) انظر: (طبقات ابن سعد: 3/ 153، سير الذهبي: 1/ 469 - 470).
(3) ورد هذا في الحديث الذي أخرجه أحمد في المسند: 1/ 379، والبخاري بمثله في فضائل القرآن: 9/ 46، باب القراء من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديث (5000)، وأبو نعيم في (الحلية: 2/ 151)، والنسائي في الزينة: 8/ 134، باب الذؤابة.
(*) أخباره في: (طبقات ابن سعد: 4/ 5 - 33، سير الذهبي: 2/ 78، التاريخ الكبير: 7/ 2، المعارف: ص 118 - 137 - 156 - 589 - 592، الجرح والتعديل 6/ 210، المستدرك: 3/ 321، العبر: 1/ 33، مجمع الزوائد: 9/ 268، تهذيب التهذيب: 214/ 5، خلاصة تهذيب الكمال: ص 189، كنز العمال: 13/ 502، الشذرات: 1/ 38، تهذيب ابن عساكر: 7/ 229، الإصابة: 4/ 30).
(4) ذكره الخرقي مع ابنه عبد الله في "الرضاع": (المختصر: ص 169).
(3/867)
________________________________________
الفضل الهاشمي، كان أسن من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسنتين، أو ثلاث (1)، حضر بدرًا مكرهًا فأُسِرَ يومئذٍ، ثم أسْلَم (2)، وقيل: أنه كان أسْلم قبل ذلك، وكان يكْتُم إسلامه (3)، روى عنه خلق (4). وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "العباس مني وأنا منه " (5)، وكان عمر يَسْتَسْقي به (6)، وكان أبيض جميلًا، معتدل القامة. ومناقبه كثيرة جدًا.
مات سنة اثنتين وثلاثين بالمدينة، وصلى عليه عثمان، وقيل: سنة ثلاث (7).
__________
(1) ولد قبل عام الفيل بثلاث سنين. قاله الذهبي في (السير: 2/ 79).
كما روى عن أبي رزين أنه قال: قيل للعباس: أنت أكبر أو النبي - صلى الله عليه وسلم -؟ قال: هو أكبر وأنا وُلدتُ قبله" أورده الهيثمي في (المجمع: 9/ 270)، وقال: رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح، وذكره صاحب (كنز العمال: 13/ 521) ونسبه لابن عساكر وابن النجار.
(2) وهو الصحيح، قاله ابن حجر في (الإصابة: 4/ 30).
(3) أخرج ابن سعد في (طبقاته: 4/ 31)، عن ابن عباس قال: كان العباس قد أسلم قبل أن يهاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى المدينة "قال الذهبي في (السير: 2/ 81): "إسناده واه".
(4) أورد معظمهم الذهبي في (السير: 2/ 79).
(5) أخرجه أحمد في المسند: 1/ 300، وابن سعد في (الطبقات: 4/ 24)، وصححه الحاكم: 3/ 329، ووافقه الذهبي.
(6) ورد هذا في الحديث الذي أخرجه البخاري عن أنس رضي الله عنه في الاستسقاء 2/ 494 باب سؤال الناس الإمام الاستسقاء إذا قحطوا، حديث (1010)، وفي فضائل الصحابة: 7/ 77، باب ذكر العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه حديث (3710).
(7) قاله المدائني، وقيل: مات سنة أربع وثلاثين. (سير الذهبي: 2/ 97).
(3/868)
________________________________________
18 - عبد الله بن عباس (*):
في "الرضاع" (1):
ابن عم النبي - صلى الله عليه وسلم -، ترجمان القرآن، دعا له النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "اللَّهُم علّمه القرآن" (2)، وفي رواية: "الحِكْمة" (3)، يقال له: حَبْر هذه الأمة، ويقال له: البَحْر، لكثرة عِلْمِه.
وقال ابن مسعود: "نِعْمَ تُرْجُمان القرآن عبد الله بن عَبّاس" (4).
ولد في الشِّعب (5) قبل الهجرة بثلاث سنين، ومات النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن
__________
(*) أخباره في: (طبقات ابن سعد: 2/ 365، التاريخ الكبير: 5/ 3، سير الذهبي: 3/ 331، الجرح والتعديل: 5/ 116، المستدرك: 3/ 533، الحلية: 1/ 314، تاريخ بغداد: 1/ 173، جامع الأصول: 9/ 63، أسد الغابة: 3/ 290، تهذيب الأسماء واللغات: 1/ 274، وفيات الأعيان: 3/ 62، تذكرة الحفاظ: 1/ 37، العبر: 1/ 76، معرفة القراء الكبار: 1/ 41، البداية والنهاية: 8/ 295، غاية النهاية: 1/ 425، الاصابة: 4/ 90، تهذيب الهذيب: 5/ 276، النجوم الزاهرة: 1/ 182، الخلاصة للخزرجي: ص 172، مرآة الجنان: 1/ 143، حسن المحاضرة: 1/ 214، طبقات المفسرين للداودي: 1/ 232، الشذرات: 1/ 75).
(1) انظر: (المختصر: ص 169).
(2) و (3) أخرجه أحمد في المسند: 1/ 359، بلفظ قريب منه، البخاري في فضائل الصحابة 7/ 100، باب ذكر ابن عباس رضي الله عنهما، حديث (3756)، والترمذي في المناقب: 5/ 679 - 680، باب مناقب عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، حديث (3823)، (3824)، وابن ماجة في المقدمة: 1/ 58، باب فضل ابن عباس، حديث (166)، وأبو نعيم في (الحلية: 1/ 315)، وأحمد في (فضائل الصحابة: 2/ 949).
(4) أخرجه ابن سعد في (طبقاته: 2/ 366)، والحاكم في (المستدرك: 3/ 537) وقال: (على شرط الشيخين" ووافقه الذهبي.
(5) الشعب: بكسر "الشين"، كان منزل بني هاشم غير مساكنهم، ويعرف بشعب بن يوسف، وهو الشعب الذي أوى إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبنو هاشم لما تحالفت قريش على بني هاشم وكتبوا الصحيفة. انظر: (شرح المواهب للزرقاني: 1/ 278).
(3/869)
________________________________________
ثلاث عشرة سنة (1)، وقيل: أربع عشرة، وقيل: خمس عشرة (2).
ومات بالطائف سنة ثمان وستين (3)، وقيل: سنة سبع وستين (4)، وقيل: سبعين (5)، وصلى عليه محمد بن الحنفية (6)، ودفن بالطائف، ومناقبه كثيرة جدًا، ليس هذا موضع استقصائها.
19 - عِمْران بن حُصَيْن (*):
ابن عبيد (7)، أسلم هو وأبو هريرة رضي الله عنهما في عام واحد عام
__________
(1) قاله الزبير بن بكار، حكاه عنه الذهبي في (السير: 3/ 336).
(2) ورد في ذلك الحديث عن ابن عباس قال: "توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا ابن خمس عشرة سنة وأنا ختين " أخرجه الحاكم (3/ 533) وصححه، ووافقه الذهبي، وأورده الهيثمي في (المجمع: 9/ 285) ونسبه للطبراني وقال: رجاله رجال الصحيح.
وقال الحافظ ابن حجر في (الفتح: 11/ 90): "فإن المحفوظ الصحيح أنه ولد بالشعب وذلك قبل الهجرة بثلاث صنين، فيكون له عند الوفاة النبوية ثلاث عشر سنة، وبذلك قطع أهل السير، وصححه ابن عبد البر".
(3) قاله أبو نعيم والواقدي، حكاه عنهما الذهبي في: (السير: 3/ 359).
(4) قاله علي بن المديني. انظر: (سير الذهبي: 3/ 359).
(5) حكاه البخاري عن ضمرة بن ربيعة. انظر: (التاريخ الكبير: 5/ 3).
(6) هو السيد الإمام، أبو عبد الله محمد بن الإمام علي رضي الله عنه المدني، أخو الحسن والحسين أمْه من سَبْي اليمامة زمن أبي بكر الصديق، وهي خولة بنت جعفر الحنفية، فضائله كثيرة، توفي 81 هـ، أخباره في: (طبقات ابن سعد: 5/ 91، المعارف: ص 210 - 216، الحلية: 3/ 174، سير الذهبي: 4/ 110، وفيات الأعيان: 4/ 169، البداية والنهاية: 9/ 38، التاريخ الكبير: 1/ 182، الشذرات: 1/ 88).
(*) أخباره في: (طبقات ابن سعد: 4/ 287، طبقات ابن خياط: ص 106، التاريخ الكبير: 6/ 406، المعارف: ص 309، أخبار القضاة لوكيع: 1/ 291، الجرح والعديل: 6/ 296، سير الذهبي: 2/ 508، المستدرك: 3/ 470، أسد الغابة: 4/ 281، العبر: 1/ 57، مجمع الزوائد: 9/ 381، تهذيب التهذيب: 8/ 125، الإصابة: 5/ 26، الخلاصة للخزرجي: ص 295، الشذرات: 1/ 62).
(7) ذكره الخرقي في "باب سجدتي السهو". (المختصر: ص 27).
(3/870)
________________________________________
خيبر (1) روى عنه، جماعة من التابعين (2)، نزل البمرة، وكان قاضيًا بها، استقضاه عبد الله بن عامر (3)، فأقام أيامًا ثم استعفى فأعفاه (4)، وكان ميسورًا.
فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: "صل قائمًا، فإن لم تستطع فجالسًا، فإن لم تستطع فعلى جَنْب" (5) ومات بالبصرة سنة اثنتين وخمسين، ودفن هنالك رضي الله عنه وأرضاه.
20 - عُمَيْس (*):
والدُ أسماء بنت عميس، ذُكِر معها (6)، ولم يُسْلِم، ولم نرَ له ذكرًا في الصحابة رضي الله عنهم.
__________
(1) وذلك سنة سبع من الهجرة.
(2) ذكرهم الذهبي في (السير: 2/ 508).
(3) هو عبد الله بن عامر بن ربيعة القرشي ابن خال عثمان بن عفان، ولد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم -، استعمله عثمان على البصرة وعمره أربعًا أو خمسًا وعشرين سنة كان قائدًا للجَيْش، وتم على يديه افتتاح كثير من الأمْصار، فضائله كثيرة توفي 57 هـ، وقيل: 58 هـ. أخباره في: (أسد الغابة: 3/ 288، طبقات ابن سعد: 5/ 44، العارف: ص 320، تهذيب التهذيب: 5/ 272، المستدرك 3/ 639، سير الذهبي: 3/ 18، الشذرات: 1/ 36).
(4) انظر: (تاريخ ابن خياط: 1/ 275، الإصابة: 5/ 26).
(5) ورد هذا في الحديث الذي أخرجه البخاري في تقصير الصلاة: 2/ 587، باب إذا لم يطق قاعدًا صلى على جنب، حديث (1117)،
(*) أخباره في ترجمة ابنته أسماء بنت عميس ص: 886.
(6) انظر: (المختصر: ص 67).
(3/871)
________________________________________
21 - عبد مناف (**):
ابن قصي بن كلاب (1) بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معدِّ بن عدنان.
كان من سادات العرب وكبرائهم، وذوي رأيهم. افتخر به بنوه قديمًا وحديثًا.
22 - عمر بن الحسين الخرقي (2):
"مصنف الكتاب" (3).
الإمام الكبير المُتْقِن المفيد - كثير الفوائد، ذو التصانيف المفيدة قرأ العلم على من قرأَهُ، على أبي بكر المروزي، وحرب الكرماني، وصالح، وعبد الله (4) ابني الإمام أحمد.
له مصنفات كثيرة في المذهب، لم ينتشر منها إلَّا هذا المختصر في الفقه، لأنه خرج عن مدينة السلام لما ظهر بها سبّ الصحابة رضوان الله عليهم،
__________
(**) أخباره في: (السيرة لابن كثير: 1/ 187 وما بعدها، المعارف: ص 117، الرصف للعاقولي: 1/ 13، طبقات ابن سعد: 1/ 74، المختصر في أخبار البشر: 1/ 108، تاريخ الطبري: 2/ 254، السيرة لابن هشام: 1/ 106).
واسم عبد مناف: المغيرة. قال الطبري: "وكان يقال له القمر من جماله وحسنه" انظر: (تاريخه: 2/ 254).
(1) دكره الخرقي في كتاب "قسم الفيء والغنيمة والصدقة". (المختصر: ص 131).
(2) خصصنا له ترجمة مستقلة به في مقدمة الكتاب ح ص 83 وما بعدها.
(3) أي: المختصر الفقهي، الذي قام المصنف رحمه الله بشرح ألفاظه ومصطلحاته.
(4) سبقت ترجمة هؤلاء الأعلام، خلال حديثنا عن شيوخ الخرقي في المقدمة: ص 88
(3/872)
________________________________________
وأودع كتبه في "دَرْب (1) سليمان" فاحترقت الدّار التي فيها الكتب، ولم تكن انتشرت لبعده عن البلد.
قرأ عليه جماعة من شيوخ المذهب منهم: أبو عبد الله بن بطة، وأبو الحسن التميمي، وأبو الحسن بن شمعون وغيرهم (2).
وانتفع بهذا المختصر خلق كثير، وجعلَ الله له موقعًا من القلوب، حتى شرحه من شيوخ المذهب، جماعة من المتقدمين والمتأخرين. كالقاضي أبي يعلى وغيره، وشرحه الشيخ موفق الدين في كتابه "المغني" المشهور الذي لم يسبق إلى مثله، فكل من انتفع بشيء من شروح الخرقي فللخرقي في ذلك نصيب من الأجر، إذْ كان هو سبب ذلك (3).
وقال شيخنا عز الدين المصري (4): "إنه ضبط له ثلاثمائة شرح"، وقد اطَّلعنا له على قريب العشرين شرحًا، وسَمِعْنا من شيوخنا وغيرهم: أنَّ مَن قرأهُ حَصل له أحد ثلاث خصال إمّا أنْ يملك مائة دينار، أو يلي القضاء، أو يصير صالحًا، وكان شيخنا ابن حَبَّال (5) يقول: "حَصَّلْتُ اثْنَتَيْن: ملكتً مائة دينار، ووليتُ القضاء" قلتُ: وكان من كبار الصالحين.
__________
(1) كذا في (طبقات الحنابلة: 2/ 75)، وفي (المنهج الأحمد: 2/ 61): "دار سليمان " وهو درب كان ببغداد مقابل الجسر في أيام المهدي والهادي والرشيد، وكانت فيه دار سليمان بن جعفر ابن أي جعفر المنصور فسمي الدرب باسمه، ومات سليمان هذا سنة 199 هـ. انظر: (معجم البلدان: 2/ 448).
(2) انظر: ترجمة هؤلاء الاعلام في المقدمة: ص 89
(3) وقد ذكرت بعض من شرح هذا المختصر في المقدمة. انظر ص 91 وما بعدها.
(4) سبقت ترجمته ضمن شيوخ ابن عبد الهادي في المقدمة ص 32
(5) سبقت ترجمته في المقدمة. ضمن شيوخ ابن عبد الهادي ص 31
(3/873)
________________________________________
وخالف الخرقي أبا بكر عبد العزيز (1) في عدة مسائل (2) أفردناها في جزء ونظمناها في آخره.
توفي الخرقي سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة شهيدًا بسبب منكر أنكره فقتل منه، ودفن بدمشق بمقابر باب الصغير رحمة الله عليه.
23 - لوط عليه السلام (*):
ذكر في باب: "حد الزنا" (3).
وهو لوط بن هاران بن تارخ - وهو آزر - وهو ابن أخي إبراهيم عليه السلام، وإبراهيم، وهاران، وناخور إخوة.
وكان من الأنبياء المرسلين المشهورين بالفضائل، وقد نطق القرآن ببعض فضله وما حلّ بقومه عليه السلام (4).
__________
(1) المعروف بـ "غلام الخلال" سبقت ترجمته.
(2) أوصلها بعضهم نقلًا عنه إلى ستين مسألة.
قال ابن أبي يعلى: " فَتَتَبَّعْت أنا اختلافهما فوجدته في ثمانية وتسعين مسألة" وسردها كلها. انظر: (طبقات الحنابلة: 2/ 76 وما بعدها، المدخل لابن بدران: ص 214، المنهج الأحمد: 2/ 63).
(*) أخباره في: (تاريخ أبي الفداء: 1/ 15، المعارف: ص 31 - 32، الكامل لابن الأثير: 1/ 118، تاريخ الطبري: 1/ 292).
(3) انظر: (مختصر الخرقي: ص 192).
(4) ورد ذلك في سورة الأعراف: 80، الأنبياء: 14، الشعراء: 160 - 161، 167، القمر: 33 - 34.
(3/874)
________________________________________
24 - موسى عليه السلام (*):
ذُكِرَ في كتاب "الدعاوى" (1).
وهو موسى بن عمران بن قاهِثْ بن لَاوَى بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم (2)، كان جَعْدًا، آدم طُوالًا، كأنه من رجال شُنوءَةٍ (3)، في أرْنَبَتِه (4) شامةٌ، بلغ من العمر مائة وسبعة عشرة سنة، اجتمع به نبينا - صلى الله عليه وسلم - ليلة الإسراء، وأشار عليه بالتردد (5)، فله علينا المنَّة بذلك، وهو من أولي العزم، نطق القرآن ببعض فضائله ومناقبه (6). وقال عليه السلام: (قد أوذي موسى بأكثر من هذا فصَبر" (7).
__________
(*) أخباره في: (تاريخ أبي الفدا: 1/ 18، تاريخ الطبري: 1/ 385، مروج الذهب: 1/ 48، البداية والنهاية: 1/ 237، الكامل لابن الأثير: 1/ 169، المعارف: ص 43).
(1) انظر: (المختصر للخرقي: ص 231).
(2) قال ابن قتيبة: "ولم يكن بين آل يعقوب، وأيوب نبي، حتى كان موسى" (المعارف ص 43).
(3) الشنوءة - على وزن فعولة -: التَّقَزُز، وهو التباعد من الأَدْناس، تقول: رجل فيه شَنُوءَة. (الصحاح: 1/ 58 مادة شنأ).
(4) أي: أرنبة أنف موسى كما في (المعارف: ص 43)، والأرنبة: طرف الأنف كما في (الصحاح: 1/ 140 مادة رنب).
(5) جاء هذا المعنى في الحديث الذي أخرجه البخاري في التوحيد: 13/ 478، باب ما جاء في قوله تعالى: {وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا}، حديث (7517)، ومسلم في الإيمان: 1/ 146، باب الإسراء برسول الله - صلى الله عليه وسلم -، حديث (259)، (263)، والنسائي في الصلاة: 1/ 179 باب فرض الصلاة وذكر اختلاف الناقلين في إسناد الحديث.
(6) ورد ذلك في سورة يونس، وهود، وإبراهيم، والكهف، ومريم، والشعراء، والقصص، والصافات وغيرها.
(7) أخرجه البخاري في فرض الخمس: 6/ 252، باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه، حديث (3150)، وفي الأنبياء: 6/ 436، باب حديث الحضر مع موسى، حديث (3405)، ومسلم في الزكاة: 2/ 739، باب إعطاء المؤلفة قلوبهم على الإسلام حديث (141)، وأحمد في المسند: 1/ 380 - 396 - 400.
(3/875)
________________________________________
25 - المطلب (*):
ابن عبد مناف (1) بن قُصي، عمّ عبد المطلب جدّ النبي - صلى الله عليه وسلم -، وله ثلاثة إخوة: هاشم - جد النبي - صلى الله عليه وسلم - وعبد شمس (2)، وكان من سادات قريش وكبرائهم، وذوي رأيهم، وأمه عاتكة بنت مرة (3)، فبنوه (4) يصرف إليهم من خمس الخمس، ويحل لهم الخمس (5). وهل يجوز صرف الزكاة إليهم؟ فيه خلاف (6).
26 - معاوية بن أبي سفيان (**):
ذُكِرَ في قول هند: "وليس يُعْطيني ما يكفيني ووَلَدي" (7).
__________
(*) أخباره في: (السيرة لابن كثيرة: 1/ 186، المعارف: ص 71، السيرة لابن هشام: 1/ 106 - 131 - 138 - 142 - 178).
(1) ذكره الخرقي في كتاب: "قسم الفيء والغنيمة والصدقة" (المختصر: ص 131).
(2) وزاد ابن قتيبة: "نوفل، وأبو عمرو" (المعارف: ص 71).
(3) ابن هلال بن فالج بن ذكوان من بني سليم. انظر أخبارها في: (المعارف: ص 130، السيرة لابن هشام: 1/ 106 - 107).
(4) وهم عشرة، منهم: الحارث، وعبّاد، ومخرمة، وهاشم. (المعارف: ص 71).
(5) انظر تفصيل ذلك في (المغنى: 7/ 301 - 302 - 303 - 304).
(6) انظر: (المغنى: 2/ 519 وما بعدها).
(**) أخباره في: (طبقات ابن سعد: 3/ 32، 6/ 407، طبقات ابن خياط: ص 10 - 297، سير الذهبي: 3/ 119، التاريخ الكبير: 7/ 326، المعارف: ص 344، الجرح والتعديل: 8/ 377، تاريخ الطبري: 5/ 323، مروج الذهب: 3/ 188 - 220، تاريخ بغداد: 1/ 207، طبقات فقهاء اليمن: ص 47، جامع الأصول: 9/ 107، أسد الغابة: 5/ 209، الكامل لابن الأثير: 4/ 5، مرآة الجنان: 1/ 131، البداية والنهاية: 8/ 20، مجمع الزوائد: 9/ 354، غاية النهاية: 2/ 303، تهذيب التهذيب: 10/ 207، خلاصة تهذيب الكمال: ص 326، الشذرات: 1/ 65، الإصابة: 6/ 112).
(7) انظر: (مختصر الخرقي: ص 170).
(3/876)
________________________________________
وهو معاوية بن أبي سفيان، أبو عبد الرحمن الأموي، أسلم عام الفتح، وقيل: إنه أسلم في عُمْرة القضاء وكتم إسلامه (1)، روى عنه خَلْق كثيرًا (2)، وُلِّيَ الشام لعمر بعد أخيه يزيد (3)، وأقرّه عثمان، وكان أميرًا عشرين سنة، وخليفة عشرين سنة، ووقع بينه وبين علي بن أبي طالب وقعة صفين (4)، ثم وقع ما وقع من التحكيم (5)، فلما قتل علي، صالحَهُ الحسن، واستقل الأمر له (6). وكان يكتب الوحي للنبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان أكولًا، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - دعا عليه بذلك (7) فقيل: إنه كان يأكل الفصيل (8) في القعدة الواحدة، وكان من
__________
(1) انظر: (سير الذهبي: 3/ 120).
(2) منهم: ابن عباس، وسعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، ومحمد بن سيرين، وسالم بن عبد الله وهمام بن منبه وغيرهم. انظر: (الإصابة: 6/ 113، السير الذهبي: 3/ 120، أسد الغابة: 5/ 212).
(3) هو: يزيد بن أبي سفيان بن حرب الأموي، أخو معاوية من أبيه، ويقال له: يزيد الخير، أخو أم المؤمنين أم حبيبة، أسلم يوم الفتح، غزا في سبيل الله، وأَمَّرَهُ عُمر على دمشق بعد فتحها وعلى يديه فتحت قيسارية بالام، توفي بالطاعون: 18 هـ/، أخباره في: (المعارف: ص 345، التاريخ الكبير: 8/ 318، العبر: 1/ 15، سير الذهبي: 1/ 328، مجمع الزوائد: 9/ 412).
(4) كان ذلك في محرم سنة سبع وثلانين للهجرة. انظر: (الطبري: 6/ 5 وما بعدها الكامل: 3/ 289 - 326، البداية والنهاية: 7/ 258 - 278، سير الذهبي: 3/ 136).
(5) وذلك في أول صفر عندما رفع أهل الام المصاحف، وقالوا: ندعوكم إلى كتاب الله والحكم بما فيه.
انظر: (سير الذهبي: 3/ 136 - 137، طبقات ابن سعد: 3/ 32 - 33).
(6) وسمى ذلك "عام الجماعة"، وكان ذلك بعد استشهاد علي رضي الله عنه سنة 40 هـ/، انظر: (السير للذهبي: 3/ 137).
(7) ورد ذلك في الحديث الذي أخرجه مسلم في البر والصلة: 4/ 2010، باب من لعنه النبي - صلى الله عليه وسلم - أو سبه أو دعا عليه، وليس هو أهلًا لذلك كان له زكاة وأجرًا ورحمة، حديث (96)، وأحمد في المسند: 1/ 240 - 338.
(8) الفصيل: ولد الناقة إذا فصل عن أمِّه، والجمع: فُصْلانُ وفِصالٌ.
(الصحاح: 5/ 1791 - مادة فصل).
(3/877)
________________________________________
الحُلَماء، حتى أنّه يُضْرَب بحلمه المثل، ولابن أبي الدنيا (1) مصنفٌ في حلمه (2)، وكان من الكرماء الأجواد، عاقلًا كامل السؤدد، ذا دَهاء ورأيٍ، ومَكْرٍ، كأنَّمْا خُلِقَ للمُلك.
وفضائله كثيرة جدًا، يطول ذكرها.
توفي في رجب، لأربع بقين منه (3) سنة ستين، وقيل: عاش ثمان وسبعين سنة، وقيل: أكثر من ذلك (4)، وأخباره مطولة في "تاريخ دمشق" (5) وغيره رضي الله عنه.
27 - مسعود (*):
والد عبد الله بن مسعود بن غافل بن حبيب بن شَمْخٍ بن مَخْزوم (6) ابن صاهِلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سَعْد بن هُذَيْل بن مُدْرِكة بن إلياس بن مُضَر بن نزار، لم يُسْلِم، ذكر مع ولده (7).
__________
(1) هو عبد الله بن محمد بن عبيد بن سفيان بن قيس القرشي مولاهم البغدادي، المؤدب، صاحب التصانيف من موالي بني أمية. قال الخطيب: "كان يؤدب غير واحد من أولاد الخلفاء" توفي سنة 281 هـ. أخباره في: (الجرح والتعديل: 5/ 163، سير الذهبي: 13/ 397، تاريخ بغداد: 10/ 89، طبقات الحنابلة: 1/ 192، المنتظم: 5/ 148، فوات الوفيات: 2/ 228، النجوم الزاهرة: 3/ 86).
(2) انظر: (موارد ابن عبد الهادي في المقدمة ص:
(3) وقيل: في نصف رجب، وقيل: لثمان بقين منه. انظر: (سير الذهبي: 3/ 162).
(4) انظر: (أسد الغابة: 5/ 211).
(5) انظر: (تاريخ دمشق: 16/ 337 أو ما بعدها).
(*) أخباره في ترجمة ابنه عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ص 866.
(6) في (سير الذهبي: 1/ 461): "ابن فار بن مخزوم".
(7) انظر: (مختصر الخرقي: ص 27).
(3/878)
________________________________________
28 - هاشم (*): جَدُّ أبي النبي - صلى الله عليه وسلم -، والد عَبْد المُطَّلب، واسمه: عَمْرو (1)، ولُقِّب: هاشمًا، لأنَّه هَشَم الثَّريد لقومه زمن الجَدْب (2). وفيه يقول الشاعر (3):
عَمرو (4) الذي هَشَمَ الثَّريد لقَوْمِه ... ورِجالُ مَكَّة مُسْنِتُونَ عِجاف
وكان من سادات قُريش ورُؤسائهم، وذوي رأيهم.
__________
(*) أخباره في (طبقات ابن سعد: 1/ 75، المعارف: ص 71، السيرة لابن هشام: 1/ 131 - 148، تاريخ الطبري: 2/ 251، سيرة ابن كثير: 1/ 185).
(1) ذكره الخرقي في كتاب "قسم الفيء والغنيمة والصدقة" (المختصر: ص 131).
(2) ذُكِر أن قومه من قريش، كانت أصابتهم لزبة وقحط، فرحل إلى فلسطين فاشترى منها الدقيق فقدم به مكة فأمر به فخبز له ونحر جزورًا، ثم أتخذ لقومه مرقة ثريد بذلك الخبز. انظر: (تاريخ الطبري: 2/ 252).
(3) قيل: هو مطرود بن كعب الخزاعي، وقيل: هو ابن الزبعرى. انظر: (تاريخ الطبري: 2/ 251، السيرة لابن هشام 1/ 185).
(4) وفي أمالي المرتضي: (2/ 269، وطبقات ابن سعد: 1/ 76). عَمْرو العُلا هَشَّم الثَّريدَ لِقَوْمِه ... وهاشِما، أوَّل مَن سَنَّ رحلتي الشتاء والصيف. وفيه يقول الشاعر:
سُنَّت إليه الرحلتان كلاهُما ... سَفُر الشِّتاء ورِحْلَةُ الأَصْيافِ
انظر: (السيرة لابن كثير: 1/ 185، تاريخ الطبري: 2/ 252)، وفي أمالي المرتضى: 2/ 269، البيت بألفاظ أخرى.
(3/879)
________________________________________
فصل: في الكُنَى
1 - أبو بَكْرَة (*):
نُفَيْع بن الحارث (1) بن كَلَدة بن عَمْرو بن علاج، أبو بكرة الثقفيّ، وقيل: اسمه مَسْروحٌ، وقيل: نُفَيْع بن مسروح (2)، وقيل: كان أبوه عبدًا للحارث بن كَلدَة، وإنَّما قيل له؛ أبو بكرة، لأنَّه تدلَّى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - (3) في
بَكْرَةٍ (4)، فكنَّاه النبي - صلى الله عليه وسلم - أَبُو بَكْرَة (5).
روى عنه جماعة أوْلادِه (6)، واَبُو عُثْمان النَّهْدِيِّ (7)، والأَحْنَف بن
__________
(*) أخباره في: (طبقات ابن سعد: 7/ 15، طبقات ابن خياط: ص 54 - 183، تاريخ الطبري: 8/ 112، المعارف: ص 288، الجرح والتعديل: 8/ 489، سير الذهبي: 3/ 5، أسد الغابة: 6/ 38، تهذيب الأسماء واللغات: 2/ 1/ 198، العبر: 1/ 58، البداية والنهاية: 8/ 57، العقد الثمين: 7/ 347، تهذيب التهذيب: 10/ 469، الخلاصة للخزرجي: ص 346، الشذرات: 1/ 58).
(1) ذكره الخرقي في "باب الإمامة" (المختصر: ص 32).
(2) قاله الذهبي في (السير: 5/ 3).
(3) أبي: من الحصن، كما في (السير للذهبي: 6/ 3).
(4) والبَكْر - بفتح "الباء" وسكون "الكاف" -: الفتيّ من الإبل، والأُنْثى بكرة (الصحاح: 2/ 595 مادة بكر).
(5) انظر: (أسد الغابة: 6/ 38، سير الذهبي: 3/ 6).
(6) وهم: عبيد الله، وعبد الرحمن، وعبد العزيز، ومسلم. انظر: (سير الذهبي: 3/ 5).
(7) هو الإمام الحجة، عبد الرحمن بن مُلِّ - وقيل: ابن ملي - بن عمرو بن عدي البصري مخضرم =
(3/880)
________________________________________
قيس (1) وغيرهم وكان رجلًا صالحًا وَرِعًا، آخى النبي - صلى الله عليه وسلم - بينَه وبيْن أبي برزة (2). مات سنة خمسين، وقيل: مات هو والحسن في سنة واحدة، وقيل: سنة إحدى وخمسين (3)، وقيل: سنة اثنتين وخمسين (4).
ومناقبه كثيرةٌ جدًا رضي الله عنه.
2 - أَبُو لُبابَة (*):
ذكَرَهُ في "النذور" (5):
__________
= مُعَمْر، أدرك الإسلام والجاهلية، وغزا في خلافة عمر وبعدها غزوات، فضائله جمة، توفي 100 هـ. أخباره في: (طبقات ابن سعد: 7/ 97، المعارف: ص 426 سير الذهبي: 4/ 175، تاريخ بغداد: 10/ 202، الشذرات: 1/ 118).
(1) الصحابي الجليل صخر - وقيل: ضحاك - بن معاوية بن حصين، الأمير الكبير، شُهِرَ بالأحنف لحنف رجليه، وهو العوج والمل، فضائله كثيرة توفي 67 هـ/، وقيل غير ذلك. أخباره في: (طبقات ابن سعد: 7/ 93، تاريخ البخاري: 2/ 50، المعارف: ص 423، سير الذهبي: 4/ 86، وفيات الأعيان: 2/ 499، تهذيب ابن عساكر: 7/ 10، الشذرات: 1/ 78).
(2) هو فضلة بن عبيدة، أبو بَرزَة الأسْلَمي، صاحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقاتل عبد العُزى بن خطل تحت أستار الكعبة بإذن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وروى عِدة أحاديث، فضائله كثيرة. توفي 60 هـ. أخباره في: (طبقات ابن سعد: 4/ 298، المعارف: ص 336، تاريخ بغداد: 1/ 182، سير الذهبي: 3/ 40، تهذيب التهذيب: 10/ 446، الخلاصة للخزرجي: ص 348).
(*) حكاه الذهبي في (السير: 3/ 9).
(3) قاله خليفه بن خياط في: (تاريخه: 1/ 259).
(4) أخباره في: "أسد الغابة: 6/ 265، المعارف: ص 325، طبقات ابن سعد: 3/ 457، الإصابة: 7/ 165، طبقات ابن خياط: ص 84، تهذيب التهذيب: 12/ 214).
(5) انظر: (مختصر الخرقي: ص 224).
(3/881)
________________________________________
واخْتُلِف في اسمه (1)، أخرج له البُخاري، ومسلم، وأبو داود (2)، وغيرهم (3).
بَدْرِيٌّ جليلٌ، يقال: ردَّهُ النبي - صلى الله عليه وسلم - حين خرج إلى بَدْر من الروحاء (4)، واستعمله على المدينة، وضرب له بسهمه وأجره، فكان كمن شهدها (5).
وهو أحدُ النقباء ليلَة العَقَبة.
مات في خلافة عليٍّ (6)، وقيل: بعد الخمسين (7)، روى عنه جماعة،
__________
(1) قيل اسمه: رِفاعة بن عبد المنذر، قاله ابن إسحاق، وأحمد بن حنبل، وابن معين. انظر: (السيرة لابن هشام: 1/ 456، أسد الغابة: 6/ 265).
وقيل اسمه: بشير بن عبد المنذر، قاله موسى بن عقبة، وابن هشام، وخليفة بن خياط. انظر: (طبقات ابن خياط: ص 84، السيرة لابن هشام: 1/ 688، أسد الغابة 6/ 265).
(2) هو الإمام الحافظ، سليمان بن الأشعث بن شداد بن عمرو بن عامر، أبو داود السجستاني الأزدي، محدث البصرة صاحب "السنن" حدث عنه الترمذي، والنسائي وغيرهما، توفي 275 هـ. أخباره في: (الجرح والتعديل): 4/ 101، سير الذهبي: 13/ 203، تاريخ بغداد: 9/ 55، طبقات الحنابلة: 1/ 159، المنتظم: 5/ 97، وفيات الأعيان: 2/ 404، طبقات السبكي: 2/ 293).
(3) انظر: صحيح البخاري في بدء الخلق: 6/ 351، باب خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال، حديث (3311)، وفي المغازي: 7/ 320، باب مات أبو زيد ولم يترك عقبًا، حديث (4017)، ومسلم في السلام: 4/ 1754، باب قتل الحيات وغيرها، حديث (134)، (135)، (136)، وأبو داود في الأدب: 4/ 364، باب في قتل الحيات، حديث (5253)، (5254)، ومالك في الاستئذان: 2/ 975، باب ما جاء في قتل الحيات وما يقال في ذلك حديث (31)، وأحمد في السند: 3/ 430.
(4) الروحاء: - بفتح أوله وبـ "الحاء" المهملة. ممدود -: قرية جامعة لمزينة على ليلتين من المدينة بينهما أحد وأربعون ميلًا. قاله البكري في: (معجمه: 1/ 681).
(5) انظر: (أسد الغابة: 6/ 265، الإصابة: 7/ 165).
(6) قاله أبو نعيم، وأبو عمر بن عبد البر، حكاه ابن الأثير في: (أسد الغابة: 6/ 267).
(7) حكاه ابن حجر في (الإصابة: 7/ 165).
(3/882)
________________________________________
منهم أبناؤه، والسائب بن عبد الرحمن (1) وغيرهم (2).
ومناقبه كثيرةٌ جدًا، ليس هذا موضع استقصائها رضي الله عنه.
3 - أبو هريرة (*):
اخْتُلِف في اسمه على نحوٍ من العشرين قولًا، أصحُّها أنه: عبد الرحمن ابن صخر (3)، وقيل: عبد الرحمن بن غَنْم، وقيل: عبد شمس، وقيل: عبد نَهْم (4).
مُكْثِرٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، لم يَرْوِ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحد أكثر منه (5)، روى عنه
__________
= وقيل: مات بعد مقتل عثمان رضي الله عنه. قاله ابن خياط في: (طبقاته: ص 84)، وابن قتيبة في (المعارف: ص 325).
(1) لم أقف على ترجمة بهذا الاسم، ولعله السائب بن يزيد الذي وهم فيه كثير من النقلة، كما ذكر أبو نعيم، حكاه عنه ابن الأثير في (أسد الغابة: 2/ 317).
(2) مثل: عبد الله بن عمر بن الخطاب، وولده سالم بن عبد الله، ونافع مولاه، وعبد الله بن كعب اين مالك، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وعبيد الله بن أبي يزيد وغيرهم. (الإصابة: 7/ 165).
(*) أخباره في: (طبقات ابن سعد: 2/ 362، 4/ 325، المعارف: ص 277 - 278 - 285، أخبار القضاة لوكيع: 1/ 111، المستدرك: 6/ 503، حلية الأولياء: 1/ 376، سير الذهبي: 2/ 578، أسد الغابة: 6/ 318، معرفة القراء الكبار: 1/ 43، البداية والنهاية: 3/ 108، مجمع الزوائد: 9/ 361، طبقات القراء: 1/ 371، تهذيب التهذيب: 12/ 262، الإصابة: 7/ 199، خلاصة تهذيب الكمال: ص 462، الشذرات: 1/ 63).
(3) ذكره الخرقي في: "سجدتي السهو". (المختصر: ص 27).
(4) وقيل: سكين، وقيل: عامر، وقيل: برير، وقيل: عبد الله، وقيل: عمرو، وقيل: سعيد وغير ذلك. انظر (سير الذهبي: 2/ 578، الإصابة: 7/ 199، أسد الغابة: 6/ 319).
(5) قال الذهبي في (السير: 2/ 579): "حمل عن. النبي - صلى الله عليه وسلم - علمًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه لم يُلْحَق في كَثْرته".
(3/883)
________________________________________
الخَلْق الكثير، والجَمُّ الغفير (1)، وأحاديثه ملأت الدنيا شرقًا وغربًا. وقد قال: "حَفِظْتُ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وِعاءيْن. فأمَّا أحدهما: فبَثَثْتُه، وأما الآخر: فلو بَثَثْتُه، لَقُطع هذا البَلْعُوم" (2).
وقال: "كُنْتُ امْرَأً مسكينًا، أَلْزَم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على شِبَع بَطْني، وكان المهاجِرون يَشغلهم الصَّفْقُ بالأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "مَن يَبْسُط رِداءَهُ حتى أقْضِي مقالَتي، ثم يَقْبِضه إليه فلنْ يَنْسَى شيئًا سمِعَهُ مِني، فبَسَطْت بُرْدَةً عليَّ حَتى قضى حديثه، ثم قَبضتُها إليَّ، فوالذي نَفْسي بيده ما نَسِيْت بعدُ حديثًا سمِعْته منه (3) ".
مات سنة ثمان وخمسين (4)، وقيل: سنة تسعٍ وخَمسين (5).
__________
(1) قيل: بلغ عدد أصحابه ثمان مائة، ذكر مُعظمهم صاحب (تهذيب الهذيب: 12/ 262، وما بعدها)، والذهبي في: (سيره: 2/ 579 وما بعدها).
(2) أخرجه البخاري في العلم: 1/ 216، باب حفظ العلم، حديث (120).
وعاءين: أبي ظرفين. أطلق المَحَل، وأراد به الحال: أبي نوعين من العِلْم، فيكون مراده إذًا أن محفوظه من الحديث، لو كُتِب لملأ وعاءين، وبهذا يندفع التعارض بين هذا الحديث وبين قوله في حديث آخر "كنت لا أَكتُب" انظر: (فتح الباري: 1/ 216).
أما قوله: (وأما الآخر: فلو بَثَثْتُه لقطع هذا البلعوم". فقد حمله العلماء على الأحاديث التي فيها تبين أمراء السوء وأحوالهم وزمنهم وقد كان أبو هريرة يُكَنِي عن بعضه، ولا يصرح به خوفًا على نفسه منهم. انظر: (المصدر السابق: 1/ 216).
(3) أخرجه البخاري في البيوع: 4/ 287، بلفظ قريب منه، باب قول الله عز وجل: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ}، حديث (2047)، ومسلم في فضائل الصحابة: 4/ 1940، باب صت فضائل أبي هريرة: الدَّوسيّ رضي الله عنه، حديث (159)، وابن سعد في (طبقاته: 4/ 330)، والذهبي في (سيره: 2/ 595).
(4) قاله أبو معشر، وضمرة، وعبد الرحمن بن مغراء. والهيثم وغيرهم، حكاه عنهم الذهبي في (سيره: 2/ 627)، وابن حجر في (الإصابة: 7/ 207).
(5) قاله الواقدي، حكاه عنه ابن سعد في: (طبقتاته: 4/ 340 - 341)، والذهبي في (سيره: 2/ 626).
(3/884)
________________________________________
ومناقبه كثيرةٌ وفضائِله غزيرةٌ، وعباداته مشهورةٌ، وعُلومُه وأحاديثه مسطورةٌ، يضيق هذا الموضع عنها. وترجمته مطولة في "طبقات ابن سعد" (1) و"تاريخ ابن عساكر" (2)، و"تاريخ الذهبي" (3) وغير ذلك من الكتب المطولة.
__________
= قال الذهبي: "قلت: الصحيح خلاف هذا" وأورد سندًا عن هشام بن عروة أن عائشة وأبا هريرة ماتا سنة سبع وخمسين، قبل معاوية بسنتين".
وقد اعتمد هذا ابن حجر في: (الإصابة: 7/ 207).
(1) انظر: (طبقات ابن سعد: 2/ 362، 4/ 325 - 341).
أما ابن سعد، فهو الحافظ، أبو عبد الله البغدادي، محمد بن سعد كاتب الواقدىِ، كان من أوعية العلم، ومن نظر في "طبقاته" خضع لعلمه. قاله الذهبي له تآليف مختلفة في الحديث والفقه والغريب، توفي 230 هـ. أخباره في: (الجرح والتعديل: 7/ 262، تاريخ بغداد: 5/ 321، وفيات الأعيان: 4/ 351، السير للذهبي: 10/ 664، الوافي بالوفيات، 3/ 88، مرآة الجنان: 2/ 10، طبقات القراء: 2/ 142، النجوم الزاهرة: 19/ 105 أ).
(2) انظر: (تاريخ دمشق لابن عساكر: 19/ 105).
اما ابن عساكر، فهو أبو القاسم ثقة الدين، علي بن الشيخ أبي محمد الحسين بن هبة الله بن عبد الله بن الحسين، المعروف بابن عساكر الدمشقي الشافعي، صاحب التصانيف وعلى رأسها "تاريخ دمشق" توفي 571 هـ. أخباره في: (المنتظم: 10/ 261، معجم الأدباء: 13/ 73، مرآة الجنان: 3/ 393، سير الذهبي 20/ 554، وفيات الأعيان: 3/ 309، الروضتين: 1/ 10، 2/ 261).
(3) انظر: (تاريخ الذهبي: 2/ 333 - 339).
أما الذهبي، فهو الإمام الحافظ، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي محدث العصر ومؤرخه، صنف في مختلف الفنون التصانيف النافعة، توفي. 748 هـ. اخباره في: (طقبات ابن السبكي: 9/ 100، البدر الطالع: 2/ 110، الدرر الكامنة 3/ 426، طبقات القراء: 2/ 71، مرآة الجنان: 4/ 331).
(3/885)
________________________________________
فصل: في النِّساء
1 - أسماء بنْت عُمَيْس الخَثْعَمِيَّة (*):
من المُهاجرات الأُول (1)، وهي أخت أم المؤمنين مَيْمُونة لأُمِّها.
روى عنها ابنُها: عبد الله، وابنها: عَوْن (2). وكانت تحت جعفر بن أبي طالب، وهي التي قال لها عُمَر: "سَبَقْنَاكُم بالهجرة، فذكرته للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال لها: لكم هجرتان، وَلَهُ ولأصحّابِه هِجْرةٌ واحدة" (3).
وتزوَّجها الصديق رضي الله عنه بعد جعفر، وتزوَّجها بعد الصديق علي بن أبي طالب رضي الله عنه فولَدْتُ لَهُ "يحيى"، وكان إِسْلَامها قبل
__________
(*) أخبارها في: (طبقات ابن سعد: 8/ 280، المعارف: ص 171 - 210 - 282، أسد الغابة: 4/ 17، مجمع الزوائد: 9/ 260، سير الذهبي: 2/ 282 تهذيب التهذيب: 12/ 398، الإصابة: 8/ 8، خلاصة تهذيب الكمال: ص 488، الشذرات: 1/ 15 - 48).
(1) ذكرها الخرقي في: "باب سجدتي السهو". (المختصر: ص 27).
(2) وهما ابنا جعفر بن أبي طالب زوج أسماء الأول، ولدا في الحبشة بعد هجرتها إِليها. انظر: (سير الذهبي: 2/ 283).
(3) أخرجه البخاري من حديث طويل في المغازي: 7/ 484، باب غزوة خيبر، حديث (4230)، ومسلم في فضائل الصحابة: 4/ 1946، باب من فضائل جعفر بن أبي طالب وأسماء بنت عميس، حديث (169)، كما أخرجه ابن سعد في: (طبقاته: 8/ 281).
(3/886)
________________________________________
دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - دار الأرقم (1)، وهي التي نَفَست محمد بن أبي بكر بذي الحُلَيفة زمن حَجَّة الوداع، فأمرها النبي - صلى الله عليه وسلم - أنْ تَغْتَسِل وتُحْرِم (2).
وقال قيس بن أبي حازم (3): "رأيت أسماءَ بنتَ عُمَيس لمَّا دخلت مع أبي بكر موشُومَةَ اليدين" (4) قاله إسماعيل بن أبي خالد (5) عنه.
2 - آمِنة أُمُّ النبي - صلى الله عليه وسلم - (*):
ذَكَرها في "القذف" (6).
__________
(1) هو الأرقم بن أبي الأرقم بن أسد بن عبد الله المخزومي، أحد السابقين الأولين، شهد بدرا وغيرها، كانت له دارٌ عند الصفا، وهي التي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يجتمع فيها بالمسلمين الأوائل قبل الهجرة، عاش الأرقم إلى دولة معاوية، فظائله كثيرة، توفي 53 هـ/، أخباره في: (طبقات ابن سعد: 3/ 242، الجرح والتعديل: 2/ 309، المستدرك: 3/ 502، أسد الغابة: 1/ 74،
الشذرات: 1/ 61).
(2) انظر الحديث في: (طبقات ابن سعد: 8/ 282 - 283)، وهو عند أحمد في (المسند: 6/ 369)، ومسلم في الحج: 2/ 887، باب حجة النبي - صلى الله عليه وسلم -، حديث (147).
(3) هو الحافظ الثقة، قيس بن أبي حازم، أبو عبد الله البجلي الأحمسيّ، أسلم وأتى النبي - صلى الله عليه وسلم - ليبايعه فقبض النبي عليه السلام وقيس في الطريق. قيل: له صُحْبَة ولم يثبت ذلك، توفي 97 أو 98 هـ. له ترجمة في: (طبقات ابن سعد: 6/ 67، تاريخ البخاري: 7/ 145، تاريخ بغداد: 12/ 452، أسد الغابة: 4/ 211، الشذرات: 1/ 112).
(4) أخرجه ابن سعد في: (طبقاته: 8/ 283).
معنى موشُومَة اليَديْن: أبي في يديها وَشْمٌ.
(5) هو الحافظ، أبو عبد الله البَجَلي، إسماعيل بن أبي خالد الأحمي مولاهم الكوفي. عِدَادُه في صِغَار التابعين، روى عن قيس بن أبي حَازم، وعبد الله بن أبي أوفى وغيرهم، توفي 146 هـ. أخباره في: (طبقات ابن سعد: 6/ 240، التاريخ الكبير: 1/ 351، تذكرة الحفاظ: 1/ 153، سير الذهبي: 6/ 176).
(*) أخبارها في: (طبقات ابن سعد: 1/ 49 - 98 - 116، السيرة لابن كثير: 1/ 176 - 177، المختصر في أخبار البشر: 1/ 108، السيرة لابن هشام: 1/ 156 - 157، المعارف: ص 129، المطلع: ص 458).
(6) انظر: (المختصر: ص 193).
(3/887)
________________________________________
وهي آمِنة بنت وَهْبٍ بن عبد مناف زُهْرة بن كلاب بن مُرَّة بن كعْب ابن لؤيٍّ بن غالب (1).
تلتقي مع أبيه في كِلَاب بن مُرَّة.
تُوُفِّيت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن أرْبَع سنين (2)، وقيل: وهو ابن ست سنين (3).
قال ابن قتيبة: "لم يَكُن لآمنة أخٌ، فيكون خالًا للنبي - صلى الله عليه وسلم -، ولكن بنو زهرة يقولون: نحن أخوال النبي - صلى الله عليه وسلم -، لأن آمنة منهم" (4).
3 - أمُّ حبيبة بنت أبي سُفْيَان (*):
زوج النبي - صلى الله عليه وسلم -، أسْلَمَت قديمًا، وهاجَرت مع زوجها (5) إلى الحبشة،
__________
(1) زاد بن قتيبة: "ابن فهر بن مالك بن النفر بن كنانه بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر". انظر: (المعارف: ص 129).
(2) حكاه ابن الجوزي في: (تلقيح فهوم أهل الأثر: ص 13).
(3) هذا هو المشهور. قاله ابن سعد في: (طبقاته: 1/ 116، وابن إسحاق في: (السيرة: 1/ 168)، وابن كثير في (سيرته: 1/ 235)، وابن القيم في (زاد المعاد: 1/ 31).
(4) انظر: (المعارف: ص 129 بتصرف).
وذكر ابن هشام سببًا آخر في خؤولة بني عدى. بن النجار لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "أُمّ عبد المطلب بن هاشم. سلمى بنت عمرو النجارية فهذه الخؤولة التي ذكرها ابن إسحاق لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". انظر: (سيرة ابن هشام: 1/ 168).
(*) أخبارها في: (طبقات ابن سعد: 8/ 96، طبقات ابن خياط: ص 332، المعارف: ص 136، الجرح والتعديل: 9/ 461، المستدرك: 4/ 20، أسد الغابة: 7/ 115، مجمع الزوائد: 9/ 249، تهذيب التهذيب: 12/ 419، الإصابة: 8/ 84، الخلاصة للخزرجي: ص 491، سير الذهبي: 2/ 218، الشذرات: 1/ 54).
(5) وهو عبيد الله بن جحش بن رياب الأسدي. انظر: (سير الذهبي: 2/ 220).
(3/888)
________________________________________
فتنصَّر ومات فزَوَّجها النجاشي من النبي - صلى الله عليه وسلم - (1)، واسمها: رَمْلَة، يقال لها (2): هندْ.
ذُكِرتْ عند قول هند: "أنَّ أبا سُفيان رجلٌ شَحِيحٌ، وليس يُعْطِيني ما يكْفِيني وَوَلَدي" (3) تُوفِّيت سنة أربع وأربعين (4)، وقال أبو بكر بن أبي خيثمة (5): "توفيت قبل معاوية بسنة" (6)، وكانت من الأَجْوَاد الأَعْيَان لا ينكر فإنَّها ليست من وَلَدِ هِنْد.
4 - هند (*):
ذَكَرها في "النفقات" (7):
وهي هِنْد بنتُ عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، امرأَة أبي سفيان، أُمُّ
__________
(1) وكان ذلك سنة ست من الهجرة. انظر ما ورد في ذلك في: (المستدرك: 4/ 20 - 22 طبقات ابن سعد: 8/ 97 - 98، وأبو داود في النِّكَاح: 2/ 235، باب الصداق حديث (2107)، والنسائي في النِّكَاح: 6/ 97، باب القسط في الأصدقة، وأحمد في المسند: 6/ 427.
(2) انظر: (الإصابة: 8/ 84، أسد الغابة: 7/ 115)، قال الحافظ ابن حجر: "ورملة أصح".
(3) انظر: (مختصر الخرقي: ص 170).
(4) هذا هو المشهور. قاله معظم المؤرخين. انظر: (الإصابة: 8/ 85، طبقات ابن سعد: 8/ 100، سير الذهبي: 2/ 222، أسد الغابة: 7/ 116).
(5) هو العلَّامة المُؤَرّخ، أحمد بن زهير بن حرب بن شداد النسائي ثم البغدادي، أبو بكر من حفاظ الحديث، كان ثقة راوية للأدب، من أبرز مؤلفاته "التاريخ الكبير" توفي 279 هـ. أخباره في: (تاريخ بغداد: 4/ 162، طبقات الحنابلة: 1/ 44، معجم الأدباء: 3/ 35، تذكرة الحفاظ: 2/ 592، سير الذهبي: 11/ 492، طبقات القراء: 1/ 54، الوافي بالوفيات: 6/ 376).
(6) أبي: سنة تسع وخمسين، واستبعده ابن حجر في (الإصابة: 8/ 85).
(*) أخبارها في: (الإصابة: 8/ 205، أسد الغابة: 7/ 292، طبقات ابن سعد: 8/ 235، نهاية الأرب: 17/ 100، مجمع الزوائد: 9/ 264).
(7) انظر: (مختصر الخرقي: ص 170).
(3/889)
________________________________________
معاوية أسلمت عام الفتح بعد إِسلام زوجها فأَقرَّهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على نكاحهما.
وكان عليه السلام أَهْدَر دَمها لما فَعَلَتْ بِحَمْزَة، وما هَجَتْ في المسلمين (1)، فلما أسلمت وهاجَرتْ قالت: "والله في رسول الله ما كان على ظهر الأرض أهْل خِبَاءٍ أحبَّ إِليَّ أن يَذلُّوا مِنْ أهْل خِبَائِك، ثم ما أَصْبح على ظهر الأرض أهْل خِبَاءٍ أحبَّ إِليَّ أنْ يَعزُّوا من أهل خِبَاءك. فقال: وأيضًا والذي نفسي بيده" (2).
وكانت تُعَدُّ من سَادَات الصحابيات رضي الله عنها (3).
5 - بنت حمزة (5):
أخْرَج لها النسائي (4)، والدارقطني (5)، لها صُحْبَةٌ (6)، وحديثها في
__________
(1) ينظر تفاصيل ما ورد في ذلك في: (السيرة لابن هشام: 2/ 91 - 92، السيرة لابن كثير: 3/ 74، أسد الغابة: 7/ 293).
(2) أخرجه ابن سعد في: (طبقاته: 8/ 236)، وابن كثير في: (سيرته: 3/ 604) وعزاه للبيهقي والبخاري.
(3) اختلف في سنة وفاتها، قيل: في خلافة عثمان، وقيل: في خلافة عمر رضي الله عنه وقيل: بل ماتت بعد خلافة عثمان. انظر: (الإصابة: 6/ 208، أسد الغابة: 7/ 293).
(*) أخبارها في: (طبقات ابن سعد: 8/ 48، الإصابة: 8/ 13، أسد الغابة: 7/ 21، فتح الباري: 7/ 505).
(4) لم أقف على تخريج لها في السنن المطبوعة، ولعلها في السنن الكبرى. والله أعلم.
(5) انظر: سنن الدارقطني في الفرائض: 4/ 83 - 84، حديث (51).
أما الدارقطني، فهو الحافظ، أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي بن مسعود بن النعمان البغدادي المحدث المقرئ، صاحب التصانيف، توفي 385 هـ/ أخباره في: (تاريخ بغداد: 12/ 34، المنتظم: 7/ 183، وفيات الأعيان: 3/ 297، السير الذهبي: 6/ 449، المختصر لأبي الفدا: 2/ 130، طبقات السبكي: 3/ 462، طبقات القراء: (1/ 558).
كما أخرج لـ "بنت حمزة" البخاري في المغازي: 7/ 499، باب عمرة القضاء، حديث (4251)، وفي الصلح: 5/ 304، باب كيف يكتب "هذا ما صالح فلان بن فلان بن فلان، حديث (2699)، وأبو داود في الطلاق: 2/ 284، باب من أحق بالولد، حديث (2278)، (2280).
(6) ذكرها الخرقي في "باب ميراث الولاء" انظر: (المختصر: ص 128).
(3/890)
________________________________________
ميراث الَموْلَى مشهور (1). وعنها أخوها لأُمِّها عبد الله بن شداد بن الهاد (2). ولم أقعْ على اسمها، ولم تُعرف إِلَّا بابنة حمزة (3)، وهي صحابية، جليلة لها قَدرٌ ونَسبٌ قرشيةٌ، بنت عمِّ النبي - صلى الله عليه وسلم -.
6 - ولَدٌ:
أبي: عبد الله الذي حَذق (4). ذكَره في "الوليمة" (5). واسْمُه: حَسَنٌ، وليس لَهُ ذكر، وكأنه تُوفِّي، ولم يَبْلغ من السن أنْ يذكر (6).
__________
(1) أخرجه ابن ماجة في الفرائض: 2/ 913، باب ميراث الولاء، حديث (2734)، وأحمد في المسند: 5/ 406، كما عزاه الموفق في (المغني: 7/ 265) إلى ابن اللبان.
(2) هو أبو الوليد الليثي، عبد الله بن شداد بن الهاد المدني الكوفي، أحد كبار فقهاء تابعي المدينة روى عن جمع من الصحابة، كان ثقة قليل الحديث، توفي 82 هـ/ أخباره في: (طبقات ابن سعد: 5/ 61، 6/ 126، الجرح والتعديل: 5/ 80، تاريخ بغداد: 9/ 473، البداية والنهاية: 9/ 37، تهذيب التهذيب: 5/ 251، الشذرات: 1/ 90، سير الذهبي: 3/ 488).
(3) قيل: اسمها أمامة بنت حمزة، وقيل: اسمها فاطمة، وقيل: اسمها عمارة، وقيل: أمة الله، وقيل: سلمى.
انظر: (الإصابة: 8/ 13 - 24؛ أسد الغابة: 7/ 21، طبقات ابن سعد: 8/ 48، مسند أحمد: 6/ 405) وصحح ابن حجر في (الفتح: 7/ 505) "أن اسمها عمارة".
(4) حذق الرجل: إذا صار ماهرًا في أبي شيء (المصباح: 1/ 137)، والقصود به عند الخرقي أنه مهر في حفظ القرآن.
(5) انظر: (مختصر الخرقي: ص 149).
(6) سبق أن تحدثنا عن أولاد أحمد بن حنبل رحمه الله في ترجمته.
(3/891)
________________________________________
قال محمد بر علي بن بحر (1): "سَمِعْتُ حُسْنَ - أم ولد أحمد بن حنبل رضي الله عنه - تقول: لما حذَق ابني حَسَن، قال لي مَوْلَاي: حُسْنَ، لَا تَنْثُروا عليه، فاشْتَرى تَمرًا وجَوْزًا، فأرسله إلى المعلِّم.
قالت: وعَمِلْتُ أنا عصيدةً (2)، وأطعمتُ الفقَراءَ، فقال: أحْسَنْت، وفَرَّق أبو عبد الله على الصبيان الجَوْزَ لكلِّ واحدٍ خمسةً خمسةً" (3).

آخره
والحمد لله وحْدَه. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
وفرغ منه مؤلِّفُه: يوسف بن حسن بن عبد الهادي، يوم الجمعة تاسع شهر رجب سنة سبعين وثمان مائة. وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
__________
(1) لم أعثر له على ترجمة. والله أعلم.
(2) العصيدة: دقِيقٌ يُلَتُ بالسمن ويُطْبَخ، وسُمِّيت بذلك، لأنَّها تُعْصَد: أبي تُقَلَّب وتُلْوَى. انظر: (اللسان: 3/ 291 مادة عصد. المصباح: 2/ 63).
(3) انظر: (المغني لابن قدامة: 8/ 120).
(3/892)
________________________________________
فهرس المصادر والمراجع في الدراسة والتحقيق
أولًا: المخطوطة:
- بيان ما فيه لغات ثلاث فأكثر:
لابن مالك الجياني الأندلسي
رسالة صغيرة ضمن مجاميع وهي مصورة بمركز البحث العلمي قسم المخطوطات تحت رقم 3/ 632 مجاميع لغة عربية.
- تاريخ الإسلام:
لشمس الدين الذهبي
نسخة المتحف البريطاني برقم 50/ 11376 وهي مصورة بمركز المخطوطات تحت رقم 2524 تاريخ.
- تاريخ دمشق:
لأبي القاسم علي بن أبي محمد بن الحسن الشهير بابن عساكر نسخة الظاهرية وهي مصورة بمركز البحث العلمي، قسم المخطوطات تحت أرقام متعددة. تاريخ.
- التذكرة في الفقه:
لأبي الوفاء ابن عقيل
نسخة مكتبة مجهولة برقم 87، مصورة بمركز المخطوطات تحت رقم 109 فقه حنبلي.
(3/895)
________________________________________
- تصحيح الفصيح:
لابن درستويه (القسم الثاني).
نسخة مكتبة عارف حكمت بالمدينة المنورة برقم 79/ 410 وهي مصورة بمركز المخطوطات تحت رقم 521 لغة عربية.
- التفسير البسيط:
لأبي الحسن علي بن أحمد الواحدي
نسخة مكتبة تشستربتي تحت رقم 5041 وهي مصورة بمركز البحث العلمي تحت رقم 492 تفسير وعلوم القرآن.
- التقريب في علم الغريب:
لأبي الثناء ابن خطيب الدهشة
نسخة مكتبة البلدية بالاسكندرية برقم 791 ب ونسخة الأزهر برقم 41978 جوهري وهما بمركز البحث العلمي 300، 139 لغة عربية.
- الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة:
لابن شاس المالكي
الجزء 1 - 2، نسخة المكتبة الأزهرية تحت رقم 1095/ 15651 فقه مالك، مصورة بمركز المخطوطات تحت رقم 83 فقه مالكي.
- السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة:
لمحمد بن عبد الله بن حميد النجدي
مصورة عن نسخة خدابخش رقم (3468)
- شرح الزركشي علي الخرقي:
لأبي عبد الله محمد شمس الدين الزركشي
نسخة المكتبة المحمودية بالمدينة المنورة برقم 1435، مصورة بمركز المخطوطات بالجامعة تحت رقم 143 فقه حنبلي.
(3/896)
________________________________________
- شرح صحيح البخاري:
لأبن رجب الحنبلي
الجزء الثالث، نسخة المكتبة الأزهرية بدون رقم، مصورة بمركز المخطوطات تحت رقم 1293 حديث.
- شرح الفصيح لابن خالويه:
لأبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه
نسخة جامعة برنستن (مجموعة يهودا) (1) برقم 4025 نحو، مصورة بمركز المخطوطات بالجامعة تحت رقم 237 لغة عربية.
- شرح مختصر روضة الناظر:
لسليمان بن عبد القوي الطوفي
نسخة الخزانة العامة بالرباط تحت رقم 632/ 40 فاس، وهي مصورة بقسم المخطوطات بالجامعة تحت رقم 215 أصول فقه.
- الغريب المصنف:
لأبي عبيد القاسم بن سلام
نسخة مكتبة الفاتح بتركيا برقم 4008 وهي مصورة بمركز المخطوطات تحت رقم 313 لغة عربية.
- الغريبين:
لأبي عبيد الهروي (الجزء الثاني)
نسخة الدكتور محمود محمد الطناحي.
- الكشف والبيان في التفسير:
لأبي إسحاق أحمد بن محمد الثعلبي
نسخة تشستربتي تحت رقم 3876 مصورة بالمركز البحث العلمي
قسم المخطوطات تحت رقم 328 تفسير وعلوم قرآن.
- متعة الأذهان والتمتع بالأقران:
(3/897)
________________________________________
لأحمد بن محمد بن الملا الحلبي
نسخة مجمع اللغة العربية بدمشق.
- المثلث ذو المعنى الواحد:
تأليف: محمد بن عبد الوالي حولان الحنبلي
رسالة صغيرة ضمن مجاميع رقمه بالمركز 629/ 35 مجاميع لغة عربية.
- المستوعب في الفقه:
تأليف: محمد بن عبد الله السامري
نسخة الظاهرية برقم 2737 مصورة بالمركز البحث العلمي قسم المخطوطات تحت رقم 27، 77 فقه حنبلي.
- مطالع الأنوار على صحاح الآثار:
لأبن قرقول الأندلسي
نسخة مكتبة تيمور باشا بدار الكتب المصرية تحت رقم 88 لغة، 81 لغة وهي مصورة بمركزالمخطوطات تحت رقم 498، 501 لغة عربية.
- وفاق المفهوم في اختلاف المقول والمرسوم:
نسخة عارف حكمت بالمدينة المنورة برقم 158/ 159/ 143 مصورة بمركز المخطوطات تحت رقم 556 لغة عربية.
(3/898)
________________________________________
ثانيًا: المطبوعة:
- الإبداع في مضار الابتداع
تأليف: الشيخ علي محفوظ
المكتبة المحمودية التجارية، مصر، ط: السادسة
- إتحاف الورى بأخبار أم القرى:
للنجم عمر بن فهد
تحقيق: فهيم شلتوت
مكتبة الخانجي، القاهرة، ط: الأولى 1403 هـ.
- الإتقان في علوم القرآن:
للجلال السيوطي
مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، ط: الثالثة 1370 هـ/ 1951 م.
- الاحكام في أصول الأحكام:
لسيف الدين أبي الحسن علي بن أبي علي الآمدي
دار الفكر، بيروت، ط: الأولى 1401 هـ/ 1981 م.
- إحياء علوم الدين:
لأبي حامد محمد بن محمد بن محمد الغزالي
عالم الكتب، دمشق
- الاختيارات الفقهية لابن تيمية:
لعلاء الدين علي بن محمد البعلي
(3/899)
________________________________________
- الاختيار شرح المختار المسمى بالاختيار لتعليل المختار:
لعبد الله بن محمود بن مودود الموصلي الحنفي
مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، ط: الأولى 1355 هـ/ 1936 م.
- إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم الأصول:
تأليف: محمد بن علي بن محمد الشوكاني
مطبعة مصطفى البابي الحلبي، القاهرة، ط: الأولى 1356 هـ/ 1937 م.
- إرواء الغليل في تخريج أحاديث منار السبيل:
تأليف: محمد ناصر الدين الألباني
المكتب الإسلامي، بيروت، دمشق، ط: الأولى 1399 هـ/ 1979 م.
- الاستيعاب في معرفة الأصحاب:
لابن عبد البر القرطبي
دار إحياء التراث. العربي - بيروت، ط: الأولى 1328 هـ.
- الاشتقاق:
لابن دريد، أبي محمد بن الحسن
تحقيق: عبد السلام محمد هارون
الناشر: مكتبة الخانجي، مصر
- الإصابة في تمييز الصحابة:
لشهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني
مطبعة السعادة مصر 1323 هـ.
- إصلاح المنطق:
لابن السكيت
(3/900)
________________________________________
شرح وتحقيق: أحمد محمد شاكر، عبد السلام هارون دار المعارف، مصر، ط: الثانية 1375 هـ/ 1956 م.
- إيضاح المكنون في الذيل على كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون:
تأليف: إسماعيل باشا البغدادي
طبع في اسطنبول سنة 1364 هـ.
- الاعتصام:
لأبي إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي
المكتبة التجارية الكبرى - مصر.
- الاعتقاد:
لأبي بكر أحمد بن الحسين البيهقي
صححه الشيخ أحمد عمد مرسي
أباد فيصل باكستان.
- إعجاز القرآن:
للباقلاني، أبو بكر عمد الطيب
تحقيق: السيد أحمد صقر
دار المعارف، مصر، ط: الثانية
- إعراب القرآن:
المنسوب للزجاج
تحقيق: إبراهيم الأبياري
الهيئة العامة لشئون المطابع الأميرية، 1963 م.
- إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان:
لابن قيم الجوزية
تحقيق: محمد سيد الكيلاني
مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، ط: الأخيرة 1381 هـ/ 1961 م.
(3/901)
________________________________________
- الإفصاح عن معاني الصحاح:
لأبي المظفر يحيى بن محمد بن هبيرة المعروف بـ "الوزير"
مطابع الدجوي، القاهرة 1398 هـ.
- اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أصحاب الجحيم:
لأحمد بن تيمية
مطابع المجد التجارية.
- الاكتفاء في مغازي رسول الله والثلاثة الخلفاء:
لأبي الربيع.، سليمان بن موسى القلاعي الأندلسي
تحقيق: مصطفى عبد الواحد
مكتبة الخانجي، القاهرة، 1387 هـ/ 1968 م.
- إكمال الأعلام بتثليث الكلام:
لأبي عبد الله، محمد بن عبد الله بن مالك الجياني
رواية: محمد بن أبي الفتح البعلي الحنبلي
تحقيق: سعد بن حمدان الغامدي
مكتبة المدني للطبع والنشر، جدة، ط: الأولى 1404 هـ/ 1984 م.
- الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع:
للقاضي عياض بن موسى اليحصبي
تحقيق: السيد أحمد صقر
دار التراث القاهرة 1970 م.
- إمتاع الأسماع بما للرسول من الأبناء والأموال والحفدة والمتاع:
لتقي الدين أحمد بن علي المقريزي
صححه وشرحه محمود محمد شاكر
طبع على نفقة الشئون الدينية بدولة قطر، ط: الثانية.
- إملاء ما منّ به الرحمن من وجوه الإعراب والقراءات في جميع القرآن:
لأبي البقاء، عبد الله بن الحسين العكبري.
(3/902)
________________________________________
تحقيق: إِبراهيم عطوة عوض
مطبعة مصطفى البابب الحلبي وشركاه، ط: الثانية 1389 هـ/ 1969 م.
- انباء الغمر بأبناء العمر:
للحافظ ابن حجر العسقلاني
جى 1 - 3 (فقط) تحقيق الدكتور حسن حبشي - القاهرة 1389 هـ/ وطبعة حيدر آباد - الدكن، الهند، دائرة المعارف العثمانية (1 - 9).
- إِنباه الرواة على أنباه النحاة:
للوزير جمال الدين أبي الحسن علي بن يوسف القفطي
تحقيق: محمد أبو الفضل إِبراهيم
مطبعة دار الكتب المصرية، القاهرة، ط: الأولى 1369 هـ/ 1950 م
- الإنصاف في التنبيه على الأسباب التي أوجبت الخلاف:
لابن السيد البطليوسي
تحقيق: محمد رضوان الداية
دار الفكر، بيروت
- الإنصاف في مسائل الخلاف:
لأبي البركات، عبد الرحمن الأنباري
دار الفكر، بيروت.
- الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف:
لعلاء الدين المرداوي
تحقيق: محمد حامد الفقي
ط: الأولى 1374 هـ/ 1955 م.
- الإيضاح والتبيان في معرفة المكيال والميزان:
لأبي العباس نجم الدين بن الرفعة الأنصاري
(3/903)
________________________________________
تحقيق: الدكتور محمد أحمد إسماعيل الخروف
دار الفكر - دمشق 1400 هـ/ 1980 م.
- أحمد بن حنبل:
تأليف: الشيخ محمد أبو زهرة
دار الحمامي للطباعة، القاهرة، دار الفكر العربي.
- أحكام الخواتيم وما يتعلق بها:
لأبي الفرج زين الدين، عبد الرحمن بن رجب الحنبلي
تعليق: أبي الفداء عبد الله القاضي
دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط: الأولى 1405 هـ/ 1985 م.
- الأحكام السلطانية:
للقاضي أبي يعلى الفراء
صححه وعلق عليه: محمد حامد الفقي
مطبعة مصطفى البابب الحلبي وأولاده، مصر، ط: الثانية 1386 هـ/ 1966 م.
- الأحكام السلطانية والولايات الدينية:
للموردي، أبي الحسن علي بن محمد بن حبيب
مكتبة مصطفى الباي الحلبي وأولاده - مصر، ط: الثالثة 1393 هـ/ 1973 م. - أحكام القرآن:
لأبي بكر محمد بن عبد الله المعروف بابن العربي
تحقيق: علي محمد البجاوي
تحقيق الباي الحلبي وشركاه، ط: الثانية 1387 هـ/ 1967 م.
- أخبار القضاة:
لوكيع، محمد بن خلف بن حيان
(3/904)
________________________________________
عالم الكتب، بيروت
- الآداب الشرعية والمنح المرعية:
لشمس الدين محمد بن مفلح
تصحيح: الشيخ محمد رشيد رضا
مطبعة المنار بمصر
- أزهار الرياض في أخبار القاضي عياض:
لشهاب الدين أحمد بن محمد المقري التلمساني
تحقيق: مصطفى السقا، إبراهيم الأبياري، عبد الحفيظ شلبي
مطبعة لجنة التأليف والترجمة والنشر، القاهرة 1358 هـ/ 1939 م.
- أساس البلاغة:
لأبي القاسم جار الله الزمخشري
مطبعة دار الكتب، مركز تحقيق التراث، ط: الثانية 1972 م
- أسد الغابة في معرفة الصحابة:
لعز الدين أبي الحسن علي بن محمد بن الأثير الجزري
مطبعة الشعب، القاهرة 1970 م.
- أسماء خيل العرب وأنسابها:
لأبي محمد ابن الأعرابي
تحقيق: الدكتور محمد علي سلطاني
مؤسسة الرسالة.
- أسنى المطالب في أحاديث مختلفة المراتب:
للشيخ محمد بن السيد درويش الشهير بالحوت البيروني
مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده - مصر، سنة 1346 هـ.
- الأشباه والنظائر في قواعد وفروع فقه الشافعية:
للجلال السيوطي
(3/905)
________________________________________
دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي وشركاه.
- أصول السرخسي:
لأبي بكر محمد بن أحمد بن أبي سهل السرخسي
تحقيق: أبو الوفا الأفغاني
دار الكتاب العربي، القاهرة 1372 هـ.
- أصول مذهب الإمام أحمد "دراسة أصولية مقارنة":
تأليف: الدكتور عبد الله بن عبد المحسن التركي
مكتبة الرياض الحديثة، الرياض، ط: الثانية 1397 هـ/ 1977 م.
- أصول ابن مفلح:
تأليف: شمس الدين محمد بن مفلح المقدسي
رسالة دكتوراه مطبوعة على الاستنسل بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
تحقيق: فهد بن محمد السرحان.
- الأعلام:
تأليف: خير الدين الزركلي
دار العلم للملايين، ط: الخامسة 1980 م
- أعلام النبوة:
لأبي الحسن علي بن محمد الماوردي الشافعي
دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط: الثالثة 1401 هـ/ 1981 م.
- الأغاني:
لأبي الفرج الأصفهاني
مطبعة دار الكتب المصرية 1935 م، ط: الأولى.
(3/906)
________________________________________
الأم:
لأبي عبد الله، محمد بن إدريس الشافعي
تصحيح: محمد زهري النجار
دار المعرفة، بيروت، لبنان، ط: الثانية 1393 هـ/ 1973 م.
- الأمالي:
لأبي علي إسماعيل بن القاسم القالي
الهيئة المصرية العامة للكتاب 1975 م
- الأمالي الشجرية:
لضياء الدين أبي السعادات هبة الله المعروف بابن الشجري
دار المعرفة، بيروت.
- أمالي المرتضى:
للشريف أبي القاسم علي بن الطاهر أبي أحمد الحسين
ضبطه وصححه: محمد بدر الدين النعساني الحلبي
مطبعة السعادة، مصر.
- الأموال:
لأبي عبيد القاسم بن سلام الهروي
تحقيق: خليل محمد هراس
مكتبة الكليات الأزهرية، ط: الأولى 1968 م/ 1388 هـ.
- الأموال:
لحميد بن زنجويه
تحقيق: الدكتور شاكر ذيب فياض
مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، الرياض، ط: الأولي 1406 هـ/ 1986 م.
- أنيس الفقهاء في تعريف الألفاظ المتداولة بين الفقهاء:
تأليف: الشيخ قاسم القونوي
(3/907)
________________________________________
تحقيق: الدكتور أحمد بن عبد الرزاق الكبيسي
دار الوفاء، جدة، ط: الأولى 1406 هـ/ 1986 م.
- أوضح المسالك إلى ألفية ابن مالك:
لابن هشام الأنصاري.
ومعه كتاب عدة السالك إلى تحقيق أوضح المسالك:
تأليف: محمد محيي الدين عبد الحميد
مطبعة السعادة مصر، ط: الخامسة 1386 هـ/ 1967 م
- البدء والتاريخ:
لأبي زيد أحمد بن سهل البلخي
باريس سنة 1899 م
- بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع:
لعلاء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني
تقديم وإخراج: أحمد مختار عثمان
الناشر: زكريا علي يوسف
مطبعة العاصمة، القاهرة.
- بدائع الفوائد:
لأبي عبد الله محمد بن أبي بكر المعروف بابن قيم الجوزية
دار الكتاب العربي، بيروت.
- بداية المجتهد ونهاية المقتصد:
لأبي الوليد محمد بن أحمد بن رشد القرطبي
المكتبة التجارية الكبرى - مصر.
- البداية والنهاية:
للحافظ أبي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي
مكتبة المعارف، بيروت، ط: الثانية 1977 م
(3/908)
________________________________________
ط: ثانية بتحقيق مجموعة من الأساتذة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط: الأولى 1405 هـ/ 1984 م
- البدر الطالع بمحاسن من بعد القرن السابع:
للقاضي محمد بن علي الشوكاني
مطبعة السعادة، القاهرة، ط: الأولى 1348 هـ.
- البدعة تحديدها وموقف الإسلام منها:
تأليف: عزت عطية
دار الكتب الحديثة - القاهرة.
- البرهان في أصول الفقه:
لإمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف
تحقيق الدكتور عبد العظيم الديب
طبعة قطر. ط: الأولى 1399 هـ.
- البرهان في علوم القرآن:
لبدر الدين الزركشي
تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم
عيسى البابي الحلبي وشركاه، ط: الثانية 1391 هـ/ 1972 م
- بفية الملتمس في تاريخ رجال أهل الأندلس:
لأحمد بن يحيى الضبي
طبعة مدينة مجريط، روخس
- بغية الوعاة في طبقات اللغويين والنحاة:
لجلال الدين عبد الرحمن السيوطي
تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم
مطبعة عيسى البابي الحلبي وشركاه، ط: الأولى 1384 هـ/ 1964 م.
(3/909)
________________________________________
- البناية في شرح الهداية:
لأبي محمد محمود بن أحمد العيني
تصحيح: المولوي محمد عمر الشهير بناصر الإسلام الرامغوري
دار الفكر للطباعة والنشر، ط: الأولى 1455 هـ/ 1985 م
- بيان كشف الألفاظ:
لأبي المحامد بدر الدين محمود بن زيد السلامشي
تحقيق: محمد حسن مصطفى سلبي
طبع في مجنهْ البحث العلمي والتراث الإسلامي بجامعة أم القرى - العدد الأول 1398 هـ/، من ص 245 - 267.
- البيان والتبيين:
لأبي عثمان عمرو بن بحر الجاحظ
تحقيق: عبد السلام محمد هارون
مكتبة الخانجي، القاهرة، ط: الثالثة.
- تاج التراجم في طبقات الحنفية:
لأبي العدل زين الدين قاسم بن قطلوبغا
مطبعة العاني، بغداد: 1962 م.
- تاج العروس من جواهر القاموس:
لمحب الدين أبي الفيض السيد محمد مرتضى الحسيني
المطبعة الخيرية، مصر، ط: الأولى 1356 هـ/
- تاريخ الأدب العرب وذيله:
تأليف: كارل بروكلمان
ليدن، مكتبة بريل، هولندا 1943 م
- تاريخ آداب اللغة العربية:
تأليف: جرجي زيدان
(3/910)
________________________________________
مطبعة الهلال سنة 1931 م
- تاريخ بغداد أو مدينة السلام:
لأبي بكر أحمد بن علي الخطيب البغدادي
دار الكتاب العربي، بيروت.
- تاريخ التراث العربي:
تأليف: فؤاد سزكين
نقله إلى العربية: د: محمود فهمي حجازي، د: فهمي أبو الفضل الهيئة المصرية العامة للكتاب 1977 م
- تاريخ الحكماء:
لجمال الدين أبي الحسن علي بن يوسف القفطي
نشر مكتبة المثنى، بغداد، ومؤسسة الخانجي بمصر.
- تاريخ خليفة بن خياط:
تأليف: خليفة بن خياط العصفري
رواية بقي بن مخلد
تحقيق: سهيل زكار
مطابع وزارة الثقافة والسياحة المصرية سنة 1967 م
- تاريخ الطبري "تاريخ الرسل والملوك":
لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري
تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم
دار المعارف، ط: الرابعة.
- تاريخ علماء الأندلس:
لأبي الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف المعروف بابن الفرضي
الدار المصرية للتأليف والترجمة 1966 م
(3/911)
________________________________________
- التاريخ الكبير:
لأبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري
- تاريخ اليعقوبي:
لأحمد بن أبي يعقوب الكاتب العباسي المعروف باليعقوبي
دار صادر، دار بيروت، سنة 1379 هـ/ 1960 م
- تأويل مشكل القرآن:
لأبي محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة
تحقيق: سيد أحمد صقر
ط: الثانية، مطبعة الحضارة العربية، القاهرة 1393 هـ/ 1973 م
- التبصرة والتذكرة:
لأبي محمد عبد الله بن علي بن إسحاق الصيمري
تحقيق: الدكتور فتحي أحمد مصطفى علي الدين
دار الفكر، دمشق، ط: الأولى 1402 هـ/ 1982 م.
- تجديد علم المنطق في شرح الخبيص على التهذيب:
تأليف: عبد المتعال الصعيدي
نشر: مكتبة الأداب بالجماميز القاهرة.
- تحريم النرد والشطرنج والملاهي:
لأبي بكر الآجري
تحقيق: محمد سعيد عمر إدريس
أشرفت على طبعه إِدارة البحوث العلمية والإفتاء، الرياض ط: الأولى، 1402 هـ/ 1982 م.
- تحفة المودود بأحكام المولود:
لشمس الدين بن قيم الجوزية
تصحيح: محمد رمضان الأثري
(3/912)
________________________________________
مكتبة الدعوة الإسلامية - فيصل آباد - باكستان
- تدريب الراوي في شرح تقريب النووي:
لجلال الدين السيوطي
تحقيق: عبد الوهاب عبد اللطيف
دار الكتب الحديثة، مصر، ط: الثانية 1385 هـ/ 1966 م
- تدوين الدستور الإسلامي:
للشيخ أبي الأعلى المودودي
مؤسسة الرسالة، بيروت 1389 هـ/ 1975 م وهي ضمن مجموعة مكونة من ست رسائل.
- تذكرة الحفاظ:
لأبي عبد الله شمس الدين الذهبي
طبع تحت إعانة وزارة معارف الحكومة العالية الهندية
دار إحياء التراث العربي، بيروت
- ترتيب القاموس المحيط:
تأليف: الطاهر أحمد الزاوي
عيسى البابب الحلبي وشركاه، ط: الثانية
- ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك:
لأبي الفضل عياض بن موسى اليحصبي
تحقيق: الدكتور أحمد بكير عمود
دار مكتبة الحياة، بيروت، دار مكتبة الفكر طرابلس، ليبيا، 1387 هـ/ 1967 م
- التسهيل لعلوم التنزيل:
لأبي القاسم، محمد بن أحمد بن جزي الكلبي الغرناطي
تحقيق: محمد عبد المنعم اليونسي، وإبراهيم عطوة عوض
(3/913)
________________________________________
مطبعة حسان. القاهرة، ودار الكتب الحديثة.
- تصحيح الفصيح:
لابن درستويه، عبد الله بن جعفر
تحقيق: عبد الله الجبوري، الجزء الأول فقط.
مطبعة الإرشاد، بغداد، ط: الأولى 1395 هـ/ 1975 م.
- التعريفات:
للشريف علي بن محمد الجرجاني
تصحيح وضبط جماعة من العلماء
دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان، ط: الأولى 1403 هـ/ 1983 م.
- تفسير القرآن العظيم:
لأبي الفداء إسماعيل بن كثير الدمشقي
دار إحياء الكتب العربية، عيسى البابي الحلبي وشركاه.
- تفسير الكبير:
للإمام فخر الدين الرازي
دار الكتب العلمية، طهران، ط: الثانية
- تقريرات الشربيني:
للعلامة عبد الرحمن الشربيني
انظر؛ (حاشية البناني على جمع الجوامع)
- التقييد والإيضاح شرح مقدمة ابن الصلاح:
للحافظ زين الدين العراقي
تحقيق: عبد الرحمن محمد عثمان
نشر: محمد عبد المحسن الكبتي، المدينة المنورة.
(3/914)
________________________________________
- التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير:
لأبي الفضل شهاب الدين أحمد بن حجر العسقلاني
صححه: عبد الله هاشم اليماني، 1384 هـ/ 1964 م
- تلقيح فهوم أهل الأثر في عيون التاريخ والسير:
لأبي الفرج عبد الرحمن بن الجوزي
مكتبة الأداب ومطبعتها، المطبعة النموذجية، القاهرة.
- التلويح على التوضيح:
للإمام سعد الدين مسعود بن عمر التقازاني
المطبعة الأميرية، مصر 1322 هـ/ ط: الأولى.
- التمهيد في أصول الفقه:
لأبي الخطاب، محفوظ بن أحمد الكلوذاني
تحقيق: الدكتور مفيد أبو عمشه، الدكتور: محمد إبراهيم علي
دار المدني للطباعة والنشر، ط: الأولى 1406 هـ/ 1985 م
- التمهيد لما في الموطأ من المعافي والأسانيد:
لأبي عمر بن عبد البر المالكي
تحقيق: مصطفى بن أحمد العلوي، محمد عبد الكبير البكري
وزارة الأوقاف المغربية، ط: الثانية 1402 هـ/ 1982 م.
- تمييز الطيب من الخبيث فيما يدور على ألسنة الناس من الحديث:
لعبد الرحمن بن علي الشَّيِّباني
دار الكتب العلمية، بيروت، لبنان.
- تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة:
لأبي الحسن علي بن محمد الكناني
علق عليه: عبد الوهاب عبد اللطيف، عبد الله محمد الصديق
دار الكتب العلمية، بيروت، ط: الأولى 1979 م/ 1399 هـ.
(3/915)
________________________________________
- التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع:
لعلاء الدين المرداوي
المطبعة السلفية، القاهرة
- تهذيب الأسماء واللغات:
لأبي زكريا محي الدين بن شرف الدين النووي
إدارة الطباعة المنيرية بمصر، طبع على نفقة عبد الهادي منير
- تهذيب تاريخ دمشق الكبير:
للشيخ عبد القادر بدران
دار المسيرة، بيروت، ط: ثانية 1399 هـ/ 1979 م
- تهذيب التهذيب:
لشهاب الدين أحمد بن علي بن حجر العسقلاني
مطبعة مجلس دائرة المعارف النظامية بالهند، ط: الأولى 1325 هـ.
- تهذيب السنن:
لابن قيم الجوزية
تحقيق: محمد حامد الفقي
مطبوع على هامش معالم السنن للخطابي، مكتبة السنة المحمدية، القاهرة.
- تهذيب اللغة:
لأبي منصور محمد بن أحمد الأزهري
تحقيق: عبد السلام هارون
المؤسسة المصرية العامة للتأليف، الدار المصرية للتأليف والترجمة.
1384 هـ/ 1964 م
- تيسير التحرير:
لمحمد أمين، المعروف بأمير بادشاه الحنفي.
(3/916)
________________________________________
شرح كتاب التحرير: لكمال الدين بن الهمام
مطبعة مصطفى البابي الحلبي، مصر 1350 هـ.
- ثمار المقاصد في ذكر المساجد:
تأليف: يوسف بن حسن بن عبد الهادي
تحقيق: محمد أسعد طلس
طبعة المعهد الفرنسي، دمشق 1975 م
- جامع الأصول في أحاديث الرسول:
لأبي السعادات المبارك بن محمد بن الأثير
تحقيق وتعليق: عبد القادر الأرناووط
مطبعة الملاح 1389 هـ/ 1969 م
- جامع البيان عن تأويل أبي القرآن:
لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري
مطبعة مصطفى البابي الحلبي وأولاده، مصر، ط: الثالثة 1399 هـ/ 1968 م.
- جامع العلوم في اصطلاحات الفنون الملقب بـ "دستور العلماء":
للقاضي عبد رب النبي بن عبد الرسول الأحمد نكري
تحقيق: قطب الدين محمود بن غياث الدين علي
دائرة المعارف النظامية بحيدر آباد 1329 هـ.
- الجامع لأحكام القرآن:
لأبي عبد الله، محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي
مطبعة دار الكتب المصرية، ط: الثانية 1361 هـ/ 1942 م
- جذوة المقتبس في ذكر ولاة الأندلس:
لأبي عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي الأزدي
الدار المصرية للتأليف والترجمة، مطابع سجل العرب. القاهرة.
(3/917)
________________________________________